-
عرض كامل الموضوع : حوارات
صفحات :
1
[
2]
3
4
5
6
7
8
verocchio
30/12/2007, 01:32
هل المستقبل للرواية، وما رأيك في مقولة "الرواية ديوان العرب"؟
- أنا موافق جدا على هذا الكلام، أنا أريد أن أقول أن الرواية ديوان العالم وليس العرب فقط، بمعنى أن أكثر الكتب نشرا وقراءة هي النص الروائي، ليس لأني روائي ولكن عندما أعرف مثلا أنه في فرنسا وحدها صدر سنة 2006 أكثر من 600 رواية، يعني بواقع روايتين في اليوم وأن حوالي 180 رواية منهم تنشر لكتاب يكتبون لأول مرة، للأسف لا توجد عندنا مثل هذه الإحصائيات في الوطن العربي، لكن أعتقد أن الرواية هي الفن الأول والجوهري والأساسي، ليس في مصر، ولا في العالم العربي، ولا في العالم الإسلامي وفي العالم الثالث، ولكنها على مستوى العالم
* كيف تفسر ظاهرة لجوء الشعراء العرب للرواية، هل هو موسم الهجرة إلى الرواية؟
- محمود درويش قال لي أنه يكتب رواية اسمها "البيوت" تدور حول البيوت التي سكن بها وعاش فيها، سميح القاسم يفكر في كتابة نص روائي، محمد عفيفي مطر انتهى من كتابة مجموعة قصص قصيرة للأطفال ويكتب نصا روائيا الآن، سعدي يوسف كتب نصا روائيا، محمد القيسي له نص روائي كتبه قبل أن يموت، وهكذا الكل يجري وراء النص الروائي، علما بأنني أعتقد بأن القصيدة الروائية التي تحافظ على الشكل الشعري وتحكي وتسرد، ربما كانت أفضل من أن يترك الشاعر النظم أساسا من أجل أن يكتب نصا روائيا، كان يمكن أن يكتب نصا مفتوحا يمكن أن يكون رواية ويمكن أن يكون قصيدة في نفس الوقت.
* هل أصيب الموضوع الشعري بالعجز وصار معقدا إلى هذا الحد؟
- ليست عاجزة، أنا سمعت من المنصف المزغني – باعتباره معنا الآن – في العراق منذ سنوات قصيدة سردية كان عنوانها "عياش" أعتقد أنها سرد حقيقي وأنها نص روائي، وأنه لو ابتعد قليلا عن القصيدة ودخل قليلا إلى الرواية كانت أصبحت نصا روائيا كاملا ومتكاملا.
* هل سرق منكم نجيب محفوظ قراء وحجب عنكم أشياء كثيرة؟
- لا.. أنا لا أوافقك، لأنه توجد دعوى مثارة في مصر من سنة 1968 تقول أن نجيب محفوظ أصبح عقبة أمام الروائيين العرب، وهذه الدعوى تقوم على نظرية تقول أنه في أعقاب كل روائي كبير مثل تولستوي، مثل تشيكوف، مثل دستوفسكي، مثل بلزاك.. أنه في أعقاب كل روائي كبير تأتي فترة من التدهور في الكتابة الروائية، إلى أن يأتي كاتب كبير بعد قرن من الزمان، وهي دعوى مغلوطة، لأني أعتقد أن نجيب محفوظ لم يحجب عنا شيئا ولم يأخذ منا قراء إطلاقا، ونحن لنا تواجدنا، لكنه ليس بشهرته وكثافته، وفقط ما أقوله عن محفوظ أن نوبل التي حصل عليها سنة 1988 لم تتحول إلى نوبل للأدب العربي مثلما كانت نوبل التي حصل عليها ماركيز سنة 1984 وأصبحت نوبل للأدب المكتوب باللغة الإسبانية، يعني أصبحت نهضة حقيقية لرواية أمريكا اللاتينية، والفارق الأساسي بين حالة محفوظ وحالة ماركيز، أن ماركيز جزء من الغرب لكن نجيب محفوظ الآخر، والآخر هذه هي مشكلته الأساسية.
verocchio
30/12/2007, 01:33
* هل تعتقد أن هذه الجائزة العالمية أصبحت مشبوهة ومغلوطة، وبالتالي السؤال عن القيمة الحقيقية لهذا النص المتوج أو ذاك؟
- طبعا واضح جدا، الكاتب الأخير الذي حصل عليها هو التركي أورهان باموك وكان في زيارة لمصر منذ أيام وأنا قابلته مرتين وهو كاتب جيد ودؤوب وله انجاز روائي، لكن الجوهر في سبب حصوله على الجائزة هو موقفه من مذبحة الأرمن التي تمت إبان الحرب العالمية الأولى في تركيا، والأرمن مسيحيون وجزء من أوروبا، وتعرضوا للإبادة من تركيا، وتصديه لهذه القضية، وباموك لم يتصدى لها روائيا بمعنى لم يكتب روايات عنها، هو تصدى لها بتصريحات صحفية إثارية، لكن هذه هي حجر الزاوية في حصوله على الجائزة، الجائز طبعا أنا متأكد أن هناك دوافع سياسية تحركها، لكن بالنسبة لنجيب محفوظ أنا أعتقد أنه يستحق الجائزة التي حصل عليها في اليوم الذي كتب فيه الكلمة الأخيرة في ثلاثية بين القصرين سنة 1950، يستحق الجائزة فعلا بعيدا عن السياسة.
* هل يمكن أن ينزع أحد الكتاب العرب منزع باموك ويصرح تصريحات قد تكون خطيرة العواقب من شأنها أن ترفع أسهمه لدى البيت الأبيض السويدي؟
- أتوقع هذا، أتوقع كتابة روائية تغازل نوبل، مثل التركيز على الأقليات العربية مثل المسيحيين أو النوبة أو الأرمن أو الأكراد، أتوقع كتابة فلكلورية موجهة للغرب، أعتقد أن تكون هناك تصريحات نارية بهذا الشكل، أعتقد ستظهر الشخصيات الإسرائيلية أو الصهيونية كثيرا في المشهد الروائي العربي بحثا عن مثل هذا الرواج، وأتوقع أيضا أن هناك كتاب سيكتبون من أجل الترجمة، كما أعتقد أن هناك زيادة مطردة في ستحصل في أعدد العرب الذين سيكتبون بلغات غير اللغة الأصلية، أعتقد أنه ستظهر كتابة ناتجة من خطة خلفية من أجل الحصول على جائزة نوبل في السنوات القادمة.
* لماذا انحرفت الجائزة، ألم يكن أدونيس المرشح الأقرب؟ وهل فعلا أدونيس يستحقها؟
- أدونيس يستحق الجائزة وغيره كثيرون من المبدعين العرب، لكن أعتقد أنه يكون هناك قرار مسبق، أعتقد في سنة حصول محفوظ عليها كان هناك قرار أن تمنح لعربي، أن تمنح لشخص يكتب باللغة العربية، أو أن تمنح لمسلم، أعتقد أن أدونيس دخل في دائرة التصفيات الأخيرة لأني قرأت هذا الكلام على لسان سكرتير الأكاديمية، لكن الجوائز لا تعبر عن ضمير أدبي حقيقي في جميع الأحوال، وتحدث تداخلات كثيرة، الأدب آخر تجلياتها عند منح الجائزة لهذا الكاتب أو لذاك.
* اللهفة التي أصابت بعض الكتاب لترجمة أعمالهم إلى لغات أخرى مهما كان اسم المترجم، ومهما كانت ظروف الترجمة، ومهما كان ثمنها، هل يحط ذلك من قيمة النص العربي أصلا؟
- تماما.. أنا قلت لك أنه من توقعاتي السابقة أنه قد يكتب كاتب من أجل الترجمة، وهناك نصوص تصدر دون ذكر أسماء، هناك نصوص تقدم لمترجمين وهي مخطوطة قبل أن تنشر باللغة العربية، ثم تترجم وتصدر بلغات أجنبية قبل ان تصدر بلغتها الأصلية، وهذا ضد قانون الترجمة، لأن الترجمة تقوم على ترجمة نص أثبت وجوده في لغته وبيئته الأصلية ثم يترجم بعد ذلك، الآن يحدث العكس، واللاهثين وراء الترجمة الذين يقيمون في العواصم الأوروبية أكثر مما يقيمون في بلادهم، هؤلاء لا يعنيهم سوى أن يترجَموا بصرف النظر عن أي اعتبار آخر. وأنا أرى أنها هوجة لن يبقى منها شيء لأن القضية الأساسية مثلا أنا سافرت لندن وباريس وموسكو وطوكيو من أجل أن أحضر حفلات توقيع لكتبي المترجمة، وقد سألت سؤالا محددا للناشر، هذه الكتب التي تترجم هل تطبع منها طبعات شعبية؟ قال لا، سألت سؤالا آخر: هل يقرأها راكب المترو؟ قال: لا. وقال لي أنها في معظمها موجهة إلى دارسي الأدب العربي والمهتمين بالحضارة العربية والمهتمين بالتجربة العربية بعيدا عن القارئ العادي الذي يقرأ النص للمتعة، وأنا أعتقد أنه من النادر أن تصدر طبعات شعبية لكتاب عرب، وأن هذه الترجمات كلها لا تخرج عن نطاق دارسي الأدب والباحثين عن الأدب في أي مكان في العالم.
verocchio
30/12/2007, 01:33
أنا أتساءل معك: ما قيمة الترجمة لكاتب لم يقنع حتى في قومه؟
- لا قيمة لها، ولكن هناك كتاب ينفقون على ذلك الشيء الكثير، وهناك أنظمة حكم عربية أنت تعرفها كما أعرفها تنفق على كتابها بسخاء من أجل أن يترجَموا بصرف النظر عن هل هم موجودين في واقعهم أم لا؟ وهل هم مؤثرين في بلدهم أم لا؟ وهل لهم دور في مجتمعاتهم أم لا؟ والهدف هي الترجمة فقط، وهي تشكل حالة من الهوس الحقيقي عند كثير من الكتاب، وأنا أنظر لهم بسخرية شديدة جدا. الحمد لله أنا فقير ومن بلد فقيرة، لا أنا مستعد أن أنفق على ترجمة كتاب لي، ولا مستعد أن أسافر على حسابي الخاص، لا أستطيع حتى إذا أنا رغبت. وأيضا لا توجد حكومة مصرية مستعدة أن تلعب دورا من أجل ترجمة أعمالي، لأن أعمالي ضدها. وبالتالي فالحمد لله أنا خارج هذا المزاد الرهيب الذي يسيء كثيرا للأدب العربي المعاصر.
* المجتمعات العربية لا تقل غرائبية وسحرية عن مجتمع أمريكا اللاتينية، هل عجز الكاتب العربي على كتابة هذا المهرجان التراثي المتأصل أم أننا نفتقد إلى كاتب عربي مثل ماركيز لنستدل به على تراثنا وحضارتنا؟
- لم يعجز أبدا، فالمرآة التي تطير موجودة في ألف ليلة وليلة، الرجل الذي يتواجد في مكانين في وقت واحد موجودة في ألف ليلة وليلة، هذه الغرائبية السحرية موجودة في قصص القرآن نفسها، موجودة ويكتبها كتاب عرب معاصرون. لدينا من يكتب هذا ولدينا كتاب أهم بكثير من ماركيز، لكن المجتمع العربي لم يعد حاضنا لمواهب أبنائه وكتابه مثلما كانت تجربة مصر في الستينات.
* هل يمكن لواقع مثل واقعنا أن يفرز "الكاتب المؤسّسة"؟
- هذا غير موجود في مجتمعنا، نجيب محفوظ حتى وفاته لم يكن له سكرتير، عندما أتى باولو كويهلو إلى مصر كان معه 18 شخصا مرتبطين به، لدرجة أني أسميتها قافلة كويهلو، كان معه سكرتيرة خاصة، كاتب سيرته الذاتية، مخرج يخرج فيلم عنه، هذه تجربة لا بأس بها، أن يكون معك من يحمل عنك بعض الأعباء لكي تتفرغ للكتابة، لكن للأسف هذه غير موجودة في الوطن العربي، وأنا روايتي الأولى أصدرتها سنة 1969 يعني 38 سنة ومع ذلك مازلت أكدح من أجل أن أعيش، وما زلت أعيش من عائد عملي الصحفي وليس من عائد نشر أعمالي الأدبية، فالكاتب المؤسسة لم نعرفه بشكل متوسع في واقعنا، فأنا لا أخشى من فكرة المؤسسة.
* تراوح في الكتابة بين الرواية والقصة والمقالة، في أي موضع إبداعي يمكننا نتحسس روح يوسف القعيد؟
- أنا كاتب روائي بالدرجة الأولى، وأكتب القصة القصيرة في الاستراحة بين روايتين، أنا لا أدعي أني كاتب قصة قصيرة، أنا روائي، أعبر عن نفسي بالرواية وأحيانا أكتب القصة القصيرة، ولذلك تجد أن عدد رواياتي يفوق بكثير عدد مجموعاتي القصصية وأستريح جدا عندما أكتب واقع طالع من القرية المصرية، وأضيق ذرعا بالمدينة. أستريح جدا عندما أكتب رواية، وتقل هذه الراحة كثيرا عندما أكتب قصة قصيرة.
* المقالة الصحفية اليومية تقريبا هل تأخذ من النص الإبداعي؟
- أبدا، كل الأدباء لديهم إجابة جاهزة، يقول الصحافة سرقتني من الأدب، ولو لم أكن صحفيا كنت صرت أديبا أحسن، أنا أقول أن الصحافة خدمت الأدب كثيرا بالنسبة لي ومكنتني من رؤية كل شبر في مصر، ومكنتني من التنقل وأعطتني الوقت الكافي للقراءة والكتابة بشرط أن ما لقيصر لقيصر وما لله لله. وأنا أفعل هذا بدقة شديدة، أن أخصص وقت للكتابة الصحفية مرة في الأسبوع وأنتهي منها بسرعة، لكن الجوهر بالنسبة لي هو ما أكتبه أدبا، وهذا ما أنشره في الكتب وأسعى إلى نشره. وأعتقد أن هذا ما سيبقى مني وليس الكتابة الصحفية التي تكتب بمنطق "أكل العيش" أو مورد الرزق أو وسيلة حياة. رهاني الأساسي هو كتاباتي الأدبية وليست كتاباتي الصحفية.
* بمنطق "أكل العيش" هل يمكن أن تجمع في يوم ما كتاباتك الصحفية بين كتفي كتاب؟- غير وارد بالنسبة لي، أو ممكن أفعل ذلك، يعني ليس لي موقف من هذه القضية. لكن الكتابة الصحفية مثل كتابة السيناريو للتلفزيون أو للسينما، يدخل فيها الإنتاج، يعني أنا مقالتي الصحفية تصدر في جريدة لها سياسة وتوجه ويمكن أن يتدخل رئيس التحرير، ودعك من كل دعوة من دعاوي الحرية في الوطن العربي لأنها كلها دعاوي كاذبة في كل أنحاء الوطن العربي ولا أستثني أي دولة منه، لكن الكتابة الأدبية مختلفة، عندما أكتب أدبا لا أعبأ بأي شيء ليس معنى هذا أني في الصحافة أنافق لكن عندما أكتب لا أكون حرا بالقدر الذي أكون به عندما أكتب نصا أدبيا.
verocchio
30/12/2007, 01:34
هل يؤمن يوسف القعيد بروائية أبناء جيله؟
- طبعا.. أؤمن جدا وأؤمن بالأجيال التي جاءت بعدنا.
* هل ثمة أسماء مختلفة عن البقية؟
- من جيلنا هناك جمال الغيطاني، لديه تجربة مهمة جدا في استوحاء التراث، استوحاء السرد، استوحاه من كاتبين مؤرخين، لكنهم لو عرفوا معنى كلمة رواية في زمانهما لكانوا قاموا بانقلاب في تاريخ كتابة الرواية كلها كابن إياس الذي أرخ لمرحلة المماليك في مصر.. من الأجيال التي جاءت بعدنا، هناك كاتبة اسمها أمنية زيدان، كاتبة مهمة جدا تكتب نصا روائيا فيه إضافة، وهناك روائي شاب اسمه حسين عبد العليم كاتب له أهميته وله تفرده وأنا شخصيا أتابعهم باهتمام وأيضا أتابع الرواية العربية بقدر وصولها إلينا. هناك في تونس حسن بن عثمان، آخر نص قرأته له اسمه "شيشخان" نص مهم، وطبعا محمود المسعدي الذي اشتهر كثيرا لأن الدكتور طه حسين كتب عنه مقالا نشر عندنا في مصر، وأتابع بقدر كبير الكتابة الروائية في الوطن العربي بقدر وصول الكتاب، لأن الكتاب العربي ينتقل من قطر عربي إلى آخر بصعوبة شديدة، هذا إذا انتقل طبعا.
* ألم يتراجع دور مصر ثقافيا، وسحب منها البساط لصالح – ما تسمونه أنتم – الأطراف؟
- لا.. مصر تراجع دورها السياسي كثيرا منذ أن وقع السادات على كامب ديفيد، وأقام صلحا منفردا مع العدو الإسرائيلي، وأثر ذلك كثيرا على دورها الثقافي، لكن مازال هناك إبداع أدبي في مصر جيد وممتاز رغم تردي الوضع السياسي، أيضا أنا من المؤمنين بأن الأطراف، وأنا ضد هذا التعبير تماما، تأخذ دورها، حتى لو سحبت البساط. أنا سعيد بهذا لأنهم أشقاء ويكتبون بنفس لغتي ويطرحون نفس همومي ويشعرون بكل ما أتألم به، وأنا سعيد بهم جدا.
* يعاني الكاتب المغربي نظير شقيقه المشرقي من الغبن والتجاهل، ليس من الإعلام فحسب، بل من الكتاب المشارقة أنفسهم؟
- لا تصل كتبهم إلينا، وإذا وصلت في مناسبة مثل معرض الكتاب، تصل غالية جدا، أسعار فلكية، يعني كتاب بخمسين جنيه، من يشتريه؟ المشكلة في عدم التواصل وعدم وصول إنتاجهم إلينا، لكنه لو أتى إلينا، لو طبع في مصر، سنحتضنه، ولا تنسى أن رموز الثقافة العربية في النصف الأول من القرن العشرين، وإلى حد ما الربع التالي، كانوا كلهم صناعة مصرية، وكانوا كلهم ينشرون في المجلات المصرية، وينشرون كتبهم في مصر. هذه العادة تراجعت، وبالتالي لا نعرف عنها أي شيء.
