-
عرض كامل الموضوع : أسبوع وكاتب ...
صفحات :
1
2
[
3]
4
5
6
7
8
9
10
11
عام 1970 اجرى حوارين مع برنار دورت وجان ماري سيرو نشرا في المعرفة وكذلك اصدر بيانات لمسرح عربي جديد واختتم العام بنشر مسرحيته (مغامرة رأس المملوك جابر).
وفي 1972 كتب مسرحية (سهرة مع ابي خليل القباني) وعام 1976 ترجم كتاب (حول التقاليد المسرحية) لجان فيلار وأعد (توراندوه) عن مسرحية لبريخت تحمل نفس العنوان وترجم وأعد (يوميات مجنون) لجوجول.. بعدها حصل على منصب مدير المسرح التجريبي في مسرح القباني حيث كان عليه ان يؤسس هذا المسرح ويضع برنامجه. عام 1977 نشر في ملحق الثورة الثقافي على عددين مسرحية (الملك هو الملك) التي اخرجها فيما بعد المخرج المصري مراد منير وعرضها في القاهرة ودمشق حيث حضر ونوس العرض في دمشق وهو يعاني من السرطان الذي قضى عليه عام 1997.
كذلك نشر في العام 1977 دراسة (لماذا وقفت الرجعية ضد ابي خليل القباني) في نفس الملحق وعرضت (يوميات مجنون) في المسرح التجريبي من اخراج فواز الساجر, وأسس ورأس تحرير مجلة (الحياة المسرحية).. عام 1978 قدم مسرحية (رحلة حنظلة من الغفلة الى اليقظة) وهي اعادة تأليف لمسرحية بيترفايس, ثم ترجم مسرحية (العائلة توت) 1979.
صراعه مع المرض
أصيب سعدالله ونوس بمرض سرطان البلعوم في عام 1992 ...
وبدأ رحلته مع المرض، حدد له الأطباء الفرنسيون مدة للمرض القاتل بستة أشهر وأن هذا الرجل سيفارق الحياة، لم يدركوا روحه المقاتلة والتي هي منتظرة رحلة مع الإبداع، لم يدركوا أن هناك زوجه تساعده على الانتصار فائزة التي وقفت ترعاه وتسهر عليه وتصارع معه المرض وطفلته الهادئة ديمة التي تطلب منه البقاء
فجن قلم سعد الله من جديد ليخط أروع الأعمال بعد توقف دام سنوات كان يختزن فيها الإبداع وبصيرة زرقاء اليمامة.
وفي عام 1993 كتب يوم من زماننا ومنمنمات تاريخية.
وفي عام 1994 طقوس الإشارات والتحولات وأحلام شقية. وفي عام 1994 عاوده السرطان في الكبد هذه المرة وبدأ دورة علاج طويلة في دمشق.
تخلى عن عضويته في اتحاد الكتاب العرب، احتجاجاً على فصل الشاعر أدونيس من الاتحاد
وفي عام 1995 يواصل العلاج مع متاعبه وأثاره الجانبية، يحاول الحضور في كل المناسبات التي تستدعي أن يتخذ المثقف موقفاً ويقول رأياً، وفي العام نفسه يكتب "ملحمة السراب".
في عام 1995 ينتخبه المعهد العالي للمسرح التابع لليونسكو لكتابة الرسالة التي توجه إلى جميع مسارح العالم في يوم المسرح العالمي. يكتب الرسالة ويبعثها إلى المعهد حيث تترجم إلى الفرنسية والإنكليزية قبل نهاية العام. وألقيت هذه الكلمة من على مسارح العالم في يوم المسرح العالمي 27/3/1996
ترجمت الكثير من أعماله إلى الفرنسية والإنكليزية والروسية والألمانية والبولونية والأسبانية.
في عام 1997 كتب "الأيام المخمورة". وتهافتت وكالات الأنباء عن اكتمال ترشيح سعد الله ونوس لجائزة نوبل للآداب وذلك عن ترشيح المجمع العلمي بحلب بسوريا، ثم أجمعت على صحة الترشيح الأكاديميتان الفرنسية والسورية، فأبلغت لجنة الجائزة إدارة اليونسكو للتربية والثقافة والعلوم لإبلاغ المسرحي الكبير سعد الله ونوس بنيله الجائزة. ولاحظ الذين كانوا في عيادة مرضه أنه لم يبتهج ولم يكترث لأن نيل الجائزة ليس في دائرة أحلامه، وسرقه الموت بعد أيام قليلة من هذا الخبر فلم ينل الجائزة.
و رحل سعدالله ونوس في 15 أيار عام 1997 ..............
رح حاول لخص أعمال سعدالله ونوس الكتيرة :
1961 الحياة أبدا ( مسرحية رائعة )
1963 ميدوزا تحدق في الحياة
1964 فصد الدم ,, مأساة بائع الدبس الفقير ,, جثة على الرصيف
1965 مجموعات مسرحية قصيرة
1967 عندما يلعب الرجال ,, حفلة سمر من أجل خمسة حزيران ( رح نحكي عنا بالتفصيل )
1969 الفيل ياملك الزمان
1970 مغامرة رأس المملوك جابر
1972 سهرة مع ابي خليل القباني
1977 الملك هو الملك
1978 رحلة حنظلة من الغفلة الى اليقظة
1993 يوم من زماننا ,, منمنمات تاريخية
1994 أحلام شقية ,, طقوس الاشارات و التحولات
1997 الأيام المخمورة ..............................
أنا كتبت هون المسرحيات بس اللي من تأليف سعدالله يعني في كتير مسرحيات من المسرح العالمي ترجمون سعدالله ونوس و أعاد اعدادون و كمان أصدر كتير كتب و دراسات نقدية عن واقع المسرح وواقع المثقف العربي ,,,
المهم أنا حطيت هون فقط مؤلفات ونوس المسرحية ...
يوم المسرح العالمي :
27 اّذار من كل عام هو يوم المسرح العالمي و بهاد اليوم بيختار المعهد الدولي للمسرح كاتب مسرحي ليلقي كلمة ,,, و هي الكلمة بتنحكى بكل مسارح العالم بهاد اليوم و بتترجم لكل اللغات ,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
وفي 27أذار من عام 1996ألقى ونوس على مسرح الحمراء بمناسبة يوم المسرح العالمي كلمة المسرح التي كان عنوانها (الجوع إلى الحوار) .
طبعا كان سعدالله ونوس اول مسرحي عربي يلقي كلمة يوم المسرح العالمي ,,
" كلفني المعهد الدولي للمسرح، التابع لليونسكو، بكتابة (رسالة يوم المسرح العالمي ) لعام 1996 وقد كتبتُ الرسالة التالية، التي ترجمت إلى لغات العديد من بلدان العالم ، وقرئت على مسارحها " :
لو جرت العادة على أن يكون للاحتفال بيوم المسرح العالمي، عنوانا وثيق الصلة بالحاجات، التي يلبيها المسرح، ولو على مستوى الرمزي، لاخترت لاحتفالنا اليوم هذا العنوان " الجوع إلى الحوار " . حوار متعدد، مركب، وشامل. حوار بين الأفراد، وحوار بين الجماعات. ومن البديهي أن هذا الحوار يقتضي تعميم الديمقراطية، واحترام التعددية، وكبح النزعة العدوانية عند الأفراد والأمم على السواء. وعندما أجس هذا الجوع، وأدرك إلحاحه وضرورته، فإني أتخيل دائماً، أن هذا الحوار يبدأ من المسرح، ثم يتموج متسعاً و متنامياً، حتى يشمل العالم على اختلاف شعوبه، وتنوع ثقافاته. وأنا أعتقد، أن المسرح، ورغم كل الثورات التكنولوجية، سيظل ذلك المكان النموذجي، الذي يتأمل فيه الإنسان شرطه التاريخي والوجودي معاً. وميزة المسرح التي تجعله مكاناً لا يُضاهى، هي أن المتفرج يكسر فيه محارته، كي يتأمل الشرط الإنساني في سياق جماعي يوقظ انتماءه إلى الجماعة، ويعلّمه غنى الحوار وتعدد مستوياته. فهناك حوار يتم داخل العرض المسرحي، وهناك حوار مضمرٌ بين العرض والمتفرج. وهناك حوار ثالث بين المتفرجين أنفسهم .. وفي مستوى أبعد، هناك حوار بين الاحتفال المسرحي " عرضاً وجمهوراً " وبين المدينة التي يتم فيها هذا الاحتفال. وفي كل مستوى من مستويات الحوار هذه، ننعتق من كآبة وحدتنا، ونزداد ‘إحساساً ووعياً بجماعيتنا. ومن هنا، فإن المسرح ليس تجلياً من تجليات المجتمع المدني فحسب، بل هو شرط من شروط قيام هذا المجتمع، وضرورة من ضرورات نموه وازدهاره. ولكن عن أي مسرح أتكلم ! هل احلم، أم هل أستثير الحنين إلى الفترات التي كان المسرح فيها بالفعل حدثاً يفجر في المدينة الحوار والمتعة ! لا يجوز أن نخادع أنفسنا، فالمسرح يتقهقر. وكيفما تطلعتُ، فإني أرى كيف تضيق المدن بمسارحها، وتجبرها على التقوقع في هوامش مهملة ومعتمة، بينما تتوالد وتتكاثر في فضاءات هذه المدن الأضواء، والشاشات الملونة، والتفاهات المعلبة. لا أعرف فترة عانى فيها المسرح مثل هذا العوز المادي والمعنوي. فالمخصصات التي كانت تغذيه تضمر سنة بعد سنة، والرعاية التي كان يحاط بها، تحولت إلى إهمال شبيه بالازدراء، غالباً ما يتستر وراء خطاب تشجيعي ومنافق. وما دمنا لا نريد أن نخادع أنفسنا، فعلينا الاعتراف، بأن المسرح في عالمنا الراهن بعيد عن أن يكون ذلك الاحتفال المدني، الذي يهبنا فسحة للتأمل، والحوار، ووعي انتمائنا الإنساني العميق. وأزمة المسرح، رغم خصوصيتها، هي جزء من أزمة تشمل الثقافة بعامة. ولا أظن أننا نحتاج إلى البرهنة على أزمة الثقافة، وما تعانيه هي الأخرى من حصار وتهميش شبه منهجيين. وإنها لمفارقة غريبة أن يتم ذلك كله، في الوقت الذي توفرت فيه ثروات حولت العالم إلى قرية واحدة، وجعلت العولمة واقعاً يتبلور، ويتأكد يوماً بعد يوم. ومع هذه التحولات، وتراكم تلك الثروات، كان يأمل المرء، أن تتحقق تلك اليوتوبيا، التي طالما حلم بها الإنسان. يوتوبيا أن نحيا في عالم واحد متضافر. تتقاسم شعوبه خيرات الأرض دون غبن، وتزدهر فيه إنسانية الإنسان دون حيفٍ أو عدوان. ولكن .. يا للخيبة! فإن العولمة التي تتبلور وتتأكد في نهاية قرننا العشرين، تكاد تكون النقيض الجذري لتلك اليوتوبيا، التي بشر بها الفلاسفة، وغذت رؤى الإنسان عبر القرون. فهي تزيد الغبن في الثروات وتعمق الهوة بين الدول الفاحشة الغنى، والشعوب الفقيرة والجائعة. كما أنها تدمر دون رحمة، كل أشكال التلاحم داخل الجماعات، وتمزقها إلى أفراد تضنيهم الوحدة والكآبة. ولأنه لا يوجد أي تصور عن المستقبل، ولأن البشر وربما لأول مرة في العالم، لم يعودوا يجرؤن على الحلم فإن الشرط الإنساني في نهايات هذا القرن يبدو قاتماً ومحبطاً. وقد نفهم بشكل أفضل مغزى تهميش الثقافة، حيث ندرك أنه في الوقت الذي غدت فيه شروط الثورة معقدة وصعبة، فإن الثقافة هي التي تشكل اليوم الجبهة الرئيسية لمواجهة هذه العولمة الأنانية، والخالية من أي بعدٍ إنساني. فالثقافة هي التي يمكن أن تبلور المواقف، التي تعري ما يحدث وتكشف آلياته. وهي التي يمكن أن تعين الإنسان على استعادة إنسانيته، وأن تقترح له الأفكار والمثل، التي تجعله أكثر حرية ووعياً وجمالاً. وفي هذا الإطار، فإن للمسرح دوراً جوهرياً في إنجاز هذه المهام النقدية والإبداعية، التي تتصدى لها الثقافة. فالمسرح هو الذي سيدرّبنا، عبر المشاركة والأمثولة، على رأب الصدوع والتمزقات التي أصابت جسد الجماعة. وهو الذي سيحيي الحوار الذي نفتقده جميعاً. وأنا أؤمن أن بدء الحوار الجاد والشامل، هو خطوة البداية لمواجهة الوضع المحبط الذي يحاصر عالمنا في نهاية هذا القرن . إننا محكومون بالأمل. وما يحدث اليوم لا يمكن أن يكون نهاية التاريخ. منذ أربعة أعوام وأنا أقاوم السرطان. وكانت الكتابة، وللمسرح بالذات، أهم وسائل مقاومتي. خلال السنوات الأربع، كتبت وبصورة محمومة أعمالاً مسرحية عديدة. ولكن ذات يوم، سئلت وبما يشبه اللوم: ولمَ هذا الإصرار على كتابة المسرحيات، في الوقت الذي ينحسر المسرح، ويكاد يختفي من حياتنا! باغتني السؤال، وباغتني أكثر شعوري الحاد بأن السؤال استفزني، بل وأغضبني. طبعاً من الصعب أن أشرح للسائل عمق الصداقة المديدة، التي تربطني بالمسرح، وأنا أوضح له، أن التخلي عن الكتابة للمسرح، وأنا على تخوم العمر، هو جحود وخيانة لا تحتملها روحي، وقد يعجلان برحيلي. وكان عليّ لو أردت الإجابة أن أضيف، " إني مصرّ على الكتابة للمسرح، لأني أريد أن أدافع عنه، وأقدّم جهدي كي يستمر هذا الفن الضروري حياً ". وأخشى أنني أكرر نفسي، لو استدركت هنا وقلت :" إن المسرح في الواقع هو أكثر مكن فن، إنه ظاهرة حضارية مركّبة سيزداد العالم وحشة وقبحاً وفقراً، لو أضاعها وافتقر إليها ". ومهما بدا الحصار شديداً، والواقع محبطاً، فإني متيقن أن تظافر الإرادات الطيبة، وعلى مستوى العالم، سيحمي الثقافة، ويعيد للمسرح ألقه ومكانته.
إننا محكومون بالأمل. وما يحدث اليوم لا يمكن أن يكون نهاية التاريخ
شكراً كتير شريك... يعني لحد هلق طبعاً...
ماشي معك وحدة وحدة
:D
شكراً كتير شريك... يعني لحد هلق طبعاً...
ماشي معك وحدة وحدة
:D
لك ع راسي احلى كهربجي
كلك زوء
:D
يعني بعد هاللمحة التاريخية عن حياة سعدالله ونوس و فبل مانبلش نفصفص مسرحياتو المهمة بدي اكتبلكون كم قول لسعدالله ونوس عم يعرف فيا عن حالو وعن تجربتو مع المسرح .....
بس قبل رح اسمح لحالي انو صنف شوي بمسرح ونوس ( يعني النقد عندي متل الهواية :p )
فينا نقسم مسرح سعدالله ونوس لقسمين اساسيين
1- مسرح التسييس
طبعا هون في شغلة : انا برأيي ماممكن نفصل سعدالله الكاتب و المبدع و المثقف عن سعدالله السياسي الحساس و الساخر حتى المرارة و المواطن اللي بيعبد بلدو و بيحلم بكل شي فيو خير ,,,
2- مسرح الرواية التاريخية
كمان هون في شغلة : الرواية التاريخية مانا بعيدة عن السياسة و عن احلام سعدالله و اّمالو ,,,
كمان فينا نقسم مسرح ونوس لمرحلتين
قبل الاصابة بالسرطان
بعد الاصابة بالسرطان
يعني قبل 1992 و بعدها ,,,
لم يكن تأصيلالمسرح هو الهم الذي أرق سعد الله ونوس المسرحي بقدر ما كان التواصل مع المتفرج،محاولة منه لبناء المجتمع، عن طريق تغيير أسسه وبنوده عبر قناة من أقنية الثقافة.
و هون بيقول :
وقد كررت مراراً أني لم ألجأ إلى الأشكال الفنية التي لجأت إليها تلبية لهواجس جمالية أو لتأصيل تجربة المسرح العربي من الناحية الحضارية، وإنما لجأت إلى هذه الأشكال وجربتها، بحثاً عن تقاليد أكبر كنت أريد أن أتواصل مع جمهور واسع، وكنت أريد أن يكون مسرحي حدثاً اجتماعياً وسياسياً يتم مع الجمهور
عن كتابته لمسرحية حفلة سمر من أجل 5 حزيران و التي كانت ردة فعل ن واقع النكسة يقول :
وأن أمضي في كتابة المسرحية لم أفكر بأصول مسرحية، ولا بمقتضيات جنس أدبي محدد. لم تخطر ببالي أية قضية نقدية كنت فقط أتصور وغالباً بانفعال حسي حقيقي، أني أعري واقع الهزيمة وأمزق الأقنعة عن صانعيها
وفي حوار لونوس عام 1979 شرح تطور اسلوبه المسرحي قائلا:
ً
منذ منتصف الستينيات بدأت بيني وبين اللغة علاقة اشكالية ما كان بوسعي ان اتبينها بوضوح في تلك الفترة, كنت استشعرها حدثاً او عبر ومضات خاطفة, لكن حين تقوض بناؤنا الرملي صباح الخامس من حزيران, اخذت تلك العلاقة الاشكالية تتجلى وتبرز تحت ضوء شرس وكثيف.
ويمكن الان ان احدد هذه العلاقة بأنها الطموح العسير لان اكثف في الكلمة اي في الكتابة, شهادة على انهيارات الواقع وفعلاً نضالياً مباشراً يعبر عن هذا الواقع وبتعبير أدق كنت اطمح إلى انجاز (الكلمة الفعل) التي يتلازم ويندغم في سياقها حلم الثورة وفعل الثورة معاً.
