-
دخول

عرض كامل الموضوع : أسبوع وكاتب ...


صفحات : 1 [2] 3 4 5 6 7 8 9 10 11

لاوديسا
25/09/2006, 14:12
عن جد عن جد من قلبي شكرا كتير ويعطيكن العافية
واسفة اذا قطعت الموضوع بالرد

butterfly
25/09/2006, 14:31
عن جد عن جد من قلبي شكرا كتير ويعطيكن العافية
واسفة اذا قطعت الموضوع بالرد
بتعرفي .. انو هيك منطمن أنو حدا عم يقرا
:D

وبستغل الفرصة مشان قلو لحسان .. أكتر من رائع لحد الآن والمقالة رهيبة ... فيك تنزل منا نسخة بحصاد المواقع ... مشان رواد المنبرو السياسة يشوفوا

:D

Reemi
25/09/2006, 14:40
بتعرفي .. انو هيك منطمن أنو حدا عم يقرا
:D



اها يعني فينا ..نرد.... :?
والله انا بدي سجل متابعه ((من اول ما عملتوه وانا متابعه:yahoo: )وقلكن شكرا.... (وشو مشان وعدتنيني ادوريلي ع"الحب في زمن الكوليرا"بدي ارجع اقراها اشتقتلها".:cry: ...)...!

شكرا:D

TheLight
25/09/2006, 15:51
هاي كلكون
بتعرفي .. انو هيك منطمن أنو حدا عم يقرا والله طمنتوني انا كمان انو في حدا عم يقرا
بالنسبة للموضوع لسه ما خلص بس عم اشتغل عليه....اون شاء الله يكون عجبكون
وبستغل الفرصة مشان قلو لحسان .. أكتر من رائع لحد الآن والمقالة رهيبة :shock: :shock: مرسيل....مين هاد حسان؟؟؟؟؟؟
شو نسيتي اسمي ع السريع؟؟؟؟؟ولا محششة؟؟؟؟
وشو مشان وعدتنيني ادوريلي ع"الحب في زمن الكوليرا"انا ما لقيتها بس راح ضل دور عليها

TheLight
25/09/2006, 23:04
خريف البطريرك


"خريف البطريرك" موسوعة تعج بأغاني الساحل الكولومبي وألحانه، حيواناته وأعشابه، طرائفه ومآسيه، قصص حب وهمية وحقائق دموية، سحر وتعاويذ، مآدب من لحم بشري مبّل، وبحر يباع قطعاً مرقّمة. رواية مفزعة يتجاوز بها غابرييل غارسيا ماركيز حدود أمريكا اللاتينية، ودكتاتور كلّي الوجود يعلن حالة حرب على كل منافسيه، من الأطفال إلى الكرسي البابوي في روما... حيث يقول في ذروة خريفه، عاش أنا... يموت ضحاياه: أطفال ومعارضون، رجال دين ومتمرّدون، هنود وهندوسيون، عرب ومضطهدون آخرون. عاش أنا، يقول. غير انه في النهاية يجد نفسه وجهاً لوجه مع الموت في صفحات رائعة يكثف فيها ماركيز الوجه الآخر للحياة، الحياة التي لم يكن البطريرك يراها إلا من القفا، قبل أن ينتهي زمن الأبديّة الهائل، وقبل أن تدق أجراس الحبور وتعلو معزوفات التحرّر، ومنذ طفولة البطريرك إلى توليه السلطة أو، بالعكس، منذ توليه السلطة إلى طفولته الأولى التي نتعرف عليها مندغمة ومتزامنة مع طفولته الثانية، حسب تسلسل الأحداث وتداخلها في الرواية، يوجد زمن مغلق هو الحيّز الذي تدور فيه أحداث رائعة ماركيز هذه. حركة دائرية مغلقة ونشيد مذهل ضد الدكتاتورية، بأسلوب يجمع بين الشعر والموسيقى والسيناريو السينمائي.

تعود بداية الأحداث في الرواية إلى الطفولة الأولى للبطريرك ـ وهو الأسم الوحيد الذي يشار إليه في الرواية ـ اثناء فترة العهد الأخير لنظام النيابة الملكية لأسرة ( غودوس ) ، وتندلع بعد حروب الاستقلال حرب أهلية بين الليبراليين من جهة والمحافظين من جهة أخرى لمدة زمنية تتراوح تقريباً احدى عشرة سنة ينتزع من خلالها السلطة ما يقارب أربعة عشر جنرالاً الواحد تلو الآخر ويكون في آخر هذه السلسلة من الجنرالات جنرال مستبد بصورة تفوق المعقول ويمتلك نزعة قوية إلى حد ما ، تجرأ مرة على ان يرفض شروط ومطالب الأنكليز ، لكنه في نهاية الأمر يقدم على الأنتحار مع كافة أفراد أسرته على أثر حركة مسلحة كان قام بها ضد البطريرك بايعاز وتوجيه من الأنكليز أنفسهم وهكذا تمت العملية إلى ان تم ـ بواسطة الأنكليز و القوات المسلحة ـ تعين وتنصيب البطريرك وهو الشخصية الأمية والدموية والمستبدة والمنعدمة الضمير قائداً ورئيساً لهذه الجمهورية .
حين وصل كان الوضع الاقتصادي ، السياسي ، والحياتي العام يسير من سئ إلى اسوأ تعرض إلى بعض المتاعب ومع هذا تم تخليصه وإنقاذه بفضل جهود ومساعدة الأمريكيين الشماليين شريطة منحهم الحق الدائم في مسألة استثمار الثروات الكثيرة والمدفونة ولذلك نرى ان البطريرك قد بقي على سدة الحكم و سيطول بقائه بفضل تمتعه بحاسة شم تسمح له بان يحس الخطر في الوقت المناسب والمكان المفترض ولذلك نرى ـ أيضاً ـ ان ردة فعله تاتي بقسوة غير منتظرة وحجته و دليله لهذه المسألة هو منطقه الذي لا يقبل الجدل في الدفاع عن سلطته و حكمه و حياته وصولاً إلى حاشيته..ثم تتكرر المناورة / المحاولة بشكل دوري كلما خرج منتصراً من الكمائن المنصوبة و محاولات الأغتيال العديدة التي تعرض لها من كل حدب و صوب و حين يحاول بطريقته المخاتلة و المخادعة أن يذيع بياناً يتحدث فيه عن نواياه الطيبة القادمة او يعلن تصريحاً ما يمنح فيه العفو حتى تنطلق من جديد أساليب القمع بصورة أكثر وحشية مما كانت عليه سابقاً و هناك مثالاً من ضمن الأحداث التي تجري في الرواية ، تلك المتمثلة بعملية اليانصيب التي تحاك بهدف ازاحته و إسقاطه .. فلكي يبقى رقم البطريرك فائزاً / رابحاً على الدوام كان يعمل عند كل سحب للبطاقات احتجاز طفلين و يلقى بهما في غياهب سجونه وبمثل هذه الطريقة أختفى ما يقارب الألف طفل وهنا يبدأ الأهالي بالاحتجاج مطالبين الرأي العام بتفسيرات لما يحدث وباطلاق سراح هؤلاء الصغار وعندما يعلم البطريرك بما يجري يعمد إلى تفجير المركب الذي حشر فيه هذا العدد المأهول من الأطفال و هو في عرض البحر و على أثر هذه القضية يكتشف فجأة أن شخصية ( رودريغو دو اغيلار ) هذا الشخص الذي منحه و وضع فيه ثقته هو العقل المدبر الأول لكل هذه المؤامرة المحاكة ضده فيقدم

إلى وضعه في الفرن لشيه و تقديمه لاحقاً على طبق من الفضة إلى كل الجنرالات المشتركين و المتورطين الذي يجدون أنفسهم مضطرين لأكله خلال أحدى حفلات العشاء السرية الضخمة التي كان يقيمها البطريرك بين فترة و أخرى .
ثمة آلية غريبة تحصل داخل الرواية تميز عهد هذا البطريرك تتمثل بعملية تقسيم و توزيع الثروات بوصفها كما يعتقد ملكية خاصة لهم ـ أعني الحاشية و من معهم خصوصاً أمه (بندئيون الفارادو) التي أعطاها بمرسوم ملكي صفة قديسة الوطن ـ على الرغم أنهم في لحظة من اللحظات الكثيرة كانوا يتمنون التخلص منه بشتى الطرق التي قد تتاح لهم بسبب عناده و تخلفه الذي يهدد ـ كما يتصورون ـ استقرار الحكومة الذي قد يجعل حدوث انفجار ما ممكناً نتيجة حالة الاستياء العامة التي يشعر بها المدنيين و العسكريين على حد سواء أو لنقل بصورة متفاوتة ، و بعد مرور أكثر من قرن من الحرائق و القتل و التنكيل و التسلط يستنفد الوطن كل ثرواته و قواه و لم يبق سوى البحر الذي يجد البطريرك نفسه مضطراً للتنازل عنه للامريكيين الشماليين الذي يهددونه دائماً بعملية انزال جديد ( للمارينز ) و حين يموت البطريرك في نهاية الامر هرماً و وحيداً يبقى الخوف من رؤيته منبعثاً من جديد مصدر قلق و توتر ، ـ من جهة عودته مجدداً و عدم تصديق رحيله من جهة مقابلة ـ ، و حين يصدر الاعلان التالي : ( نعلن للملأ الخبر السار بان زمن الأبدية قد بلغ نهايته ) حتى يتفجر الفرح .
مما تقدم من الحديث نستطيع أن نقول مرة أخرى بأن شخصية الدكتاتور في رواية خريف البطريرك هو النتاج الحتمي / البديهي للجهل و العنف و القسوة التي يمكن أن يبلغها رجل معتوه عندما تضعه الظروف على رأس السلطة و الواقع أن البطريرك هو ضحية أخرى يمكن أن تضاف إلى الضحايا التي يحكم عليها هو نفسه بالموت فكل هؤلاء الذين معه تجرفهم سيرورة واحدة لا غير ، سيرورة الانحطاط التي تضع هذا البطريرك بالصدفة في السلطة ، أن هذه الرواية هي ترجمة دقيقة لحيثيات الواقع القمعي ، السلطوي و الأيديولوجي بغض النظر عن المكان أو الزمان ، الشئ الوحيد الذي يتغير هو أسماء الطغاة و عدد ضحاياهم الجدد .

سرسورة
26/09/2006, 01:07
مرعبة كتيييرهي الرواية( خريف البطريرك) ...اذا من الشرح اللي كاتبو عليا و هيك كيف اذا بيقراها الواحد....
اذا فيك تلاقيلنا ياها بكون ممنونتك..وشكرا كتييير ع المجهود..طبعا عم تابع بشغف:D :D

TheLight
26/09/2006, 18:03
الحديث الأن عن الرواية التي فاز بها غابرييل غارسيا ماركيز بجائزة نوبل للأداب عام 1982



"عندها، وحسب، اكتشف أوريليانو أن أمارانتا-أورسولا لم تكن أخته بل خالته، وأن السيد فرانسيس دريك قد هاجم ريوهاشا لسبب واحد هو أن يمكنهم من البحث عن بعضهم، في معارج تيه الدم المتشابكة، حتى بإمكانهم إنجاب الحيوان الخرافي الذي يضع حداً للسلالة كلها... كما أدرك أوريليانو أن ما كان مدوّناً في تلك الرقاع لا يقبل التكرار، فهو أزلي محتوم منذ بداية الوجود، وهو سرمدي سوف يظل إلى الأبد. فالسلالات التي حكم عليها القدر حكماً حتمياً، بزمن من العزلة يمتد مئة عام، لن تكون لها فرصة أخرى للعيش على وجه الأرض".





مئة عام من العزلة









نشر ماركيز روايته الخالدة «مئة عام من العزلة» سنة 1967 بعد عزلة دامت 18 شهرا، وأسست لنوع جديد من الفن الأدبي الذي عُرف «بالواقعية السحرية» واستمر بها ماركيز بشكل رائع في أعماله اللاحقة فضلاً عن كتّاب آخرين.



وبلاد مثل أميركا اللاتينية تمتاز بغناها في الابداع بالواقعية السحرية.. واقعية الاضطهاد السياسي والإيمان بالقوى المقدسة اللامحدودة. وفي رواية «مئة عام من العزلة» فإن الشخصية المحورية تتمثل في العقيد اورليانو اركاديو بوينديا، أما بقية الشخصيات فإنها تدور في فلكها.



يعيش العقيد بوينديا في قرية ماكوندو، وهي القاسم المشترك في معظم روايات ماركيز. وماكوندو مدينة ساحلية في كولومبيا، يرى النقاد أنها حقيقة ووهم، هي مكان ولا مكان، وهي في الوقت نفسه تمثل حالة فكرية، لأنها خارج المكان وبالتالي خارج الحدود السياسية فهي بذلك فوق المكان وفوق الزمان.



بعد سنوات طويلة، وأمام فصيل الإعدام، تذكر الكولونيل أورليانو بوينديا، عصر ذلك اليوم البعيد، الذي اصطحبه فيه أبوه، كي يتعرف على الجليد. كانت ماكوندو يومئذ قرية صغيرة من حوالي عشرين بيتا من القصب، بنيت على حافة جدول.. هكذا تبدأ الرواية.



حيث تزور ماكوندو كل سنة عائلة غجرية بأسمالها فتزرع خيمتها قرب القرية الضائعة بين الجداول المبعثرة وتعلن عن إختراعاتها الجديدة في صخب. وهناك يقوم جوزيه اركاديو بوينديا، باني ماكوندو، المبهور بعجائب الغجر بأبحاثه في مخبره المعزول بحثا عن أحلام التحولات وصولا إلى إكتشاف الذهب، بعد أن افتتن بقوة المغناطيس والحسابات الفلكية وتحديد موقع ماكوندو على الخريطة وغيرها من أسرار الكون وعجائب العالم التي هيمنت عليه.



ولما كان يُطيل العزلة، مهملا كل شيء من حوله ثارت زوجه أورسولا يوما قائلة له: أفضل لك من التفكير بهذه الحكايات الغبية أن تعتني بولديك، انظر إليهما كحمارين بعد أن تركتهما لبركة الله! ولكن بوينديا عقد صداقة متينة مع الغجري ملكيادس الذي لم يبخل عليه بآخر الاختراعات الحديثة، وبعد أن عاد ملكيادس يوما من ديار الموتى التي آب منها لأنه لم يستطع إحتمال الوحدة هناك، عاد ليعمل مع بوينديا في المخبر من أجل إقامة الدليل العلمي على وجود الله، أو الانقطاع إلى التعرف في تفسير نبوءات نوستراداموس.



وبعد تجدد موت ملكيادس ورحيله الأبدي وهو الأمر الذي لم يصدقه بوينديا ورفض دفنه قائلا: لماذا أدفنه ما دام حيا؟ وبقيت صلة ماكوندو ضعيفة بالعالم ومهمشة أو عن طريق فرانسيسكو، الرحالة الذي بلغ عمره 200 سنة وهو يطوف بالقرى، يغني ألحانا من تأليفه يقص فيها بالتفصيل الأحداث التي مرت بالقرى الواقعة في طريق رحلاته.



وتمر أحداث كثيرة ومعقدة على ماكوندو التي تتغير فيها الحياة مع مجيء الغجر، حتى إن إحدى الغجريات أغرت الابن البكر لبوينديا ورحل معها وهو الأمر الذي أحزن أورسولا الأم فتبعته وعادت من دونه بعد خمسة أشهر.



ولكن المخترعات الحديثة ظلت تصل متواترة إلى ماكوندو وجاء الغرب بالساعات المحفورة على الخشب، ووصلت قناديل البترول وجاء البيانو الميكانيكي لتعزف أعذب الألحان في ماكوندو ولينفذ بوينديا إلى أسرار السحر بعد أن انقطع عن ملاحقة صورة الله فقد قنع بعدم وجوده ما لم تظهر صورته على لوحة آلة التصوير ورفض ما عدا ذلك.



وتعرف الحكومة طريق ماكوندو وتبعث بالكوريجيدور «المحافظ» إليها ويواجه بالنفور خاصة من بوينديا، وتسوء العلاقة بينهما، ولكن بعد وصول زوجة الكوريجيدور وبناته السبع تتحسن العلاقة بينهما ويتزوج أورليانو ابن بوينديا إحدى البنات. وبعدما عاد الابن البكر جوزيه أوركاديو الذي حمل إسم أبيه، ذي الرأس المربع والشعر الأشعث، العنيد كأبيه والضعيف الخيال حتى أغوته غجرية فتبعها إلى أقصى الأرض ثم دار حول العالم مرات ومرات.



والمتميز بفحولته التي أغوت النساء أينما حل إلى أن أوقعت به قريبته روبيكا التي تربت في بيتهم مع أخته امارانتا فتزوجها. حدث كل ذلك قبل أن تهب رياح الصراع بين الأحرار والمحافظين التي وصلت إلى ماكوندو.. الأحرار الذين يؤمنون بشنق الخوارنة وبالزواج المدني والطلاق، ويريدون الاعتراف بنفس الحقوق للأبناء الشرعيين والأبناء الطبيعيين وينوون تمزيق وحدة البلاد بنظام فيدرالي ينتزع من السلطة المركزية امتيازاتها!



أما المحافظون فيأخذون السلطة من الله نفسه مباشرة، يسهرون على حفظ النظام والأخلاق العائلية، وهم المدافعون عن دين المسيح ومبدأ السلطة! وازداد الحماس من الطرفين لفكرة حتمية الحرب التي سرعان ما اندلعت وأُعلنت الاحكام العرفية. وجاءت حامية لتحتل ماكوندو وهي مدججة بالسلاح في مواجهة أبناء القرية المسلحين بسكاكين المطابخ.



وفي منتصف صيف الثلاثاء قام واحد وعشرون رجلا تقل أعمارهم عن الثلاثين بقيادة أورليانو بوينديا بحملة مجنونة فاستولوا على الحامية بغتة وأخذوا عنوة سلاحها وأعدموا في الباحة النقيب والجنود الأربعة الذين ذبحوا امرأة من قبل. ثم أنقذ اورليانو والد زوجته الكوريجيدور قبل أن يرحلوا مع تباشير الفجر ليلتحقوا بالجنرال الثوري فيكتور ميدينا بعد أن منح اورليانو جوزيه اوركاديو بوينديا نفسه رتبة عقيد.



خاض العقيد بوينديا حربا طويلة وأصبح بطلا لاثنتين وثلاثين إنتفاضة مسلحة غلب فيها، وتزوج من سبع عشرة إمرأة كان له منهن سبعة عشر ولدا ذكرا ذُبحوا جميعا واحداً بعد الآخر في ليلة واحدة. ونجا من أربعة عشر إغتيالاً وثلاثة وستين كميناً بعد أن إمتدت سلطته إلى كل حدود البلاد ثم لتنتهي حياته أمام فصيل الإعدام.



وفي إجابته عن سؤال ما إذا كانت رواية مئة عام من العزلة رواية سياسية، وعن علاقة الأدب بالسياسة أجاب ماركيز: القاريء في أميركا اللاتينية في رأيي لا يحتاج إلى من يقص عليه مآسيه وإضطهاده وغياب العدالة الإجتماعية. إنه يعرف كل هذا ويعاني منه يوميا. وإنما هو بحاجة إلى أدب جديد ففي الأدب الجديد تحريض وتوعية.



وبعدما أنهى ماركيز روايته جاء إلى زوجته مرسيديس بوجه مكفهر وعيون مثقلة بالحزن وقال: لقد قتلت العقيد بوينديا ثم صعد إلى غرفته وبكى بنحيب ثم نام، وقد يبدو السؤال التالي ساذجا: لماذا بكى ماركيز؟ والحقيقة إن الكاتب وهو يخلق عالمه بعدما ينضج في أعماقه ببطء، يبدو إنه يتحكم بذلك العالم، وبعدما تكتمل صورته الخارجية ويخرج إلى الوجود يعتقد الكاتب إن هذا العالم الذي بناه ينتمي إليه كخالق له.



ولكن الحقيقة الكبرى التي تبرز حينها هي أن الكاتب ينسل شيئا فشيئا مع نهاية إكتمال عالمه إلى داخله ويصبح جزءا منه، ومن حيث يدري أو لا يدري يُصبح الكاتب نفسه ينتمي إلى ذلك العالم، بعدما كان ذلك العالم ينتمي إليه كخالق له.. بل إن ذلك العالم الجديد يمارس فعل الجبر على الكاتب، وهو ما إنطبق على ماركيز هنا!



فاضطر إلى قتل بطل روايته «بفعل الجبر»، وهو الأمر الذي جعله يندم، ويحزن، ثم يفجر حزنه في بكاء مرّ مصحوبا بتأنيب ضمير وعذاب. ولكن الكاتب فيما بعد وعندما يشاركه آخرون في التأسف وربما البكاء على نفس الحدث يشعر بالانشراح والثقة لأنه أنهى روايته كما يجب أو قل كما فرضه عليه «فعل الجبر».

TheLight
27/09/2006, 01:30
ذاكرة غانياتي الحزينات




هكذا دائماً يفاجئنا ماركيز، بطريقة اختياره لموضوع الرواية،ويجعلنا مشدودين من أهداب عيوننا نحو صفحات الكتاب حتى أصل إلى الكلمة الأخيرة من الرواية، أن ما فعله ماركيز في روايته الجديدة ((ذاكرة غانياتي الحزينات)) لم يخرج عن ماهو مستخدم في تقنيات السرد، بل إن في بساطة بنائها تكمن قدرة ماركيز على الروي،كما انه لم يتكلف ليضع روايته الجديدة في خانة التجريب أو أن يحاول تبيين مقدرته الروائية، كان ماركيز يحاول من خلال هذه البساطة أن يقول شيئاً، إذ عمد ماركيز على سرد الرواية بلسان بطلها، ((البطل)) الذي كان محايداً تماماً وكأنه يجلس على كرسي الاعتراف مما جعل ((ذاكرة غانياتي الحزينات)) تقفز إلى مصاف روايات ماركيز العظيمة، كـ: مئة عام من العزلة وخريف البطريرك ووقائع موت معلن.
تحكي الرواية قصة رجل في التسعين من عمره فكر في لحظة كان يعدها آخر لحظات عمره أن يمنح روحه متعة أخيرة، اختار التوقيت لها في يوم عيد ميلاده التسعين، ولكن ينتقل مستوى السرد
في تصاعد الأحداث لمعالجة حالة أخرى ، إنها حالة العثور على حبه الأول ، نعم حبه الأول وهو في التسعين من عمره، ومَن أحب؟ أحب فتاة مراهقة عذراء تعرف عليها وهي نائمة تحت تأثير الكحول.
هكذا علاقة تذكرنا بـ(لوليتا) ولكن من نوع آخر، لوليتا نائمة، لوليتا لم تمارس الإغواء ، سوى إنها استسلمت لقدرها، عارية ، في محاولة منها لبيع بكارتها ، من اجل شراء بعض الدواء والطعام لوالدتها المقعدة وإخوتها الصغار.
الحب بين تسعين عاماً وأربعة عشر ربيعاً نائماً، الحب بين غصن الآس وفحل التوث، بين وجه الحصان وبين (ديلغادينا) الفتاة النائمة.
ماذا يرمز ماركيز بالفتاة النائمة؟

ماذا يحاول أن يقول ماركيز عندما جعل بطله وهو يذكر لنا عن سجل أعدَّه لتسجيل أسماء من مارس معهن الجنس؟ أم أي سؤال كبير يطلقه ماركيز؟
هل وصول الإنسان إلى سن معين يجعله قانطاً يائساً بانتظار الموت، هل هذا الانتظار المرير للموت يفرضه السن أم الظروف المحيطة التي تشير إلى كبار السن بأنهم عاجزين عن الاستمرار بالحياة
انه حاول أن يقول: إن الحب غير الجنس،إن ما جناه فرويد ومريديه على هذه الكلمة جعلت الناس تنظر لها بريبة، إن فرويد حين أعاد كل عاطفة إلى الجنس وجعل الجنس هو مصدر كل عاطفة حدث هذا الخلط، وفي هذه الرواية يحاول ماركيز ان يفرّق بين الحب والرغبة الجنسية، ان بطل ماركيز يريد ((أن يحب))، فهاهو بعد اكثر من ثلاثة ارباع عمره اخذ لذته من اكثر من خمسة ألاف امرأة ولكنه لم يحصل على الحب، ولكن متى أتى هذا الحب، أتى وهو في سن يائس من الحياة ويتوقع أن يزوره الموت في أي لحظة.

