-
دخول

عرض كامل الموضوع : رحلة في فصول الحياة


صفحات : 1 2 3 [4] 5 6

Hobbit
02/09/2009, 16:49
2 آب
الالتزام بالحبّ يحتّم عليّ الكثير من الإصغاء بكلّ اهتمام . إنّي أريد حقاّ أن أكون حيث فيك حاجة إليّ , و أن أساهم في إتمام ما يقودك إلى سعادة حقيقية و إلى سلام و ارتياح .
و لكي أستكشف حاجاتك , عليّ أن أنتبه , و أهتمّ و أصغي إلى ما تقول و إلى ما لا يمكنك قوله . و مع هذا كلّه , فالقرار النهائيّ في مبادرة الحبّ يبقى قراري أنا .
و هذا يعني أنّ حبّي قد يكون حبّاً قاسياً , و لن تجده دائماً رقيقاً و ناعماً . فقد طلب إليّ أن أسايرك بكأس أخرى , و قد بدأت آثارالخمرة تظهر على وجهك , و قد تدعوني إلى مشاركتك في عمل هدّام ... طبعاً , إذا كنت أحبّك حقاً , عليَّ أن أقابل مثل هذه المطالب برفض قاطع . و إذا رأيتك تتّجه نحو تدمير ذاتك , عن طريق الإدمان مثلاً ستجد حبّي عنيفاّ في المجابهة , و لكن , عند الحاجة , سيكون حبّي لطيفاً . فإذا حاولتَ مثلاً و فشلت , و وجدت نفسك , و انت في ظلمة الخيبة , و فيك حاجة إلى يد في يدك , فهنالك سوف أكون بانتظارك .
و قد أُخطئ في فهمي إيَّاك أحياناً , و في فهم حاجاتك . لقد حدث لي ذلك مع الكثيرين في الماضي . و لكنّي أريدك أن تتذكّر دائماً أنّ قراري هو أن أحبك , و أنّ التزامي التزام بسعادتك الحقيقيّة الدائمة . و لقد أخذت على نفسي أن أعمل دوماً في سبيل نموّك و اكتمالك الذاتيّ . و إذا حدث لي أن فشلت لقلّة حكمة عندي , أو لكثرة من الضعف فيَّ أرجو أن تسامحني , و تتذكّر طيب نيّتي . و كن على يقين من أنّي سأحاول أن أحسّن أمري .

Hobbit
02/09/2009, 16:50
3 آب
في كلّ منّا حاجة إلى أن يسمع رسالتين تتردّدان في أعماق نفسه و أن يسجّلهما في وجدانه :
أولاً إنّه إنسان مسؤول و إنّه ثانياً يتمتّع بتقدير الآخرين و ثقتهم . فرسالة الثقة قد تكون كالآتي : " إنّك شخص فريد و خليقة كوّنها الله على صورته و مثاله و إنسان يتحلّى بقيمة شخصيّة مميّزة " . أمّا رسالة المسؤوليّة فقد تترجم شعوراً بأنّي شخص ناضج أتحمّل مسؤولية حياتي و مشاعري و مواقفي . و ما سوف أحقّقه في الحياة هو في متناول يدي , و عندما أنظر في الصباح إلى المرآة , أعي أنّني أمام الشخص الذي يتحمّل مسؤوليّة سعادتي .
لقد قيل في هاتين الرسالتين إنّهما " الجذور و الأجنحة " . علينا أن نهب الآخرين جذوراً و أجنحة , فجذور الإنسان تكمن في الشعور بالقيمة الشخصيّة , و في الثقة بالنفس و في الإيمان بأنّه شخص فريد , هذا هو الحبّ الحقيقيّ ذلك الذي لا شروط له . أمّا الأجنحة فهي الإحساس في أعماق نفسي بأنّني أمتلك القدرة على أن أطير و أحلّق , و أغرّد حيث أشاء , و كيفما أشاء , فأضفي على الوجود دفئاً جديداً . أنا أعشق الحياة بكلّ قواي فلا أوجّه الملامة إلى أحد من جرّاء فشل اختباره , بل أواجه كلّ شيء بروح المسؤولية الكاملة إلى ما حدث أو قد يحدث في حياتي .
أن يُحسّ المرء بجذوره فذلك يعني أنّه راسخ في كيانه و يعرف ما يريد من الحياة , و أن يشعر بأنّ له أجنحة فذلك يعني أنّه على أهبة الاستعداد ليحقّق ما تدعوه الحياة إلى القيام به .

Hobbit
02/09/2009, 18:21
شكرا كتير لمجهودك .:D....اخيرا اجا الصيف :gem:

نلتقي بفيئ الكلمة نقرئها فتعرفنا و تتكلم عنا , تشبهنا , تدرك أخطائنا , ترسم درب خلاصنا , تهدينا الحكمة فننثرها بُشرى الحياة
Marioma
إن قراءة الذات كتسلق الجبال الشاهقة
لطيف أن ألقى صدى
الشكر لك
كوني بخير

Hobbit
04/09/2009, 16:36
4 آب
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
الحبّ نوعان : مشروط أو غير مشروط . إمّا أن أضع شروطاً لحبّي لك و إمّا أن لا أفعل . و بقدر ما أضع من الشروط , أحبس عنك حبّي . أن لا أقدم إليك هديّة , بل شيئاً مقابل شيء , بينما الحبّ الحقيقيّ يكون دائماً هديّة مجانية .
إنّ ما تعني هديّة حبّي لك هو أنّي أريد أن أشاطرك ما هو خيّر عندي . إنّك لم تَفُز بسباق و لا برهنت لي أنّك أهل لذلك . فالقضية ليست قضيّة ليست قضيّة استحقاق لحبّي . و أنا لا أتوهم أنّ أيّاً منّا هو أفضل إنسان في الدنيا . حتّى إنّي لاأفترض أنّنا أفضل الناس تجانساً , بل أنا على يقين من أنّه , في مكان ما من الدنيا , يوجد شخص قد يكون " أفضل" لك منّي , أو آخر " أفضل " لي منك . و لكن ليست هذه هي القضية . القضيّة هي أنّي انتقيك و وهبتك حبّي , و أنت انتقيتني و وهبتني حبّك . هذه هي التربة الوحيدة التي فيها يخصب الحبّ . " أنت و أنا نوّد أن نقتحم الحياة معاً " .
الرسالة الأساسية للحبّ غير المشروط هي رسالة تحرير الآخر: باستطاعتك أن تكون ذاتك , و أن تعبّر بكلّ ثقة عمّا تفكّر فيه و تشعر به , من دون أن تخشى الحرمان من ذلك الحبّ . إنّك لن تعاقب على صراحتك و انفتاحك . فإنّ حبّي لا يفرض عليك , لا ثمن دخول و لا بدل إيجار , و ليس هنالك من حاجة إلى دفعة في الحساب ... و قد يأتي يوم تختلف فيه آراؤنا , و نُحسّ بمشاعر مقلقة فيما بيننا . و قد يأتي يوم تفضل فيه بيننا مسافات نفسيّة أو جسديّة . و لكنّي عاهدتك الالتزام بك . هذا خطّ حياتي و لن أحيد عنه أبداً . لذا بإمكانك أن تكون حراً و تعبّر لي عن الإيجابي في ردّات فعلك و السلبيّ أيضاً , و عن الحار في عواطفك و سواه . أنا لا يمكنني أن أستبق ردّات فعلي , و لا أن أضمن قوّتي , و لكن أمراً واحداً أعرفه , و هذا ما أريدك أنت أن تعرفه : " إنّني لن أرذلك أبداً!" لقد ألزمت نفسي بنموّك و سعادتك , و وعدتك بدوام حبّي .

Hobbit
04/09/2009, 16:42
5 آب
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
في السنيين العشر الأخيرة من حياة أمّي دارت بيني و بينها أحاديث كثيرة و تبادلنا الكثير من الأسرار . فقلت لها يوماً إنّني أشعر في قرارة نفسي بخوف من الموت . فأمالت رأسها ببطء على الوسادة و نظرت إليّ بعطف كبير و تفهّم عميق و همست لي بصوتها الخافت : " منذ أن بلغ كلّ من أولادي قسطاً وافراً من الاستقلالية , ما عدت أخشى الموت . كان همّي ألا أغادركم أطفالاً . و لكن هل تعلم ممّا أخاف اليوم ؟ أنا أخاف من الألم . أراني عاجزة عن أن أواجه ميتة مؤلمة . واحدة سألت المسيح و قلت له : " عندما تأتي لتأخذني إليك أرجو أن تدخل بيتي على " رؤوس أصابع رجليلك " و أنا في نومي فتطبع على ثغري قبلة لطيفة تحملني إليك . إنّني لا أريد أن أذهب إليك متألمة " .
ماتت والدتي عن عمر يناهز الثمانية و الثمانين ... و كانت طبعاً في رقاد عميق . فأتاها السيّد و كأنّه يتسلل نحو سريرها و طبع على ثغرها قبلة لطيفة تماماً كما سألته : ذلك أنّه ما كان ليردّ لها طلباً .
و طوال و العشرين الأخيرة , و قد غرقت في غيبوبة عميقة , جلست بقربها محتضناً يداها بين كفّي و رحت أستعيد ذكريات طفولتي و أيّام الصبى , و كم كانت يداها تشفيان بلمستهما اللطيفة , و كم أخاطت لي من ثياب و كم من وجبات طعام هيأت ؟, و كم من " السندويشات " حضّرت لي كلّ صباح و كانت تلفّها بتلك الأوراق المشمّعة كي أتغذّى منها في مدرستي . و تلك اليدان أيضاً ربطتا شريط أوّل حذاء انتعلته ... و كم من مرّة غسلتا جسمي و على جبيني وضعتا الخرقات المبلّلة الباردة عندما كانت الحمَّى تنتابني . و هي هي تلك اليدان صفعتا مؤخرّتي عندما استوجب الأمر ذلك , كما أنّها لاطفت محيَّاي عندما كانت فيَّ إلى لطفها حاجة .

