-
دخول

عرض كامل الموضوع : أسبوع وكاتب - 2


صفحات : 1 2 3 4 [5] 6 7

اسبيرانزا
29/06/2008, 17:41
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////

ولد الطيب صالح عام 1929فى شمال السودان,, تلقى تعليمه الاساسى فى المدارس المحلية بعدها سافر الى العاصمة السودانية الخرطوم ليتم تعليمه الجامعى
بعد الجامعة والعمل لفترة كمدرس تطلع الطيب صالح للخروج عن المستقبل المألوف لاى موظف حكومى تأخذه الحياة بروتينيتها الى طرق مألوفة ليست حقيقة بمبدع يأمل مستقبل مميز,,,قرر الطيب السفر الى لندن ليبدأ المرحلة الاهم فى حياته

داخل لندن كان الميلاد الحقيقى لعقلية الطيب الملاحظة للاجواء الاوروبية ومقارنتها باجواءنا العربية من حيث الثقافات , الحريات , السياسات ,الجديد فى اساليب السرد والحكى الاوروبية ,, فقد كان كل هذا كفيل بأن يخلق داخل الطيب صالح نفس نهمه تتطلع لشق جيوب اى خبرة جديدة
و كان الطيب صالح من ضمن الفئة المؤمنة بضرورة اكتناز الخبرات وتبييتها حتى تأخذ حيز من النضج والرؤيا الاوضح ,, بمعنى ادق محاولة لخلق فلسفة خاصة للاشياء بعيدا عن الاراء العامة التى قد يشاركه فيها الكثيرون فكان يبتعد عن الكتابة القصصية رغم امتلاكه الاسلوب الادبى الذى شهد له به الكثيرون,,,منهم الروائية غادة السمان التى قرئت له عدة مقالات وقالت ( هذا اديب كبير , فقط لو يكتب )
لكن الطيب صالح اكتفى بكتابة قصص قصيرة فى البداية يكتبها من ان لاخر يدرب فيها قلمه على الادبية وايضا ليسجل خبرة قصيرة اخذت حيز نضج لا يسعه الا قصة قصيرة
جاءت فترة الستينيات التى قرر الطيب فيها كتابة اول رواية وكانت رواية (موسم الهجرة الى الشمال) التى تطرق فيها الى مسألة الصراع الحضارى بين الشرقى والغربى ,,
نالت هذه الرواية شهرة عالمية وترجمت الى اكثر من ثلاثين لغة ,,كانت الرواية معلنة عن شخصيتها المختلفة وسط باقى الروايات السودانية التى ما كانت تجرؤ على الاقتراب من اى تابو الا على استحياء
فى هذه الرواية كسر الطيب تابو الدين ( ود الريس ) تابو الجنس ( مصطفى سعيد وبنت مجذوب ) وتابو السياسة ( شخصية الراوى )
لذا كان من الطبيعى ان تواجه الرواية برفض من قبل البعض ,, لكنها اثبتت وجودها الحقيقى فى النهاية
الف الطيب عدة روايات اخرى منها ( عرس الزين ) الذى تحول لمسلسل تليفزيوفى فى ليبيا
و( دومة ود حامد) و( مريود ) و ( ضو البيت ) و( منسى انسان نادر على طريقته ) الى جانب مجموعة من القصص القصيرة
فى الحياة المهنية تقلد الطيب صالح وظيفة مذيع فى البى بى سى اللندنية ثم مدير لقسم الدراما ثم عمل مذيعا بالاذاعة السودانية ثم وكيلا لوزارة الاعلام فى قطر ومديرا اقليميا لمنظمة اليونسكو فى باريس

اسبيرانزا
29/06/2008, 17:43
حفنة تمر – الطيب صالح


لابدّ إنني كنت صغيراً جداً حينذاك. لست أذكر كم كان عمري تماماً، ولكنني أذكر أن الناس حين كانوا يرونني مع جدي كانوا يربتون على رأسي، ويقرصونني في خدي، ولم يكونوا يفعلون ذلك مع جدي. العجيب أنني لم أكن أخرج أبداً مع أبي، ولكن جدي كان يأخذني معه حيثما ذهب، إلا في الصباح حين كنت أذهب إلى المسجد، لحفظ القرآن.

المسجد والنهر والحقل، هذه كانت معالم حياتنا. أغلب أندادي كانوا يتبرمون بالمسجد وحفظ القرآن ولكنني كنت أحب الذهاب إلى المسجد. لابد أن السبب أنني كنت سريع الحفظ، وكان الشيخ يطلب مني دائماً أن أقف وأقرأ سورة الرحمن، كلما جاءنا زائر. وكان الزوار يربتون على خدي ورأسي، تماماً كما كانوا يفعلون حين يرونني مع جدي.

نعم كنت أحب المسجد. وكنت أيضاً أحب النهر. حالما نفرغ من قراءتنا وقت الضحى، كنت أرمي لوحي الخشبي، وأجري كالجن إلى أمي، والتهم إفطاري بسرعة شديدة واجري إلى النهر وأغمس نفسي فيه. وحين أكلُّ من السباحة، كنت أجلس على الحافة وأتأمل الشاطئ الذي ينحني في الشرق ويختبئ وراء غابة كثيفة من شجر الطلع. كنت أحب ذلك. كنت أسرح بخيالي وأتصور قبيلة من العمالقة يعيشون وراء تلك الغابة … قوم طوال فحال لهم لحى بيضاء وأنوف حادة مثل أنف جدي. أنف جدي كان كبيراً حاداً. قبل أن يجيب جدي على أسئلتي الكثيرة، كان دائماً يحك طرف أنفه بسبابته.

ولحية جدي كانت غزيرة ناعمة بيضاء كالقطن. لم أرَ في حياتي بياضاً أنصع ولا أجمل من بياض لحية جدي. ولابد أن جدي كان فارع الطول، إذ أنني لم أرَ أحداً في سائر البلد يكلم جدي إلا وهو يتطلع إليه من أسفل، ولم أرَ جدي يدخل بيتاً إلا وكان ينحني انحناءة كبيرة تذكرني بانحناء النهر وراء غابة الطلح. كان جدي طويلاً ونحيلاً وكنت أحبه وأتخيل نفسي، حين استوي رجلاً أذرع الأرض مثله في خطوات واسعة.

وأظن جدي كان يؤثرني دون بقية أحفاده. ولست ألومه، فأولاد أعمامي كانوا أغبياء وكنت أنا طفلاً ذكياً. هكذا قالوا لي. كنت أعرف متى يريدني جدي أن أضحك ومتى يريدني أن اسكت، وكنت أتذكر مواعيد صلاته، فاحضر له ((المصلاة)) وأملأ له الإبريق قبل أن يطلب ذلك مني. كان يلذ له في ساعات راحته أن يستمع إليّ أقرأ له من القرآن بصوت منغم، وكنت أعرف من وجه جدي أنه أيضاً كان يطرب له. سألته ذات يوم عن جارنا مسعود.

قلت لجدي: (أظنك لا تحب جارنا مسعود؟) فأجاب بعد أن حك طرف أنفه بسبابته: (لأنه رجل خامل وأنا لا أحب الرجل الخامل). قلت له: (وما الرجل الخامل؟) فأطرق جدي برهة ثم قال لي: (انظر إلى هذا الحقل الواسع. ألا تراه يمتد من طرف الصحراء إلى حافة النيل مائة فدان؟ هذا النخل الكثير هل تراه؟ وهذا الشجر؟ سنط وطلح وسيال. كل هذا كان حلالاً بارداً لمسعود، ورثه عن أبيه).

وانتهزت الصمت الذي نزل على جدي، فحولت نظري عن لحيته وأدرته في الأرض الواسعة التي حددها لي بكلماته. (لست أبالي مَن يملك هذا النخل ولا ذلك الشجر ولا هذه الأرض السوداء المشققة. كل ما أعرفه أنها مسرح أحلامي ومرتع ساعات فراغي). بدأ جدي يواصل الحديث: (نعم يا بنيّ. كانت كلها قبل أربعين عاماً ملكاً لمسعود. ثلثاها الآن لي أنا). كانت هذه حقيقة مثيرة بالنسبة لي، فقد كنت أحسب الأرض ملكاً لجدي منذ خلق الله الأرض. (ولم أكن أملك فداناً واحداً حين وطئت قدماي هذا البلد. وكان مسعود يملك كل هذا الخير. ولكن الحال انقلب الآن، وأظنني قبل أن يتوفاني الله سأشتري الثلث الباقي أيضاً). لست أدري لماذا أحسست بخوف من كلمات جدي. وشعرت بالعطف على جارنا مسعود.

ليت جدي لا يفعل! وتذكرت غناء مسعود وصوته الجميل وضحكته القوية التي تشبه صوت الماء المدلوق. جدي لم يكن يضحك أبداً. وسألت جدي لماذا باع مسعود أرضه؟ (النساء). وشعرت من نطق جدي للكلمة أن (النساء) شيء فظيع. (مسعود يا بنيَّ رجل مزواج كل مرة تزوج امرأة باع لي فدناً أو فدانين).

وبسرعة حسبت في ذهني أن مسعود لابد أن تزوج تسعين امرأة، وتذكرت زوجاته الثلاث وحاله المبهدل وحمارته العرجاء وسرجه المكسور وجلبابه الممزق الأيدي.
وكدت أتخلص من الذكرى التي جاشت في خاطري، لولا أنني رأيت الرجل قادماً نحونا، فنظرت إلى جدي ونظر إليّ. وقال مسعود: ((سنحصد التمر اليوم، ألا تريد أن تحضر؟)) وأحسست أنه لا يريد جدي أن يحضر بالفعل. ولكن جدي هب واقفاً، ورأيت عينه تلمع برهة ببريق شديد، وشدني من يدي وذهبنا إلى حصاد تمر مسعود. وجاء أجد لجدي بمقعد عليه فروة ثور. جلس جدي وظللت أنا واقفاً.
كانوا خلقاً كثيراً. كنت أعرفهم كلهم، ولكنني لسبب ما أخذت أراقب مسعوداً. كان واقفاً بعيداً عن ذلك الحشد كأن الأمر لا يعنيه، مع أن النخيل الذي يحصد كان نخله هو، وأحياناً يلفت نظره صوت سبيطة ضخمة من التمر وهي تهوي من علٍ. ومرة صاح بالصبي الذي استوى فوق قمة النخلة، وأخذ يقطع السبيط بمنجله الطويل الحاد: ((حاذر لا تقطع قلب النخلة)).
ولم ينتبه أحد لما قال، واستمر الصبي الجالس فوق قمة النخلة يعمل منجله في العرجون بسرعة ونشاط، وأخذ السبط يهوي كشيء ينزل من السماء. ولكنني أنا أخذت أفكر في قول مسعود: ((قلب النخلة)) وتصورت النخلة شيئاً يحس له قلب ينبض. وتذكرت قول مسعود لي مرة حين رآني أعبث بجريد نخلة صغيرة: ((النخل يا بنيّ كالادميين يفرح ويتألم)).
وشعرت بحياء داخلي لم أجد له سبباً. ولما نظرت مرة أخرى إلى الساحة الممتدة أمامي رأيت رفاقي الأطفال يموجون كالنمل تحت جذوع النخل يجمعون التمر ويأكلون أكثره. واجتمع التمر أكواماً عالية. ثم رأيت قوماً أقبلوا وأخذوا يكيلونه بمكاييل ويصبونه في أكياس. وعددت منها ثلاثين كيساً. وانفض الجمع عدا حسين التاجر وموسى صاحب الحقل المجاور لحقلنا من الشرق، ورجلين غريبين لم أرَهما من قبل. وسمعت صفيراً خافتاً، فالتفت فإذا جدي قد نام، ونظرت فإذا مسعود لم يغير وقفته ولكنه وضع عوداً من القصب في فمه وأخذ يمضغه مثل شخص شبع من الأكل وبقيت في فمه لقمة واحدة لا يدري ماذا يفعل بها.
وفجأة استيقظ جدي وهب واقفاً ومشى نحو أكياس التمر وتبعه حسين التاجر وموسى صاحب الحقل المجاور لحقلنا والرجلان الغريبان. وسرت أنا وراء جدي ونظرت إلى مسعود فرأيته يدلف نحونا ببطء شديد كرجل يريد أن يرجع ولكن قدميه تزيد أن تسير إلى أمام.

وتحلقوا كلهم حول أكياس التمر وأخذوا يفحصونه وبعضهم أخذ منه حبة أو حبتين فأكلها. وأعطاني جدي قبضة من التمر فأخذت أمضغه. ورأيت مسعوداً يملأ راحته من التمر ويقربه من أنفه ويشمه طويلاً ثم يعيده إلى مكانه. ورأيتهم يتقاسمونه.

حسين التاجر أخذ عشرة أكياس، والرجلان الغريبان كل منهما أخذ خمسة أكياس. وموسى صاحب الحقل المجاور لحقلنا من ناحية الشرق أخذ خمسة أكياس، وجدي أخذ خمسة أكياس. ولم أفهم شيئاً.

ونظرت إلى مسعود فرأيته زائغ العينين تجري عيناه شمالاً ويميناً كأنهما فأران صغيران تاها عن حجرهما. وقال جدي لمسعود: ما زلت مديناً لي بخمسين جنيها نتحدث عنها فيما بعد، ونادى حسين صبيانه فجاؤوا بالحمير، والرجلان الغريبان جاءا بخمسة جمال. ووضعت أكياس التمر على الحمير والجمال. ونهق أحد الحمير وأخذ الجمل يرغي ويصيح. وشعرت بنفسي أقترب من مسعود. وشعرت بيدي تمتد إليه كأني أردت أن ألمس طرف ثوبه.

وسمعته يحدث صوتاً في حلقه مثل شخير الحمل حين يذبح. ولست أدري السبب، ولكنني أحسست بألم حاد في صدري. وعدوت مبتعداً. وشعرت أنني أكره جدي في تلك اللحظة. وأسرعت العدو كأنني أحمل في داخل صدري سراً أود أن أتخلص منه. ووصلت إلى حافة النهر قريباً من منحناه وراء غابة الطلح. ولست أعرف السبب، ولكنني أدخلت إصبعي في حلقي وتقيأت التمر الذي أكلت.

اسبيرانزا
30/06/2008, 15:12
حوار مع الطيب صالح :D

اسبيرانزا
30/06/2008, 15:14
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////


كيف يفهم الطيب صالح العلاقة بين الإسلام والعروبة والوطنية والديمقراطية، قال:
هذه قضية طويلة وكبيرة.. هذه عايزة Symposium ، مش لقاء. حقيقة نحن السودانيين بنأخذ الأمور كما هي، يعني إلى حد قريب ما كنا نسأل عن موضوع قضية الهوية.. هذه التي جاءتنا من بلاد الشام، ما كان عندنا أزمة الهوية: من نحن.. وإيه تركيبتا.. إلى أي حد نحن عرب والى أي حد نحن أفارقة، نحن عرب مسلمين هذا هو الذي نفهمه، في السودان. يقال في السودان: دا ولد عرب، والعروبة عندنا قضية مفروغ منها، مفهوم قائم بحد ذاته، لما يقال دا فلان ولد عرب، دي قيمة. بعدين يدخل في نطاق هذه العروبة كل من يتكلم اللغة العربية، عندنا في الشمال قبائل نوبية وهي أعرق قبائل في وادي النيل هؤلاء أمة ورثت الحضارة الفرعونية القديمة، وهم الآن عرب. بعدين نحن مسلمون.. الحقيقة المهمة في السودان، هو أن الإسلام دخله سلماً ولم يدخله حربا، وأنا متأكد أنه العديد منكم يعرف تاريخ السودان، لكن فقط أذكركم أن دخول العرب للسودان بدأ في بداية الفتح العربي لمصر لأن بعدما دخل عمر بن العاص مصر في خلافة سيدنا عثمان بن عفان (رضي الله عنه) دخل جيش عربي بقيادة عبد الله ابن أبي الصرح، ووجد ممالك مسيحية مستقرة ومتطورة ومتحضرة جداً فصالحهم العرب، صالحوهم ولم يحاربوهم، ثم ظلت القبائل العربية تهاجر جنوباً وتدريجيا بدأ التزاوج بين العرب وبين القبائل النوبية إلى أن آل الأمر إلى العرب والى المسلمين وتكونت عندنا دولة عربية إسلامية هي دولة سنّار، وسنّار هذه دولة كثير من المؤرخين اعتبروها تعويضا عن ضياع الأندلس حين قامت في السودان هذه الدولة المسلمة العربية. فنشأ عندنا إسلام يتميز بروح تسامح لا حد لها. ما عندنا أبدا التشنج بأمور العقيدة، وعندنا في أم درمان، التي هي العاصمة الوطنية للسودان، حي كامل يسمونه المسالمة، لأنه لهؤلاء أصول قبطية وبعضهم دخل الإسلام وبعضهم ظل على مسيحيته، ومرات في العائلة الواحدة تجد جزءا مسلما وجزءا نصرانيا، ثم نحن في إسلامنا أخذنا كثير من التراكمات الحضارية الموجودة في وادي النيل، فالإسلام بالنسبة لي هو هذا، ولذلك ما يحدث الآن في السودان، أنا أعتبره ضد طبيعة الأرض وطبيعة الحضارة التي أنشأناها على مدى القرون، هذه الحدة في الفصل بين الأمور، انه هذا مسلم وهذا غير مسلم، وهذا كافر.. لم يكن عندنا هذا الكلام، وأظن أن المنطقة العربية كلها تميزت بهذه السماحة في المعاملة منذ صدر الإسلام، منذ عهد الرسول، وفي التاريخ طبعا تعرفوا بأنه في معركة القادسية حين أصيب المثنى بن حارث الشيباني التفت خلفه فوجد عربيا نصرانيا، فقال له: أنت لست من ملتنا ولكنك أخونا فاحمل الراية. عربي نصراني حمل راية المسلمين في معركة القادسية. هذه القضية مهمة جدا لأنه الآن في الغرب يتهموننا بأننا ناس متزمتين ومتعصبين، بينما حضارتنا كلها قائمة على فكرة التسامح وفكرة خلط الأخذ من كل شيء مفيد وجمعها في سياق واحد. في بلاد الشام فعلوا ذلك، في وادي النيل فعلنا ذلك مع إخواننا المصريين، في بلاد المغرب العربي عملنا ذلك، في أرض الرافدين.. هذا هو تراثنا. وأرجو أن تتغلب روح التسامح في نهاية الأمر على التزمت ومحاولة فرض الأشياء، وأكتفي بهذا الجزء من سؤالك ولنتحاور على شيء آخر.

