-
دخول

عرض كامل الموضوع : رحلة في فصول الحياة


صفحات : 1 2 3 4 5 [6]

Hobbit
07/11/2009, 21:14
6 تشرين الثاني

أشياء جميلة كثيرة يمكن أن تقال في الحبّ .
مثلاً : " الحب يقسم العبء إلى اثنين " .
و هنالك قول رهباني مأثور : " حيث يكون الحب ، يحلو التعب و يتبدد العناء " . نحن نُرهق أحياناً الأشخاص الذين نحبهم : " آه لو كان فينا حبّ ... " علينا أن نشرب نخب دائماً ، إنه سر معنى الحياة . و من واجبنا أن نبقيه قريباً من الواقع ، فلا ندع الرومنطيقية تهيمن فيه .
حقيقة الحب ، علىما أعتقد ، أنه منبع الارتياح ، و لكنه في الوقت نفسه تحد عظيم .
الحب يتحداني في الحال أن أخرج من ذاتي .
فهو سينقلني من " اللهو " الصبياني ، إلى قمة العطاء في سبيل شخص أو قضية ، من خلال حب كريم لا ينتهي .
الحبّ يدفعني إلىالتركيز على حاجات الأشخاص الذين أُحب . و هذا يتطلب مني أن أعرف كيف أصغي ، و يحتم علي أحياناً أن أتخلى ، و لو إلى حين ، عما يُسعدني ، لأتمكن من الاهتمام بحاجات مَن أحب .
و أن نوع العلاقة التي تهب الحياة للحب ، تحتم علي الاتصال بذاتي ، بعمق مشاعري و أفكاري ، كي أشرك الآخرين فيها ، من خلال انفتاح أُقدم عليه بكثير من الخوف و الرهبة .
الحب يضعني في خطر . إنه يعرضني لردات فعل صادقة منأناس سمحت لهم باختراق خطوط دفاعي . و إذا كنت قد بنيت سياجات واقية من حولي ، فمن شأن الحب أن يتكفل بإسقاطها جميعاً .

Hobbit
07/11/2009, 21:21
7 تشرين الثاني

السعادة التي يختبرها المرء على طريق الحب ، " التي قلّ سالكوها " ، تبقى فريدة في طبيعتها . عندما أُحب شخصاً في الحقيقة ، تأخذ حياتي معنى عميقاً جديداً . عندما يلج الحبّ حياة امرئ تتحول وحدته إلى حضور دافئ ، و غربته إلى شعور بقيمة الذات و الثقة بالنفس . و هو ما نسميه اليوم " شعوراً بالهوية " .
و لقد أصبح من البديهي القول إنه بإمكاننا أن نعرف و نحب في ذواتنا فقط ما نحن على استعداد لأن نشارك فيه الآخرين .
و الشخص الذي لا يعرف الحبّ ، و يهيم في الدنيا ، لا هدف عنده ، يجد في الحب شعوراً بالانتماء و مقاماً يُحس فيه و كأنه في بيته .
إن انطلاقي في الحب ، نحو شخص آخر ، فيه بعض المخاطرة . و الخطر الحقيقي يكمن في رفض الآخر لي و عدم تفهمه لحقيقتي . و في هذا يختبر المرء ألم الفراق بدءاً بالفراق المؤقت ، و انتهاءً بالفرقة الدائمة في الموت . فكل مَن نظر إلى سلامته الخاصة كشرط في الحياة لا جدل فيه هو شخص أبى أن يدفع ثمن الحب و هو لن يذوق طعم غناه أبداً .
و كل مَن حبس نفسه في " شرنقة " لحماية ذاته و الدفاع عنها ، مبقياً ذاته دائماً علىمسافة مريحة من الآخرين ، محتفظاً بمقتضياته الخاصة ، و بخصوصياته كافة ، سيجد ثمن الحب باهظاً جداً ، و يبقى للأبد سجين خوفه .

Hobbit
09/11/2009, 19:50
8 تشرين الثاني

منذ نحو اثنتي عشرة سنة ، وقفت يوماً في الجامعة أُراقب طلابي يدخلون ، للمرة الأولى ، صف اللاهوت العقائدي .
كان ذلك أول لقاء لي مع طمي ( الذي سأقص عليكم مسيرتي معه في الأيام المقبلة ) .
رفَّت عيناي آنذاك و انتفض عقلي ، إذ رأيته يمشط شعره الشاحب المتدلي فوق كتفيه حتى ظهره . لم أرَ من قبل شاباً شعره طويل كشعر طمي . كان ذاك الزي قد بدأ ينتشر في تلك الفترة . أنا أعرف أن المهم ليس ما هو فوق الرأس ، بل ما في داخله ، و لكني ذلك اليوم ، لم أكن مهيأ لما شاهدت ، فانقلبت عواطفي ، و صنفت طمي حالاً في خانة ( غ ) خانة الصنف الغريب ... و الغريب جداً.
و تبيَّن لي في وقت لاحق أن طمي كان الشخص المميز بإلحاده في صف اللاهوت العقائدي! فكان المعترض الدائم ، و الساخر الدائم ، و المثابر في نكران وجود إله محبّ ، لا شروط لحبه . تعايشنا في سلام نسبي طيلة فصل الدرس ، غير أن وجوده غالباً ما كان يُزعجني كثيراً . و عندما أتى ، في نهاية الفصل ، ليقدم الامتحان النهائي ، سألني بصوت فيه بعض الشك ، و لا يخلو تماماً من السخرية ،
قائلاً : " أتراني سألتقي الرب يوماً ، في رأيك ؟ "
قررت في الحال أن أحمل جوابي صدمة قوية ، فأجبته " لا " ، بكل تأكيد . فبدا متعجباً و قال لي : " ظننت أنك كنت تحاول دفعي إلى ذلك ! " تركته يبتعد بعض الخطوات ثم ناديته ، فالتفت إلي ،
فقلت له آنذاك : " يا طمي أنا لا أظن أنك ستجد الله ، و لكني على يقين تام من أنه هو لن ينفك يبحث عنك حتى يلتقيك ! "
فهز بكتفيه قليلاً ، و ترك صفي ، و خرج من حياتي ( إلى حين ) . و أحسست بشيء من الخيبة لعدم تجاوبه مع ما ظننت أنه كان جواباً ذكياً .

Hobbit
09/11/2009, 19:54
9 تشرين الثاني

سمعت يوماً أن طمي تخرج . و شعرت ببعض الامتنان لسماعي الخبر .
ثمّ بلغني خبر محزن : إنّ طمي مصاب بسرطان قاتل . و قبل أن أذهب إليه ، أتى هو إلي . و عندما دخل مكتبتي بدا منهمكاً ، و قد تساقط شعره الطويل نتيجة العلاج الكيميائي . و لكنّي أبصرت في عينيه بريقاً من النور ، و للمرة الأولى أحسست أن في صوته قوة خاصة . فبادرته بالقول ، دون أن أفكر مليّاً : " كنت غالباً أفكر فيك يا طمي ، و قد سمعت منذ قليل أنك مريض " .
- " نعم ، قال لي ، أنا مريض و مرضي عضال . إن في رئتي سرطاناً ، و لم يبق لي في هذه الحياة سوى أسابيع معدودة " .
- " هل بإمكانك أن تقول لي أكثر عن مرضك ؟ "
- " أجل ، ماذا تريد أن تعرف ؟ "
- " كيف تشعر و أنت ابن الرابعة و العشرين ، و مشرف على الموت ! "
- " إنّ في الحياة أسوأ من ذلك " .
- " ما الذي يمكن أن يكون أسوأ من ذلك ؟ "
- " مثلاً أن أكون ابن الخمسين و لا قِيَم عندي و لا مُثُل .
أن أكون ابن الخمسين و أفكّر أنّ السكر و النساء و الفلوس هي الأمور المهمة في الحياة " .

Hobbit
10/11/2009, 20:35
10 تشرين الثاني

فأخذت أستعيد ذكرياتي ، و كيف أني صنفت طمي تحت حرف ( غ ) كشخص غريب .
( أنا أحلف أني ، كلما رفضت شخصاً بتصنيفي له ، يعيده الله إلى حياتي ليلقّنني درساً جديداً ) .
و تابع طمي يقول : " إن الذي حملني على العودة إليك ، هو ما قلته لي آخر يوم التقيتك في الصف ( لقد تذكر ! ) سألتك هل تعتقد أني سألتقي الله يوماً ، فقلت " لا " ! فتعجبت من جوابك . و لكنك قلت لي بعد ذلك : " و لكنه هو لن ينفك يبحث عنك حتى يلتقيك " . فكرت مليّاً بذلك ، مع أن بحثي عن الله آنذاك كان يفتقر إلى الجدية .
" و لكن عندما أخبرني الأطباء أنني مصاب بداء السرطان ، بدأت أبحث عن الله بكل جدية .
و كلما تفشى المرض فيّ ، ضاعفت قرع باب السماء بقوة . و لكن الله لم يُخرج ، و لم يُحدث شيء أبداً .
هل حدث لك أن جاهدت طويلاً ، بكل قواك ، و فشلت ؟ نشعر بالقنوط ، و نفقد إرادة المثابرة ، ثم نفقد كل أمل . إستيقظت ذات صباح ، و بدلاً من أن أرسل بعض صرخات جديدة اُلقي بها فوق حائط القرميد العالي ، نحو إله قد يكون هنالك أو لا يكون ، قررت أن أتوقف عن كل شيء .
قررت ألاّ أهتم بعد اليوم بالله و بالحياة الأخرى أو بأي شيء يشبه ذلك .