* أبو القاسم الشابي مثلا اشتهر في المشرق؟
- طبعا، لأنه نشر في مصر وكان مرتبطا جدا بمصر، ولو لم ينشر – وهذا ليس من باب الشوفينية المصرية – لو لم ينشر الشابي شعره في مصر ما عرفه العالم العربي بهذه الكثرة وما ردّدت أشعاره عن الحرية بهذه الطريقة التي تمت بها عبر مصر.
* هل على الكاتب أن يقيم في مصر ليشتهر؟
- لا.. ينشر في مصر لا أقصد الإقامة بل النشر، هذه مسألة مهمة. نرجو أن نعود لها مرة ثانية، مصر مقصرة في حق الأشقاء العرب وهم أيضا مقصرين في حق مصر لأنهم يفضلون بيروت علينا الآن، لأسباب كثيرة ومتنوعة ولا أريد الدخول فيها، لكن يوجد تقصير مصري أنا معترف به، وأيضا هناك تقصير عربي لا بد أن يعترف به الأشقاء العرب ولا بد أن يتلافوه.
* كيف تفاعل يوسف القعيد مع الأحداث الأخيرة في لبنان؟
- أنا مؤمن بمبدأ يقول عدو عدوي حليفي، حسن نصر الله مسلم وعربي، نصر الله وقف ضد إسرائيل 34 يوما، وهذه مسألة أنا شخصيا فخور بها، بصرف النظر عن كثير من تجاوزاته داخل لبنان، هذه مسألة تخص الشعب اللبناني الشقيق لكن أنا سعيد بأن جيشا عربيا وقف ضد العدو الإسرائيلي 34 يوما، الباقي تفاصيل أنا لست طرفا فيها، ليست مسألة أني أنا متعب أو غير متعب، لكن أنا سعيد. طبعا ما يقوم به حسن نصر الله مؤخرا في الدعوة إلى عصيان مدني أنا ضده، لكن أقول أن هذه مشكلة لبنانية داخلية ممكن أن يتصرفوا فيها مع بعضهم.
* وماذا عن أشباه المثقفين الذين هرولوا لتمجيد إسرائيل؟
- خونة، خونة، خ..و..ن..ة..
* هل أنت متفائل بمستقبل الرواية العربية؟
- لا لست متفائلا، أنا مشغول جدا بقضية تراجع القراءة في حياتنا، مشغول بلا حدود بهذه القضية.
* ما رأيك في مقولة "الحداثة المزعومة"؟
- رأيي الشخصي أن الكتابة في العالم كله والعالم العربي جزء منه، داخلة على ما يسمى بالنص، الذي يكون فيه قص وشعر ودراما وبداخله كل تجليات الكتابة، أنا رأيي أن هذا هو مستقبل الكتابة القادم شئنا أم أبينا وبالتالي أعتقد أن الكتابة تسير في هذا الطريق حتى وإن لم ندرك نحن هذا وإن لم نستوعبه.
* عل ذكر "النص" في آخر كتاب لدرويش أشّر على غلافه كلمة "نص"؟
- هذا هو مستقبل الكتابة العربية كلها، الرواية والقصيدة والنص المسرحي والدراما.. سيكون هناك النص الذي يحتوي بداخله كل أشكال الكتابة المختلفة.
* الحداثة، هل هي نص أم سلوك؟
- الحداثة هي سلوك وليست نصا، وللأسف الشديد الحداثة فهمت خطأ مثلما فهمت البنيوية في النقد خطأ عندنا، الحداثة أن ترتبط بمجتمعك أكثر، أن تعبر عنه، أن تصير ضميره، أن تصير لسانه المعبر، أن تصير صوت من لا صوت لهم، لكن للأسف الشديد الفهم العربي للحداثة فهم خاطئ لأنه يرى أن الحداثة هي الإيغال داخل الذات والإطلال داخل النفس والبعد عن الجماهير، ويعتبرون الجماهير جريمة، لكن أنا رأيي أن هذا مفهوم خاطئ للحداثة، والحداثة لا تعني معاداة الجماهير كما يفهم الكثير من المحدثين العرب.
* هل ثمة كتاب -في فترة من فترات حياتك- أثر في توجهك الأدبي والفكري؟
- لا أنا ضد هذا.. ممكن أن أقول لك ألف ليلة وليلة لكن بمعنى أنه ساعدني على تأكيد اتجاهي أكثر من تغييري، الإنسان الذي يمكن أن يعيد إنتاج نفسه لأنه قرأ كتاب، أعتقد أنه غير صادق. بخصوصي ألف ليلة وليلة والقرآن الكريم، وأنا لا أقول القرآن نفاقا للإسلاميين، إطلاقا، أنا أقول القرآن بطريقة تغضب الإسلاميين لأنه عندما أتكلم عنه كنص قصصي يغضبون جدا ويعتبرون أ، هذا إبعاد للقداسة عن القرآن، لكن ساعدني على تأكيد اتجاهي لكنه لم يؤدي إلى تغيير هذا الاتجاه تغييرا مطلقا، من يقرأ كتابا فيصبح إنسانا آخر لا أعتقد أنه صادق.
verocchio
30/12/2007, 01:34
حوار مع الروائي البرازيلي
باولو كويهلو
verocchio
30/12/2007, 01:35
"لست وحيدا في هذه الحياة.. إنني قادر على أن أحب الناس ولو لم أكن قادرا على أن أتكلم لغتهم. لقد تألمت كثيرا ليس فقط من وجودي في المحتشد، فلقد عرفت أيضا مستشفى الأمراض النفسية على إثر تجربة عاطفية جارفة، وقد اعتبروني مجنونا، واكتشفت هناك كيف يكره الإنسان الإنسان، وعملت فيما بعد على أن أحارب هذه الحالة حتى لا يعيش الإنسان الإهانة. كما أني أحارب الظلم، فمنذ 1982 وأنا أدعو إلى عدم الزج بالإنسان في المحتشدات.. إنها جريمة.. أبدا لا يجب أن تتكرّر.. كلّ هذه التجارب في حياتي جعلتني أؤمن بأن الإنسان قادر على أن يكون مسؤولا عن الآخرين فطفقت أكتب.. وأكتب حتى اكتشفني الآخرون وأصبح صوتي مسموعا". بهذا البوح استهلّ الكاتب البرازيلي باولو كويهلو حديثه معنا مستلهما سيرة حياته وسجنه ومرارته وتجربته مع الجنون والمصحات النفسية وآرائه حول الموت والحياة والوطن والغربة والشرق والغرب. ولد باولو كويهلو سنة 1947 بريوديجانيرو في عائلة متوسطة وكان والده «بيدرو» يعمل مهندسا، في حين تهتم والدته "ليجيا" بأمور البيت. زاول تعليمه بالمدرسة المسيحية بسان أنياسيو بريو وسرعان ما نحت لنفسه روحا ثورية متمردة على الأساليب التعليمية الصارمة التي ينتهجها الرهبان، كما شهدت تلك الفترة ظهور ميولاته الأدبية ،
وفي السابعة عشر من عمره قرر أبوه وضعه في مستشفى الأمراض النفسية فكانت تلك التجربة مادة لروايته «فيرونيك تقرر الموت» خلال سنوات الستين التي شهدت انفجار التيار العالمي «الهيبي» وانطلاق ثورة فكرية عارمة طلب الملحن والمغني «رول سيكساس» من «باولو» أن يوحدا عملهما فأصبح الناطق بلسانه وتواصلا معا إلى سنة 1976 حيث حققا معا نجاحا هاما وساهما في تغيير وجه ساحة «الروك» البرازيلية. ولكن مختلف الأنشطة التي قام بها باولو بتنسيق كامل مع رول سيكساس كانت تتراوح بين العمل الصحفي والموسيقى والصور المتحركة فلم تلق قبولا في ظل الحكم الديكتاتوري المسيطر في البرازيل آنذاك والذي اعتبرها أعمالا تخريبية وهدامة فكان مآل «باولو» نتيجة ذلك السجن وخضع إلى التعذيب. لكنه استعاد حريته بفضل ملفه النفسي السابق الذي أدرجه ضمن المجانين وكان ذلك عاملا ساعده على مغادرة السجن. بعد تجربة السجون والمصحات العقلية بدأ كويهلو العمل في مؤسسة بوليغرام أين التقى بزوجته الأولى. لكن هذه الفترة لم تدم سوى عدة سنوات إذ قرر سنة 1978 مغادرة العمل ليرحل إلى مخيم داشوا حيث استعاد قدراته الأدبية ورغبته على ممارسة الكتابة فمثلت تلك الفترة منعرجا حاسما في حياته والتزامه الأدبي كما صالحت بينه وبين الكاثوليكية. فسلك الطريق القديمة للحج إلى «سان جاك دي كومبو ستال» صحبة «كريستينا أوتيسيكا» رفيقته الجديدة التي أصبحت في ما بعد زوجته واكتشف هنالك عديد الأسرار داخله والعالم المحيط به فكانت بمثابة الأفكار الرئيسية لكتابه الأول «حاج كومبوستال» الذي يعتبر بداية ظاهرة «باولو كويهلو» وهذا الكتاب الأول تولت إصداره دار نشر صغيرة برازيلية وسحبت منه تسعمائة نسخة ثم باعت منه إلى يومنا هذا ثلاثة وأربعين مليون كتاب وزع في مائة و أربعين بلدا وبخمس وخمسين لغة. وفي سنة 1999 قامت مجلة «لير» بتحقيق كانت نتيجته أن «باولو كويهلو» هو الكاتب الثاني في العالم من حيث مبيعات مؤلفاته. ثم رواية «الكيميائي» التي أحدثت نجاحا باهرا في العالم يوازي النجاح الذي حققته رواية «الأمير الصغير» لأنطوان دي سانت كسيبري أو رواية «النبي» لجبران خليل جبران ومنذ ظهورها أصبح لهذا الكاتب رصيد يعد بملايين القراء في العالم تمكن من شد اهتمامهم بمختلف المواضيع والأفكار التي يطرحها والتي تجسد روحانيات الإنسانية وشغفها الدائم وطوقها إلى الحياة بأسلوب بسيط وممتع. له أيضا مؤلفات أخرى عديدة إلى جانب «الكيميائي» حيث أصدر «الجبل الخامس» و«الشيطان والآنسة بريم» «إحدى عشر دقيقة» و«على ضفة نهر بيادرا جلست وبكيت» وغيرها من المؤلفات التي بيع منها في فرنسا وحدها سبعة ملايين وخمس مائة ألف نسخة.
verocchio
30/12/2007, 01:35
* كيف يصبح كاتبا ما مختلفا؟
* "وجدت وأنا أكتب في بداياتي أن الروايات هي نفس القصص التي تتردّد، هي قصص الحب، وقصص الحرب، وقصص العلاقة بين الإنسان والقوة والسلطة، وقصص السفر والرحلات. لقد حلمت دائما بأن أكون كاتبا.. ولمّا أصبحت كذلك ازددت تعلّقا بالكتابة الأدبية وبأهميتها ولم يكن من قبيل الصدفة أن يحب الناس الأدب وأن يتعلقوا به.
** يلاحظ القارئ في مجمل أعمالكم اشتغالكم الدائم على الروحانيات وسبر أغوار الذات البشرية الدفينة وخاصة تطعيمها بعبق سحر الشرق، فهل تجيز لنا الادعاء بأنّنا في مجمل أعمالكم نشتمّ بشغف رائحة الشرق المذهلة؟
* لقد أصبحت مبهورا بالوطن العربي وكانت البداية بمدينة طنجة في المغرب، ثم اطّلعت على قصص "ألف ليلة وليلة" التي أعتبرها الأصل في الكتابة الروائية في العالم.. واكتشفت التصوّف الإسلامي.. وقرأت الكثير من النصوص، لن أحسّ بالنقص إذا ما قلت بأني متأثر جدا بثقافة الشرق وآدابه. وإني لا أبالغ إذا قلت بأن الإنسان الذي لا يقدر على أن يحب الشرق يعني أنه بلا قلب. اكتشافي الأول للحضارة العربية الإسلامية كان من خلال العرب المقيمين في البرازيل، ثم طورت معرفتي من خلال قراءة الأدب العربي مثل كتاب ألف ليلة وليلة إضافة للأدب الصوفي مثل كتابات جلال الدين الرومي إلى جانب اطلاعي على النصوص الدينية. ولمّا مارست الكتابة وجدت أن ثقافتكم في أعماق قلبي وتظهر طبعا في تلافيفها.. لقد أحببت الشرق بعمق.
verocchio
30/12/2007, 01:35
** فماذا عن الادّعاءات التي يروّجها البعض بإعلان نهاية ثقافة الشرق ومواتها؟
* أبدا.. إن ثقافة الشرق هي نفسها ثقافة الحب والشوق فاليوم أنت تقف على أطلال قرطاج، إنّك لا تقول بأنها انتهت، لأنها في القلوب وتاريخها يسري في الذهنية والوجدان الإنساني. الشرق هو الشرق لا ينتهي ثقافيا لحدوث المتغيرات التي كثيرا ما كان الغرب هو المتسبب فيها.. وهو الذي يصنع الآن الصورة التي يريدها عن الإسلام وعن العرب.
** عن أيّة صورة نتحدّث ؟ هل تقصد شرق الموت والخوف والرعب؟؟
* لا يوجد شرق الرعب.. إنما هذه الصفة القذرة توجد في الصحافة الغربية، وكل شيء بدأ على إثر الهجوم على نيويورك وقبيل الحرب على العراق واحتلاله. الشرق لم يتغير رغم الحروب إن الصحافة الغربية هي التي تخلق صراع الحضارات ومن هنا يأتي دور المثقف والأديب والفنان لتجاوز الحروب فالشرق لم يتغير كما أن الأشخاص هم نفسهم.. غير أنني لا أستطيع أن أوقف غزو العراق لكنني أستطيع أن آمل وأن أحارب من أجل قيمي.
** هذه الصفة توجد أيضا في الروايات والكتب والأشعار، فهل تخلّى الأدب الغربي عن ضميره ورسالته الحضارية وأوكل مهامه إلى الصحفيين؟
* الأدب رغم أنه لا يكون بعيدا عن الأحداث لا يجب أن يتورط في ما يصنعه الآخرون ضد الإنسانية، علينا أن نفهم هذه الحقيقة، فالأدب يبحث عن إنسانية الإنسان ويصف الحب ويدافع عنه ويشرب من ثقافته والشرق بالتالي مازال عندي جميلا وزاخرا بالروحانيات المفيدة للإنسانية في هذه التحولات الكبرى التي تعيشها البشرية.
** إذن، قد يلوذ الكاتب بالفرار كلّما أحسّ بخطر يستهدف وجوده البيولوجي وكيانه الضيق؟
* ما زلت مرتبطا بكل ما يجري في العالم، أعتقد أن السياسة تكمن في كل شيء وأساسا في الكتابة.
** ماذا يمكن لكاتب واسع الشهرة أن يقدّم للبشرية، ماذا يمكن أن يغيّر في هذا العالم بالكتابة، ماذا قدّمتم أنتم بالكتابة؟
* أعرف أني لا أستطيع أن أغير شيئا كثيرا في هذا العالم لكني متفائل بالكتابة، أعرف أني لا أستطيع أن أمنع حرب العراق رغم أني كنت ولا زلت ضدها، أعرف أني لم أمنع التعذيب والمحتشدات ولكني مع ذلك أكتب وأناضل وأقاوم. وإن كنت لا أقدر أن أغير الكثير بالكتابة فإني مقتنع بضرورة فعل شيء ما فتحرّكت في محيطي وأسست معهدا يحمل اسمي في الحي الذي أقطنه وهذا المعهد يقدم بعض الخدمات الثقافية والاجتماعية التي تسعدني.
** في أقصى حالات العجز والوحدة يُسأل الكاتب عن حياته هو، عن أسطورته الذاتية، فهل نسألك عن " الكيميائي "مثلا؟
* في إحدى أحرج فترات حياتي.. وكنت وقتها غريبا مشردا أكاد أن انهار.. أمدتني هذه الرواية بقوة الأمل.. كنت أقرأها منشورة مسلسلة في مجلة أسبوعية، وفي كل أسبوع تمدني شحنة أمل وشجاعة لتحقيق أسطورتي الذاتية، أي رسالة الحياة.. تشجعت حتى وصلت إلى الشاطئ الأمريكي، شاطئ الحرية حيث أكتب الآن..
verocchio
30/12/2007, 01:40
* لا أنفي رغبتي في الحصول على جائزة نوبل للأدب لكن الأمر طبعا ليس بيدي خاصة وأن الجائزة كانت دائما لغزا.
** كنت من أبرز معارضي الحرب على العراق فقد كتب رسالة إلى الرئيس الأميركي جورج بوش للاحتجاج على احتلال العراق تحت عنوان "شكرا سيد بوش"؟
* بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول فقدت السيطرة على الأحداث وعمت الفوضى بعد غزو العراق، فلا فائدة من الكتابة عن الحرب لأن قادة الحرب لا يسمعون أصوات دعاة السلام.
** على غرار معظم الكتاب الكبار تم استدراجك روائيا إلى الشاشات الكبيرة لكننا إلى الآن لم نشاهد لك فيلما واحدا بعد كل هذا الزخم الإبداعي، فهل تفسّر ذلك بعدم قابلية نصوصك الروائية إلى الترجمة البصرية؟
* إن حبي للأدب وللكتابة جعلني أفرق بينه وبين السينما فأنا أحب السينما ولكني مع ذلك كثيرا ما أخرج من قاعة السينما منزعجا إذا كان الفيلم مأخوذا من رواية، فالسينما مهما فعلت لا تستطيع أن تعبر بدقة عمّا ذهبت إليه الرواية. ومن هنا سحبت الرواية التي كنت قد تعاقدت بها مع هوليود على إخراجها سينمائيا، ففي البداية كنت مبهورا بالسينما وأبهرتني هوليود لمّا استقبلتني بالسجّاد الأحمر ولكني لما اكتشفت عدم قدرتها على نقل روح الكتاب تراجعت.
** ماذا عن الذاكرة ؟ ما هي اللحظة الأصدق التي تتمثلها الآن في علاقتك بالشرق؟
* في مصر سألت مرافقي العربي لحظة وقوفنا أمام الأهرامات أن يقول جملة ما بالعربية لأرددها، فرددت ما علمني وقلت: أهدنا الصراط المستقيم! و لم أزل أسأل الله ليستجيب فيهديني وأسير طريقا يسيرا مستقيما في ما أكتب تحية له و لمن وجّه له الدعوة.