اّمن سعدالله بالمسرح بشكل كتير كبير و اعتبرو حاجة للاستمرار و هاد الشي خلق عند هم نهضة مسرحية شاملة و بالفعل كان واحد من اهم اعمدتها و عن المسرح بيقول :
المسرح ليس واحدا من تجليات المجتمع المدني فحسب بل هو شرط من شروط قيام هذا المجتمع وضرورة من ضرورات نموه وازدهاره إن العملية جدلية فالمسرح والثقافة بشكل عام يجدان حياتهما ضمن مجتمع مدني والمجتمع المدني لا يزدهر بدون المسرح والثقافة ومفتاح هذه العملية الجدلية هو الديمقراطية التي تدفع تلك العلاقة المترابطة بين المسرح والجمهور نحو تجسيد نفسها واقعياً هذه العلاقة المترابطة تقوم في مناخ ديمقراطي بين جمهور يدفع بالمسرح إلى الأعلى ومسرح يرقى بجمهوره نحو الأفضل والأحسن . إن توافر شيء من الحرية وعدم انكسار كبرياء الإنسان في مجتمعه يمكن أن يمد الحياة في المجتمع حتى لو كان مفككاً بكثير من علائم الحياة والصحة
من أهم ميزات مسرح سعدالله ونوس :
* يعبر عن هموم و قضايا الشعب العربي بكل فئاته و قطاعاته
* لاينفصل عن واقع حياته اليومية و معاناته لذلك غلب عليه طابع التشاؤم
* نجح ونوس في أن يلبس المسرح بثياب الخطابة الشعبية و أن يوظف فيها الأفكار السياسية و الاجتماعية و الدروس الإنسانية
* في أعماله الاخيرة كان رده على هزيمته كجسد وعلى هزيمة وطنه بالكتابة و انتقل من معالجة مرضه الى معالجة مرض أمته المضني أيضا
كمان منبقى مع فهم سعدالله و تليله لظاهرة المسرح و محاولاته اللامتناهية لكسر الحاجز بين المسرح و جمهوره و أعادة انتاج علاقة احسن بينهما و تطوير أدوات جديدة تسهل من عملية التواصل ,,,
" المسرح " هو حوار بين مساحتين . الأولى هي العرض المسرحي الذي تقدمه جماعة تريد أن تتواصل مع الجمهور وتحاوره . والثانية هي جمهور الصالة الذي تنعكس فيه كل ظواهر الواقع ومشكلاته .. وحتى الآن لا يزال هذا الحوار صعبا . فمن جهة ، هناك التقاليد المسرحية المبنية على إلغاء مثل هذا الحوار ، أو إقامته بصورة غير مباشرة وضمنية . وهناك أيضا - وهذا أهم - طبيعة المتفرجين أنفسهم وموانعم الداخلية التي تحول بينهم وبين مباشرة الحوار والانسياق مع نوازعهم الداخلية للتعبير عن أنفسهم . لهذا فإننا نقوم بتجربة بعض الوسائل المصطنعة لتقديم مثل على إمكانية هذا الحوار كأن نضع في سياق العمل متفرجين يتحدثون لحسابهم ، ويناقشون ، ويقدمون نموذجا لما يستطيعه ، المتفرج أو لما ينبغي أن يكون عليه . طبعا نحن لسنا من السذاجة بحيث نعتقد - كما ظن أحد الكتاب في تعليقه على " حفلة سمر " - أن المتفرجين الحقيقين لن يكتشفوا أن هؤلاء الذين يجلسون بينهم ، ويشتركون في النقاش والحوار ، همم ممثلون مدربون على أدوارهم .. ولكن كما قلت سابقا : إننا نحاول ببعض الوسائل الاصطناعية كسر طوق الصمت ، وتقديم نموذج قد يؤدي تكراره إلى تحقيق غايتنا في إقامة حوار مرتجل وحار وحقيقي بين مساحتي المسرح : العرض والمتفرج . ومن المؤكد أن هذه الوسائل ليست كافية وحدها ، وقد تتحول إلى مجرد مسألة شكلية وتقنية ، ما لم يتوفر الأمر الأهم والأساسي في إثارة الحوار وتشجيعه . وأعني أن تتوفر في العرض المسرحي - أي في المساحة الأولى - الشروط اللازمة لإثارة الحوار .. كارتباط الموضوع بحياة المتفرج ومشاكله ، ونوع المعالجة ، وشكلها .. و... على أن هذه الشروط لا تكفي الموهبة فقط لتحقيقها ، وإنما تحتاج إلى بحث طويل في ظروف البيئة وبنيتها . وللأسف حتى الآن لم نشرع جديا في هذا البحث . إني أحلم بمسرح تمتلئ فيه المساحتان ، عرض تشترك فيه الصالة عبر حوار مرتجل وغني يؤدي في النهاية إلى هذا الإحساس العميق بجماعيتنا وبطبيعة قدرنا ووحدته
عن جد انتو رهيبين
لك يسلمو كومايات
بس قصرت عنكن شوي ماني ملحقة عليكن لساني مع سرسورة
شكرا للكل :hart:
حفلة سمر من أجل 5 حزيران
من أهم مسرحيات ونوس اذا ماكنت اهمهن و مو بس بتاريخ سعد الله ونوس بل بتاريخ المسرح السوري و العربي عموما ,,, تعد بمثابة العهد الجديد للمسرح السوري و قد كتبها بعد هزيمة العرب في حرب 5 حزيران 1967م فقد صور فيها معاناة الإنسان العربي و حيرته مستخدما في ذلك الرموز و المنولوجات الطويلة
كما يعبر ونوس عن روح اليأس التي سيطرت على الشعب العربي جراء الهزيمة غير المتوقعة للجيوش العربية
إن ونوس – حين كتب “حفلة سمر” – قد غير الكثير من المفاهيم السائدة في ذلك الوقت حول المسرح العربي وتعد مأثرته في جعل الفن المسرحي جزءاً مهماً من حياة المشاهد خارج صالة العرض، بعد أن دفعه للمشاركة في الفعل المسرحي إذ رأى ونوس في ذلك الوقت أن مواجهة الهزيمة تقتضي أن يتحول المشاهدون إلى مشاركين في الفعل المسرحي والاجتماعي
المهم طلعو عيوني انا و عم دور على شي من نص هالمسرحية بس مالقيت لهيك رح احكيلكون شوي عنا حسب ما تسعفني زاكرتي :p ف اعذروني اذا كانت الفكرة منقوصة احيانا او غير واضحة ,,,
تدور احداث المسرحية في ايام الحرب وواقع مابعد النكسة و قد قدم فيها ونوس - كما أسلفت - اسلوبا مسرحيا جديدا يعتمد على تفعيل دور المشاهد و محاولة لتعميق الحوار معه ,,,
حيث يجلس تاممثلون بين الجمهور و يبدأون بالخروج الى المسرح الواد تلو الاخر ليروي قصته بمرارة ,,,
و تقوم المسرحية على فكرة أناس قدموا ليشاهدوا مسرحية في احد مسارح المدينة و يبدا السجال على المسرح بين كاتب النص و المخرجه - على ما اذكر - و نتيجة ضعف الحوار بينهما و فشل النص تزداد البلبلة في صالة المسرح و يبدأ الحاضرون بالتململ ثم يخرج عدد منهم الى الخشبة ليروي قصته و لتصبح قصة كل واحد معرضا لنقاش الجميع في الصالة ,,,,
و اهم الافكار المطروحة كانت سؤال جوهري : هل كان يجب علينا ان نترك مدننا و نهرب منها ام نبقى نقاوم الاحتلال داخلها - طبعا المقصود الاول هنا مدينة القنيطرة - و تكثر الاّراء و الجدل و يخرج رأ ي يقول بأننا ملزمون بالخروج لأن حكامنا باعو أراضينا و يبدأ الحديث عن سلطة المخابرات و الفساد و غيرها و تتعدد الاراء ,,,,
و لكن لسوء الحظ تشاء الاقدا ان يكون احد رجال المخابرات حاضرا المسرحية في الصالة فيخرج من بين الجمهور و يأمر رجاله باعتقال اصحاب الراي المخالف و ينهي العرض ,,,,
بتمنى تعذروني انا اكيد اني شوهت المسرحية و بتمنى انو الكل يقراها لأنا فظيعة بس كان لازم اعطيكون لمحة عنا و اكيد هيي اعمق بكتير وفيا حكي حلو ومهم كتير ,,,
ع فكرة المسرحية انمنعت من العرض لمدة تقارب السنة و بعدين رجعت انعرضت ..
تعتبر هذه المسرحية أول عمل عربي سياسي متكامل ناجح أعقب أحداث النكسة وقد سجل ونوس فيها نجاحاً حقيقياً ككاتب عميق له خصوصيته ورؤيته البعيدة المحكمة فقد خرج من حلقة التبرير التي سقط فيها الكثيرون من الكتاب العرب الذين تناولوا الهزيمة ولم يستطيعوا أو قل لم يرغبوا في مواجهة الحقيقة إرضاء لأصحاب القرار.
وما بين البطولة المصطنعة والملفقة وما بين صدى اإعلام الزائف وصمت المثقفين وحيرة رجل الشارع، ينسج ونوس دائرة من النقاش الساخن، الذي يشارك فيه نخبة من المتفرجين حين يصعدون إلى خشبة المسرح في إطار من أسلوب (هدم الجدار الرابع) ما بين الممثل والجمهور، لتغلق المسرحية نهايتها على أجواء من القهر والتساؤل الحائر حول الذي جرى والذي ضاع؟
وفي هذا الإطار المسرحي الفريد (حفلة سمر) وثيقة تاريخية وفنية لا تتجاوزها الظروف، وقد أسهمت فعلياً في تطوير المفهوم المسرحي والتقني لدى ونوس الذي راح يبحث من جديد عن شكل مسرحي أكثر تكاملاً، شكل فيه من (الفرجة المسرحية) وبعض (الاحتفالية) ويؤمن له في ذات الوقت فرصة ثمينة لمهاجمة (الواقع المزيف) بمزيد من إلقاء الأنوار الكاشفة عليه والنبش في خفاياه السياسية والفكرية والاجتماعية.
butterfly
09/10/2006, 20:02
عن جد انتو رهيبين
لك يسلمو كومايات
بس قصرت عنكن شوي ماني ملحقة عليكن لساني مع سرسورة
شكرا للكل :hart:
شكرا لأشخاص متلك متابعة بعدا معنا :D
butterfly
09/10/2006, 20:15
حبيت أشارك بهدول إذا بتسمحلي ... معلوماتي كتير قليلة عن سعد الله ونوس لهيك كتير حابة هالأسبوع يغنيني ;-) وخاصة أنو قصة كفاحو مع المرض أثرت فيي عميقاً
المخرج: و أنت كيف مرت بك هذه الأيام الشاذة؟
عبد الغنى: كانت سحابة من الضجة و العرق و الكلمات الكبيرة (يبتسم) أصبحت أعرف جيدا
كيف أميز بين أصوات المذيعين.
المخرج: من هذه الناحية كلنا سواء. ما أزال أشعر و كأن فى أذنى عددا من الاذاعات تعمل
معا. ما قصدته بسؤالى امر اخر .. اتسائل عما أوحته لك هذه الأحداث؟
عبد الغنى: أوحت لى أن أبكى فلم أجد دموعا .. ثم أوحت لى أن أنام، فوجدتنى نائما.
butterfly
09/10/2006, 20:29
يقول عبد الرحمن منيف (إن مشاركة الجمهور في مسرح ونوس حوّل الجمهور من جمهور متفرج إلى جمهور مشارك، وبذلك رمى كرة النار في حضن كل من كان في الصالة ليترك أثراً أو علامة يحملها ذلك المتفرج إلى الخارج، حتى يراه الناس لكي يروا حقيقتهم)
وشكرا فادي :D
شكرا كتير ميمو ع الاقتباس و المتابعة :D
و بكرا منكمل مع سعد الله ونوس و مسية جديدة ,,,
الفيل ياملك الزمان
كتبت عام 1969
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
ملخصها :
أن مدينة كان يحكمها ملك .. و قد اشترى الملك فيلاً ليربيه ..
راح الفيل يجول في الحقول فيخرب المحاصيل و يدوس الزرع و قد داس عدة أطفال في المدينة فقتلهم .
كان الفيل يسرح و يمرح و هو يؤذي هنا و هناك بسبب حجمه الضخم .
فاجتمع أهل المدينة بزعامة أحدهم و قرروا أن يشكوا أمرهم إلى الملك شخصياً.. و أن يطالبوه بمنع الفيل عن أراضيهم و عن أطفالهم ..
أن يضع الفيل في قفص أو في مكان مغلق حتى لا يؤذي الناس .
و بالفعل فقد أرادوا القيام بتجربة فوقف الشخص المتزعم للشكوى و خلفه رجال القرية و نساءها و بدأت البروفة :
صاح الرجل : الفيل يا ملك الزمان .
ردد المتجمعون خلفه : داس محاصيلنا – خرب أراضينا .
الرجل : الفيل يا ملك الزمان :
المتجمعون : خرب بيوتنا – خرب شوارعنا .
الرجل : الفيل يا ملك الزمان ؟
المتجمعون : قتل أطفالنا و دمر حياتنا .
و بالفعل فقد نجحت البروفا .
ذهب الناس و طالبوا بمقابلة الملك و هم متحمسون للقضية .
وقف الرجل أمام الملك و صاح بأعلى صوته : الفيل يا ملك الزمان ..
صمت الجميع من خلفه .
صاح الرجل ثانية : الفيل يا ملك الزمان .
بقي الجميع صامتون .
الرجل يردد : الفيل يا ملك الزمان .. و الناس خلفه صامتون .
قال الملك : ما به الفيل ؟؟ ؟
الرجل : الفيل يا ملك الزمان .. فلم يجب أحد من خلفه .
عاد الملك و قد غضب : ما به الفيل ..
قال الرجل : الفيل يا ملك الزمان .. يشكو الوحدة و نرى أن نجلب له فيلة حتى يتجول معها دون أن يشعر بالملل و ينجبا لنا فيلاً صغاراً .
فرح الملك بالمقولة .. و أعطى الرجل بعض العطايا .
سهرة مع ابي خليل القباني
كتبت عام 1972
لمحة سريعة عن أبو خليل القباني :
أبو خليل القباني(1836-1878 رائد المسرح العربي صاحب رأي وفكر وقد عبر عن همومه وطموحاته من خلال مسرحه الواقعي لاسيما , وانه تعرض منذ طفولته للاحباط والقهر والمعاناة
كما تعرض في فترة شبابه للممانعة والتكفير بابداعه نتيجة للمفاهيم الاجتماعية الخاطئة.. لكنه ظل كالجبل الشامخ يطرح افكاره بوعي ونضج ....
وكان القباني رمزا متنورا في عصر النهضة العربية بدفاعه عن المستميت عن ضرورة خلق وإنشاء جوق للتمثيل في التربة السورية، ولكنه سيواجه بقساوة شديدة وسيمنع مسرحه بتحطيمه وإحراقه من قبل رجال الدين والقوى المحافظة
طبيعة المسرحية :
مسرحية احتفالية ذات طابع تسييسي تجمع بين الجانب التسجيلي الوثائقي التاريخي لفن المسرح في العالم العربي والجانب الأدبي الذي يكمن في عقدة غرامية سيحبكها كل من غانم بن أيوب وقوت القلوب و اعتمد ونوس على وثائق تاريخية واجتماعية تؤرخ لتجربة أبي خليل القباني في دفاعه عن مسرحه الريادي في سوريا إبان عصر النهضة حيث حولها سعد الله ونوس إلى عرض مسرحي ونص درامي يعالج فيه الكاتب صراع رجل المسرح ضد رجال الدين والإقطاع من أجل إثبات تقاليد الفرجة الجديدة في مجتمع مازال يعيش تحت ظلال التخلف والاستلاب الفكري. وهذا النص التوثيقي الذي رجع إليه الكاتب هو:" لماذا وقفت الرجعية ضد أبي خليل القباني؟أما النص الأدبي التراثي الذي رجع إليه من خلال مسرح أبي خليل القباني هو نص:هارون الرشيد مع غانم بن أيوب وقوت القلوب" (و هي مسرحية للقباني )مع تحويره والتصرف فيه كي يتلاءم مع تصوره السينوغرافي الجديد وأطروحته التي يريد أن يدافع عنها.
رواية المسرحية :
منتصف القرن التاسع عشر في ولاية عربية من الولايات التابعة للدولة العثمانية أو الرجل المريض وهي ولاية سوريا وبالضبط في دمشق بأجوائها الداكنة وأصالتها العريقة. ومن المعلوم جدا أن الدولة العثمانية فرضت على الشام سياسة استبدادية حديدية قائمة على القهر والقمع في عهد الخليفة المطلق عبد الحميد الثاني. وقد حولت سوريا إلى إقطاعية للاستغلال ومص دمائها ونهب خيراتها وإذلال سكانها وتجويع شعبها وإرسال أبنائها إلى ساحات الحروب التي خاضتها الإمبراطورية ضد الشعوب المجاورة ولاسيما روسيا. وقد خرجت الإمبراطورية منها بهزائم متوالية أثرت على الولايات العربية ونتج عن ذلك ظهور جمعيات ومدارس التعليم والحركات السياسية المناوئة للإمبراطورية وحاكمها المستبد عبد الحميد الثاني الذي عطل الدستور وقتل الوطنيين الأحرار ورمى الكثير منهم في قاع البوسفور.وكان تعيين الولاة في سوريا ينم عن عبث وسوء تسيير وفساد في الحكم بالعاصمة الآستانة، حيث كان الولاة يعينون بالرشوة مما يدفعهم ذلك إلى الفساد وعدم الاهتمام بمصالح الرعية وترك سكان الولايات عرضة للجوع والفقر والجهل والأمية والاستبداد وارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة وكثرة الضرائب وبطش رجال الإقطاع ونفاق رجال الدين الذين كانوا يباركون سياسة السلطان والوزراء الولاة ويتملقون لرجال السلطة خوفا على ممتلكاتهم ومصالحهم الخاصة وما تدره الأوقاف عليهم. هذا الفرش التاريخي والسوسيولوجي هو الذي سيضيء لنا تجربة القباني وموضعتها في سياقها الحقيقي.
