-
عرض كامل الموضوع : قاسم حداد
صفحات :
1
2
3
4
5
[
6]
7
8
verocchio
02/11/2007, 00:08
خندق قبل القبر
..آه
!!هذه هي الكتابة إذن
!!الخندق الأخير قبل القبر
ما إن يفرغ الجميع من أشغالهم حتى يلتفت الكاتب إلى الشيء المنسي, الم- غفل المسكوت عليه, المسكوت عنه
الشيء الأخير
بعد أن يفرغ الجميع من أشغالهم
القتيل من موته
القاتل من ضميره
الحرب من طهاتها
الجندي من عبئه
الصديق من غدره
العدو من صداقته
الشعب من ضحاياه
الوطن من منفاه
يلتفت الكاتب إلى الكتابة ليراها تقترح عليه لا جدواها الفاتن ومجانيتها القصوى يلبث برهة يحم لق في البياض المرتعش تحت شهوة موج مكبوت من سواد القلب حيث زيت الجسد يتفص د مثل شمعة الناسك, مستغرقا في وهم المعبد بوصفه لانهائية
الكون
ماذا يمكن أن يقول شخص خارج توا من موت ناجز
!!هذه هي الكتابة إذن
يذهب إليها الكاتب لئلا يمنح الموت فرصة الذهب
الكتابة وهي تعبث بنا, هي البديل المتاح, كي لا يحدث الموت على مضض
وكي لا يخالج الآخرون اليقين بأن كل شيء قد تحقق, مثلما هند سه مبعوثوا الكارثة
2
أجلس ملطخا بالأنقاض, تسندني النصال في الخاصرة, والمعول يقترحني قبرا على هيئة الذكرى
هذه هي الكتابة إذن
ولا مفر
لم يحدث ما حدث إلا لأننا جديرون به ومؤهلون
أرى إلى البياض تاريخا متصلا بالقماط من هنا, وممتدا إلى الكفن من هناك
وعلى الكتابة أن تشفق به وتشهق له
..آه
ها أنا أجلس (أعني ألجأ) إلى أضعف الأسلحة على الاطلاق, وقيل أضعف الايمان
الكتابة
وعند العرب, الكتابة شيء من نافل القول
يتضاعف ض عف ها عندما يكتبها العرب عنهم, ويتعاظم فعلها عندما يقرأها العرب .. عن غيرهم
فطر العرب على عادة القراءة (بوصفها عبادة) منذ : إقرأ
وبقي فعل الكتابة مبنيا للآخر المجهول, لكي تكون للعرب موهبة تقديس المكتوب بقراءة مسورة بالميثولوجيا
وظل لنا, أن الكتابة هامش للقراءة. وعلينا أن نتلقى ما يكتبه الآخرون علينا, نحتفي به بقراءة مستسلمة : إن كتبوا حربا أو كتبوا
سلما
وعندما يقترح عربي كتابة تخرج عن الهامش وتستجوب المتن , يظل مرشحا للضغينة
ينتظر من الكاتب العربي دوما -فيما يكتب - أن (يقرأ) كتابة غيره, لا أن يكتب قراءته هو
لذلك فإنه يبقى منفيا , لأنه يذهب إلى فساد عادة (/ عبادة) القراءة
هذه هي الكتابة إذن
تخالجني إرتعاشة الفؤاد أمام النصل الضاري وهو يفتح الطريق في اعترافات الدم السجين مكتشفا هواء الل
verocchio
02/11/2007, 00:08
يا ألله.. هل هذه هي الكتابة حقا
أية مصادفة أسطورية تجعل الكاتب ملطخا بشظاياه وأنقاضه في آن
حتى لكأننا نتبادل أدوار الميثولوجيا, كما يتبادل الندماء أنخاب ضغائنهم في مأدبة
ثمة من إقترح علينا أن تكون عشاءنا الأخير
ترى
هل نحن ذلك العربي القديم الذي راح يهذي حتى قال الشعر
أم أننا في ذهاب خارج الشعر والنثر معا
ذهاب إلى رائحة الجسد: مغدورا مهتوكا ممزقا , ولا أمل له
في كلا الحالين هو جسد عربي, جسد تكس رت عليه أسلحة الأصدقاء والأعداء معا , بلا هوادة ولا رأفة
رأينا كل ذلك يحدث مثل كابوس في تداع قديم, وها نحن نراه ينتقل من كارثة إلى أخرى, فيما نتمر غ في هذيان روحنا
الآن
أنظروا إلى الهذيان يغوينا بلاجدواه الفاتن, حيث يزين لنا الخروج من الهامش إلى النص من القراءة إلى الكتابة
إذن, هذي هي
لكن هل في البياض صدر يتسع
لتفجرات القلب / ليأس حزين يجهر بالحب
يا ألله
كم هو مغو
ومغر ومغامر
هذا القلب المغدور
verocchio
02/11/2007, 00:09
كلمات الليل اليافع
لسنا جزيرة،
إلا لمن يرى إلينا من البحر.