سؤال: من المعروف أن في تراثنا العربي الإسلامي ظهرت مجموعة من المدارس، وبرزت مدرستان، مدرسة المشرق ومدرسة المغرب. وفي الظروف الحالية الآن، هنالك سعي لإحياء التراث، هل لديك تعقيب على ذلك؟ على مشاكل إحياء التراث.. وماذا نستطيع أن نأخذ من التراث بحيث يتفق مع الظروف في الحاضر، ثم هل التراث شيء محدود يجب أن نأخذه كما هو أم لدينا القدرة على تعديله؟

الطيب صالح: أنا الأسبوع الماضي بالصدفة كنت في مؤتمر في برشلونة، نظمته منظمة اليونسكو للحوار في قضايا جنوب السودان، وفي الكلمة الافتتاحية التي ألقاها مدير عام اليونسكو، وهو أسباني، قال جملة لفتت نظري، يقول: "الماضي هو مثل المرآة الخلفية للسيارة تنظر إليها علشان تتأكد من طريقك إلى الأمام"، التراث هو في واقع الأمر، يعني تصوري له، انه شيء عايش فينا، في ناس بتصوره وكأنه في مخزن ونفتح المخزن ونأخذ منه التراث، نحن نحمل التراث في أنفسنا.. نحن نسير والتراث يسير معنا، طبعا يكون من الجميل لو عرفنا كيف نأخذ من التراث ما نصلح فيه أمرنا في الحاضر. يعني التراث فيه أشياء طبعا لا حاجة لنا بها.. في حروب وخصومات، لكن قمم التراث، القمم المضيئة في التراث العربي الإسلامي ما تزال إلى يومنا هذا تعتبر جديرة، وأنت قلت بين المشرق والمغرب، هو في واقع الأمر ما فيش خلاف حقيقي، يعني حصل بطبيعة الحال بحكم الجغرافيا والمناخ في كل منطقة، الناس يؤكدوا أشياء ويقللوا من أشياء، والغريب أننا في وادي النيل، مصر والسودان، نحن مسلمون سنة في وادي النيل، كلنا، ولكننا في ولائنا لآل البيت، كأننا شيعة، خلطنا بين هذا وذاك، وما حصل عندنا أي تـناقض.. السوداني والمصري في ولائه لآل البيت، كأنه شيعي، ولكنه سني. ونحن في السودان كلنا سنة مالكية، فالتراث يجب أن يستعمل لتأكيد القيم الايجابية في الأمة وليس لتفرقة الأمة. لسوء الحظ هناك بعض الناس، بيستعملوا التراث لتفرقة الناس، أنا عندي محك بسيط جدا: لما اسمع كلام أي زعيم أو قائد، أسأل هل هذا الكلام يفرق الناس أو يجمعهم، إذا كان يفرقهم، فمهما بلغ من الفصاحة والبيان، أنا عندي هذا الكلام لا قيمة له، إذا كان يجمعهم ويؤكد نوازع الخير والايجابية فيهم، فهذا عندي حسن. هذه قضية طويلة طبعا، قضية التراث، لأنه ما أدري من أين عملنا هذا التمييز، الإنكليز مثلا عندهم كلمة لقضية التراث Heritage ما عندهم شيء انه شكسبير مثلا يقول التراث، نحن عندنا بعض الناس يقول لك هذا هو التراث، يا أخي الجاهلية عايشة بيننا اليوم، المتنبي عايش بيننا اليوم، نحن عندنا شعراء في السودان، بوادي السودان كأنهم يعيشون في زمان الجاهلية من ناحية الفصاحة، فهذا الشيء عائش بيننا.. ليس هناك هذا التفريق الذي يقولك الأصالة والمعاصرة، السفور والحجاب، هذه الثنائية في الفكر العربي الحديث لا أدري من أين جاءتنا، وكان واضح جدا في أيام تأجج ماضينا أن المفكر أو العالم يحسن كل شيء.. ابن سينا كان يحسن في الطب والفلسفة والشعر والموسيقى.. وكل شيء، لم يكن عنده هذه التفرقة بين هذا وذاك.

سؤال: أود أن اسأل عن رأيك بالنسبة للسودان وكيفية التعامل مع مشكلة الهوية التي تتحدث عنها.. وكيف يمكنها أن تحتوي الاختلافات القائمة داخل السودان ومع جنوبه؟

الطيب صالح: أنا قلت لك عن بعض الناس الذين يحددوا وجهة نظرهم بالنسبة للمستقبل، ويقولون لك: هذا هو الحل ولا تتناقش معي! أظن أول ثورة عسكرية في العالم العربي كانت انقلاب حسني الزعيم في سوريا.. يجي واحد يقولك خلاص هذا هو الحل. فالقضايا، عشان نصل إلى حلول، يجب أن تطرح بحرية وبدون خوف، فلا بد من الحوار الحر الصريح، وهذا منتدى حوار الذي نحن فيه، إذن لا بد من نظام ديمقراطي. ونحن طبيعتنا في السودان أصلها طبيعة ديمقراطية. لا تصدق الذين يقولون إن الشعب غير مؤهل للديمقراطية.. مافيش شعب عربي.. مافيش شعب إطلاقا، ليس مؤهلا للديمقراطية. يا أخي تجد الرجل الأمي في العالم العربي يقوم بمسؤوليات جسام في تربية أولاده وفي إصلاح حاله واتخاذ قرارات معيشية مهمة جدا، فكيف هذا الإنسان غير قادر أن يقول أن هذا يصلح وهذا لا يصلح كنائب للبرلمان؟.. كلام فارغ.. لأنهم يريدون أن يستأثروا بالسلطة ويوهمون الناس بأحلام لا أساس لها من الواقع، ويحجروا الرأي.. وبعدين لا تصل إلى حل. لو أن الديمقراطية استمرت في السودان بعد الاستقلال إلى يومنا هذا لكنا أولا في تقديري المتواضع عملنا مثل ونموذج في منطقتنا للحكم الديمقراطي.. لأن هذا الشعب عنده استعداد ديمقراطي. ثانيا، كنا حللنا مشكلة الجنوب، كنا حللناها إمّا بوحدة حقيقية أو بفصل الجنوب بالتراضي. لكن في كل مرة كان يجينا عهد حكم عسكري ويقولك نحنا سنحل مشكلة الجنوب ويدخلوا جيش نظامي في غابات وأحراش ويفشلون في كل مرة. وهذا الحكم الآن أيضا فاشل. فلا بد من حرية الفكر ولا بد أن كل إنسان يقول بأمانة كيف يرى الأشياء...عندها نصل إلى حل. وأظن أن الأمة العربية ككل في حالة كهذه يمكن أن تنطلق انطلاقة كبيرة جدا.
ورداَ على تعليق تضمن تشاؤما بشأن مستقبل الأمة العربية، قال الطيب صالح:
فكرة أن الأمة ماتت، أنا أعتقد أن هذا تشاؤم لا مبرر له، ما في أمة تموت، هذه الأمة لو كان لها أن تموت لماتت من زمان لأنها تعرضت إلى بلاوي. هذا الغرب بالمناسبة الواحد حين يقرأ تاريخ أوروبا كل الذي نراه هذا عمره أقل من قرن، كل الذي نراه كما تعلم سيدي بأوروبا عمره أقل من قرن ما في معجزة بالمناسبة نحن مرات لأنه بنشوف هذا الغرب عنده هذا الجبروت الصناعي والحربي والطيارات، بنفتكر أن الإنسان الأوروبي أو الإنسان الأميركي نزل من السماء. هؤلاء ناس ..بشر.. بالمناسبة عاديين زينا، بل لعلنا من ناحية الذكاء الفردي والقدرة على الإبداع أكثر منهم إبداعا، الموضوع كله إننا طبعا تعرضنا إلى تجارب مريرة.. يعني يدوب تنفسنا الصعداء بعد الحكم العثماني.. جاءنا الاستعمار الغربي .. يا دوب تحررنا من الاستعمار الغربي وما عرفنا نلقط نفسنا.. جابوا لنا إسرائيل. فنحن ووجهنا بقضايا ضخمة كونية، وما كنا مستعدين لها.. والأمة في حالة من البلبلة، لكن هذا لا يعني بأنها أمة ميتة إطلاقا، هذه أمة حيّة. أنا أظن- وهذا إحساسي من مشاهداتي- حين تجد المفتاح، ممكن يحصل انطلاقة وقفزة كبيرة جدا. هذه أمة قفزات.. لأن عندك مثلا الإنكليز أو الفرنساويين بيمشوا واحد اثنين ثلاثة أربعة حتى يصلوا للنتيجة، وكل واحد في مصنع بيعطوه ال Manual وماشي عليه.. نحن مش ناس بتاع Manual.. جايز نوصل للنتيجة. كنا فعلا في المدارس، ودرّسونا إنكليز عن مشاكل حسابية، وكنا نوصل للحل ونكتب الحل، هو يقول لك لا، إيه الخطوات التي وصلتك إلى هذا الحل. فهذه الأمة ليست أمة خطوات، هذه أمة قفزات. ويا سيدي أنت تشاؤمك في غير مكانه، وأظن تشاؤمك مصدره الإفراط في الحب للأمة.. مرات المحب يصدم.
================================================== ==================
مركز الحوار العربي- الأحد 22/10/1995

achelious
01/07/2008, 02:55
يعطيك العافية اسبيرانزا.. حوار مهم.. :D

اسبيرانزا
02/07/2008, 02:01
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////


رواية موسم الهجرة الى الشمال


رواية موسم الهجرة للشمال نص روائى خرج الى النور فى اواخر الستينيات طرق فيه الطيب صالح مواضيع شتى اولها مسألة صراع الحضارات وما قد يواجه شخص خرج من بيت امه الكبيرة (وطنه ) ولا يحمل اى انتماء او حنين لها ( مصطفى سعيد وامه ...مجازا هى السودان الوطن ) وتطرقه الى مسألة الجنس حينما يتحول الى قوى بغض وتفريغ لانفعالات السخط من نفسه او من الاخر ( دولا وافرادا ) ومسألة الدين حينما يكون فى عقول العامية متروكا للتفسيرات الشخصية و ( المال والنسوان زينة الحياة الدنيا) وما يترتب عليه من مصائب لا متوقعة كذلك مسألة سياسات الحكام والمقفين فى برجهم العاجى حينما يتحدثون عن اصلاحات يوتوبية فى حين ان الواقع لا يحتاج منهم سوى النظرة البسيطة والاحتياجات الاولية كمسألة تطوير وتوحيد مناهج التعليم وجعلها على مستوى عالمى والواقع يقول انه لا توجد مدارس اساسا فى السودان قرى بأكملها خالية من المدارس فلماذا لا ينشئوا المدارس اولا ثم يتحدثوا فى المناهج واخيرا سحر الشرق فى عقول الاوروبيون فما من شخصية اوروبية نسائية اخذت بغرام مصطفى سعيد الا لانه اسرهم بجو الشرقية التى يحياها فى بيته وفى احاديثه لكن للاسف هذه السحرية لا نلبث الا ان نسيئ لها بافعال غرائزية غير محكومة

هذا على مستوى ايديولوجيا النص ,

اما على المستوى الاسلوبى فقد استخدم الطيب تقنيات اسلوبية متنوعة نجح فى تنسيقها وتوليفها ,,,كاسلوب الاسترجاع مثلا..( فكل شخصية تقريبا جعل لها حيز رواية يسمح لها بالارتداد الى الماضى لاسترجاع ذكريات ستساهم بصورة اساسية فى مسار الحكى ) كذلك استخدم تقنية الاستباق فى تطلعات وتنبؤات الراوى لشخصية مصطفى سعيد تارة و لغرفة اسراره تارة اخرى

كذلك المزج بين الشعرية والنثرية من خلال اقتباس بعض من أشعار ابى نواس

وتقنية التسريع ,,,من خلال فتح حوار بين الشخصيات ,,,فالحوار عادة ما يختزل السرد ويسرّعه

وتتقنية التبطيئ من خلال الوصف ( وصف الامكنة والشخصيات )

على المستوى التعبيرى استخدم الفعل الماضى الذى دل على التقريرية لايهام القارئ بواقعية الاحداث كما استخدم المضارع احيانا ليدخل القارئ فى جو الاحداث

النهاية رومانسية به مسحة اوروبية فكل نهاية لشخصية تنتهى إما بالانتحار او القتل وهذه النهايات نادرة الاستخدام داخل الروايات العربية فى ذلك الوقت وخاصة فى السودان بسبب سيادة الفكر الاسلامى الذى كان يستبعد ان ينهى شخصية فرد ( ولو فرد ورقى _ بتعبير باختين ) بالانتحار

**عذرا على عدم تلخيصى للرواية فتلخيص اى عمل ادبى فى نظرى هو خيانة للعمل وللمؤلف

اسبيرانزا
02/07/2008, 02:03
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////


محاكمة الطيب صالح ( منقول )


أجريت للطيب صالح عام 1987ممحاكمة أدبية في الخرطوم – نظمها اتحاد الكتاب – اتهم فيها بأنه اقتحم المناطقالمحظورة وادخل الجنس في القرية ، فقال إنه كان ينقلواقعاً .. واردف يقول ( الكتاب في الغرب يستطيعون أنيقولوا كل شئ ، فلا أفق يحدهم ) .. ومعنى هذا الحديثأن الكتاب في الشرق – وهو فهمه – لهم ما يؤطر أفقهمويحد من انطلاقتهم في التصوير .. وفي الاستفادة من كلما هو متاح .. ورغما عن ذلك لا يزال الطيب صالح متهماًبالجرأة الفائقة في استخدام الجنس في نصوصه .. وأناأستطيع أن أقول ان ذلك يتم للاستفادة منه في فنية النص .. وان الجنس لا يقحم في النص باعتباره تذويقاً له مثلما يفعل الآخرون .. ولو رجعنا إلى روايته ( موسمالهجرة إلى الشمال ) وهي الرواية التي استخدم فيهالجنس كثيراً، لوجدنا أن له غاية في النص وهي توضيحالفارق بين الجنس الذي مارسه مصطفى سعيد في لندنكأسلوب وسلاح للغزو والانتقام، والجنس الذي مارسه بعدرجوعه للسودان باعتباره وسيلة وطريقة لاستمرار الحياة ( يرى الطيب صالح ان الجنس موجود في التراث العربي .. خاصة الشعر ) .
الطيب صالح عندما يكتب فإنه ينتصر على معوقات كثيرة،منها ما هو نفسي، وما هو اجتماعي ( لأنني كانسان عاديغير راغب في الغوص في أعماق نفسي ..أريد أن أعيش علىسطح الحياة كسائر الناس ) .. ولهذا، فالطيب صالح يفرقبين الإنسان العادي والكاتب الذي يجب عليه أن يغوص فيأعماق نفسه ليخرج لنا هذه الكنوز واللالىء ، وهوعندما يمارس حياته كانسان عادي فلا يهتم كثيراً بالبحثفي تفاصيل الأشياء وعلاقاتها .. أما عندما يكتب فانهيتعمق ويغوص في العلاقات بين الأشياء ويربط بينهاولذلك فنحن نحس في إنتاجه بهذه الكثافة والغنى والعمقومحاولة استكشاف ما هو كائن خلف ما هو بادٍ .
( مشاكلي النفسية مرتبطة بعملية الكتابة فقط ،لأنني أغرق في ينبوع داخلي عميق وهذا الينبوع هو منطقةالفوضى .. الفوضى هي أن يصبح كل شئ محتمل، وكلما أوغلالكاتب داخل نفسه بحثاً عن الضوء كلما ازدادت الفوضى .. ثم تأتى مرحلة تستقر خلالها عملية الخلق فيتضحالطريق وقد يكون خطأً أو صحيحا ..المهم في اللحظةنفسها يكون هو الضوء ).. لذلك فإن عملية الخلق عندالطيب صالح تعني التوغل في منطقة الفوضى ،بحثا عنالضوء فيتوه ويفصل عن هذا العالم بحثا عن التضاريسالتي تحدد تفاصيل عمله الجديد ..وقد أحسسنا بذلك فيموسم الهجرة إلى الشمال ،عندما اختلط الحلم والواقعوالحقيقة بالخيال وتحول التاريخ إلى قواد وتبادلتالشخوص الأدوار ..
ولعل هذا يفسر الانسجام والتجانس في المشاهد التييصورهاوالإتساق بين كلماته وجمله إلى الدرجة التي تجعلالقارئ يلهس وراءه لهاثاً .. ووفقاً لحديث الكاتب هذافإن الكتابة هي الضوء الذي ينير للناس دياجير حياتهمويخلصهم من الظلمة التي يعيشونها .. فالكتابة توجه،تقود، تنير الطريق، وهذه غايات لا يصل إليها ويدركهاإلا من أدرك معنى عملية الكتابة والإبداع ..و يتسق هذامع ما يجريه الكاتب من حوار على ألسنة بعض أبــطاله..( سنهزم الفقر ونخضع الشمس ذاتها لارادتنا ) ، إذنللكاتب قضايا يعمل من أجلها وأهداف يناضا من أجلتحقيقها والكتابة هي وسيلته في ذلك .. فهي تحركالعقلية وتهيئها لتقبل الجديد من الأفكار والرؤى .
( كل أنواع الكتابة بغيض إليٌ وأنا لا اكتب إلا إذابلغ السيل الزبى) .. فإذا تساءلنا هنا يا ترى ما سببهذا البغض ؟ .. تكون الإجابة أن ذلك يعود إلى الزهدالذي تتميز به الشخصية السودانية التي لا تسعى إلىالشهرة والمجد بقدر سعيها إلى الرغبة في حياة مستقرةهادئة سعيدة ..ورغما عن ذلك فإن الكاتب يجد نفسهمدفوعا للكتابة مرغما عليها لتوضيح شئ أو لتجسيد موقفأو لإعلان رأي .. وهذا يكشف لنا أن الكتابة عند الكاتبليست ترفاً أو تسلية، بل لها أهدافا ومرام تتجاوزمصالح الكاتب إلى غايات إنسانية تخدم الفكر الإنسانيوتساعد في ثراء التجربة الإنسانية .. وهذا هو قمةالإحساس بالمسؤولية عن الكتابة التي ينبغي ألا تمارسلمجرد تزجية الفراغ أو قتل الوقت، بل يجب أن تمارسلاهداف وغايات أسمى وأكبر ..ولذلك فإن روايات الطيبصالح وقصصه تتكثف فيها المعارف وتتقاطع فيها الثقافاتوتتنوع فيها الرؤى وتتجدد فيها المواقف بدرجة يحارالمرء فيها .. ومرد ذلك كما أرى يعود إلى إدراك الكاتبلوظيفة وغايات وأهــداف عملية الكتابة ..

