-
عرض كامل الموضوع : حوارات
صفحات :
1
2
3
4
5
[
6]
7
8
اسبيرانزا
28/01/2008, 22:19
حوار مع تشيكوف العرب فى القصة القصيرة
محمود البدوى:D
اسبيرانزا
28/01/2008, 22:22
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
* ولد محمود البدوى فى قرية الإكراد مركز أبنوب بمحافظة أسيوط فى الرابع من شهر ديسمبر سنة 1908 .
* كان والده عمدة القرية ، ووالدته ابنة عبد المنعم التونى عمدة قرية اتليدم مركز ملوى بمحافظة المنيا "وكانت القرية تقع فى آخر حدود مديرية أسيوط".
* توفيت والدته وهو فى السابعة من العمر ، وكانت هى فى الثلاثين من عمرها
* قضى طفولته كلها فى الريف حتى حصل على شهادة الابتدائية من مدرسة أسيوط .
* التحق بالمدرسة السعيدية الثانوية بالجيزة وكان حريصا على قضاء كل إجازاته مع الفلاحين .
* التحق بكلية الآداب بالجامعة المصرية إبان عمادة الدكتور طه حسين لها ، وترك الدراسة وهو فى السنة الثالثة قسم اللغة الإنجليزية وآثر أن يثقف نفسه تثقيفا ذاتيا ، فقرأ الأدب القديم والحديث ، والآداب الأجنبية بلغتها الأصلية.
* دخل الحياة الأدبية لأول مرة من خلال نقل الآداب الأجنبية إلى اللغة العربية ،ونشرها فى مجلة الرسالة التى كان يصدرها الأستاذ أحمد حسن الزيات منذ السنة الأولى لصدورها عام 1933 .
* سافر إلى أوربا الشرقية قبل الحرب العالمية الثانية عام 1934 وعاد من هذه الرحلة متفتح المشاعر للكتابة وكتب رواية قصيرة باسم "الرحيل" .
*ساهم اسهاما حقيقيا فى التعبير عن آمال الشعب فى تغيير واقعه منذ صدور قصته الرحيل عام 1935 .
* تناول حياة الريف والفلاحين وصور طباع أهل الصعيد وأخلاقهم فى محاولة منه للنفوذ إلى أعماق الفلاح المصرى وتبرير تخلفه وما يعانيه من قسوة الاقطاع . وبلغت قصصه التى كتبها عن الريف والفلاحين فى الصعيد تسعة وثمانون قصة .
* أدى دوره الوطنى بكتابة بعض القصص القصيرة فى المناسبات الوطنية والكفاح ضد الاستعمار الإنجليزى وحروب 1948 و 1956 و1967 و 1973 .
* كتب ما يزيد على 389 قصة نشرت جميعها بالصحف والمجلات المصرية بالإضافة إلى المجلات المتخصصة كالرسالة والقصة والثقافة والأديب والهلال والمجلة والعصور والرواية ، ولا يدخل فى هذا الحصر القصص التى نشرها بالصحف والدوريات العربية حيث لم يمكن حصرها " أنظر الببليوجرافيا الملحقة بكتاب سيرة محمود البدوى .. بقلم على عبد اللطيف وليلى محمود البدوى .. مكتبة مصر 2002 " و " محمود البدوى والقصة القصيرة بقلم على عبد اللطيف .. مكتبة مصر 2001"
* صور بعض قصصه خلال رحلاته فى أوربا واليونان وتركيا ورومانيا والمجر والهند والصين وهونج كونج واليابان وسوريا وبانكوك وروسيا والجزائر والدنمرك ، وهى البلاد التى حركت مشاعره وأثر أهلها فى عقله ووجدانه .
* له كتاب واحد فى أدب الرحلات عن رحلته إلى الصين واليابان وهونج كونج "مدينة الأحلام" (الدار القومية للطباعة والنشر 1963).
* كان كثير الأسفار فقد طاف بأوربا وآسيا وبعض البلاد العربية والافريقية فى رحلات ثقافية وغير ثقافية وانعكس أثر هذه الأسفار عليه ككاتب يؤمن بالإنسان ويهتم به فى كل بقاع الأرض وصوره فى كتاباته .
* أطلق عليه بعض النقاد والدارسين لقب "تشيكوف العرب" ولقب "راهب القصة القصيرة" ولقب "فارس القصة القصيرة"وآخر من لقبه بلقب تشيكوف القصة المصرية هو الأديب العالمى نجيب محفوظ فى الحوار الذى أجرى معه بصحيفة القدس العربى بعددها الصادر فى 3|1|2004
*الكاتب العربى الوحيد الذى تقابل مع العالم النفسى الشهير " سيجموند فرويد " فى النمسا أثناء زيارته لها فى سنة 1934 والتصق به فترة غير قصيرة " من كتاب محمود البدوى والقصة القصيرة .. للكاتب على عبد اللطيف .. الناشر مكتبة مصر 2001 " ومن كتاب " سيرة محمود البدوى للكاتبين على عبد اللطيف وليلى محمود البدوى .. الناشر مكتبة مصر 2002 "
اسبيرانزا
28/01/2008, 22:30
حوار مع محمود البدوى
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
حرفة الأدب معاناة أولاً
* على الجيل الجديد أن يأخذ نفسه بالجدية والصبر
* قرأت ـ دون مبالغة ـ جميع كتب التراث التى صدرت
* النقد .. منذ عشرين عاما لا يؤدى دوره المطلوب
*
عنـــوان الدوريـــة : صحيفة الوطن
أجرى الحوار الناقد : إبراهيم سعفان
تاريخ النشــــــر : 3/8/1981
الكاتب الحقيقى هو الذى يكتب كلمته لتصل إلى القارىء ، غير آبه بما يعترض طريقه من شوائب ، لأن التقدير والخلود الحقيقيين للكلمة الجيدة وتقدير القراء ليس لأنصاف الموهوبين الذين تطنطن لهم أجهزة الاعلام والصحافة ، وفى النهاية نخرج بطنطنة بلا طحن ..
والأستاذ محمود البدوى من الذين يدركون هذه الأمور جيدا ، ولذلك قبع فى محرابه يكتب ، عازفا عن الأضواء ، محجما عن الأدلاء بأى حديث أدبى ..
ولكن .. رغم معرفتى بطبع البدوى هذا .. عقدت عزمى على اجراء حوار معه .. فأخذت أحوم حول الفكرة بدءا فى لقاءاتى معه المتكررة .. ويتأخر التنفيذ .. وأخيرا قررت أن أفصح عن رغبتى فى اجراء حديث معه ليفتح قلبه وعقله لقرائه الذين يحبونه .. وكانت دهشتى وكانت فرحتى .. عندما خصنى بهذا الحديث ..
ومحمود البدوى أثرى المكتبة العربية باثنين وعشرين عملا قصصيا هى :
الرحيل 1935 ـ رجل ـ فندق الدانوب ـ الذئاب الجائعة ـ العربة الأخيرة ـ حدث ذات ليلة ـ العذراء والليل ـ عذراء ووحش ـ الزلة الأولى ـ الأعرج فى الميناء ـ غرفة على السطح ـ صقر الليل ـ السفينة الذهبية ـ مدينة الأحلام ( كتاب فى أدب الرحلات ) ـ الباب الآخر ـ صورة فى الجدار ـ الظرف المغلق صدر عام 1980 ..
والبدوى استطاع بقدرته الفنية أن يكون نغمة متميزة عن أبناء جيله .. فقد انتقل بالقصة القصيرة من فجاجة الرومانسية والواقعية الهاتفة إلى الواقعية المعبرة بصدق عن الواقع المعاش .. ولم يكتف بتصوير الحدث فقط ولكنه يضمنه رأيه ونظرته النقدية فنحى منحى الواقعية النقدية .. كما أنه أنقذ الواقعية من مهاوى الأسلوب الأدبى السلس .. والتصوير الدقيق .. واهتم البدوى أيضا بتصوير العلاقة بين الرجل والمرأة ونوعية العلاقة العاطفية بينهما ..
س ـ اتسم عصرنا بالسرعة ، فما أثر ذلك على القصة القصيرة والشعر ، وأثره على الإنسان ..////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
ج ـ بالنسبة للعصر فهو يتسم بالسرعة ، والطبيعة الآن تقتضى السفر من بلد إلى بلد حتى أننى سمعت عالما مصريا يقول أن جميع قراءاته فى الطائرات ، لأنه ليس عنده وقت اطلاقا لقراءة أى شىء فى البيت أو المكتب . فبداهة يقتضى أن يكون الكتاب صغير الحجم ، لأن حجم الكتاب الكبير كما كان موجودا من قبل لايطابق مقتضى الحال .. فكلما عرضت فكرة بأسلوب مختصر كان ذلك أوقع عند القارىء من أن يقرأ هذه الفكرة فى كتاب 500 أو 600 صفحة .. وبالمثل الشعر .. فيمكن للإنسان أن يطالع القصيدة كما يطالع القصة القصيرة فى زمن أقصاه نصف ساعة .. أما الرواية فتقتضى أياما بلياليها ، ولكن لا يمنع اطلاقا هذا من وجود الرواية .. وهناك فرق بين الرواية والقصة القصيرة ، فالرواية تعرض الموضوعات باسهاب وشرح ، أما القصة القصيرة فتعتمد على التركيز المطلق والتكثيف وتتتطلب من القارىء الذكاء ، أما الرواية فلا تتطلب ذلك ، فالإنسان يستطيع أن يقرأها حسب مدارك فكره لأنها مشروحة ومبسطة ..
س ـ نشوب العلاقة بين الشبان والرواد جفاء ، ونلقى بعض الادعاءات من الشبان ضد الرواد ، فما رأيك فى ذلك ..////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
ج ـ المعاناة فى النشر مرت على كل أديب .. فعندما كنا فى سن الشباب ، مرت علينا فترة معاناة فى النشر أكثر مما يعانيه جيل الشبان اليوم .. ولكن كنا نتغلب على هذه الصعوبات بطبع الكتاب على نفقتنا الخاصة بسهولة لأن التكاليف كانت رخيصة وفى مقدور كل انسان أن يقدم على طبع الكتاب على نفقته الخاصة ، أما الآن أصبح مستحيلا وصعبا على الجيل الموجود حاليا أن يطبع الكتاب على نفقته الخاصة ..
وأود أن ألفت النظر إلى أن الجيل القديم أيام أحمد أمين والزيات لم يكونوا يعتمدون اعتمادا مطلقا على الدولة ، فالزيات أخرج الرسالة وحده ولجنة التأليف والترجمة والنشر أخرجت كتبا عديدة تعتبر قمة الكتب الأدبية ، كما أصدرت مجلة الثقافة دون اعتماد على قرش واحد من الدولة .. وتعتبر هذه المجلات من العصر الزاهر للأدب فى مصر ، فقد كانت توزع الألاف المؤلفة لدرجة أن مجلة الرسالة كان لها 7000 مشترك فى العراق ..
هذا الجيل لم يكن يتصور أن الطريق سهل ومعبد ، ولكن عشقهم للأدب الذى يجرى فى دمائهم كان يدفعهم إلى التفانى فى العمل والاخلاص له ، فأحمد أمين والزيات مثلا كان يجلس كل منهما يوميا من الساعة التاسعة صباحا إلى الساعة الواحدة بعد منتصف الليل .. كان هذا نتيجة حبهم الشديد للأدب وتفانيهم فى خدمته .. هذه صورة من الجيل القديم ..
أما الجيل الحديث يتصور أن الدولة يجب أن تعبد له الطريق وتجعله مشهورا فى مدى ثلاثة شهور حتى يسير فى الشارع فيشار إليه البنان .. وهذا أمر عجيب .. حرفة الأدب لمن يحترفها معاناة أولا ومشاركة للناس فى همومها ومعاناتها مشاركة خالصة بصدق ..
فعلى الجيل الجديد أن يقرأ ويقرأ .. للأساتذة السابقين ليكتسبوا الخبرة منهم بدلا من أن يقرأ بعضهم لبعض ..
ولى كلمة صغيرة للجيل الجديد أن عليهم أن يأخذوا انفسهم بالجدية والصبر ، فالأدب يتطلب الكفاح الشديد حتى يثبت الإنسان نفسه وسط العدد الهائل من كتاب القصة فيظهر ويأخذ مكانه ..
س ـ كان للصالونات الأدبية دورها فى الحياة الأدبية فى مصر .. هل الجمعيات الأدبية والنوادى الموجودة الآن تحل محل الصالونات وتقوم بالدور الذى كانت تقوم به ..////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
ج ـ الصالونات الأدبية كان لها دور كبير ومؤثر .. فصالون مي مثلاً كان ينبض بالحرارة لأن صاحبة الصالون كانت جميلة ، وكان كل أديب من الأدباء يتردد على هذا الصالون يتصور أن مي تخصه بعواطفها ، فكان يتبارى كل أديب فى عرض أحسن ما عنده .. فكان لهذا تأثير كبير فى تنشيط الحركة الأدبية فى ذلك الوقت ..
أما الجمعيات الأدبية الآن مع كثرتها لا تؤدى هذا الغرض وليس لها التأثير الذى كان فى مطلع القرن العشرين .. فالصالون الأدبى خرج منه مصطفى صادق الرافعى والعقاد والمازنى وطه حسين ..
أما الجمعيات الأدبية الموجودة الآن ، فليس لها قوة الصالونات التى دفعت هؤلاء الكبار إلى التجديد فى أعمالهم ..
ورغم هذا أشير إلى دور نادى القصة فى ابراز بعض المواهب الجيدة ، ولكنها مع الأسف لم تواصل السير فى الطريق ..
اسبيرانزا
28/01/2008, 22:32
س ـ ما رأيك فى موقف النقاد من الانتاج الأدبى ، وبماذا تعلل عدم متابعتهم لهذا الانتاج ..////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
ج ـ أحب أن أقرر أولا أنه من المفروض أن يكون لكل صحيفة أديب متخصص للنقد ، ولكن للأسف هذا غير موجود فى جميع الصحف التى تصدر فى مصر .. وترتب على ذلك وجود الصداقات والعواطف الشخصية فتكونت الشللية ، ووجد مجموعة من النقاد أصحاب الايديولوجيات يجتمعون فى أماكن لهم ويقررون هذا الكتاب نكتب عنه وهذا الكتاب لا نكتب عنه ، فيقاطعونه مثل مقاطعة دول الرفض تماما .. وأحيانا يصدر كتاب فيقدمه صاحبه لناقد صديق ، أو له صلة شخصية به ، ويطلب منه بالحاح أن يكتب عنه .. وأحيانا يكون المؤلف نفسه هو الكاتب والناقد للكتاب ..
مثل هذا بالطبع لا يسمى نقدا .. وترتب على ذلك أن دخلت الكتب فى تيه ودوامة ، وأصبح القارىء لا يعرف الغث من الجيد .. فالنقد بهذه الصورة منذ عشرين عاما لايؤدى دوره المطلوب منه ..
فالمازنى مثلا كان ينقد فى البلاغ ، والعقاد كان ينقد فى الأخبار وكوكب الشرق ، وكذلك زكى مبارك ، فهؤلاء الفطاحل لم يميزوا بين كاتب وكاتب سواء كان كبيرا فى السن أو صغيرا أو مشهورا أو غير مشهور .. فكنا نرى المعارك الحامية بينهم ، فقد حصلت معركة حامية الوطيس فى النقد بين العقاد ومصطفى صادق الرافعى ، معركة ليس لها مثيل لدرجة أن مصطفى صادق الرافعى كان يشوى العقاد على " السفود " ..
س ـ بمن تأثرت من الشخصيات ، وما هى الكتب التى كان لها أثر فى تكوين شخصيتك الأدبية ..////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
وحدثنا عن رحلتك الأدبية ..
ج ـ قرأت دون مبالغة جميع كتب التراث التى طبعت فى مصر ، وأنا طالب قرأت الأغانى وصبح الأعشى وعيون الأخبار والأمالى .. وعندما صدرت مجلة الرسالة سنة 1933 كنت أستطيع إلى حد ما الترجمة من اللغة الإنجليزية ، فترجمت قصصا لتشيكوف ومكسيم جوركى وموبسان وبعثتها للزيات فنشرها جميعها فى السنة الأولى للمجلة .. وبعد رحلة إلى أوربا كتبت كتابا صغيرا يسمى " الرحيل " وطبعته على نفقتى الخاصة ، وبدأت بعد هذا الكتاب أؤلف القصص ، وكان معى مجموعة صغيرة تسمى " رجل " وذهبت بها للأستاذ الزيات وكان يعرفنى مترجما .. لأنشر عن هذا الكتاب اعلانا صغيرا فى مجلة الرسالة ، فسألنى عن مضمونه فأخبرته به .. وقلب فى الكتاب فوجد قصة باسم " الأعمى " فطلب منى تلخيصها بايجاز ، فعرضت عليه لب الفكرة ، فسر بها جدا ، وقال تسمح لى بنشرها فى المجلة .. ونشرها فعلا على عددين ، وقد تلقيت وتلقى الزيات أيضا كثيرا من المكالمات والرسائل من القراء حول هذه القصة وسلمنى هو هذه الرسائل ، وحدثنى عن المكالمات ، وهذا يدل على خلق الرجل وتشجيعه لشاب فى أول مراحل حياته الأدبية ..
بدأت بعد هذه القصة انقطع عن الترجمة للزيات وأكتب قصصا مؤلفة ..
وتأثرت فى قراءاتى بأسلوب المازنى واعتبره أستاذى ، ومن ناحية التكنيك والبناء القصصى والتركيز وطرق الموضوعات الانسانية البحتة التى تهز مشاعر القارىء من تشيكوف ، ثم الواقعية بصدق دون افتعال للحوادث .. والاعتماد المطلق على ذكاء القارىء .. فأنا أعرض الشخصية بخيرها وشرها كما هى فى الحياة دون وعظ فأنا لست واعظا .. وأنى أعتقد يقينا أن كل إنسان يكتب بصدق وايمان واخلاص لفنه لابد أن يعيش مهما تكن الظروف والمعوقات ، أما السياسة فإنى العنها وألعن الف مرة مشتقات هذه الكلمة ، ولقد قضيت حياتى بعيدا عنها .. وقد لعنها من قبلى الإمام محمد عبده .. وأنا لا أكتب قصة وأجعل بطلها وفديا أو دستوريا أو حزبا وطنيا أو غير ذلك .. إنما أكتب القصة بطلها مصرى خالص لمصر وقد كتبت كثيرا من القصص الوطنية أيام الاحتلال البريطانى كما لعنت اليهود فى غاراتهم على المدن المصرية وقتلهم الأطفال والنساء وتخريبهم للبيوت فى السويس وبور سعيد والاسماعيلية ..
س ـ كتبت عن المرأة أماً وزوجة وعشيقة ، وكانت نظرتك لها إنسانية ليس فيها تجنى ، فما سبب ذلك ..////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -/////////////// ـ
هذه النظرة إلى المرأة طبيعية بحكم تكوينى باعتبارى أننى ريفى صعيدى هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى إن الإنسانية متغلغلة فى دمى وهذا لا يجعلنى انظر إلى المرأة غير هذه النظرة ..
وأعتقد أن المرأة فى المجتمع الشرقى مظلومة ، وهى لم تتحرر ولم تأخذ مكانتها إلا على مدى سنوات قريبة ، وقد كانت فى العصور الأولى ، لاتعتبر أكثر من أداة متعة ، أما الإسلام فقد حرر المرأة وأوجد لها مكانتها فى التاريخ ، ولقد كان منها من يقاتل فى عصر النبى ، ويضمد الجرحى ويخطب ويناقض عمر بن الخطاب فى تشريعاته ، ولكن بعد الخلافات الشديدة التى حدثت بين العباسيين والأمويين والانتكاسات التى حصلت بعد مقتل الحسين ، تدهورت حالتها فى هذا الجو الكئيب من الفتن والدسائس حتى أصبحت جارية تباع وتشترى ..
وبالنسبة لمصر طبعا بدأت الانتفاضة بالنسبة للمرأة بعد عصر قاسم أمين ، فقد دافع عن المرأة دفاعا حارا وبين مكانتها فى صدر الإسلام وفى عهد الخلفاء الراشدين وتأثيرها على من بعثوا الثقافة إلى أوج عزها فى عصر هارون الرشيد والمأمون .. وطبعا لاقى قاسم أمين الاعنات من بعض المتخلفين وذوى العقول الجامدة ، ولكنه انتصر ، وظهر انتصـاره عندما بدأت السيدة هدى شعراوى وعائشة التيمورية ..
وبعد ذلك حدث تطور سريع ودخلت الفتاة المصرية الجامعة لأول مرة ..
هذه نظرة تاريخية على دور المرأة والظروف التى مرت بها ..
وجد الأدب فى هذه الظروف فقد كانت المرأة تصور وخيال ، حيث لم يكن هناك اختلاط كلى بالمرأة إلا بعد أن خرجت إلى العمل فى الأربعينيات وأصبحت موظفة فى كل مرافق الدولة .. فأصبحت بذلك تجربة الأديب بالنسبة للمرأة حية وصادقة ..
وأشير أيضا إلى أن الاحتلال البريطانى ووجود الأجانب فى مصر أدى إلى وجود البنسيونات والغرف المفروشة ولم تكن موجودة من قبل .. وقد ظهر أثر البنسيونات فى قصصى لأنى عشت سنين طويلة فى هذه الغرف باعتبارى طالبا وحيدا فى القاهرة ..
س ـ ما هى أحب المجموعات القصصية إليك .. ولماذا .
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
ج ـ العربة الأخيرة ، والذئاب الجائعة ، وزوجة الصياد ، والسفينة الذهبية .. لأنها كتبت فى جو كنت فيه مستريح النفس نسبيا ، وكثير من هذه الشخصيات فى هذه القصص لامست حياتها وظروفها المعيشية بنفسى عن تجربة خاصة ، ومع أن كل ما كتب أعتقد فيه الصدق ، ولكن فى هذه الكتب كان الصدق واضحا ..
=========================
اسبيرانزا
28/01/2008, 22:36
حوار مع الروائية المغربية ... مليكة مستظرف :D
اسبيرانزا
28/01/2008, 22:41
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
المغرب ـ منى وفيق : فراشة تهرب من مساحات الإحتراق المهولة الّتي تطوّقها .. معطوبة أحلام أخرى .. و أنثى القهر بامتياز!!كذا كان تصوّري عن مليكة مستظرف قبل أن ألتقيها .. و التقيتها .. حدّثتها و كدت أجزم أنّها ليست تلكم الكاتبة المغربيّة الّتي قرأت عن معاناتها الكثير. تسرّ لك مليكة بهمس حالم عن أحلامها في السّّينما و المسرح و الكتابة . تتحدّث بفم ممتلئ .. ثرثارة هي و مولعة بالتّفاصيل .. لكأنّها تريد أن تختزل حديث العمر في يوم . تجيبك بعفويّة و خفّة دم مميّزة . تثيرك بهدوئها الّذي ما يفتأ يتحوّل لبركان من الحمم لو حاولت نقل نميمتهم المستفزّة لها .. و أخيرا لا تملك إلاّ أن تتّفق مع الشّاعر المرحوم الطّوبي و تقول أنت الآخر : " مليكة .. أنت قوّة الفراشة .. و قوّة الفراشة في هشاشتها لذلك فهي تطير !!
فى نظرك لم يرفض البعض تأنيث الإبداع ؟
يجب أن نعترف أنّ الأصول الأولى للحكي هي للأنثى . حكايات الجدّات شهرزاد ولكن لظروف تاريخيّة هيمن الرّجل على هذا الفنّ واستحوذ عليه . وكلّ ما يحدث الآن هو أنّ المرأة بدأت تحاول إعادة الأمور إلى نصابها واسترجاع شيء هو في الأساس ملكها .ومع ذلك في اعتقادي يجب أن ننظر للأدب كأد ب دون أن نقسّمه على أساس بيولوجي ( ذكر- أنثى) .لماذا في الأدب بالذّات نصرّ على تقسيم الأدب (نسائي –رجالي) لماذا لا يحدث هذا في الهندسة مثلا .فنقول هندسة رجاليّة وأخرى نسائيّة؟!
- هل الإبداع هو المدخل الحقّ للحياة؟
الإبداع هو الخلق !! هو الحياة نفسها!!
- إلى أيّ مدى عرّت مليكة مستظرف روحها الجريحة على بياض الورقة؟
رواية جراح الرّوح والجسد تحمل ملامح السّيرة الذّاتية . يظهر ذلك من خلال استعمال ضمير المتكلّم .وما أريد توضيحه هو أنّ ضمير المتكلّم هو ضمير لا شخصيّ باعتبار أنّ الكاتبة لم تعش هذه الأحداث .قد تحمل السّاردة نفس ملامحي لكنّها ليست بالضّرورة أنا .لابدّ للكاتب أن يتواجد بطريقة أو بأخرى داخل نصوصه .ليس سهلا أن تقف عاريا وينظر الجميع لعريّك .لكن يوما مّا سأتعرّى حتّى من ورقى التّوت .انتهاكات و جرائم كنت ضحيّتها ولازلت!! سأحاول نزع بعض الأقنعة وسيرى الجميع كم تبدو وجوهنا كريهة بدون أقنعة .لكن الآن أكتفي بابتلاع لساني والصّمت حتّى لا أهدر طاقتي من كثرة الحكي لأنّي لحظة تفجيرها أريدها بركانا وزلزالا .. أريدها صفعة في وجه كلّ مدّعي العفّة من سياسيّين و قوّادين.. الّذين يحيلون أحلامنا إحباطات وأسى.
- متى تمنيّت لو أنّك تستطيعين إيقاف الزمن؟
تمنّيت لو يرجع الزّمن إلى الوراء حتّى أرفض أن تقتطع أختي من جسدها لكي أعيش ..تمنّيت لو يرجع الزّمن إلى الوراء وأضع رأسي على ركبتي والدتي رحمها الله وتهدهدني كطفل صغير..!
- مالنّقد الّذي وجّه إليك وجعلك تفكّرين طويلا؟
أفظع نقد وجّه لي هو أنّني أكتب نصوصا إيروتيكية .أحد أصدقائي دكتور مثقّف أخبرني أنّه لا يحتمل أن يرى ابنته تقرأ ما أكتب لأنّ روايتي بالخصوص تحتوي على القاذورات .هذا المثقّف كان يكرّر في كثير من الملتقيات أنّ روايتي يجب أن يقرأها كلّ شابّ وشابّة . تأكّدت ساعتها أنّنا مجتمع يعاني شيزوفرينيا لكن توصّلت لأمر واحد: إذا أردت الاستمرار عليّ أن أضع القطن في أذنيّ.
- دوما كانت المبدعات و لا زلن متّهمات بكونهن البطلات الحقيقيّات لما يكتبن .. و أنت نفسك كانت قصائدك تتعرّض للتّمزيق حيث اتّهمت أنّك تكتبين لرجل معيّن و ما فتئت تتعرّضين لكثير من الإستفسارات و التساؤلات .
. لم المرأة المبدعة بالذات تحاكم على إبداعها عكس الرجل؟!
-بكلّ بساطة لأنّنا نعيش في مجتمع ذكوري .قد يتقبّل من الرّجل أن يقول أيّ شيء وكلّ شيء .لكن حينما تعبّر المرأة عمّا يجيش في صدرها فهي قليلة الأدب .تعوّدنا من الرّجل أن يقول كلّ شيء نيابة عن المرأة .يريدونها فقط أن تكون جميلة وتصمت!
- جاء في بيان رفض الكاتب أحمد بوزفور لجائزة كتّاب المغرب أنّه يخجل إذا أخذ تلك الجائزة منك أنت حيث يقول : " أخجل أن آخذ تلك الجائزة من أختي مليكة مستظرف التي تموت تحت أنظار الجميع و هم ساكتون ينتظرون أن تموت نهائيا ليرثوها ". بصدق يا مليكة ،
ألا ترين كالبعض أنّه كان من الأجدر بالأستاذ بوزفور أن يأخذ الجائزة و يقدّمها لك عوض رفضها؟
أستاذي بوزفور شيخ القصّة . أمام هذا الرّجل أفقد حتّى قدرتي على الكلام.رجل يفرض على خصومه كما أصدقائه أن يحترموه . الأستاذ وضع أصبعه على الجرح وانتظر من المسؤولين أن يقوموا بحلّ المشكل بشكل جذري . ومدّي بمبلغ الجائزة لن يحلّ المشكل .والأستاذ يعلم ذلك.ومدّي بمبلغ الجائزة كان من اقتراح حسن نجمي الّذي كتب ذلك في إحدى الجرائد . و أريد أن أقول لنجمي ما الّذي يمنعك من مساعدتي وتحريك ملفّي (بلا ريال بلا جوج) لم تجد غير هذا الكلام الفارغ ؟!! لقد أفقرت يارجل!
- ماذا أضافت لك الجرأة في الطّرح و الصّدق و الشّجاعة في تحريك الرّاكد الّذي يتحدّث بألسنتنا و يقول ما عجزنا عن قوله؟؟ و هل من ثمن دفعته لتلكم الجرأة في الإقتحام؟؟
في زمن الوهم ظننت أنّ الكتابة من الممكن أن تغير شيئا .لكن (عندما دخلت المعمعة) عرفت كم كنت واهمة . ما يزعجني حقّا هو أن يعتبر الآخرون أنّ ما كتبته سيرة ذاتية
.لماذا لا يعترفون أنّ للمرأة خيالا واسعا أيضا؟؟!!!ا
- نتمنّى أحيانا كثيرة لو أنّنا نملك أن نحمل أحلامنا و حزننا في حقيبة و نرحل .. ألم تسكنك هذه الأمنية يوما؟
تمنّيت كثيرا لو كان بإمكاني أن أحمل أحلامي وأرحل إلى أبعد نقطة في الخريطة . بعد أن أقبر أحزاني في مكان مّا من جمجمتي .تمنّيت لو كنت كنبات الفطر بلا جذور تشدّني إلى الأرض!
- حين تكون الورقة قاسية معك و تتحدّاك و تدير لك ظهرها هي الأخرى أسوة بالزّمن .. ماذا تفعلين؟
عندما تعاندني الورقة وتتحدّاني أشهر في وجهها أصبعي الوسطى. أمسك يد عصام وأقوم بكلّ الأشياء المجنونة الّتي تخطر لنا في حينها .كأن ألعب معه(ماتش كرة) بعكّازتين.
- هل تدردشين مع أحلامك لمنعها من النّوم في وقت أنت في أمسّ الحاجة لاستيقاظ الحلم داخلك؟؟ و حزنك .. كيف تمنعينه من الصّمت حين تكونين بأمسّ الحاجة لبكائه؟
لديّ رومانسيّة مزمنة .. هكذا أحلم وأنا مفتوحة العينين .لأنّي عندما أنام تهاجمني الكوابيس .عندما أحزن أدفن أحزاني في غرفتي بين أوراقي.ومع ذلك أحاول أن لايهزمني الحزن حتّى لا يشيخ الطّفل بداخلي.
- مليكة ، أطال الله عمرك ، أنت الآن تعانين مرضا مميتا و يقال أنّ الموت شيء مهمّ و موضوع شيّق و أنّ التحدّث عن الموت هو المدخل الوحيد للوصول إلى قيمة الحياة .. صحيح هذا؟
" أنت تحملين موتك معك ". هكذا قال لي الزفزاف يوما .الموت لم يعد يخيفني . لقد حكم عليّ الأطبّاء بالموت مرّتين .أبدا حصّة غسيل الكلى ولا أعرف إن كنت سأعود للبيت على قدميّ أو على ظهري . ما يخيفني حقّا هو الموت الرّمزي كالإقصاء و التّهميش و الحصار . هذا هو الموت الحقيقيّ !!
هل أنت متصالحة مع ذاتك و جسدك الآن بعد محاولات ترميمك لخرابك الرّوحي في كلّ من " جراح الرّوح و الجسد " و " ترانت سيس"؟
أنا إنسانة لا تتصالح مع الوقت والزّمن . مسكونة بالحرف والحلم .. أرفض الإنحناء .اخترت أن يكون لي اسم دون وساطة الوسطاء أو تعميد القساوسة.
اسبيرانزا
28/01/2008, 22:45
ما مدى إيمان مليكة مستظرف بحدود أخلاقيّة معيّنة يجب أن يلتزم بها المبدع و هل تؤمنين أصلا بالأدب الروائي الملتزم؟
الكاتب من حقّه أن يكتب في كلّ المواضيع الّتي يرى أنّها تستحقّ الكتابة .لكن دون ابتذال . لكنّ بعض الأشخاص الّذين نصّبوا أنفسهم أوصياء على الأدب لا يحسنون سوى وضع العلامات الحمراء أمام الأديب حتّى يعرقلوا سير ه.هؤلاء متخلّفون حضاريّا وثقافيّا .ولديهم أفكار بال عليها الزّمن.يحاولون سجن الأدب داخل زنازن اخترعوها . الأدب لا يسجن لأنّه بذلك يموت!!
- صدرت مؤخّرا مجموعتك القصصيّة " ترانت سيس " و هي أوّل مجموعة قصصية لك .. يقال أنّ الروائيّ قاصّ فقد نفَسه .. هل فقدت نفَسك الرّوائي؟
لاأتحكّم في شكل و مساحة النّص .قد يكون رواية كما قد يكون قصّة قصير ة. لهذا أقول أنّ النّص هو الّذي يختار شكله النّهائي
- القارئ لروايتك "جراح الرّوح و الجسد " و مجموعتك القصصيّة " ترانت سيس" يلاحظ أنّ هناك تنافرا علائقيّا مع الأب . ما تعليقك و نحن ندرك أن ليس ثمّة ملعقة لا تصدم حافّة الطّنجرة؟؟؟
كلّ ما في الأمر أنّني وأبي من جيلين مختلفين حدّ التّنافر . لا توجد بيننا لغة مشتر كة .لذلك لا أناقشه حتّى لاأصطدم معه أكتفي بتحريك رأسي بالموافقة تجنّبا لصداع الرّأس.
- حين تكتب مليكة قصّة أو رواية و تضع نقطة أو ربّما علامة تعجّب في آخر سطر . هل تضحك أم تبكي أم تراها تغلق الدّفتر و تنام؟!؟
تتملّكني حالة غريبة .أحسّ أنّه فجأة نبت لي جناحان .أحسّ أنّ شخوص نصوصي أشخاص حقيقيّون يمكنني لمسهم ومواساتهم .لا أستطيع التخلّص من سطوتهم وقد يتسلّلون إلى أحلامي ويسكنون داخلها.
- تحتاجين لكلية حجمها لا يتعدّى 6 سنتمترات و هذه الكلية أرخص من ثمن سيّارة من السيّارات الّتي ابتاعها الوزراء المغاربة على حدّ قولك . ألا يكتنفك حقد على الآخر جرّاء هذا؟
الحقد كالحبّ ، كالكراهيّة .. أحاسيس طبيعيّة تتجاذبنا .فقط يجب أن لا تتجاوز الحدّ حتّى لا تفسد علينا حياتنا .لكنّ بعض الّذين مارسوا عليّ سلطتهم وظلمهم أطلق عليهم الرّصاص بقلمي وأدفنهم بين صفحات كتاب.
- سابقا كنت تقتطعين ثمن دواء فقر الدّم و دواء الكالسيوم لتسدّدي ما بذمّتك للمطبعة إثر إصدارك روايتك "جراح الرّوح و الجسد"ممّا أثّر على رجليك لاحقا .. ه
هل ندمت يا مليكة عن تلك التضحية ؟ و في المقابل ماذا قدّم لك الإبداع و الكتابة؟؟
نعم ددمت .لو كنت أعلم أنّ الأمر سينتهي بي على عكّازتين لما أقدمت على هذا الجنون . أستجدي العلاج في بلدي ؟! شيء مخجل أن يصبح العلاج ترفا غير مسموح به للجميع.
- تعانين من الفشل الكليوي منذ 1986 و تقومين بتصفية الدّم ثلاث مرّات أسبوعيا ، إضافة إلى أنّك تتناولين كميّة كبيرة من الأدوية .. أيضا أصبحت عظامك هشّة و سريعة الكسر كما أنّك لا قدّر اللّه مهدّدة بالشّلل . و كلّ هذا لم يجعلك يائسة و لا مستسلمة بل ها أنت تبدعين مجموعتك القصصيّة " ترانت سيس "و تدقّين كلّ الأبواب لمساعدتك معنويا و صحيّا .
. ترى ما سرّ هذه الرّغبة القويّة في الحياة؟ماذا منحتك هي لتتشبّتي بها هكذا؟؟
أضيفي كذلك أنّني لاأتبوّل منذ سنوات وممنوعة من شرب السّوائل بكثرة أو أكل الفواكه الطريّة أوالجافّة .أنقل الدّم مرّة كلّ أسبوعين أحقن بإبر قد تتسبّب لي في العمى أو الصّمم . هل أكمل أم أصمت.فكّرت ذات هزيمة أن أنتحر ابتلعت كميّة من الأدوية لفظني الموت وعدت للحياة بجسد أكثر إنهاكا وتعبا . كما ترين الحياة مصرّة عليّ .