Hobbit
04/09/2009, 17:24
6 آب

////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////

عندما نفكّر في حبّ الآخرين لنا نتمنّى , بل نجزم . أنّنا نريده حبّاً من دون شروط . أنا لا أريدك أن تحبّني بسبب ما يمكنني أن أقدّم إليك , أو لأنّني أتجاوب مع ما تبتغيه منّي . أنا لا أودّ أن أسير على وقع خطاك أنت , بل أريدك أن تحبّني كما أنا , في كبرى و في ضعفي , في صحّتي و في المرض , في غناي و في فقري , و في الظروف السيّئة كما في الظروف الحسنة . أريدك أن تحبّني من دون شروط . فأنا لا يمكنني أن أبيعك نفسي لأشتري حبّك .
و لكن عندما نفكّر في الحبّ الذي نودّ أن نعطي , قد لا تتجلّى لنا الأمور في الوضوح نفسه . غالبيّتنا نؤثر التريّث و لو قليلاً , مخافة ألا تسير الأمور كما نشاء . أن أعد بأمانة غير مشروطة , فذلك التزام مخيف جداً . نودّ أن نبقي الباب الخلفيّ مفتوحاً ليكون هنالك مجالات للإفلات . كم هو سهل أن يكون الإنسان طليقاً كالفراشة , ينتقل من زهرة إلى زهرة ! و كم هو صعب أن يخاطر المرء في التزام غير مشروط فكأنّنا نأبى الالتصاق في مكان واحد , و نؤثر العيش كرحّالة , نتنقل من خيمة إلى خيمة .

////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////

Hobbit
04/09/2009, 17:41
7 آب

////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////

في الفيلم " الفراشات أيضاً حرّة " , تقول الحوريّة من حبيبها الأعمى : ... " إنّك لا تبصر إذا أنت مقعد !" فيجيب الشابّ , في لحظة من أعمق ما جاء في حوار ذلك الفيلم , قائلاً : " لا لست بمقعد , بل أنا لا أبصر . إنّك أنت المقعدة لأنّ لا قدرة لك على الالتزام بشخص , لا قدرة لك على الانتماء " .

إنّ الالتزام بالحبّ , أيّاً كان مستواه , يجب أن يستمّر : إنّه رهان الحياة . إذا كنتُ حقاً صديقك , فلا يمكنني أن أكون صديقك " ما دمت ..." أو " إلى أن ..." , بل أبقى في صداقتك ما بقيت الحياة و استمرّت .

لا قيمة لحبّ عندي إلا لذاك الحبّ الذي لا ينتهي . و يجب أن أعرف هل حبّك لي حقيقيّ قبل أن أتخلى عن " حمايتي الذاتيّة " و أنزع البرقع عن وجهي و أقرّر أن أتوقّف عن التمثيل و اللجوء إلى الألاعيب المضلّلة . أنا لا أستطيع أن أخرج من ذاتي إلى حبّ مؤقّت و تجريبيّ , إلى علاقة تتحكّم فيها شروط طُبعت بأحرف صغيرة كتلك التي في أسفل العقود , علّها تشكّل مخرجّاً يتمكّن المرء من خلاله أن يفسح العقد متى يشاء .

Hobbit
04/09/2009, 17:54
8 آب
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////


قد يكون الخوف الأكبر من الالتزام بلا شروط عائداً إلى الخشية من أنّ ذلك سوف يُنقص من استقلاليّتي الشخصية و هويّتي الخاصة .

أخشى أن أُرغّم على التخلّي عمّا يميّزني عن سواي و يخدم مصالحي الشخصيّة . في الواقع , إذا تحقّقت تلك المخاوف , فلن يكون هنالك علاقة حبّ , لأنّ العلاقة تحتّم وجود شخصين . في كتاب " النبيّ" , يؤكّد جيران خليل جبران أنّ الحبّ غير المشروط لا يعني التصاق جزيرتَين في أرض واحدة . إنّ علاقة الحبّ في رأيه أشبه بجزيرتين منفصلتين تغسل مياه الحبّ الواحدة شاطئيهما . و في كلمات رينير ماريّا رالك : Rainer Maria Rilke " الحبّ أشبه بشخصين , كلّ منهما في وحدة , قرّرا أن يتقابلا فيحمي أحدهما الآخر و يلتقيان في عمق ذواتهما " . قد يتخلّى أحد الشخصين عن هويّته للآخر , ربمّا لقلّة احترامه لنفسه , أو لحاجة عميقة فيه إلى حماية الآخر , و لكن هذا لا يكون أبداً باسم الحبّ الحقيقيّ .

Hobbit
04/09/2009, 17:57
9 آب

يُحكى أنًه في حقبة ما من الزمن , كانت إيرلندا مملكة و لم يكن للملك الحاكم أولاد . فطلب من معاونيه أن يعلّقوا على الأشجار في كافّة أنحاء المملكة إعلانات تدعو مَن يرى نفسه أهلاً لأن يكون وليّ عهد الملك أن يحضر لمقابلة الملك - و لكن على كلّ مَن يتقدّم أن يتحلّى بصفتين أساسيّتين : أن يكون محبّاً لله و محبّاً لإخوته البشر .

رأى شابّ ذلك الإعلان و شعر أنّه يتحلى بالصفتين اللتين ذكرهما الملك . و لكنّه كان فقيراً لا يملك الثياب التي تليق بالملك و غير قادر على شراء ما يلزم من زاد للسفر . فقرّر أن يستعطي و يقترض إلى أن يوفّر لنفسه تلك الحاجيات . و ما أن توفّر كلّ شيء لديه حتّى سار نحو القصر , و لمّا أصبح على مقربة منه رأى إلى جانب الطريق فقيراً يستعطي و هو يرتجف من البرد و لا يرتدي سوى بعض الثياب الرثّة .

فامتدّت يداه نحو ذلك الشابّ و بصوت مرتجف قال : " أنا جائع و البرد يلفحني فهل لك أن تساعدني ؟ "

فرقّ قلب الشابّ فخلع ثوبه الجديد و بدّله بالخرق التي كان الفقير يرتديها . و بكلّ عفويّة و كرم أعطى الزاد الذي كان يحمله للفقير . إنّه كان حقّاً محبّاً لله و لإخوته البشر

.

Hobbit
04/09/2009, 18:11
10 آب

تابع ذلك الشابّ الذي تكلّمت عنه الأسطورة الإيرلنديّة ( في قراءة يوم أمس ) سيره نحو القصر و هو يرتدي تلك الثياب و في نفسه يعض التردّد و قد أعطى ذلك الفقير زاده بأكمله . و لمّا بلغ القصر استقبله البوّاب و أتى به إلى غرفة الانتظار . و بعد وقت ليس بقصير أحضر إلى ديوان الملك , فانحنى بكلّ احترام و لمّا وقعت عيناه على الملك امتلأ عجباً و قال بكلّ عفويّة :
- " أنت ... أنت الفقير الذي كان يستعطي في الطريق "
- أجاب الملك : " نعم , أنا كنت ذلك الفقير .
- و لكنك لست بفقير حقاً , بل أنت الملك .
- نعم أنا الملك .
سأله الشابّ : و لماذا صنعت ذلك ؟
- لأنّي أردت أن أتيقّن من أنّك في الحقيقة تحبّ الله و تحبّ إخوتك البشر . و كنت أعلم أنّني لو أتيتك بحلّة الملك و بالتاج المرصّع , لقمت بكلّ ما طلبته منك من دون تردّد , و بقيت قدرتك الحقيقة على الحبّ خافية عليّ . أتيتك فقيراً لأختبر حقيقة الحبّ الذي في قلبك فتيقّنت أنّك تحبّ الله و إخوتك البشر , لذلك أنت أهل لترث ملكي .

Hobbit
04/09/2009, 18:35
11 آب

في الفصل الخامس و العشرين من إنجيل القدّيس متّى , يصف يسوع الدينونة العظمى : " ... يقول الملك للذين عن يمينه : " تعالوا يا مَن باركهم أبي , فرثوا الملكوت المعد لكم منذ إنشاء العالم : لأنّي جعت فأطعمتموني , و عطشت فسقيتموني ..." فيجيبه الأبرار : " يا ربّ متى رأيناك جائعاً فأطعمناك , و عطشاناً فسقيناك ؟ " .

أمّا جواب يسوع فهو في الواقع هكذا :

" أنا كنت المتسوّل القابع على جانب طريق حياتك . ما أتيتك بعظمة الله و بهاه , بل كمتسوّل فقير جئت إليك . كنت أبحث عن الحبّ في قلبك و كنت أودّ أن أعرف هل بإمكانك أن تفتح يديك و قلبك للحاجات التي في جارك . فحيث يكون كنزك , يكون قلبك , و أنا كنت أودّ أن أعرف أين هو قلبك . لقد وجدت في قلبك الكثير من الحبّ . لذلك سيكون لك مكان في ملكوتي للأبد . سوف تملك السعادة التي لم ترها عين و لا سمعت بها أذن و لا خطرت على قلب بشر .

تعالى إلى بيت أبيك حيث أعددت لك مكاناً خاصّاً بك أنت " .

في النهاية , في تلك البرهة العظمى , سيسألني الله عن أمر واحد , ألا و هو الحبّ الذي في قلبي .

Hobbit
04/09/2009, 18:40
12 آب
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
إن ما قاله عالم النفس هاري ستاك سولفن Harry Stack Sullivan في علاقة الحب الحقيقية يمكن أن نتبناه كتحديد جيد للموضوع : (( عندما تصبح سعادة الآخر و طمأنينته مهمة في نظرك تماماً كسعادتك أنت و طمأنينتك , آنذاك أنت حقاً تحبه )). و همي أن أراك مرتاحاً و فرحاً و مطمئناً ليس هو مجرد شعور . فالمشاعر آنية و عابرة و متغيرة . أما الحب فهو قرار ( أنا سأحبك ) و التزام ( سوف أقول و أفعل ما بوسعي لتكون أنت مرتاحاً و فرحاً و مطمئناً) . و بكلام آخر أنا أقرر أن أحبك كحبي لنفسي , و سأعمل ما بوسعي كي أحقق ذلك . هذا هو الحب . و هذا هو الحب الذي يجيب ان يكون المحرك لكل عملية تواصل , و ما يكمن وراء أعمالنا يظهر في نتائجها . و (( من ثمارهم تعرفونهم )) . و إذا كان الهدف مما أقوم به هو الحب فأول ما يتوجّب عليّ هو أن أنظر إليك بعين الحبّ . و الحبّ ليس بأعمى , بل هو ثاقب النظر جدّأً . فالإنسان الذي يحبّ يبصر في الآخر أشياء تبقى خفيّة على عيون لا يسكنها الحبّ . أنا أحدق في عينيك لأكون على بيّنة من الحاجات التي فيك . فقد تكون بك حاجة يوماً إلى أن أفرح معك بنجاح أحرزته . و في يوم آخر , أرى من واجبي أن أجالسك في غرفة مظلمة و أصغي إلى متاعبك و آلامك . و في مناسبة أخرى , ألبي حاجة فيك إلى العطف و الحنان أو إلى القساوة و التطلّب .. و مهما كانت فيك الحاجات , سأكون حاضراً لتلبية ما بوسعي أن ألبّي .

