-
عرض كامل الموضوع : رحلة في فصول الحياة
butterfly
11/05/2009, 00:15
11 أيار
قد نتساءل أحيانا كيف يمكننا ان نحب ، إن لم نشعر بحب الآخرين لنا إن بين الأسود والأبيض منطقة ضبابية ، ففي كل منا قدرة على الحب ، قدرة على نقل التركيز من أنفسنا . من حاجتنا نحن إلى سعادة الآخرين واكتمالهم ، وبقدر ما نفعل ذلك نفسح المجال لتلك القدرة التي فينا لتتحرر ، وبذلك القدر نفسه نختبر الحب .
وإذا ما تضاءل حبنا في البداية ، فسوف نختبر الحب في ذلك الشح نفسه ، وهذا الحب على شحه سيدفع بنا يوما ً بعد يوم بعيدا ً عن ذواتنا وباتجاه الحب نفسه
هذا هو التحدي الذي يواجه كل منا : علينا أن نحرك فينا كل قدرة على الحب ، صغيرة كانت أم كبيرة ، وبقدر ما نحن على استعداد أن نصرف الجهد ونلتزم بصدق ، سنتلقى بالمقابل حبا ً يكون لنا الغذاء والقوة
ولكن علينا ان نتذكر دوما ً أننا عندما نعطي ، لا نفعل ذلك أبدا ً وفي ذهننا بالمقابل الذي سيعطى لنا . عندما أبدأ بالسؤال
" ماذا عملت أنت لأجلي ؟ " آنذاك يكون الحب في ّ قد بدأ ينتهي
butterfly
12/05/2009, 18:18
12 أيار
عندما خلق الله العالم رأى بأن ذلك حسن جدا ً ، ففي العالم نشهد عظمة الله والله يدعو كل منا ليرى ، بأم عينه ، كم أن العالم حسن ٌ حقا ً . وهو يدعونا أيضا ً لنتنعم بكل ما خلقه من أجلنا ولكنه يحذرنا من ألا ندع الأشياء " تتملكنا " . فإذا بالغت في حبك للأشياء فسرعان ما تبدأ تستعمل الأشخاص لتمتلك الأشياء والمزيد منها . كرس قلبك للحب وليكن حبك للأشخاص أولا ً .
لقد وجه الفيلسوف مارتن بوبر مجمل تفكيره نحو العلاقة بين " الأنا والأأنت " لا سيما بعد أن عاش اختبارا ً مؤلما ً جدا ً ، أتاه شاب في يوم وطلب أن يتقابل معه وكان الفيلسوف منهمكا ً بكتابة محاضرة كان سيلقيها في مؤتمر بعد قليل ، فرفض مقابلة الشاب ، وفي تلك الليلة أقدم الشاب على قتل نفسه . فكان لانتحاره بالغ الأثر في نفس وبور ، ومرة أخرى تعلّم ما أهم أن يحب الأشخاص ويستعمل الأشياء
أن التوازن بين حب الأشخاص واستعمال الأشياء يبقى غاية في الدقة ، إذ أنه يخشى ، حين نبدأ نحب الأشياء بشعف أن نبدأ أيضا ً نستعمل الأشخاص لنحصل على تلك الأشياء وعلى مزيد منها . لذا لا يقول الكتاب المقدس أن " المال هو رأس الشرور " بل " حب المال هو أساس كل الشرور " ، وحيث يكون كنزك يكون أيضا ً قلبك ، فعندما نصبح مثلا ً مدمنين على التبجيل ، نسمح بالدخول إلى عالمنا فقط لكل من يدفع الثمن المطلوب لدخوله ، وعندما تألف نفوسنا التمتع دوما ً بما يروق لنا ، نقفل باب عالمنا في وجه من قد يثقل علينا أو يقلق راحتنا ، وهكذا نتراجع أمام تحدي الحب .
باشق مجروح
13/05/2009, 14:11
ان التوازن بين حب الأشخاص واستعمال الأشياء يبقى غاية في الدقة ، إذ أنه يخشى ، حين نبدأ نحب الأشياء بشعف أن نبدأ أيضا ً نستعمل الأشخاص لنحصل على تلك الأشياء وعلى مزيد منها
هالجملة رائعة جداً .
ما بتتخيلي قديش عم استمتع بهالمكان :hart:
:D
butterfly
13/05/2009, 14:23
13 أيار
نقرأ ما في إنجيل القديس لوقا ( لو 1 : 26 /38 ) أن ملاكا ً طرح يوما ً على فتاة شابة سؤالا : أتريدين أن تصبحي أما ً للمسيح المخلص ؟ " فكرت تلك الفتاة الشابة سريعا ً وطرحت على الملاك السؤال الوحيد الذي كان يهمها : " أهذي حقا ً إرادة الله ؟ " أهذا ما يدعوني الله إليه ؟ كان همها الأول أن تتم إرادة الله في كل شيء . وعندما أكد الملاك ذلك أجابت دون تردد أنها طوع إرادة الله : " أنا أمة الرب فليكن لي بحسب قولك " ( لو 1 "38 ) وفي تلك اللحظة أخذ المخلص جسده من جسدها بقوة الروح القدس وسكن فيها .
عندما أجابت مريم الملاك بالإيجاب ، لم تكن تعي ما سوف يتحتم عليها ذاك الالتزام من تبعات ، وما من شك انه ، عندما أصبح حبها باديا ً للجميع ما كان بوسعها أن تشرح ليوسف ما الذي حدث وهو الذي كان يفكر في تخليتها سرا ً . وما من شك أنها عندما حملت طفلها بين ذراعيها في تلك الليلة في مغارة من مغاور بيت لحم ، ما كانت تعلم ما سوف يكون ولا خطر ببالها أنه سيغير مجرى تاريخ البشرية .
وهكذا تعذر عليها فهم جوابه عندما سألته بعد بحث عنه دام ثلاثة أيام : يا بني لم صنعت بنا ذلك ؟ فأنا وأبوك نبحث عنك متلهفين "
" الا تعلمين أنه يجب أن أكون عند أبي " ؟
إني على يقين من أن مريم لم تفهم يومها من ذاك الجواب شيئا ً .
butterfly
14/05/2009, 22:30
14 أيار
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
لم تكن مريم مع يسوع في أحد الشعانين ، فلا هي سمعت هتافات " هوشعنا " ولا اختبرت حماسة الجماهير واحتفاءها بدخوله أورشيلم . فآخر ما تذكره الأناجيل عن مريم في تلك الأسبوع وقوفها على أقدام الصليب وهي تشهد وحيدها يموت ببطء ، ميتة مؤلمة وبعد ما أظلمت السما حملت مرتجفة جثة وحيدها بين ذراعيها
لقد خلّد مايكل أنجلو ذلك المشهد في المنحوتة الرخامية الشهيرة وكأنها عربون تقدير لتلك السيدة ولالتزامها بإرادة الله حتى النهاية . وقد أطلق الفنان على تلك المنحوتة أسم " بيتا " وهي لفظة إيطالية معناها الأمانة . كانت مريم تلك السيدة الأمينة التي قالت نعم للرب وثبتت على عهدها حتى النهاية . لقد وثقت بحب الله لها وحكمته ولو انها ما توقعت يوما ً ان يحدث لها مثل تلك المأساة التي حلت بها
والمسيحي الذي اعتنق فكر المسيح يعرف أن السيد ما تكلم يوما ً عن النجاح بل عن " الأمانة " فقط . وعندما ننظر إلى حياتنا نظرة إنجيلية ندرك أن الاستمرار في الأمانة إنما هو النجاح الأهم الذي يمكن المرء أن يحققه في الحياة .
butterfly
15/05/2009, 11:49
15 أيار
إن أهم الطرق التي قد نلجأ إليها في سبيل الدفاع عن أنفسنا هي ، في مجملها عقبات تسيء إلى عملية التواصل لأنها تحاول أن تخفي حقيقة نواحي الضعف التي فينا . فنقدّم إلى الآخر صورة غير صادقة عما نحن فيه
وبقدر ما نخفي حقيقتنا ، نسيء إلى قدرتنا على النمو الشخصي . إني لن أبلغ القدر من النضج الذي يمكنني بلوغه ما دمت ألجأ إلى الاحتماء وراء حيل هي اشبه ببرقع احجب به حقيقتي عن الآخرين إنها في النهاية تفصل بين الواقع وبيني .