- قامت مجموعة البحث في القصّة القصيرة بطبع مجموعتك القصصيّة " ترانت سيس " و كانت تلك بادرة طيبة جدّا .. أكنت تمنّين النّفس بأكثر من هذا؟
عندما يأتي الخير من أهل الخير فلا داعي للتعجّب . لكن كنت سأصعق لو أتت البادرة من اتّحاد كتّاب المغرب مثلا لأنّني أعلم أن ّالصّدقة لاتخرج من الحبس!!
- في أواخر دجنبر من العام 2002 كانت هناك استجابة ملكيّة لملتمسك . لكن فوجئت و نحن معك بعدم تنفيذ هذه المنحة الملكيّة حتّى أنّ ملفّك الصحّي و جواز سفرك اختفيا ؟؟!
في أيّ الإتّجاهات تحرّكت لتتفقّدي مصير الإستجابة الملكيّة و ما كانت النّتائج؟
استرجعت جواز سفري بعد أن ظلّ نائما في درج أحد المسؤولين .عشت ولازلت مسلسلا هيتشكوكيّا لا يصدّق . عرفت المعنى الحقيقي للكذب والغشّ والمراوغة . تعلّمت أنّ الإنسان غير المسنود رخيص . أصبحت كرة تتقاذفها الأرجل المتعفّنة. طرقت كلّ الأبواب المتاحة وغير المتاحة. الأستاذ عباس الجراري و الأستاذ عبد الهادي بوطالب كانا في قمّة الإنسانيّة .الأمير تشارلز أرسل لي رسالة يعتذر .. أطبّاء بلا حدود .. جرائد وطنيّة .. رسائل لجلالة الملك .. جمعيّات حقوقيّة خارج وداخل الوطن .. احتجاجات .. اعتصامات ..استرحامات .. جنون جنون جنون!! في بعض الأحيان أمسك رأسي وأنظر للمرآة وأقول لرأسي لا تخذلني.. إيّاك أن تنفجر أو تتخلّى عنّي سينتهي كلّ هذا .قد أجنّ .. من يدري أين سينتهي بي هذا المسلسل؟!
- و الآن .. أحبّ أن نثرثر على هامش المجموعة القصصية ترانت سيس : تكرهين اللّون الرّمادي؟
هو لون محتال غير واضح . أغلب النّاس رماديّون!!
حين تغضبين ماذا تأكلين ؟
المشكلة أنّني أعاني فقدان شهيّة مزمن سواء فرحت أو غضبت.
تقولين أنّ الحبّ يجعلنا نتصرّف كالأطفال بلا منطق و تتساءلين عن سبب عدم اختراع مصل ضدّ الإصابة بالحب .. مليكة ، هل سبق و بحثت عن هذا المصل؟
كلّنا في وقت من الأوقات بحثنا عن هذا المصل . لكنّني بعد النّكسات الوجدانيّة الّتي عشتها اكتسبت مناعة طبيعيّة ضدّ الإصابة بهذا الفيروس!
ماذا عن يوم السّبت كيف تجدينه؟
يوم السّبت يوم رائع لا مستشفى و لا أطبّاء ولا هم يحزنون . السّبت مقدّس بالنّسبة لي .. هو ملك عصام يأخذني حيثما يريد .. أعيش طفولتي معه . نادرا ما أخرق هذا الطقس.
. اشتهاء المرأة رجلها .. أين تصنّفينه .. في خانة الحرام أم الهذيان؟
المرأة عليها أن تشتهي الرّجل في صمت .. أن تكبت رغباتها ومشاعرها.
كيف تجدين فعل البصق؟
هو سلاح الفاشلين الّذين لا يحسنون إقناع الآخرين فيكتفون بالبصق عليهم.
تتسائلين في إحدى قصصك عن شعور المرء حين يقترب من الموت .ألا تملكين أنت الإجابة عن هذا السّؤال؟
كماقلت لك عشت الموت حتّى لم يعد يخيفني . أعتبره مرحلة انتقاليّة من عالم إلى آخر قد يكون أفضل. يكفي أنّ هناك في الضّفة الأخرى من الحياة لا يوجد مستشفى أو أشخاصا كريهين يسلبون حقّك في العلاج.
في قصّتك " الوهم " تؤكّدين على أنّ البنات في هذا البلد لا يعرفن الفرق بين الألف و الزّرواطة و يكفي أن تكشف الواحدة عن فخديها و ساقيها و تصبغ وجهها لتفتح لها كلّ الأبواب الموصدة . ألم تتمنّي لو أنّك تستطيعين فعل ذات الشّيء لتتمكّني من الحصول على كلية؟
المشكلة أنّني لا امتلك سيقانا و أفخادا حتّى أعرّيها
فدوى يومة
28/02/2008, 18:20
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
الخبز الحافي اصبح عمل الكاتب الوحيد او العمل الذي كتبه الروائي، ولكنه لم يمت او ينته على غرار اصحاب اليتيمة في الشعر العربي ، فشكري، قبل ان يكتب الخبز الحافي ، نشر اعمالا اخري ومحاولات وتجريب في مجال السرد، والكتابة النسقية والتي جاءت على درجة اهم وافضل من الخبز الحافي، ولهذا فشكري بدأ عملية التجريب في الكتابة والادب كوسيلة للخروج من واقع الموت المفروض عليه، في البيت والمجتمع الكبير الذي كان يعيش في فضائه وهو طنجة. ومع ذلك لم يكن الكاتب بقادر على التخلص من شبح وظلال الخبز الذي يظل تأسيسيا في ذلك النمط من الكتابة ولكنه لم يكن تأسيسيا في تجربة الكاتب، اذ حاول شكري في الكتابات اللاحقة، تهميش او تدجين هذا العمل بكتابات اكثر نضجا، او تضمينه لحمة التجربة الذاتية بشكل عام.
مثل الخبز الحافي في غضبه وصراحته، ومرارته وشقاوته اطارا من تجربة محمد شكري، تلك التي اراد فيها ان يكون فيها الشاهد، ربما الشاهد الاخير علي حياة مدينته وجيله من المحرومين، ومن هنا تنبع اهميته. وبالرغم من ذلك فيجب ان توضع الرواية/ العمل في سياقها الاجتماعي والزمني، والحكم عليها عبر هذا المنظور، باعتبارها واحدا من تمثيلات الكتابة وتمثلاتها وليس صورة عن الكتابة في فضائها المكتمل الذي هو الكاتب نفسه.
فقد شارك محمد شكري في الكتابة الابداعية قبل وبعد الخبز الحافي، وكان مسكونا بهاجس الكشف والاكتشاف، والتنويع والتجريب بما هو ممارسة وانفتاح علي التجارب الادبية، وعاش هوس البحث عن كتابة نثر ساحر ومضيء. ومن هنا، فمن حق الكاتب ان يغضب حينما تختزل حياته الادبية في عمل واحد، ومن حقه ان يعمل ضد هذا التلخيص والاختصار، ومع ذلك فـ الخبز الحافي جعل اسم الكاتب مسموعا، ومرئيا في المدي المكتوب والمشاهد، ولكنه قاد الي بناء تصورات خاطئة او ضبابية عن محمد شكري، باعتباره قارئا تعلم الكتابة وجاء اليها متأخرا. محمد شكري هو بالضرورة ذاكرة عن جيله وزمنه، وذاكرة عن الحياة التي عاشها والتي يدافع عنها في هذا الحوار الطويل والصريح الذي تحدث فيه لكل من يحيي بن الوليد، والزبير بن بوشتي.
يحيي بن الوليد: كثيرا ما نحاور الكتاب والشعراء والمبدعين، خصوصا ممن لهم صيت واسع، لكن نادرا ما نتوقف عند الحوار ذاته. وربما خالف بعض المفكرين هذا التقليد وهم يسطرون المواضيع التي يخوضون فيها وعيا منهم بخطورة الحوار والنتائج المرجوة منه. ولذلك نريد أن نفتتح هذا الحوار الطويل بمحور حول الحوار ذاته، لنسألك بداية: كيف تري الحوار مع كاتب مثل محمد شكري؟
محمد شكري: أنا تعلمت بطريقة عشوائية، وهذا معناه أنني لم أتعلم بطريقة أكاديمية، ومستواي التعليمي لا يتعدي أربع سنوات وبضعة أشهر. وطبعا التعلم العصامي لا يعتمد علي توجيه من الذين تعلمت علي يديهم. هذا التعلم والتعليم، في الخمسينات والستينات، كان عشوائيا ومحنة للجميع في مرحلة التعبئة الاستقلالية. ومن خلال هذا التعلم غير الموجه قرأت الكثير من الكتب غير المفيدة، لأنني لم أكن موجها من طرف معلمي أو من طرف قراء جادين يعرفون ما يقرأون. ومع مرور التجربة القرائية بدأت أميز بين الجيد والغث في اختيار ما أقرأ، سواء بذكائي الخاص أو بمساعدة بعض أذكياء القراءة، كتابا كانوا أو غير كتاب. ليس ضروريا أن يكون كل قارئ جاد كاتبا، بل هناك قراء جادون أفضل من بعض الكتاب الذين لا يعرفون ما يختارونه في قراءاتهم.
يحيي بن الوليد: من فضلك، محمد شكري، نعود الي السؤال السابق لتحدثنا عن كيف تنظر الي الحوار مع كاتب مثلك؟
محمد شكري: في الحوار معي ستكون الاجوبة بنفس الطريقة التي تعلمت بها. رغم هذا فهناك نظام في تصور الاشياء إذا أعيد ترتيبها من خلال الكتابة. ليس هناك تسلسل كرونولوجي. هناك سابق كان ينبغي أن يكون لاحقا، ولاحق كان ينبغي أن يكون سابقا. الانسان لا يفكر بطريقة آلية.
يحيي بن الوليد: يقال ان الكاتب هو نصوصه التي كتبها ليتركها لمختلف المجموعات القرائية وللباحثين والنقاد والمؤولين، هو ما لا يسمح للكاتب بأن يتحدث عن نصوصه، هل أنت من الذين لهم نفس التصور؟
محمد شكري: لا أعتقد أن الكاتب منفصل تماما عن نصوصه، فهو مبثوث في نصوصه، ليس هناك تجرد مطلقا في حياة الكاتب مع نصوصه، ليس هناك حياد مطلقا. وأنا أعتقد أن المبدع مبثوث كناقد في إبداعاته طبعا هذا لا يعني ما يسمي بـ الرقابة الذاتية بمفهومها السطحي.
يحيي بن الوليد: صحيح أن بعض المبدعين أمثال توفيق الحكيم ونجيب محفوظ وغيرهما نجد في حواراتهما آراء نابعة بخصوص الادب، ولكن هناك من يري أن المبدع ناقد فاشل.
محمد شكري: هناك كتاب فاشلون ليسوا مبدعين حقيقيين ولا هم نقاد حقيقيون. من حقنا أن نقول: لابد من خلق نقاد مبدعين في نقدهم يبتدعون الاشياء المُبدَعة. الابداع درجات، وعندما تكون هناك خلخلة أو عدم توازن فلابد أن يكون موازيا له نقد إبداعي. هناك نقاد مبدعون. رولان بارت مبدع في النقد. وهناك من يجمع بين منتهي الابداع ومنتهي النقد مثل ت. س. إليوت، عزرا باوند وكامو.
يحيي بن الوليد: وسارتر.
محمد شكري: نعم. كذلك سارتر، ميشيل بوتور وروب آلان غرييه. هناك من تجمعت فيه هذه الموسوعة.
الزبير بن بوشتي: هل تقبل بأن يحاورك من غير العارفين والمطلعين علي أدبك؟
محمد شكري: أقبل، لكن بشرط أن يكون الشخص الذي يريد أن يحاورني مطلعا جيدا علي آداب أخري.
الزبير بن بوشتي: كيف تري علاقة الكاتب باللغة؟
محمد شكري: إن الكاتب ينبغي لـه أن يتعامل مع اللغة وكأنه يخلقها لأول مرة وليس أن يتعامل معها فقط كإيصال. عليه أن يبدع فيها. وهذا يبقينا معجبين بأبي تمام وأبي نواس وإن لم يذهب في بعض شعره أبعد من الترميم والانتقاء. إن اللغة أيضا هي تخييل مثلما هو الابداع. وفي المقابل نجد بودلير، مالارميه، بول فاليري، لوتريامون، هويتمان، ماياكوفسي وياسنين. هؤلاء أيضا نحتوا لغتهم.
يحيي بن الوليد: وفي النثر أليس هناك نحت لغوي؟
محمد شكري: أعتقد أن أول شاعر في شفافية النثر العربي الحديث يبدأ مع جبران خليل جبران، وميخائيل نعيمة والي حد ما أمين الريحاني. ثم جاء بعدهم جبرا إبراهيم جبرا ويوسف إدريس.
يحيي بن الوليد: وأحمد بوزفور.
محمد شكري: إنه رائد القصة القصيرة الشاعرية ومحمد زفزاف يتقارب معه في بعض قصصه.
الزبير بن بوشتي: لقد أجريت العديد من الحوارات مع قنوات عربية أجنبية، فما هي طبيعة الاسئلة التي عادة ما تطرح من طرف المحاور العربي والأخري التي يطرحها محاورك الاجنبي؟
محمد شكري: يصعب أن أنحاز الي أي منهما من حيث إلقاء الاسئلة. هناك أسئلة جادة وأخري باهتة من الطرفين. الامر يتعلق بعمق الاطلاع وذكاء الاسئلة التي قد تثير أجوبة في مستواها. وإذا كان هناك فارق فإن الاجانب ترتكز أسئلتهم علي مدينة طنجة وتحولاتها بعد الاستقلال. ربما بسبب ما تركه أجدادهم وآباؤهم هنا من حنين.
يحيي بن الوليد: سنكرس لمدينة طنجة محورا خاصا، ولذلك نطلب منك أن تواصل حديثك عن طبيعة أسئلة الاجانب.
محمد شكري: أحيانا يزعجني أن يُتَعَامَل معي فقط كظاهرة أدبية تعلمت في سن متأخرة دون التركيز علي القيمة الادبية في كتاباتي المختلفة. أنا ضد هذه الماركينتيغية أو السكوبات (السبق الصحفي). إن الانبهار بالسبق الصحافي لا يتهافت عليه إلا الفقراء في ذهنيتهم. إنهم لا يبحثون عن الامتاع الذهني فيما يقرأون. لا علاقة لي بهؤلاء وإن كانوا يقرأون كتبي.
الزبير بن بوشتي: ولكنك أنت أكبر المساهمين في تكريس هذا التصور عن نفسك.
محمد شكري: لماذا لا تقول العكس بحيث هناك من يخدم شهرته من خلال شهرتي بدءا من الناشرين، والصحافة المكتوبة، والفضائيات والاذاعات. لا أكرس نفسي وحدي لشهرتي.
الزبير بن بوشتي: بل كرست عن نفسك صورة الصعلوك التي ترفضها الآن... فأنت في العديد من اللقاءات لا تتحدث إلا عن حاناتك وعن دخولك الدار سكرانا وغيرها من الصور التي تروجها عن نفسك في حوارات ولقاءات، فكيف تقول بوقوف الآخرين وراء ترويجها؟
محمد شكري: الصعلكة هي نوع من الحياة، وهي بمفهومها القديم كانت أحيانا تسلية، وأحيانا التزاما نبيلا اجتماعيا لنصرة الفقراء، لكنها استغلت وأصبح الصعلوك لا يعني إلا الاخلاق السيئة؛ فأنا عندما أسكر أفعل ذلك بسمو السكر وتجليه. أحافظ علي أن لا تصدر عني أفعال وأقوال تزعج أو تؤذي الآخرين. أحيانا أكون أخلاقيا أكثر من الاخلاقيين أنفسهم. لا وجود لي إلا بمقدار ما أعطيه للآخر من الاحترام الذي يستحقه لكسب احترامه لي. هناك مسامرة الندّ للندّ، وهناك ناس محدودون في سلوكهم، والمطلوب في مجالستهم ومسامرتهم هو نوع من اللياقة في الكلام معهم. قبل ايام كنت أمارس نوعا من هذه الصعلكة مع نفسي دون أن يشاركني فيها أحد. إنها نوع من التدمير الذاتي أمارسه مع نفسي لتسكين قلقي المجهول. هذه الحالة تغزوني بين فترة وأخري. عندي كل ما أحتاجه، لكن ينقصني شيء ما مبهم. ثم جاء يونس الخرَّاز (رسام مغربي من أصيلة) وشاركني جزءا من هذه الصعلكة فسمّي حالتي تسكين (القهر الداخلي). أعجبت بتعبيره.
يحيي بن الوليد: قبل قليل اشرت الي الاسئلة الجادة التي طرحت عليك، نريد أن نعرف هذه النوعية من الاسئلة.
محمد شكري: كتب عني أكثر مما كتبت. الظاهرة هم الذين خلقوها. كيف أكبحهم؟ لست ملكا لنفسي كلية. جزء مني ملك للآخرين. أتذكر ذلك اليوم في كلية الآداب في مراكش أثناء لقاء نظمه لي عبد الصمد بلكبير مع الطلبة؛ فاجأني أحد المعجبين الذي لم يكن يملك أحدا من كتبي طالبا مني أن أوقع له اسمي علي ورقة. قلت له أنا لست مغنيا أو لاعب كرة قدم لكي أوقع لك علي ورقة. قال بأن الكاتب أهم.
يحيي بن الوليد: وماذا عن أسئلة الاجانب؟
محمد شكري: في معظمها لها علاقة بالمدينة التي أعيش فيها علي الدوام كما قلت من قبل. ونحن نعرف أن طنجة هي من المدن العالمية المُؤَسْطَرَة مثل المدن المينائية: الاسكندرية، أثينا، قاديش. مدن الغزو والقراصنة. إنها أسئلة لا صلة لها بمسيرة الادب العالمي ككل. أسئلة فيها فلكلور وعجائبية. أسئلة عن طنجة الكوسموبوليتية. هل ما كتبته في الخبز الحافي ، السوق الداخلي ، القصص الاخري عشته بالفعل. أسئلة من هذا النوع تلقي عليّ من طرف الاجانب والعرب.
يحيي بن الوليد: ألا تري أن هذا النوع من الاسئلة فيه استفزاز بالنسبة لك؟
محمد شكري: لماذا لا نقول بأنه استقصاء وفضول المعرفة... ! هل ما كتبته في الماضي مازال مستمرا؟ هل مازال البؤس مستمرا ومعيشا كما من قبل؟ هل مازلت الدعارة مستمرة وتمارس كما تحدثت عنها في بعض قصصك؟ والشذوذ الجنسي أحاله هي كما كان في الماضي في طنجة؟ مثل هذه الاسئلة غالبا ما يطرحها الاجانب. والجواب عنها يكون حسب طبيعة موضوع السائل في مجموع أسئلته في عمقها وسطحيتها. لا جواب ذكي بدون سؤال ذكي.
يحيي بن الوليد: وحتي نبقي دائما في الاطار ذاته، فما هي الاسئلة التي تكره أن تطرح عليك؟
محمد شكري: هل حقا مسموح بالكتابة عن الخلاعة والشذوذ؟ هل تعتبر نفسك صاحب الكتاب الواحد؟ هل تكتب عن الدعارة لأنها كتابة رائجة؟ مثل هذه الاسئلة وغيرها أعتبرها سطحية.
الزبير بن بوشتي: هل تعتبر نفسك عدو المرأة؟
محمد شكري: إن كتاباتي عنها لا تكشف عن ذلك بل أدافع عنها. ليس كل من يكتب عن المرأة الداعرة هو عدوها. الجنس الداعر أوظفه توظيفا اجتماعيا للكشف عن أسبابه الاستغلالية في أبشع صوره. هناك كثير من المباءات الاجتماعية يساهم الجنس العاهر في الكشف عنها. لكن اصحاب العقـــلية المتشددة في انتقاد الجنس المحرم قد تجدهم مهتمين بقراءاته في الخفاء بتلذذ. لا أبالغ إذا قلت إن الذين ينتقدون الجنس المحرم هم أكثر الناس شراء للكتب الجنسية.
الزبير بن بوشتي: والآن ما هي الاسئلة التي لم تطرح عليك وكنت ترغب في أن تطرح عليك؟
محمد شكري: الاسئلة التي لم تطرح علي هي الاسئلة التي لم يفكر فيها الغير ولم أفكر أنا في الاجابة عنها.
يحيي بن الوليد: ألا تعتقد أن الحوارات تخدمك؟
محمد شكري: بل تخدمهم هم. فكل صحافي يأتي إليك ليحاورك يريد أن يمتصك مثل إسفنجة في الماء. وأكثر الحوارات تجارية وأقلها جادة. ثم قد يقول لك المحاور في مقاله عنك ما لم تقله ليزكي مقاله بالاثارة التي قد تسيء إليك.
يحيي بن الوليد: أنت قلت في اللقاء الذي نظمه فرع اتحاد كتاب المغرب بطنجة حول تجربتك بأنك لا تجري الحوارات مع وسائل الاعلام إلا بمقابل مادي. ألا تري أن هذا يدخل بدوره في إطار الماركيتينغ؟
محمد شكري: يا عزيزي يحيي، ربما إلحاحي وتشبثي بأن كل حوار ـ سواء كان أجنبيا أو عربيا ـ يجب أن أتقاضي عنه مقابلا ماديا هو إعادة اعتبار لما أخذ أو سرق مني؛ فأنا قد استغللت استغلالا كبيرا من طرف مؤسسات النشر الاجنبية والعربية: الاسبانية، الفرنسية، الايطالية، البرازيلية وغيرها. أمام العربية فسهيل إدريس نشر مجموعتي القصصية مجنون الورد (1979) ولم أستلم منه سوي تسبيق عن طريق محمد برادة، فحتي الآن لم يجر معي أية حسابات عن عدد الطبعات والمبيعات. ونفس المجموعة نشرتها مؤسسة الهيئة العامة لقصور الثقافة في القاهرة (1997ـ الطبعة الثانية) دون استشارتي. كيف يعقل أن مؤسسة رسمية تنتمي الي بلد عريق في الحضارة تقوم بمثل هذا العمل غير الاخلاقي والقرصني (نسبة الي القرصنة).
يحيي بن الوليد: لحسن الحظ أنها لم تحدث زوبعة كما حصل لـ وليمة لاعشاب البحر لحيدر حيدر.
محمد شكري: (يصمت شكري للحظة ثم يواصل) إن اية مقابلة صحافية معي ينبغي أن تؤدي عنها مستحقات حتي أسترد ما سرق مني.
الزبير بن بوشتي: ووسائل الاعلام المغربية، ما حكايتك معها؟
محمد شكري: أصبحت أطلب المبلغ الذي أستحقه سواء من القناة الاولي أو الثانية. أريد أن أستفيد من شهرتي أجنبية كانت أو عربية أو مغربية. نعم، أطالبها بدفع المستحقات إن كانت تمولها أجهزة تجارية. أما إذا كان الصحافي مبتدئا وينتمي لجريدة أو مجلة لها انتشار محدود فقد أدعوه الي مائدة الطعام.
يحيي بن الوليد: وكيف تنظر للحوار في علاقته بما يسمي التسويق الذاتي ؟ ألا تلاحظ أنك تروج لنصوصك في حواراتك؟
محمد شكري: إبراز الذات غريزة بشرية خوفا من الفناء.
الزبير بن بوشتي: هل معني هذا أنك تطمح للخلود؟
محمد شكري: ألم يثبت الفراعنة أنفسهم في الاهرام وبعدهم شعب الإنكا. نزعة الخلود لا أراها شاذة. إنها حافز كبير للتطور وتبئير للانتاج الفكري.
الزبير بن بوشتي: ما رايك في الجمال؟
محمد شكري: الجمال محفز للاعجاب والتعارف.
الزبير بن بوشتي: ورأيك في ظاهرة السراويل النسائية؟
محمد شكري: ليست كل مؤخرة نسوية يلائمها السروال اللصيق جدا بها. إن بعض المؤخرات مضحكة ومنفرة. فهي تبدو مثل سنام جمل. وإذا خلعت المرأة سروالها المشدود جدا عليها فإن رائحة العفونة ستنبعث منها؛ لأن التهوية منعدمة في السروال المشدود جدا.
يحيي بن الوليد: وما الذي تسعي إليه من خلال حوار القدس العربي معك؟
محمد شكري: توضيح لما لم يلق علي سابقا من أسئلة. أسئلة ظلت مبهمة وأسعي من خلال هذا الحوار استجلاءها وإبراز أشياء جديدة لم تطرح علي من قبل.
اسبيرانزا
07/04/2008, 20:43
حوار مع يوجين يونسكو :D
اسبيرانزا
07/04/2008, 20:48
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
هذا هو حوار من أهم الحوارات التي دارت مع يوجين يونيسكو أو EUGENE IONESCO رائد مدرسة اللامعقول في المسرح أو التي عرفت بعد ذلك بالمسرح العبثي... والحوار قد أجراه معه الصحفي الفرنسي كلود أبستادو
أولا حواء
- كلود ابستادو: تمثّل دراسة الناقد للعمل الأدبي وجهة نظر موضوعية دائماً. هل تستطيع يا أوجين يونسكو، أن تقدذم وجهة نظر شخصية حول بعض المسائل، وأن تشير إلى مقاصد المؤلف؟... من مسرحية إلى أخرى، وتحت وجوه متعددة، قدّمتْ وجسّدتْ المرأة والرجل، حواء وآدم، كيف تراهما؟
- أوجين يونسكو: عندما أتحدث عن الزوجين، أخصّ المرأة بالمديح. أعنقد أن المرأة هي التي تمتلك الصفاء والحب.
لديّ انطباع أن هذا واضح جداً منذ منتصف الفصل الأول في مسرحية العطش والجوع. المرأة عاقلة. محبّة، تضمّ في أعماقها صفاء وفرحاً روحياً لا نجدهما لدى الرجل. وهي التي تجسّد روح الزوجين وهي المسؤولة عن الرجل، لكنها لا تنجح دائماً. في المشهد الأخير من الفصل الأول نجد عندها رؤية فردوسية، بينما الرجل لا يدرك شيئاً من ذلك الحب. يهجر البيت ويضيع. لم يلتقِ بأي شيء أساسي، ولم يجد شيئاً، وينتهي به المطاف إلى ذلك الدير-السجن الذي يمثل صورة عن الجحيم. على العموم مسرحية العطش والجوع تعالج إلى حدّ ما موضوع فاوست ومرغريت...
المرأة مسؤولة عن كل شيء وإذا ماظهرت يائسة من وقت لآخر فذلك لأن الرجل يصب عليها همومه كلها. في اميديه يهرب الزوج، يفرّ لكنها تبقى وفيّة مخلصة. وفي الكراسي. الرجل فاشل لكنها تتبعه حتى في فشله، ترافقه، تتبعه حتى في الموت. يهرب الرجل أحياناً أو يحاول الهرب لكن المرأة لا تفعل ذلك...
ك.أ. لكن في مسرحية الكركدن، ديزي هي التي تهرب.
ا.ي. صحيح، لكن ديزي، في الكركدن، ليست زوجة، إنها امرأة مغناج.
ك.ا. في "الملك يموت" للمرأة وجهان لا ينسجمان. مرغريت وماري.
ا.ي. مثّلتْ دور مرغريت بشيء من الخبث تلك الممثلة العظيمة التي قدمت معظم مسرحياتي، تسيلا شيلتون. ربما كان يناسب تسيلا شيلتون دور الضحية، أما بالنسبة لدور مثل دور الملكة مرغريت فقد وجدت مخرجاً إذ خلقت منه شيئاً آخر؛ خلقت منه امرأة مستبدة تسعى إلى الخصام إلى حدّ ما. لكن مرغريت تمثل القدر، تمثل القانون، والقانون رصين، قُدّمتْ عروض أخرى في انجلترا والمانيا صورة مختلفة عن المرأة، المرأة التي لا تلين لكنها صافية مشرقة.
المرأة هي الواجب لكنها الحب أيضاً. الملكة ماري هي الوجه الآخر للملكة مرغريت. هناك وجهان للمرأة، هناك ازدواجية. أرادت ماري أن تهب الملك سعادة أرضية ربما كان من المستحيل أن ينالها بينما كانت مرغريت مجبرة على أن تقوده حتى إتمام ذاته في الموت.
في مسرحية لعبة القتل نرى رجلاً وامرأة عجوزين يمكن اعتبارهما تلخيصاً لمسرحية الكراسي. المرأة هي التي تمتلئ بالثقة، المرأة هي السعيدة، رغم الكارثة، رغم الطاعون، رغم الموت. هي سعيدة لأنّها أحبت طوال الوقت. لقد أدرك الرجل متأخراً أن الحب والخلاص كانا قربه.
في الماشي في الهواء، تدافع المرأة عن الرجل، تساعده، تخاف عليه. هي التي كان عليها أن تعمل لتؤمن طمأنينة زوجها المجنون. في مشهد الكوابيس من الجزء الثاني من المسرحية أردتُ أن أبيّن الوحدة المطلقة التي تعيش فيها المرأة لأن الرجل يستطيع الاعتماد على المرأة، يمكن أن تحبه المرأة، أمّا المرأة فلا سند لها، وهي التي تمسك كل الخيوط بيديها.
.... وآدم.
ك.أ. والرجل؟ الموزّع دائماً بين صعوبة الحياة والاندهاش، أية تجربة في هذا العالم يمثلها الرجل؟ قيل أحياناً إنك قدّمت نفسك على المسرح تحت اسم بيرانجيه أو جان...
أ.ي. ربما كانت شخصياتي صورة عني إلى حدّ ما. لكن لا يمكن أن تكون أنا. صعب أن أقول: إنها غالباً الشيء الذي لا أريد أن أكونه، مالا يريد الكاتب أن يكونه. إنها الصورة التي رآها في الحلم. يمكن أن يكون المقصود شخصاً آخر، شخصاً تتحدث عنه، عرفناه، إذن نخاف منه... الرجل مثل الطفل ومن هنا يمكن أن نجد قيمته. إنه ذو قيمة روحية لأنه رغم كل شيء، طفل بحاجة إلى أم، إلى الأم- الزوجة التي تواسيه، ولأنّه يملك رؤية مدهشة للعالم. بطريقة ما، الرجال الذين خلفتهم لا يشيخون إذ أنهم يتابعون حياتهم في الاندهاش، والذهول والاستغراب.
هذا الاندهاش أمام الكون هو الموقف الفلسفي الأساسي، كما اعتقد، ومن ثمّ يجب إقامة فلسفة طبعاً؛ لكن نقطة انطلاق كل معرفة هي هذه القدرة على الاندهاش.
نرى هذه القدرة أحياناً لدى المرأة لكنها تكون أضعف بكثير دون شك، لأن للمرأة هموماً كثيرة إذ يجب عليها أن تساعد وتسند طفلها الرجل العجوز.
الفرد والمجتمع:
ك.ا. أنت تعرض الفرد في حالة تمرّد "غريزي" بمواجهة المجتمع.
ا.ي. الجمهور وحش مخيف. هذا ما حاولت أن أقوله في الكركدن، يرفض بيرانجيه أن يكون مثل الآخرين، يرفض ارتداء الزي الدارج، يرفض الإيمان بالايديولوجية المسيطرة، يرفض الانخراط مع الجمهور، يرفض الولوج إلى عالم "التنكير المجهول". يخاف أن يخسر روحه أوشخصيته. كان اينشتاين يكره التجمعات البشرية التي تضم عشرات الأشخاص. كان يحتقر من يحبون الشعارات، من يصرخون "صيحة القتال"، من يسيرون أرتالاً على الإيقاعات الموسيقية كما كان يفعل الهتلريون سابقاً وكما يفعل الصينيون حالياً؟ يغنون ويحملون شعارات أخرى، آلهة أخرى من الرجال.
في "الماشي في الهواء" قيل إنني كنتُ أتحدث عن خوفي الخاص، لكن لهذه المسرحية طابع سياسي... اعتمدتْ حكاية الطفل المقتول على "حادثة حقيقية" كما أنّ البعض قال: المقصود حكاية شاب في السابعة عشرة حاول الهرب من برلين الشرقية، فأُردي قتيلاً على "السور" عندما حاول اجتيازه... أما الشيء الذي رآه بيرانجيه أثناء هربه فهو الصورة البشعة المخيفة للعالم، العالم المستبد... إنّها حقاً مسرحية سياسية. عُرضت في برلين وفهمها البرلينيون على هذا الأساس مما خلق بعض الضيق والإزعاج.
اسبيرانزا
07/04/2008, 20:51
ك.أ. وماذا يمثل "ماوراء العالم"؟
أ.ي. صعب جداً أن أشرح ذلك. المهمّ، في تلك الفترة كنت قد قرأتُ مؤلفات بعض علماء الفيزياء.
ك.أ. "قاتل بلا أجر" هي أيضاً مسرحية سياسية، إذا ما تذكرنا مشهد الأم بيبا.
أ.ي نعم. الأمر واضح.
مسرح"ملتزم".
ك.أ. أخيراً. هل يمكن الحديث عن مسرح ملتزم فيما يتعلّق بمسرحياتك، على عكس رأي بعض النقاد؟
ا.ي. كنت أتهم عام 1954، بأنني لا أكتب مسرحاً ملتزماً. في مجلة الاكسبريس مقالة طويلة بتوقيع برنار دور يقول فيها: حسناً، لقد أحسن اداموف، ويونسكو فيما صنعاه حتى الآن - أي نقد المجتمع البرجوازي ونقد لغة البرجوازية الصغيرة (هذا ليس صحيحاً إذ أن المقصود هو "البرجوازية الصغيرة في كل المجتمعات، اشتراكية أو رأسمالية أوسواها)، أمّا الآن فعليهما أن يقدّما شيئاً آخر، شيئاً إيجابياً.. كانوا يطالبوننا بالانضمام إلى مدرسة بريخت، وكان دور يريد أن يكون زعيم ايديولوجية تيار جديد؛ لكن لم تكن لديه القدرة على ذلك.
اعتباراً من قاتل بلا أجر والكركدن بدأتُ كتابة "مسرح ذي رسالة" لكنها لم تكن الرسالة المنتظرة.
ك.أ. لقد كتبت أن ليس على المسرح أن يمجدّ أية ايديولوجية، وأن الأجدى من ذلك أن يقرأ المرء مقالة فلسفية أو جريدته اليومية.
أ.ي. أرى أنّه إذا كان على المسرح أن يبقى بعد وفاة مؤلفه لن يكون ذلك بسبب الرسالة التي ينقلها.
أستشهد غالباً ببيراندللو: جميع نظرياته النفسية التي كانت تثير اهتمام عصره تمّ تجاوزها، ومع ذلك فإن بيراندللو مازال حيّاً.
كذلك الذين أقاموا المعابد، كانوا يتخيلون أنهم يفعلون ذلك لجمع المؤمنين وتقديم الأضاحي للآلهة؛ لقد خلق المهندسون المعماريون أثراً معمارياً بكل بساطة.
في مؤلفات الكاتب المسرحي، إمّا أن يتلف كل شيء ويتلاشى أو تتحوّل تلك المؤلفات إلى مسرح خالص.
ك.أ. ماذا تقصد بـ "مسرح خالص"؟
أ.ي. هناك الكثير مما يقال في هذا الموضوع.
في المسرح، ليست الأفكار هي التي تبقى إذ أن الايديولوجيات كلها تسقط في النهاية ويتمّ تجاوزها. ما يبقى هي العواطف والشخصيات، وربما بعض الأفكار، لكنها أفكار حيّة، من لحم ودم. لا يعنينا الآن الأفكار الفلسفية التي أتى بها شكسبير، إن ما يعنينا هو انفعالات هاملت أو ماكبث أوالملك لير... فلسفة شكسبير موجودة عند باسكال، عند الملك سليمان، عند النبي أيوب...
(هذا ما يُطلق عليه نقاد هذه الأيام "الترهات" الأمر يتعلق بكاتب جديد).
الإخراج:
ك.أ. مصير مسرح ما مرتبط أيضاً بتنوّع العروض التي يقدمها الممثلون والمخرجون.
ا.ي. نعم. أعتقد أن عملاً مسرحياً يمكن أن يُعرض بطرق متنوعة جداً: هناك عدد غير محدود من العروض المقبولة وعدد غير محدود من العروض غير المقبولة.
ك.أ. يتطوّر الإخراج مع الزمن. المسرحية التي كتبت عام 1950، لا يجوز أن تُعرض عام 1970 بالشكل الذي أُخرجت فيه سابقاً.
أي. لا شيء يشيخ سريعاً مثل أسلوب الممثل أو طريقة الإخراج. المسألة هامة. تتغير الحساسية الإنسانية كل عشر سنوات أوخمس عشرة سنة. وعلى الإخراج أن يلبي أسلوب كل عصر.
ك.ا . من وجهة النظر هذه، هل يمكن اعتبار "لعبة القتل" بداية طريقةجديدة في مسرحك.
ا.ي. نعم. لديّ هذا الانطباع.