Hobbit
04/09/2009, 18:51
13 آب

////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////

كان والدي رجلاً طيّباً و لكن لم يكن في استطاعته أن يعرب عن مشاعره البتّة , بل كان يخفي كلّ شيئ وراء حاجز من الكلام يقطع فيه الطريق على الإعراب عن مشاعره . فمات و دُفنت معه جميع أسراره و مشاعره . و أحسست بشيئ من الفراغ لأنّ كلينا أخفى للأبد عن الآخر مشاعر عميقة مهمّة .

قبل أن يموت أبي , ما كنت أقدّر و لا كنت أفهم قيمة الانفتاح العاطفيّ . و لكنّني عندما أدركت أنّه ما من علاقة حقيقية تنمو من دون ذلك , قرّرت أن أسلك مع والدتي سلوكاّ مغايراً . و منذ ذلك الحين و خلال سني شيخوختها , قضيت و إيّاها ساعات طوال يتحدّث فيها أحدنا إلى الآخر بصدق عمّا يشعر به . و عندما أغمضت عيناها للمرّة الأخيرة , أحسست و أنا أبكيها بأنّ أشياء جميلة من ذاتها باقية معي , و كان حزني يمتزج من جرّاء ذلك بشيئ من العزاء العتيق لما شعرت به حينما بكيت أبي .

و ذكّرني هذا بأبٍ أسرّ إليّ يوماً أنّه فقد ابنه فجأة في حادث سير . و في الليلة التي سبقت دفن ابنه كتب رسالة قصيرة و أخفاها في زاوية نعش ابنه , هذا نصّها :

و لدي العزيز,

أنا ما قلت لك يوماً كم أنّني أحببتك , و كم لك من مكانة في قلبي . و ما أخبرتك أبداً عن الدور العظيم الذي قمتَ به في حياتي . ظننت أنّني سأجد الوقت المناسب لذلك ; ربّما عندما تتخرج من المدرسة أو الجامعة أو عندما تتزوج و تغادر المنزل . و الآن و قد عاجلتك المنية و لن يكون لنا معاً بعد من (( وقت مناسب )) أقول لك فيه ما أريد , ارتأيت أن أكتب هذه الرسالة آملاً أن يرسل الله أحد ملائكته فيقرأها عليك . أودّ الآن أن أقول لك كم إنّني أحبّك و كم أنا حزين لأنّني ما أعربت لك عن ذلك الحبّ عندما كنّا معاً .

أبوك

Hobbit
04/09/2009, 19:02
14آب
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////


إنّ أهمّ سبب يحول دون تعبيرنا عن عواطفنا هو الهروب من الإقرار بحقيقتها لسبب من الأسباب نحن نخشى سوء تفكير الآخرين فينا , و نخشى رفضهم لنا و عقابهم , بشكل من الأشكال , على الصراحة في التعبير عن عواطفنا . لقد تعودّنا أن نرفض بعض العواطف و كأنها ليست منّا , أو كأنّنا نخجل منها , و نحن الآن نبرّر موقفنا بالقول إننا لو فعلنا لما تفهّمنا أحد و لتسبّبت صراحتنا بمشاكل كثيرة في علاقاتنا بالآخرين . و لكن في كلّ هذه الأسباب بعض التحايل , و صمتنا يُدخل العلاقة على غير الانفتاح و الصدق هو كمَن يبني على الرمل . فمثل تلك العلاقة لن تصمد أمام عامل الوقت , و لن تعود بالنفع على أيّ من الفريقَين .

Hobbit
04/09/2009, 19:06
15 آب

////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
إن كنت أحبّك حقّاً , قد تسمع منّي أحياناً ما لا يرضيك . لأنّ الحبّ يتطلب منّي أن أواجهك ببعض الأمور و أن أتحدّاك , و هذا لن يكون سهلاً في نظرك و نظري . و لكن إذا كان الحبّ هو الهدف من العلاقة بيننا , فسأحاول أن أقول و أفعل ما من شأنه أن يعود عليك بالراحة و الفرح و الطمأنينة . و لكن أرجو أن تتحلّى بالصبر قليلاً , لأنّه قد يأتي يوم أجد فيه نفسي في حيرة آنذاك سأقدّم إليك و لكن بأيدٍ مرتجفة , ما أراه مناسباً آملاً أن يكون ذلك هو الأفضل لك حقاً . و آمل أنّك ستكون رحيمّاً و غفورّاً إذا ما حدث لي أن أخطأت الهدف أحياناً . فقد يأتي يوم تتغلب فيه آلامي و أنانيّتي على النوايا الطيّبة لديّ , فيصدر عنّي ما لا ترضى عنه أنت و ما لا أريده أنا .و لكن إذا كان الحبّ هو حقّاً المحرّك لما أقوم به , فسوف أحافظ دائماً على أمرَين مهمَّين في تعاملي معك :1_ سأكون صادقاً و صريحاً معك .2_ سأعمل على إبراز ما هو فريد عندك فتزداد إيجابية في نظرتك إلى نفسك .

Hobbit
04/09/2009, 19:24
16 آب
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////

عندما أكون على استعداد أن أظهر لك ذاتي على حقيقتها في ضعفي كما في قوّتي , آنذاك يتمّ التواصل في ما بيننا . و عندما ينفتح المرء, لا بدّ و أن يكون لانفتاحه أثره الإيجابي في الآخرين . في الصدق عدوى و ذلك شأنه شأن كلّ ما هو إنساني . فعندما أخرج من عزلتي لأنفتح عليك بصدق , لا بدّ و أنّك ستبادلني الموقف نفسه .و عندما اتكلم بصدق عمّا هو إيجابي عندي و عمّا فيّ من ضعف , يشعر الآخر حالاً بشيء من الاطمئنان في نفسه لأنّه يعرف أنّني أُظهر له ذاتي على حقيقتها , و هذا ما يشجّعه على أن ينزع أقنعته هو أيضاً , و يُفصح بصدق عن حقيقة ذاته . فيختبر من خلال المخاطرة في الانفتاح , فرح الشفافيّة و نشوة الحرّية .

Hobbit
04/09/2009, 19:31
17آب

////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////

التواصل تبادل حرّ للهدايا , يقدم المتكلم الى المصغي بعضاً من ذاته حين يبادله الكلام بصدق , فيتسلّم المصغي تلك الهديّة بلطف و تفهّم , و يأتي هذا التجاوب بمثابة هديّة يقدّمها المصغي بدوره الى المتكلم . و من أجل هذا الموقف المشجّع و تلك الهديّة اللطيفة , أرى من البديهي أنّه عليّ أن أعرب عن تقديري و امتناني . عندما تصغي إليّ , عليك أولاً أن تنسى ذاتك لبعض الوقت كي تهبني الوقت الذي احتاج إليه .
أنا أنظر إلى الإصغاء أحياناً و كأنه أمر يتعلّق (( بمساحة)) ما في الحياة . عندما أصغي أُعطي الآخر في حياتي مساحة يتحرك فيها , و فيها يجلس ويستريح و يكشف لي عن أوراقه التي يودّ أن يمعن النظر في فهمها .
إنّ مَن يحسن الإصغاء ليس بالحمل الذي يقدّم ذاته ذبيحة في سبيل الآخر , بل هو إنسان يودّ أن يتعرّف إلى عمق حقيقة الآخر . نحن غالباً ما نتذمر (( لأن أحداً لا يصغي إلينا , و إلى المشاكل التي نعيشها , لأنّ أحداً لا يهمّه أمر ما يجول في نفوسنا)) .
إلا أنّ مَن يحسن الإصغاء يهتمّ بما فيه الكفاية فيطرح جانباً ما هو مهمّ بالنسبة إليه ليواكبني في ما أنا فيه من متاعب و هموم . لذا عليّ أن أعرب له عن عرفاني و شكري لأنّه أفسح لي في المجال لأُشركه في المساحات الداخليّة التي أودّ أن أُدخله إليها .

////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////

Hobbit
04/09/2009, 19:40
18آب
و مَن يصغي إليّ بإمعان يُفسح لي في المجال لأكون ذاتي . أنا أعرف حقّ المعرفة أنّ أحدنا يختلف عن الآخر , فأفكارك ليست أفكاري و لا مخاوفك مخاوفي . و أنّ ما يشكّل عبئاّ عليّ قد لا يتسبّب لك بأيّ همّ . و ما يؤلمني و يُغضبني قد يمّر بك من دون أن يترك أيّ أثر في نفسك . و مع ذلك كلّه فأنت تسمح لي بأن أختلف عنك من دون أن نقيم الحواجز بيننا .
إنّ مَن يحسن الإصغاء لا يقبلني فقط كما أنا , بل يعمل جاهداً ليرى الأمور من خلال عيني و يشعر بمخاوفي كما أحسّ أنا بها . و عندما يقول لي إنّه (( يُدرك ما أنا عليه )) أحسّ في عمق ذاتي بأنّه حقّاً يفهمني .
أنا على يقين من أنّه لا بدّ و أن حدث لك , كما حدث لي مراراً , أن قلت لمَن كان يصغي إليك : (( إنّني لا أبغي منك أن توافقني في كلّ ما أقول , بل أن تتعرف إلى الطريق الذي أسلك , فلا أشعر بأنّني وحيد في مسيرتي )) . و في مثل هذه الحال لا بدّ و أن يشعر المرء بالعرفان و التقدير .

Hobbit
04/09/2009, 19:46
19 آب
و عندما أشكرك لأنّك أصغيت إليّ فذلك يعني أنّني ما طلبت إليك سوى الإصغاء , و لم أسألك أن تحلّ مشاكلي مثلاً و لا أنا حاولت التلاعب بمشاعرك أو امتحان قدرتك على القيام بأي شيء .
طلبت إليك أن تتخلى , و لو إلى حين , عن برنامجك الخاص لتشاطرني بعض المتاعب التي تُقلقني , لتقبلني كما انا , كشخص مختلف عنك .
و شكري لك هو إقرار بكلّ ما قدّمت إليّ و تأكيد لك لشعوري بعرفان الجميل .
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////

Hobbit
05/09/2009, 11:40
20 آب

الفائدة الأولى من العلاقة الحميمة العميقة تبدو و اضحة :إنها "لقاء" صادق بين شخصين .