Hobbit
11/11/2009, 18:17
11 تشرين الثاني

" قررت أن أصرف ما تبقى لدي من وقت في أمور أكثر فائدة " .
فكرت فيك و في صفك و تذكرت أنك قلت لنا ،
فيما قلت : " الحزن كل الحزن في أن نعبر الحياة من غير أن نحب و هناك حزن آخر يكاد يساويه ، و هو أن نعبر الحياة و نترك الدنيا من غير أن نقول لمَن نحب أننا نحبهم " .
" فبدأت بالشخص الأصعب : والدي ، كان يقرأ الصحيفة عندما اقتربت منه :
- " يا أبي ..."
- " نعم ، ماذا ؟ قال هذا و تابع القراءة ".
- " أُريد أن أتكلم إليك " .
-" تكلم ، قل لي ما تريد "
- " ما أُريد هو غاية في الأهمية " .
نزلت الصحيفة قليلاً :
- " ماذا ؟"
- " يا أبي ، إني أُحبك . أردتك أن تعرف ذلك " .
ثم ابتسم طمي و مال بنظره نحوي و بدت البهجة في عينيه و كان دفء فرح كبير يفيض من قلبه : " سقطت الصحيفة فجأة إلى الأرض ، ، ثم حصل أمران ما عرفتهما عند والدي من قبل بكى ، ثم ضمني إليه و قبّلني .
فتحدثنا طوال ذلك الليل ، مع أنه كان سيذهب إلى عمله في صباح الغد . و كم أحسست بارتياح عميق بقرب والدي ، برؤية دموعه و الإحساس بضمي إلى صدره و سماعه يقول لي إنه يحبني .

marioma alghzayala
12/11/2009, 14:24
11 تشرين الثاني

" قررت أن أصرف ما تبقى لدي من وقت في أمور أكثر فائدة " .
فكرت فيك و في صفك و تذكرت أنك قلت لنا ،
فيما قلت : " الحزن كل الحزن في أن نعبر الحياة من غير أن نحب و هناك حزن آخر يكاد يساويه ، و هو أن نعبر الحياة و نترك الدنيا من غير أن نقول لمَن نحب أننا نحبهم " .
" فبدأت بالشخص الأصعب : والدي ، كان يقرأ الصحيفة عندما اقتربت منه :
- " يا أبي ..."
- " نعم ، ماذا ؟ قال هذا و تابع القراءة ".
- " أُريد أن أتكلم إليك " .
-" تكلم ، قل لي ما تريد "
- " ما أُريد هو غاية في الأهمية " .
نزلت الصحيفة قليلاً :
- " ماذا ؟"
- " يا أبي ، إني أُحبك . أردتك أن تعرف ذلك " .
ثم ابتسم طمي و مال بنظره نحوي و بدت البهجة في عينيه و كان دفء فرح كبير يفيض من قلبه : " سقطت الصحيفة فجأة إلى الأرض ، ، ثم حصل أمران ما عرفتهما عند والدي من قبل بكى ، ثم ضمني إليه و قبّلني .
فتحدثنا طوال ذلك الليل ، مع أنه كان سيذهب إلى عمله في صباح الغد . و كم أحسست بارتياح عميق بقرب والدي ، برؤية دموعه و الإحساس بضمي إلى صدره و سماعه يقول لي إنه يحبني .

اي بدي :cry:

Hobbit
12/11/2009, 19:35
12 تشرين الثاني

" توجُّهي إلى أمي و أخي الصغير كان أقل صعوبة . بكيا معي هما أيضاً ، و تعانقنا طويلاً ، و رحنا نقول بعضنا لبعض أموراً جميلة جداً و حقيقية . أشركنا بعضنا في أمور كان كل منا يحتفظ بها سراً في نفسه منذ سنوات كثيرة . و إني أسفت لأمر واحد : و هو أني انتظرت هذا الوقت كله . فها أنا مشرف على الموت ، و قد بدأت الآن فقط أنفتح حقاً على الأشخاص الذين أحببت .
" ثم التفت يوماً و إذا الله إلى جانبي . لم يأتِ إليّ عندما توسلت إليه . كنت ، على ما أعتقد ، كمدرب حيوانات يحمل طوقاً كبيراً و يدعو الحيوان إلى المرور فيه ... هيا ... إقفز ... إني أعطيك ثلاثة أيام ... ثلاثة أسابيع ...و يبدو أن الله يحقق ما يريد كيفما يشاء و ساعة يشاء .
" و لكن المهم أنه كان هناك ، إنه لقيني . لقد كنت على حق . إنه لقيني بعد أن توقفتُ عن البحث عنه " .
أ<بت و في صوتي ارتجاف مَن كاد يبكي : " يا طمي ، إنك تنطق بأمور هي غاية في أهميتها و شموليتها . في نظري ، ما تقوله هنا يعني أن أفضل سبيل إلى لقاء الله ، هو ألا نحاول امتلاكه ، و ألا نقيمه منقذاً لنا من المصاعب ، يسكب في قلوبنا العزاء ساعة نحتاج إليه ، بل إن أفضل السُبُل إليه انفتاح على الحب . أنت تعرف أن هذا من قول القديس يوحنا . إنه قال :
" الله محبة .
مَن أقام في المحبة
أقام في الله و أقام الله فيه " .

Hobbit
12/11/2009, 20:17
اي بدي :cry:

حزنك مساحة لا يحدها شوق للقاء
وجودك عبق المكان بحقول وداعٍ
متابعون. . .

Hobbit
13/11/2009, 16:26
13 تشرين الثاني

" يا طمي ، هل لي أن أطلب إليك خدمة ؟ أنت تعرف أنك امّا كنت في صفي كنت تشكل إزعاجاً حقيقياً . و لكن بإمكانك أن تعوض عليّ الآن و تزيد .
هل بوسعك أن تأتي إلى صفي و تقول لطلاب اللاهوت العقائدي ما قلته لي الآن ؟ فلو قلتُ لهم ذلك أنا ، لما كان لكلامي الوقع الذي سيتركه فيهم كلامك أنت " .
- " في الحقيقة ، شعرت أنه بإمكاني التكلم إليك بما أحسست ، و لكني لا أعرف هل لدي الاستعداد الكافي للتحدث في الشيء نفسه مع طلابك " .
- " فكِّر في الأمر ، يا طمي . و إذا شعرت أن لديك مثل هذا الاستعداد ، فسأكون في انتظارك وقت ما تشاء " .
بعد بضعة أيام ، كلمني طمي ليقول إنه مستعد ، و سوف يتحدث إلأى صفي ، إكراماً لله و لي . حددنا الزمان ، و لكنه لم يأتِ . إنه كان على موعد أهم بكثير من موعدي . إن حياته بالطبع ، لم تنتهِ بالموت ، بل هي تبدلت . لقد خطا خطواته الكبرى من الإيمان إلى الرؤيا ، ليجد هناك ما لم تره عين و لم تسمع به أذن و لا خطر على قلب بشر .
قبل أن يموت ، تحدثنا مرة أخيرة فقال لي :
- " لن أتمكن من المجيء إلى صفك " .
- " أعرف ذلك يا طمي " .
- " فهلا قلت لهم عني ما كنت أود أن أقوله لهم أنا ؟ أرجوك . . . أخبرهم . . . بل أخبر العالم كله " .
- " سأفعل يا طمي ، سوف أحاول ، سوف أعمل جاهداً كي أنجح في ذلك " .
فإلى كل منكم ، أنتم الذين تكرمتم عليَّ بسماع هذه الشهادة في الحب ، إليكم جميعاً خالص شكري . و أنت يا طمي ، حيث أنت في بهجة رحاب السماء الجميلة ، أطمئنك :
" لقد قلت لهم . . . و بكل ما أعطاني الله من قوة و عون أخبرتهم " .

Hobbit
26/11/2009, 12:14
14 تشرين الثاني

الإنسان الذي قرر أن يكون صادقاً في تعاطيه مع الآخرين يوفر على نفسه الجهد المضني الذي تفرضه عملية كبت مستمرة ، و هو لا يشعر أن فيه حاجة إلى أن يرتدي دائماً أقنعة مزيفة ، أو يرى نفسه مرغماً على اللجوء إلى حيل الوجدان المضللة . إنه يقوم بما يسميه " داغ همرشلد " :
" أطول رحلة في الحياة ، الرحلة إلى داخل الذات" .
و لا يخشى أن يعرب للآخرين عما يكتشفه في تلك الرحلة و لسان حاله يقول : " هذه حقيقة ما أنا عليه ، لا أكثر و لا أقل . إذا كان بإمكانك أن تأتي و تفرح معي فذلك حسن . أنا لن أجهد لأظهر لك ما تود أن تراه ، بل سوف أكون ذاتي و أظهر لك حقيقة ما أنا عليه " .

Hobbit
26/11/2009, 12:30
15 تشرين الثاني

////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
إذا كان في الشخص المريض حاجة إلى الطبيب المختص ففي كلنا حاجة إلى ذلك العلاج المقوي الذي نسميه الصداقة . كل منا مجموعة حاجات و دوافع عجيبة و متشعبة ، تريد أن تتفاعل و تظهر . نحن نريد أن نعبر عما في أنفسنا ، و لكن من دون أن نتعرض لرفض الآخرين لنا .
فالمشاكل التي تنطوي في أعماقنا تبقى في ظلمتنا الداخلية ، غير واضحة ، و بالتالي مضرة , و نحن لا نفطن جيداً لتلك الأمور التي تُقلقنا ، إلى أن نحدد أبعادها من خلال التحدث عنها إلى صديق . و هي تبقى ضبابية و أشبه بالدخان ما دامت منطوية فينا . و لكننا ، عندما ننفتح لنشارك الآخرين في ما نحن عليه ، آنذاك تأخذ الأمور في الانقشاع ، فننمو و تنمو فينا القدرة على قبول ذواتنا .
و لكن أقنعتنا و الحواجز التي نحيط بها ذواتنا قد تجعل ذلك صعباً . فنحن نُقنع أنفسنا بأن ما من أحد حولنا يمكن أن يؤتَمن على ما في ذواتنا . و لكن هذه لا تتعدى كونها أعذاراً تعودنا تردادها . إننا في الواقع خائفون من الآخرين ، من عدم تفهُّمهم لما نود أن نسركهم فيه . لذا ننتظر طويلاً ، و نحن متقوقعون خلفَ حواجزنا ، نُطل على العالم من نافذة برجنا ، علَّ حبيباً يمر ، فينشلنا حبه لنا ، و تريحنا قوة الاطمئنان عنده .