TheLight
27/09/2006, 02:09
لا تواخذونا ع الموضوع الطويل وعلى هالمقال الطويل ايضا يللي بيروي ماركيز فيه قصة النسخة الأصلية من روايته ( مائة عام من العزلة ) و التي عرضت بمزاد علني وتم رفض بيعها لأن المزاد لم يبلغ الحد الأدنى وهو نصف مليون دولار !

***

يقول غابرييل:

في أوائل شهر أغسطس من عام 1966 توجهت أنا ومرسيدس إلى مكتب سان أنجل للبريد في المدينة المكسيكية لأرسل النسخة الأصلية من روايتي مائة عام من العزلة إلى بوينوس أيرس، كان مظروفا يحتوي علي خمسمائة وتسع صفحات مكتوبة علي ماكينة مزدوجة علي ورق عادي للغاية وموجهة إلى السيد باكو بروا المدير الأدبي لدار سودامريكانا للنشر، قام موظف مكتب البريد بوضع المظروف على الميزان ثم اجري حساباته المعتادة وقال:
سيتكلف هذا اثنين وثمانين بيزو
عدت مرسيدس الأوراق والعملات المعدنية التي كانت تحملها في حقيبتها ثم واجهتني بالحقيقة قائلة:
ليس معنا سوي ثلاثة وخمسين بيزو
كنا قد اعتدنا تماما علي تلك الأزمات اليومية بعد عام كامل من الأزمات المادية لدرجة أننا لم نفكر كثيرا في الحل، لقد فتحنا المظروف وقسمنا الأوراق إلى جزأين متماثلين،أرسلنا النصف الأول فقط إلى بوينوس أيرس دون أن نسأل أنفسنا كيف سنتمكن من إرسال الباقي.
كانت الساعة السادسة مساء يوم جمعة ولن تفتح مكاتب البريد قبل يوم الاثنين ولذلك كان لدينا نهاية الأسبوع بطولها لنفكر في الحل، ولم يكن قد تبقى لدينا سوي القليل من الأصدقاء الذين يمكن أن نثقل عليهم بإقراضنا كما أن أفضل ممتلكاتنا كانت تقبع بجوار معروضات مونت دي بيداد . كان لدينا بالتأكيد الماكينة المتنقلة التي جلست أمامها لمدة ست ساعات يوميا لما يزيد علي عام لأنتهي من كتابة الرواية ، ولكن ما كان يمكن أن نرهنها لأنها كانت مصدر الرزق بالنسبة لنا .
بعد مراجعة دقيقة للمنزل وجدنا شيئين يمكن بالكاد عرضهما للرهن : المدفأة في حجرة مكتبي وهي لم تكن لتساوي الكثير، وخلاطا أهدته لنا السيدة سوليداد مندوثا في كراكس بعد زواجنا، كان لدينا أيضا خاتما الزواج اللذان لم نجرؤ يوما علي رهنهما لما يعنيه ذلك من فأل سيئ. ولكن في تلك المرة حسمت مرسيدس الأمر وقررت عرضهما باعتبار انهما كانا احتياطيا استراتيجيا للطوارئ.
مع أولى ساعات صباح الاثنين توجهنا إلى أقرب فروع 'مونت دي بيداد' حيث كنا من العملاء المعروفين لديهم، وهناك أعطونا بدون خاتمي الزواج ما يزيد قليلا عما كنا نحتاج.
وما كدنا نصل إلى مكتب البريد وننظر إلى باقي المظروف حتى اكتشفنا أننا عكسنا الرواية فبدأنا بإرسال الصفحات الأخيرة منها قبل البداية، غير أن مرسيدس لم تعبأ بالأمر بل قالت: إن الشيء الوحيد الذي ينقصنا الآن هو ألا تكون الرواية جيدة.
كانت هذه العبارة هي النهاية لثمانية عشر شهرا كافحنا خلالها معا لننتهي من الكتاب الذي كنت أعلق عليه جميع آمالي، فحتى ذلك الحين كنت قد نشرت أربعة كتب خلال ست سنوات وحصلت مقابلها على ما هو أفضل من لا شيء باستثناء كتاب 'ساعة النحس، الذي نلت عنه جائزة بلغت ثلاثة آلاف دولار في مسابقة(أسو كولومبيانا ؛ وقد نفعتني في مصاريف ولادة ثاني ابنائي جونثالو بالاضافة إلي أننا اشترينا بها أول سيارة لنا.
كنا نعيش في منزل من منازل الطبقة الوسطى يقع على رابية (سان أنخل آن والتي كان يملكها العمدة المحامي لويس كودوريير ،الذي كان من بين فضائله الاهتمام بشكل شخصي بأمور مستأجري المنزل.
رودريجو الذي كان في ذلك الوقت في السادسة وجونثالو الذي كان في الثالثة - كان لديهما في ذلك المنزل حديقة جميلة يلعبان فيها في الأوقات التي لا يذهبان فيها إلى المدرسة، وكنت أنا أعمل كمنسق عام لمجلتي سوثيسوس ولافاميليا ، حيث أتممت مقابل راتب لا بأس به عامين كاملين لم أكتب خلالهما حرفا.
كارلوس فوينتس وأنا نقلنا أيضا إلي السينما قصة الديك الذهبي كما عملت معه ، في النسخة النهائية من سيناريو فيلم بدرو بارامو للمخرج كارلوس بيلو، وكتبت أيضا سيناريو فيلم وقت الموت وكان الأول للمخرج ارتورو ربستين .
و في الساعات القليلة التي كانت تتبقى لدي كنت أقوم بعدد من الأعمال الوقتية مثل إعداد النصوص للنشر وإعلانات التليفزيون وكتابة بعض الأغاني. وكل ذلك كان يكفيني للعيش بشكل معقول ، ولكنه لم يكن يسمح لي بمواصلة كتابة القصص القصيرة والروايات.
وعلى الرغم من ذلك فثمة فكرة جريئة لرواية ظلت تؤرقني لفترة طويلة، لم تكن فكرة مختلفة عن كل ما كتبته من قبل فحسب، بل كانت تختلف تماما عن كل ما قرأت، كانت نوعا من الرعب غير معروف المصدر، كان ذلك في بداية عام 1965 عندما اصطحبت مرسيدس والطفلين لقضاء عطلة نهاية الأسبوع في أكابولكو، شعرت حينها أني أكاد انفجر من شدة ما كان يعتمل في نفسي. كنت شديد التوتر والتشبع بالفكرة حتى أني تفاديت بمعجزة بقرة كنت تعبر الطريق أمام السيارة، حتى أن رود ريجو صاح بفرح قائلا:
-أنا أيضا عندما أكبر سأدهس الأبقار علي الطريق.
لم أنعم بأية لحظة من الهدوء على الشاطئ يوم الأربعاء، وعندما عدنا إلي المكسيك جلست إلي الماكينة لأكتب جملة البداية التي لم أتحمل أن أحتفظ بها داخلي أكثر من ذلك : (بعد عدة سنوات، وأمام فصيلة الإعدام، كان على الكولونيل أورليانو بوينديا أن يتذكر ذلك اليوم البعيد الذي اصطحبه فيه والده ليتعرف علي الثلج..) ومنذ تلك اللحظة لمأانقطع يوما عن مواصلة الكتابة حتى السطر الأخير، حتى بدا الأمر كأنه حلم مسيطر.
في الشهور الأولى تمكنت من أن أحافظ علي أفضل مستوى من الدخل يمكن تحقيقه،ولكن مع الوقت بدأت أحتاج لمزيد من الوقت لأكتب كما أريد. كنت أعمل إلى وقت متأخر جدا من الليل لكي أنتهي من الالتزامات المنوطة بي حتى أصبحت الحياة مستحيلة بالنسبة لي. رويدا رويدا ،أخذ الواقع الذي ل ايقاوم يجبرني على الاختيار بلا تردد بين الكتابة أو الموت، لم أتردد لأن مرسيدس اكثر من أي وقت مضي تكفلت بكل شيء بعدما أرهقنا جميع الأصدقاء،وأصبح لدينا حساب مفتوح لا أمل في سداده لدي بقال الحي والجزار علي الناصية.
وكنا منذ أولى الأزمات التي تعرضنا لها نقاوم بشدة فكرة القروض ذات الفائدة، إلا أننا وجدنا أنفسنا في النهاية مضطرين لأن نقوم بأول زيارة لـ(مونت دي بيداد، وبعد مرتين أخريين رهنّا خلالهما بعض الأشياء البسيطة بدأنا نلجأ لمجوهرات مرسيدس التي تلقتها كهدايا من أقاربها طوال السنوات التي تلت زواجنا، وعندما عرضناها على خبير المحل أخذ يتفحصها بدقة جراح، ثم أخذ يختبرها ويتفحصها بعدسة سحرية.. الألماس في الأقراط والزمرد في العقد والياقوت في الأساور، في النهاية أعادها إلينا قائلا:
-إنها من الزجاج الخالص.
لم يكن لدينا من الوقت أو المزاج ما يجعلنا نتوقف كثيرا لنفكر متي تم استبدال الأحجار الكريمة التي احتفظنا بها طوال سنين بالزجاج، ذلك أننا كنا نعلم مسبقا أن نذير الشؤم يحوطنا من كل جانب.

يتبع

TheLight
27/09/2006, 02:10
التتمة

قد لا تصدقون ذلك ،ولكن كبرى مشاكلي في الكتابة كانت مع الورق. إذ ترسخ لدي اعتقاد بأن الأخطاء الطباعية أو الإملائية أو أخطاء النحو هي في واقع الأمر أخطاء في إبداع الكاتب. ومن ثم فإني كلما اكتشفت أحد هذه الأخطاء كنت أسارع بتمزيق الورقة كلها أشلاء وأبدأ من جديد. كانت مرسيدس تصرف ما يقرب من نصف ميزانية المنزل لشراء رزم الأوراق التي ما كانت لتستمر لأكثر من أسبوع. وربما لهذا لم أجرؤ على استخدام ورق الكربون.
مشاكل بسيطة مثل هذه ضيقت حولنا الخناق حتى لم يعد لدينا من الجهد ما نقاوم به الحل النهائي والذي كان يتمثل في رهن السيارة التي اشتريناها حديثا دون أن تخامرنا شكوك في أن يكون العلاج أشد خطورة من الداء. ذلك أننا علي الرغم من سدادنا الديون المتأخرة بقي لنا أن نسدد الفوائد الشهرية التي بدت كأنما تغلنا من عنقينا في هاوية من الجحيم. ولحسن حظنا أن صديقنا (كارلوس مدينا قد تطوع بتسديد هذه الفوائد ليس عن شهر واحد فحسب بل عن عدة شهور،واستطعنا بذلك أن ننقذ السيارة. ومنذ سنوات قليلة فقط علمنا أنه اضطر إلى رهن أحد ممتلكاته ليسدد فوائد ديوننا.
بدأ الأصدقاء المخلصون يقسمون أنفسهم إلي مجموعات لزيارتنا كل ليلة، وكانوا يأتون وقد اشتروا بالصدفة الكتب والمجلات،أو أنهم يمرون بالصدفة أيضا لدي عودتهم من السوق محملين بالمشتريات.كارمن وألبارو موتيس كانا أكثر المواظبين على زيارتنا، وأصبح علي بشكل مستمر أن أحكي لهما فصلا من الرواية الجديدة، وكنت أجهد لأبتكر لهما حكايات مما أحفظه للحالات الطارئة،لأنه كان في ظني في ذلك الوقت أن قص ما عكفت علي كتابته حقا كان ليخيف العفاريت.
كارلوس فوينتس على الرغم من خوفه من الطيران كان يقطع العالم ذهابا وإيابا، وكانت عودته دائما عيدا لنا نتناقش فيه حول أعمالنا الجديدة كما لو كنا شخصا واحدا. واعتبرت ماريا لويس أليو وزوجها خومي جارثيا ما كنت أرويه علامة علي العناية الإلهية. وعلى هذا فلم أتردد علي الإطلاق في إهداء الكتاب لهما. وشعرت حينذاك أن ردود الأفعال والحماسة التي تحيطني من الجميع بمثابة أشعة نور تضيء لي طريقي إلي الرواية الحقيقية.
لم تعد مرسيدس تحدثني عن القروض ومشاكلها حتى مارس من عام 1966 أي بعد عام من بداية كتابة الرواية وذلك بعد أن أصبح متأخرا علينا ثلاثة أشهر من الإيجار. كانت تتحدث مع المالك في الهاتف كما اعتادت دائما لتحاول تهدئته ليصبر علينا في الدفع .وفجأة وضعت يدها على سماعة الهاتف لتسألني عن الوقت المتبقي للانتهاء من ذلك الكتاب. وبالنظر إلى القدر الذي أنجزته في عام من الكتابة حسبت أنه يتبقى لي حوالي ستة شهور وعندئذ قالت مرسيدس للمالك الصبور في ثقة ودون أية رجفة في صوتها:
_ نستطيع أن نسدد لك كل شيء خلال ستة أشهر.
_ اعذريني سيدتي_ قال المالك في دهشة_ ولكن ألا ترين أن المبلغ سيكون ضخما حينذاك؟!
_ نعم أنا أدرك ذلك_ قالت مرسيدس_ ولكن في ذلك الوقت ستكون جميع مشاكلنا قد حلت. فلتهدأ إذا.
كان الرجل واحدا من أكثر من عرفت ذوقا وصبرا ولذلك فقد قال بصوت مرتعش:
_ حسنا سيدتي.. تكفيني كلمة منك. ثم قام بحساباته وقال
_ سأنتظر المبلغ في السابع من سبتمبر القادم.
وقد أخطأ الرجل. ففي الرابع من سبتمبر ومع أول شيك أتلقاه بشكل غير منتظر إطلاقا عن الحقوق الأدبية للطبعة الأولي دفعنا له.
والواقع أن الشهور الستة الأخيرة كانت شاقة للغاية. وأخذ الأصدقاء المقربون المطلعون على الأحوال يزيدون من زياراتهم لنا محملين على الدوام بكل ما يساعد على مواصلة الحياة.
وهناك أصدقاء آخرون مثل لويس ألكرويثا وزوجته الأسترالية جانيت ريسنفيلد اللذين لم يكونا من معتادي الحضور إلينا، ولكنهما كانا يقيمان في منزلهما حفلات تاريخية مع الكثير من الأصدقاء ومجموعات من الفتيات يفوق جمالهن ممثلات السينما. وفي كثير من المرات كانت هذه الحفلات تتخذ ذريعة لرؤيتنا. كان لويس هو الإسباني الوحيد الذي يقدر_ خارج إسبانيا علي صنع الجعة التي تماثل ما تشتهر به فالينسا. أما هي فقد كانت قادرة علي حملنا في الهواء برقصها الكلاسيكي الرائع. أما آل جارثيا ريرا العاشقون للسينما فقد كانوا يدعونا إلى منزلهم أيام الآحاد حيث يشبعاننا بقدر من السعادة يساعدنا على مواجهة الأسبوع المقبل في ذلك الوقت كنت قد تقدمت في الرواية للحد الذي سمح لي برفاهية الاستمرار في غزل الحكايات التي كنت أبتكرها في جلسات الأصدقاء. وكنت أندهش من السرعة التي تنتقل بها هذه القصص بين الأفواه بل ومن التفاصيل التي تضاف إليها في تلك الأثناء.

في نهاية شهر أغسطس ومن يوم لآخر بدا لي أنني أوشك على اللحظات الأخيرة من الرواية ، ولأني لم أستخدم ورق الكربون فلم تكن لدي نسخ أخرى من هذا الجزء بشكل جعل النسخة الأصلية تتكون فقط من ألفي ورقة من القطع الصغير. وكان هذا بمثابة وليمة رائعة لاسبيرانثا ارياثا أو بيرا التي لاتنسي. كانت بيرا ملجأ للشعراء والسينمائيين. فقد اعتادت في أوقات فراغها أن تنسخ بشكل واضح للغاية بعضا من أكبر أعمال الكثير من الكتاب المكسيكيين ومنها 'المنطقة الأكثر وضوحا' لكارلوس فوينتس 'وبدرو بارامو' لخوان رولفو والعديد من سيناريوهات الأفلام. وعندما طلبت منها أن تنسخ لي الرواية في شكلها الأخير كانت المسودة مرقعة تقريبا ومشوهة بالإصلاحات، مرة بالحبر الأسود وأخرى بالأحمر لتجنب الخلط. غير أن هذا لم يكن بالأمر الصعب على امرأة متمرسة مثل بيرا التي لم تقبل المسودة بدافع الفضول لقراءتها فحسب، بل وافقت علي أن أدفع لها ما أستطيعه علي أن يؤجل الباقي حتى أحصل علي حقوق المؤلف.
كانت بيرا تنسخ فصلا كاملا في الأسبوع بينما أقوم أنا بإصلاح الفصل التالي بأحبار من ألوان مختلفة لتحاشي التشويش. ولم يكن هدفي من تلك الإصلاحات اختصار الرواية أو جعلها أقصر، ولكني فقط كنت أرغب في أن أصل بها إلى أقصي درجات الكثافة حتى أنه لم يتبق منها في النهاية سوى نصف الأصل.
بعد صدور الرواية بسنوات اعترفت لي بيرا بأنها عندما كانت تحمل الفصل الثالث من الرواية إلى المنزل انزلقت قدمها عند النزول من الحافلة بفعل بركة من ماء المطر وقالت لي إن الأوراق راحت تطفو علي صفحة البركة الموحلة. وقامت هي_ بمساعدة من الركاب الآخرين_ بجمع الأوراق بعد أن أصبحت مبتلة تماما ومهترئة وأخذتها إلي المنزل وقامت بتجفيفها بقطعة قماش، ومن أكثر المواقف التي مرت بي مع بيرا طرافة هو ما حدث في أحد أيام السبت عندما لم أكن قد انتهيت من تصحيح الذي كانت ستتسلمه مني فاتصلت بها وقلت لها إني سأحضره لها يوم الاثنين. وبعد حديث طويل تجرأت وسألتني عما إذا كان أورليانو بونديا سينام في النهاية مع ريمديوس موسكوت. وعندما أخبرتها بأن هذا سوف يحدث أطلقت زفرة ارتياح وقالت:
_ حمدا لله.. إذا لم تكن أجبتني ما كنت لأنام حتى يوم الاثنين.
في ذلك الوقت وصلني خطاب غير متوقع من باكو بروا _الذي لم أكن قد سمعت به من قبل_ يطلب مني فيه حقوق نشر جميع أعمالي لدار النشر سود أمريكانا التي يرأس القسم الأدبي بها،وأخبرني أنه يعرف أعمالي جيدا لأنه قرأ الطبعات الأولى منها. في الواقع كاد قلبي يتمزق ذلك أن كل هذه الأعمال كانت موزعة بين دور نشر مختلفة ومرتبطة بعقود طويلة المدى ولم يكن من السهل علي الإطلاق التحرر منها. كان عزائي الوحيد فكرة طرأت لي فكتبت أخبره أني علي وشك الانتهاء من رواية طويلة جدا لست ملتزما بها تجاه أية جهة ، وأني أستطيع أن أرسل له النسخة الأولى منها في غضون أيام.
وافق باكو على الاقتراح في برقية أرسلها لي،كما أرسل لي في البريد شيكا بخمسمائة دولار كمقدم كانت تكفي بالكاد لدفع الإيجار المتأخر علينا والذي لم نكن نعرف كيف سنسدده بعد أن أخطأت في حساب الوقت الذي سأنتهي فيه من كتابة القصة. وعلي أية حال فقد كانت النسخ الثلاث الواضحة التي نسختها بيرا بورق الكربون جاهزة في أسبوعين أو ثلاثة. كان ألبارو موتيس هو أول قارئ للنسخة النهائية قبل إرسالها. لقد اختفي لمدة يومين وفي الثالث حادثني هاتفيا وهو يتفجر بذلك الغضب المحبب عندما اكتشف أن روايتي لا علاقة لها في الواقع بما كنت أرويه لأرفه عن الأصدقاء -والذي كان بدوره يقصه علي أصدقائه- وصاح بي قائلا:
_ لقد جعلتني أبدو مثل الخرقة البالية.. إن روايتك لا تمت بصلة لتلك التي كنت تحكيها لنا . ثم انفجر في الضحك وأضاف
_ ولكن الجيد في الأمر أنها أفضل بكثير.
لا اعرف إذا كنت في ذلك الوقت قد وضعت عنوانا للرواية أو متى أو أين أو كيف خطر لي ذلك العنوان كما لا يستطيع أي من الأصدقاء تحديد ذلك بالمرة. هل يستطيع أي مؤرخ خصب الخيال أن يفعل بي معروفا ويبتكر إجابة مناسبة؟!
كانت النسخة التي قرأها ألبارو موتسي هي التي أرسلت على مرتين إلى بوينوس أيرس أما الثانية فقد حملها بنفسه بعد أيام إلي نفس المكان في إحدى رحلاته وبالنسبة للثالثة فقد أخذ الأصدقاء الذين وقفوا معنا في المحنة يتداولوها فيما بينهم.
عندما تسلمنا النسخة المطبوعة الأولى من الكتب في يونيو 1967 قمت أنا ومرسيدس بتمزيق المسودة التي استعانت بها بيرا في عملية النسخ. لم يخطر في بالنا حينذاك أنها من الممكن أن تكون أعلى قيمة من جميع النسخ الأخرى بكل ما فيها من تصويبات وبالفصل الثالث غير المقروء بفعل ماء المطر وعملية الكيّ التي تعرض لها. وفي حقيقة الأمر فإن غرضي لم يكن بريئا أو أمينا، ذلك أني مزقت المسودة حتى لا يتمكن أحد من معرفة واكتشاف أسرار الصنعة. وعلى الرغم من ذلك فأعتقد أنه مازالت هناك في مكان ما من العالم نسخ أخرى مكتوبة بخط اليد وخاصة النسختان اللتان أرسلتا إلى دار سود أمريكانا. وقد فكرت دائما أن يكون باكو بروا محتفظا بهما حتى الآن غير أنه نفي ذلك تماما وبالنسبة لي فإن كلمته كالذهب.
عندما أرسلت لي دار النشر تجربة الطباعة الأولى حملتها بما فيها من تصويبات إلى احتفال في منزل آل ألكوريثا، وكان السبب الأول في ذلك هو أن ضيف الشرف في ذلك الحفل كان هو المخرج لويس بونيويل. وكان بونيويل يري أن فن التصحيح ليس المقصود منه الوصول للأفضل بقدر ما يهدف إلي الاستكشاف. رأيت مدى السعادة التي ارتسمت علي وجه ألكوريثا بفعل هذا الحوار بين ضيفيه، وعلى هذا فقد قررت علي الفور أن أهديه هذه النسخة من التجربة الطباعية. وكتبت في الإهداء جملة اعتبرتها جانيت ولويس مكررة ولكنها كانت صادقة: ((من أكثر صديق أحبكما في هذا العالم) وبجوار الإمضاء كتبت التاريخ 1967 وربما يرجع تعليق جانيت ولويس بخصوص الجملة المكررة إلى إهداء آخر كنت قد كتبته إلى ألكوريثا في كتاب سابق. ولكن بعد 28 عاما من هذه الواقعة وبعد أن حققت مائة عام من العزلة ما حققته وانطلقت إلى الآفاق وفي اجتماع شهده نفس المنزل علق أحد الحاضرين قائلا إن الإهداء الموقع على تجربة الطباعة ليساوي ثروة، فقامت جانيت وأخرجت النسخة وعرضتها على الجميع،وهنا وقف الكوريثا وراح يخبط بقبضتيه علي صدره ويصبح بصوت جهوري:
_ أفضل أن أموت عن أن أبيع تلك الهدية الثمينة التي خصني بها صديق.
وبين تصفيق الجميع أخرجت نفس القلم الذي استخدمته في المرة السابقة والذي مازلت أحتفظ به حتى الآن وكتبت تحت الإهداء الأول الذي مضي عليه 28 عاما: (تم التأكيد 1985) ووقعت مرة أخرى: جابو.
وهذه الوثيقة التي تتكون من 180 ورقة تحتوي على 1026 تصويبا بخطي هي التي ستعرض في المزاد في برشلونة دون مشاركة مني أو فائدة تعود علي من ذلك. وأعتقد أنها عملية شرعية تماما على الرغم من القلق الذي ساور البعض بسبب ضرورة الحصول علي النسختين الأخريين في بوينوس أيرس ، بما فيهما من تصويبات،والواقع أن هاتين النسختين لا تحتويان علي أية تصويبات لأنني أرسلت التصويبات إلى دار النشر في قائمة مستقلة كتبت علي الماكينة.
لقد توفي لويس ألكوريثا عام 1992 في الواحد والستين من عمره في منزله بكورناباكا وتبعته جانيت بعد ذلك بست سنوات. وأكثر ما يعلق في ذهني من هذه الذكريات هو الظلم الذي استشعرته لأن جانيت ولويس عاشا سنواتهما الأخيرة وهما يمتلكان بعض الأوراق التي تساوي آلاف الدولارات ولكنهما رفضا بيعها لأنها هدية من أكثر صديق أحبهما في العالم.