منذ أن اكتشف الإنسان اللغة وهو يحس بميل عنده إلى استعمالها لا للتعبير فقط عن حقيقة ذاته بل لطمس بعض معالم الواقع أيضا ُ . فنحن منذ الطفولة نميل إلى تجميل الصورة التي نعطيها عن انفسنا ، إذ من شأنها أن تعود علينا بالمكافأة . وعندما نكبر قد نجد في أنفسنا ميلا ً إلى التلاعب في اللغة عواقبه وخيمة ، نقول لشخص مثلا ً أننا نحبه وذلك لنتمكن من استعماله ونحن غالبا ً ما نفعل ذلك لنقنع أنفسنا اننا أفضل مما نحن عليه ، إنها في الحقيقة محاولة أخرى لتغطية ما نحن فيه من ضعف وما نشعر به من دونية في مواجهة الآخرين
:mimo:
ابو نجبو
15/05/2009, 12:59
جميل جداً....
شكراً الك....
:D
butterfly
17/05/2009, 03:08
16 أيار
من الواضح أننا قبل أن نتفاهم عقلانيا ً ، علينا أن نتصارح ، فالعواطف إذا ما بقيت دفينة تقف عائقا ً في وجه تبادل الأفكار بانفتاح وحرية .
لا يمكنك أن تتعرف إلي ّ بوضوح وشفافية إلا عندما أبوح لك بمشاعري . فأفكاري وقناعاتي وقيمي ليست في الواقع دائما ً من عندي ، فقد اكتسبتها في الغالب من القراءة أو ورثتها عن أسلافي أو استقيتها مما سمعت او استنشقت أو أخذتها عمن قلدت ..
فأفكاري ومواقفي تصنفني في خانة ما ، فأنا مثلا ً " إيرلندي " او " ديمقراطي " ، ولكن لن تظهر لك شفافيتي ولا الأنا الحقيقي الذي يسمح بأن تقوم شراكة شخصية بيني وبينك . مشاعري وحدها تسمح بذلك ، أسلبية كانت أم إيجابية . إن مشاعري لأشبه ببصمات أناملي ، بلون عيني ونغمة صوتي فهي فريدة ولن تكون لأحد سواي .
فإذا ما شئت أن تتعرف إلي عليك أن تتعرف إلى مشاعري . ولن تتمكن من فهم أفكاري ونواياي وتوجهاتي على حقيقتها في الجدال إلا بعد أن تتعرف إلي ّ من خلال الحوار
butterfly
17/05/2009, 03:22
17 أيار
في حياتك وفي حياتي آلاف التحديات تطرح علينا داعية كلا ً منا إلى الخروج من عزلته . إن السيدة التي علمتني في صف الحضانة قالت لي منذ فترة قصيرة أنني كنت من أكثر التلامذة التي علمتهم خجلا ً ومن أضعفهم بنية . طبعا هي عرفت مني الوجه الخارجي فقط ، وما كانت لتفطن أن ذلك الطفل هو في حنايا ذاته خائف ، متردد ، وكثير الاهتمام بما يفكر به الآخرون ،وأنه كان يتجنب المخاطرة خشية أن يرفضه الآخرون ، وكان يحاول إخفاء تلك الأمور كلها في صدره النحيل الضيق .
ومن نعم الله علي أن عديدا ً من الناس نظير تلك المعلمة تركوا بصماتهم في نفسي لأنهم عرفوا كيف يتعاملون معي بمزيج من الحب والتطلب .
سأل أحدهم المذيع الشهير وولتر كرونكايت عن أهم شخص أثر في حياته بعد أفراد عائلته ، فأجاب : اعتقد أنها معلمتي لما كنت في الصف الرابع
وفي ما يخصني انا فإ‘ني أكن كل العرفان لمعلمتي في الحضانة وللعديد من الذين على مثالها أقنعوني بأني استطيع أن انجح ودفعوا بي بلطف كي أحاول .
butterfly
18/05/2009, 01:25
18 أيار
تتميز في عملية الاتصال بين الأشخاص مستويات مسة . ولفهم تلك المستويات من المفيد أن تتخيل الإنسان وكأنه في سجن مظلم ، وفي نفسه توق إلى الخروج من سجنه للقاء الناس ، ولكنه خائف . فالمستويات التي سنشرحها في الأيام المقبلة . تمثل خمس درجات من العزم على الخروج من الذات وخلق علاقات شخصية مع الناس
الشخص المحبوس وهذا واقع كل إنسان ، يعيش في سجنه منذ سنوات ولكن من دون أن تكون الأبواب الحديدية يوما ً مقفلة ! بإمكانه أن يخرج من سجنه ولكن الزمن الذي قضاه في السجن علمه أن يخش الأخطار التي قد تصادفه خارج سجنه . لقد ألف الشعور ببعض الأمان والحماية داخل جدران سجنه ، حيث هو رهينة بملء إرادته ، فظلام السجن يحبس عنه حتى فكرة واضحة عن نفسه ، وهو لا يدري كيف سيظهر للملأ إذا ما جازف خارجا ً إلى الضوء
وفوق كل شيء هو لا يعرف كيف سينظر العالم إليه ، ولا يدري هل الناس الذين يتحركون في الخارج سيقبلونه في عالمهم . إنه يتمزق حيرة ً بين ما به من حاجة قوية إلى الخروج ولقاء الناس ، وخوف لا يقل قوة من إمكانية رفض الآخرين له إذا ما قرر أن يضع حدا ً لعزلته
وشم الجمال
18/05/2009, 08:40
رائع جدا تصويرو لمفهوم السجن يللي بنعيش فيه وكيف نحنا بنخاف من الخروج منو لانو بنخاف من العالم يللي خارج سجننا بس بسجونهم الخاصة
جميل جميل ميمو:mimo:
butterfly
19/05/2009, 01:38
19 أيار
يذكرني هذا السجين بما قاله فيكتور فرنكل في كتابه " بحث الإنسان عن معنى " ، عن رفاقه السجناء في مخيم داخو .
" كان بعضهم ، يقول فرنكل من الذين يتشوقون بلهف كبير إلى الحرية ، وكانوا قد قضوا سنين طوال في السجن ، عندما اطلق سراحهم ، خرجوا إلى الضوء وفتحوا عيونهم بشيء من العصبية ، ثم قفلوا راجعين نحو ظلام السجن الذي اعتادو رؤيته منذ زمن طويل "
تلك هي صورة ولو مأساوية للمعضلة التي نعيشها جميعا ً ، في فترة من حياتنا ونحن نحاول المضي في مسيرة نمونا الشخصي ، أننا في غالبيتنا نلبي بخجل كبير الدعوة إلى " لقاء " الآخرين . لأننا نشعر بانزعاج عميق ونحن نظهر حقيقتنا الشخصية . يظهر بعضنا بمظهر الملبي للدعوة فقط والبعض الآخر يبدي شجاعة ويكمل المسيرة نحو الحرية وبين الاثنين محطات كثيرة
سنتكلم لاحقا ً كما قلنا عن تلك المحطات كمستويات خمسة في عملية الاتصال
وسنبدأ بالمستوى الخامس الذي يمثل أقل قدر من إرادة الخروج من ذواتنا نحو الآخرين . والمستويات الباقية تشير نزولا ً إلى قدر أكبر فأكبر من النجاح في المخاطرة نحو عالم الآخرين
butterfly
19/05/2009, 01:51
رائع جداً جداً جداً ..
متابع بشوق :D
واللي ضايغ ومو قادر يعرف ذاتو؟؟؟
هي كتير عم تصادفني من فترة ...
تحية لك مرسيل :D ووردة ايضا
الحب,,,,أسطورة ومع ذلك نؤمن بها ونزداد امعانا واحتراقا بها لا لشئ الا لاننا جبلنا عليه
ربما ينتهي الضياع ذات يوم,,,ربما
مرسيل,,,اشكركـ:mimo:
جميل جداً....
شكراً الك....
:D
رائع جدا تصويرو لمفهوم السجن يللي بنعيش فيه وكيف نحنا بنخاف من الخروج منو لانو بنخاف من العالم يللي خارج سجننا بس بسجونهم الخاصة
جميل جميل ميمو:mimo:
شكرا كتير لكل اللي متابعين معي
:mimo:
وشم الجمال
19/05/2009, 09:33
19 أيار
يذكرني هذا السجين بما قاله فيكتور فرنكل في كتابه " بحث الإنسان عن معنى " ، عن رفاقه السجناء في مخيم داخو .