بدأتُ أولاً بالمسرحيات ذات الفصل الواحد ثم انتقلت إلى مسرحيات أطول مثل قاتل بلا أجر، والكركدن.. مسرحية الملك يموت، لحن طويل محزن.
أمّا في لعبة القتل، فيمكن تخيّل عدة مشاهد تُعرض في وقت واحد على المنّصّة.
شاهدنا هذا العام في باريس مسرحية "اورلاندو العنيف" قدّمها المسرح الحرّ في روما من إخراج لوكار ونكوتي. كان هناك مقاطع جميلة هنا. ومشهد رائع هناك وكان المشاهدون ينتقلون من مشهد إلىآخر. هذا يدعو للاهتمام لكنني لستً من المعجبين بهذه الطريقة.
منذ حوالي خمس عشرة سنة فكّر جان -ماري سيّرو وآغام أن يوزّعا منصات صغيرة حول الصالة تُقدّم عليها مشاهد مختلفة، وكانت الكراسي الدوّارة تسمح للمشاهدين بمتابعة هذا العرض أو ذاك حسب رغباتهم.
لكن هذه اللعبة، لعبة لا تستطيع الذهاب بعيداً.. وليس لها أية نتائج خطيرة.
ك.ا. لكن هذه اللعبة تخلق ولا شك علاقات جديدة بين الجمهور والممثلين...
ا.ي. هذا يعني أنه لم يعدهناك قيمة لأي شيء. هناك نوع من التمرّد بين صفوف المخرجين ضد المؤلفين، وقد عبّر بعضهم مثل بيتر بروك عن ذلك بطريقة هذيانية تقريباً إذ قال إن على المؤلف أن يصمت وكل شيء مرتبط بالمخرج، أي به!
هذا كلّه لأنّه مخرج وليس مؤلفاً. لو كان ممثلاً، لقال إن الممثل هو الشخص الوحيد الذي يحق له الكلام.
لقد أُعجبت جداً، بما فعله غزوتوفسكي؛ لكن خَلَفَه كان هزيلاً، أبله أحياناً، غروتوفسكي، إنه التقشف والزهد ولا أرى بين الممثلين والمخرجين الباريسيين من يفعل مافعله.
يتهافت الناس على كل جديد، خصوصاً الكثيرون من رجال المسرح حتى لا يُقال إنهم "متخلفون".
لقد ولّى زمن كان الممثل فيه يتمرد على المؤلف.
هذه مغالاة. يجب إعادة التوازن. الإخراج مهم لأن فكراً يكمن خلفه.
في بعض مسارح باريس الصغيرة حاولت بعض الفرق تقديم عروضها دون مخرج ودون نصّ؛ لكن تلك المحاولات لم تعطِ أية نتيجة فرجع المخرجون الشباب، أي أولئك الذين يلغوا سن الأربعين أوالخامسة والأربعين، إلىالكلاسيكيات. أدركُ مع ذلك أن المؤلف شخصية لا تحتمل أبداً.
ك.ا. هل تعتقد أن مشاركة الصالة مع المنصة نافعة؟
ا.ي. أعتقد أن من الممكن تقديم كل شيء علىالمنصة ففي إحدى مسرحيات لونورمان عرض ج. باتي واجهة منزل مع نوافذ، كان هناك مشاهد مختلفة لكنها تندمج مع بعضها وتؤلف مجموعة منسجمة تُقدّم على المنصة ضمن تنظيم محدّد. يجب المحافظة على الوحدة ضمن تـنّوع المشاهد.
أشكال التعبير:
ك.ا. لقد كتبت ياسيد يونسكو حوالي ثلاثين مسرحية، وقصصاً، ومقالات نقدية، كما نظمت من قبل عدة قصائد، وسجّلت "يوميات"... هل ترى في المسرح وسيلة تعبير متميزة؟
ا.ي. يجمع المسرح احتمالات وسائل التعبير المتنوعة الأكثر فقراً...
ك.ا. بأية طريقة؟
ا.ي. اوه. أنت تعلم! أنا لا أعرف أبداً ماهو المسرح. لقد حاولتُ تعريفهُ لكن ذلك كان مستحيلاً تماماً. قلت في نفسي أولاً، كما يفعل جميع الناس؛ المسرح صراع، لكن الصراع موجود في الرواية أيضاً. المسرح قصة فيها أشخاص لديهم قضايا فيما بينهم، وهموم، لكن يمكن أن نجد ذلك في السينما أو في الروايات. يقال إن المسرح حوار، لكن بعض المسرحيات مبنية على المونولوج... التعريف الوحيد الممكن إذن هوأن تقول: المسرح هو شيء ما يُعرض علينا... يمكن أن يجري التمثيل على منصة أو في الشارع أو في باحة.
لكن لماذا لا يتمّ التمثيل في صالات المسارح؟ ذلك مناسب أكثر.
بعد خمس عشرة سنة ستمنع الثورة الرافضة المقبلة التمثيل على أرصفة نهر السين وستفرض إنشاء المسارح من جديد.
رويت في كتاب "اكتشافات" كيف التقيت مع المسرح. كنت في المدرسة الابتدائية وكان السيد لوازو، وهو المعلم، قد طلب منا أن نكتب موضوع إنشاء فكتبتُ ما أريد قولهُ بشكل حوار. كنتُ أكتب آنذاك إذن مشاهد صغيرة. ثم تخلّيت عن المسرح، بعد ذلك، وفضلّت الأدب. كان المسرح يبدو لي مصطنعاً نظراً لنتائجه الهائلة، وقد فهمت متأخراً إنه يجب التركيز على تأثيراته الكبيرة لأنّ... لأن الأمر هكذا....
لماذا أصبحتُ كاتباً مسرحياً ولم أصبح قاضياً هذا ما لا أعرفه...
حقاً لا أعرف.. أسأل نفسي كثيراً هذا السؤال ولاأدري بماذا أجيب.
لكن المسرح يشمل اليوميات والقصص والمقالات. إنه اعتراف، وحكاية، ونقد أيضاً.
ك.ا. هل ستتابع كتابة القصة؟
ا.ي. أحب جداً كتابة القصة، لقد شعرتُ بخيبة مريرة من الطريقة التي قوبل بها كتابي "صورة الكولونيل". لقد أُعيد طبع مسرحياتي باستمرار بينما طبعة أقاصيصي مركونة دائماً عند أصحاب المكتبات. يعتقد الناس أنني كاتب مسرحي وليس شيئاً آخر.. عندما قُدّمتْ مجموعتي القصصية إلى النقاد الأدبيين أرسلوها بدورهم إلى النقاد المسرحيين.
ك.ا. كتبت عام 1961، سيناريو فيلم "الغضب" كما أنّك أنجزت منذُ فترة فيلم "الطين"، وهو اقتباس لإحدى قصصك. ماهي الإمكانيات التي قدمتها السينما إليك للتعبير عن أفكارك؟
ا.ي. لم أشاهد ذلك الفيلم... لقد كتبتُ السيناريو ومثّلتُ الدور الرئيسي فيه (الحقيقة لم يكن فيه سوى دور واحد). لم تكن عملية المونتاج قد انتهت. سوف أرى إذا كان المخرج قد استطاع أن يضمّن هذا الفيلم ما أردتُ التعبير عنه.
مررتُ بتجربة غير سارّة في التلفزيون. لقد عُرضت مسرحية الكراسي في كل مكان تقريباً وكنتُ مسروراً من طريقة إخراجها؛ وقد تمّ تصوير أحد العروض. لاقت التمثيلية نجاحاً كبيراً لدى الجمهور أما أنا فكنتُ أشعر أن كارثة أصابتني.
تحوّلت الكراسي إلى مسرحية بسيكولوجية. الشخصيات واضحة، تنضح عرقاً، تتألم، تقوم بـ "إيماءات معبّرة" لقد أصبح العمل أدبياً ، وفهم الجمهور "نفسية" الشخصيات فهماً مبالغاً فيه.
الأمر الذي يدعو للاهتمام في المسرح هو أننا لا نرى الشخصيات عن قرب، نحن لا نرى سوى حركات الدُمى، وشخصيتين كاريكاتوريتين ودوامة من الكراسي التي لا يجلس عليها، وهذا يحملنا بعيداً، إننا نتجاوز علم النفس، ونغتني بالوفرة، ونغتني بالحقيقة.
مشاريع:
ك.ا. هل لديك حالياً أيةمشاريع؟
ا.ي. نعم، بالطبع، هناك مسرحية.. أعتقد أن من السابق لأوانه أن أتحدث عنها.
ك.ا. ألم يتحدد موضوعها بعد؟
ا.ي. بل، بلى، تأثرتُ كثيراً بجان كوت، الاختصاصي بمسرحيات شكسبير وأريدُ أن أكتب شيئاً عن غريزة السيطرة ......libido dominandi
ك.ا. ماكبث إذن؟
ا.ي. طبعاً ستكون عن ماكبث، كيف يحدث أن جندياً فاضلاً مخلصاً يتحوّل إلى وحش؟... نتيجة طموحه السياسي.. أريد أن أبيّن أن السلطة خطر وشؤم، وأولئك الذين يريدون السلطة السياسية، سواء حصلوا عليها أم لم يحصلوا- مصابون بالذهان الهذياني Paranoiaques.
يجب أن نسير بإرشادات العقول الإلكترونية...
ك.ا. هذه نظرة تدعو للقلق!
ا.ي. لا أعتقد ذلك. على كل حال، هذا أمر علينا أن نجرّبه! العقول الألكترونية توزّع الثروات. ربما كان في الإمكان إيجاد مجتمع بلا سياسيين. سيكون في الإمكان إيجاد مجتمع، بل مجتمعات، دون قادة الأحزاب... سيجد الناس المعنى الحقيقي "للسياسة" أي علم -جديد وقديم في وقت واحد- العلاقات الإنسانية، لكن السلطة توقظ "غريزة السيطرة".
اسبيرانزا
16/04/2008, 20:41
حوار مع الشهيد الشيخ احمد ياسين ( رمز النضال والمقاومة ) :D
اسبيرانزا
16/04/2008, 20:47
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
هذا الحوار هو النص المكتوب لحلقه شاهد على العصر ( قناة الجزيرة) بين الشيخ ياسين والمذيع احمد منصور
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة مع ضيف جديد في برنامج (شاهد على العصر) شاهدنا على العصر في هذه الحلقة والحلقات القادمة الشيخ أحمد ياسين (مؤسس وزعيم حركة المقاومة الإسلامية- حماس) مرحباً فضيلة الشيخ
أحمد ياسين: أهلاً.
.
أحمد منصور: ولد الشيخ أحمد ياسين في إحدى قرى قطاع غزة عام 1938م، وفي بدايات شبابه تعرض لحادث أصابه بالشلل التام، إلا أنه أكمل دراسته، وعمل مدرساً للغة العربية بعد حصوله على الثانوية العامة، سعى لإكمال دراسته في جامعة عين شمس في مصر، إلا أنه لم يتمكن من إكمالها بسبب ظروف عديدة ألمت به، عمل رئيساً للمجمع الإسلامي في غزة، وعرف الشيخ أحمد ياسين كواحد من أبرز الخطباء الذين عرفتهم غزة خلال العقود الماضية، أعتقل 1982م بتهمة حيازة أسلحة وتشكيل تنظيم عسكري، وأصدرت عليه المحكمة الإسرائيلية حكماً بالسجن ثلاثة عشر عاماً، إلا أنه أفرج عنه في عام 1985م في إطار عملية تبادل للأسرى بين سلطات الاحتلال الإسرائيلية والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة، بعدما أمضى في السجن أحد عشر شهراً.
أسس الشيخ أحمد ياسين مع مجموعة من النشطاء الإسلاميين حركة المقاومة الإسلامية حماس مع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية عام 1987م داهمت قوات الاحتلال الإسرائيلية بيته في أغسطس عام 1988م، وقامت بتفتيشه، ثم ألقت القبض عليه ليله الثامن عشر من مايو عام 1989م، وبعدها حكم عليه -أصدرته محكمة عسكرية إسرائيلية في شهر أكتوبر عام 1991م- حكماً عليه بالسجن المؤبد مدى الحياة مع إضافة خمسة عشر عاماً بتهم عديدة أبرزها اختطاف جنود إسرائيليين وقتلهم، وتأسيس حركة المقاومة الإسلامية حماس بجهازيها السياسي والعسكري، سعت حركة حماس إلى الإفراج عن الشيخ ياسين عبر مجموعة من محاولات الاختطاف لجنود إسرائيليين، إلا أنه أفرج عنه يوم الأربعاء الأول من أكتوبر عام 1997م بموجب اتفاق تم التوصل إليه بين الأردن وإسرائيل في عملية تبادل لعميلين للموساد حاولا اغتيال خالد مشعل (رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في الأردن) مقابل الإفراج عن الشيخ أحمد ياسين، الذي أطلق سراحه منذ ذلك الوقت، وبدأ يمارس نشاطه السياسي مرة أخرى.
شيخ أحمد، أود أن أبدأ معك من هناك من قرية الجورة التي ولدت ونشأت وترعرعت فيها، كيف كانت ولادتك ونشأتك؟ وكيف كانت البيئة التي ترعرعت ووعيت فيها؟
أحمد ياسين: الحمد لله كانت بداية حياتي.. الميلاد في عام 1936م، في العام الذي كان يسمى في فلسطين عام الإضراب الذي استمر ستة أشهر، تحدثت والدت
ي
-رحمها الله- أنها رأت في منامها حين حملت بي هاتفاً يقول لها: أنت حملتي فإذا وضعيته فأسمي المولود أحمد، واحتفظت لنفسها بهذا الهاجس والرؤيا في النوم حتى إذا ما تم الميلاد اسمتني أحمد، فثارت عليها ضرائرها وسلافاتها، لماذا تسميني بهذا الاس
؟
أحمد منصور[مقاطعاً]: لماذا؟
أحمد ياسين: وخاصة أن في العائلة كان رجل من أقاربنا اسمه أحمد كان شديد البطش،كان مكروهاً، فرفضن أن يكون اسمي أحمد بهذا الاسم، إلا أن الوالدة يرحمها الله أصرت على أن تسميتي كما كان الهاتف قد هتف بها في أول حملها، وكان الميلاد من فضل الله في صيف سنة 1936م، أنا لا أذكر جيداً يوم الميلاد، ولكنه تقريباً كان في شهر 6، في الشهر السادس من عام 1936م.
أحمد منصور: في شهر يونيو.
أحمد ياسين: نعم، وطبعاً والحمد لله بدأت أنمو في أسرة طيبة هادئة، تعرف تعلم أن أهل الجورة أهل فلاحة وزراعة وبحرية.
.
أحمد منصور[مقاطعاً]: القرية أيضاً.
أحمد ياسين: يعملون في البحر.
أحمد منصور: ما هي البلد التي ولدت ونشأت وترعرعت فيها؟
أحمد ياسين: أنا ولدت في قرية جورة عسقلان، يعني هي على أرض عسقلان المدينة القديمة التاريخية، والتي طبعاً كان لها تاريخ كبير في التاريخ الفلسطيني، طبعاً أنا بدأت حياتي صغيراً، والحمد لله كانت الوالدة إنسانة مؤمنة وطيبة، الوالد أنا لا أعرفه جيدا لأنه مات قبل أن يكون لدي الوعي الكافي في معرفته.
أحمد منصور: كان عمرك كم؟
أحمد ياسين: ربما مات الوالد وأنا عمري أربع إلى خمس سنوات، أنا لا أتصوره الآن، وكانت التربية منوطة بالوالدة –رحمها الله- والحمد لله يعني بدأنا حياة طيبة ونحن صغار، طبعاً كان ذلك في الحرب العالمية الثانية، فعايشت الجيش البريطاني وهو يأتي إلى فلسطين، ويستجم على ساحل البحر، كنا نذهب إلى البحر معهم، وكنت من الأطفال المقربين جداً، لقائد المعسكر في ذلك الوقت، لا أدري لماذا، لا أدري من دون أبناء القرية
اسبيرانزا
16/04/2008, 20:52
أحمد منصور: كيف كان شكل هذا التقارب؟
أحمد ياسين: لا أدري.. أنا أذهب إلى معسكر الجيش فيستقبلني الكوبرول هناك استقبال غير الأطفال كلهم، وأدخل المخيم وأعبث فيه كما أشاء، فإذا نزلوا إلى البحر للسباحة أخذوني معهم، وأذكر مرة أنني نزلت قبلهم بثوان إلى الماء فغرقت وأخذت أشرب الماء، فقفز القائد ونزل عندي وانتشلني من الماء، فأنظر إلى الماء إذا به إلى ركبتيه!
أحمد منصور: يعني الإنجليز أنقذوا حياتك؟
!
أحمد ياسين: آه بس كان يعني المية إلى الركبة عنده هو، وأنا غرقان بأشرب ماء.
أحمد منصور: هل تتذكر كم كان عمرك في ذلك الوقت؟
أحمد ياسين: يعني هذا الكلام في خمس.. ست سنوات، طبعاً في هذا الوقت طبعاً بالذات كانوا بيسموني في.. يعني أهل الجورة بأعرف إنه كانوا بينادوني عبد الله بلبل اللاميم هذه العبارة كانوا بيطلقوها البريطانيين عليّ في ذلك الوقت، لأن بيتنا كان على الطريق الأسفلت المؤدي إلى البحر، بيننا وبين البحر معدل بس 200ن 300 متر، ولذلك كان الأمر قريب عليّ إني أنزل إلى البحر ونشاهد.
أحمد منصور: يعني هذا الاسم أطلقه عليك البريطانيون
؟
أحمد ياسين: كثير من أهل بلدنا يعرفوا هذا التاريخ، الناس الكبار يعرفوا هذا التاريخ، طبعاً كنت أدخل المعسكر، أدخل المطعم، أحضر الطعام لأبناء القرية وأناولهم من فوق السلك، أجيب علب بلوبيف، مش عارف علب إيش وأعطيهم، يعني ما فيش منهم حد يستجري يدخل المخيم إلا أنا، وهذا من فضل الله –سبحانه وتعالى- طبعاً أنا بذلك تعلمت شوية إنجليزي أيامها، وصرت أتكلم لغة كويسة، فلما ذهبت إلى المدرسة كان دخول المدرسة ذلك الوقت من العام السابع، لم يكونوا يقبلوا أقل من سبع سنين، فلما ذهبت إلى مصر كل الأطفال صاروا يقولوا للأستاذ هذا بيحكي إنجليزي يا أستاذ، فصار يسألني وأنا أجاوبه في كل الحاجات اللي بأعرفها يعني، والحمد لله دخلنا المدرسة وتعلمنا.
أحمد منصور: شيخ، قبل مرحلة المدرسة، هل كنت حينما كنت تذهب إلى المعسكر الخاص بالبريطانيين، ما هي مشاعرك، هل كنت تشعر أن هؤلاء محتلين ويأخذون جزءاً من بلدك
؟
أحمد ياسين: لم أكن أعرف محتلين ولا غير محتلين، أنا طفل صغير أجد متعة في الذهاب إلى البحر، في اللعب هناك.. بس فقط أنا لم أكن أعرف ذلك الأمر احتلال وما كانش عندي هذا الوعي، كان عندي هذا الفكر.
أحمد منصور: إلى المدرسة.
أحمد ياسين: طبعاً دخلت المدرسة، وبدأت رحلتي التعليمية في المدرسة، ومضيت طبعاً في هذه الفترة حتى أنهيت الصف الرابع الابتدائي في مدرسة الجورة الابتدائية اللي كان فيها حتى الصف السادس، وانتقلت إلى الصف الخامس وطبعاً استلمنا الكتب، وبدينا أول شهر، وبدأت النكبة والرحيل من الجورة إلى منطقة غزة.
أحمد منصور: اللي هي حرب 48 النكبة الأولى
.
أحمد ياسين: آه 48.
أحمد منصور: النكبة الأولى.. كنت وقتها في الصف الخامس الابتدائ
ي؟
أحمد ياسين: كنت لسه مترفع إلى الصف الخامس، أصل الجورة تعرضت لهجمات من الطائرات من الإسرائيليين، فكان فيها دمار مش قليل في البيوت والمساكن، وما بأعرفش كان مقصود ضرب الجورة بالذات أو كان المقصود ضرب المجدل، لأنه كانت المدفعية للجيش المصري.. تهاجم الطائرات وهي متجهة إلى المجدل فإذا ما تضايقت ألقت بحملها على الجورة، ما بأعرفش هو يعني مخططة وغيره، لكن الجورة أصيبت، فأخذ الناس يرحلوا من البلد إلى الكروم والحقول حول البلد بعيداً عن هجمات الطائرات، وطبعاً إحنا كنا من الناس اللي طلعنا من البيت إلى عسقلان، ما هي عسقلان يعني (…) مرتفع شوية، وطبعاً فيه ذكريات كثيرة في ذلك الوقت، لأنه أيام في تلك الفترة كان الجيش الإسرائيلي قد قطع الطريق على الجيش المصري عند ديرسنيت، هناك عند ديرسنيت قطع الطريق على الجيش المصري، فالجيش المصري أخذ ينقل (...) عن طريق البحر عن طريق الجورة لأنه السفن بتاعتنا كانت (...) الجنود اللي واخدين إجازات والضباط إلى مصر إلى البواخر من الجورة.
أحمد منصور: يعني صارت قريتكم هي مركز للتمويل وللتنقل؟
أحمد ياسين: مركز أيوه.. عن طريق تمويل الجيش المصري اللي محاصر من ديرسنيت إلى من بيت حانون يعني إلى الدود. يعني أذكر من التحف اللي رأيتها إنه كان باخرة مصرية بتنزل وقود وإمدادات وبتاخد ضباط وجنود إلى مصر معها ، فجاءت ثلث بواخر إسرائيلية وحاصرتها في البحر من كل الاتجاهات، طبعاً القائد لما شاف الحصار حواليه أوقف الإنزال، وبدأ يرمي براميل البترول إلى البحر، وبعدين بدأ هجومه على البواخر الثلاثة.
اسبيرانزا
16/04/2008, 20:55
أحمد منصور: هو فقط.
أحمد ياسين: هو لحاله طبعاً، وأخذ يضرب ضربات قاصمة في الثلاثة حتى فرت من أمامه، وفتح خط الانسحاب وخرج من بين.. كان منظر جميل جداً
.
أحمد منصور: أنت رأيت هذا بنفسك.
أحمد ياسين: بعيني، كما رأيت يمكن معركة ثانية، كنت بأجلس يومها على قمة جبل عسقلان، كان معايا عنزة صغيرة بأرعى فيها وقاعد بأتفرج كده، وإذا بباخرة مصرية أمامي، أنا على التل وهي قدامي يعني زي البركة جاءت طائرة إسرائيلية تهاجم الباخرة المصرية، تختفي ورا الجبل ثم تهجم عليه، إلا إنه الحقيقة كان القائد ممتازاً جداً، إنه كان يعمل حركات لطيفة بحيث إن القنابل اللي تلقى تنزل في البحر، ما تجيش على الباخرة، حتى الطائرة...
أحمد منصور: رغم الحركة البطيئة للباخرة!
أحمد ياسين: آه.. يعني يلف لف دائري مش يمشي أمام خلفي كان يلف دائري بحيث القنبلة تسقط في البحر اللي تلقى عليه، فكان عليه فكان بعد يمكن ما الطائرة استنفدت بنزينها أو كادت، فتركته ومشت ومشي فكان حاجة لطيفة، وأنت بتتفرج معركة بحرية جوية إشي طيب خالص، والحمد لله يعني كانت فترة لسه إحنا ما كناش على وعي كافي بالقضية.
أحمد منصور: لكن كنت تميز حينما شاهدت هذه المعارك، كيف كانت مشاعرك وما هي أحاسيسك وأنت تشاهد هذه المعارك؟
أحمد ياسين: طبعاً إنت عارف كلايتنا في تعبئة وحب لإخواننا في الجيش المصري اللي كان بيقاتل في ذلك الوقت، وبيدفع ثمن غالي وشهداء كثيرين في كل معاركه، لكن المشكلة إنه الخيانة ماكانتش عند حدود، لإنه كيف يعني ناس بيستولوا على كوبري خلاص نسلم لهم يعني وبنسحب، والغريب إنه الجيش المصري بدأ يسحب من الدود عمل خط سلك على البحر.. على الأرض وأخذ يسحب عن طريق بيت.. اسمها هريبيا عن طريق هريبيا.. قريباً إلى غزة، يعني انسحب الجيش المصري من الدود إلى غزة، ليس عن الخط الأساسي بل أنشأ خط جديد على ساحل البحر من الأسلاك، وأخد يسحب دباباته وسياراته وجيشه من هذه المنطقة، مع أنه كان في إمكانه بكل بساطة يفتح الخط شو يعني كام واحد وأنا جنب منكم بأفتحه عندي دباباتي وعندي طياراتي، عندي قواتي، خاصة الجيش المصري كان بيملك طيارات، كان بيدك المستعمرات وبيستولي عليها فمش صعب إنه يفتح خط أمامه، لكن شاء الله.
وخرجنا من الجورة طبعاً تحت التهديد بالإسرائيليين والخوف من الإسرائيليين، لأنه إحنا لما دخلت الجيوش العربية طبعاً كان مخططها لها تسحب الأسلحة من الناس.. البلاد عشان ما يكونش هناك قوة أخرى، وهذا أفقدنا القوة الذاتية والاعتماد على أنفسنا لأنه لما يسحب الجيش طبعاً من المنطقة مافيش إمكانات دفاع وإمكانات سلاح نهاجم الخصم
.
أحمد منصور: نعم.
أحمد ياسين: قبله كنا بنعتمد على أنفسنا، وعندنا بنادق وعندنا أسلحة ونواجه اليهود ونهاجمهم في المستعمرات، فلما جاءت الجيوش العربية طبعاً وانتزعت السلاح منا، فصرنا إحنا معرضين لأي ضربات عندما تنسحب هذه الجيوش، وكانت مشكلتنا إنه طبعاً.. الشعب الفلسطيني يُهاجم في القرى في الجنوب، وتصير مذابح في النساء والشيوخ والأطفال، فمذبحة تخوف القرية اللي جنبها والبلد اللي جنبها فينسحبوا الناس من أمام الهجوم الإسرائيلي، حتى تم لإسرائيل إنها تستولي على المنطقة يعني بشكل ما كانش متوقع، ولا كان ممكن يصير لو كنا نملك إحنا الشعب الفلسطيني سلاحنا، ومش مستعدين نسلم ولا نتحرك من أرضنا ووطنا، لكن الحمد لله هذا اللي قدره ربنا، إنه لم نكن نملك إمكانات قوة سلاحية، ولو الأمة العربية اعتمدت.. يعني بدعم الشعب الفلسطيني وتسليح الشعب الفلسطيني كان غير وجه المعركة تماماً، لأنه هو أدري ببلده، وأدري.. فإحنا قبل الجيوش العربية كنا نتقدم على اليهود، وننتصر في معارك، ويُهزموننا في معارك، نأخذ منهم ويأخذون منا، لكن عندما جاءت الجيوش العربية خلاص فقدنا السلاح، فقدنا القوة، وصرنا معتمدين على هذه الجيوش، فإذا انسحبت كنا مهددين بالخطر ولابد أن ننسحب معها.
أحمد منصور: شيخ، اسمح لي ما هو تقييمك كشاهد على الأحداث في ذلك الوقت وعلى ما حدث في حرب العام 1948م، وقد عايشت بعض أجزاء هذه الحرب رغم أنك كنت طفلاً في الثانية عشرة من عمرك، ما هو تقييمك لهذه الحرب ولما حدث بعد هذه الفترة الطويلة على وقوعها وقد شاهدت جزءاً منها؟
أحمد ياسين: والله أنا بأقول إنه أنا حزين لأن الأمة العربية وضعت معادلة غير طبيعية في ذلك الوقت.
إسرائيل كانت تعلن عن نفسها أنهما دولة صغيرة ضعيفة مسكينة ثم يهاجمها جيوش سبع دول عربية، فتحدث ضجة في العالم الغربي، سبع جيوش تهجم على ناس ضعاف صغار فتعطيهم قوة وإمدادات ومساعدات، ثم كانت الدول الكبرى تستخدم دائماً حق النقض الفيتو لأي قرار يخدم مصلحة الفلسطينيين أو الأمة العربية، أما إذا كانت إسرائيل متضايقة من المعركة فإن الفيتو على طول يبدأ ويشتغل وتكون قرارات مجلس الأمن فورية بوقف القتال، إذا كانت المصلحة لإسرائيل تتقدم فمجلس الأمن لا يجتمع ولا يتخذ قرارات وقف، إحنا عندما كنا لو كنا نحن الشعب الذين نقاتل لا نخضع لمجلس الأمن ولا قراراته، لكن الدول لابد أن تخضع لهذه القرارات فكانت توقف القتال، إذا كانت المصلحة للعرب مافيش قرارات وإذا كانت المصلحة لليهود تجد القرار فوري خلال ساعات يكون قرار بوقف القتال.
الواقع إنه إخواننا في الجيش المصري بذلوا الكثير ودفعوا الكثير، ولولا الخيانة اللي كانت تأتي من القصر والأسلحة الفاسدة اللي تعرضوا إلها ولا كان إلهم دور كبير ودور جيد في المعركة، أنا أذكر هنا كمان شيء طيب إنه كان في جانب الجيش المصري مقاتلين متبرعين من الإخوان المسلمين في فلسطين، حتى أذكر أنه الجيش المصري فقد تبة (81) شرقي غزة من هجوم إسرائيلي غدر إسرائيلي، ولم يستطع استعادتها بكل..، إلا إن المجاهدين المقاتلين تقدموا وفتحوها وأعادوها ثانية، تبة تستطيع أن تسيطر على الخط كله، كمان الجيش المصري دخل الأسفلت العام وترك مستعمرات على الخط على الأسفلت كان المفروض إنه هو ما يتركهاش لأنه بتتسكر عليه الطريق في (الماضي)..
يعني مثلاً كفاردروب اللي هي عند دير البلح كانت موجودة واللي استولى عليها الشيخ -محمد فرغلي -الله يرحمه– بالمقاتلين اللي معاه بعد صلاة الجمعة واستولى عليها في وضح النهار يعني المجاهدين المصريين – الله يجزيهم الخير – المتبرعين مع الفلسطينيين انضموا إلهم كانوا يؤدوا دور جيد، حتى لقد قرأت في كتاب "الإخوان المسلمين وحرب فلسطين" لمؤلفه كمال الشريف، كان بيقول: إن قائد الإخوان اتجه إلى اللواء فؤاد صادق في ذلك الوقت، قال له: ليش بتسحب؟ قال له: لأنه الطريق مقطوع علينا، قال له: طب أنا مستعد أفتح الطريق، أعطيني الليلة وأنا أفتح لك الطريق، وقف الانسحاب، قاله له: ماشي. فجمع قواته والمقاتلين معاه واتجه إلى بيت حانون ودير سنيت، وفتح الطريق، فوجد الانسحاب مستمر، قال له: مش اتفقنا توقف الانسحاب، قال له: هذه أوامر، قال له: ما دام أوامر وأنا أعمل إيش بعديك عاد!!
فكانت الأوامر تعني بالانسحاب، لأن بريطانيا تريد المعركة هكذا، وتصور تكون المعركة قائدها (جلوب)، قائد الجيوش العربية (جلوب) ما هو الملك عبد الله كان هو القائد وجلوب وهو قائد الجيش الأردني معناه القيادة تسلمها جلوب أو بريطانيا فماكانتش المعادلة صحيحة في معركتنا مع إسرائيل واليهود، وخسرنا المعركة وهذا من الأمور المؤلمة واللي نحمد الله عليه اللي لا يحمد على مكروه سواه، هذا واقعنا، أنا عايشت الجيش المصري في غزة وأنا طفل، والفقر كان شديد والجوع شديد، كنا نذهب إلى الجيش نأخذ قطع خبز تزيد عن الجنود أو طبيخ يزيد عن الجنود يعني لدرجة الناس محتاجين هذا.. محتاجين جداً، فكانوا فعلاً يعني طيبين ومعاملة طيبة، وما يفيض عن الجيش كانوا يوزعوه على الناس وياخدوه، عشنا هذه المرحلة بمرارتها وشفناها وبعدين فكرت بعد ذلك أن أعود إلى المدرسة، سكنت غزة في البداية..
اسبيرانزا
16/04/2008, 21:00
أحمد منصور[مقاطعاً]: يعني انتقلت من القرية إلى غزة بعد النكبة؟
أحمد ياسين: انتقلنا أول الأمر من القرية إلى منطقة عسقلان من الطائرات، المرحلة الثانية انتقلنا إلى الكروم في المنطقة الجنوبية، ثم ارتحلنا من منطقة كروم العنب جنوب الجورة تماماً أو قريب من.. إيش بنسميها.. ساكنة الجبلية كانت هناك وطلعنا إلى غزة مباشرة، وسكنا في الغابة اللي كانت منطقة الفرفيرة بيسموها "العتة" الآن أو منطقة السودانية، قعدنا فترة ثم انتقلنا سكناً في منطقة أبو مدين عند وادي غزة، الظروف صعبة وقاسية وشو نعمل في إيش نسكن؟ بنينا خص من قش وسكنا فيه، طبعاً رغم الشتاء والبرد وكذا إلا أنه الحمد لله حمانا من.. بفضل الله سبحانه وتعالى.
أحمد منصور: هل كنتم وحدكم أم أن كثير من العائلات كانت ترحل معكم بحيث أن الرحلة كانت جماعية؟
أحمد ياسين: كيف؟
أحمد منصور: كنتم ترحلون مع العائلات رحلة جماعية أم كانت أسرة
؟
أحمد ياسين: كله جماعي.. الجورة كانت رحلتها عن طريق البحر كل الناس بيضعوا أمتعتهم في السفن، بيرحلوا بينقلوها إلى غزة بيرجعوا ينقلوا الباقي وهكذا، ماكناش يعني زي الناس الآخرين نستخدم.. كنا نستخدم البحر في نقل أمتعتنا والارتحال إلى غزة، سكنا في منطقة وادي غزة 49 وبدايات 50، فكرت في ذلك الوقت إني أرجع على المدرسة..
أحمد منصور[مقاطعاً]: في هذه الفترة كان والدك توفي؟
أحمد ياسين: والدي توفي زمان.
أحمد منصور: وكانت والدتك هي التي ترعاك؟
أحمد ياسين: لا.. والدتي كانت معنا طبعاً
.
أحمد منصور: وإخوتك ما حدثتنا عنهم؟
أحمد ياسين: كان إخوتي، كان أخي الكبير هو الذي يرعى الأسرة طبعاً هو الذي كان يتعب، وأخي الثاني بعده كان هو يرعى معاه في العمل اللي بيقوموا فيه في البحر طبعاً، لأنه.. بل كانت الأوضاع سيئة لأنه البحر كان ممنوع الصيد فيه ممنوع الاقتراب منه، على أساس خوف المعركة مع اليهود والأسلحة و.. فكنا ندخل إلى البحر إلى الشاطئ يعني بالسرقة لنلقي بعض قطع الغزل ونصيد كمية بسيطة من السمك على الساحل لنبيعها ونعيش من ورائها.
أحمد منصور: شيخ، كم كان ترتيبك بين إخوتك؟ ما هو ترتيبك بينهم؟
أحمد ياسين: أنا عندي الوالدة.. كان إلي إخوة اتنين غيري من أمي وأبويا يعني إحنا ثلاثة، أنا أصغرهم ولنا أخت واحدة من أمي وأبي، يعني إحنا ثلاث إخوة وأخت، لي أيضاً أخوان من أبي من أم أخرى موجودين طبعاً للآن، ولي أخت أخرى من أبي من زوجة سابقة متوفاة طبعاً، هذا تقريباً عدد أفراد العائلة اللي إحنا فيها.
أحمد منصور: كنتم تعيشون على الصيد في هذه المرحلة؟
أحمد ياسين: أنا بالنسبة إلي لم أعاهد فترة الصيد، أنا في فترة الصغر لم أكن إلا في المدرسة، بس كنت أصيد يعني أحب أصيد، أطلع اصطاد على الطيور والعصافير والهذه.. كانت متعة فعلاً في الجورة، نعيش من الصبح للمسا وإحنا نجري ورا الـ.. نصطاد بالفخ والقرابين اللي بتلزق فيها العصافير بتحطها في العش..
أحمد منصور: طفولة يعني..
