-
عرض كامل الموضوع : نزار قبانى
صفحات :
[
1]
2
3
4
5
6
7
8
9
10
فهرس الموضوع
(يرجى الاطلاع.. فكل مشاركة مكررة ستحذف!)
طوق الياسمين
شكرا ..
لطوق الياسمـيـن
وضحكت لي ..
وظـنـنـتُ أنـك تعرفـيـن
معنى سوار الياسـميـن
يأتي به رجـل إليـك ..
ظنـنـت أنـك تـدركـيـن ..
..وجلسـتِ في ركـن ركـين
تـتمشـطيـن
وُتـنـقـّطـين العطر من قـارورةٍ
وتــُدمدمين
لحنا فرنسيّ الرنين
لحنا كأيامي حزين
قدماك في الخـُـفِّ المقصـب ..
جدولان من الحنيـن
وقصـدتِ دولاب الملابس ..
تـقـلعـيـن .. وتـرتـديـن
وطلبـتِ أن أخـتار ماذا تـلبسـين
أفـَلي إذن ؟
أفـلي أنا تـتجمليـن ؟
ووقـفـتُ .. في دوامة الألـوان
ملتهب الجـبـيـن
الأسودُ المكـشـوف من كـتـفـيه ..
هل تـتــردديـن
لكـنه لـون حزين !
لون كـأيامي حزين
ولبستـهِ .. وربطت طوق الياسمين
وظنـنتُ أنـك تعرفـين ..
معنى سوار الياسمين
يــأتي به رجـل إلـيـك ..
ظـنـنـتُ أنـكِ تـدركيـن ..
***
هذا المساء ..
بحانةٍ صغرى رأيتـكِ ترقـصيـن
تـتكسرين عـلى زنود المعجبـين
تـتكسـريـن ..
وتـدمـدمين ..
في أذن فارسـك الأمين
لـحنـا فـرنسي الرنيـن ..
لحنا كأيـامي حزين ..
وبدأتُ أكتـشف اليقـيـن
وعرفـت أنك للسِوى تـتجمليـن
ولهـم ترشـين العطور ..
وتـقـلعيـن .. وتـرتديـن ..
ولمحت طوق الياسميـن ..
في الأرض مكـتوم الأنـيـن
كالجـثـة البـيـضاء ..
تدفـعـه جموع الراقـصيـن
ويـهـمُّ فارسـكِ الوسيم بـأخـذِهِ ..
فـتـُـمانعـيـن ..
وتـقـهـقـهـين
" لاشيءَ يستـدعي انحناءَكَ ..
ذاكَ طـوقُ الياسميـن .."
أنا والحزن 1
أدمنت أحزاني
فصرت أخاف أن لا أحزنا
وطعنت ألافا من المرات
حتى صار يوجعني ، بأن لا أطعنا
ولُعِنْتُ في كل اللغات..
وصار يقلقني بأن لا ألعنا ...
ولقد شنقت على جدار قصائدي
ووصيتي كانت ..
بأن لا أدفنا.
وتشابهت كل البلاد..
فلا أرى نفسي هناك
ولا أرى نفسي هنا ..
وتشابهت كل النساء
فجسم مريم في الظلام .. كما مني ..
ما كان شعري لعبة عبثية
أو نزهة قمرية
إني أقول الشعر - سيدتي -
لأعرف من أنا .... 2
يا سادتي :
إني أسافر في قطار مدامعي
هل يركب الشعراء إلا في قطارات الضنى؟
إني أفكر باختراع الماء..
إن الشعر يجعل كل حلم ممكنا
وأنا أفكر باختراع النهد ..
حتى تطلع الصحراء ، بعدي سوسنا
وأنا أفكر باختراع الناي
حتى يأكل الفقراء، بعدي ، " الميجنا"
إن صادروا وطن الطفولة من يدي
فلقد جعلت من القصيدة موطنا..
3
يا سادتي :
إن السماء رحيبة جدا..
ولكن الصيارفة الذين تقاسموا ميراثنا ..
وتقاسموا أوطاننا..
وتقاسموا أجسادنا..
لم يتركوا شبرا لنا ..
يا سادتي :
قاتلت عصرا لا مثيل لقبحه
وفتحت جرح قبيلتي المتعفنا..
أنا لست مكترثا
بكل الباعة المتجولين..
وكل كتاب البلاط..
وكل من جعلوا الكتابة حرفة
مثل الزنى...
4
يا سادتي :
عفوا إذا أقلقتكم
أنا لست مضطرا لأعلن توبتي
هذا أنا ...
هذا أنا ...
هذا أنا ...
احبك واقفل القوس
لا استطيع ان احبك اكثر
لقد كتبت بالخط الكوفى
على اسوار الحمام
واباريق النحاس الدمشقى
وقناديل السيدة زينب
وجوامع الاستانة
وقباب غرناطة
وعلى الصفحة الاولى من الانشاد
واقفلت القوس
انت عادة كتابية لاشفاء منها
عادة احتلال ،وتملك ، واستيطان
عادة فتح ، وفتك ، وبربرية
انت عادة مشرشة فى لحم كلماتى
فاما ان تسافرى انت
واما ان اسافر انا
واما ان تسافر الكتابة
جمالك
يحرض ذاكرتى الثقافية
ويكهرب لغتى
واصابعى
وجسد الورقة البيضاء
جمالك
يشعل البروق فى اثاث غرفتى
وشراشف سريرى
ويربط اسلاك الرجولة
بينى وبين نون النسوه
وتاءات التانيث
فكيف اتحاشاك يا امراه
حتى القبح اذا اقترب منك
يصبح جميلا
انت اللغة التى
يتغير عدد احرفها ، كل يوم
وتتغير جذورها
ومشتقاتها
وطريقة اعرابها
كل يوم
انت الكتابة السريه
التى لا يعرفها
الا الراسخون فى العشق
انت الكلام الذى يغير فى كل لحظة
كلامة
كل نهار
اتعلمك عن ظهر قلب
اتعلم خرائط انوثتك
وسيراميك خصرك
وموسيقى يديك
وجميع اسمائك الحسنى
عن ظهر قلب
كل صباح ادرسك
كما ادرس تفاصيل الوردة
ورقة .. ورقة
تويجا .. تويجا
واذاكرك كما اذاكر
كونشيرتو البيانو لموزارت
او قصيدة غزل
من العصر العباسى
ايتها المرأة المعجونة بانوثتها
كفطيرة العسل
والمعجونة بدم قصائدى
ودم شهوتى
يا امرأة الدهشة المستمرة
يا التى بدايتها تلغى نهاياتها
واولها يلغى اخرها
وشفتها السفلى
تاكل شفتها العليا
ايتها المرأة
التى تتركنى معلقا
بين الهاوية والهاوية
ايتها المرأة ـ المأزق
ايتها المرأة ـ الدراما
ايتها المرأة ـ الجنون
اخاف ان احبك
نزار قبانى
يوميات قرصان
عزيزتي ،
إذا رجعت لحظة لنفسي
أشعر أن حبنا جريمة
وأنني مهرج عجوز
يقذفه الجمهور بالصفير والشتيمة
أشعر أني سارق
يسطو على لؤلؤة كريمة
أشعر في قرارتي
أن العبارة التي ألفظها جريمة
أن انتصاراتي التي أزعمها
ليست سوى هزيمة
فما أنا أكثر من جريدة قديمة
وأنت يا صغيرتي
مازلت .. تحتاجين للأمومة
إذا رجعت لحظة لنفسي
أدرك يا عزيزتي
تفاهة انتصاري
أشعر أن حبنا
تجربة انتحار
وأننا
ننكش كالأطفال في هياكل المحار
أشعر أن ضحكتي
نوع من القمار
وقبلتي
نوع من القمار
أشعر أن نهدك المزروع في جواري
كخنجر مفضض
ككوكب مداري
يشتمني
يجلدني
يشعرني بعاري
إذا رجعت لحظة لنفسي
أشعر أن حبنا
حماقة كبيرة
وأنني حاو من الحواة
يخرج من جيوبه الأرانب المثيرة
وأنني كتاجر الرقيق
يبيع كل امرأة ضميره
أشعر في قرارتي
أن يدي في يديك الصغيرة
قرصنة حقيرة
أن يدي
كخيط عنكبوت
تلتف حول الخصر و الضفيرة
أشعر في قرارتي
أنك . بعد ، نعجة غريرة
أما أنا .. فمركب عتيق
يواجه الدقائق الأخيرة
**وصفة عربية لمداوة العشق**
..تصوّرت حبّك
..طفحا خفيفا على سطح جلدي
أداويه بالماء.. أو بالكحول
..وبرّرته باختلاف المناخ
..وعلّلته بانقلاب الفصول
وكنت اذا سألوني, أقول:
..هواجس نفس
..وضربة شمس
..وخدش صغير على الوجه..سوف يزول
..تصوّرت حبّك..نهرا صغيرا
..سيحي المراعي.. ويروي الفصول
..ولكنّه اجتاح برّ حياتي
..فأغرق كلّ القرى
..وأتلف كل السهول
..وجرّ سريري
..وجدران بيتي
..وخلّفني فوق أرض الذهول
..تصوّرت في البدء
أنّ هواك يمرّ مروم الغمامة
وانّك شط الأمان
..وبرّ السلامة
..وقدّرت أنّ القضيّة بيني وبينك
..سوف تهون ككل القضايا
..وأنّك سوف تذوبين مثل الكتابة فوق المرايا
..وأنّ مرور الزمان
سيقطع كلّ جذور الحنان
ويغمر بالثّلج كل الزوايا
..تصوّرت أنّ حماسي لعينيك كان انفعالا
..كأيّ انفعال
وأنّ كلامي عن الحبّ, كان كأيّ كلام يقال
واكتشفت الآن.. أنّي كنت قصير الخيال
..فما كان حبّك طفحا يداوى بماء البنفسج واليانسون
..ولا كان خدشا طفيفا يعالج بالعشب أو بالدهون
..ولا كان نوبة برد
..سترحل عند رحيل رياح الشّمال
..ولكنّه كان سيفا ينام بلحمي
..وجيش احتلال
..وأوّل مرحلة في طريق الجنون
قصائد رائعة ..
نقلتو من المكتبة على قسم الشعر
متشكرة ليك يا krimbow ويارب القصائد تعجبك دايما
من علمنى حباً كنت له عبداً
من علمنى
كيف اقشر كالتفاحة قلبىحتى تأكل منه نساء الارض جميعا ًكنت له عبدا
2
من علمنى كيف اؤسس وطنا يشبه شكل القلب وشكل الشريان التاجى وشكل العصفور الدورى وشكل التفاح الشامى
لكنت له ايضا عبدا
3
من علمنىكيف احب امرأة حتى حد الهذيان من علمنى كيف بوسع امرأة دون سواها ان تتحرك مثل السمك الاجمر داخل شريانى
من علمنى كيف بوسع امرأة دون سواها ان تخترع الشعر وترسم شكل الازمات
من علمنى كيف تصير امرأة دون سواها اقوى نوع من انواع الادمان من علمنى ما لا اعلم كنت له دوما عبدا
4
من علمنىاول درس فى احوال الوجدمن علمنىكيف اواصل عشقىمنذ المهد ...وحتى اللحدمن علمنى ان حبيبىنوع من اعشاب البحروفرع من عائلة الوردمن سمانى ملكاً فى تاريخ العشقفقد اعطانى كل المجدمن ثقفنىمن شرفنى بهوى امراةكنت له دوماً عبدا5من علمنى كيف اقول كلاما يشبه رائحة الحنطة او يشبه لوم الخبز الطالع من عند الفران
من علمنىان اتزوج هذا الشعبوارفض اى زواج بالسلطةوعقود اللؤلؤ والمرجانمن علمنىكيف اواجه بالازهار ,وبالاشعارهراوات الشرطةمن علمنىان لا اعمل سائس خيل عند الوالى(او جارية ترقص فى حفلات ) الباب العالىمن علمنىان لا احنى قامة شعرىكنت له دوما عبدا6من علمنى ..كيف اغير .. كيف ادمر كيف اكنس هذا القبح وازرع فى الارض الريحان
من علمنى كيف سأنقذ هذا المركب من انواء البحر واسنان الجرذان من اعطانى عود ثقاب حتى احرق اكاذيب التاريخ لكنت له دوما عبدا
7من علمنىأن أنقض على الاشياءوأرفع رايات العصيانمن علمنىكيف اسافر ضد الموج ..وضد الريحواشعل فى البحر النيرانمن علمنىكيف تكون الكلمة سيفافى وجه السلطانمن اهدانى سفر الثورةكنت له دوماً عبداَ8
من علمنى كيف اموت على اوراقى حتى ينتصر الانسان
من علمنى كيف اكور قلبى مثل رغيف الخيز لكى اطعمه للانسان
من علمنى كيف ازيل الكلفة بين كتاب الشعر وافواه الفقراء
من علمنى كيف اكون بسيطا مثل العشب ومثل الماء
من علمنى ان استغنل لغة فيها نزوات الاطفال وفيها احساس البسطاء
من علمنى ان الشعر رسالة حب نكتبها للناس وليس هناك شعر لا يتوجه للانسان
من علمنى هدى الحكمة فى تعريف الشعر ًلكنت له دوما عبدا
نزار قبانى
يوميات عاشق متخلف
أأنا الأبله أم أنت البلهاء ؟
خمسة اعوام مرت
وأنا أمسح ريقي كالمجذوب
وأشوي سمكا تحت الماء
يا سيدتي
أرجو فهم شعوري
فلقد أضجرني ضجري منك
وقرفي من هذه الأجواء
تعبت اذني من موسيقى الديسكو
تعبت عيني من سروال الجينز
ومن أكياس الشيبس
وأمطار الكولا
تمطرني صيفا وشتاء
يا سيدتي
إني رجل لا يستوعب هذا العصر الأمريكي
وهذا الذوق الأمريكي
وهذا الضرب الأمريكي على الأعصاب
يا سيدتي
لست أريد العودة عند نهاية هذا القرن
لعصر الغاب !
سقطت كل خيام العشق
...فلا ميساء
...ولا غيراء
...ولا عفراء
رحم الله زمان القهوة والحناء
ليس هناك ما يدهشني
...أو يسكرني
...أو يبكيني
...أو يضحكني
أو يدخلني في طور الاغماء
سقطت عنك قداسات الأشياء
لا أندلس في عينيك ألوذ بها
ضاعت مني كل مفاتيح الحمراء
هذا زمن لا أعرفه لايعرفني
لا أشبهه .. لا يشبهني
زمن يحكمه الروبوت
...فلا أحلام
...ولاأشواق
...ولا إحساس
...ولا تعبير
زمن صارت فيه القبلة وجعا
وفم المرأة لوحا من قصدير
هذا زمن يسبح ضد الشعر
وضد الحب
وضد الوردة واللون الأخضر
زمن وضعت فيه قلوب الناس على سفن التصدير
هل معقول ؟
أني في أيام الحب الأعمى
كنت أقشر لوزا
كنت أكسر جوزا
كنت ألملم أصدافا زرقاء
أصدافا فارغة زرقاء ؟
هل معقول أني في ايام جنوني
كنت أقيس جدار الصين
وأنخل رملا في الصحراء ؟
هل معقول
أني كنت أغني طوال الليل على قدميك
وأجلس فوق سريرك كالببغاء ؟
هل معقول أني كنت احبك حتى الذبح
وحتى المحر
وحتى حالات الاسراء ؟
هل معقول
أني في أيام مراهقتي
كنت أموت بضربة نهد
أو تغرقني قطرة ماء ؟؟
لا تنزعي
فأنا رجل لا يتذكر شيئا
لا يتذكر أحدا
لا يتذكر لون البحر ولا لون الشطآن
لا يتذكر أي مكان كان
أي زمان كان
ولا يتذكر اسما
...حرفا
...لغة
...مقهى
...بارا
...وطنا
لا يتذكر من عينيك سوى النسيان
أأنا الأحمق أم أنت الحمقاء ؟
لست أصدق بعد اليوم
أني كنت أقول الشعر
وكنت الأشهر ما بين الشعراء
عيناكِ وأسلحتي
1
إستعملتُ معكِ..