" كان بعضهم ، يقول فرنكل من الذين يتشوقون بلهف كبير إلى الحرية ، وكانوا قد قضوا سنين طوال في السجن ، عندما اطلق سراحهم ، خرجوا إلى الضوء وفتحوا عيونهم بشيء من العصبية ، ثم قفلوا راجعين نحو ظلام السجن الذي اعتادو رؤيته منذ زمن طويل "
تلك هي صورة ولو مأساوية للمعضلة التي نعيشها جميعا ً ، في فترة من حياتنا ونحن نحاول المضي في مسيرة نمونا الشخصي ، أننا في غالبيتنا نلبي بخجل كبير الدعوة إلى " لقاء " الآخرين . لأننا نشعر بانزعاج عميق ونحن نظهر حقيقتنا الشخصية . يظهر بعضنا بمظهر الملبي للدعوة فقط والبعض الآخر يبدي شجاعة ويكمل المسيرة نحو الحرية وبين الاثنين محطات كثيرة
سنتكلم لاحقا ً كما قلنا عن تلك المحطات كمستويات خمسة في عملية الاتصال
وسنبدأ بالمستوى الخامس الذي يمثل أقل قدر من إرادة الخروج من ذواتنا نحو الآخرين . والمستويات الباقية تشير نزولا ً إلى قدر أكبر فأكبر من النجاح في المخاطرة نحو عالم الآخرين
كمان ذكرتني الصورة يللي رسمها بالصورة يللي حكى عنها افلاطون بخصوص الكهف والناس يللي جواتو والظلال,,,,في نقاط التقاء بين الحالتين
بس كتير خطير انو الانسان ينزل لعالم الاخرين لانو احيان كتيرة بيندم على خوض هيك تجربة لانو بينصدم بالشخوص يللي بدخل عوالمهم
يمكن القصة بتصفي سوء اختيار
butterfly
20/05/2009, 01:08
20أيار
المستوى الخامس من التواصل يمثل أضعف استجابة للتحدي الإنساني ، وأدنى مستوى من الاتصال البشري . ولا يحدث هنالك ، في الواقع اتصال حقيقي إلا على سبيل المصادفة . في هذا المستوى نستعمل دائما ً كلاما ً مبتذلا ً ، لا يتخطى سطحية المجاملات : " كيف حالك ؟ " .. " كيف حال العائلة " وقد ننطق بعبارات كالتالية " يعجبني فسطانك كثيرا ً " ، " أمل أن نجتمع مرة ثانية في وقت قريب " "تسرني رؤيتك "
في الواقع نحن لا نعني شيئا ً من كل ما قلناه أو سألنا عنه . وكم يكون اندهاشنا كبيرا ً إن بدأ الشخص الآخر يجيبنا على سؤالنا عن حاله بدقة وتفاصيل ،من حسن الحظ فأن المحاور يحس عادة بسطحية الكلام ، وقلة الصدق فيه ويوفر علينا الدهشة بإعطائه جوابا ً سريعا ً متوقعا ً " أنا بخير ، شكرا ً " .
مثل هذا الحديث هو الذي يدور في حفلات الكوكتيل ، واجتماعات النوادي ، الحديث الذي يفتقر إلى الاتصال بالآخر ، ويخلو من أية مشاركة بين الأشخاص .يتكلمون ولكن كل منهم يلازم عزلته مطمئنا ً إلى سلامته الخاصة ناعما ً في ادعائه الشخصي متماديا ً في خداعه ومتسترا ً وراء حنكته . فأعضاء الجماعة يلتقون ليكون كل منهم في وحشته بحضور الآخرين .
كل ذلك اختصره بول سيمون ببلاغة في قصيدته " أنغام الصمت " وقد استعملت بفعالية كبرى في فيلم المتخرج قال :
" وفي ظلمات الليل العارية
شاهدت عشرة ألاف شخص
أشخاص ينطقون ولا يتكلمون
أشخاص يسمعون ولا ينصتون
أشخاص يكتبون أغنيات
لن تنشد أبدا ً
وما تجرأ أحد أن يعكر سكون
ذلك الصمت "
وشم الجمال
20/05/2009, 09:04
وفي ظلمات الليل العارية
شاهدت عشرة ألاف شخص
أشخاص ينطقون ولا يتكلمون
أشخاص يسمعون ولا ينصتون
أشخاص يكتبون أغنيات
لن تنشد أبدا ً
وما تجرأ أحد أن يعكر سكون
ذلك الصمت "
ترى هل السبب غربة الانسان حتى عن نفسه؟
الجميع يخاف من الاخر,,,,يخاف من العري
رائعين هالكلمات:mimo:
butterfly
21/05/2009, 00:29
21 أيار
في المستوى الرابع من عملية التواصل نحن لا نبتعد عن سجن وحشتنا لنقيم اتصالا حقيقيا ً بالآخرين ، لأننا لا نبوح بشيء من ذواتنا بل نكتفي بأن ننقل إلى الآخرين ما قال فلان أو ما فعل علان .. من دون أي تعليق أو الإدلاء بوجهة نظر خاصة . فكما أننا في أغلبيتنا نختبىء أحيانا ً وراء كلام مبتذل ، هكذا أيضا ً نبحث عن ملجأ لنا وراء الكلام عن الآخرين ، فلا نعطي شيئا ً من ذواتنا ولا نطلب من أحد أن يعطي من ذاته شيئا ً .
وشم الجمال
21/05/2009, 14:19
المستوى الرابع من التواصل كتير تعيس وبيصورلي حياة جحيمية مع مرتبة الشرف
marioma alghzayala
21/05/2009, 14:44
رائع رائع ..حبيتو كتيييييييييييييييير .... :clap:
ميرسي ميمو ..ميرسي جدا جدا ////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
butterfly
22/05/2009, 00:09
22 أيار
في المستوى الثالث ، أبدأ بالكشف عن شيء من نفسي . لقد قررت أن أخرج من مخبئي لأخاطر وأكشف لك عن أفكاري ، وعن بعض أحكامي الخاصة وقراراتي . ولكن من دون ان أرفع الرقابة تماما ً عمّا أبوح به . وبينما أنا أفصح عن أفكاري .. سأراقبك باهتمام. أريد أن أتفحص حرارة الماء قبل أن اغطس . أريد أن أتثبت من أنك ستقبلني مع أفكاري وأحكامي وقراراتي . فإذا رفعت حاجبيك مثلا أو تثائبت أو التفت إلى الساعة في معصمك فمن المرجح أنني سأتراجع إلى مكان أكثر أمانا ً كأن ألجأ إلى غطاء الصمت ، أو أتناول موضوعا ً آخر . وأخطر من كل ذلك ، قد أبدأ بأن أقول لك ماأظن أنك تود أن تسمعه مني ، سأحاول أن أكون ما تريد !
ولكن قد يأتي يوم أشعر فيه أن في أعماقي توقا ً إلى أن أنمو كإنسان ، فتصبح لدي الشجاعة الكافية لأطرح امامك ما في فكري وقلبي ، تلك ستكون ساعة الحقيقة عندي . وإذا ما فعلت وبقيت رغم ذلك في غربة عنك ، و أنت لا تعرف عني سوى القليل ، فذاك يعني أن علي أن أسير بك نحو عمق جديد في ذاتي .
butterfly
23/05/2009, 00:34
23أيار
قد يفوت البعض منا أنه بعد ان نفصح عن أفكارنا واحكامنا وقراراتنا لا يزال عندنا ما نشارك فيه الاخرين . ولكن في الحقيقة إن ما هو فريد عندب ، وما يفرق بين الآخرين وبيني ويجعل من اتصالي الشخصي اتصالا يعرّف عن خصوصية ذاتي ـ، إنما يبقى في مستوى شعوري الخاص وعواطفي .
إذا كنت أريدك في الحقيقة أن تعرف من أنا ، فلا يكفي ان أقول لك ما يجول في فكري ، بل علي أن أبوح لك بعمق مشاعري، وهذا هو المستوى الثاني . إن أفكاري وأحكامي وقراراتي قد تكون كلها تقليدية . وإذا كنت أنتمي مثلا ً إلى حزب سياسي كنت واحدا ً من مجموعة ...