و هذا لا يعني فقط مشاركة في غنى الخبرات الشخصية , بل تعمّقاً في فهم الذات ووضوحاً في النظرة إلى الهوية الشخصية لكل من طرفي اللقاء .

يتساءل العديد منّا اليوم حول هويتهم , هذا يعني أنني في الواقع لا أعرف نفسي بوضوح كإنسان . إن ما يميزني كشخص هو ما أفكر فيه و ما أحكم فيه و ما أشعر به .. إلخ . فإذا عبرت عن تلك الأمور بحرية و انفتاح , و بالوضوح و الصراحة المطلوبة , فسوف أعي هويتي بشكل أوضح , و أتعرف إلى الآخر بشكل أعمق و أصدق . من حقائق علم النفس التي لم يعد هناك من خلاف في شأنها , أنني كإنسان أفهم حقاً من ذاتي ما أتمكن أن أعبر عنه لشخص آخر .

Hobbit
05/09/2009, 11:54
21 آب

العلاقة الصادقة ستُحدث تجاوباً صادقاً و منفتحاً عند الآخر . و هذا التجاوب ضرورة إذا كان للعلاقة أن تصبح حقيقة متبادلة . إن عالِم النفس كولد برونو Gold brunner يدّعي , بشيئ من التباهي , أن في إمكانه التوصّل بمدة قصيرة جداً , لا تتعدى بضع دقائق , إلى الوقوف على عمق ما يجول في خاطر الإنسان . طريقته لا تركز على طرح الأسئلة , إذ إن الاستفسار قد يُحدث شيئاً من الخوف عند الآخر فيضعه في موقف دفاع , بل إنّ أساسها قناعه راسخة عنده و هي أنه إذا أردنا أن نجعل الشخص الآخر يتعامل معنا بانفتاح و صدق , و علينا أن نبدأ و ننفتح عليه و نعبر له بصدق عن مشاعرنا .

إنّ الشخص يرجع صدى الشخص الآخر قال إذا كنت أريد أن أخرج من ظلمة سجني , و أبوح بأعمق ما عندي لشخص آخر , فالنتيجة دائماُ حتمية وفورية : يشعر الشخص الآخر بالقدرة على التحدث إلي عن نفسه بانفتاح و صراحة . و بعد أن يكون قد أصغى إلى سرّ عواطفي و عمقها , تنمو لديه الشجاعة على التعبير عن عمق عواطفه هو . هذا , في نهاية المطاف , ما نعني عندما نتكلم عن " اللقاء " .

Hobbit
05/09/2009, 11:55
22 آب

////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////


لن يكون حبك فاعلاً إلاّ بقدر ما لديّ من الاستعداد كي أبوح لك بما في نفسي . و عندما تقول لي , بطريقة من الطرق , إنك تحبّني , فذاك يعني أنّك تعرفني , لأنّ حبّك لي يتضاءل بقدر ما أخفي عنك ذاتي . فباستطاعتك أن تحبّني حقاّ بقدر ما تتعرف إلى حقيقتي فقط .

إنهّ لحقيقة أنّ كلّ عمليّة اتّصال , يكثر فيها اللطف و يتضاءل الصدق , تقع في الإفراط العاطفيّ , و لكن في الصدق من دون لطف إفراط في القسوة . إنه لمن قواعد الحوار الأساسية أن يعبّر المرء عن عواطفه عندما يشعر بها و أن يوجّه التعبير إلى الشخص المعنيّ بها.

و لكن , في كلّ حال , يبقى تأثير اللطف كبيراً من خلال الطريقة التي يتمّ بها الاتّصال .

Hobbit
05/09/2009, 11:58
23آب

////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////


يلا حظ روجيرز أنّ كلاًّ منّا غالباً ما يشبه في حياته ذاك الرجل الذي سقط في البئر و سُجن فيها , فنحسن بالوحدة و تفاهة الحياة أحياناً . و في و حدتنا نشعر بالقنوط و فقدان الأمل , و كأن البديل هو أن يموت كلّ منّا وحيداّ من دون أن يدري بوجوده أحد . و لكنّه يأبى ذلك فيعود يخبط بكفيه الداميتين جدران الناس الذي لجأ كلّ منهم إلى عالمه الخاص و أقفل الباب على نفسه , علّه يخترق جدار ذلك السجن فيصل عالمه بعالم آخر .

آنذاك لا بدّ و أنّ أحداّ سوف يصغي . و عندما يكون الإصغاء حقيقياً لا يكتفي مَن يصغي إليّ بأن يسمع ما أقول , بل هو يؤكّد لي أنّه يفهمني كشخص , أنّه يفهم ما أقوله و يعي بالأخصّ ما يجول في فكري و ما يخالجني من مشاعر . آنذاك أُحسّو كأنّ نسمة من الحياة جديدة سرت في عروقي لأنّ أحداً قد تعرّف إلى ما قاسيته و وقف على حقيقة وجودي و عمق مشاعري .

إنّ كلاّ منّا , كما قال أحدهم , هو أشبه بكائن مركّب تختلط في ذاته تأثيرات الأماكن التي لجأ إليها و الاختبارات الشخصية التي عاشها .

و كلّ منّا في ذلك أشبه بكمبيوتر جبّار سُجِّلت فيه ملايين الرسائل , و هذا ما حدث في عقلنا و في جهازنا العصبيّ , و بسبب من اللاوعي عندنا تزيد الأمور تعقيداً , إذ إنّ اللاوعي أشبه بمخزن كبير تراكمت فيه معطيات لا ندري وجودها فينا و هي لا تنفكّ تؤثّر في سلوكنا تأثيراً بالغاً

يخيّل إليّ أحياناً أنّ " الإصغاء و التعلّم " الذين نتكلم عنهما هما أشبه بقطع مفقودة من صورة مركّبة . عندما أصغي بصدق و اهتمام و يبوح الآخر لي بحقيقة ما من ذاته , قد لا أفهم من تلك الحقيقة إلاَّ القليل . و لكن إذا ما تابعت الإصغاء و استمرّ هو في البوح , تروح القطع تتركّز شيئاً فشيئاً أوضح و أكمل . طبعاً نحن لن نتمكن يوماً من الولوج إلى سرّ إنسان آخر لنفهمه فهماً كاملاً , و إنّنا في الحقيقة لعاجزون حتّى عن فهم أنفسنا على كامل حقيقتها . و لكن إذا ما أحسّ الإنسان في اعماق نفسه بأنّ شخصاً آخر قام بجهد خاص ليفهمه و يقبله , فلا بدّ و أن يُحدث ذلك الجهد تغييراً عميقاً في شخصيّته . إنها في الحقيقة لهدية ثمينة جداً .

Hobbit
05/09/2009, 12:01
24 آب

إذا كان لديّ النضج الكافي لكي أقلع عن إصدار الأحكام , فسلوكي هذا سيظهر جليّاً . و إذا أردت أن أعرف نيّة شخص أو أعمق دوافعه أو ردّة فعله فالطريق واحد , عليّ أن أسأله هو ( أرجو ألاَّ تمرّ يهذا القول مرور الكرام , لأنك أنت أيضاً لا تملك عيوناً تُخفي و راءها آلة تصوير بالأشعة ).

و ربّما كان من المفيد هنا ان نذكر بالفرق بين الحكم على الشخص و الحكم على عمله . فإذا رأيت شخصاً يسرق فلوساً , بإمكاني أن أحكم أنّ هذا العمل خطأ أدبي , و لكني لا أستطيع أن أحكم على الشخص نفسه . الله و حده يمكنه أن يحكم و يحدّد المسؤولية . و لكن إذا تعذّر الحكم , في المقابل , بصوابية العمل أو عدم صوابيته , استحال الكلام عن الموضوعية في علم الأخلاق . نحن لا نريد أن نقع في المقولة التي تّعي بأنّ الحقيقة تكمن فقط في نظرة الشخص إلى الشيء , و أنّه لا وجود لأمر صحيح أو غير صحيح بشكل موضوعي . و لكن , في كلّ حال , يبقى الحكم في مسؤولية الأشخاص من نطاق عمل الله .

Hobbit
05/09/2009, 12:03
25 آب

ما أشد افكارنا و مشاعرنا تشعُّباً , و كأنَّ كلاًّ منّا عالم في ذاته , يختلف عن سواه حتى إنّه يجعل و لوج أحدنا إلى عالم الآخر غاية الصعوبة , لا سيّما عندما نحاول أن نقف على حقيقة ما يجول في خاطر الآخر من مشاعر و أفكار . لا يمكنني أن أنفذ لحقيقة ما أنت عليه من خلال ما هو ظاهر على وجههك .
لقد قدمنا مرة ( نحن جان و لوريتّا ) سلسلة من الأحاديث في أوستراليا . على مدى ثلاثة أيّأم متتالية . و غالباً ما تحدثنا معاً خلال هذه الفترة عن رجل جلس في مؤخرة الغرفة من دون أن تظهر على محياه أيّة علامة و لا هو ابتسم لما كنّا نظنها نكات مضحكة جداً . فظنّنا أنّ شيئاً من أحاديثنا لم يصله و لا أثّرنا فيه بشيء.
و عند نهاية اللقاءات أتى إلينا , و بعد أن عرّف نفسه بالاسم و العمل ( و هو كان طبيباً ) لآراح يبكي : و بعد أن استعاد بعضاً من هدوئه قال لنا كم كان سعيداً و هو يصغي إلينا و كم أنّ أحاديثنا فتحت أمامه آفاقاً جديدة , و أنّه سوف يشرك بعضاً ممَّن يحب بتلك الأفكار و المشاعر التي تركت في نفسه أطيب الآثار .
نظر أحدما إلى الآخر و كلّ منّا يردّد في اعماق نفسه : " لا يمكنك أن تعرف ما يجول في ذذهن الإنسان و لا أن تحكي على نواياه , و إن حاولت فسوف تجد نفسك مخطئاً و سيكون خطأك في الغالب فادحاً " .

Hobbit
05/09/2009, 12:07
26 آب

كلّنا يعرف أهميّة " الحضور " الشخصيّ أهميّة مجالسة شخص آخر . و هذا لا يشير إلى مجرد " المجاورة " , بل يعني تلاقياً في العمق و يحتم وعياً خاصاً و تركيزاً على ما يشرك فيه أحدنا الآخر .