يبدأ أبو خليل القباني باستقطاب أهل حيه وأصدقائه وجيرانه لعرض فرجته الدرامية في المنزل الذي كان يسكن فيه بدمشق.وستثير هذه الفرجة انتباه الناس إلى فنه الجديد الذي أبهرهم بروائعه الفنية. وبعد ذلك، سيبدأ القباني في تقديم عروضه المسرحية بعدما بدأ الناس يتعرفون على"مرسحه "الجديد الذي أخذه من الغرب ليستنبته في تربة دمشق الفيحاء بعدما أن سبقه في ذلك مارون النقاش في لبنان. وكانت عروضه بالمقابل (دفع ثمن التذكرة)، إلا أن الذين كانوا يدفعون في البداية هم الفقراء والطبقة المتوسطة أما الأعيان وأصحاب النفوذ فكانوا لا يدفعون شيئا بل يسببون أحيانا في تعكير الجو وإثارة الشغب والفتنة داخل الصالة. وبعد انبهار الناس بمسرح القباني بدأ أصحاب الكراكيز ورجال الدين ( أبو أحمد وسعيد الغبرا ) يعارضون مسرح أبي خليل القباني لأنه يتناقض مع مصالحهم الشخصية ومآربهم الخاصة ولاسيما أن كاراكوز أبي أحمد لم يعد يثير انتباه الناس وبدأت أرزاقه تقل وكذلك حلقة الشيخ الغبرا تقل وأوقافه تنقص.لذلك، سلطا كل غضبهما على القباني ومسرحه الجديد، إذ اعتبراه بدعة وكفرا وضلالا ابتدعه الأجانب وماخورا ينتشر فيه الفسق والعصيان وتكثر فيه الرذيلة وسوء المروءة، خاصة أن مسرح القباني كان مسرحا شاملا فيه الحكايات القصصية والغناء والرقص والشعر والطرب وكل الفنون الجميلة الساحرة التي تبهر العيون والآذان.
" أبو أحمد: ما يفعله القباني وزبانيته، العمى لا تجد اليوم على ألسنة الناس إلا حديثه أينما ذهبت يرددون لك الأعاجيب عن حفلته وبراعته، وهذا الفن الذي ابتدعه.
أنور:أمس حضر الوالي حفلته وكان شديد الرضى.
أبو أحمد:أي نعم... واليوم استأجر ابن القباني كازينو الطليان، ليقدم عليه مساخره... ولكن لاعتب عليه، إذا كان حضرة الوالي بكل هيبته ومكانته يأتي فيبارك هذه الشعوذة ويحض عليها.
أنور: ما يفعله ابن القباني ليس شعوذة، فهو يتدرب ورفاقه على فن يتقدم كل الفنون.
أبو أحمد: أأنت تقول ذلك يا أنور أفندي..!وماهو هذا الفن الراقي؟ كم صوتا يستطيع أبو خليل القباني أن ينطق؟ وكم شخصا يستطيع أن يحرك؟ وكم بابة أو فصلا يستطيع أن يؤلف؟ الفن ليس لعبة أولاد.
أنور: كراكوز شيء والمرسح شيء آخر.ومن المهم أن يظهر في الشام جوق للتمثيل... وأن يقام مرسح لتقديم الروايات.
عبد الرحيم: أتخشى أن يسرق ابن القباني الزبائن؟
أبو أحمد: أنا أخشاه!خيمة الكراكوز ليست بنت الأمس.. إنها أقدم من أجداد أجدادنا وقد كانت دائما الفن الذي لا يضاهى... لكن ما يقلقني هو أن يقام مكان علني للمسخرة ولا أسمع من يعترض.
أنور: لا تغلط يا أبو أحمد... هذه ليست مسخرة ولا شعوذة..في البلاد المتمدنة يعتبرون المرسح أرقى الفنون وأعلاها شأنا والناس يعاملون أجواقه بما يليق من الاحترام والتقدير...لهذا لا يجوز أن تظل الشام مقتصرة على خيمة الكاراكوز، ومحرومة من المراسح ومنافعها".
وسيدفع أبو أحمد صديقه الشيخ سعيد الغبرا للوقوف في وجه أبي خليل القباني ومسرحه باسم الدين والفضيلة بعدما انتشرت في البلاد البدع والأمراض والأوبئة والمحن والجفاف والطاعون مما أثر على الناس سلبا. ولكن كان يلاحظ أن الولاة الأتراك كانوا يقفون بجانب القباني ويشجعونه على فنه الجديد ويعتبرون ذلك مظهرا من مظاهر الرقي والتقدم والتنوير؛ مما دفع القباني إلى بيع أملاكه لبناء مسرح كبير في وسط دمشق يقدم فيه عروضه التاريخية والغرامية لتوعية الناس وتهذيبهم ونشر الأخلاق ونقد ذواتهم. لكن الغبرا سيعكر عليه أجواء مسرحه وسيتهمه بالكفر لانسياقه وراء البدع الضالة:
"القباني: خير... ما الخبر؟
لشيخ سعيد: أأنت أدرى مني بالخبر... تترك ذكر الله في حلقات الجوامع لتقيم حفلات ماجنة تنافي الأخلاق والآداب وتعاليم الدين.
القباني:أستغفر الله...لا يا شيخ...ربما أثرت فيك نميمة جاهل...لكن لو رأيت بنفسك ما نقدم في المرسح لما قلت ما تقول.
الشيخ سعيد: لعلك تريدني شاهدا للمباذل وشريكا فيها!
القباني: حاشا... لسنا من أهل المباذل والمجون... ما نقدمه يا شيخ روايات فيها حكم بالغة ترغب في اكتساب الفضيلة، وتقدم للمتفرج مواعظ حميدة.. كل هذا في جو من الأنس اللطيف والسرور البريء.
الشيخ سعيد: متى كان الفجور يرغب في اكتساب الفضيلة! هل تجهل أن التشخيص كالتصوير، كلاهما حرام في الدين؟
القباني: على قد علمي ودرسي لا أعرف أن في الدين ما يحرم التشخيص، ربما لم تعرف البلاد الإسلامية هذا الفن قبل اليوم، لكن ذلك لا يبرر أن نبقى محرومين من فوائده.
الشيخ سعيد: لم يعرفه المسلمون، لا لجهل، وإنما لأنهم أنفوه واعتبروه مخالفة للدين...إن هو إلا بدعة، وكل بدعة حرام.
محمود: ليت شيخنا لا يتعجل الحكم.
القباني: يا شيخ.. هناك أمور كثيرة لم يكن يعرفها أسلافنا، استحدثها تقدم الحياة، فصارت منفعة للعباد...فهل يجوز أن نعتبرها محرمات...ونضيع ثمارها؟
الشيخ سعيد: التقدم الصحيح هو أن نستعيد فضائل الأسلاف وقوة إيمانهم بدينهم.
القباني: والله تلك غاية تأتي بالنسبة لنا في المحل الأول، فما نريد إلا استثارة الحمية في الصدور واستعادة فضل الأسلاف وصراطهم القويم، وفي البلاد الأخرى يجعلون للمراسح أهمية كبرى، فينفقون عليها الأموال الطائلة، ويشيدون لها المباني الفاخرة لعلمهم بأنها ترفع الهمم، وتدفع إلى ما ينفعهم كأفراد وأمم.
الشيخ سعيد: بعد قليل ستجعل المرسح كرواق العلم في الجامع، قد تكون هذه البدعة موجودة في البلاد الأورباوية، ولكن أتريد أن نتشبه بالكفار... من تشبه بقوم فهو منهم... لم يبق إلا أن نأخذ ديننا عن الإفرنج.
القباني: أستغفر الله.. لا يصح أن تتهمنا بالكفر... المرسح ليس بدعة أو كفرا، بل هو وسيلة طيبة لتهذيب الأخلاق... ومعرفة طرق السياسة... في الظاهر يترجم الأحوال والسير وفي الباطن يقدم المواعظ والعبر
ومع إصرار القباني على مواصلة فعله التنويري عن طريق المسرح وتشجيع الولاة له، دفع الإقطاعيون وأبو أحمد سعيد الغبرا للجوء إلى السلطان عبد الحميد الثاني الذي قمع كل الحريات وعطل الدستور الإصلاحي قصد التشكي مما فعله مسرح القباني من نشر للرذيلة وانتشار البدع الضالة في نفس الوقت الذي كان الأحرار السوريون قد بدأوا في المطالبة بالاستقلال وتأسيس المدارس للتنوير وتوزيع المناشير التي تدعو الشاميين للانفصال عن الدولة العثمانية المستبدة والمريضة والضعيفة على جميع المستويات. فنشرت الدولة العثمانية في عهد سلطانها المستبد جواسيس في الولايات العربية ولاسيما سورية لتعقب المواطنين والإصلاحيين. وهكذا، سيتم القبض على أنور وعبد الرحيم وسينقلان إلى الآستانة قصد التطهير والتعذيب. وفي نهاية الأمر، سيعود الشيخ الغبرا بعد قضاء مصالحه ومآرب أصدقائه من رجال الدين ورجال الإقطاع إلى دمشق مصطحبا قرار هدم مسرح القباني وإحراقه وتتبع صاحبه باللعنات وأدعية الرجم والسب والقذف. وبذلك، انتهت حياة المسرح التنويرية في سورية لينتقل القباني بمسرحه إلى مصر حيث وجد حرية كبيرة لإبداعه الجديد والتقرب من الوطنيين الأحرار الهاربين من بطش الحكومة العثمانية وغطرسة السلطان المستبد
عن المسرحية :
هي المسرحية من أهم الامثلة عن مسرح التسييس اللي حكيت عنو بتصنيف مسرح ونوس و اللي بيقول عنها و عن التسييس
** ان مسرح التسييس هو الذي يحمل مضمونا سياسيا تقدميا.ومن نافل القول: إن الطبقات الفعلية التي تحتاج إلى التسييس هي الطبقات الشعبية لأن الطبقة الحاكمة مسيسة، سواء كانت الحاكمة بمعنى السيطرة على أدوات الإنتاج الاقتصادي في البلد. إن الطبقات التي يتوجه إليها مسرح التسييس هي الطبقات الشعبية التي تتواطأ عليها القوى الحاكمة كي تظل جاهلة وغير مسيسة. الطبقات التي يؤمل أن تكون ذات يوم بطلة الثورة والتغيير. من هنا كان التسييس محاولة لإضفاء خيار تقدمي على المسرح السياسي
أما الزاوية الثانية في مفهوم التسييس فهي تلك التي تهتم بالجانب الجمالي. إن مسرحا يريد أن يكون سياسيا تقدميا يتجه إلى جمهور محدد في هذا المجتمع، جمهور نحن نعلم سلفا أن وعيه مستلب، وأن ذائقته مخربة، وأن وسائله التعبيرية تزيف، وأن ثقافته الشعبية تسلب ويعاد توظيفها في أعمال سلطوية تعيد إنتاج الاستلاب والتخلف. إن هذا المسرح الذي يواجه مثل هذا الجمهور لابد له من البحث عن أشكال اتصال جديدة ومبتكرة لا يوفرها دائما التراث الموجود في المسرح العالمي أو العربي، حتى ولو كان هذا المسرح يحمل مضمونا سياسيا تقدميا
**هناك بعض التجليات لمسرحه التسيسي في هذا النص نظرا لأن التجربة المسرحية القبانية هي فعل تنويري تغييري ريادي تقدمي يساهم في خلق الوعي ومحاربة الاستلاب الذي ينشره رجال الدين والإقطاع وأتباع وأعوان الحكومة العثمانية. وهذا المضمون السياسي يفرغ في قالب المسرح الذي يرفضه رجال الدين والسلطة الحاكمة لأنه أداة للتوعية السياسية والتأطير المجتمعي:
" متفرج: العمى ستخرب هذه الجارية دولة بني العباس!
متفرج 2: خربت وخلاص.
متفرج3: أما ملك!يترك شؤون الدولة ومشاكلها كرمال زانية.
متفرج 4: عيب يا ناس... هارون الرشيد كان خليفة للمسلمين.
متفرج3: أي لا تواخذونا.
محمد فتح الله: ويمسخرون خلفاء المسلمين... والله إنها لكبيرة يا ابن القباني."
** ويظهر التسيس كذلك في مقطع آخر:
"عبد الرحيم: الحياة تنقلب وتضطرب، ونحن كالغرقى في بحر هائج.
أنور: نغرق لأننا لا نتعلم السباحة، حان الوقت كي نرى مصالحنا، ونعرف كيف ننقذ البلاد العربية من فساد الدولة العثمانية والأخطار الأخرى التي تهددها....
أنور: العقول تتنور تدريجيا، وما هو قائم لم يعد مقبولا... الدولة العلية تنحط، وتخلفها عن الأمم الأخرى يزيد... فكيف نرضى بالبقاء على ما نحن فيه! أتعرف ماذا يسمي الأجانب دولتنا؟ يسمونها الرجل المريض، وهم محقون في هذا الوصف.
عبد الرحيم: وما النتيجة إذا كنا لا نملك من أمرنا شيئا...
أنور: أساس الانحطاط هو أنهم لا يسمحون لنا بتقرير مصيرنا... يفصلون لنا ما يريدون من الثياب، فنلبسها، ولكن بعد أن بدأ الناس يبصرون لم يعد ذلك مقبولا، لنا حقوق يجب أن نطالب بها. إلام ستظل الولايات العربية إقطاعات يعيش أهلها في الذل والفقر، بينما تمتص الآستانة خير ما فيها. ألم يحن الوقت للمطالبة بحقوقنا كعرب فنسعى إلى استقلالنا وإدارة شؤوننا كما فعلت ولايات كثيرة.
رائع جداااا فادي..........متابعة معك حتى الان......
:D :D
الملك هو الملك
كتبت عام 1978
فكرة المسرحية :
استمد ونوس فكرة مسرحيته "الملك هو الملك" من حكاية (النائم واليقظان) في الليلة الثالثة والستين بعد المائة من ألف ليلة وليلة، حيث تدور أحداث الحكاية في العهد العباسي. وملخص هذه الحكاية هي أن هارون الرشيد الذي حولته - ألف ليلة وليلة إلى شخصية أسطورية – كان في إحدى جولاته التنكرية بصحبة سيافه مسرور، فمرا ببيت التاجر المفلس أبا الحسن الخليع الذي استضافهما وشكا لهما من الحياة التي يحياها. وتمنى أن يكون صاحب أمر ونهي لينتقم من أربعة شيوخ يعرفهم، فخدره الرشيد وأمر بنقله إلى قصر الخلافة. وقرر أن ينصبه خليفة لأجل التسلية والمداعبة. وهكذا تبدأ اللعبة والتسلية ليعيش أبو الحسن حالة من رغد العيش كان يتمناها، وقرارات الأمر والنهي التي كان يحلم بها، ما أن يتلذذ بهذا حتى يعيده الرشيد إلى حقيقته، فيظن أبو الحسن انه كان في حلم جميل ليس غير، وكرر الرشيد هذه اللعبة أكثر من مرة للتسلية والتندر. وبذلك كان أبو الحسن في حكاية ألف ليلة وليلة نموذجا للرجل الساذج (المغفل) الذي يحيى على حافة الحلم واليقظة، حيث أنه بقي وسيلة للتسلية بيد الرشيد يتحكم به كيفما شاء، وبذلك بقي الرشيد متحكما بمقاليد السلطة والحكم وبقي متحكما باللعبة ينهيها متى شاء
رواية المسرحية :
تتلخص المسرحية في أن ملكا وعندما يشعر بالضجر يقرر أن يعابث رعيته حتى يذهب عن نفسه السأم، وهو ملك واثق من ثبات عرشه وكفاءة رجال أمنه وخنوع شعبه، ولهذا فهو يزدري الكل. ويقع اختياره على ضحيته أبو عزة (والذي يتحول هو(الملك) فيما بعد إلى ضحية الضحية التي وقع اختياره عليها) وهو تاجر سابق جار عليه الدهر وركبته الديون بسبب تآمر شهبندر التجار والقاضي والنظام عليه، وبذلك تصيبه لوثة في عقله فهو يحلم بأن يصبح سلطان البلاد لينتقم من المتآمرين عليه. وتبدأ لعبة الملك عندما يقرر أن ينقل أبو عزة إلى قصره ويجعله ملكا، ليتسلى بتصرفات (الملك أبو عزة) الخرقاء كما تخيلها الملك الحقيقي. غير أن الملك الحقيقي لا يلبث أن يصاب بصدمة كبرى، فما أن يرتدي أبو عزة زي الملك حتى يقبض على كل أتباعه وعلى كل ما يحيطه من أشياء بيد من حديد، ويدين الجميع بالولاء والطاعة للملك الجديد لأن لا أحد يميز سحنة الملك المزيف. وعبثا يحاول الملك الأصلي إنهاء اللعبة، والتي تستمر لتصبح حقيقة ويخسر الملك ملكه ...