أما مشاعري التي هي وراء أفكاري وأحكامي وقناعاتي ، فأنفرد بها أنا لوحدي . ما من أحد يناصر حزبا ً سياسيا ً أو يعتنق قناعات دينية ، أو يلتزم بقضية بالشعور نفسه الذي عندي أو بالحماسة أو الخمول عينه . وما من أحد يختبر شعوري بالخيبة أو معاناتي أمام الخوف ، أو يحس بآلامي ، وما من أحد يناهض الحرب بالا متعاض عينه أو يعيش وطنيته بالطريقة ذاتها .
إنها مشاعري على هذا المستوىمن الاتصال ، هي التي علي أن أشاركك فيها إذا أردت أن أقول لك حقيقة من أنا .
باشق مجروح
26/05/2009, 17:40
:na3san::sleeping:
...........
butterfly
26/05/2009, 21:03
24 أيار
إننا في غالبيتنا ، نشعر بأن الناس لن يمكنهم أن يتحملو صدقا ً كهذا في اتصالهم بالآخرين . قد نفضل أن ندافع عن مراوغتنا بحجة أن الصدق قد يجرح الآخرين وبعد أن نكون ألبسنا قلة صدقنا حلة نبيلة ، نكتفي آنذاك بالعلاقات السطحية ، وهذا ما لا يحدث فقط مع " معارف " عابرة مؤقتة
، بل ومع أعضاء من عائلاتنا ، وهذا ما قد يزعزع العلاقة الصحيحة داخل العائلة الواحدة . ونتيجة لذلك ، فلا نحن ننمو ولا نساعد أحدا ً على النمو ، وفي أثناء ذلك نبقى مرغمين على العيش مع عواطف مكبوتة . إنه لنهج خطر ، يحمل في طياته بذور خرابه . ولكي يكتب لعلاقة أن تصبح لقاء شخصيا ً ، يجب أن تبنى على الصدق والانفتاح والصلة العميقة الخاصة ، أما البديل فهو بقائي في سجني ، أعيش سائرا ً نحو الموت خطوة خطوة .
butterfly
26/05/2009, 21:57
25 أيار
إن كل علاقة حقيقية وعميقة وبوجه أخص علاقة المتزوجين يجب أن تبنى على انفتاح كلي وصدق مطلق . والعلاقة " العميقة " تكون بالغة الصعوبة أحيانا ً ، ولكننا ، في تلك الأحيان نكون في أمس الحاجة إليها . في الصداقات الحميمة كما في العلاقة بين الزوجين ، يحدث من وقت لآخر انصهار عاطفي وشخصي تام .
ولكن الواقع البشري يحول دون استمرار تلك الخبرة . إنما هنالك فقط بعض برهات يبلغ فيها اللقاء حد الاتصال الكامل . آنذاك يحس الشخصان باندماج وجداني شبه كامل ،أعرف صديق يشاطرني تماما ردات فعلي ، وأن سعادتي هي سعادته وحزني حزنه ، ونصبح أشبه بآلتين موسيقيتن تعزفان لحنا ً واحدا ً ، وهما مفعمتان بالنغم نفسه ، ومعا ً تنشدانه . هذا ما نعنيه عندما نتحدث عن المستوى الاول في الاتصال ، مستوى القمة في العلاقة .
وشم الجمال
28/05/2009, 13:55
متابعين كالعادة استغربت انو اليومين الفاتو ما كتبتي شي من فصول الحياة بس رجعة موفقة للموضوع:mimo:
butterfly
31/05/2009, 17:11
26 أيار
أن مثل من لا يعيش قمة الخبرة في التواصل هو كمثل شخص يقيم في بيته وحيدا ً ، وهنالك يشعر بالاطمئنان فلا يحاول الاتصال بالآخرين ولكنّه لا يفيد شيئا ً من العالم الخارجي . هو يتنفس ولكن الحياة الحقيقية تنقصه . حدث له أن نظر ذات يوم من نافذة منزله ليرى أناسا ً في الخارج يرقصون ويفرحون . إستوقفه ذلك المشهد فنسي للحال مخاوفه وترك بيته مندفعا ً نحو عالم جديد ، يستنشق هواء ً جديدا ً وكأن أشعة الشمس ودفئها يلامسان وجهه للمرة الأولى . فشعر فجأة وكأن الحياة فيه قد تفجرت ولن يتمكن بعد من العودة إلى ماكان عليه ، إلى الحياة الضيقة والوجود المتقوقع . وقد حدث ذلك لأن شخصا ً في الخارج قد استهواه وأسقط من نفسه كل الحواجز التي جعلت منه سجين نفسه .
على أثر عيش خبرة تواصل حقيقية يشعر كل من الفريقين بأن تغييرا ً قد حدث فيه لأن علاقته بالآخر قد اتخذت بعدا ً جديدا ً جعله ينظر إليه بمنظار جديد .
butterfly
31/05/2009, 17:20
27 أيار
دعوني الآن أصف ما أعني " بالقمة في الاختبار الشخصي " من خلال التواصل . لنفترض أولا ً أنك في قمة الاختبار الشخصي تنفتح على الآخر بشكل يدفع به من مواقعه الخاصة التي استقر فيها إلى اختبار واقع جديد . فهذا الاختبار الجديد لن يكون مجرد معرفة أعمق لشخصك ، ولكنه سيشكل بالنسبة إلى الآخر اختبارا ً جديدا ً خاصا ً ، من شأنه أن ينمي قدرات الشخص الآخر ، ويجعل منه إنسانا ً يتمتع بحياة أعمق إذ أنه يصبح أكثر قدرة على الحياة والحب .
ولمّا كانت المشاعر هي التي تحدد " الأنا " الحقيقي وتظهره لك ، فلا بد ّ لي من أن أشاطرك تلك المشاعر بشفافية . وهذه المشاركة من شانها أن تخولك التعرف إلي ّ بشكل جديد والتعرف إلى نفسك مما يحدث فيك تغييرا جديدا ً . ربما أتت تلك المشاركة من خلال التحدث إليك عن أمر حصل لي أو من خلال التعبير عن حبي لك ، وما سيحدث التغيير هو المضمون العاطفي لحديثي .
إذ انه يفسح لك المجال لتلتقيني من خلال خبرة شخصية وإذا ما أبقيت على عواطفي دفينة ، فسوف تنظر إلي ّ فقط من خلال مشاعرك أنت ، إذا أخبرتك مثلا ً أنني فشلت في أمر ما دون أن اعبر لك عن شعوري امام هذا الفشل ، فلا بد من أنك ستنسب إلي ّ الشعور الذي تشعر به أنت عندما تفشل ، أما الحقيقة فليست هكذا أبدا ً . لذلك عندما أنكر عليك عمق مشاعري ، يحول ذلك دون تعرفك إلي ّ ، فلا تفيد من الخبرة التي كلمتك عنها .
butterfly
31/05/2009, 17:45
28 أيار
قد يتسبب بعض الأشخاص أو بالظروف بردات فعل لدي ّ ولكن سلوكي الخاص يبقى نتيجة مواقفي وتطلعاتي الشخصية ، تلك التي تكونت هي ّ أيضا ً من خلال ما تسجل في وجداني من انطباعات وما مر ّ في حياتي من اختبارات . إن مواقفي فريدة تماما ً كبصمات اناملي ، لذا لن تتطابق نظرتي إلى الواقع مع نظرة شخص آخر .
أنني لن أختبر الشعور نفسه وأنا أشهد وإياك الحدث نفسه. فقد تشعر أنت ببعض الاستخفاف امام ما حدث بينما أنظر إلى الأمر نفسه بجدية بالغة . وقد يثير الشفقة في نفسك مما يولد فيك شعورا ً من الغضب . وقد ترى أنت في الفشل مجالا ً لتحدٍ جديد في حين أشعر أنا امام الفشل نفسه بكثير من الإحباط .
إن اللائم الذي يلقي بمسؤولية ما يقول وما يعمل على الآخرين هو شخص لن يكبر أبدا ً ، وسيستمر في غربة عن ذاته ، وفي منأى عن واقع الحياة . اللائمون يصرون على أن أحدا ً سواهم يسيّر الأمور ، لذا هم لا يواجهون ذواتهم أبدا ً فلا يفطنوا لحقيقة ما في عمق نفوسهم .
إذا ما تأملنا في هذه الحقائق عن كثب ، فلا بد وأنها ستؤثر في طريقة اتصالنا بالآخرين . فعوض أن اتوجه إليك بلغة المخاطب فأقول لك : أنت أغضبتني ، أكلمك بلغة المخاطِب فأقول : أنا غاضب .