و لكنّه من الصعب جداّ أن أُوهم الآخر بأنّني أصغي إليه و أنا منشغل عنه في أمور أخرى . إنّه يُحس في أعماق نفسه أنّني لست حاضراً . الحدث يدرك مالا تبصره العين . فإذا كنت تتساءل في نفسك كم سيطول حديثي , لا بدّ و أن أشعر بذلك . و إذا كنت تفضل القيام بعمل ما بدل أنّ تصغيّ إليّ فلن يخفى ذلك عليّ

أنا لن أخاطر في الانفتاح إذا ما شعرت بأنك منشغل عنّي في أمور أخرى و لن أبادر في البوح لك بما في قرارة نفسي و أنت تراقب الوقت أو تحاول التطرّق إلى موضوع آخر . و لن أشركك في فرحي أو نجاحي إذا كنت غير مستعدّ لأن تشاطرني بهجة العيد .

التأهب المستمر لأن أكون فيما هو للآخر ! هذا في الحقيقة ما حاولنا الإشارة إليه . كلّنا اختبرنا الشعور بالخيبة عندما نطرق باباً و لا نلقى جواباً . عندما أهتف إلى صديق , و في النفس حاجة ماسّة إليه , فأجده منشغلاً , و أعيد الكرّة مراراً فأسأم الصوت الذي يردّد صدى الانشغال عنّي و في نفسي توق عميق إلى أن أشرك ذاك الصديق بما يجول في نفسي . و بعد أن أكرّر محاولة الاتّصال و ألقى تكراراً الانشغال , أصرف النظر عن المشاركة و أحتفظ بما في نفسي لنفسي .

Hobbit
05/09/2009, 12:09
27 آب

هنالك مثل هنديّ يذكرنا بأنّنا , إذا شئنا أن نفهم إنساناً آخر , علينا أن ننتعل حذاءه و نسير فيه مسافة ميل . و نحن نود ان نذكر , إضافة الى هذا المثل , أنّه لا يمكنني أن أنتعل حذاء شخص آخر من دون أن أخلع حذائي أولاً . عليّ أن أقوم بجهد حثيث كي أتحرر من ذاتي لأتمكن من الإصغاء إلى الآخر ,و من الولوج الى عمق ذاته و الوعي لما يجول في نفسه . إن هذا الأمر في غاية الصعوبة ,و لكن التمرس على الإصغاء بعمق يمكنّني , في نهاية المطاف , من تحقيق نجاحات ما كنت لأحلم بها في مواكبة الآخرين و الولوج إلى عمق همومهم و متاعبهم . و هذه من الأمور التي يقدرها الأهل و الأصدقاء و الغرباء على السواء .

تعال إذاً نتبادل الأحذية و نسير معاً و لو ميلاً واحداً!.

Hobbit
05/09/2009, 12:16
28 آب

الإصغاء وحده غير كاف , بل يجب أن تترسّخ عندي الإرادة على التعلّم . و هذا ليس بالأمرالسهل لأنّه يحتّم عليّ أن أخرج من ذاتي , أن أضع جانباً , لبعض الوقت , ما أنا عليه , لأسير نحوك و أحاول بصدق أن أدخل في صميم العالم الذي هو عالمك و أعرب بصدق عن تفهّمي إيَّأك . آنذاك ستشعر بالارتياح و الامتنان , ذلك لأنّني أصغيت إليك لألج إلى عمق حقيقة ذاتك . و لم يقتصر إصغائي على الحاجة إلى الإجابة بسطحيّة عمّا أوحى به إليّ للوهلة الأولى ما تلفظت به من كلمات أو أعربت عنه من مشاعر .

يقول كارل روجرز Carl Rogers , أحد أهمّ علماء النفس الأميركيين في القرن العشرين , إنّنا نحن البشر العاديّين أشبه بشخص سقط في بئر عميقة لا ماء فيها . و في عمق البئر أخذ يعيش حالات من القلق العميق و اليأس لشعوره بأنّه لن يتمكن من النجاة ... فراح يضرب بكفيه جدار البئر علَّ أحداً في الخارج يسمع . بدا له أن كلّ محاولاته لا بدّ فاشلة ... و أنّ أحداً سيكتشف يوماً أنّ إنساناً سقط في هذه البئر وقضى و لم يدر بوجوده أحد !و لكنه عاد يطرق الجدران و يداه تدميان ... إلى أن سمع في آخر المطاف صوتاً من خارج جدران البئر , فأحسّ و كأنّ فرحاً كبيراً قد تفجر في نفسه و خالجه شعور بالارتياح لأنّ أحداً أخذ علماً بوجوده حيث هو , و لسان حاله يقول : الشكر لله على أنّ أحداً أحسّ بوجودي .

Hobbit
05/09/2009, 12:18
29 آب

غالبا ًما نقارن بين الشعور الصادق مع الآخر من جهة , و الشفقة أو الامبالاة من جهة أخرى ففي الشفقة أشارك الآخر في شعوره و آلامه و لكن مع شيء من نظرة فوقيّة . لذلك نجد أنّ الشفقة موقف مرفوض في غالبيّة الأحيان .

و اللامبالاة أيضاً أشبه بالباب المغلوق , فكأنّك تقول للآخر : " ما أنت عليه لا يهمّني " . و هذا الموقف غالباً ما يكون جارحاً و مؤلماً .

أمّا في الشعور الصادق مع الآخر فإنّني أشاركه في عمق خبرته الشخصيّة و أفكاره و مشاعره و مواقفه , و أحاول أن أضع نفسي في مكانه . فمن خلال قدرتي على التفكير و استعمال المخيّلة , التقي الآخر في أفكاره و تطلّعاته , و أشاطره مشاعره . إنّني أحاول أن أعيش الخبرة التي يمّر هو فيها .

إنّه الولوج إلى عمق كيان الآخر , حيث يصبح لهذا الكيان صدى حقيقيّ في نفسي . و إنّ هذه القدرة , ككلّ تلك القدرات التي تشدّ أوصال التواصل بين الناس , فهي تخضع لسنّة التطوّر و النموّ . و أهمّ ما يحول دون ذلك الشعور الصادق مع الآخر هو اعتقادي بأنّه صورة عنّي , يرى الأمور كما أراها و يفكّر كما أفكّر أنا , و يواجه الحياة تماماً على طريقتي . لذلك وجب عليّ , إذا ما أردت أن أطوّر قدرتي على ذلك الشعور , أن أعي تماماً غيريّة الآخر و فرادة كلّ إنسان , و أن أدع جانباً غرائزي الشخصيّة و المقياس الذي أقيس به الأمور , لأعي ما يدور في فلك الآخر و ما يجول في نفسه . فهذا الشعور الصادق يشكلّ القدرة الأهمّ التي ترتكز إليها عمليّة الإصغاء إلى الآخر .

Hobbit
05/09/2009, 12:19
30 آب

مخاوف متعدّدة تبقينا في غربة شجننا المنفرد . عند بعضنا خوف من الانهيار و الإجهاش بالبكاء كالطفل . و عند بعضنا الاخر تردّد و خشية من أن الآخر لن يقدّر أهميّة سرّي . نحن نتصوّر عادة كم يكون ألمنا عميقاً إذا ما قوبل سرّ بُحنا به باللامبالاة , بعد التفهمّ , بالصدمة , بالغضب أو الاستهزاء . قد يحنق الشخص الذي ائتمنته على سرّي فيبوح به لمَن لا يجوز أن ينكشف لهم .

ربَّما حدث لي يوماً أن أخرجت بعضاً منّي من العتمة إلى الضوء لتراه عين شخص آخر .

و ربمَّا تعذّر على ذلك الشخص تفهّمي , فأفلت مسرعاً , و كلّي ندم و ألم , عائداً إلى عزلتي العاطفية الخانقة .

و ربمَّا حدث , في لحظات أخرى , أنّ أحداً سمع بسرّي فتقبّله بيدين وديعتين و احتضنه , و ما زلت أذكر ما قاله لي مشجّعاً و في صوته نغمة المحبّ , و في عينيه نظرة المتفهّم .

أنا ما زلت أذكر ذلك البريق في عينيه , و كيف احتضن يدي بين يديه ضاغظاً عليها بلطف ليقول لي إنّه قد تفهّمني . كان ذلك اختباراً عظيماً شعرت على أثره بحريّة كبيرة و دفقة من الحياة جديدة . أن يصغي إليّ إنسان و يحترمني بجدّية و يفهمني , فذاك يلّبي حاجة هائلة عندي .

Hobbit
05/09/2009, 12:22
31 آب

هل حدث لك أن حاولت التحاور في أمر مهمّ مع صديق لك و أنتما في محطّة للقطار و وقتكما ضيّق ؟ و مع ضيق الوقت هناك ناس يتزاحمون و كلّهم يسرع نحو قطاره ! و بعضهم يمرّ على مقربة منكما إلى حدّ يسمح له أن يسمع ما تقولانه ؟

لو حدث لك ذلك , لا بدّ و أن تكون منزعجاً , بل تشعر بشيئ من الضيق . هذا ما أعني عندما أتكلّم عن الأوقات الخاصّة و الحضور المكثّف و العميق التي تحتّمها عمليّة التواصل الجيّدة .

نوعيّة الوقت هذه تعني أنّك لا تشعر بضغط قصر الزمن , و لا " بهرج الناس و مرجهم " من حولك . و فيها يمكنك البحث بهدوء عن الكلمات التي تعبّر بدقّة عن فكرك و تعرب بصدق عن مشاعرك و هنالك الهدوء الذي يمكّنك من أن تتّصل بعمق ذاتك . فالإعراب بصدق عن الأفكار و المشاعر هو أفضل الظروف صعب , حتّى عندما تتوفّر لديك الشكينة و متّسع من الوقت في آن .

و حين أحاول أن أُفصح لك عن أمور دفنتها في عمق نفسي لفترة طويلة من الزمن , لا بدّ و أن أشعر بشيء من الرهبة و التردّد . فوفرة الوقت و السكينة تسهّلان عليّ الدخول إلى ذاتي و البحث بصفاء عمّا أريد أن أبوح به .