Hobbit
26/11/2009, 12:32
16 تشرين الثاني

هناك نوعان من التواصل يختلف أحدهما عن الآخر في مضمونه . الأول هو المشاركة في المشاعر أو العواطف و نسميه حواراً . أما الثاني فهو المشاركة في الأفكار و القِيَم و التخطيط و التقرير ، و كلها أمور يطغى عليها الطابع العقلاني . و أود أن أسمي ذلك جدالاً . قد لا يوافقني بعضهم في هذا التمييز ، و هو قد ينطوي في الواقع على شيء من المزاجية . و لكن ما يهمني حقاً هو أن أوضح ما أنا في صدده و هو في نظري بالغ الأهمية .
ما أود أن أقول هو أنه من الضروري أن تحدث بين شريكين في الحب عميلة " غسل قلوب " ( الحوار ) قبل أن يتمكنا من الدخول في التفكير معاً ( الجدال ) حول مخططات و قرارات و قِيَم فالفرضية التي تكمن وراء هذا التمييز ، و إعطاء الأولية للحوار هما أن المشاكل التي تخرب علاقة الحب إنما هي دائماً عاطفية . يمكن علاقة الحب أن تستمر و تنمو بين شخصين و أن يكون بينهما تباين في وجهات النظر حول أمور متعددة . فالتباين في القناعات العقلانية لا يشكل عائقاً في وجه علاقة الحب إلا إذا بدأ أحد الطرفين يشعر بأنه مهدد عاطفياً .

Hobbit
26/11/2009, 12:41
17 تشرين الثاني

////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
إنه لمن الضروري جداً أن نفهم أنه لا شيء في كل ما قيل يدفعني إلى الحكم على الآخرين أو يعذرني إذا ما فعلت ذلك . يمكنني أن أقول لك مَن أنا ، أن أعبر عن عواطفي بصدق و صراحة ، و هذه أفضل خدمة أستطيع تأديتها لك و لنفسي ، حتى و لو كانت أفكاري و عواطفي لا تروق لك . و سوف أسلك هذا السبيل بلا انقطاع ما دام ذلك رهن إرادتي .
و خلاف ذلك هو بمثابة تنصيبي لنفسي كحاكم على أوهامك ، إنه قيام بدور الإله . و إنه ليس من واجبي أن أكون كفيل صدقك و نزاهتك ، فهذا شأنك أنت . جلّ أملي أن يعطيك صدقي معك و مع نفسي دفعاً جديداً يساعدك على سلوك الطريق عينه . و إذا كان بإمكاني أن أجابه خطإي ، و أن أقر لك بغروري و خوفي ، و أن أبوح لك بأسراري المخجلة ، فلربما تمكنت من أن تقبل تلك الأمور في نفسك و تبوح بها لي إذا شئت ذلك .
إنه لطريق ثنائي الاتجاه . إذا كنت صادقاً معي تشاركني في انتصاراتك و مآسيك ، في مرارة آلامك و نشوة ابتهاجك ، تساعدني على مجابهة تلك الأمور في نفسي و النمو بثبات نحو وحدتي مع ذاتي . إنني في حاجة إلى صدقك و انفتاحك ، كما أنك أنت في حاجة إلى صدقي و انفتاحي .
فهل لك أن تساعدني ؟ أنا أعدك بأني سأحاول مساعدتك ، سأحاول أن أقول لك حقاً مَن أنا .

Hobbit
26/11/2009, 12:42
18 تشرين الثاني

نحن في غالبيتنا ننشأ في جو يميل إلى الإلقاء باللائمة على الآخرين من جراء ما يحدث من سلبيات في حياتنا . فأروح أشكو مثلاً من أن " الآخر يُغضبني " .
و أحاول أن أجد أسباباً لبعض ردات فعلي في مواقف الآخرين أو سلوكهم ، فكأن مسؤولية سلوكي تقع على عاتقهم ، و أن لا حول لي و لا قوة في ما يصدر عليّ من ردات فعل . يبدو من الصعب عليّ أن أنظر إلى الوراء و أعترف بأن مسؤولية ما صدر عني من كلام أو تصرف تقع على عاتقي أنا و ما هي من مسؤولية الآخرين . فإذا ماتمكنت من عبور الخط الذي يفصل بين الذين يلقون اللائمة على الآخرين في كل شيء ، و الذين قرروا أن يتحملوا مسؤولية أقوالهم و أفعالهم . آنذاك أكون قد أصبحت من مصاف الناضجين . فمواجهة الواقع على حقيقته بصدق و شجاعة يبقى السبيل الوحيد إلى النمو الشخصي و النضج الإنساني .

Hobbit
26/11/2009, 12:49
19 تشرين الثاني

لقد أسر إلي صديق لي ، طبيب ، بحاجة في نفسه قال : " كم أود أن أقف يوماً على شرفة تطل على العالم بأسره لأول للبشرية جمعاء حقيقة ما أنا عليه ، بل كل تلك الحقيقة من دون زيادة أو نقصان ، و أسأل العالم هل هنالك مَن يقبل حقاً ما أنا عليه " .
فأجبته أن في كل منا حاجة إلى أن نلقي بالأقنعة جانباً و نظهر للآخر تماماً كما نحن . كلنا يود لو كان بإمكانه أن يعيش حقيقة ذاته . فعدم الصدق مُتعب ، و عندما تبدأ في التلاعب يصبح من الصعب علينا أن نعود إلى الشفافية التي نتوق إليها . و لكن كم هو جميل أن يتمكن المرء من أن يكون ذاته و أن يتقبله الآخرون كما هو ، فيختبر الشعور بالحرية و الاطمئنان و نشوة الحقيقة في آن .
إن مثل هذا الواقع من شأنه أن يدفع بي إلى قبول تحديات جديدة تجعلني أخطو خارج المناطق التي ألفت العيش فيها . إن ثمن الصدق يبدو باهظاً و صعب المنال جداً إلى أن أبدأ في التمرس عليه . فعندما أواجه ضعفي و أتعرف عن كثب إلى الجراح التي في نفسي و لا أخاف الإفصاح عن هذا و تلك ، آنذاك أختبر جرعة من الحياة جديدة ، فالحقيقة و الحرية توأمان ، و فيهما يتجلى ما هو فريد في ذواتنا .

Hobbit
26/11/2009, 12:55
20 تشرين الثاني

اللقاء ضرورة حتمية للنمو الشخصي ، فهو يتعدى هم الأشخاص و المشاكل و حلولها ، إلى شراكة ، بل إلى اتحاد . أنا أفتح نفسي و عالمي لك كي تدخل إليّ ، و أنت تفتح لي شخصك و عالمك لأدخل أنا أيضاً إليك . لقد اختبرتني في العمق ، كشخص ، و هكذا اختبارك ، و ذلك لأنك قلت لي مَن أنت و قلت لك مَن أنا . فمثل هذه العلاقة هي الطريق الأوحد إلى اللقاء الحميم .
هذا النوع من التواصل هو السبيل الأوحد إلى عمق عين العلاقة الإنسانية . فالشراكة العميقة و الحقيقية مع صديق لي ضرورية لنمو كل منّا . و نحن في علاقتنا غالباً ما ننشغل في الأمور العادية لحل المشاكل اليومية و التخطيط للمستقبل . . . بيد أن الأهم في علاقتنا هي تلك الشراكة العميقة في ما بيننا ، إنفتاح أحدنا على الآخر بصدق و شفافية .

Hobbit
26/11/2009, 13:00
21 تشرين الثاني

نحن غالباً ما نعيش في خشية من أن نكون ذواتنا و نغرق في كثير من الألم الذي نشعر به عندما نقدم على ذلك . أنا قد أعيش في طريقي إلى طبيب الأسنان آلاماً أعمق من تلك التي أختبرها و أنا في الكرسي أمامه ! " إن همّ المشكلة غالباً ما يكون أكبر منها " .
أن أواجه ما فيّ من ضعف و ما في نفسي من جراح ، و أن أقف بصدق أمام المخاوف التي تنتابني و ما تمرست عليه من سلوك يفتقر إلى النضج ، فذلك يُكسبني شعوراً عميقاً بنشوة من الحياة الجديدة و الفريدة في آن . فإذا ما أدخلتك إلى " قدس أقداس نفسي " و بادلتني الصدق في التواصل ، تعرفت أنت إليّ و اختبرتك أنا على حقيقتك ، فتسود الشفافية في ما بيننا و ينتصر فينا النهج الذي ينمي .
آنذاك يتبدد الخوف الذي فيك منّي فلا تشعر بعد الآن أن فيك حاجة إلىأن تصورني على غير ما أنا عليه . ستعرف أنني من مصاف الذيم يخطئون و أنه لا حاجة بي إلى أن أخفي عنك ما في نفسي من ضعف .
إن بعضاً منّي يؤمن و بعضي الآخر يعيش في شكّ .
أعيش في الحب حيناً و في الأنانية أحياناً ،
أثق بنفسي و لكن ينتابني أيضاً شعور بالاضطراب .
أفخر بما أنا عليه و لكنني أعي أن التواضع يبقى ضرورة في حياتي .