لغة المخاطب تتنكر لما قلناه حول المسؤولية الشخصية بل أنها تحاول تولد لديك شيئا ً من الشعور بالذنب . فكأنك أنت ، لا أنا مسؤول عن سلوكي الذي لا يروق لي . فإذا كنت ممن ألفوا الدفاع عن أنفسهم في أي حال . دخلت معي في جدل عقيم هو أقرب إلى حوار الطرشان
butterfly
02/06/2009, 18:30
29 أيار
عندما أحدثك في ما أشعر به أرمي إلى واحدة من ثلاث : التمويه عن النفس ، أو الدفع بك إلى القيام بعمل ما ، أو إشراكك حقا ً في ما به أحس ، وهذا الإشراك هو الذي يعمق التواصل في ما بيننا .
إذا ما حدثتك عن مشاعري فقط لأموّه عن نفسي أنا ، لا أقدم لك شيئا ً من ذاتي ، بل أخالني أتصرف معك وكأنك " سلة المهملات " ألقي فيها ما لا يروق لي من مشاعر ، فأشعر بشي من الأرتياح في حين أنك تشعر أنت بثقل ما قد سقط عن كاهلي أنا !
وإذا كان الحافز وراء بوحي لك ببعض المشاعر أن ادفعك إلى القيام بعمل ما ، فأنا ، عن وعي أو لا وعي ، أحاول التلاعب بمشاعرك . ربما أردت أن اجعلك تحس بالمسؤولية عمّا أحس به من مشاعر ، أو تشعر بالذنب من جراء ما أعانيه أنا ، أو تغدق علي ّ عطفا ً وتعيرني اهتماما ًَ أنا في أمس الحاجة إليه . هذا طبعا ً ليس بهدية مني إليك ، بل هو مجرد ابتزاز لك . نحن قد نحاول إنكار كل هذه الحوافز او أننا نعمل على تجميلها ، ولكنها لا بد وأن تظهر إلى العلن على حقيقتها ، في آخر المطاف ستتسبب ببعض الآلام ولو أنها بدت كالآلام التي على أغصان الورد .
إن الحافز الوحيد الذي يمكن القبول به ليبوح المرء بمشاعره هو ترسيخ التواصل بين شخصين : أحدثك عن مشاعري فقط لأني أريدك أن تتعرف إلي ّ في عمق حقيقتي فيؤول ذلك إلى علاقة عميقة وصداقة فيما بيننا . إن كل ما دون ذلك في التعامل غير مقبول ولا هو محق ، وهو غالبا ً ما يؤول إلى تخريب العلاقات الشخصية ، لا إلى بنيانها ، لكنني أمل أنك سوف تصغي حقا ً إلى ما أحدثك ، فتلقى مشاعري لديك اللطف الذي تستحق وإنني أعدك أيضا ً بذلك .
butterfly
02/06/2009, 18:34
30 أيار
لقد قال أحدهم ، وهو على شيء من الحق ، بأننا غالبا ً ما لا نتباحث في المشكلات الحقيقية ، بل نحاول الإعراب عن مشاعرنا الخفية من خلال أمور هامشية . قد يتذمر زوج من امرأته بسبب ما دفعته ثمنا ً لثوب اشترته ، وقد تلقي هي باللائمة عليه من جراء خزانة وعد بإصلاحها :lol: وأخلف بالوعد ، ولكن الواقع انه لا ثمن الثوب ولا تصليح الخزانة هما السبب الحقيقي في تذمر كل منهما ، بل إن كلا يحاول تسجيل انتصار ما على الآخر ، علّه يعيد لنفسه بعضا ً من اعتبار فقده في جولة سابقة ، وكلاهم ا، في كل حال يدعي انه يقول الحقيقة ، كل الحقيقة ولا شيء سوى الحقيقة .
كم أعيش في خداع مع نفسي عندما أدعي أنني أملك الحقيقة وأنا أعرف حق المعرفة أنني لا أدرك منها سوى قدر ضئيل جدا ً .
butterfly
02/06/2009, 18:44
31 أيار
نحن في غالبيتنا نميل إلى الانطلاق من اختبار خاص نعيشه لنجعل منه قاعدة عامة لسلوك الآخرين ، ننسى أن كل إنسان فريد في اختباراته وأن ردات الفعل على كل حدث تختلف باختلاف الاشخاص .
أنني عندما ألجأ إلى مثل هذا النهج فذلك يعني أن وعيي الغيرية بالآخر مازال ضئيلا ً وأنني ما فطنت بعد إلى الفرادة الشخصية التي يتمتع بها كل إنسان ، وإنني مازلت أظن أن ما ينطبق علي ينطبق على كل إنسان . وما يزعجني يزعجهم وما يفرحني يفرحهم . فكأنني أجعل من نفسي مقياسا ً لكل إنسان ،و أنصب نفسي ناطقا ً باسم الناس جميعا ً .
ما من إنسان على الأرض يملك كل الحقيقة ولكن إذا ما كنا على استعداد لأن نشارك الآخر في بعض الحقيقة التي لدينا ، يصبح آنذاك كل منا على بينة أكبر بالحقيقة كلها .
مثل ذلك كمثل شخصين يقف كل منهما إلى إحد جانبي سياج حديدي أحد جانبي السياج مطلي بلون رمادي والأخر بلون أخضر إذا ما أصر من هو في الجهة الخضراء على أن السياج أخضر فلا بد وان يلقى مقاومة ممن هو في الجانب الآخر والذي يرى هو أيضا ً أن السياج بلا شك هو رمادي اللون . طبعا ً كل منهما على حق فيما يقول ولكن احدا منهما لا يملك الحقيقة كلها . وهذا شأننا في الغالب عندما يخالف أحدنا الآخر في الرأي من الصعب جدا ً أن يكون إنساان مخطئ تماما ً عندما يكون موضوع الجدل معقداً ومن المرجح أن يكون لدى كل من الفريقين جزء من الحقيقة قد يكبر أو يصغر
:)
باشق مجروح
04/06/2009, 19:48
شكلو حزيران مو ناوي يجي السنة :p
:oops:
butterfly
05/06/2009, 00:44
1 حزيران
هنالك تصور هو أكثر الأوهام تخريبا ً في مجال العلاقات الإنسانية ، ألا وهو تفكيرنا في انه ، إذا أتت ردة فعلنا العاطفية غير مقبولة ، فسيكون ذلك سببا ً للخلاف والشقاق . فإذا خطر ببالي مثلا ً أن أقول لك أن حركة ما تعودت القيام بها إنها تزعجني اخشى أن يثير ذلك غضبك ، لذا أقرر ألا أقول لك شيئا ً ، فتبقى علاقتنا في سلام . ومهما يكن من أمر ، فإذا قلته لك ، لن تتفهم موقفي .
وهكذا أقرر أن أبقي ما خطر لي في نفسي . ولكن كل مرة اراك تقوم بتلك الحركة ، يتسجل ذلك في معدتي وهي تعد 2- 3- 4-5-6-7 .... ، إلى أن يأتي يوم تفعل ما تعودت فعله دائما ً ولكن هذه المرة " تقوم الدنيا وتقعد ! " والحقيقة أنك لما كنت تقوم بتلك الحركة كنت دوما ً تزعجني ، ولكني كنت أكدس ذلك في مكان ما من نفسي ، بكل سرية . وكنت في الوقت نفسه ، أتعلم أن أبغضك وكانت مشاعري الطيبة نحوك تتحول شيئا ً فشيئا ً إلى شعور بالغضب والمرارة .
وعندما حدث الانفجار في النهاية وكأنه عاصفة عاطفية . لم يمكنك فهم ذلك ورأيت أن ردة فعلي لا تتناسب أبدا ً مع ما حصل . وبدت روابط حبنا ضعيفة ، بل على وشك الانهيار كل ذلك بدأ عندما قلت في نفسي لا أحب ما تفعل ، ولكن من الأفضل أن ألزم الصمت ، فيبقى السلام مخيما ً على علاقتنا . كل ذلك كان خدعة وكان من واجبي أن أفصح لك عن انزعاجي منذ البداية . أنا أشعر الآن أن طلاقا عاطفيا ً حدث بيننا ، وكل لك لأني أردت أن احفظ السلام بإي ثمن .
butterfly
05/06/2009, 00:51
2 حزيران أنا لن أصبح ناضجا ًبما فيه الكفاية لكي أدخل في علاقة صداقة حقيقية ، إلا عندما أفهم وأقتنع بأنه لا يمكنني أن أحكم على نية إنسان آخر . يجب أن يكون لدي من التواضع والتعقل ما يجعلني أخشع أمام سر الإنسان وتشعبات شخصيته . وإذا حكمت عليك ، فذلك يعني أني لم أنضج بعد ولا أصبحت أهلا ً لأن أدخل في صداقة حقيقية معك .