دراسات من النص المسرحي :
أراد ونوس أن يظهر بأن هناك غياب الوعي في معرفة الملك. هذه الفرضية جعلت من الرجل المغفل ملكا ذا سلطان بمجرد أن لبس رداء الملك وحمل صولجانه، ويدل على ذلك ما جاء على لسان عبيد أحد شخوص المسرحية عندما قال: "أعطني رداء وتاجا، أعطك ملكا ". ولا ضير بعدها أن يكون الملك عادلا أو ظالما، لأن من يذق طعم السلطة (أبو عزة الملك المزيف) يصعب عليه تركه، وهي صفة غالبة. فالحاكم حتى لو كان عادلا عليه أن يطلق الأحكام الجائرة التي تحفظ له مكانه وإن كانت في بعض الأحيان تلك الأحكام جائرة. فأبو عزة عندما تقمص دور الملك حكم أحكاما جائرة على زوج أم عزة -أي على نفسه هو- بالتجريس، وعلى ابنته التي يحكم عليها بالزواج من الوزير المزيف عرقوب، أو تكون جارية له حسب رغبته. وجاءت هذه الأحكام الجائرة بعد أن شكت أم عزة تجاوزات (الإمام والشهبندر) اللذين كانا سببا في تدهور حالهم للملك المزيف (زوجها أبي عزة). وبذلك وجدنا أن أبا عزة أنصف الإمام والشهبندر، في حين اعتبر أم عزة (زوجته) مذنبة في ادعائها لأنها بشكواها إنما تعتبر العرش باطلا، والملك باطلا، وان النظام الذي يسود البلاد والعباد باطل في باطل. لأن الإمام والشهبندر هما الناموس الذي يحكم البلاد والعباد . النتيجة وفق نظرية ونوس هي أن: "الملك هو الملك" وهي العنوان الذي حملته مسرحيته فلا فرق بين ملك وملك، فأبو عزة في العرش هو الرشيد طالما أن الملوك بلا سحنة. وهكذا في لعبة ونوس فإن أبا عزة يظل متشبثا بالسلطة ليهتز عرش الملك وكانت هذه محصلة الدعابة الملكية التي اختلقها الملك ليتسلى لتنقلب وبالا عليه. نعم هي وبال حين ينقلب السحر على الساحر، حين يجهل الحكام نتائج دعاباتهم ولا محدودية سلطاتهم . لقد قضى ونوس تمام على الوراثة في الملكية. وأثبت أن كل شيء ممكن أن يتحقق بالتاج والرداء والصولجان وكرسي العرش. ففي الأنظمة التنكرية لا يحسب حساب الرجال، إن الذي يحسب حسابه هو التاج والرداء، ولاشيء غير ذلك. وهكذا ناقش ونوس الوضع الذي سيكون عليه أبو عزة حين يصبح ملكا. فتتلبسه شخصية الملك ليطلق أحكاما لا يجرؤ أحد على مناقشتها ولا يسمح له موقع الملك في التنازل عنها وإن كانت خاطئة. ويمكن أن نلمس هذه الشخصية المطلقة للأحكام التي لا يجرؤ على مناقشته به أحد خلال المشاهد الأخيرة من المسرحية عندما يقول أبو عزة (الملك المزيف): "اللعب ممنوع والوهم ممنوع والخيال ممنوع والحلم ممنوع " وكانت حاشيته والرعية (المجموعة) تكرر من ورائه دون مناقشته. لقد "جاء توظيف هذه اللعبة لواقع مرفوض " تناولها ونوس بكثير من التصرف مستفيدا من إيمانه في "أن للأشكال المسرحية مسؤوليات سياسة، وأن هذا المسرح العربي يجب أن يقوم على أسس مادية ملموسة تحدد موقفها وموقعها من العالم، لكن داخل شكل عربي ". المتتبع لمسرحيات ونوس يلحظ أن الواقع العربي كثيرا ما يؤثر على نصوصه المسرحية ولطالما أراد تغيير هذا الواقع فبدأ من أبطال مسرحياته. ففي مسرحيته "الملك هو الملك" كان ونوس أحد الذين انتصروا لأبطالهم من عامة الشعب، واكبهم حيث هم. لم يكونوا عنده حاكمين بقدر ما كانوا محكومين يحلمون أن يلعبوا دور الملك ليتعرفوا على أسرار الحكم، أما الملك في المسرحية فتولد لديه الشعور أنه أكبر من الموقع وبدأ هذا الشعور يظهر عندما قال: "كثيرا ما أشعر أن هذه البلاد لا تستحقني.. ". تزداد الرغبة باللعبة عندما قال لوزيره: "يزداد ضيقي كلما فكرت أن هذه البلاد لا تستحقني. أريد أن ألهو … أن العب لعبة شرسة، لدي ميل شديد إلى السخرية. بالضبط هذا هو ما أحتاجه. أن أسخر بعنف وبقوة ." ويحدد نوع اللعبة عندما يقول: "أريد أن أعابث البلاد والناس". وتلمع الفكرة في ذهن الملك عندما يتذكر (أبو عزة) الرجل المغفل الذي يحلم بالسلطان والانتقام من خصوم كثيرين، فيأمر وزيره أن يذهبا سوية في جولة تنكرية إلى بيت أبي عزة. وتبدأ اللعبة عندما يقرر أن يحضر الملك أبا عزة إلى قصره، وتتضح خطورة اللعبة على الملك الحقيقي عندما لا يتعرف أحد على الملك المزيف (أبي عزة)، وحتى أن زوجة أبي عزة وابنته عزة لم تتعرفا عليه. فاللعبة إذن أعجبت أبا عزة كثيرا وصدق فعلا بأنه الملك، فكل أوامره مطاعة، وكل ما يرغب فيه طوع بنانه دون عذاب. لقد عاش السلطة بكل مقوماتها، بل أنه أصبح ملكا أكثر سطوة وقسوة من الملك الحقيقي، ونستطيع أن نلمس ذلك من خلال الحوار الذي دار بين الشهبندر والإمام عندما سأل الشهبندر الإمام: "ألم تلاحظ أن سحنة الملك تغيرت؟" فأجابه الإمام: "نعم… لقد أصبح ملكا أكثر
هي المسرحية كانت من بطولة محمد منير و صلاح السعدني و فايزة كمال
و نظم اشعارا المستقاة من روح النص الشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم
طبعا و غناها محمد منير
و رجعت انعرضت بعد اضافة شوية تعديلات بعد 18 سنة
وهي صورة من العرض الاول
الاغتصاب
كتبت عام 1990
كتب ونوس معرفا بالمسرحية عبر غلافها الاخير: هذه الرواية نص مفتوح، أي أنه قابل للزيادات والتعديلات التي تمليها التطورات التاريخية، إن الرواية الفلسطينية لا تختم قولها، بل تتركة مشرعا على أفق مفتوح، ولهذا فإن الإضافات والتغييرات التي تحقق راهنية العرض ممكنة، وحتى الرواية الاسرائيلية - وإن كانت بدرجة أقل - هي نص غير مكتمل، والنقاش فيها يحتمل المزيد من المحاججة والتوتر.
و يقول أيضا عن هذه المسرحية : كان علي باستمرار أن أواجه أسئلة هذا التاريخ الموجعة ، لذلك كان لا بد أن أكسر صمتي لأكتب مسرحية تتناول القضية الفلسطينية ، حيث كانت انتفاضة أطفال الحجارة إحدى حوافزي لكسر طوق الصمت الذي كنت غارقا فيه
باختصار: إني أنظر إلى هذا العمل كمقطع مجتزأ من تاريخ عنيف، مثقل بالاحتمالات والتحولات، وإن كل عرض لهذه المسرحية يجب أن يرتكز على وعي بالتاريخ وما يحمل من تغيرات، إن الوعي التاريخي هنا يضاهي الابداع الفني، أو هو شرط جوهري له.
والمسرحية تبدأ بملاحظات كتبها ونوس عن المسرح كما يراه: إن الهام المسرح الحقيقي لم يكن في يوم من الأيام الحكاية بحد ذاتها، وإنما المعالجة الجديدة التي تتيح للمتفرج تأمل شرطه التاريخي والوجودي.. ولعلها إشارة إلى أن حكاية المسرحية التي يقدمها مكررة بذاتها، ما وجد عدو محتل، ومواطن مضطهد، وجهاز مخابرات قامع، وجهة تقاوم القمع، لكن الفارق في طرح القضية برؤية مختلفة، وضمن معالجة تطلب الجِدة الدائمة حينا بعد حين، سواء من المخرج والمؤلف أو الجدة في الجمهور نفسه.
هناك رواية فلسطينية..
وهناك راو اسرائيلي..
وكل يروي الحدث كما يشعر به، من زوايته القلبية التي يؤمن بها، ووفق اعتقاده للمعقول والمقبول، ومنذ البداية طلب ونوس من المخرج أن لا يقدم الإسرائيلي بصورة فجة، أو الفلسطيني بصورة عنترية، فالمطلوب هو حوار يشغل المتفرج بعدالة عرض، وتوضيح حجة قد يأتي بها الاسرائيلي المتعجل.
مشهد الإغتصاب في المسرحية هو الأقوى..
والأغتصاب فيها وقع على طرفين: فلسطينية واسرائيلية..
وفقدان الرجولة بسبب الإغتصاب تحمله ايضا طرفان: فلسطيني واسرائيلي.
وفي فصل المسرحية الأخير (سفر الخاتمة كما اسماه ونوس) نفاجئ بونوس نفسه وهو يحاور شخصية من شخصيات الرواية، الدكتور أبراهام منوحين، ونفهم من تقديم ونوس أن الدكتور هو احد اولئك الاسرائيلين الشجعان الذين يؤمنون أن في التصرفات الاسرائيلية جناية على اليهود قبل العرب، وأن طريق الهاوية الذي ظنت الدولة اليهودية أنها تنشؤه للعرب هوى فيه اليهود قبل العرب.
من الجدير بالذكر انو هي اول مسرحية كتبا سعدالله بعد انقطاعو عن الكتابة لمدة اكتر من 10سنين ...
رح نبلش اليوم بالمسرحيات اللي كتبا ونوس بعد اصابتو بالسرطان و اللي انا بشوفا اهم و اعمق
يوم من زماننا
كتبت عام 1993
إنه زماننا إذن. حاضرنا الذي نواجهه وليس زمنا آخر يستعاد
رواية المسرحية :
فاروق - بطل المسرحية - معلم الرياضيات - الذي تستغرق رحلته الاكتشافية يوما واحدا، في أيام الشتاء القائمة الباردة - كما يضيف المؤلف (الراوي). إنه يرى كيف تتقوض المؤسسات، التربوية والسياسية والدينية، وكيف تخرج عن مسارها الطبيعي والصحيح، وكيف يمارس القائمون عليها عملية تضليل فاضحة، وكيف يتحولون ومؤسساتهم، ومن ثم الأفراد العاملون فيها الى دمى تحركها امرأة، من منزلها الذي تتقاطع فيه المصالح والرغبات والاتجاهات كلها. إنها تمثل دائرة، تحتوي المدرسة والجامع ومركز السلطة. ولكي تقرأ حالة المنطقة، عليك أن تمر بمنزل (الست فدوى) فهو المركز، وما الدوائر الأخرى الصغيرة، إلا الأطراف. والدوائر الكبيرة قادرة على ابتلاع الدوائر الصغيرة أو تحطيمها، بما لديها من سلطة سرية وعلنية، فهي التي تقدم (البضاعة) للزبائن، ومن ثم تملي عليهم شروطها، ولكي تحدد ملامح فدوى تماما وينجلي عالمها الداخلي يتركها الكاتب تحكي حكا يتها: (تزوجت زواجا عائليا مرتبا. أرادوا أن يشفوني من قصة حب كئيبة إلا أن الزوج اكتشف أن البضاعة مغشوشة) وأنه لا بد من (البازار) طالما أن البكارة مهتوكة (والبازار مع والدها) وحصل الزوج من والدها على (الاكرامية والتعويض) وأخذ جزءا من تجارته (وتحول الى مستخدم في متجر صغير لها) (وهي الآن
تبني مملكة من الثروة والمشاريع والطموحات).
(إنها الدنيا الحقيقية يا فاروق.. الدنيا المبنية من الطين والدم والشهوات والشراهة) الدنيا الفعلية التي نحيا بها، أما تلك التي كنت تظن أنها الدنيا فليست إلا أوهاما ونفاقا..).
عاشت (فدوى) الجديدة على أشلاء (فدوى القديمة) فدوى القديمة كانت فتاة ككل الفتيات في مثل سنها وبيئتها تحلم بالحب والزواج والأسرة والحياة النظيفة، بيد أنها خدعت وانتهت قصة حبها نهاية مأساوية، فأرادت أن تخرج من الرماد وتعيد بناء حياتها من جديد، فتزوجت رجلا لا تحبه، فكان الابن النموذجي لعصره، يتقن لغته ومفرداته ويجاهر بالانتماء اليه : (البضاعة) (الاكرامية) (البازار) كلها إشارات الى الحياة - السوق والى السوق - الانفتاح. ولقد قصد الكاتب من هذه الاشارات تعميق الاحساس باللعبة الانفتاحية وتحول كل شيء الى سلعة. عالم من (التشيؤ) و(السلع).
(فدوى) الجديدة تأسست فلسفتها على هذا العالم : الزائف بالنسبة اليها حقيقي والحقيقي زائف ! إنها تخرج المفاهيم من أنساقها وسياقاتها الطبيعية، لتشيد أنساقها ومفاهيمها الخاصة بها خارج المتعارف عليه، وتبشر - بأنها العسل القادم وبالفردوس القادم. أنبت فساد الزوج - وفساده جزء من الفساد العام - فسادا جديدا هو : (فدوى) الجديدة وأثمر بالتالي متوالية من الفساد، كان آخرها زوجة فاروق هذا (الدونكيشوتي) الباحث عن النقاء والبياض في عالم ملوث حتى النخاع.
انتشر سرطان (الست فدوى) في خلايا المجتمع، امتد واستطال، حتى وصل قلب المدرسة والمسجد والسلطة. في المدرسة يكتشف فاروق، أن الطالبات يرتدن بيتها وان بعضهن تكاد أن تفاخر بذلك ! مدير المدرسة ليس أكثر من حاجب في مملكتها وقد تشرب أفكارها وفلسفتها: (واجبي أن أحمي المدرسة من جرثومة السياسة، وأن أربي الطلاب على الولاء والطاعة) (الفتيات المتورطات ولاؤهن لا تشوبه شائبة)!
والخطر قادم من السياسة، من الأفكار اذا تنير العقل. لأنها يمكن أن تتحول قوة مادية على الأرض، يمكن أن تكون نذير تغير، أو بؤرة توتر تخلخل السائد، أو تفلح في هز أركانه. الولاء السياسي إذن، مقدم على الأخلاق.
الكتاب - أي كتاب - يفسد عقول الناشئة وعليه يغدو الكواكبي - مفكر عصر النهضة - ومن وجهة نظر المدير إياه، (مشبوها في صلاته وكتاباته) لأنه يشرح الاستبداد ويجلو طبائعه. وهكذا تتعمق (فلسفة) فدوى وتجد لها مريدين ويصعد (فكر) السوق، ليعيد ترتيب الأوضاع كما تشتهي (فدوى). الولاء السياسي، في صميمه، ولاء للسوق لأنه يتغذى به، بل إنه - الولاء السياسي - مشروط بالعائد المادي الذي توفره العلاقات المتداخلة، ألم يقل مدير المدرسة عن (الست فدوى) (إنها امرأة كريمة وخدوعة !) وطالما أن المساءلة في عرف مثل هذه الفلسفة، سياسية قبل كل شيء، وآلية تكتفي بالوقوف عند حدود التأكيد والتكرار والترديد والمزايدة، فإن أحدا لا يقلقه ما آلت اليه الأخلاق، فهي لا تهدد أمن البلد!
(فدوى) شخصية مركزية وهي كما يقول عنها فاروق :(تخرب البيوت وتفرق الجميع في وحل الفساد) وعلى الرغم من أن فاروق هو الذي يحرك ويدفع ويواجه،وحيدا :لا أن (فدوى لم هي الأكثر حضورا، ذراعها الطويلة تصل الى كل مكان، عن طريق الجنس وقد تحول (بضاعة) بل لعل له رواجا في مجتمع مازال الكبت يعشش فيه. وأهمية (فدوى) كشخصية محورية تكمن في أنها هي التي تزيد من إحساس (فاروق) بالغربة، وهي التوكيد على أنه يعيش خارج الزمن. هي التي تخترق المؤسسات والأفراد وهي التي تجر الجميع الى الخراب
وصل خرابها الى المسجد. وأدرك الشيخ متولي أن سحرها لا يقاوم، وزعم أن أفضالها على أهل الخير، بنية واضحة للعيان (ما دفعته الست فدوى لرفع مآذن هذا الجامع وتزيين قبابه يربو عما دفعه أي محسن في هذا الحي مع هذا تأتي لترميمها بالنمائم والشبهات) ويرى الشيخ أن الحديث عن الدعارة في بيت (فدوى) ضرب من الخوض في اعراض الناس وهو ليس ممن يفعلون ذلك ! وينحرف بالموضوع الرئيسي الى أحاديث جانبية هامشية، كي يغطي على تورطه في السكوت عنها، فيفيض في الحديث عن العلوم الحديثة (المستحقرة) متجاهلا المنكر الذي، يفترس المدرسة، بعد أن عرف مصدره. هناك الخطر قادم من جرثومة السياسة، وهنا المنكر أن تغتاب اعراض الناس. خطاب واحد ولكن بمفردات مختلفة. تهميش الجوهري والأساسي، وابراز الثانوي والعابر. وفي كلتا الحالتين قلب للمفاهيم والقيم رأسا على عقب. إنها فلسفة (فدوى) تطل برأسها. ينفر الشيخ من الحديث عن المنكر الحقيقي، الماثل أمامه، ليفرق في الحديث عن (آداب الاستنجاء).