Hobbit
26/11/2009, 13:06
22 تشرين الثاني

////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
إن الصداقة و الثقة المتبادلة تغذّي الصراحة المتبادلة و تحمل كل يوم شيئاً جديداً ، لأن الإنسان , في طبعه , يتجدد كل يوم و ينمو . صديقي و أنا نكبر ، فتتضح الفروقات بيننا ، لأننا لا نكبر لنصبح شخصاً واحداً ، بل كل منّا يكبر ليصبح شخصاً واحداً ، بل كل منّا يكبر ليصبح ذاته الخاصة . أكتشف أن صديقي يتذوق أموراً مختلفة ، و له عواطف و تطلعات وردات فعل و خبرات ، تختلف كلها عمّا فيَّ . أكتشف أني لا أستطيع أن أقول له مَن أنا مرة واحدة و انتهي . فانفتاح أحدنا على الآخر بصدق عملٌ متواصل ، لأن كلاًّ منا يتغير من دون توقُّف .

Hobbit
26/11/2009, 13:15
23 تشرين الثاني

////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
قد تكون الأشياء التي شدَّتني إليك في بادئ الأمر هي نفسها تعمل اليوم على تعكير التواصل بيننا . في البداية بدت نزعتكَ العاطفية و كأنها تخلق اتزاناً في توجهاتي العقلانية ، و سلوكك المرح المنفتح كان يعوض عن سلوكي المنكمش ، و واقعيتك كانت تروض نفحة الفن فيَّ . و هكذا بدت صداقتنا مثالية ، فكأننا التقينا نصفَيْن كان يبحث أحدهما عن الآخر ليكتمل .
و لكني الآن ، عندما أريدك أن تشاركني في تطلعاتي الفكرية ، يُزعجني كونك لا تعير حججي الموضوعية أهميتها . و عندما أُظهر لك قلة المنطق في عواطفك ، لا تعير كلامي أية أهمية . في البداية كان أحدنا يكمل الآخر جيداً . أما الآن ، فرغبتك في التوجه نحو الآخرين ، و الازدياد في توجهاتي الداخلية التي تبحث عن شيء من الخلوة ، تبدو و كأنها تباعد في ما بيننا .
سنحافظ على صداقتنا بالطبع ، ففي متناول يدنا ما هو غاية في الجمال ، و هو يحمل في طياته مكافأة من أبهى ما يصبو إليه الإنسان . علينا ألا نغير الآن . فأحدنا ما زال يستطيع مشاركة الآخر في كل الأمور التي التقينا حولها ، عندما قلت لك مَن أنا و قلت لي مَن أنت ، مع فارق واحد و هو أن مشاركتنا الآن أعمق لأن كلاً منا قد اكتسب عمقاً جديداً في ذاته . و إذا تابعت الاستماع إليك بالدهشة و الفرح عينهما ، كما في البداية ، و كذلك أنت ، فصداقتنا ستزيد رسوخاً و جذورها ستتعمق كل يوم . فالخيوط المعدنية لشراكتنا الأولى ستتحول إلى سبائك ذهبية ، فنصبح على يقين من أنه ما من حاجة إلى أن يُخفي أحدنا شيئاً عن الآخر ، لأننا قد تشاركنا في كل شيئ ....

Hobbit
26/11/2009, 13:17
24 تشرين الثاني

" تخطي الذات " ، و هذا يعني أن أخرج من الأطر التي حسبت نفسي فيها لزمن طويل ، أن أحلم أحلاماً جديدة كانت تبدو في الماضي غير ممكنة ، و أن أطمح إلى ما كان خارج نطاق طموحي . و أن أحاول تحقيق ما لم أجرؤ يوماً على التفكير في القيام به ، و ألا يَثنيني بعد اليوم عن المجاذفة خوفي من الفشل . و هذا يعني أيضاً أن أستكشف أماكن كانت من قبل خارج نطاق تفكيري و عملي . و هذا يصح بنوع خاص في بداية الطريق ، ذلك أن تخطي الذات يتطلب مني أن أفكر بطموح و أعمل بشجاعة .
عندما أحاول أن أتخطى ذاتي و أخرج من المألوف في حياتي ، لا بد و أن يبدأ الطفل فيّ محاولات إقناعي بالتراجع ، فيروح يصور لي كل الأمور السيئة التي يمكن أن تُتيح عن هذه المجاذفة ، و كأن العالم كله سيتساقط على رأسي . و لكن إذا ما تخيلت بما يكفي من الطموح و الشجاعة ، سيتراجع الطفل فيّ و العالم لن يتساقط على رأسي . و سيشع نطاق تفكيري و أشعر بالكثير من الارتياح من جراء الجديد الذي تمكنت من تحقيقه . و هنالك قدرات جديدة ستظهر ما كنت أحلم بوجودها فيَّ . هل تذكر يوماً تمكنت فيه من القيام بعمل جديد لوحدك للمرة الأولى ؟ و كيف أن نفحة من الثقة بالنفس أفعمت نفسك ؟ هذا ما يحدث عندما نجرؤ على تخطي النفس و تحقيق نجاح جديد .

Hobbit
26/11/2009, 13:20
25 تشرين الثاني

قد تقول في نفسك : " ماذا عن تلك الأيام التي تبدو و كأن لا شيء فيها يسير كما يرام ؟ . كلنا يمر بفترات نشعر فيها بما يشبه الاتقطاع في عملية التواصل . و لكن هذا لا يعني أن الحال ستستمر هكذا إلى ما لا نهاية . و ليس هذا ما علمتنا إياه الخبرة في الحياة .
هذه الفترات ليست سوى أزمات عابرة قد تسبب فيها تراكم في المتاعب تجعل الإنسان ينشغل في ذاته إلى حد يصعب فيه الانفتاح و تتعثر لديه عملية التواصل .
و عندما نكون في أزمة ، قد يصعب علينا التواصل بفعالية . فلا نحن نتكلم كما اعتدنا أن نتكلم و لا نحن نعرف كيف نصغي ، فنشعر بشيء من المرارة و قد انتابنا الإحباط . نروح نشتكي من أننا دائماً في تراجع و أنه لا نفع من أية محاولة ...
لقد أعدت الكرة مراراً من دون جدوى ، فسئمتُ الحياة و أنا على وشك الاستقالة من كل شيء .
يجب أن أعي أن لموقفي من الأزمات تأثيره العميق في ما تؤول تلك الأزمات إليه . فإذا ما قررت أنه يجب ألا تحدث أزمات في عملية التواصل ، انتقلت من مفاجأة مؤلمة إلى مفاجأة أشد إيلاماً . و إذا ما بنيت لي عالماً رومنطقياً يفتقر إلى الواقعية ، لا بد و أن أجد نفسي أمام صدمات مع الواقع متتالية تدفع بي نحو شيء من العبثية ، فكأن كل أزمة إنما هي نهاية كل شيء .

Hobbit
26/11/2009, 13:43
26 تشرين الثاني

////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
لقد علمتني خبرتي أهمية تلك الفسحات من الوقت التي ترتدي طابعاً حاصاً ، و حدث ذلك في السنوات الأخيرة من حياة والدتي ، إذ كنت أزورها مرة في الأسبوع و كانت طريحة الفراش . كنت أجلس إلى جانب سريرها ، و نحن في البيت لوحدنا و ما من مجال للتنقل أو من أمر يحول انتباه أحدنا عن الآخر . كنت أبدأ عادة بالكلام عن أمور تجول في نفسي كصعوبات أختبرها في طبعي ، كانتقالي السريع مثلاً من حالة نفسية إلى حالة أخرى ، أو شعوري بالخوف من الموت ، إلى ما هنالك ، و كانت والدتي تُحسن الإصغاء ... و كلنا يعرف أن في االنفتاح الصادق بعض عدوى ، فتأخذ والدتي تحدثني عما يجول في نفسها و عما تشعر به ، و كيف أنها ما كانت تخشى الموت ، بل تُرعبها فكرة الألم .
إن المخاطرة في الانفتاح أكثر حكمة من أن نتخفى وراء الأقنعة و الحواجز ،
و نعيش آلاماً تتردد أصداؤها في سلوكنا لأننا نأبى أن نُفصح عنها في كلامنا . و إذا أردنا أن نحبّ الآخرين حقاً ، علينا أن نتذكر أن المشاكل التي نكتبها ، أو نحاول أن تُسكت فينا ، إنما تشكل عوائق كبرى لمثل هذا الحب . إنها كآلام الأسنان فينا ، تُبقينا منغلقين على ذواتنا ، و تحول دون تحررنا لنعيش ذواتنا فنتمكن من الانطلاق نحو الآخرين .