2
الخمرة في نصف القدح،
نصفه الآخر لم يكن فارغاً،
كان في النشوة.
3
أن تكتب،
هو أن تتنفس هواءً غير مستعمل.
4
أغبطُ الذين في النوم،
لفرط الثروات التي بين أعينهم.
5
أكتبُ عن الحب،
مثلما يرسم الطفلُ إنطباعاً عن الحلمة.
6
حلمٌ مستحيلٌ أكثر
رأفةً من الوهم المستفحل.
7
الستارة على النافذة،
حاجبٌ أكثر سطوة من السلطان.
8
الاناء، بين الماء و النار،
تحريضٌ للهب.
9
كان يحصي لي الأصدقاء على أصابع يده،
فيما بعد، رأيتُ كفّه بلا أصابع.
verocchio
02/11/2007, 00:09
الحُكمُ المعارضة يستويان في سعيهما لرفاهية الشعب..
بسلطةٍ واحدة.
11
لستُ حراً في القبول.
حرٌ في الرفض.
12
أرى إلى الريح تتلاعب براية المكان،
فيما يفقد الناسُ عادةَ الهواء.
13
فضاءٌ يكتظ بالأجوبة،
الجميع محاصر بالأجوبة،
أجوبة في كل جانب وفي كل شيئ.
ثمة الأسئلة.
14
يريد أن يعتذر،
ليس لكونه عدواً،
لكن لأنه أفصح عن ذلك.
15
الخنازير مفيدة أيضاً،
إنها تغني عن صفيحة القمامة.
16
إنها مثل الدولة،
تضع المساحيق وتسأل مرآتها،
دون أن تسمع الناس،
17
كل هذا الليل
لم يعد كافياً لأحلامي،
18
كل يوم،
لا نفعل سوى التأكد من اللاجدوى
المستعصية على الادراك.
verocchio
02/11/2007, 00:09
9
عادةً،
أترك ذاكرتي على سجيتها..
لتنسى الجرح وتتذكر السكين.
نالت النصالُ الخبرةَ،
وتعبت الذاكرة.
20
المستقبل،
قيل إنه عكس الماضي،
ونحن في حاضر مستمر.
21
لدي أسرار كثيرة،
أكنزُ بها قصائدي
و أرمي بها في هواء اللغة،
لابد لأحدٍ أن يفضحها.
22
ذلك الشخص الذي لا أعرفه، ولا يعرفني،
لماذا يتأخر بهذا الشكل،
ويتركني في وحشة الرصيف.
23
الأطفال يكزّون بأسنانهم
وبأفئدتهم يكزْون.
24
لستَ وحدك أيها الليل
ثمة كهنة لا يحصون..
25
أنظرْ إليهم،
يتهيأون لاستبدال مواقعهم..
بسهولة الأحذية.
26
يلتقون للحوار
يتبادلون وجهات النظر
مثل تبادل الأقنعة .
27
يريدون إقناع الشعب،
كم هو على خطأ،
و أن نظرة القائد هي المصيبة..
إنها مصيبة.. حقاً.
28
الصمتُ..
مجاملةٌ فادحة للخطأ.
29
ما يفشل الصوابُ في اكتشافه
يكشفه الخطأ.
30
لن تقنعه بالكلام
ما لم يقتنع بالواقع.
31
قبل أن تنام،
ضع الوردة على جثتك.
32
ما الفرق..
شخصٌ أعمى
وآخر لا يريد أن يرى.
33
صليل قيودي يملأ المكان،
أنا الذي أزعم الحرية.
34
قِيلَ : ضَـلّ الطريقا
قلتُ : ضَـلَّ الطريقُ .
35
شفتي ترتجفُ الآن قُبيلَ الكلمة،
شفتي منهزمة.