كلَّ الأسلحةِ التقليديةْ
وكلَّ الأسلحةِ المتطورةْ
من قوس النَشَّابْ...
إلى الخِنْجَر اليَمانيْ..
إلى الرُمْح الإفريقيْ
إلى الصاروخِ العابر للقاراتْ.
إستعملتُ حتى أظافري
لِكَسْرِ جدار كبريائِكْ....
2
وبعدما خسرتُ خيولي..
وجُنودي..
وأوسمتي..
قَعَدْتُ على مدافعي أبكي
لأنني اكتشفتُ
أن جميع خرائطي قد سُرقتْ
وجميع برقياتي السريةِ قد كُشفتْ
وأن أشجعَ رجالي
تركوني
والتجأوا إلى عينيكِ السوْداوينْ
كتاب يديك
كتاب يديك .. أمير الكتب
ففيه قصائد مطلية بالذهب
وفيه نصوص مطعمة بخيوط القصب
وفيه مجالس شعر
وفيه جداول خمر
وفيه غناء
وفيه طرب
..يداك سرير من الريش
أغفو عليه
إذا ما اعتراني التعب
..يداك
هما الشعر ، شكلا ومعنى
..ولولا يداك
لما كان شعر
ولا كان نثر
ولا كان شيء يسمى أدب
كتاب يديك
كتاب صغير .. صغير
ولكنه صار موسوعتي
فمنه تعلمت
كيف النحاس الدمشقي يطرق
كيف تحاك خيوط الحرير
ومنه تعلمت
كيف الأصابع تكتب شعرا
وأن حقولا من القطن
...يمكنها أن تطير
كتاب يديك ، كتاب ثمين
يذكرني بكتاب (الأغاني)
(و)طوق الحمامة
(و)مجنون إلزا
وأشعار لوركا
وبابلو نيرودا
ومن أشعلو في الكواكب
نار الحنين
كتاب يديك
يشابه أزهار أمي
فأول سطر من الياسمين
وآخر سطر من الياسمين
...يداك
كتاب التصوف ، والكشف
والرقص في حلقات الدراويش
والحالمين
إذا ما جلست لأقرأ فيه
أصلي على سيد المرسلين
كتاب يديك
طريق إلى الله
يمشي عليه الألوف من المؤمنين
وبرق يضيء السماء
وعزف جميل على المندولين
كتاب يديك ، كتاب أصول
وشعر .. وحب
وفقه .. ودين
تخرجت منه إماما
وعمري ثلاث سنين
كتاب يديك
يوزع خبز الثقافة كل نهار
على الجائعين
ويعطي دروس المحبة للعاشقين
ويلمع كالنجم ، في عتمة الضائعين
وكنت أنا ضائعا ، مثل غيري
إلى أن قرأت كتاب يديك
فأدركت نور اليقين
حديث يديك
خلال العشاء
يغير طعم النبيذ
وشكل الأواني
أحاول فهم حوار يديك
ولا زلت أبحث عما وراء المعاني
فإصبعة تستثير خيالي
.وأخرى تزلزل كل كياني
...حمام
...حمام
يحط على كتفي
فمن أين هذا الحمام أتاني ؟
و)موزارت(يصحو .. ويرقد
فوق مفاتيح هذا البيان
ويغسلني بحليب النجوم
وينقلني من حدود المكان
لماذا أضيع
أمام يديك اتزاني ؟
إذا ما لعبت بزر قميصي
تحولت فورا
إلى غيمة من دخان
نزار قبانى
اعتقال الحلم
يمكنك بكل سهولة أن تعتقل إنسانا..
ولكن من المستحيل أن تعتقل حلما !!
------------
شعراء السباغيتي
العاصفة هي الحصان الوحيد الذي يليق بالشاعر
أن يركبه.. فالشاعر الذي لايعرف الغضب ،ولا
يتصادم مع عصره ،هو طبق (سباغيتي) سهل البلع..
وسهل الهضم ..
وأنا لا أريد أن أكون شاعرا من (شعراء السباغيتي)
.. وما أكثرهم ...
------------
تعريف للشعر
أعظم تعريف للشعر سمعته من فم طفل في الثانية
عشرة ، كان يحاورني في معرض الكتاب في بيروت :
"إنني أحبك ، ياعمو نزار ، لأن شعرك يشبهني
------------
الحزن
الحزن هو ليل هذا العالم
خرجت أهم قصائدي
وخرجت أنا ...
أراقب الحزن وهو يتجول في زوايا غرفتي
يجلس على مكتبي..
ويضع الأزهار الصفراء في مزهريتي
ويتمدد على فراشي ..
ويصنع لي قهوتي الصباحية ..
فهل أصبح الحزن زوجتي ؟
------------
موسيقى
أمطار أ وروبا
نعزف سوناتات بيتهوفن
وأمطار الوطن ..
نعزف جراحات سيد درويش
وأنا بدون تردد
مع هذا الإسكندراني
الذي يضيء في حنجرته قمر الحزن ..
ومآذن سيدنا الحسين ..
------------
مقهى الهوى
مقهى الهوى،فرغت مقاعده
حولي
وما أكملت فنجاني !!
------------
خلاصة القضية
خلاصة القضية
توجز في عباره
لقد لبسنا قشرة الحضاره
والروح جاهليه ..
------------
أصنام
هم يقطعون النخل في بلادنا
ليزرعوا مكانه ..
للسيد الرئيس ، غابات من الأصنام !
لم يطلب الخالق من عباده
أن ينحتوا يوما له
مليون تمثال من الرخام !!
------------
مطر
وعدتك ..
أن لا أكون هنا بعد خمس دقائق ..
ولكن .. إلى أين أذهب ؟
إن الشوارع مغسولة بالمطر ..
إلى أين أدخل ؟
إن مقاهي المدينة مسكونة بالضجر ..
إلى أين أبحر وحدي ؟
وأنت البحار ..
وأنت القلوع ..
وأنت السفر ..
فهل ممكن ..
أن أظل لعشر دقائق أخرى
لحين انقطاع المطر ؟
أكيد بأني سأرحل بعد رحيل الغيوم
وبعد هدوء الرياح ..
وإلا ..
سأنزل ضيفا عليك
إلى أن يجيء الصباح
نزار قبانى
قصة راشيل شوارزنبرغ
اكتب للصغار ..
للعرب الصغار حيث يوجدون
له على اختلاف اللون
.. والأعمار
والعيون
اكتب للذين سوف يولدون ..
لهم أنا اكتب
للصغار
لأعين يركض في إحداقها النهار
أكتب باختصار
قصة إرهابية مجنده ..
يدعونها راشيل
قضت سنين الحرب في زنزانة منفرده
كالجرذ .. في زنزانة مفردة ..
شيده الألمان في براغ
كان أبوها قذراً من أقذر اليهود ..
يزور النقود ..
وهي تدير منزلاً للفحش قي براغ
يقصده الجنود ..
وآلت الحرب الختام
وأعلن السلام
ووقع الكبار
أربعة يلقبون نفسهم كبار
صك وجود الأمم المتحدة..
.. وأبحرت من شرق أوروبا مع الصباح
سفينة تلعنها الرياح
وجهتها الجنوب
تغض بالجرذان .. والطاعون .. واليهود
كانوا خليط من سقاطة الشعوب
من غرب بولندا ،
من النمسا من استمبول من براغ
من آخر الأرض .. من السعير
جاؤوا إلى موطننا الصغير
موطننا المسالم الصغير
فلطخوا ترابنا
وأعدموا نساءنا
ويتموا أطفالنا
ولا تزال الأمم المتحدة ..
ولم يزل ميثاقها الخطير
يبحث في حرية الشعوب
وحق تقرير المصير
والمثل المجردة ..
فليذكر الصغار
العرب الصغار حيث يوجدون
من ولدوا منهم ، ومن سيولدون
قصة إرهابية مجنده
يدعونها راشيل
حلت محل أمي الممددة
في أرض بيارتـنا الخضراء في الخليل
أمي أنا الذبيحة المستشهدة ..
وليذكر الصغار ..
حكاية الأرض التي ضيعتها الكبار
والأمم المتحدة ..
*
أكتب للصغار
قصة بئر السبع ، واللطرون والجليل
وأختي الفتيل
هناك ، في بيارة الليمون أختي القتيل
هل يذكر الليمون في الرملة ..
في اللد ..
وفي الخليل..
أختي التي غلقها اليهود في الأصيل
من شعرها الطويل
أختي أنا نوار ..
أختي أنا الهتيكة الإزار ..
على ربى الرملة والجليل ..
أختي التي مازال جرحها الطليل
مازال بانتظار
نهار ثأر واحد .. نهار ثأر
على يد الصغار
جيل فدائي من الصغار
يعرف على نوار..
وشعرها الطويل
وقبرها الضائع في القفار ..
أكثر مما يعرف الكبار ..
*
أكتب للصغار
أكتب عن يافا ، وعن مرفئها القديم
عن بقعه غالية الحجاز
يضيء برتقالها .. كخيمة النجوم
تضم قبر والدي .. وأخوتي الصغار
هل تعرفون والدي
واخوتي الصغار ؟
إذا كان في يافا لنا
حديقة .. ودار
يلفها النعيم ..
وكان والدي الرحيم
مزارعا شيخاً ، يحب الشمس والتراب
والله ، والزيتون ،والكروم
كان يحب زوجه
وبيته ..
والشجر المثقل بالنجوم
.. وجاء أغراب مع الغياب
من شرق أوروبا .. ومن غياهب السجون
جاؤوا كفوج جائع من الذئاب ..
فأتلفوا الثمار
وكسروا الغصون
وأشعلوا النيران في بيادر النجوم
والليل في وجوم
واشتعلت في والدي كرامة التراب ..
فصاح فيهم : اذهبوا إلى الجحيم
لن تسلبوا أراضي يا سلالة الكلاب !..
.. ومات والدي الرحيم
بطلقة سددها كلب من الكلاب
علية ، مات والدي العظيم
في الموطن العظيم
وكفة مشدودة شدا إلى التراب
فليذكر الصغار ..
العرب الصغار حيث يوجدون
من ولدوا منهم .. ومن سيولدون
ما قيمة التراب ..
لأن في انتظارهم
معركة التراب ..
نزار قبانى
محمد ابراهيم
24/03/2006, 17:47
ايه الحلاوة ديه يا مارو
ببعت الك وردتين واحده لالك والتانيه لحبيبك نزار
وانت اسمح لى اهديك بوكية بحالة بس على فكرة المرة دى ملفوف كويس;-)
toocoolfriend
24/03/2006, 17:53
انا من هواة تجميع دواوين نزار
نزار من أهم الشخصيات العربية على الاطلاق وافضل شاعر عالمي في التاريخ.
عندك حق طبعا نزار من اروع الشعراء و اجملهم تعبيرا عن الحب وانا برضوا مهتمة بتجميع قصائدة
محمد ابراهيم
24/03/2006, 17:57
انا من هواة تجميع دواوين نزار
نزار من أهم الشخصيات العربية على الاطلاق وافضل شاعر عالمي في التاريخ.
يعني شايف جو رومانسي :jakoush: :jakoush: :jakoush:
انا لسه باعت لها ورده :سوريا: :سوريا:
وهي بعتت الي بوكيه وكمان ملفوف :oops: :oops: :oops:
وانت جاي تدخل كده فالنص يلا روح يا ولا :jakoush: :jakoush: :jakoush:
سيلين بتنادي عليك ;-) ;-) ;-)
يعني شايف جو رومانسي :jakoush: :jakoush: :jakoush:
انا لسه باعت لها ورده :سوريا: :سوريا:
وهي بعتت الي بوكيه وكمان ملفوف :oops: :oops: :oops:
وانت جاي تدخل كده فالنص يلا روح يا ولا :jakoush: :jakoush: :jakoush:
سيلين بتنادي عليك ;-) ;-) ;-)
ههههههههههههههههههههههههه هه
معلش بقى يا محمد انت عارف العوازل بقى
محمد ابراهيم
24/03/2006, 18:03
لا مينفعش كده
بس انا حسيبو عشان خاطرك
يلا يا سيدي احكي براحتك بس لخص
ميرسى ليك يا محمد مش عارفين نودى جمايلك فين يا راجل ودى بقى قصيدة كمان لحبيبى نزار
لماذا أنت ؟
.. لماذا أنت وحدك ؟
.. من دون جميع النساء
.. تغيرين هندسة حياتي
.. وايقاع أيامي
.. وتتسللين حافية
.. الى عالم شؤوني الصغيرة
.. وتقفلين وراءك الباب
.. ولا أعترض
.. لماذا ؟
.. أحبك أنت بالذات
.. وأنتقيك أنت بالذات
.. وأشتهيك أنت بالذات
واسمحلك
.. بأن تجلسي فوق أهدابي
.. تغنين
.. وتدخنين
.. وتلعبين الورق
ولا أعترض
.. لماذا ؟
تشطبين كل الأزمنة
وتوقفين حركة العصور
.. وتغتالين في داخلي
. جميع نساء العشيرة
.. واحدة .. واحدة
ولا أعترض
. لماذا ؟
.. أعطيك
.. من دون جميع النساء
.. مفاتيح مدني
.. التي لم تفتح أبوابها .. لأي طاغية
.. ولم ترفع راياتها البيضاء.. لأية امرأة
.. وأطلب من جنودي
.. أن يستقبلوك بالأناشيد
.. والمناديل
.. وأكاليل الغار
.. وأبايعك
أمام جميع المواطنين
وعلى أنغام الموسيقى
ورنين الأجراس
.. أميرة مدى الحياة
نزار قبانى
هذه البلاد شقة مفروشة
هـذي البـلادُ شـقَّـةٌ مَفـروشـةٌ ، يملُكُها شخصٌ يُسَمّى عَنترَهْ
يسـكَرُ طوالَ الليل عنـدَ بابهـا ، و يجمَعُ الإيجـارَ من سُكّـانهـا
وَ يَطلُبُ الزواجَ من نسـوانهـا ، وَ يُطلقُ النـارَ على الأشجـار
و الأطفـال … و العيـون … و الأثـداء …والضفـائر المُعَطّـرَهْ
...