** لكل شعب ختمه السري ورموزه الخاصة، في تقديرك ما هو المفتاح السري لكل شعب؟
* إذا أردت أن تعرف روح شعب فاقرأ رواياته وقصصه، اقرأ أدبه عموما.
verocchio
30/12/2007, 01:42
حوار مع الفيلسوف مارتن هايدجر (////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -/////////////// 4%D9%81%D9%8A%D9%84%D8%B3%D9%88%D9%81_%D9%85%D8%A7 %D8%B1%D8%AA%D9%86_%D9%87%D8%A7%D9%8A%D8%AF%D8%AC% D8%B1)
verocchio
30/12/2007, 01:42
أجرى الحوار: ريتشارد فيسر R.Wisser
ترجمه عن الألمانية: إسماعيل المصدق
نقدم فيما يلي ترجمة للحوار الذي أجراه ريتشارد فيسر مع هايدجر لفائدة إحدى قنوات التلفزة الألمانية ونشر في إطار مؤلف جماعي تحت إشراف ريتشارد فيسر عن دار النشر Karl Alber، فرايبورج، ميونيخ 1970، ص: 67-77. وقد ألحقنا بالنص عدة هوامش، إما لتفسير الترجمة العربية لبعض المصطلحات والتعابير أو لتوضيح بعض القضايا والأفكار التي وردت في الحوار. والحوار يتناول قضايا هامة مثل: الفلسفة والمجتمع والفلسفة والتقنية، والفلسفة والكائن الخ.
verocchio
30/12/2007, 01:42
فيسر:
السيد الأستاذ هايدجر! هناك في زماننا أصوات ترى أن تغيير العلاقات الاجتماعية هو المهمة الحاسمة في الوقت الحاضر ونقطة الانطلاق الوحيدة الواعدة بالنسبة للمستقبل؛ هذه الأحداث يتكاثر عددها وتزداد قوتها باستمرار، ما هو موقفكم إزاء مثل هذا الاتجاه لما يسمى "بروح العصر"، مثلا فيما يخص إصلاح الجامعة؟
هايدجر:
سأجيب عن السؤال الأخير فقط؛ ذلك أن ما سألتم عنه قبل ذلك واسع جدا. والجواب الذي أعطيه لكم، هو نفس الجواب الذي أعطيته قبل أربعين سنة في محاضرتي الافتتاحية بجامعة فرايبورج سنة 1929.
أورد لكم جملة من محاضرة "ما هي الميتافيزيقا؟": "إن مجالات العلوم بعيدة جدا عن بعضها البعض، وأساليب معالجة موضوعاتها تختلف اختلافا أساسيا. هذه التعددية المتفتتة للشعب لا تتم المحافظة على تماسكها اليوم إلا بواسطة التنظيم التقني للجامعات والكليات، كما لا تتم المحافظة على دلالتها إلا بفضل توجيه المواد نحو غايات عملية، في حين أن تجذر العلوم في أساس ماهيتها قد اضمحل."
أعتقد أن هذا الجواب يجب أن يكون كافيا.
فيسر:
هناك دوافع متباينة تماما هي التي قادت إلى المحاولات الحديثة الرامية إلى تغيير التوجيه فيما يتعلق بتحديد الأهداف وإلى "تحويل بنية" المعطيات الواقعية داخل المستوى الاجتماعي أو كذلك مستوى العلاقات بين الناس. جلي أن في هذا الأمر كثيرا من الفلسفة، فيما هو إيجابي وفيما هو سلبي.
هل ترون أن هناك مهمة اجتماعية للفلسفة؟
هايدجر:
لا! لا يمكن الحديث عن مهمة اجتماعية بهذا المعنى.
إذا أردنا أن نجيب على هذا السؤال فينبغي أولا أن نسأل: "ما هو المجتمع؟" وأن نتذكر بأن المجتمع اليوم ليس سوى صيغة مطلقة للذاتية() الحديثة، وبأنه انطلاقا من ذلك، فإن فلسفة تخطت زاوية نظر الذاتية ليس لها الحق في أن تساهم في ذلك.
أما السؤال: إلى أي حد يمكن الحديث عموما عن تغيير المجتمع، فهو سؤال آخر. إن السؤال عن ضرورة تغيير العالم يعود إلى جملة لكارل ماركس من "أطروحات حول فويرباخ"، وهي جملة يتم الاستشهاد بها كثيرا.
أريد أن أنقل هذه الجملة بدقة وأن أتلوها أمامكم: "لم يقم الفلاسفة إلا بتأويل العالم بكيفيات مختلفة، في حين أن المهم هو تغييره."
يغفل المرء عند الاستشهاد بهذه الجملة والأخذ بها أن تغيير العالم يفترض تغيرا في تصور العالم، وأنه لا يمكن الوصول إلى تصور للعالم إلا إذا تم تأويله على نحو كاف.
يعني هذا أن ماركس في مطالبته "بتغيير العالم" يستند إلى تأويل محدد تماما للعالم، وبذلك يتبين أن هذه الجملة غير مؤسسة. إنها تولد الانطباع بأنه قد تم الحديث بكيفية جازمة ضد الفلسفة، في حين أن القسم الثاني من الجملة يفترض ضمنيا ضرورة الفلسفة.
verocchio
30/12/2007, 01:43
فيسر:
كيف يمكن أن تصير فلسفتكم اليوم فعالة في مجتمع مشخص له مهامه وهمومه المتعددة، متاعبه وآماله؟ أم هل الحق هو بجانب نقادك الذين يدعون بأن مارتن هايدجر ركز اهتمامه على "الكون"() إلى حد أنه ضحى بالشرط البشري، أي بكون الإنسان في المجتمع وكشخص؟
هايدجر:
هذا النقد يقوم على سوء فهم كبير! فسؤال الكون وبسط هذا السؤال يفترضان بالضبط تأويلا للدازاين()، أي تحديدا لماهية الإنسان. والفكرة الأساسية لتفكيري هي بالضبط أن الكون وبالتالي انفتاح الكون يحتاج إلى الإنسان، وأن الإنسان لا يكون بدوره إنسانا إلا لأنه يقيم في انفتاح الكون.
بذلك يجب أن يكون قد تم الحسم في السؤال: إلى أي حد اهتممت فقط بالكون ونسيت الإنسان. لا يمكن أن نسأل عن الكون دون أن نسأل عن ماهية الإنسان.
فيسر:
قال نيتشه ذات مرة: الفيلسوف هو الضمير المعذب لعصره. لنترك جانبا ماذا قصد نيتشه بذلك. ولكن تأمل محاولتكم لكشف تاريخ الفلسفة لحد الآن كتاريخ للتدهور فيما يتعلق بالكون، ثم بالتالي لتقويض هذا التاريخ، ربما يغري البعض بأن يسمي مارتن هايدجر الضمير المعذب للفلسفة الغربية.
أين ترون السمة، حتى لا أقول العلامة الفكرية، التي تميز على الأكثر ما تسمونه "نسيان الكون" أو "هجران الكون"؟()
هايدجر:
يجب علي في البداية أن أصحح سؤالكم من أحد الجوانب عندما تتحدثون عن تاريخ للتدهور. لا يجب فهم ذلك بمعنى سلبي!
إنني لا أتحدث عن تاريخ للتدهور، ولكن عن مصير الكون، من حيث أنه ينسحب أكثر فأكثر بالمقارنة مع انفتاح الكون لدى الإغريق() -إلى حد انتشار الكون كمجرد موضوعية() للعلم، واليوم كمجرد رصيد يستعمل من أجل التحكم التقني في العالم. إذن: ما نعيشه ليس تاريخا للتدهور، بل انسحابا للكون.
إن السمة التي تميز على الأكثر نسيان الوجود- ويجب هنا دائما تفكير النسيان انطلاقا من الإغريقية، من الـ Lethe، أي من اختفاء أو انسحاب الكون-، أي السمة المميزة للعصر الذي نعيش فيه هي -بقدر ما أرى عموما- واقعة أن سؤال الكون الذي أطرحه لم يفهم بعد.
verocchio
30/12/2007, 01:43
فيسر:
هناك أمران وضعتموهما المرة تلو المرة موضع سؤال وجعلتموها جديرين بالسؤال: طموح العلم إلى السيطرة، وفهم للتقنية لا يرى فيها سوى وسيلة صالحة لبلوغ الهدف الذي نرغب فيه كل مرة بكيفية أسرع. إنه بالضبط في زماننا الذي ينتظر فيه أغلب الناس من العلم كل شيء، والذي تظهر لهم فيه برامج تلفزيونية من كل العالم، بل ومن المناطق المعزولة عن العالم، أن الإنسان يحصل بفضل التقنية على ما يريده، في هذا الزمن تثير أفكاركم حول العلم وحول ماهية التقنية لدى الكثيرين وجع الدماغ(). ماذا تقصدون أولا بادعائكم أن العلم لا يفكر.
هايدجر:
لكي أبدأ أولا بوجع الدماغ: إنني أعتبره ظاهرة صحية تماما! هناك اليوم في العالم قليل جدا من وجع الدماغ وغياب كبير للتفكير، وهو غياب مرتبط بالضبط بنسيان الكون.
أما الجملة: العلم لا يفكر، التي لفتت الأنظار كثيرا عندما نطقت بها في إحدى محاضراتي الجامعية بفرايبورج، فتعني: أن العلم لا يتحرك في بعد الفلسفة. ولكنه مع ذلك متوقف، دون أن يعرف ذلك، على هذا البعد.
مثلا: تتحرك الفيزياء في إطار مفاهيم الزمان والمكان والحركة. ولكن العلم كعلم لا يمكن أن يحسم في تحديد الحركة، المكان، الزمان. إن العلم إذن لا يفكر، إنه لا يستطيع بتاتا بواسطة مناهجه أن يفكر بهذا المعنى.
لا يمكنني مثلا أن أقول ما هي الفيزياء بواسطة مناهج فيزيائية. إنني لا أستطيع أن أفكر ما هي الفيزياء إلا بكيفية السؤال الفلسفي. فالجملة: العلم لا يفكر، ليست مأخذا على العلم، بل تسجيلا لبنيته الداخلية: ينتمي إلى ماهية العلم أنه، من جهة، يتوقف على ما تفكره الفلسفة، وأنه، من جهة أخرى، هو ذاته ينسى ولا ينتبه إلى ما ينبغي تفكيره.
فيسر:
وماذا تقصدون عندما تتحدثون ثانيا عن خطر أكبر من خطر القنبلة الذرية على البشرية الحالية، هو قانون() التقنية، أو "الوحدة المجمعة لكيفيات الاستشارة"() كما تسمون السمة الأساسية للتقنية، التي تتجلى في جعل الواقعي ينكشف كرصيد() تحت الطلب، أو بعبارة أخرى في جعل كل شيء وأي شيء رهن الإشارة بمجرد ضغط على الزر.
هايدجر:
فيما يتعلق بالتقنية، فإن تحديدي لماهية التقنية، هذا التحديد الذي لم يصادف لحد الآن القبول في أي مكان، هو -حتى أقول ذلك بكيفية مشخصة- أن أساس علم الطبيعة الحديث قائم في سيادة ماهية التقنية وليس العكس().
يجب أن أقول في البداية بأنني لست ضد التقنية. لم أقل أبدا شيئا ضد التقنية، ولا ضد ما يسمى شيطانيا في التقنية. ولكنني أحاول أن أفهم ماهية التقنية.
عندما توردون هذه الفكرة عن خطورة للتقنية أكبر من خطورة القنبلة الذرية، فإنني أعني ما يتطور اليوم كبيوفيزياء، وهو أننا سنصبح في مدة غير بعيدة قادرين على أن نصنع الإنسان، أي على أن نبنيه في ماهيته العضوية المحضة، حسب ما نحتاجه: ماهرين وغير ماهرين، أذكياء وأغبياء. سيصل بنا الأمر إلى هذا الحد! إن الإمكانيات التقنية اللازمة لذلك متوفرة اليوم، وقد سبق أن تم الإعلان عنها من قبل علماء حاملين لجوائز نوبل في إحدى المؤتمرات بمدينة Lindan، وهو ما سبق أن ذكرته قبل سنوات في محاضرة ألقيتها في مدينة Messkirsch.
إذن: يجب أولا رفض سوء الفهم الذي يجعلني كما لو كنت ضد التقنية.
إنني أرى في التقنية، وبالضبط في ماهيتها، أن الإنسان يوجد تحت قوة تتحداه ولم يبق حرا إزاءها، وأن أمرا ما يعلن في ذلك عن ذاته، هذا الأمر هو علاقة للكون بالإنسان، وأن هذه العلاقة التي تختفي في ماهية التقنية ربما ستظهر للنور ذات يوم في لا اختفائها.
لا أعرف هل سيحدث ذلك! ولكنني أرى في ماهية التقنية الظهور الأول لسر أكثر عمقا بكثير أسميه "الحدوث"(). من ذلك يمكنكم أن تفهموا أنه لا مجال للحديث عن مقاومة أو إدانة للتقنية. ولكن الأمر يتعلق بفهم ماهية التقنية والعالم التقني. وحسب رأيي لا يمكن أن يتم ذلك، ما دام المرء يتح
verocchio
30/12/2007, 01:43
يسر: كل تأملاتكم تتأسس في ذلك السؤال، الذي هو السؤال الأساسي لفلسفتكم، في "سؤال الكون" وتفضي إليه. لقد أشرتم المرة تلو المرة أنكم لا تريدون إضافة أطروحة جديدة إلى الأطروحات المتوفرة لحد الآن عن الكون. نظرا بالضبط لأن الكون تم تحديده بكيفيات مختلفة جدا، مثلا كخاصية، كإمكان وفعل، كحقيقة، بل وكإله، فإنكم تبحثون عن وحدة قابلة للفهم بين الآراء؛ وبالضبط ليس بمعنى أطروحة فوق الأطروحات، بل كسؤال عن معنى الكون.
في أي اتجاه يمهد تفكيركم الطريق لجواب عن السؤال: لماذا هناك كائن، وليس بدل ذلك لا شيء؟
هايدجر:
هنا يجب علي أن أجيب عن سؤالين، أولا: توضيح سؤال الكون. أعتقد أن هناك غموضا في صيغة سؤالكم. إن تعبير "سؤال الكون" مزدوج الدلالة. يعني أولا سؤال الكون السؤال عن الكائن من حيث هو كائن. وفي هذا السؤال يتم تحديد ما هو الكائن. الجواب على هذا السؤال يعطي تحديدا للكون.
ولكن يمكن أيضا فهم سؤال الكون بمعنى: ما هو أساس كل جواب على السؤال عن الكائن، أي، أين يتأسس عموما لا اختفاء الكون؟ وإذا تكلمنا بصيغة المثال: حدد الإغريق الكون كحضور لما هو حاضر(). في الحضور يتكلم الحاضر()، في الحاضر هناك لحظة للزمان، إذن: إن تحديد الكون كحضور يربطه بالزمان.
وإذا حاولت الآن أن أحدد الحضور انطلاقا من الزمان واستطلعت في تاريخ التفكير عما قيل عن الزمان، فإنني سأجد بأن ماهية الزمان قد تم تحديدها منذ أرسطو انطلاقا من فهم للكون محدد مسبقا(). إذن: إن المفهوم التقليدي للزمان غير قابل للاستعمال. ولذلك حاولت في "الكون والزمان" أن أقوم ببسط مفهوم جديد للزمان والزمانية() بمعنى الانفتاح المتخارج().
إن السؤال الآخر هو سؤال سبق أن طرحه ليبنز ووضعه شيلنج بدوره، ثم كررته من جديد حرفيا في ختام محاضرتي "ما هي الميتافيزيقا؟" التي سبق أن أشرت إليها.
ولكن: هذا السؤال يتخذ لدي معنى مختلفا تماما. إن التصور الميتافيزيقي المعتاد لما يسأل عنه في هذا السؤال هو: لماذا هناك إطلاقا كائن وليس بدل ذلك لا شيء؟ وهذا يعني: ما هو السبب أو الأساس الذي يجعل الكائن كائنا وليس لا شيء؟
وعلى العكس من ذلك فأنا أسأل: لماذا هناك كائن وليس بالأحرى اللاشيء؟ لماذا يحظى الكائن بالأسبقية، لماذا لا يتم تفكير اللاشيء بوصفه متطابقا مع الكون؟() وهذا يعني: لماذا يسود نسيان الكون ومن أين يأتي؟
إنه سؤال مخالف تماما للسؤال الميتافيزيقي. وهذا يعني أنني أسأل: "ما هي الميتافيزيقا؟" إنني لا أسأل سؤالا ميتافيزيقيا، بل أسأل عن ماهية الميتافيزيقا.
كل هذه الأسئلة تتميز، كما ترون، بصعوبة غير معتادة، وهي ليست أساسا في متناول الفهم المألوف. يحتاج الأمر إلى وجع طويل للدماغ وتجربة طويلة وحوار حقيقي مع التراث الكبير. إن إحدى المخاطر الكبرى لتفكيرنا اليوم تتمثل بالضبط في أن التفكير -بمعنى التفكير الفلسفي- لم تبق له علاقة حقيقية أصلية مع التراث.
فيسر:
واضح أن كل شيء يتعلق حسبكم بتقويض الذاتية، وليس بما يتم التركيز عليه اليوم: ما هو أنتروبولوجي ومتمركز على الإنسان، ليس بالتصور الذي يرى أن الإنسان يكون بفضل المعرفة التي لديه عن نفسه والفعل الذي يقوم به قد أدرك ماهيته. بدل ذلك توجهون الإنسان إلى الانتباه لتجربة الدا-زاين() الذي يتعرف فيها الإنسان على نفسه ككائن منفتح على الكون والتي يعطي فيها الكون ذاته للإنسان كلا - اختفاء(). إن أعمالكم بمجملها تنصب على بيان ضرورة مثل هذا التحول في كون الإنسان انطلاقا من تجربة الدا-زاين.
هل هناك علامات على أن هذا الأمر الذي تفكرون ضرورته سيصير واقعا؟
هايدجر:
لا أحد يعرف كيف سيكون مصير التفكير. سبق أن تكلمت سنة 1964 تحت عنوان "نهاية الفلسفة ومهمة التفكير"، في محاضرة لم ألقها أنا نفسي وقدمت في ترجمتها الفرنسية. إنني أميز إذن بين الفلسفة، أي الميتافيزيقا، والتفكير كما أفهمه.