فلا تحسب صراحتي معك حكما ً عليك ، فإنها لا تحكم حتى علي أنا . إذا قلت لك مثلا ً : " أنا لست مرتاحا ً معك " . أكون قد صارحتك بما أشعر به ولكني ما عنيت أبدا ً أنك أنت السبب في عدم ارتياحي ، وربما كانت المشكلة في شعوري أنا بمركب نقص تجاهك ، أو في تقديري الخاطئ لمستوى ذكائك . أنا ما قلت أن أحدنا على خطأ ، ولكني بحت لك فقط بما أحسست به تجاهك في برهة من الزمن .
وهكذا سيكون الأمر إذا قلت لك أنني أشعر بغضب نحوك أو أن ما قلت قد آلمني . فربما كانت أنانيتي هي التي جعلتني سريع التأثر ، أم تراه الخوف عندي وشعوري بالاضطهاد ؟ لست أدري ، وقد يستحيل علي ّ أن أتثبت من ذلك . أن أجزم بالتأكيد فذلك حكم . وكل ما يمكنني قوله هو ان ذلك كان شعوري ولا يزال .
ولو قلت لك بأن عملا ما قمت به قد أزعجني . فهذا لا يعني أن عملك مزعج أو خاطئ بل مجرد أني شعرت بانزعاج وقد يكون السبب ألما عندي في الرأس أو المعدة ، او الأرق الذي أصابني ليلة البارحة .. الحقيقة لست أدري . كل ما اعرف هو أني أحاول أن أقول لك أن انزعاجا ً يخالجني في هذه اللحظة
butterfly
05/06/2009, 18:47
3 حزيران
كثيرة هي المخاطر التي تهدد الحوار . ولكن ما يجب تجنبه قبل كل شيء هو الحكم على الذات أو على الفريق الآخر في الحوار . لقد اعترفنا ان لا أحد باستطاعته أن يحدث العواطف من لاشيء وأن جل ّ ما يمكن عمله هو إيقاظ العواطف التي فينا الحكم يخرب الحوار لأنني فيه اتهمك بأنك كنت السبب وراء ما أشعر به أو أنني قد أفكر في أن بين ما عملته أنت وما به أشعر علاقة وثيقة تجعلني أظن أن ردة فعلي على عملك كانت طبيعية والاستنتاج في كلا الحالتين نتيجة حكم ولا بدّ من أن يكون في كل من الحكمين بعض خطأ .
لقد اتفقنا مثلا ً ان نلتقي في موعد محدد ومكان ما ، فوصلت أنت متأخرا ً نصف ساعة عن موعد اللقاء . وشعرت أنا بشيء من الغضب . فعلي ّ أن أقول لك إن ردة فعل غاضبة تحدث في عندما أجد نفسي مرغما ً على الانتظار . ولكن حاول أن تفكر في ما قد ينطوي عليه كلامي او نغمات صوتي أو قسمات وجهي من أحكام واتهامات .
" كان بإمكانك أن تحضر في الوقت المحدد "
" لقد قللت من احترامي في سلوكك "
" لم تعر مشاعري أي اهتمام "
" أنت في الحقيقة لا تحبني "
" إنك تحضر دائما ً إلى المواعيد متأخرا ً "
" إنك أناني جدا ً "
" لقد فعلت ذلك لتزعجني أو تنتقم مني "
" هذا هو السبب في عدم قدرتك على اكتساب صداقات الآخرين "
" انت تفتقر إلى بعد النظر "
لاحظ أن كل هذه الأحكام تضعني في موقع متفوق في الحوار . هذا هو النوع من " التمايز " المزعوم الذي لا مكان له في حوار حقيقي .قد تكون لك مشاعرك الخاصة كالارتباك والخيبة مثلا ً . ولكنني عندما اقرر أنني على حق وأنني أتمتع بموقع أرفع من موقعك ، يصبح من الواضح أنه علي الاهتمام بمشاعري لا بمشاعرك انت .
الأحكام تقتل الحوار الحقيقي ، والأحكام التي نطلقها غالبا ً ما تحتوي على انتقاد غير مباشر يحطم الثقة في النفس وقبول الذات والقدرة على التنعم بالمواهب . وعندما يحدث ذلك
يغفو الحب
:mimo:
butterfly
05/06/2009, 18:53
4 حزيران
إذا كنت أود أن أقول لك من أنا ، فمن الضروري أن أعبر لك عمّا أشعر به ، كنت أنوي أن أحقق ذلك الشعور أم لا . قد أقول لك إني غاضب وأشرح لك أسباب غضبي ، من دون أن يكون في شرحي حكم ، وقد أقول لك اني خائف وأشرح لك سبب خوفي من دون أن انهار أمام ذلك الخوف . ولكن ، في كل حال ، إذا قررت ان انفتح عليك ، أصبح واجبا ً علي ّ ان أفسح لك المجال لتختبر واقعي الخاص ، أغاضبا ً كنت أم خائفا ً ...
لقد قبل : نعبر عن شعورنا بالكلام أو أنه يظهر هو في سلوكنا والشعور أشبه بالبخار يتراكم داخل إبريق الشاي فإذا ضاق الإبريق بالبخار تطاير غطاؤه . وكذلك هي الحال مع الإنسان ، ينفجر فيه شيء ما إذا ما بلغ الكبت حده
نحن لا ندفن عواطفنا ميتة ، فإذا حاولنا دفنها تبقى حية في عقلنا اللاواعي وإحشائنا ، فتقلقنا وتؤلمنا .
butterfly
10/06/2009, 01:52
5 حزيران
لا شيء يمكنه من أن يساعد الإنسان على الانفتاح وتحقيق ذاته ، أو يجعله يدخل في معترك الحياة بجدية ، أكثر من اختبار حب غير مشروط . لقد عملنا طويلا ً ونحن نتوهم أن أفضل ما يمكن أن يساعد على النمو هي الانتقادات والعقاب . وهكذا بررنا محاولة التخلص من نقائصنا وحالات البؤس عندنا بطرق سلبية مؤذية . لقد أظهرت دراسة حديثة ، على سبيل المثال أن نحو 80 % من سجناء الولايات المتحدة هم اناس تعرضوا للعنف في طفولتهم ، ولم يكتشف علم النفس إلا حديثا ً أن الحب غير المشروط هو لمناخ الأفضل للنمو الشخصي
الإرادة الحرة هي بالطبع عامل مهم في حياة كل إنسان . وعلى كل إنسان أن يقرر كيف يريد أن يكبر ويحاول بلوغ كمال ذاته ولكن هناك شروط أساسية للنمو . أحد هذه الشروط وجود شخص يساعدني على الإيمان بذاتي والتعبير بحرية عما يجو في نفسي . وما من شخص يمكنه أن يفعل ذلك إلا إذا كان يحبني بدون شروط
:D
باشق مجروح
15/06/2009, 12:10
:na3san:...........
butterfly
19/06/2009, 16:44
6 حزيران
قرأت منذ عدة سنوات كتابا ً يتناول فن الخطابة . فكان عنوان الفصل الأول منه " لا تحاول أبدا ً أن تجعل من نفسك خطيبا ً يفوق شخصك جودة لأن من يصغي إليك سيكتشف ذلك سريعا ً "
فذكرني هذا القول بتعريف للخطيب ينسب إلى كونتيليان الذي قال " الخطيب إنسان حسن يتكلم جيدا ً " وهذا يعني أنه لا بد لخلفيات كلامنا من أن تظهر مهما حاولنا إخفائها . قد يحدث أحيانا أن نشعر بأن الآخر قد أخطأ بعض الشيء في فهم ما إليه نرمي ، ولكن شعور الآخرين حول ما نحن في صدده غالبا ً ما يكون مصيبا ً . فمن أراد أن يحاور عليه أن يصغي إذا بكل دقة إلى الأسباب العميقة الكامنة وراء إرادة الحوار تلك . وهنالك في نظري ثلاثة حوافز للحوار يجدر بنا أن نعيرها اهتماما ًَ خاصا ً
التهوية : عندما نقرر أن نبدل الهواء في غرفة ، علينا أن نبدأ في الدفع خارجا ً في الهواء الذي فيها . أن ننظفها من الهواء المترسب وروائحه . والعواطف الذي قد تتراكم في داخلنا فنشعر أن فينا حاجة إلى أن ندفع بها خارجا ً " إنها فشة الخلق " . وقد تأتي ساع يصبح ذلك فيها ضرورة . ولكن الحوار يكون ناجحا ً وكذلك العلاقة بقدر ما تتضاءل الحاجة إلى مثل ذلك السلوك
إن " فشة الخلق " في عمقها لا تخلو من الأنانية أنا أريد أن اريح نفسي مما قد تراكم في داخلي فألجأ إذا إلى استعمالك كمكب للعواطف التي ترسبت في نفسي . أنا أفهم أن يلجأ المرء إلى ذلك من وقت لوقت ولكن أحد منا يود أن يستعمل ككب بشكل دائم .