أحمد ياسين: آه، فكانت متعة جداً إنك تتحرك ورا الطيور وتصطاد، كانت.. الواحد فينا يمضي نهاره ومش داري عن حاله، لكن الحمد لله إحنا وطلعنا زي ما أنت شايف غزة، وبدأت بدي أرجع للمدرسة تاني، فرحت المدرسة في (انصراط) كان التعليم في انصراط هي أقرب الأمكنة علينا وعلى غزة، فدرست كام شهر، ثم تركت المدرسة وعدنا إلى غزة ثانية، لأن الأوضاع الاقتصادية كانت صعبة، ما فيش مجال للحياة، وفي غزة بدأت أعمل اشتغل في مطعم.. يعني اشتغل في مطعم فوال على الميناء، واشتغلت فترة طيبة في ذلك الوقت حتى سنة.. يعني أواخر 49 و50، ثم عدت إلى المدرسة ثاني مرة، ولقيت كل أبناء الحارة عندي رايحين إلى الصف الرابع وأنا قتلت لحالي بدئ أروح في الخامس، لا بدي أروح معهم في الرابع، فانضميت فرجعت للمدرسة ثاني في الرابع شوف أنا كنت طالع مخلص الرابع في الجورة بعد سنتين تلاتة بأرجع تاني على الرابع فكان تأخيري كبير في العمر.
أحمد منصور: كانوا من نفس عمرك الأولاد أو أنت حبيت تذهب معه
م؟
أحمد ياسين: لأ فيه منهم من عمري وفيه أقل، فيه أقل وفيه من عمري وفيه أكبر مني، ما هي الهجرة خلتنا بالشكل هذا، فأمضيت الرابع والخامس طبعاً في فصل صيف 52، كنت نازل البحر بألعب ومعي بعض الأصدقاء هناك في حركة معينة وأنا بأتشقلب على الأرض، صار عندي التواء في العنق في الرقبة فصار كسر فسقطت على الأرض بدون يعني إمكانية الحركة خالص، يمكن كان هذا كان هذا في 15/7/52، ونقلت إلى المستشفى من هناك إلى البيت ثم إلى المستشفى وطبعاً عملوا إجراءات طبية، جبس على العنق استمر 45 يوم كنت في الأول ما أتحركش خالص، بديت الحركة شويه شويه بديت أقف على رجليه، بديت أمشي، بس طبعاً مشي الضعيف اللي لو أي حاجة زقته أو وقعته حصوة في.. وهو ماشي يقع، والحمد لله بعد 45 يوم خرجت من المستشفي، فكيت الجبس عن عنقى، وبدأت أعود إلى المدرسة في 52 إلى الصف السادس طبعاً، وأنا ضعيف لو آجي أمسك القلم لا أستطيع أمسكه، وأمشى بضعف شديد لكن أي حاجة تلمسني في الطريق أقع، مرت الدراسة الابتدائية والإعدادية ثم انتقلت للمدرسة الثانوية كان هذا في مدرسة أولاً الإمام الشافعي ثم الكرمل
..
أحمد منصور: لكن كنت تمشي في هذه المرحلة وتتحرك؟
أحمد ياسين: آه كنت أمشي.
أحمد منصور: بالشكل الضعيف الذي أشرت إليه؟
أحمد ياسين: كنت أروح إلى المدرسة مشي وأروح مشي، ما كانش مواصلات، كنت أمشي إلى الإمام الشافعي وأرجع بعدين انتقلت لمدرسة الرمال اللي هي اليوم بيسموها الكرمل، وأكملت دراستي الثانوية في مدرسة فلسطين الثانوية وبعدها طبعاً كان أمامي خيار أكمل في الجامعة أو أشتغل، مقبول في القاهرة كنت، لكن مافيش إمكانات مادية اطلع أدرس.. فقر!! يعني فاخترت الوظيفة، ولو أنه الوظيفة كمان أتعبتني شوية لأن أنا كنت.
.
أحمد منصور[مقاطعاً]: بعد الثانوية هذا؟
أحمد ياسين: لا أنا الحمد لله كنت جيد في الثانوية و… كان هناك متخرجين كثيرين في قطاع غزة وما فيش عمل، فيه خرجين تجارة، وخريجين زراعة، وخريجين معهد معلمين، وخريجين توجيهي، فالسلطة بدها توظف مين، وتسيب مين والناس ثايرين بدهم ياكلوا، فعملوا مسابقة لـ1500 طالب كنت أنا منهم، فالحمد لله أنا كنت من الأوائل اللي ناجحين، ولازم أتعين فوراً لأن أول دفعة بدي أكون أنا متعين، فالمستشار الحاكم اللي هو محمود الشابي قال لي: لا، مش هعينك، ليش؟ لأنك ما تنفعش تكون مدرس، طب حطني كاتب مثلاً قال: لا، دي مسابقة مدرسين بدك تشتغل كاتب روح أتقدم لمسابقة كتبة.. يعني ما استفدناش من العمل، قال لي. قلت له: على كيفك.
أحمد منصور: لكن كيف كان الوضع السياسي وكيف كان الوضع الاجتماعي والحياتي في غزة في ذلك الوقت؟
أحمد ياسين: الوضع شعب مشرد يعني زي سجن كبير بيعيشوا فيه الناس تحت المساعدات اللي بتيجي من مصر، والوظائف اللي بتحدثها الإدارة المصرية في ذلك الوقت ما فيش غير هيك، البلد يعني محاصر مافيش إله يعني إمكانات مادية، فعلاً غبت وفكرت أطلع خلاص مادام مافيش وظيفة بدي أطلع أتعالج إلى مصر، إذا نفس الشابي بعت لي مندوب وبيقول لي: بكرة عايزك، فلما بعت لي قلت خلاص أنا بدي أشتغل، فرحت فعلاً على المدرسة استقبلني استقبال وجلسني جانبه قال: يا ابني خلاص مبروك أنت اتعيِّنت، فقلت له: شكراً..
.
أحمد منصور[مقاطعاً]: سنة كام، سنة كام تذكر؟
أحمد ياسين: دا كان في الـ 58.. صيف 58، قلت له شكراً، قال: لا، إذا بدك تشكر ما تشكرنيش أنا لأني أنا ماكنتش بدي أعينك، بدك تشكر أشكر الحاكم لأني لما حملت له الملف بتاعك قلت: يا بيه دا راجل مريض وما ينفعش مدرس، قال: وإزاي درس وإزاي نجح وإزاي كذا، لأ، يعين ونرجو له الشفاء وأمر بتعيينك.
أحمد منصور: ما شاء الله.
أحمد ياسين: فأنا يعني القصة استلطفتها جداً يعني، كيف أن الحاكم بهذه الجرأة لأنه كان يصدر أمر ممنوع أن يتركوا أي واحد من الناجحين مش يقفزوا على كيفهم ويبدوا ناس عن ناس، فهو بده ياخد قرار من الحاكم علشان يقفز عني، والحمد لله يعني بدأت خلصت.. بدأت عملي في 4/ 10/ سنة 58 مع أني كنت مخلص لسه في شهر 6.
أحمد منصور: يعني أنت بدأت عملك كمدرس في 4 أكتوبر عام 1958م في قطاع غزة، بعدها ذهبت إلى القاهرة أكثر من مرة، لكننا في الحلقة القادمة -إن شاء الله- سوف نبدأ من المرة الثالثة ذهابك إلى القاهرة في المرة الثالثة باعتبارها أهم المرات التي ذهبت فيها، والتي ربما حدثت فيها بعض الأمور الهامة التي تدخل ضمن شهادتك على الأحداث، أشكرك فضيلة الشيخ أحمد ياسين (مؤسس وزعيم حركة المقاومة الإسلامية حماس).
كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة الشيخ أحمد ياسين (مؤسس وزعيم حركة المقاومة الإسلامية حماس) في الختام أنقل لكم تحية فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -/////////////// (ada99:1.htm#_top)
اسبيرانزا
29/04/2008, 17:26
حوار مع بهاء طاهر ... بعد حصوله على جائزة بوكر فى الادب :D
اسبيرانزا
29/04/2008, 17:29
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
بهاء طاهر يتحدث الى “النهار” بعد نيله جائزة البوكر العربية عن “واحة الغروب
أبريل 14, 2008
[يا أبناءنا وأحباءنا لا تسخروا اليوم مما جال بالأمس في بالنا [/
']على رغم الطريقة التشويقية التي جرت بها مراسم إعلان اسم الفائز بالجائزة العالمية للرواية، أو “بوكر العربية”، وحتى لحظة إعلان اسم بهاء طاهر بصفته الفائز عن روايته “واحة الغروب”، فإن الأمر لم يكن مفاجئا بالنسبة الى كثيرين، ليس لحسابات مفترضة، وإنما لأن الرواية الفائزة استحقت الجائزة عن جدارة، [/font]
]شأن غالبية الأعمال الخمسة الأخرى التي وصلت الى القائمة النهائية للجائزة. وربما أن حيثيات اللجنة هي أبلغ تعبير عن المقومات التي رأى بمقتضاها أعضاؤها منح الجائزة الى “واحة الغروب” إذ جاء فيها: “عالج بهاء طاهر في “واحة الغروب” قضية الحقيقة الانسانية التي ستظل ناقصة على الدوام، مستعملا أدوات فنية خصيبة، منتهيا الى قول روائي، يدافع عن الحوار والاعتراف المتبادل، ويرفض التعصب والافكار المغلقة. وهذا التصور الانساني الرحيب، هو الذي أملى عليه المزج بين الحاضر القريب والماضي البعيد، ودفعه الى حوار متسامح بين الشرق والغرب ينكر الكراهية والاحكام الجاهزة. صاغ بهاء طاهر عالما انسانيا فسيحا، محولا المكان الضيق الى أمكنة واسعة، ومستولدا من الزمن المحدد أزمنة متوالدة غير مجدودة، ترتد الى الماضي وتقرأ الحاضر وتتوجه الى مستقبل بشري محتمل، يقول بالسلام وينهى عن الحرب. وصل الروائي الى اسئلته الانسانية وهو يتأمل واقعا عربيا يحتفل بالماضي أكثر مما يحتفي بالمستقبل ويقرر الاجابات قبل أن يصوغ الاسئلة. بنى بهاء طاهر عمله معتمدا عناصر فنية متكاملة، ومبرهنا على اقتصاد لغوي مدهش ومتكئا أيضا على وعي ثقافي رهيف. من ثم جاءت “واحة الغروب” رواية متميزة في شكلها ودلالتها تعزز الكتابة الروائية العربية المتنامية باستمرار عبر التجريب واقتحام الموضوعات الشائكة”. هنا حوار مع بهاء طاهر في مناسبة حفلة التكريم التي أقامتها له “دار الشروق” في القاهرة أمس. ولأن الجائزة هي المبرر لإجراء هذا الحوار، فقد فضلت أن أبدأ بها، وأن أركز على الرواية، كونها جوهر الموضوع، ومحاولة لسد ثغرة في فجوة النقد التي تشوب الوسط الأدبي العربي الراهن[/font]:
[ما هو شعورك بعد الحصول على الجائزة؟ ماذا تعني الجوائز عموما بالنسبة إليك؟]
[- كان شعوري بعد الحصول على الجائزة ولا يزال هو الامتنان، لا لمن منحوا الجائزة فحسب، بل أيضا لزملائي من الكتاب الذين غمروني بفيض من مشاعر ودية تركت في نفسي أعمق الأثر، وفي الأخص كذلك لجمهور القراء الذين أعرف بعضهم ولا أعرف معظمهم ممن بادروا إلى تهنئتي بالبرق والهاتف وفي الطريق العام. وتلك في رأيي هي الجائزة الكبرى لأي كاتب وهذا رد على سؤالك عما تعنيه الجوائز عموما بالنسبة اليّ.[/font]
[في “واحة الغروب” تجربة رفيعة للرواية التاريخية. ما الذي حرّك الفكرة لديك؟ هل للهم السياسي دور في البحث عن متشابهات في التاريخ للراهن العربي والمصري على نحو خاص؟[/font]
[مثلما ذكرت في الكلمة التي ذيّلت بها الرواية فقد كانت نقطة البداية لكتابتها هي الدهشة التي أصابتني عندما قرأت في كتاب الدكتور أحمد فخري عن واحة سيوة حادثة نسف مأمور الواحة - محمود عزمي- لمعبد أم عبيدة هناك. حاولت فهم دوافع المأمور للإقدام على فعلته فلم تسعفني كتب التاريخ بشيء وكان عليَّ أن أعيد اختراع الشخصية وأن أعيد تركيب أو تكوين المكان أي الواحة في نهاية القرن التاسع عشر كيما أواصل البحث ومحاولة الفهم. هل يكفي هذا لوصف الرواية بأنها تاريخية؟ لا أدري ولا تشغلني مشكلة التصنيف. لعملية الكتابة بقدر علمي منطقها الخاص ومسارها المستقل وقد تنفتح تلقائياعلى تشابه بين التاريخ والواقع مثلما لاحظت أنت بحق في هذه الرواية وهو أمر يسعد كاتبا مثلي لا يخطط لرواياته مسبقا ولكنه مشغول باستمرار بقضايا الواقع الذي يعيشه…[/font]
[في أثناء القراءة، وعلى رغم النبرة الخاصة جدا لكل شخصية، وصولا الى الإسكندر، إلا أنني أحيانا كنت ألاحظ أن الشخصية تتخذ رمزا تتحرك وفقا له، مثل كاترين التي تبدو رمزا للآخر الغربي، أو المعالج الشعبي الذي يبدو مجسدا للثقافة الشعبية التي تمتلك من القوة ما لا يمتلكه الغرب (حيث اقترحت كاترين بتر ساق إبراهيم بينما نجا بالطب الشعبي)، وغيرها. هل هذه الرمزية كانت مقصودة بهذا الشكل بالفعل؟[/font]
[
لم أتعمد أي رمزية، في هذه الرواية ولا في غيرها، ورأيي أن جعل الشخصيات الروائية رموزا لأشياء أو لمعان تتجاوز حدود معالمها الشخصية هي سمة للكتابة الرديئة. أما الأمثلة التي اقتبستها من الرواية فهي، فى رأيي، تعبير عن سلوك أفراد في سياق مواقف روائية معينة وليست رموزا لسلوك او لمواقف حضارات أو مجتمعات. ولا ينفي هذا، بالطبع، حق كل ناقد أو قارئ في فهم الرواية
[/font]
[طريقته الخاصة في إقامة علاقات بين الشخصيات والحوادث والواقع الذي يعيشه.[/font]
[بينما تتعدد أصوات الرواة في هذه الرواية، هناك ملاحظة تتعلق باختفاء أحد أهم أصواتها وهو الصوت الخاص بمليكة، أو “الغولة” كما شاع عنها ووفقا لمعتقدات البدو القديمة عن الأرملة. لماذا أخفيت صوتها. هل هو تضامن المنطق السردي مع المضمون الذي يؤكد قمع صوت مليكة على كل المستويات؟[/font]
[ربما، لكني لم أفكر في الأمر على هذا النحو. مليكة هي الشخصية المحورية التي تناولتها أصوات الشخصيات الأخرى جميعا: خصوصاً محمود، وزوجته كاترين، وخالها الشيخ يحيى. وفي ما قاله كل منهم عنها رسمت لها صورة شبه واضحة. ومن تراكم ما قالوه يتضح أن ظهورها لدى كاترين لم يكن تعبيرا عن شبق، أو رغبة في علاقة محرمة كما توهمت كاترين، وإنما بالعكس، لم تكن ترغب بسوى البحث عن طوق نجاة خارج حدود العزلة القاتلة التي فرضها عليها المجتمع. أما أوهام كاترين فهي إنتاج ثقافة العصر الفيكتوري الذي تنتمي إليه، وفقا لزمن الرواية، ففي ذلك الوقت كان المجتمع البريطاني يرى في المثلية الجنسية عارا كبيرا، وكانت قضية بالغة الحساسية، وقد بوغتت عندما لمستها مليكة، إذ انتبهت إلى ما أثاره ذلك من أحاسيس تعتبر بالنسبة إليها محرمة. وقد فضلت أن يكون اكتشاف حقيقة مليكة عبر تداعيات أفكار الآخرين عنها، وليس من طريق خطاب أو صوت خاص بها هي على نحو مباشر.[/font]
[في أعمالك السابقة عادةً ما كنت تركز على موضوع واحد فقط، لكن هنا إحساس بأنك ترغب في أن تتناول أكثر من موضوع: الشرق والغرب، الاستعمار مقارنةً بالحكومات المحلية، العروبة، الدين في المخيلة الشعبية، ومقارنة الماضي بالحاضر. هل يعود ذلك الى أسباب تتعلق بإيمانك برسالة الأدب؟[/font]
[كما سبق أن قلت فأنا لا أكتب بناء على خطة مسبقة أو سيناريو جاهز بل أعتبر الكتابة ذاتها عملية بحث؛ يكتشف الكاتب من خلالها موضوعه، بل وربما نفسه. وقد لا تكون هذه أفضل طريقة للكتابة، فهي بالتأكيد لا تجعل منك كاتبا غزير الإنتاج، ولكنها الطريقة الوحيدة التي أعرفها كما أن لعملية الكتابة - البحث هذه ميزة على الأقل، ألمحت إليها من قبل؛ وهي أنها تستنبط من الكاتب على الرغم منه تقريبا أعمق مشاغله وهمومه، وهي بالتأكيد تلك الموضوعات التي أشرت اليها في سؤالك.[/font]
[لغة الرواية جميلة جدا، ونبرة الشخصيات مقنعة، كيف تعاملت مع اللغة، كيف قررت لغة الإسكندر، ونبرات الرواة الآخرين، هل احتاج ذلك إلى جهد خاص؟ هل تستمع الى جرس الكلمات مسموعة بسبب خبرتك الإذاعية؟[/font]
[شكرا لرأيك في اللغة. وأنا كثيرا ما أقول إن صراع الكاتب الأساسي هو صراع مع اللغة لتكون قادرة على التعبير عما يريده الكاتب بالضبط من دون زيادة او نقص؛ أي من دون ركاكة تصدّك، ومن دون بلاغة مجنحة تصرفك للانشغال باللغة في ذاتها. أحلم منذ بدايتي مع الكتابة بلغة مقتصدة وشفافة، إن جاز التعبير، تستمد جمالها من انسيابها الموسيقي، لا من زركشة الألفاظ والصياغات. أحلم وآمل أن أكون قد حققت جزءا من الحلم بعد كل هذا العمر من صراع العشق مع اللغة. تسألني إن كان هذا الصراع يحتاج الى جهد خاص. نعم يا صديقي الى جهد شاق جدا سبق عملي مع الإذاعة، واستمر بعدما تركتها وحتى هذه اللحظة. واسمح لي قبل ان اترك هذا السؤال عن اللغة أن اشير ولو إشارة موجزة الى أن حلم ابتداع لغة جديدة كان في صلب مشروعنا ككتاب شبان منذ الستينات؛ كجزء من مشروع أعم وأبعد طموحا لإحداث ثورة في الثقافة العربية تنأى بها عن النهنهة العاطفية والضعف نحو الموضوعية والصلابة والقوة . فيا أبناءنا وأحباءنا؛ يا من ترون الآن حالنا، لا تسخروا اليوم مما جال في الأمس في بالنا .[/font]
[عُرفت أعمالك الأولى مثل “قالت ضحى” و”بالأمس حلمت بك”، بالنزوع الى الأسطورية، والميتافيزيقية ربما. وهذا ما انحسر تدريجيا بعد “خالتي صفية” وصولا الى هذا العمل. كيف تفسر ذلك فنيا؟[/font]
[أختلف معك في الحكم الذي يتضمنه هذا السؤال. فعلى رغم أني لا أصنف كتاباتي، كما قلت من قبل، ففي وسع أي متابع لها أن يلاحظ انها تدور في فلك اهتمامات محددة ومتواترة. فقد تجد ما سميته أنت بالنزوع الى الأسطورية والميتافيزيقية، وما أعتبره أنا الاستجابة الروائية لأسئلة الوجود التي لا مفر منها. قد تجد ذلك منذ عمل مبكر جدا مثل قصة “اللكمة” في مجموعة “الخطوبة” وحتى رواية أخيرة مثل “نقطة النور”، بل حتى في التساؤلات القلقة التي تعذب محمود عبد الظاهر في رواية “واحة الغروب“.[/font]
[كيف ترى الكتابة الجديدة في علاقتها بنصوص الأجيال السابقة عليها، وخصوصاً جيل الستينات الذي تنتمي إليه؟ وهل هناك قطيعة بين الجيل الجديد وجيلكم؟[/font]
[كتبت فصلا كاملا “في مديح الرواية” خصصته للحديث عن ظاهرة تواصل الأجيال في الأدب المصري والعربي الحديث، ومن العنوان وحده ترى اني مقتنع بأن عناصر التواصل اوضح بكثير من عناصر القطيعة. ومع ذلك فالأمر اختيار؛ بمعنى انك تجد في كل جيل، ولم نكن نحن استثناء، من يقول نحن جيل بلا أساتذة ويبدو أن ذلك التمرد من طبيعة الأشياء بل هو إيجابي أيضا، ولو أن الأمر ينتهي في معظم الأحوال بتآلف ما يستحق البقاء من الإبداع الجديد مع نظيره من الإبداع القديم. تلك هي مسيرة التجديد الحتمية والتي لا تنقطع في الأدب الحي.[/font]
[كيف ترصد المناخ النقدي المعاصر؟ ولماذا في رأيك لم يظهر جيل جديد من النقاد العرب يواكبون كتابات جيلهم بالنقد والمراجعة، كما كان شأن الأجيال السابقة؟[/font]
[هذا سؤال موجع. فأزمة النقد تنعكس سلبا على الوضع الثقافي بأكمله. المفروض أن النقد جسر بين المبدع والجمهور لكن هذا الجسر مسدود تقريبا منذ عقد او يزيد. وهناك أسباب ليس من بينها ندرة النقاد بل تأتي في مقدمها ندرة المنابر المؤثرة لنشر الكتابات النقدية ولا سيما في الصحف التي كانت تخصص من قبل ملاحق للثقافة وللنقد يكتب فيها أعلام الأدب والثفافة، ثم اقتصر الأمر الآن على مجرد أعمدة وأركان تنزوي وتتيه وسط صفحات الرياضة والترفيه. فكيف تتوقع في هذه الظروف ظهور جيل جديد من النقاد ينفذ وسط هذه الأسوار المصمتة ليفرض صوته أو حتى ليعلن عن وجوده؟ أما النقاد الراسخون فقد آثر معظمهم لسبب لا أدريه التحول إلى الدراسات النظرية والتاريخية. كان الله في عوننا وعونهم![/font]
]
- ولد في الجيزة قرب القاهرة في بدايات عام 1935، لأبوين من أصول الأقصر في صعيد مصر. درس في الجيزة وأتمّ دراسته الجامعية في جامعة القاهرة وتخرج فيها عام 1956 (ليسانس تاريخ)، ثم أكمل دراساته العليا في مجال التاريخ الحديث (1965)، وفي مجال وسائل الإعلام (1973).
[تعلّم بهاء طاهر على نفسه الإنكليزية حتى أتقنها، فغدا مترجماً معروفاً منذ زمن مبكّر من حياته، ثم سهّلت له هذه المعرفة أن يطوف في العالم ويستقر في جنيف موظفاً في مكتب الأمم المتحدّة مدة أربعة عشر عاماً.[/font]
[انخرط في العمل الإذاعي منذ عام 1957، وساهم في تأسيس ما يعرف بالبرنامج الثاني في الإذاعة المصرية (البرنامج الثقافي) وعمل معداً ومذيعاً ومخرجاً وتولى منذ عام 1968 موقع نائب مدير البرنامج الثاني، وساهم أثناء عمله في تقديم الأعمال الروائية والقصصية في شكل الدراما الإذاعية، وأتقن فنون كتابة السيناريو، وعلّم ضمن التجربة نفسها مادة الدراما في قسم السيناريو بمعهد السينما.[/font]
- لبهاء طاهر أربع مجموعات قصصية، وخمس روايات، وبعض الكتب في النقد والدراسات. أما أعماله القصصية فهي بحسب طبعاتها الأولى:
[الخطوبة وقصص أخرى، 1972: وفيها ثماني قصص قصيرة: الخطوبة، الأب، الصوت والصمت، الكلمة، نهاية الحفل، بجوار أسماك ملونة، المظاهرة، المطر فجأة، كومبارس من زماننا.[/font]
[بالأمس حلمت بك، 1984: وفيها خمس قصص: بالأمس حلمت بك، سندس، النافذة، فنجان قهوة، نصيحة من شاب عاقل.[/font]
[ذهبت إلى شلال، 1998: وفيها سبع قصص: أسطورة حب، فرحة، الملاك الذي جاء، من حكايات عرمان الكبير، شتاء الخوف، ولكن، أطلال البحر.
في الرواية:
[شرق النخيل، 1985.[/font]
2- قالت ضحى، 1985.
3- خالتي صفية والدير، 1991.
4- الحب في المنفى، 1995.
5- نقطة النور، 2001.
ومن ترجماته الأدبية، ترجمته لعمل يوجين أونيل المعنون “فاصل غريب” الذي ظهر عام 1970 وترجمته رواية “ساحر الصحراء” لباولو كويلو (1996). ومن دراساته: “في مديح الرواية”، “أبناء رفاعة: الثقافة والحرية”، “10 مسرحيات مصرية: عرض ونقد”، البرامج الثقافية في الإذاعة.
ترجمت بعض قصصه إلى لغات عالمية، بالإضافة إلى روايتي “خالتي صفية والدير”، و”الحب في المنفى”، إذ تمت ترجمتهما إلى لغات أجنبية عدة.
حاوره إبراهيم فرغلي
اسبيرانزا
29/04/2008, 17:35
حوار مع احلام مستغانمى:D
اسبيرانزا
29/04/2008, 17:38
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
حوار مع الروائية أحلام مستغانمي
الفرانكوفونيون يقولون اللغة العربية تحمل جينات الإرهاب ..
حاورتها : عقيلة رابحي
لأنها أحلام مستغانمي كان الحديث شيقا عن ثنائية الإبداع و الوطن و رغم أن كل ما هو خارج عن الإبداع ثرثرة إلا أن حديثها كان عبارة عن مقاطع من ذاكرة الجسد, هذه الرواية التي ألهبت شعورنا و أحيت فينا جوعنا الجزائري للحب و عشقنا الكبير لهذا البلد فعشنا سنين معلقين بين الوهم و الانتظار.
في هذا الحوار الذي أجريناه معها لدى زيارتها الأخيرة للجزائر تتحدث لنا أحلام مستغانمي عن جديدها الإبداعي و رأيها في راهن الرواية الجزائرية مستحضرة بعض المواقف التي واجهتها خلال مسارها الأدبي و من ذلك الحملة الإعلامية الشرسة التي تعرضت لها من طرف بعض الكتاب و النقاد العرب,ولم تخف صاحبة فوضى الحواس غضبها واستياءها من الوضعية التي آل إليها المثقف الجزائري و أكدت بأنها ستعمل فضيحة في القنوات العربية في حالة ما إذا لم تساعد وزارة الثقافة الكاتب شريبط أحمد شريبط الذي يعاني في صمت
*ماذا بعد رواية عابر سرير , هل تخلصت من شبح الغربة ؟
** أعتقد أنني شفيت من شبح الغربة أولا ثم أنني أصبحت أتردد أكثر على الجزائر , فزمن كتابتي لتلك النصوص كان زمن تاريخي صعب و في فترة التسعينات أقمت في فرنسا و هو الأمر الذي زاد في غربتي و أنا الآن متواجدة بلبنان و قد خففت الأجواء العربية في هذا البلد من غربتي و أعتقد أن كمية الروايات التي أصدرتها كانت بمثابة الجرعة الضرورية للشفاء و بما أن الكتابة تتوالد فإنه بإمكاني أن أكتب رواية أخرى ولكن ليس في هذا الموضوع.
آخر رواية كتبتها تحمل عنوان الأسود يليق بك تتناول محنة الثراء و الأذى الذي يلحقه المال بصاحبه.
*رواية ذاكرة الجسد التي حققت نجاحا خرافيا ستتحول إلى عمل سينمائي, إلى أين وصلت **التحضيرات الخاصة بهذا العمل؟
** هناك من يريد نص ذاكرة الجسد فلما و الآخر يريده مسلسلا و قناة أبو ضبي هي المؤسسة التي أتعامل معها , و هي تتعامل معي بشهامة وقد أشار لي القائمون عليها باختيار المخرج و الأبطال و مازال العمل مطاردا لأن هناك جهات تريد أن تنتجه , كما أن العقد الذي أبرمته مع دار ميشال يتضمن إلى جانب أعمالي الأدبية أعمالي السينمائية.
* أخبرني أحد الأصدقاء من الذين لهم علاقة بدور النشر بأنه هو الذي اقترح عليك عنوان ذاكرة الجسد ؟
** هذا ليس صحيحا لأن العنوان كان من اقتراح جارتي الفرنسية التي تقطن بمدينة كان حيث قلت لها في يوم من الأيام بأنني أريد أن أتعلم السباحة , كنت أعشق البحر قلت لها سأتعلم السباحة في العام القادم فأجابتني قائلة باللغة الفرنسية: "الجسد له ذاكرة " و هي الرواية التي أهملت ورفضوا نشرها في الجزائر انتظرت و قدمتها فيما بعد لسهيل إدريس
*حدثينا عن النشاطات التي قمت بها خلال الجولة التي قادتك إلى الجامعات الأمريكية و كيف وجدت قرائك؟
** هذه الجولة أخذت من وقتي الكثير و اكتشفت خلالها أن كتبي تحضى برواج كبير لدى الجالية العربية و قد أخذت معي كمية كبيرة من الكتب إلى أمريكا لتوقيعها فوجدت بأن الكتب نادرة هناك وتباع بأثمان باهضة وعندما ألقيت محاضرة في جامعة بوستن فوجئت بجالية جزائرية كبيرة في هذه المدينة وكم كنت سعيدة عندما أخبروني أن أكبر سلطة علمية في بوسطن هي شخصية جزائرية، كما ألقيت محاضرة في جامعة تيال و هي الجامعة التي تنافس هارفارد و التقيت بالجالية الفلسطينية، كما ألقيت في شهر أفريل محاضرة في جامعة بركلي برفقة المؤرخ محمد حربي حول موضوع الحرب الجزائرية و الإرهاب
*كيف تقيمين المستوى الذي وصلت إليه الرواية في الجزائر؟
** مستوى رائع, أنا معجبة بكتابات واسيني الأعرج خاصة أعماله الأخيرة وبالروائي ياسمينة خضرا ,أعتقد أن الساحة الأدبية تسع جميع المبدعين وما يؤلمني هو أن لا يغفر لأي كاتب حقق نجاحا رغم أن هذا النجاح يكون على مستوى جزائري
* و كيف هي العلاقة بينك وبين الأديبة فضيلة الفاروق ؟
** لا أريد أن أدخل في هذا الجدل مع فضيلة الفاروق , لا يمكنني أن أدافع عن نفسي.
وأذكر أن القائمين على إحدى القنوات اللبنانية عرضت عليا مبلغا كبيرا مقابل دفاعي عن الشاعر نزار قباني حينها رفضت هذا العرض و قلت بأن أعمال نزار قباني هي التي تدافع عنه.
* كانت علامات السعادة والرضا بادية على ملامح وجهك خلال حفل توزيع جائزة مالك حداد فهل ترين بأنك حققت التزامك تجاه هذا الأديب الكبير الذي شكل هاجسا مركزيا لأعمالك الإبداعية, وكيف تردين على الذين يتهمونك بسرقة أعماله؟
** نحن نكرم من خلال مالك حداد الآخرين , فكم كان مهمشا هذا المبدع , قلت بأنني سأهبه غزالة وحققت هذا الالتزام بعد 10سنوات , لقد شنت علي حملة شرسة انطلاقا من فضيلة و آخرين فأنا أحببت مالك حداد وكلانا انطلق من الشعر لينتهي إلى الرواية، وبالنسبة لي فإنني أبارك كل من يشرف صورة الجزائر , و الجزائر لم تبدو جميلة مع فضيلة وهي امرأة تحب الجزائر لكنها انبهرت بالأضواء
*بالرغم من حبك الكبير لهذا الوطن إلا أنك ظلمت فيه أكثر من مرة من خلال الإقصاء و التهميش الذي تعرضت له في بداية مسارك الإبداعي ما حدث لوالدك و أحداث أخرى ربما لم نسمع بها...ماهو تعليقك؟
** والدي كان من الرجال الذين كانو مسؤولين عن توزيع الأملاك الشاغرة بعد خروج الاستعمار من بلادنا , كان كبيرا وشريفا و لم يملك شيئا و إنما ترفع عن أشياء سرقوها و أمي تعرضت إلى التفتيش لأنها والدة جمركي و أهانوني مرة عندما منعوني من دخول الفندق لأنهم سمعوني أتكلم باللهجة الجزائرية و سمحوا لأصدقائي الذين يتكلمون باللهجة اللبنانية بالدخول فقلت لهم :
في لبنان كرمت لأنني جزائرية
*وكيف تعاملت مع الهجمات الشرسة عليك؟
حوربت في فرنسا من طرف الكتاب الفرانكفونيين لأنني استحوذت على الساحة الأدبية خاصة بعد أن ترجمت رواية ذاكرة الجسد , وكانوا يتهمون اللغة العربية بأنها لغة تحمل جينات إجرامية.
اعتبر أن الصمت جزء من الإبداع واعتبر كل ماهو خارج عن الكتابة ثرثرة و أنا ملك لهذا الوطن و أعتقد أن الشباب سيدافع عني إذا أحس بقربه مني فالجزائري يدافع عنك إذا أحس بأنك صورته , فإذا هوجمت آسيا جبار لن يدافع عنها الجزائريون لأن أدبها بعيد عن الصورة الواقعية للجزائر الحالية.
*لاشك وأنك سمعت بمحنة الكاتب شريبط الذي يصارع المرض وحيدا دون أن يلتفت إليه أحد , فما هو رد فعلك الجزائري على تجاهل معاناة ومأساة الكاتب الجزائري؟
**ماذا تنتظر وزارة الثقافة فشريبط مريض ولديه كرامة ولا يملك من يساعده على العلاج فهل ينتظرون حتى يبيع إحدى أعضاءه , أنا أعبر عن تضامني الكبير مع هذا المبدع وإذا لم يساعدوه سأعمل لهم فضيحة في القنوات العربية فأين هي ميزانية الجزائر وميزانية وزارة.
* عن جريدة الوسط
اسبيرانزا
29/04/2008, 17:39
حوار مع الشاعرة اباء اسماعيل :D
اسبيرانزا
29/04/2008, 17:41
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
إباء اسماعيل في حوار مع ديوان العرب:أ
ولوياتنا إنعاش الحركة الأدبية والثقافية العربية في المهجر١٠أيار (مايو) ٢٠٠٧ أجرى الحوار عادل سالم
أخت إباء ما هو شعورك بعد فوزك برئاسة رابطة القلم العربية الأمريكية في متشيغان؟؟
أن أتجرّد من جلد طفولتي الشاعرة قليلاً ، وأرتدي ربطة عنق حاسمةوحازمة ، أن أقود السفينة بجرأة القبطان وقدرة تحكمه على تسييس الماءلصالح الركاب. أن مسؤوليتي دفع السفينة إلى مدى أبعد مما هو كائن .. لمْتسكنني طيور الفرح في تلك اللحظات ، كانت شعلة إرادتي وإيقاع هواجسيتدفعني لأن أضع بصمتي الجديدة، وحلمي الحميم أن لاتُمحى على مرّ الأنامل والرؤى واللحظات اللامتناهية.
كيف يمكن أن نصف الكتاب العرب في المهجر؟
مجتمع أدبي ثقافي إبداعي متكامل وغني يحمل ذات مواصفات المجتمعاتالأدبية والابداعية والثقافية في العالم العربي . ولكنه مصغَّر ومتعددالجنسيات وأكثر جرأةً وانفتاحاً على الثقافات الغربية التي يقيم فيها ،ولكن ليس بالضرورة أكثر إبداعاً أو تميّزاً! تماماً كما في العالم العربي،التيارات الأدبية والشعرية تأخذ منحاها ، والصراعات الحداثية والتقليديةيمكن أيضاً رصدها بدقة.
هل هم جزء من أمتهم التي هاجروا منها أم أصبحوا جزءا من وطن جديد يحلمون به؟؟
الإثنان معاً . سأنطلق من تجربتي كشاعرة مغتربة في الولايات المتحدة الآنلأكثر من عشرين عاماً. وهذا ينطبق تقريباً على الجميع، بما فيهم الجيلالثاني من الأدباء الأمريكان من جذور عربية الذي يمكنك أن تقرأ شراراتقلمهم وهي تنبض بوطنين: الأول ذلك الذي سمع عنه من والديه ، وذلك الذي نشأفيه . إن أي انسان سواءً كان أديباً أو لم يكن، يحمل في وجوده الانسانيطاقتين: الإولى ماضيه وتاريخه البعيد وانتماءاته القديمه بحجم وطن ،والثانيه عالمه الحديث جداً الذي يستوعِب حاضره ومستقبله ، وكل ما تحملهروحه من أعباء وآمال. تنصهر تلك التجربة الانسانية في ذات المبدعين لتشكلحالة متميزة في أدبهم وفكرهم وإبداعهم ، ابتداءً من تعاطيهم مع لغتين ،إلى وطنين ، إلى شعبين ، إلى تناقضات مثيرة للجدل قد تودي بالبعض للعيش فيحالة شيزوفرينيا انسانية وابداعية في آن ، ولكنها حالة صحية وطبيعية علىماأرى ، لأنها تشكل حالة انسجام في النهاية مع ذاته كمبدع.