( إن للفـن غايات تثقيفية جماهيرية وهو عنــده جزءمتمم للأبعــاد الفكــرية ..وصورة ما هو كائن في الفنلا تنفصل عن صورة ما سيكون ومن يرفض الماضي بكليته هواعجز عن بناء المستقبل والحاضر.. ولكن الطيب صالح وهويصيغ هذه الأفكار يشخصها بحيث تبدو وكأنها قصة سيرةذاتية ..) ولهذا فقد قلت ان الكاتب شديد الاعتدادبالماضي والتراث .. يعرف جيداً ما لهما من أدواروأبعاد في تشكيل الحاضر ورسم آفاق المستقبل .. كما أنفي هذا التراث الإجابة على العديد من الأسئلة التيتؤرق بال الحاضر وتحاصره .
ويمكننا اعتبار أن فعل الكتابة عند الطيب صالحتعبير عن قلق عميق يعيشه مثقف إفريقي في زمن أصبحمطلوبا منه وبسرعة تحديد المــسار والطريقة والوجهة ..عليهأن يختار نمطاً في التفكير والعيش والنظر إلى الآخرين .. وهذا هاجس يحفز على الإبداع ويطرح أمام الكاتبقضايا مصيرية ملحة تتطلب إعلان الرأي عنها بشجاعة ..
بعد هذا نتعرف على لسان الطيب صالح على الذين تأثربهم .. يقول الكاتب إنه تأثر بكل من مصطفى صادقالرافعي .. طه حسين .. أحمد ذكي .. إبراهيم عبد القادرمن مصر .. جمال محمد أحمد ..والمرحوم أحمد الطيب منالسودان .. مارون عبود من لبنان .. محمود السعدي منتونس .. ويعترف أنه مدين بصفة خاصة لأستاذه جمال محمدأحمد.. ومن الأجانب يقول إنه تأثر بشكسيبر وجوناثانسويفت وكنراد وفوكنر وتعجبه الرواية الإنجليزية فيالقرن التاسع عشر بشكل عام.
وبالرجوع إلى الرواية الإنجليزية في ذلك الوقت نجدأن سماتها انحصرت في الدفاع عن قيم الريف الإنجليزيوتحصينه ضد حضارة المدينة وشحن الإنسان بالاهتماماتالشاملة لتغييره إلى إنسان افضل. والعمل على تحطيمالقيم البالية ..و دراسة النفس الإنسانية من خلالالخلفية الاجتماعية .. ولهذا عرفت سر إعجاب الكاتب بها، لأننا في رواياته نجد شيئاً من هذا وذلك.

اسبيرانزا
02/07/2008, 02:05
انا الان هويت وانتهيت ... خلصت خلاص كلامى
اذا مستعدين لبدء نقاش حول الرواية ....اتفضلوا :D

اسبيرانزا
02/07/2008, 02:07
يعطيك العافية اسبيرانزا.. حوار مهم.. :D

مرورك كان اهم :D

achelious
02/07/2008, 02:27
يعطيك العافية اسبيرانزا.. خلصت بسرعة;):D
رح نترك هلق مهلة أربع أيام لحتى الناس تلحق تقرا -هي بحسب شروط الموضوع-

achelious
02/07/2008, 02:31
انا الان هويت وانتهيت ... خلصت خلاص كلامى
اذا مستعدين لبدء نقاش حول الرواية ....اتفضلوا :D
أنا لسا ما قريتا.. بدك تراجعي Butterfly:D
بظن انو مناقشتا بالموضوع اللي نزليتها فيه..
:D

مبدعة وراء الستار
04/07/2008, 15:14
أسجل حضوري هنا
حقا عمل رائع
ودي و شكري الكبيرين

مختلف
04/07/2008, 22:34
تسلمو على الموضوع الحلو وللصدفة انا من كم يوم كاتب قراءة بسيطة في المشهد الأخير من "موسم الهجرة الى الشمال" و اتمنى انها تكون قد المقام وتعجبكم ، خصوصا انها اولى مشاركاتي بالخوية الجميلة

__________________________________________________ _____


بدا لي أن شخصية الراوي في القصة كانت شديدة الانبهار بحياة وحتى ممات مصطفى سعيد ، بان ذلك جليا في وقوعه في غرام حسنة بت محمود ،–ربما كان ذلك فقط تقليدا له على مستوى اللاوعي- "أحب حسنة بنت محمود أرملة مصطفى سعيد ،أنا مثله" رغم أنه "يعرف حسنة بت محمود منذ ان كانت طفلة" ولئن كان ود الريس قد أحبها هو الآخر فإن ما ينطبق عليه من أنه" لا تعجبه الحمارة إلا إذا رأى رجلا آخر راكبا عليها" لا يجري على شخصية الراوي . أيضا تمثل التأثر المفرط بمصطفى سعيد في تلك المجادلة الداخلية التي عايشها الراوي داخل غرفة مصطفى والتي كان انعكاسها الخارجي استنتاجه المغلف بغرور لم يكن مكونات شخصية ود حاج احمد* أن مصطفى سعيد "يريد أن يكتشف كأثر تاريخي له قيمته ، إنما أنا لا أملك متسعا من الوقت للمضي في هذه المهزلة." ...
لكن التجلي الثالث والابين كان في المشهد الأخير الذي قرر الراوي وضعه لنفسه والذي يُقرأ من خلفه انفجار مفاجئ لرغبة مكبوتة في التطرف عاشت ردحا من الزمن خلف الحياة المتزنة للراوي . ولم يتأت له ذلك سوى عبر محاكاة المشهد "الميلودرامي" الذي تخيله الراوي لنهاية مصطفى سعيد والذي لم ينجح حتى في إخفاء اعجابه الشديد به "اذا كان مصطفى سعيد قذ اختار النهاية ، فإنه يكون قد قام باعظم عمل ميلودرامي في رواية حياته " .
ما يرثى له أنه وبالأخير عاد الضعف البشري الكامن في شخصية ود حاج احمد والمتمثل في حب الحياة ، وهو ماكان مطلق الغياب في التكوين النفسي لمصطفى سعيد " انت لست انسانا ، أنت آلة صماء". فكان أن أعاد الراوي النظر في استسلامه لمشيئة النهر و قرر أن "سأحيا بالقوة والمكر" ،ولكن كبرياء النفس كان حاضرا هذه المرة إذ كان الحوار الداخلي مسوقا بمبررات من شاكلة "طول حياتي لم اختر ولم اقرر، انني اقرر الآن انني اختار الحياة" و "سأحيا لأن علي واجبات يجب أن أؤديها.." ساقها الراوي ليبرر قراره الجبان بالهرب من مصيره المحتم....
و هنا قد يكون باديا للعيان أن الراوي إذا ماتم انقاذه فانه سيعيش حياة مليئة بالذل العلني والصراع الداخلي بين النفس الملمة بواقع الخوف المتأصل في شخصيته ، والأنا المغرورة التي تحاول سوق المبررات من جديد وهو ما يغلب الظن لدي أن تكون نتيجته " الانتحار"!!....


* لم يرد في الرواية تحديد لاسم الراوي ولا والده ، فأثرنا الاشارة اليه بـ"ود حاج احمد" نسبة الى جده لتقليل استخدام ضمير الغائب أو لفظ "الراوي"

اسبيرانزا
05/07/2008, 19:08
بشكرك على تحليلك النفسانى :D






* لم يرد في الرواية تحديد لاسم الراوي ولا والده ، فأثرنا الاشارة اليه بـ"ود حاج احمد" نسبة الى جده لتقليل استخدام ضمير الغائب أو لفظ "الراوي"

من ذكاء بعض الروائيين عدم ذكر اسم للراوى كى تمر لحظات على القارئ يعتقد ان المؤلف هو الراوى ( مع العلم ب انفصالهما ) وذلك لايهام القارئ ان المؤلف رأى الاحداث حقيقة ويسردها للقارئ ,,يعنى كنوع من الايهام بالواقعية ,,لذا ما الداعى لرؤيتك بضرورة تقليل لفظ الراوى والعوض عنها باسم ؟؟؟
عدم ذكر اسم للراوى شئ مدروس اعتقد من جانب الطيب صالح ...
تسلم على مرورك المختلف :D

ليندا
07/07/2008, 04:36
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////

احسان عبد القدوس
ناظر مدرسة الهواء الطلق الذي لقبه نجيب محفوظ
بـ(قاسم أمين الأدب العربي )



من انا ؟؟
أكاد اجن ..اريد ان اعرف من (انا )؟؟
من هو هذا الشخص الذي اطلق عليه لفظ (انا)؟؟
اريد ان اراه ,واتعرف عليه ,واناقشه في هذه التصرفات التي ترسم ذكرياتي ,وحاضري ومستقبلي ..تصرفاتي أنا ..
ذنوبي وحسناتي أنا ..
ان النتيجه التي توصلت اليها _على قدر جهدي _هي ان (انا )ليس (واحداً),انما (انا)عدة اشخاص ..أنا ليس فردا ,ولكن مجتمعا ً..
أي الانسان يعيش في (مجتمع )حولهه ,ومجتمع آخر في داخله ,,ليس هناك واحداً ابداً الا الله ..
اذن ..
انا مجتمع اعيش في مجتمع
لا واحد ...لا فرد

بهذه الكلمات الفلسفيه البسيطه يلخص احسان نظرته الى نفسه ونظريته كانسان يحمل تحت جلده قضايا وهموم مجتمع بأسره مجتمع يعايشه ويعيش فيه يسايره ويسير به يحمله ويحتمله يحلم به ويحلم له ..
عاش حياته طولا وعمقا دون ان يتنازل عن مبدأ ...بل ضل حريصا على الا يبدأ في التنازل مهما كانت النهاية ..كان عاشقا متيماً بالحرية ..مدافعاً عنها ...ومندفعاً اليها ..لم يقايض عليها حاكماً ولم يرض بغيرها لمحكوم ,,كان سلساً في اسلوبه الذي يكتب به ,,,واسلوبه الذي يعيش عليه...تراه فوق اوراقه ,وترى أوراقه فتراه!!

يتبع....

achelious
07/07/2008, 09:30
بداية موفقة..:D

butterfly
07/07/2008, 16:14
من الأدباء اللي ما بيعجبني أسلوبو الأدبي على الإطلاق ..
متابعة ,....
:mimo:

ليندا
09/07/2008, 02:12
بداية موفقة..:D

شكرا:D

من الأدباء اللي ما بيعجبني أسلوبو الأدبي على الإطلاق ..

متابعة ,....
:mimo:

على عيني :lol:

ليندا
09/07/2008, 02:23
ولد إحسان عبد القدوس في 1 يناير 1929 وفي طفولتة كانت هوايته المفضلة هي القراءة ، اهتم والده بحسن تعليمة وتشجيعه علي القراءة، وقد تخرج من مدرسة الحقوق في عام 1942 ، وعمل كمحامي تحت التمرين بمكتب احد كبار المحامين وهو ادوارد قصيري وذلك بجانب عملة كصحفي بمجلة روز اليوسف، في عام 1944 بدا إحسان عبد القدوس كتابة نصوص افلام وقصص قصيرة وروايات.وبعد ذلك ترك مهنة المحاماة ووهب نفسة للصحافة والادب فقد شعر ان الادب والصحافة بالنسبة له كانا من ضروريات الحياة التي لا غني عنها، واصبح بعد اقل من بضعة سنوات صحفي متميز ومشهور، وراوئى، وكاتب سياسي، وبعد ان العمل في روزاليوسف ،تهيات له كل الفرص والظروف للعمل في جريده الاخبار لمده‏8‏ سنوات ثم عمل بجريده الاهرام وعين رئيسا لتحريرها‏.‏كان لإحسان شخصية محافظة للغاية، لدرجة ان شخصيته تتناقض مع كتاباته، فالبيئة التي تربى فيها جعلت منه انسانا صعبا للغاية، فقد كان ملتزما بالمعنى الاجتماعي، فلم يكن يسمح لزوجته بان تخرج من البيت بمفردها، وعندما يكون مسافرا يطلب منها الا تخرج، بل وترفض كل الدعوات التي توجه اليها مهما كانت، بل انه كان صعبا معها في موضوع الملابس، لدرجة انه كان يشترط عليها ان تكون ملابسها محتشمة لا تصف ولا تشف .
ان ادب احسان عبد القدوس يمثل نقله نوعيه متميزه في الروايه العربيه الي جانب ابناء جيله الكبار من امثال نجيب محفوظ ويوسف السباعي ومحمد عبد الحليم عبد الله‏,‏ لكن احسان تميز عنهم جميعا بامرين احدهما انه تربي في حضن الصحافه‏,‏ وتغذي منذ نعومه اظفاره علي قاعده البيانات الضخمه التي تتيحها الصحافه لاختراق طبقات المجتمع المختلفه وكانت الصحافه‏,‏ وصالون روزاليوسف والعلاقات المباشره بكبار الادباء والفنانين والسياسيين ونجوم المجتمع هي المنبع الذي اتاح لاحسان عبد القدوس ان يصور الجوانب الخفيه في الحياه المصريه ويتخطي بذلك كثيرا من الحواجز التي حالت بين زملائه وبين معرفه هذه البيانات‏، اما الميزه الثانيه لادب احسان فهي انه كان عميق الايمان بقضيه الحريه‏,‏ بمختلف مستوياتها السياسيه والاقتصاديه والاجتماعيه.
وان ادب احسان قد نجح في الخروج من المحليه الي حيز العالميه‏,‏ وترجمت معظم رواياته الي لغات اجنبية كاالانجليزية، والفرنسية، والاوكرانية، والصينية، والالمانية ‏,‏ وقد منحه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وسام الاستحقاق من الدرجة الاولي له، كما منحه الرئيس محمد حسني مبارك وسام الجمهوريه‏,‏ وشارك باسهامات بارزه في المجلس الاعلي للصحافه ومؤسسه السينما ، وقد توفي احسان عبد القدوس فس 11 يناير 1990،ومازال اسمه يلمع عالميا باعماله وابداعاته المتميزه‏.


يتـــبع,,,

ليندا
09/07/2008, 04:06
في مقال صغير قامت بنشره السيدة (نيرمين القويسينى) يقول احسان عن بدايته ونشأته :
ولدت لأبي الاستاذ (محمد عبد القدوس ) ولأمي السيدة (فاطمة اليوسف ) التي عرفت بااسم (روز اليوسف )
وكلاهما فنان ...درس ابي الهندسه وبدأ بالعمل موظفا بالحكومة كناظر مدرسه الاقصر الصناعية ..ثم ترك الحكومه
وتفرغ كلية للفن ...كان كاتبا يكتب المسرحيات والشعر والزجل ويمثل على المسرح ويلقي منولوجات يضع كلماتها والحانها ...وامي كانت ممثلة تعيش في وسط المسرح منذ ان كانت في العاشرة ...التقت باابي وانجباني ..ولكنهما انفصلا لاختلاف نزعاتهما الفنيه ...واخذني ابي منذ ولدت وتركني لجدي احمد رضوان وكان من خريجي الأزهر ومن رجال القضاء الشرعي وكان متحفظا الي حد التزمت في كل مايفرضه الاسلام ,,ورغم ذلك كان متميزا بتقدير الفن
وكان يتردد عليه كأصدقاء كبار المطربين والفنانين على ايامه ...
اثر علي اختلاف المجتمعين اللذين اعيشهما تأثيرا اساسيا في تكوين شخصيتي وعقليتي..مجتمع جدي المحافظ المتزمت في تدينه ومجتمع ابي وامي المتحرر المنطلق ..وقد بدأت منذ وعيت ..وانا اتساءل من منهما المجتمع الصالح..مجتمع جدي ام مجتمع ابي وامي..وكنت منذ طفولتي ارفض التقاليد الاجتماعية ,,لان التقاليد الاجتماعيه ايامها كانت تظلم امي ,,ولكن احدد تصرفاتي الاجتماعيه بعد تفكير وعلى مسؤليتي
يتبع ....