نهاية مقال ماركيز

TheLight
27/09/2006, 17:31
الختام يا اعزائ مع خبر اعتزال ماركيز عن الكتابة

صرح ماركيز في لقاء له بصحيفة لا فينجرديا المكسيكية أنه توقف عن الكتابة وأن عام 2005 كان هو العام الأول في حياته الذي لم يستطع فيه كتابة سطر واحد..
التصريح الدرامي الذي تلفظ به ماركيز جعل الصحيفة تتساءل عن مصير عشاق أدبه السحري فأجاب قائلا: ثمة عمل بداخلي،ليس لدي مشكلة في كتابة رواية جديدة ولكن الناس تلاحظ جيدا عندما لا تستطيع وضع قلبك بين سطور هذه الرواية.
ماركيز الكاتب الصحفي السابق ورائد حركة ازدهار الأدب الأمريكي* اللاتيني في الستينيات وأشهر مفسري حركة الواقعية السحرية* علي حد وصف النقاد* اشتهر في السنوات الأخيرة بغزارة إنتاجه الأدبي ففي عام 2002نشر الجزء الأول من سيرته الذاتيةأن تعيش لتحكي وفي 2004روايته الشهيرة ذكريات عاهراتي الحزينات التي لاقت رواجا غير مسبوق في شتي أنحاء العالم.
الأضواء التي طالما طاردت ماركيز لم تنحصر حتي الآن فالكاتب الشهير مازال يحظي بزيارات مشاهير العالم مثل الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون ورئيس الوزراء الأسباني السابق فليب جونزاليس ويقضي الساعات في مناقشة الأحوال السياسية والتطرق لدوره البارز باعتباره وسيط في عملية السلام بين متمردي الجناح الأيسر والحكومة الكولومبية وهو يري أنه نجح في إصلاح الكثير من القضايا التي غاب عنها وجه العدالة في جميع أنحاء العالم وذلك باستخدام دبلوماسيته التي اشتهر بها وهو ما يعده ماركيز تكتيكا أكثر فاعلية من مجرد الاستعانة بالبروتوكولات الرسمية.
الشهرة بالنسبة لماركيز مصطلح معقد.يصفها بأنها شيء يسعد به الكاتب ولكن يتعين عليه أن يعرف جيدا كيف يقصيها عنه عند اللزوم.
عرف ماركيز طريقه إلي الشهرة عندما نشر روايته الخالدة مائة عام من العزلة عام 1967 وعلي الرغم من اقتحامه لأجناس أخري من الأدب بخلاف الرواية مثل كتابه خبر اختطاف 1996وهو الكتاب الذي نجح من خلاله في رصد الكفاح الدامي لكولومبيا ضد المخدرات والإرهاب إلا أن رواياته هي همزة الوصل بين الكاتب الكولومبي الشهير وقرائه

TheLight
27/09/2006, 17:34
قام ماركيز الي يعاني حاليا من اصابتة بالسرطان بإرسال خطاب الوداع هذا إلى أصدقائه، الذي انتشر على شبكة الإنترنت انتشاراً واسعاً.
الكلمات مؤثرة للغاية تلمح من خلفها حكمة إنسان وروائي عظيم:

--- --- ---

لو وهبني الله حياة أطول لكان من المحتمل ألا أقول كل ما أفكر فيه ، لكنني بالقطع كنت سأفكر في كل ما أقوله.
كنت سأقيّم الأشياء ليس وفقا لقيمتها المادية، بل وفقاً لما تنطوي عليه من معان.
كنت سأنام أقل، وأحلم أكثر في كل دقيقة نغمض فيها عيوننا نفقد ستين ثانية من النور، كنت سأسير بينما يتوقف الآخرون.
أظل يقظاً بينما يخلد آخرون للنوم، كنت سأستمع بينما يتكلم الآخرون. كنت سأستمتع بآيس كريم لذيذ بطعم الشيكولاتة.
لو أن الله أهداني بعض الوقت لأعيشه كنت سأرتدي البسيط من الثياب، كنت سأتمدد في الشمس تاركاً جسدي مكشوفاً بل وروحي أيضاً.
يا إلهي.. لو أن لي قليلاً من الوقت لكنت كتبت بعضاً مني على الجليد وانتظرت شروق الشمس.
كنت سأرسم على النجوم قصيدة "بنيدتي" وأحلام "فان جوج" كنت سأنشد أغنية من أغاني "سرات" أهديها للقمر ، لرويت الزهر بدمعي ، كي أشعر بألم أشواكه ، وبقبلات أوراقه القرمزية.
يا إلهي.. إذا كان مقدرا لي أن أعيش وقتاً أطول، لما تركت يوماً واحد يمر دون أن أقول للناس أنني أحبهم، أحبهم جميعاً، لما تركت رجلاً واحداً أو امرأة إلا وأقنعته أنه المفضل عندي، كنت عشت عاشقاً للحب.
كنت سأثبت لكل البشر أنهم مخطئون لو ظنوا أنهم يتوقفون عن الحب عندما يتقدمون في السن، في حين أنهم في الحقيقة لا يتقدمون في السن إلا عندما يتوقفون عن الحب.
كنت سأمنح الطفل الصغير أجنحة وأتركه يتعلم وحده الطيران كنت سأجعل المسنين يدركون أن تقدم العمر ليس هو الذي يجعلنا نموت بل: الموت الحقيقي هو النسيان.
كم من الأشياء تعلمتها منك أيها الإنسان ، تعلمت أننا جميعا نريد أن نعيش في قمة الجبل، دون أن ندرك أن السعادة الحقيقية تكمن في تسلق هذا الجبل، تعلمت أنه حين يفتح الطفل المولود كفه لأول مرة تظل كف والده تعانق كفه إلى الأبد، تعلمت أنه ليس من حق الإنسان أن ينظر إلى الآخر، من أعلى إلى أسفل، إلا إذا كان يساعده على النهوض، تعلمت منك هذه الأشياء الكثيرة، لكنها للأسف لن تفيدني لأني عندما تعلمتها كنت أحتضر.
عبر عما تشعر به دائماً، افعل ما تفكر فيه لو كنت أعرف أن هذه ستكون المرة الأخيرة التي أراك فيها نائماً، لكنت احتضنتك بقوة، ولطلبت من الله أن يجعلني حارساً لروحك.
لو كنت أعرف أن هذه هي المرة الأخيرة التي أراك فيها تخرج من الباب لكنت احتضنتك، وقبلتك، ثم كنت أناديك لكي احتضنك وأقبلك مرة أخرى. لو كنت أعرف أن هذه هي آخر مرة أسمع فيها صوتك لكنت سجلت كل كلمة من كلماتك لكي أعيد سماعها إلى الأبد.
لو كنت أعرف أن هذه هي آخر اللحظات التي أراك فيها لقلت لك "أنني أحبك" دون أن أفترض بغباء أنك تعرف هذا فعلاً.
الغد يأتي دائماً، والحياة تعطينا فرصة لكي نفعل الأشياء بطريقة أفضل.
لو كنت مخطئاً وكان اليوم هو فرصتي الأخيرة فإنني أقول كم أحبك، ولن أنساكم أبداً. ما من أحد، شاباً كان أو مسناً، واثق من مجيء الغد، لذلك لا أقل من أن تتحرك، لأنه إذا لم يأت الغد، فإنك بلا شك سوف تندم كثيراً على اليوم الذي كان لديك فيه متسع كي تقول أحبك، لن تبتسم لأن تأخذ حضناً أو قبلة أو تحقق رغبة أخيرة لمن تحب.

TheLight
27/09/2006, 17:35
ختام ملف الكاتب العظيم غابرييل غارسيا ماركيز

////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////

سرسورة
27/09/2006, 21:16
الله يعطيك ألف ألف عافية.....مجهود كبير والموضوع رائع جدا:D :D
أنا جاهزة للاستلام من بعدك......و بكرة موعدنا.......
ومرة تانية شكرا thelight :D

سرسورة
28/09/2006, 22:41
هلأ اجا دوري هاد الاسبوع....و رح احكي عن الكاتب و الأديب البناني الكبير امين معلوف.....
أنو خلينا نحكي عن شي حدا عربي مهم......

أمين معلوف
في منتصف التسعينيات كتبت الصحف الفرنسية تقول: إن الأدب الفرنسي كان في طريقه للموت لولا اثنان: "فرنسوا ميتران" و"أمين معلوف"! ورغم أن المبالغة واضحة فإن المقولة تكشف عن قيمة أدب أمين معلوف أحد أهم وأشهر الكتاب الفرانكفونيين، هذا هو الاسم الذي تطلقه الأوساط الأدبية والثقافية الفرنسية على مجموعة الكتاب ذوي الأصول العربية الذين يكتبون بالفرنسية. ومن هؤلاء المغربي "الطاهر بن جلون" والجزائريان "محمد ديب" و"مالك حداد" والموريتاني "محمد عبيد هوندو" والمصريون "أندريه شديد" و"ألبير قصير" و"أحمد راسم" و"جورج حنين".


ولد أمين معلوف في بيروت عام 1949، ودرس الاقتصاد والعلوم الاجتماعية بمدرسة الآداب العليا بالجامعة اليسوعية في بيروت، وامتهن الصحافة بعد تخرجه فعمل في الملحق الاقتصادي لجريدة "النهار" البيروتية الشهيرة التي تعتبر من أهم الصحف اللبنانية. عمل أيضا إلى جانب عمله كمحرر اقتصادي محررا للشئون الدولية بالجريدة، وهو ما أتاح له الاطلاع على الكثير من التطورات السياسية والدبلوماسية في العالم خاصة أن "غسان تويني" صاحب الجريدة ورئيس تحريرها كان من أهم رجال الدولة في لبنان في فترة الستينيات وأوائل السبعينيات إبان حكم الرئيسين "شارل حلو" و"سليمان فرنجية".

وفي عام 1976 ومع بداية الحرب الأهلية اللبنانية ترك معلوف لبنان وانتقل إلى فرنسا حيث عمل في مجلة "إيكونوميا" الاقتصادية، واستمر في عمله الصحفي فرأس تحرير مجلة "إفريقيا الشابة" أو"جين أفريك"، وكذلك استمر في العمل مع جريدة "النهار" اللبنانية وفي ربيبتها المسماة "النهار العربي والدولي".

ومنذ الثمانينيات تفرغ للأدب وأصدر أول رواياته "الحروب الصليبية كما رآها العرب" عام 1983 عن دار النشر "لاتيس" التي صارت دار النشر المتخصصة في أعماله. ترجمت أعماله إلى لغات عديدة ونال عدة جوائز أدبية فرنسية منها جائزة الصداقة الفرنسية العربية عام 1986 عن روايته "ليون الإفريقي"، ورشح لجائزة "الجونكور" أكبر الجوائز الأدبية الفرنسية. ومن أهم أعماله بالإضافة لما ذكرنا "سمرقند" و"القرن الأول بعد بياتريس" و"حدائق النور" و"موانئ المشرق" "وصخرة طانيوس".

لا يكفي أن نقول: إن أمين معلوف روائي كبير، أو أن نقول: إنه مرشح لنيل جائزة نوبل أو غير ذلك، فكل هذا مجرد أوصاف لا تضيف شيئا للرجل أو لأدبه، ما نريده حقا هو تحليل السمات العامة المميزة لأدب معلوف سواء أكانت تلك السمات تمثل أسلوبه في السرد، أو الخصائص الروائية المضمونية في هذا الأدب.

التسامح
أول سمات أدب معلوف والتي تمثل خاصية واضحة في كل أعماله وخيطا رابطا بين هذه الأعمال هي التسامح.
التسامح الذي هو علاقة إيجابية بين الأنا بكل دوائرها والآخر بكل ألوان طيفه، وهذه السمة جزء من تكوين معلوف ذاته المسيحي العربي اللبناني، التسامح هنا صفة شخصية ولكنه يتحول إلى سمة أدبية في أعماله المختلفة، ففي أول أعماله: "الحروب الصليبية كما يراها العرب" يتحدث معلوف إلى المجتمعات الأوربية مناقشا المفاهيم الأساسية للحضارة ذاتها، فالحروب الصليبية في الذهنية الأوربية تعني فعلا إيجابيا، ولعلنا نتذكر كيف استخدم "بوش" هذا المفهوم في كلامه عن حملة أفغانستان وكيف أثار هذا الاستخدام ثائرة العرب والمسلمين، وربما كان ما يريده معلوف تحديدا هو تجنب مثل هذا الاستخدام وكأنه يقول للغرب: في الوقت الذي تتكلمون فيه عن إلغاء المركزية الأوربية لا بد من إعادة النظر في المفاهيم التي تعتبرونها بديهية وإعادة النظر هي بداية الطريق للتسامح.

سرسورة
28/09/2006, 22:54
شكلت روايات أمين معلوف عند صدورها حدثا أدبيا وثقافيا لا لمتعتها التي تعيد إلى الذاكرة قصص ألف ليلة وليلة التي كتبها أجداد أمين معلوف, بل لأنها نقلت إلى الغرب, ومباشرة عبر لغة من لغاته, وجهة نظر شقيق له, هو الشرق, ساهمت الغربة وبعد المزار, وكذلك الحروب القديمة والحديثة التي نشأت بينهما, في إحداث فرقة أدت مع الوقت إلى جهل أحدهما للآخر وانطوائه على وجهات نظر عن هذا الآخر ليست دائماً صحيحة أو دقيقة. وما فعل أمين معلوف في أعماله الروائية المتكئة في أكثرها على التاريخ, هو أنه نقل إلى الغربيين وجهة نظر الشرقيين, كما قدم لهم جوانب مشرقة في حضارتنا, هدف من ورائها إلى إقامة حوار من نوع مختلف, كما إلى مراجعة الكثير من صفحات التاريخ المشترك فهمها الغربيون, في الأعم الأغلب, على نحو مشوه.

وقد احتفى الغربيون أيّما احتفاء بكتب أمين معلوف: (الحروب الصليبية كما رآها العرب), و(ليون الإفريقي), و(سمرقند), و(حدائق النور) وسواها من الأعمال التي أضافت إلى المتعة والفائدة صفة أخرى شديدة الأهمية, هي أنها ألفت فصلاً جديداً في الحوار بين الشرق والغرب, وهو حوار قديم وحديث ومتجدد باستمرار. وإذا شئنا التخصيص قلنا إن هذا الحوار الذي بدأ به أمين معلوف في كتبه إنما كان حواراً بين العرب والمسلمين وبين أوربا بالذات, وهما عالمان قريبان وبعيدان في آن, يفصل بينهما, كما يجمع بينهما, بحر طالما ازدهرت حضارات مشتركة بينهما على ضفافه, كما قامت حروب مدمّرة. وإذا كان مارون عبود قد أطلق مرة اسم (صقر لبنان) على الرائد النهضوي أحمد فارس الشدياق استناداً إلى دوره في النهضة, وهو دور تجاوز لبنان إلى آفاق بعيدة, فإن أمين معلوف يستحق اللقب نفسه في وقتنا الراهن نظرا للدور الفائق الأهمية الذي أداه للبنان والعرب في ديار الغرب, ولنبل الخطاب الوطني والثقافي الذي حمله.

يتحدث أمين معلوف في احدى الحوارات عن هذه العلاقة المعقدة بين أوربا والعالم العربي, وعن مستقبل هذه العلاقة. هو يرى أن العالم العربي قريب من أوربا وبعيد عنها في آن, والذي ساهم في إحداث الشرخ بينهما هو أن أوربا عندما (انفجرت) في القرنين الخامس عشر والسادس عشر, كان العالم العربي هو أول من تلقى الضربة منها بصورة مباشرة, وتعذر عليه بعدها أن ينهض على قدميه لأن الذي تلا هذه الضربة هو الاستعمار الذي خضعت له بلادنا, وامتنع عليها بعده النهوض من كبوتها وقيام أي تطور مستقل لها. وفي الوقت الراهن مازالت الهوّة شاسعة بين العالمين, ومن مظاهرها أن مدينة في جنوب إسبانيا محاذية لمدينة في شمال المغرب لا يفصل بينها سوى مضيق بسيط, هي أقرب إلى ليتوانيا منها إلى هذه المدينة المغربية.

ولكن أمين معلوف يرى أن أوربا والعالم العربي يحتاج كل منهما إلى الآخر حاجة ماسّة , ويحلم بقيام رابطة وثيقة بينهما يتمنى أن تصل إلى حدّ (الشراكة العضوية) بحيث تقوم (وحدة عربية - أوربية) من شأنها أن تحقق لدول العالم العربي, وفي خلال فترة زمنية قصيرة, فورة حضارية واقتصادية واجتماعية غير متوقعة, تلحقنا بالعصر, تماماً كما حصل في إسبانيا واليونان وقبرص التي انتقلت بعد عملية (تلاقح) مع أوربا من حال إلى حال.

يقول أمين معلوف: (علينا نحن العرب أن نتخذ المبادرة, أن نخرج من تزمّتنا. إنني أحلم بوحدة أوربية متوسطية تشمل حزمة من الدول المجاورة لأوربا مثل تركيا, ومعظم دول الشرق الأوسط, ودولة مثل المغرب, تمهيدا لالتحاق كل دول المغرب, وحدة أو شراكة عضوية بين أوربا والعالم العربي).

يقيم أمين معلوف في فرنسا منذ 27 عاماً, ترك لبنان في خضم الحرب اللبنانية إلى فرنسا التي يجيد لغتها, وعمل في الصحافة الفرنسية قبل أن يتخصص بهذا النوع من الكتابة الروائية الذي لقي إقبالا عالميا منقطع النظير, والغريب أنه يتحدّر من أسرة لبنانية تخصص أبناؤها بالأدب العربي, وقد قدّمت هذه الأسرة للشعر العربي وحده أكثر من سبعين شاعرا يأتي في طليعتهم شفيق المعلوف صاحب (عبقر) وفوزي المعلوف صاحب (على بساط الريح). وكان والده رشدي المعلوف صحفيا وأديبا وشاعرا أيضا.

نقل أمين معلوف للقارئ الغربي صورة مشرقة عن الحضارة العربية, صورة أمينة بالدرجة الأولى. روى جوانب من سيرة بغداد, وسمرقند, وبخارى, وغرناطة, والأندلس عموما. قدّم للقارئ الغربي وجهة نظر المسلمين في الحروب الصليبية لتكون لديهم صور مختلفة عمّا سمّاه المؤرخون العرب بـ(حروب الفرنجة). لم يتملق القارئ الغربي أو يدغدغ غرائزه بالقول إن تاريخ العرب كان تاريخ الدم والمجازر والمذابح, وإنما ترك هذا الحديث لسواه من بعض الكتّاب الصغار الذين يعيشون في الغرب, وانطلق يروي تاريخ منطقته وحضارته رواية مشرّفة

سرسورة
28/09/2006, 23:05
كتبت بالفرنسية لأصحح فكرة الآخر عنا
في احدى المقابلات سؤل معلوف عن سبب كتابته باللغة الفرنسية.....