يخرج (فاروق) من عند الشيخ، متابعا رحلته الاستكشافية، ليدخل الى مكتب مدير المنطقة أو المحافظ، حاملا معه قضيته، وهي إيقاف الفساد في المدرسة، قبل أن يستشري والأهم من ذلك كشف من يقف وراءه ويغذيه. ومدير المنطقة يمثل ما يمكن أن نسميه بالمؤسسة السياسية، وعليه فإن لخطابه دلالات سياسية رسمية، ومهما حاول أن يطبقها بطابعه الخاص. إنه يرتكز في حديثه على فلسفة تتقاطع مع فلسفة (فدوى) فيما يتعلق (بالقيم والمفاهيم) و(الجديد والقديم) و(التكيف) مع المتغيرات والانفتاح والمعرفة.. الخ ويبدو أنه ينظر الى سوك ابنته وانحرافها، على أنه استيعاب (مذهل) لروح العصر و(ذكاء) نادر. إنها في عرفه (نموذج) في هذا الاتجاه جدير بأن (يقلد)! (الرشوة) (الفساد) (النهب) قاموس بائد، يستخدمه الناس ليعرقلوا الانفتاح ويضيف قائلا: (كل شيء يتغير.المباديء والتصورات والقيم والأخلاق. كل شيء يتغير. ويتحلل الى غبار) أما الانهيار الذي يعصف بالمجتمع ويهز أركانه، فإن له تفسيرا (مدهشا) لديه. (الضغوط النفسية والأمراض سببها عدم القدرة على الدخول في مغامرة العصر، والتخلي عن القديم). ولكن ماذا عن الثورة ؟
(الثورة الحقيقية هي الانفتاح على العصر ومنجزاته)!
هكذا يختزل الكارثة التي تحيق بالمجتمع وتوشك أن تهلكه، منطلقا من وضع رأس الهرم في أسفله، ومتناغما - الى أبعد الحدود - مع فلسفة (فدوى).
فلسفة واحدة تتناسل فلسفات، وجوه عدة لعملة واحدة. أما (فاروق) فهو الذي يواجه هذا كله ومن أين لمعلم الرياضيات، أن يعرف هذا كله، وهو الذي اختار علما دقيقا ومنغلقا في أن معا؟ ألم يقل له أخوه (إن الرياضيات كالشعر لا تعلمها شيئا عن الحياة).
العالم أو الفنان في مجتمع كهذا، أو بعبارة أدق في مجتمع تقبض عليه مثل هذه الوجوه، فائض عن الحاجة، كائن طفيلي ! إنه حقيقة لا ينتمي الى هذا العالم، الذي يجد نفسه فيه غريبا وحيدا. وفاروق بطل ونوس، نموذج للمثقف الاختصاصي الذي يجد نفسه غارقا فيه إذا خرج أو تجاوز الخطوط الحمر لاختصاصه، يتوه ويفرق. إنه غير قادر على فك رموز واشارات العالم الذي يواجهه، لأنها خارج الأشياء التي تعلمها فهي عادة لا تدرس. تأتيه الرسالة فيعجز عن فك شفرتها وبالتالي لا يتلقاها. ليس ثمة تواصل مع الخارج. عالمه الداخلي لا يتواصل مع الخارج، وتلك مشكلة تدفعه نحو الانفصام.؟
هل هو مسؤول فعلا عما جرى ويجري له وحوله ؟ هل ثمة خيار أخر أمامه ؟ إن فاروق ليس من النوع الذي يمكن أن يوسم بضيق الأفق أو السذاجة، بيد أنه ليس من أولئك الذين اشتعل وعيهم مبكرا، فعرفوا أن هذه النتائج وليد شرعي لتلك المقدمات، وأن خلف هذا الخراب، أصابع تحرك الأشياء حركتها الحقيقية، لقد انكفأ داخل اختصاصه (الرياضيات) وتشرنق داخل مفاهيم ومعادلات، ليس لها نظير في الواقع الموضوعي. هل بوسعنا القول إنه الموقف الشاعري، في مواجهة واقع ينضح فجاجة وفظاظة وسوقية ؟
إنه ليس شاعرا رومانسيا، تعيقه رؤيته المثخنة بالخيال، عن إدراك العالم الآخر، الذي يتعامل معه، بل شاعري في كونه النقيض للزيف، والغريب من المثال. لقد نما وعيه داخل اختصاصه، فحسب أن هذا كاف. وعندما أضاءت رحلته الزمنية القصيرة، وعبر المسرحية (أربع وعشرين ساعة) عقله وكشفت الطريق أمامه، قرر أن ينتحر! الوعي أو الاكتشاف مقرون بالموت، الموت نهاية المعرفة والمعرفة العاجزة ضرب من الموت.
في المشهد الخامس وقد استوعب فاروق وتمثل آلية الخراب، وتراكمت الصور المتلاحقة السريعة في ذهنه يستل سكين المطبخ ويتأمله متأملا في الوقت ذاته، حاله. يسقط ذكرياته على السكين يؤنسها فإذا هي تفجر وظيفتها الاستعمالية وتتحول في يده الى وجهها الآخر (أصابعها الناعمة تلتف على المقبض الخشبي. كان يحس هذا ا لالتفات لدنا ومثيرا). الدم يرعبه والسكين، التي يجب أن يغسل بها عاره صارت جزءا من الذكريات ! ويصل نداؤها اليه (هي السكين التي اشتريتها وبيدي سأغرسها في قلبي الذي تلوث دمه) (لقد أفسدت كل شيء، أفسدت كل ما هو جميل في حياتنا) تكف السكين بدلالتها المركبة عن كونها سكينا لتغدو أداة مهملة !
ويعي أن هزيمة خصومه مستحيلة، وأن تغيير الواقع، لمن لا مكان ولا زمان له، يعادل الانتحار، ويحزم حقائبه وينشر أشرعته ويقرر الرحيل، هي أيضا راحلة، هي التي تحبه والتي تلوثت لأنها تحبه. هي نصفه الآخر الذي لا يطاوعه الرحيل بدونه، إذ كيف يترك بعضا من أشلائه خلفه ويمضي؟(إذن سنرحل معا) (سنكون معا وسيكون رحيلنا كالزفاف) (ونمضي في البياض في فضاء من البياض) (ولكنك ملوثة وستبقعين البياض) (أرجوك لا تفسد الحلم) (كنت حجرا).
انه الانتحار الاحتفالي و العرس الابيض ...........
أحلام شقية
كتبت عام 1994
رواية المسرحية :
في بيت تمتلكه ماري تدور أحداث هذه المسرحية، وهي امرأة مسنة مسيحية متزوجة من رجل يدعى فارس، قبل الزواج منها ليكون عالة عليها، أورثها مرض السيلان منذ البداية مما أدى إلى إسقاط جنينها ميتا لتعيش سنوات عمرها الطويلة دونما بهجة أو أمل، وفي غمرة إحساس بالعفونة والنجاسة والنفور من الممارسة الجنسية، ولا يشغلها سوى هاجس الترتيب لجنازتها والتحضير لمثواها الأخير، وهي بذلك تجسد ماضي المرأة العربية، الحافل بالمعاناة والإحساس بالضعف والاحتياج للآخر، حتى وإن كانت هي المعيلة اقتصاديا كما هو حال ماري هذه.
وفي مقابل هذا الواقع المأساوي، واقع آخر تعيشه امرأة مسلمة شابة تسكن الغرفة الأخرى من ذات البيت، هي غادة مع زوجها الشرس كاظم، الذي يعمل مساعدا في الجيش، وثمرة علاقتها الزوجية طفلها ذي السنوات الأربع والذي يملأ عليها خواء حياتها، فإن مستقبل هذا الزواج ينذر بمعاناة لا تقل عن معاناة جارتها المسنة ماري، وبهذا يلتقي المستقبل بالماضي في نطاق الحاضر دونما بارقة أمل، فلقد كان اقتران غادة بابن عمها انصياعا لرغبة أبيها ونتيجة لتخاذل وتهرب من أخيها بعد أن وعدها بالوقوف إلى جانبها ومساعدتها بالزواج من حبيبها والذي هو في الوقت ذاته صديقه.
في أجواء هذا الحاضر الذي يعيشه ساكنو هذا البيت، وبكل ما يوحي به من " انغلاق وضيق"، يبزغ أمل وليد في حياة المرأتين، أنه " بشير" الساكن في الغرفة العلوية، الشاب الغامض الهادئ، الذي ترى ماري فيه ولدها الذي طرحته ميتا وقد عاد ليحنو عليها في أخريات أيام عمرها، ويتولى ترتيب جنازتها ورخامة قبرها كما تتمنى، بينما ترى فيه غادة حبيبها الغائب الذي حرمت من الزواج منه، بشخصيته الوادعة المتفهمة على نقيض زوجها.
وإذا كان كاظم يمثل في شخصيته العسكري شبة المتعلم، الكاره للوحدويين وعبد الناصر، "طاووس مصر" كما يسميه، والهازئ بمحاولات زوجته المستمرة في الكتابة لأخيها المهاجر، والذي يواصل اضطهاده لها بالضرب أمام طفلهما مما حمل هذا الأخير على كراهيته، فإن هذه الشخصية سرعان ما تستثار بحكم تكوينها النفسي من قبل فارس، زوج ماري، والذي يستطيع بخبثه أن يثير غيرته وحنقه على بشير، باعتباره الأعزب الذي نادرا ما يبارح البيت في النهار، مما قد يتيح له الخلوة مع غادة، تلك الزوجة الشابة، وبذلك تلتقي مصلحة الاثنين، كاظم وفارس، في التخلص من مصدر التهديد المشترك لهما.
وبقدر ما يحرك بشير من سواكن المحيط من حوله بحلوله فيه دونما فعل إيجابي يبدر منه، مما يحمل على الالتفات إلى مدلولات أسمه، فإن مقدار الضعف الذي تتسم به شخصيته، مقارنة مع قوة شخصية كاظم ودهاء فارس، يجعل من اليسير التنبوء بنهاية المواجهة، فإلى جانب سلبية أداء بشير، فهو يحسن الإصغاء لشكاوي العجوز ماري والشابة غادة، " وفي عينيه لمعة حزن تفتت القلب"، " إنه لم يسكن هذا البيت إلا لكي يرتب سفره القادم" هكذا تقول عنه غادة، في حين تحلم العجوز بأن ترتب حياته كما يرتب لها آخرتها وتجهزه لتزويجه بغادة، بهذا الحلم المشترك بين الاثنتين تستمدان أملا جديدا وتلتقيان عنده، واحدة قادمة من الماضي وتترقب الموت بين يدي أبنها " بشير" لأن الموت بالنسبة لها هو الفرح " إني أترقبه يا غادة، كما تترقبين ليلة عرسك، هناك سأجد المباهج والأفراح التي فاتتني في هذه الدنيا"، بينما تبوح غادة المتوجسة من المستقبل في ظل زوجها بأنها لم تعد تستطيع أن تتخيل الحياة بعيدا عن هذا البشير.
بهذه الأجواء تحتفي المرأتان ببشير، في حين يعاني هذا الأخير، من أشباح الماضي وكوابيسه، وهو الهارب منها بلا جدوى، ففي مشهد يتحول فيه فارس، في هيئة أبيه، آمرا إياه بأن يقتل أخته، التي تكون في هيئة غادة، لكونها فضحت العائلة بين الأهل والأعداء، ولن يستحق بشير مكانته في العشيرة ما لم يطهرها من هذه الوصمة، وعلى الرغم من صحوته المفاجئة بقوله "عرفتك .. عرفتك.. إنك فارس" إلا أنه سرعان ما يستسلم لسطوة الأب ويأخذ الخنجر منه صاغرا لرغبته، ولكنه لا يقوى على تنفيذ تلك الرغبة لتبادر أخته فترمي نفسها في النهر وتموت غرقا، ويظل هو يحمل في نفسه ندما مقيما يقض مضجعه، ويمعن في تردده وسلبيته، وإلى درجة عجزه حتى عن الدفاع عن نفسه عندما يدخل كاظم عليه غرفته ذات مساء ويرديه قتيلا برصاصة في صدره، ليلقيه وبصحبة محرضه فارس في برميل الزبالة، بينما هو في عجز واضح وجلي، يقول وهو محمول:"لست ميتا .. لا.. لم أمت"مرددا بعد ذلك أبيات بدر شاكر السياب الأثيرة لديه " عيناك غابتا نخيل ساحة السحر"، وهي ذات الأبيات التي كان يرددها ساعة غرق أخته فيما قدميه منزرعتان في الطين تمنعانه من اللحاق بها وإنقاذها، كاشفا بذلك عن عدم مقدرته لتعامل مع محيطه، كما لو كان بشيرا قادم لزمن وأحداث لم يهيأ لها بعد،بشير مبكر جدا وغير مسلح لفعل التغيير الذي يهجس به ويدعو إليه.
وبانطفاء البشير تواجه المرأتان مصيرهما " إننا محصورتان في حبس" تقول ماري، فتجيبها غادة:" وليس أمامنا إلا أن نبلع قهرنا، نتغذى به.." فيكون رد ماري: " لو بلعت قهرك، فستنتهين عجوزا بائسة وممرورة مثلي. هذه المرة يجب ألا نبلع قهرنا."، لذا تقرران التخلص من سجانيهما بدس السم في عشائهما، إلا أن سوء الطالع يكون بالمرصاد حيث يسبقهما إلى تناول الطعام المسموم فلذة كبد غادة، طفلها ثائر، لتكتمل حلقة اليأس إحداقها بالمرأتين، وتخيم عليهما حلة ليل ثقيل لا تبدو له من نهاية مأمولة، ولتنتهي هذه المسرحية على عويل غادة وولولتها نادبة أبنها ومستقبلها معا " ياعين ماما .. سأحفر صدري وأمددك فيه.. قتلك ولم يأكل .. لا الحم ممكن ولا التمني ممكن.. لا شيء إلا الظلام والموت."
دراسات من النص المسرحي
للوهلة الأولى تبدو إشارة المؤلف بأن أحداث هذه المسرحية تدور في خريف عام 1963، واعتبار ( هذا التحديد لا يخلو من قيمة ومغزى) يمكن أن تمثل دعوة صريحة لتناول هذا النص خارج مباشرته الظاهرية في معالجة قضايا حياتية يومية ومحاولة استقراء دلالاته العديدة، والتي ربما يأتي في مقدمتها أن تشكل المسرحية نعيا لأحلام الأمة العربية وتعبيرا عن إخفاقها في تحقيق وحدتها والتحرر من سيطرة قوى التخلف فيها، وهي محاولة بلا شك ستكون موفقة حيث تبدو الإشارات والإيحاءات واضحة ومبثوثة في ثنايا النص، إلا أن ما يحفزنا على محاولة استقراء أخرى تنطلق من وضعية المرأة العربية على وجه التحديد، وهي محاولة لا تلغي أو تصادر محاولات أخرى، وإنما هي تدلل على ثراء هذا العمل وتميزه في آن.
وإذا كانت المرأتان تعانيان القهر والعجز رغم ما بينهما من تباين في العمر وسنوات الزواج، فإن الاختلاف الأبرز الذي قصد الكاتب إظهاره في هذه المقابلة بين المرأتين يكمن في الدين، حيث ليس ثمة اختلاف جوهري في المعاناة بين ماري العجوز المسيحية حبيسة زوجها منذ ثلاثين عاما،وبين غادة الشابة المسلمة رهينة زوجها منذ أربعة سنوات فقط، فالرجل في الحالتين هو المضطهد دونما تأثير يذكر لاختلاف عامل الدين في التخفيف من هذا الاضطهاد، والكاتب إنما يريد التأكيد على أن المحيط الاجتماعي والتقاليد السائدة هي المسيرة لمصائر النساء في مجتمعنا العربي سواء كن مسيحيات أم مسلمات، ويبدو إن الحاجة لازمة للاستشهاد بتمييز ضروري بأن المقصود هنا بالدين إسلاما كان أم مسيحيا، هو الممارسة اليومية للدين، والذي يختلف بالضرورة عن الإسلام مثلا كرسالة إلهية يجسدها القرآن الكريم والسنة)
ويمكن الإيغال هنا في التأويل وذلك بمحاولة الوصول إلى الفكرة الأعمق من وراء هذا التقابل ما بين شخصية ماري العجوز وشخصية غادة الشابة من حيث هو تقابل ما بين الديانة المسيحية الأقدم زمنيا والديانة الإسلامية اللاحقة عليها، ومع هذا فإن معاناة المرأة في الحالين قائمة، ومن ثم فما يريد الكاتب استخلاصه بصورة قد لا تكون مباشرة هو أن المحيط الاجتماعي وليس الدين هو العامل الحاسم في تسلط الرجل على المرأة، وإلى درجة استطاع هذا الأخير أن يجير كل ما في الدين من قيم وتعاليم تدعو إلى المساواة والمحبة والرعاية، ومن خلال التقاليد والممارسة اليومية، لمصالحه وأهوائه وترسيخ سيطرته وقهره للمرأة عبر اختلاف العصور.
TheLight
12/10/2006, 15:19
فادي يا فادي
رائع جدا وبصراحة موضوع متكامل
وبما اني كنت غايب كم يوم صار بدي قعدة مرتية لخلصو
الله يقويك ومشكور
فادي يا فادي
رائع جدا وبصراحة موضوع متكامل
وبما اني كنت غايب كم يوم صار بدي قعدة مرتية لخلصو
الله يقويك ومشكور
لك مية مرحبا برجعتك حسان ,,, اشتقنالك
:D
الأيام المخمورة
كتبت عام 1997
و هي اّخر المسرحيات اللي كتبا ونوس ...
رواية المسرحية :
حكاية عائلة موزعة بين بيروت ودمشق، وذلك على لسانالحفيد الذي يثير حضور الجدة المقعدة، في نفسه شكوكاًتدفعه الى أن ينقب في أرشيف العائلة الحافل بالخيبات والخيانات والفجائعوالآثام... ولن يكون في مقدور الصور الجميلة المملوءة بالابتساماتوالمعلقة هنا وهناك، أن تمحوتاريخاً عائلياً شابه الكثير من العيوب، والأخلاقيات السياسية والاجتماعيةالرديئة التي تربك الحفيد، وتبعث في نفسه الحيرة، فيسرد شيئاً ويمتنع عنسرد أشياء.
هذه القناعة تشرع أمام الحفيد أبواب الفضائح، فيمضي في الكشف، والمكاشفةالتي تقوده إلى معرفة حقائق العائلة التي تعج بالتناقضات والأوهاموالفجوات، وهو يحاول ردمها هنا تتداخل الأزمنة بحيث يتمتقويض بنية التتابع والتسلسل المعروفة، فتتشابك خيوط الحكاية التي يجهدالحفيد في انتقاء المحطات المفصلية منها. ولعل الحدث الأهم الذي يحدد مسارالأحداث هو هرب الأم سناء مع عشيقها تاركةأولادها الأربعة وزوجها في مستنقع الحيرة، مع ما يترتب على هذا الفعل منإهانة تهز أركان العائلة المستقرة، وتلقي بأفرادها في متاهات معقدة،ومسارات مختلفة.