ليندا
11/07/2008, 04:35
ويتابع احسان حديثه عن نفسه قائلاً...((........وقد بدأت امسك بالقلم منذ بدأت أعي وذلك تقليدا لوالدي ,,وبلغ التقليد الى ان كتبت اول مسرحية لي وانا في العاشرة من عمري..وفي عام 1925 أصدرت والدتي مجلة (روز اليوسف ) واصبحت والدتي لاتريد ان انمو مقلداً لاابي واكون مجرد اديب , والكنها تريديني ان اتفرغ للصحافة والعالم الصحفي والسياسي حتى اكبر واتحمل مسؤلية مجلة (روز اليوسف ) ,,حتى انها بعد ان كبرت قليلا كانت ترفض ان تنشر لي اي عمل ادبي في مجلة (روز اليوسف) الى ان ارسلت يوما قطعة من الشعر المنثور الى جريدة (روز اليوسف ) دون ان اضع عليها اسمي فنُشرت في الصحيفة الادبيه ..وكانت اول ماينشر لي في حياتي ..
وعندما ابلغت والدتي باني كاتب تلك القصدية ..غضبت مني وعاقبتني بأن خصمت من مصروفي الاسبوعي الذي كانت تعطيني اياه ...لأنها لاتريدني ان اكون اديبا بل تريدني صحفيـــاً...
وهكذا وجدت نفسي أديبا وصحفيا دون تعمد ..أديب لابي وصحفي لاامي
فن واحد لم ارثه من امي وابي وهو فن التمثيل ...ولأني اعيش المجتمع الصحفي بجانب المجتمع الادبي فقد تعرفت بكب اكابر الادباء والصحفيين من صغري وبدأت اهتم منذ ذلك الوقت بالدراسات السياسيه وكنت اشترك اشتراكا فعالا في كل الثورات والمظاهرات السياسية منذ ان كنت في المدرسة الثانوية ..وبعد ان التحقت بكلية الحقوق بالجامعة تفرغت تفرغا تاما للدراسة ولم اكتف بدراسة القانون بل اني درست كل الادب العالمي وكل التاريخ العربي والعالمي وكل المذاهب السياسيه ونظم الحكم التي ظهرت ..وهو ماافادني كثيرا في تكوين نفسي ككاتب ....))
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــ
هامش //بعتزر كتير لأني ماكتبت المقال كامل لضيق الوقت:cry:

ليندا
11/07/2008, 05:01
‏من اهم اعماله:
كان احسان عبد القدوس كاتب مثمر، فبجانب اشتراكة المتميز بالصحافة كتب مايلي:
49 رواية تم تحويلهم جميعا نصوص للافلام.
5 روايات تم تحويلهم الي نصوص مسرحية.
9 روايات تم تحويلهم الي مسلسلات اذاعية.
10 روايات تم تحويلهم الي مسلسلات تليفزيونية.
56 كتاب تم ترجمة العديد من روايات الكاتب والصحفي احسان عبد القدوس الي لغات اجنبية كاالانجليزية، والفرنسية، والاوكرانية، والصينية، والالمانية.
وهذه بعض مؤلفاته التي تحولت الى افلام سينمائية:
-اللَّه معنا
-لا تطفىء الشمس
- في بيتنا رجل
-أنف وثلاث عيون
-أبي فوق الشجرة
-الخيط الرفيع
-أنا حرّة
-دمي ودموعي وابتسامتي
-الطريق المسدود
-بعيدا عن الأرض
-بئر الحرمان
-العذراء والشعر الأبيض
-لا أنام
-الوسادة الخالية
.............................................
ابداعه القصصي :


تمثل مجموعة "لمن أترك كل هذا (1995) "( ) المرحلة الأخيرة في مشوار إحسان عبد القدوس (1979/ 1990) الإبداعي بشكل عام، والقصصي بشكل خاص؛ حيث تحتل هذه المجموعة القصصية المرتبة الثانية والثلاثين ضمن مؤلفات إحسان في مجال القصة القصيرة، التي بدأت لديه في عام 1948 بمجموعته القصصية الأولي " صانع الحب "! وهو ما يعني أن مشوار عبد القدوس الإبداعي (الروائي والقصصي) تجاوز الأربعة عقود؛ومن ثم استطاع هذا المبدع أن يثري المكتبة العربية بإنتاج قصصي كبير, وهو ما نلحظه في الجدول التالي:
جدول يوضح مجموعات إحسان القصصية
[1] المسلسل [2] اسم المجموعة [3] تاريخ الطبعة الأولي




[4] 1 [5] صانع الحب [6] 1948
[7] 2 [8] بائع الحب [9] 1949
[10] 3 [11] النظارة السوداء [12] 1952
[13] 4 [14] أين عمري؟ [15] 1954
[16] 5 [17] الوسادة الخالية [18] 1955
[19] 6 [20] عقلي وقلبي [21] 1959
[22] 7 [23] منتهي الحب [24] 1959
[25] 8 [26] البنات والصيف [27] 1960
[28] 9 [29] زوجة أحمد [30] 1961
[31] 10 [32] شفتاه [33] 1962
[34] 11 [35] بئر الحرمان [36] 1962
[37] 12 [38] لا ليس جسدك [39] 1963
[40] 13 [41] بنت السلطان [42] 1964
[43] 14 [44] علبة من الصفيح الصدئ [45] 1967
[46] 15 [47] سيدة في خدمتك [48] 1967
[49] 16 [50] نساء لهن أسنان بيضاء [51] 1969
[52] 17 [53] دمي ودموعي وابتسامي [54] 1974
[55] 18 [56] لا أستطيع أن أفكر وأنا أرقص [57] 1975
[58] 19 [59] الهزيمة كان اسمها فاطمة [60] 1975
[61] 20 الرصاصة لا تزال في جيبي [62] 1975
[63] 21 العذراء والشعر الأبيض [64] 1977
[65] 22 خيوط في مسرح العرائس [66] 1977
[67] 23 حتى لا يطير الدخان [68] 1977
[69] 24 الراقصة والسياسي [70] 1978
[71] 25 [72] أسف لم اعد أستطيع [73] 1980
[74] 26 [75] زوجات ضائعات [76] 1982
[77] 27 [78] اللون الآخر [79] 1984
[80] 28 [81] وتاهت بعد العمر الطويل [82] 1985
[83] 29 [84] كانت صعبة ومغرورة [85] 1986
[86] 30 [87] الحب في رحاب الله [88] 1986
[89] 31 [90] فوق الحلال والحرام [91] 1987
[92] 32 [93] لمن أترك كل هذا؟ [94] 1990







والمتتبع للجدول السابق؛ يلحظ أن إنتاج إحسان عبد القدوس القصصي اتجه صوب الازدياد من عقد زمني إلي آخر؛ حيث بدأ بمجموعتين فقط في خمسينيات القرن العشرين؛ وهما (صانع الحب / 1948؛ و (بائع الحب/ 1949) وكتب خمس مجموعات في الستينات بدءًا بـ (النظارة السوداء / 1952 ) وانتهاء بـ (منتهي الحب / 1959) وفي السبعينيات كان أوج إنتاج عبد القدوس في الكتابة القصصية؛ حيث كتب تسع مجموعات، بدءًا بـ (البنات والصيف /1960) وانتهاءً بـ (النساء لهن أسنان بيضاء/ 1969)، وفي الثمانينيات كتب ثماني مجموعات؛ بدءًا بـ (دمي ودموعي وابتسامتي 1974) وانتهاءً بـ (الراقصة والسياسي /1978 وأخيراً في تسعينيات القرن العشرين كتب عبد القدوس ثمانى مجموعات أيضاً؛ بدءًا بـ (آسف لم أعد أستطيع /1980) وانتهاءً بـ (لمن أترك كل هذا؟ /1990) بعد رحيله.
وجدير بالملاحظة في إنتاج إحسان عبد القدوس، أن الكاتب قد توقف عن الإبداع الروائي والقصصي أربعة أعوام من عام (1970) إلي عام (1973)؛ وهي فترة التجهيز لحرب أكتوبر المجيدة


يتبع...:D

ليندا
11/07/2008, 05:13
مصادر كتاباته:

ويقول الكاتب محمد السيد محمد في كتابه...في أهل القلم _واعتذر مسبقاً اخويةعن عدم النقل الكامل :D._ .
((...في اكثر من حوار صحفي يعترف (احسان ) بانه استوحى رواية (في بيتنا رجل ) من حكايه ... عاشاها مع حسين توفيق ولاينكر احسان ايضا ان روايته الشهيرة (انا حرة )مستوحاة من الاحداث الاولى في حياته الشخصية ,فبطلة القصة امينة كانت تعيش في حي العباسية ,وهو نفس الحي الذي عاش فيه احسان وكلاهما كان يعيش في رعاية عمته ,,وملامح وطباع والد بطل القصه هي نفس ملامح وطباع الفنان محمد عبد القدوس الذي جسد الشخصية في الواقع قبل ان يمثلها على الشاشه ..واذا كانت امينة بطلة قصة انا حرة قد تركت منزل عمتها لتعيش في منزل والدها طمعا في التحرر من قيودها المتزمتة فان احسان في حياته قد فعل نفس الشئ اذ ترك منزل عمته وذهب ليعيش مع امه وزوجها الفنان (زكي طليمات)..
ولو تأملنا قصة (وعادت الى طفولتها )سوف نجد ان البطلة تعود بذاكرتها الى سن العاشرة حيث كانت تقيم عند عمتها وتحن الى مقابلة ذلك الطفل الذي احبته وتحاول البحث عنه ..
كل هذه التشابهات تؤكد لنا ان احسان كان يغزل نسيجه من خيوط الواقع ويضيف اليها من خيوط الخيال مايعمق معالم الفكرة وتشابكات العقدة القصصية التي قد تستلزم بعض الشطب او الاضافه..))

يتبع....:D

ليندا
14/07/2008, 05:25
كان لإحسان شخصية محافظة للغاية لدرجة أن شخصيته تتناقض مع كتاباته فالبيئة التي تربى فيها جعلت منه إنسانا ملتزما للغاية في خليط عجيب بين الالتزام الديني والاجتماعي فلم يكن يسمح لزوجته بان تخرج من البيت بمفردها وعندما يكون مسافرا يطلب منها ألا تخرج بل وترفض كل الدعوات التي توجه إليها مهما كانت كذلك في ملابسها فقد كان يشترط عليها أن تكون ملابسها محتشمة لا تصف ولا تشف وقد بلغ من محافظة احسان والتزامه أن والدته السيدة روزا اليوسف أرسلت أخته إليه التي كانت أكثر تحررا كي يعاقبها بنفسه، فقد كانت أخته تركب "البسكلتة" مع ابن الجيران، فأرادت والدته أن تضع حدا لسلوكها مع ابن الجيران، فأرسلتها إلى أخيها لتعيش معه في العباسية.هذا التكوين الاجتماعي منع احسان عبد القدوس من الاعتراف بأسراره الخاصة، فلم يعترف ألا بعلاقته النسائية الأولى يقول

"" الحب الأول في حياتي كان لبنت الجيران، كانت صديقة لابنة عمتي، وكان حبا اعتبره من أرقى وأنظف وأعمق أنواع الحب الذي يجمع بين صبي وصبية، كان عمري وقتها 14 عاما، وهي 13 عاما، كان حبا قويا بالنسبة لي شخصيا، وكان لا يتجاوز أنها تزور ابنة عمتي واجلس معها كما كانت التقاليد، كان شيئا راقيا في معناه، وكنت انتظرها على محطة الترام واركب معها لأوصلها إلى مدرستها "السنية".. ثم أعود على قدمي بعد ذلك إلى مدرستي فؤاد الأول، وكل الذي كان يجمع بيني وبينها لا يعدو أكثر من أن امسك يديها ""

فالناس يظنونه كاتبا متحررا من كل التقاليد والأعراف الاجتماعية مع ان نهايات أبطاله الذين يبغون التحرر تصلح للتدريس واخذ العظة والعبرة...
لقد استطاع احسان عبد القدوس أن يصنع نقله نوعيه متميزة في الرواية العربية إلي جانب أبناء جيله الكبار من أمثال نجيب محفوظ (////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////) ويوسف السباعي ومحمد عبد الحليم عبد الله‏‏ لكن احسان تميز عنهم جميعا بأمرين احدهما انه تربي في حضن الصحافة‏‏ وتغذي منذ نعومه أظفاره علي قاعدة البيانات الضخمة التي تتيحها الصحافة لاختراق طبقات المجتمع المختلفة وكانت الصحافة‏‏ وصالون روزاليوسف والعلاقات المباشرة بكبار الأدباء والفنانين والسياسيين ونجوم المجتمع هي المنبع الذي اتاح لاحسان عبد القدوس أن يصور الجوانب الخفية في الحياة المصرية ويتخطى بذلك كثيرا من الحواجز التي حالت بين زملائه وبين معرفه هذه البيانات‏، أما الميزة الثانية لأدب احسان فهي انه كان عميق الإيمان بالفهم الصحيح للحرية‏‏ بمختلف مستوياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وان أدب احسان قد نجح في الخروج من المحلية إلي حيز العالمية‏‏ وترجمت معظم رواياته إلي لغات أجنبية وشارك بإسهامات بارزه في المجلس الأعلى للصحافة ومؤسسه السينما ...

ليندا
14/07/2008, 05:54
.......حصل على وسام الاستحقاق من الدرجة الأولي منحة له الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ووسام الجمهورية من الدرجة الأولي منحة له الرئيس محمد حسني مبارك في عام 1990.

كانت الجائزة الأولي عن روايته " دمي ودموعي وابتساماتي " في عام 1973. وقد حصل على جائزة أحسن قصة فيلم عن روايته "الرصاصة لا تزال في جيبي"

وقد كان احسان عبد القدوس صاحب فكره ومؤسس وكاتب مذكره برنامج إنشاء(‏ المجلس الأعلي للآداب والفنون)‏ سابقا قدمها لعبد الناصر وأحيلت إلي كمال الدين حسين‏ غير أن احسان فوجيء بـ‏(‏ يوسف السباعي‏)‏ يخطره انه استبعد من العضوية العليا للمجلس بعد إنشائه إلي مجرد عضو مهمش في احدي لجان المجلس‏‏ ولعل هذا السبب الأول بجانب عديدا من العوامل جعلت احسان عبد القدوس يرفض في حياته الجائزة التقديرية‏ لأنه فقد الثقة في المعايير السياسية وتوازنات المصالح والقوي البعيدة كل البعد عن قيمه وجداره الرمز الفكري والثقافي والأدبي ومدي تأثيره في مسار الأدب والثقافة المصرية العربية...

‏و قد ترك احسان عبد القدوس رئاسة مؤسسه‏(‏ أخبار اليوم‏) عام 1974 ‏ لخلاف مع‏(‏ أنور السادات وأصبح كاتبا متفرغا بالأهرام‏ ثم أصبح عام‏1975‏ رئيسا لمؤسسه وتحرير الأهرام ثم تركها فجاه بعد شهور‏(‏ قيل بسبب رفض احسان نقل بعض من كتاب وصحفيين يساريين‏, ‏ كذلك رفض إغلاق‏(‏ مجله الطليعة‏)‏ التي كان يرأسها( لطفي الخولي‏)‏ وسافر إلي الخارج فتره ثم عاد كاتبا متفرغا في الأهرام‏ بعد أن توقف عن الكتابة في السياسة وانفجرت موهبته القصصية والروائية فأبدع كما غزيرا من الأعمال الجديرة بالتقييم النقدي ...

لعل أبرزها الدراسات التي نشرت في مجله الهلال عام‏1977(‏ المراه والحرية في عالم احسان عبد القدوس القصصي والروائي‏)‏ وقد كان للحوار الذي نشر بمجله‏(‏ الدوحة‏)‏ القطرية أثناء ازدهارها تحت رئاسة‏(‏ رجاء النقاش‏)‏ والذي كان يدور عن صمته عن الكتابة السياسية وقربه وزمالته للسادات منذ عام ‏1948‏ ومعرفته بعبد الناصر منذ‏1950‏ قبل الثورة‏‏‏‏ ما يعنينا هو تأمل بتركيز درس احسان عبد القدوس ككاتب سياسي وروائي ينتسب لجيل الأربعينيات المجيد نفس جيل ضباط يوليو‏1952‏ فلقد عاش كصحفي يؤمن بحريه الرأي والتعددية وحق الاختلاف وسط الغليان السياسي الذي يجسد انهيارات النظام الملكي وفشل الأحزاب التقليدية‏‏ بما فيها الوفد بعد أن انتهي دوره بعد معاهده‏1936‏ وظهور قوي شابه جديدة تتمرد علي الأحزاب التقليدية التي تتصارع علي الكرسي الوزاري وتوزعت هذه القوي بين مصر الفتاه وتحوله للحزب الاشتراكي الوطني بقياده (احمد حسين‏)‏ والإخوان المسلمين‏ بقيادة(‏ حسن البنا‏) والتنظيمات الماركسية والطليعة الوفدية‏ وكان موقف احسان السياسي هو رفض النظام الملكي والأحزاب التقليدية‏ لم يؤمن بزعيم معين من القدامى .. فاختار استقلالية الرأي وكان صوتا ديمقراطيا ((ولا جدال أن البيئة الفنية والصحفية التي تفتح عليها وعيه ساعدته علي شق طريقه الصحفي فالأب محمد عبد القدوس كاتب ومثقف مهندس وممثل له تميزه والأم فاطمة اليوسف سيده عربيه عظيمة شقت طريقها منذ أن جاءت إلي مصر في العشرينيات مهاجرة من لبنان وأصبحت من رموز مسرح رمسيس ))....

ooopss
14/07/2008, 05:54
شكرا ..متابعين معك :D

ليندا
14/07/2008, 05:59
شكرا ..متابعين معك :D
بيسعدني :D

ليندا
14/07/2008, 06:13
السؤال الذى لا يتوقف عن مواجهتى منذ بدأت أكتب وإلى اليوم هو: هل أنا كاتب سياسى أم كاتب قصص..أم هل أنا سياسى أم أديب؟