Hobbit
27/11/2009, 22:27
27 تشرين الثاني


////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
إن لمسة خفيفة تعبر أحياناً عن عاطفة دفينة تعجز كلمات كثيرة عن الإعراب عنها . و كلنا يعرف أهمية حمل الطفل و شعوره بدفء جسد أبيه و أمه - و من الأطفال من يمرض و يموت إذا ما حُرم تماماً بعد ولادته من الشعور بهذا الدفء . و هذا الحرمان قد يتسبب أيضاً بالكثير من الحساسيات و بعض المشاكل عند الطفل في النطق و التعلم .
و اللمس يبقى من أولى سبل التواصل و أقواها ، عند الطفل كما عند الإنسان البالغ .
من الأمور المسلم بها في علم النفس الحديث أنه بين " اللمس " و الإحساس بالاطمئنان و الثقة علاقة وثيقة .
عندما تضم الأم طفلها إلى صدرها أو عندما يحتضنه والده ، ما من شك أنه يحس بأنه مقبول و يشعر بأنه في هذه الدنيا في أمان .
هناك من يسبب لهم اللمس شيئاً من الارتباك . فهم ينظرون إليه و كأنه استباحة لمداهم الخاص . فمن المرجح أنهم ما تعودوا في العائلة ، حيث نشأوا ، أن يعبروا بهذه الطريقة .
و يرتبط هذا النوع من التعبير في أذهان بعضهم بأبعاد جنسية . ذلك أنه مجتمعنا أصبح مهووساً بالجنس ، و من المهم أن يحصل تمييز في هذا الأمر و ألا يلحق بتعبير من هذا النوع شيء من الشك و التسلية .

Hobbit
28/11/2009, 22:02
28 تشرين الثاني

ما سوف أعرضه ليس قسماً من الحوار ، بل يحتوي على حكم و قرار ، و فيه شيء من السحر ينتشل الحوار من الانهيار و يحييه .
إنه طلب بسيط : " هل لك أن تسامحني ؟ " .
إن تخريب الحوار والحب غالباً ما يبدأ في ما أسميه " جرحاً في النفس " ، أتكلم معك بشيء من التعالي مثلاً أو أقول لك كلاماً جارحاً . و قد لا أقدر وقع نهجي أو كلامي عليك ، و كم تسببت لك بشعور بالانسحاق . و قد لا تعبر لي عن ألمك و لكنك تُظهر لي شيئاً من العدائية . و الخطر يكمن هنا في أن ننزلق في لعبة تعادل ، فتتطاير الشرارات ذهاباً و إياباً . و عندما نبدأ بذلك تنقطع خطوط الاتصال بيننا فتنجرح العلاقة و تكبر الحاجة فينا إلى الشفاء . لقد أصابت الجراح منا عميق الذات .
ما أود أن أقوله هو أن غالبية تلك العلاقات الضعيفة المنهوكة قد تنعش بشكل عجائبي من خلال إطلاق طلب صادق : " هل لك أن تسامحني ؟ " . عندما أطرح السؤال أنا لا أحمل نفسي كل المسؤولية و لا أقرر مَن هو مخطئ أو مَن هو على حق . أنا أطلب منك فقط أن تقبلني مجدداً في كنف حبك الذي عنه رحلت . إن اعترافي بأن فيَّ حاجة إلى الغفرن هو السبيل الأنجع إلى تضميد جراح الروح .

Hobbit
30/11/2009, 19:47
29 تشرين الثاني

الإقرار بالذنب و الاعتذار سرعان ما يُزيلان الكثير من الحواجز التي تعيق عملية التواصل . الاعتذار الصادق يُسقط حالاً كل وسائل الدفاع التي لو استمرت لقضت على الحوار بشكل قاطع . في الاعتذار نعترف بالضعف الذي فينا ، و هذا ما يجعل الاعتذار صعباً ، إذ إن كلا منا يخشى ، في قرارة نفسه ، الإقرار بخطإه .
و هذا الخوف يختلف باختلاف الأشخاص . فمنّا مَن يُقلقه فقدان احترام الآخرين له . و هنالك مَن يخشى سوء استعمال الاعتذار : " أنا لا أريدك أن تذكّرني بخطإي عندما يحلو لك ذلك ، و أن تعاقبني بسبب من صراحتي في التعامل معك " . إن الصعوبة التي نجدها في الاعتذار ترتبط في المشاعر الدونية فينا .
يقول ألفريد أدلر Alfred Adler إننا نصرف القسط الأكبر من طاقاتنا لنبرهن أننا أشخاص محترمون .

Hobbit
30/11/2009, 19:48
30 تشرين الثاني

في اعتقادي أن الخوف من فقدان الاحترام هو السبب الأساس الذي يَثنيني عن الإقرار بأنني خطئت و أنني آسف على ذلك . عندما أحاول أن أتذكر آخر مرة اعتذرت فيها ، قد أضطر أن أعود إلى فترة معينة . و أنا غالباً ما أحس ، في قرارة نفسي ، بشيء من الغبن ، لأنك و قد أسأت إليّ مرات عديدة و كان لي عليك فيها حق الاعتذار ، لم تقر لي مرة بخطإك نحوي . فلماذا إذاً تنتظر أنت مني اعتذاراًَ كل مرة أخطئ فيها إليك ؟ إنها القصة القديمة الجديدة : هل أكون في حياتي " فاعلاً أم " راد فعل " ؟ أتُراني أدع سلوك الآخر يُملي سلوكي عليّ؟ أم أكون أنا مبادراً و حراً في سلوكي ؟ إن جزءاً من صعوبة الاعتذار تتصل بصعوبة الصدق مع ذواتنا . فقبل أن أتمكن من الإقرار بذنبي و الاعتذار ، عليّ لأن أتعرف بصدق إلى أخطائي و حدود قدراتي . و من دون جهد متواصل للحفاظ على صدقي مع ذاتي ، أبقى عرضة لأن أغش نفسي و أخفي عنك الحقيقة .

Hobbit
01/12/2009, 19:32
1 كانون الأول

مهما تغنى الشعراء بالحب أو قال الساخرون ، فهو يبقى الجواب الأساسي عن معضلة الوجود البشري . و فيه نجد السبيل الأهم إلى سعادة الإنسان و اكتمال حياته . أن أحيا فذلك يعني أن أحب . و لكن لدى " الساخرين " إحصاءات لا يمكن لأحد أن يتجاهلها . أنا لا أتكلم عن الدعاوى المتراكمة في محاكم الزواج ، بل عن التفكك في العائلة ، عن الخلافات بين الأخ و أخيه و بين الأهل و أولادهم ، إلخ . . . فإذا كان الحب حقاً هو الجواب ، يبدو واضحاً أن الجهود التي يبذلها الناسس في سبيل إقامة علاقات حب غير كافية . . الحب يثمر على قدر ما نعمل في سبيل إنجاحه . و لكن لماذا يفشل الحب في العديد من الأحوال ؟ و ما هو الجهد الذي يتطلبه إنجاح الحب و لِمَ التردد أحياناً في بذل ذلك الجهد ؟
الحب يعني أموراً كثيرة و يحقق الكثير . أما نموه فيكون في الأساس من خلال المشاركة . فبقدر ما يلتزم شخص بآخر في علاقة حب ، يشارك كل منهما في حياة الآخر . و المشاركة هي تواصل قبل كل شيء و تعني لقاء بين شخصين . فإذا ما أشركتك في سر لي أكون قد جعلت من هذا الشر مجالاً للشراكة بيننا . و بقدر ما أُشركك في ذاتي و تُشركني في ذاتك ، يصبح لكل منا بعض من ذاته في الآخر . و بقدر ما نتباعد و يأبى أحدنا مشاطرة الآخر بشفافية ، يتضاءل الحب بيننا .

Hobbit
02/12/2009, 19:14
2 كانون الأول


وحيدان يحمي أحدهما الآخر فتتلامس حياتهما لتحمي كل منهما الأخرى و تنميها . إنه الواقع الوحيد الذي يستحق أن يُطلق عليه اسم الحب . فتسقط شيئاً فشيئاً تلك الصورة التي بُني عليها الحب في أول الأمر ، ليكتشف كل من الحبيبين حقيقة الآخر التي تفوق تلك الصورة جمالاً . فكل منهما على استعداد لأن يقبل الآخر و يحترمه في " غيريته " ، و أن يقدر نظرة الآخر إلى الحياة و يتعاون و إياه على تحقيق تلك " الذات " الخاصة الفريدة التي خُلق ليحققها .
و يحسب كل منهما نفسه سعيداً ، بل محظوظاً ، إن تسنى له أن يعاون الآخر في العبور إلى ذاته الحقيقية و هكذا صوَّر ريكل Rikle في شاعريته طبيعة علاقة الحب الحقيقية :
الحب . . . تلك الصرخة التي تتوق إلى حمل الآخر على بلوغ ملء قامته ، على أن يصبح مهماً في ذاته ، على أن يكون عالمه فيصبح في ذاته عالماً يتفانى في سبيل آخر . إنها لدعوة عظيمة ، بل رائعة تلك التي تخاطب الشخص لتنتدبه إلى مثل تلك العظائم . وحيدان يحيي أحدهما الآخر فتتلامس حياتهما لتحمي كل منهما الأخرى و تنميها .

Hobbit
03/12/2009, 18:47
3 كانون الأول


إن الذين يعملون على مساعد الآخرين هم غالباً ما يخفون عن أنفسهم و عن الآخرين ما في نفوسهم من حاجة إلى مَن يساعدهم أحياناً .
يظهرون بمظهر الشخصية " المتزنة المتكاملة " مخافة أن يمد إليهم أحد يد المساعدة ، فتنكشف حقيقتهم . كم أود أن أكتب يوماً كتاباً بعنوان " اعترافات منقذ سابق " .
إن كل مَن لعب هذا الدور يعرف حق المعرفة كم فيه من مشقة ، فلا أحد يملك الأجوبة عن كل الأسئلة و لا بإمكان أحد استنباط الحلول لجميع المشاكل . و لكن التخلي عن هذا الدور يصبح أشبه بانسلاخ المرء عن هويته . و كل من هؤلاء الذين تعودوا أن " يستريحوا في اتكاليتهم " يُصرون على أن يستمر " المنقذ " في القيام بدوره دوره و كأنهم يشعرون " بأن الله إلى جانبهم " يحمل إليهم الحل لكل مشكلة و الجواب عن كل سؤال .
عندما يحبسني الناس أو أحبس نفسي في مثل هذا الدور أجدني غير قادر على الاعتراف بحدود قدراتي و مواجهة ضعفي لأن في ذلك تهديد " للهوية " التي خلعت على نفسي " و الدور " الذي قررت أن أقوم به و أن " أحافظ عليه بأي ثمن " .
و المأساة في ذلك كله أنه ما من أحد أمكنه التعرف إلى حقيقة ذاتي و لا أنا عرفت نفسي على حقيقتها .
ما كان بإمكاني أن أدخل في علاقة حقيقة مع أحد لأن مثل تلك العلاقة تفرض المساواة ، و لا يمكن " للمنقذ " أن يسمح بذلك ، لأن المساواة في مثل هذه الحال تفسد كل شيء .