لماذا كتبت باللغة الفرنسية مع أنك تعرف العربية جيدا, وبذلك خرجت على تقاليد آل المعلوف الأسرة التي قدّمت للغة العربية والأدب والشعر العربي العشرات, بل المئات من الأدباء والشعراء.
- اختياري الكتابة باللغة الفرنسية له أسباب مختلفة, السبب الأولي, وربما الأساسي, كان الحرب في لبنان, واضطراري للانتقال إلى مجتمع آخر, وربما استسهال الكتابة بلغة المجتمع الذي انتقلت إليه.
في لبنان درست اللغة الفرنسية ولكن في الوقت نفسه, كانت اللغة الطبيعية بالنسبة إليّ هي اللغة العربية, وقد بدأت حياتي المهنية في جريدة (النهار) باللغة العربية. كنت في مرحلة معينة من عملي فيها أكتب مقالا يوميا تقريبا بالعربية, وفي مواضيع سياسية. وأتصور أنني لولا ظروف الحرب والهجرة, كنت استمررت بالكتابة بالعربية, وكان من المفروض أن يحصل هذا بشكل تلقائي.
عند انتقالي إلى فرنسا, وجدت من السهولة أن أكتب بالفرنسية إذ كانت لدي معرفة مسبقة وجيدة بها. في لبنان درست في مدرسة كانت اللغة الفرنسية تُدرّس فيها تدريساً جيداً, وربما بصورة أفضل من اللغة العربية.
بالنسبة لي شخصياً, كان مناخ اللغة العربية في المنزل, يؤمّن لي نوعا من التوازن في علاقتي باللغة الفرنسية. ويومها لو كنت منصرفا إلى اللغة الفرنسية وحدها, لكانت هذه اللغة بالنسبة إلي أقوى بكثير من لغتي العربية. ولكن بيتنا كان يتوافر على تقاليد: في هذا البيت لم أتكلم مرة إلا بالعربية. كان والدي رشدي المعلوف كاتبا وأديبا وشاعرا وصحفيا يكتب طبعا بالعربية. وكان لدينا كأسرة نوع من الفخر بما قدمه آل المعلوف للغة العربية والأدب العربي. وبالطبع كان للأسرة تاريخ معروف وعريق بهذه اللغة, ولذلك كان لابد من توافر نوع من التوازن بين اللغتين, بعدهما جاءت الإنجليزية بالنسبة لي في الموقع الثالث.
كان السبب الأول لانصرافي إلى الكتابة باللغة الفرنسية, سفري إلى فرنسا. إن الشخص الذي يعيش في مجتمع, ويندمج في هذا المجتمع, لابد له من أن يتوقع ردود فعل على ما يكتبه في هذا المجتمع, وهذا أمر طبيعي, ولا ننسى أيضا أن الشخص الذي يعيش في مجتمع ما, ولا يكتب بلغته, لا يكون وضعه سهلاً أيضا. لهذا لم أشعر يوماً وأنا في لبنان, وقبل مغادرتي إلى فرنسا, بأن من الممكن أن أكتب بالفرنسية باستمرار, وكنت كتبت بالعربية أولا, كما كتبت بالفرنسية.
سبب آخر دفعني إلى الكتابة بالفرنسية هو أنني شعرت في فرنسا بحاجة إلى نقل أشياء معينة إلى قارئ أوربي. ليس صدفة أن الكتاب الأول الذي كتبته بالفرنسية كان عن الحروب الصليبية, كما رآها العرب. كان لدي شعور بأن هناك أشياء قدمت معي من المنطقة العربية التي عشت فيها, غير معروفة في الغرب, أو أنها معروفة ولكن بشكل خاطئ أو مشوّه. شعرت بضرورة نقل صورة أخرى عن الحضارة العربية والعالم العربي, هي غير الصورة الموجودة لدى الغربيين, أو غير الصورة التي كانت ترد تقليدياً إلى الغرب عن طريق الرحّالة الغربيين الذين كانوا يجيئون إلى الشرق ثم يصفونه عند عودتهم.
هذه الناحية بدأ بها قبلي كتّاب شرقيون آخرون كتبوا عن الشرق بلغات الغرب. ثمة ظاهرة بدأت تتكثف في العقدين الأخيرين من القرن الماضي تتمثل في كتّاب قدموا أصلا من دول بعيدة بدأوا يعبّرون بلغات أوربية كالفرنسية والإنجليزية والإسبانية والألمانية عن تاريخهم وتراثهم وأحوال بلدانهم وتطلعاتهم. هناك - مثلاً - كتّاب أتراك يعيشون في ألمانيا ويكتبون بالألمانية. لأول مرة, بدأ القارئ الألماني يسمع بلغته أصواتاً قادمة من تركيا, أو من سواها, وعن قضايا كان يقرأ عنها من خلال الرحالة أو المستشرقين الغربيين.
هذه الظاهرة, ظاهرة جديدة تماما. كان الألمان في السابق يترجمون لكتّاب أتراك ولكن تلك الترجمات لم تكن مقروءة إلا من عدد محدود من الألمان, ولكن عندما يأتي كاتب أجنبي ويكتب بلغة أهل البلد, فإنه يخلق علاقة أخرى. وهذا الأمر شعرت به لأول مرة عندما انتقلت من لبنان إلى فرنسا. شعرت بداية بأن هناك سوء معرفة بالاخر, وسوء المعرفة هذا متأتٍ من الضفتين معا: من هنا ومن هناك أيضا. ثمة صورة مشوّهة, وغير واقعية, عند الغربيين عن العرب, تقابلها صورة مشوّهة وغير واقعية عند العرب عن الغربيين, لذلك أرى أن من واجب أيّ كاتب ينتقل من هذه الضفة إلى تلك, أن يعمل على تقديم الصورة الصحيحة عن بلده, أو أن يعمل على الأقل على تصحيح هذه الصورة ولو في إطار الممكن والمعقول.
أول كتاب كتبته انطلق من هذا الشعور, وكذلك كان الكتاب الثاني, وهو كتاب (ليون الإفريقي). جوهر هذا الكتاب الثاني هو ما ورد في صفحاته السبعين أو الثمانين الأولى, وهو عن سقوط غرناطة وبالتالي الأندلس, أردت أن أروي سقوط غرناطة والأندلس. لا من وجهة نظر الإسبان المنتصرين المزهوين باسترداد غرناطة, بل من وجهة نظر الآخرين الذين طُردوا منها. وكانت هذه الفكرة هي السبب الموجب الأول بالنسبة إلي لوضع (ليون الإفريقي).
وأنا أتصور أن من الطبيعي أن يتم عرض وجهة النظر العربية هذه بلغة الغربي نفسه.
وهناك - بالطبع - أسباب أخرى كثيرة دفعتني للكتابة باللغة الفرنسية.

سرسورة
29/09/2006, 14:28
الفكرة اني حابة اعطي فكرة عن الطريقة اللي بيكتب فيا و الصورة اللي بينقلها عن الحضارة العربية و الغربية قبل ما بلش بالروايات أو حياتو بشكل مفصل.....

و هون جزء من كلام منقول لامين معلوف حين سؤاله عن الصورة التي ينقلها عن الحضارة العربية...لانه دائما كان معروف بنزاهته في تصوير الجوانب الجيدة و السيئة من مختلف الحضارات

أول ما يلاحظه قارئ رواياتك هو أنك تحدثت بنزاهة عن الجوانب التي نقلتها للقارئ الغربي. لم تساير هذا القارئ, بل تعمدت أن تقدم وجهة النظر الأخرى, منطلقاً من انتسابك إلى الحضارة العربية.
- في مناخ البيت الذي تربيت فيه كان هناك شعور راسخ بالانتماء إلى الحضارة العربية, وشعور آخر بضرورة استخلاص ما هو مشعّ ونبيل وأصيل فيها, ثم نقله إلى الآخرين, وبالفعل عندما يكون هناك شخص مخلص لحضارة كبرى كالحضارة العربية الإسلامية, لا يمكنه أن يتقوقع ضمن (وضع خاص), هو وضع المجموعة الدينية أو الطائفية أو المذهبية التي ينتمي إليها, ثم يغسّل يديه من كل شيء آخر في هذه الحضارة, هذا أمر لم يرد في ذهني أبداً.
عندما نريد أن نتحدث عن الحضارة العربية لابد أن نتحدث عن كل جوانب هذه الحضارة, عن قرون من التاريخ, عن بلدان مختلفة ليست كلها عربية. عندما ينتمي المرء إلى الحضارة العربية. لابد أن يحب ابن سينا, والبيروني, وابن رشد. ويمكن أن يصل به المطاف إلى أواسط آسيا. ولاشك أن هذا المطاف سيصل به أيضا إلى أقاصي المغرب, ولابد أن يشعر بانتماء إلى شتى جوانب هذه الحضارة.
لذلك كان طبيعياً أن أعرض جوانب مختلفة من هذه الحضارة للغربيين بحبّ فُطرت عليه تجاهها, وليس لدي أي فضل في ذلك, فهذا من طبيعة ما ندبت نفسي له, وهو نابع من طبيعة المناخ العائلي الوطني الذي تربيت فيه.
لذلك لا يمكن أن أجزئ أو أقسّم هذه الحضارة, كأن أنتقي هذا الجانب منها وأستبعد الآخر, أو كأن أقول إن هذا الجانب يخص العربي (الآخر) ولا يخصني أنا.
هذه هي الحضارة العربية كما رأيتها, وكما تعاملت معها بشكل موحد ومتكامل. حضارة بدأت في مرحلة معينة في التاريخ. ربما كانت انطلاقتها ذات صلة بالدين, من الناحية التاريخية البحتة لا يمكن فصل هذه الحضارة عن الدين, فهو الذي أوصلها إلى أواسط آسيا وإلى أقاصي الغرب.
ثم إن الحضارة العربية التي بُنيت وكان لها علاقة بالإسلام, لا تقتصر على المؤمنين به من العرب, فهي أيضا حضارة الشعوب الأخرى التي ساهمت أيما إسهام في بنائها وصياغتها.
ولا ننسى أيضا أن الحضارة الغربية لها أيضا علاقة بالمسيحية, ولكن المسيحية لا تختصر وحدها الحضارة الغربية, ففي المسيحية جزء كبير لا علاقة له بالحضارة الغربية, وفي الحضارة الغربية أشياء أساسية لا علاقة لها بالمسيحية. الديمقراطية في أثينا وجدت قبل المسيحية, والقانون الروماني الذي هو أساس الحضارة الغربية إلى الآن, وجد قبل المسيحية, ولكن يبدو الآن وكأن الديمقراطية والقانون والحقوق هي عماد الحضارة الغربية.

وهذا ما حصل في الحضارة العربية أيضا عندما استوعبت ثقافات وحضارات سابقة عليها.
- طبعا. الحضارة العربية في أعظم لحظاتها استوعبت الحضارة اليونانية, كما استوعبت الحضارة الفارسية, والحضارة الهندية, وانفتحت أيّما انفتاح على المسيحية وبقية الثقافات الدينية.
لقد أصبحت الحضارة العربية حضارة كل شعوب المنطقة وهذا سرّ من أسرار عظمتها.

سرسورة
30/09/2006, 20:22
بدايات أمين معلوف...اختياره للصحافة.....تأثيرها على رواياته.....بداياته في فرنسا....حياته فيها كأديب لبناني.....في مقابلة أجريت معه(منقولة).....يجيب فبها عن هذه الأسئلة



والدي كان صحافيًا وشاعرًا
ولدت في بيروت في البسطة. وعائلتي أيضًا عاشت في رأس بيروت من جهة شارع جان دارك. درست عند الآباء اليسوعيين، باللغة الفرنسية... مع أن تأهيل عائلتي كان عند الأمريكان. لم أدرس الصحافة، بل علم الاجتماع في كلية الآداب... واليوم أتساءل: لماذا لم أدرس التاريخ بما أن هذا المجال هو الذي شدَّني أكثر من غيره.

لماذا اخترتَ الصحافة؟
أنا متحدِّر من عائلة صحافيين. وقد قمت ببعض الدراسات لتحسين معارفي العامة، وربما أيضًا لأني كنت أرغب في اكتساب خبرة جامعية... لكن والدي كان صحافيًا، وكان هناك صحافيون آخرون في العائلة. لقد كنت أهتم بذلك منذ طفولتي: فقد ترعرعت في هذا الوسط. في البداية كنت أكتب مقالات هنا وهناك؛ ثم بدأت العمل في جريدة النهار في صورة منتظمة في نيسان العام 71، وكان عمري وقتئذٍ 22 سنة. كنت أهتم في صورة أساسية بالسياسة الدولية. وقد سافرت آنذاك كثيرًا: ذهبت إلى الهند وبنغلادش وفيتنام والحبشة والصومال وكينيا وتنزانيا والمغرب... وبعد رحيلي إلى فرنسا، زرت أيضًا أمريكا الجنوبية...

ما الذي استبقيتَه من كلِّ هذا التنوع؟
يُراكِم المرءُ في داخله خبرات كثيرة من اللقاءات ومن المناظر الجديدة ومن الثقافات الجديدة ومن المدن المختلفة... نحن لا نعرف دومًا ماذا يفيدنا هذا، إلا أن هذه الخبرات تعاود الظهور في كتاباتنا من خلال الأماكن والشخصيات والحساسيات.

يجب أن نتعلَّم كيف نصغي
وربما أيضًا من خلال فلسفة حياة معينة... في كتابك موانئ المشرق كتبتَ: "المعلِّمون القديرون هم الذين يعلِّمون حقائق مختلفة."
أجل، يجب أن نتعلَّم الإصغاء لأصوات لا تقول دائمًا ما نتوقعه, ولا تكرِّر دائمًا حقائق مقبولة، بل حقائق أخرى قد تكون مستنكَرة أكثر، إنما أكثر فائدة وسَدادًا... ولهذا فأنا أحب السفر دائمًا والالتقاء بأشخاص جُدُد. أحب الإصغاء والرَّصد، وأقل منهما الكلام. بعد ذلك أكتب الأشياء التي تُروى لي. يبدأ المرء بالتحصيل؛ ثم يخرج هذا بعملية لا ينبغي أن نحاول فهمها كثيرًا، بل نتركها تجري على هواها.

هل كان لخبرتك الطويلة في الصحافة تأثير على رواياتك؟
الصحافة حاضرة في كل ما أفعل: أحيانًا من خلال طريقة معينة في الحكي؛ أحيانًا أخرى من من جراء توجُّهي لجمهور واسع نسبيًا، وأحيانًا من خلال تقصِّي الأحداث... كما أن هناك اهتمام بالأحداث وبالوقائع يُستَشَفُّ في ثنايا رواياتي، ومصدرُه الصحافة هو الآخر.

أحاول أن أبني شيئًا، أينما حللت

أنا أعيش في فرنسا منذ 20 عامًا. اندلعت الحربُ في نيسان 1975 ورحلتُ في حزيران 1976. إذًا لقد أمضيت الأشهر الأربعة عشر الأولى من الحرب في لبنان. لم أكن أستطيع وقتها الذهاب بشكل طبيعي إلى العمل لأن الانتقال من بيتي إلى مكتبي كان يضطرني إلى عبور مناطق خطرة كان يقبع فيها قنَّاصون. عندما كنت أذهب للعمل كان عليَّ إذن النوم عدة أيام في فندق صغير على مقربة من مكتبي... لم تكن حياة طبيعية، وفي لحظة معينة قررت الابتعاد...

سرسورة
30/09/2006, 20:27
كيف استمر بك العيش في فرنسا في البدايات؟
بدأت العمل فيها كصحافي. بدأت بإرسال بعض المقالات إلى صحف متنوعة؛ حتى استخدمتْني جماعة صحافيي أفريقيا الفتاة. لكن قبل ذلك كتبتُ في مجلة شهرية تدعى اقتصاد؛ تلتها أفريقيا الفتاة نفسها. وبعدها صرت أكتب في النهار العربي والدولي التي كانت تُحرَّر لفترة من الزمن في باريس، لكني كتبت في جرائد أخرى أيضًا. استمر نشاطي الصحافي المكثف حتى 1985، عندما قررت أن أكرِّس نفسي بالكلِّية لروايتي الأولى.

هل أنتَ مرحَّبٌ بك في فرنسا كلبناني، أم أنك تشعر بالغربة؟
لا أشعر بالغربة في أيِّ مكان. إنها مسألة اختيار. لكن هناك تقليد مهجري طويل في لبنان. قررتُ ذات مرة أن أحسم المسألة عندي نهائيًّا. أنا كائن بشري يسافر حول العالم، يحطُّ الرِّحال ويحاول أن يبني شيئًا حيثما يستقر.

كلُّ كتابٍ لقاءٌ
أنا أرى التاريخ بدايةً كمخزون لا ينضب من الأشخاص والأحداث والأمثولات والعصور، والمطلوب إعادة اكتشافها. نحن بالطبع نختار من التاريخ ما نرغب في اختياره، وفي وسعنا أن نبرهن على أي شيء انطلاقًا منه. لذا لا أعتقد أبدًا أنه ينطوي على تعليم مطلق، إلا أنه مادة مهمة لأنه الذاكرة، وهو عمق المجتمعات... لأنه ما كان لأيِّ شيء موجود اليوم أن يكون على ما هو عليه لولا كثافة التاريخ. ليس ثمة تاريخ "موضوعي" بحدِّ ذاته. وأعتقد أن لكلِّ شخص ذاكرة خاصة به، وهي تضفي على الحدث قيمة تختلف عن القيمة التي يضفيها عليه آخرون.

لماذا يروي المرء تفسيره الخاص للعالم؟
عندما نروي نساهم في إغناء ذاكرة الآخرين. فحكاية القصص هو جزء من حياتنا اليومية: كل واحد منَّا يحكي بطريقة أو بأخرى. إلا أني جعلت من الحكي مهنتي؛ ورواية التاريخ، كما أراه, تعني نقل عدد من المعارف والقيم والمواقف والحساسيات... وذلك، بنظري، وظيفة من وظائف الرواية.

هل تعتقد أن الكاتب يستطيع التأثير على مجريات الأمور؟
بعد قراءتي كتابًا لا أبقى أنا أنا. إنه لقاء... هنالك أمور نتوقف عندها، نتفكر، نتجاوب. لكني لا أكتب لأستثير ردَّات فعل معينة. فعلى المرء أن يعبِّر عما يرغب في التعبير عنه في كلِّ لحظة. وإذا كان كتابي يؤثر بطريقة ما فأنا أفضل أن يكون تأثيرًا على المدى الطويل: أنا لا أبحث أبدًا عن وَقْعٍ آني. عندما أكتب أركز على حساسياتي لحظتذاك، على حالتي الذهنية، وعلى بؤر اهتمامي. في هذا الكتاب آتي على ذكر التعايش في منطقة البحر المتوسط، وفي ذاك أتكلَّم على الصلات الصعبة بين العلم والأخلاق... المهم إذًا أن نستطيع التعبير بحرية... حقُّ الكينونة أسبق من حقِّ الكلام! قد لا نشعر برغبة في الكلام... لكن من حقِّنا أن نكون ما نرغب أن نكون، وليس ما يريدنا الآخرون أن نكون.

سرسورة
30/09/2006, 20:44
هلأ بعد ما أخدنا فكرة عن أمين معلوف و الطريقة اللي بيكتب فيها ...و اللي بيفكر فيها....
وقبل ما بلش برواياتو بشكل مفصل...رح حط هيك متل لمحة سريعة عن حياته الشخصية و الجوائز اللي حصل عليها....

ينحدر أمين معلوف من عائلة معلوف التي قدمت إلى راشيا الفخار من مدينة زحلة الواقعة شرقي لبنان منذ أكثر من 200 عام. وقد عُرفت عائلة معلوف بالفضل والكرم والأخلاق، وحب أبنائها الشديد للثقافة والأدب والعلوم. وقد هاجر عدد كبير من عائلة معلوف إلى الولايات المتحدة وأوروبا والبرازيل وسجلوا نجاحات باهرة.

- هو من مواليد بيروت في 14 فبراير 1949،

- تلقى تعليمه الابتدائي والتكميلي في مدرسة السيدة، والثانوي في كلية الجمهور، والجامعي في جامعة القديس يوسف في بيروت وتخرج فيها حاملاً إجازة في العلوم الاجتماعية،

- متزوج من السيدة أندريه معلوف، ولهما ثلاثة أبناء هم: رشدي وطارق وزياد،

- عمل في الصحافة اللبنانية خلال الفترة 1971 – 1976 في جريدة (النهار) . كما عمل خلال الفترة 1976 – 1979 في المجلة الفرنسية (جان أفريك)، وخلال الفترة 1979 – 1982 مديراً لمكتب جريدة (النهار) في باريس. وخلال الفترة ما بين 1982 - 1985 عمل مديراً للتحرير في مجلة (جان أفريك)،

- نال عدة جوائز ثقافية أبرزها جائزة (الكونكور) الفرنسية عام 1993، لروايته (صخرة طانيوس) وهي رواية لبنانية مستوحاة من حياة طانيوس في القرن الثامن عشر، والتي مزج فيها أمين معلوف بين التاريخ والخيال، وركز على مظاهر الحب والخيانة. أما روايته (حدائق تحت الضوء) فقد ركز أمين معلوف على شرح قصة غير عادية لأحد الأنبياء ويدعى (ماني) الذي استمد عقيدته من الأديان المختلفة في زمانه، ويحض فيها على التسامح والمحبة. ويشير إلى أن النبي (ماني) كان يهدف إلى نشر رسالته في زمن الحرب، حيث تدور أحداث الرواية حول العديد من المحاور الإنسانية، وخصوصاً المحبة والحزن والظلم والخداع. أما روايته الرائعة (الصليبيون بعيون عربية) يستعرض فيها أمين معلوف رؤية العرب ووجهة نظرهم تجاه الصليبيين وما ارتكبوه خلال حملاتهم من جرائم وانتهاكات. ثم يخلص إلى إجراء مقارنة بين الصليبية والبيئة السياسية والاقتصادية والاجتماعية الحالية في العالم العربي. وفي العديد من الأحاديث والمقابلات الصحافية والتلفزيونية شاطر أمين معلوف الكثير من المفكرين والأدباء والمؤرخين العرب قولهم بأن الصليبيين كانوا غزاة برابرة أكثر منهم شعوباً حضارية متمدنة. ومع ذلك يشير إلى أنه على الرغم من مرور فترة زمنية طويلة على انتهاء الحملات الصليبية، فإنها ما تزال تُلقي بظلالها المأساوية على واقع العلاقة بين أوروبا والإسلام. وأقر أمين معلوف بخطر وتهديدات الإرهاب ولا سيما بعد الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها واشنطن ونيويورك في 11 سبتمبر 2001، ولكنه يرفض مقولة احتمال أن يصبح الإسلام عدواً جديداً للغرب بعد سقوط النظام الشيوعي.

وكان أمين معلوف نال في السادس من يونيو الماضي (جائزة المتوسط) التي منحته إياها محافظات بربنيان ولونغ روك روسيون وبيرينيه أورينتال الفرنسية، وذلك تقديراً لروايته الجديدة (أُصول) التي تسلط الضوء على تاريخ عائلته (معلوف) في لبنان، كما يسرد فيها جوانب مهمة من الانفتاح في مداه المتعدد الجوانب في البلدان الواقعة على ضفتي البحر الأبيض المتوسط.