ما هو دوركم في الوسط الذي تعيشون فيه (الولايات المتحدة) هل استطعتم الوصول للقارئ الأمريكي؟
لدينا أولويات ، وأولوياتنا إنعاش الحركة الأدبية والثقافية العربيةفي المهجر الأمريكي باللغتين العربية والانكليزية من خلال إقامة الأمسياتالأدبية و الندوات الثقافية الشهرية ونشر كتاب نصف سنوي ( صفحات مهجرية) يعكس تجربة الأدباء العرب الأمريكان في اللغتين العربية والانكليزية ،وكذلك لانستثني عطاءات الأدباء العرب في الداخل. ولكننا في ذات الوقت ،نأخذ بعين الاعتبار المتلقي باللغة الانكليزية سواءً كان أمريكياً أوناطقاً باللغة الانكليزية ، سواءً في إقامة الأمسيات الأدبية والندوات أوالمنشورات، جميعها تستوعب المتلقي العربي في الداخل والخارج ، والمتلقيالأمريكي ، لأن الكثير من المشاركين في الأمسيات تكون قرءاتهم باللغةالانكليزية.
ماذا تضم جمعيتكم؟ كتابا عربا أم أمريكيين أم خليطا من كليهما؟
كرابطة عربية أمريكية ، فإن جميع أعضائها هم من العرب الأمريكان. يشترطالنظام الداخلي- البند الأول من المادة السابعة في الفصل السابع يقول ضمنشروط الانتماء إلى الرابطة ، أن تتوفر في المتقدم للعضوية شروط الاقامة فيأمريكا الشمالية وهذه أيضاً تشمل كندا، أي أن تكون إقامتهم شرعية فيالولايات المتحدة . طبعاً هناك لائحة أعضاء شرف لاتنطبق عليهم هذهالمواصفات ، تتضمن أعضاءً يشترط فيهم التميز الابداعي في أية لغة ومن أيةدولة في العالم.
ما الذي استطاع كتاب المهجر أن يضيفوه إلى الحركة الثقافية العربية؟
هذا السؤال الموسوعي يصلح لأن يكون عنوان كتاب!! ولكن كمحاولة منيللإختصار أقول: كل كاتب أو مبدع مهجري بالتأكيد أضاف ليس فقط للحركةالثقافية العربية بل الأمريكية أيضاً . الحالات متفرِّدة ولا يمكن في هذاالسياق تعميمها على الجميع. من المفروض دراسة نتاج كل كاتب على حدى كي نصلإلى النتيجة المرجوة.. أرى بأنّ الحركة الثقافية العربية في الولاياتالمتحدة ليست أكثر تطوراً مما هي عليه في العالم العربي .وما أضافته إلىالحركة الثقافية العربية هو إنتاج إبداع مُغاير من تقصيه مناحٍ كثيرةكالترجمة من وإلى العربية والتطور المقصود به هنا الإبداع و الحداثة والجودة . هي في بعض الأحيان ربما أكثر جرأة من حيث المضمون.
هل تكتبون أو تصورون في إبداعاتكم مشاكل العربي المهاجر أم لا زلتم مربوطين بالماضي وبحارات الشام وعمان والقاهرة وبغداد؟
لا أسمح لنفسي أن أتحدث بلسان كتاب المهجر جميعاً. لكل كاتب خصوصيتهوتجربته وعطاءه الابداعي المختلف . هناك مَن الشعراء والكتاب ممن التزمواهذا الخط بشكلٍ عفوي دون أن يقفوا عنده ، وعلى النقيض ، هناك من الكتابوالشعراء ممن انغمست كتاباتهم في الأجواء الأمريكية وتفاعلوا معها بشكلٍكامل ودائماً هناك حكايات الأب والأم والجدة حول الوطن الأم الذي لميعيشوه بل كان تاريخاً وقصصاً من حكايات الأهل والأجداد . معظمهم وصلالخطين معاً ، فالمبدع هو في النهاية انسان، والانسان هو ابن ماضيه وحاضرهومستقبله عاش ويعيش ويتفاعَل ويصنع ويحلم ويبدع ، وعملية الانصهار في هذهالتجربة الابداعية أكبر من أن تتشكل من مساحة لونية بيضاء ونقيضها المساحةالسوداء!!
اسبيرانزا
29/04/2008, 17:45
هل مؤسستكم مسجلة رسميا ضمن المؤسسات الثقافية الأمريكية
رابطة القلم العربية الأمريكية هي مؤسسة مسجلة رسمياً لدى الدوائر الرسمية في الحكومة الأمريكية في ولاية ميتشغن.
هل لديكم علاقات مع اتحادات كتاب عربية؟العلاقات والتواصل حتى هذه اللحظة ليس على مستوى رسمي بل على مستوى ابداعي .
لنعد لك سيدة إباء، تكتبين الشعر منذ سنوات، فهل تشعرين برضى عن قراء الشعر أم تشعرين أن من يقرأون الشعر في انخفاض دائم؟
بعد دخولنا إلى عالم النت، كشاعرة أقول: إنّ الأرقام التي تخطف بصريعلى الشاشة الألكترونية وعدد قرّاء الشعر هم في ازدياد مذهِل . أؤمن أنالقارئ العربي من خلال تواصلي الدائم معه هو قارئ مثقف ويميّزجيداً مايقرأمن شعر . هو في كثير من الأحيان ، ناقد جيد أيضاً . وفي أحايين أخرى، إمامادح أو هجّاء!!! أحياناً أشعر بأن القارئ العربي ينجرف بمشاعره أكثر منعقلانيته وهو يعبر عن موقفه من عمل أدبي ما وبشكل خاص مايتعلق بالشعر. لربما هذا ينطبق أكثر على القراء الذين هم في سن الشباب المبكر .
ما رأيك بما أفرزته الشبكة العنكبوتية من ثورة في المعلومات، هل أثر ذلك على الشعر إيجابا أم سلبا؟
شبكة الانترنت كما ذكرت في السؤال، أفرزت ثورة في المعلومات ، بل وأكثر منذلك. أدى هذا إلى انتشار كل شيء على الشبكة وتواصل كل واحد بالجميع،الشعراء بالشعراء ، الشعر بالشعر والشعر بالنثر ، شعراء المهجر بشعراءالعالم العربي ، الشعراء الشباب بالشعراء الأكبر سناً وخبرة ، شعراءالمغرب العربي والخليج العربي بشعراء بلاد الشام وشعراء المهجر .. يا لهذاالمزيج!! النتيجة هي حالة انصهار وتفاعل بين الأدباء والشعراء.. تفاعلخبرات ، حوار ثقافي أحياناً حاد بسبب اختلاف العوالم الشعرية التي تحملهاصياغة كل شاعر انطلق من بلد ما ، ويحمل ثقافة ما … وأحياناً حالة اكتشافمضيئة تُغني تجارب الشعراء ليبدعوا أكثر فأكثر .. الشعر انتشر كالماءوالهواء والنار .. وعملية البحث باتت خصبة ومدهشة .. مع كل هذا ، تبقى بعضالمشاكل العالقة ، شعرياً، موضوع حديثنا ، وهناك مشاكل أخرى كثيرة أخرىلامجال لذكرها هنا . الفرص متاحة لكل من يريد أن ينشر ما يريد في مواقعكثيرة ويسمي هذا شعراً ، أما عن اللغة ، فحدِّث ولاحرج !!!! الأقلامالشعرية الجديدة التي نقرأ ونتابع لها ونتحمل مسؤولية بعضها نحن بما نقومبه من تشجيع وإمساك يدهم و الأخذ بهم إلى مسارات حقيقية وصحية وصحيحة فيمجال الشعر، كثير منها ، وبشكل خاص تلك التي لاتريد أن تسمع الآراءالنقدية لتغير وتتطور وتصقل موهبتها ، تستعجل كلمات الثناء والمديح،فبدلاً من أن تتعلم وتطور نفسها ، تبتعد عمن يوجه إليها النقد البناء ،وتتجه إلى مواقع تكيل إليها المدائح لتصنع شيئاً شعرياً من أوهام شعرية – وما أكثر تلك المواقع التي تأخذ الطابع التجاري الذي يخنق أنفاس الشعر بمايحمل من هواء نظيف – لكن ، بشكل عام ، مجتمع الشعراء ، شرقاً وغرباًشمالاً وجنوباً ، رغم تناقضاته ، بما يحمل من كلاسيكية وتقليدية وتفعيليةونثرية الخ ، أشعر بأنه بدأ يتواصل إلى أفق يتقارب ولو ببطء ليستوعب كلواحدٍ الأخر حتى ولو لم يتبنَّ وجهات نظره .
وكيف استطاعت رابطتكم استغلال الشبكة في التواصل مع أعضائها؟
إذا وجد الماء بطُل التيمم !!! هذه الحكمة تنطبق على واقع الرابطة فيالوقت الحالي . الكل يتواصل مع الكل هاتفياً وعبر اللقاءات الشهرية سواءًفي اجتماعات الرابطة الرسمية أو في الندوة الثقافية الشهرية. أما أعضاءالرابطة ممن يقيمون في ولايات خارج ولاية ميتشغن – مقر الرابطة - نتواصلمعهم ألكترونياً و هاتفياً .
عندما تقيمون ندوات ثقافية عربية في الولاياتالمتحدة، هل يشارك الجيل المولود في أمريكا تلك الأمسيات أم أن روادكم منالجيل الذي هاجر إلى أمريكا في سن الرشد؟
بالفعل لقد شارك معنا في الأمسيات والندوات الثقافية بعض من المواهبالشابة المولودين في الولايات المتحدة. يجدر بالذكر أن رايطة القلمالعربية الأمريكية تُعنى بالأدب والثقافة لأدباء المهجر باللغتين العربيةوالانكليزية أيضاً . ليس هذا وحسب، بل إن المشاركات لاتقتصر على الأدبفقط، يشارك في أمسياتنا أيضاً فنانون تشكيليون أيضاً وأحياناً مبدعون منالوطن الأم . يشكل الطفل جزءاً مهماً من اهتمامنا ، وعني أنا كشاعرة ،كتابة شعر الأطفال هي واحدة من اهتماماتي الكثيرة بالطفل، وكرئيسة تحريرمجلة صفحات مهجرية ، يجد القارئ دائماً زوايا خاصة بالأطفال والشبابالصغار بأقلامهم ، وزاوية أخرى للأدب الموجه للأطفال . سواءً يكتبونباللغة العربية أو الانكليزية إنني أولي عناية خاصة بالأطفال ولي اهتمامورغبة في اكتشاف مواهبهم . إن لدي هاجس في اكتشاف المواهب الجديدة ومازالتالخطة هذه في عملية بحثي الدائمة عن المواهب الشابة من الجيل الجديد قائمةوأضعها من أولويات اهتمامي وبشكل الخاص في افساح المجال لهم بالمشاركة فيالفعاليات الثقافية للرابطة. ..
هل نستطيع القول أن الكتاب العرب المهاجرين قد تأثروا أو أثروا في الكتاب الأمريكيين؟
ضمن خبرتي وتواجدي في الولايات المتحدة تحديداً و لواحدٍ وعشرين سنه أقول: الكتاب العرب الأمريكان الذين ولدوا في الولايات المتحدة ويكتبون باللغةالانكليزية هم أكثر تأثراً وتأثيراً في الثقافة الأمريكية. لأنهم دخلوا فينسيج المجتمع الأمريكي من الداخل . خذ مثلاً الراحل د. ادوارد سعيد ،الصحفي ريموند حنانية الشاعرة نعومي شهاب ناي والشاعر د. خالد مطاوعوغيرهم… الفئة الأخرى هي التي استقرت في الولايات المتحدة في سن الرشد ،تكتب باللغة العربية ولكنها على تواصل مع الثقافتين العربية والأمريكيةوتنشط في مجال الترجمة ، تحقق معادلة ما من حيث التأثر والتأثير. الفئةالثالثة وقد أصبحت قليلة نسبياً ولكنها موجودة فعلاً. هي تلك الفئةالبعيدة كل البعد عن التأثير والتأثر بالكتاب الأمريكان ويالثقافةالأمريكية وتكتب باللغة العربية بروح عربية كما لو أنها نسيج أو خليةهاربة من بلد عربي ما ومازالت تحتفظ بخواصها العربية الأصيلة غير المؤثرةوغير المتأثرة بالثقافة الأمريكية.. في الواقع، تحضرني أسماء كثيرة جداًومعرفة شخصية بالفئات الثلاثة . وهذه جديرة فعلاً لأن يُكتب عنها في موضوعمنفصل.
ماذا لديكم من مشاريع مستقبلية؟؟
طموحاتنا كثيرة ولكن علينا بالمقابل أن نكون واقعيين كي تكون خطاناقائمة على أرضية ثابتة لها مصداقيتها . نفكِّر جدياً بإقامة مهرجان سنويللمبدعين العرب الأمريكان يشمل معرضاً للكتاب ، معرضاً للفن التشكيلي، ومحاضرات وأمسيات أدبية، شعرية وندوات ثقافية . وهذا يرفد و يكمل ما نقومبه الآن من إقامة أمسيات وندوات شهرية نستضيف فيها أدباء وشعراء ومحاضرينوفنانين ونلقى تجاوباً من التغطية الصحفية ومن الحضور الذي رغم تواضعه – يقتصر للأسف على النخبة- رغم أن الأمسيات مفتوحة والدعوة عامة ومجانية ،لكن من الواضح أن الجالية العربية الأمريكية تفضِّل أن تحضر أمسية لنانسيعجرم أو وعمرو دياب مثلاً على أن تحضر أمسية أدبية لرابطة القلم العربيةالأمريكية!
هل يقرأ أطفالك ما تكتبينه وكيف يتعاملون مع انشغال أمهم في الأمسيات الثقافية؟
إن الأدب المخصص للكبار يقرأه الكبار . ولا أرى من المناسب الآن أنأطلعهم عليه. ولكن النصوص والقصائد التي أكتبها للأطفال، تلك التي أطلعالأولاد عليها في الوقت الحالي. عندما يكبرون، ستكون جميع أحرفي بينأيديهم ولهم.
هم في كثير من الأحيان يحضرون الأمسيات والمحاضرات الأدبية والثقافية وليسالمهم جداً أن يستوعبوا كل ما يُقال، بل الأهم أن يعيشوا تلك الأجواءالثقافية ويستوعبوا أهميتها. وأهمية ما نقوم به .
اسبيرانزا
06/06/2008, 17:24
حوار مع المترجم البريطاني أنتوني جوزيف كالدربانك :D
اسبيرانزا
06/06/2008, 17:25
القراء الإنجليز اصيبوا بخيبة أمل في الروايات المترجمة من العربية
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
انتوني جوزيف كالدربانك
طامي السميري:
السيد أنتوني جوزيف كالدربانك البريطاني الجنسية والذي يعمل مساعدا لمدير مكتب المجلس الثقافي البريطاني، قام بترجمة عدد من القصص القصيرة في أوائل التسعينات منها أربع قصص فلسطينية في مجموعة لنور وعبد الوهاب المسيري عنوانها أرض الزعتر والحجر ولا يزال يترجم القصص القصيرة والنبذ الأدبية الأخرى لمجلة بانيبال البريطانية، وكذلك قام بترجمة العديد من الروايات العربية الخباء، الباذنجة الزرقاء لميرال الطحاوي، ذات لصنع الله ابراهيم، رادوبيس لنجيب محفوط.والقارورة ليوسف المحيمد. وفي هذا الحوار نتعرف على ملامح تجربته في ترجمة الاعمال الروائية العربية الى اللغة الانجليزية.
في البداية نحب أن نتعرف على مسيرتك في الاطلاع على الأدب العربي وخصوصا في مجال الرواية.
بدأت قراءة الأدب العربي وأنا طالب في جامعة مانشستر حيث درست اللغة العربية هناك في قسم الدراسات الشرق أوسطية ولكن في هذه المرحلة المبكرة من اللغة كانت قراءة الأدب تجربة صعبة. مستوى اللغة لم يكن كفاية لاستيعاب الرواية بشكل مباشر وكانت عملية القراءة بطيئة وغير تلقائية. إلا أننا في هذه الفترة اطلعنا على بعض الأعمال العظيمة في التراث العربي مثل المتنبي والجاحظ وامرىء القيس مما استفدت منه كثيرا فيما بعد. انتقلت بعد الدراسة إلى القاهرة لكي أتعمق في اللغة وأعيش في بيئتها ووجدت بعد فترة قصيرة أن قدرتي على اللغة .ليس فقط الفصحى بل العامية أيضا قد تحسنت بحيث أنه كان بإمكاني أن أقرأ بسهولة اكبر بكثير وأستوعب النصوص التي بين يدي وأقدرها بفعالية ومن هنا بدأت أقرأ محفوظ وادريس وانيس منصور وكتاب مصريين آخرين ولكن كانت معرفتي بكتاب عرب من جنسيات أخرى ما زالت محدودة للغاية.
تجربتك الأولى في ترجمة الرواية العربية كانت مع روايات ميرال الطحاوي. كيف كانت هذه التجربة وبماذا تميزت روايات ميرال؟
أول رواية ترجمتها كانت الخباء لميرال الطحاوي. هي رواية قصيرة ذات طابع أسطوري سحري يخلط بين الأحداث الواقعية والحكايات الفلكلورية البدوية. احتاجت الترجمة إلى الكثير من التصرف مني كي انتج نصا يقبله القارئ الإنجليزي خصوصا مع أبيات الشعر والحكم البدوية وعلى سبيل المثال في بعض الأحيان الترجمة تعطي معلومات زيادة تشرح سياق البيت بدلا من ترجمة حرفية. فأنا اجتمعت مع الكاتبة لمناقشة بعض النقاط في النص لكي أتوصل إلى فهم عميق للنص والاختيارات التي قامت بها ميرال. أسلوب ميرال صعب ومعقد مليء بالإشارات إلى الأدب الكلاسيكي ليس كل قارئ مصري يفهمه بشكل كامل وأعتقد أن الترجمة الإنجليزية يكون أسهل فهما بالنسبة إلى القارئ من الأصل العربي. تعلمت من هذه التجربة ضرورة الاتصال بالكاتب من أجل الحصول على فهم مضبوط ليس فقط للنص بل أيضا للدوافع والأهداف التي وراءه .
كمترجم إلى أي حد تتدخل في تفاصيل العمل المترجم وهل يتم ذلك بالاتفاق مع الروائي صاحب العمل؟
أتدخل بالتأكيد ولكن حسب أسلوب النص الأصلي فعلى سبيل المثال التدخلات أكثر مع رواية لميرال منها مع عمل لنجيب محفوظ ويتم هذا أحيانا بالاتفاق مع الكاتب وأحيانا لا فأنا لم أقابل محفوظ ولم يكن هناك حاجة إلى ذلك و أيضا يعتمد على معرفة الكاتب للغة الإنجليزية فعندما ترجمت ذات لصنع الله إبراهيم قام صنع الله بقراءة النص المترجم كاملا لأنه كان يريد أن يطمئن بان الترجمة تعطي نفس الفكرة التي كان يقصدها بالأصل العربي وفي بعض الأحيان دارت بيننا نقاشات حيوية حول الاختيارات المختلفة للكلمة المضبوطة.
ما هي عوائق ترجمة الروايات العربية إلى الإنجليزية؟
إن كنت تقصد بالعوائق الحواجز فلا توجد عوائق بالنسبة إلى الترجمة نفسها فكل جملة في العربية قابلة للترجمة إلى الإنجليزية بطريقة أو بأخرى فأرى أن المشكلة تكمن أكثر في مدى تقبل القارئ الإنجليزي للرواية المترجمة فتقاليد الأدب العربي تختلف عن التقاليد الإنجليزية من حيث تطوير الأشخاص وسلسلة الأحداث وتركيبها و سمعت من قراء إنجليز قرءوا روايات مترجمة من العربية عن "خيبة أملهم" من ضعف الشخصيات وأيضا مما يسمونه إفراطاً في العاطفية وقد يعود ذلك إلى خبرة القارئ الإنجليزي مع الرواية منذ قرون وصغر سن الرواية العربية ولكن لا تنس عدم إقبال القارئ الإنجليزي على الأدب المترجم بصفة عامة وليس على اللغة العربية فقط.
حدثنا عن تجربتك في ترجمة فخاخ الرائحة ليوسف المحيميد
تعرفت على فخاخ الرائحة لأول مرة عندما أرسلت لي الزميلة مارجرت اوبانك محررة مجلة بانيبال في بريطانيا فصلين من الرواية طالبة مني ترجمتها للمجلة فقرأت الفصلين فأعجبتني قوة اللغة وبساطتها وصدقها مع حيوية الشخصيات وجراءة الرواية كان شيئا منعشا وجديدا بالنسبة إلي وكانت أول تجربة مع الرواية السعودية فقررت أن أترجمها على الفور واتصلت بيوسف وطلبت منه نسخة من الرواية فلما قرأتها زدت حماسا للعمل وقمت بترجمتها.
أحيانا تتم ترجمة بعض الأعمال إلى الإنجليزية ليس بسبب الجودة الفنية في الرواية ولكن لأنها تلامس بعض الأمور المتعلقة ببيئة المكان. هل يشكل هذا الأمر هاجسا لك في الترجمة؟
بلا شك هناك بعض الأفكار النمطية stereotypes الرائجة حول الآخر في كل المجتمعات ونجد إن أحيانا الناشر يميل إلى نشر القصص أو الروايات التي تخدم هذه الأفكار وعلى سبيل المثال قد يكون الإقبال على أعمال نسائية توحي بأن المرأة العربية مضطهدة دون التركيز على أوجه أخرى من حياتها. أو مثال آخر رواية بنات الرياض فالعنوان مغر والموضوع ممتع ومثير حتى إذا كان الجودة الأدبية ناقصة كما يقول البعض ولكن مع ذلك فيمكنك أن تتأكد أن ترجمتها ستلاقي اهتماما واسعا. ولكن هذا الأمر لا يسبب مشكلة بالنسبة إلي كمترجم لأني قبلت بعض الأعمال التي عرضت علي للترجمة ورفضت البعض الآخر. أعتقد أن كلما كثر عدد الأعمال المترجمة إلى اللغة الإنجليزية فإن الصورة العامة التي تقدمها هذه الأعمال إلى القارئ الأجنبي عن العالم العربي وثقافته ستتسع والاهتمام بالأشياء المعينة الضيقة ستختفي.
إلى أي حد انفتاح القارئ الإنجليزي لقراءة الروايات العربية المترجمة؟
هي مشكلة لأن انفتاح القارئ الإنجليزي لقراءة الروايات المترجمة من أي لغة محدود للغاية ونسبة الأعمال المترجمة التي تنشر سنويا ضئيلة جدا بينما تكون النسبة في دول أخرى مثل فرنسا أو ألمانيا أعلى بكثير. فقد يرجع ذلك إلى أسباب كثيرة منها ثروة الأدب الإنجليزي ) أو بالأدق الأدب الذي يكتب بالإنجليزي فيشمل هذا الأدب الأمريكي والأفريقي والهندوباكستاني والأسترالي الخ) مقارنة بالآداب الأوروبية الأخرى. فأنا أعرف شخصيا قراء إنجليز قالوا إنهم لا يقرأون الأشياء المترجمة.
هناك روايات عربية تتكئ على مسألة اللغة الشعرية. هذه الروايات هل هي صالحة للترجمة؟
نعم قد تكون مشكلة كبيرة. هناك شعرية في كل لغة ولكنها تعتمد على الأصوات والإيقاعات وبنية الكلمة نفسها أكثر مما تعتمد على الأفكار والدلالات أي الأشياء الخاصة جدا باللغة والملامح العميقة فيها فهو كذلك مثل الفرق بين السوداني والكوري فهذا إنسان وذاك إنسان ولكن شكليهما مختلفان تماما. ترجمة الشعرية مثل أكل الكبسة بالعصايا الصينية أو عزف سوناتا لبيتهوفن على آلات موسيقية يابانية. ترجمة النصوص الأدبية غير ترجمة النشرة الجوية تحتاج إلى تصرف وكم كبير من الخيال والتخيلات فكثيرا عندما أترجم نصا أجد نفسي أمام الكلمة العربية ولكن الكلمة الإنجليزية التي تقابلها من حيث المعنى لا تنفع إطلاقا في السياق الشعري لأنها قصيرة أو طويلة أو لا تبدأ بحرف معين الخ واختياري في الآخر يقع على كلمة بعيدة من الأصل من حيث المعنى ولكن قريبة من حيث القيمة الصوتية.
اسبيرانزا
06/06/2008, 17:27
حوار مع د. جميل حمداوي حول الرواية العربية (////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////)
اسبيرانزا
06/06/2008, 17:30
حوار مع د. جميل حمداوي حول الرواية العربية (////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////)
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -/////////////// (////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////) دروبيون (////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////)13 فبراير 2008 هدير البقالي
فنانة تشكيلية وكاتبة من مملكة البحرين
تعتبر الرواية الفن الأكثر تأثيراً وتعبيراً عن تجليات الكتابة، ويكاد ذلك ينطبق على تاريخ البحث عن هوية شخصية داخل الفن الروائي، وهوية تتآلف مع الروائي وشخصياته، وبين هذا وذاك، بروز الرواية كجنس أدبي مستقل عن ذاتها لكونها فن متعدد الأصوات، ألا يعني ذلك بلوغ الرواية مرحلة متقدمة من الوعي المعرفي خلافاً لبقية الأجناس الأدبية الأخرى؟
من المعروف أن عصرنا هذا هو عصر السرد بامتياز، ولم يعد للشعر تلك المكانة التي كان يتباهى بها في العصور الماضية وبداية القرن العشرين مع المدرسة الإحيائية والرومانسية بتياراتها ومدارسها الإبداعية ( الديوان، وأپولو، والرابطة القلمية، والعصبة الأندلسية)، وشعر التفعيلة في مرحلته الأولى، بل أصابه الكساد إلى حد كبير مع ظهور الشعر المنثور وشعر الانكسار بسبب التجريد المجاني والإيغال في الغموض والانسياق وراء الإبهام. لذا، حلت الرواية محل الشعر، فأصبحت أكثر الأجناس الأدبية قدرة على تشخيص الذات والواقع والكتابة الروائية خلقا وإبداعا ونقدا. وغدت هذه الرواية تقارب التاريخ وتفلسف المجتمع وتنقد الذات العربية من خلال منظورات خاصة ذاتية وموضوعية ، وصارت تطرح الأفكار الإيديولوجية على محك النقاش من خلال استعمال الپوليفونية وتعدد الأصوات كما في روايات نجيب محفوظ ومحمد برادة وعبد الله العروي.
كما صارت الرواية ملتقى المعارف والفنون وخزان الأفكار، فتنامى وعي الروائي بالمقارنة مع وعي الشاعر وخاصة في روايات الأطروحة كما عند عبد الكريم غلاب في روايتيه ” دفنا الماضي ، والمعلم علي”، ومبارك ربيع في روايته:” الريح الشتوية”، ومحمد عزيز الحبابي في روايته” جيل الظمإ”، والطاهر وطار في رواياته التي يمجد فيها الثورة الاشتراكية الجزائرية كما في ” الزلزال” ، و” اللاز”، و” عرس بغل”،و” العشق والموت في الزمن الحراشي”.
وكل من يتصفح الرواية التراثية أيضا فإنه سيجد نفسه أمام خطاب جمالي زاخر بالحمولات الثقافية والمعرفية والتاريخية كما عند جمال الغيطاني في” الزيني بركات” و” التجليات ” ، ورضوى عاشور في ” ثلاثية الأندلس” ، وأحمد توفيق في روايته” جارات أبي موسى”، وبنسالم حميش في روايتيه:” مجنون الحكم”، و”العلامة”
…
ومن هنا، لم تكتف الرواية بتشخيص الذات كما في الكثير من الروايات الرومانسية كروايات أحمد حسين هيكل و المنفلوطي وإحسان عبد القدوس ويوسف السباعي وعبد الحليم عبد الله …. أو تصوير الواقع ونقده كما في روايات نجيب محفوظ وعبد الرحمن الشرقاوي وتوفيق الحكيم وعبد الكريم غلاب ومبارك ربيع….، بل تعدت ذلك إلى مساءلة آليات الكتابة الروائية كما عند محمد برادة في رواية ” لعبة النسيان” ، وعبد الله العروي في روايته”أوراق”. ومن ثم، يمكن القول بأن الرواية مسلك من مسالك التثقيف ونشر المعرفة والعلم وتشكيل الوعي لدى القارئ المفترض.
إن النزعة الشكلية للرواية أخذت تتناغم مع المعطيات الحديثة للنص، في التصورات والبناءات من جهة، ومن جهة أخرى تعرية الدلالات المبهمة للروائي، في استنطاق النص وتفكيك مفاهيمه، من خلال الغوص في أدوات الروائي والإمساك بتقنيته الفنية، فكيف تنظر للروائي حينما يسقط في التنظير والتحليل النقدي؟ وهل تراهن على قدرة الناقد الثقافي في تفكيك آليات الرواية؟
إذا كانت الرواية العربية قد سخرت جميع طاقتها الإبداعية والسردية لتصوير الذات ونقل الواقع وتسجيله ونقده، فإن الرواية العربية بعد نكسة حزيران 1967 م من القرن العشرين، وبعد انتشار المناهج النقدية المعاصرة كالبنيوية والتفكيكية والسيميائية، واكتساح فكر مابعد الحداثة للساحة الثقافية العربية، انساق الروائي العربي بلهفة كبيرة وراء مستجدات الرواية الغربية مستعملا تقنية تداخل الأزمنة كما في روايتي” الوشم” و” الوكر ” لعبد الرحمن مجيد الربيعي، وتوظيف فلاش باك وخلخلة الأزمنة في رواية “موسم الهجرة إلى الشمال” للصالح الطيب، وتشغيل نظرية القراءة كما عند المنظرين الألمانين: يوس Yauss وإيزرIzer لدى المغربي عمرو والقاضي في روايته” طائر في العنق” ، وحميد لحميداني في روايته:” رحلة خارج الطريق السيار”، واستعمال تقنية البوليفونية والحوارية في رواية ” أوراق” لعبد الله العروي، ونقد الكتابة الروائية كما في:” لعبة النسيان” لمحمد برادة، ورواية” رحيل البحر” لمحمد عز الدين التازي علاوة على توظيف فضاء العتبة عند جيل السبعينيات كصنع الله إبراهيم وجمال الغيطاني وبنسالم حميش وعبد الله العروي…
ولكن هذا التجريب الروائي تحول عند البعض إلى تمارين وتطبيقات سردية وتطبيق ما تبثه السرديات النقدية بشكل مفتعل ومصطنع دون عفوية إبداعية وخلفية نظرية عربية تؤطر هذا التجريب، لأن القارئ العربي ما زال لم يشبع نهمه من الروايات الكلاسيكية والرومانسية.
وظهرت كرد فعل على هذا التجريب الرواية التراثية التي تنهل آلياتها السردية من التراث كما هو الحال عند بنسالم حميش وجمال الغيطاني ورضوى عاشور وأحمد توفيق ومحمود المسعدي في روايته” حدث أبو هريرة قال…”، كما ظهرت مجموعة من الروايات الإسلامية مع الروائي المصري نجيب الكيلاني كرد فعل على الرواية الغربية ذات التصورات الإيديولوجية الشكاكة.
أضف إلى ذلك ، أنه لابد اليوم من ناقد جديد موسوعي الثقافة، قادر على تفكيك الرواية وتركيبها، ومتمكن من آليات الفهم والتفسير قصد الإحاطة بجميع قضايا النص وخباياه الشعورية واللاشعورية، له دراية كبيرة بمفاتيح القراءة والتقويم والتوجيه. أي تستوجب الرواية الحديثة اليوم قارئا ثقافيا له باع كبير في مجموعة من المعارف والعلوم والفنون لكي يعطي للرواية نكهتها الخاصة ولذتها الإبداعية الحقيقية من خلال تبني مناهج نقدية حداثية معاصرة .
تتبنى بعض الروايات منحنى الخرافات والتعاويذ وعوالم شاذة بعض الشيء، فترتحل باتجاه الميثولوجيا والميتافيزيقيا، وبالطقوس الغرائبية على المجتمع، قد تكون ساحرة ومفتنة للراوي، وقد تكون مثيرة لمتعة القارئ وحده، ألا تجد بذلك متعة تقترن بالروائي خاصة لإثارة خاصية السرد؟
من المعروف أن الرواية العربية لم تكتف بتصوير الذات والواقع والكتابة ، بل تناولت مواضيع مثيرة كالمواضيع البورنوغرافية مع الروائي محمد شكري في” الخبز الحافي” ، والطيب صالح في روايته” موسم الهجرة إلى الشمال “، أو مواضيع إيروسية كرواية المغربي عبد الحكيم أمعيوة ” بعيدا عن بوقانا”، كما تناولت موضوع السجن السياسي ومصادرة حقوق الإنسان كما في روايات صنع الله إبراهيم وجمال الغيطاني وعبد الرحمن منيف وعبد الرحمن مجيد الربيعي….
كما عالجت الرواية العربية مواضيع إنسانية واقعية عبر أجواء أسطورية وميثولوجية وميتافيزيقية كما في رواية:” بدر زمانه” لمبارك ربيع ، و” طوق السراب ” ليحي بزغود، ورواية:” أوديسا الصعود والهبوط والحب” لمحمد الصاوي، وانتقلت الرواية أيضا من العوالم الخرافية إلى العوالم الفانطاستيكية الغرائبية للتأشير على انتقال الإنسان من العقل والوعي إلى اللاعقل واللاوعي قصد التنديد بمواصفات الواقع الدنيئة ومواضعاته المهترئة واحتقار السلطة التي تنشر الإجرام والظلم ، ونقد الإنسان الذي علبته حضارة الأرقام وحنطته الماديات، وهذا واضح في رواية “سماسرة السراب ” لبنسالم حميش، ورواية ” أحلام بقرة ” لمحمد الهرادي، ورواية” الجرذان” ليحي بزغود، ورواية “نوار اللوز” للجزائري واسيني الأعرج
…
ولم يوظف هذا الخطاب الفني والجمالي والمرجعي الأسطوري والفانطاستيكي إلا لهدفين أساسين: الهدف الأول يراد به إمتاع القارئ المفترض ودغدغته ذهنيا ووجدانيا وفنيا، والهدف الثاني هو أن الروائي يستمتع بعمله الذي حقق فيه لذة النص عن طريق تحريك القطب الفني والقطب الجمالي لإثارة المتلقي المحتمل الذي سيدخل في علاقة تفاعلية مع النص انسجاما مع توقعاته، أو تخييبا لأفق انتظاره، أوتأسيسا لذوق جديد
.
يعتمد الروائي إلى حد كبير على ذائقته الأدبية، في البحث عن أصول الأشياء وكشف خفايا النص، فتراه أحياناً يراهن على مستويات اللغة في الإيقاع والتشكيل، والتأويل والتفسير، فيا ترى، أتراهن في محيط لغتك على القارئ الافتراضي أم على لغوية الكتابة، وهل تكتفي بمستويات معينة من اللغة؟
لايمكن لأي روائي عربي أن يحقق شهرة أدبية إلا إذا تمكن من اللغة السردية تمكنا كبيرا، وبالتالي، كان قادرا على تطويعها وتسخيرها في التعبير والتجسيد والتجريد مستعملا الطاقة البلاغية بكل آلياتها الفنية وأدواتها المجازية والرمزية والإحالية، مع إتقان كيفية توظيف لغة التشبيه والاستعارة والمجاز المرسل أو العقلي واستخدام الكنايات والرموز والأساطير من أجل خلق نص أدبي ممتع ومتنوع. وينبغي أن تكون لغة الروائي سليمة من الأخطاء والهفوات، تنساب عذوبة وصفاء وسلاسة.
لذا، فقد رأينا مجموعة من اللغات تستعمل طوال مسيرة الرواية العربية وهي : اللغة الرومانسية، واللغة الواقعية، واللغة الطبيعية، ولغة التجريد والشاعرية الرمزية، واللغة التراثية. كما يلتجئ الروائي إلى المزج أيضا بين العربية الفصحى والعامية المحلية، أو الانفتاح على اللغات الأجنبية الأخرى للتعبير عن ظاهرة المثاقفة أو التعبير عن خاصية الاحتكاك الحضاري والانفتاح على الآخر.
ومن الروايات التي تشتغل على اللغة التراثية نذكر:” الزيني بركات” لجمال الغيطاني، ورواية:” مجنون الحكم “، ورواية:”العلامة” لبنسالم حميش، ورواية ” جارات أبي موسى”لأحمد توفيق . وتتقابل هذه اللغة مع اللغة الشاعرية الرمزية أو ما يسمى عند إيڤ تادييه Yve Tadiéبالمحكي الشاعري كما نجد ذلك في روايات أحمد المديني ولاسيما روايته ” زمن بين الولادة والحلم”، ورواية ” سوانح الصمت والسراب” للروائي المغربي جلول قاسمي.