هـذي البـلادُ كلُّهـا مَزرَعَـةٌ شخصيّـةٌ لعَنـترَهْ
سـماؤهـا .. هَواؤهـا … نسـاؤها … حُقولُهـا المُخضَوضَرَهْ
كلُّ البنايـات – هنـا – يَسـكُنُ فيها عَـنتَرَهْ
كلُّ الشـبابيك علَيـها صـورَةٌ لعَـنتَرَهْ
كلُّ الميـادين هُنـا ، تحمـلُ اسـمَ عَــنتَرَهْ
عَــنتَرَةٌ يُقـيمُ فـي ثيـابنـا … فـي ربطـة الخـبز
و فـي زجـاجـة الكُولا ، وَ فـي أحـلامنـا المُحتَضـرَهْ
مـدينـةٌ مَهـجورَةٌ مُهَجّـرَهْ
لم يبقَ – فيها – فأرةٌ ، أو نملَـةٌ ، أو جدوَلٌ ، أو شـجَرَهْ
لاشـيء – فيها – يُدهشُ السّـياح إلاّ الصـورَةُ الرسميّـة المُقَرَّرَهْ
للجـنرال عَــنتَرَهْ
فـي عرَبـات الخَـسّ ، و البـطّيخ
فــي البـاصـات ، فـي مَحطّـة القطـار ، فـي جمارك المطـار
فـي طوابـع البريـد ، في ملاعب الفوتبول ، فـي مطاعم البيتزا
و فـي كُلّ فئـات العُمـلَة المُزَوَّرَهْ
فـي غرفَـة الجلوس … فـي الحمّـام .. فـي المرحاض
فـي ميـلاده السَـعيد ، فـي ختّـانه المَجيـد
فـي قُصـوره الشـامخَـة ، البـاذخَـة ، المُسَـوَّرَهْ
مـا من جـديدٍ في حيـاة هـذي المـدينَـةُ المُسـتَعمَرَهْ
فَحُزنُنـا مُكّرَّرٌ ، وَمَوتُنـا مُكَرَّرٌ ،ونكهَةُ القهوَة في شفاهنـا مُكَرَّرَهْ …
فَمُنذُ أَنْ وُلدنـا ،و نَحنُ مَحبوسُونَ فـي زجـاجة الثقافة المُـدَوَّرَهْ
وَمُـذْ دَخَلـنَا المَدرَسَـهْ ،و نحنُ لانَدرُسُ إلاّ سيرَةً ذاتيّـةً واحـدَهً
تـُخبرنـا عـن عَضـلات عَـنتَرَهْ
وَ مَكـرُمات عَــنتَرَهْ … وَ مُعجزات عَــنتَرَهْ
ولا نرى في كلّ دُور السينما إلاّ شريطاً عربيّاً مُضجراً يلعبُ فيه
عَنتَرَهْ
لا شـيء – في إذاعَـة الصـباح – نهتـمُّ به
فـالخـبَرُ الأوّلُــ – فيهـا – خبرٌ عن عَــنترَهْ
و الخَـبَرُ الأخـيرُ – فيهـا – خَبَرٌ عن عَــنتَرَهْ
لا شـيءَ – في البرنامج الثـاني – سـوَى
عـزفٌ – عـلى القـانون – من مُؤلَّفـات عَــنتَرَهْ
وَ لَـوحَـةٌ زيتيّـةٌ من خـربَشــات عَــنتَرَهْ
و بـاقَـةٌ من أردَئ الشـعر بصـوت عـنترَهْ
هذي بلادٌ يَمنَحُ المُثَقَّفونَ – فيها – صَوتَهُم ،لسَـيّد المُثَقَّفينَ عَنتَرَهْ
يُجَمّلُونَ قـُبحَهُ ، يُؤَرّخونَ عصرَهُ ، و ينشُرونَ فكرَهُ
و يَقـرَعونَ الطبـلَ فـي حـروبـه المُظـفَّرَهْ
لا نَجـمَ – في شـاشَـة التلفـاز – إلاّ عَــنتَرَهْ
بقَـدّه المَيَّـاس ، أو ضحكَـته المُعَبـرَهْ
يـوماً بزيّ الدُوق و الأمير … يـوماً بزيّ الكادحٍ الفـقير
يـوماً عـلى طـائرَةٍ سَـمتيّـةٍ .. يَوماً على دبّابَة روسيّـةٍ
يـوماً عـلى مُجَـنزَرَهْ
يـوماً عـلى أضـلاعنـا المُكَسَّـرَهْ
لا أحَـدٌ يجـرُؤُ أن يقـولَ : " لا " ، للجـنرال عَــنتَرَهْ
لا أحَـدٌ يجرؤُ أن يسـألَ أهلَ العلم – في المدينَة – عَن حُكم عَنتَرَهْ …
إنَّ الخيارات هنا ، مَحدودَةٌ ،بينَ دخول السَجن ،أو دخول المَقبَرَهْ ..
لا شـيء فـي مدينَة المائة و خمسين مليون تابوت سوى
تلاوَةُ القُرآن ، و السُرادقُ الكبير ، و الجنائز المُنتَظرَهْ
لا شيء ،إلاَّ رجُلٌ يبيعُ - في حقيبَةٍ - تذاكرَ الدخول للقبر ، يُدعى
عَنتَرهْ …
عَــنتَرَةُ العَبسـيُّ … لا يَترُكنـا دقيقةً واحدَةً
فـ مَرّةَ ، يـأكُلُ من طعامنـا … و َمـرَّةً يشرَبُ من شـرابنـا
وَ مَرَّةً يَندَسُّ فـي فراشـنا … وَ مـرَّةً يزورُنـا مُسَـلَّحاً
ليَقبَضَ الإيجـار عن بلادنـا المُسـتأجَرَهْ
نزار قبانى
هذه البلاد شقة مفروشة
هـذي البـلادُ شـقَّـةٌ مَفـروشـةٌ ، يملُكُها شخصٌ يُسَمّى عَنترَهْ
يسـكَرُ طوالَ الليل عنـدَ بابهـا ، و يجمَعُ الإيجـارَ من سُكّـانهـا
وَ يَطلُبُ الزواجَ من نسـوانهـا ، وَ يُطلقُ النـارَ على الأشجـار
و الأطفـال … و العيـون … و الأثـداء …والضفـائر المُعَطّـرَهْ
...
هـذي البـلادُ كلُّهـا مَزرَعَـةٌ شخصيّـةٌ لعَنـترَهْ
سـماؤهـا .. هَواؤهـا … نسـاؤها … حُقولُهـا المُخضَوضَرَهْ
كلُّ البنايـات – هنـا – يَسـكُنُ فيها عَـنتَرَهْ
كلُّ الشـبابيك علَيـها صـورَةٌ لعَـنتَرَهْ
كلُّ الميـادين هُنـا ، تحمـلُ اسـمَ عَــنتَرَهْ
عَــنتَرَةٌ يُقـيمُ فـي ثيـابنـا … فـي ربطـة الخـبز
و فـي زجـاجـة الكُولا ، وَ فـي أحـلامنـا المُحتَضـرَهْ
مـدينـةٌ مَهـجورَةٌ مُهَجّـرَهْ
لم يبقَ – فيها – فأرةٌ ، أو نملَـةٌ ، أو جدوَلٌ ، أو شـجَرَهْ
لاشـيء – فيها – يُدهشُ السّـياح إلاّ الصـورَةُ الرسميّـة المُقَرَّرَهْ
للجـنرال عَــنتَرَهْ
فـي عرَبـات الخَـسّ ، و البـطّيخ
فــي البـاصـات ، فـي مَحطّـة القطـار ، فـي جمارك المطـار
فـي طوابـع البريـد ، في ملاعب الفوتبول ، فـي مطاعم البيتزا
و فـي كُلّ فئـات العُمـلَة المُزَوَّرَهْ
فـي غرفَـة الجلوس … فـي الحمّـام .. فـي المرحاض
فـي ميـلاده السَـعيد ، فـي ختّـانه المَجيـد
فـي قُصـوره الشـامخَـة ، البـاذخَـة ، المُسَـوَّرَهْ
مـا من جـديدٍ في حيـاة هـذي المـدينَـةُ المُسـتَعمَرَهْ
فَحُزنُنـا مُكّرَّرٌ ، وَمَوتُنـا مُكَرَّرٌ ،ونكهَةُ القهوَة في شفاهنـا مُكَرَّرَهْ …
فَمُنذُ أَنْ وُلدنـا ،و نَحنُ مَحبوسُونَ فـي زجـاجة الثقافة المُـدَوَّرَهْ
وَمُـذْ دَخَلـنَا المَدرَسَـهْ ،و نحنُ لانَدرُسُ إلاّ سيرَةً ذاتيّـةً واحـدَهً
تـُخبرنـا عـن عَضـلات عَـنتَرَهْ
وَ مَكـرُمات عَــنتَرَهْ … وَ مُعجزات عَــنتَرَهْ
ولا نرى في كلّ دُور السينما إلاّ شريطاً عربيّاً مُضجراً يلعبُ فيه
عَنتَرَهْ
لا شـيء – في إذاعَـة الصـباح – نهتـمُّ به
فـالخـبَرُ الأوّلُــ – فيهـا – خبرٌ عن عَــنترَهْ
و الخَـبَرُ الأخـيرُ – فيهـا – خَبَرٌ عن عَــنتَرَهْ
لا شـيءَ – في البرنامج الثـاني – سـوَى
عـزفٌ – عـلى القـانون – من مُؤلَّفـات عَــنتَرَهْ
وَ لَـوحَـةٌ زيتيّـةٌ من خـربَشــات عَــنتَرَهْ
و بـاقَـةٌ من أردَئ الشـعر بصـوت عـنترَهْ
هذي بلادٌ يَمنَحُ المُثَقَّفونَ – فيها – صَوتَهُم ،لسَـيّد المُثَقَّفينَ عَنتَرَهْ
يُجَمّلُونَ قـُبحَهُ ، يُؤَرّخونَ عصرَهُ ، و ينشُرونَ فكرَهُ
و يَقـرَعونَ الطبـلَ فـي حـروبـه المُظـفَّرَهْ
لا نَجـمَ – في شـاشَـة التلفـاز – إلاّ عَــنتَرَهْ
بقَـدّه المَيَّـاس ، أو ضحكَـته المُعَبـرَهْ
يـوماً بزيّ الدُوق و الأمير … يـوماً بزيّ الكادحٍ الفـقير
يـوماً عـلى طـائرَةٍ سَـمتيّـةٍ .. يَوماً على دبّابَة روسيّـةٍ
يـوماً عـلى مُجَـنزَرَهْ
يـوماً عـلى أضـلاعنـا المُكَسَّـرَهْ
لا أحَـدٌ يجـرُؤُ أن يقـولَ : " لا " ، للجـنرال عَــنتَرَهْ
لا أحَـدٌ يجرؤُ أن يسـألَ أهلَ العلم – في المدينَة – عَن حُكم عَنتَرَهْ …
إنَّ الخيارات هنا ، مَحدودَةٌ ،بينَ دخول السَجن ،أو دخول المَقبَرَهْ ..
لا شـيء فـي مدينَة المائة و خمسين مليون تابوت سوى
تلاوَةُ القُرآن ، و السُرادقُ الكبير ، و الجنائز المُنتَظرَهْ
لا شيء ،إلاَّ رجُلٌ يبيعُ - في حقيبَةٍ - تذاكرَ الدخول للقبر ، يُدعى
عَنتَرهْ …
عَــنتَرَةُ العَبسـيُّ … لا يَترُكنـا دقيقةً واحدَةً
فـ مَرّةَ ، يـأكُلُ من طعامنـا … و َمـرَّةً يشرَبُ من شـرابنـا
وَ مَرَّةً يَندَسُّ فـي فراشـنا … وَ مـرَّةً يزورُنـا مُسَـلَّحاً
ليَقبَضَ الإيجـار عن بلادنـا المُسـتأجَرَهْ
نزار قبانى
رائعة جدا جدا جدا
اول مرة بقراها
نزار .. يا ضمير الشعب الذي لا ينام لا يموت
نزار فى القصائد السياسية بيكون اكتر من رائع
انقلاب...بقيادة امرأة
للمرة الأولى . .
في تاريخي النسائي الطويل
تقود امرأة إنقلابا علي . .
وتنتصر . . .
للمرة الأولى . .
تطيح بي ، ثورة ثقافيه
خططت لها امرأه . .
فلا تبقي حجرا في مكانه . .
أو كتابا . . أو ورقة . .
أو جملة . . أو فاصلة في مكانها .
أو ضلعا من أضلاعي في مكانه .
للمرة الأولى . .
تتناقص حروف أبجديتي .
ويتناقص عدد أصابعي .
وتتناقص مساحة سلطتي .
وأشعر أنني ملك
منفي خارج أسوار لغته . . .
للمرة الأولى . .
يلقى القبض على قصائدي الغزلية الشهيرة . .
وتقام الدعوة علي . .
بتهمة التحريض على الحب . .
والتغزل
(بعيون ألمهابين الرصافة والجسر) . . .
للمرة الأولى . .
أشعر أنني خارج السلطى .
وأن (جمهورية الحب)
التي حكمت فيها ، خمسين عاما
تهتز تحت أقدامي . . .
للمرة الأولى . .
أشعر أن أمتيازاتي قد سقطت . .
وأن نياشيني قد إنتزعت مني . .
وأن نسائي خرجن على طاعتي .
وجنودي هربوا من الخدمة العسكرية . . .
للمرة الأولى
تطردني امرأة من سريري
وترغمني على أن أنام
في منفضة السجائر ! ! .
للمرة الأولى
تتحداني الكلمة الأنثى
وتحطم كبريائي ،
وشهرتي ،
وأساطير غروري . .
للمرة الأولى
تخلعني امرأة من عرشي
المطعم بالذهب . . الياقوت . .
والحجارة الكريمة . .
وتأخذ مني مفاتيح وزارة الثقافة . .
ومفاتيح النحو . . والصرف . . واللغة . .
وتعيدني بدويا
يكتب على دفاتر الريح . . .
كم أنا سعيد بثورتك
أيتها الانقلابية الحسناء . .
فهل أجمل من أن تحكمني وردة ؟
أو غزالة ؟
أو قصيدة شعر ؟
وهل أجمل من أن تقوم الدولة الأنثى ؟
والعدالة الأنثى ؟ .
والحرية الأنثى ؟ . . .
أعترف يا سيدتي
أن إنقلابك كان ناجحا . . وشجاعا . .
وجيد التخطيط . .
وأعترف دون تردد
(بالنظام الأنثوي الجديد) . .
في مواجهة النظام العالمي الجديد
فأنا لست ضد أي فرس تريد أن تصهل . .
ولا ضد أي سنبلة تريد أن ترتفع . .
ولا ضد أي سمكة تريد أن تقفز من البحر . .
ولا ضد أي عصفور
يريد أن يدخل مدرسة الحرية . . .
يا سلطانة السلاطين :
أنا معك . .
في إنتصارك التاريخي الباهر
ولكن . . إذا قتلت جميع رجال العالم
فماذا ستفعلين وحدك ؟ ؟
لندن 1991
نزار قبانى
تكذيب رسمي لسيدة ثرثارة
لماذا تقولين للناس إني حبيبك ؟
في حين لا أتذكر أني
وتروين أشياء مرت بظنك أنتِ
ولكنها لم تمر بظني ؟
لماذا تقولين ما لا يقال ؟
وتبنين كل قصورك فوق الرمال
وتستمتعين بنسج أقاصيص فاقت حدود الخيال
لماذا تقولين : إني خدعتك
إني ابتززتك
إني اغتصبتك
في حين لا أتذكر أني
فهل تفعلين الذي تفعلين ؟
ترى من قبيل التمني
* * *
لماذا تغشين في ورق الحب ؟
تحترفين الفضيحة
تحترفين الإشاعة
تحترفين التجني
لماذا تقولين
إن بقايا الأظافر فوق ذراعك مني
وإن النزيف الخفيف بزاوية الثغر مني
وإن شظايا الزجاج المكسر ما بين نهديك .. مني
*
لماذا تقولين هذي الحماقات ؟
في حين لا أتذكر أني رأيتك
لا أتذكر أني اشتهيتك
لا أتذكر أني لمستك
لا أتذكر أني
فهل تفعلين الذي تفعلين ؟
ترى من قبيل التمني
* * *
لماذا تسيئين فهم حناني ؟
وتخترعين كلامًا عن الحب ما مر فوق لساني
وتخترعين بلادًا إليها ذهبنا
وتخترعين فنادق فيها نزلنا
وتخترعين بحارًا
وتخترعين مواني
وتخترعين لنفسك ثوبًا
من الورد ، والنار ، والأرجوانِ
لماذا ، على الله سيدتي ، تكذبين ؟
وهل تفعلين الذي تفعلين ؟
ترى من قبيل التمني
*
لماذا تقولين ؟
إن ثلاثة أرباع شعري
عن الحب ، كانت أليك
وإني اقتبست حروف الكتابة من شفتيك
وإني تربيت مثل خروف صغير على ركبتيك
لماذا تجيدين فن الرواية ؟
تختلقين الزمان
المكان
الوجوه
الحوار
الثياب
المشاهد
في حين لا أتذكر وجهك بين حطام الوجوه
وبين حطام السنين
ولا أتذكر أني قرأتك
في كتب الورد والياسمين
فهل تكتبين السيناريو الذي تشتهين ؟
لكي تطمئني
وهل تفعلين الذي تفعلين ؟
ترى ، من قبيل التمني
* * *
لماذا تقولين بين الصديقات والأصدقاء ؟
بأني اختطفتك
- رغم احتجاج رجال القبيلة
رغم نباح الكلاب ، وسخط السماء -
لماذا تعانين من عقدة النقص ؟
تختلقين الأكاذيب
تنتحرين بقطرة ماء
وتستعملين ذكاءك حتى الغباء
لماذا تحبين تمثيل دور الضحية ؟
في حين ليس هناك دليل
وليس هناك شهود
وليس هنا دماء
*
لماذا تقولين
إنك مني حملتِ .. وأَجهضت
في حين لا أتذكر أني تشرفت يومًا بهذا اللقاء
ولا أتذكر من أنتِ .. بين زحام النساء
ولا ربط الجنس بيني وبينك
لا في الصباح .. ولا في المساء
ولا في الربيع .. ولا في الشتاء
فكيف إذن تزعمين
بأني .. وأني .. وأني
وهل كان حملك مني
ترى من قبيل التمني ؟
نزار قبانى
تهويمات صوفية لتكوين امرأة
لو لم تكوني أنت في حياتي
كنت اخترعت امرأة مثلك ياحبيبتي
قامتها طويلة كالسيف
وعينها صافية ...