وخلال حفل تسليم الجائزة لأمين معلوف بحضور حشد من كبار المسؤولين والأدباء والمفكرين والشعراء الفرنسيين والعرب، تحدثت سفيرة لبنان في باريس السيدة سيلفي فضل الله، فاشادت بأهمية الجائزة التي مُنحت لتكريم كاتب لبناني مرموق لجأ إلى لغة بودلير وشق ثلماً في الإنتاج الأدبي الفرنكوفوني. وأوضحت قولها بأن أمين معلوف ومنذ روايته (ليون الأفريقي): (ما برح يدفعنا إلى اكتشاف مصادر غير معروفة كثيراً، وذلك بعد تحري دقتها ومصداقيتها التاريخية، مزاوجاً إياها بمعرفة عميقة للمسائل ذات الصلة بالوجودية التي تعتمل داخل المجتمعات المضطربة. وأعربت السفيرة فضل الله عن اعتقادها بأن أمين معلوف، ومع رواته (أصول) باشر في إطلاق حنينه والعودة إلى منابع طفولته. إذ بعدما توفي والده الأديب والصحافي المعروف رشدي المعلوف، يلمس قارئ الرواية كيف غاص أمين معلوف في نبش تاريخ عائلته في لبنان، ومعرفة ما فيها، وفك أسرارها من خلال إجراء تحقيق أدبي موثق). وخلصت السفيرة اللبنانية إلى مخاطبة الحضور قائلةً: (إنكم حين تكرمون أمين معلوف، فإنما تكرمون لبنان وفرنسا بنفس الوقت، هذا اللبنان الحديقة الأخيرة للغة الفرنسية في الشرق الأوسط. وإذا كنا نحرص على إثراء هذه اللغة فلأنها تدافع عن المُثل وقيم الحرية والعدالة والمساواة والديمقراطية والتقدم التي نشاطركم إياها منذ زمن بعيد).

أما أمين معلوف فقد ارتجل كلمة قصيرة أعرب فيها عن اعتزازه القوي بانتمائه إلى لبنان وطنه الأم الذي أنجب الكثير من العلماء والأدباء والمفكرين والفلاسفة في شتى حقول المعارف والعلوم الإنسانية، وإلى فرنسا وطنه الثاني في وقت واحد من خلال منطقة البحر الأبيض المتوسط، مشيراً إلى أن هذا المدى المتعدد الوجوه يحتاج إلى عملية بناء وتطوير دائمة.

سرسورة
02/10/2006, 20:24
عندما أصدر أمين معلوف كتاب «الحروب الصليبية كما رآها العرب» بالفرنسية عام 1983 لم يكن يُهيأ له أن هذا الكتاب الفريد سيفتح له أفقاً واسعاً بعد النجاح الذي لقيه في فرنسا وسائر البلدان التي ترجم الى لغاتها. صدر هذا الكتاب في مرحلة دقيقة كان الحوار فيها بين الشرق والغرب مشوباً بالكثير من التناقص وسوء الفهم، وكانت قضية الحروب الصليبية نفسها مثار جدل تاريخي وديني بين المؤرخين والعلماء العرب والمستشرقين الغربيين والمؤرخين وعلماء الاجتماع والسياسة. جاء كتاب معلوف ليلقي ضوءاً ساطعاً على هذه القضية انطلاقاً من نظرة المؤرخين والرواة العرب اليها، معتمداً الموضوعية التامة في قراءة تلك الحقبة. وبدا الكتاب هذا أشبه بـ «الرواية الحقيقية» التي تميل الى فعل التأريخ أكثر مما تميل الى فعل القص والسرد.

إلا أن هذا الكتاب فتح أمام أمين معلوف باب الرواية التاريخية ممهداً أمامه الطريق التي سيسلكها.
و خصوصا ان "الحروب الصليبية"كانت ولا تزال تشغل حيزا كبيرا من الكتابات التاريخية في الشرق والغرب لما لها من شأن وخطر على الصعد السياسية والاجتماعية والفكرية والاقتصادية والحضارية.
ولما كان الغرب باكثريته- ولا سيما غير المتخصصة- لا يعرف من هذه "الحروب" سوى الصورة الرائجة التي قدمها بعض من اشتركوا في الحملات الصليبية- وقد تكون تلك الصورة صادرة في كثير من الاحيان عن هوى وغرض- فقد عمد امين معلوف الى صورة مقابلة تركها المؤرخون العرب ولم تعرف طريقها الى جمهور الغربيين فقدمها- في حلة بسيطة وجذابة....
وينطلق هذا الكتاب من فكرة بسيطة سرد قصة الحروب الصليبية كما نظر اليها و عاشها و رويت تفاصيلها في (المعسكر الاخر) أي في الجانب العربي، ويعتمد محتواه بشكل حصري تقريباً على شهادات المؤرخين والإخبارين العرب في تلك الحقبة. ولا يتحدث هؤلاء عن حروب صليبية بل عن حروب أو غزوات إفرنجية. وقد كتبت الكلمة التي تدل على الإفرنج بأشكال مختلفة باختلاف المناطق والمؤلفين والأزمنة: فرنج، فرنجة، إفرنج، إفرنجة... وقد اختير الشكل الذي لا يزال مستخدماً حتى اليوم في المحكية الشعبية لتسمية ''الغربيين'' وبصورة أخص "الفرنسيين" "فرنج". وهدف المؤلف من وراء هذا الكتاب، ليس تقديم كتاب تاريخ ولكن تقديم كتاب يوضح وجهة نظر أهملت حتى الآن، ''رواية حقيقية'' عن الحروب الصليبية وعن هذين القرنين المضطربين اللذين صنعا الغرب والعالم العربي ولا يزالان يحددان حتى اليوم علاقتهما

سرسورة
03/10/2006, 01:32
في تلك السنة بالذات، وكان الفصل ربيعاً على ما أظن، أخذ أبي يحدثني عن غرناطة، وسوف يفعل ذلك في المستقبل ويستبقيني ساعات إلى جانبه من غير أن ينظر إليّ قط، أو يعرف ما إذا كنت أصغي إليه، أو إذا كنت أفهم، أو إذا كنت أعرف الأشخاص والأمكنة. وكان يتربع في جلسته ويشرق وجهه ويتموج صوته ويتلاشى تعبه وغضبه، وما هي إلا دقائق أو ساعات حتى يغدو قصاصاً. ولم يكن حينئذٍ في فاس، ولا على الأخص داخل هذه الجدران العابقة بالنتن والعفن. فلقد كان يسافر في ذاكرته ولا يعود إلا على مضض". يوغل الإنسان في الحنين... أو يلفه الحنين لا فرق... فالأمر سيّان... فكلاهما انتزاع... وكأنه انتزاع أول للروح من مهادها من موئلها... من وطنها... وغرناطة تلك المتربعة على جدران التاريخ... ينتزع أمين معلوف صورها المأساوية... يطوف بها في رحاب الحلم حيناً... وفي وهم الحقيقة أحياناً... صور غرناطة تلك يختطفها خياله... يثريها يزرعها بألف معنى ومعنى... ويسير مع الراحل من أرض غرناطة كتلك وكأنه الراحل عن الدنيا... يسير مع ذاك الراحل والهارب بدينه بعيداً عن أولئك الغازين الذين أبَوْا أن يتركوا لغرناطة روعتها... وأبَوْا أن يتركوا للغرناطيين حريتهم... ولكنهم وإن رحلوا "فإن هؤلاء الرجال لا يزالون يعلقون على جدران بيوتهم مفاتيح منازلهم في غرناطة... وفي كل يوم تعود إلى خواطرهم أفراح وعادات، ولا سيما زهو لن يعرفوه في المنفى...". وكأن أمين معلوف حمل معهم حلمهم... وحمل معهم ألمهم وحزنهم... وسافر معهم بعيداً في تطوافهم... وكأنه ليون الأفريقي... يقطف من الأمل حلماً... ومن التاريخ صوراً... ومن الخيال باقة... يودعها سطوراً تحمل بصمات قدر الإنسان... القاهر لهذا الإنسان.

سرسورة
04/10/2006, 00:00
خلق الروائي العربي المميز الحدث الثقافي مرة أخرى بعد روايته الحروب الصليبية بنشره لرواية «ليون الأفريقي» التي نال عنها جوائز عدة وخصصها لسيرة الرحالة المغربي المتنصر الحسن بن محمد الوزان القرطبي (الملقب بليون الأفريقي), في تلك الرواية الممتعة لم يرسم خيال معلوف الوقائع بعضها أو كلها كما ظل عهدنا بالروايات التاريخية، بل كان اعتماده على كتاب الوزان الشهير (وصف أفريقيا) وعلى مؤلفات ومذكرات مؤرخين وشخصيات عاصرته خلال الربع الأول من القرن الميلادي السادس عشر, ويجعل الروائي من الحسن الوزان «ليون الأفريقي»، البطل والراوي في الآن نفسه الذي يحكي لولده ما مر به من صروف الدهر منذ غادر طفلا برفقة أهله آخر مدن الأندلس الى فاس وقد تركها تحرق بنيران الكاثوليك المنتقمين لثمانية قرون من الوجود العربي الاسلامي، وحتى مغادرته روما المحترقة في النهاية فرارا من بطش المرتزقة الألمان الحاقدين على البابوية.
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////وما بين اللحظتين نقرأ بأسلوب أدبي شيق اشراقات الحب واخفاقاته الى جانب صور الخيانات والمؤامرات التي تصنعها تقلبات الأهواء والمصالح الشخصية والسياسية وملامح الوجوه والأمكنة والأحداث التي كان الوزان بطلها أو شاهدا عليها، من فاس غربا الى تمبكتو (مالي) جنوبا وحتى مصر وتركيا شرقا ثم العودة من الشرق الى تونس حيث أسره على سواحلها قراصنة ايطاليون، فروما شمالا التي سيعمده البابا ليون العاشر باسمه ويحمل لقب الأفريقي,, سيرة مثيرة وغنية بالمعاني يقدمها معلوف لرجل استثنائي ناضل من أجل احلال السلم شرقا وغربا، جنوبا وشمالا فكان تسامحه في الموعد خلال أكثر من محطة تاريخية مفتاحا أنقذه من الأحقاد والسياسة، ودرسا يلح معلوف بلسان الراوي ــ الحسن الوزان على أن يوصي به ابنه,كل فصل من الرواية يلخص «عاما» والرواية كتبت بأسلوب سلس أقرب الى اليوميات....

سرسورة
04/10/2006, 00:03
مقاطع اخرى من ليون الافريقي...
* مآذن قمارات البيضاء, أطلال قرطاجة الشامخة، إن النسيان يتربص بي في ظلالها ،و باتجاهها يتحول مجرى حياتي ، بعد تعرضي لعدد من الحوادث الغرق، خراب روما بعد نكبة القاهرة ، و حريق تومبكتو بعد سقوط غرناطة ، أتكون المصيبة هي التي تناديني ، أم أنني أنا من يستدعي المصيبة؟ مرة جديدة يا بني يحملني هذا البحر الشاهد على جميع أحوال التيه التي قاسيت منها ، و هو الذي يحملك اليوم الى منفاك الأول ، لقد كنت في روما "ابن الإفريقي" و في إفريقيا " ابن الرومي" و أينما كنت فسيرغب بعضهم في التنقيب في جلدك و صلواتك ، فأحذر أن تدغدغ غريزتهم يا بني و حاذر أن تخضع لوطأة الجمهور! فمسلماً كنت أو نصرانياً أو مهما تكن عليهم أن يرتضوك كما أنت ، أو أن يفقدوك ,و عندما يلوح لك ضيق عقول الناس فقل لنفسك أرض الله واسعة ، ورحبة هي يداه و قلبه ، و لا تتردد قط في الابتعاد الى ما وراء جميع التخوم و الأوطان و المعتقدات ....

*اينما كنت فسيرغب بعضهم في التنقيب في جلدك وصلواتك.فاحذر أن تدغدغ غريزتهم يا بني، وحاذر أن ترضخ لوطأة الجمهور! فمسلماً كنت أو يهودياً أو نصرانياً عليهم أن يرتضونك كما أنت أو أن يفقدوك. وعندما يلوح لك ضيق عقول الناس فقل لنفسك أرض الله واسعة ورحبة هي يداه وقلبه. ولا تتردد قط في الإبتعاد إلى ما وراء جميع البحار، إلى ما وراء جميع التخوم والأوطان والمعتقدات

سرسورة
05/10/2006, 00:54
رواية أمين معلوف، سمرقند،تسلط الضوء على فترات وأفكار لا يجب ألاّ نغفل عنها في قراءاتنا التاريخية والسياسية والفكرية.. القصة يرويها شخص يُدعى لوساج عمر بنيامين والاسم الوسط عمر لأن أهله كانوا من دائرة المعجبين بعمر الخيام التي كانت تتسع في الغرب منذ اكتشاف أول مخطوطة لرباعيات الخيام في القرن التاسع عشر.
ودور هذا الراوي أنه من أجل الحصول على نسخة مخطوطة لرباعيات الخيام يذهب إلى إيران في عز التجربة الديمقراطية التي خنقت في البرلمان أوائل القرن العشرين، والغريب أنه ذهب من أجل الحصول على هذه المخطوطة التي كان يقول عنها إنها ستقلب حياة البشر.. وبالفعل فقد قلبت حياته. وتدخل قصة المخطوطة في مرحلتين زمنيتين يفصلهما ألف عام. المرحلة الأولى تضم ثلاث شخصيات في ذروة الخلاف السني الشيعي الذي سخر له الوزير نظام المُلك كل قوته من أجل القضاء عليه، فكتب الكتب وأصدر الأحكام ولاحق المارقين وأسس المدارس العلمية واستقدم لهذا الأمر أشهر علماء المسلمين في عصره الإمام أبو حامد الغزالي. الشخصية الثانية: حسن الصباح الذى ربط الدين بشخصه ودكتاتوريته، فهو شخصية فذة وعبقرية، إلا أن عبقريته خضعت لهدف الوصول للقمة بشتى السبل، وقد عرفه عمر الخيام على السلطان حتى أصبح ذا حظوة واستلم حسابات السلطنة فقلبت الملك عليه حيث قيل إنه دبر له مكيدة فكاد يقتل، ولكن عمر الخيام تشفع له عند نظام الملك. وقد أقسم على الانتقام فذهب إلى مصر واعتنق المذهب الفاطمي وتعلم في الأزهر (ربما كان مساهماً فى تأسيسه). وعاد إلى المنطقة مندوباً عن الفاطميين وتطرف بدعوته حتى أسس فرقة الحشاشين، وهي فرقة اشتهرت بالاغتيالات. وتمكن من قتل نظام الملك واعتصم مع أتباعه الكثر في قلعة ألْموت في حياة متقشفة ، وقد أخذ معه المخطوطة ليغري صديقه عمر الخيام باللحاق به.
أما الشخصية الثالثة فهي عمر الخيام، التي أسرت لب الشرق والغرب برباعياته، فكان صديقاً للعدوين اللدودين رغم أنه ليس ذا سلطة أو جاه، ولكنه مفكر من الدرجة الأولى، قال عنه البعض أنه ملحد سكير فيلسوف، وقال الآخرون أنه عالم وصل إلى الله بفكره. بالإضافة إلى ذلك كان محباً للعلم فأكبر هبة أخذها من السلطان طلب منه افتتاح مرصد فلكي بها، وكان عالم رياضيات أضاف إلى نظريات الخوارزمي وصحح بعضها. فكان هدفاً في صراع الشخصيتين الأوليين، نظام الملك وحسن الصباح، لكونه حكماً لا يستهان برأيه، أنقذ الصباح من الموت وبكى نظام الملك حين قتل. والمرحلة الثانية فى نص سمرقند هي التي عاشها الراوي (بعد ألف عام). وتجذب القارئ شخصية لوساج عمر بنيامين الذي جرّه انجذابه وراء الرباعيات إلى أبعد الأماكن وأعمق الأزمات من أجل الوصول إلى هدفه. فوصل إلى الحضيض فى فترات طويلة حيث أمضى أشهراً يقطع المسافات ماشياً أو على ظهر بغل فيما بعد بحثاً عن المخطوطة، التي وجدها أخيراً وأرسلها إلى نيويورك مع محبوبته إحدى أميرات عرش الشاه في إيران.

سرسورة
05/10/2006, 01:02
النيل والفرات (سمرقند)........
"عندما ولدت في الأول من آذار مارس عام 1873م... وإن لم يكن والداي يريدان إرباكي بهذا الاسم الآتي من بعيد... "عمر" فقد أخّراه إلى المرتبة الثانية لأتمكن إذا رغبت من استبداله بـ (ع) [5 بالحرف اللاتيني]... لم تكن الوراثة التي آلت إليّ على هذا النوح إلا لتوقظ فضولي في ذك الإشبين المغرق في القدم، وفي الخامسة عشرة شرعت اقرأ كل ما يتعلق به... وتعلمت ألا أرى في حرف (ع)... سوى راسب لا يمحى لطيش أبويّ صبياني، إلى أن أعادني لقاء إلى شغفي ووجه حياتي بإصرار على خطى الخيام".
تبدأ تفاصيل هذه الرواية من هذه البدايات التي كان مع إصرار صاحبها على تقصي سيرة عمر الخيام باعثاً أتاح له الحصول على هذه المخطوطة التي من ثناياها نسج أمين معلوف نسجاً روائياً خلاباً من خيال حلق في أجواء المخطوطة التاريخية ليلقي على الأحداث في تلك الآونة الزمنية التي أرخ لها عمر الخيام، والتي تناقلها القيمون على المكتبة في (ألموت) أباً عن جد والتي من خلالها تسنى لنا معرفة أثر الخيام بعد موته فيما نال الحشاشين من تحول... وتسنى التعرف على "رباعيات الخيام" بعد أن غدا مستحيلاً في غياب المخطوط حيث اختلطت مئات الرباعيّات المنحولة و"رباعيات الخيام".

تلك سمرقند التي ارتحلت مع بنجامين ع.لوساج في مخطوط انتزعه من مسقط رأسه آسيا، وأبحرت في أمتعته على متن التيتانيك... في رحلته الأبدية... لتغرق في حضن الزمان... وتكون حاضرة بعد حين بسطورها بين يدي خيال مترع ألبسها حللاً فغدت سمرقند الخيام حاضرة في الأذهان... وبعد... رباعيات الخيام على الـ"تيتانيك" زهرة الشرق تحملها زهيرة الغرب... ليتك ترى يا خيام اللحظة الحلوة التي كتب لنا أن نحياها

سرسورة
05/10/2006, 01:47
سلالم الشرق..موانىء الشرق

كعادة أمين معلوف في كل اعماله ...تتلاقى الحضارات والقوميات والأديان ...في شكل يعلو من قيمة الانسان ايا يكن جنسه او دينه او لغته ....
في سلالم الشرق ....هذه الرواية الممتعة ...يتناول معلوف سيرة رجل انحدر من أب تركي وأم ارمنية .....وكان هذا الالتقاء وهذا الزواج في عز النعرة العنصرية ضد الأرمن والتي نتج عنها كثير من المآسي....ولكن والد بطل الرواية يتزوج امه الارمنية ويهاجر الى بيروت ...
وفي بيروت حيث اختلاط الاعراق والأديان ينشأ ( عصيان ) وهو اسم بطل الرواية ....ثم يتوجه الى فرنسا ليدرس الطب ....في ذلك الوقت كانت الحرب العالمية مشتعلة ...وكان الإحتلال النازي لفرنسا حيث ينظم عصيان الى جماعة من المقاوميين للنازية ....ويتعرف لفترة بسيطة بكارلا وهي يهودية ذهب اهلها ضحية الابادة النازية لليهود...
تنتهي الحرب....وتنتصر ارادة المقاومة على الأحتلال...تنتصر افكار الحرية على الديكتاتورية ....يعود عصيان بطلا الى بيروت حيث تسبقه حكايات بطولاته في المقاومة ....
هناك يلتقي بكارلا مجددا التي اتت بخالها وهو الناجي الوحيد من المحرقة من اجل ان يعش بقية عمره في حيفا...
يلتقي المناضلان السابقان ضد العنصرية مجددا....يقرران الزواج....ويتزوجان ....وفي حيفا يكتشفان الحجم الهائل لسوء الفهم المتبادل بين اليهود والعرب......وضخامة الكره .......
يكتشفان ان مقاومة النازية قد تكون اسهل من محاولة ارساء تفاهم بين اليهود والعرب ...اليهود الذين يرون انهم تعرضوا لماساة من نوع خاص تؤهلهم لبناء وطن لهم ولو على حساب شعب آخر لا ذنب له في ماحصل ...
تكتشف كارلا اليهودية هذا ...وتحاول مع مجموعة من اليهود والعرب تأسيس جمعية لارساء بعض التفاهم ...لكن الوقت كان يمضي بسرعة ...
يعود عصيان الى بيروت لرؤية والده المحتضر ....تشتعل حرب الثمانية والاربعين ...يصاب عصيان بانهيار عصبي حاد.....ويتم ادخاله لاحدى المصحات ....
وهكذا ....تمضي السنوات الحاسمة وهو يعاني الجنون ...والفراق ...وتشتعل الحرب الأهلية اللبنانية ....وتتنامى النوازع العنصرية والقومية المتطرفة ....
كأن الرواية تقول بشكل غير مباشر أن الانسان الذي تخلص من النازية العنصرية فشل في إن يقيم نظاما بلا عنصريا ت اخرى ...
لايدين معلوف احد في روايته الجميلة .....
لايقدم خطابا سياسيا او فكريا ....
هو فقط يتناول الانسان ....الانسان الذي يشعر بالحب ...ويشعر بالحزن ...الانسان الذي يتألم ...ويفرح ......دون ان تختلف مشاعر الحب او مشاعر الحزن او مشاعر الألم او مشاعر الفرح ...بين قومية واخرى او بين حضارة وأخرى ..او بين اصحاب دين ودين آخر...
ورغم اليأس الذي يغلف كثيرا من الأحداث..... اليأس الذي انتقل في الرواية الى الجيل التالي... فإبنة عصيان من كارلا والتي ولدت في غيابة ...وسمتها امها ناديا ...والتي تعتبر نفسها مسلمة تبعا لوالدها .....ويهودية تبعا لامها.....ناديا تبذل جهدا في محاولة لاخراج والدها من المصحة ...تلتقي به ...تقبله ......لكنها تعود الى واقعها ....فتغادر المكان كله الى البرازيل ....
وهذا الإختصار المخل ليس كل الحكاية ....فالرواية مليئة بالاحداث والصراعات ....ومليئة بالمشاعر الانسانية الفياضة ....
ولاتنتهي الا بخروج عصيان اخيرا من المصح ....وهنا يبحث عن أصدقاء المقاومة ....ويطلب من كارلا في رسالة ان تقابله في نفس المكان القديم على نهر السين ....
وفي النهاية لايمكن اختصار الرواية في كلمات و لكن يمكن القول أن هذا الادب هو السلاح الأقوى ...لتنمية مشاعر الانسانية الحقة ....بعيدا عن أي تعصب أحمق ..

tiger
05/10/2006, 01:50
سرسورة شكرا إلك ......:D
موضوع مميز عن أديب أكثر من مميز ......
متعة قراءة كتبه لا تعادلها متعة .......