إذا ما دفعت إليك بالعواطف التي تزعجني لكي أريح نفسي فالدافع لدي ّ يكون أنانيا ً . وإذا ما أصبحت تلك عادة في ّ فذلك يعني أن قدرتي على الحب والحوار أمست ضئيلة
butterfly
19/06/2009, 16:50
7 حزيران
التلاعب : الحافز الثاني على الحوار هو البحث عن الإفادة من الآخر بأساليب غير قويمة . لقد قلنا أن الحب من شأنه أن يحرر الإنسان وهو يسأل / " ماذا يمكنني أن أفعل في سبيلك "
أما السؤال الذي يطرحه المتلاعب دون أن يعبر عنه جهرا ً فهو : " ماذا يمكنك أن تفعل من أجلي ؟ "
فالتلاعب كناية عن براعة في حمل الآخر على إشباع رغباتي . سيأتي يوم ،طبعا ً ، عندما أشعر أن في ّ حاجة إلى مساعدتك ، إلى حضورك وإصغائك . فيجب ألا أتردد في أن أطلب إليك ، ومن دون أن أخشى أن ألقى منك رفضا ً .
التلاعب كحافز على الحوار يقوم أن أصف لك مشاعري علك تساعدني على التعامل معها بنجاح ، أحاول أن اجعلك تشعر بشيء من المسؤولية عن حالي العاطفية . يمكنني مثلا أن أقول لك أنني أشعر بشيء من الوحشة وأود أن أبوح لك بذلك لأني أريدك ان تكون على بينة من عمق مشاعري . ويمكنني أن أقول لك الشيء نفسه بطريقة ما أعني بها أنك مسؤول عن ملء الفراغ الذي به أشعر . فمن خلال نغمة صوتي أو نظرة في عيني أجعلك تشعر بضرورة اهتمامك بي . أنا في الواقع أدفعك بطريقة عاطفية ملتوية إلى الاهتمام بمشاكلي
:fwlee:
butterfly
19/06/2009, 16:57
8 حزيران
الاتصال : إن الحافز الوحيد الذي يؤول إلى الحوار الحقيقي هو الرغبة الحقيقية في الاتصال بالآخر . لقد قلنا إن الأتصال يعني المشاركة وأنا أشارك الآخر بذاتي فقط عندما أبوح بمشاعري . فيبقى الحافز الحقيقي الوحيد إلى الحوار رغبتي في أن أقدم إلى شخص آخر أثمن ما لدي ّ ، أن أبوح له / لها بذاتي بشفافية تعطي الحوار معناه الحقيقي .
أنا على يقين من أنك شعرت أحيانا ً ، كما شعر ت أنا ، أن لا رغبة لدى الآخر في التحاور معك . حتى أولئك الذين يحبوننا ونحبهم ، او هكذا نعتقد لا يظهرون دوما ً على استعداد للإصغاء لما نقول . لقد التقيت العديد من الزوجات اللواتي يشعرن هكذا نحو أزواجهّن ومن الأزواج الذين لديهم الشعور نفسه نحو زوجاتهم . وهكذا يشعر الشاب والفتاة عندما لا يبدي الأهل اهتماما ً بهما . في اعتقادي أن غالبية تلك الحالات يمكن فهمها بأن الحوار الذي يتعثر الآن إنما لجأ سابقا ً إلى الحوار في سبيل أحد الحوافز الاثنين : التلاعب أو التهوية . انا أعرف من خبرتي الشخصية أنني أشعر بعدم الارتياح عندما يحاول أحد أن يستعملني ويوجه سلوكي بطريقة ملتوية . أبدأ آنذاك ألتفت إلى ساعتي وأبحث عن طريقة أنهي بها لقائي
الإنسان اجتماعي بطبعه وكأن قاعدة التواصل محفورة في قلوبنا . ولكن تلك الرغبة في أن اعرف الآخر وأن اعرّفه ذاتي ، لا تعني انني أرغب في أن أكون " مكب نفايات " أو " حلال مشاكل " ولا أحد منا يودّ أن يشعر أن إنسانا ً أخر يحاول استخدامه .
:mimo:
butterfly
19/06/2009, 17:03
9 حزيران
لقد اتضح لي باكرا ً جدا ً في حياتي ، كما أتذكر الآن أن قلب الإنسان ، ذاك الوعاء السريع العطب . يبقى فارغا ً إلى أن يسكن الله فيه . أنا متثبت من ان إيماني ، وأنا طفل كان صدى لإيمان أمي ، ولكنه كان غير ذلك أيضا ً . إنها يد الله كانت تستوقفني . وكأن لطفها يداعب روحي ، وكان هناك جوع . وعندما كان يطفئ أبي وأمي أضواء بيتنا ليأويا إلى الفراش في سكون الليل ، كنت أظن أن أضواء الحياة تنطفئ وخفقان العالم كله يتوقف ، ويغرق الجميع في سكون النوم . لذا يخف عمل الله في ذلك الوقت فيصبح باستطاعته أن يصغي إلي ّ بانتباه أبر ، أنا لا أذكر كم مرة حدث ذلك ولكنه حدث بضع مرات على الأقل . فأحسست كل مرة بدفء مريح . إذ كنت أظن أن الله قد ترك كل شي ليكون بكليته لي أنا وحدي .
وكان قلبي يخفق لشعوري بقرب الله مني وعندما كنت آوي إلى بعض الأماكن الخفية . وكانت تبدو لي وكأن لونا ً من الخرافة يلفها أو ربما كانت مخيلة الطفل عندي تضفي عليها ثوبا ً رائعا ً . وكنت أدرك إدراك الطفل على سذاجته ، أن ذلك المكان هو بيت الله . وكم أعجبت بفرح أن يكون الله قد فتح في بيته شبابيك زجاجها الملون ، وعطّره بعطر كأنه الطيب . كان الغموض يشوب كل ما ارى وبه أشعر . ولكني كنت على يقين في قرارة نفسي من أن في ما أرى أبعد مما أرى
أنها يد الله كانت تستوقفني وكانت أولى لمعات إيماني تلوح في افقي ، وتوقي إلى الله كان ينمو في أعماق نفسي
أذكر أنه عندما اقترب يوم مناولتي الأولى كتبت ذلك التاريخ على كفي يدي . ربما كانت تلك مذكرة الطفل إلى نفسه . ولكني أظن أنه حتى في بداية إيماني تلك كنت أشعر بأن لكل موعد لي مع الله أثرا ص خاصا ً لا يمحى
butterfly
20/06/2009, 13:55
10 حزيران
أن أقول " نعم " لله ليس بالأمر البسيط .لأن تبديل حياتي إلى حياة حب ليس أمرا ً بسيطا ً او سهلا ً . فإذا ما انتقيت الحب ّ كمبدأ لحياتي ، أصبح الهاجس عندي والسؤال الكبير : ماذا يحتم علي ّ الحب أن أكون وأقول وأعمل ؟ فإجابتي الدائمة عن كل ما تطرح الحياة علي ّ ، وموقفي من كل ما يتطلب وقتي ، وأعصابي وقلبي
كل ذلك يجب أن يتغير ليصبح دائما ً عمل حب .