إن التفكير الذي أميزه في هذه المحاضرة عن الفلسفة - وذلك عن طريق محاولة توضيح ماهية المفهوم اليوناني aletheia -، هذا التفكير هو من حيث الشيء ذاته بالمقارنة مع التفكير الميتافيزيقي أسهل بكثير من الفلسفة، ولكنه بسبب سهولته بالضبط أصعب بكثير عند الإنجاز.
وهو يتطلب عناية جديدة باللغة، لا ابتكارا لمصطلحات جديدة كما كنت أعتقد سابقا، بل عودة إلى المضمون الأصلي للغتنا الخاصة، التي هي آخذة في الاضمحلال.
سيكون على مفكر قادم يجد نفسه ربما أمام مهمة الاضطلاع بالتفكير الذي حاولت تهييئه أن يرتضي كلمة سبق أن كتبها هاينريش فون كلايست H. von Kleist، وهي:
"أنحنى أمام ذلك الذي ليس هنا بعد وأنحني أمام روحه قبل قدومه بألف عام".
verocchio
30/12/2007, 01:44
حوار مع محمد أركون (////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -/////////////// %D9%85%D8%AF_%D8%A3%D8%B1%D9%83%D9%88%D9%86)
verocchio
30/12/2007, 01:51
محمود عزب
باريس فى 4 أكتوبر 2006
مدخل
كان الاستشراق دائماَ مثار جدل فى الماضى والحاضر. ومازالت رموزه مثار دراسات، لم تكن فى اغلبها علمية أو على درجة كافية من الموضوعية.
ذلك فى الغالب لأن العرب والمسلمين من جانبهم حين يحاولون دراسة الاستشراق والمستشرقين، يقع أكثرهم فى فخاخ المشاعر والعواطف... فقد شاع ربط الاستشراق بالاستعمار، فأصبح ذا سمعة ليست بالحسنة، حتى أن الكثيرين ممن كانوا يسمون مستشرقين أصبحوا يتوجسون من هذه التسمية، ويفضلون أن يدُعَوا مستعربين Arabisants أو علماء إسلاميات Islanologues
وليس معنى ذلك أن كل من كتبوا عن الاستشراق والمستشرقين، من الباحثين العرب والمسلمين، كانوا أسرى العاطفة والذاتية.. كما أن الاستشراق لم تكن كل رموزه قاتمة أو منحازة فى بحوثها وآرائها....
ومعنا الآن خلال هذه الدراسة القصيرة واحد من كبار علماء الإسلاميات فى أكبر جامعة من جامعات فرنسا وأوروبا كلها.. تعلم فيها، ثم عاش حياته أستاذاً لتاريخ الفكر الاسلامى بها – هو محمد أركون.
وقد ولد ونشأ فى بلد ذي ثقافة عربية إسلامية هو الجزائر، وبدأ حياته الدراسية هناك فى جامعات يقوم بالتدريس فيها أساتذة فرنسيون، فى الجزائر المستعمرة التى كانت تدعى الجزائر الفرنسية، كان على وعي ببدايات تكوينه فى هذا الجو قبل أن يأتى إلى فرنسا نفسها لاستكمال دراساته.
إنه تعود منذ بدايات حياته الدراسية والعقلية على تخطى الحدود... هكذا وصفه الأستاذ شتيفانى فيلد فى برلين سنة 2003 إلا أن منحه جائزة ابن رشد للفكر الحر لسنة 2003.
verocchio
30/12/2007, 01:52
يقول الأستاذ فيلد:
"ربما كانت أفضل طريقة لوصف حياة ونشاطات محمد أركون هى القول بأنها دائماً تتخطى الحدود. فالحد الأول هو مسقط رأسه. ولد أركون سنة 1928 فى الجزائر من أصل بربرى. وقد تخطى الحدود الجغرافية عندما ذهب للدراسة الجامعية، حيث قطع البحر المتوسط من الجزائر إلى باريس للدراسة فى السوربون. ثم تجنس بالجنسية الفرنسية، بذلك يكون قد تخطى الحدود اللغوية، ثم الحدود الثقافية السياسية. وكل تخط لأى حدود هو تعب ووداع، وحزن، وبنفس الوقت هو انطلاق جديد، ثم فرصة.... ثم فى عام 1968أركون أستاذاً لتاريخ الفكر الإسلامى والفلسفة فى السوربون".
وإشكالية هذا البحيث، هى، السؤال التالى:
"ماذا عندما يكون ناقد المستشرقين جامعاً هذه التركيبة كونه بربرياً، عربياً مسلماً، مزدوج اللغة أو متعدد اللغات يرى المستشرقين منذ سنواته الجامعية الأولى، ويدرس بمناهجهم ويكمل معهم فى بلادهم، ويدرس وينتج بلغتهم؟
لم تثر شخصية من بين علماء الإسلاميات فى جامعات الغرب ما تثيره شخصية محمد أركون. غزير الإنتاج كتباً ومقالات ومحاضرات، مدعُو ومحاضر فى أوروبا وأمريكا وكل قارات العالم تقريباً. هو موضع ثقة أكثر الباحثين فى العالم، بل وموضع ثقة أكثر المسئولين وكبار رجالات السياسة..
كانت ثمة محاولات دائمة لتصنيفه، هل هو مستشرق أم باحث مسلم؟
وكانت الإجابة أو محاولات الإجابة عن هذا السؤال مثار جدل كبير، واختلافات فى الشرق والغرب، أما فى الشرق، أى فى البلاد العربية والإسلامية، فكانوا يضعونه أحيانا فى صفوف المستشرقين، أليس بنقد الإسلام وعلومه بمناهج شبه حاسمة، أبعد ما تكون عن التمجيد والتقديس"؟
وأما فى الغرب فهم يرونه يكتب بشكل مختلف عن إشكاليات العقل الإسلامى، ويستحضر النصوص الأصلية دائماً، ثم انه دأب منذ رسالته للدكتوراه فى جامعة السوربون على نقد للعقل الاستشراقى..
كان لصعوبة لغته، وخصوية مفرداته، ومنحوتاته واصطلاحاته الجديدة غير المتعارف عليها، دور فى عدم سهولة فهم مايكتب وكان كثيراً مايتصف، أو يوصف بالغموض فى الشرق والغرب كذلك وكان نادراً مايترجم للعربية، ونادراً ماتكون الترجمة واضحة سهلة مفهومة، حتى اختص بترجمته باحث عربى جاد هو هاشم صالح الذى يحاول كثيراً أن يفسر ويحلل كثيراً من العبارات والأفكار الأركونية فى هوامش الكتب ليساعد القارئ العربى على استيعاب لغة أركون.و لهذا فإن تأثيره فى جامعات البلاد العربية، مازال فى دور التنامى ويسير بشكل بطئ.. وإن كان له حواريون، وأنصار متزايدون.
هو يختلف إذن عن الباحثين العرب والمسلمين حتى أولئك الذين درسوا مثله فى باريس وفى السوربون. وأدى ذلك إلى اعتبار بعضهم إياه مستشرقاً...
وهو يختلف كذلك عن الباحثين الغربيين فى علوم الإسلام اختلافاً كبيراً فى المنهج وغير المنهج وكثير منهم لذلك لايعتبره مستشرقاً.
ثم إن هؤلاء وأولئك قد يقولون أو يقول كثير منهم إنه خرج على تقاليد المستشرقين منذ عهد ليس بالبعيد..
verocchio
30/12/2007, 01:52
كيف يقدم أركون نفسه؟
فى حوار مباشر مع الكاتب الصحفى أحمد الشيخ. وفى كتاب بعنوان "حوار الاستشراق (صادر عن المركز العربى للدراسات الغربية .. والذى يضع الحوار مع أركون ضمن عشرين من أسماء كبار المستشرقين المعروفين. يقول احمد الشيخ فى ص 63:
"فى إطار حواري مع المستشرقين الفرنسيين توجهت للبروفيسور محمد أركون، وهو من أصل جزائرى، وسألته كيف يفسر واقع أن البعض يعدونه ضمن المستشرقين كجان بيير برونسيل هوجوز " فى مقال نشر فى صحيفة "لوموند" الفرنسية، وأن البعض يضعونه بأنه من الأصوليين، مثل أوليفييه كاريه" فى كتابه الأخير "سيد قطب: قراءة ثورية للقرآن"، والبعض الآخر يصنفون كتاباته خارج الحقل الإسلامى"
"طرحت هذه الاختلافات على البروفيسور أركون، وطلبت منه أن يحدد لنا موقفه من حركة الاستشراق فأجاب:
" أود أن ألاحظ إن الذين يظنون أننى أكتب عن الاستشراق والمستشرقين. لم يطلعوا على جميع الكتب التى نشرتها حتى الآن. كان كتابى الأول - وهو أطروحتى – يعالج ماأسميته الإنسية فى القرن الرابع الهجرى، وهو كتاب يدرس جوهر الثقافة العربية، فى فترة محدودة، تعتبر من أهم الفترات التى يمكن دراستها اليوم فى تاريخ الفكر العربى، واعتمدت على نصوص لمفكرين مسلمين، وحاولت فى هذه الدراسة التى كتبتها فى الستينات أن أرد على مناهج المستشرقين، فى دراسة الفلسفة العربية، وفى دراسة الفكر الإسلامى بصفة عامة، وموقفى مما يخص جميع الثقافة العربية الإسلامية هو موقف جزائرى تربى فى الجزائر وتكون فى الجزائر فى عهد الاستعمار، حيث كان فى نفسى مثل زملائى فى هذا الوقت، رد فعل ضد الضعف الذى كنا نتألم منه فى الجامعة الجزائرية التى يدرس فيها الفرنسيون، وكان المناخ السائد هو مناخ استعمار، وكنا نريد أن نرد على هذا الوضع وأن نتحرر منه، وهذا الشعور يطبع جميع ما كتبته انطلاقاً من الخبرة الجزائرية فى الخمسينيات، التى كانت تتصف بهذا الاضطرام الثقافى والفكرى، بين الشخصية الجزائرية، وأهداف التحرير الجزائرية، وبين الفكر الذى كان ينتقل إلينا عن طريق الثقافة الفرنسية إلا أننى كباحث لا أتكلم عن هذا الأمر بصورة مباشرة، لكن الذى يقرأ يتمعن ماكتبته وما أكتبه يمكنه أن يجد فى مقاصدى واتجاهاتي هذا الاستلهام المتصل بهذه الخبرة التى عشناها فى عهد الاستعمار".
إنه فى هذا يكاد يشبه أكثر الطلاب العرب الذين تكونوا فى جامعات فرنسا... وهمومه تشبه هموم حوارهم مع جامعاتهم وأساتذتهم.. كان يكافح المستشرقين والجامعة كفاحاً إيديولوجيا، وعندما جاء إلى فرنسا للدراسات العليا رأى الاستشراق من قرب آخر، يقول:
"هذا ما اكتشفته هنا فى باريس، ولازلت أكافح ضده، لكن هذا الكفاح هو كفاح منهجى ومعرفى وليس بكفاح إيديولوجى"
ولكنه فى الوقت ذاته يدعو إلى:
"ضرورة تغيير المناهج التى يتبناها الباحثون المسلمون عن الفكر الإسلامى، والمسائل الإسلامي
verocchio
30/12/2007, 01:52
وهو ربما يخشَّى أن يحسب طرف من الطرفين وكأنه انحاز للآخر ولذا نراه يؤكد فى وضوح:
"... لذلك أنقد نقداً حاسماً مواقف المستشرقين الذين يقفون بعيداً عن المناهج الحديثة" وانتقد أيضاً المسلمين الذين يرفضون هذه المناهج الحديثة لأنها غربية.. مامعنى هذا الكلام، هل هناك عقل خاص بالغرب وعقل خاص بالعرب والمسلمين؟ نحن بشر وجميع مسائل المعرفة متعلقة بالإدراك، وعلى هذا الأساس النفسانى الجذرى، ينبغى علينا أن ننتقد المعرفة، أن ننتقد جميع ماينتجه العقل البشرى أنىَّ كان فى جميع الثقافات.. وجميع التجارب، بغض النظر عن كونه يابانيا أو أفريقيا، أو عربيا أو مسلماً".
§ نقد الاستشراق:
أما من داخله فنقده قليل، ونادراً مايتسلط النقد على أعماق الاستشراق ذاته، على مناهجه، وأصوله... وأما من خارجه أى عند العرب والمسلمين خصوصاًُ فالقضية معقدة ولايسهل الحكم فيها أو عليها بتسرع ولابحسم..
وإذا أخذنا نقطة بداية محددة، ولتكن بدايات عصر نهضة العرب والمسلمين، ولنقل منذ بدايات التواصل خلال نشأة الجامعات العربية، غير الدينية بدأ الحديث عن الاستشراق والمستشرقين، بل قبل ذلك بما يشبه القرن، منذ حوارات الطهطاوى، مع دو ساسى ورفاقه... أما بداية الاحتكاك المادى الحقيقى فكانت تقريبا مع الجامعة المصرية، التى صارت فيما بعد جامعة القاهرة.. (بعد تمهيد الأفغانى ومحمد عبده اللذين كانا على اتصال مباشر ببعض رموز الاستشراق). لقد استدعت الجامعة المصرية عدداً من المستشرقين من أوروبا الغربية، للتدريس بها ... وهم أولئك المتخصصون فى العربية والإسلام وعلومهما...
ومازالت أسماء كارلو ناللينو أستاذ تاريخ الأدب العربى حتى العصر الأموى، وسنتلانا أستاذ تاريخ الفلسفة الإسلامية وتاريخ الترجمة، وميلونى الذى كان يدرس تاريخ الشرق القديم/ وإنُّو ليتمان الذى كان يتحدث عن اللغات السامية، وبدأ بعد ذلك حديث يقدر لهؤلاء وغيرهم حسن جهودهم فى دراسة التراث العربى الاسلامى وتحقيقه ونشر أكثره، وفى الوقت ذاته بدأ الحديث عن بعض المواقف الاستشراقية الإيديولوجية والأحكام المسبقة.
وتتابعت الدراسات الناقدة للاستشراق بشكل أو بآخر، والمكتبة العربية غنية نسبياً، ومن الناحية الكمية بالدراسات التى تنقد الاستشراق والمستشرقين، بمنهجية أحياناً، وبعاطفية وإيديولوجية كثيراً.
ثم جاء إدوار سعيد، وفتح باباً جديداً، يتبنى كثيراً من التحليل التاريخى والأدبى والنفسى، ويبحث عن كثير من موضوعية، وأجبر الباحثين فى الشرق والغرب على السواء وكثيراً من المستشرقين أنفسهم على قراءته ومناقشته واحترامه.
فأين أركون ونقده الاستشراق من ذلك كله؟ أين هو بمكوناته الغزيرة المتعددة والمعقدة والمتراكبة، وقدرته الفائقة على تخطى الحدود، وعبور الزمان والمكان؟ أين هو من نقد الاستشراق والمستشرقين، وهو الذى يتميز بمعاشرة واقتراب فائق النظير؛ وهو يكاد يشكل وحده فى ذلك نموذجاً شبه فريد، وشكلاً ولوناً خاصة فى تكوينه، وفى منهجيته، وفى إنتاجه؟
verocchio
30/12/2007, 01:53
أركون ونقد الاستشراق:
أنه حسب كلامه هو، قد انتقل من الجانب الوطنى، جانب الشخصية الجزائرية وأهداف التحرير الجزائرية، جانب مشوب بالإيديولوجية، وهو أمر مفهوم إلى جانب واع مثقل بالخبرة:
"عندما انتقلت إلى باريس، درست فيها، اتسعت خبرتى النفسانية والثقافية واكتشفت أن مانطلق عليه "الاستشراق" فى حقيقته حركة علمية هامشية"
وهو تعبير على حد علمنا لم يُسبَق إليه محمد أركون.
ولاجتماع عوامل عدة – فى رأينا كذلك – سيبدو نقد أركون للاستشراق وكأنه نقد داخلى، وكأنه آت من أعماق الاستشراق ذاته... يراه من داخله، وينقده فى سياقه الجغرافى والتاريخى والفكرى.
ويمتاز أركون فى نقده هذا بالتوجه مباشرة إلى أصول الاستشراق إلى أعماقه ومنهجيته، فهل هو بذلك، وبكل معطياته الخاصة فى تكونه وتطوره منخرطاً فى خط توجه بدأ على استحياء يدعو إلى مايسمى بعلم الاستقراب – دراسة الغرب وثقافاته وعلومه دراسة نقدية تحليلية فى موازاة الاستشراق.."
ولكن أركون ليس أتيا من خارج الاستشراق تماماً، لاجغرافياً ولا منهجياً. ثم إن "مشروع الاستقراب " هذا مازال فى أطواره الأولى... بل مازال مشروعاً يبحث عن إطار ومناهج وأدوات .. مازال متردداً ومحاطاً بأسئلة صعبة تنقد الفكرة ذاتها.
فنقد الاستشراق لن يكون بالضرورة استغراباً.. فالأول يتوجه إلى حقل دراسات بعينه رموزه معروفة ومناهجه مطروحة منذ زمان أما الآخر .. الاستغراب فيحاول التوجه إلى الغرب وثقافاته كلها.. وهو عالم شبه هلامى أو واسع فضفاض.
هل يكشف أركون فى دراساته عن جديد من قصور فى الاستشراق وهو ينقده برؤية جديدة من داخله، ويضيف إليه أساساً كان الاستشراق يفتقده حتى صرح به أركون؟
وحيث يقول بأن الاستشراق حركة علمية هشه أو هامشية فهو لايوجه اتهاماً جغرافيا، ويتركه على علاته! وإنما يقول:
"أقصد أن الدراسات العربية الإسلامية فى الجامعات الغربية، وليس فى فرنسا فقط تتسم بأنها منعزلة فى الجامعة لاتنغمس فى الحياة الجامعية ككل. وهذه الدراسات تعتبر دراسات خاصة، لبعض الناس الذين يريدون أن يخوضوا فى أمور بعيدة عما يهم الفكر الغربى والثقافة الغربية".
إن هذا هو ما جعلنا نقول بأن النقد الأركونى لاستشراق أت من داخله وموجه إليه, فلا يتصَّوَرُن الكثيرون من الباحثين العرب والمسلمين بل ومن الأوربيين والغربيين أو غيرهم، أن أركون يعود إلى حظيرة الإسلام والمسلمين، ويحن إليه أو ينقد نقاده من المستشرقين! إن ذلك سيكون حكاً سطحياً مبنياً على كثير من الذاتية والعاطفة، ولاصلة له بالعلم والبحث... فنحن نرى أن أركون لم يتغير ولم يحد عن طريقه الذى كان بدأه:
" كان كتابى الأول – وهو أطروحتى - يعالج ما اسميته الانسية فى القرن الرابع الهجرى.... وحاولت فى هذه الدراسة التى كتبتها فى الستينات أن أرد على المستشرقين، على مناهج المستشرقين فى دراسة الفلسفة العربية، وفى دراسة الفكر الإسلامي بصفة عامة".