Hobbit
04/12/2009, 18:07
4 كانون الأول

إنني أختبر باستمرار حقيقتك التي تتجدد دائماً أبداً و تنمو باضطراد ، و أنت تختبر حقيقتي أنا . و نحن ، أحدنا من خلال الآخر ، نختبر معاً حقيقة الله الذي قال يوماً :
" ليس حسناً أن يكون الإنسان وحيداً " .
" فالتفاتة منكَ و لو خفيفة
تنفذ إلى عمق ذاتي فأنفتح ،
حتى و لو كنت قد أغلقت نفسي
كَيَدٍ مشدودة الأصابع
فإنك أنت تفتحني ورقةً ورقةً كما الربيع
يلفح بسره الوردة الأولى فتتفتح " .
الشخص " الكامل الإنسانية " على اتصال عميق و ذي معنى مع العالم خارج ذاته .
هو لا يصغي فقط إلى نفسه ، بل ينصت أيضاً إلى أصوات العالم من حوله . و خبرته الشخصية تزيد إشعاعاً مع اتساع إلى ما لا نهاية ، من خلال شعوره المرهف بحقيقة الآخرين . هو يولد مرَّة أخرى مع مطلع كل ربيع ، و يُحس بعمق أسرار الحياة الكبرى : الولادة ، النمو ، الحب ، الألم و الموت . قلبه يرقص مع الشباب المحب و هو يعرف أيضاً بعضاً من النشوة التي تجتاحهم . و يعرف أيضاً فلسفة العزلة و اليأس ، و وحشة الألم الذي لا ينتهي ، و الأجراس لا تقرع إلا و تقرع له بشكل عجيب .

Hobbit
05/12/2009, 18:07
5 كانون الأول

إن خيبة أمل كبرى تنتابنا عندما نوهم أنفسنا أنه بقدر ما نُحدث تغيراً إيجابياً في ذواتنا نحصل على قدر مماثل من محبة الله لنا . عندما أفكر هكذا أجد نفسي في مسيرة مستمرة نحو الله و لكن من دون أن أستريح في كنفه .
عندما كنت في الإكليريكية ، كنت أعد الله كل صباح بأن يكون يومي متميزاً ، بل كاملاً ، و كنت مقتنعاً بذلك . و لكنني في كل مساء كنت أجد نفسي معتذراً عما صدر عني من ضعف في النهار . كنت بشيء من السذاجة أقول لله :
" إذا أمكنني أن أتغير ، بل أن أكون كاملاً فسوف تحبني أكثر " .
و بالطبع لم أتمكن يوماً من تحقيق ذلك الحلم لأنني كنت أظن أن الله لا يحب سوى الكاملين من بين الناس ، و إنه يتعامل بحذر مع أمثالنا ممن لم يحققوا سوى بعض من إنسانيتهم .
فمثل هذا الموقف إنما هو من وحي الشرير .
لذا أخالني أسمع الله يقول لي :
" إنك مُخطِئي في تفكيرك ، بل قلبت الأمر رأساً على عقب ، ليس لك أن تتغير كي أحبك ، بل عليك أن تعي كم أنني أحبك كي يصبح بإمكانك أن تبدل في سلوكك و نمط حياتك . إن وعيك لحقيقة حبي لك يُكسبك زخماً جديداً في حياتك . و لكنك إذا ما رحت تحاول أن تغير ذاتك لكي تكسب حبي لك فستُرهق نفسك من دون جدوى ، و ربما أُصبت بالإحباط من جراء فشلك المتكرر . عليك أن تعي حقيقة هامة و هي أنني وهبتك حبي بكليته كهدية لك مجانية ، فلست في حاجة إلى أن تكسب ذلك الحب ، بل أن تتقبله و تتعهده بكل أمانة . آنذاك ستتمكن من إحداث تغيير في سلوكك و نهج حياتك " .

Hobbit
06/12/2009, 21:19
6 كانون الأول

يشير القديس بولس إلى يسوع على أنه : " صورة الله الذي لا يرى " . ( لو 1 / 15 ) . و كان يسوع في نظر معاصريه معلماً , و كان من شأنه ، بحسب التقليد ، أن يصرف معظم وقته في الاهتمام بأمور الشريعة . و لكن المسيح ما انفك يتكلم عن الحب ، فكان ذلك مصدر إزعاج لمعاصريه . و كانوا يحاولون حمله على أن يصبح مفسراً للشريعة ، و راحوا يعرضون عليه قضايا قانونية ليحكم فيها : " أيها المعلم الصالح ، لقد سقط ثور في حفرة يوم السبت ، و نريد أن نعرف هل يحق لنا أن ننتشله . . . أيها المعلم الصالح ، هل دَفْع الجزية لرومة واجب علينا أم لا ؟ . . .
أيها المعلم الصالح ، لقد أُخذت هذه المرأة في زنى ، و في الشريعة ، من الواجب أن تُرجَم حتى الموت . . . فما هو رأيك ؟ ...أيها المعلم الصالح ، ماذا تقول بكذا و كذا ؟ . ..
و ما انفك يسوع يردد على مسامعهم أن مثل هذا الاهتمام بحرف الشريعة يقتل فيها روح الحب . كان يقول لهم : " لا تضطربوا " ، بل كونوا على يقين من أني ما جئت لأحل الناموس ، بل لأكمله ، و لأُخضع الشريعة كلها ، بل لأرفعها كلها فتُختصر في وصية واحدة كبرى : الحب ! بإمكانك أن تُخضع نفسك للشريعة بكل دقائقها ، و لكن من دون حب . أما العكس فليس صحيحاً .
إذا كنت حقاً تحب فستحفظ الشريعة : " لن تسرق و لن تكذب و لن تقتل ، إن كنت في الحقيقة تحب " .
تلك كانت باختصار أجوبة يسوع ، إذا لم تكن تلك جميع كلماته .

Hobbit
07/12/2009, 20:35
7 كانون الأول

كان يسوع يقول لكل من أتباعه ما معناه : " لا تتعامل مع الله بحسب حرفية الشريعة . فتلك طريقة تتعامل فيها مع شخص تخافه . إن خوفك من السلطة خوف من عقابها . لذا أنت تقوم بكل ما تطلبه منك كي تحفظ نفسك . و يمكنك القول آنذاك : " لقد أتممت كل ما طُلب مني . لذا لا يمكنكم أن تُنزلوا بي أي عقاب ! " .
ليس هذا ، في الحقيقة ، بجواب حب ، لا الله و لا للقريب . إنه جواب شخص ضعيف خائف ، أعجز من أن يتحمل أي قلق شخصي . فالله ما دعاك يوماً لتخضع له بخوف ، بل لتحبه بكل قلبك ، و كل نفسك ، و كل قوتك و كل ذهنك ، و لتحب قريبك حبك لنفسك !" .
و لكنهم لم يفهموا . و فوق ذلك كله دار بينهم حديث على انفراد ، حول عطفه على الخطأة . و كيف أنه اختلط بالجباة و البغايا ، و أكل و شرب مع العديد ممَّن نبذهم المجتمع .
لقد نظر إلى نفسه " كراع صالح يحب خرافه الضالة و يبحث عنها " .
إنه " الطبيب الإلهي " ، و لم يأتِ ليُعنى بالأصحاء و الأغنياء ، بل بالفقير و المريض و المعوز . و لقد أحدث يوماً ما يشبه الفضيحة ، في بيت سمعان الفريسي ، حين سمح لامرأة فاسقة أن تسكب دموعها على قدميه و تمسحهما بشعر رأسها . و الأفظع من ذلك أنه مدحها من أجل حبها . و قال أيذاً إنه حيثما تعلن البشارة في العالم كله ، يُحدث أيضاً بما صنعت هذه المرأة إحياء لذكراها . هذا في الحقيقة قد تخطى المعقول !

Hobbit
08/12/2009, 21:12
8 كانون الأول

////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
الحب يعطي بشروط أو بلا شروط . و لكن الحب غير المشروط وحده يُحدث تبدلاً ثابتاً في حياة مَن نحب . يتحدث الدكتور سولفن في كتابه " مفاهيم الطب النفسي العصرية " عن
" تطوير القدرة على الحب الذي يسميه الأعجوبة الهادئة ".
و الشعور بالحب ، في نظره ، هو السبب الأساسي لتلك الأعجوبة . الحب قبل التحدي ، هو الذي يدفع بالمرء إلى التغير . و عندما تتوفر للإنسان فسحة حب بلا شروط ، تسقط آنذاك جميع الحواجز التي تحول دون خلق علاقة بينه و بين الآخرين . ذلك كمثل تلك الزوجة التي كان حب زوجها لها مشروطاً باستطاعتها أن تحفظ على بيتها نظيفاً بشكل دائم . أما هي فكانت تقول إن فيها حاجة إلى أن تشعر بأن حبه لها غير مشروط لكي تأخذ من ذلك الحب قوة تمكنها من الحفاظ دوماً على نظافة بيتها . فإذا ما اتضح لك ما تعنيه تلك السيدة و تفهمت موقفها فهمت ما نحن في صدده .
الحب غير المشروط وحده يمكن المرء من التغير و النمو .