ففي النهاية ، ذاك ال" نعم " هو الذي يجعلني أنفتح على الله . إن انتقائي لمبدأ الحب كمبدأ لحياتي يجعل كأس نفسي رحبة ، فيسكب الله هباته ونعمه وقواه فيها .
butterfly
20/06/2009, 14:07
11 حزيران
علي ّ أن اكون صادقا ً مع ذاتي وأسائل نفسي بكل صراحة : هل أريد حقا ً أن أعرف مشيئة الله وأعمل بها ؟ أم أنني أريد أن يعمل الله بمشيئتي ؟ أتراني أذهب إلى الله وأنا على يقين من أنني أريد أن أكتشف مشيئته وأتممها في حياتي ؟ أم أنني أضع مخططاتي الخاصة أولا ً وأروح أسأل الله بإلحاح أن يحقق لي أحلامي ؟
يبدو لي أنني لن أبحث عن إرادة الله وأعمل على إتمامها إلا إذا ترسخت لدي ّ قناعة بأمرين أساسيين ، أوّلهما أن الله يريدني أن أعيش سعيدا ً أكثر مما أريد أنا ، وثانيهما أن الله يريدني أن أعيش سعيدا ً أكثر مما أريد أنا ، وثانيهما أن الله أعلم مني بكثير بما سوف يجلب لي السعادة الحقيقية
butterfly
22/06/2009, 16:43
12 حزيران
" إن سعادتي هي في أن أعمل مشيئتك يا رب ّ . فها أنذا آت " ( مزمور 140 ) نحن نتلو الصلاة الربية مرارا ً كل يوم " لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض " وهذا يختصر كل شيء . فما من شك لدي ّ أن القداسة تكمن في أن يتم الإنسان إرادة الله في حياته . هذه علامة إيماننا وهي الشهادة على مقدار حبّنا . فكثرة الصلاة وحدها لا تؤول إلى القداسة ، والقداسة هي مجرّد شعور بإننا نعيش في وحدة مع الله بنعمة خاصة منه . المقياس الوحيد للقداسة أو للقرب من الله هو إرادة عزم صادقة على تتميم إرادته " لتكن مشيئتك " .
ففي الفصل السابع من إنجيل متى يقول لنا يسوع " ليس من يقول لي يا رب يا رب يدخل ملكوت السماوت . بل من يعمل بمشيئة أبي الذي في السماوات "
butterfly
22/06/2009, 16:53
13 حزيران
كانت العادة أيضا ً في الأربعينيات أن تقبل المدارس الإكليركية الطلاب عند إنهائهم المرحلة الثانوية . فذات يوم وأنا في السنة الأخيرة ، إذا بي أمام مرشد روحي ، وسمعت نفسي أقول له إنني أريد أن أصبح كاهنا ً . لو سئلت آنذاك ، كما سألني هو ، لماذا تريد أن تصبح كاهنا ً ، لأتى جوابي حذرا ً و أسبابي غامضة . وربما حاولت الإدلاء بالشروحات المناسبة ، ولو شابها بعض الغموض ، لتلك الخبرة التي أحسست بيد الله تلمسني . وتيار نعمته يدفعني بهدوء وثبات في كل يوم من عمري . خيل إلي ، لسبب ما آنذاك أن خدمة الله في الكهنوت هي أفضل ما يمكنني فعله والباقي كان كلاما ً بكلام " وكم كنت بارعا ً في فن الكلام هذا "
ما من أحد في عائلتي أو بين أصدقائي أخذني آنذاك على محمل الجد أو صدّق ما كنت أقول . حتّى أبي ذاته الذي كان متثبتا ً في قرارة نفسه . انني سأصبح محاميا ً بارعا ً مكث حتى لحظة ذهابي يشك في ما أقوله وأذكر أنه كان يروق لي أن الناس لم يصدقوني . ما كنت أظهر بمظهر التقي ، وكأني " من مصاف الذين " منذ صباهم وجدوا ليكونوا في خدمة المذبح . لقد كنت الملاكم والمناظر وعازف البيانو والراقص والبهلوان . لكن قوة حب الله التي لا تقاوم كانت تدفعني إلى ما هو أهم وتقودني إلى مكان أفضل .
butterfly
22/06/2009, 17:28
14 حزيران
في إحدى أمسيات الصيف ، وانا جالس إلى طاولتي أدرس ، إذا بفراشة أتت لتتخبط على زجاج شباكي ، تحاول الوصول إلى الضوء الذي ينير طاولتي . ومرة بعد مرة كانت تلك الفراشة تندفع نحو الضوء ، فتصطدم بالزجاج فتسقط . ولكنها تنهض وتدور وتحاول مجددا ً . فطنت فجأة أن تلك الفراشة في خيبة فشلها ، ترمز إلى محاولتي الوصول إلى الله . فكان بيني وبين وجهه برقع عجيب وقد هجرني دفؤه وغابت عني لذة حضوره . أتراني غير امين ، ام تراه يطلب إلي ّ أن أنمي إيماني ؟ إن في كل منا ميل إلى البحث عن مؤاساة الله لا عن إله المؤاساة . وربما كان ذلك مختبر الحياة والحب الذي يطلب إلي ّ من خلاله أن أنضج .
كتب بول تيليش ، ان دورة الموت والقيامة في المسيحية هي نفسها تتمثل في نمو الإيمان أيضا ً . فالإيمان العتيق يجب أن يموت ، أن يلتهمه الشك ، ولكن ليولد مكانه إيمان جديد اعمق
:mimo:
butterfly
02/07/2009, 16:41
بدي أعتذر من المتابعين
وخصوصي باشق
هالشهر مضغوطة جدا ً رح يكون صعب أني تابع الموضوع كل يوم بيومو
:mimo:
ملاحظة : بعد كام يوم بيصير مرام عندها الكتاب بتقدرو تنقو عليها هية تكتبو :p
تحية عبقة بروح المحبة يغبطها الله بنعمته الإلهية لتنمو بفيض إرادته
حين قرأت تابعت , أغمضت عيني ,و تأملت و أضحى مسيري اليومي ناقصاً بلا لقاء روحي مبعثه الله مستقره الانسان درب تواصله الأب جان باول اليسوعي
استكمالاً لما ابتدأته Butterfly
أمد يدي قربكم أشابكها , أقرأ و نتأمل
متابعاً متأملاً .....
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
15 حزيران
أتيت الى المذبح لأقتبل سرَّ الكهنوت , و أتت عاداتي معي ,و انقسامي على نفسي و كذلك غموض هويَّتي و في يوم رسامتي وهبت الله فقط قسماً من ذاتي . لست أدري كم كان كبيراً أو صغيراً . و لم أحسّ بخجل من ذاتي لأنه ما سبق لي أن و قفت أمام نفسي و صارحتها . إنّ للطبيعة البشرية حِيَلها البارعة في التغلب على الصعوبات و المشاكل . فالذاكرة تنتقي ما تريد أن تتذكّر , و كذلك العين ما تريد أن تشاهد . و إنَّنا غالباً مانسمع فقط مانريد أن نسمع . و بعد أن قدمت ذاتي محرقة علنية لله , و لم يعد بوسعي القبول , في سري , أن أبحث عن بعض أجزاء تلك التقدمة التي لم تُحرَق . فما كانت المرواغة يوماً طريقتي في الحياة , و لكنَّ كلامي عن الحياة غالباً ما كان أفضل ممّا تمكّنت من أن أحقق في عيشي .
فيوم رسامتي كانت الشمس دافئة مشعَّة , و كان الأهل و الأصدقاء يحتشدون في كنيستنا الرطبة . كنا في بداية الاحتفال ننبسط على وجوهنا أمام المذبح . فانبساط طالب الكهنوت على وجهه أمام المذبح يرمز إلى موته , إلى تخليته عن ذاته و عن كل ما يعود عليه بالفائدة و المنفعة الذاتية . ينهض عندما يدعوه الأسقف , و نهوضه يعني أنه الآن يحيا للمسيح فقط و لخدمة ملكوته , و أن كهنوته ليس سوى اتحاد أعمق بالمسيح . وإنه يُدعى , في الواقع , مسيحاً آخر , و منذ ذالك الحين أعاني من البعد بين ما أقوله و ما أنا ملتزم به فعلاً . و تلك المعاناة لم تكن في يوم رسامتي . كانت الشمس في ذلك اليوم تشعّ بكل أنوارها و الاحتفال كان رائعاً و أصبحت كاهناً . بكت أمّي في ذلك اليوم و ضمّتني إلى صدرها طويلاً و في عينيها بريق فخر و اعتزاز .
اخوية نت
بدعم من : في بولتـين الحقوق محفوظة ©2000 - 2015, جيلسوفت إنتربـرايس المحدودة