و قد علّمتني الخبرة أنّ التواصل أسهل عندما أسير بهدوء في حديقة واسعة أو على شاطئ البحر , أو عندما أكون في السيّارة في سفر طويل , أو عندما أجلس في هدأة المساء و قد انهيت من عناء مشاغل النهار و متاعبه .

Hobbit
05/09/2009, 12:26
1 أيلول
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////


عندما تتراكم علينا المتاعب و تستمرّ , تتزايد الضغوطات فتضعف أعصابنا و تخفّ قدرتنا على التعاطي بعقلانيّة مع الأمور العادّية و غالباً ما نمرض ... و يؤكّد الدكتور هانس سيلي Hans Selye , و هو عالِم كبير في موضوع " الضغوطات النفسيّة " , أنّ لتلك الضغوطات دورها الهامّ في تطوّر كلّ مرض يصاب به الانسان .

بيد أنّنا هنا نبحث في تأثير " التراكمات النفسيّة " السلبيّة علىعمليّة التواصل . فازدياد تلك التراكمات بشكل غير عاديّ يُحدث خللاً في نظرتنا إلى واقع الأمور . فعندما يفرط إنسان بشرب الخمر مثلاً , نقول : " إنّ الخمرة تتكلّم " و هكذا أيضاً , إذا ما تركمت الضغوطات النفسيّة على إنسان , يمكننا أن نقول : " إنّ التاركمات النفسيّة تتكلّم " .

نحن قد لا نعي وجود تلك " التاركمات " إلا بعد أن نصاب بخلل , في موقع ما منجسدنا , ( كالرأس أو المعدة أو الظهر أو البشرة ...) , فالجسد يبعث إلينا برسائل منبّهة ... و قد يحدث لنا أن نفرط في الأكل أو نتوقّف عنه تماماً , و غالباً ما نلجأ إلى الإفراط و كأنّنا فقدنا القدرة على تقدير الأمور ... ثمّ قد يتعذّر علينا تحمّل أيّ ضجيج أو التعاطي مع ممازحة الآخرين لنا . و تصبح أيّة " حبّة " أشبه " بقبّة " . و نروح نقول ما لا نعنيه أو نسيء فهم نوايا الآخرين .. فيصعب التعامل معنا , إذ إنّنا , و قد فقدنا بعضاً من " عقلانيّتنا " , نصبح على يقين ثابت بأنّنا في كلّ شيء على حقّ .

Hobbit
05/09/2009, 12:34
2 أيلول
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////


إنّ حدسنا أشبه بكمبيوتر بيولوجيّ يسجّل كلّ ما يحدث فينا . و عندما نحبس مشاعرنا في أعماق ذواتنا , قد نوهم الآخرين بأنّ كلّ شيء على ما يرام , و لكنّنا لن نتمكّن من إيهام أجسادنا بذلك . و عضلاتنا و أعصابنا تعي تماماً ما نحن في صدده , فتضطرب أعصابنا , و عضلاتنا تتشنّج .

و هكذا نُرهق أجسادنا بأثقال نأبى أن نخفّف منها من خلال عمليّة تواصل صادقة و منفتحة .

إنّ الانفتاح الحقيقيّ لا بدّ و أن يسهّل علينا تطوير قدرات جديدة أهمّها اثنتين : وعي الضغوطات السلبيّة و القدرة على تقويمها . فالضغوطات النفسيّة , يمكن أن نشكّل فينا قوّة سلبيّة و قوّة إيجابية - و هذا أشبه بأوتار القيثارة , فهي إذا شدّت كثيراً تقطّعت و إذا لم تشدّ بما فيه الكفاية ما تمكّنت من إحداث أيّ نغم ... نحن نواجه الضغوطات في حياتنا بطريقة تفرضها علينا مفاهيمنا الشخصيّة و القِيَم التي نؤمن بها , و هذا ما يجعلنا نتعامل معها بإيجابية أو سلبية .

و إذا ما أصغيت بانتباه إلى ما يقوله لي جسدي , ازددت فطنة إلى تأثيرات الأحداث عليّ, فقد تزداد الضغوطات عليّ عندما أشعر بخطر الفشل , أو أحسّ بآلام في رأي كلّما وجدت نفسي في مواجهة أو خلاف مع الآخرين . و قد أشعر بالغضب إذا ما خاب أملي في تحقيق أمر كان من المنتظر أن أحقّقه . قرأت حديثاً في إحدى المجلاّت المتخصصة بعلم النفس ما مفاده أنّ نظرتنا إلى الوقت هي التي تتحكّم في حياتنا . فمنّا مَن يعيش في الماضي و منّا من يعيش في الحاضر , و آخرون يعيشون فقط في المستقبل .

Hobbit
05/09/2009, 12:36
3 أيلول

////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////


التمرّس على فنّ التواصل من الأمور المهمّة في حياتنا . و هو يكاد إن يكون في أهميّة الأكل و ممارسة التمارين الرياضيّة . إذا ما شئنا أن نعيش الحياة في علاقاتنا , تماماً كما أنَّ الطعام و ممارسة الرياضة يغذّيان حياة الجسد . فكما أنّنا نأخذ من الطعام و الراحة قسطاّ كافياً لنكون في صحّة جيّدة , علينا أيضاً أن عمل على إنماء قدراتنا على التواصل فتستمرّ علاقاتنا و تنمو .
إنّ أفضل ما يمكن القيام به لمواجهة أيّة أزمة في العلاقات هي أن نتابع التمرّر في تطوير قدراتنا على إتقان فن التواصل .
إنّ للفظة " أزمة " في اللغة الصينيّة معنَيْن , فهي تشير أولاً إلى " الخطر " . أمّا المعنى الثاني فهو " المناسبة لانطلاقة جديدة " . فرجاؤنا إلا تشكلّ الأزمات التي تواجهون خطراً على صحّة علاقاتكم , بل تكون دائماً بمثابة محطّة تنطلقون منها لتحقّقوا في حياتكم تقدّماً و في علاقاتكم نموّاً جديداً .

Hobbit
05/09/2009, 12:39
4 أيلول

إنّه لمن المهمّ جدّاً أن يتمكن كلّ منّا من الإعراب عن حقيقة مشاعره : " هذا ما أنا عليه , أكان ذلك لخيري أو لم يكن " . عندما ألتزم بالصدق مع ذاتي و مع الآخر , و عندما أقرّر أن أخلع عن وجهي تلك الأقنعة التي تفصل بيني و بين الناس من حولي , آنذاك أتمكّن من ان أحبّ و أن أتقبّل حبّ الناس لي . و هنا تبدأ النظرة الصحيحة إلى الذات و ينشط النموّ . عندما أكون صادقاً و أتبادل الحبّ مع الآخر , آنذاك أدخل صميم عرس الحياة .

قال لي أحدهم يوماً : " إنّني سأحبّك حتّى و لو كنت إنساناً شرّيراً " . فاجأني كلامه و ما عرفت بماذا أجيب , و لكنّني شعرت بشيء من الارتياح الداخليّ . و بعد أن فكرت بذاك الكلام مليّاً وجدت فيه إعراباً واضحاً عن حبّ غير مشروط . ما كان عليّ حتّى أن أكون ذا مسلك حسن , بل أحببت كما أنا . إنّني على يقين من أنّه من هذا النوع من الحبّ تنبع الحياة الحقيقيّة . و ما من شكّ في أنّ حياة كلّ منّا تبقى , إلى حدّ بعيد , وليدة أولئك الذين يحبّوننا ... كما أنّها تتأثّر أيضاً بالذين يأبون أن يبادلونا الحبّ .

Hobbit
05/09/2009, 12:45
5 أيلول

////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////

الكاتب الإنكليزي جيلبير كيث شسترتن . Gilbert Krith Chesterton , قال مرّة : إنّ مشكلة التبشير بالإنجيل ( البُشرى ) مزدوجة . أُُولاها أنّه لا يبدو خيراً جديداً للعديد من الناس , فقد سمعوه مراراً من قبل , و ثانيها أنّ غالبيّة الناس لا تجد فيه " البُشرى " .


أنا أشعر في أعماق نفسي بأنّ في هذا القول الكثير من الحقيقة . فالعديد من المواعظ التي إليها نصغي تأتي بعيدة كلّ البعد عن هموم الناس الحياتيّة , و المُثُل التي تدعو إلى تحقيقها تفوق قدرة جميع الناس , إلى حدّ يتحتّم فيه الفشل , مع كلّ ما يتبع الفشل من شعور بالذتب . أنا , بالطبع , لست من المنادين بالمساومة في روح التضحية و في المبادئ الأدبيّة . فلو فعلتُ لكان ذلك أسوأ من كلّ شيء , فالسؤال المطروح هو الآتي :
هل الحبّ هو في الحقيقة السبيل إلى اكتمال الذات ؟
إذا اخترت الحبّ كمبدأ حياتي الشخصيّة , أتُراني أشعر برضى , و أحسّ بنشوة حقيقيّة ؟
و هل كلّ ما يقوله الإنجيل في الحث يصمد حقّاً أمام تجربة الحياة ؟
إذا بحثت عمّا يُريحني أنا و يُسعدني , أتُراني في الحقيقة أفقد الفرح و السعادة كليهما , و هل لحبّة الحنطة حقّاً أن تقع في الأرض و تموت قبل أن تبلغ سعادتها و ملء الحياة ؟
و هل تطويب الإنجيل للزُهد بالذات و الحبّ من دون شروط هو السبيل إلى الفرح الحقيقيّ؟
هنالك , و لا شكّ , أن أسئلة عمليّة كثيرة , أسئلة تثير اليوم الكثير من الجدل .
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////

Hobbit
06/09/2009, 15:08
6 أيلول

هذه هي الأزمة الكبرى التي تواجه المجتمع المعاصر: هل حياة الحبّ , تلك التي تحتّم التزاماّ من دون شروط بشخص آخر, هي في الحقيقة الطريق الشخصيّ الصحيح إلى الكمال البشريّ , أم أنّ على الإنسان أن يبقى حرّاً , بعيداً عن أعباء مثل تلك العلاقات ؟ فيكون المجال أمامه فسيحاً ليختبر اللذّة و السلطة و كلّ ما يمكن للحياة أن تقدّم له عدا ذلك ؟

هل أنّ التهافت على إشباع الرغبات الشخصيّة أفضل نهج لتحقيق الذات , أم ترى المعنى العميق للحياة يحقّق من خلال الالتزام بعلاقة حبّ دائمة ؟ أألزم ذاتي و كلّ حياتي بصراحة و ثبات , أم تراني أفضّل تجنّب اتّخاذ قرارات تقيّدني " إلى الأبد " .