الأب المطعون في شرفه، يصاب بالدهشة، ويستبدل زيهالمتمدن بزيه التقليدي، عائداً إلى تجارته من دون أن يملك القدرة علىانتزاع طعم المرارة من نفسه الجريحة. الأخوان سرحان وعدنانيمضيان نحو مصيرين مختلفين، فالأول، الطالب في الجامعةالأميركية، سرعان ما يغوص في حياة ماجنة ومخمورة، ويمارس تجارة مشبوهة بعدإقناع شقيقته سلمى بالعمل معه في هذا الاتجاه، فتنتهي فيتبديل قناعاتها. وبعدما كانت تسعى إلى «فَرْنسة لبنان» أصبحت تسعى، الآن،الى أن «تلبنن العالم»، فيما الأخ الثاني عدنان، الشريف والنزيه، ينتهيإلى الانتحار بعدما تيقن من عجزه عن غسل العار الذي أصاب قيمه في الصميم. التراجيديا تبلغ ذروتها مع الأبنة ليلى التي تصاب بالبكم إثرالحدث، وتعشق بصمت دركياً وطنياً استشهد، في ما بعد،على يد الفرنسيين، مع أفراد حامية البرلمان السوري في 29 أيار 1945 ليترك ابناً هو نفسه الحفيد الذي يروي الحكاية
هذا الثراء القصصي، وهذه الأزمنة المستقطعة من أيام الانتداب الفرنسي حيثكان المفوض السامي شارل دي مارتل يشرف على عطب الحياة الصاخبة لأياممخمورة، ماجنة.
دراسات من النص المسرحي :
سرحان: هناك قلة من الأقوياء تستطيع أن تنظر الى فساد العالم وتفحصه بعيون مفتوحة وجريئة
وهذا تأكيد بأن القطب الواحد هو الذي يرى كيف يقاوم الفساد. ولكن ونوس عاد الى عشرينيات القرن العشرين ممثلا السيطرة بالشكل الذي كونه الانتداب الفرنسي .
ولكن سناء والتي ترمز الى منطقة بلاد الشام في الدلالة والتجريد والتي تمثل في أعماقها القلق الشخصي والذي يمتد عبر الزمكان الى التجريد الجغرافي متمثلا في الهيمنة الفرنسية لهذه المنطقة من قبل الفرنسيين آن ذاك , ممتدا الى الزواج الغير أخلاقي لسناء من قبل عبد القادر طحاوي والذي يؤكد الحماية الجنسانية الاغتصابية حتى تتلاقى مع الانتداب الفرنسي واغتصاب الأرض الغير أخلاقي , هذا ما أكده من خلال فصل الفراش
سناء: دعني ..... ابتعد عني
عبد القادر: أنت لي ولن أبتعد الا فيك
سناء: انك تؤلمني
عبد القادر: وسأزيدك ألما إن لم أسمعك تتوسلين ..... **
فمن هذا المنطق استطاع ونوس تجاوز الحدود في طرح المألوف السياسي ليضعه تحت الهواجس الإنسانية والدخول في عملية تكوين حملة صياغات من شأنها تقديم حالة تنسجم مع الفهم السياسي الحالي بقراءة سياسية أخرى مضى عليها زمن, منطلقا من الصيغ والمفردات التي يمليها التعامل مع الواقع المعاش
الأراجوز: واتفرج ياسلام في بيروت حكايات أكثر من الشام نهر يجري حاملا الغرائب ومسالك الناس المبعثرة .
الصبية: كانت الناس تتمايل
الأرجوز: وكانت الأيام مخمورة
الشاب: أردت أن أجد الدمل وأعرف الحقيقة
الأرجوز: واتفرج يا سلام على الشاب الغر الذي يبحث عن إبرة في مزبلة .....
فقد أراد ونوس أن يقول إن البحث عن الحقيقة ليس من السهولة لأن الحقيقة تنضوي تحت فهم سياسي دقيق لمعرفة ما بعد السياسي والولوج الى الاقتصادي والاجتماعي مكرسا أن لا عمل فني إلا ويحمل مفهوما سياسيا مهما كانت طريقة الطرح والتوظيف أي لا فن بدون سياسة .
فالنص يكتسب أهمية غير طبيعة الفعل الدرامي المنبثق عنه, لذا من الطبيعي وجود حوار بين الآن وبين المادة الماضية التي يتأملها هذا الحوار . فالحوار هو بين وعي مرحلة تقدم بكل كثافتها وإشكالياتها ووقائعها في الزمن الذي تمت فيه وبين وعي الواقع الراهن الذي يحيا فيه الكاتب والقارئ معا .
هكذا حدد ونوس هدفه في هذا النص فعرض مرحلة بزخمها ووعيها لإقامة حوار عبر تحقيق هذا الهدف بين وعي مرحلتنا ووعي تلك المرحلة عبر الخط الدرامي المرسوم بدقة وقد بلغ فيه الكاتب ذروة الفعل الاجتماعي والتحريض ضد الفساد الذي يتمثل في إحكام السيطرة على المرأة والتي هي الأساس في هذا النص مصورا الواقع مأساويا قاتما فالحب يلاقي طريقه الى الفشل لأن السيطرة الاجتماعية والاقتصادية بكل تخلفها وإحكام قبضتها وسيادة المفهوم الرجعي هو القائد والسائد ويؤكد ذلك في الحوار بين بهجت الأخ الأكبر لسناء وعبد القادر زوجها .
بهجت: يا عيب الشوم أتتهرب من حماية شرفك وعرضك
عبد القادر: لولى المنبت السيئ لما انحرفت المرأة أو مس شرفي ما يشينه .
بهجت: أأنت تتحدث عن المنبت السيئ بالله في صدري كلام لو قلته لك لأخجلك ومنعك من التمادي
عبد القادر: وأنا أليس في صدري كلام؟ إن خطف النساء جزء من تقاليد المنبت الطيب .... دعنا نتحاشى التجريح...
إذا كانت هذه المسرحية مقسمة الى ستة وعشرون فصلا يقدم في كل فصل حالة من الحالات الدرامية ووضع فيها معادلا آخر للحدث الدرامي هو الأرجوز الذي يقوم بشرح الفصول الأخرى التي تعادل الحكاية الأساسية في النص فنلاحظ أن الأرجوز يشرح ما قدم في فصل التمدن والرقي ما قدم في فصل المفاخرة بين الطربوش والقبعة .
الأرجوز: واتفرج يا سلام على الأمة ذات الهمة, التي أرادت أن تستعجل النهضة , وأن تحقق التقدم في قفزة فأنفقت عقدا من الزمان في السجال بين الطربوش والقبعة . لأن الطربوش رمز التدين
الصبية: والقبعة رمز التمدين ...
الحياة أبدا
كتبت عام 1962 و عدلت عام 1997 و نشرت بعد وفاته
فكرة عن المسرحية :
"الحياة أبداً" نصّ مسرحي لسعد الله ونوس، جديد وقديم: جديد لأنه لم ينشر سابقاً، وقديم لأنه كتب في أيام شبابه. لم يكن فيه، ربّما، ما يُقْنع صاحبَه بنشره حين كتبه، وإن كان فيه، لاحقاً، ما يبرّر النشر ونسبه إلى أبوّة راضية. ذلك أن سعداً عاد إليه، في أيّامه الأخيرة، وتخلّص من تحفظ سابق، كأن يكتب في نهاية النص: "تم إضافة خلع السترة وتكرار ولادة الخير والشرّ يوم 1997/1/26. تأتي شرعية النشر من "إضافة" بدلت من منظور النص القديم ووضعت فيه منظور أمن مرحلة "اختبار الصواب" المتأخرة، التي جعلت سعداً ينقد "المسرح الأيديولوجي" ويرى إلى وقائع الحياة التي تفيض على الأيديولوجيات جميعاً. الحياة أبداً نصّ ناقص التحديد زمنياً، ففيه ما يشير إلى زمن الإضافة الأخيرة، دون أن يكون فيه ما يعيّن تاريخ كتابته الأولى، كما لو كان النص قد عاش في هواجس كتابته طويلاً. فقد كان سعد الله ونوس، الذي يعشق قراءة المذكرات ويكتب يوميات متفرقة، لا يُعْرض عن "الدقة" إلا لسبب أملاه نصّ مقلق يتحدث عن الموت والحياة، وعن موقع الإنسان في صراع ضروري لا نهاية لها.
ومع أن جدل الخير والشر، الذي يتأسس النص الجديد القديم عليه، قائم في أعمال ونوس كلها، فإنه بنية الحياة أبداً تردّه إلى طور الكتابة الأول، حيث كان سعد الشاب يتأمل الإنسان في قضاياه الوجودية، التي تتضمن العدل والوجود العاقل والحلم بتناغم إنساني لا شروخ فيه.
دراسات من النص المسرحي :
جسد ونّوس الخير في شخصية "الشيخ الأخضر السترة" والشر في شخصية "الشيخ البنيّ السترة". وجعلهما في مواجهة هادئة حيناً ومتوترة حيناً آخر. أما المكان فهو عبارة عن جزيرة استطاعت أن تنجو من الانفجار الهائل الذي قضى على الأرض, ويبدو من خلال الحوار أنّ الشخصية الشريرة كانت وراءه. وهنا يرمز ونّوس الى الخراب الذي قد تصنعه القنابل الذرية القادرة على افناء الحياة على الأرض. وإضافة الى هاتين الشخصيتين - الرمزين يختلق ونّوس شخصيّتين أخريين تمكنتا من النجاة: انهما الشاب والفتاة اللذان سيواصلان الحياة على الجزيرة على رغم الدمار الكبير. فالفتاة ستحمل من الشاب وتضع توأمين أحدهما يُلّف بالسترة الخضراء والآخر بالسترة البنية. والدلالة هنا واضحة تمام الوضوح, فالطفلان اللذان يرثان سترتي الشيخين سيكونان شبيهين لهما ويمثلان صراع الخير والشرّ كصراع أبديّ, فما أن يرتفع صراخ الطفلين حتى يغيب الشيخان.
تكمن "بداهة" المسرحية في كونها مرتبطة برؤية الصراع بين الخير والشر. الخير يحتاج الى نقيضه ليستمر والشرّ يحتاج الى نقيضه لكي يبقى. انهما يتفقان ويختلفان والواحد يمثل الوجه الخفيّ للآخر. لعلّها جدلية الخير والشر التي عرفتها الحضارات القديمة وما برحت تعرفها حضارتنا الحديثة وان تخطتها نحو رؤية أعمق وأعنف. لكنّ ونّوس لا ينتصر للخير ولا للشر, وهذا ما أبعد رؤيته عن الطابع التقليدي والأخلاقي الذي يتبناه القائلون بانتصار الخير.
أراد سعدالله ونّوس أن يكون المكان جزيرة ناجية من الدمار الذي يشبه الطوفان القديم. فالعالم هنا هو في بدايته بعدما شهد نهاية مأسوية. والجزيرة التي استقبلت الشاب والفتاة هي أشبه بالأرض العذراء المملوءة بالأشجار المثمرة. أما الشاب والفتاة فهما بلا ذاكرة تقريباً وحياتهما ستبدأ من الصفر وكأنهما لم يعيشا في السابق. انهما الانسانان الجديدان اللذان سينطلقان نحو حياة هي "الحياة أبداً" كما يفيد العنوان.
شخصيات المسرحية شخصيات - أفكار وليست حقيقية ولا من لحم ودم. شخصيات مجازية لا أفعال لها في المعنى الدرامي. والمسرحية هي مسرحية "فكرية" في المعنى الأليف أو البدهي للفكر. ولغتها لم تنج من الإنشائية والنزعة الضبابية التي أخذها ونّوس ربما عن حواريات جبران. عالم تجريدي لا واقعي حاول الكاتب أن يقول من خلاله فكرة أبدية الصراع بين هذين "القطبين" اللذين تعرفهما البشرية خير معرفة.
كان سعدالله ونّوس يدرك ان هذه المسرحية غير قابلة للإخراج والتمثيل, وأنها لا تخلو من بعض الهنات, وأنّها مسرحية غير مكتملة, فأمثولة النهاية يمكن استخلاصها من لحظات البداية. لكنه حافظ عليها - سراً ولم يتخلّص منها نهائياً. لقد تركها كي تنشر بعد رحيله كوصية "أوتوبية" و"مثالية" تكمن فيها بعض الإشارات التي ظـهرت لاحقاً في عالمه المسرحي, السياسيّ والفكريّ.
ما "الحياة أبداً" إلا الصراع الأبدي بين الخير والشر، وما "الموت أبداً" إلا انتصار أحد الطرفين على الآخر.
هيك بكون حكيت عن عدد منيح من مسرحيات سعدالله ونوس و كنت حابب احكي عن عدد اكبر و خصوصا عن مسرحية "مغامرة رأس المملوك جابر " و مسرحية "طقوس الاشارات و التحولات " ,,,
بس مارح مرقا من دون ما احكي عن اهم مسرحية بالمسرح السوري و المسرح العربي (هاد رأيي المتواضع طبعا ) ألا وهي .... منمنمات تاريخية.....
منمنمات تاريخية
كتبت عام 1993
رواية المسرحية :
المنمنة الأولى :
خصص سعد الله المنمنمة الاولى للشيخ التاذلي وعنونها كالتالي (الشيخ برهان الدين التاذلي او الهزيمة).
الجو العام هو جو هزيمة كارثية فقد سقطت حماة وحلب بيد المغول وتحولتا الى ركام ومقابر جماعية حتى قيل ان المغول شيدوا مئذنة من جماجم القتلى.
جيوش المغول في طريقها الى دمشق.نائب الغيبة, وهو اشبه بقائم مقام الخليفة, او السلطان فرج بن برقوق, يميل الى (تسليم المدينة بالامان) للمغول ويحاول الهرب فتتصدى له الجماهير وتمنعه من الرحيل بل و تهينه.
الشيخ التاذلي يدعو نائب قلعة دمشق الامير عز الدين الى المقاومة بالاعتماد على الذات حتى وصول السلطان فرج وعساكره المصرية وتبدأ عملية المقاومة فعلا.
رجال الدين من جماعة ابن مفلح يسايرون المقاومين مرغمين ويدفعون الشيخ التاذلي لحسم قضية الشيخ المعتزلي جمال الدين وينجحون في ذلك, إذ تحرق كتب هذا الاخير, ويوضع في الحبس ولكنه لا يكف عن المطالبة بحقه وواجبه في المشاركة في مقاومة الغزاة.
يحدث اول صدام بين الشيخ التاذلي وابن خلدون ليلة انسحاب السلطان فرج بعد هزيمة عساكره بمواجهة المغول وتبلغه باخبار حول مؤامرة ضد عرشه في مصر, حين يعلق ابن خلدون على كلام السلطان المستبد بعبارات خانعة وانتهازية فيوبخه التاذلي: اتسمي الخذلان فصاحة يا بن خلدون؟
في نهاية هذه المنمنمة يستشهد الشيخ المقاوم برهان الدين التاذلي حاملا سلاحه, ولكن عملية المقاومة والصمود في القلعة تستمر. ففي معركة واحدة قتل واسر اهل دمشق من المغول حوالي الالف غاز وغنموا الكثير من خيولهم. غير ان هذه المعركة لا تحجب حقيقة الهزيمة العسكرية القادمة بسبب موازين القوى وخذلان السلطان وتآمر التجار ورجال الدين ولكنها, ايضا, لا تحجب حقيقة انتصار الخط المقاوم الذي مثله الشيخ التاذلي والامير عز الدين قائد القلعة على خط الاستسلام في المدى التاريخي.
بعد استشهاد الشيخ التاذلي خلا الجو لتحالف رجال الدين والقضاة من جماعة ابن مفلح والتجار والاعيان الممثلين بشخصية دلامة فشرعوا في إثارة البلابل والتشويش على الخط المقاوم عن طريق إدعاء الحيرة وصعوبة معرفة الصواب في وضع معقد! إذ يبدأ دعاة الاستسلام هؤلاء ببلبلة الرأي العام, تمهيدا للتشكيك في شرعية وصواب المقاومة, وصولا الى ضرب الجناح المقاوم والانفراد برأس الامة والوطن ومن ثم تبضيعه في سوق المساومات الخيانية مع الغازي. وهذا ما كان يعرفه عبد الرحمن بن خلدون الذي طالت عشرته مع الحيث التاريخي حتى صار ذهنه معجونا به ومشبعا بتفاصيله وعبره البليغة او هذا ما يعتقده المرء على كل حال.ولكنه - ابن خلدون - يختار الميدان الآخر لا ميدان المقاومة, والطريف واللافت انه يعبر الى ذلك الميدان على جسر عبقريته فهو يحاول تبرير عدم دعوته الناس للمقاومة, وانحيازه بعد قليل الى تحالف التجار ورجال الدين والاوقاف, بنظريته الخاصة (علم العمران البشري). وهاهو يقول لتلميذه وتابعه المصري (شرف الدين): (الا تعلم يا شرف الدين ان صبغة الدين حالت, وان عصبية العرب زالت وان الجهاد لم يعد ممكنا؟). وحين يحاججه التلميذ بشدة وحماسة وعصبية اهل دمشق اثناء تشييع الشيخ الشهيد التاذلي واستعدادهم التام والصادق لقتال المغول, يقول ابن خلدون (هذه ليست عصبية يا شرف الدين.تشدق الاحداث وهياج العامة والدهماء ليست من العصبية في شيء.والناس هنا في دمشق اهل مدينة وحضارة بلغ فيهم الترف غايته, وسقطت عنهم العصبية بالجملة وثمة حوار طويل بين ابن خلدون وشرف الدين لا يخرج عن هذا المؤدى ويدخل في تلافيف قضية المثقف ومبدع الثقافة والعلم والموقف التاريخي. فحين يسأل التلميذ استاذه (اليس من مهمة العالم يا سيدي ان ينير للناس ضوءا او ان يهديهم الى سبيل يخرج بهم من الانحطاط؟! يجيب ابن خلدون بالنفي ويضيف (مهمة العالم ان يحلل الواقع كما هو, وان يكشف كيفيات الاحداث واسبابها العميقة).