وعليه، فهناك من الروائيين من يستعمل لغة عادية واقعية في أبعادها التعبيرية والتأثيرية ، وهناك من يستعمل لغة شاعرية لخلخلة الجنس الروائي ونسفه داخليا وتحويله إلى خطاب شاعري رمزي مغلف بالتجريد ، وهناك من ستعمل لغة متعددة الأصوات كالتهجين والباروديا والتناص والحوارية وتشغيل صورة اللغة والطاقة البلاغية وتنويع الأساليب كما في العديد من الروايات التراثية عند جمال الغيطاني وبنسالم حميش ومحمد برادة وإميل حبيبي ورضوى عاشور ومحمود المسعدي.
ومن ثم، فكثير من الروائيين العرب مهووسون بلغة الكتابة لتخييب أفق انتظار القارئ كما هو حال رواية إميل حبيبي” الوقائع الغريبة في اختفاء سعيد أبي النحس المتشائل” التي تقوم على المستنسخات النصية والإكثار من الإحالات التناصية والمزاوجة بين لغة معاصرة ولغة تراثية، وكل هذا من أجل خلق قارئ افتراضي واع بالعمل الأدبي
.
وينتج عن هذا الطرح، أن لكل رواية قارئها، ويتنوع هذا القارئ حسب طبيعة الرواية ، فننتقل من قارئ عاد يحب قراءة الروايات الكلاسيكية إلى قارئ مثقف واع يستطيع قراءة الروايات التجريبية والنصوص الحداثية. لذا، تبقى اللغة مؤشرا حقيقيا على طبيعة جودة الرواية ومصداقيتها الفنية. كما أن هناك من الروائيين من يستحضر القارئ في الكتابة أثناء انكتابها، وهناك من يتكئ على اللغة وآليات الكتابة والإبداع لكسب الحداثة والسبق الفني
اسبيرانزا
06/06/2008, 17:33
تعالج الرواية السياسية القضايا الكبرى التي تندرج تحت موضوعات الأنظمة العربية، وقيم المجتمع المدني، والدولة الحديثة، وما يستتبعها من انهيار للسلطة، والفساد السياسي، والسجون السرية، وضحايا التهميش، وسوط الجلاد، في رأيك، أيسعى الروائي إلى التعايش النقدي والواقعي مع الخطاب السياسي؟وما أثر الخصائص الأدبية في تمثيل وتفعيل الخطاب السياسي والأدبي في آن واحد
؟
تركز الرواية السياسية غالبا على القضايا السياسية المحلية والوطنية والقطرية والقومية لمعالجتها ضمن توجهات مختلفة ومحاور متعددة مستوعبة المراحل المتنوعة التي مرت بها القضية مع وقفات عند أحداث معينة لها خصوصيتها المتميزة. كما تنبني هذه الرواية على تبئيرالسلطة والحكم مصورة الاستبداد ومصادرة حقوق الإنسان والزج بالمعتقلين السياسيين في سجون الظلم والقهر. وبذلك يتم التأشير على الخطاب السياسي والعقيدة الإيديولوجية والرؤية السياسية إلى العالم وعلاقة الإنسان بالسلطة ومنظوره إلى واقعه الضيق أو الواسع.
ولقد أصبحت السياسة محورا فكريا في الرواية المعاصرة ، مهما تنوعت مواضيعها، وتعددت أبعادها الاجتماعية والواقعية، وجنحت إلى الحداثة الشكلية والتنويع الفني. فإن الرواية تعبر عن الأطروحة السياسية إما بطريقة مباشرة وإما بطريقة غير مباشرة. لذلك نقول: إن السياسة حاضرة في كل الخطابات والفنون والأجناس الأدبية. وتتمظهر بجلاء ووضوح في فن الرواية التي تعكس نثرية الواقع وصراع الذات مع الموضوع والصراع الطبقي والسياسي والتفاوت الاجتماعي وتناحر العقائد والإيديولوجيات والتركيز على الرهان السياسي من خلال نقد الواقع السائد واستشراف الممكن السياسي.
وتستند الرواية السياسية أيضا إلى بلاغة الإقناع والدعاية والتحريض والالتزام وتبليغ الأطروحة المقصودة بشتى الوسائل لأن الغاية تبررها وتعضدها . كما تنبني على بلاغة التكرار لتحريك الشعور السياسي والإيهام الثقافي. وتلتجئ هذه الرواية إلى السرد التفصيلي والحوار التسجيلي والمنحى الواقعي لتسجيل المعطى وتهويله وتصويره سلبا أو إيجابا. وتشحن الرواية ذات الأطروحة السياسية بتعاليم تنزع إلى توضيح حقيقة عقائدية وسياسية، وتصبح هذه التعاليم العقائدية السياسية بؤرة تعكس مفهوم الأطروحة في الرواية
.
ويضطر الروائي في هذا النوع من الروايات إلى اختلاق شخصيات متصارعة وتهيئ برامج سردية ذات مواقف متطاحنة خدمة منه للأفكار والولاءات السياسية آو الإيديولوجية للقارئ. وتتأرجح الرواية السياسية بين الجانب الروائي والجانب الأطروحي
.
وإذا كانت الرواية السياسية سواء الكلاسيكية منها أم المعاصرة تنصب على الحاضر و تعالج الراهن بطريقة سياسية مباشرة أو رمزية لتصوير غياب الديمقراطية و انعدام حقوق الإنسان و نقل عذاب الإنسان في السجون والمعتقلات السياسية و مارستانات التعذيب و “التجنين” و “التحميق”، و ما يتعرض له السجين من نفي و إقصاء و تصفية و تنكيل وقهر من قبل السلطات الحاكمة أو السلطات المستعمرة، فان أغلب هذه الروايات سقطت في أدب الدعاية و أحادية الإيديولوجية و رفع شعارات التحريض و الثورة و محاكاة الواقع بطريق سطحية مما أوقعها في الابتذال و التجاوز الفني لها، ناهيك عن سقوطها في التقريرية وأدب الوثائق والبرامج السياسية مما جعلها بعيدة عن الخلود الفني و المتعة الجمالية وإثارة المتلقي إقناعا و إمتاعا و تأثيرا.
أما رواية التخييل السياسي، كما عند بنسالم حميش في رواية “بروطابوراس ياناس”، ورواية: ” محن الفتى زين شامة”، ورواية” العلامة”، و جمال الغيطاني في رواية” الزيني بركات”، فقد حققت نجاحا كبيرا في التأثير على القراء و تمتيعهم، إذ اعتمد كتابها على استلهام التراث التاريخي و الفلسفي و الصوفي والسياسي للتعبير عن الحاضر بطريقة فنية جميلة قائمة على التهجين، والباروديا (المحاكاة الساخرة)، و الأسلبة، و المفارقة، والتناص، و المعارضة، و محاكاة المصادر و استعمال المستنسخات. فنقل أصحاب هذه الرواية القرار إلى استغوار اللاشعور السياسي و اكتشاف مكبوتات التسييس و تجلياته في “الطابوات”، كما رحلوا به إلى أجواء التراث الوسيط بالخصوص و الزمن الماضي لمعايشة الأجواء السياسية وتناقضات المجتمع و صراع الإنسان مع السلطة القاهرة ليقارنوا ذلك بعصرهم المكهرب الذي يعيشون فيه، كما تخيلوا حاضرهم سياسيا و ذلك من خلال الموروث الرسمي أو الشعبي.
ومن هنا، فقد عايش الروائيون العرب المحدثون الواقع السياسي وصفا ونقدا من خلال تجسيده على الورق بطريقة مباشرة وغير مباشرة ، مستعملين في ذلك الترميز وتوظيف الأقنعة التراثية وآليات التعبير الحداثية والكلاسيكية على حد سوا
ء.
يمثل الأدب المقارن ميادين بحثية معاصرة كصورة الآخر، ودراسات الترجمة والمثاقفة، والعولمة، ويعد من أحد المناهج التي تجادل حقول الأنظمة المعرفية وسوسيولوجية الأخرى، بالإضافة إلى علاقة الأدب مع مختلف العلوم الإنسانية، في تصورك، هل يمكن أن يكون للأدب المقارن بعداً ثقافياً ،وإنسانياً؟، وكيف تقرأ عملية الربط ما بين دراسات النقد الثقافي وأدوات الأدب المقارن
؟
من المعلوم أن الأدب المقارن حقل معرفي جديد يحاول معرفة التأثيرات الموجودة بين الآداب الإنسانية العالمية، وتحديد الأصول والمصادر الأولى التي تحكمت في إنتاج الإبداعات الأخرى، كما يسعى هذا الحقل المعرفي إلى معرفة القواسم المشتركة بين الإبداعات العالمية والسمات التي تختلف فيها، كما تساعدنا الدراسات المقارنة من بناء خطاب استعلاماتي لمعرفة كيف تفكر الشعوب الأخرى ، وكيف يمكن معرفة نقط ضعفها والمشاكل التي تعاني منها، والدليل على ذلك أن الخبراء الإسرائليين كانوا يدرسون جيدا أدب نجيب محفوظ لمعرفة أجواء مصر بصفة عامة والقاهرة بصفة خاصة لتحويل مضامينها إلى خطاب استعلاماتي مخابراتي.
هذا، وإن مقاربات الأدب المقارن عديدة ومتنوعة، فهناك من يركز على المضمون، وهناك من يركز على الشكل، وهناك من يختار الداخل النصي، وهناك من يفضل الخارج التناصي والمرجعي.
وعليه، فللأدب المقارن عدة وظائف هامة منها : الوظيفة الثقافية التي تتمثل في معرفة إنتاجات الشعوب الأخرى، ومعرفة ما لديهم من أفكار وتصورات ومشاريع ونظريات، والتعرف على مشاكل المجتمعات المضادة أو المجاورة أو المتقابلة لمدارستها وتحليلها وتوجيهها الوجهة السليمة ، وتحديد قضاياها الإنسانية والمجتمعية والتعرف على أدبائها مع ترجمة إبداعاتنا وتقديمها إلى هذه الشعوب لخلق مثاقفة حقيقية بناءة قصد بناء علاقات إنسانية متكافئة مبنية على التواصل الحميمي والتعايش والتعارف والتعاطف والتكامل الإدراكي بدلا من التنافر والصراع الجدلي والعدوان.
وهناك الوظيفة الثانية للأدب المقارن وهي الوظيفة الإنسانية التي تهدف إلى بناء علاقات إنسانية قائمة على التسامح والتضامن والتعايش المشترك بعيدا عن الإرهاب والتطرف والتهميش والإقصا
ء.
فمن خلال توظيف الأدب المقارن توظيفا جيدأ ، يمكن إثراء الأدب العالمي وبلورته في خطابي ثقافي إنساني منصهر داخل بوتقة التعاطف والتعاون والتآزر إنسانيا. وهنا لابد من تحريك الترجمة والتعريب ومدارسة اللغات الأجنبية وتشجيع الدراسات المقارنة في مؤسساتنا ومعاهدنا التعليمية من خلال التمكن من أدوات الأدب المقارن الذي يستند إلى المقابلة وقراءة الأفكار والتيارات وعقد مقارنات وموازنات مضمونية وشكلية لمعرفة المصادر والأصول أو اللجوء إلى النقد الثقافي لتفكيك أركيولوجيا خطاب الآخر تفكيكا وبناء لمعرفة الثوابت والمتغيرات في الفكر الإنساني، وتحديد وظائفه وانتقاد التصورات الإيديولوجية وممارسة سلاح الاستغراب في وجه سلاح الاستشرقا
ق.
لماذا يعد النص الروائي تيمة أساسية للروائي وكيف تنظر إلى السرد المابعد حداثي حينما يتألق داخل حدود النص؟
يسعى الروائي المعاصر إلى سبق حداثي وتميز روائي وطني أو عربي أو دولي عن طريق التجريب وخلخلة النسق الروائي دلالة وصياغة وتشكيلا. ونظرا للتأثر والانبهار بفلسفة ما بعد الحداثة ، والاستفادة من التيارات البنيوية والسيميائية والتفكيكية وجمالية القراءة، بدأ الروائي العربي يهتم بالجوانب الشكلية والفنية، ويسائل النص الروائي بشكل جزئي وكلي في أبعاده الدلالية والفنية، ويخضعه للسبر والتشريح والتنقيب قصد تفكيكه وإعادة تركيبه من خلال تشغيل البوليفونية وتوظيف جمالية القراءة ، والاهتمام بماهو جمالي على حساب ماهو مضموني، حتى أضحى الحديث اليوم يدور عن نص جديد هو النص اللاروائي.
ومن الروائيين الذين شكلنوا رواياتهم نذكر : محمد برادة في” لعبة النسيان”، وأحمد المديني في روايته” زمن بين الولادة والحلم”، وحميد لحمداني في :” رحلة خارج الطريق السيار “، وعبد الله العروي في:” أوراق”، وعمر والقاضي في روايته ” الطائر في العنق”…
ظل مفهوم أدب المنفى، أزمة الذات العربية في التحرر من براثيين التشرد، والهجرة القسرية، والنفي المحرض من قبل الأنظمة الدكتاتورية، وشيئاً فشيئاً، أصبح أدب المنفى، ظاهرة تاريخية في رصد موضوعات يتفرد بها الروائي بجماليات خاصة في الكتابة، والتأمل، ترى، كيف يمكن التعامل مع ظاهرة المنفى وأزمة الذات؟
عزفت كثير من الروايات العربية على أوتار الغربة والمنفى كروايات عبد الرحمن منيف وروايات عبد الله العروي وصنع الله إبراهيم وعبد الرحمن مجيد الربيعي. بيد أن الطريقة التي نراها أفضل للتعبير عن هذه المواضيع التي تؤرق الإنسان العربي أن نلتجئ إلى القالب التراثي لتأصيل المحكي الروائي العربي بدلا من السقوط في التقليد والتجريب المجاني ومحاكاة الغرب في تقنياتهم السردية. نريد خطابا نحاور فيه التراث من خلال تشغيل المستنسخات التناصية وتوظيف طرائق الكتابة العربية الأصيلة وخلق أجواء تراثية عبقة لإمتاع القارئ وتثقيفه .
فعندما نريد التعبير مثلا عن الغربة، فلماذا لانختار شخصية أبي حيان التوحيدي للتعبير من خلالها عن اغتراب الذات المثقفة المعاصرة وتبيان شجونها وهلوساتها وصراعاتها النفسية الداخلية والموضوعية؟! وحينما نريد التعبير عن أدب المنفى فثمة شخصيات عدة تعرضت للسحن والتعذيب القسري ، فمن خلالها نستطيع أن نبني خطابا روائيا إنسانيا ممتعا ومثيرا كما فعل بنسالم حميش في ” مجنون الحكم ” ، وجمال الغيطاني في:” الزيني بركات” .
كلمة أخيرة، توجهها إلى الروائي العربي؟
أطلب من الروائي العربي المعاصر أن ينوع كتاباته السردية صياغة ودلالة ومقصدية ، وأن يتفادى الاجترار والتكرار ومعالجة نفس المواضيع والتيمات التي عالجها إخوانه العرب أو الكتاب الغربيون، وأن يقرأ تراثه جيدا بشكل عميق وواع ، وأن يستوعب تقنياته الجمالية وطروحاته الفسلفية والإنسانية، وأن يكتب رواية غير غربية، أي عليه أن يبحث عن قالب متميز حداثي لايبعده عن أصالته، ولا ينسيه حاضره وخاصيته المعاصرة . ويعني هذا أنه من الأفضل أن يوفق بين الماضي والحاضر، وأن يزاوج بين الإمتاع والإفادة، وأن يشتغل روائيا وسرديا وفلسفيا ضمن رؤية أصيلة لكسب الحداثة العالمية والدخول في العولمة ولكن دون التخلي عن خصوصياته الحضارية وقوالبها الجمالية والفنية .
لذا، أرى أن الرواية التراثية أو الرواية الأصيلة هي الطريقة الفضلى في التعبير والكتابة والإبداع والتميز بدلا من الانسياق وراء الوصفات الجاهزة للنقد السردي الغربي المعاصر الذي يسقط روائيينا في التقليد والاجترار والتمرينية القاتلة.
اسبيرانزا
12/06/2008, 19:45
حوارٌ مع الكاتب والمفكر الفلسطيني ..إدوارد سعيد :D
اسبيرانزا
12/06/2008, 19:53
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
قبل فترة قصيرة من رحيله وبعد صراع مع مرض اللوكيميا اللمفاوية المزمنة دام عقداً ونيفاً من الزمن، وافق المفكر الفلسطيني إدوارد سعيد أن يجري حواراً استثنائياً مع الباحثين اللبنانيين- الفرنسيين كريم إميل بيطار وروبير فاضل، مخلاً بالوعد الذي كان قطعه على نفسه بعدم إجراء أي حوار تبعاً لظروفه الصحية. والحوار الذي لم ينشر في أي صحيفة أو مجلة نشره الباحثان في كتابهما المشترك الصادر حديثاً في باريس بعنوان «نظرات الى فرنسا» (دار سوي).
في هذا الكتاب يشارك ثلاثون مفكراً وباحثاً من العالم متحدثين من وجهة نظرهم عن فرنسا، سياسياً واقتصادياً وثقافياً، ومحللين «الأزمة الوجودية» التي تعيشها فرنسا راهناً. ومن الذيـــن شاركـــوا في الكتاب عبر حوارات أو دراسات: محمــد أركون، بطرس بطرس غالي، جورج قرم، كارلوس فوينتس، فاتسلاف هافل، ستانلي هوفمان، تيودور زيلدن وسواهم.
يكتسب هذا الحوار الأخير مع إدوارد سعيد طابعاً خاصاً نظراً الى أنه يأتي بمثابة «وصية الى فرنسا»، ويحمل بعداً رمزياً مهماً، فالمفكر الراحل وجّه كلماته الأخيرة الى فرنسا ومفكريها، هو الذي خبر الثقافة والأدب الفرنسيين بعمق، على رغم إقامته في الولايات المتحدة وكان من المثقفين النادرين، الملتزمين نهجاً فكرياً عالمياً. وتكمن فرادة هذا الحوار في كونه يكشف وجهاً شبه مجهول من صاحب «الاستشراق».
هنا مقتطفات من الحوار غير المنشور:
يتحدث إدوارد سعيد عن علاقته الشخصية بفرنسا وبدايات تعرفه الى ثقافة هذا البلد، وكان والده شارك خلال الحرب العالمية الأولى، في الحملة العسكرية الأميركية التي أتت لمساندة فرنسا قائلاً:
«بالنسبة الى شخص مثلي، ترعرع في فترة الانتداب البريطاني في فلسطين ومصر، طالما شكلت فرنسا الخيار البديل. وكان لي كثير من الأصدقاء الناطقين باللغة الفرنسية، لا سيما في فيكتوريا كوليج في القاهرة وفي نوادي القاهرة حيث كنت أتمرن على لعب التنس.
وبالتالي من الطبيعي أن تصبح اللغة الفرنسية اللغة البديلة والثقافة الفرنسية الثقافة البديلة بالنسبة إلي. إلا أنّ معرفتي بفرنسا كانت سطحية فلم يسبق لي أن زرت ذلك البلد. وكانت تقتصر على ما جلبه أبي من ذكريات: فرنسا، حب الحياة وبلد الجنس والنبيذ وكل هذه الكليشيهات. والغريب انني انتظرت مجيئي الى الولايات المتحدة في مطلع الخمسينات من القرن الفائت لمتابعة دراستي الثانوية، وأبدأ بالغوص في الأدب الفرنسي. وأذكر أن اتصالي الأول بالأدب الفرنسي حصل في سن المراهقة، عبر نص «الجدار» لسارتر. وقد تأثرت كثيراً بآفاق هذا الكتاب الفلسفية والفكرية، وأدهشتني التعددية التي ينطوي عليها، لا سيما بالمقارنة مع الأدب الأميركي. ففي الفترة عينها، كنا نقرأ جون شتينباك إلا أن أسلوب سارتر ونظرته الى العالم مختلفان تماماً. وقد سحرني هذا الاختلاف. وما أن بلغت السابعة عشرة من عمري ودخلت جامعة برنستون، حتى التحقت بعدد من الدروس التي تتمحور حول الأدب الفرنسي، وكان يقدمها أستاذان رائعان. وكانت تدور حول الرمزية والرواية الفرنسية الحديثة، إضافة الى ما بعد الرمزية والسوريالية. وكانت المحاضرات خالية من أية نقاشات أو حوارات، كانت مجرد دروس نظرية غنية بالاقتباسات وعدد من المراجع التي كان يوصى الطلاب بقراءتها في نهاية كل حصة. لقد جُذبت كثيراً الى مفهوم التاريخ الثقافي في ذلك الوقت وتأثرت به. وسمحت لي قراءاتي باكتشاف فرنسا، هذا البلد الذي لم أذهب لزيارته زيارة مطولة إلا في العقد الثالث من عمري».
اسبيرانزا
12/06/2008, 19:54
ويضبف: «خلال السنوات الأولى التي عملت فيها أستاذاً في جامعة كولومبيا، وقد عُيِّنت في منصبي هذا منذ 40 سنة، أي عام 1963، عاودت الاهتمام بالأدب الفرنسي. ووجدت فيه بديلاً للنظام الذي نشأت عليه ودرست فيه، أي التقليد الإنكليزي - الأميركي الوضعي، الذي يتسم بضيق الآفاق التاريخية. وبالنسبة إليّ، كان التقليد «الروماني» هو البديل، وعلى رأسه فرنسا وإيطاليا. ومن خلال مؤلفات تعود الى أشخاص من قبيل الجامعي إيريك أورباك وهاري لفين، استاذي السابق في هارفرد ومؤلف كتاب هو من أهم الكتب عن الرواية الفرنسية في القرن التاسع عشر، تمكنت من توسيع دائرة اهتمامي بالأدب الفرنسي من القرن الثامن عشر الى القرن العشرين، كما بالنقد الأدبي. وكنت الرجل الأميركي الأول الذي تناول مدرسة النقاد الفرنسيين الجديدة في كتبه، وذلك ضمن مقال مطوّل حول لوسيان غولدمان. وقد اهتممت بفكرة أن غولدمان كان تلميذ جورج لوكاش في الثلاثينات، وانه كان ينتمي في تلك الفترة الى أنصار «النقد الجديد»، وهي مجموعة تختلف عن النقد الأميركي بكل ما للكلمة من معنى. كانت مخالفة تماماً للفلسفة وتشدد على الجمالية على حساب البقية. وفي موازاة ذلك، لم أتوقف عن قراءة سارتر وميرلو بونتي والتقليد الفينومنولوجي، الناتج في معظم الوقت عن هوسرل وأحياناً أخرى عن هايدغر. ولعبت فرنسا دور الأرض الخصبة لهذا النمط من التفكير، ذلك أن الفرنسيين كانوا يلعبون دور الوسطاء بين الفلسفة الألمانية والتقليد الإنكليزي - الأميركي. وأخيراً، أتى العام 1966 وجلب معه حدثاً هائلاً يعيشه المرء مرة واحدة في العمر، إذ عُقد حينذاك المؤتمر المنتظر وعنوانه «لغات الانتقاد وعلوم الإنسان» في جامعة جون هوبكنس واستطاع للمرة الأولى استقطاب كبار المؤلفين الذين قرأت أعمال بعضهم أو سمعت عن البعض الآخر منهم، ولا سيما جان هيبوليت ورولان بارت وجاك دريدا وجاك لاكان وجورج بوليه وجان بيار فرنان وتزفيتان تودوروف وجيرار جينيت... ويعود الفضل في دعوتي الى المشاركة في هذا المؤتمر الى مقالاتي التي سمحت لي بالتواجد مع كل هؤلاء الكبار على مدى أسبوع. وفي الواقع، أدهشني أمران متناقضان. الأول هو بعد نظرهم ولا محدودية فكرهم، فقد كان في إمكانهم أن يتحدثوا في طريقة متكلفة عن الفلسفة اليونانية أو الألمانية أو عن أي موضوع آخر. والثاني قدرتهم على التحول أشخاصاً متعصبين لفرنسيتهم. حتى أن بقية المفكرين كانوا يشعرون باحتكار المفكرين الفرنسيين للموضوعات المطروحة للنقاش، علماً أنهم كانوا يطرحون جدليات تعني العالم بأسره، ويتحدثون عن نيتشه وفرويد وهايدغر. وخُيّل للمشاركين الآخرين في المؤتمر – أي الأجانب (بعض الإيطاليين والأميركيين) – أن المفكرين الفرنسيين يوجهون الكلام بعضهم الى بعض لنيل الإعجاب المتبادل بينهم، غير آبهين لبقية الموجودين! كان ذلك مذهلاً حقاً!
اسبيرانزا
12/06/2008, 19:55
أستطيع أيضاً أن أعزز كلامي بقصة حدثت مع رولان بارت. نظراً الى بعد حرم جامعة جون هوبكنس عن بالتيمور، كنا ننزل جميعاً في الفندق نفسه، ونلتقي يومياً. وفي كل صبح تنقلنا المركبة نفسها الى الجامعة. وعلى الطريق، اعتدت الجلوس بالقرب من رولان بارت، لذلك كان من الطبيعي أن نتبادل الحديث. اهتممت كثيراً بالمحاضرة التي ألقاها خلال ذلك المؤتمر والتي دارت حول فعل «كتب»، الذي وصفه بالفعل غير المتعدي. وخلال أحد نقاشاتنا الصباحية، أخبرته أن أعماله تشبه، في كثير من نواحيها، أعمال أحد النقاد الأميركيين المشهورين والفريدين من نوعهم، كينيث بورك. بدا بارت مهتماً جداً بالموضوع، حتى انه دوّن اسم بورك وطلب مني أن أزوّده بلائحة تضم أهم كتبه. فاستجبت لطلبه قبل أن نعود الى حديثنا. وبعد سنتين، التقيت مجدداً برولان بارت، في مؤتمر كان يُعقد في شيكاغو. ألقينا التحية واحدنا على الآخر بحرارة وتكلّمنا عن أمور مختلفة، قبل أن أسأله إذا تسنّت له فرصة المقارنة بين أفكاره وأفكار بورك. وإذا به يجيب: «أفكار من؟».
لقد فاته كلياً الأمر واضطررت الى الإصرار على مطلبي أكثر من مرة، على رغم أهمية بورك ونقاط التشابه بينهما. وأظن انني كنت في صدد تناقض شكلي الى أقصى درجة. فمن ناحية، هناك التعصب الى الانتماء الفرنسي، الذي أصفه بالمتطرف والذي كان يمنع المفكرين الفرنسيين من النظر الى خارج حدود عالمهم الفكري أو الاهتمام بالكبار دون سواهم، ومن ناحية أخرى، هناك انفتاح فعلي على بقية العالم في بعض الأحيان. فعندما كان كلود ليفي شتراوس يتكلم عن الفكر مثلاً، كنت أشعر انني أستمع الى مفكر عالمي بكل ما للكلمة من معنى. وبالطبع، ذلك هو الاستثناء الذي يثبت القاعدة السائدة وهي العصبية الفرنسية. وليفي شتراوس كان يدحض هذه الفكرة. فهو تأثر كثيراً بالإثنولوجيا الإنكليزية - الأميركية. وبيار بورديو كان أيضاً استثناء في هذا المجال، نظراً الى تتبعه لكل ما يجري خارج الفلك الفرنسي. لكن سواهما من المفكرين كانوا منغلقين على ذاتهم، ولا يهتمون إلا بشخصهم. ولا أدري كيف أفسّر هذه الشوائب، قد يكون السبب عقليتهم أو النظام التربوي والبرامج التي تتخطى حدود المقبول في صرامتها».
ورداً على السؤال: نظراً الى المكانة الخاصة التي يحتلها المفكرون في المجتمع الفرنسي، هل ترى أنهم يستغلون مكانتهم تلك ويستثمرونها في المكان المناسب بغية الدفاع عن قضايا مهمة، أم أن المسألة تختصر في المظاهر؟ هل نشهد اليوم تراجعاً للنفوذ الفكري الذي تتمتع به فرنسا، لا سيما بالمقارنة مع الفترة التي تلت الحرب مباشرة؟ يجيب: «لم يستطع المفكرون الفرنسيون المعاصرون لي من لعب دور جوهري، واللغة هي أحد الأسباب التي أعاقتهم. فقلة قليلة منهم فقط متمكنة من لغة أخرى غير الفرنسية، كالإنكليزية على سبيل المثل. والمفكرون العرب يعانون أيضاً من عائق اللغة. فهم يعجزون عن التعبير بغير اللغة العربية ويكتفون بذلك، متسائلين، مثلهم مثل المفكرين الفرنسيين، «لمَ عسانا نعقّد حياتنا بتعلّم لغات أخرى؟» إن هذا النمط من التفكير مؤسف للغاية. ولكن هنا أيضاً، يمكنني أن أذكر أمثلة مضادة وأسماء لامعة مثل تودوروف. فأصول هذا الكاتب البلغارية لم تمنعه من أن يصبح مفكراً فرنسياً وهو من النادرين الذين يقرأون ويتكلمون ويفهمون اللغة الإنكليزية. إتيان باليبار يُعتبر أيضاً من الناطقين باللغة الإنكليزية. وهو يعطي دروساً، بين الحين والآخر، في الولايات المتحدة حيث تُرجمت كتبه وباتت موضع قراءة ودراسة. لكن أفكار الآخرين، حتى المفكرين اليمينيين الأكثر شهرة في فرنسا مثل فينكلكروت أو برنار هنري ليفي لا تتعدى حدود العالم الناطق باللغة الفرنسية ولا تلقى صدى واسعاً في العالم»
اسبيرانزا
12/06/2008, 22:24
لكن هؤلاء يحشدون جمهوراً واسعاً من خلال الشاشة الفرنسية الصغيرة. يقول سعيد في هذا الصدد: «نعم، هذا صحيح. فجمهورهم التلفزيوني – إذا جاز التعبير – أكبر من جمهورهم الأكاديمي والجامعي. في المقابل، خُيّل إليّ لوهلة أن رجلاً مثل ريجيس دوبري قد يلعب دوراً مهماً خارج فرنسا. فقد منحه عمله في أميركا اللاتينية ومؤلفاته حول دور المفكر، خلفية دولية. إلا أن كتبه لم تلق الصدى الذي يليق بها في الولايات المتحدة، وقد تكون اللغة السبب وراء ذلك. وأتذكر الآن قصة تتعلق بدوبري وباللغة. منذ سنوات، عندما صدر كتابي «عن المثقفين والسلطة» في باريس (دار سوي 1996)، التقينا في برنامج تلفزيوني أنا ودوبري وفينكلكورت. وفي المناسبة، شعرت ان الرجلين لا يستلطف واحدهما الآخر! وبالعودة الى صلب الموضوع، غمر الغضب دوبري عندما علم أنني وصفته في أحد مقالاتي بالكلمات الآتية: بـ «المفكر اللامع والمتعدد الآفاق». واستخدمت كلمة «المتعدد» بمعناها في اللغة الإنكليزية، أي الرجل المنفتح والقادر على تناول مواضيع مختلفة في كتاباته. لكنه اعتقد انني استخدمت الكلمة بمعناها الفرنسي، أي الشخص المزاجي والمتقلب في أفكاره...».
ويتحدث عن إميل زولا، الرواي والمفكر الملتزم قائلاً: «لم أعاود قراءة كتابات إميل زولا منذ فترة طويلة، لكنني قرأته من خلال أحد زملائي الذي يعمل أستاذاً في قسم الأدب الفرنسي في جامعة كولومبيا. إن سيرة زولا الذاتية التي وضعها هنري ميتران، ذلك الرجل المتضلّع في كل شاردة وواردة تتعلق بزولا، هائلة، وقد سمحت لي أعماله أن أتعرّف أكثر الى زولا. بالطبع، سبق أن قرأت رواياته مثل «جيرمينال» و «نانا» وسواهما خلال فترة دراستي، وأعرف أن زولا كاتب موهوب لكنه لا ينتمي الى الكتّاب الذين أعاود قراءتهم مراراً وتكراراً، على غرار مارسيل بروست وغوستاف فلوبير الذي يُعتبر نقيض زولا على مستويات عدة. وهنا تأتي المقارنة في غير محلها. دعني أعترف إذاً أن إعجابي بزولا، المفكر الملتزم، يفوق إعجابي بزولا الروائي. فالسياق الذي تجري فيه أحداث روايات زولا مغاير تماماً للسياق الذي نعيش فيه اليوم ما أحببته في زولا هو مداخلاته العامة، والدور الذي لعبه كأحد الوجوه التي تركت بصمات واضحة في الثقافة الفرنسية. والمثير للاهتمام في ذلك الرجل هو ناحيته الفرنسية البحتة، وقدرة قضية ما على التأثير فيه ومسّه من الداخل وذلك بشهادة من المجتمع برمته. إضافة الى قدرته على دفع الأمور نحو مزيد من العدالة، كما حصل مع نصه «أتهم». وستبقى كلمة «مفكر» مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بزولا.
اسبيرانزا
13/06/2008, 01:36
وعن ألبير كامو وعن رأيه بمقولته الشهيرة: «إذا خُيّرت بين العدالة وأمي، أختار أمي» التي تجسّد العلة التي يعاني منها العالم المعاصر، حيث يندرج الجميع تحت راية ذويه وجماعته ويغلّب النسب على الانتساب، ويفضل الولاءات القبلية والمجتمعية والشخصية على القيم والعدالة، يقول سعيد: «أنا أعارض هذا الانقسام وأعتقد أن التصنيف خاطئ أساساً. وأظن أن ذلك يُعزى أولاً الى غياب أي معارضة طبيعية بين العدالة والأم. لم يُفترض بنا أن نختار؟ ولم لا يمكننا اختيار العدالة والأم معاً؟ من جهة أخرى، نحن نرتكب خطأ باعتقادنا بأن الدفاع عن العدالة قد يدفعنا الى التخلي عن أمنا، فالعدالة بذاتها أمر طبيعي للغاية. وفي نهاية المطاف، وحدها العدالة تستطيع تخليص الأمهات من كل شٍر يتربّص بهن. إن الدفاع عن العدالة لا يعني بالضرورة مخالفة الولاءات والانتماءات الفطرية والأساسية. ومن خلال هذا السؤال تبرز بعض النقاط التي تقف عائقاً بيني وبين كامو».
في كتابه «الثقافة والامبريالية»، يقارب سعيد ألبير كاموا بطريقة مستحدثة، من خلال تحليل اللاوعي الاستيطاني. ويبيّن أن كامو خضع، إما بكل وعيه أو من دون وعي، لسيطرة العقلية الاستيطانية. ويشير أيضاً الى أن الرجل العربي الذي قتله مرسو في رواية «الغريب» كان شخصية مجردة، نجهل عنها الكثير... يقول سعيد عن كامو: «أعتقد أن كامو كان رجلاً موهوباً، إلا أنه بالغ – الى حد التصنع – في إظهار أخلاقياته. كامو كان واعياً أخلاقياً، لكنني حاولت إظهار كيف أن انعدام النزاهة وحال الهروب والنظرة المخالفة للتاريخ التي ألقاها على المكان الذي عاش فيه، كيف أن كل تلك الأمور شوّهت هذا الوعي الأخلاقي. وأعني بذلك أن كامو لم ينقل العلاقة الفعلية بين المستوطن والمستوطَن كما هي في الجزائر. وبالنسبة إليه، شكّل الاستيطان سياسة سيئة مارسها نظام سيئ وحكومة فرنسية سيئة، لكنه لم يكن يرى أن ذلك يندرج في عملية تاريخية طويلة، تستند الى التجريد المنظم والى بناء عقلية استيطانية. وأعتقد أن ذلك أشبه بالوضع الذي نشهده في إسرائيل، وفي سلوك بعض المفكرين تجاه هذه المسألة بالتحديد. وما لا أستطيع فهمه هو أن الكثيرين من الفرنسيين ما زالوا يرون في كامو مثالاً للكاتب الأخلاقي والمفكر التقدمي. وقد أدركت الأمر عندما درس إبني كامو في المدرسة. كان يقرأ رواية «الغريب» حينها. وسألته إذا ما كان الكتاب مدروساً بحسب سياقه، وإذا ما كانوا يتعرفون خلال الحصص المخصصة لدراسته الى الخلفية والكاتب والحياة في الجزائر... لكن الدروس لم تكن تجري على هذا النحو. ففي معظم الأحيان، يتم تجاهل كل هذه الأمور ويظهر كامو بالتالي كالكاتب الأخلاقي الفرنسي الكبير في القرن العشرين. لا شك في أن في وضع كامو قد يستغوينا التركيز على الأسلوب فقط. فنحن في وجه كتاب نثري رائع، في وجه «كتابة بيضاء» أو كما سمّاها بارت. ومن المؤكد أن كامو كان يعيش في بيئة صعبة جداً، في بيئة منغلقة على فرنسيي الجزائر. لكننا لا نجد في شخص كامو وعياً لجهة استغلال شمال القارة السمراء. فيما أن الكاتب الفرنسي أندريه جيد كان يعي تماماً وجود هذا الاستغلال. وأنا لست أستغيب كامو، لطالما قلت، ولا أزال، إنه كان كاتباً موهوباً جداً، لكنه يخفي أمراً ما وذلك لا يريحني. فمن الطبيعي أن نرى فيه، كما نرى في أندريه جيد، مثالاً يُحتذى به لجهة الثقافة الفرنسية. إلا أنني أعتقد أن وضع جيد يختلف تماماً. كامو كان يعتبر نفسه مؤلفاً أخلاقياً وكاتب مقالات. أما جيد فكان قبل كل شيء من أنصار المتعية، وكانت أعماله منفتحة جداً ومتأثرة بهذه المتعية على طريقة أوسكار وايلد».