سرسورة
05/10/2006, 01:54
مقدمة الكاتب لموانىء الشرق.....

التقيته، كما يبدو في الدفتر الذي أدوّن فيه ملاحظاتي، يوم أربعاء. وفي صباح اليوم التالي كنا ومنذ التاسعة صباحا في غرفته في الفندق، غرفة ضيقة لكنها عالية السقف، وعلى الجدران قماش بلون العشب رسمت عليه أزهار ربيعية مسطحة. رجل غريب قائم، دعاني للجلوس على الكنبة الوحيدة الموجودة لديه، مفضلاً السيد في الغرفة. عمّاذا تريدنا أن نتحدث في البداية؟ سألني. أعتقد انه من السهل أن نبدأ من البداية ولادتك... تجول بصمت لدقيقتين، ثم أجاب بسؤال آخر: هل أنت واثق بأن حياة الإنسان تبدأ بولادته؟ لم ينتظر إجابتي بل كان سؤاله أسلوباً خاصاً لبدء روايته تركت له الكلام واعداً نفسي بالتدخل أقل ما يمكن". هكذا، وفي لحظة، راودت أمين معلوف فكرة سرده لقصة حياة هذا الإنسان من البداية إلى النهاية. فمنذ أحاديثها الأولى كان الكاتب مفتوناً بتلك الطريقة التي كان يسرد فيها أوسيان هذه القصة، بعض الوقائع المثيرة بالنسبة له. كان لقاءهما بمحض الصدفة في باريس، في إحدى حافلات المترو في حزيران من عام 1976، لم يكن قد التقاه سابقاً، ولا سمع باسمه، بل هو رأى صورة له في أحد الكتب من سنين طويلة موجودة في أحد كتب التاريخ المدرسية، لكنها لم تكن صورة لشخصية مشهورة كتب الاسم تحتها، بل صورة لجمهرة من الناس تصطف على رصيف ميناء، وفي العمق باخرة تملأ الأفق، تاركة قطعة من السماء، وتحتها تعليق يقول بأن عدداً من رجال البلد القديم ذهبوا خلال الحرب العالمية الثانية لكي يقاتلوا في أوربا ضمن صفوف المقاومة، وبأنهم استقبلوا لدى عودتهم كالأبطال. وسط ذلك الحشد من الناس المصطفين على الرصيف، ظهر رأس شاب مندهش ذو شعر فاتح اللون، تقاسيم وجهه ناعمة وطفولية بعض الشيء يمد عنقه جانباً، كما لو أنه تلقى للتو ذلك الإكليل الذي يزينه ولكم من الساعات أمضى الكاتب في تأمل تلك الصورة. وحفظ كل تفاصيلها. ما الذي جذبه إليها؟ انه ذاك السحر في المغامرة واليها... السفر بحراً والتفاني اللامحدود والنهر. أما الآن فالصورة أمام الكاتب تنطق حية في باريس، يقف في المترو متمسكاً بعمود معدني، مجهول الهوية ومحاطاً بحشد من المجهولين. لكن كانت لديه تلك النظرة المندهشة، وتلك القسمات الناعمة لطفل كبير، وذلك الرأس ذو الشعر الفاتح الذي صار اليوم أبيض، وربما كان سابقاً أشقر. وما زال عنقه يشرئب جانباً فكيف لا يعرضه... وتم اللقاء، كان محدثه، صاحب الصورة، تبحث بتمهل عذب، كما لو كان عليه أن ينفض الغبار عن كلمة قبل نطقها لكن جملة كانت دائماً صحيحة ومعمقة، ومن إسقاطات أو تناقضات أو استخدام تعابير عامية. وفي بعض الأحيان كانت بالية وقديمة، كما لو انه كان يتحدث غالباً إلى الكتب أكثر مما يتحدث إلى نظرائه. وهكذا قفزت إلى ذهن الكاتب فكرة سرد قصة حياة هذا الإنسان المسكون بالخوف في أن يجد نفسه وجهاً لوجه مع نفسه، ولكن الكاتب أخرجه من محنته من خلال لقائه معه، فكان ذلك تحول بالنسبة له مما جعله أكثر فعالية فقد احتكره طيلة أيام، يهزّه بأسئلته، يزعزعه بمواجهة، ويستفزه باتهاماته... ليجبره بذلك كله على استعادة حياته السابقة ساعة بعد ساعة، بدلاً من أن يفكر بالمستقبل... ومضى يشق السنين رجوعاً ليحضر في ذاك الزمن الماضي، فيستعيد بتلك العودة نشوة بطولة أصابت السنين لمعانها وتوهجها فخبت على استحياء. أكان يكذب هذا الإنسان في قصته؟ الكاتب يجهل ذلك، إلا أنه على يقين بأنه لم يكذب فيما رواه عن المرأة التي أحب، لم يكذب فيما رواه عن لقاءاتهما وجنونهما ومعتقداتهما وخيباتهما، وعنده الدليل على ذلك. وأما فيما يخص دوافعه الخاصة بكل مرحلة من مراحل حياته، وما رواه عن أسرته الغريبة، وذلك المد والجزر الغربيين في عقله، أي ذاك النوسان المستمر من الجنون إلى الحكمة، ومن الحكمة إلى الجنون، فربما لم يقل أوسيان للكاتب كل شيء، ومع ذلك فالكاتب يعتقد ان أوسيان كان صافي السريرة، كان بلا شك، مضطرب الذاكرة والمحاكمة العقلية لكنه كان دائماً حسن النية. الناشر: "سلالم الشرق" اسم أطلق على عدد من المدن التجارية التي كان يصل عبرها مسافرو أوروبا إلى الشرق.97732 من القسطنطينية إلى الإسكندرية مروراً بإزمير وأضنة أو بيروت. كانت تلك المدن ولفترة طويلة من الزمن أماكن امتزاج حيث كانت تختلط اللغات والعادات والتقاليد، أكوان عابرة صنعها التاريخ بهدوء ثم هدمها، مدمراً أثناء ذلك العديد من الحيوات. بطل هذه الرواية، أوسيان، هو أحد أولئك الرجال ذوي الأقدار المتعرجة. من احتضار الإمبراطورية العثمانية إلى الحربين العالميتين، وصولاً إلى المأساة التي ما تزال حتى اليوم تمزق الشرق الأدنى. لا تزن حياته أكثر من القليل من القش ضمن زوبعة. يستذكر وبصبر راوياً قصة طفولته الأميرية، وجدته المختلة عقلياً، ووالده الثوري، وأخيه الساقط، وإقامته في فرنسا تحت الاحتلال، ثم لقائه مع حبيبته اليهودية كلارا، متحدثاً عن لحظاتهم الحميمية والبطولية والعالمة، ثم سقوطه في الجحيم. لقد أُبعد عن مستقبله وحُرم من حقوقه وأفراحه الأكثر بساطة، فماذا تبقى له؟ حب الانتظار، حب هادئ لكنه قوي، ولعله كان في النهاية أكثر قوة من الرواية ذاتها

TheLight
05/10/2006, 02:29
رائعة سرسورة وشغل كتير حلو لهلق
بشكرك كتير وناطر التتمة
ميرسي كتير:D

كهربجي
05/10/2006, 14:44
يسلم إيديكون كلكون

سرسورة
06/10/2006, 02:03
هلأ انا المفروض انو اليوم خلص اسبوع امين معلوف...بس انا في يوم قصرت فيه...مشان هيك من بعد اذنكون....بدي اخد بكرة لحتى خلصو لانو في كام شغلة ضروري حطون و ما بيلحقوا معي اليوم.....
معناتا انا بكرة بخلص و السبت بيستلم chefadi انشالله:D

سرسورة
06/10/2006, 02:27
صخرة طانيوس


"ومع ذلك، فعندما يصدف أن أبصر في الحلم طبيعة طفولتي، تتراءى أمام ناظري صخرة أخرى تلوح كمقعد جليل، متقعّر، كأنه اهترأ في موقع المؤخرة، بمسنده الشاهق والمستقيم المنسدل على الجانبين كالمرفق-وهي الصخرة الوحيدة التي تحمل، على ما أظن، اسم رجل، صخرة طانيوس، لطالما تأملت ذلك العرش الحجري ولم أجرؤ على ملامسته. ليس خوفاً من الخطر؛ ففي الضيعة، كانت الصخور مرتع لَهوِنا المفضل، بل كان تطيراً وعهداً انتزعه مني جدي، قبل أشهر على وفاته. "كل الصخور إلا تلك الصخرة"... كنت أعلم أن طانيوس أحد الأسماء العامية الكثيرة لأنطوان... أدين لجبرايل بكون إيماني ترسخ في مرحلة مبكرة للغاية بأن طانيوس كان كائناً من لحم ودم، بغض النظر عن كونه أسطورة، ثم حصلت على الدلائل لاحقاً... إذ أسعفني الحظ فتسنى لي أخيراً الحصول على مخطوطات أصلية... مخطوطتان لشخصين عرفا طانيوس عن كثب، وثالثة... صاحبها رجل دين... حين وقع بين يدي ذلك المؤلف الأخضر الغلاف... رحت أتصفح ذلك الوحش بطرف أصابعي، بطرف عيني، فإذا بتلك السطور تبرز أمام ناظري.. "حوال الرابع من تشرين الثاني 1840، تاريخ الاختفاء الغامض لطانيوس الكشك... بالرغم من أنه كان يملك كل ما يتمناه المرء في الحياة. فقد فكيت عقدة ماضيه وذللت الصعاب التي تعترض دروب الغد... لا يعقل أن يكون قد غادر الضيعة بملء إرادته. والجميع على يقين بأن لعنة ما ترتبط بالصخرة التي تحمل اسمه" وعلى الفور لم تعد الصفحات الأولى مستغلقة عليّ، ورحت أنظر إلى المخطوط نظرة مغايرة كأنه دليل، أو رفيق، أو ربما مطية. وصار بوسع رحلتي أن تبدأ".
حين ألهب اللغز خيال أمين معلوف، تحّمس يراعه، وأفلت من عقاله، منطلقاً في رحلة روائية مشوّقة يعبر من خلالها مدائن الزمن والتاريخ، يقتنص منها ساردة ويغتنم منها حدثاً لينقله خياله مترعاً بإبداعات تطال الأسلوب وتطال اللغة والمعاني والحروف التي تحلّق في سماء الإبداع الروائي لتشي بأنه ما زال دائماً في الأفق متسع لعطاءات إنسانية، متجددة وخلاقة دائماً وأبداً.

كهربجي
06/10/2006, 04:50
أخ من ه الرواية.. أخدت شهرين من عمري ما عم أعمل شي غير عيدها... هه

سرسورة
06/10/2006, 14:44
جزء من مقابلة مع أمين معلوف لدار الحياة

رواية مثل «صخرة طانيوس» ألم تحسّ أنّ من الأسهل عليك لو كتبتها بالعربية؟

- لم أفكر في هذا الأمر عندما باشرت في كتابتها. ولكن اذا أعدت قراءتها الآن أقول انني كان في امكاني أن أكتبها بالعربية. ولكن وقتذاك لم أفكر في هذا الأمر. وأتصوّر أنني اذا قرّرت أن أكتب عملاً بالعربية، رواية أو غير رواية، أعتقد أنني سأكتب شيئاً مختلفاً عمّا أكتبه بالفرنسية.

النزعة «الاكزوتيكية»



> ألاحظ لدى بعض الكتّاب العرب بالفرنسية بروز النزعة «الاكزوتيكية» التي تغري القارئ الأجنبيّ! وقد ظهرت لديك في «صخرة طانيوس». ما الذي يدفع مثل هؤلاء الكتّاب الى هذه النزعة؟


- من الأكيد أنني لست أفضل شخص يمكنه أن يدلي برأيه في هذا الموضوع. فأنا لا أفكر كثيراً في ما أكتبه عندما أكتب. ولا أبتعد عن الشخص الذي يكتب وأنظر اليه كيف يكتب. صحيح أنني عفوياً لا أحب الأكزوتيكية. وكلّ ما يحوي هذه النزعة أنفر منه. أحبّ مثلاً فلوبير كثيراً ولكنني لا أحب روايته «سالامبو». أحسّ أن في كتابته هذه الرواية خطأ ما أو تصنعاً ما. وربّما لأنني لا أتعامل مع الوقائع وكأنني آتٍ من الخارج. ولا أتعامل مع أهل الضيعة الذين أكتب عنهم في «صخرة طانيوس» ليس كشخص آتٍ من الخارج ويتفرّج عليهم. في النهاية هؤلاء هم جدّي وستي وأعمامي. والبيئة هي البيئة التي عرفتها في طفولتي وفي الحكايات اللبنانية. في كلّ دول العالم توجد بيئات. وهذا طبيعي، والكاتب لا يجد هذه البيئات أكزوتيكية الا حين يتصرّف هو خطأ حيالها، ويرى أنّ تصرّف الناس فيه شيء من الأكزوتيكية. وعندما يقترب الكاتب من الناس اقتراباً حقيقياً يجد أنّ لديهم تصرّفات خاصة بهم.
> عندما تقرأ رواياتك مترجمة الى العربية كيف يكون شعورك؟ هل تشعر بأنك عدت الى لغتك الأم؟ أم أن الترجمة العربية تظل مجرّد ترجمة مثل الترجمات الأخرى؟


- لا أقرأ رواياتي بالعربية من أولها الى آخرها. أقرأ فقرات معيّنة. ربما كان حظي كبيراً جداً في أن ترجمتي العربية جيدة جداً. وأذكر الكاتب عفيف دمشقية الذي قرأ الكثيرون ترجماته ووجدوها كأنّها غير مترجمة بل مكتوبة بالعربية. وهذا مهمّ جداً بالنسبة الى اللغة العربية أو اللغة الأم. ولست من النوع الذي يأخذ النص المترجم ويقارنه بالأصل ويصححه. فأنا عندما أثق بالمترجم أترك له حرية الترجمة والتصرّف. أكون موجوداً مع المترجم اذا احتاج الى أي إيضاح أو إلى تفسير بعض المصطلحات أو التعابير. وأذكر أنني اجتمعت مع مترجمتي نهلة بيضون عندما كانت تعمل على رواية «بدايات» الأخيرة، لساعات طويلة، وعملنا على التفاصيل والمراجع التي اعتمدتها ولا سيّما الوثائق والرسائل، ووفرت لها ما تريد من أجل أن تكتمل الترجمة عبر المراجع الأصلية. لكنني عندما أثق بالمترجم أعهد اليه المهمة وأدعه يترجم كما يريد.

> والترجمات الأخرى، هل تقرأها؟


- الأمر هو نفسه. إنني أجيد الانكليزية، وفي هذه الترجمات الانكليزية أقرأ مقاطع أيضاً. وكنت دوماً أردّ على أسئلة المترجمين. أما اللغات الأخرى التي لا أجيدها فعليّ أن أثق بالمترجمين. أي شخص يعمل على الترجمة في أوروبا انما يعمل بجدّية، وأنا لا أستطيع أن أراقب الترجمات في لغات لا أجيدها. وهذه مهمة الناشر.

> انطلاقاً من ترجماتك الى العربية هل تصنّف نفسك روائياً ضمن الحركة الروائية اللبنانية أم الفرنسية؟


- اذا أخذنا الموضوعات أو الهواجس الموجودة في رواياتي سأكون في هذا المعنى منتمياً الى الأدب اللبناني. أما من خلال اللغة فانتمائي هو الى الأدب الفرنسي. لكنني لا أطرح هذا السؤال على نفسي. في عالم اليوم الاهم هو المضمون، أي ما يريد الكاتب أن يقوله. وأتصوّر أن الهواجس لديّ تصبح أكثر فأكثر هواجس شاملة. تقرأ روايات صادرة في أميركا اللاتينية أو في أوروبا الشرقية مثلاً واذا حدت قليلاً عن اللون المحلّي تجدها أعمالاً قابلة لأن تقرأ في كلّ مكان. الهواجس هي نفسها والناس أقرب بعضهم الى بعض أكثر مما يتصوّرون، والاهتمامات والهواجس تتقارب بدورها على رغم الفروق.

> ألا تشعر بأنك في حاجة الى موقع ما أو الى سياق تُدرج ضمنه أو الى حركة تنتمي اليها؟


- ربما لأنني خرجت من البلد الذي ولدت فيه ونشأت، أتصوّر أنني قبلت في أن أكون خارج أي اطار. عندما تركت المجتمع الذي نشأت فيه، لم تبق لدي المرتكزات نفسها في هذا المجتمع. ولم أتبنَّ أي مرتكزات في أي مجتمع آخر. وبالتالي فأن نزعة الانزواء التي كانت موجودة فيّ منذ صغري، وقد عرفت بها كثيراً، ما زالت موجودة فيّ حتى الآن. كنت في مرحلتي الأولى أدخل غرفتي ولا أخرج منها، أتمدّد على السرير وبين يدي كتاب، واذا انتهيت منه آخذ غيره. وكنت قليل الكلام، أفضل الاصغاء على الحكي. يسألني بعض الأصدقاء كيف تتحمل حال الاعتزال طوال أشهر، فأقول لهم: انها الكتابة تحملني على العزلة التي أحبها أصلاً. ويمكنني أن أبقى مدّة طويلة في مثل هذه العزلة خصوصاً عندما استسلم لها وأنسى كلّ شيء. لا تزعجني العزلة البتة. ربما لذلك لا أسعى الى أن أنتمي الى تيار معين أو مدرسة. هذه الأمور هي تصنيفات آنية تساعد الكاتب والقارئ بدوره على ادراك موقع هذا الكاتب في المشهد الأدبي. وأرى أن على الكاتب أن يكتب من دون أن يبحث عن موقعه، وما دام قادراً على الكتابة، فليكتب، وهذا هو المهم. والمهم أن يتقدم ويتطور من كتاب الى آخر.

سرسورة
06/10/2006, 15:00
> اذا سألتك عن أسلافك كروائي فمن تراهم يكونون؟ بمن تأثرت عربياً وأجنبياً؟


- هناك كتّاب أشعر بقرابة معيّنة معهم، وفي الوقت نفسه، أعلم أن ما أكتبه له علاقة بما كتبوا هم. هناك كتّاب أثروا فيّ بل شجعوني على الكتابة أو خلقوا فيّ الرغبة في الكتابة. ولكن لا أعتقد أن هناك رواية من الروايات التي كتبتها لها علاقة مباشرة بأدبهم. مثلاً، عندما كنت صغيراً، أعتقد ان الكتاب الذي فتح لي آفاقاً هو «رحلات غيليفر» وقرأته بالعربية في سلسلة كان يصدرها كامل كيلاني بعنوان «أولادنا». في هذا الكتاب اكتشفت امكانيات الكتابة الروائية. لكنني أعرف أن ما من رواية كتبتها مستوحاة من هذه «الرحلات»، لكنها ولّدت لديّ رغبة كبيرة في الكتابة الروائية. وهذه الكتابة ليست من تقاليد عائلتنا. فالعائلة كانت تضمّ شعراء وصحافيين وأدباء وليس روائيين. والدي كان يسرد علينا الكثير من الأخبار والمرويّات، لكنّه عندما يكتب لم يكن يكتب قصّة، كان يكتب الشعر والمقالات والنقد، أما الرواية فلا. ما من مرّة خطر له أن يكتب قصّة قصيرة أو رواية. قراءاتي جعلتني أرغب في الكتابة وفي الكتابة المتخيلة. ومن الذين قرأتهم: شارل ديكنز، مارك توين... في فترة لاحقة قرأت: ستيفان زيفيغ، توماس مان، تولستوي وهو بالنسبة إليّ أعظم العظماء...

> ودوستويفسكي؟


- أكيد، وأكن له احتراماً كبيراً، لكنه يأتي بعد تولستوي. تولستوي يهفّ له قلبي أكثر. واذا سألني أحد أن أذكر له كتاباً في شكل تلقائي، أقول «موت ايفان» لتولستوي. في هذا الكتاب نوع من الكمال.

> هل قرأت جرجي زيدان مثلاً في الفترة الأولى وهو أبو الرواية التاريخية عربياً؟


- من زمان. وما زلت أذكر بضع روايات مثل «فتاة غسان» و «المملوك الشارد»... ولكن لا أستطيع أن أقول إنه أثر فيّ مباشرة. ربما أثّر، لا أستطيع أن أجزم. حتى عندما أقول «رحلات غيليفر» لا أستطيع أن أجزم أنّه أثر فيّ ذلك الحين. الآن اكتشف أثر «غيليفر» ولكن في الفترة الأولى لم أكن أعرف ذلك. ولكن أتذكّر اللذة التي تركها فيّ ذلك الكتاب عندما قرأته.

> هل أفهم من كلامك أنك لم تقرأ كثيراً أدباً تاريخياً؟


- لا، ليس كثيراً. الحقيقة، لم أكن يوماً هاوياً للروايات التاريخية. انني هاوٍ للرواية وهاوٍ للتاريخ. وبالتالي أمزج التاريخ في الرواية. لم تكن هذه فكرتي في الأساس ولا كان هذا مشروعي. ولكن لديّ شغف بالتاريخ يقابله شغف بالرواية، والتقى هذا الشغفان بعضهما ببعض.

> ما دمنا نتحدّث عن الرواية والتاريخ، كيف ترى الى ظاهرة مثل الكاتب الألباني اسماعيل كاداريه؟


- أحبه كثيراً وأصبحنا صديقين. وهو من كبار الكتّاب فعلاً. وعندما بدأت أكتب الرواية، صدف أن التقينا وباتت تربطني به علاقة متينة. لكنني كنت قرأته قبل أن ألتقي به. أحببت رواية «نيسان مقصوف» و «جنرال الجيش الميت» وسواهما. كنت قرأت القسم الأكبر من أعماله قبل أن أتعرّف اليه. أحبّ رواياته كثيراً وأحس أن هناك علاقة تجمعنا. وقال لي مرة: أنت وأنا من العالم العثماني. وفعلاً، هناك قرابة بيننا وبينه، العلاقات الانسانية، المجموعات البشرية وعلاقاتها بالدين والتقاليد والتاريخ... ولكن طبعاً كلّ واحد يكتب بحسب طريقته.

> وباولو كوهيلو؟


- لا علاقة لي به. هذا عالم مختلف (يضحك).:?