إنّ المجتمع المعاصر لم يطوّب الحبّ كمبدأ للحياة , و سبيل إلى تحقيقّ معنى لها .

بل إنّ المكتبات تعجّ بالكتب التي تحاول أن تدحض ذلك . ففي طريق العيش التي يعتنقها العديد من الناس اليوم , كما في تبريرها , تساؤل ملحّ و مستمرّ حول واقع - بل إمكانيّة - وجود حبّ حقيقيّ دائم . يصدر العديد من الكتب اليوم , و من أكثرها رواجاً تلك التي تنادي بضرورة اعتناق السبل التي تشبع لذّة الإنسان و تلبّي كلّ رغباته في الحياة . فالذهنيّة السائدة تتجسّد في سؤال يطرح دائماً بإلحاح : ما الإفادة لي من ذلك ؟

Hobbit
07/09/2009, 15:42
7 أيلول
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////


نتيجةً لفلسفة الأنانيّة السائدة , أخذ العديد من الناس يعيدون النظر في تقويم نهجهم في الحياة . إنّهم يعيشون خبرة حياتهم الآن بالمقياس الجديد : ماذا تراني جنيت من الحياة لنفسي ؟ لذا فإنّ أعداداً مخيفة من الناس يغرقون في مستنقعات تملأها كآبة الندم المتأخّر على حياة عاشوها , و وظائف التزموا بها , و على زواج عقدوه و عائلة كوّنونها . إنّهم يشعرون و كأنّهم أُخذوا على حين غرّة , فوقعوا فريسة احتيال ما , حرمهم الكثير من حقّهم في السعادة و لذّات الحياة . " أنت تأتي إلى الحياة مرّة واحدة , فعليك أن تعرف منها ملء ما تطوله يداك ... و تحتفظ به لنفسك " .
ينظرون إلى ما طالت يداهم , فيشعرون بقلق , و يعيشون في هاجس الخوف من أنّ " القطار قد سبقهم " . و قد مرّت بهم , من غير رجعة , لذائذ عيش كان من حقّهم على الحياة أن يُحسنوا الإفادة منها . إنّ في أعماقهم حزناً و تحسّراً و تساؤلاً عن سبب ذاك الخلل عندهم . و تتوالى على شفاههم تساؤولات حزينة : أتُرى هذا كل ّ ما في الحياة ؟

Hobbit
07/09/2009, 16:16
شكرا كتير كتير عالمجهود...

:D
الفائدة طيف يلفح الخير بنا
أهتم بتأمله و أهديه لأحبتي
و كلمة شكر تنسي تعباً
و أي مجهود بدرب الإنسانية
يلقى راية شكر
jankasanova
شكراً لك
متابعون متأملون ......

Hobbit
08/09/2009, 13:09
8 أيلول

لقد تهافت العديد من الكتّاب ينتهزون الفرصة , يقدّمون النصائح صفحات متتالية , في أفضل السبل لإشباع الرغبات الشخصيّة و تحقيق الذات . " سأحوّل هذه الحجارة خبزاً ... سأحرّرك من التخبّط في التزاماتك و مسؤوليّاتك الشخصيّة ! " لقد قدّم الاهتمام بالشخص الأهمّ ( أنا و أنا , أنا !) و عن سبل الوصول إلى السلطة و الحفاظ عليها , لا سيّما من خلال إلقاء الرعب في نفوس الآخرين . لقد أعطوا المجد , كلّ المجد , " للفضائل " الأنانيّة و صوّروا الحياة و كأنّها سباق في قطع الأعناق ينتهي فيه " الخيّرون آخرين !" و أغرقوا في الكتب التي تتطرّق إلى دقائق الأمور الجنسيّة جيلاً كان الجنس قد خيّم على حياته , علّهم يزيدونه لذّة فوق لذّة .

هؤلاء الكتّاب أنزلوا الحبّ و الزواج و العائلة إلى مرتبة " الأفكار العتيقة " . فالشائع اليوم طرق خلاّقة في الطلاق , كيف يمكن أن ينجم عن موت علاقة عميقة واقع جديد جميل و مريح . و لقد ذهبت جماعة إلى حدّ ابتكار " احتفال " بالطلاق . و يحاول هؤلاء الكتّاب أن يدفعوا بنا إلى اقتلاع جذورنا القديمة لتخلق فينا ذات جديدة مثيرة ! و لطالما ألحّوا علينا كي نسلّط الانتباه على ذواتنا , فنكون أحبّاء أنفسنا الآن و للأبد .

Hobbit
09/09/2009, 16:38
9 أيلول

////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////


أن أتحمّل المسؤوليّة الكاملة عمّا أقوم به , عن مشاعري و عن عواطفي و عن مواقفي من كلّ ما يعرض لي في حياتي , فتلك هي الخطوة الأخيرة نحو النضج الإنسانيّ . أمّا الإلقاء باللائمة في مواقفي على الآخرين أو على الظروف , فهو سلوك قديم قِدَم البشريّة . لقد شبّ العديد من بيننا على الإلقاء باللائمة على الآخرين في فشلنا . و نحن نحاول دائماً أن نبرّر سلوكاً غير مرضٍ نحو الآخر بحجّة أنّه هو الذي دفعنا إليه , فكأنّني أردّ له " قسماً من دين له عليّ " .
لقد تعلّمنا أن نجد سبباً يخفّف عنا وطأة ألمنا حين نفشل , فنلقي باللائمة على الظروف ... أو على النجوم . و المُحزن في الأمر أنّ مَن يُلقي بِوِزر فشله على سواه إنّما هو إنسان يعيش في عالم الأوهام . لذلك فأمثال هؤلاء لن يتعرّفوا البتّة إلى أنفسهم , و لن ينجوا أبداً .
إنّهم لن يكبروا .
من حقائق الحياة إنّ نموّ الإنسان يبدأ بالأحجام عن ملامة الآخرين لما حلّ به من فشل . إنّ تحمّل مسؤوليّة الحياة كاملة هو نقيض ملامة الآخرين على فشلنا . إنّ مَن يتحمّل مسؤوليّة حياته يعرف أنّ السبب في سلوكه أو ردّات فعله إنّما يكمن في ذاته هو . هذه وبكلّ وضوح , هي الخطوة الأخيرة نحو النضج الإنسانيّ .
و تحمّل المسؤوليّة يبقى السبيل الأفضل إلى النموّ الذاتيّ .

////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////

Hobbit
10/09/2009, 18:54
10 أيلول

////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
كلّ منّا يعرف من خلال تجربته الخاصّة أنّه لا يتمتّع في الحياة بحرّيّة كاملة . فردّات فعلنا تخرج أحياناً عن رقابتنا , و عواطفنا لا تنصاع دائماً لإرادتنا . و هنالك ظروف لا يمكننا فيها أن نكون كما نريد , و لا أن نعمل ما نشاء أو نتفوّه فقط بما نودّ أن نتفوّه به . نحن في الغالب سجناء عاداتنا , و هي تبدو و كأن لا حول لنا و لا قوّة في تغييرها . إنّ لماضينا من الثقل ما يُرهق حاضرنا كما أنّ لحاضرنا ثقلاً لا بدّ و أن يُضني غدنا .
نحن نضحك ساعة نعرف أنّه علينا أن نبكي و نُفرط بالمأكل و المشرب و نحن ندرك أنّ ذلك يؤذينا . نتكنّم و نغضب ساعة نعلم أنّ التعبير عن الأمور بهدوء هو النهج الأسلم . ماذا نعني إذاً " بتحمّل المسؤوليّة كاملة " ؟
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
نحن نسلّم بأنّ حرّيتنا منقوصة , فقد نشأنا على أمور ما منذ طفولتنا , و ما نشأنا عليه يحّد من حرّيّتنا , و قد تمرّسنا ببعض العادات زمناً طويلاً و كنّا لها دائماً أمناء . و العادات أيضاً تحدّ من حرّيّة الانتفاء عندنا . و يحدث أحياناً أنّ الكسل أيضاً يتحكّم فينا . فعلينا أن نقرّ مع الرسول بولس بأنّ الصلاح الذي " أريده لا أعمله و الشرّ الذي لا أريده إياه أعمل " و أنّ فيّ " شريعة أخرى تتجاذبني " .

Hobbit
11/09/2009, 17:31
11 أيلول
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////

لقد ألف العديد من بيننا التفكير بأنّ عواطفنا خارجة عن مسؤوليتنا . لربمّا كان الأمر كذلك في زمن الطفولة و لم يكن بعد قد تكوّن فينا " شخص بالغ " , يتفهّم ما نتلقّاه من رسائل و ما تولّد تلك الرسائل من مشاعر فينا .
أمّا و قد بلغنا مرحلة النضج , فباستطاعتنا الآن أن نختبر تلك العواطف على حقيقتها بكلّ حريّة و أن نقرّر كيف نعبّر عنها بشكل ناضج و بنّاء . و قد يأتي زمن نعود فيه لنحدّد الدوافع التي حملتنا على التعبير عن تلك العواطف بالطريقة العفويّة التي سلكنا , فنتساءل لماذا أتت ردّة فعلنا العاطفيّة على هذا النحو أو ذاك ؟
العاطفة هي موقف من واقع ما يؤول إلى ردّة فعل معيّنة , و لَما كان الأمر كذلك لو لم نكوَّن من عقل وجسد . فإذا ما رأيت فيك صديقاً شعرت بردّة فعل مريحة نحوك , و أحسست بفرح للقياك . و لكن إذا ما حسبتك عدوّاً , انكمشت عضلاتي و تسارعت دقّات قلبي و شعرت بخوف منك و ممّا قد تخطّط لي , و لجأت إلى الهروب .
قد لا أتمكّن من السيطرة على ردّة الفعل هذه و لكنّي أعرف جيّداً أنّها أتت نتيجة لما أنا عليه و لنظرتي إليك .
قد تكون تلك النظرة صحيحة أو مخطئة و قد تأتي نتيجة لاختبارات أخرى عشتها , و لكنّها تبقى , في كلّ حال , قوّة في داخلي توجّه ردّة فعلي العاطفيّة نحوك .