اسبيرانزا
13/06/2008, 01:36
وعن سارتر الذي عاد فجأة الى الطليعة، بعدما كاد العالم أن ينساه وعن الإرث الذي تركه يقول سعيد: «مهما كثرت الإشاعات عنه، وعلى رغم كل سيئاته، يبقى سارتر بالنسبة إليّ أحد أهم الوجوه الفكرية التي عرفها العالم في القرن العشرين. وقبل الحديث عن سارتر الروائي، تجدر الإشارة الى أنه كان ناقداً أدبياً وفلسفياً فريداً. وفي هذا الإطار، تطاردني أعماله من كل ميل وطرف، أذكر منها كتابه الرائع عن فلوبير، «أبله العائلة»، وكتابه عن بودلير والمقالات الأخرى التي تناولت باقة متنوعة من المؤلفين. وأظن أن أعماله تأتي في صدارة التحقيقات النقدية. وعرفنا سارتر أيضاً كروائي وكاتب مسرحي رائع، فكيف ننسى رواية «الغثيان» وسواها من روائع المسرح التي تحمل توقيعه. ميزة سارتر انه كرّس معظم حياته ليطرح على نفسه كما على غيره أسئلة حيوية. وقد أثبت شجاعة كبيرة في تعاطيه مع الأمور، فتطرّق الى موضوعات شبه محرمة في المجتمع مثل فيتنام والجزائر. غير أن ذلك لا ينفي وجود بعض الشوائب والإبهام حول مسيرته الفكرية على بعض المستويات، ونذكر في هذا الإطار موقفه حيال القضية الفلسطينية».
تميل مواقف سارتر حيال الصراع العربي – الإسرائيلي الى بعض من الغموض والتناقض خصوصاً في التزامه المطلق تجاه القضيتين الفيتنامية والجزائرية، أو المديح الذي قام به في المقدمة اللاهبة لكتاب فرانتز فانون «محكومو الأرض». ويقول سعيد: «أو عندما نتذكر إعجابه الكبير بجان جينيه وبالعمل الرائع الذي أهداه إياه».
وعن امتناع سارتر عن إظهار المزيد من الدعم للقضية الفلسطينية يقول: «أعتقد أن سارتر تأثر بالحرب العالمية الثانية، وذلك طبيعي جداً. لقد أدرك فظاعة المحرقة التي أتت بمثابة ضربة أعادته الى الواقع وعززت وعيه السياسي والفكري. والأمر سيان بالنسبة إلى ميشال فوكو، على رغم صغر سنّه. فكلاهما شعر بعد الحرب أن إنشاء دولة إسرائيل خطوة طبيعية ومحقة، تأتي بمثابة تعويض لمعاداة أوروبا للسامية وقد تسمح بالتخفيف من وطأة شعور الذنب الذي يعذبهما ويعذب غيرهما بسبب الفظائع التي ارتُكبت بحق اليهود الذين تعرضوا للإبادة الجماعية خلال الحرب، على اختلاف جنسياتهم، فرنسيين كانوا أم ألماناً أم بولنديين. ومن هنا، عجز سارتر عن استيعاب وجهة النظر العربية. ونادراً ما اهتم بالعالم العربي، وكان ذلك غريباً بعض الشيء. فكان يرى في عبدالناصر رجلاً اشتراكياً من جهة، وفاشياً يشبه الألمان من جهة أخرى. لم تنشأ يوماً علاقة فعلية بين سارتر والثقافة العربية ولطالما غلب الانزعاج عليها وهذا ما لا أفهمه، وهو أحد الأسباب التي دفعتني الى مقابلته عام 1979. أردت أن أفهم الحقيقة، فصلة سارتر بالفكر العربي كانت ضعيفة في الوقت الذي كان على علاقة متينة ببعض الإسرائيليين، على غرار إيلي بن غال وبيار فيكتور اللذين أخذاه في رحلة الى إسرائيل وأعطياه صورة إيجابية عنها... أما العالم العربي والثقافة العربية فلم يعرفهما البتة. كل ذلك كان غريباً بعض الشيء. لكننا بشر ولكلٍّ سيئاته. هناك أمور تمسّنا وتؤثر فينا أكثر من غيرها. لقد أخطأ سارتر في قضايا كثيرة ولم تؤثر فيه معاناة الشعب الفلسطيني. صحيح أن موقفاً كهذا مخيّب للآمال، ولكن لا يكفي لنفي موهبته ومواقفه الشجاعة إزاء قضايا أخرى».
اسبيرانزا
13/06/2008, 01:37
سارتر والعداء لاميركا:وعن عدائية سارتر وسيمون دو بوفوار المتطرفة للولايات المتحدة، وهو شعور ذا طبيعة جوهرية لا يستند الى انتقادات شرعية لسياسات أميركية معينة، يقول سعيد: «أزعجني ذلك، خصوصاً أن هذه العدائية لا تستند الى انتقادات شرعية، حتى انها لا تستند الى معرفة حقيقية للولايات المتحدة. ومن الواضح أن سارتر ودو بوفوار كانا يجهلان هذا البلد. والأمر سيان بالنسبة الى غيرهما من المفكرين الفرنسيين. فغالباً ما تنبع عداوتهم للولايات المتحدة من جهل فعلي لهذا البلد. وهذا ما دفعني في مرحلة ما الى كتابة مقالة تحت عنوان «أميركا الأخرى»، التي صدرت في صحف عالمية عدة ومنها صحيفة «لوموند ديبلوماتيك» الفرنسية، في آذار (مارس) 2003. أعتقد ان من الضروري أن نتذكر دائماً أن بوش وإدارته لا يمثلان سوى أحد أوجه الولايات المتحدة الكثيرة والمختلفة. كنت أود لو أن سارتر ودو بوفوار أوليا أهمية أكبر للوجه الآخر من أميركا. جان جينيه مثلاً، الذي التقيته للمرة الأولى في جامعة كولومبيا اهتم كثيراً بهذا الوجه الآخر. فقد نظر عن كثب الى الحركة المضادة للحرب التي نشأت في نهاية الستينات، والى النشاطات التي قام بها طلاب اليسار والجذريون وحتى البلاك بانثرز. جان جينيه كان متميزاً من هذه الناحية، على خلاف الكثير من المفكرين الفرنسيين التقليديين والتافهين في عدائهم لأميركا، لأن شعورهم ذلك ما كان يستند الى معرفة كافية بهذا البلد أو الى انتقادات شرعية ومفصلة».
وعن تأثير مفكري ما بعد الحداثة في فرنسا على طلاب الجامعات الأميركية التي أبدت اهتماماً كبيراً بمفكرين مثل فوكو ودريدا وبودريار الذين يحظون بمحبة أكبر في الولايات المتحدة منها في فرنسا، يقول: «إنه لسؤال صعب. إذا أخذناهم كل واحد على حدة، سأقول إن فوكو لا يحظى بالتقدير الذي يليق به كباحث وجامعي. فالكثيرون من الأميركيين يعتقدون أن فوكو هو فقط هذا الرجل الذي أطلق العنان لموضوعات أثارت ضجة كبيرة كالرغبة المثلية والجنس والجنون. وهي موضوعات منحت فوكو مكانة كبيرة، وجعلت الناس ينسون أنه جامعي كبير وفيلسوف رائع في الدرجة الأولى، «فيلسوف جذري»، بحسب تصنيف نيتشه. هذا هو الوجه الذي أثار إعجاب جيل دولوز في فوكو والذي بقي مهمشاً بعض الشيء في أميركا، حيث يطغى الفكر المنظم والأنظمة الصغرى على البقية. عندما يتعلق الموضوع بمفكرين مثل دريدا وفوكو. فدريردا ومفهوم اللابناء يقعان اليوم في قلب نوع من البدعة الموجودة في الجامعات الأميركية. وقد ركّز الكثير على ذلك المفهوم من دون أن يفهموا أعمال دريدا الأولى. وأعتقد أن أعمال دريدا اللاحقة عكست، بطريقة أو بأخرى، التأثير الأميركي. فتحوّل كاتباً يتّسم بغموض أكبر ومنذ ذلك الحين فقدت أعماله رونقها لأنها كانت تفتقر الى الصراحة. إن مشكلة هؤلاء المفكرين لا تكمن بالمبالغة في تقديرهم، بقدر ما تكمن في أن بعض النواحي من أعمالهم، واشدد على «بعض النواحي»، تحوّلت مجرد آليات متحركة. وبالتالي، بات من السهل الحصول على كميات هائلة من نسخ دريدا وفوكو، بدلاً من إنشاء أشخاص يحاولون فهم دريدا وفوكو، وانتقاد أعمالهما بالأسلوب نفسه الذي نقلاه في تعاليمهما. على صعيد آخر، أُصبت بخيبة كبيرة عندما علمت أن جاك دريدا قبل دكتوراه فخرية من الجامعة العبرية في إسرائيل... ولعل توقيعه على بيان يدين بقسوة السياسات الإسرائيلية هو بالضبط ما خيّب أملي. وقّع على البيان وقبل بلقب فخري منحته إياه جامعة تابعة لبلد وصفه بنفسه أنه يقمع الفلسطينيين وينتهك حقوق الإنسان ويضرب القانون الدولي بعرض الحائط! بالنسبة الى دريدا وبودريار، لا وجود لحجم التاريخ وأهميته. عندما يعلن بودريار أن عهد الخطابات الكبرى وزمن التحرر وعصر الأنوار ولت، أنا لا أوافقه الرأي بتاتاً. فالكثير من الناس في العالم، وفي الولايات المتحدة، يتأثرون حتى اليوم بكل ما له صلة بالعدالة والحرية والأمل والقيم الأخرى. ونظراً الى ذلك، أعتقد أن ما يروّج له بعض مفكري ما بعد الحداثة لا يخلو من الازدراء والاستخفاف بكل من يؤمن بهذه القيم. وهذا هو السبب عينه الذي يمنعنــي مـــن الموافقة على مفهوم «نهايـــة التاريخ» لفوكوياما الذي يبسّط كـــل الأمــور الى حد التفاهة. أين الاعتراف بجهود الإنسان إذاً؟ أنا ألمس نوعاً من الكسل عندما أسمع أشخاصاً يأتون ليقولوا إنهم فقدوا كل اهتمام بتلك الأمور وبقضايا العالم الفعلية وبمعاناة البشر، وإنهم باتوا يهتمون بأفكار أخرى كالمسرح والمظاهر والروايات القصيرة والكفاءات التقنية...».
ويتطرق إدوارد سعيد الى موقف بعض المفكرين من الصراع العربي – الإسرائيلي الذي يعيد الى مسألة «العدالة وأمي» بحسب مقولة كامو، خصوصاً أن في عالم اليوم يتقدم النسب على الانتساب، ويقول: «أعتقد بأن العلاقة التي يحاول البعض إيجادها بين قضية ما والسبب الذي يدفعهم الى الدفاع عنها هي في معظم الأحيان علاقة طبيعية تنبع من انتمائهم ونسبهم. كنت أتمنى أن ينبع خيارهم من قناعة شخصية. فالاختيار يفرض ألا يهرع المرء الى مساندة «مخيمه» في شكل تلقائي. عندما انتقدت القيادة الفلسطينية بشدة، أثنى ريجيس دوبري على موقفي النادر، ذلك أن معظم المفكرين يميلون الى الدفاع اللامشروط عن مخيمهم وهذا ليس مفهومي لدور المفكرين. فمهمتهم الأولى تبقى الاعتراف بالحقيقة مهما كانت صعبة، وإن دفعت شعبهم الى التشكيك بهم. وفي نهاية المطاف، يعجز المفكر عن إتمام مهمته على الوجه الصحيح عندما يكتفي بإخبار جمهوره أو جماعته ما ترغب في سماعه وما يطمئنها ويثبّت قناعاتها السابقة والمكتسبة. وأظن أن هذا الفرق يستحق أن نتوقف عنده. إنه مسعى وراء النقاوة وتحقيق إنجاز ما. ثانياً، كنا نجد عند بعض المفكرين، حتى الكبار منهم، ما عدا البعض طبعاً، حاجة ماسة الى الإيمان بشيء ما. حتى عندما كانوا يتكلمون عن العلمانية، استطعنا أن نستشف فيهم صورة خيالية غير علمانية. وغالباً ما رأينا دفعاً شبه ديني يحثهم على المضي قدماً. لربما كان هذا الدفع بديلاً عن الإيمان الكاثوليكي. ولكن أعتقد أن المشكلة تكمن على هذا المستوى، هناك حاجة الى الإيمان بنظام سماوي ودفع شبه ديني وسعي وراء تحقيق إنجاز تام، مهما كان الثمن. ثم ان صورة المفكر الذي يلعب دور المحقق ويهتم بمشكلات الدنيا وبتفاصيل خاصة ويكرّس نفسه للنظر في الظروف التي يعيش فيها الأقل حظوة، ويقوم بدراسة القضايا الاجتماعية على مر التاريخ، ويزور الأماكن المهملة عادة والأحياء الفقيرة حيث يعيش المهاجرون والطبقة العاملة، أي المفكر الذي يتسلح بالشجاعة لمواجهة البؤس الاجتماعي، إن هذه الصورة إذاً باتت عملة نادرة في فرنسا، على الأقل قبل وصول بورديو، لأن بورديو غيّر مجرى الأمور، ولربما كان الوحيد الذي عالج مسائل ترتبط بالثقافة الشعبية والحياة اليومية بكل ارتياح، على الأقل أنا لا أعرف سواه. فبورديو كان يتوجه الى الشعب ويسعى الى استقطاب جمهور واسع. وفي الوقت نفسه، كان يأخذ احتياطاته من وسائل الإعلام. إلا أن حذره هذا لم يمنعه من الذهاب للبحث عن جمهوره والتواصل مع الشعب».
اسبيرانزا
13/06/2008, 01:37
معاداة السامية والعنصرية:وعن بعض المظاهر المخلة في فرنسا مثل بروز الشعور بمعاداة السامية والرهبة المرضية أحياناً من الإسلام والعنصرية ضد العرب يقول هو الذي كتب في «الاستشراق» أن معاداة السامية والعنصرية ضد العرب ناجمتان عن الخلفية الفكرية نفسها والعقلية عينها: «لا يمكن الفصل بين معاداة السامية والعنصرية ضد العرب. هذا مؤكد. فجذور الاستشراق هي نفسها جذور معاداة السامية، أي النظريات العرقية والأفكار الخاطئة حول اللغات السامية ومفهوم العرق السامي والفكرة السائدة التي تقول إن اليهود شرقيون فقط. بقي اليهود في فرنسا وبريطانيا شرقيين لمدة طويلة من الزمن، وكان يُنظر اليهم كفئة غير قابلة للدمج تماماً كما يُنظر الى بقية الشرقيين اليوم: فئة غير قابلة للدمج في المجتمع. إن أشهر الشخصيات اليهودية في الأدب الإنكليزي وردت في كتاب «تاجر البندقية» وفي رواية «دانيال ديروندا» لجورج إليوت. وفي العملين، نحن أمام شرقيين لا يهود من السكان الأصليين، بل غرباء. ولطالما بقي الوضع على هذا الحال في فرنسا».
ويضيف: «إن مكافحة العنصرية تحت كل أشكالها بدأت لتوها، ولكن أعتقد أن من الممكن تخطي تلك الأفكار المسبقة ولا سيما في فرنسا. ففي الولايات المتحدة، عندما نحاول الاهتمام بتاريخ الانشقاق وتاريخ معارضة العقائد المشددة وتاريخ العنصرية المضادة ومكافحة الأفكار المسبقة، والصراع من أجل الشمولية والانفتاح على العالم، تبقى فرنسا الأنوار المرجع الأول الذي يخطر في بالنا. هذا لا يعني أن المشهد كان خالياً من أي تناقضات، بل على العكس. فهذه التناقضات تتبلور مثلاً من خلال فولتير، أحد رموز عصر الأنوار، على رغم معاداته للسامية، هو الذي كان يروّج للعلمانية ويقوم باتفاقات جانبية مع البابا في الوقت نفسه.
ولكن، على رغم كل ذلك نقل لنا فولتير مبادئ الصراع من أجل الشمولية والعدالة وأعتقد أن هذا الصراع سيبقى خالداً مهما تغيّر الزمان. إنما، المذهل والغريب في فرنسا هو أنكم ستجدون دائماً، في وجه العنصرية والعصبية المحلية والعقول المحدودة، تياراً يتسم بالتسامح والعظمة وخطباً تدعو الى إرساء العدالة والحرية، ما يساعد على خلق إنسان مثل توسان لوفرتور. إن توسان لوفرتور كان في طريقة أو أخرى ثمرة الثقافة الفرنسية. فهذا الرجل الأسود قرأ إعلان حقوق الإنسان والمواطن على رغم ثقل العبودية ويديه المكبلتين، وقرأ أعمال ميرابو وتأثر بعصر الأنوار... فتحركت أحاسيسه وانكسرت الأصفاد لينتفض الإنسان الموجود في داخله من أجل محاربة العبودية في هايتي. هكذا كُتبت الأسطر الأولى من قصة تروي ثورة شعب أراد الحياة فاستجاب له القدر».
اسبيرانزا
18/06/2008, 01:41
حوار صوتى مع الشاعر صلاح عبد الصبور :D
اسبيرانزا
19/06/2008, 04:34
حوار الطيب صالح مع نزار قبانى :D
اسبيرانزا
19/06/2008, 04:38
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -/////////////// ////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
هذا الحوار « الوثيقة» اجراه الاستاذ الروائي الطيب صالح مع الشاعر نزار قباني باذاعة الـ«بي.بي.سي» بلندن في ابريل 1973عندما كان الطيب صالح محررا ادبياً بالاذاعة اللندنية الـ« بي. بي.سي» ومسؤولاً عن القسم الادبي العربي وقتذاك.. والحوار نشرت مقتطفات منه مجلة « هنا لندن» التابعة للـ«بي.بي.سي» ونحن هنا ننشره بعد مضي 32 عاما من نشره واذاعته لاول مرة... اذ نعتبره وثيقة ادبية تؤرخ لذلك العصر الادبي العربي.
اخ نزار ، انت تقول في موضع ما انك تريد ان تحول الشعر الى خبز يومي لجميع الناس، واعتقد انه اذا كان هناك شاعر معاصر فعل ذلك فهو انت.. وهذا واضح حينما تلقى الشعر، يهرع آلاف الناس لسماعك- تفتكر ليه حصل كدة بالنسبة لك؟
القضية بسيطة جداً.. انني انزلت الشعر من سماء النخبة الى ارض البشر.. فانا منذ بداياتي الشعرية، كنت اؤمن ايمانا مطلقا ان الشعر المكتوب للناس، وان الناس هم البداية والنهاية في كل عمل شعري ، ان اسطورة الشعر المكتوب للطبقات الخاصة، للامراء والنبلاء سقط. نحن في عصر يجب ان يكون المستفيدون من الشعر هم الناس.. قاتلت في الاصل لاصل هذ النتيجة. وقد تنبأت بذلك عام 1948 في ديواني « طفولة نهد» وتوصلت الى معادلة شعرية يكون فيها الناس جزءاً لا يتجزأ من الشعر.
هل هذا الادراك حدث فجأة ام انه ادراك نما بمعايشتك لافكار، ويمكن لشعر انت رفضته.. شعر لشعراء عرب آخرين؟
منذ البداية شعرت ان هناك هوة كبيرة بين الشاعر والجمهور، كان هناك نوع من الجدار اللغوي المنيع الذي يحول دون ان يتذوق الناس الشعر، وشعرنا القديم الذي استمر من العصر الجاهلي وحتى مطلع القرن العشرين كان شعراً صعباً لانه كان يعتمد على التراكيب اللغوية، وعلى النقش وعلى الزخرفة فانا اردت من الشعر ان يخرج من جدران الاكاديميات وينطلق في الحدائق العامة، ويعايش الناس ويتكلم معهم..
متى أصدرت أول ديوان؟
اول ديوان لي « قالت لي السمراء» وقد صدر في دمشق عام 1944م .
في هذا الديوان بالذات لك قصيدة عنوانها « ورقة الى القارئ» اعتقد انك تعلن فيها نوعا من الـ«ٍفَى نمُان» عن تجربتك وعما تريد ان تقدمه للقارئ «اما زلت متمسكا بهذا الـ«ٍفَى نمُرب» بينك وبين قارئك؟
انا لا اؤمن بالاشياء الثابتة، انا لا استطيع ان اقول ما قلته قبل ثلاثين سنة مثلاً ..« قانون» انا اتطور مع الحياة واسمح لي ان استعمل تعبير «اغير جلدي» في كل لحظة الا ان هناك عموميات اعتقد ان الانسان يظل مرتبطا بها مثلا نظريتي التي بدأنا بها الحديث عن تعميم الشعر او تأميمه هي نظرية لا تزال بالنسبة لي صحيحة وانا في كل يوم احاول ان اكسر جدرانا جديداً وادخل بيوت الناس من النوافذ ومن الابواب.
تقصد ماذا- على وجه التحديد انك «تغير جلدك»؟
انا لا أومن بوجود اشياء مطلقة ولا اشكال مطلقة، ربما ازمة شعرنا العربي في عصور الانحطاط انه كانت القصائد عبارة عن قصيدة واحدة منسوخة على ورق كاربون، يعني ان الشاعر لم يكن ليفهم عصره او ليفهم قضية الانسان.. العملية كلها بالنسبة للشعر العربي خلال الالف سنة الاخيرة، كانت عبارة عن نوع من الاكتشاف .. اكتشاف ماهو مكتشف كانت عبارة عن كيمياء لغوية نحن الآن لانفكر بالشعر كلغة قاموس لا يستطيع ان ينظم قصيدة وانما الانسان هو الذي ينظم القصيدة لهذا فان القاموس سقط.. سقط بكل محدوديته القديمة.. كمجموعة من الالفاظ والتراكيب والقوانين الصارمة التي لا تحتمل المخالفة.. نحن اليوم نخالف لانه يجب ان نكون مع الحياة لا مع النصوص الميتة..
لكن يخيل لي اخ نزار انك اكثر الشعراء المعاصرين اهتماما باللغة انت « صحيح» تستعمل لغة حديثة بمفاهيم حديثة لكن واضح في شعرك اهتمامك بالمادة الخام التي هي اللغة التي تعبر بها عن احاسيسك؟
استاذ الطيب يجب ان نتفق اولاً على مفهوم اللغة... انا اعنى اللغة التي حاصرتنا زمنا طويلا في جامعاتنا وفي مدارسنا وفي دروس اللغة العربية وفي دروس الفقه .
محاطة بقداسة؟
محاطة بنوع من القداسة.. وكانوا يقولون لنا ان هذه اللغة كصندوق سحري يجب الا تلمسها او لا تفتح الصندوق المخبأة فيه والا افترسنا المارد المخبوء في العلبة، اللغة التي افهمها انا هي اللغة التي يتنفس بها الناس اعود بك الى فكرة نزع الجلد..
اعود بك ايضا الى فكرة نزع الجلد.. هل يعني هذا ان القصيدة حين تكتمل تصبح بالنسبة لك لا تعني شيئا تصبح عالما خارجاً عنك تكتبها وتنساها؟
القصيدة تنتمي.. حين اكتبها الى مرحلة تاريخية واعتقد ان بقاء الشاعر في المرحلة التاريخية التي كتب عندها القصيدة تجمده وتوقفه عن الحركة، انا احب دائما ان اتجاوز قديمي طبعا هذا ليس نوعا من قلة الوفاء ولكنني شديد الوفاء الفني.. الوفاء للفن يكون دائما بالتجاوز والتخطي، هناك اناس كثيرون مثلا يستطيعون ان يستعيدوا قصائد كتبوها قبل عشرين سنة بدقة آلة التسجيل انا عاجز عن القيام بمثل هذه المغامرة.
نشأت في منزل دمشقي قديم.. هي عبارة عن فراديس مختبئة خلف ابواب خشبية صغيرة قد تدخل في زقاق صغير قد لا يوحي لك بشئ الا انك فتحت بابا من الابواب الخشبية الواطئة فتحت امامك فراديس فاذا بك تدخل جنة من جنان الوهم فالشجر والورد والياسمين والمياه الجارية والاسماك والعصافير كلها تتابع امامك مرة واحدة، هذه الخلفية لعبت دورا مهما في حياتي وفي تكوين لغتي الشعرية.. في دواويني الاولى « قالت لي السمراء» طفولة نهد» «انت لي» تلاحظ ان ابجديتي التي اكتب بها ابجدية دمشقية واستعملت كثيرا من الالفاظ الفولكلورية السورية في قصيدة «خمس قصائد الى امي» استعملت اسماء نباتات سورية غير معروفة في بقية العالم العربي كالشمشير والنفشة.. الارتباط بالارض هو الاساس اشعر ان الارض هي مسرح الشاعر هذه الواقعية جعلتني حادا واقرب الى قضايا البشر من غيري من الشعراء.
هذه الطفولة الجميلة كما رسمتها هل كانت توجد ارهاصات انك ستكون شاعراً؟
احب ان اشير الى ناحية مهمة، ان هذه اللوثة الفنية جاءتني عن طريق « جد» لي لعب لعبة خطيرة في تأريخ المسرح العربي هو ابو خليل القباني... كان فنانا من طراز رفيع واستطيع ان اشبهه بشارلي شابلن كان هذا في نهاية القرن التاسع عشر قاتل المستحيل في بيئة دمشقية محافظة ، كي يضيع لاول مرة في الشرق مسرحا طليعياً وقد جاوز في مسرحه كل الموروثات، وكان نصيب أبي خليل النفي الى خارج اسوار دمشق ذهب الى مصر وفي مصر استطاع ان يكون رائداً من رواد الحركة المسرحية التي عرفناها في مصر بعد ذلك.
الا تحس برابطة زمالة تربطك بشعراء عاشوا قبلك بالف عام او اكثر؟
ارتبط بمن يلتقون معي في التفكير خذ مثلا شعر عمر بن ابي ربيعة انا ارتبط معه بخيوط الواقعية الارضية والبشرية انت تعرف ان عمر بن ابي ربيعة اخرج الحب كما اخرجته انا من سراديب الكتب والحرمان الى الهواء الطلق.. انا اؤمن بالحقيقة.. بشاعر يقول بما يريد الناس ان يقولوه، لو كنت شاعراً منافقاً لوفرت على نفسي كثيرا من الهجمات والمشاكل واللعنات الا انني اعتقد ان لهفة الشاعر هي وسام لان مهمة الشاعر هي ان يضع قنبلة موقوتة تحت عجلة القطار الخشبي المتهالك الذي لم يعد منسجما مع العصر.
في علاقة الشاعر بالمرأة « في دواوينك» تدهشني الى حد ما هو ان الشاعر في مشاركة مستمرة مع المرأة، علاقة فيها نزاع وصراع يكاد يكون حميماً أكثر مما يجب؟
شوف يا استاذ الطيب.. لقد اثرت نقطة احب ان اوضحها. ان الخصومة مع المرأة هي المصادر الشعرية الحقيقية، نهايات الحب جعلتني اكتب شعراً احسن من بداياته.
حينما ينقطع الخيط، وتثور العاصفة مع حبيبتك فانت تبدأ بكتابة الشعر هذا يدعوني لان اقول ان الدراما في الحب هي الشعر الحقيقي.. والفرح في الحب لا يعني شيئا ان الفرح عملية مسطحة جدا فحينما تكون سعيدا مع حبيبتك تكتفي بسعادتك.. ان الفرح والسعادة عملية انانية جدا، أما حينما يقطع الخيط او يدخل الحبيبان في منطقة الدراما.. فهنا يبدأ الشعر.
من اكثر قصائدك دراما وعنفا. قصيدتك « الرسم بالكلمات»؟
هذه القصيدة تعبر تعبيرا عنيفا عن الازمة، الازمة التي يصل اليها الشاعر حينما يصل الى مكان مسدود، يعني طريق باتجاه واحد.. هذ القصيدة اسيئ فهمها جدا وانا آسف لذلك، اعتبرها البعض ممن يقرأون قراءة مسطحة او من يقرأ المكتوب من عنوانه .. اعتبروها قصيدة غير اخلاقية انا اؤمن بأن هذه القصيدة هي من احسن شعري: اولاً ومن اطهر شعري، لاني أحاول بهذه القصيدة ان اوجد التناقضات «كَُْف.قصيد» بين ما كان عليه الشاعر وما انتهى اليه، في هذه القصيدة خيبة امل رهيبة جداً وبهذه القصيدة نوع من السأم والعبثية كما يسمونها الآن.
القصيدة مليئة بما يعرف بعنصر الـ«وىكفٌ » «ذفوٌُ »؟ وانا اتفق معك انها نقطة تحول في شعرك يا حبذا لو قلت منها شيئاً:
لا تطلبي مني حساب حياتي
ان الحديث يطول يا مولاتي
كل العصور انا بها فكأنما
عمري ملايين من السنوات
تعبت من السفر الطويل حقائبي
وتعبت من خيلي ومن غزواتي ..
اسبيرانزا
22/06/2008, 16:50
حوار مع الست فيروز وزوجها عاصى الرحبانى :D
اسبيرانزا
22/06/2008, 18:36
حوار مع المخرج العالمى يوسف شاهين :D
اسبيرانزا
22/06/2008, 18:38
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
حوار مع يوسف شاهين في ريو دي جانيرو
حسين أحمد أمين الحياة 2003/10/10
يوسف شاهين في فيلم اليوم السادس
التقيته مراراً خلال النصف الثاني من شهر تشرين الثاني (نوفمبر) 1986، وذلك في مدينة ريو دي جانيرو في البرازيل، حيث كنت أعمل قنصلاً عاماً، عندما أقيم مهرجان السينما الدولي الذي عُرض فيه أحدث أفلامه يومها "اليوم السادس". وقفنا نتحادث في الردهة الخارجية حتى دق الجرس ايذاناً ببدء عرض الفيلم، وظننت أنه سيدلف الى القاعة معي، غير انه بادرني بقوله:
- أعصابي لا تحتمل مشاهدة أفلامي في المهرجانات، سأنتظرك عند حمام السباحة في الفندق فتحدثني عن رأيك وعن انطباعات الجمهور.
وفي مساء يوم 29 تشرين الثاني كانت حفلة توزيع الجوائز، وقد راقبت يوسف شاهين قبل بدئها يروح ويجيء في الردهة في عصبية ظاهرة، يحادث هذا ثم ينتقل الى ذاك وهو يتحدث كما بدا لي في غضب وحدّة، ومحدثوه يحاولون تهدئته وجبر خاطره، وأخيراً جاء اليّ حيث كنت اجلس في المقصف، وصاح بي وقد احمر وجهه:
- لن أتسلم الجائزة.. تسلمها انت نيابة عني.
- ماذا حدث؟
- لم تر لجنة التحكيم أن تمنح الجائزة للفيلم، ولكنها قررت - ترضية لي - منحي جائزة "التوكانو" عن "المستوى الرفيع لمجموعة اعمالي، وخدماتي الجليلة للسينما الدولية".
- وما يغضبك في هذا؟
- لا يا سيدي، لستُ ممن يقبلون جوائز الترضية، حينما ينادون عليّ قم أنت واستلم الجائزة من رئيس اللجنة نيابة عني، أما أنا فلن أفعل.
دخلنا القاعة، وجلس إلى جواري في احد الصفوف الامامية، وإذ ظننته - لسذاجتي - جاداً في عزمه، فقد شرعت اعد في ذهني الكلمة التي سألقيها عند تسلمي جائزته. غير انه لما نودي على اسمه، وتحركت اهمّ بالنهوض، رأيته يهب من مقعده ويتجه إلى مكان رئيس اللجنة على المسرح مبتسماً وسط تصفيق الجمهور، ويتسلم الجائزة! (وفي ظني الآن أن المنظر نفسه تكرر عام 1997 في مهرجان "كان"، عندما حصل يوسف شاهين على جائزة اليوبيل الذهبي للمهرجان "عن مجموع انتاجه السينمائي" في حين لم يحصل فيلمه "المصير" على أي جائزة".
داليدا/ صديقة
دعوته الى الغداء في اليوم التالي في أحد مطاعم ريو الفاخرة المطلة على البحر، ودار بيننا حتى الخامسة عصراً الحديث التالي، اصوغه في صورة اسئلة مني واجاباته عنها:
اعترض عدد من النقاد المصريين على اسنادك دور صِدّيقة في "اليوم السادس" إلى داليدا، فهي وإن كانت من مواليد مصر، فإن قضاءها معظم سني حياتها في فرنسا انساها اللغة العربية، وصارت في لسانها عجمة تجعل من أدائها لدور فلاحة مصرية صميمة أمراً مستغرباً. وفي رأيهم ان ثمة من الممثلات المصريات من كان في وسعها ان تقوم بهذا الدور على نحو مقنع ومستساغ، وبكفاية اكبر، مثل سعاد حسني، أو فاتن حمامة.
- قبل ان افكر في اسناد الدور الى داليدا، عرضته فعلاً على كل من فاتن حمامة وسعاد حسني، فأما فاتن فقد أبت أن تقوم بدور جدة، وأرادت ان أجري بعض التعديلات على القصة، وهو ما لم أقبله. وأما سعاد فقد ظلت مترددة بين القبول والرفض - ربما للسبب نفسه - حتى استقر رأيها على الرفض، حينئذ فكرت في الاستعانة بداليدا، أولاً لجودة تمثيلها كما لا شك في أن تكون لاحظت، وثانياً لأن الفيلم انتاج مصري - فرنسي مشترك، وداليدا مصرية - فرنسية، واضطلاعها بدور البطولة من شأنه أن يضمن اقبالاً أكبر على مشاهدة الفيلم في كل من مصر وفرنسا، وقد فكرت في ان استخدم صوت ممثلة مصرية اخرى بديلاً من صوت داليدا، غير انه اتضح لي أن عملية الدوبلاج هذه ستكلفني من النفقات ما لا قِبل به لموازنة الفيلم.
البعض يرى أن أفلامك عموماً فوق مستوى فهم المصري العادي، وأنها أصعب وأدق من ان تكون مستساغة ومقبولة لدى الجمهور العربي، وانك حتى مع اختيارك مواضيع مصرية صميمة، تبدو مخرجاً مصرياً يرتدي قبعة وذا نمط من التفكير اوروبي.
- أينطبق هذا الاتهام على "باب الحديد" أم "الارض" أم "الناصر صلاح الدين" أم "اليوم السادس"؟ الجمهور هو الحكم في مثل هذا الاتهام. واقبال الجمهور المصري على مشاهدة أفلامي كافٍ لتفنيده وتكذيبه. كل ما هناك هو ان اي عمل فني جيد، سواء كان كتاباً أم فيلماً أم مسرحية أم سيمفونية، يقتضي العودة اليه اكثر من مرة للإلمام بكل ابعاده، وأفلامي من هذا الصنف من الاعمال الفنية، من اللازم مشاهدتها اكثر من مرة لفهمها على نحو اوضح. لقد تأثرت بالتأكيد بمدارس سينمائية أجنبية، وبالمخرجين البارزين في الشرق والغرب، شأن معظم المخرجين عندنا في مصر، غير ان هذا لا يعني انني أصبحت "خواجة"، أو مخرجاً مصرياً يرتدي قبعة. على العكس أنا أدرك تماماً ان ما من عمل فني مصري يمكن أن يكون عالمياً، وان يلقى حظوة لدى الجماهير في الخارج، ما لم يكن مصري المضمون والطابع والروح، شرط ان يكون انسانياً في الوقت ذاته، وان يصور من العواطف والاحاسيس والمواقف والعلاقات ما يشترك فيه البشر جميعاً على اختلاف اجناسهم وأوطانهم.