تحريف التاريخ



> قلت مرّة: «ليس من الجيّد تحريف التاريخ حتى وان اعتقدت بأنك تحرّفه في طريقة جيدة». هل يستطيع الروائي في رأيك ألا يتحايل على التاريخ وألاّ يحرّفه لمصلحة الرواية؟


- الحقيقة، ما أقصد قوله بالتحديد هو: اذا قلت أنك تتعاطى مع التاريخ، حينذاك يجب أن تتعاطى مع التاريخ بدقّة وصدق. سواء كنت مؤرخاً أم غير مؤرّخ. لديّ مثل في هذا الخصوص: هناك فيلم أخرجه أوليفر ستون عن اغتيال كندي، عندما شاهدته تضايقت، لماذا؟ لأنّه في لقطات معيّنة يبرز شخص (ربما هو جونسون) ويقول كلاماً خطراً يعطي انطباعاً أنّ له علاقة بالاغتيال. تسأل المشاهدين عن الأمر، فيقولون: هذا سرد أو هذا خيال. لا أدري كيف يمكنك أن تعتمد السرد وتأتي بشخص تاريخي يقول: أنا قتلت فلاناً. السرد الروائي هو سرد، تستطيع أن تبني قصّة تكون قصّة في اطار تاريخي. ولكنك لا تستطيع أن تمزج بين التاريخ والرواية فلا يعود القارئ، أو المشاهد، قادراً على أن يميّز بين الحقيقة والخيال. هذا ما قصدت اليه في كلامي عن تحريف التاريخ. عندما تقول انك تتعاطى مع التاريخ، يجب أن تتعاطى مع التاريخ. تستطيع أن تحوّر في مسار التاريخ أو معطياته ولكن يجب أن تقول إن هذا سرد روائي. وحينذاك لا تأخذ شخصاً ما زال حياً أو مات قبل فترة وتنسب اليه أفعالاً لم يقم بها. تستطيع أن تفعل هذا، اذا كنت تملك وثائق تدلّ على الأحداث. حينذاك تستطيع أن تعمل انطلاقاً من الوثيقة. هذا ما أقصده تماماً. عندما يبتعد، كاتب الرواية، أربعمئة سنة أو خمسمئة يستطيع أن يبتدع ويخترع. ولكن حتى هذا الأمر يظل موضع نقاش. أتذكر فيلماً أميركياً نسيت اسمه، من شخصياته الرئيسة لويس الرابع عشر في شبابه. صوّر الفيلم في قصر فرنسي يعود الى تلك الفترة. كان على الجدار لوحة تمثل لويس الرابع عشر عجوزاً، ولم ينتبه المخرج لهذه اللوحة فصوّر لويس الرابع عشر شاباً أمامها. اذا كانت اللقطة مقصودة فهي جميلة حقاً. ولكن اذا لم تكن مقصودة فهذا خطأ فادح، وهذا ما أقصده. اذا أردنا التعامل مع التاريخ يجب أن نتعامل معه بدقة. والهدف من تناول التاريخ هو أن تنقل شيئاً صحيحاً، أن تنقل معلومات صحيحة.

> كيف تتحوّل المادّة التاريخية مادّة روائية أو كيف تتداخل هاتان المادتان الواحدة بعد الأخرى؟


- لأقل شيئاً: إنني في رواياتي في شكل عام، عندما آخذ شخصية تاريخية معيّنة، تكون الأمور المعروفة عنها تاريخياً محدودة. هذا ما فعلته مع ليون الأفريقي ومع عمر الخيام أو ماني. آخذ الأشياء الثابتة تاريخياً وهي غالباً يمكن ايجازها في عشرين صفحة. لكنني أجرّب أن أقرأ كل ما أستطيع أن أجده عن تلك المرحلة، تاريخياً واجتماعياً وسياسياً... وعندما أحكي عن هذه الشخصية أحاول قدر الامكان أن أحترم الأمور المعروفة عنها. وعندما أتكلم عن المرحلة أحترم أيضاً الأمور التي حصلت فعلاً في تلك المرحلة. مثلاً لا آتي ببطل من الهند وأجعله يحتل طهران. هناك أسطورة قديمة تقول ان عمر الخيام وحسن الصباح ونظام المُلك درسوا على المعلّم نفسه. هذه اسطورة قديمة، وواضح انها غير صحيحة لأن نظام الملك كان أكبر منهما بعشرين أو ثلاثين سنة. وعلى رغم هذا، انتشرت هذه الأسطورة وصار لها أساس ولو في ذاكرة الناس. حاولت أن أتحقق إن وجد هؤلاء الأشخاص الثلاثة في مرحلة معيّنة في المكان نفسه، ووجدت أن هناك مرحلة واحدة، جمعتهم ثلاثتهم في أصفهان. في هذا الاطار بنيت الرواية. وأكيد ان ما سردته في «سمرقند» هو رواية. لكنني ضمن اطار الرواية هذه حاولت الى أقصى حد، ألا أرتكب أي خطأ من الناحية التاريخية

سرسورة
06/10/2006, 15:10
الرباعيات والتيتانيك



> وماذا عن باخرة «التيتانيك»؟


- التيتانيك! مَن كان موجوداً على متنها؟ كانت هناك طبعة «رباعيات» الخيام، ولكن ليست الأصلية، فالأصلية غير موجودة. لكن أحد الأثرياء الأميركيين كان يحمل معه على الباخرة نسخة من ترجمة المستشرق فيتزجرالد لـ «الرباعيات»، وهي مرصّعة بالذهب واللالئ. غرقت السفينة ولم توجد هذه النسخة حتى الآن، وكان يقال ان هذه النسخة ثمينة جداً. وانطلاقاً من هذا الحدث التاريخي بنيت حكاية أخرى، هي حكاية الكتاب الأسطوري.
ختاماً أحب أن أقول انني هكذا أتعامل مع التاريخ ومع الرواية. وهكذا أشعر بأنني مرتاح في هذا التعامل معهما. لكنني لا أقول إن كلّ شخص يريد أن يتعامل مع التاريخ والرواية يجب أن يراعي الأصول. أنا هاوٍ للتاريخ ولديّ شغف به ولدي شغف بالرواية، وأحاول أن أزاوج بينهما على طريقتي، ولكن لا أقول ان هذه هي الطريقة الوحيدة.

> يقول الناقد جورج لوكاش ان الرواية التاريخية تجد ذريعتها في الواقع أو الحاضر المأزوم الذي يدفع الروائي الى استعادة الماضي ليلقي في ضوئه نظرة على الحاضر! ما رأيك في هذا القول؟ وهل يعنيك؟


- صحيح كلّياً. لكنني أقول ان هذا القول لا ينطبق فقط على الرواية التاريخية. كتابتنا للتاريخ هي مقاربة لفهمنا للتاريخ اليوم وكما نحتاج اليه اليوم. التاريخ بحدّ ذاته غير موجود. هناك كمية لا نهاية لها من الأحداث. اننا ننتقي من كلّ مرحلة تاريخية ما نعتبر أنه يملك معنى. وهو معنى يختلف عن المعنى الذي كان يقال به قبل مئة سنة أو مئتين. ثم نعطيه تفسيراً وسياقاً يعنيان لنا شيئاً ما. فنحن في الحاضر، اليوم واهتماماتنا مختلفة. وكلما نظرنا الى التاريخ ننظر اليه في طريقة تجعله يصل الينا نحن المعاصرين. لذلك حين نتحدث عن الرومان اليوم يختلف كلامنا عن كلام الذين تحدثوا عن الرومان في القرن السادس عشر وما قبل. الأحداث نفسها يصبح لها على مرّ الزمن، معنى آخر. وهذا صحيح للرواية التاريخية مثلما هو صحيح للتاريخ أيضاً.

> ألا تعتقد أن المسافة تتسع اليوم بين الرواية والتاريخ ولكن من دون أن تنقطع الأواصر بينهما، خصوصاً بعد تطوّر الرواية نفسها وكذلك الكتابة التاريخية نفسها؟


- أرى ان العلاقة بين الخيال والتاريخ قديمة جداً. منذ بدايات الأدب كانت هناك علاقة بين التاريخ والأسطورة والخيال. اذا أخذنا «الإلياذة» مثلاً نجدها مزيجاً من العناصر الثلاثة. وكذلك اذا أخذنا شكسبير. أتصوّر أنّ هذه العلاقة موجودة منذ بداية الأدب في العالم. عندما يكتب المرء رواية أتصوّر أن واجبه الأول ليس تجاه التاريخ، بل تجاه المقاييس الفنية والجمالية. ليس هناك واجب علمي بل هناك واجب فني أو جمالي. التساؤل لا يكون حول الطريقة التي أُدخل فيها التاريخ الى الرواية بل كيف عليّ أن أدخله ووفق أي فن. واذا للتاريخ محلّ في سياق الرواية أو حيّز معيّن فأهلاً به، واذا لم يكن له محلّ أو حيّز فليس من الضروري أن يدخل. شخصياً أحبّ التاريخ كثيراً، وأحبه كهاوٍ، ولهذا تجده حاضراً في رواياتي، ولكنني في الوقت نفسه أجعله في بعض الروايات كخلفية بعيدة.

> كتابك الأول «الحروب الصليبية...» يغلب عليه الطابع التاريخي الصـرف علماً أنه لا يخلو من السرد!


- في هذا الكتاب نوع من الالتباس، فهو ليس رواية، مع أن المقدمة تقول انه رواية حقيقية. ثمة سرد في هذا الكتاب، ولكن ليس فيه أي عنصر روائي أو خيالي ولا شخصيات روائية أيضاً. بعضهم يقولون لي انه رواية، هكذا يظنونه ربما لأنني أصدرت بعده روايات عدّة. وبات الكثيرون يظنّونه رواية، لكنه ليس رواية أبداً. جاء في المقدّمة أن هذا الكتاب ينطلق من فكرة بسيطة هي سرد قصة الحروب الصليبية كما نظر اليها وعاشها وروى تفاصيلها الجانب العربي. لعل هذا الكلام هو الذي جعل الالتباس يقوم في شأن هذا الكتاب.

> التاريخ لديك واسع ومتعدّد، وكل رواية تتناول تاريخاً معيناً. لماذا لم تركّز مثلاً على تاريخ واحد مثلما فعل بعض الروائيين؟ لماذا هذا التعدّد؟


- ربما لو كنت مؤرخاً لكنت اهتممت بمرحلة معينة، ولحصرت اختصاصي بها وتعمقت فيها. أنا هاوي تاريخ، وعندما أركز على مرحلة أدرسها جيداً وأقرأ عنها. مثلاً عندما بدأت العمل على الحروب الصليبية لم أكن أعرفها تمام المعرفة، فرحت أقرأ وأبحث وتفرّغت سنتين لجمع المادّة. وشيئاً فشيئاً تكوّن الكتاب. عندما أدخل مرحلة من هذا النوع أقضي فيها ثلاث سنوات، ثم تلحّ عليّ رغبة في الخروج منها الى مرحلة أخرى والى قرن آخر. ومن أصعب الأمور لديّ أن أكتب مجدّداً عن حدث حصل في المرحلة نفسها والمكان نفسه. لذلك أنتقل من تاريخ الى آخر.
وأجمل المراحل في الكتابة هي المرحلة التي يكتشف الكاتب فيها حضارة معينة أو قرناً معيناً. وليس لديّ أيّ ادعاء في أنني سأصبح اختصاصياً بهذا القرن أو ذاك. بل على العكس أحب أن أظلّ هاوياً في مادّة التاريخ، أهتم بشخصية معيّنة أو حقبة معيّنة وأحاول أن أعرف عنهما قدر ما أمكنني وأكتب رواية في هذا الجوّ الرحب: ايران وآسيا الوسطى ولبنان. عندما أكون منكباً على كتابة رواية تكون هذه الرواية كاملة في ذهني تقريباً، وأعرف حتى أدقّ التفاصيل فيها. ولكن عندما تصدر الرواية في شكل كتاب، تسعون في المئة من المادة أنساها. وأبدأ الاهتمام بالأشياء التي لها علاقة بالكتاب المقبل.

سرسورة
06/10/2006, 17:00
وعلى حين غرة، تسارعت الأمور من حولي.. ذلك الكتاب الغريب الذي يظهر، ثم يختفي بسببي.. موت إدريس العجوز الذي لا يتهمني أحد به، والحق يقال.. سواي. وتلك الرحلة التي يجب أن أقوم بها بدءاً من يوم الاثنين، بالرغم من ممانعتي. رحلة يبدو لي اليوم أنني لن أعود منها. ولذا أخطّ هذه السطور الأولى على هذا الكراسي البكر وقلبي لا يخلو من الوجل. لا أدري بعد بأي أسلوب سوف أدوّن الأحداث التي جرت، وتلك التي تتهيأ أصلاً: مجرد سرد للوقائع؟ أم يوميات؟ مفكرة رحالة؟ أم وصية؟ قد يجدر بي التحدث عن ذاك الذي كان أول من أيقظ هواجسي بشأن سنة الوحش. كان يدعى أفدوكيم، وكان حاجاً من مسكوفيا قرع بابي منذ سبعة عشر عاماً، أو نحو ذلك، لم التخمين؟ فقد دوّنت التاريخ في سجل متجري. كان العشرين في شهر كانون الأول عام 1648. لطالما دوّنت كل شيء، ولا سيما التفاصيل الدقيقة، تلك التي سوف يغيبها النسيان في نهاية المطاف". أمين معلوف المسكون بالحكايا والأساطير يوغل في عمق التاريخ تستوقفه شخصيات، وتداعب خياله أحداها فيحملها منطلقاً بعيداً خارج حدود الزمان والمكان في رحلة يمضي فيها القارئ مع بالداسار الشخصية المحورية للرواية عبر العالم مقتفياً أثر كتاب "الاسم المئة"، بحراً وبراً، من جبيل إلى جنوى عبر دروب متعرجة. ويمكن وفي قراءة أخرى للمشهد الروائي تأويل رحلة أمين معلوف من خلال شخصيته المحورية بالداسار على أنها رحلة الإنسان في محاولة لاكتشاف معنىً لحياته. رواية ورحلة يطل القارئ من خلال مناخاتها على عالم يضج بالحياة ويكشف عن مكامن النفس الإنسانية المرتحلة دائماً عبر دروب الشقاء والعناء وراء سؤال ما أو شيء ما، في محاولة لمتابعة مسيرة الحياة. الناشر: "هذه المرأة لم تشبع في قرارة نفسي شهوة الجسد التي تعتري الرحالة بل لطَّفت محنتي الأولى. فقد ولدت غريباً، وعشت غريباً، وسوف أموت وقد تعاظمت غربتي. وغروري يمنعني من ذكر العداء، والإهانات، والضغينة، والمعاناة. ولكن النظرات والحركات لا تخفي عليَّ. فعناق بعض النساء يلوح كالمنفى، وعناق بعضهن الآخر يذكر بالأرض الأم". عام 1665، يرحل بطل هذه الرواية، بالداسار إمبرياكو، الجنوبي المشرقي، وتاجر التحف، سعياً وراء كتاب قد يحمل الخلاص لعالم ضائع. ولا شك إنه يسعى كذلك خلال ترحاله إلى اكتشاف معنى لحياته. سوف يجتاز بالداسار خلال رحلته في المتوسط، وفي بحار أخرى، بلداناً مشتتة، ومدناً محترقة، ويصادف شعوباً مترقبة، يواجه الخوف والخداع والخيبة، وكذلك الحب في لحظة اليأس

سرسورة
07/10/2006, 01:57
منذ أن غادرت لبنان للاستقرار في فرنسا، كم من مرة سألني البعض عن طيب نية إن كنت أشعر بنفسي "فرنسياً" أم "لبنانياً". وكنت أجيب سائلي على الدوام: "هذا وذاك!"، لا حرصاً مني على التوازن والعدل بل لأنني سأكون كاذباً لو قلت غير ذلك. فما يحدد كياني وليس كيان شخص آخر هو أنني أقف على مفترق بين بلدين، ولغتين أو ثلاث لغات، ومجموعة من التقاليد الثقافية. وهذا بالضبط ما يحدد هويتي...".

يتساءل أمين معلوف، انطلاقاً من سؤال عادي غالباً ما طرحه عليه البعض، عن الهوية، والأهواء التي تثيرها، وانحرافاتها القاتلة. لماذا يبدو من الصعب جداً على المرء الاضطلاع بجميع انتماءاته وبحرية تامة؟ لماذا يجب أن يترافق تأكيد الذات، في أواخر هذا القرن، مع إلغاء الآخرين في أغلب الأحيان، هل تكون مجتمعاتنا عرضة إلى الأبد للتوتر وتصاعد العنف، فقط لأن البشر الذين يعيشون فيها لا يعتنقون الديانة نفسها، ولا يملكون لون البشرة عينه، ولا ينتمون إلى الثقافة الأصلية ذاتها، هل هو قانون الطبيعة أم قانون التاريخ الذي يحكم على البشر بالتناحر باسم هويتهم؟

لقد قرّر المؤلف كتابة "الهويات القاتلة" لأنه يرفض هذا القدر المحتوم، وهذا الكتاب يزخر بالحكمة والتبصر والقلق، وكذلك بالأمل.

سرسورة
07/10/2006, 02:02
عن الصحفي الكويتي محمود كرم

ذات مساءٍ مزاجي اللون والطعم وقفتُ على عتبات روايته الجميلة (سمرقند) لأهيم عشقا ً بالتهامها..
ومنذ ذلك المساء بدأتُ أتعقبُ مملكة أمين معلوف المتورطة بالعشق والتمرد والمغامرة والنزوح والترحال الدائم..
من سمرقند إلى حدائق النور إلى (ليون الأفريقي) إلى صخرة طانيوس إلى رحلة بالداسار كنتُ أرافق شخصياته المتعددة التي مزقتها تساؤلات الهوية والوطن والفكر..
يعشق استحضار التاريخ كما يقول (شوقي بزيغ) عبر رواياته لا لكي يقبع خلفه بل يستحضر من خلالها أسئلتها الحائرة في واقع اليوم الذي يزدحم بالصراعات..
أراد أن يُثبت إيمانه بضرورة الحوار بدل الصراع في عالم ٍ يندفع بشراسة عبر بعض مفكريه لترسيخ قاعدة (صراع الحضارات) وإن على العالم اليوم أن يؤمن بحقيقةٍ دامغة وهي أن يتواصل كما كان دائما ً عبر الحوار..
ولم يكن كتابه ما قبل الأخير (الهويات القاتلة) خروجا ً عن ستراتيجيته الفكرية وفلسفته الحياتية التي تجلت في رواياته الكثيرة بل جاء تدعيما ً لكل تلك التطلعات و معبرا ً عن هاجسه الدائم بضرورة تجاوز (الهويات) والانتماءات الضيقة والبحث عن المشترك الثقافي والإنساني والحضاري لمواجهة ظواهر العنف وشرور الكراهية وحرب الهويات والانقسامات القاتلة..
فإما أن نكون إنسانيين ننتمي إلى عالم القيم الإنسانية في إطار الأخوة البشرية أو أن نبحث في هوايتنا عن ما نتقاتل به من أجلهِ.
وإما أن ننتمي إلى عالم الحريات والديمقراطيات والحداثة السياسية فنستحق الحياة الحرة الكريمة ونحقق بذلك انتماءنا الحقيقي للعالم الذي يجب أن ينتصر أو نبقى متقوقعين في انتماءات وهويات ضيقة تتوجس من الانفتاح والاندماج والتفاعل والتواصل مع العالم الحي المتحرك ذي المرجعية الإنسانية الكونية..
لذلك يتساءل مستغربا ً أمين معلوف في كتابه (الهويات القاتلة) عن ظاهرة التعصب التي اجتاحت العالم الإسلامي بعد أن كان منارا ً للتعايش والانفتاح فيقول :
»لماذا عرف الغرب الذي يمتلك تاريخا ً طويلا ً من التعصب وكان يصعب عليه دائما ً التعايش مع الآخر, كيف ينتج مجتمعات تحترم حرية التعبير, في حين أن العالم المسلم الذي مارس التعايش لزمن طويل يظهر هذه الأيام كمعقل للتعصب«..
ويأتي هذا التساؤل ضروريا ً في ظل ظاهرة التعصب والتزمت الفكري والديني التي تنتشر كالوباء في الجسد الإسلامي وخاصة ً إذا عرفنا أن النزعة الإنسانية المؤمنة بالتعايش مع المختلف كانت سائدة أيام الحضارة الإسلامية الكلاسيكية كما تحدث عنها المفكر (محمد أركون) في كتابه الأخير والذي لم يُترجم إلى العربية لحد الآن..
ويُرجع أمين معلوف سبب هذه الظاهرة في كتابه إلى عدم تمكن تيارات الإسلام السياسي وحركات الإصلاح من مجاراة الحداثة والتي لا تعني كما يقول احتكارا ً معينا ً لثقافة ما أو فكرا ً ما بل هي مفتوحة لكل الإسهامات الإنسانية المؤمنة بضرورة الوصول إلى صناعة الحياة التي تحقق للجميع المستويات المرتفعة من الكرامة والعيش الرغيد وتدافع عن هذه الاستحقاقات كواحدة من أهم الأسس التي يجب أن تقوم عليها الحضارات في دفاعها عن الحق الإنساني حيث يقول :
»عندما تحمل الحداثة علامة (الآخر) لا يكون مفاجئا ً أن نرى بعض الأشخاص يرفعون شعارات السلفية, من أجل تأكيد اختلافهم, وهذا ما نشهده اليوم عند بعض المسلمين من الرجال والنساء«..
لذلك متى ما تخلصنا من النظر إلى الحداثة على أنها دائما ً تعكس (الآخر) المختلف ثقافيا ً وفكريا ً وننظر إليها على أنها اسهامات إنسانية تهدف إلى خلق مفاهيم أكثر نضجا ً وتفتحا ً على عالم اليوم فلن نلوذ بالتعصب الثقافي لحماية الموروث الثقافي من (خرافة) الاغتراب والذوبان والتشتت..
وفي مكان آخر من كتابهِ ينوه أمين معلوف إلى أن الانفتاح على الحداثة لا يعني الاغتراب بل يكفي أن يمتلك الفرد الحداثة من خلال التفكير الحي والتفاعلي في تطوير مفاهيمه ومعارفه الدينية والثقافية والاجتماعية بما يتناسب ورح العصر وتطور الواقع حيث يقول:
»يجب أن لا يكون المرء مضطرا ً إلى (الاغتراب) ذهنيا ً كلما فتح كتابا ً وكلما جلس أمام شاشة وكلما فكر أو ناقش, يجب أن يتمكن كل فرد من امتلاك الحداثة بدلا ً من أن يكون لديه انطباع دائم بأنه يستعيرها من الآخرين«..
فالمجتمعات الحية هي مجتمعات تملك نزعة حقيقية نحو الحداثة ولا تتوجس منها باعتبارها (علامة) الآخر المختلف بل تسعى لامتلاكها والاستفادة منها عبر التفاعل الايجابي معها والتحرر من انغلاقات الهويات القاتلة المقيدة للانفتاح على الآخر.