إن ما قد حدث ربما هو تعميق وتعمق فى الرؤية نتيجة الخبرة وليس تغييراً أو تغيراً فى أساس التوجه، فإذا عاد اليوم إلى التأكيد على هامشية الاستشراق، فهو بالأحرى فقد يأتى من داخل المجتمع العلمى الغربى، وكأن أركون يدرك أكثر من المستشرقين حاجات هذا المجتمع الغربى والثقافة الغربية، ويعيب على هؤلاء وعلى العقل الاستشراقى عدم تلبيته لهذه الحاجات، وعدم إشباع ذلك الاهتما
verocchio
30/12/2007, 01:54
وبذلك لايكون أركون فقد داخلاً فى سباق نقد العرب والمسلمين المعتاد للاستشراق والمستشرقين، إذ هو ينطلق من رؤية المجتمع الغربى واحتياجاته وهمومه.. وعدم انسجام الاستشراق معه.
وهو من ناحية أخرى ينطلق يختلف عن منطلق إدوارد سعيد كذلك فى نقده للاستشراق ... يقول سعيد فى مقدمته:
"وإذا اتخذنا من أواخر القرن الثامن عشر نقطة انطلاق محددة تحديداً تقريباً، فإن الاستشراق يمكن أن يناقش.. ويحلل بوصفه المؤسسة المشتركة للتعامل مع الشرق. التعامل معه بإصدار تقريرات حوله، وإجازة الآراء فيه، وإقرارها. وبوصفه، وتدريسه، والاستقرار فيه وحكمه .. الاستشراق كأسلوب غربى للسيطرة على الشرق، واستبنائه وامتلاك السيادة عليه"
إن أول فرق يتبادر إلى ذهن القارئ أن أركون، ويحسب مفرداته يرى ويقر أن:
أولاً: الدراسة العربية الإسلامية - الاستشراق - فى الجامعات الغربية، تتسم بالانعزال ولاتنغمس فى الحياة الجامعية ككل.
ثانياً: هى بالتالى تعتبر دراسات خاصة، أو فردية لبعض الناس، لآحاد من الناس، يريدون أن يخوضوا فى أمور بعيدة عما يهم الفكر الغربى والثقافة الغربية.
أما إدوارد سعيد، فهو يرى، وبحسب مفرداته كذلك:
أن الاستشراق مؤسسة،أى عمل جماعى، وليس عمل أفراد. ولكن من هى هذه المؤسسة .. هل هى المستشرقون وحدهم أم أنهم جزء من كيان أكبر؟ ليس ذلك مايهم إدوارد سعيد، ولكن مايهمه هو:
أولاً: كيف يتم ذلك التعامل؟ إنه يتم "باصدار تقريرات حول الشرق، وإجازة الآراء فيه، وإقرارها، وبوصفه وتدريسه".
ثانياً: ...."والاستقرار فيه، وحكمه... الاستشراق كأسلوب للسيطرة على الشرق واستبنائه، وامتلاك السيادة عليه"،
· ولكن لماذا هذه المقارنة؟
حاشا لنا أن نجتزئ أو نقطع، أو أن نمر بهذه الأمور الدقيقة مرور الكرام، فالمقارنة التى قد تفيد حقاً فى فهم خط دراسة الاستشراق من توجه إدوارد سعيد، إلى توجه محمد أركون – وهى ما قد نعد به – تحتاج إلى وقت وجهد للتحليل أعمق فى داخل أعمال كلا الباحثين الكبيرين، وهما – على اختلافهما فى المنطلق وفى الوسائل - قد يتداخلان ويتكاملان، فهى إشكالية الاستشراق.
أما مانريد أن نركز عليه الآن، ومانرى أن أركون ينفرد به حقاً، فهو الخطوة الثانية فى نقده الاستشراق والمستشرقين وهى رؤية علمية أكاديمية بحته.
يرى أركون "أن المستشرقين لايتبنون مايظهر من جديد فى إشكاليات البحث ومناهجه، فظاهرة العلوم الإنسانية، فى الجامعات الغربية ترجع إلى الخمسينيات والستينيات.. وعندما نقارن المناهج التى ينتهجها، المستشرقون بالمناهج التى ينتهجها الباحثون والمؤرخون والانتروبولوجيون، واللسانيون، وجميع مايتعلق بالعلوم الإنسانية والاجتماعيةن نجد فرقاً كبيراً بين المناهج الاستشراقية، ومناهج هؤلاء لأن العلماء المستشرقين لايتابعون الإنتاج العلمى فى جميع العلوم، كما يوجد فى جميع الميادين التى يمارسها المتخصصون الذين يدرسون المجتمعات والمسائل الفكرية".
إنهم إذن منعزلون، ليس فى داخل جامعاتهم ولكن فى داخل أقسامهم، والأمر جد خطير فإن ذلك الانعزال وعقليته تتوالد وتستمر، ثم إن ملامح تلك العقلية تؤثر سلباً على علوم العربية والإسلام، فالطلاب والباحثون المسلمون يأتون من بلادهم للدراسة فى تلك الأقسام وهذه الجامعات، ويعودون فيؤثرون بدورهم فى مجتمعاتهم .. وهكذا إلى مالانهاية.
والذى يقرأ كتابات أركون بدقة ويستمع إليه فى محاضراته باهتمام يجده يحمل بشدة على أولئك الذين يتجاهلون تطبيق المناهج الحديثة والإشكاليات الحديثة فى دراسة الثقافة العربية.
verocchio
30/12/2007, 01:54
وهو يطرح ذلك على محورين متزامنين معاً:
الأول للدراسيين والباحثين المستشرقين:
"هذا هو موقفى الحقيقى من الاستشراق، ولازلت منذ سنين، ولا أزال أدعو فى محاضراتى وكتبى من أجل تطبيق مناهج حديثة فى الدراسات الإسلامية.. وألخ..
على هذه النقطة، لأنها أساسية".
والأخر: للدراسيين والباحثين المسلمين والعرب:
"يجب على الباحثين العرب أن ينتقلوا من النقد الايديولوجى المحض، والجدلى، لما يسمونه الاستشراق إلى النقد العلمى والمعرفى، وإنهم إذا انتقلوا إلى هذا المستوى سيدركون ضرورة تغيير المناهج التى يتبناها الباحثون المسلمون عن الفكر الاسلامى والمسائل الإسلامية.
لأننا إذا لم ندرك أهمية الايستمولوجيا، لايمكننا أن نتقدم فى تحديث البحوث التى تتناول المسائل العربية الإسلامية"
· ثم إنه يؤكد ويكرر:
لذلك "أنقد نقداً حاسماً مواقف المستشرقين الذين يقفون بعيداً عن المناهج الحديثة" .... "وأنقد أيضاً المسلمين الذين يرفضون هذه المناهج لأنها غربية".
أما نقده للباحثين العرب والمسلمين، فهو قديم، وهو ليس فريداً فيه، ولاجديداً، وربما يميل إلى العموميات والخطوط العريضة، وربما كان ذلك متوازياً مع تزايد حالات التضييق على الباحثين والمفكرين فى بلاد الإسلام. وقليلاً مايدخل إلى التفاصيل الدقيقة لملامح فكر إسلامى عربى جديد، تظهر رموزه هنا وهناك. وهو يحاول الاستمرار والتقدم، وهو يلاقى كثيراً من التهميش فى الداخل والخارج على السواء...
وأما نقده- أي أركون - للفكر الاستشراقى، وهو نقد علمى منهجى، وهو ليس جديداً، كما يقول أركون نفسه، فهو فى حالة تطور مستمر، وفرق بين التحول والتطور، وهو ربما يطالب المستشرقين أولئك بما يشبه تطوره هو، إذ يزداد اعتماده كثيراً على ما انتجه الفكر الغربى الحديث أو على المنظرين الغربيين، بل على نصوص كنصوص الشافعى وابن رشد والفارابى".
وهذا فرق أساسي بينه وبين المستشرقين، إذ لايعتبر نفسه إذن مستشرقاً.
أما الملمح الأخير - الذى نود التنويه به - من ملامح نقد أركون للاستشراق والمستشرقين، والذى نعد بالتركيز عليه أكثر وتفصيله فى تنمية هذه الدراسة أو فى غيرها، فهو نقد تعامل المستشرقين مع القرآن ودراساته.
ومجال الدراسات القرآنية عند المستشرقين، وربما عند كثير من الباحثين المسلمين مجال يتسم إما بالركود والتراجع، وإما بالمغامرة والجرأة غير العلمية غالباً.
وفى كتابه عن "الفكر الأصولى واستحالة التأصيل - نحو تاريخ آخر للفكر الإسلامية " (ترجمة هاشم صالح، صادر عن دار الساقى بيروت ط 2 سنة 2002).
فصل فى غاية الأهمية بعنوان"القرآن والدراسات النقدية المعاصرة وفى سياق نقده للمستشرقين يقول أركون:
verocchio
30/12/2007, 01:54
"ولكننا سوف نذكر أيضاً بمعطيين اثنين يفاقمان من حالة المستشرقين الغربيينن الذين يستخدمون أدوات ومسلمات العقل التاريخوى والفيلولوجى المتضامن مع العقل العلموى:
1) كل المستشرقين (ماعدا استثناءات قليلة جداً لم تترك أى أثر دائم) يزودون المناقشات المنهجية. والقلق الإبستمولوجى، ولايهتمون إلا بدراسة الوقائع المادية المحسوسة، بالمعنى الذى يقصدونه، وضمن الإطار المعرفى الذى يختارونه".
2) هناك نوعان من العلماء المستشرقين: المؤمنون وغير المؤمنين. والمؤمنون يحملون معهم عندما يدرسون التراث الاسلامى ثقافتهم اللاهوتية اليهودية والمسيحية، وأما غير المؤمنين، من لا أدريين أو ملاحدة، أو حتى مجرد علمانيين، فإنهم يطمسون تماماً مسألة المعنى فى الخطاب الدينى أو يتجاهلونها تماماً. وهكذا يرفضون الدخول فى مناقشات حول مضامين الإيمان ليس بصفتها قواعد حياة وسلوك مستبطنة من قِبَل كل مؤمن، وإنما بصفتها تركيبات نفسية لغوية واجتماعيه وتاريخية.
هكذا نجد أن القضية المركزية لمسألة "الحقيقة" قد أخليت تماماً من الدراسة العلمية للقرآن. ومعلوم أنه نص يهدف أولاً، وقبل كل شئ إلى تقديم المعيار الوحيد والمطلق، والمقدس للحقيقة الكلية العليا، بصفتها الكائن الحقيقى، والواقع الحقيقى، والشريعة الحقيقة (أو الحق فى لغة القرآن) هكذا نجد أن هذه المسألة المركزية بالنسبة للعقل الدينى، كما للعقل الفلسفى الأكثر نقدية وتقدماً، تهمل من قبل هؤلاء الباحثين الأشاوس".
لقد أطلنا هذا الاستشهاد من أركون لنقد الدراسات القرآنية فى جامعات الغرب، قاصدين واعدين بتوسيع الدراسة وتعميقها ونشرها... ولأننا نلاحظ على جانب من جوانب الاستشراق وهو جانب الدراسات السامية أموراً مشابهه كثيرة وخلطاً وتجاهلاً، وسرعة أو تسرعاً فى إصدار الأحكام وكأنها - أي الدراسات السامية - تعانى ما تعانيه الدراسات القرآنية من تكرار ودوران فى حلقة مفرغة.. وإن آثار ثقافة الباحث، مؤمناً كان أو ملحداً أو علمانياً لذات أثر كبير فى نقده وتحليله، واستنتاجاته.
"أما حديث الأجيال الجديدة من المستشرقين، شأنه شأن حديث الأجيال الجديدة من الباحثين العرب، فهو حديث ذو شجون، وحدث ولاحرج"
اسبيرانزا
30/12/2007, 17:11
حوار مع الفيلسوف ميشيل فوكو :D
اسبيرانزا
30/12/2007, 17:29
اجرى الحوار اباديو
ترجمة محمد ازويته
اسبيرانزا
30/12/2007, 17:36
حوار مع الروائية نوال السعداوى :D
اسبيرانزا
30/12/2007, 17:38
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
محمد السيد - مصر: قادة التنوير في المجتمعات يندمجون فيها محاولين إصلاح ما أفسدته الديكتاتورية و التطرف وليس بالهروب. السؤال هو ما هي أطروحاتكم التي تسهم في جعل المواطن المصري يعيش بكرامة؟
نوال السعداوي: كلمة "الهروب" لا تنطبق علي و لا أحبها، وهناك إناس يصطادون في المياة العكرة. فأنا مندمجة في المجتمع المصري حتى النخاع أكثر من الحكومة المصرية ذاتها. فكتبي قرأتها أربعة أجيال منذ نشرها حتى الآن. عندما خرجت من مصر كنت غاضبة من النخبة المصرية والعربية التي باعت نفسها لرجال المال والسلطة الذين يحكمون البلاد. ليس غريبا أن تصمت تلك النخبة عندما تم تقديمي للمحاكمة بتهمة التكفير. أتمنى أن تكون الأسئلة القادمة موضوعية و ليست مجرد هجوم.
جنان - السودان: ما هو رأيك في موضوع ختان الإناث لأن هناك أراء كثيرة في هذا الموضوع الحساس؟
نوال السعداوي: أنا ضد ختان الإناث والذكور. أقول هذا من منطلق كوني طبيبة، كما أقول أيضا بصوت عالي إن كل المعلومات الطبية تقول إن قطع جزء من جسد الطفل فيه خطورة شديدة. تاريخيا، فكرة الختان جاءتنا عن طريق العبودية و ليس لها علاقة بالإسلام. إنه لمن المضر قطع جزء مهم من جسد المرأة، فدول مثل السعودية و سوريا و العراق و تونس لا تعرف فكرة ختان الإناث. لقد ذكر في التوراة أن بني إسرائيل و ذرية إبراهيم سيكون لهم الأرض الموعودة مقابل أن يختنوا الذكور. أؤكد أن الختان عادة ليس لها علاقة بالإسلام أو الطب. هل منطقي أن نقوم بقطع جزء من الطفل الذي خلقه الله سليما؟!
مينا - مصر: لماذا ترفضين الحجاب وتهاجميه و أيضا الحج؟
نوال السعداوي: ما أعارضه هو أن يستولي الزوج على مصاريف أسرته ومدخرات زوجته و يشتري تذكرة للحج و يقبل الحجر الأسود. فالعمل عبادة و إطعام الأطفال عبادة. بل أن كل طقوس الحج جاءت قبل ظهور الأديان، وهذا هو جزء من التاريخ. الحج ليس عبادة إسلامية فقط، فالإسلام جاء ليمنع تقبيل الحجر الأسود. أما بالنسبة للحجاب، فأنا ضد اعتبار أن المرأة عورة. فالأخلاق في سلوك المرأة و عملها وليس في تغطية شعرها الذي يعد تزييفا للأخلاق. لا بد أن ننظر للمرأة على أن لها عقل.
اسبيرانزا
30/12/2007, 17:39
أيمن الدالاتي - سوريا: اتفق مع الدكتورة السعداوي بنقاط كثيرة، و اختلف معها بنقاط أقل، إنما أكثر أهمية و دسما، لكن بالنسبة لفصل الدين عن الدولة لا يمكن هذا أبدا. إنما الصح هو عدم تسييس الدين و عدم تديين السياسة؟
نوال السعداوي: عزيزي أيمن. اختلف معك، فمن الممكن فصل الدين عن الدولة وقد حدث ذلك بالفعل في بلاد أخرى. أنحن شعوب أقل من الشعوب الأخرى التي قامت بذلك؟! طالما أن الدين دخل في السياسة لن يكون هناك نقاش وسيكون القتل مصير من يختلف معك. فعلى الدولة أن تحكم بقوانين مدنية، فالدين حالة خاصة، وعلى كل شخص أن يعبد إلهه في بيته.
صابر بابان - بغداد: هل مصر والدول العربية تتمتع بالديمقراطية كي تستطيعي أن ترشحي نفسك و خصوصا آراءك العلمانية تلقي رفض من كل الحكومات العربية بسبب العقيدة الدينية ... وما هو سبيل التغيير في مصر بصورة خاصة والدول العربية بصورة عامة؟
نوال السعداوي: لماذا نناضل إذا كانت بلادنا تتمتع بالديمقراطية؟! نريد أن نتحدى الديكتاتورية لا أن انتظر الديمقراطية تهبط من السماء، و لذلك قمت بترشيح نفسي في الانتخابات لمواجهة النظام ديكتاتوري في مصر برغم أنني كنت أعي جيدا أن مشاركتي رمزية و لن يسمح بها. أشير هنا أن الحكومات العربية كلها ديكتاتورية، وكذلك الحكومات الغربية. الحل هو أن يبدأ كل شخص بنفسه. لا بد أن تسأل نفسك "ماذا قدمت حتى يكون هناك ديمقراطية حقيقية" بدلا من أن تجلس في بيتك لتربية الأولاد. أتعجب لماذا لم يكن هناك رد فعل عندما تم استدعائي للنيابة.
أبو عمرو - فلسطين: كل كتاباتك عن المرأة وعلاقاتها مع الرجل ..ما هو موقفك من قضايا الأمة ؟
نوال السعداوي: أنا لا أفصل بين تحرير المرأة و تحرير مصر و الوطن العربي، و قمت بالربط في كتاباتي بين الاستعمار سواء أكان بريطانيا في السابق وأمريكيا حاليا من ناحية و قضايا المرأة. الصحافة تشيع أنني اكتب عن المرأة فقط، لكني أؤكد أن كتاباتي تربط بين قضايا المرأة وعلاقاتها بالسياسة المحلية و الدولية.
اسبيرانزا
30/12/2007, 17:40
عباس - كندا: هل فكرت في الحصول على جائزة نوبل؟
نوال السعداوي: أنا رشحت بالفعل لجائزة نوبل، بل أن هناك أفرادا يعتقدون أن إنتاجي الأدبي و الفكري أهم من جائزة نوبل التي هي في الأساس جائزة سياسية أكثر منها فكرية. الأديب الحقيقي هو ما لا يهتم بالجوائز و إن كانت تعطي له دفعة قوية خاصة إذا كان يشعر بالاضطهاد في مجتمعه.