مثل سماء الصيف
كنت رسمت وجهها على الورق
كنت حفرت صوتها على الورق
كنت جعلت نهدها
حمامة شامية
وشرفة بحرية
تلامس الماء ، ولا تخشى الغرق
كنت جعلت شعرها مزرعة من الحبق
وخصرها قصيدة
وثغرها كأس عرق
كنت اشتغلت ليلة بطولها
أصور ارتعاشة العقد
وموسيقى الحلق
لو لم تكوني في لوح القدر
لكنت كونتك ياحبيبتي
بصورة من الصور
كنت استعرت قطعة من القمر
وحفنة من صدف البحر ... وأضواء السحر
كنت استعرت البحر ... والمسافرين ... والسفر
كنت اخترعت الغيم ياحبيبتي
- و من أجل عينيك - أنزلت المطر
لو لم تكوني أنت في حياتي
ماكان في الأرض هواء ... أو مياه ... أو شجر
ماكان في الأرض بشر
لو لم تكوني أنت ياحبيبتي ... في الواقع
كنت اشتغلت أشهراً ..... وأشهراً
على الجبين الواسع ...
وأشهراً .. وأشهراً
على الفم الرقيق والأصابع ..
كنت خلقت امرأة مثلك ياحبيبتي
شفافة اليدين
كنت على أهدابها ... رميت نجمتين
كنت على سريرها أضأت شمعتين
لكن من مثلك ياحبيبتي ...
أين تكون ... أين ؟
نزار قبانى
ارفضكم جميعكم
ارفضكم جميعكم
واختم الحوار
لم تبق عندى لغة
اضرمت فى معاجمى
وفى ثيابى النار
هربت من عمرو بن كلثوم
ومن رائية الفرزدق الطويلة
هاجرت من صوتى ومن كتابتى
هاجرت من ولادتى
هاجرت من مدائن الملح
ومن قصائد الفخار
حملت اشجارى الى صحرائكم
فانتحرت
من ياسها الاشجار
حملت امطارى الى جفافكم
فشحت الامطار
زرعت فى ارحامكم قصائدى
فاختنقت
يارحما .. يحبل بالشوك والغبار
حاولت ان اقلعكم
من دبق التاريخ
من رزنامة الاقدار
ومن (قفا نبك) .. ومن عبادة الاشجار
حاولت
ان افك عن طروادة حصارها
حاصرنى الحصار
ارفضكم
ارفضكم
يامن صنعتم ربكم من عجوة
لكل مجذوب بنيتم قبة
وكل دجال اقمتم حولة مزار
حاولت ام انقدكم
من ساعة الرمل التى تبلعكم
فى الليل والنهار
من الحجابات على صدوركم
من القراءات التى تتلى على قبوركم
من حلقات الذكر
من قراءة الكف
ورقص الزار
حاولت ان ادق فى جلودكم مسمار
يئست من جلودكم
يئست من اظافرى
يئست من سماكة الجدار
نزار قبانى
عشرونَ محاولةً لتشكيل امرأة
-1-
حان الوقـتُ
لأعيد صياغتـك على طريقـتي
بحبرٍ جديد .
وخطٍ جديد .
وتـنقـيط جديد .
حان الوقت كي أكتـبـكِ كما أريـد .
فجميع من كتبوكِ قـبلي
كانوا يجهلون مبادىء الكـتابهْ .
وجميعُ من قـرأوك قـبلي
كانوا يجهلون قراءة النساءْ..
وتهجـية أحرف الأنوثهْ ...
-2-
حان الوقـت
لأغير هـندسة خصرك ..
وأحجار خواتـمك ..
ومكان الشامات على كـتـفـيـك..
وأفصّلك على مساحـةِ قصائـدي
ومساحةِ جـنوني ..
-3-
حان الوقت
لأنحـتـك بإسلـوبي (النـزاريّ)..
فأجعل هضابـك تـتحرك ..
وبحارك تـتموجْ ..
وسرتـكِ الخرساءَ ..تـتكلمْ ..
ونهـديـك .. يقـرعان كجرسـين نحاسيـين
صبـيحة يـوم الأحـدْ!!
-4-
حان الوقـت
لأعلمـك شيـئاً من الجغرافـيا .
وشيئاً من الموسيقى ..
وشيئاً من الشعـر ..
فجميع من تجولوا في قاراتـك الخـمسْ ...
لم يعرفوا الطريق إلى مناجمك الذهبـية ...
وقبـابـك الفاطميـةْ ..
وأيـقوناتـك البـيزنـطـيـة ...
-5-
حانَ الوقتُ
لأطلعك على خرائطك أنوثـتـكْ ..
وأدلـكِ ..
على السهول التي يزرعون فيها القـطنْ ..
والوديان التي يتكاثـرُ فيها الصفصافْ..
والهضاب التي يتسلق عليها العنـبْ ..
والشواطىءِ التي تـتـزوج فيها الأسمـاكْ..
والعناوين السرية التي تسكن فيـها
حورياتُ البحرْ ..
-6-
حان الوقت
لتعرفي شيئاً عن نبـاتـاتـكْ وطول أنهاركْ.
ورائحةِ أزهاركْ . وعدد حمائمكْ.
ومواسم لوزكِ .. وخـوخـكْ ..
وسفرجلك الجبليّ .
وتوقـيت مدك وجـزركْ
ومواعيد أمطارك الإستوائـيـةْ ..
-7-
حان الوقـتُ
لتعرفي شيئاً عن العصر البرونزيّ .
والفن الفلورنسيّ . والكريستال التـشيكيّ .
والخزف الصيـنيّ والغزل الغربيّ .
حان الوقـت لتعرفي
إلى أيّ عصرٍ من هذه العصور الباهـرهْ
ينـتمي جسـد كِ الجميـل ؟..
-8-
حان الوقـتُ
كي أمحو خطوط ذاكرتـك
وأحرق جميـع المراكبْ
التي جئـتِ بها من العصور الوسطى
فليس وراءَك سوى البحـرْ ..
وليس أمامك ..
سوى ذراعيّ المفـتـوحـتـيـنْ ...
-9-
حان الوقـت لأمارس عليـكِ سحري
فتـزداد أصابعك طولا .
ويزداد خصرك نحولا .
وتـزداد عيـناك اتساعـاً .
ويزداد شعركِ حماقـة .. وفوضى ..
وخروجاً على القانون ..
حان لي .. أن أمد على شرفتـك
حبال قصائدي ـ كما يفعل الشراكسةْـ
على حصان الشِعر ...
-11-
حان الوقت لتخرجي من قـنباز أبـيـكِ ..
ومن صندوق أمك المطعم بالصـد فْ..
فلم يعد لك مسموحاً أن تظلي
حكمةً مأثورة موضوعة في بروازْ
أو سمكة للزيـنة في أكواريومْ
أو ثوباً معلقـاً في متحف الفنون الشعبـية !!.
-12-
حان الوقت كي أعجنـكِ بالمسـكِ ، والقِـرفةِ،
وأخلطكِ بالسكرِ، والعسل ،
وحليـب العصافيـرْ ..
حان الوقت كي أعجنـكِ بلحمي ، وأعصابي ،
وصراخي ، ونزيفي ، ومشتـقات دمي ...
-13-
حان الوقـت
كي تخرجي من سجن النساءْ
الذي تـقضين به
عقوبة (الأنوثة المؤبدةْ )!!
حان الوقت
لتكسري غلاف شرنـقـتـكْ
وتغـزلي
أول خيط من خيوط الحرية ..
حان الوقت لتأخذي شكل الموجة..
أو شكل السهم الناريّ ..
أو شكل السنجابة..
أو الـقطة المتوحشة ..
-15-
حان الوقت
لكي أنقـذك من حلـقات الدراويـش..
وقـرقـرة الـنراجـيل ..وأباريـق الـقهوة الـمُرة ..
ورائحة الـبخور الـهـنديّ ..
وخلاخيل الراقصات ..
وطوابـير النساءِ المنـتـظرات
أمام فراش شهـريار ...
-17-
حان الوقت
لتـتحولي من سجادةٍ تـبريـزيّة
تداس بالدنانيـر والنعال ..
إلى جزيـرةٍ من الضوء والكبرياء
لاتصل إليها طيـور البحـر
ولامراكب القراصنة ...
-18-
أريد أن أخـلصك
من مضاجعة الخلـفاء غـير الراشديـن ...
ابـتداءً من الحاكم بأمر الله ..
إلى الحاكم بأمر النهـدْ ..
إلى المقـتدر ..
إلى المنـتـصر ..
إلى المتـوكل ..
إلى المعتصم بزنانير النساء ..
حتى آخر امرأةٍ دون السادسة عشر!!..
-19-
أريد أن أسحبك كالـتـفاحة
من بـيـن تماسيح البحر الأحمر ..
وحيوانات (كليـلة ودمنة)!!
-20-
أريد أن أنـقـذك
من دينصورات ماقبل التـاريخ
التي هربت من متحف التـاريخ الطبـيعيّ
ودخلت المدن العربـيـهْ
لتـقرقـشنَ عظام النساء كـقطع البسكويت
وتـشرب دماءهنّ كالعرق اللبنانيّ أريد أن أنـقـذك
من (جمعية الجزارين المتحدة)
التي يرأس مجلس إدارتها
المدعو : عبد السرير النسونجي !!
نزار قبانى
مايا
الركبة الملساء و الشفة الغليظة
و السراويل الطويلة و القصيرة
إني تعبت من التفاصيل الصغيرة
و من الخطوط المستقيمة و الخطوط المستديرة
و تعبت من هذا النفير العسكري
إلى مطارحة الغرام
النهد مثل القائد العربي
يأمرني: تقدم للأمام
و الفلفل الهندي في الشفتين
يهتف بي: تقدم للأمام
و الأحمر العنبي
فوق أصابع القدمين
يصرخ بي: تقدم للأمام
إني رفعت الراية البيضاء سيدتي
بلا قيد و لا شرط
و مفتاح المدينة تحت أمرك
فادخليها في سلام
جسدي المدينة
فادخلي من أي باب شئت أيتها الجميلة
و تصرفي بجميع ما فيها و من فيها و خليني أنا
الركبة البيضاء و الحمراء و الخضراء
كيف أميز الألوان؟
إن زجاجة الفودكا تحيل ثقافتي صفراً
و ترجعني إلى جهل العشيرة
و تضخم الإحساس بالأشياء
ترميني عليك كأنك الأنثى الأخيرة
مايا تغني و هي تحت الدوش
أغنية من اليونان رائعة
و تضحك دونما سبب
و تغضب دونما سبب
و ترجى دونما سبب
و يدخل نهدها الذهبي في لحم المرايا
مايا تناديني لأعطيها مناشفها
و أعطيها مكاحلها
و أعطيها خواتمها الملونة المثيرة
مايا تقول بأنها لم تبلغ العشرين بعد
و أنها ما قاربت أحداً سوايا
و أنا أصدق كل ما قال النبيذ و كل ما قالته مايا
مايا على الموكيت حافية
و تطلب أن أساعدها على ربط الضفيرة
و أنا أواجه ظهرها العاري
كطفل ضائع ما بين آلاف الهدايا
الشمس تشرق دائماً من ظهر مايا
من أين أبدأ رحلتي؟
و البحر من ذهب و من زغب
و حول عمودها الفقري أكثر من جزيرة
من يا ترى اخترع القصيدة و النبيذ و خصر مايا؟
مايا لها إبطان يخترعان عطرهما
و يكتشفان رائحة الطريدة
مايا تسافر في انحناءات النبيذ
و في انحناءات الشعور
و في إضاءات القصيدة
و أنا أسافر في أنوثتها
و ضحكتها
و أرسو كل ثانية على أرض جديدة
مايا تقول بأنني الذكر الوحيد
و إنها الأنثى الوحيدة
و أنا أصدق كل ما قال النبيذ و كل ما قالته مايا
مايا لها نهدان شيطانان همهما مخالفة الوصايا
مايا مخربة و طيبة و ماكرة و طاهرة
و تحلو حين ترتكب الخطايا
مايا وراء ستارة الحمام واقفة كسنبلة
و تروي لي النوادر و الحكايا
و أنا أرى الأشياء ثابتة و مائلة
و حاضرة و غائبة
و واضحة و غامضة
فتخذلني يدايا
مايا مبللة و طازجة كتفاح الجبال
و عند تقاطع الخلجان
قد سالت دمايا
مايا تكرر أنها ما لامست أحداً سوايا
و أنا أصدق كل ما قال النبيذ و نصف ما قالته مايا
مايا مهيئة
كطاووس ملوكي و زهرة جلنار
مايا تفتش عن فريستها كأسماك البحار
فمتى سأتخذ القرار؟
هذي شواطئ حضرموت
و بعدها تأتي طريق الهند
إن مراكبي داخت
و بين الطحلب البحري و المرجان تنفتح احتمالات كثيرة
ماذا اعتراني؟ إن أفريقيا على مرمى يدي
و مجاهل البنغال أخطر من خطيرة
مايا تناديني فتنفجر المعادن و الفواكه و التوابل و البهار
هذا النبيذ أساء لي جداً
و أنساني بدايات الحوار
فمتى سأتخذ القرار؟
مايا تغني من مكان ما
و لا أدري على التحديد أين مكان مايا
كانت وراء ستارة الحمام
ساطعة كلؤلؤة و حولها النبيذ إلى شظايا
مايا تقول بأنها امرأتي
و مالكتي و مملكتي
و تحلف أنها ما ضاجعت أحداً سوايا
و أنا أصدق كل ما قال النبيذ و ربع ما قالته مايا
نزار قبانى
{ الموجز في بلاغة النساء }
-1-
لو تسكتين..
لو تسكتين دقيقة..
لو تسكتين..
هذا الشريط سمعتة وحفظتة
فتوقفى عن عزفة
من اجل رب العالمين...
-2-
أعطى لجسمك فرصة ليقول اى قصيدة
غزلية يختاراها..
او اى بيت شاء
من شعر الحنين
-3-
اعطى لوجهك فرصة
حتى يدوخنى بفتنتة..
ويغسلنى بفضتة
ويقرا لى مساء
ما تيسر من كتاب الياسمين
-4-
اعطى لشعرك فرصة
ليدور حول الارض..
او حولى ملايين السنين...
-5-
اعطى لعطرك فرصة
حتى يعبر عن مشاعرة
بكل شجاعة..
وتطرف..
فالعطر مفتاح اليقين
-6-
اعطى لثغرك فرصة
حتى يقدم مشمشا..
وسفرجلا .. وسلال ليمون
لكل الجائعين..
-7-
اعطى لنهدك فرصة
حتى يحطم قيدة
ويقود جيش الثائرين..
-8-
اعطى لخصرك فرصة
حتى يثقفنى..
ويثقلنى
ويشعرنى بانى انتمى
لحضارة المتحضرين...
-9-
لو تسكتين..
لو تسكتين دقيقة..
لو تسكتين..
كل اللغات سوى الانوثة كذبة
كل البلاغة كذبة
كل الفصاحة كذبة
كل الخطابة فى سرير الحب
وقت ضائع....
ومهانة للعاشقين..
-10-
خلى فصاحتك القديمة جانبا
كل الكلام الفلسفى
نسيتة..
الا كلام الياسمين!!