والغريب أنى أترك هذا السؤال للناس
ولا أسأله أبداً لنفسى..ربما لأنى لم أتعمد يوماً الكتابة فى السياسة أو كتابة القصص..أى أنى لم أضع نفسى أبداً فى موضع الكاتب المحترف المتخصص فى الموضوعات السياسية أو الموضوعات الأدبية، حتى فى دراساتى منذ كنت طالباً لم تنحصر هواياتى فى الأدب وحده أو فى السياسة وحدها، وكنت خلال الحركات الوطنية أقضى يومى كله فى مظاهرات الطلبة السياسية ثم أعود إلى البيت لأقرأ قصصاً لا علاقة لها بالسياسة ولا بالحركات الوطنية، وقد استغرقتنى القراءة خلال سنوات الجامعة وكنت أقرأ كثيراً خارج مقررات كلية الحقوق ولكنى أيضا لم أتخصص فى اختيار ما أقرأه، وقد قرأت أيامها عن كل المذاهب والدراسات السياسية على مر التاريخ وفى الوقت نفسه قرأت عشرات من الإنتاج القصصى العالمى، وكنت أقرأ كهاو لا كدارس، كنت أهوى القراءة السياسية كما أهوى القراءة الأدبية، وكنت أحس دائما عندما أقرأ كأنى سائح يطوف بالآثار الفكرية لكل الشعوب وهو ما لا أزال أحس به كلما قرأت كتاباً جديداً.
وربما كان عدم قدرتى على استكمال شخصية المحترف سواء كسياسى أو أديب هو الذى وضعنى دائماً موضع المتفرج من بعيد، فلم أنضم يوماً إلى حزب أو هيئة أو تجمع سياسى بل وضعت نفسى خارج كل الأحزاب وكل الهيئات وهو ما دفعنى إلى إطلاق تعبير " الشارع السياسى " حيث أقف بعيداً عن مسئولية الإحتراف السياسى، أقف فى الشارع وهو التعبير الذى أصبح بعد ذلك شائعاً وأصبح له اثره فى تقدير آراء وتصرفات محترفى لسياسة، كل منهم يريد أن يكسب الشارع السياسى، وفى الوقت نفسه فإن عدم استكمالى لشخصية الاحتراف الأدبى أي شخصيتى كأديب محترف، هو ما جعلنى بعيداً عن كل التنظيمات والتجمعات الأدبية، بل إنى كنت صاحب فكرة إنشاء نادى القصة ثم صاحب فكرة إقامة المجلس الأعلى للفنون والآداب، ورغم ذلك فقد وجدت نفسى منعزلاً عن نادى القصة وعن المجلس الأعلى لمجرد أنى لا أستطيع بحث ومناقشة ما يخص الإحتراف الأدبى لأنى لا استطيع أن أعيش شخصية المحترف، ولذلك عشت واقفاً فى الشارع الأدبى كما انا واقف فى الشارع السياسى.
وهذا الجمع بين السياسة والأدب هو الذى حير الناس فى تحديد شخصيتى ككاتب والواقع إنى عندما بدأت أكتب وأنشر كتبت قصصاً وخواطر وإنطلاقات أدبية وفنية، ولكنى أول ما عرفت عند الناس لم أعرف ككاتب قصة وإنما عرفت ككاتب سياسى، وذلك رغم أنى كنت أكتب آرائى السياسية وانطلاقاتى القصصية فى وقت واحد وكانت تنشر معاً فى مجلة روزاليوسف، وفى أعداد روزاليوسف التى نشرت فيها قضية الأسلحة الفاسدة –مثلاً- كنت أنشر فيها ايضا قصة النظارة السوداء، ولكن الذى قدمنى إلى القراء أيامها هو أن الأقلام كانت تعيش فى جو واسع من الحرية السياسية، وهذه الحرية هي التى قدمتنى ككاتب سياسى قبل أن أعرف ككاتب قصص، ثم بدأت حرية الأقلام بعد ذلك تتقلص سياسياً حتى لم يعد هناك مجال للتعبير عن كل آرائى، فبدأ القراء يعرفوننى ويكتفون بى ككاتب قصة.
والواقع أنى اساساً أرفض تقسيم نفسى غلى كاتب سياسى وكاتب قصصى، لأنى لا أعتبر الفكر السياسى يتطلب التخصص أو هو فكر فكر مقصور على المتخصصين، إن الفكر السياسى هو مزيج من كل انطلاقات الفكر الآدمى، أي أن كل بنى آدم يعيش وهو يفكر سياسياً مهما اختلفت الطبقات ومهما اختلفت المستويات، والفلاح الأمى عندما يناقش تصرفات شيخ الخفر –مثلاً – فهو فى الواقع ودون تعمد ودون وعي يدير مناقشة سياسية تقوم على نفس المنطق الحوارى الذى يتناقش به رئيس وزراء مصر مع رئيس الولايات المتحدة، وست البيت عندما تناقش الأسعار وعلاقاتها بالبقال أو الخياطة أو الغسالة هى فى الواقع تناقش الوضع السياسى المتحكم فى تنظيم الإدارة وهي مناقشة تنتهى دائماً بلعن الحكومة والوزير ورئيس الوزراء وربما انتهت إلى ثورة.
وهذا هو الذى يجعل كاتب القصة لا يستطيع أن يتحرر من فكره السياسى، وكل القصص حتى القصص العاطفية بما فيها قصة روميو وجولييت تدور حول مجتمع سياسى.
وربما كان ما دفع البعض إلى تصور أنى متخصص فى كتابة القصة هو أنى تعودت أن أجمع قصصى فى كتب، ولكنى لم اجمع آرائى السياسية فى كتاب، ولا أدرى لماذا؟
ربما لأنى اعتبرت أن آرائى السياسية متعلقة غالباً بالأحداث، والأحداث تمر وتنتهى وينسها القارئ وينسى معها التعليق عليها أو الراي فيها، فإذا جمعت هذه الآراء فى كتاب فإنى يجب أن أعد لكل رأي مقدمة طويلة تسجل وتفسر الأحداث التى بنيت عليها هذا الرأي حتى يستطيع القارئ ان يستوعبها، أي أنى مضطر أن أسجل التاريخ المصرى الذى عشته، وأنا لست من كتاب التاريخ.
وربما كان السبب فى عدم حرصى على جمع آرائى السياسية فى كتاب هو إنى تصورت إن الناشرين لا يرحبون بنشر الكتب السياسية إلا فى مناسبات محددة كما تهافتوا على نشر كتب الذكريات بعد وفاة عبد الناصر، ولذلك اغنيت نفسى عن المحاولة واكتفيت بجمع القصص فى كتب يضمن الناشر سعة مجال توزيعها، إلى أن التقيت بالأستاذ عبد المنعم منتصر، وهو رجل أعمال شاب أخذته هوايته للقراءة إلى التفكير فى إضافة مشروع جديد إلى مشروعاته بإقامة دار للنشر، وهو يعتقد إنى ظلمت نفسى بعدم جمع آرائى السياسية فى كتب، بل إنه كما أحسست من رأيه يعتبرنى كاتباً سياسيا قبل أن أكون كاتب قصة، وهو رأي عدد كبير ممن يشرفوننى بقراءة ما أكتب.
والأستاذ عبد المنعم منتصر بريد ان أجمع آرائى السياسية فى كتاب، وبدأت أراجع نفسى وأراجع ما كتبته، والواقع أن التعليق السياسى قد يكون منطلقاً عن حدث ولكنه ليس مرتبطاً ارتباطاً كاملاً بهذا الحدث حتى يضيع وينسى مع تغير الأحداث، إن التعليق فى الغالب يقوم على دراسة وتسجيل وتفسير مبادئ سياسية تعتبر ركيزة لكل فكر سياسى مهما تغيرت الأحداث، أي أن ما أكتبه ليس تعليقاً ولكنه دراسة قائمة بذاتها، وكان من الخطأ أنى أهملت جمعها فى كتب تبقى لتقرأ.
واقتنعت بأن أبدأ فى نشر أرائى السياسية فى كتب.
واخترت سلسلة من الدراسات والآراء بدأت كتابتها منذ شهر نوفمبر عام 1978 ولم تنشر فى صحف القاهرة واغلبها متعلق بتقديرى للتقييم السياسى الخاص بالمفاوضات بين مصر وإسرائيل بعد مبادرة الرئيس أنور السادات بزيارة القدس ثم بأثر أحداث إيران على تطورات المنطقة التى نعيش فيها سياسياً.
وارجو أن يشجعنى هذا الكتاب على استكمال جمع آرائى السياسية فى كتب أخرى.
إحسان عبد القدوس




(((كانت هذه مقدمة كتاب خواطر سياسية التى كتبها إحسان عبد القدوس بنفسه))


و اخيراً توفّي إحسان عبد القدوس في الثاني عشر من شهر يناير عام 1990 عن عمر يناهز 61 عاما .

اسبيرانزا
15/07/2008, 16:01
من الأدباء اللي ما بيعجبني أسلوبو الأدبي على الإطلاق ..
متابعة ,....
:mimo:



الدائرة الحمراء التى وضعت حول ادب احسان عبد القدوس كانت بسبب تناوله الجرئ لقضايا المرأة والتعبير بلغة الشارع العام آن ذاك فى اعتبار المرأة عن المرأة جسد اكثر منها روح وعقل ...اذن الرفض كان للموضوع وليس للاسلوب
احسان يستخدم اساليب السرد النفسى التى تصدرها بمهارة كاكثر كتاب جيله ...حتى على مستوى المقارنة الادبية فان النقاد الغرب يضعون ادب احسان على نفس الخط مع البيرتو مورافيا نظرا للقدرة العالية فى استخدام اسلوب السرد النفسى ( للمرأة بالتحديد ) لدى كليهما

اسبيرانزا
15/07/2008, 16:10
هذا دفاع من احسان عن من يتهمون ادبه ,,,هذا المقتبس من مقدمة رواية ( النظارة السوداء )


((اننى استطيع ان ادعى الوقار , واستطيع ان اضغط على قلمى حتى يكتب فى حدود نطاق مرسوم , ولكنى لا اريد لانى اقوى من الادعاء, واقوى من الكذب واقوى من ان اخجل من نفسى
اننى كاتب قد اموت فى سبيل المبادئ التى ادافع عنها ولكنى لا اقبل ان استغل هذه المبادئ لابدو امام القارئ فى صورة غير صورتى

الادب العصرى كله ادب صريح ..ادب لا يحتمل النفاق , ادب يتطلب من الكاتب ان يكون طبيبا يصف الداء والدواء وعندما تتعرى امرأة امام الطبيب ليتحسس جسدها باصابعه , لا يعتبر انه خرج عن التقاليد , ولا عن العرف ولا عن الدين))

suryoyo
20/07/2008, 23:46
مرحبا ...



رح نحكي عن شاعر مميز و كبير .... الشاعر بدر شاكر السياب ...




////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -/////////////// (////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////)

suryoyo
21/07/2008, 00:05
بدر شاكر السياب ..

ولد في سنة 1926 في قرية جيكور على ضفاف شط العرب ... في محافظة البصرة جنوب العراق .... و توفيت والدته و كان في السادسة من العمر ...

اكمل الثانوية في البصرة و تخرج من دار المعلمين في بغداد ... .

من مقهى الزهاوي بدأت حياته الأدبية ونشرت قصائده لأول مرة في جريدة الاتحاد.


عاش حياة صعبة نتيجة الظروف و الطروف السياسية المحيطة ... و أصيب بالسل و عانى منه جدا... و عانى منه منتقلا بين المستشفيات حول العالم ... الى أن توفي في الكويت في 24 - كانون الاول 1964 ...


من آخر ما كتب يصف مرضه
وبقيت أدور
حول الطاحونة من ألمي
ثورا معصوبا، كالصخرة، هيهات تثور
والناس تسير إلى القمم
لكني أعجز عن سير - ويلاه- على قدمي
وسريري سجني ، تابوتي، منفاي إلى الألم
و إلى العدم




من دواوينه "أزهار ذابلة" 1947، و "أساطير" 1950، و "حفار القبور" 1952، و "المومس العمياء" 1954، و "الأسلحة والأطفال" 1955، و"أنشودة المطر" 1962، و "المعبد الغريق" 1962، و "منزل الأقنان" 1963 و "شناشيل ابنة الجلبي" 1964. ثم نشر ديوان "إقبال" عام 1965.

suryoyo
21/07/2008, 00:25
قبل ما نكتب القصائد ....

نتكلم عن شعره ....


ما ننسى انه السياب هو من اوائل الشعراء في العالم العربي ... الذي كتب الشعر الحر .. الشعر الحديث ...

كان شعره رومانسي ... و رمزي ....



حبيت انقل فقرة من بحث عن شعر السيّاب ...


الأسطورة في عالم السيّاب الشعري :

عبر هذه الملامسات الحارة للواقع الذي عاش فيه السيّاب ، لجأ إلى الأسطورة بسبب الحالة التي عاشها وظروفه الخاصة التي جعلته يؤمن بأنه واقعاً ماديا لا شعرياً ، وهذه القناعة كونتها تلك الظروف ، فراح يبحث عن بديل لملئ حالة الفراغ الروحي الذي يعاني منه ، هذا بالإضافة إلى المخزون الثقافي الرفيع الذي تميز به السيّاب مستقياً إياه من عدة مصادر سنأتي على ذكرها لاحقاً ، ( ووجد السيّاب أن ملاذه الوحيد هو العالم الأسطوري الذي يمكن أن يمده بطاقة سحرية تعوضه عن كل ما فقده) باعتبار الأسطورة فكراً إنسانياً بدائيا حمله السيّاب موقفاً خلافاً تبدى في فهمه للواقع المعاش و محاولة تغييره بأن أظهر ثغراته و تناقضاته وعلاقاته غير الحميمة ، بأن أظهر زيف المدينة التي يعها التضاد والتدهور والتطاحن ، وإن دل موقفه هذا على شئ فإنما يدل على فهم وانتباه عميقين و دقيقين لعملية توظيف الأسطورة ، هذه العملية التي لا تقوم إلا على وعي تام بجوهر رافدها الإنساني وأصبح السيّاب الرائد الأول في هذا المجال - حسب تقديري - . إن استخدام السيّاب للأساطير لم يكن هروباً من الواقع كما كان عند غيره ، بل لجأ السيّاب إليها كغاية لتحويل واقعه وتصويره عبر ذكريات البشر البدائية ، وليخفف عما به من معاناة نضيف إلى ذلك أن السيّاب بثقافته واطلاعه على الآداب المحلية العربية بكل عصورها ثم الأجنبية عبر اطلاعه ودرسه شعراء مثل ( بودلير ـ رامبو ـ ريكله ) تأثر بالمذهب الرمزي و الأسطورة مادة غنية بالرمز تغذي شعر الثر ، ولقد اعتمد الشاعر على أساطير العرب القدماء (بابلية ـ آشورية ) بالإضافة إلى الأساطير التي دونها قدماء اليونان وغيرهم كأسطورة أدونيس إله الخصب والنماء الذي يقضي نصفاً من السنة ـ الشتاء ـ في العالم السفلي مع برسفونة والنصف الآخر ـ الربيع ـ على الأرض مع فينوس آلهة الحب ، لنقرأ السيّاب : أزهار تموز ما أرعى أســـلمه في عتمة العالم السفلي إيـــاها أم صل حواء بالتفاح كافأنـــي وهو الذي أمس بالتفاح أغواها ومن الرموز التي وظفها السياب في شعر ـ العنقاء ـ ذلك الطائر الخرافي المعروف منذ الجاهلية : عنقاء في مسعر الجوزاء أعينها والصخر يرفض من أظلافها شبها وكذلك شخصية ـ أوديب ـ في الأسطورة اليونانية ، أوديب الذي تزوج أمه ـ جوكوست ـ وهو لا يدري بأنها أمه بعد أن قتل أباه ملك طيبة : من هؤلاء العابرون أحفاد أوديب الضرير و وارثوه المبصرون ... و ـ أفروديت ـ التي ولدت من زبد البحر ونزلت البر محمولة على صدفة المحار : مترقباً ميلاد " أفروديت " ليلاً أو نهارا أتريد من هذا الحطام الآدمي المستباح دفء الربيع وفرحة الحمل الغرير مع الصباح و ـ أبولو ـ إله الشمس الجبار الذي أحب ـ دفني ـ وطاردها محاولاً اغتصابها ، فاستنجدت بأبيها ، فرشها بحفنة من المال وأحالها إلى شجرة غار تضفر من أغصانها الأكاليل للأبطال: هي لن تموت سيظل غاصبها يطاردها وتلفظها البيوت تعدو ويتبعها " أبولو" من جديد كالفضاء وكذلك ـ آتيس ـ إله الحب عند سكان آسيا الصغرى مما يدلل على غنى المصادر الأسطورية وتنوعها في شعر السياب الذي استخدم في شعره أيضاً رموز الطبيعة متوجاً إياها برمز المطر الذي عصف بأغلب بأغلب القصائد التي كتبها الشاعر بفترة من فترات إبداعه المتواصل وركز على هذا الرمز باعتباره رمزاً للحب والحياة وانتفاء الظلم وتحقيق العدل والمساواة ، نقرأ في قصيدة أنشودة المطر : أتعلمين أي حزنٍ يبعث المطر ؟ وكيف تنشج المزاريب إذا انهمر ؟ وكيف يشعر الغريب فيه بالضياع ؟ بلا انتهاءٍ ـ كالدم المراق ، كالجياع كالحب ، كالأطفال ، كالموتى ـ هو المطر ؟ ومن المطر انبثق البرق والرعد كرمزين من رموز الثورة ، الثورة ضد الظلم : أكاد أسمع العراق يزخر الرعود ويخزن البروق في السهول والجبال حتى إذا ما فض عنها ختمها الرجال لم تترك الرياح من ثمود في الواد من أثر كذلك اتخذ السياب من ـ بابل ـ رمزاً للعراق ، عراق النخيل وجيكور وبويب : وسار صغار بابل يحملون سلال صبارٍ وفاكهةً من الفخار قرباناً لعشتار إن ثقافة الشاعر المسمدة من فهمه لواقعه و من دراسته للأدب العربي عموماً والإنكليزي التخصصي ، قد منحاه آفاقاً قلّما حلّق شاعرٌ آخرٌ فيها ، لقد مزج الكثير من الشعراء شعرهم بالأساطير لكن الأسطورة في عالم بدر شاكر السياب الشعري قد شحنت بطاقة جديدة ، إذ بثها السياب روح الواقع بمتناقضانه ومفارقاته ، فغدا الواقع المذكور مؤسطراً ـ إذ صح التعبير ـ للغلو الذي وشّى الحياة بشكل عام في الفترة التي عاش بها الشاعر في العراق ، أضفى على الأسطورة ـ مادية ـ قربتها من الواقع أكثر فأكثر ، هذه الجلية أضافت من خلال قصائد السياب عبقاً وسحراً وجمالاً ، قلما عهدناه في قصائد شاعر آخر .