Hobbit
12/09/2009, 16:43
12 أيلول
عندما أحاول تقويم سلوكي العاطفيّ وردّات فعلي أجدني أمام خيارَين لا ثالث لهما , إمّا أن أتحمّل مسؤوليّة سلوكي هذا أو ألقي باللائمة من جرّائه هلى شخص آخر . و لكلّ من الخيارَين نتائجه .
يمكن لصراحتي أن تضعني على طريق النضج , و قد تقودني العقلانيّة إلى الانفلات من الواقع . فإذا ما تبينّت مسؤولية سلوكي وردّات فعلي العاطفيّة , تعرفت إلى عمق ذاتي و كبرت .
و إذا ما حاولت أن أشرح سلوكي العاطفيّ و أبررّه , ملقيّاً باللائمة من جرّائه على الآخرين أو على الظروف , فلن أتمكّن من أن ألج عمق ذاتي و وعي حقيقة ما أنا عليه .
و سوف يكون لذلك تأثير سلبيّ على نموّي إذا ما استقررت في عدم إقراري بمسؤوليّة أعمالي . تذكّر : " إنّ نموّنا الذاتيّ يبدأ حيث نتوقّف عن ملامة الآخرين و تحميلهم مسؤولية سلوكنا الشخصيّ" .
لاحظ كم تختلف أحياناً ردّات فعلنا على السلوك الواحد أو الموقف نفسه من شخص يزعجنا أو يثير غضبنا , يجد فيه آخر ما يستحقّ الشفقة . و مردّ ذلك كلّه النظرة إلى الآخر . فإذا ما بدا لي الآخر و كأنّه يتعمّد إزعاجي أو إثارة غضبي , أتت ردّة فعلي العاطفيّة على سلوكه استنكاراً أو غضباً أو استهزاء . و لكن إذا ما بدا لي محروماً أو مريضاً فمن الأرجح أنّه سيلقى منّي عطفاً و اهتماماً .

Hobbit
13/09/2009, 15:38
13 أيلول
ترتكز صحّة الإنسان على رؤيته قبل كلّ شيء , و على مواقفه الأساسيّة من الوجود , فالصحّة لا تتمثّل فقط في غياب العوارض المرضيّة . و كذلك الحريّة الحقيقيّة , فجذورها قائمة في رؤية الإنسان الأساسيّة , في نظرته إلى الوجود , و هي لا تقوم على عدم حصول إكراه خارجيّ .
أنا أرى المسيح يعيش حياة من الحريّة تثير الإعجاب و ما ذلك سوى نتيجة لرؤيته الأساسيّة , لموقفه الأساسيّ من الوجود : هو حرّ إلى حدّ معايشته البغايا و المنبوذين , كما أنّه أعرب بكلّ حريّة عن خوفه العميق أمام الموت من دون أن يسلبه ذلك الخوف حرّيّة قراره بأن يقدّم حياته كفعل حبّ و لسان حال يقول لكلّ منّا : " إذا ما جعلت من رسالتي ( رؤيتي ) الأساس لحياتك , آنذاك ستعرف الحقّ و الحقّ يحرّرك !" .
و ما هي الرؤية التي تكمن وراء رسالة المسيح و نهج حياته ؟ قد تشمل تلك الرؤية أموراً كثيرة , و لكن ما هو يقين أنّها دعوة إلى عيش ملء الحياة . " أمّا أنا فقد أتيت لتكون الحياة للناس و تفيض فيهم " ( يو 10 / 10 ) .

Hobbit
14/09/2009, 15:49
14 أيلول
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
هذا يعني أنّ كلّ ما يعمله الله هو محبّة . فكما أنّ الشمس ترمي بدفئها و نورها على مَن ينتظر , فكذلك الله يُغدق بدفئه و نوره على كلّ الذين يقبلونهما .
هذا يعني أنّ الله لا يغضب , و لا يعاقب . عندما نبتعد عن الله و نتنكّر لحبّه من جرّاء خطئنا , نتغيّر نحن , أمّا الله فباقٍ على ما هو عليه , ثابت على حبّه اللامتناهيّ . و الحبّ مشاركة , مشاركة في الذات و في الحياة .
و هدف الله من خلقنا هو مشاركة كلّ منّا في ذاته و في حياته .
فالله في أبّوته يدعونا لنكون عائلته الإنسانيّة , لنكون جماعة محبّة , يعمل كلّ فرد من أفرادها في سبيل سعادة الكلّ .

Hobbit
15/09/2009, 15:29
15أيلول
الله محبّة , خلقك على صورته و مثاله . فالحبّ دعوتك , بل إنّه قدرك . و هو كمال طبعك البشريّ . و الحبّ هبة من الله , إنّه أسمى ثمار الروح .
و من الضروريّ أن تدرك أهميّة حبّك لنفسك . فلذلك أولوّية منطقيّة إن لم تكن كرونولوجيّة . فإذا لم تحبّب نفسك , ملأت نفسك الآلام , آلام تدفع بك لتركّز الانتباه على نفسك . الآلام المبرحة تضيق آفاق وعينا . فإذا فشلت في حبّك لنفسك فلن تنجح لا في حبّ الله و لا في حبّ قريبك . لذا عليك أن تعرف كيف تقدّم لنفسك ما تقدّم لمَن تحبّ : عليك أن تقرّ لنفسك بما هو حسن لديك وتثبّته . و عليك أن تتفهمّ بلطف ما هو ضعيف و محدود في ذاتك . و عليك أن تعي حاجاتك و تحاول الاستجابة لها . الفيزيولوجيّة منها و النفسيّة و الروحيّة .
و بينما أنت تتمرّس على حبّك لنفسك , عليك أن تتعلّم أيضاً كيف توافق بين اهتمامك بنفسك و اهتمامك بالآخرين . " كلّ ما تعمله لأحد أخوتي هؤلاء الصغار فلي تعمله " . و تذكّر أنّ نجاحك في حبّ الآخرين رهن بانفتاحك على قبول حبّ الله لك , كما أنّه رهن بحقيقة حبّك لنفسك . و مقياس نجاحك في الحياة سيبقى , في النهاية , عمق حبّك و مدى رقّته و شفافيّته .

Hobbit
16/09/2009, 16:06
16 أيلول


////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////

يقول الربّ : لقد قطعت معك عهداً و التزمت بحبّك للأبد . التزمت بأن أقدم لك الأفضل . و سوف تجدني محبّاً , مشجّعاً , ومقويّاً , و لكنّي سأكون أيضاً متطلباً .
سآتي إليك أحياناً لموآساتك في مصابك , و أحياناً أخرى لأُدخل في نفسك قلقاً يسلب منك رفاهيّتك . و لكن مهما فعلت فسوف أفعله دوماً في سبيل حبّك و حثّك على النموّ .
سأكون حاضراً معك نوراً لظلمتك و قوّة لضعفك .
و سآتيك لأملأ فراغك و أجبر كسرك و أشفي سقمك و أقوّم ما التوى فيك و أحيي كلّ صلاح لديك .
فابق على اتحادك بي , و اقبل حبي هذا و أنعم بصداقتي و دفئي ,و كن قويّاً بقوّتي فتحمل ثمراً كبيراً , و تكمن فيك الحياة .

Hobbit
17/09/2009, 17:01
17 أيلول

////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////


قال الربّ : إنخرط في الحياة و عِشّها مليّاً و لكن تذكّر , في الوقت نفسه , أنّك في سفّر , أنت في الطريق إلى بيت أبديّ أعددته لك . لقد بدأت تعيش الحياة الأبديّة و لكنّها لم تكتمل فيك حتّى الآن . فهنالك آلام لا تزال تُفرض عليك . و لكن تذكّر أنّ آلام هذا الزمن ليست بشيء في مقابل المجد الذي سوف يتجلّى فيك يوماً .

فما رأته عين و لا سمعت به أذن و لا خطر على قلب بشر , ما أعدّه الله من فرح لك لأنّك قرّرت أن تقبل هديّة حبّي لك . و في طريقك إلى بيتنا الأبديّ , تمتّع بالمسيرة . تنعّم بما لديك و افرح به و زد على فرحتك فرحاً جديداً في السعادة التي إليها تصبو . و قل " نعم " بقوّة للحياة و الحبّ في كلّ زمن . سوف تتسلّق قمّتي يوماً و لن تبقى فيك حاجة بعد إلى عدّ الساعات و الأيّام . ستصبح أنت و جميع أولادي لي و أصبح أنا لكم إلى ما لا نهاية .

Hobbit
18/09/2009, 16:06
18 أيلول

////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////


تلك هي , في نظري , الرؤية الأساسيّة التي تطرحها علينا الأناجيل المسيحيّة ( البُشرى ) . إنّها تقدّم لنا نظرة إلى الحياة و إلى الموت - رؤية للوجود . و تجمع تلك الرؤية في طيّاتها بين الطمأنينة و التحدّي . إنّها تُشبع حاجة الإنسان إلى الشعور بالأمان , كما أنّها تقدّم له هدفاً لحياته و معنى . إنّنا نجد فيها مرتكزاً لفهم أنفسنا و لفهم إخوتنا و أخواتنا في العائلة البشريّة , كما أنّها تُرشدنا إلى اكتشاف معنى الحياة و العالم و التعرّف إلى الله كأب محبّ لكلّ منّا . إنّها تطرح على المؤمن نهجاً للتعامل مع الواقع , تقدّم له مجموعة من المعتقدات تتكامل في ما بينها , تمكّنه من شرح الأحداث المحرّكة في حياتنا على تنوّعها . إنّها تأكيد لماهيّة الوجود تأتينا من لدن مبدع الكون بأكمله .
رؤية الحياة الدينيّة هذه تبقى , في نظر بعضهم , مجرّد فكرة رائعة , أشبه بنظارتين ورديّتي اللون جميلتين , تخفّفان من وقع قساوة الحياة على أعيننا . أمّا العامل الفاصل فيبقى الاختبار الروحي الشخصي .
أثر يد الله في حياتي .
على المرء أن يكون منخرطاً بكلّ جدّية في نهج الروح , مصغياً إلى إرشاداته , إذ إنَّ الروح وحده يستطيع أن يجعل من الإنسان شخصاً مؤمناً . فالإيمان ليس احتكاماً إلى المنطق و لا هو يرتكز إلى فكر طبيعيّ .
إنّه اختبار لا يحدث إلاّ بإيماءٍ من الروح .
نعمة الله وحدها تستطيع أن تعطي الرسالة المسيحيّة أبعاداً تتخطّى كونها مجموعة قوانين يُهتدى بها لتغدو مصدر هناء لأناس أتقياء وطيّعين .