نزار قبانى
فساتيني
فساتيني ! لماذا صرتُ أكرهُها ؟
لماذا لا أُمزقُها ؟
أُقلبُ فوقها طرفي
كأني لستُ أعرفُها
كأني … لم أكن فيها
أحركُها … و أملؤها
لمن تتهدلُ الأثوابُ … أحمرهُا و أزرقُها
وواسعُها … وضيقُها
وعاريها … ومغلقُها
لمن قصبـي ! … لمن ذهبـي ؟
لمن عطرٍُ فرنسيُ ؟
يقيمُ الأرض من حولي ويُقعدها
* * *
فساتيني
فراشاتُ محنطةً
على الجدرانِ أصلبُها
وفي قبرٍ من الحرمانِ أدفنُها
مساحيقي … وأقلامي
أخافُ أخاف أقربُها
وأمشاطي … ومرآتي
أخافُ أخاف ألمسُها
فما جدوى فراديسي ؟
ولا إنسان يدخلُها
من مفكرة عاشق دمشقي.....
فرشتُ فوقَ ثراكِ الطاهـرِ الهدبـا فيا دمشـقُ... لماذا نبـدأ العتبـا؟
حبيبتي أنـتِ... فاستلقي كأغنيـةٍ على ذراعي، ولا تستوضحي السببا
أنتِ النساءُ جميعاً.. ما من امـرأةٍ أحببتُ بعدك..ِ إلا خلتُها كـذبا
يا شامُ، إنَّ جراحي لا ضفافَ لها فمسّحي عن جبيني الحزنَ والتعبا
وأرجعيني إلى أسـوارِ مدرسـتي وأرجعيني الحبرَ والطبشورَ والكتبا
تلكَ الزواريبُ كم كنزٍ طمرتُ بها وكم تركتُ عليها ذكرياتِ صـبا
وكم رسمتُ على جدرانِها صـوراً وكم كسرتُ على أدراجـها لُعبا
أتيتُ من رحمِ الأحزانِ... يا وطني أقبّلُ الأرضَ والأبـوابَ والشُّـهبا
حبّي هـنا.. وحبيباتي ولـدنَ هـنا فمـن يعيـدُ ليَ العمرَ الذي ذهبا؟
أنا قبيلـةُ عشّـاقٍ بكامـلـها ومن دموعي سقيتُ البحرَ والسّحُبا
فكـلُّ صفصافـةٍ حّولتُها امـرأةً و كـلُّ مئذنـةٍ رصّـعتُها ذهـبا
هـذي البساتـينُ كانت بينَ أمتعتي لما ارتحلـتُ عـن الفيحـاءِ مغتربا
فلا قميصَ من القمصـانِ ألبسـهُ إلا وجـدتُ على خيطانـهِ عنبا
كـم مبحـرٍ.. وهمومُ البرِّ تسكنهُ وهاربٍ من قضاءِ الحبِّ ما هـربا
يا شـامُ، أيـنَ هما عـينا معاويةٍ وأيـنَ من زحموا بالمنكـبِ الشُّهبا
فلا خيـولُ بني حمـدانَ راقصـةٌ زُهــواً... ولا المتنبّي مالئٌ حَـلبا
وقبـرُ خالدَ في حـمصٍ نلامسـهُ فـيرجفُ القبـرُ من زوّارهِ غـضبا
يا رُبَّ حـيٍّ.. رخامُ القبرِ مسكنـهُ ورُبَّ ميّتٍ.. على أقدامـهِ انتصـبا
يا ابنَ الوليـدِ.. ألا سيـفٌ تؤجّرهُ؟ فكلُّ أسيافنا قد أصبحـت خشـبا
دمشـقُ، يا كنزَ أحلامي ومروحتي أشكو العروبةَ أم أشكو لكِ العربا؟
أدمـت سياطُ حزيرانَ ظهورهم فأدمنوها.. وباسوا كفَّ من ضربا
وطالعوا كتبَ التاريخِ.. واقتنعوا متى البنادقُ كانت تسكنُ الكتبا؟
سقـوا فلسطـينَ أحلاماً ملوّنةً وأطعموها سخيفَ القولِ والخطبا
وخلّفوا القدسَ فوقَ الوحلِ عاريةً تبيحُ عـزّةَ نهديها لمـن رغِبـا..
هل من فلسطينَ مكتوبٌ يطمئنني عمّن كتبتُ إليهِ.. وهوَ ما كتبا؟
وعن بساتينَ ليمونٍ، وعن حلمٍ يزدادُ عنّي ابتعاداً.. كلّما اقتربا
أيا فلسطينُ.. من يهديكِ زنبقةً؟ ومن يعيدُ لكِ البيتَ الذي خربا؟
شردتِ فوقَ رصيفِ الدمعِ باحثةً عن الحنانِ، ولكن ما وجدتِ أبا..
تلفّـتي... تجـدينا في مَـباذلنا.. من يعبدُ الجنسَ، أو من يعبدُ الذهبا
فواحـدٌ أعمـتِ النُعمى بصيرتَهُ فانحنى وأعطى الغـواني كـلُّ ما كسبا
وواحدٌ ببحـارِ النفـطِ مغتسـلٌ قد ضاقَ بالخيشِ ثوباً فارتدى القصبا
وواحـدٌ نرجسـيٌّ في سـريرتهِ وواحـدٌ من دمِ الأحرارِ قد شربا
إن كانَ من ذبحوا التاريخَ هم نسبي على العصـورِ.. فإنّي أرفضُ النسبا
يا شامُ، يا شامُ، ما في جعبتي طربٌ أستغفرُ الشـعرَ أن يستجديَ الطربا
ماذا سأقرأُ مـن شعري ومن أدبي؟ حوافرُ الخيلِ داسـت عندنا الأدبا
وحاصرتنا.. وآذتنـا.. فلا قلـمٌ قالَ الحقيقةَ إلا اغتيـلَ أو صُـلبا
يا من يعاتبُ مذبوحـاً على دمـهِ ونزفِ شريانهِ، ما أسهـلَ العـتبا
من جرّبَ الكيَّ لا ينسـى مواجعهُ ومن رأى السمَّ لا يشقى كمن شربا
حبلُ الفجيعةِ ملتفٌّ عـلى عنقي من ذا يعاتبُ مشنوقاً إذا اضطربا؟
الشعرُ ليـسَ حمامـاتٍ نـطيّرها نحوَ السماءِ، ولا ناياً.. وريحَ صَبا
لكنّهُ غضـبٌ طـالت أظـافـرهُ ما أجبنَ الشعرَ إن لم يركبِ الغضبا
عفوا... انا نزلت القصيدة السابقة...(من مفكرة عاشق دمشقي) ونسيت انو مكتوبة بموضوع تاني.....بس لاني بحبا كتير....عفوا مرة تانية
السيرة الذاتية لسياف عربي.........
أيها الناس:
لقد أصبحت سلطانا عليكم
فاكسروا أصنامكم بعد ضلال ، واعبدونى...
إننى لا أتجلى دائما..
فاجلسوا فوق رصيف الصبر، حتى تبصرونى
اتركوا أطفالكم من غير خبز
واتركوا نسوانكم من غير بعل .. واتبعونى
إحمدوا الله على نعمته
فلقد أرسلنى كى أكتب التاريخ،
والتاريخ لا يكتب دونى
إننى يوسف فى الحسن
ولم يخلق الخالق شعرا ذهبيا مثل شعرى
وجبينا نبويا كجبينى
وعيونى غابة من شجر الزيتون واللوز
فصلوا دائما كى يحفظ الله عيونى
أيها الناس:
أنا مجنون ليلى
فابعثوا زوجاتكم يحملن منى..
واعبثوا أزواجكم كى يشكرونى
شرف أن تأكلوا حنطة جسمى
شرف أن تقطفوا لوزى وتينى
شرف أن تشبهونى..
فأنا حادثة ما حدثت
منذ آلاف القرون..
2
أيها الناس:
أنا الأول والأعدل،
والأجمل من بين جميع الحاكمين
وأنا بدر الدجى، وبياض الياسمين
وأنا مخترع المشنقة الأولى، وخير المرسلين..
كلما فكرت أن أعتزل السلطة، ينهانى ضميرى
من ترى يحكم بعدى هؤلاء الطيبين؟
من سيشفى بعدى الأعرج، والأبرص، والأعمى..
ومن يحيى عظام الميتين؟
من ترى يخرج من معطفه ضوء القمر؟
من ترى يرسل للناس المطر؟
من ترى يجلدهم تسعين جلدة؟
من ترى يصلبهم فوق الشجر؟
من ترى يرغمهم أن يعيشوا كالبقر؟
ويموتوا كالبقر؟
كلما فكرت أن أتركهم
فاضت دموعى كغمامة..
وتوكلت علىلا الله ...
وقررت أن أركب الشعب..
من الآن.. الى يوم القيامه..
3
أيها الناس:
أنا أملككم
كما أملك خيلى .. وعبيدى
وأنا أمشى عليكم مثلما أمشى على سجاد قصرى
فاسجدوا لى فى قيامى
واسجدوا لى فى قعودى
أولم أعثر عليكم ذات يوم
بين أوراق جدودى ؟؟
حاذروا أن تقرأوا أى كتاب
فأنا أقرأ عنكم..
حاذروا أن تكتبوا أى خطاب
فأنا أكتب عنكم..
حاذروا أن تسمعوا فيروز بالسر
فإنى بنواياكم عليم
حاذروا أن تدخلوا القبر بلا إذنى
فهذا عندنا إثم عظيم
والزموا الصمت، إذا كلمتكم
فكلامى هو قرآن كريم..
4
أيها الناس:
أنا مهديكم ، فانتظرونى
ودمى ينبض فى قلب الدوالى، فاشربونى
أوقفوا كل الأناشيد التى ينشدها الأطفال
فى حب الوطن
فأنا صرت الوطنه.
إننى الواحد، والخالد ما بين جميع الكائنات
وأنا المخزون فى ذاكرة التفاح، والناى،
وزرق الأغنيات
إرفعوا فوق الميادين تصاويرى
وغطونى بغيم الكلمات
واخطبوا لى أصغر الزوجات سناً..
فأنا لست أشيخ..
جسدى ليس يشيخ..
وسجونى لا تشيخ..
وجهاز القمع فى مملكتى ليس يشيخ..
أيها الناس:
أنا الحجاج إن أنزع قناعى تعرفونى
وأنا جنكيز خان جئتكم..
بحرابى .. وكلابى.. سوجونى
لاتضيقوا - أيها الناس - ببطشى
فأنا أقتل كى لاتقتلونى....
وأنا أشنق كى لا تشنقونى..
وأنا أدفنكم فى ذلك القبر الجماعى
لكيلا تدفونى..
5
أيها الناس :
اشتروا لى صحفا تكتب عنى
إنها معروضة مثل البغايا فى الشوارع
إشتروا لى ورقا أخضر مصقولاً كأشعاب الربيع
ومدادا .. ومطابع
كل شىء يشترى فى عصرنا .. حتى الأصابع..
إشتروا فاكهة الفكر .. وخلوها أمامى
واطبخوا لى شاعرا،
واجعلوه، بين أطباق طعامى..
أنا أمى.. وعندى عقدة مما يقول الشعراء
فاشتروا لى شعراء يتغنون بحسنى..
واجعلونى نجم كل الأغلفة
فنجوم الرقص والمسرح ليسوا أبدا أجمل منى
فأنا، بالعملة الصعبة، أشرى ما أريد
أشترى ديوان بشار بن برد
وشفاه المتنبى، وأناشيد لبيد..
فالملايين التى فى بيت مال المسلمين
هى ميراث قديم لأبى
فخذوا من ذهبى
واكتبوا فى أمهات الكتب
أن عصرى عصر هارون الرشيد...
6
يا جماهير بلادى:
ياجماهير العشوب العربية
إننى روح نقى جاء كى يغسلكم من غبار الجاهلية
سجلوا صوتى على أشرطة
إن صوتى أخضر الايقاع كالنافورة الأندلسية
صورونى باسما مثل الجوكندا
ووديعا مثل وجه المدلية
صورونى...
وأنا أفترس الشعر بأسنانى..
وأمتص دماء الأبجدية
صورونى
بوقارى وجلالى،
وعصاى العسكرية
صورونى..
عندما أصطاد وعلا أو غزالا
صورونى..
عندما أحملكم فوق أكتافى لدار الأبدية
يا جماهير العشوب العربية...
7
أيها الناس:
أنا المسؤول عن أحلامكم إذ تحلمون..
وأنا المسؤول عن كل رغيف تأكلون
وعن العشر الذى - من خلف ظهرى - تقرأون
فجهاز الأمن فى قصرى يوافينى
بأخبار العصافير .. وأخبار السنابل
ويوافينى بما يحدث فى بطن الحوامل
أيها الناس: أنا سجانكم
وأنا مسجونكم.. فلتعذرونى
إننى المنفى فى داخل قصرى
لا أرى شمسا، ولا نجما، ولا زهرة دفلى
منذ أن جئت الى السلطة طفلا
ورجال السيرك يلتفون حولى
واحد ينفخ ناياً..
واحد يضرب طبلا
واحد يمسح جوخاً .. واحد يمسح نعلا..
منذ أن جئت الى السلطة طفلا..
لم يقل لى مستشار القصر (كلا)
لم يقل لى وزرائى أبدا لفظة (كلا)
لم يقل لى سفرائى أبدا فى الوجه (كلا)
لم تقل إحدى نسائى فى سرير الحب (كلا)
إنهم قد علمونى أن أرى نفسى إلها
وأرى الشعب من الشرفة رملا..
فاعذرونى إن تحولت لهولاكو جديد
أنا لم أقتل لوجه القتل يوما..
إنما أقتلكم .. كى أتسلى..
شيزوفرينيا...
لا أُفكّرُ في مقاومتها..
أو الاحتجاجِ عليها..
فالحبُّ الكبير هو دائماً حبٌّ صعبْ
وليس صحيحاً أنّه يأتينا على عَرَبةٍ تَجرُّها الملائِكَهْ..
وليس صحيحاً..
أنَّنا نجدُهُ مختبئاً كالقَمَر تحت شراشفنا..
أو كشامَةٍ زرقاءْ
تحت خاصرتنا اليُسْرى..
2
وكلامٌ لم يتعلَّم بعدُ.. كلَّ الكلامْ..
وذَهَباً.. وبهاراً هندياً..
بيني وبينك، كَهَنَةٌ.. وَعَرَّافُونَ.. وفَنَاجينُ قهوةٍ لم تُفتَحْ..
وعلاماتُ حُبٍّ قادمٍ..
تُشْبِهُ علاماتِ يوم القيامَهْ
ونُبُوءاتٌ عن أنهارٍ ستفيضْ..
وكنوزٍ ستتوهّجْ..
وأطفالٍ سيذهبونَ كلَّ صباحٍ إلى مدرسة البنفسجْ...
3
بيني وبينكِ طَقْسٌ رماديٌّ يميلُ إلى المطَرْ..
وأنا أشتهيكِ تحت المَطَرْ..
وَبَعدَ المَطَرْ..
أعشابَ البراري..
بيني وبينكِ حالةٌ من الشِعْر لم أكتُبها بعدْْ..
وحالةٌ من النُبُوءة لم أُبَشِّرْ بها الناسَ بعد..
وحالةٌ من الانخطافِ..
تجعلني سيّدَ الدراويشْ..
بيني وبينكِ أسئلةٌ لا أُريدُها أن تُجابْ..
وتناقضاتٌ جميلةٌ ليس من مصلحة الحُبّ أن تنتهي..
وخصوماتٌ طفوليةٌ..
ليس من مصلحة الشِّعْر أن تُحسَمْ..
وعاداتٌ صغيرَهْ..
تتسلّقُ على رُفُوف الكُتُبْ.. وورقِ الجدرانْ..
وتترسَّبُ مع البُنّ في فناجين القهوَهْ..
4
بيني وبينكِ فضيحةٌ غيرُ مُعْلَنَهْ..
وزلازلُ مجهولةُ التوقيتْ..
وجريمة عِشْقٍ قابلةٌ للتنفيذ في أيَّة لحظَهْ..
بيني وبينكِ شوارعُ نِصفَ مضيئَهْ..
وقطاراتٌ ليليَّةٌ أسمعُ صفيرَها.. ولا أراها..
وأَهْذِي في نَوْمي..
5
بيني وبينكِ بلادٌ من العَطَشْ..
ومُنحرِفونَ شِعْرياً.. وجِنْسياً يرفضونَ أُنوثتَكِ..