رفعت ناجى - مصر: استأذنك أن تعرفي لي من هو المثقف؟ و ما هو وجهة نظرك في من يختلف معك في أرائك؟
نوال السعداوى: يا سيد رفعت، المثقف هو الإنسان الذي يحاول أن يفهم العالم من حوله ويتحاور معه و يربط بين المجالات المختلفة للمعرفة (الطب والأديان و التاريخ). أما بالنسبة للجزء الثاني من السؤال، الاختلاف في الرأي أمر لا بد منه، لكن هذا الاختلاف لابد أن يكون بالفكر و العقل لا بالسيف و التكفير. وهنا تقع مشكلتنا في العالم العربي أن من يختلف معنا نعتبره كافرا يجب أن يعتقل أو يقتل. فلم نتعود على التعامل مع من يختلف معنا في الآراء.
مها محمود - الإسكندرية: ما هو تقييمك للديمقراطية في مصر؟ ... ولماذا لم تصمدى طالما أنت مؤمنة بقضيتك؟
نوال السعداوي: لا توجد ديمقراطية في مصر أو في أي من بلاد العالم حتى الولايات المتحدة الأمريكية التي درست فيها لمدة 13 عاما حيث تبنى فيها الديمقراطية على المال و السلطة. بل أن السؤال يبقى: ما هي الديمقراطية؟ إنها ليست الذهاب إلى صناديق الاقتراع أو ممارسة حرية التعبير، إنما هي العدالة الاجتماعية و الاقتصادية. لقد رأيت فقرا في بلجيكا يشابه ذلك الموجود في مصر، و رأيت فقرا في أمريكا لا يقل عن مثيله في الهند. و الله أنا صامدة حتى الآن. لو قرأت تاريخي لوجدت أنني تعرضت للسجن و النفي و تم وضعي على "قائمة الموت". يا مها، أنا عمري الآن 75 عاما. عندما خرجت من مصر لم أفر كما يقولون ولكن لأن عندي شغل في الخارج أقول به. و أؤكد لك أنني سأعود إلى مصر حتى لو حكم علي في قضية "إزداء الأديان" المرفوعة ضدي.
إبراهيم على سالم - أبو ظبي: لماذا رفضتي المناظرة مع الدكتورة سعاد صالح أستاذة وعميدة سابقة بجامعة الأزهر الشريف؟
نوال السعداوي: لم يحدث ذلك، وهو ما يجعلني أشعر بالدهشة من طبيعة انتشار مثل تلك الأخبار غير الصحيحة. على العكس، لقد رفض طلبي لمناظرة الشيخ (محمد متولي) الشعراوي خمس دقائق كل أسبوع وهو الذي يتكلم كل يوم ساعة.
رمزي - سدني: تحرر المرأة من أولوياتك خلال السنوات الطويلة الماضية ... هل أنت راضية عما حققته في هذا المجال أم أن المهمة كانت اكبر من توقعاتك؟
نوال السعداوي: أنا راضية بما فعلت، لأن في مصر أشعر بأني محاطة بأربع أجيال من النساء و الرجال تأثروا بأعمالي و كتاباتي... و أنا راضية لأن لي تأثير بين هؤلاء الناس.
نجدت صبري القاضي - دهوك - العراق: وضع المرأة في شمال العراق أفضل من وضعها في الكثير من بلدان الشرق الأوسط، إلا أن التركيبة الاجتماعية المتوارثة و العادات و التقاليد تفرض علينا (الرجال والنساء) أوضاعا لا نملك منها فكاكا علما أن هذه الأوضاع ليس لها علاقة بالالتزام الديني؟
نوال السعداوي: أنا لم أدرس وضع المرأة في شمال العراق، لكن سيدات عراقيات تقلن إن أيام صدام أفضل من الآن. وليست المسألة في هذا الشأن تتعلق بالعادات والتقاليد، بل بالسياسة، حيث أن المرأة في عراق ما قبل الاستعمار الأمريكي الجديد كانت أكثر تحررا. وهنا يجب علينا فهم المشكلات في العراق ووضعها في سياقها. أما عندما نتكلم عن المرأة ومشكلاتها دون الحديث عن الاحتلال والاستعمار فقد بعدنا عن الحقيقة.
اسبيرانزا
30/12/2007, 17:40
لمى عيزوقي: حبذا لو تعطينا الدكتورة نوال فكرة مختصرة عن المواضيع التي تناولتها في حياتها وعن أهم النشاطات الإنسانية التي قامت بها في مصر و في خارجها؟
نوال السعداوي: صعب في خلال دقائق أن ألخص ما كتبت، فأصدر لي أربعون كتابا أعيد نشرها. عليك أن تقرئيها لمعرفة الإجابة على السؤال. لكن بشكل مختصر، الفكرة الأساسية في مؤلفاتي هي الربط بين تحرير المرأة والإنسان من ناحية وتحرير الوطن من ناحية أخرى في نواحي ثقافية و اجتماعية و سياسية. كما أحاول أن أدرس الأديان لمعرفة ما يحدث في مصر وأربط بين مجالات المعرفة التي تم فصلها من خلال دراستنا الأكاديمية في الجامعات.
ناهد تاج هاشم - الكويت: ... أريد أن أسألك عن رأيك فيما يحدث حاليا. كثيرا ما يخلط بعض من أبناء الجيل الحالي بين مفهوم حرية المرأة كإنسان بالدرجة الأولى والقيام بأعمال ليست مناسبة للمرأة (من منطلق السعي للمساواة بين الرجل والمرأة)؟
نوال السعداوي: من قال أن المرأة يجب أن تكون مثل الرجل. ما أقوله إن المرأة إنسانة لها جميع الحقوق. صحيح أن الرجل مستعبد والمرأة مستعبدة، لكن استعباد المرأة ضعف استعباد الرجل. ما يحدث هو أن جسد المرأة يعرض للاستهلاك في السوق الحرة، حيث يعرض عليها إما تغطية أو تعرية جسدها. وهكذا صارت المرأة أداة في هذه السوق من قبل التيارات الدينية المسيطرة.
حسام أبو الفتوح: ما وجهة نظرك في التعديلات الدستورية الحالية؟ وهل سوف تحدث تغييرا في تاريخ مصر؟
نوال السعداوي: لن تحدث سوى تغييرات طفيفة في الدستور، مثلما حدث قبل الانتخابات الرئاسية. بل على العكس، التغييرات السابقة في الدستور كانت ضد المرشحين الرئاسيين وخاصة المستقلين منهم. عليك أن تتأكد أن تلك التعديلات ليس لها علاقة بحل المشكلة في مصر.
صالح عزيز - لندن: د.نوال أنا من المعجبين بآرائك ومؤلفاتك، ولكن الا تعتقدين بأنك تجاملين أحيانا، من خلال تصريحاتك، الإسلاميين وبذلك تحتفظين - بجسور - ولو ضعيفة مع هؤلاء وهو ما يجعلك عرضة للتهديد أحيانا و امرأة صالحة في نظرهم أحيانا أخرى. أليس من الأجدر بك أن تصري على مواجهتك للرجعية والتخلف المرتبطين، شئنا أم أبينا، بالدين؟
نوال السعداوي: عزيزي صالح، أنا لا أجامل الإسلاميين على الإطلاق. على العكس، أنا أرفض قيام الدولة الدينية وأطالب بفصل الدين عن الدولة وإلغاء المادة الثانية من الدستور المصري التي تعتبر الإسلام مصدر التشريعات.
اسبيرانزا
30/12/2007, 17:41
سميح - برايتون - بريطانيا: تواجهك دعاوى قضائية و تهديدات منذ سنوات، ما سر قرارك في مغادرة مصر في هذا التوقيت بالذات حيث مجال الحريات أفضل نسبيا من الماضي؟
نوال السعداوي: عزيزي سميح، في 28 يناير/ كانون الثاني، قامت النيابة المصرية بالتحقيق معي وابنتي الكاتبة منى حلمي في إطار قضية "إزدراء الأديان" الموجهة ضدنا. وتتعلق القضية بمقال واحد كتبت عبرت فيه ابنتي عن رغبتها أن تحمل اسم أبيها وأمها. من ناحية أخرى، منعت خمسة من أعمالي من النشر أيضا. لذلك شعرت بالتهديد من نظام يقدمني للمحاكمة، وشجعتني كل هذه الأسباب على ترك البلاد التي لم أكن أفكر في مغادرتها من قبل. يأتي ذهابي للخارج أيضا بسبب احتياجي إلى الهدوء لكتابة رواية جديدة وكذلك دعوتي لحضور عدة مناسبات في الخارج كمؤتمر في روتردام و آخر في بروكسيل ودعوة أخرى لاستلام جائزة الأدب الأفريقي من جامعة ويست فرجينيا. إضافة إلى دعوى أخرى بالتطليق (الحسبة)، وهي قضية جديدة غير مرتبطة بقضية أخرى رفعت للتفريق بيني وبين زوجي بالقوة في عام 2001. لكني لا أعرف لماذا رفعت قضية أخرى ضدي هذا العام.
اسبيرانزا
30/12/2007, 17:44
حوار مع الشاعر المصرى الشاب احمد بخيت :D
اسبيرانزا
30/12/2007, 17:47
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
أدخل رهانا نقديا على اسم شاعر شاب سيتألق بوهج مثير للدهشة في دنيا الإبداع، ليصبح شاعر مصر الأول. إنه أحمد بخيت.. الذي تخطى الثلاثين بقليل، وبهر كل من تعامل مع شعره، بقوته، وعرامته، وصدقه.. بنبضه الكلاسيكي الحي وقدرته على إعادة الشباب للقصيدة العربية… إنه وريث المتنبي، والأمل الموعود للشعر الحديث/ د. صلاح فضل.
.
* أحمد بخيت هذا الفتى الأسمر الذي وصل إلى القاهرة مثقلا بالهواجس والخوف والأحلام، هل كان يعلم أن ما ينتظره هناك – داخل الوسط الأدبي – سيجعله يتخلى عن الكثير من القيم؟
- في مطلع السبعينات قدمنا إلى القاهرة من صعيد مصر، حمل أبي الصعيد الشجاع في ساعديه القويين وحملته أمي مع صرة ملابسي وبعد أسابيع قليلة حمل أبي حقيبته إلى ليبيا للعمل ليوفر لنا الخبز والكتاب ووجدت الصعيدية الوحيدة الأمية نفسها في صحراء الغربة وحدها وفي حجرها عصافير زغب – هم أنا وإخوتي – فأنشبت أقدامها في الأرض لتتحول إلى شجرة تظللنا وحملت الحقيبة وحدي إلى الأول الابتدائي
ومن اليوم الأول أدركت بفزع أني وحدي لا أب يحرس ولا أخ أكبر ينافخ، وليس إلا الكتاب وعليك أن تعرف لتكون وأن تكون صخرة نفسك حيث لا مجال لرفاهية الفشل عليك أن تكون متفوقا حتى الموت إن شئت أن تعيش بكرامتك بين أطفال – حقا – ولكنهم متوحشون أيضا أذا لم تكن جديرا بالحب والاحترام
وهكذا تفوقت دراسيا وكان هذا هو الدرس الذي كان علي أن أتذكره مرة أخرى بعد عشرين عاما حين دخلت الحياة الأدبية، يفضل أن يسميه فاروق شوشة اقتحاما. كان علي كما على كل مبدع حقيقي أن يسير ولا يلتفت، يكتب ولا ينتظر، يعمل ولا يأمل إلا في الله وفيما يكتب وأنا أبتسم حين يلتقيني مثقفون مصريون كبار باحترام وبشاشة مذهلة وكانوا هم أنفسهم من لم يمنحوني دقائق من الاهتمام أو كلمة تشجيع في أول الطريق، لكنني أكن لهم كل مودة فقد علموني بتجاهلهم أن أعرف نفسي وبعدم دعمهم أن أدعم قلبي وبصمتهم أن أجعل كلماتي تصل إلى مسامعهم. ولكن – وللحق – كان هناك حب كبير من الناس ومن بعض المبدعين في كل لحظة من حياتي، دعمني بقوة هائلة للاستمرار
اسبيرانزا
30/12/2007, 17:51
* عندما ينتبه أحد النقاد أو الكتاب، ممن يقودون دفة المشهد الأدبي، أن هذا الصوت أو ذاك مختلف تبدأ المتاعب، ألا تعتقد أن على المبدع في هذه الحالة ألا يكتفي بالنص فقط وإنما يتماهى مع دوامة النفاق ليستمر؟
- رغم أني أعتقد أن حسن الظن في وجود عبقريات كثيرة أمر مفرط في التفائل أو السذاجة مما يعني ضرورة أن تثبت كل موهبة جديدة جدارتها بصبر وقوة ليتم الاعتراف بها لأن الحياة الثقافية كثيرا ما شهدت ولادات باهرة لمواليد أثبت الزمن ضعفهم وهشاشتهم وعدم قدرتهم على الاستمرار في التطور إلا أني أظن – وهذا من سوء الظن الذي أتمنى أن يكون من حسن الظن – أن المجتمع الثقافي العربي عامة وليس المصري خاصة شديد الجبن ويفضل التجاهل والانكار والصمت على التبشير بصوت جديد أو الدعم له فإن نجح يمكن تدارك الأمر بكيل مديح متأخر وإغداق كرم فات أوان ضرورته وإن لم ينجح فقد كفى الصمت – غير المؤمنين – شر المنافسة.
* ألا تعتقد أن المشهد الأدبي “القاهري” على مرّ التاريخ لم يتخلص من عقدة نبذ الآخر خاصة إذا ما تعلق الأمر بمبدع قادم من الجنوب؟
- ذلك يحدث لأن المبدعين الآن يتنافسون على الظهور الإعلامي أو المديح النقدي دون أن ينتبهوا إلى أنه للأسف لم يعد النقد الأدبي في الوطن العربي قادر على إبراز نجوم في الكتابة النقدية، تغيير ووضعية أديب من خانة أديب موهوب إلى خانة أديب موهوب مقروء وإنما الأمر لا يفضي لأكثر من تداول الاسم في الأوساط الثقافية وفي النهاية كل مثقف لا يعتد بآراء غيره ويعتبر نفسه الناقد الأعظم وهو حين يقرأ المبدع يحدد موقفه وفقا لقناعاته إن سلبا أو إيجابا. ولأنني لم أحلم بأن أظهر في الصحف والإعلام فقط بل حلمت بأن أصبح مقروءا فإن النقد العربي بوضعيته الحالية، غياب النقد التطبيقي وتفشي ظاهرة الانتفاع النقدي وهامشية النشاط الثقافي في الحياة المعاصرة جعل حلم النقد اليوم الذي يمهد الطريق للمبدع حلما بعيدا بُعد البوم والغراب عن حلم الغناء.
اسبيرانزا
30/12/2007, 18:28
* نلاحظ من خلال ما استمعنا إليه من قصائد أنك تشتغل على خطين فنيين، ففي الوقت الذي تطفح فيه الأسطر بشعرية عالية تحافظ أيضا ببراعة على خط سردي خفي يؤلف بين ما هو داخلي فيك وما هو خارجي فينا، لتخلق حالة من التواطؤ والتوتر عجز الكثير من مدّعي الحداثة على انجازه في نصوصهم؟
- أشكر لك رأيك وأتمنى أن أكون جيدا بما يكفي وأحترم إبداعات الآخرين ونجاحاتهم.
* هل حدث أن شعر أحمد بخيت – وهو يقرأ أمام الجمهور – برغبة في البكاء؟
- كنت حاضرا هنا أنت في سرت عندما ألقيت عن أبي قصيدة قمر جنوبي تذكرت أني كنت أفتقده في القاهرة وأنا طفل وألومه دون قصد على غيابه وأنا هنا الآن أفتقد أولادي تذكرت أنه كان يكدح في العمل مجروح الأبوة يحن إلينا ويحبنا في الغياب أكثر كادت دموعي تسيل وأمسكتها بقوة كي لا يعتقد أحد أني أحاول التأثير على الجمهور وقد شحن هذا صوتي بشجن عميق أظنه وصل للجمهور حتى أن البعض قال لي أنه بكى بالفعل وخفف عني كثيرا قول الكاتب الكبير زكريا تامر أنه نفسه كاد يبكي. ما من كتابة حقيقية لا تصل إلى القلب وفي كل مكان ألقيت فيه شعرت بحب الناس الصادق وارتجفت من الفرح والإحساس بالمسؤولية تجاه الكلمة والناس. أكتب شعري عاري القلب وكثيرا ما أقرأه على الناس عاريا حتى القلب فأشعر بهم ويشعرون بي وتلك هبه الله التي أحمده عليها والذي تعدل عندي وتفوق أعظم الجوائز الأخرى
اسبيرانزا
30/12/2007, 18:29
* كل كاتب كما بين هنري ميلر إنما يعني مركب الإحساس باليتم واللقاطة، إن حدث ذلك فأي مركب تفصح عنه؟
- كل نص جميل يتيم في العالم، حتى يجد كاتبه، لقيطا في الأرض حتى يجد قارئه. الكتابة كفالة الأيتام والقراءة ملجأ اللقطاء وبهذا المعنى تكتمل عائلة الإبداع.
* إلى أي مدى يظل كل كاتب عربي حفيد شهرزاد اللسانية؟
- شهرزاد الرائعة والموجعة علمتنا أنه لا بد من صوت وأن الإنسان صوت بين صمتين يأتي من الصمت ليعرف ويحكي ويذهب إلى الصمت ليحكي عنه الآخرون، فلا مفر له من مواصلة الافتتان والإبداع وإلا وجد سيف مسرور في عنقه. تبقى ضريبة البوح المتواصل الساحر تستنفذ أعظم طاقات الإنسان ليذهب إلى الغياب تاركا حضوره في ذكرى صوته وحكاياه. اللسان قاتل واللسان منقذ تلك فتنة شهرزاد وفجيعتها ومحنة أحفادها وإرثهم الجميل.
* ( الزمن أعظم ناقد في الدنيا، لأنه يفضح الذهب الزائف ويعلي قيمة اللؤلؤ الحرّ ) بأي معنى يكون ذلك صحيحا؟
- أنظر إلى فعل الزمن في العطر المعتق والخمر المعتقة وإلى فعله في العظام النخرة. تعرف ما أعني وإليك الذين كتبوا ليسمن لحمهم وشحمهم وتزداد أوسمتهم وملابسهم الأنيقة تعفنوا في قبورهم، والذين أحرقوا أرواحهم عطرا واعتصروا أيامهم خمرا ازداد ما تركوه نفاسة وعظمة وتاريخ الأدب الإنساني شاهد على من ذهبوا لامعين وانتهوا منطفئين ومن عاشوا أقل لمعانا وماتوا فازدادت آثارهم إشعاعا وتألقا.