36
استعدوا.. الماضي قادم.
verocchio
02/11/2007, 00:10
وردة الذئاب
أنظرْ الآن ماذا فعلتَ بوردة الذئاب
تاجكَ في شفير الغابة،
لها بكَ الوهمُ وعبثتْ بأخبارك خطيئةُ الحلم
تحاجزتما بما لا يُعطى وما لا يُـؤخذ
ينتابها نوٌم الشهوة و يقظةُ الهوى
فتنالك طبيعة الباسل
لتفوز بنجاة الجنون ونور الحكمة.
بينكما صمتٌ كثيفٌ مثل رعـد الأعالي
تتبادلان حديقة الإشارة مثل أجنّـة تبتكر البوح
بينكما الوحشُ الفاتن
بينكما ما بين النصل والوريد
بينكما خشية الفقد ولهفة الروح .. بينكما .
تمد ذراع الغريق فيطالك الموج والنيلوفر المكنون.
تحتجّ بالمكان فتصاب بالوقت... الوقت والأقاصي.
أنظرْ الآن ماذا فعلت بوردة الذئاب
أنت الذي تقمّصتَ الحيوان والطير والغابة،
آنَ لكَ أن ترفل بالحرير والنيران ورحمة العاصفة.
انظر الآن،
تاجك تصقله الغيومُ وجواشنك ضحيةُ البهجة،
كأنكَ لم تعرف الحب ولم تنتخب النبيذ
روحٌ في الترنّح وجسدٌ في حقيبة المرض
وردةٌ خبأتها في غرفة الملاك،
صارت لك آلة الماء
تضعها في عروة القميص قبل أن تذهبَ إلى النوم.
ها أنت قرين الشظايا مثل لغمٍ ينفجر بين يديك
في حضنك الموحش
في الركن الحميم من جسدك الموشك على الهذيان.
ها أنت تمتدُّ من شخصٍ يغتاله العدوُّ
وشخص تنتظره المراثي،
تمتدُّ من صديقٍ نافرٍ إلى فرسٍ تَهْشـِلُ بكَ
وتضع التجربةَ بين عينيك والكلام.
أنظرْ الآن ماذا فعلتَ بوردة الذئاب.
في صحراء محكومة بالنسيان وبراكين الذاكرة.
أوشكتَ، إلا قليلاً،
أشرفتَ ، إلا قليلاً،
أشفقتَ...، لولا فسحة اليأس.
تماهيتَ عنها بالمستقبل لتصابَ معها بالحجر الكريم .
وعندما كاد الوقتُ والمكان،
تحدّرَ الشلالُ عليكَ في البرهة النادرة،
أنتَ الذي تجرّحَتْ حنجرتك لفرط الصمت.
أنت الذي حملت سركَ في موضع الروح
نظرتَ إلى الشرفة كمن يرى إلى المستحيل التاسع.
لا أنتَ من الرعية ولا تطالك شريعةُ الناس
لكنك بالغتَ في مديح المليكة أقلَ مما تستحق
وأكثرَ قليلاً من نصيبك في نزهة القصر.
وحين تماثلتَ للموت
وضعتْ يدها على قلبك المنتفض مثل نعمة الهواء.
فتراءتْ لكَ الجنةُ وصدّقتَ أن لكَ الريحُ والجناح.
لستَ الفارس
ولم تكن الفريسة ولا عـلّـةٌ بكَ غير العشق.
مثل شخصٍ يشحذ الكلمةَ في شرفة الخلق
يـدٌ ممدودةٌ في وحشة الكون.
ها يدها الكريمة عليك،
و عليكَ الرحمة،
أنظرْ ماذا فَعَلَتْ بكَ وردةُ الذئاب.
verocchio
02/11/2007, 00:10
ذئب يتدرب على الموت
رقصة طائشة
ستسمين انتحابي عند عينيك، نهارا كاملا،
ليلا وحيدا
وتسمين يدي أرجوحة مفقودة الحبلين
تصغين قليلا
ريثما ينتابني موتي
و أنسى أننا كنا معا في وردة في الكأس
هل كنا نروض رقصة طاشت بنا
مثل اشتعال النار في ماء وأجنحة.