كما يرفضونَ قَصَائدي..
بيني وبينكِ طغاةٌ .. ومُخْبرونَ.. ومراكزُ قوىْ..
وشركاتٌ مساهَمَةٌ لمكافحة الحُبّ، والثورة، والكتابَهْ..
بيني وبينكِ..
ونساءٌ.. يبعنَ أساورَهُنَّ..
ويقطعنَ أيديَهنَّ من أجل الشِّعْرْ..
6
بيني وبينكِ..
مجتمعٌ من الصيارفة لا يمكن اختراقُهْ..
ومجتمعٌ من البطاركَهْ..
لا يعترفُ حتى الآن بشرعيّة عينيكِ..
وفُقَهاءُ..
ومُجْتَهدونَ..
ومُفَسِّرونْ..
وشَطْبَ شعري من مناهج وزارة التربيَهْ..
بيني وبينكِ..
مجتمعٌ من الصيارفة لا يمكن اختراقُهْ..
ومجتمعٌ من البطاركَهْ..
لا يعترفُ حتى الآن بشرعيّة عينيكِ..
وفُقَهاءُ..
ومُجْتَهدونَ..
ومُفَسِّرونْ..
قرروا بإجماع الآراء سفكَ دمي
وشَطْبَ شعري من مناهج وزارة التربيَهْ..
حتى لا تتكحَّلَ به بَنَاتُ القبيلَهْ....
يا زوجة الخليفة....
! يا زوجة الخليفة
، لا يفهم الحراس ما قضيتي
.. يا زوجة الخليفة
.. رسائلي إليك .. يرفضونها
.. أزهاري الحمراء .. يرفضونها
.. يا زوجة الخليفة
قصائدي الكتبتها بالضوء والقطيفة
لم يقبلوا استلامها
يا زوجة الخليفة
أنك كنت زوجتي
قبل وجود القصر .. والخليفة
، حراسك الغلاظ، يا سيدتي
لا يقرأون الشعر
.. لا يفهمون الشعر
حاولت أن أقنعهم
أنك شمس العمر
.. جربت سحري معهم
فما أفاد السحر
.. جربت أن أرشوهم بالمال
أو بالخمر
.. لكنهم .. لم يقبلوا
أن يدخلوني القصر
- كل القصور – منذ أن كانت
.. تخاف الشعر
.. تخاف الشعر
بشكرك sarsooraعلى القصائد اتمنى تشاركى دايما
لوليتا
ديوان:حبيبتي
صار عمري خمسة عشرة
صرت أحلى ألف مرة
صار حبي لك أكبر
.. ألف مرة
ربما من سنتين
لم تكن تهتم في وجهي المدور
.. كان حسني بين بين
وفساتيني تغطي الركبتين
كنت آتيك بثوبي المدرسي
وشريطي القرمزي
كان يكفيني بأن تهدي إلي
.. دمية .. قطعة سكر
لم أكن أطلب أكثر
.. وتطور
بعد هذا كل شيء
لم أعد أقنع في قطعة سكر
ودمى .. تطرحها في يدي
صارت اللعبة أخطر
.. ألف مرة
صرت أنت اللعبة الكبرى لدي
صرت أحلى لعبة بين يدي
. صار عمري خمسة عشرة
صار عمري خمس عشرة
كل ما في داخلي .. غنى وأزهر
كل شي .. صار أخضر
شفتي خوخ .. وياقوت مكسر
وبصدري ضحكت قبة مرمر
وينابيع .. وشمس .. وصنوبر
صارت المرآة لو تلمس نهدي تتخدر
والذي كان سويا قبل عامين تدور
.. فتصور
طفلة الأمس التي كانت على بابك تلعب
والتي كانت على حضنك تغفو حين تتعب
.. أصبحت قطعة جوهر
.. لا تقدر
صار عمري خمس عشرة
.. صرت أجمل
وستدعوني إلى الرقص .. وأقبل
سوف ألتف بشال قصبي
.. وسأبدو كالأميرات ببهو عربي
أنت بعد اليوم لن تخجل في
.. فلقد أصبحت أطول
.. آه كم صليت كي أصبح أطول
.. إصبعا .. أو إصبعين
آه .. كم حاولت أن اظهر أكبر
.. سنة .. أو سنتين
آه .. كم ثرت على وجهي المدور
وذؤاباتي .. وثوبي المدرسي
وعلى الحب .. بشكل أبوي
لا تعاملني بشكل أبوي
فلقد أصبح عمري .. خمس عشره
نزار قبانى
بشكرك sarsooraعلى القصائد اتمنى تشاركى دايما
شكرا....:سوريا: :سوريا: :سوريا: :سوريا: :سوريا: :سوريا: :سوريا: :سوريا:
القصيدة الدمشقية....
هذي دمشقُ.. وهذي الكأسُ والرّاحُ إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحـبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ.. لو شرحتمُ جسدي لسـالَ منهُ عناقيـدٌ.. وتفـّاحُ
و لو فتحـتُم شراييني بمديتكـم سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ.. تشفي بعضَ من عشقوا وما لقلـبي –إذا أحببـتُ- جـرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكـي إذ تعانقـني و للمـآذنِ.. كالأشجارِ.. أرواحُ
للياسمـينِ حقـوقٌ في منازلنـا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتـاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنـا فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ و لمـاحُ
هنا جذوري.. هنا قلبي... هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟ هل في العشقِ إيضاحُ؟
كم من دمشقيةٍ باعـت أسـاورَها حتّى أغازلها... والشعـرُ مفتـاحُ
أتيتُ يا شجرَ الصفصافِ معتذراً فهل تسامحُ هيفاءٌ ..ووضّـاحُ؟
خمسونَ عاماً.. وأجزائي مبعثرةٌ.. فوقَ المحيطِ.. وما في الأفقِ مصباحُ
تقاذفتني بحـارٌ لا ضفـافَ لها.. وطاردتني شيـاطينٌ وأشبـاحُ
أقاتلُ القبحَ في شعري وفي أدبي حتى يفتّـحَ نوّارٌ... وقـدّاحُ
ما للعروبـةِ تبدو مثلَ أرملةٍ؟ أليسَ في كتبِ التاريخِ أفراحُ؟
والشعرُ.. ماذا سيبقى من أصالتهِ؟ إذا تولاهُ نصَّـابٌ ... ومـدّاحُ؟
وكيفَ نكتبُ والأقفالُ في فمنا؟ وكلُّ ثانيـةٍ يأتيـك سـفّاحُ؟
حملت شعري على ظهري فأتعبني ماذا من الشعرِ يبقى حينَ يرتاحُ؟
خمس قصائد الى أمي...
صباحُ الخيرِ يا حلوه..
صباحُ الخيرِ يا قدّيستي الحلوه
مضى عامانِ يا أمّي
على الولدِ الذي أبحر
برحلتهِ الخرافيّه
وخبّأَ في حقائبهِ
صباحَ بلادهِ الأخضر
وأنجمَها، وأنهُرها، وكلَّ شقيقها الأحمر
وخبّأ في ملابسهِ
طرابيناً منَ النعناعِ والزعتر
وليلكةً دمشقية..
أنا وحدي..
دخانُ سجائري يضجر
ومنّي مقعدي يضجر
وأحزاني عصافيرٌ..
تفتّشُ –بعدُ- عن بيدر
عرفتُ نساءَ أوروبا..
عرفتُ عواطفَ الإسمنتِ والخشبِ
عرفتُ حضارةَ التعبِ..
وطفتُ الهندَ، طفتُ السندَ، طفتُ العالمَ الأصفر
ولم أعثر..
على امرأةٍ تمشّطُ شعريَ الأشقر
وتحملُ في حقيبتها..
إليَّ عرائسَ السكّر
وتكسوني إذا أعرى
وتنشُلني إذا أعثَر
أيا أمي..
أيا أمي..
أنا الولدُ الذي أبحر
ولا زالت بخاطرهِ
تعيشُ عروسةُ السكّر
فكيفَ.. فكيفَ يا أمي
غدوتُ أباً..
ولم أكبر؟
صباحُ الخيرِ من مدريدَ
ما أخبارها الفلّة؟
بها أوصيكِ يا أمّاهُ..
تلكَ الطفلةُ الطفله
فقد كانت أحبَّ حبيبةٍ لأبي..
يدلّلها كطفلتهِ
ويدعوها إلى فنجانِ قهوتهِ
ويسقيها..
ويطعمها..
ويغمرها برحمتهِ..
.. وماتَ أبي
ولا زالت تعيشُ بحلمِ عودتهِ
وتبحثُ عنهُ في أرجاءِ غرفتهِ
وتسألُ عن عباءتهِ..
وتسألُ عن جريدتهِ..
وتسألُ –حينَ يأتي الصيفُ-
عن فيروزِ عينيه..
لتنثرَ فوقَ كفّيهِ..
دنانيراً منَ الذهبِ..
سلاماتٌ..
سلاماتٌ..
إلى بيتٍ سقانا الحبَّ والرحمة
إلى أزهاركِ البيضاءِ.. فرحةِ "ساحةِ النجمة"
إلى تحتي..
إلى كتبي..
إلى أطفالِ حارتنا..
وحيطانٍ ملأناها..
بفوضى من كتابتنا..
إلى قططٍ كسولاتٍ
تنامُ على مشارقنا
وليلكةٍ معرشةٍ
على شبّاكِ جارتنا
مضى عامانِ.. يا أمي
ووجهُ دمشقَ،
عصفورٌ يخربشُ في جوانحنا
يعضُّ على ستائرنا..
وينقرنا..
برفقٍ من أصابعنا..
مضى عامانِ يا أمي
وليلُ دمشقَ
فلُّ دمشقَ
دورُ دمشقَ
تسكنُ في خواطرنا
مآذنها.. تضيءُ على مراكبنا
كأنَّ مآذنَ الأمويِّ..
قد زُرعت بداخلنا..
كأنَّ مشاتلَ التفاحِ..
تعبقُ في ضمائرنا
كأنَّ الضوءَ، والأحجارَ
جاءت كلّها معنا..
أتى أيلولُ يا أماهُ..
وجاء الحزنُ يحملُ لي هداياهُ
ويتركُ عندَ نافذتي
مدامعهُ وشكواهُ
أتى أيلولُ.. أينَ دمشقُ؟
أينَ أبي وعيناهُ
وأينَ حريرُ نظرتهِ؟
وأينَ عبيرُ قهوتهِ؟
سقى الرحمنُ مثواهُ..
وأينَ رحابُ منزلنا الكبيرِ..
وأين نُعماه؟
وأينَ مدارجُ الشمشيرِ..
تضحكُ في زواياهُ
وأينَ طفولتي فيهِ؟
أجرجرُ ذيلَ قطّتهِ
وآكلُ من عريشتهِ
وأقطفُ من بنفشاهُ
دمشقُ، دمشقُ..
يا شعراً
على حدقاتِ أعيننا كتبناهُ
ويا طفلاً جميلاً..
من ضفائرنا صلبناهُ
جثونا عند ركبتهِ..
وذبنا في محبّتهِ
إلى أن في محبتنا قتلناهُ...
ديوان يوميّات امرأة لامبالية
1
على دفترْ .. سأجمعُ كلّ تاريخي على دفترْ ..
سأرضعُ كلّ فاصلةٍ حليبَ الكلمةِ الأشقرْ..
سأكتبُ لا يهمُّ لمن سأكتبُ هذه الأسطرْ..
فحسبي أن أبوحَ هنا لوجهِ البوحِ لا أكثرْ ..
حـروفٌ لا مبـاليةٌ أبعثرها على دفتـرْ..
بلا أمـلٍ بأن تبقى بلا أمـلٍ بأن تُنشـرْ..
لعـلّ الريح تحملهـا فتزرع في تنقلهـا ..
هنا حرجاً من الزعتر هنا كرماً هنا بيدرْ ..
هنا شمسـاً و صيفـاً رائعـاً أخضـرْ ..
حروف سوف أفرطها كقلب الخوخة الأحمرْ
لكلّ سـجينةٍ تحيا معي في سجني الأكبرْ ..
حروفٌ سوف أغرزها بلحمِ حياتنا خنجرْ ..
لتكسرَ في تمرّدهـا جليداً كان لا يُكسرْ ..
لتخلعَ قفل تابوتٍ أُعِـدَّ لنـا لكي نُقبرْ ..
كتـاباتٍ أقـدّمها لأيةِّ مهجةٍ تَشـعرْ ..
سيسعدني إذا بقيتْ غداً مجهولةَ المصدرْ ..
- - 2 –
أنـا أنثـى .. أنـا أنثـى ..
نـهار أتيت للدنيـا وجدتُ قرار إعدامي ..
ولم أرَ بابَ محكمتي و لم أرَ وجهَ حكّامي ..
- - 3 –
عقاربُ هذه الساعة كحوتٍ أسودَ الشفتين يبلعني ..
عقاربها كثعبانٍ على الحائط، كمقصلةٍ، كمشنقةٍ، كسكّينٍ تمزّقني
كلصٍّ مسرع الخطوات يتبعني و يتبعني ..
لماذا لا أحطّمها ؟ وكلّ دقيقةٍ فيها تحطّمني
أنا امرأةٌ بداخلها توقّفَ نابضُ الزّمنِ ..
فلا نوّارَ أعرفهُ .. ولا نيسانَ يعرفني ..
- - 4 –
أنا بمحارتي السوداء .. ضوءُ الشمسِ يوجعني
وسـاعةُ بيتنا البلهاء .. تعلكنـي و تبصقنـي
مجــلاتي مبعثـرةٌ ..وموسـيقاي تضجرني
مع الموت أعيش أنا .. مع الأطلال و الدّمـنِ
جميـعُ أقاربي موتى .. بلا قبـرٍ و لا كفنِ
أبوح لمن ولا أحداً ..مِنَ الأمواتِ يفهمني ؟
أثور أنا على قدري .. على صدئي على عفني
و بيتٍ كلُّ مَنْ فيـه .. يعادينـي و يكرهني
أدقُّ بقبضتي الأبواب ..و الأبوابُ ترفضنـي
بظفري أحفر الجدران .. أجلدها و تجلـدني
أنا في منزل الأمواتِ.. مَنْ مِنْ قبضة الموتى يحررني ؟!
- - 5 –
لمـــن صــدري أنـا يكبــرْ .. ؟!
لمـن كرزاته دارت ؟.. لمـن تفاحه أزهرْ ؟!
لمن صحنانِ صينيّان ..من صدفٍ ومن جوهرْ ؟
لمن قدحان من ذهبٍ .. و ليس هناك من يسكرْ
لمـن شـفةٌ مناديـةٌ ..تجمّدَ فوقها السُكّـرْ ؟
أللشـيطان للديـدان .. للجـدران لا تُقهرْ ؟
أربّيها، وضوءُ الشمسِ أسقيها، سنابلَ شعري الأشقرْ
- - 6 –
خلوتُ اليوم ساعاتٍ إلى جسدي .. أفكر في قضاياهُ
أليسَ له هو الثاني قضاياهُ ؟ .. وجنّتهُ .. و حماهُ ..؟
لقـد أهملتـهُ زمنــاً .. و لـم أعبـأ بشـكواهُ
نظرتُ إليهِ في شغفٍ .. نظرتُ إليهِ من أحلى زواياهُ
لمسـتُ قبابـهُ البيضـاء و غابتـهُ ومرعـــاهُ
أنـا لـوني حليبـيٌّ كأنّ الفجرَ قطّـرهُ و صفـاهُ
أسـفتُ لأنّه جسدي .. أسفتُ على ملاستهِ
و ثرتُ على مصمّمهِ .. و عاجنـهِ و ناحتـهِ
رثيتُ له، لهـذا الوحش .. يأكلُ من وسـادتهِ
لهــذا الطّفــلِ ليسَ تنــام عينـــاهُ
نزعتُ غلالتي عنّي رأيتُ الظلّ يخرجُ من مراياهُ
رأيتُ النّهـدَ كالعصفورِ لم يتعـبْ جناحـاهُ
تحـرّرَ مـن قطيفتـهِ و مـزّقَ عنـه تفتـاهُ
حزنتُ أنا لمرآهُ .. لماذا الله كوّرهُ و دوّرهُ و سوّاهُ ؟!