شرف الدين: ماذا سيقول عنك التاريخ يا سيدي؟
ابن خلدون: (لن يذكر التاريخ إلا العلم الذي ابدعته, والكتاب الذي وضعته.اما هذه الاحداث والمواقف العابرة, فلن يذكرها او يهتم بها إلا موسوس مثلك)
تنتهي هنا
رواية المسرحية :
المنمنة الثانية :
ينشق التلميذ شرف الدين على استاذه ابن خلدون بعد عودة هذا الاخير من زيارة الغازي تيمورلنك وتقبيله يده وامتداحه وتقديم الهدايا له.وقد املى ابن خلدون تفاصيل زيارته تلك على تلميذه, وحين انتهى منها, حاول ان يبدأ بإملاء تفاصيل كتابي صف بلاد الغرب ومسالكه بطلب من تيمورلنك, رفض شرف الدين الكتابة وافترق عنه بعد ان قال له ما كان ينبغي ان يقال في مواضع كهذه. لقد رفض شرف الدين التورط او الوقوع في كمين الازدواجية واختار الانتماء الى قلعة دمشق التي صارت هوية المقاومة والحياة.
تنتهي هذه المنمنمة إذن بشروع ابن خلدون بتدوين كتابه: (في وصف بلاد المغرب)
المنمنة الثالثة :
وعنوانها (آزدار امير القلعة او المجزرة) (وآزدار هو ذاته الامير عز الدين قائد المقاومة في قلعة دمشق) ويوحي اسمه بانه من اصول كردية
يفلح القضاة والاعيان والتجار في شق ومن ثم تشتيت المقاومة داخل المدينة التي يدخلها الغزاة المغول ويعملون السيف في اهلها, ولكن المقاومة تستمر في القلعة. يرسل تيمورلنك مجموعة من اعيان دمشق وقضاتها الى القلعة في محاولة لإقناع المقاومين بإلقاء السلاح والاستسلام, فيجرد المقاومون اعضاء الوفد من ملابسهم ويهينونهم ويعيدونهم عراة الى تيمورلنك. يلجأ الغزاة الى الحل الاخير وهو استخدام اعيان دمشق ومن تبقى حيا من اهلها في نقب وحفر اسوار القلعة فيتم لهم ما ارادوا وتستباح المدينة وينتقم الغزاة من الجميع بمن فيهم تحالف التجار ورجال الدين والاعيان الذين خانوا قومهم وآزروا الغازي.
مصير الفيلسوف المعتزلي الحر الشيخ جمال الدين بن الشرائجي .فبعد ان يسلّم التحالف الاستسلامي المدينة الى الغزاة, وبعد ان تستشهد المقاومة ببطولة, يؤتى بالشيخ السجين جمال الدين الى مجلس تيمورلنك ليحسم امره ويحكم في قضيته, وبعد ان (يروي) البعض ممن حضر المجلس ومنهم الشيخ محيي الدين بن العز والعلامة القاضي ابن خلدون حكايته من وجهة نظر منحازة, حتى يغضب السلطان تيمورلنك والذي لا نعرف منذ متى تأسلم وهو الغارق بدماء المسلمين حتى حاجبيه, ويأمر بتنفيذ قضاء الله في هذا (الكافر), فيصلب الشيخ جمال الدين على يد الغزاة بعد ان حرمه (الآخرون) من شرف المساهمة في المقاومة و هاهو يحمل صليبه في نهاية المسرحية ويتقدم نحو مصيره المأساوي متسائلا:(عجبت من اتفاقهم في امري على ما بينهم من الحرب وسفك الدماء.).
دراسات من النص المسرحي :
- لم يقدم المبدع الراحل سعد الله ونوس في مسرحيته خطيرة الشأن (منمنمات تاريخية) مسرحا تاريخيا بالمعنى المألوف للمسرح التاريخي او للرواية التاريخية. وعلى الرغم من ذلك, فان المادة التي اشتغل عليها دراميا وسرديا, بقدر تعلق الامر بالجانب البنيوي, النثري بعنصر السرد, هي مادة تاريخية بحتة. إن الإنجاز او للدقة, الجانب الاهم من الإنجاز المسرحي التأليفي لسعد الله
- المقارنات التاريخية بين دمشق التاذلي آنذاك والراهن العربي العام
- ان صاحب المنمنمات نفسه طرح هذا السؤال (هل يخون العبقري؟)
- إن سعد الله كان يعبر عن وجهة نظر ابن خلدون السلبية معياريا (اخلاقياً, وبالتالي فإن مقدار الحقيقة او الصواب في المضمون الخلدوني مشكوك فيه تماما ان لم نقل إنه على الطرف النقيض للحقيقة المعيارية السائدة حتى يومنا هذا. وقد لا تحتمل المداعبة الواردة في الحوار (لا احد يهتم بالمواقف والاحداث إلا موسوس مثلك ومثل مؤلف هذه الرواية) شيئا اكثر من تعضيد هذا الاحتمال من خلال السخرية والهزء من واقع الحال الصراعي, ومن محاولات تصنيم وعملقة (العلامة) عبد الرحمن ابن خلدون, وتناسي او إهمال (القاضي المالكي) عبد الرحمن ابن خلدون, الذي حمل نسخة من القرآن وعلبة الحلاوة هدية للغازي تيمور, الذي بنى مئذنة من جماجم اهل حلب! فهل نحن إزاء ابن خلدون واحد ام اثنين, وهل يخون العبقري؟
- إن الاتفاق الذي اشار إليه سعد الله على لسان ابن الشرائجي, والذي ساد من دون تواطؤ مسبق بين اطراف العملية الصراعية, والتي لا يمكن اختصارها فقط بالمقاومين ــ الغزاة, ففي هذا الاختصار يكمن خطر تبسيط التاريخ وتحويله الى معادلات رياضية ميتة.هذا من ناحية, ومن اخرى, فهو اتفاق ضد العقل والتنوير الذي مثله ابن الشرائجي, و لا يمكن فصله واجتزاؤه من السياق التاريخي كحدث عابر, لانه لم يبدأ مع اجتياح الغزاة لدمشق بل سبق ذلك بزمن طويل ..
نقرأ في المنمنات:
" لم يفهم ابن خلدون شيئا، كان مشغولا بنفسه و طموحه، فلم تمسه معاناة الناس. لم يسمع بكاءنا و لم يفهم أحوالنا. كانت هذه المحنة بالنسبة له، ورطة عابرة سلم منها و تجاوزها...".
اي اخواتي و هيك بكون خلصت استعراض أهم مسرحيات سعدالله ونوس
و رح ارجع لخصلكون كل أعمالو مرة تانية
طبعات المسرحيات:
- "حكايا جوقة التماثيل"،
-وزارة الثقافة، دمشق، 1965. (ثم أضيفت إلى المجموعة مسرحيتي "فصد الدم" و"عندما يلعب الرجال"، إصدار "دار الآداب" في مجموعتين.)
(مأساة بائع الدبس الفقير، ومسرحيات أولى.)
(فصد الدم، ومسرحيات ثانية.) طبعة ثانية 1978- طبعة ثالثة 1980.
- "حفلة سمر من أجل 5 حزيران"،
مجلة مواقف، العدد الثالث، 1969،
منشورات المسرح الوطني الفلسطيني، 1969.
دار الآداب، (طبعة ثالثة، 1977 - طبعة رابعة، 1980.)
- "الفيل يا ملك الزمان" و"مغامرة رأس المملوك جابر"،
مجلة المعرفة السورية، العدد 86، 1969. والعدد 105، 1970،
منشورات وزارة الثقافة، دمشق 1971.
دار الآداب (طبعة ثانية 1977- طبعة ثالثة 1980- طبعة رابعة 1988.)
- "سهرة مع أبي خليل القباني"،
اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 1973.
دار الآداب (طبعة ثانية 1978- طبعة ثالثة 1981.)
- "يوم من زماننا"،
مجلة أدب ونقد، القاهرة، 1994.
صدرت مع "أحلام شقية" في كتاب واحد عن دار الآداب، بيروت، 1995.
- "منمنمات تاريخية"،
روايات الهلال، عدد مارس، القاهرة 1994
دار الآداب، بيروت 1996.
- "طقوس الإشارات والتحولات"،
دار الآداب، بيروت 1994.
- " أحلام شقية"، مع " يوم من زماننا"،
دار الآداب، بيروت 1995.
- "ملحمة السراب"
دار الآداب، بيروت 1996.
-"عن الذاكرة والموت"،
دار الأهالي، دمشق 1996
-" الأيام المخمورة"،
دار الأهالي، دمشق 1997
الكتب النظرية:
- "بيانات لمسرح عربي جديد"،
دار الفكر الجديد، بيروت، 1988.
- "هوامش ثقافية"،
دار الآداب، بيروت 1992.
العروض والترجمات:
- "حفلة سمر من أحل 5 حزيران":
عرضت المسرحية في السودان 1970، لبنان 1970، سورية 1971، العراق 1972، الجزائر.
ترجمت إلى الفرنسية في إطار عملين أكاديميين، أحدهما في السوربون والآخر في جامعة ليون. كما ترجمت إلى الإسيانية، وقد نشرت هذه الترجمة مع "بيانات لمسرح عربي جديد"، ودراسة وافية عن المسرح العربي وموقع ونوس فيه، في المجلة المسرحية الإسبانية، PRIMER ACTO، العدد 166.
- "الفيل يا ملك الزمان":
عرضت المسرحية في كل الدول العربية.
ترجمت إلى البولونية، حيث نشرت في مجلة (ديالوغ). كما ترجمت إلى الروسية والإنكليزية.
- "مغامرة رأس المملوك جابر":
عرضت المسرحية في العراق 1972، سورية 1984، مصر، الكويت، الإمارات، فرنسا، الجزائر، ألمانيا الديمقراطية(فايمار)، ولبنان. كما تحولت إلى عمل سينمائي، من إخراج محمد شاهين، وإنتاج المؤسسة العامة للسينما في سوريا 1974.
ترجمت إلى الألمانية وإلى الروسية.
- "سهرة مع أبي خليل القباني":
عرضت المسرحية في سوريا 1974، وفي الكويت عام 1982 من قبل فرقة المسرح القومي، وفي برلين.
ترجمت إلى الروسية.
- "الملك هو الملك":
عرضت في سورية 1977، تونس 1982، العراق، مصر، الإمارات ، البحرين.
ترجمت إلى الروسية، وصدرت مع بقية مسرحياته المترجمة إلى الروسية في مجلّد واحد عن دار "رادوفا".
كما نشرت بالروسية في مجلّد ضم مختارات من المسرح في آسيا وأفريقيا. ترجمت إلى الإنكليزية، وستصدر مع "الفيل يا ملك الزمان" في مجلد واحد.
ترجمت إلى الإنكليزية،
- "رحلة حنظلة":
عرضت المسرحية في سورية، الكويت، لبنان، مصر، المغرب.
- "الاغتصاب":
عرضت في دمشق، عمان، القاهرة، بيروت.
ترجمت إلى الألمانية، وصدرت مع دراسة طويلة عن دار نشر كلاوس Klaus، برلين، 1993، وقامت بترجمتهFriderike Pannewick . وترجمت إلى الإيطالية، وقامت بترجمتها المستشرقة مونيكا رفوكو.
- "منمنمات تاريخية":
قدمها المسرح القومي في القاهرة بإخراج عصام السيد.
ترجمت إلى الفرنسية، وستصدر عن دار نشر أكت سودActe sud .
- "طقوس الإشارات والتحولات":
ترجمت إلى الفرنسية وستصدر عن دار نشرأكت سود Acte sud.
والله فكرة حلوة ومشكورررررررررة
اللقاء الأخير مع سعد الله ونوس
نص اللقاء في البرنامج الوثائقي لعمر أميرلاي مع سعد الله ونوس.
وبداية الحديث عن إسرائيل ...
عمر أميرلاي :
سعد يبدو أن أي محاولة اليوم للحديث عن علاقة جيلنا بموضوع الصراع مع إسرائيل عمبيكون بالضرورة حديث عن عمر اللي ارتبط مصيره من البداية بمصير هذا الصراع، يعني من نكبة فلسطين عام 48 وصولاً لما يطلق عليه اليوم عملية السلام.
ما بخفيك أنو من لحظة ما فكرت فيك لتكون لسان حال وجداننا بهذا الصراع وأنا ما عمبيفارقني هذا الشعور الحزين والمتشائم أنو نحنا اليوم على أعتاب نهاية مرحلة من حياة جيلنا.
واللي اجت لتأكدها أكثر الحالة المؤسفة التي أنت فيها اليوم.
سعد الله ونوس :
سأكون صريحاً، أنا بمزاج جنائزي هذا اليوم، ليس بسبب المرض فقط وإنما بسبب أشياء كثيرة.
و سنبدأ حديثنا عن إسرائيل .
فإني أعتقد أن إحساسي الجنائزي سيتضاعف أكثر وأكثر. لأني وأنا على حافة هذه التخوم الرجراجة بين الحياة والموت ، أعتقد أن إسرائيل - وإني أقولها بالمعنى الحرفي لا بالمعنى المجازي - أن إسرائيل سرقت السنوات الجميلة من عمري وأنها أفسدت على إنسانٍ عاش خمسين عاماً مثلاً الكثير من الفرح وأهدرت الكثير من الإمكانيات.
وإني أعتبر نفسي محظوظاً لأن الآلاف سواي لم يتح لهم حتى أن يتجاوزوا العشرين أو الخامسة و العشرين وسرقت أعمارهم وإمكانياتهم و حيواتهم في العدوانات المتكررة والمستمرة التي بدأت منذ بدأت هذه الفكرة الحمقاء والمناهضة لأبسط قواعد العدالة التاريخية، فكرة إقامة دولة إسرائيل في خاصرة الوطن العربي.
نكــــبـــة 1948 :
لقد قرر الغرب أن يتخلص من بضعة مشاكل وبضعة ذنوب وأن يخفف ما يعانيه في ضميره من شعور بالذنب والمسؤولية فوجد حلاً سهلاً، أن يهيأ أرضاً لهؤلاء الذين ظلمهم هو بالذات والذين ذبحهم وشردهم وعذبهم .. أن يهيأ لهم أرضاً خارجاً على حساب شعب آخر يطردونه من أرضه ويقيمون هذه الدولة التي هي إسرائيل.
وهناك قلة تعرف النقاشات والانقسامات التي تعرض لها اليهود في العشرينات والثلاثينات من هذا القرن حول غاية العودة فلقد كان هناك يهود شرفاء كانوا ضد إقامة الدولة. وكان مجيئهم إلى فلسطين هو نوع من التدين لا يعني على الإطلاق أي مشروع سياسي أو هذا. وحينما عرفوا أن الأمر هو غير ذلك فلقد تركوا فلسطين.
منهم من عاد لأمريكا وبعضهم عاد إلى أوروبا.
و لكن تلك الآلاف التي كانت تأتي بكثير من الحماس إلى فلسطين لتقيم مشروعها.
فأنا أظن أنها كانت مغسولة الدماغ تماماً، صدقت فعلاً أنها تأتي إلى أرض ظلت خالية ونقية من البشر استعداداً لاستقبالهم كي يصلوا ما انقطع و يوالوا تاريخاً مر عليه أكثر من ألفي سنة.
لا بد أن يكونوا عصابيين كي يعتقدوا فعلاً أنهم إذ يقتلون الفلسطينيين ويقيمون المجازر في فلسطين إنما ينتقمون من الألمان أو من الأوروبيين الذين عذبوهم وقتلوهم في "أوشفيتز" وسواها من معتقلات التعذيب.
وكان مستغرباً أن يكون في قرية نائية أو مهملة كالقرية التي ولدت وترعرعت فيها وهي قرية "حصين بحر",
أن يحكى في تلك الفترة عن شابين تطوعا مع جيش الإنقاذ وأنهما ذهبا إلى فلسطين لكي يحرراها من الأعداء الصهاينة الذين جاءوا كي يحتلوها ويطردوا أهلها ويشردوا أهلها الفلسطينيين.
ومنذ انزلقت هذه الكلمة [يقصد فلسطين] مع الترقب المغمس بالرهبة والخوف حول مصير هذين الشخصين ومن ورائهما مصير القضية التي ذهبا يقاتلان من أجلها. بدأ ينمو اهتمام لنقل طفولي - اهتمام أولي - بهذه القضية وبتطوراتها وتحولاتها في حياتنا العامة. كنا نكبر وكانت تكبر هموم هذه القضية معنا وكنا نحمل هذه الهموم على كواهلنا النحيلة والمتعبة.
كنا بلاد فقيرة .
كان علينا أن نفكر بمسألة الطعام
كان علينا أن نفكر بمسألة الصحة
كان علينا أن نفكر بمسألة التعليم
و كنا مع كل هذا، نحمل إلى جانب كل هذه الهموم هذا الهم الذي اعتبرناه هو الأكبر وهو الأهم وهو ضياع فلسطين.
نكــســة حزيران 1967 :
سأوافقك على أن هزيمة عام 1967 هي لحظتنا الحاسمة في تاريخنا العام وفي تاريخنا الشخصي.
لنكن صريحين حين قامت الأزمة كنا إلى حدٍّ ما سعداء،
و كان قد استقر في أذهاننا عبر سنوات الخضخضة والكذب والتدجيل أن هزيمة 1948 إنما كانت نتيجة الخيانة والأسلحة الفاسدة وأنها لم تكن أبداً بسبب ضعف القدرة القتالية عند الجندي العربي أو بسبب تفوق الجندي الإسرائيلي .
وأكثر من ذلك لقد زرعوا في أذهاننا أن الجندي الإسرائيلي جبان وأنه لا يستطيع أن يواجه وأن مسألة هزيمة إسرائيل هي مسألة ممكنة في أي لحظة.