Hobbit
14/12/2009, 13:28
9 كانون الأول

كلنا يعرف أن من الناس مَن يستمتعون في الحياة أكثر من سواهم ، و أظن أننا نعرف أيضاً أن هؤلاء ليسوا بالضرورة " أوفر حظاً " أو أكثر هبات ممَّن لا يعرفون طعم الفرح . ذلك بأن بعضنا قرر بأن ينعم بالحياة و بعضنا الآخر أن يتصارع و إياها .
التصميم على التنعم بالحياة موقف غالباً ما نكتسبه في سن الطفولة .
فكأننا أتينا الدنيا و نحن نسأل : " لِمَ الحياة ؟ " فأتتنا الإجابة من حيث لا ندري ، و كانت الاستنتاجات . . .من المستحيل طبعاً أن أُحدد بدقة مصدر تلك الإجابة ، و لكن المهم أنني حصلت عليها . و قد لا يكون ما سمعته هو ما قيل لي ، و لكن ما سمعته أقنعني و تحول إلى إجابتي الخاصة عن السؤال الأساسي الذي طرحته على نفسي ، و إذا بتلك الإجابة تصبح الأساس لموقفي من الحياة .
و سرعان ما تعلمت كيف أنظر إلى الوجود ، و إلى حياتي نفسها ، و من خلال تلك النظارات التي ارتديت فأصبحت هي نافذتي إلى الحياة ، أتوقع من خلالها أن تكون حياتي فسحة أمل أتمتع بها و أفرح ، أو سلسلة من الأيام أتألم فيها أو أحزن .
و الأمل كما الألم هما من نسيج مُخيلتي . و هذا الموقف من الحياة تكون فيّ ، على الأرجح ، أيام كنت في سن الطفولة ، و أتى نتيجة إيحاءات الآخرين إليّ و تقبلي لها . و سرعان ما أصبح جزءاً لا يتجزأ من حياتي ، يميل بي نحو القلق أو يحلمني على العيش باطمئنان أو يدعني أتأرجح بين هذا و ذاك .

Hobbit
14/12/2009, 13:32
10 كانون الأول

تحدث بين المؤمنين انقسامات عميقة حول طبيعة العلاقة بالله .
هل من تواصل حقيقي بينه و بين الإنسان ؟
منهم مَن ينكر ذلك و منهم مَن يؤكده . و من بيننا مَن يؤمن بوجود علاقة وثيقة بين الله و الإنسان ، و هنالك مَن يسلك و كأن الله شخص صامت و بعيد ، يفصل بيننا و بينه حائط مرتفع نقذف إليه من فوق ذلك الحائط أحياناً ببعض صلوات أو تقدمات آملين في أنه يُصغي و لكن أن ننتظر منه في العمق جواباً .
السؤال خطير لأن كل علاقة ترتكز على التواصل ،
سواء أكانت علاقة بين إنسان و إنسان أم علاقة بين الإنسان و ربه .
و الفارق أن التوتصل بين الإنسان و الله نسميه صلاة .

Hobbit
14/12/2009, 13:35
11 كانون الأول

ليس التواصل من الأمور السهلة . و نحن في غالبيتنا ، مع الأسف ،
نضع أقنعتنا على وجوهنا و نرتدي أبهى الحلل و نروح نمثل أدواراً ألفناها جيداً و تمرسنا على القيام بها .
و المشكلة تكمن في أن الأقنعة و الحلل و الأدوات لا تمت إلى عمق حقيقتنا الشخصية بصلة ، بل إنها نتيجة لتأقلمنا مع الواقع و هي تشكل عقبات في وجه المشاركة الحقيقية و الحوار الصادق . كل يعرف ما أقول ، أقلّه بشكل نظري .
و ما دمت " أمثل " ، فلا مجال لدخولك معي في علاقة حقيقية لأنني لم أقدم لك شخصاً حقيقياً يمكنك أن تتعامل معه . لذا نروح نعيش و كأننا على مسرح نتبادل كلمات تعّمها كل منّا عن ظهر قلبه . و الحال هي هي في علاقتنا بالله .
يمكننا أن نخلق علاقة حقيقية بالله فقط عندما نكون صادقين و شفافين .
و هذا ليس بالأمر السهل ،
أن أكون منفتحاً و صادقاً فذلك يتطلب الكثير من الوقت و المعاناة .
الصلوات على أنواع . تماماً كما أن سبل التواصل متنوعة . و لكن تبقى الصلاة دائماً وجهاً من وجوه الحوار . قد لا يكون حواراً كلامياً لأننا غالباً ما نعبر للآخرين من خلال ابتسامة أو عناق عن مشاعر يصعب التعبير عنها بالكلمات . و لكن الحركات و تعابير الوجه غالباً ما تخضع لتأويلات خاطئة ، ما لم تتبعها كلمات توضح للآخر حقيقة معانيها . و مهما كان نوع الصلاة الذي يجد المرء فيه راحة لنفسه ، فهو لن يخرج من إطار التواصل ،
و جوهر التواصل يبقى دائماً المشاركة الصادقة في الذات الحقيقية .

Hobbit
14/12/2009, 13:37
12 كانون الأول

نحن نشعر أحياناً أن بإمكاننا أن نصلي بصمت و بدون كلام . و لكن هنالك شرطاً أساسياً يتعذر علينا من دون تحقيقه أن نصلي ، ألا و هو التوق الصادق إلى الصلاة . نحن نخشى التقرب من الله لأن القرب منه يدفع بنا إلى ألف تساؤل و تساؤل . ماذا تُراه يقول لي عندما أقترب منه ؟ ماذا عساه يطلب إليّ؟ المجهول دائماً مصدر خوف . و في حال التقرب من الله يصبح الخطر أعظم لأن حياتي برمتها في الميزان فهو قد يقلبها رأساً على عقب و يعيد تنظيم قيمي كلها مرَّة أخرى .
و إنني في كل حوار أراني متساوياً مع محاوري : أفكاري توازي أفكاره . و أنا أتخذ قراراتي بمعزل عنه . أما في الحوار مع الله فالأمر غير ذلك ، إذ إنه يقول : " توقف و تذكر أنني الله " .
قال ألبير إينشتين Albert Einstein : " عندما اقترب من الله ، علي أن أخلع نعلي من رجلي لأن الأرض التي أنا سائر عليها أرض مقدسة " .

Hobbit
14/12/2009, 13:51
13 كانون الأول


من الشروط الأساسية للصلاة الاستسلام .
هذه الكلمة وحدها ترعبنا .
و لكن الواقع أن هذا الموقف من الله أمر لا بد منه في كل صلاة .
هذا ما استوقفني في حياة امرأة كتبت قصتها بنفسها و قرأتها منذ زمن ، و هي تخبر كيف أنها وُلدت و ترعرت في عائلة فقيرة إلى أن التقت شاباً قررت و إياه أن يتزوجا . و كان ميسور الحال فاتخذا لهما منزلاً في منطقة جميلة راقية . و ما إن ولدت طفلها الأول و جوّالعائلة يفيض بالبهجة ، حتى أحسَّت يوماً بأنها مريضة . و بعد أن أُخضعت للفحوصات و التحاليل أتاها الطبيب كئيباً ليحمل إليها خبراً ما كانت تنتظر سماعه البتة : " لقد توقف كبدك عن العمل تماماً " . فأجابته و في صوتها ارتجاف و صراع : " أأنت تقول لي إنني أشرف على الموت ؟ " فخفض عينيه و قال بصوت هادئ مرتجف : " لقد عملنا كل ما في وسعنا " . ثم غادر غرفتها و مضى .
شعرت أن نار الغضب تتأجج في داخلها . و هي في قمة الغضب ، أرادت أن تعبر لله عن رفضها له و للحال التي هي فيها . فوقفت و توجهت نحو الكنيسة في المستشفى و هي في وهنها تسند يدها إلى حائط الممشى الذي يفصل بين غرفتها و الكنيسة ، فقد شاءت هذه المرة أن تكون المقابلة معه وجهاً إلى وجه . وصلت إلى الكنيسة و لم يكن هناك أحد فتقدمت نحو الهيكل و هي تردد الحديث الذي تريد أن تجابه الله به : " إنك إله كاذب مزيف . أنت تقول للناس منذ ألفي سنة إنك " تحب " . و لكن ما إن يجد إنسان شيئاً من السعادة حتى تأتيه مصيبة تعيده إلى بؤسه و شقاه . لقد أردت أن أقول لك إنني عرفتك الآن على حقيقتك و أن كل شيء بالنسبة إلي قد انتهى " .
و بينما هي تقترب من الهيكل ، إذا بها تهوى من ضعفها و تسقط . فوجدت نفسها أمام عبارة كُتبت على السجادة أمام باب الهيكل :
" أيّها الرب يسوع ، ارحمني أنا الخاطئة "
قرأت تلك العبارة و رددتها ، فجأة تبدد غضبها و تبخرت كلمات العنف التي كانت تريد أن تجابه الله بها . فوجدت نفسها تسند رأسها بيديها و تردد " أيها الرب يسوع ارحمني أنا الخاطئة " .
ثم توقفت و راحت تصغي بصمت و في عمق نفسها سمعت صوتاً يقول لها :
" إن ما حدث لك دعوة من الله لتسلمي حياتك إليه . يعمل الأطباء هنا ما في وسعهم و لكنني أنا الذي سوف يشفيك " .
و في ظلمة تلك الليلة كان موعدها مع الله فأسلمت إليه أمرها و ألقت بحياتها بين يديه .
عادت إلى غرفتها و غرقت في سبات عميق . و عندما أجريت لها الفحوصات في اليوم التالي عاد إليها الأطباء ليقولوا لها إن كبدها عاد يعمل مجدداً ! لقد قادها الله إلى حافة الهاوية ، تماماً كما فعل بأيوب في العهد القديم ، و لكنه فعل ذلك ليحملها على الاستسلام لإرادته . إنه شرط أساسي لكل صلاة .
لتكن مشيئتك !
و لكنه موقف مخيف يجعل المرء يشعر و كأنه عريان من كل ما يمكنه أن يدافع به عن نفسه . هنا تسقط العقبات و تكشف الأقنعة و يبقى صوت الله يدوّي : " توقف و تذكر أنني الله " .