لمــاذا الله أشــقاني بفتنتــه و أشــقاهُ ؟
و علّقـهُ بأعلى الصّـدرِ جرحاً لسـتُ أنسـاهُ
- - 7 –
لمـاذا يستبدُّ أبي ؟ .. و يرهقني بسلطتهِ ؟!
و ينظرُ لي كآنيـةٍ ..كسطرٍ في جريدتـهِ
و يحـرصُ أن أظلَّ لهُ ..كأني بعض ثروتهِ
و أن أبقـى بجانبـهِ .. ككرسـيٍّ بحجرتهِ
أيكفـي أنني ابنتهُ .. وأني من سـلالتهِ ؟
أيطعمنـي أبي خبزاً .. أيغمـرني بنعمتهِ ؟
كفرتُ أنا بمال أبي.. بلؤلؤهِ .. بفضّتهِ !
أبي لم ينتبـه يومـاً .. إلى جسدي و ثورتهِ
أبي رجـل أنانـيٌّ .. مريضٌ في محبّتــهِ
مريضٌ في تعصّبـهِ .. مريضٌ في تعنّتــهِ
يثورُ إذا رأى صـدري تمـادى في استدارتهِ
يثورُ إذا رأى رجـلاً .. يقرب من حديقتهِ
أبي لـن يمنعَ التّفاح .. من إكمالِ دورتـهِ
سيأتي ألفَ عصفورٍ .. ليسرقَ من حديقتهِ
- - 8 –
على كرّاستي الزرقـاء أستلقي بحريّـه
وأبسط فوقها ساقيّ في فرحٍ و عفويّـه
أمشّطُ فوقها شعري .. و أرمي كل أثوابي الحريريّه
أنـامُ أفيـقُ عاريـةً .. أسـيرُ أسـيرُ حافيـةً
علــى صفحــات أوراقــي السـماويّه
على كرّاسـتي الزرقاء .. أسـترخي على كيفي
و أهربُ من أفاعي الجنس و الإرهابِ و الخوفِ
و أصرخُ ملءَ حنجرتي .. أنا امرأةٌ .. أنا امرأةٌ
أنا إنسانةٌ حيَّـه .. أيا مدنَ التّوابيتِ الرخاميّه
على كراستي الزرقاء تسقطُ أقنعتي الحضاريّه
ولا يبقى سوى نهدي، تكوّمَ فوقَ أغطيتي، كشمسٍ استوائيّه
ولا يبقى سوى جسدي، يعبّرُ عن مشاعرهِ بلهجتهِ البدائيّه
و لا يبقى .. و لايبقى .. سـوى الأنثـى الحقيقيّـه
- - 9 –
أحبُّ طيورَ تشرينِ .. تسـافرُ حيثما شـاءت
و تأخذُ في حقائبها بقايا الحقلِ من لوزٍ ومن تينِ
أنا أيضاً أحبُّ أكونَ .. مثـل طيورِ تشـرينِ
أحــبُّ أضيــعَ .. مثـل طيورِ تشـرينِ
فحلوٌ أن يضيعَ المـرءُ .. بيـنَ الحينِ و الحيـنِ
أريدُ البحثَ عن وطن .. جديـدٍ غيرَ مسكونِ
وربٍّ لا يطــاردني .. و أرضٍ لا تعـاديني
أريدُ أفرُّ من جلـدي .. ومن صوتي ومن لغتي
وأشــردُ مثــل رائحــة البســاتينِ
أريدُ أفـرُّ من ظلّـي .. و أهرب من عناويني
أريدُ أفـرُّ من شـرقِ الخرافـة و الثعـابينِ
مـن الخلفاء و الأمراء .. مـن كل السلاطينِ
أريــدُ أحــبُّ ..مثـل طيور تشـرينِ
أيــا شــرقَ المشــانقِ و السـكاكينِ
- - 10 –
صـباحَ اليومِ فاجأني .. دليـلُ أنوثتي الأّوّلْ
كتمتُ تمزّقي ورحتُ أراقبُ روعةَ الجّدولْ
وأتبـعُ موجـهُ الذهبيّ .. أتبعـهُ ولا أسألْ
هنـا أحجارُ ياقوتٍ .. وكنزُ لآلـئٍٍ مُهملْ
هنـا نافورة جذلـى .. هنا جسرٌ من المخملْ
هنا سفنٌ من التوليب .. ترجو الأجملَ الأجملْ
هنـا حبرٌ بغير يـدٍ .. هنا جـرحٌ ولا مقتلْ
أأخجلُ منه ؟ هل بحـرٌ .. بعـزّةِ موجهِ يخجلْ ؟
أنا للخصبِ مصدرهُ .. أنا يـدهُ .. أنا المغزلْ
نزار قبانى
يوميّات امرأة لامبالية2
11
أسائلُ دائماً نفسي .. لماذا لا يكونُ الحبّ في الدنيا
لكلّ الناس .. كلّ الناس .. مثـل أشـعة الفجـرِ
لمـاذا لا يكون الحـبّ مثـل الخبـزِ و الخمـرِ
ومثــــلَ المـــــاءِ في النّهــــرِ
و مثلَ الغيمِ و الأمطار.. و الأعشـاب و الزهـرِ
أليس الحبّ للإنسان .. عمـراً داخل العمـرِ ؟
لمـاذا لا يكون الحـبّ في بلـدي طبيعيـّاً ؟
كأية زهـرةٍ بيضاءَ طالعـةٌ من الصخـرِ
طبيعيّاً كلُقيا الثغر بالثغر .. ومنساباً كما شعري على ظهري
لمـاذا لا يحـبّ الناس في ليـنٍ و في يسـرِ ؟
كما الأسـماك في البحرِ .. كما الأقمار في أفلاكها تجـري
لماذا لا يكون الحبّ في بلدي ضروريّاً كديوانٍ من الشعرِ ؟!
- - 12 –
أفكّر أيّنا أسعدْ .. أنا أم ذلك الممدود سلطاناً على المقعدْ
سعيداً تحت فروتهِ كربٍّ مطلقٍ مفردْ
أفكّرُ أيّنا حرٌّ و من منّا طليق اليـدْ
أنـا أم ذلك الحيـوان .. يلحسُ فـروه الأجعــدْ
أمامي كائنٌ حرٌّ يكادُ للطفهِ يُعبـدْ
لهذا القطّ عالمهُ ، له طررٌ ، له مسندْ
له في السطحِ مملكةٌ و راياتٌ له تُعقدْ
له حريّةٌ و أنـا أعيشُ بقمقمٍ موصدْ
- - 13 –
أنا نهـداي في صـدري كعصفورين قد ماتا من الحرِّ
كقدّيسـين شــرقيّين .. متّهميــن بالكفــرِ
كم اضطُّهدا و كم جُلدا .. وكم رقـدا على الجمـرِ
وكم رفضـا مصـيرهما .. وكم ثـارا على القهـرِ
وكم قطعــا لجامهمـا .. وكم هربـا من القبـرِ
متى سَـيُفّكُّ قيـدَهما ؟ .. متـى يـاليتنـي أدري
- - 14 –
نزلـتُ إلى حديقتنـا .. أزورُ ربيعهـا الرّاجعْ
عجنتُ ترابها بيدي .. حضنتُ حشيشها الطالعْ
رأيتُ شجيرةَ الدّراق .. تلبسُ ثوبهـا الفاقـعْ
رأيتُ الطّيـرَ محتفـلاً .. بعودة طيره الساجعْ
رأيتُ المقعـدَ الخشبيّ .. مثـلَ الناسكِ الراكعْ
سـقطتُ عليه باكيةً .. كأنّي مركبٌ ضائـعْ
أحتى الأرض يا ربّي تعبّر عن مشاعرها بشكل بارع بارع
أحتّى الأرض يا ربّي لها يومٌ تحبُّ به تضمُّ حبيبها الراجع
رفوف العشب من حولي لها سبب لها دافع
فليس الزنبق الفارع و ليس الحقل ليس النحل ليس الجدول النابع
سوى تعبير هذي الأرض غير حديثها البارع
أحـسّ بداخلي بعثاً يمزّق قشرتي عني و يسقي جذري الجائع
و يدفعني لأن أعدو مع الأطفال في الشارع
أريد أريد أن أعطي كأيّ زهرة في الروض تفتّح جفنها الدامع
كأية نحلة في الحقل تمنح شهدها النافع
أريد أريد أن أحيا بكل خلية مني مفاتن هذه الدنيا بمخمل ليلها الواسع
و برد شتائها اللاذع
أريد .. أريد أن أحيا .. بكل حرارة الواقع .. بكل حماقة الواقع
- - 15 –
أبــي صـنفٌ مــن البشــرِ
مزيجٌ من غباءِ التّرك و من عصبيّة التّترِ
أبي أثر من الآثار .. تابوتٌ من الحجرِ
تهرّأ كل ما فيهِ ..كبابِ كنيسـةٍ نخرِ
كهارون الرشيد أبي ، جواريه ، مواليه ، تمطّيه على تخت من الطّررِ
و نحن هنا .. ضحاياه .. سـباياه .. مماسـح قصـره القــذرِ
- - 16 –
أغطُّ الحرفَ بالجرحِ و أكتبُ فـوقَ جدرانٍ من الكبريت و الملحِ
و أبصقُ فوقَ أوثانٍ عواطفها من الملحِ و أعينها و منطقها من الملحِ
- - 17 –
لماذا في مدينتنـا نعيش الحـبَّ تهريبـاً و تزويـرا
و نسرق من شقوقِ الباب موعدنا و نستعطي الرسائل و المشاويرا
لماذا في مدينتنا ..؟ يصيدون العواطف و العصافيرا
لماذا نحن قصديرٌ و ما يبقى من الإنسان حين يصير قصديرا ؟!
لماذا نحن أرضيّون ..تحتيّون .. نخشى الشمس و النورا
لماذا أهل بلدتنا يمـزّقهم تناقضهم
ففي ساعات يقظتهم يسبّون الضفائر و التنانيرا
و حين الليل يطويهم يضمّون التصاويرا
- - 18 –
يعود أخي من الماخور عند الفجر سكرانا
يعود كأنّه السلطان، من سـمّاه سلطانا
و يبقى في عيون الأهل أجملنا و أغـلانا
و يبقى في ثياب العهر .. أطهرنا و أنقانا
يعود أخي من الماخور مثل الدّيك نشوانا
فسبحان الذي سوّاه من ضوءٍ و من فحمٍ رخيصٍ نحن سوّانا
وسـبحان الذي يمحـو خطـاياه ولا يمحـو خطـايانا
- - 19 –
خرجتُ اليوم للشّرفة على الشّباك جارتنا المسيحيّة تحيّيني
فرحتُ لأنّ إنسانً يحيّيني
لأنّ يداً صباحيّة .. يداً كمياهِ تشرينِ
تلــوّحُ لي تنــاديني
أيا ربّي متى نُشفى تُرى من عقدةِ الدّينِ ؟
أليسَ الدّين كلّ الدّين: إنساناً يحيّيني
و يفتحُ لي ذراعيهِ و يحملُ غصنَ زيتونِ
- - 20 –
تُخيفُ أبي مراهقتي .. يدقُّ لها طبول الذّعرِ و الخطرِ
يقـاومها .. يقـاوم رغوة الخلجان يلعنُ جرأةَ المطرِ
يقـاوم دونمـا جدوى مـرور النّسـغ في الزّهـرِ
أبي يشـقى إذا سـألت رياحُ الصّيفِ عن شـعري
و يشـقى إن رأى نهــدايَ يرتفعـانِ في كِبـرِ
و يغتسـلان كالأطفـال تحـتَ أشـعّة القمـرِ
فمـا ذنبي و ذنبهمـا .. همـا منّي .. همـا قدري
نزار قبانى
وميّات امرأة لامبالية3
21 –
سـماءُ مدينتي تمطر .. و نفسي مثلها تمطرْ
و تاريخي معي طفلٌ نحيل الوجه لا يبصـرْ
أنا حـزني رماديٌّ كهذا الشـّارع المقفـرْ
أنا نوعٌ من الصـبّار لايعطـي و لا يثمـرْ
حيـاتي مركبٌ ثمل .. تحطّـم قبل أن يبحرْ
و أيّامي مكـرّرةٌ كصوت السـاعة المضجرْ
و كيف أنوثتي ماتت أنا ما عدتُ أستفكرْ
فلا صيفي أنا صيفٌ و لا زهري أنا يزهرْ
بمن أهتمُّ ؟ هل شيءٌ بنفسي بعدُ ما دُمّرْ ؟
أبالعفن الذي حولي ..أم القيم التي أنكرْ
حياتي كلّها عبثٌ فلا خبرٌ أعيشُ له و لا مخبرْ
للاأحـدٍ أعيشُ أنا .. و لا لاشيءَ أستنظرْ
22
متـى يـأتي تـُرى بطلـي ؟!
لقد خبّأتُ في صدري له زوجاً من الحجلِ
وقد خبّأتُ في ثغري .. له كوزاً من العسلِ
متى يأتي على فرسٍ .. له مجدولة الخصـلِ
ليخطفنـي .. ليكسـر بـاب معتقلـي
فمنذ طفولتي و أنا أمدُّ على شبابيكي حبال الشّوقِ و الأملِ
و أجـدلُ شعري الذّهبي كي يصـعد على خصلاته بطلي
- - 23 –
سأكتبُ عن صديقاتي .. فقصّة كلّ واحدة
أرى فيها أرى ذاتي .. و مأساةٍ كمأساتي
ســأكتـبُ عــن صــديقـاتي ..
عن السّجن الذي يمتصّ أعمار السجيناتِ
عن الزّمن الذي أكلته أعمدة المجـلاتِ
عن الأبوابِ لا تفتحْ .. عن الرّغبات .. و هي بمهدها تُذبحْ
عن الحلمات تحت حريرها تنبحْ
عن الزنزانـة الكبـرى .. و عن جدرانـها السّـودِ
و عن آلافِ الشهيدات .. دُفِنَّ بغير أسماءٍ بمقبرةِ التقاليدِ
صديقاتي .. دمىً ملفوفة بالقطن داخل متحفٍ مغلـق
نقـودٌ صـكّها التـاريخ لا تهـدى ولا تنفــق
مجــاميع مـن الأسـماك في أحواضـها تخنــق
و أوعيــة مـن البلّلـور مـات فراشـها الأزرق
بلا خـوفٍ سـأكتب عـن صـديقاتي
عن الأغلال داميـة بأقـدام الجميـلاتِ
عن الهذيان و الغثيان عن ليـل الفراغـاتِ
عـن الأشــواق تدفــن فــي المخــدّاتِ
عـن الدّوران فـي اللاشيء .. عن موت الهنيهـاتِ
صديقاتي .. رهائنُ تشترى و تباع في سوقِ الخرافاتِ
سـبايا فـي حـريم الشـرق موتى غـير أمـواتِ
يعشـنَ يمتنَ مثـل الفطـر في جـوفِ الزّجاجـاتِ
صديقـاتي .. طيورٌ في مغائرها تمـوتُ بغير أصـواتِ
- - 24 –
بـــلادي تـرفـــض الحبّـــــا
تطاردهُ كأيّ مخدّرٍ خطرٍ .. تسـدُّ أمامه الدّربا
تطارده .. تطارد ذاك الطّفل الرّقيق الحالم العذبا
تقـصّ لـه جناحيـهِ و تملأ قلبـه رعبــا
بلادي تقتـل الربّ الذي أهـدى لها الخصبـا
و حـوّل صخرها ذهباً و غطّى أرضها عشـبا
و أعطـاها كواكبها وأجـرى ماءها العذبـا
بلادي لم يزرها الـربّ منذ اغتالـت الربّـا
- - 25 –
كفى يا شـمس تمّوزٍ غبار الكلس يعمينـا
فمنذ البدء غير الكلس لم تشـرب أراضينا
ومنذ البدء غير الدّمع لم تسـكب مآقينـا
ومنذ البدء نسـتعطي سـماءً ليس تعطينا
كفانا نلعق الأحجار و الإسفلت و الطينـا
كفـانا يا سموات من القصـدير تكوينـا
جلـود وجوهنا يبست تشقّق لحم أيدينـا
لماذا ترفض الأمطار أن تسـقي روابينـا؟
لمـاذا تصبح الأزهار .. فحماً في أوانينـا
لأنّا قـد قتلنا العطر .. واغتلنا الرّياحينـا
وأغمدنا بصدر الحبّ أغمدنا السـكاكينا
لأنّ الأرض تشـبهنا مناخاتٍ و تكوينـا
لأنَّ العقم كلّ العقم لا في الأرض بل فينا
- - 26 –
يروّعني شحوب شقيقتي الكبرى .. هي الأخرى
تعـاني ما أعانيه .. تعيش السـاعة الصّـفرا
تعاني عقدةً سـوداء تعصـر قلبها عصـرا
قطار الحسن مرَّ بها ولم يترك سوى الذكرى
ولم يترك من النّهـدين إلا الّليف و القشـرا
لقد بدأت سفينتها تغوص و تلمس القعـرا
أراقبها و قـد جلست بركنٍ تصلح الشّعرا
تصففه ، تخرّبه ، و ترسـل زفرةً حرّى
تلوبُ تلوب في الرّدهات مثل ذبابةٍ حيرى
وتقبع في محـارتها كنهرٍ لم يـجد مجرى
- - 27 –
فساتيني .. لماذا صرتُ أكرهها ؟.. لماذا لا أمـزّقها ؟!