يُتبع

suryoyo
22/07/2008, 00:46
أنشودة المطر


عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعةَ السحَرْ ،

أو شُرفتان راح ينأى عَنهما القمر .

عيناك حين تبسمان تورق الكرومْ

وترقص الأضواء ... كالأقمار في نهَرْ

يرجّه المجذاف وهْناً ساعة السَّحَر

كأنما تنبض في غوريهما ، النّجومْ ...


وتغرقان في ضبابٍ من أسىً شفيفْ

كالبحر سرَّح اليدين فوقه المساء ،

دفء الشتاء فيه وارتعاشة الخريف ،

والموت ، والميلاد ، والظلام ، والضياء ؛

فتستفيق ملء روحي ، رعشة البكاء

ونشوةٌ وحشيَّةٌ تعانق السماء

كنشوة الطفل إِذا خاف من القمر !

كأن أقواس السحاب تشرب الغيومْ

وقطرةً فقطرةً تذوب في المطر ...

وكركر الأطفالُ في عرائش الكروم ،

ودغدغت صمت العصافير على الشجر

أنشودةُ المطر ...

مطر ...

مطر ...

مطر ...

تثاءب المساء ، والغيومُ ما تزالْ

تسحُّ ما تسحّ من دموعها الثقالْ .

كأنِّ طفلاً بات يهذي قبل أن ينام :

بأنَّأمّه – التي أفاق منذ عامْ

فلم يجدها ، ثمَّ حين لجّ في السؤال

قالوا له : "بعد غدٍ تعودْ .. "

لا بدَّ أن تعودْ

وإِنْ تهامس الرفاق أنهَّا هناكْ

في جانب التلّ تنام نومة اللّحودْ

تسفّ من ترابها وتشرب المطر ؛

كأن صياداً حزيناً يجمع الشِّباك

ويلعن المياه والقَدَر

وينثر الغناء حيث يأفل القمرْ .


أتعلمين أيَّ حُزْنٍ يبعث المطر ؟

وكيف تنشج المزاريب إِذا انهمر ؟

وكيف يشعر الوحيد فيه بالضّياع ؟

بلا انتهاء – كالدَّم المراق ، كالجياع ،

كالحبّ ، كالأطفال ، كالموتى – هو المطر !

ومقلتاك بي تطيفان مع المطر

وعبر أمواج الخليج تمسح البروقْ

سواحلَ العراق بالنجوم والمحار ،

كأنها تهمّ بالشروق

فيسحب الليل عليها من دمٍ دثارْ .

أَصيح بالخليج : " يا خليجْ

يا واهب اللؤلؤ ، والمحار ، والرّدى ! "

فيرجعُ الصّدى

كأنّه النشيجْ :

" يا خليج

يا واهب المحار والردى .. "


أكاد أسمع العراق يذْخرُ الرعودْ

ويخزن البروق في السّهول والجبالْ ،

حتى إِذا مافضَّ عنها ختمها الرّجالْ

لم تترك الرياح من ثمودْ

في الوادِ منأثرْ .

أكاد أسمع النخيل يشربُ المطر

وأسمع القرى تئنّ ،والمهاجرين

يصارعون بالمجاذيف وبالقلوع ،

عواصف الخليج ، والرعود ،منشدين :

" مطر ...

مطر ...

مطر ...

وفي العراق جوعْ

وينثر الغلالَ فيه موسم الحصادْ

لتشبع الغربان والجراد

وتطحن الشّوان والحجر

رحىً تدور في الحقول ... حولها بشرْ

مطر ...

مطر ...

مطر ...

وكم ذرفنا ليلة الرحيل، من دموعْ

ثم اعتللنا – خوف أن نلامَ – بالمطر ...

مطر ...

مطر ...

ومنذ أنْ كنَّا صغاراً ، كانت السماء

تغيمُ في الشتاء

ويهطل المطر ،

وكلَّ عام – حين يعشب الثرى – نجوعْ

ما مرَّ عامٌ والعراق ليس فيه جوعْ .

مطر ...

مطر ...

مطر ...

في كل قطرة من المطر

حمراءُ أو صفراء من أجنَّة الزَّهَرْ .

وكلّ دمعةٍ من الجياع والعراة

وكلّ قطرة تراق من دم العبيدْ

فهي ابتسامٌ في انتظار مبسم جديد

أو حُلمةٌ تورَّدتْ علىفم الوليدْ

في عالم الغد الفتيّ ، واهب الحياة !

مطر ...

مطر ...

مطر ...

سيُعشبُ العراق بالمطر ... "



أصيح بالخليج : " يا خليج ..

يا واهب اللؤلؤ ، والمحار ، والردى ! "

فيرجع الصدى

كأنَّه النشيج :

" يا خليج

يا واهب المحار والردى . "

وينثر الخليج من هِباته الكثارْ ،

على الرمال ، : رغوه الأُجاجَ ، والمحار

وما تبقّى من عظام بائسٍ غريق

من المهاجرين ظلّ يشرب الردى

من لجَّة الخليج والقرار ،

وفي العراق ألف أفعى تشرب الرَّحيقْ

من زهرة يربُّها الفرات بالنَّدى .

وأسمع الصدى

يرنّ في الخليج

" مطر ..

مطر ..

مطر ..

في كلّ قطرة من المطرْ

حمراء أو صفراء من أجنَّةِ الزَّهَرْ .

وكلّ دمعة من الجياع والعراة

وكلّ قطرةٍ تراق من دم العبيدْ

فهي ابتسامٌ في انتظار مبسمٍ جديد

أو حُلمةٌ تورَّدت على فم الوليدْ

في عالم الغد الفتيّ ، واهب الحياة . "

ويهطل المطرْ...

suryoyo
23/07/2008, 00:51
شناشيل ابنة الجلبي

وأذكر من شتاء القرية النضاج فيه النور
من خلل السحاب كأنه النغم
تسرب من ثقوب المعزف - ارتعشت له الظلم وقد غنى - صباحا قبل ... فيم أعد؟ طفلا كنت ابتسم لليلي أو نهاري أثقلت أغصانه النشوي عيون الحور. وكنا - جدنا الهدار يضحك أو يغني في ظلال الجوسق القصب وفلاحيه ينتظرون: "غيثك يا إله" وإخوتي في غابة اللعب يصيدون الأرانب والفراش، و (أحمد) الناطور - نحدق في ظلال الجوسق السمراء في النهر ونرفع للسحاب عيوننا: سيسيل بالمطر. وأرعدت السماء فرن قاع النهر وارتعشت ذرى السعف واشعلهن ومض البرق أزرق ثم أخضر ثم تنطفئ وفتحت السماء لغيثها المدرار بابا بعد باب عاد منه النهر يضحك وهو ممتلئ تكلله الفقائع عاد أخضر، عاد أسمر، غص بالأنغام واللهف وتحت النخل حيث تظل تمطر كل ما سعفه تراقصت الفقائع وهي تفجر - إنه الرطب تساقط في يد العذراء وهي تهز في لهفة بجذع النخلة الفرعاء (تاج وليدك الأنوار لا الذهب، سيصلب منه حب الآخرين سيبرئ الأعمى ويبعث من قرار القبر ميتا هده التعب من السفر الطويل إلى ظلام الموت، يكسو عظمة اللحما ويوقد قلبه الثلجي فهو بحبه يثب!) *** وأبرقت السماء... فلاح حيث تعرج النهر، وطاف معلقا من دون أس يلثم الماء شناشيل ابنة الجلبي نور حوله الزهر (عقود ندى من اللبلاب تسطع منه بيضاءا) وآسية الجميلة كحل الأحداق منها الوجد والسهر. *** يا مطرا يا حلبي عبر بنات الجلبي يا مطرا يا شاشا عبر بنات الباشا يا مطرا من ذهب *** تقطعت الدروب مقص هذا الهاطل المدرار قطعها ووراها، وطوقت المعابر من جذوع النخل في الأمطار كغرقى من سفينة سندباد، كقصة خضراء أرجاها وخلاها إلى الغد (أحمد) الناطور وهو يدير في الغرفة كؤوس الشاي، يلمس بندقيته ويسعل ثم يعبر طرفه الشرفه ويخترق الظلام وصاح "يا جدي" أخي الثرثار: "أنمكث في ظلام الجوسق المبتل ننتظر؟ متى يتوقف المطر؟ *** وأرعدت السماء فطار منها ثمة انفجرا شناشيل ابنة الجلبي... ثم تلوح في الأفق ذرى قوس السحاب. وحيث كان يسارق النظرا شناشيل الجميلة لا تصيب العين إلا حمرة الشفق. ثلاثون انقضت، وكبرت: كم حب وكم وجد توهج في فؤادي! غير أني كلما صفقت يدا الرعد مددت الطرف أرقب: ربما ائتلق الشناشيل فأبصرت ابنة الجلبي مقبلة إلى وعدي! ولم أرها. هواء كل أشواقي أباطيل ونبت دونما ثمر ولا ورد!

suryoyo
23/07/2008, 00:52
شناشيل ابنة الجلبي

وأذكر من شتاء القرية النضاج فيه النور
من خلل السحاب كأنه النغم
تسرب من ثقوب المعزف - ارتعشت له الظلم وقد غنى - صباحا قبل ... فيم أعد؟ طفلا كنت ابتسم لليلي أو نهاري أثقلت أغصانه النشوي عيون الحور. وكنا - جدنا الهدار يضحك أو يغني في ظلال الجوسق القصب وفلاحيه ينتظرون: "غيثك يا إله" وإخوتي في غابة اللعب يصيدون الأرانب والفراش، و (أحمد) الناطور - نحدق في ظلال الجوسق السمراء في النهر ونرفع للسحاب عيوننا: سيسيل بالمطر. وأرعدت السماء فرن قاع النهر وارتعشت ذرى السعف واشعلهن ومض البرق أزرق ثم أخضر ثم تنطفئ وفتحت السماء لغيثها المدرار بابا بعد باب عاد منه النهر يضحك وهو ممتلئ تكلله الفقائع عاد أخضر، عاد أسمر، غص بالأنغام واللهف وتحت النخل حيث تظل تمطر كل ما سعفه تراقصت الفقائع وهي تفجر - إنه الرطب تساقط في يد العذراء وهي تهز في لهفة بجذع النخلة الفرعاء (تاج وليدك الأنوار لا الذهب، سيصلب منه حب الآخرين سيبرئ الأعمى ويبعث من قرار القبر ميتا هده التعب من السفر الطويل إلى ظلام الموت، يكسو عظمة اللحما ويوقد قلبه الثلجي فهو بحبه يثب!) *** وأبرقت السماء... فلاح حيث تعرج النهر، وطاف معلقا من دون أس يلثم الماء شناشيل ابنة الجلبي نور حوله الزهر (عقود ندى من اللبلاب تسطع منه بيضاءا) وآسية الجميلة كحل الأحداق منها الوجد والسهر. *** يا مطرا يا حلبي عبر بنات الجلبي يا مطرا يا شاشا عبر بنات الباشا يا مطرا من ذهب *** تقطعت الدروب مقص هذا الهاطل المدرار قطعها ووراها، وطوقت المعابر من جذوع النخل في الأمطار كغرقى من سفينة سندباد، كقصة خضراء أرجاها وخلاها إلى الغد (أحمد) الناطور وهو يدير في الغرفة كؤوس الشاي، يلمس بندقيته ويسعل ثم يعبر طرفه الشرفه ويخترق الظلام وصاح "يا جدي" أخي الثرثار: "أنمكث في ظلام الجوسق المبتل ننتظر؟ متى يتوقف المطر؟ *** وأرعدت السماء فطار منها ثمة انفجرا شناشيل ابنة الجلبي... ثم تلوح في الأفق ذرى قوس السحاب. وحيث كان يسارق النظرا شناشيل الجميلة لا تصيب العين إلا حمرة الشفق. ثلاثون انقضت، وكبرت: كم حب وكم وجد توهج في فؤادي! غير أني كلما صفقت يدا الرعد مددت الطرف أرقب: ربما ائتلق الشناشيل فأبصرت ابنة الجلبي مقبلة إلى وعدي! ولم أرها. هواء كل أشواقي أباطيل ونبت دونما ثمر ولا ورد!

suryoyo
23/07/2008, 01:02
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -/////////////// (////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////)


شناشيل ابنة الشلبي بخط السياب

suryoyo
23/07/2008, 23:42
شناشيل ابنة الجلبي

و أذكر من شتاء القرية النضاح فيه النور
من خلل السحاب كأنه النغم
تسرب من ثقوب المعزف - ارتعشت له الظلم
وقد غنى - صباحا قبل
فيم أعد ؟ طفلا كنت أبتسم
لليلي أو نهاري أثقلت أغصانه
النشوى عيون الحور
وكنا - جدنا الهدار يضحك أو يغني
في ظلال الجوسق القص
وفلاحيه ينتظرون : " غيثك يا اله"
و أختي في غابة اللعب
يصيدون الأرانب و الفراش
و (أحمد) الناطور
نحدق في ظلال الجوسق السمراء في النهر
ونرفع للسحاب عيوننا : سيسل بالقطر
وأرعدت السماء فرن قاع النهر
و ارتعشت ذرى السعف
و أشعلهن ومض البرق أزرق ثم أخضر ثم تنطفئ
وفتحت السماء لغيثها المدرار بابا بعد باب
عاد منه النهر يضحك وهو ممتلئ
تكلله الفقائع، عاد أخضر
عاد أسمر، غص بالأنغام واللهف
وتحت النخل حيث تظل تمطر كل ما سعفه
تراقصت الفقائع وتفجر- انه الرطب
تساقط في يد العذراء وهي تهز في لهفه
بجذع النخلة الفرعاء تاج
وليدك الأنوار لا الذهب،
سيصلب منه حب الآخرين ،سيبرئ الأعمى
ويبعث من قرار القبر ميتا هده التعب
من السفر الطويل إلى ظلام الموت
يكسو عظمه اللحما ويوقد قلبه الثلجي فهو بحبه يثب
و أبرقت السماء … فلاح، حيث تعرج النهر
وطاف معلقا من دون يلثم الماءا
شناشيل ابنة الجلبي نور حوله الزهر
(عقود ندى من اللبلاب تسطع منه بيضاءا
و آسية الجملية كحل الأحداق
منها الوجد و السهر
يا مطرا يا حلبي
عبر بنات الجلبي
يا مطرا يا شاشا
عبر بنات الباشا
يا مطر من ذهب
تقطعت الدروب، مقص هذا الهاطل المدار
قطعها و واراها،
و طوقت المعابر من جذوع النخل في الأمطار
كغرقي من سفينة سندباد
كقصة خضراء أرجأها و خلاها
إلى الغد (أحمد) الناطور
وهو يدير في الغرفة
كوؤس الشاي، يلمس بندقيته
ويسعل ثم يعبر طرفه الشرفه
ويخترق الظلام
وصاح ( يا جدي) أخي الثرثار
" أنمكث في ظلام الجوسق المبتل ننتظر؟
متى يتوقف المطر؟
و أرعدت السماء، فطار منها ثمة انفجرا
شناشيل ابنة الجلبي …
ثم تلوح في الأفق
ذرى قوس السحاب . وحيث كان يسارق النظرا
شناشيل الجميلة لا تصيب العين الا حمرة الشفق
ثلاثون انقضت، وكبرت : كم حب وكم وجد
توهج في فؤادي
غير أني كلما صفقت يدا الرعد
مددت الطرف أرقب : ربما ائتلق الشناشيل
فأبصرت ابنة الجلبي مقبلة إلى وعدي
ولم أرها هواء كل أشواقي ، أباطيل
و نبت دونتا ثمر ولا ورد

suryoyo
23/07/2008, 23:45
غريب على الخليج

الريح تلهث بالهجيرة، كالجثام، على الأصيل
و على القلوع تظل تطوى أو تنشر للرحيل
زحم الخليج بهن مكتدحون جوابو بحار
.من كل حاف نصف عاري
و على الرمال ، على الخليج
جلس الغريب، يسرح البصر المحير في الخليج
: و يهد أعمدة الضياء بما يصعد من نشيج
أعلى من العباب يهدر رغوه و من الضجيج"
، صوت تفجر في قرارة نفسي الثكلى : عراق
.كالمد يصعد ، كالسحابة ، كالدموع إلى العيون
الريح تصرخ بي : عراق
و الموج يعول بي : عراق ، عراق ، ليس سوى عراق ‍‍
البحر أوسع ما يكون و أنت أبعد ما يكون
و البحر دونك يا عراق