يدي أرجوحة ليديك
سميني كما يحلو لعينيك البكاء
و أجلي موتي قليلا
ربما في صدفة
نبكي معا حزنا على أحزاننا
ونؤثث الباقي من الأحلام بالمنسي من أخطائنا
لكأن تفسيرا سيمحونا
وتأويلا سيكتبنا
يدي أرجوحة
وبكائي المكبوت في عينيك
سميني كما سيمت لي يوما
قصائدي الغريبة
كالطفولة وهي تستعصي على الأسماء
سميني فلي حق بخيط قميصك المكتوب
لي في سرك الباقي تفاصيل
ومحتمل المصادفة الوحيدة وهي تحدث
في تبادلنا النيازك مثل أغنية بلا رقص.
أموت على يديك ووردتي في الكأس
سميني نحيبا فادحا
وتخيلي خيطا يزوجني بكأس يسكب النسيان
كي أنساك
سميني فلي في نصك المكبوت حرف عابر
ويد مضمخة بحبر غامض
أخفي نحيبي في كتاب الليل
أمضي شاردا
وأحاول التمييز
بين تهور المعنى
وبين رصانة التعليل
سميني نهاراً كاملا يبكي
وليلا يرفض التأويل.*
verocchio
06/11/2007, 00:15
طائرُ الحلم
طير في مكان الرأس ،
بين كتفين وسيعين
مكتظين بالتجربة و صنوف الفقد .
شخص طائر
يلهث في ظل إمرأةٍ تكاد أن تخف عن الأرض
يسعفها جناح العفة الباهضة ، وعيناها طيور .
تـزم القلب في صدرٍ مكتنزٍ بالرهبة ،
مثقلٍ بالولع وفهارس الطفولة .
بغتةً ، تندفق نار في الرواق ،
طلق ينسف طير الرأس
في شخصٍ مأخوذٍ بامرأةٍ تعبر الغيم ،
ينفجر ريش كثيف مترف بالأحلام،
فيصير فضاء الرواق عرشاً شاغراً
وعريشةً في الهباء .
ثمة ما يمنح المرأة نيزك الضياع ،
فتندفع مضرجةً بصرخة الريش
تقتحم البهو ،
خلفها رواق مفعم بشظايا الصور وجنة الخطأ ،
كتفان شاغران وشخص مفقود .
تدخل ملتاعةً ،
أحداقها أشداق نمورٍ مقصوفة ،
وتصرخ مثل ثاكلٍ تفقد أبناءها التسعة دفعةً واحدة .
تنهار في ركن البهو
تدفن وجهاً شارداً في ذخيرة الصدر
تبكي وتمزج القلب بذريعة الندم ،
تنتفض في جسدٍ يفقد الحصن
بارئاً من دسيسة الذهب وسـر الأسماء .
نار الرواق تـرن في أجراسٍ مجنونةٍ،
والمرأة مزدانة بريشة الملك ،
تهبط آبار الوهدة متهدجةً ببخار الروح .
ترى في البهو صلاةً منصوبةً مثل عاشقٍ ينتظر القبلة ،
فتنهض ،
تضع وجهها في الأبيض الرزين
وتبدأ في التضرع ،
مثل أيقونةٍ فرغت منها المعجزة تواً .
كفان مبسوطتان ،
رواق مترف بالريش المعصوف ،
جسد يغلب المرض ،
شخص مفؤود
وإمرأة تكاد أن تذهب
verocchio
06/11/2007, 00:16
مَـنْ أنتَ
مـن أنت
حتى يصدر الشعراء عن أسمائك الفصحى
و يختلفون نحوك .. ؟!
من أنت ، ... في لهـوٍ ،
و بين يديك يشتبك النحاة
و يفتديك سعاتـهم و يطيش وحيك .
هل أنت مجنون بكى العشاق في قمصانه
و تكاسروا .. و بقيت وحدك .
2
يا أنت .. من أنت .
سميتنا زينة الأرض ، رمانة الصولجان
و سميتنا جنة النوم .
من أنت ،
حتى تقود العصافير في غابة النار ،
سميتنا كي ترانا أسيرين في شفرة الحب
نبكي عليك .. و نبكي معك .
3
أيها الشخص
يا صمتنا في الكتاب،
سنبكي عليك ونبكي معك ،
فهيئ لنا أن نحب كما نشتهي أن نموت .
أيها الشخص
يا صمتنا أول النص يا صوتنا في السكوت .
verocchio
06/11/2007, 00:17
شعراء
يرسم الشعراء الطبيعة قبلها،
و يبتكرون ،
ويبنون كوخاً يغادره ثـلة من الأشقياء.
يغنون حيناً ،
ويفتتحون طريقاً لكي يأخذ الماء شكل النهر .