اسبيرانزا
30/12/2007, 18:31
* ( ثمة تجارب شعرية لي قد حرثت أرضا لم تحرثها التجربة النزارية ) ألا تخاف من جمهور نزاري مزروع على امتداد الوطن العربي مما يفسد مشروعك الشعري ويعرقله؟
- من يخاف لا يكتب، ومن يكتب ينبغي ألا يخاف إلا من أن ينافق أو يكذب. جمهور نزار عريض وكبير لكن أنا واثق أن جمهور نزار سيحبني أولا لأن شعري يثبت حبي لنزار واحترامي له ويثبت خصوصيتي الإبداعية وقوتي الخاصة التي تؤهلني للبحث كما أهلت خصوصية نزار وقوته الخاصة شعره لحب الجماهير. لا يبقى الشاعر الكبير شاعرا كبيرا ولا يقلل من عظمته لكن الأقزام فقط هم من يتصورون أن اسما عظيما في الماضي يلغي المستقبل واسما جميلا في الحاضر ينفي الميراث الجميل.
* هل حدث أن تنازلت عن بعض القناعات ثم ندمت بعد ذلك، خاصة إذا ما أضفنا للسؤال هذا السطر الذي ذكرته في حوار سابق: “لقد كتبت الأغنية لأشتري الحليب لطفلي”؟
- لا أزعم أني أقوى من الجبال لكني لم أقدم تنازلات أخجل منها قبلت العمل في الجامعة ولم أكن أحبه لخمس سنوات وكتبت الأغنية لفترة قصيرة في مناخ فني لم أستسغه لكنني صححت موقفي بأسرع من البرق وعدت إلى ميداني. الشعر اختياري الذي لم أحد عنه لأنني أشعر في قرارة نفسي أنه اختياري من بين الكثيرين من أبناء جيلي لأكون واحدا من فرسانه البارزين.
* ألا تخيفك فكرة النهايات، فكرة نهاية الكثير من العظماء في العالم: بوشكين، ليرمنتوف، ألان بو، هنري ميشو، السياب، طرفة ابن العبد، ميشيما، أمل دنقل، الشابي، رامبو.. في اعتقادك لماذا يموت هؤلاء قبل الأربعين معظمهم تحت وطأة المرض والخوف والتشرد والحرمان، ألا ينتابك هاجس النهايات أحيانا خاصة وأنك تشبه هؤلاء – على الأقل في اعتقادنا -؟
- دائما حتى أنني قررت أنه ما دام لا يمكن هزيمة الموت فعلي أن أتعلم صداقته. أخيرا أكتب سيرة الكائن وأكتب فيه نص الموت الذي ظللت أراوغه وأكتب على استحياء وعن بعد أواجهه الآن عن قرب في نص أتمنى أن أنجزه كما أحلم ليكون كتابة للحياة من أرض الموت. لا بأس بالموت إذا اقتربت من العرفان، فالموت:
يليق بذاته لا زهو فيه
لكي يكفكفه
كمالي حين أعرفه
ونَقصي أن أعرّفه
بسيط، كبّد الدنيا
مشقّة أن تفلسفه.
اسبيرانزا
30/12/2007, 18:32
* هل يستطيع المثقف العربي النجاة من السؤال السياسي؟
- أجل بوسع المثقف العربي النجاة من السياسة في اللحظة التي يفتح فيها الباب للضوء العظيم مستقبلا غده في سلام تاركا ورد الحسرة للهالكين وذباب الوهم للواهمين معلنا براءته الكاملة أو خيانته الكاملة. لا نجاة للمثقف الغربي من فضيحة السياسة إلا بالموت وعلى المثقف العربي – مع كامل احترامي لكل أطروحات النقاد الجمالي الخالص والاستعلاء الفكري الرصين واللعب الحرّ – أن يظل ما دام ممتطيا حرفه إما شاهدا في محكمة الإنسانية ضد كل إساءات السياسة وتواطؤات وشهيدا على نبالة القليلين الذين صدقوا الإنسان فيهم وصدّقوه ويعرف المثقف الحر أنه في اللحظة التي يكشف فيها عن محاكمة العالم وسياسته سيبدأ العالم في محاكمة آثاره كل قبح في العالم سيكتب في إرث المثقف شهادة ضده وإلا سيعتبره صديقا هالكا وكل جمال في العالم سيمنحه دمعة مودة على جمال آفل. صدقني لا نجاة لنا إلا بمحاكمة السياسة ثقافيا وإنسانيا في كل لحظة وإلا سيسمح للأنياب الأنيقة أن تلتهم إنسانيتنا في وداعة قاتلة.
verocchio
31/12/2007, 03:21
حوار مع محمد شكري
verocchio
31/12/2007, 03:21
طنجة: عبد الله الدامون
محمد شكري من الكتاب القلائل في العالم العربي الذين لا يحتاجون الى تعريف او تقديم الى القارئ، فمنذ أن أصدر روايته «الخبز الحافي» في مطلع الثمانينات، طالت شهرته جميع الافاق حتى اصبح شكري نفسه يتضايق من الصيت الذي أعطي لروايته لأنها سرقت عنه كل الاضواء وجعلته يعيش تحت رحمتها. واذا كان شكري قد عرف ككاتب وكاتب قصة فإن القليل من الحوارات التي أجريت معه وبمختلف لغات العالم لم تستطع أن تسبر غور الكاتب لترسم صورة مقربة عنه، كما يحاول أن يفعل في هذا الحوار المفتوح عبد الله الدامون من طنجة (شمال المغرب) الذي اختار لمحاوره اسئلة أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها بعيدة عن المألوف قريبة منه بما أنها تتمحور حول العادي واليومي في حياة كل واحد منا.
* نحن نجلس الآن في مكان ليس غرفة عادية ولا هو شرفة، ماهي قصة هذا المكان بالضبط؟
ـ هذا الجزء من المنزل الذي نجلس تحت سقفه أنا الذي صنعته. فهو لم يكن موجودا من قبل. إن قصته طريفة. ففي يوم من الايام اتصلت بالطاهر بنجلون وسألته لماذا لم يعد ناشر كتبي «ماسبيرو» يرسل لي المال كالعادة، فقال لي الطاهر بنجلون ان كتابي بيع في البداية وان الأهم هو ما اخذته في البداية لذلك يجب ان اقبل ما يرسل إلي الآن من تعويضات رمزية. لكن في أحد الايام تحدثت حول الموضوع مع الصديق عبد القادر شبيه الذي كان يزورني بين الفينة والأخرى، وبما انني لا اعرف الكتابة بالفرنسية رغم أني اقرأها وأتحدثها، بلغة الشارع طبعا، لذلك طلبت منه ان يكتب لي رسالة إلى «ماسبيرو» لكي اعرف ما يحدث. بعد ذلك عرفت أن الناشر الفرنسي «ماسبيرو» باع اسهمه في شركة النشر وترك فقط اسهما رمزية.
بعد ذلك تلقيت جوابا يفيد بأن هناك بعض المال. طلبوا مني عنواني من جديد ثم ارسلوا لي حوالي أربعين ألف درهم (نحو أربعة الاف دولار أميركي). بهذا المال الذي تلقيته انشأت هذا البيت الجديد في السطح. حدث ذلك قبل عشر سنوات، وهو مازال في حالة جيدة كما ترى. في بعض المرات، وحين تكون رياح الشرق قوية، اقول مع نفسي بأن كل هذا سيذهب مع الريح ولن اجد له اثرا في الصباح، لكنه ظل صامدا في وجه عاديات الزمن.
verocchio
31/12/2007, 03:22
أنت تكتري هذا المنزل أم هو ملك لك؟
ـ أكتري هذا البيت بمائتين وخمسين درهما (نحو 25 دولارا). كان ذلك هو سعر الإيجار عام 1971 وهي السنة التي استقريت فيها هنا، كان سعر ايجار البيوت في طنجة وقتها رخيصا، رغم أن هذا السعر كان وقتها مرتفعا مقارنة مع راتبي الشهري كمعلم.
* ما الذي أغراك في هذه الشقة بالضبط؟
ـ شيئان، إنها قريبة من المدرسة التي كنت ادرس فيها، ثم باحة الشرفة. فعندما أغسل ملابسي لا اجد نفسي مضطرا لنشرها فوق سطح العمارة. كما انني استغلها من اجل تزيينها بانواع من النباتات إضافة إلى بعض الحيوانات. فقد عاش معي كلب هنا اكثر من سبعة عشر عاما، و«نمسان». الآن تعيش معي سلحفاة واحدة بينما ماتت السلحفاة الأخرى.
* ما هو سر ولعك بالحيوانات؟
ـ السبب الاول هو اني غير متزوج
* هل هو تعويض عن....؟
ـ لا.. ليس الامر مسألة تعويض. إنها اشياء نابضة بالحياة سواء كان طيرا ام سلحفاة. لم أعد الآن استطيع تربية الكلاب. فالكلب الذي كان معي شاخ بطريقة سيئة وصرنا نغسله بأنبوب الماء. الامر مختلف مع الطيور او السلاحف. فالسلحفاة لا تعرفها متى تشيخ حتى تراها ميتة دون أن تظهر عليها علامات الشيخوخة. إنها لا تعاني مثل الكلب الذي يتحرك بصعوبة في شيخوخته ويضعف بصره ويسقط عنه الزغب فيصير منظره محزنا. الطيور كذلك تظل تقفز وتزقزق في القفص حتى تسقط ميتة دون سابق إشعار.
* هذا يعني أن الطيور والسلاحف تموت ميتة كريمة؟
ـ بالفعل. إنها تموت ميتة كريمة ومستورة ونبيلة. ثم اني افتقد السلحفاة رغم أنها تعيش معي في منزل واحد ولا أراها سوى مرة كل ثلاثة اشهر أو اربعة. كانت صغيرة مثل علبة عود ثقاب والآن صارت كبيرة مثل صحن طيني.
* والطائر الملون الذي في القفص ما اسمه؟
ـ اسمه موزار.
* لماذا اسم موزار... هل لأنه يبدع في الغناء؟
ـ أسميته موزار لأنه كان لي طائر مات اسمه موزار، فأتيت بهذا وأطلقت عليه نفس الاسم.
* صعدت عندك حتى الطابق الرابع راجلا لأنه لا يوجد مصعد في العمارة. هل تحملت كل هذا الصعود والهبوط دون كلل منذ سنة 1971؟
ـ صاحب العمارة محق، فما نؤديه كمقابل لسعر الإيجار لا يمكن ان يوفر حتى صيانة المصعد. أقول لك شيئا، لقد كنت في نزاع مع ورثة مالك العمارة وحكمت المحكمة لصالحي ضد مطالبهم برفع سعر الايجار. ومع ذلك فقد تم رفع سعر الايجار خمسين درهما ليصبح ثلاثمائة درهم في الشهر (نحو 30 دولارا).
* من هم زوارك في بيتك؟
ـ قبل حوالي عشرين عاما، وخصوصا خلال الصيف، كان هذا البيت مقصدا للكتاب المفلسين الذين لا يملكون ما يؤدون به غرفة في فندق. كانوا ينامون حيثما اتفق. كانوا يتكورون في أي زاوية وينامون. كان البيت عبارة عن مخيم، بينما البعض يأكل ترى البعض الآخر ينتظر أو يطهو طعاما آخر.
مع مرور الوقت، لم أعد استقبل عددا كبيرا من الزوار، سواء من داخل طنجة او من خارجها. ففي ذلك مضيعة للوقت. لان بعض الضيوف يتصرفون مثل التتار، يلتهمون ويشربون كل شيء رغم انهم حين يأتون لا يحملون معهم اي شيء. والاسوأ من كل هذا أن بعض ملابسي واشيائي بدأت تختفي.
* من هم هؤلاء، هل هم مغاربة ام اجانب؟
ـ إنهم خليط من البشر. فيهم الكتاب وفيهم غير الكتاب، فليس من المعقول أن يكون كل اصدقائي من الكتاب. صارت بعض الكتب ايضا تختفي. في احدى المرات فتحت عيني فوجدت احدهم يملأ علبة بلاستيكية بالكتب. سألته عما يفعل فقال لي بأنه سيردها لي بعد قراءتها رغم أنه لم يستأذني. أخذت منه الكتب وطلبت منه أن ينزل الأدراج بسرعة قبل ان يحدث شيء.
زواري الآن قليلون مثل الزبير بن بوشتى (كاتب مسرحي) والاخوان اسليكي (ناشران)، وفي بعض الأحيان ونادرا جدا يأتي الصحافي عبد اللطيف بن يحيى أو المحامي بهاء الدين الطود، وأحيانا يأتي بعض الاجانب سواء من العرب أو الأوروبيين
* من هم الزوار الأجانب الذين ما يزالون يقصدون بيتك؟
ـ يأتي حسونة المصباحي مثلا كل صيف، وصديق آخر من جبل طارق، كما أن هناك صحافيين يأتون وأستقبلهم باستمرار.
لقد تعودت أن اعيش تحت هذا السقف وحدي، لذلك فإني لم أعد أتحمل الإزعاج الذي يسببه لي البعض، بحيث يجب ان تنام وقت ينام وتستيقظ وقت يستيقظ. أنا اريد أن أنام متى اريد واستيقظ متى أريد. حين يكون الصديق مفلسا أكتري له غرفة في فندق ليوم أو يومين. الايام تغيرت والمشاغل كذلك، وبيتي صار ضيقا ومملوءا بالكتب. في السابق كان الاختلاط بالناس مهما، أما اليوم فالعكس. لا أختلط بالناس إلا نادرا في بعض الحفلات أو المناسبات، ربما يعود ذلك إلى عامل السن.
وهذه الكتب التي تملأ كل مكان في البيت ماذا تفعل بها مع مرور الوقت؟
ـ أهبها لبعض الاصدقاء. أقدم لهم بعض الكتب لأنهم لا يتوفرون على إمكانيات لشرائها، لذلك أهديها لهم.
verocchio
31/12/2007, 03:22
هل يمكن أن اكون أنا ايضا محظوظا وأخرج من بيتك بكتاب أو كتابين؟
ـ (بعد تفكير وابتسام) الله أعلم.
* أين كتبت رواية «الخبز الحافي».. هل في هذا البيت؟
ـ كتبتها بشكل مشتت. كتبتها في أماكن متعددة، في المطعم والمقهى والجبل والبحر. كنت أحمل أوراقا وقلما وأينما عنت لي فكرة أجلس وأكتب. الفصل الأول من الرواية كتبته في مقهى «روكسي». ففي الوقت الذي وقعت فيه عقدا مع الناشر لم أكن كتبت ولا كلمة واحدة من الرواية ومع ذلك قلت له بأني أنهيت الرواية. اقترضت خمسين درهما (5 دولارات) من «بول بولز» ثم جلست أكتب الفصل الأول.
الآن لا أستطيع الكتابة في المقهى. ففي السابق لم أكن معروفا، أما الآن فلم أعد اجلس في المقهى إلا نادرا. أحيانا يراك شخص جالسا في المقهى فيأتي نحوك محييا «أهلا السي شكري.. كيف حالك.. هل من جديد؟» ثم يطلب قهوة بخمسة دراهم ويجلس يناقش معك فكرة أو كلمة كتبتها لمدة ساعة ونصف. بعض الناس مزعجون وللشهرة مساوئها ايضا بينما محاسنها قليلة بالنسبة لي. إن ما تسببه من الإزعاج اكثر بكثير من إيجابياتها.
* رأيتك مرة تحتج صارخا في الشارع بعد أن أزعجك احد المتسولين الذي ألح في السؤال، ربما يعتقد أنك غني، حتى فقدت اعصابك.. هل هذه إحدى مساوئ الشهرة؟
ـ بالفعل. يأتيك شخص ويطلب منك مالا. أنا ايضا لم يكن لدي شيء لكني لم أكن اطلب من احد عشرة دراهم أو مائة. إنها واحدة مما أسميها بمساوئ «العلاقات القديمة».
لقد بذلت مجهودا فلماذا لا يبذل الآخرون نفس المجهود من أجل تدبير حالهم، وسواء كان عندي مال كاف أو لم يكن فهذه مسألة تخصني وحدي، فحتى لو رضع معي شخص من ثدي واحد فإني لا أعتبر نفسي مسؤولا عنه ولا عن أخوته، فكل واحد يتدبر أمره بطريقته، ما ذنبي إذا ظل البعض فقيرا بينما عرفت كيف أستر حالي. ثم إن الغنى ليس عيبا، هل يريدونني أن أتآخى مع البؤس وآكل دائما فضلات السوق، مرة كنت في الشارع فاقترب مني لص وفتح لي حقيبتي فانتبهت إليه وسألته عما يريد فاعتذر. كان قربي شرطيان وكان بإمكاني ان أدلهما على اللص، لكني لم أفعل. اعتذر اللص مرة أخرى وانصرف. يجب ان يكون لدى الناس مرونة العيش، أما التشنج فلن يفيد شيئا.
* ماذا تعني لك الامكنة، خصوصا بيتك؟
ـ كل واحد ينظر إلى بيته بطريقته الخاصة. أنا لي حميمية خاصة مع الأماكن، سواء مع بيتي هذا أو مع أماكن أخرى أجلس فيها. ليس ضروريا أن تكون هذه الأماكن ذات جمال خاص، المهم بالنسبة لي هو ان يكون المكان مريحا. يمكن ان اقول ان لي علاقة صداقة مع الأمكنة، فالصداقة لا تكون مع البشر فقط، بل يمكن ان تكون مع الحيوانات أيضا.. أو حتى مع الجدران.
verocchio
31/12/2007, 03:23
ولك ايضا حميمية مع مدينة طنجة بشكل عام، فاسمك صار مرتبطا باسم المدينة؟
ـ أنا شبه مؤرخ جوال في المدينة. الناس الذين عرفتهم شبانا رجالا ونساء صاروا شيوخا. الأماكن ايضا لها تاريخها ونسجت علاقات معها. أحيانا، ولكي لا أمل من الامكنة التي أحبها فإني أغيب عنها وقتا طويلا. مثلا، لم أزر «السوق الداخل» منذ عدة شهور، وكلما أعود إليه أجده في شكل جديد رغم انه صار سيئا ولم يعد كما كان. هناك ايضا بعض الاماكن الشاطئية التي أرتادها باستمرار.