.. بالأمس حين مررت بالمقهى ، سمعتك يا عراق
وكنت دورة أسطوانه
هي دورة الأفلاك في عمري، تكور لي زمانه
.في لحظتين من الأمان ، و إن تكن فقدت مكانه
هي وجه أمي في الظلام
، وصوتها، يتزلقان مع الرؤى حتى أنام
و هي النخيل أخاف منه إذا ادلهم مع الغروب
فاكتظ بالأشباح تخطف كل طفل لا يؤوب
،من الدروب وهي المفلية العجوز وما توشوش عن (حزام) 1
وكيف شق القبر عنه أمام عفراء الجميلة
.فاحتازها .. إلا جديله
زهراء أنت .. أتذكرين
تنورنا الوهاج تزحمه أكف المصطلين ؟
وحديث عمتي الخفيض عن الملوك الغابرين ؟
ووراء باب كالقضاء
قد أوصدته على النساء
أبد تطاع بما تشاء، لأنها أيدي الرجال
.كان الرجال يعربدون ويسمرون بلا كلال
أفتذكرين ؟ أتذكرين ؟
سعداء كنا قانعين
. بذلك القصص الحزين لأنه قصص النساء
،حشد من الحيوات و الأزمان، كنا عنفوانه
.كنا مداريه اللذين ينام بينهما كيانه
أفليس ذاك سوى هباء ؟
حلم ودورة أسطوانه ؟
ان كان هذا كل ما يبقى فأين هو العزاء ؟
،أحببت فيك عراق روحي أو حببتك أنت فيه
يا أنتما - مصباح روحي أنتما - و أتى المساء
.و الليل أطبق ، فلتشعا في دجاه فلا أتيه
لو جئت في البلد الغريب إلى ما كمل اللقاء
الملتقى بك و العراق على يدي .. هو اللقاء
شوق يخض دمي إليه ، كأن كل دمي اشتهاء
جوع إليه .. كجوع كل دم الغريق إلى الهواء
شوق الجنين إذا اشرأب من الظلام إلى الولاده
إني لأعجب كيف يمكن أن يخون الخائنون
أيخون إنسان بلاده؟
إن خان معنى أن يكون ، فكيف يمكن أن يكون ؟
الشمس أجمل في بلادي من سواها ، و الظلام
.حتى الظلام - هناك أجمل ، فهو يحتضن العراق
واحسرتاه ، متى أنام
فأحس أن على الوساده
ليلك الصيفي طلا فيه عطرك يا عراق ؟
بين القرى المتهيبات خطاي و المدن الغريبة
،غنيت تربتك الحبيبة
وحملتها فأنا المسيح يجر في المنفى صليبه ،
فسمعت وقع خطى الجياع تسير ، تدمي من عثار
.فتذر في عيني ، منك ومن مناسمها ، غبار
ما زلت اضرب مترب القدمين أشعث ، في الدروب
،تحت الشموس الأجنبيه
متخافق الأطمار ، أبسط بالسؤال يدا نديه
صفراء من ذل و حمى : ذل شحاذ غريب
،بين العيون الأجنبيه
بين احتقار ، و انتهار ، و ازورار .. أو ( خطيه) 2
(و الموت أهون من (خطيه
من ذلك الإشفاق تعصره العيون الأجنبيه
قطرات ماء ..معدنيه
،فلتنطفئ ، يا أنت ، يا قطرات ، يا دم ، يا .. نقود
يا ريح ، يا إبرا تخيط لي الشراع ، متى أعود
إلى العراق ؟ متى أعود ؟
يا لمعة الأمواج رنحهن مجداف يرود
.بي الخليج ، ويا كواكبه الكبيرة .. يا نقود

ليت السفائن لا تقاظي راكبيها من سفار
أو ليت أن الأرض كالأفق العريض ، بلا بحار
ما زلت أحسب يا نقود ، أعدكن و استزيد ،
ما زلت أنقض ، يا نقود ، بكن من مدد اغترابي
ما زلت أوقد بالتماعتكن نافذتي و بابي
في الضفة الأخرى هناك . فحدثيني يا نقود
متى أعود ، متى أعود ؟
أتراه يأزف ، قبل موتي ، ذلك اليوم السعيد ؟
سأفيق في ذاك الصباح ، و في السماء من السحاب
،كسر، وفي النسمات برد مشبع بعطور آب
و أزيح بالثوباء بقيا من نعاسي كالحجاب
:من الحرير ، يشف عما لا يبين وما يبين
.عما نسيت وكدت لا أنسى ، وشك في يقين
ويضئ لي _ وأنا أمد يدي لألبس من ثيابي-
ما كنت ابحث عنه في عتمات نفسي من جواب
لم يملأ الفرح الخفي شعاب نفسي كالضباب ؟
اليوم _ و اندفق السرور علي يفجأني- أعود

واحسرتاه .. فلن أعود إلى العراق
وهل يعود
من كان تعوزه النقود ؟ وكيف تدخر النقود
و أنت تأكل إذ تجوع ؟ و أنت تنفق ما تجود
به الكرام ، على الطعام ؟
لتبكين على العراق
فما لديك سوى الدموع
.وسوى انتظارك ، دون جدوى ، للرياح وللقلوع

suryoyo
24/07/2008, 00:12
النهر و الموت


بويب
بويب
أجراس برج ضاع في قارة البحر
الماء في الجرار، و الغروب في الشجر
وتنضج الجرار أجراسا من المطر
بلورها يذوب في أنين
" بويب .. يا بويب"
فيدلهم في دمي حنين
إليك يا بويب
يا نهري الحزين كالمطر

أود لو عدوت في الظلام
أشد قبضتي تحملان شوق عام
في كل إصبع كأني أحمل النذور
إليك من قمح و من زهور
أود لو أطل من أسرة التلال
لألمح القمر
يخوض بين ضفتيك يزرع الظلال
و يملأ السلال
بالماء و الأسماك و الزهر
أود لو أخوض فيك أتبع القمر
و اسمع الحصى يصل منك في القرار
صليل آلاف العصافير على الشجر
أغابة من الدموع أنت أم نهر؟
و السمك الساهر هل ينام في السحر؟
و هذه النجوم هل تظل في انتظار
تطعم بالحرير آلاف من الإبر ؟

و أنت يا بويب
أود لو غرقت فيك ألقط المحار
أشيد منه دار
يضيء فيها خضرة المياه و الشجر
ما تنضح النجوم و القمر
و أغتدي فيك مع الجزر إلى البحر
فالموت عالم غريب يفتن الصغار
وبابه الخفي كان فيك يا بويب

2
بويب .. يا بويب
عشرون قد مضين كالدهور كل عام
و اليوم حين يطبق الظلام
و استقر في السرير دون أن أنام
و ارهف الضمير دوحة إلى السحر
مرهفة الغصون و الطيور و الثمر
أحس بالدماء و الدموع كالمطر
ينضحهن العالم الحزين
أجراس موتى في عروقي ترعش الرنين
فيدلهم في دمي حنين
إلى رصاصة يشق ثلجها الزؤام
أعماق ، كالجحيم يشعل العظام
أود لو عدوت أعضد المكافحين
اشد قبضتي ثم أصفع القدر
أود لو غرقت في دمي إلى القرار
لأحمل العبء مع البشر
.و أبعث الحياة ، إن موتي انتصار

suryoyo
24/07/2008, 21:48
قصيدة رائعة و طويلة ...


المومس العمياء

الليل يطبق مرة أخرى، فتشربه المدينه والعابرون، إلى القرارة... مثل أغنية حزينه. وتفتحت كأزاهر الدفلي، مصابيح الطريق، كعيون "ميدوزا"، تحجر كل قلب الضغينه، وكأنها نذر تبشر أهل "بابل" بالحريق من أي غاب جاء هذا الليل؟ من أي الكهوف من أي وجر للذئاب؟ من أي عش في المقابر دف أسفع كالغراب؟ "قابيل" أخف دم الجريمة بالأزاهر والشفوف وبما تشاء من العطور أو ابتسامات النساء ومن المتاجر والمقاهي وهي تنبض بالضياء عمياء كالخفاش في وضح النهار، هي المدينة، والليل زاد لها عماها. والعابرون: الأضلع المتقوسات على المخاوف والظنون، والأعين التعبى تفتش عن خيال في سواها وتعد آنية تلألأ في حوانيت الخمور: موتى تخاف من النشور قالوا سنهرب، ثم لاذوا بالقبور من القبور! أحفاد "أوديب" الضرير ووارثوه المبصورن. (جوكست) أرملة كأمس، وباب "طيبة" ما يزال يلقي "أبو الهول" الرهيب عليه، من رعب ظلال والموت يلهث في سؤال باق كما كان السؤال، ومات معناه القديم من طول ما اهترأ الجواب على الشفاه. وما الجواب؟ "أنا" قال بعض العابرين... وانسلت الأضواء من باب تثاءب كالجحيم يبحثن في النيران عن قطرات ماء... عن رشاش.


لا تنقلن خطاك فالمبغى "علائي" الأديم:


أبناؤك الصرعى تراب تحت نعلك مستباح،

يتضاحكون ويعولون.

أو يهمسون بما جناه أب يبرؤه الصباح

مما جناه، ويتبعون صدى خطاك إلى السكون

الحارس المكدود يعبر متعبات،

النون في أحداقهن يرف كالطير السجين،

وعلى الشفاه أو الجبين

تترنح البسمات والأصباغ ثكلى، باكيات،

متعثرات بالعيون وبالخطى والقهقهات،

أوصال جندي قتيل كللوها بالزهور،

وكأنها درج إلى الشهوات، تزحمه الثغور

حتى تهدم أو يكاد. سوى بقايا من صخور.

جيف تستر بالطلاء، يكاد ينكر من رآها

أن الطفولة فجرتها ذات يوم بالضياء

كالجدول الثرثار - أو أن الصباح رأى خطاها

في غير هذا الغار تضحك للنسائم والسماء،

ويكاد ينكر أن شقا لاح من خلل الطلاء

قد كان - حتى قبل أعوام من الدم والخطيئة -

ثغرا يكركر، أو يثرثر بالأقاصيص البريئه

لأب يعود بما استطاع من الهدايا في المساء:

لأب يقبل وجه طفلته الندي أو الجبين

أو ساعدين كفرختين من الحمائم في النقاء.

ما كان يعلم أن ألف فم كبئر دون ماء

ستمص من ذاك المحيا كل ماء للحياء

حتى يجف على العظام - وأن عارا كالوباء

يصم الجباه فليس تغسل منه إلا بالدماء

سيحل من ذاك الجبين به ويلحق بالبنين -

والساعدين الأبيضين، كما تنور في السهول

تفاحة عذراء، سوف يطوقان مع السنين

كالحيتين، خصور آلاف الرجال المتعبين

الخارجين خروج آدم، من نعيم في الحقول

تفاحة الدم والرغيف وجرعتان من الكحول

والحية الرقطاء ظل من سياط الظالمين

أتريد من هذا الحطام الآدمي المستباح

دفء الربيع وفرحة الحمل الغرير مع الصباح

ودواء ما تلقاه من سأم وذل واكتداح

المال، شيطان المدينه

إبر تسل بها خيوط من وشائع في الحنايا

وتظل تنسج، بينهن وبين حشد العابرين،

شيئا كبيت العنكبوت يخضه الحقد الدفين:

حقد سيعصف بالرجال

والأخرىات، النائمات هناك في كنف الرجال

والساهرات على المهود وفي بيوت الأقربين

حول الصلاء بلا اطراح للثياب ولا اغتسال

في الزمهرير، ودون عد لليالى والسنين!

ويمر عملاق يبيع الطير، معطفه الطويل

حيران تصطفق الرياح بجانبيه، وقبضتاه

suryoyo
25/07/2008, 02:47
تتراوحان: فللرداء يد وللعبء الثقيل

يد، وأعناق الطيور مرنحات من خطاه

تدمي كأثداء العجائز يوم قطعها الغزاه

خطواته العجلي، وصرخته الطويلة ""يا طيور

هذي الطيور، فمن يقول تعال...""

أفزعها صداه

وتحسسته كأن باصرة تهم ولا تدور

في الراحتين وفي الأنامل وهي تعثر بالطيور،

وتوسلته: ""فدى لعينك - خلني. بيدي أراها"".

ويكاد يهتك ما يغلف ناظريها من عماها

قلب تحرق في المحاجر واشرأب يريد نور!

وتمس أجنحة مرقطة فتنشرها يداها،

وتظل تذكر - وهي تمسحهن - أجنحة سواها

كانت تراها وهي تخفق... ملء عينيها تراها:

سرب من البط المهاجر، يستحث إلى الجنوب

أعناقه الجذلى... تكاد تزيد من صمت الغروب

صيحاته المتقطعات، وتضمحل على السهوب

بين الضباب، ويهمس البريد بالرجع الكئيب

ويرج وشوشة السكون

طلق... فيصمت كل شيء... ثم يلغط في جنون.

هي بطة فلم انتفضت؟ وما عساها أن تكون؟

ولعل صائدها أبوك، فإن يكن فستشبعون.

وتخف راكضة حيال النهر كي تلقى أباها:

هو خلف ذاك التل يحصد. سوف يغضب إن رآها.

مر النهار ولم تعنه... وليس من عون سواها

وتظل ترقى التل وهي تكاد تكفر من أساها.

يا ذكريات علام جئت على العمى وعلى السهاد؟

لا تمهليها فالعذاب بأن تمري في اتئاد.

قصي عليها كيف مات وقد تضرّج بالدماء

هو والسنابل والمساء -

وعيون فلاحين ترتجف المذلّة في كواها

والغمغمات: ""رآه يسرق""... ""واختلاجات الشفاه

يخزين ميتها، فتصرخ يا إلهي، يا إلهي

لو أن غير ""الشيخ""، وانكفأت تشد على القتيل

شفتين تنتقمان منه أسى وحبا والتياعا

وكأن وسوسة السنابل والجداول والنخيل

أصداء موتى يهمسون رآه يسرق في الحقول

حيث البيادر تفصد الموتى فتزداد اتساعا

وتحس بالدم وهو ينزف من مكان في عماها

كالماء من خشب السفينة، والصديد من القبور،

وبأدمع من مقلتيها كالنمال على الصخور

أو مثل حبات الرمال مبعثرات في عماها

يهوين منه إلى قرارة قلبها آها فآها.

ومن الملوم وتلك أقدار كتبن على الجبين؟

حتم عليها أن تعيش بعرضها، وعلى سواها

من هؤلاء البائسات وشاء رب العالمين

ألا يكون سوى أبيها - بين آلاف - أباها

وقضى عليه بأن يجوع

والقمح ينضج في الحقول من الصباح إلى المساء

وبأن يلص فيقتلوه... (وتشرأب إلى السماء

كالمستغيثة وهي تبكي في الظلام بلا دموع)

والله - عز الله - شاء

أن تقذف المدن البعيدة والبحار إلى العراق

آلاف آلاف الجنود ليستبيحوا، في زقاق

دون الأزقة أجمعين

ذاك اسم جارتها الجديد، فليتها كانت تراها

هل تستحق اسما كهذا: ياسمين وياسمين؟

يا ليت حمالا تزوجها يعود مع المساء

لكن بائسة سواها حدثتها منذ حين

عن بيتها وعن ابنتيها، وهي تشهق بالبكاء

كالغيمة السوداء تنذر بالمجاعة والرزايا،

أزراره المتألقات على مغالق كل باب

مقل الذئاب الجائعات ترود غابا بعد غاب

وخطاه مطرقة تسمر، في الظلام، على البغايا

أبوابهن، إلى الصباح - فلا تجاهر بالخطايا

ويظل يخفرهن من شبع وينثر في الرياح

أغنية تصف السنابل والأزاهر والصبايا،

وتظل تنتظر الصباح وساعديه مع الصباح

تصغى - وتحتضن ابنتيها في الظلام - إلى النباح

وإلى الريح تئن كالموتى وتعول كالسبايا

وتجمع الأشباح من حفر الخرائب والكهوف

ومن المقابر والصحاري بالمئات وبالألوف..

فتقف من فزع وتحجب مقلتيها بالغطاء،

ويعود والغبش الحزين يرش بالطل المضاء

سعف النخيل... يعود من سهر يئن ومن عياء

- كالغيمة اعتصرت قواها في القفار، وترتجيها

عبر التلال قوي تجوع - لكي ينام إلى المساء:

عيش أشقّ من المنيّة، وانتصار كالفناء

وطوى يعب من الدماء وسمّ أفعى في الدماء

وعيون زان يشتهيها، كالجحيم يشعّ فيها

سخر وشوق واحتقار، لاحقتها كالوباء

والمال يهمس أشتريك وأشتريك فيشتريها

يا ليتها إذن انتهى أجل بها فطوى أساها!

لو أستطيع قتلت نفسي.. همسة خنقت صداها

أخرى توسوس: والجحيم؟ أتبصرين على لظاها؟

وإذا اكفهر وضاق لحدك، ثم ضاق، إلى القرار

حتى تفجر من أصابعك الحليب رشاش نار

وتساءل المكان فيم قتلت نفسك يا أثيمه؟

وتخطفاك إلى السعير تكفرين عن الجريمه.

أفتصرخين أبي فينفض راحتيه من الغبار

ويخف نحوك وهو يهتف قد أتيتك يا سليمه؟

حتى اسمها فقدته واستترت بآخر مستعار

هي - منذ أن عميت - ""صباح""...

فأي سخرية مريره!

أين الصباح من الظلام تعيش فيه بلا نهار

وبلا كواكب أو شموع أو كوى وبدون نار؟

أو بعد ذلك ترهبين لقاء ربك أو سعيره؟

القبر أهون من دجاك دجى وأرفق، يا ضريره

يا مستباحة كالفريسة في عراء يا أسيره

تتلفتين إلى الدروب ولا سبيل إلى الفرار؟

وتحس بالأسف الكظيم لنفسها: لم تستباح؟

ألهر نام على الأريكة قربها... لم تستباح؟

شبعان أغفى، وهي جائعة تلم من الرياح

أصداء قهقهة السكارى في الأزقة، والنباح

وتعد وقع خطى هنا وهناك: ها هو

هو ذا يجيء - وتشرئبّ، وكاد يلمس ... ثم راح

وتدقّ في أحد المنازل ساعة... لم تستباح؟

الوقت آذن بانتهاء والزبائن يرحلون.