أقلّب فوقها طرفي كأنّي لم أكن فيها أحرّكها و أملؤها
لمــن تتهـدّل الأثواب .. أحمـرها و أزرقهــا ؟
واســعها و ضـيّقها .. عاريهــا و مغلقهــا
لمن قصبي، لمن ذهبي، لمن عطر فرنسي، يقيم الأرض من حولي و يقعدها
فساتيني فراشاتٌ محنّطةٌ على الجدران أصلبها ..
وفـي قبٍــر مـن الحــرمان أدفنهــا
مسـاحيقي و أقلامي أخاف أخاف أقربـها
و أمشـاطي و مرآتي أخاف أخاف ألمسـها
فما جدوى فراديسي ولا إنسـان يدخلـها
- - 28 –
مدينتنا تظلّ أثيرة عندي .. برغم جميع مافيها
أحبّ نداء باعتها .. أزقّتها أغانيها
مآذنها كنائسها سُكاراها مصلّيها
تسامحها تعصّبها عبادتها لماضيها
مدينتنا بحمد الله راضيةٌ بمن فيها وما فيها
بآلافٍ من الأموات تعلكهم مقاهيها
لقد صاروا مع الأيام جزءاً من كراسيها
صراصيرٌ محنّطةٌ خيوط الشمس تعميها
مدينتنا وراء النّرد منفقةٌ لياليها
وراء جريدة كسلى و عابرة تعرّيها
فلا الأحداث تنفضها ولا التاريخ يعنيها
مدينتنا بلا حبٍّ يرطّب وجهها الكلسي أو يروي صحاريها
مدينتنا بلا امرأة تذيب صقيع عزلتها وتمنحها معانيها
يوميّات امرأة لامبالية4
29 –
أقمنا نصف دنيانا على حكمٍ و أمثالِ
و شيّدنا مزاراتٍ للألفِ و ألف دجّالِ
و كالببغاء ردّدنا مواعظ ألف محتـالِ
قصدنا شيخ حارتنا ليرزقنا بأطفـالِ
فأدخلنا لحجرته و قـام بنزع جبّته
و باركنا و ضاجعنا و عند الباب طالبنا
بدفع ثلاث ليراتٍ لصنع حجابه البالي
و عدنا مثلما جئنا بلا ولدٍ ولا مـالِ
- - 30 –
يعيش بداخلي وحشٌ جميلٌ اسـمه الرّجلُ
له عينان دافئتـان يقطر منهما العسـلُ
ألامسُ صدره العاري، ألامسه و أختجلُ
قروناً وهو مخبوء بصـدري ليس يرتحـلُ
ينـام وراء أثوابـي ينـام كأنّه الأجـلُ
أخاف أخاف أوقظه فيشـعلني و يشتعلُ
كمخلوقٍ خرافيّ يعيش بذهننا الرّجـلُ
تصوّرناه تنّيناً له تسعون اصبعة و شدقٌ أحمرٌ ثملُ
تصـوّرناه خفّاشـاً مـع الظلمــات ينتقـلُ
تخيّلناه قرصاناً .. تخيّلناه ثعبانـاً
أمدُّ يدي لأقتلهُ أمدُّ يدي ولا أصلُ
إلهٌ في معابدنا نصلّي له و نبتهـلُ
يغازلنا وحين يجوع يأكلنا ويملأ الكأس من دمنا و يغتسلُ
إلهٌ لا نقاومه .. يعذّبنا و نحتملُ
و يجذبنا نعاجاً من ضفائرنا و نحتملُ
و يلهو في مشاعرنا و يلهو في مصائرنا و نحتملُ
و يدمينا و يؤذينا و يقتلنا و يحيينا و يأمرنا فنمتثلُ
إلـهٌ مالـهُ عمـرُ … إلـهٌ اسـمه الرّجـلُ
- - 31 –
تلاحقنا الخرافة و الأسـاطيرُ ..
من القبر الخرافة و الأساطيُر
و يحكمنا هنا الأموات و السيّاف مسرورُ
ملايينٌ من السنوات لا شمسٌ و لا نورُ
بأيدينا مساميرٌ و أرجلنا مساميرُ
و فوق رقابنا سيفٌ رهيف الحدّ مسعورُ
و فوق فراشنا عبدٌ قبيح الوجه مجـدورُ
من النّهـدين يصلبنا و بالكرباج يجلدنا
ملايينٌ من السنوات و السيّاف مسرورُ
يعيش في خزائننا يفتّشُ في ملابسـنا
عن الأحلام نحلمها عن الأسرار تكتمها الجواريرُ
عن الأشواق تحملها التحاريرُ
ملايينٌ من السنوات و السيّاف مسرور ُ
مقيمٌ في مدينتنا
أراه في ثياب أبي .. أراه في ثياب أخي
أراه هاهنا و هنا
فكلّ رجال بلدتنا .. هم السيّاف مسرورُ
- - 32 –
ثقافتنا فقاقيعٌ من الصابون و الوحلِ
فما زالت بداخلنا رواسب من أبي جهلِ
و مازلنا نعيش بمنطق المفتاح و القفلِ
نلفّ نسـائنا بالقطن ندفنهنَّ بالرّملِ
و نملكهنَّ كالسجاد كالأبقار في الحقلِ
و نهزأ من قواريرٍ بلا دينٍ ولا عقلِ
و نرجع آخر الليل نمارس حقّنا الزّوجيّ كالثيران و الخيلِ
نمارسه خلال دقائق خمس بلا شوقٍ ولا ذوقٍ ولا ميـلِ
نمارسهُ كآلافٍ تؤدّي الفعلَ للفعلِ
و نرقد بعدها موتى و نتركهنَّ وسط النّار وسط الطّين و الوحلِ
قتيـلاتٍ بلا قتـلِ
بنصفِ الدّربِ نتركهنَّ .. يا لفظاظة الخيلِ
- - 33 –
قضينــا العمــر فـي المخــدعْ
و جيش حريمنا معنا و صكّ زواجنا معنا
و صكّ طلاقنا معنا و قلنا الله قد شرّعْ
ليالينـا موزّعةٌ على زوجاتنـا الأربـعْ
هنا شـفةٌ هنا سـاقٌ هنا ظفرٌ هنا إصبعْ
كأنّ الدّين حانوتٌ فتحناهُ لكي نشـبعْ
تمتّعنا بما أيماننا ملكت و عشنا في غرائزنا بمستنقعْ
و زوّرنا كلام الله بالشكل الذي ينفعْ
ولم نخجل بما نصنعْ
عبثنا في قداسـتهِ .. نسـينا نبل غايتـهِ
ولم نذكر سوى المضجعْ
ولم نأخذ من الدّين سوى زوجاتنا الأربعْ
- - 34 –
أنا طروادةٌ أخرى ، أقاومُ كلّ أسـواري
و أرفض كل ماحولي و مَن حولي بإصرارِ
أقاوم واقعي المصنوع من قشٍّ و فخـّارِ
أقاوم كل أهل الكهف و التنجيم و الزّارِ
تواكلهـم ، تآكلهـم تناسـلهم كأبقارِ
أمامي ألف سياّفٍ و سياّفِ ..وخلفي ألف جزّارٍ و جزّارِ
فيا ربّـي أليس هنـاك مـن عـارٍ سـوى عـاري ؟!
و يا ربّي أليس هناك من شغلٍ لهذا الشرق سوى حدود زنّاري؟!
- - 35 –
تظلُّ بكارةُ الأنثى بهذا الشرق عقدتنا و هاجسـنا
فعند جدارها الموهوم قدّمنا ذبائحنا و أولمنا ولائمنا
نحرنا عند هيكلها شقائقنا قرابيناً و صحنا ( واكرامتنا )
صداع الجنس مفترسٌ جماجمنا
صداعٌ مزمنٌ بشعٌ من الصحراء رافقنا
فأنسانا بصيرتنا و أنسانا ضمائرنـا
و أطلقنا .. قطيعاً من كلاب الصيد نستوفي غرائزنا
أكلنا لحم من نهوى و مسّحنا خناجرنا
و عند منصّة القاضي صرخنا ( واكرامتنا )
و برّمنا (كعنترة بن شدّادٍ ) شواربنـا
- - 36 –
وداعـاً أيّهـا الدفتـرْ
وداعاً يا صديق العمرْ .. يا مصباحي الأخضرْ
و يا صـدراً بكيت عليه أعواماً و لم يضجرْ
و يا رفضي و يا سخطي و يا رعدي و يا برقي
و يـا ألـماً تحـوّل فـي يـدي خنجـرْ
تركتك في أمان الله يا جرحي الذي أزهـرْ
فإن سرقوك من درجي وفضّوا ختمك الأحمرْ
فلن يجدوا سوى امـرأةً مبعثرةً على دفتـرْ
نزار قباني
رسالة من امرأة مجهولة \ الى رجل
متى ستعرف كم أهواك.. يا رجلا
أبيع من أجله الدنيا.. وما فيها
يا من تحديت في حبي له.. مدنا
بحالها.. وسأمضي في تحديها
لو تطلب البحر.. في عينيك أسكبه
أو تطلب الشمس.. في كفيك أرميها
أنا أحبك… فوق الغيم أكتبها
وللعصافير والأشجار.. أحكيها
أنا أحبك… فوق الماء أنقشها
وللعناقيد.. والأقداح أسقيها
أنا أحبك… يا سيفا أسال دمي
يا قصة لست أدري ما أسميها
أنا أحبك… حاول أن تساعدني..
فإن من البدء المأساة ينهيها..
وإن من فتح الأبواب يغلقها..
وإن من أشعل النيران.. يطفيها
يا من يدخن في صمت ويتركني..
في البحر أرفع مرساتي.. وألقيها
ألا تراني في بحر الحب.. غارقة
والموج يمضغ آمالي ويرميها..
إنزل قليلا عن الأهداب.. يا رجلا
ما زال يقتل أحلامي.. ويحييها
كفاك تلعب دور العاشقين معي..
وتنتقي كلمات لست تعنيها..
كم اخترعت مكاتيبا.. سنرسلها
وأسعدتني ورود.. سوف نهديها
وكم ذهبت لوعد لا وجود له..
وكم حلمت بأثواب.. سأشريها
وكم تمنيت لو للرقص تطلبني..
وحيرتني ذراعي.. أين ألقيها
ارجع إلي.. فإن الأرض واقفة..
كأنما الأرض فرت من ثوانيها..
ارجع… فبعدك لا عقد أعلقه..
ولا لمست عطوري في أوانيها..
لمن جمالي؟ لمن شال الحرير؟ لمن
ظفائري منذ أعوام أربيها؟
ارجع كما أنت.. صحو كنت أم مطرا..
فما حياتي أنا إن لم تكن فيها…
نزار قبانى
يوم من اذار
لم أكن يوما ملكا
.. ولم أنحدر من سلالات الملوك
.. غير أن الاحساس بأنك لي
.. يعطيني الشعور
.. بأنني أبسط سلطتي على القارات الخمس
.. وأسيطر على نزوات المطر
.. وعربات الريح
. وأمتلك آلاف الفدادين فوق الشمس
.. وأحكم شعوبا .. لم يحكمها أحد قبلي
.. وألعب بكواكب المجموعة الشمسية
كما يلعب طفل بأصداف البحر
.. لم أكن يوما ملكا
.. ولا أريد أن أكونه ..
غير أن مجرد احساسي
.. بأنك تنامين في جوف يدي
.. كلؤلؤة كبيرة .. في جوف يدي
.. يجعلني أتوهم
.. بأنني قيصر من قياصرة روسيا
.. أو أنني .. كسرى أنوشروان
نزار قبانى
شكرا maro على هل القصائد الحلوة
الله يعطيكي العافية:سوريا: :سوريا: :سوريا: :سوريا:
شكرا maro على هل القصائد الحلوة
الله يعطيكي العافية:سوريا: :سوريا: :سوريا: :سوريا:
شكرا الك ولكلامك الحلو
كــيــف ؟
كـيـف يـا ســادتــي ، يُغــنــي الــمُغــني
بــعـدما خــيــطُـوا لـه شَــفــتـيــه ؟
هـــل إذا مــات شــاعِـــــرٌ عـــربـــيٌ
يـــجــد الـــــيــوم ، مــن يُـــصــلــي عـــلـــيـــهِ ؟
لا يــبــوس الــيَـــديــن شـــِـعـــري …. وأحـــرى
بـــالــســلاطـــيــن …..أن يـــَــبــوســـوا يَـــــــديـــــــه ...
. .. . . . .
إلـى ســلاطـيـن وطــن قــمـعــسـتـان مـن الـمحـيـط إلـى خلـيـج نفطـسـتـان
لـو أحــد يـمـنحـنـي الأمـــان ..
لو كــنـت أسـتـطـيـع أن أقــابل الســـلـطــان
لـقـلـت لــه يا سـيـدي الســلـطـان
كــلابــــك المــفـــتــرســات مـــزقــت ردائــــي
وجــنــودك دائــمــاَ ورائـــي
عــيــونــهــم ورائــي .. وأنــوفــهــم ورائــي
أقــدامـهــم ورائــي .. كـالــقـدر الـمحــتــوم كـالـقـضـــاء
يســتـجـوبــون زوجــتــي .. ويـكـتـبـون عـنـدهــم أســمــاء أصـدقائـي
يـــــا حــضــرة الــسـلــطــان …
لأنـنـي اقــتــربــت مــن أســـــوارك الـــصـــمــائي
ضـــربــــت بــالــحــــذاء ..
وأرغــمــنــي جـــــــنــــدك أن آكـــل مــن حـــــذائـــي
يـــــاوطــــنــي الـــــحــــزيــــن … حـــولــتــني بــلــحـظـة
مــن شـــــــاعـــــر يــكــتـــب شـــعــر الــــــحــــب والــحـنـــيــن
لـــــشــاعـــــر يــــــكـــــتـــب بالـــــــــــــســــــكـ ــــــيـــــــــن
. . . . .
ما هو الشعُر إذا لم يُعلن العصيان؟
وما هو الشعرُ إذا لم يُسقط الطغاة.. والطغيان؟
وما هو الشعر اذا لم يحُدث الزلزال
في الزمان والمكان؟
وما هو الشعر إذا لم يخلعِ التاجَ الذي يلبسه
كسرى أنو شروان؟
. . . . .
عن وطــن
يــمــشي إلـى مــفــاوضـــات الــسلــم
دونـــمــا كـــرامـــة
و دونـــمــا حــــذاء !!!
رجـــــالــه بـــالـــوا عــلــى أنـفــسهـــم خــوفــاَ
ولــم يـبـقـــــى ســوى الـنــساء !!!
. . .
نزار قبانى
اخوية نت
بدعم من : في بولتـين الحقوق محفوظة ©2000 - 2015, جيلسوفت إنتربـرايس المحدودة