* أين تنام في هذا البيت، هل في مكان واحد أم تغير الامكنة؟
ـ ذلك يختلف حسب الفصول. ففي فصل الشتاء أنام هنا (غرفة قريبة من الشرفة)، أما في فصل الصيف فأنام في الغرفة الأخرى، أما السبب فلأن الغرفة الأخرى تتوفر على فراش كبير بحيث يمكنني أن أتنقل من الجهة التي تصبح دافئة إلى الجهة الأخرى الاكثر برودة، إنه فراش يتيح لي حرية التنقل مثل سمكة.
هذه الغرفة التي نجلس فيها أكثر حميمية في فصل الشتاء، ففيها جهاز تلفزيون وأستقبل فيها بعض الاصدقاء.
* تؤثث منزلك بديكور وأثاث متنوع وتحف، هل هذه الساعة الحائطية العتيقة تعمل جيدا أم أنها فقط تتكئ على الجدار؟
ـ الحقيقة أنه لا يهمني أن تعمل أم لا. إن عمرها يزيد عن مائة وعشرين عاما، وسواء تحركت عقاربها ام لا فالمهم هو أنها ديكور جيد. هناك اشياء اهم على الجدار. أنظر إلى صورة محمد بن عبد الكريم الخطابي، جدي وجدك، حتى لو لم تكن ريفيا، قربها صورة لي عندما كان عمري ثمانية عشر عاما، وقربهما صورة لنا مع وزير الثقافة محمد الاشعري في مدينة اصيلة، وصور أخرى كثيرة.
* وكل هذه الكتب التي تسكن معك، ألا تحس بأنها ستطردك من البيت قريبا؟
ـ إنها كتب كثيرة بالفعل، لكنها كتب من نوع خاص، بينها حوالي مائة مؤلف من مؤلفات «بول بولز» (كاتب اميركي استقر في طنجة ومات قبل ثلاث سنوات)، وهي كلها موقعة ومترجمة إلى لغات كثيرة من بينها اللغتان الفنلندية واليابانية.
* إذا لم تكن تعرف اللغة الفنلندية أو اليابانية فما جدوى احتفاظك بهذه الكتب؟
ـ إن أهميتها تكمن في كونها موقعة من طرف الكاتب نفسه، وهناك نسخ اشتريتها بمائة درهم مثلا تساوي الآن أربعة آلاف أو خمسة آلاف درهم. لدي كتاب يساوي عشرة آلاف درهم (حوالي ألف دولار) لأنه موقع منذ سنوات طويلة، كانت هناك نسخة من روايتي «الخبز الحافي» تحمل الرقم التسلسلي 900 وصل سعرها الآن إلى عشرة آلاف درهم، فما بالك إذا كان رقمها التسلسلي اثنين او ثلاثة لربما وصل سعرها إلى اكثر بكثير. هناك أناس يحبون جمع هذا النوع من الكتب كشكل من اشكال التحف، لكن للاسف لا يوجد هذا النوع من الهواية في العالم العربي، فنحن مازلنا في الطابق السفلي وما زلنا ننتظر الصعود إلى الطابق العلوي.
verocchio
31/12/2007, 03:24
هناك كتب في كل مكان في البيت، كتب مرمية على الأرض. ألا تحاول احيانا جمعها وإعادة ترتيبها؟
ـ لا.. ابدا. إنها تملأ علي المكان. فحينما استيقظ كل صباح أوزع نظراتي عليها وعلى كل شيء. ربما لأنها تعوضني عن الاسرة كنوع من الحميمية التي أربطها مع الاشياء. فحتى السيدة التي تأتي للعناية بالمنزل لا تقترب من هذه الكتب لأني اشترطت عليها ذلك. احيانا اعيد ترتيبها وأفضل تمزيق الاشياء التي لا تستحق الاحتفاظ بها.
* هل تعتني بشؤون البيت بنفسك؟
ـ هناك سيدة تأتي يوميا للعناية بشؤون البيت، تقضي في ذلك حوالي ساعتين أو ثلاث.
* وهذه العطور المتراصة في البيت تدل على ان لك ميلا خاصا نحو الاناقة؟
ـ من الممكن ان أكون فوضويا في الشارع لكن في بيتي الأمر يختلف. العطور مسألة ضرورية.
* كيف حال المطبخ في بيتك، وهل تطبخ بنفسك؟
ـ قمت بتعليم الطبخ للسيدة التي تأتي للعناية بالمنزل ثم صارت هي التي تتكفل بذلك، أما أنا فلم أعد أطبخ إلا نادرا، وخصوصا حين يأتي بعض الاصدقاء حيث أتطوع واطبخ لهم.
* تطبخ لهم كما لو كنت توقع لهم كتابا؟
(يضحك) الطبخ يأخذ وقتا اطول، والآن لم أعد أملك نفس النشاط، لذلك فإني صرت أستغل الوقت الذي أمضيه في الطبخ أمام جهاز الكمبيوتر.
* هل تتقن التعامل مع هذا الجهاز؟
ـ إني أفهم التعامل معه، أما الإتقان فهذه مسألة أخرى. إني أقوم بما هو ضروري لأن الكمبيوتر بحر كبير.
* ما هي الاطباق التي تجيد اعدادها؟
ـ هناك أطباق كثيرة، لكني أطبخ السمك بشكل جيد، وكذلك الدجاج واللحم بالملوخية، وهذه الاكلة أفضلها في فصل الصيف بالخصوص. الشيء الذي لا أتقنه هو «السلطات»، والحقيقة أن الوقت الذي تأخذه في الإعداد يتعبني، لذلك فإني أشتريها جاهزة في الكثير من الأحيان، أو أشتري مكوناتها في المعلبات ثم أعدها بشكل سريع لكني قمت بعمل جيد حين علمت الطبخ للسيدة التي تعتني بالمنزل فصرت أعتمد عليها كثيرا، خصوصا وأن النساء لا يزعجهن قضاء الكثير من الوقت في المطبخ، وهن في كل الأحوال يتقن الطبخ أكثر من الرجال. أحب أيضا «البقولة» والسبانخ، لكنني لا أتقن اعدادها رغم أنها رخيصة الثمن ويمكن لوجبة «بقولة» سعرها درهمان أن تغدي شخصين.
verocchio
31/12/2007, 03:24
* والكسكس.. أين موقعه داخل مطبخك؟
ـ لدي مشكل مع الكسكس. كان عمري سبع سنوات حين مات خالي، وبمناسبة الجنازة أعدوا الكسكس في المنزل كما هي العادة، ومنذ ذلك الحين اختلط في ذهني الكسكس برائحة الموت. لكن هذا لا يعني أني لا آكله تماما. أتناوله مرة كل سنة أو سنتين. ثم اني لا أفهم لماذا يتكلم الجميع عن الكسكس. أنا لي ذوقي الخاص.
* كم ساعة تقضي في منزلك يوميا، خصوصا وأنك تقول دائما بأنك مؤمن بتقاليد الجلوس على مقعد لعدة ساعات من أجل الكتابة؟
ـ ذلك مرتبط بمراحل العمر، ثم اني لا اكتب بشكل يومي، بل أكتب بطريقة مزاجية بحيث يمكن ألا أكتب لمدة سنة أو سنتين، بل اجمع التفاصيل في ذهني وحين اجلس للكتابة أنهي الكتاب في شهر، كما فعلت مع رواية «زمن الاخطاء» التي كتبتها في شهر رمضان بحيث لا أفتح الباب لأحد ولا أخرج سوى لقضاء الأغراض وأخذ البريد ثم أجلس للكتابة أربع عشرة ساعة في اليوم وأرتاح باقي اليوم. أحيانا ايضا أكون مرتبطا في نفس الوقت بإعداد برامج إذاعية، لكنها لا تأخذ مني وقتا طويلا أنا اليوم أقضي معظم وقتي في المنزل أكثر مما كنت أفعل سابقا. في الماضي كنت أبقى خارج المنزل حتى ساعات الصباح الأولى، أما اليوم فقد ذهب الاصدقاء الذين كنت أقضي معهم وقتي، البعض شاخ والبعض مات.
* وكيف تقضي وقتك الآن في المنزل؟
ـ أحيانا أتفرج على بعض القنوات التلفزيونية التي تعجبني مثل البرامج الوثائقية في القناة الإسبانية الثانية أو القناتين المغربيتين حين يكون هناك برنامج مهم، إضافة إلى القناة الفرنسية الخامسة أو قناة «ايه. آر. تي» أو قناة «الجزيرة». إني أحدد من قبل ما يمكن أن أراه في التلفزيون، فلا يمكن أن أمضي وقتا طويلا أمامه.
* في منزلك الكثير من الاسطوانات الموسيقية؟
ـ أخصص وقتا مهما من أجل الاستماع إلى الموسيقى خصوصا الكلاسيكية وموسيقى الشعوب. لم تعد أذناي تتحملان الاستماع إلى ما يسمى بالطرب أو الأغاني بالمفهوم الكلاسيكي للكلمة، باستثناء بعض الأغاني القديمة لأم كلثوم أو اسمهان أو أغاني نادرة مثل سليمة مراد وعالية الأطرش، والدة فريد الاطرش، أو «نادرة» و«حسيبة رشدي». للاسف فإن الأجيال الجديدة لا تعرف هؤلاء. كما تعجبني أغاني الشيخ العنقة الجزائري وصبيحة التونسية. عندي أغنية لمحمد عبد الوهاب حين كان عمره سبعة اعوام وهي «ألفيتها ساهرة». لدي ذكريات كثيرة مع هذه الأغاني القديمة هناك أيضا موسيقى الشعوب مثل الإغريقية والهندية وباقي أنواع الموسيقى الشعوبية، وليس الشعبية، في العالم كله.
* والموسيقى المغربية ماذا يعجبك فيها؟
ـ تعجبني رقصة «أحواش» والموسيقى الاندلسية، إضافة إلى بعض القطع للمرحوم المعطي بنقاسم، ثم نعيمة سميح، عبد الهادي بلخياط خصوصا في اغانيه القديمة لسنوات الستينات. هناك ايضا لطيفة أمال وخاصة عندما تغني الملحون.
* هل تمارس نوعا من أنواع الرياضة؟
ـ كنت في السابق اقف على يدي على حافة الشرفة كنوع من أنواع التحدي، أما الآن فعمري سبعة وستون عاما. الآن أمارس رياضة المشي بين الفينة والأخرى. للعمر أحكامه ايضا ولا يمكن ان أكون كما كنت في الخامسة والعشرين من عمري.
جريدة الشرق الاوسط
_ فبراير 8 2003
اسبيرانزا
31/12/2007, 20:20
حوار مع الروائى الجزائرى واسينى الاعرج :D
اسبيرانزا
31/12/2007, 20:21
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
< وضعت كتباً سردية كثيرة (قصة - رواية - نصوص) وهناك كتاب روائي طويل ،وكتاب قصصي أو سردي يميل الى القصر - كيف تنظرالى الكتابة السردية ؟
- أنا أنظر الى الكتابة السردية بوصفها وسيلة تعبيرية عالية ،أنا اشتغلت في خياراتي الشخصية ،بدأت قاصاً ،كتبت العديد من القصص القصيرة ، ونشرت ثلاث مجموعات قصصية هي أحزان الكتابة عن المنفى - أحميدة المسيردي الطيب - أسماك البحر المتوحش )تناولت فيها - من خلال السرد المكثف - الأوضاع التي كانت تعيشها الجزائر من فترة الاستعمار الى الوقت الحاضر ،وتناولت بعض القضايا العربية التي كانت تشغلني ككاتب ،لكن بدءاً من الثمانينات توقفت عن كتابة القصة القصيرة ،وبدأت أكتب الرواية واعتبرت إن كتابة القصة بالنسبة لي كانت مرحلة طارئة في الحقيقة ،لأن هناك - حتى في قصصي القصيرة - بعداً سردياً ،ونفساً طويلاً ،لايمكن للقصة القصيرة أن تستوعبه ،فوجدت في الرواية وسيلتي وضالتي في الكتابة ،وبالموازاة كنت اشتغل بالنقد مادامت قد أنجزت رسالتي الماجستير والدكتوراه في الأدب الجزائري والأدب العربي حول نظرية البطل ،ونقلت هذا الفعل الأكاديمي الى الجامعة ،عندما عدت الى الجزائر في عام 1958 م ،عائداً من دمشق ،وباريس طبعاً ، وبدأت أتعامل مع النقد ،وهذا يتأتى من كون أن المادة االنقدية بالنسبة لي هي مادة جمالية بالدرجة الأولى لكن مع بداية التسعينات أوقفت كل العمل القصصي القصير ،وأوقفت كل الاشتغال النقدي على الرواية وبدأت أكتب الرواية ،تفرغت للعمل الروائي لأنني أؤمن بالتخصص ،ولم أكن أريد تخصيص وقتي الإضافي الى للكتابة النقدية ،ولكن قلت سأضيفه كقيمة إضافية للكتابة الروائية مما سمح لي بإنجاز الكثير من المشاريع التي كانت تشغلني ككاتب وروائي ،وهي طبعاً مشاريع وجدت لها قراء في الجزائر ،وفي الوطن العربي ،وحتى عالمياً ،لأن الكثير من هذه النصوص ترجم الى العديد من اللغات العالمية .
اسبيرانزا
31/12/2007, 20:21
عالجت في رواياتك - على سبيل الواقعية النقدية - القضايا القومية في أبعادها التاريخية ومنظوراتها السياسية ..مارأيك في الخطاب الروائي ومدى تمثيله للخصائص الثقافية والسياسية ؟
- أنت تعرف أن الوطن العربي عاش ظروفاً صعبة ،عاش ظروف انفصاله - مثلا - في بداية القرن العشرين عن تركيا ،وهذا خلق نوع من الانكسارات الداخلية ،خصوصاً بعد اعدامات 1915 - 1916 - للمناضلين والمثقفين العرب الذين كانوا ينادون باستقلال الأرض العربية عن الدولة العثمانية ،وهؤلاء كانوا يحلمون بالدولة العربية الكبرى ،لكن اتفاقية (سايكس بيكو) قسمت كل المشروع ،ومزقت بلاد الشام شر تمزق ،ولم يكتب للمشروع النجاح وخلف الاحساس بالخيبة ،وسينعكس هذا فيما بعد على النص الأدبي ،ثم جاءت الثورات والانتفاضات التي قامت فترات لاحقة في مواجهة الاستعمار الفرنسي ،والانكليزي ،وإسرائيل ،وغيرها حتى فترة السبعينات ،ثم دخلنا في مرحلة خيبة كبيرة بدءاً من الثمانينات ،عندما انهارت كل المشاريع العربية القومية ،ولم تصل للأسف الى أهدافها التي رفعتها في البدايات ،وتقريباً تخلصت الخطابات السياسية من هذه المشاريع بما في ذلك قضية فلسطين ، والكاتب العربي الذي ينشأ ضمن هذه الظروف كان هاجسه المركزي هو أن يعبر عن هذه الظروف ،وكان التعبير السياسي هو الوسيلة المثلى لهذا التعبير ،لكن الذي حدث فيما بعد الى نهاية القرن ،ان الكاتب العربي بدأ يفكر في شكل سردي من نوع آخر يسمح له بالعمل على المجتمع الذي يكتب عنه ،لكن بوسائل جمالية جديدة ،فأدخل عنصر الطرفة ،وأدخل سؤال اللغة ، وأدخل سؤال الجماليات وأصبحت الرواية ليست خطاباً سياسياً ولكن خطاباً عليه أن يشتغل أولاً بالوسائل الأدبية التي تؤسس له ،والتي تفرض استمراريته ،وتضمن كذلك التعريفات التي تعطى له كأدب .
اسبيرانزا
31/12/2007, 20:22
تناولت في عدد من رواياتك قضايا الإرهاب ..ماتقديرك للتأزم الوطني والقومي الناجم عن ذلك ؟
- الإرهاب هو التعبير الأجلى لانهيار الحداثة في الوطن العربي ،لأنه لونجح الفعل الحداثي في الوطن العربي ،لما وجدت هذه العودة الى الوراء ،فمادام هناك اجتياح للظاهرة الأصولية ،فهناك خيبات كبيرة ،فيما يتعلق في التحقيق الديمقراطي لم ينجز في الوطن العربي والذي كان يمكن أن يدفع بهذه التيارات للانهيار ،ورهان التعليم والتكوين لم ينجح - التكوين بالمعنى الدقيق وليس التعليم ،لأن هناك فرق بين التعليم والتكوين - نحن فتحنا مدارس عديدة وفتحنا جامعات ،ولكن ماهو المشروع السياسي والثقافي والحضاري الذي كانت تدافع عنه البلدان العربية ،للأسف هذه المشاريع وصلت الى أفق مسدود ،لأنها لم تتطور من داخلها ،فكانت تتطور تحت فعل الأزمات وتحت فعل الدفع ،ولم تأت كخيارات حقيقية ،وحتى الديمقراطية تقريبا في السنوات الأخيرة فرضت عليها فرضاً وبالتالي نرى الحركة الأصولية وانهيار لمشروع التحديث العربي ،وهو الصورة العالية التي يتجلى من خلالها هذا الانهيار البشع والكلي ،طبعاً الرواية العربية دخلت غمار هذه التجربة ،وعبرت عنها ،وكتبت عنها ،وأنا كنت من الذين كتبوا عن هذا الانهيار وهذه الخسارة والثمن يدفع ثمن هذه الكتابة بالمنفى والحذر ..الخ الى اخره ،ولكن الكاتب كذلك عليه أن يدخل غمار هذه تجربة شعبه ،ولايبقى على الهامش ،ولو انه في قتله ،لأنك تخسر تاريخ ،وعندما تخسر هذا التاريخ عليك أن تقبل بثمن ،لأنه لايوجد مثلك سياسي ،وثقافي ،وحضاري يوجد فقط بالنوايا الحسنة ،وكتابة الرواية عن الارهاب مثل سيدة المقام ، أو حارسة الظلال ،أو مرايا الطريق ) أوغيرها من الروايات التي كتبتها حول هذه الحقبة ،في الحقيقة هي التعبير الأدبي الذي حدث في الجزائر ويمكن أن يحدث في بلدان عربية أخرى .
اخوية نت
بدعم من : في بولتـين الحقوق محفوظة ©2000 - 2015, جيلسوفت إنتربـرايس المحدودة