كالدرب تذرعه القوافل والكلاب إلى الصباح؟

الجوع ينخر في حشاها، والسكارى يرحلون،

مروا عليها في المساء وفي العشية ينسجون

حلما لها هي والمنون:

عصبات مهجتها سداه وكل عوق في العيون،

والآن عادوا ينقضون -

خيطا فخيطا من قرارة قلبها ومن الجراح -

ما ليس بالحلم الذي نسجوا ما لا يدركون ...

شيئا هو الحلم الذي نسجوا وما لا يعرفون،

هو منه أكثر: كالحفيف من الخمائل والرياح،

والشعر من وزن وقافية ومعنى، والصباح -

من شمسه الوضاء... وانصرفواسكارى يضحكون!

ستعيش للثأر الرهيب

والداء في دمها وفي فمها. ستنفث من رداها

في كل عرق من عروق رجالها شبحا من الدم واللــهيب

شبحا تخطف مقلتيها أمس، من رجل أتاها

سترده هي للرجال، بأنهم قتلوا أباها

وتلقفوها يعبثون بها وما رحموا صباها،

لم يبتغوها للزواج لأنها امرأة فقيره،

واستدرجوها بالوعود لأنها كانت غريره،

وتهامس المتقولون فثار أبناء العشيره

متعطشين - على المفارق والدروب - إلى دماها.

وكأن موجة حقدها ورؤى أساها.

كانت تقرب من بصيرة لبها صورا علاها

صدأ المدينة وهي ترقد في القرارة من عماها:

كل الرجال؟ وأهل قريتها؟ أليسوا طيبين؟

كانوا جياعا - مثلها هي أو أبيها - بائسين،

هم مثلها - وهم الرجال - ومثل آلاف البغايا

بالخبز والأطمار يؤتجرون، والجسد المهين

هو كل ما يتملكون، هم الخطاة بلا خطايا

ليس الذين تغصبوها من سلالة هؤلاء:

كانوا مقطبة الجباه من الصخور

ثمتص من فزع الضحايا زهوها ومن الدماء

متطلعين إلى البرايا كالصواعق من علاء!

وتحس، في دمها، كآبة كل أمطار الشتاء

من خفق أقدام السكارى، كالأسير وراء سور

يصغي إلى قرع الطبول يموت في الشفق المضاء.

هي والبغايا خلف سور، والسكارى خلف سور،

دميت أصابعهن: تحفر والحجارة لا تلين،

والسور يمضغهن ثم يقيئهن ركام طين:

وطلول مقبرة تضم رفات ""هابيل"" الجنين!

سور كهذان حدثوها عنه في قصص الطفوله:

""يأجوج"" يغرز فيه، من حنق أظافره الطويله

ويعض جندله الأصم، وكف ""مأجوج"" الثقيله

تهوي، كأعنف ما تكون على جلامده الضخام.

والسور باق لا يثل... وسوف يبقي ألف عام،

الطفل شاب وسورها هي ما يزال كما رآه

من قبل يأجوج البرايا توأم هو للسعير!

لص الحجارة من منازل في السهول وفي الجبال

يتواثب الأطفال في غرفاتها ويكركرون...

والأمهات يلدن والآباء للغد يبسمون،

لم يبق من حجر عليها فهي ريح أو خيال.

وأدار من خطم البلاد رحى، وساط من البطون

ما ترتعيه رحاه من لحم الأجنة والعظام،

وكشاطئين من النجوم على خليج من ظلام

يتحرقان ولا لقاء ويخمدان سوى ركام -

شق الرجال عن النساء سلالتين من الأنام

تتلاقيان مع الظلام وتفصلان مع الشروق:

لو يقطعون الليل بحثا والنهار - على سواها

في حسنها هي؟ في غضارة ناهديها أو صباها

وبسعرها هي ؟ أي شيء غير هذا يبتغون؟

عمياء أنت وحظك المنكود أعمى يا سليمه.

وتلوب أغنية قديمه

في نفسها وصدى يوشوش: يا سليمه، سليمه

نامت عيون الناس. آه... فمن لقلبي كي ينيمه؟

ويل الرجال الأغبياء، وويلها هي، من عماها!

لم أصبحوا يتجنبون لقاءها؟

عيونها، فيخلفوها وحدها إذ يعلمون

بأنها عمياء؟ فيم يكابرون ومقلتاها

أدري وتعرف أي شيء في البغايا يشتهون

بنظرة قمراء تغصبها من الروح الكسيره

لترش أفئدة الرجال بها، وكانوا يلهثون

في وجهها المأجور، أبخرة الخمور، ويصرخون

كالرعد في ليل الشتاء

ولعل غيره ""ياسمين"" وحقدها سبب البلاء

فهي التي تضع الطلاء لها وتمسح بالذرور

وجها تطفأت النواظر فيه....

كيف هو الطلاء؟

وكيف أبدو؟

- وردة ... قمر... ضياء!

زور.. وكل الخلق زور،

والكون مين وافتراء

لو تبصر المرآة - لمحة مقلتيها - لو تراها

- لمح النيازك - ثم تغرق من جديد في عماها!

برق ويطفأ... ثم تحكم فرقها بيد، وفاها

بيد، وترسم بالطلاء على الشفاه لها شفاها

شفتاك عارية وخدك ليس خدك يا سليمه،

ماذا تخلف منك فيك سوى الجراحات القديمه؟

وتضم زهرة قلبها العطشى على ذكرى أليمه:

تلك المعابثة اللعوب... كأنها امرأة سواها!

كالجدولين تخوض ماءهما الكواكب - مقلتاها،

والشعر يلهث بالرغائب والطراوة والعبير

وبمثل أضواء الطريق نعسن في ليل مطير،

تقتات بالعسل النقي وترتدي كسل الحرير.

ليت النجوم تخر كالفحم المطفأ والسماء

ركام قار أو رماد، والعواصف والسيول

تدك راسية الجبال ولا تخلف في المدينة من بناء!

suryoyo
25/07/2008, 02:47
أن يعجز الإنسان عن أن يستجير من الشقاء

حتى بوهم أو برؤيا، أن عيش بلا رجاء...

أو ليس ذاك هو الجحيم؟ أليس عدلا أن يزول؟

شبع الذباب من القمامة في المدينة، والخيول

سرحن من عرباتهن إلى الحظائر والحقول،

والناس ناموا -

هذا الذي عرضته كالسلع القديمة: كالحذاء،

أو كالجرار الباليات، كأسطوانات الغناء...

هذا الذي يأبي عليها مشتر أن يشتريه

قد كان عرضا - يوم كان - ككل أعراض النساء!

كان الفضاء يضيق عن سعة، وترتخص الدماء

إن رنق النظر الأثيم عليه. كان هو الإباء

والعزة القعساء والشرف الرفيع. فشاهديه

يا أعين الظلماء، وامتلئي بغيظك وارجميه

بشواظ عارك واحتقارك يا عيون الأغبياء!

للموت جوعا، بعد موتي - ميتة الأحياء - عارا.

لا تقلقوا.. فعماي ليس مهابة لي أو وقارا.

مازلت أعرف كيف أرعش ضحكتي خلل الرداء

كالقمح لونك يا ابنة العرب،

كالفجر بين عرائش العنب

أو كالفرات، على ملامحه

دعة الثرى وضراوة الذهب.

عربية أنا: أمتى دمها

خير الدماء... كما يقول أبي.

تجري دماء الفاتحين. فلوثوها، يا رجال

أواه من جنس الرجال... فأمس عاث بها الجنود

الزاحفون من البحار كما يفور قطيع دود

يا ليت للموتى عيونا من هباء في الهواء

ترى شقائي

إلا العفاة المفلسين.

أنا زهرة المستنقعات، أعب من وحل وطين

وأشع لون ضحى...

وذكرا بجعجعة السنين

سعالها. ذهب الشباب!!

ذهب الشباب!! فشيعيه مع السنين الأربعين

ومع الرجال العابرين حيال بابك هازئين.

وأتي المشيب يلف روحك بالكآبة والضباب،

فاستقبليه على الرصيف بلا طعام أو ثياب،

يا ليتك المصباح يخفق ضوءه القلق الحزين

في ليل مخدعك الطويل، وليت أنك تحرقين

دما يجف فتشترين

سواه: كالمصباح والزيت الذي تستأجرين.

عشرون عاما قد مضين، وشبت أنت، وما يزال

يذرذر الأضواء في مقل الرجال.

لو كنت تدخرين أجر سناه ذاك على السنين

أثريت..

ها هو ذا يضيء فأي شيء تملكين؟

ويح العراق! أكان عدلا فيه أنك تدفعين

سهاد مقتلك الضريره

ثمنا لملء يديك زيتا من منابعه الغزيره؟

كي يثمر المصباح بالنور الذي لا تبصرين؟

عشرون عاما قد مضين، وأنت غرثى تأكلين

بنيك من سغب، وظمأى تشربين

حليب ثديك وهو ينزف من خياشيم الجنين!

وكزارع له البذور

وراح يقتلع الجذور

من جوعه، وأتى الربيع فما تفتحت الزهور

ولا تنفست السنابل فيه...

ليس سوى الصخور

سوى الرمال، سوى الفلاه -

خنت الحياة بغير علمك، في اكتداحك للحياه!

كم رد موتك عنك موت بنيك. إنك تقطعين

حبل الحياة لتنقضيه وتضفري حبلا سواه،

حبلا به تتعلقين على الحياة: تضاجعين

ولا ثمار سوى الدموع، وتأكلين،

وتسهرين ولا عيون، وتصرخين ولا شفاه،

وغدا. وأمس ... وألف أمس - كأنما مسح الزمان

حدود ما لك فيه من ماض وآت

ثم دار، فلا حدود

ما بين ليلك والنهار، وليس، ثم، سوى الوجود

سوى الظلام، ووطء أجساد الزبائن، والنقود،

ولا زمان، سوى الأريكة والسرير، ولا مكان!

لم تسحبين ليالى السأم المسهدة الرتيبه؟

ما العمر؟ ما الأيام؟ عندك، ما الشهور؟ وما

السنين؟

ماتت ""رجاء"" فلا رجاء ثكلت زهرتك الحبيبه!

بالأمس كنت إذا حسبت فعمرها هي تحسبين.

كانت عزاءك في المصيبه،

وربيع قفرتك الجديبه.

كانت نقاءك في الفجور، ونسمة لك في الهجير،

وخلاصك الموعود، والغبش الكبير!

ما كان حكمه أن تجيء إلى الوجود وأن تموت؟

ألتشرب اللبن المرنق بالخطيئة واللعاب:

أو شال ما تركته في ثدييك أشداق الذئاب؟

مات الضجيج وأنت، بعد، على انتظارك

تتنصتين، فتسمعين

رنين أقفال الحديد يموت، في سأم، صداه:

الباب أوصد

ذاك ليل مر...

فانتظري سواه.


انتهت !

achelious
29/07/2008, 14:57
يعطيك العافية suryoyo:D تابعنا لنعرفك ع"ديكنز":D

achelious
29/07/2008, 15:04
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
تشارلز ديكنز
كاتب وروائي بريطاني
1812-1870م

achelious
29/07/2008, 15:18
أكثر من مائة عام مرت على وفاة تشارلز ديكنز , أعظم اديب بريطاني , وثاني أعظم الرجال بين كتاب بريطانيا بعد شكسبير , مؤلف (( أوليفر تويست )) و(( دافيد كوبرفيلد )) وغيرهما من القصص الشهيرة وهو الأديب الذي ترك ثروة أدبية وروائية خالدة على مرور الزمن.
كان تشارلز ديكنز عبقريا بكل ما تعنيه الكلمة .. فهو يتميز عن اقرانه بذكاء لمّْاح .. وهو دؤوب يعشق العمل وفوق ذلك كان يمتلك طاقة خلاقة جبارة .. وقد ساعدت الظروف و الأحداث التي مرت في حياته على شحذ عبقريته وعلى توجيه تفكيره وحياته كلها إلى احتراف القصة حيث كان نبوغه .

ولد تشارلز ديكنز في (( بورتسي )) ما تعرف الآن بـ ((بورتسموث) في 7 فبراير 1812 بين عائلة كبيرة فقد كان هو الأبن الثاني من بين ثمانية أخوة. وكان والده جون ديكنز يعمل كاتب حسابات في مكتب مرتبات البحرية البريطانية وكان جده وجدته لأبيه خادمين .. ولكن أباه كان يحب حياة الرفاهية بطبيعته كما كان أيضا مسرفا ولا يستطيع أن يدبر أحواله المادية تدبيرا حكيما. مما زاد الطين بلة أن زوجته هي الأخرى كانت لديها نفس الصفات . وأدى إسراف ديكنز الأب إلى كل الشقاء الذي قاساه ديكنز الابن في صغره .. و لكن كما يقول المثل : رب ضارة نافعة .. فان المأساة التي عاشها تشارلز في صغره هي التي خلقت منه ذاك العبقري الذي خلده التاريخ.

بدأت ميول تشارلز ديكنز الأدبية مبكراً في سن السابعة حيث كان يقرأ القصص بنهم كبير, كان يختفي في غرفة صغيرة في الدور العلوي بمنزلهم ويقرأ قصص 'دون كيشوت' , و'روبنسون كروزو' , و'توم جونز' , و'ألف ليلة وليلة' .. وغيرها . وكانت هذه القصص بمثابة الوقود و الإلهام الذي جعل منه كاتبا عبقريا.

(يتبع..:D)

achelious
30/07/2008, 02:17
وبدأت الأمور تسوء شيئا فشيئا في منزل آلـ ديكنز, وبدأت الديون تتراكم عليهم لدرجة أن أثاث الأسرة بدأ يباع القطعة تلو الأخرى، حتى جاء الدور على كتب تشارلز وقصصه أيضاً، مما جعله يشعر بتعاسة ما بعدها تعاسة , ولكن القدر كان يخفي له شيئا أخر أشد مرارة وقسوة فبعد يومين من ميلاده الثاني عشر أرسله أبوه ليعمل في مصنع للطلاء الأسود .. وكان لهذه الخطوة تأثير نفسي سيءعلى تشارلز لم يتلاشى من ذاكرتة بمرور السنين ولا حتى بالنجاح الذي حققه بعد ذلك ..

وفي سن الخامسة عشرة ترك تشارلز المدرسة نهائياً ليبدأ العمل صبيا في مكتب أحد المحامين , لكن الصبي الطموح لم يعجبه هذا العمل فبدأ يتطلع إلى عمل آخر .. ويبدو أن القدر كان في عونه , ففي ذلك الوقت كان والده قد تعلم الاختزال,واستطاع أن يحصل على وظيفة مندوب برلماني لصحيفة تسمى (( بريتش برس )) واتخذ تشارلز من نجاح أبيه في عمله الجديد مثالاً يحتذى به, فأقبل على تعلم الاختزال أيضاً, واستطاع أن يجيد هذا الفن وأن يترك عمله في مكتب المحامي ليصبح كاتب اختزال محترف. ولكنه كان لا يزال أصغر من أن يصبح مندوبا برلمانيا لصحيفة من الصحف كأبيه , فذهب ليعمل في إحدى المحاكم وخلال عمله هذا اكتسب معرفة بخبايا القانون وقواعده , مما ساعده على إتقان سرد الجوانب القانونية في قصصه.

achelious
30/07/2008, 02:20
لم يمر عام، حتى بدأ الفتى الصغير يحقق نجاحا آخر ليصبح أصغر مندوب صحفي في برلمان انجلترا, وقام الفتى تشارلز بتسجيل المناقشات التي دارت في مجلس العموم حول وثيقة الإصلاح التي صدرت في عام 1832.

وفي عام 1836 ظهر كتابه الأول بعنوان (( صور وصفية )) تحت أمضاء مستعار (( بوز )) , واستقبل الكتاب بحماس, وبدأ اسمه يلمع في الأوساط الأدبية مما دعا أحد الناشرين إلى أن يعرض عليه كتابة كلام مجموعة من الرسوم الكوميدية المسلسلة التي تمثل شخصيات رياضية, وكان ديكنز على وشك الزواج فلم يستطع رفض هذا العمل الذي كان يبدو تافها بالنسبة له ومع ذلك فقد فتح هذا العمل باب الشهرة على مصراعية أمام ديكنز فهو الذي جعل الكاتب المبتدئ يفكر في شخصية مبتكرة و هي شخصية (( بيكوك )), تلك الشخصية الروائية التي حازت على إعجاب كل القراء في مختلف أنحاء بريطانيا وجعلت من الفتى الذي لم يتعدى عمره الرابعة والعشرين من أشهر شخصيات بريطانيا أنذاك .

(يتبع..:D)

اسبيرانزا
30/07/2008, 16:45
متابعين اشيليوس :gem:

achelious
31/07/2008, 00:56
كان تشارلز ديكنز رجل غريب الاطوار فقد كان له من التصرفات الغريبة و المريبة الكثير، فقد كان يداوم على مغادرة منزله في منتصف الليل و يسير في شوارع لندن قاطعاً مسافات طويلة بلا سبب مقنع لتلك النزهات الليلية. و كان يتثآب بفم مفتوح و هو ما يعتبر من الموبقات في المجتمع البريطاني المحافظ و يذكر انه في إحدى الحفلات التى اقيمت لأجل تكريمة في الولايات المتحدة قام بإخراج مشطاً و بدأ يمشط شعر ذقنه و شاربيه أمام اعين الحاضرين.

وبالرغم من ذلك، كانت شهرتة تزداد مع كل كاتب جديد له وكان قراؤه ينظرون إليه على أنه ضمير الأمة الذي يتكلم باسم الملايين .. وكان ديكنز غزير الإنتاج فقد كانت قصصه تخرج الواحدة بعد الأخرى , وفي نفس الوقت يقوم بتحرير بعض المجلات وإخراج المسرحيات , ويقوم أيضا برحلات ثقافية إلى أوربا وأمريكا حيث يلقي المحاضرات.
:D