Hobbit
14/12/2009, 13:54
14 كانون الأول

لكل منا فكرته الخاصة عن الله و لكن قد لا نعبر عنها كلنا بالكلمات عينها . بيد أن فهمنا لله ليس عقلانياً بالدرجة الأولى ، و نحن لا نعرف المصدر الحقيقي لمفهومنا له . و لكن لهذا المفهوم تأثيراته العميقة في حياتنا . فهو قد يدفعنا إلى الأمام أو يشدنا إلى موقف متردد أو متحجر . نحن نقرأ في سفر التكوين أن الله خلق الإنسان على صورته و مثاله ، و لكننا نحن أيضاً نخلق في أذهاننا صورة لله هي على صورتنا البشرية و مثالها . و هي تأتي نتيجة تفاعلات عناصر متعددة فينا : آراء الأهل و مدرسي الدين و اختباراتنا الشخصية و علاقاتنا بمَن هو منا في موقع السلطة . . . كل هذه تجعلنا نخلع على الله أدواراً مختلفة : فهو يوماً شخص عيل صبره ، و يوماً آخر شخص مترفع عن قضايا البشر ، و صور أخرى متعددة نُخالها فيه و هي بعيدة كل البعد عن حقيقته .
و الحقيقة أن الله محبة ،
تلك هي طبيعته و هذا ما تعلمنا إياه الكتب المقدسة . و حب الله يفوق كل فهم و كل تصور و أن أمراً واحداً تعرفه و هو أن كل ما يصدر عن الله إنما أساسه الحب .

Hobbit
15/12/2009, 17:12
15 كانون الأول

////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
إن الضعف الذي فينا يجعلنا غالباً نعيش في فزع مستمر من الله . و كذلك من الذين يعرفون الضعف الذي فينا . ما من شك في أننا ضعفاء و أننا ندفع من جراء ذلك أحيناً ثمناً باهظاً ، و قد يدفع الآخرون أيضاً بعضاً من ثمن أخطائنا . فإما أن نقر بواقعنا هذا و نتصالح معه و إما أن نرتدي الأقنعة و نمشي و نعيش في عداء مستمر مع أنفسنا . و في المصالحة هذه مواجهة للواقع و انطلاق برفقة الراعي الصالح الذي لا ينفك يبحث عن الخروف الضال حتى يجده .
كم من مرة قرأت في الإنجيل مَثَل الابن الضال ( لوقا 15 / 11 - 32 ) و كم شعرت بأنني أحياناً بددت مواهبي في صغائر الأمور التي تشير في الواقع ، طبعاً ، إلى سطحيتي و عدم النضج عندي . و لكني كنت دوماً أسلك طريق بيت أبي مرةً أخرى " علّه يقبلني كأحد أجرائه " ، و قد وجدته دوماً ينتظرني و ذراعاه مفتوحتان و قلبه يخفق فرحاً لأنني عدت إليه . لقد سلكت هذا الطريق مراراً و في كل مرة كنت أختبر عطف الله و حبه و رحمته .

Hobbit
16/12/2009, 20:17
16 كانون الأول


أخبرني مؤخراً أحد أصدقائي قصة السمكتين اللتين كانتا تسبحان في المحيط . إحداهما كبيرة و الأخرى صغيرة . أتت السمكة الصغيرة و سألت أختها : " أين هو المحيط ؟ " فأجابت السمكة الكبيرة : " أنت تسبحين فيه " . لم تفهم السمكة الصغيرة و سألت مرة أخرى : " أريد أن أعرف أين هو المحيط ؟" فأجابت السمكة الكبيرة مجدداً : " أنت الآن في المحيط " . فذهبت السمكة الصغيرة تبحث مجدداً عمن يجيب عن سؤالها .
يقارن صديقي السمكة الصغيرة بمَن يسأل : " أين هو عالم الروح ؟ " فيجيبه كما أجابت السمكة الكبيرة ، " إنك في هذا العالم " . يقول فيكتور فرنكل Victor Frankl إن علم النفس الحديث أمضى نصف قرن يبحث في أمور العقل و الجسد و أهمل كل ما يمت إلى الروح بصلة . إنه أهمل و الواقع أننا جسد و عقل و روح . فعندما يمرض الجسد نذهب به إلى الطبيب ، و عندما يمرض العقل نستشير العالِم النفسي . و لكن الأرواح أيضاً تمرض ، فهي تماماً كالجسد تجوع و تعطش و فيها حاجة إلى الغذاء و التمارين المنتظمة . و لكن تُرى ما هي علامات مرض الروح ؟ يبدأ المرء يبغض الناس و يغذي الأحقاد و لا يجد في حياته و عمله أي معنى . فيبدو و كأن ما من شيء يُفرحه . و يجد نفسه ضعيفاً عندما تكون فيه حاجة إلى القوة و يروح يتذمر و يلقي باللائمة على سواه . إنه يجد نفسه فر فراغ مما يسميه الكتاب " مواهب الروح " : الحب أو المحبة ، و السعادة . و السلام و طول الأناة و الصداقة و الرحمة و الرفق و الصدق و السيطرة على الذات .
نحن خُلقنا و في أنفسنا فراغات لا يملأها سوى الله . و إذا ما أبينا أن نلجأ إليه كي يملأها ، لا بد و أن نحاول نحن ، بما فينا من ضعف ، أن نملأها بأنفسنا فنروح نتبجح أحياناً و نتكاذب أحياناً أخرى و نُسيء الكلام عن الآخرين . . .
نتسابق إلى المركز الأول ، إلى السيطرة على الآخرين ، ونتهافت على كل ما يلذ و يطيب و لكننا نجد أنفسنا في نهاية المطاف نتخبط في فراغ مؤلم لا يملأه سوى الله .

Hobbit
17/12/2009, 20:52
17 كانون الأول

إن كلمة ساعة ترتدي عادة معنى بسيطاً يشير إلى الوقت . أما في الكتاب المقدس فإن " ساعة الله " تحمل معنى روحياً خاصاً . إنها تشير إلى نقطة تحول في حياة إنسان أو في تاريخ البشرية من خلال عمل خاص يقوم به الله . و أنا الآن في عمري المتقدم أعلم حق العلم أنه ليس بإمكاني أن أعرف مسبقاً متى تأتي " ساعة الله " كما أنه ليس باستطاعتي أن أفرض الوقت الذي فيه يتدخل الله في حياتي بطريقة خاصة . لذلك فهو يطلب إلينا أن نعيش في يقظة . فالله سيأتي إليك و إلي متى يشاء و كيفما يشاء . إننا نحاول أحياناً أن نفرض على الله سلوكاً معيناً و كأننا نريده مطواعاً كالآلة . و لكننا سرعان ما نكتشف ، و بألم عميق أحياناً ، أن الله ليس كذلك . و إن الأوقات و الأزمنة كلها رهن إرادته و أن طرقه ليست دائماً طرقنا . فما علينا نحن سوى أن نكون متيقظين مستعدين لأن نتقبل تلك اللحظات . و يبدو لي أحياناً أن الله يتدخل عندما نقترب من حدود اليأس و عدم القدرة على تحمل أعباء الحياة . و لكن قسماً من الثقة التي لنا بالله أنه سوف يأتي في اللحظة المناسبة و الطريقة الفضلى . عليك أن تسمح لي بأن أكون ما أشاء و عليّ أن أدعك تكون ما تريد أن تكون ، و على كل منا أن يقبل الله في حياته كما يشاء أن يأتي و متى يشاء .

Hobbit
18/12/2009, 16:35
18 كانون الأول

إني متثبت من أن الله يتصل بنا من خلال منافذ عدة . أفكر في الكتاب المقدس ، كيف أنه يُشكل بكامله سجلاً لمثل تلك الاختبارات الروحية ، و كيبف أن الله يدخل تاريخ البشرية بقوة ليستوقف الناس و يتكلم إليهم . أنا أؤمن أيضاً بأن الإله نفسه حاضر و يتوق أن يتكلم إليك و إلي ، تماماً كما تشوق إلى الكلام مع إبراهيم و إسحق و يعقوب و أشعيا و إرميا .
إنه تكلم إلى العديد من قبلنا ، و إيحاءاته أثمرت في العديد من الناس حياة جميلة و أعمالاً كبيرة . أنا كنت دائماً على يقين من أن الله هو الذي استوقف بولس على طريق دمشق ، و تتبع أوغسطينس دي لويولا أن يدع السيف جانباً و يتحول إلى مناضل في سبيل ملكوت الله . نعم ، بالتأكيد ، إن الله هو الذي صنع جميع تلك الآيات في أولئك البشر العظام .