عقبات
هل يجد جمهور أفلامك في اوروبا، أو الاميركتين، أو الشرق الاقصى عقبات في سبيل فهمها نتيجة اختلاف القيم والمفاهيم والمستوى الحضاري والعلاقات الفردية والاجتماعية في مجتمعاته عن تلك السائدة في المجتمع المصري؟
- بالتأكيد هناك مثل هذه العقبات، فهم قد يعجبون أو يضحكون أو يذهلون ازاء تمسكنا الشديد بقيم لا يقيمون هم لها وزناً، أو اغفالنا قيمة لها وزنها الخطير عندهم. وهذا أمر طبيعي تلمسه ليس فقط في المجتمعات المتباينة، بل وفي المجتمع الواحد في ازمنة متباينة، فالاخلاقيات الجنسية السائدة اليوم في اوروبا، مثلاً. تحول دون التعاطف الحقيقي الكامل مع مأساة مرغريت في مسرحية "فاوست" لغوته، أو مشكلة "تِسْ" في رواية توماس هاردي، ولا بد للمخيلة والثقافة العامة من ان تلعبا دورهما هنا من اجل اعادة بناء قيم الماضي، أو قيم مجتمع غريب بعيد. كما ان لا شك في ان اشتراك مجتمعين معينين، كالهند ومصر مثلاً، في مشكلات حيوية، أو في مفاهيم وتقاليد معينة، يجعل كلاً من الشعبين الهندي والمصري اقدر على فهم فنون الشعب الآخر منه على فهم فنون بلد كالسويد أو بولندا أو تشيلي.
لا شك في أن منافسة التلفزيون للسينما من الاسباب التي ادت بالسينما الى الإكثار من المشاهد الجنسية التي قد يعزف التلفزيون عن عرضها بحكم وجوده في كل بيت، وفي محيط العائلات، وذلك من أجل ضمان استمرار رواج الصناعة السينمائية، ولكن ألا ترى أن غالبية المشاهد الجنسية في الأفلام باتت مقصودة لذاتها، ولا يخدم موضوع الفيلم، أو تصوير نفسية ابطاله، أو تطور شخصياتهم؟
- منافسة التلفزيون هي بطبيعة الحال في الاسباب المهمة التي دفعت السينما في هذا الاتجاه. ولكنها ليست السبب الوحيد، وليست السبب الرئيس، السبب الرئيس في رأيي هو تزايد حرية السينما في بعض المجتمعات في مجال تناول هذا الموضوع الحيوي تناولاً صريحاً، ونمو الاعتقاد بأنه ما دام موضوعاً مهماً فلا بد من تناوله، ولا بد من ان يحتل في الفنون المكانة نفسها التي يحتلها في حياة الفرد، من دون خشية أو حرج، أو رياء أو حياء... غير أنني أوافقك على أن المشاهد الجنسية غالباً ما تدرج في الفيلم من دون ان تخدم موضوعه، فيكون رواج الفيلم هو الاعتبار الاول لا الجودة ومقتضيات الفن. وهذا هو بالضبط ما استقر عليه في الغرب تعريف "البورنوغرافيا" ومعيار التفرقة بينها وبين التعرض لموضوع الجنس لهدف فني خالص.
تأثير الأزمة
ما مدى تأثير الازمة الاقتصادية التي تمر بها مصر حالياً في صناعتها للسينما؟
- لا مفر من أن يكون لهذه الازمة تأثيرها الضار، بل والخطير، في الصناعة السينمائية المصرية، وقد انخفض عدد الأفلام المنتجة فعلاً من نحو مئة وعشرين عام 1985 الى ثمانين عام 1986، وأتوقع ان يكون العدد اقـل فأقـل في السنوات المقبلة، والازمة الاقتصادية ستتبع صعوبة في ضمان التمويل الكافي لانتاج الفيلم على نحو مشرف يرضي ضمير المخرج ومطامحه الفنية. وازاء هذه الازمة قد لا نرى بدّاً من الاستعانة بمصدر خارجي يشترك في التمويل اولاً، ويضيف سوقاً جديدة لتوزيع الفيلم. وهذه هي علة لجوئي في السنوات الاخيرة الى الانتاج المشترك مع دول اجنبية، ثم اننا نعلم جميعاً مدى سوء مستوى الصوت في الأفلام المصرية لعجزنا عن شراء الاجهزة الحديثة، وهو ضعف ادى في بعض مهرجانات الأفلام الدولية إلى رفض اشتراك أفلام مصرية ممتازة لهذا السبب. وهنا لا بد من الاستعانة باستوديوات دول متقدمة لتدارك هذا العيب.
إن معظم، أو كل، ما تعاني منه السينما المصرية اليوم من مشكلات مستعصية راجع الى المشكلة الاقتصادية لا الى الافتقار الى المواهب، أو ضعف الامكانات الفنية. افكار لا تجد تمويلاً، وأفلام لا تجد آلات واجهزة حديثة، ومواهب لا تجد المكافأة المجزية. ونتيجة هذا كله حال من الاحباط والقنوط، وإهدار المواهب والكساد والتمزق والثورة.
خذ مثلاً حال محسن محيي الدين بطل معظم أفلامي الاخيرة، ممثل رائع، وكفاية اعتز حقيقة باكتشافها والاسهام في انضاجها، وصلة روحية تربط بيننا كتلك التي تربط الأب بابنه، انه يبذل في أفلامي جهداً يعجز عن النهوض به اقوى الرجال، واحمله ما قد لا يطيق حتى يأتي اداؤه كاملاً من الوجوه كافة، لقد اقتضى دوره في فيلم "اليوم السادس" - وهو دور القرداتي - ان يقضي الاسابيع في التدريب مع القرد، والاشهر في تعلم الرقص الاستعراضي، وكنت اضطره احياناً إلى اعادة تمثيل اللقطة الواحدة اكثر من عشر مرات، فما هي مكافأته على كل هذا الجهد؟ ملاليم! قروش زهيدة لا تكاد تكفي لإعالته هو وأسرته، ثم اذا بالتلفزيون يعرض عليه اداء دور البطولة في مسلسلات تمثيلية تافهة لقاء أجر هو مئة ضعف ما يحصل عليه من اشتراكه في فيلم منهك وصعب كفيلم "اليوم السادس"، وكذلك يتلقى عرضاً من دبي للتمثيل مقابل مئة الف جنيه فما عسى هذا الشاب المسكين ان يصنع؟ انه ضنين بموهبته، حريص على ألا يضيعها بقبول دور إثر دور لا يرضَى ذوقُه الفني عنه، غير انه في الوقت نفسه بشر، يسعده كما يسعد اي فرد منا ان تأتي له موهبته بالمال، وله عائلة ترى من الحماقة ان يرفض مثل هذه العروض السخية، فالاغراء اقوى من أن يصده غير القديسين، وقد تعرضت أنا نفسي منذ زمن غير بعيد لمثل هذا الاغراء حينما ارسل اليّ رئيس احدى الدول العربية يعرض علي انتاج فيلم عن حياته مقابل مليوني جنيه! وعلى رغم انني رفضت العرض في النهاية، فقد ظللت مدة احاور نفسي واحاول اقناعها بأن المليونين كفيلان بأن يحلا ضائقتي المالية، ويمكناني في ما بعد من تمويل أفلام رفيعة المستوى.
اسبيرانزا
22/06/2008, 18:39
ألم يكن هذا بالضبط ما يفعله فيتوريو دوسيكا؟ كانت أفلامه الرائعة مثل "سارقو الدراجات" و"معجزة في ميلانو" و"امبرتو د" تصادف في ايطاليا فشلاً تجارياً ذريعاً، وكان عليه من أجل الاستمرار في انتاج مثلها ان ينتج من حين لآخر أفلاماً مقبولة لدى الجمهور تجلب له الربح. أما كان بوسعك ان تحذو حذوه؟
- لا يا سيدي، ربما لعجزي عن ان أنتج فيلماً انا غير مقتنع به، أو ربما لاعتقادي بأن التضحية مرة اثر مرة بالمثل العليا من شأنها ان تؤثر في مستوى الاداء، فيصعب بعد ذلك العودة الى هذه المُثل.
عن المهرجانات
اريدك ان تحدثني عن مهرجانات السينما الدولية التي نال بعض أفلامك فيها الجوائز، هل ثمة اعتبارات غير جودة الفيلم تؤثر في قرارات لجان التحكيم بمنح الجوائز؟
- بالتأكيد، وبالضبط كما في جائزة نوبل أو اي جوائز عالمية اخرى، ان اعضاء لجان التحكيم ليسوا ملائكة مجردين من الهوى والتحيز والمؤثرات الشخصية واعتبارات السياسة الدولية، فإن كان في اللجنة عضو بولندي مثلاً، فغالب الظن انه سيميل الى اعطاء صوته للفيلم المجري أو التشيخي، أو كان فيها حكم مصري فسيسره ان ينال الفيلم الهندي الجائزة، فإن اشتركت اسرائيل في المهرجان، فمن المؤكد أن يجد فيلمها اكثر من ناقد متعاطف لمجرد ان الفيلم اسرائيلي ومن دون اي اعتبار آخر، وكما ان مقرري جائزة نوبيل في بعض الاحيان يتنازلون ويلتفتون الى دول العالم الثالث، ويمنحونها لكاتب، كالكاتب النيجيري ول سوينكا، فإن المحكمين في مهرجانات الأفلام يمنحون الجوائز احياناً (وإن لم تكن احياناً كثيرة) لأفلام دول نامية، ربما رغبة في ابعاد شبهة التحيز أو الاستعلاء، أو الجهل بانجازات تلك الدول، أو على سبيل التشجيع.
بصرف النظر عن الازمة الاقتصادية التي تهدد مستقبل الصناعة السينمائية المصرية، هل يمكنك القول انك راض عنها عموماً؟
- الحقيقة التي يتفق الكثير من المثقفين المصريين معي عليها هي ان الفن السينمائي اصبح في السنوات الاخيرة اهم الفنون في مصر وأرقاها، وأحفلها بالأعمال المتميزة، وذلك بفضل مخرجين مصريين افذاذ، مثل صلاح ابو سيف ومحمد خان وعاطف الطيب وشادي عبد السلام وتوفيق صالح وعلي بدرخان واشرف فهمي وغيرهم، غير ان الازمة الاقتصادية - كما ذكرت - تهدد هذا الفن اكثر مما تهدد الفنون الاخرى كالأدب والموسيقى والرسم والنحت، وهو ما يجعلني أميل الى التشاؤم بالنسبة إلى مستقبله، وترافق هذه الازمة الاقتصادية، للاسف الشديد، مشكلة رهيبة اخرى خاصة بتجارة الفيديو، فهناك اناس لا ضمائر لهم وجدوها تجارة مربحة. طبع الآلاف من النسخ من الأفلام المصرية من دون ترخيص أو إذْن على اشرطة الفيديو، وبيعها بأسعار زهيدة نسبياً من دون ان ينال المنتجون قرشاً واحداً في مقابل ذلك، والسلطات عاجزة تماماً عن وضع حد لهذا النشاط غير المشروع. ونتيجة هذا كله يكاد الحافز المادي يختفي من الصناعة السينمائية عندنا، لقد خسر فيلمي "وداعا بونابرت" نحو نصف مليون جنيه، واتوقع ان يخسر فيلم "اليوم السادس" نحو 400 الف جنيه، فمن ذا الذي لديه القوة والمثابرة والمال والحافز الفني الملح فيواصل انتاج أفلام رفيعة المستوى في مواجهة مثل هذه الصعوبات الاقتصادية الضخمة والمتزايدة؟ الكثيرون يهجرون الميدان، والكفايات تهاجر من مصر، واذا نحن نعاني من ازمة في الخبراء الموهوبين، كما في حال كُتاب السيناريو والحوار مثلاً. لقد أصبح كتاب السيناريو والحوار الممتازون عندنا عملة نادرة، ما يضطرني في معظم أفلامي الى ان اكتبها بنفسي، وثمة أيضاً مشكلة الرقابة والقيود التي تفرضها على السينما وتشل من حريتها، فهناك مواضيع لا ينبغي ان تمس، ومناظر لا ينبغي ان تُضَمّن، وألفاظ لا ينبغي ان ترِد، وشخصيات لا ينبغي ان تُصّور، وقد اعترضت الرقابة أخيراً على فكرة فيلم كنت انوي اخراجه عن قصة يوسف الصدّيق، بحجة ان الانبياء والصحابة لا يجوز تصويرهم على المسرح أو في السينما. وتخامرني الان فكرة ان اخرج فيلماً عن الشيخ محمد عبده، آمل ألا تعترض الرقابة عليه.
أما عن مستوى التمثيل عندنا ففي اعتقادي انه عالٍ جداً، وانه ارتقى بشكل ملحوظ خلال السنوات العشرين الاخيرة بالابتعاد عن الميلودرامية والتمسك بواقعية الاداء، فإن سألتني عن اعظم الممثلين المصريين طراً أجبتُ بلا ادنى تردد: محمود المليجي، لقد كان الرجل من اجهل الناس بشؤون السياسة، ضئيل الحظ من الثقافة، وكثيراً ما كنا نضحك منه اثناء مناقشاتنا، غير انه كان في التمثيل لا يضاهى، ملكاً من السماء، وكنت احياناً لا املك نفسي من البكاء اثناء تصوير المشاهد التي يظهر فيها خصوصاً في فيلم "الارض" وفيلم "اسكندرية ليه؟" ونور الشريف ايضاً ممثل ممتاز، بدأ بداية طيبة، ثم اهدر موهبته بقبوله أدواراً هابطة المستوى، ثم تدارك نفسه واصبح اعظم مما كان في اي وقت مضى، محمود مرسي؟ لا بأس به، غير انه محدود القدرة على تنويع ادواره أو تصوير شخصيات شديدة التباين والاختلاف، واحترامي له كأستاذ في معهد السينما اكبر من احترامي له كممثل. واقربهم إلى قلبي جميعاً تلميذي محسن محيي الدين، ففيه اركز كل آمالي المحبطة، واحلامي التي لم يُكتب لها ان تتحقق. وانني أدعو الى الله له من صميم قلبي ألا تصرفه اغراءات الدنيا والمال والشهرة عن الطريق الجاد الذي قطع فيه شوطاً بعيداً.
... وعن النقاد
وماذا عن النقاد السينمائيين في مصر؟
- صراحة، أنا لم استفد من النقاد في مصر الا بمقدار ما اسهموا به في ذيوع صيتي، اما عن نقدهم وبيانهم لأخطائي ونصائحهم فلا. ومستوى النقد عندنا باستثناء ناقدين أو ثلاثة، رديء هابط، وهو محكوم في معظم الحالات إما باعتبارات شخصية (كالصداقة أو العداوة بين الناقد والمخرج)، أو مفاهيم ساذجة فجة عن الفن السينمائي، أو الغيرة والحسد والرغبة في تحطيم كل موهبة حقيقية تبرز في الميدان، فإن شئت مثالاً على ما اذهب اليه قلت ان ليس من النادر ان تشكو احدى الممثلات إلى ناقد أو صحافي معين هي على علاقة صداقة وثيقة به، من مخرج رفض ان يسند اليها دور البطولة في فيلمه، أو جرّبها في الدور فوجدها غير صالحة له فاختار غيرها، فيعدُها صديقُها الصحافي بأن "يبهدله ويمسح به الارض" في نقده للفيلم، و"يبهدل" الممثلة التي اخذت الدور منها ويمسح بها الارض، وكل هذا قبل ان يرى الفيلم، وبصرف النظر عن مستوى أداء الممثلة!
ما هو أفضل اعمالك السينمائية في رأيك انت؟
- البعض يرى أن "اليوم السادس" هو أفضل أفلامي على الاطلاق، ربما... والبعض ممن يعتقد ان أفلامي تزداد بمرور الايام صعوبة أو "حذلقة" كما يسميها، يصر على أن فيلم "باب الحديد" الذي اخرجته من نحو ثلاثين عاماً (1958)، هو أفضلها، غير انني اعتز بصفة خاصة بفيلم "اسكندرية ليه؟"، لأكثر من سبب. كنت قد أصبت قبله بأزمة قلبية كادت ان تودي بحياتي، واجريت لي في اوروبا عملية خطرة معقدة، وكنت خلال تلك الفترة العصيبة احاسب نفسي وأراجع حياتي لأرى ما قدمت يداي، وما اذا كنت تاركاً بموتي عملاً ذا شأن، فإذا بي غير راضٍ عما انتجت في ما سلف، معاهداً نفسي لو قدر لي ان أعيش أن أقدم في عملي التالي عصارة حياتي وتجاربي وخبراتي في قالب سينمائي فني من الدرجة الاولى. وكان فيلم "اسكندرية ليه؟" هو أول فيلم على الاطلاق - في مصر أو خارج مصر - يتحدث فيه المخرج عن نفسه وعن حياته بصورة مباشرة، وبصدق وصراحة كاملين، ربما كان فيلم فريدريكو فيلليني (8 ونصف) مستوحى من حياته، غير انه خلط الخيال بالحقيقة، والبطل فيه لا يحمل اسمه. اما "اسكندرية ليه؟" والفيلم المكمل له "حدوتة مصرية"، فهما يوسف شاهين من ألفه إلى يائه... أضف إلى ذلك انه من الأفلام المصرية النادرة للغاية التي تصور عائلة مسيحية مصرية بعاداتها واسلوب عيشها ومفاهيمها، وفي رأيي ان الفنون المصرية عموماً تفتقر بشدة الى صور لهذا القطاع من المجتمع المصري. وهو تقصير أنسب المسؤولية عنه إلى الفنانين المسيحيين المصريين.
على كل حال، إن كل فيلم من أفلامي هو قطعة من نفسي، وثمرة فترة معينة من حياتي، أو على حد قول التعبير الشائع "كلهم أبنائي!".
achelious
23/06/2008, 11:17
حوار الطيب صالح مع نزار قبانى :D
حوار شيق فعلا, شكرا اسبيرانزا:D
اسبيرانزا
06/07/2008, 00:17
حوار مع مفتى مصر ... الشيخ على جمعة :D
اسبيرانزا
06/07/2008, 00:19
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
التعريف بالمفتى
الاسم: على جمعة محمد عبد الوهاب
مكان الميــلاد: بني سويف ـ جمهورية مصر العربية
تاريخ الميــلاد: 3/3/1952م
المؤهلات:
دكتوراه في أصول الفقه من كلية الشريعة والقانون ـ جامعة الأزهر 1988م مع مرتبة الشرف الأولى.
ماجستير في أصول الفقه من كلية الشريعة والقانون ـ جامعة الأزهر 1985 بتقدير ممتاز.
الإجازة العالية (ليسانس) من كلية الدراسات الإسلامية والعربية ـ جامعة الأزهر 1979.
بكالوريوس التجارة من جامعة عين شمس 1973م.
الإجازات العلمية:
حاصل على أعلى الأسانيد في العلوم الشرعية وإجازات من أفاضل العلماء في العلوم الشرعية.
الوظائف:
مفتي جمهورية مصر العربية منذ عام 2003 وحتى الآن
أستاذ أصول الفقه بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بالقاهرة ـ جامعة الأزهر.
عضو مجمع البحوث الإسلامية منذ عام 2004 وحتى الآن
مستشار معالي وزير الأوقاف المصرية منذ عام 1998 حتى 2003.
المستشار الأكاديمي للمعهد العالمي للفكر الإسلامي ومدير مكتب القاهرة منذ عام 1992م حتى 2003.
عضو هيئة الرقابة الشرعية للمصرف الإسلامي الدولي للاستثمارات والتنمية بالقاهرة منذ عام0 199م.
رئيس الرقابة الشرعية لمصرف مصر المتحدة منذ عام 1997م وحتى 2003.
عضو الرقابة الشرعية لبنك التنمية الزراعي منذ عام 1997م وحتى 2003.
عضو هيئة الرقابة الشرعية لبنك الشرق الأوسط للمعاملات الإسلامية منذ سنة 1997م ، وحتى 2003.
المشرف العام على جامع الأزهر الشريف منذ سنة 2000.
عضو مؤتمر الفقه الإسلامي بالهند.
عضو مجلس الإفتاء لشمال أمريكا.
عضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف منذ عام 1995م حتى عام 1997م.
رئيس لجنة الفقه بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية منذ عام 1996 حتى الآن.
المشرف الشرعي على مشروع إدخال السنة بالكمبيوتر التابع لجمعية المكنز الإسلامي منذ عام 1978 حتى الآن.
تولى نائب مدير مركز صالح عبد الله كامل للاقتصاد الإسلامي للشئون العلمية - جامعة الأزهر منذ عام 1993 حتى 1996م.
تولى رئيس مجلس إدارة الجمعية الخيرية للخدمات الثقافية والاجتماعية من سنة 1997م.
اسبيرانزا
06/07/2008, 00:21
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
* فضيلة المفتي.. نبدأ الحوار مع فضيلتكم من كتابكم الأخير.. "الدين والحياة.. الفتاوى العصرية اليومية" والذي أثار الكثير من الاستفسارات حول ما ورد فيه.. مما دفع -حسب وسائل الإعلام وتحديدا جريدة المصري اليوم- بأحد الكتاب إلى التقدم بطلب لمجمع البحوث الإسلامية لفحص الكتاب ومناقشته.. فما تعقيبكم؟
- أولاهو ليس كتابا جديدا، وقد طبع منذ ست سنوات، وهو عبارة عن أسئلة وأجوبة، فيه جزء من بيان الأحكام الشرعية التي هي الفتاوى، وفيه جزء من الإجابة على بعض الأسئلة..
وهناك سؤال منها يتكلم عن حديث أم أيمن هل هو وارد أم لا.. فقلت بالطبع إنه وارد.. وحديث أم أيمن ليس وحده الحديث الوارد في هذا المجال.. بل إن هناك أحاديث كثيرة في المعنى نفسه.. فالقضية لها أصول؛ لكن للأسف عند النشر يحدث أن عقلية الخرافة تقف في مواجهة العقلية العلمية.
فالعقلية العلمية دائما تنظر إلى أصول المسائل ولا تجتزئ، لا تأخذ "فويل للمصلين" وتترك "الذين هم عن صلاتهم ساهون" هذا ليس علما.. العقلية العلمية ليست عنيدة، وهي عقلية تنظر إلى المسائل في كليتها.
والمسألة تخلص في أن النبي صلى الله عليه وسلم قد هيئ جسده الشريف للوحي، وهيئ للمعجزة وهيئ للإسراء والمعراج.. وذلك بأن نزل الملك وشق عن صدره وملأه إيمانا وحكمة، ونزع منه المضغة.. من أجل تهيئته لكل ما سوف يتلقاه في قابل حياته، فجسد النبي صلى الله عليه وسلم كان مختلفا، ولذلك تراه كانت تنام عيناه ولا ينام قلبه، وتراه صلى الله عليه وسلم يتحمل رحلة الإسراء والمعراج مع أنها تمت في دقائق معدودة؛ لأنه عندما رجع وجد فراشه ما يزال دافئا كما هو، وتراه يتحمل الوحي مع أن الإبل التي كان يركبها النبي صلى الله عليه وسلم ما كانت تستطيع أن تتحمل الوحي حينما كان يأتيه وهو عليها؛ فكانت تبرك..
وكذلك كان الصحابة يقولون: "كنا إذا اشتد الوطيس ودارت رحى الحرب احتمينا برسول الله صلى الله عليه وسلم"؛ وأيضا رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يروى عنه أنه كان يواصل الصيام ويقول: "لست كهيئة أحدكم إنما أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني".
فكيف هذا؟ فكر العلماء في كل هذا وقرروا أن جسده الشريف ليس ككل الأجساد، وكنا نتحدث -وهذا كلام الصحابة- أنه أوتي صلى الله عليه وسلم قوة أربعين رجلا.. كل هذه الأحاديث واردة.. وهناك منهجان للتعامل معها، هما:
أولا: منهج قائم على التصديق بالوحي والتصديق بالمعجزات كلها، وأغلبها وارد في القرآن أو في البخاري والصحيح عموما.
ثانيا: منهج الإنكار.
وأنا أدعي أن منهج التصديق المنطقي الذي شرحته الآن هو المنهج العلمي، وأن منهج الإنكار هو المنهج الخرافي؛ لأنه ينكر شيئا وكأنه يقيس فيه على نفسه هو، فنحن لم يشق أحد صدورنا، ولم تخرج منه المضغة، ولم يهيأ جسدنا لوحي أو لمعجزة، ولا لإسراء ولا لمعراج ولا لكل هذا!!.
ومن هنا حينما يأتي الصحابة رضوان الله عليهم والعلماء من بعدهم ويتفقون على أن جسد النبي صلى الله عليه وسلم طاهر في الظاهر والباطن، وينص على ذلك ابن حجر العسقلاني، وابن حجر الهيثمي، والسيوطي والقاضي عياض، والدار قطني ويصحح أحاديثه، والبيهقي والزركشي وسائر علماء الأمة يتفقون ويقولون: إن النبي صلى الله عليه وسلم طاهر في ظاهره وباطنه، وابن حجر يقول: "تكاثرت الأدلة على هذا الأمر، فليس شيء منه صلى الله عليه وسلم مستقذر".
لذلك نرى أن مالك بن سنان رضي الله عنه لما مص دمه الشريف من الجرح الذي جرحه بموجب بشريته.. لأن هذا كله لا يخرجه عن كونه بشرا.. كل هذه الأشياء تجعله بشرا متميزا مؤهلا لتلقي الوحي، لكنه في النهاية بشر.. بل كان يمرض ويقول فإذا وعكت كان ذلك بقدر وعكة رجلين منكم.
فالنبي صلى الله عليه وسلم طاهر في دمه، طاهر في بوله، طاهر في عرقه، وطاهر في دمعه، وطاهر في كله، والصحابة لم يكونوا يستقذرون منه شيئا أبدا.. نحن نستقذر اللعاب والعرق الإنساني.. لكننا لا نستقذر من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا.
فهؤلاء الذين لا يفهمون معنى النبوة، ولا يفهمون معنى الوحي، ولا يفهمون معنى التهيئة الجسدية، ويريدون أن ننكر وأن ننكر وأن ننكر، من أجل ما يتوهمون أنه العقل، هذا ليس عقلا لأنه لا دليل عليه من العقل ولا من النقل.
فهذا الذي ذكرته في كتابي وراءه منهج.. هذا الذي ذكرته في كتابي وراءه عقيدة عليها المسلمون؛ أبى من أبى، ورضي من رضي.
* لكن مع هذا هناك يا فضيلة المفتي من يمكن أن يعترض على ذكرك رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة كما في كتابك صـ174، وكذلك إباحتكلتقبيل السور الحديدي الذي يحيط بضريح الإمام الحسين.. فبماذا ترد عليهم؟
- نحن نأخذ أحوالنا وأدلتنا من الكتاب والسنة ومن الواقع المحسوس، فالنبي صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه الإمام مسلم يقول: "من رآني في المنام فسيراني في اليقظة" وهو حديث صحيح..
ثانيا: سألني أحدهم: هل هذا الحديث صحيح؟ قلت له: نعم.. حتى إنني قد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة، فما الذي يريدونه.. أن أكذب، أقول إنني لم أر النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة وقد رأيته.. لن أكذب..
ماذا أفعل إذا كان الحديث صحيحا في مسلم، وقد رأيته أنا أيضا، وسمعت الشيخ سيد سابق رحمه الله في مسجد عمر مكرم بالقاهرة، يُسأل عن هذا الحديث فيقول: "هو حديث صحيح وقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقظة".
فما هذا الذي هم فيه.. الرؤية أنا ألفت فيها كتابا اسمه "مدى حجية الرؤية" وبينت فيه أنها بشرى، وأن الرؤية حتى اليقظية كالمنامية، فهم لم يقرؤوا هذا الكتاب لأنهم أصحاب عقلية الخرافة.. ونحن لا نتبع الغوغاء، وإنما نتبع العلماء، والعلماء أقروا برؤية النبي يقظة، وقد بينت هذا في كتاب البيان ووسعت النقولات عن العلماء فيه؛ لكنهم لا يقرءون ولا يريدون أن يقرءوا.
اسبيرانزا
06/07/2008, 00:21
وأنا أقول إننا الآن أمام أزمة منهجية؛ لأن مثل هؤلاء يحولون المسائل إلى قضايا، حتى يشغلوا بال الناس، ولكننا نحن نحول كل محاولة منهم إلى المنهج العلمي وإلى العقلية العلمية حتى نخرج الناس من ضيق المادة والحس إلى حقيقة الإيمان الذي إذا ما دخل القلب وخالطت بشاشته القلوب فلا يخرج منه أبدا.
* هذا ما كنت أريد أن أسأله لفضيلتكم.. فهل تعتقد أن طغيان المادة -بمعنى أنه لم يعد هناك نقاء روحي- هو السبب في التعامل بما أسميتموه عقلية الخرافة؟
- أنا أعتقد أن السبب هو أنهم قصروا العلم على الحس.. والعلم عندنا ليس قاصرا على الحس.. فهؤلاء في قرارة أنفسهم ينكرون الجن، وينكرون الملائكة، وقد ينكرون الجنة والنار، والبعض يغالي في ذلك فينكر الله عز وجل لأنه لم يره.
لكننا نؤمن بالله عز وجل، وبالجن، وبالملائكة، وبالجنة والنار، ونؤمن أن هذا العالم المنظور وراءه عالم غير منظور.. فالإيمان بالغيب قد نص الله على أنه ركن من أركان الإيمان.. أما كونهم لا يصدقونني على المستوى الشخصي أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فهذا شأنهم!
* القضيةيا فضيلة المفتي ليست قضية تصديق شخصي، لكن البعض يتحدث عن أن تلك الرؤية لو كانت من البشرى لكان السلف تحدثوا عنها.. فهم أقرب الناس لذلك؟
- هكذا فعلوا.. وقد نقلت عنهم ذلك؛ فالمرسي أبو العباس كان يقول: "لو غاب عني طرفة عين ما عددت نفسي من المسلمين"...
* يقظةأم مناما؟
يقظة.. نعم.. فهؤلاء -يعني المنكرين- أنا أعتبرهم جهلة غوغاء.
* إذاكان هذا عن الرؤية.. فماذا إذن عن تقبيل السور الحديدي المحيط بضريح الإمام الحسين؟
- سئلت: هل هذا شرك؟ فقلت: لا ليس بشرك.. هذا فعله العرب ولم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم عليهم.. فقد قبلوا الرواحل وقبلوا دار الحبيب..
* تقصد الشعراء
- نعم.. الشعراء.. أمام النبي صلى الله عليه وسلم،
أمر على الديار ديار ليلى أقبل ذا الجدار وذا الجدار
وما حب الديار شغفن قلبي ولكن حب من سكن الديار
فعلوا ذلك ولم يكفرهم النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يشركهم، وحينما جاءه كعب بن زهير وألقى بين يديه البردة، ففرح النبي صلى الله عليه وسلم، وأنشد كعب قصيدته: بانت سعاد فقلبي اليوم متبول.
إذن فرسول الله رأى هؤلاء، ورأى من فعلهم أنهم يقبلون ما يحبون، ولم ينههم عن ذلك، وأنا لم أدعُ الناس إلى هذا.. لأن المعلوم أن عقلية الخرافة تغير النقول، ولا تفهم المراد.. فالذي قلته: إن هذا ليس بشرك.. هم يقولون: إنه شرك فيكونون مع المتطرفين الإرهابيين الذين ملئوا الأرض دما.
وأنا أقول هذا ليس بشرك.. ودليلي أن تقبيل الأشياء ليس بشرك.. فقد قبلوا اليد وقبلوا الرجل، ودخل عليه صلى الله عليه وسلم وفد عبد قيس وقبل يديه ورجليه، وهو قبل رأس جعفر، وقبل فاطمة، وقبل الحسين، وكان عطاء بن أبي رباح إمام أهل المدينة كما يقول الإمام مالك كان يقبل المنبر.. التقبيل من الحب.. حب الأشياء لا شيء فيه، ليس فيه شرك أو كفر مما يدعيه التيار المتشدد.
أناأعلم الناس كيف يعيشون في حب ووسطية واعتدال، وهذه أدلتنا وهذا رأينا، وهذا وضع السلف الصالح، فمن أراد بعد ذلك أن يفعل هذه الضجة المفتعلة فمع غيري.
* فضيلةالمفتي.. ليست ضجة وإنما هي محاولة من البعض للفهم؛ لأنهم ربما فهموا أن كلام فضيلتكم ينسحب بالضرورة على كل المقبلين حتى من كانت نيته اعتقاد النفع والضر فيما يقبل؟
- أنا حينما أسأل عن هذه التفاصيل أجيب عنها.. لكن عندما يجعل أحدهم تقبيل المقصورة شركا فهذا ردنا.. وتلك التفاصيل المخترعة أيضا أنا أعدها من عقلية الخرافة.. لأنها تسمى عند العلماء بالتداعي.. يعني حينما يأتي واحد مثل "أحمد رجب" ويكتب قائلا: "هل الصحابة كانوا يقفون أمام النبي صلى الله عليه وسلم ليتبول لهم من أجل أن يتبركوا"، هذا من التداعي الذهني.. كمن نقول له: إن العلماء يقولون إن التماثيل حرام، فيرد: "يعني نكسرها" هذا من التداعي الذهني لعقلية الخرافة، هذا ليس تفكيرا منطقيا، وأنا أحذر الناس من السطحية في التفكير، لأنها أحد العناصر المكونة لعقلية الخرافة، ومنها التجزئة والتداعي والعناد وهي عناصر تصل إلى عشرة وتئول إلى عشرة أيضا، ومنها تحطيم المصادر وتحطيم شروط البحث والتجزئة والعناد وغيرها.
اسبيرانزا
06/07/2008, 00:22
* اشتمل الكتاب أيضا فضيلة المفتي على بعض الفتاوى التي ظنها كثيرون مناقضة لمواقفك الأخيرة.. مثل حديثك عن ختان البنات على أنه مكرمة كما في صـ99 من الكتاب، وحديثك عن نقل الأعضاء وتحريمه، فهل تكشفت لفضيلتكم خلفيات أخرى تغيرت على أساسها الفتوى أم ماذا؟
- فتاواي لم تتغير من الأصل.. فهذا سؤال عن موقف الفقه الإسلامي من الختان.. والفقه فيه من قال بالوجوب كالشافعية، وفيه من قال بأنه مكرمة كالحنابلة، وفيه من قال بأنه تبع لمناخ البلاد كابن الحاج، وفيه من قال بأنه ليس من الشريعة في شيء كشارح عون المعبود العظيم آبادي.. وهناك رأي لي..
* وما هو رأي فضيلتكم؟
- رأيي أنه ليس من الشريعة في شيء.. لكن هناك فرق بين رأيي وبين ما هو موجود في الكتب، أنا أمين على نقل التراث بالمنهج العلمي.. ولذلك عندما يأتيني شخص ويسأل عن النقاب أقول له إن الشافعية يوجبونه، ومالك يقول إنه ليس من الدين في شيء، ويكرهه.. فيقول: وما رأيك أنت؟ أقول: إنه تابع لعادات البلاد.. لا أستطيع في بلد كالسعودية أن أقول للنساء اكشفن.. لقد صارت عادة.. لكنني في مصر مثلا أنصح بناتي من الجمهور بالحجاب العادي لا النقاب.. وهذا رأيي الشخصي.. لكن ما هو موجود في الكتب أنا أمين على نقله.
وقد قال لي أحدهم: لماذا تنقل الآراء، لماذا لم تقل إن النقاب بدعة في الدين؟ قلت له لا.. هذا لا يجوز في بناء العقلية العلمية.. وهذا من آثار عقلية الخرافة التي تتحكم في عقول المهاجمين.
* وماذا عن نقل الأعضاء؟
- قضية نقل الأعضاء تختلط كثيرا على الناس مع بيع الأعضاء.. وهناك فرق كبير بينهما، وعملية النقل لها تفاصيل صدرت بها فتاوى من المجامع الفقهية، وصدرت مني الفتاوى نفسها التي أفتت بها المجامع الفقهية.. أما بيع الأعضاء فمعناه أن يصير الفقراء قطع غيار، وهذا ضد الكرامة الإنسانية التي حفظها الإسلام.. وهو ما لا نرضاه ولا نقبله، والمشكلة أنهم دائما يخلطون ويخلطون، ويكذبون في النقل.
* لكن البعض يتخوف أساسا مما ستحدثه الفتوى بإباحة النقل.. مع التشديد بالطبع في تحريم البيع.. يتخوف من فتح باب خلفي لهذه العملية.. فقط من باب سد الذرائع؟
- أنا أعتقد أن هذا التخوف رأي جدير بأن يسمع، وأن يأخذ في الاعتبار..
* إذن هل لفضيلتكم رأي قاطع في هذه العملية؟
- تفاصيل كثيرة.. فيما إذا كان من حي إلى حي، أو من ميت إلى حي، متى الضرورة، قضية الضرر، قضية موت جذع الدماغ.. إلى آخره.
وأنا قلت مرات إن المسألة مركبة، وليس فيها رأي بسيط.. قلت هذا في المؤتمرات، وقلت هذا في التليفزيون، لكن لا فائدة.. يختزلون الأمور.. وهذا جزء من العقلية الخرافية.. الاختزال.. المركب يجعلونه بسيطا، فيؤدي هذا إلى تسطيح العقل.. وأنا أخاف على أمتي من تسطيح العقل.
اخوية نت
بدعم من : في بولتـين الحقوق محفوظة ©2000 - 2015, جيلسوفت إنتربـرايس المحدودة