لم أكن متفائلاً عام 1967. لكني لم أتصور أن القوات العربية في مصر بالذات وكذلك في سوريا هي من الضعف والتفكك إلى الحد الذي بدت فيه خلال الأيام الستة التي جاءت فيها حرب 1967.
فباسم إسرائيل حكمتنا هذه الأنظمة العربية لأنها ستحمي الوطن ولأنها المؤهلة للقتال وهي لم تفعل شيئاً إلا مراكمة الهزائم.
كانت الصدمة حادة وعنيفة إذ أحس الجميع أنهم مطعونون بكبريائهم، أنهم مهانون حتى العظم.
وعندما تأكدت لنا الهزيمة بإعلان استقالة عبد الناصر. أحسست أني سأموت تلك اللحظة، أحسست أني أختنق .. بكيت وبكيت.
وكان لدي شعور بأن تلك هي النهاية، نهاية ماذا لا أدري.
ولكن أحسست أن عمراً قد انتهى أن تاريخاً قد توقف، أن كل مشاغلي وما يربطني بالحياة وما يمثل وجودي قد انطوى في غيابة ماضٍ ينبغي أن أدفنه وأن أكفنه لكي أستطيع الاستمرار إلى الغد. ولكن ماذا كان يحمل لي هذا الغد لا أدري.
حرب 1973 :
لقد كشفت حرب 1973 أن إسرائيل ليست حصناً منيعاً لا يمكن مسه. وليست تلك الدولة غير القابلة لأن تجرح وتهزم وتخسر معارك. ولذلك صفقنا كثيراً عندما قامت حرب 1973. إن مجرد شعورنا بأن جنودنا يستطيعون أن يقاتلوا أعاد لنا شيئاً من الثقة المضعضعة بل والمعدومة بالذات.
أنا شخصياً أعتقد أن حرب 1973 على أهميتها في تاريخنا الحديث قد أجهضت ذلك الفوران المبشر والغني الذي عرفناه بعد هزيمة 1967. وأعتقد أنه كان في ذهن بعض المخططين لهذه الحرب أن تكون مجرد عملية سياسية تعيد للمواطن العربي بعض الثقة بنفسه وتطلق أيدي الزعماء العرب لمباشرة السياسات التي كانوا يتهيئون لاتخاذها واختيارها.
اللقاء الأخير مع سعد الله ونوس
نص اللقاء في البرنامج الوثائقي لعمر أميرلاي مع سعد الله ونوس.
زيارة السادات لإسرائيل :
حين زار السادات إسرائيل لم أعرف كيف أصف شعوري.
كان فيه شيء من الذهول رغم أني أستطيع أن أقول أن هذه الزيارة لم تفاجئني.
في يومٍ كانت الشمس فيه متألقة جداً.
ورغم أني كنت محبوساً في هذه الغرفة بالذات وراء مكتبي وقد أغلقت كل النوافذ الخارجية والداخلية، فقد كنت أحس أن الشمس تنفذ من شقوق النوافذ وتدخل إلى الصالون وكأنها عدوان خارجي على سكينتي الداخلية. جلست وكتبت:
أنا الجنازة والمشيعون معاً.
كان ذلك أعتقد آخر نص تلته فترة طويلة من الصمت.
بعد أن أنهيت كتابة ذلك النص، قلت لنفسي أني متعب وينبغي أن أذهب وأستريح بضعة أسابيع في مكان ما ليكن حلب أو لتكن اللاذقية.
ولكني كنت شديد التوتر وكنت أعلم أني لن أستطيع أن أسيطر على نفسي وكان الوقت عند الغروب تقريباً.
ناولت حبة المنوم وحاولت أن أخرج من حالتي بالنوم.
بعد ساعتين أو أقل استيقظت أشد توتراً وضيقاً. وكانت الظلمة شاملة أمامي.
في تلك الليلة أقدمت على محاولة الانتحار الجدية
بعد الصمت مسرحية الاغتصاب وفعل الانتفاضة :
في فترة الصمت الطويلة المغمسة بالاكتئاب أمضيت معظم الوقت في القراءة والتأمل، وكان علي باستمرار أن أواجه أسئلة هذا التاريخ الموجعة. ولهذا لم يكن غريباً أن أكسر صمتي بكتابة مسرحية أتناول فيها القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي.
وبالفعل في عام 1989, ولعل الانتفاضة الفلسطينية داخل الأراضي المحتلة كانت واحدة من حوافزي لكسر طوق الصمت الذي كنت غارقاً فيه.
في تلك السنة بدأت أخطط لكتابة مسرحية "الاغتصاب" وبدأت كتابتها فعلاً. وكانت المسرحية تحاول تحليل بنية النخبة الحاكمة في إسرائيل.
أكثر ما أثار الجدل هو الحوار الذي ختمت به المسرحية.
فلقد اقترحت في الخاتمة حواراً محتملاً بيني وبين الدكتور الطبيب النفسي، الدكتور منوحيم، الذي كان يردد طوال المسرحية مقتطفات من سفر ارميا مستنزلاً اللعنات على السياسة العدوانية اللاإنسانية التي تمارسها النخبة الحاكمة في إسرائيل والتي لا تؤدي فقط إلى الإجهاز على الفلسطيني بعدوانية سادية غير مشروعة وغير إنسانية وإنما تؤدي إلى تدمير الإنسان اليهودي أيضاً.
إن مجرد أن أقدم في المسرحية شخصية يهودية إيجابية تحتج على كل ما يحدث وعلى ممارسات "الشين بيت" إزاء الفلسطينيين وعمليات التعذيب التي يقومون بها. مجرد أن أقدم شخصية من هذا النوع
إنما يحمل في طياته تعاطفاً مع إسرائيل [ساخراً ] ويمهد الجو أيضاً إلى الصلح وإلى أن ينتهي هذا الشعور بالتأثم وإلى أن ينتهي هذا الشعور بأن إسرائيل "حرم" ينبغي أن يصل واحداً متجانساً عدواً إما أن نبيده أو أن يبدنا وهذا ما سميته:
الاستقرار في الكراهية الساكنة التي لا تكلف شيئاً.
إن البلاد العربية بهذه البُنى المتخلفة التي لم تُحدث بعد وبهذه الأنظمة التي تقمع مبادرات الناس وتجعل من شعوبها كماً بشرياً مهملاً بدلاً من أن تتيح له التفتح والازدهار والمبادرة فإنها تجعله هذا الكم المهمش والمهمل والذي لا يجد ما يفعله إلا أن يطأطئ رأسه ويقول نعم.
إذاً لا بد من أن تكون لدينا النزاهة لكي ننظر في المرآة و لكي نرى الصورة من جانبيها وأن الأوضاع العربية بما فيها من فساد وتخلف وسلطات غير شرعية هي غير مؤهلة وغير قادرة على حل هذه المشكلة إضافة إلى أنها لا تستطيع أن تواجه هذه المشكلة على المستوى التاريخي والسياسي الذي يجدر بنا مواجهة القضية عليه.
حرب الخليج (1991) ومؤتمر مدريد :
يبدو أن عمرنا يجب أن يكون سلسلة متواصلة من الضربات. ولقد كانت الضربة الأخيرة موجعة بصورة [يضحك بمأساوية] أشك معها بأنها كانت السبب المباشر لإصابتي بمرض السرطان.
تلك الضربة هي حرب الخليج التي أجهزت على بقية الآمال الموجودة لدى العرب.
وكما قلت ليس من قبيل الصدفة أن يبدأ الشعور بالإصابة بالمرض أثناء الحرب مباشرة وأثناء القصف الجوي الوحشي الذي كانت تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية ضد العراق.
ولذلك أنا أعتبر أن الإسراع إلى مدريد بعد هزيمة العراق وبعد هزيمة الخليج أو بعد حرب الخليج وبعد التفسخ العربي الذي أدت إليه هذه الحرب كان بمثابة الذهاب إلى الاستسلام.
وفي تقديري أن هذا المؤتمر لم يكن بأي حال من الأحوال ولا يمكن أن يكون بداية لسلام حقيقي كالذي تحدثنا عنه منذ قليل.
والاتفاقيات التي تمخض عنها حتى الآن وما يمكن أن يتمخض عنه فيما بعد إن هي في رأيي إلا فصل من فصول هذه الحرب الدائرة والتي يمكن أن تطول بيننا و بين إسرائيل.
هذه الحرب التي أعود وأكرر قائلاً أنها لن تنتهي إلا إذا تم تغير جوهري وجذري في البنى الاجتماعية و السياسية في إسرائيل من جهة وفي البلاد العربية من جهة أخرى.
وبما أننا الآن جميعاً على أرضية متفاوتة وإنما أرضية واحدة من اليأس. فإني أعتقد أن التاريخ قد يجبر وتحت وطأة هذا اليأس على التفكير جدياً بأن نغير نمط تفكيرنا وأن نحاول تبين هذه الضرورة التاريخية بالتغير والتجدد ولتقدم.
إن إسرائيل غدت حقيقة تاريخية قائمة في المنطقة وينبغي التعامل معها لا على أنها كيان مزعوم ولا على أنها مجرد دخيل محمي من الخارج إذا رفعت عنه الحماية يضمحل تلقائياً.
ولكن قراءة متأنية للتاريخ تجعلني أؤكد أن هذه الدولة بما هي عليه الآن لا تملك المقومات الفعلية للاستمرار في هذه المنطقة وأنها مشروع خاسر.
إنها تتحول لإمكانية حياة بالضبط عندما تندمج في هذه المنطقة كجزء منها وليس كمخفر مهمته أن يدمر هذه المنطقة وأن يجعلها ممرغة باستمرار في الهزيمة والتخلف والتفتت.
عمر أميرلاي:
يظهر سعد رح نموت يوماً ما وفينا هالعلة اللي اسمها إسرائيل.
سعد الله ونوس:
على الأقل بالنسبة لي شخصياً من المؤكد أن هذا سيحدث.
أنا ضد تسويق التفاؤل الكاذب.
وإني أعتقد أيضاً أن جيلنا كله سيمضي لمثواه الأخير وفي رأسه تلوح هذه الخفقة السوداء الشبيهة بعلامة هي بالضبط علامة العمر الذي عاشه.
علامة الخيبة التي تذوق مرارتها، علامة عمره.
لأن إسرائيل ستكون باقية حين يذهب جيلنا إلى نهايته.
أوه يا عمر هناك أشياء كثيرة كان يمكن أن نتحدث عنها هالمرة.
أسس لمهرجان مسرحي في دمشق وأسس وترأس تحرير مجلة مسرحية مختصة هي ( الحياة المسرحية ) ، وساهم في إنشاء معهد لتدريس المسرح في سوريا .
كرم سعد الله ونوس في محافل عديدة أهمها مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي في دورته الأولى ومهرجان قرطاج بـ تونس عام 1989 وحصل على جائزة سلطان العويس الثقافية عن حقل المسرح في دورتها الأولى...
التزم الخط الماركسي و ظهر هذا جليا في مسرحياته التي كتبها قبل مرضه .......:gem:
قال الروائي حيدر حيدر ابن (حصين البحر ) في ذكرى رحيل هذا المبدع الكبير:
كيف تتركنا وترحل ، هذا ليس عدلا ، لقد أمطرت السماء والجو مشمس وجمر فوق خيمتك المتوجة بالورد ، سقتك السماء دمعتها الأخيرة مواساة وتكريما للطفل الوفي الذي انفصل كنيزك لينام في حضن الأرض ، ما أعصى الكلمات التي لا تستجيب الآن كما ينبغي ،ليس امتيازا لي أن أبقى الشاهد الحي في هذه الغياهب المعتمة أن أتفكك وأتآكل عاريا بلا سلاح ،
سلام عليك يا صديقي يوم ولدت ويوم كتبت أول الكلمات ويوم رحلت شاهدا على عصرك ،أديبا نادرا ورائدا في قافلة الوعي التاريخي والتغيير من أجل الأجمل والأكثر عدالة في زماننا المضطرب المكسور .
من سعدالله ونوس إلى الأجيال القادمة :
إلى ابنتي ديمة..
إلى جيلها، والأجيال التي تليها.
ليس في نيّتي أن أقدم لكم أية وصية. أولاً، لأني لا أملك هذه الوصية. وثانياً، لأن أية وصية، لا تبلورها التجربة والمعاناة، هي نوع من اللغو والإنشاء.
كثيراً ما حلمنا أننا سنترك لكم زمناً جميلاً، ووطناً مزدهراً. ولكن علينا أن نعترف ودون حياء، أننا هُزمنا وأننا لم نترك، إلّا زمناً خراباً وبلاداً متداعية.
ويجب أن يكون واضحاً، أو هذا ما أعتقده على الأقل، أن هزيمتنا لا تعني، أن الأفكار التي كنا نتبنّاها وندافع عنها، كانت خاطئة. لا.. لم تكن أفكار الحرية والديمقراطية والعقلانية والوحدة العربية والعدالة الاجتماعية، أفكاراً خاطئة. لكن جيلنا لم يعرف كيف ينتصر بأفكاره ولأفكاره.
لا المغفرة مهمّة، ولا الإدانة أيضاً. لكن ما يعمّق الأسى في الروح، هو أننا نترك العمل غير منقوص، وندفعكم قبل الأوان، كي تبدأوا العمل في تاريخ وأرض، لا يقدّمان إلّا الإحباط والمصاعب.
أودّ أن تكون هذه النبرة الكئيبة، مجرد تهويمة مرض، وأود أن تكون الطاقات المخزونة في أعماقكم أقوى من هزيمتنا ورؤانا. ومن يدري!فقد تجدون الجملة السحرية، التي يغدو بها، الزمن جميلاً والبلاد مزدهرة.
سعد الله ونوس
TheLight
14/10/2006, 00:32
فادي....
بصراحة هاد الاسبوع الاقوى لحد هلق.....مو بس لانو غني كتير.... كمان لانو عم يحكي عن مسرحي عظيم وبصراحة انا قبل اليوم ما كنت بعرف كتير عن اعمال سعد الله ونوس... يعني يا دوب كنت قاري مسرحيتين وماكنت متخيل انو بقية المسرحيات ممكن يكون مضمونهم رائع بهالشكل وخاصة مسرحية "حفلة سمر من أجل خمسة حزيران "يللي صار عندي رغبة كتير كبيرة اني اقراها......
بشكر ع هالعطاء الكبير وبشكر كمان مرة ميمو يللي عطتنا هالفكرة الرائعة واكيد سرسورة باسبوعها عن امين معلوف واكيد بشكر حالي ع موضوع غابرييل غارسيا ماركيز....:gem:
بكل تواضع....ومحبة
فادي....
بصراحة هاد الاسبوع الاقوى لحد هلق.....مو بس لانو غني كتير.... كمان لانو عم يحكي عن مسرحي عظيم وبصراحة انا قبل اليوم ما كنت بعرف كتير عن اعمال سعد الله ونوس... يعني يا دوب كنت قاري مسرحيتين وماكنت متخيل انو بقية المسرحيات ممكن يكون مضمونهم رائع بهالشكل وخاصة مسرحية "حفلة سمر من أجل خمسة حزيران "يللي صار عندي رغبة كتير كبيرة اني اقراها......
بشكر ع هالعطاء الكبير وبشكر كمان مرة ميمو يللي عطتنا هالفكرة الرائعة واكيد سرسورة باسبوعها عن امين معلوف واكيد بشكر حالي ع موضوع غابرييل غارسيا ماركيز....:gem:
بكل تواضع....ومحبة
يعني مابعرف شو بدي قلك :clap: خجلتني و بنفس الوقت مبسوط انك تعرفت أكتر على سعدالله ونوس من خلال هالكتابات متل ماتعرفنا أكتر على كزانتزاكيس و ماركيز و أمين معلوف
بشكرك كتير حسان:D و بشكر ميمو و سارة و كل اللي رح يجو بعدي و يغنونا بكتاب جداد
طيب أخواتي ,,,, أنا خلصت هالاسبوع اللي استمتعت في كتير لأني كنت عم عيد قراءة شغلات رائعة بالفعل ....
حاولت كون حيادي قدر المستطاع و ما اعطي رأيي بأعمال سعد الله ونوس و حرصت أنو أنقل أعمالو متل ماهيي ,,,,,
المهم بتمنى تكونو استمتعتو و استفدتو و اتعرفتو على كاتب استثنائي اسمو سعدالله ونوس و بتمنى تقرولو مسرحياتو العجيبة لأنها بتستحق القراءة أكتر من مرة ,,,,
و رح اترككن بكرا مع هاني و كاتب جديد و اسبوع جديد ,,,,,,,
بس قبل ماروح اسمحولي اهدي هالكلمات لسعدالله ونوس اللي عرفتو عن قرب و أعجبت بسعدالله الانسان متل ما أعجبت بسعدالله المبدع و المفكر :
الشعر لأحمد فؤاد نجم و غناها طبعا الشيخ إمام بس طبعا مارح حط الغنية هون ;-)
الخط دا خطي
والكلمة دي
ليا
غطى الورق غطي
بالدمع يا عنية
شط الزتون شطي
والارض عربية
نسايمها انفاسي
وترابها من ناسي
وان رحت انا ناسي
ما تنسانيش هى
والخط دا خطي
والكلمة دى ليا
لاكتب على عينى
يحرم عليكى النوم
واحبس ضيا عينى
بدموعى طول اليوم
قبل الوفا بديني
زي الصلا والصوم
والدين فى عرف الحر
هم ومذلة ومر
وشجون تصون وتجر
احزان مخبية
والخط دى خطي
والكلمة دى ليا
لاكتب على كفي
والحبر من دمي
ياهمتي كفي
يا عزوتى ضمي
اول ما ح نوفي
بالوعد
ح نسمي
باسم اللى ماتوا صغار
فى المدرسه والدار
والمصنع اللي انهار
فوق الصنا يعية
والخط دا خطي
والكلمة دى ليا
اخوية نت
بدعم من : في بولتـين الحقوق محفوظة ©2000 - 2015, جيلسوفت إنتربـرايس المحدودة