سرسورة
07/10/2006, 02:26
يقع كتاب الهويات القاتلة ضمن أربعة أبواب متراتبة: “هويتي وانتماءاتي”، “عندما تأتي الحداثة من الآخر”، “زمن القبائل الكوكبية”، “ترويض الفهد” وينتهي البحث بـ “خاتمة”.


هويتي وانتماءاتي:
يؤكد الكاتب في هذا الفصل أن الهوية لا تُعطى مرة واحدة وإلى الأبد إلى الفرد، بل تتشكل من عدة انتماءات تتبدل ويختلف تراتب عناصرها طوال حياته وتالياً (الهوية) قابلة للتغير والتَّبدّل حسب تأثير الآخرين بشكل أساسي على عناصرها. وأن الفرد يميل بطبعه فيما يخص تعريف هويته وتحديد انتمائه بأكثر عناصر هويته عرضة للخطر –خطر الإهانة أو السخرية أو التهميش أوالقمع… إلخ-

يرتكز الكاتب في هذا الفصل على خطر “تأكيد الهوية” وكيف من الممكن أن تتحول إلى “أداة حرب”، وتأكيد الهوية هو اجتماع واتحاد وتعاضد فئة تتشاطر في تراتب الانتماء أو على الأقل في الانتماء الأكثر عرضة للخطر، فيشكلون مواجهة للطرف الآخر ويَرَون تأكيد هويتهم عملاً ضرورياً شجاعاً ومُحَرِّراً.

وعليه لا يجد الكاتب بأن تسمية “الهويات القاتلة” تسمية مبالغ فيها، إذ يقول في رأس الصفحة 31: “أتحدث في بداية هذا الكتاب عن هويات قاتلة. ولا يبدو لي أن هذه التسمية مبالغ فيها، ذلك لأن المفهوم الذي أفضحه، والذي يختزل الهوية إلى انتماء واحد، يضع الرجال في موقف متحيز ومذهبي ومتعصب ومتسلط، وأحياناً انتحاري، ويحولهم في أغلب الأحيان إلى قتلة أو إلى أنصار للقتلة. إن رؤيتهم للعالم مواربة ومشوهة. فالذين ينتمون إلى جماعتنا ذاتها هم أهلنا الذين نتضامن مع مصيرهم، ولكننا لا نسمح لأنفسنا في الوقت ذاته بأن نكون طغاة تجاههم، وإذا بدوا لنا فاترين نتنكر لهم ونرهبهم ونعاقبهم بوصفهم خونة ومارقين. أما بالنسبة للآخرين، الموجودين على الضفة الأخرى، فلا نسعى أبدا لأن نضع أنفسنا مكانهم، نمتنع عن التساؤل عما إذا كانوا غير مخطئين تماماً حول هذه المسألة أو تلك، ولا نسمح لأنفسنا أن تهدأ بشكاواهم وآلامهم والمظالم التي كانوا ضحيتها. ما يهم هو وجهة نظر جماعتنا فقط، التي غالبا ما تكون وجهة نظر أكثر الناس تشدداً في الجماعة وأكثرهم ديماغوجية وسخطاً.

عندما تأتي الحداثة من الآخر:
يرى أمين معلوف أن الدراسات والآراء التي تتحدث عن مدى تأثير الأديان والعقائد على الأفراد والشعوب، ما هي إلا دراسات تقود إلى نظرة أحادية للواقع، مما تؤدي إلى تشويهه وتالياً ضبابية النتائج التي قد تتأتى عن تلك الدراسات، وعليه يتناول في الباب الثاني “عندما تأتي الحداثة من الآخر” من كتابه، مدى تأثير الشعوب والتاريخ على الأديان والعقائد، إذ يرى معلوف أن جميع الأديان والعقائد قادرة على استيعاب متطلبات عصرها والتّطور، ويُورِد معلوف العديد من الأمثلة التاريخية على هذا التأثير، إذ يرى أن كل عقيدة أو ديانة في كل عصر تحمل بصمات عصرها وزمانها ومكانها، وإن تقييم التصرفات الناجمة عنها يتم وفقاً لقرنها ومدى قدرة المجتمع على تطوير الديانة.

“عندما تحمل الحداثة علامة “الآخر” لا يكون مفاجئاً أن نرى بعض الأشخاص يرفعون شعارات السلفية من أجل تأكيد اختلافهم، وهذا ما نشاهده اليوم عند بعض المسلمين من الرجال والنساء، لكن هذه الظاهرة ليست وقفاً على ثقافة أو ديانة.”
ويكملُ في مَوضعٍ آخر من الفصل:
” …تستطيعون قراءة عشرة مجلدات ضخمة من تاريخ الإسلام منذ البدايات ولن تفهموا شيئاً مما يجري في الجزائر. إقرؤوا عشر صفحات عن الاستعمار والتحرر فتفهمون ما يجري بصورة أفضل.”
“… أن النظر إلى الإسلام السياسي المعادي للحداثة والغرب بوصفه تعبيراً عفوياً وطبيعياً عن الشعوب العربية هو اختصار متسرع على الأقل”

زمن القبائل الكوكبية:
يتساءل معلوف في بداية هذا الباب، عن الأسباب التي أدت بالمجتمعات على اختلاف أصولها في شتى أنحاء العالم على تنامي الانتماء الديني لديهم وتأكيده بطرق مختلفة في هذه المرحلة، في حين تراجع هذا الانتماء فيما سبق، ويُرجع ذلك إلى أسباب عدة منها: تراجع العالم الشيوعي ثم انهياره، الأزمة التي تصيب النموذج العربي، والمأزق التي آل إليها حال مجتمعات العالم الثالث. كما يُؤكِّد على تنامي وتطور مختلف مجالات الاتصالات و”ما اتفق على تسميته بالعولمة”، إذ أن المعارف تتقدم بصورة سريعة جداً يواكب هذا التقدم انتشار لهذه المعارف مما يجعل المجتمعات الإنسانية أقل تمايزاً، مما يدفع بالبعض أن يدافع عن عناصر هويته الأهم برأيه مثل اللغة والدين، كرد فعل ليؤكد على اختلافه ويدافع عن هذا الاختلاف. ومن هنا يعلِّل معلوف تسمية “زمن القبائل الكوكبية”، إذا يرى أن جمعات المؤمنين في مضمون هويتها أشبه (بالقبائل)، وفي سرعة انتشار أفكارها (بالكوكبية).

يُوضِّح معلوف في مَوضِع آخر من الفصل:
“… لا أحلم بعالم لا مكان للدين فيه، وإنما بعالم تنفصل فيه الحاجة إلى الروحانية عن الحاجة إلى الإنتماء. بعالم لا يستشعر فيه الإنسان، مع بقائه متعلقاً بمعتقداته وعبادته وقيمه الأخلاقية المستلهمة من كتاب معدس، بالحاجة إلى الإنضمام إلى اخوته في الدين. بعالم لا يستخدم فيه الدين وشيجة بين اثنيات متحاربة، لا يقل أهمية. وإذا كنا نريد حقا تجنب أن يستمر هذا الخليط بتغذية التعصب، والرعب، والحروب الإثنية، يجب التمكن من اشباع الهوية بطريقة أخرى”

ترويض الفهد:
“… أوشكت أن أعطي هذا المقال عنواناً مزدوجاً: أو كيف نروِّض الفهد. لماذا الفهد؟ لأنه يقتل إذا طاردناه ويقتل إذا تركناه طليقاً، والأسوأ أن نتركه في الطبيعة بعد أن نكون قد جرحناه. ولكنني اخترت الفهد لأننا نستطيع أن نروضه أيضاً”.
بهذا، يبرر لنا معلوف تسمية الباب الأخير من بحثه بـ “ترويض الفهد”، والذي يرى أن ترويض رغبة الهوية يجب أن لا يعالج بالاضطهاد والتواطؤ، والتعامل والممارسات التمييزية تُعَد خطيرة وإن كانت تمارس لصالح جماعة عانت من الاضطهاد بسبب هويتها، لما في ذلك من من استبدال ظلم بظلم آخر، ولما للأمر من تأثيرات سلبية تحفيزية للكراهية والتطرف، ورى أن كل مواطن يجب أن يُعامل بوصفه مواطناً كامل الحقوق مهما كانت انتماءاته واختلفت.

الخاتمة:
وفي خاتمة بحثه في الهويات القاتلة، يتأمل ويتمنى معلوف، أن يُمسك صدفةً حفيده الكتاب حين يصبح رجلاً، فيقلبه قليلاً، ثم يعيده إلى مكانه، “مستغرباً أنه في زمن جده كانت هناك حاجة بعد لقول مثل هذه الأشياء”!
---

سرسورة
07/10/2006, 02:45
غيري قد يتحدث عن "الجذور"... تلك ليست مفرداتي، فأنا لا أحب كلمة "جذور"، وأقله صورتها. فالجذور تتوارى في التربة، تتلوى في الوحل، تنمو في الظلمات؛ تبقي الشجرة أسيرة، منذ ولادتها، وتغذيها لقاء ابتزاز: "لو تحرّرت، تموتين!"... "أنا أنتمي إلى عشيرة ترتحل منذ الأزل في صحراء بحجم الكون. مواطننا نفارقها متى جف الينبوع، وبيوتنا خيام من حجارة، وجنسياتنا مسألة تواريخ أو سفن كل ما يصل بيننا، وراء الأجيال، ووراء البحار، ووراء بابل اللغات، رنين اسم...". ... ذاك هو أمين معلوف وذلك هو مشروعه في تلك "البدايات" إذ هو يغوص في تاريخ أهله، في محاولةٍ لإحياء مصير عشيرة بني معلوف واستحضار ذاكراتهم التي انتشرت لاحقاً من لبنان إلى كافة أرجاء المعمورة، وصولاً إلى الأميركيتين وكوبا... يستحضر أمين معلوف في هذه المغامرة التي تمتد على أكثر من قرن "صخرة طانيوس" و"ليون الأفريقي" الأموات، والأحياء، والأسلاف، والأطياف، يقتفي أثرهم عبر اختلاجات الإمبراطورية العثمانية، يتأمل في ذلك الشتات من المتصوفين والماسونيين، والمعلمين، والتجار، والحالمين المتعددي اللغات والكوزموبوليتيين. يعلم أن دماءهم المحمومة تجري في عروقه. ويعلم كذلك أن مساره الشخصي سوف يفقد أهميته لو لم يكن، بواسطة الكتابة والعاطفة، أميناً لهذه السلالة الصاخبة والمتشعبة. هل هذا الكتاب قصة حقيقية؟ أم لوحة جداري نحتت مباشرة في صخرة التاريخ؟ أم أسرار عائلة؟ هذه "البدايات" في الواقع اعتراف مهيب بالجميل، وهي كذلك صلاة مديدة ونبيلة. نشيد حب إلى أسرة تظل الوطن الوحيد لهذا الأديب الذي يعيش في منفى الاغتراب

سرسورة
07/10/2006, 02:47
هلأ انا كان بودي اني احكي عن روايات اكتر لأمين معلوف..و هالأديب العظيم عنجد أسبوع ما بيكفيه....
بس هلأ رح أختم الموضوع بكام مقال لقيتون ع النت عن الكاتب الكبير.....

سرسورة
07/10/2006, 02:52
أمين معلوف يجمع في مغناة أوبرالية بين فرنسا وقلعة طرابلس

الحياة..27-2-2005

انها المرة الأولى يخوض فيها أمين معلوف عالم الأوبرا، ناسجاً على طريقة المآسي الغنائية حكاية حب مستحيل بين الأمير الفرنسي والشاعر الجوّال جوفري الذي يقيم في جنوب غربي فرنسا والكونتيسة كليمانس التي تقطن قلعة طرابلس في شمال لبنان. والنصّ الذي كتبه معلوف معتمداً مخيلته الرحبة عنوانه: «الحب من بعيد» وشاهده الجمهور اللبناني مساء أمس ضمن مهرجان «البستان» واستمع الى الموسيقى التي وضعتها المؤلفة العالمية الشهيرة كايا سارياهو والى الأصوات الاوبرالية البديعة (سوبرانو، ميزو سوبرانو، باريتون) ترافقها جوقة كونسرفاتوار ستراسبورغ وأوركسترا يونغ جنسيك... وكانت هذه المغناة الاوبرالية انطلقت في العام 2000 في مهرجان سالزبورغ وما برحت في جولتها العالمية التي شملت الولايات المتحدة الأميركية. وكان تولّى اخراجها مشهدياً بيتر سلارز أحد كبار مخرجي الأوبرا في العالم اليوم.
في هذه المغناة يستعيد أمين معلوف شخصية أمير «بلاي»، الشاعر الجوال جوفري رودل وقد عُرف بأشعاره الغزلية الجميلة التي انتشرت في القرون الوسطى. لكن معلوف يصوغ قصة حب غريبة جمعت بين هذا الأمير الشاعر واحدى السيدات الفرنسيات الجميلات الكونتيسة كليمانس التي وفدت مع الصليبيين في حملتهم الى الشرق وأقامت في طرابلس، سيدة للقلعة الشهيرة. يختار أمين معلوف اذاً القرن الثاني عشر، قرن الحروب الصليبية التي كان تناولها في كتابه المهم «الحروب الصليبية كما رآها العرب»، لكنه يبتعد عن أجواء المعارك والمواجهات ليكتب مأساة صغيرة أو حميمة عاشها الأمير الفرنسي والكونتيسة وقد فصلت بينهما مسافات بعيدة، هي نفسها التي تفصل بين مقاطعة أكيتين الفرنسية وقلعة طرابلس. إلا أن هذا الحب الذي وقع بينهما من بعيد، ساعد في حبكه «المسافر» الذي حجّ الى الشرق وظل يقصده ناقلاً غزليات الأمير الى الكونتيسة وأشواق الكونتيسة الى الأمير. انها حكاية شبه خرافية مثل حكايات «ألف ليلة وليلة» و«تريستان وأزولت» و«روميو وجولييت»... فالحب الغامض هذا سيدفع الأمير الى الابحار نحو لبنان مواجهاً الأخطار الكثيرة، لكنه سيمرض على متن السفينة ويُحمل الى طرابلس محتضراً على محفّة ولن تنقذه من الموت رؤية الكونتيسة، هذه الحبيبة التي طالما حلم بها وكتب لها الأشعار. لكنه مات سعيداً حتماً لأنه رأى المرأة التي كان يشك في وجودها معتبراً اياها طوال تلك الأيام طيفاً من الأطياف التي تراود مخيلة صديقه المسافر. أما الكونتيسة فتصاب بالأسى الشديد وتعلن انها ستعتزل الحياة وتتشح بالأسود وتقول في الختام: «انني أرملة رجل لم أتزوّجه».
اعتمد أمين معلوف لغة فرنسية شعرية، تنساب انسياباً وتتصاعد غنائياً لتعبر عن هذا الحب الأليم، المحفوف بالسحر والشوق والحنين الغامض. وبدا نصّه الأوبرالي على قدرٍ من الكثافة وخالياً من الحواشي وقد نسجه على منوال النصوص الأوبرالية موزّعاً الحوارات بين الشخصيات الثلاث والكورس الذي كان له حضوره الخاص، درامياً وغنائياً. وبدا معلوف كأنه تخلّى عن فعل السرد التاريخي الذي عرف به في أعماله الروائية مولياً اللحظة الشعرية كبير اهتمام. فالشعر وحده هنا قادر على التعبير عن أحوال الحب الممزوج بالألم والبُعاد: «شعرها فاحم وناعم لا تبصره في عتمة الليل، بل تسمعه كحفيف الأغصان» هكذا يتحدث «المسافر» عن الكونتيسة.
تعرّف اللبنانيون في المغناة الأوبرالية التي شاهدوها في مهرجان «البستان» على وجه آخر من وجوه أمين معلوف، الروائي والمؤرخ والصحافي. وقد أضفت الموسيقى والأصوات المنفردة والأداء الجماعي جوّاً احتفالياً وطقسياً بديعاً على حكاية الحب الأليم هذه. ولعل نجاح معلوف في هذا الحقل (الأوبرا) دفع المؤلفة الموسيقية كايا سارياهو الى التعاون معه في كتابة مغناة أوبرالية جديدة ستقدم في العام 2006.

سرسورة
07/10/2006, 03:06
بعتقد انو أحسن شي أختم فيه موضوعي هو هالمقال....


دكتوراه فخرية إسبانية للأديب أمين معلوف

السفير 7-4-2006

منحت جامعة <<روفيرا فيرجيلي>> في مدينة تاراغونا الاسبانية، درجة الدكتوراه الفخرية للاديب اللبناني الشهير أمين معلوف.
ويأتي تكريم معلوف، وهو أحد الادباء العرب الاكثر شهرة على مستوى العالم، استجابة لاقتراح قدمته جامعة <<روفيرا فيرجيلي>> إلى حكومة تاراغونا في تشرين الأول الماضي.
يذكر أن أمين معلوف، الذي ولد في بيروت في العام 1949، له العديد من الروايات والاعمال الأدبية التي تجري أحداثها في كل من أفريقيا والشرق الاوسط ودول البحر المتوسط، وتتناول فكرة الصراع والتسامح القائمة بين حضارة الشرق والغرب.
وقد اضطر معلوف للذهاب إلى فرنسا عقب الحرب الاهلية اللبنانية، منفياً ومعه زوجته وأبناؤه الثلاثة. وعمل هناك صحافيا في جريدة <<جون أفريق>>. وقام بتغطية أحداث فيتنام والثورة الايرانية، وله العديد من الموضوعات الصحافية في أكثر من 60 دولة.
ومنذ مطلع العام 1985، كرس معلوف كل نشاطه للكتابة الروائية. وحصل على <<جائزة البحر المتوسط>> في العام 2004 عن روايته <<أصول>>، و<<جائزة أوروبا للبحث>> في العام 1999، و<<جائزة غونكور>> الفرنسية البارزة في العام 1993

سرسورة
07/10/2006, 06:09
بتمنى اني كون فدتكون بالموضوع و يكون عجبكون.....والكاتب الكبير أمين معلوف أكيد ما بيكفيه أسبوع بس حاولت أعمل جهدي...و انشالله بكرة منكون مع chefadi و كاتب جديد:D

chefadi
07/10/2006, 12:29
اجا دوري :yahoo::yahoo::yahoo::yahoo:
بعد الشكر الكبير لسرسورة :D
أنا رح غير شوي عن الكتاب الروائيين ورح احكي عن كاتب مسرحي سوري عالمي طبعا نحنا ماعرفنا قيمتو و كرمناه الا بعد مامات (متل العادة ) ,,,
المهم هاد المخلوق اكيد عرفتو مين سعد الله ونوس

chefadi
07/10/2006, 14:41
يلا أخواتي رح نبداااااااااا :yahoo::yahoo::yahoo:

رح بلش متل العادة بنبذة بس مطولة شوي عن حياة سعدالله ونوس ,,,
ليش مطولة ؟؟؟
لأنو ونوس كان دائما مرتبط بتاريخ البلد و اعمالو كانت دائما ردود أفعال عن حوادث تاريخية و سياسية مرت فيا سوريا و البلاد العربية ....

Let's goooooooooooooo

chefadi
07/10/2006, 14:47
ولد الكاتب المسرحي سعد الله ونوس عام 1941 في قرية (حصين البحر) محافظة طرطوس, سوريا..
درس الشهادة الابتدائية في مدرسة القرية, ثم تابع الدراسة في ثانوية طرطوس حتى البكالوريا وفي فترة مبكرة بدأ يقرأ ما تيسر له من الكتب والروايات, كان اول كتاب اقتناه وعمره 12 سنة هو (دمعة وابتسامة) لجبران خليل جبران, ثم نمت مجموعة كتبه وتنوعت (طه حسين وعباس العقاد وميخائيل نعيمة ونجيب محفوظ ويوسف السباعي واحسان عبدالقدوس وغيرهم).
في عام 1959 حصل سعد الله ونوس على الثانوية العامة وسافر الى القاهرة في منحة دراسية للحصول على ليسانس الصحافة من كلية الآداب جامعة القاهرة..
واثناء دراسته وقع الانفصال في الوحدة بين مصر وسوريا مما اثر كثيرا عليه وكانت هذه الواقعة بمثابة هزة شخصية كبيرة ادت الى ان كتب اولى مسرحياته كانت مسرحية طويلة بعنوان (الحياة ابداً) عام 1961و التي نشرت بعد موته ..
وفي 1962 نشر في مجلة (الاداب) مقالا حول الوحدة والانفصال وكذلك عدة مقالات في جريدة (النصر) الدمشقية.
عام 1963 حصل على ليسانس الصحافة وانتهى من اعداد دراسة نقدية مطولة عن رواية (السأم) لألبرتو مورافيا ونشرها في (الآداب) وفي نفس المجلة نشر مسرحيته (ميدوزا تحدق في الحياة).. بعدها عاد الى دمشق وتسلم وظيفته في وزارة الثقافة.
عام 1964 اصابه نشاط ادبي حيث نشر ثلاث مسرحيات قصيرة في الاداب البيروتية والموقف العربي بدمشق وهي مسرحية (فصد الدم) و(جثة على الرصيف) و(مأساة بائع الدبس الفقير) بالاضافة الى العديد من المقالات والمراجعات النقدية..
وفي عام 1965 صدرت اول مجموعة له من المسرحيات القصيرة عن وزارة الثقافة تحت عنوان (حكايا جوقة التماثيل) وقد ضمت المجموعة ست مسرحيات منها (لعبة الدبابيس) و(جثة على الرصيف) و(الجراد) و(المقهى الزجاجية) و(الرسول المجهول في مأتم انتيجونا).
وفي عام 1966 حصل ونوس على اجازة دراسية من وزارة الثقافة وسافر الى باريس ليطلع على الحياة الثقافية هناك ويدرس المسرح الاوروبي, ولم يكتف بالمشاهدة والدراسة فقد نشر في (الآداب والمعرفة وجريدة البعث) عددا من الرسائل النقدية عن الحياة الثقافية في اوروبا.
كانت نكسة 1967 بمثابة الطعنة المسددة لشخص سعد الله ونوس عن قصد, اصابته بحزن شديد خاصة وانه تلقى النبأ وهو بعيد عن وطنه وبين شوارع باريس فكتب مسرحيته الشهيرة (حفلة سمر من اجل خمسة حزيران) ثم مسرحية (عندما يلعب الرجال) وتم نشرهم في المعرفة.. هذا مع عدد من الدراسات التي نشرت في الطليعة الاسبوعية السورية.
وفي نهاية هذا العام عاد الى دمشق حيث عهدت وزارة الثقافة اليه بتنظيم مهرجان دمشق المسرحي الاول في شهر ايار وبالفعل اقيم المهرجان وتم تقديم اول عرض مسرحي لونوس من اخراج علاء الدين كوكش وكانت مسرحية (الفيل يا ملك الزمان) التي كان قد انتهى من كتابتها عام 1969 قبل بدء المهرجان بفترة وجيزة, .