يبثون في الطين ذاكرةً للشجر
ويكتشف الطير ألوانه من كلام القصائد
يختار أسماءه النادره.
عندما يخرج الشعراء من النوم
يبدأ الفتية الأشقياء انتهاكاتهم
يعبثون قليلاً،
ويدافعون ، كأن الطبيعة تنتابهم ،
يعصفون ويصاعقون
وتأخذ أطرافهم في النحول كأن الفصول
ستبدأ تواً ، كأن الطفولة
تنتخب الشكل في بغتةٍ ،
والعيون
تحملق مأخوذةً بارتجال الطبيعة.
والفتية العابثون يؤدون أخطاءهم جوقةً جوقةً
كاحتدام القصائد في بهجة الوقت .
و الكائنات تفض الهدايا
وتأخذ صورتها الفاتنه
كأن السنه
تؤسس للخلق، والناس مذهولة البدء
تلثم ثلجاً شفيفاً يزين مرآتها كي ترى ،
ما الذي يفعل الشعراء لأحلامنا الواهنه .
يعبث الشعر بالنثر
ويرتكب الفتية الأشقياء الجرائر مغفورةً
مثلما يخدش الطفل نهداً ويبكي عليه ،
مثلما يكسر النص صورته
فتنهال تفاحة الحب
تستغرق المرأة في عاشقٍ ضائعٍ .
مثلما يفضح الذئب أسطورةً في القميص المدمى
ويعترف الأخوة الأبرياء
فتعفو الطبيعة عن خالقٍ عابثٍ ،
وتصلي إليه
verocchio
06/11/2007, 00:18
تحت الصِفر
أسماء المحالين على النسيان أشباح مؤجـلة
وتخطئ في روايتها تفاصيل الكلام،
وثلجة في الكأس.
لا تغفل ،
فأنت معرض لليل ،
والكتب الحزينة محض أخطاءٍ مراوغةٍ
وضعف فاضح في النحو .
تحت الصفر
يثملك الممثل باحتمال النوم.
صوت الشارع اليومي .. يومي ،
فهل كان الكتاب جنازةً ،
والناس يرتاحون في النسيان ،
في تعويذة الماضي
وتأجيل التآويل احترازاً .
كلما نام المهرج ينعس الحراس .
تحت الصفر ،
من يشرب عصيراً بارداً غير النحاة ،
مصححي القاموس،
والباقون يرتجلون قهوتهم
وينتظرون .
تحت الصفر
ينسى كاتب الماضي خطيئته ويخطئ في الهجاء
ويبدأ الشكوى من الليل الكثيف ،
ويلتهي بالنص،
كي يبكي لنا تغريبة الميزان،
يوقظ فتنةً وينام في الأخرى .
وتحت الصفر تسعة فتيةٍ، ناموا جزافاً،
بالـغوا في شهوة التفسير،
وانتحلوا خريفاً يخدع الأحلام .
فاضطر المدرس أن يبث الشكً
في الكتب التي تبكي لنا
ويلومنا ، ويبجل الأصنام .
تحت الصفر ، قالت بوصلات النص،
أن النحو بصري و أن الصرف كوفي،
وتحت الصفر تسعة فتية ،
تلهو تفاصيل الجنازة باستعادتهم جزافاً
كي تؤجلهم ، وتقترح القرائن
للذين يرون في كراسة التفسير
أشباحآً وضفدعةً وطابوراً من الأسرى،
فينتظرون تحت الصفر تسعة أشهرٍ أخرى،
وحملاً كاذباً .. في جنـة الأخطاء
verocchio
06/11/2007, 00:26
زعفرانة البحر
آخينا زعفرانة البحر
وهي تخرج عن خبيئة الجبل
تزخرف مخيلة الغابة
وتمنح الغريب وردةَ الليل
آخينا الماء بزرقته القانية
وهذيانه الناضج
نغسله بمراراتنا القديمة
فيتفجّر في أعطافنا حنين الوحشة
نخبئ أفئدتنا المرتعشة
تحت القمصان والأغطية وضراوة الثلج
مثل ذئاب متوحدة
نخفيها في آبار الذاكرة
لئلا تفضحنا بنشيجها المكبوت
جئنا بأكثر الأعضاء رهافة
لننساك
لننسى نسيانك
فتشهق بنا جمرة القلب
تلامس حواسنا الشجرة ذاتها
الغابة ذاتها
والهواء الشفيف ذاته
هذا هو إذن
الفضاء الذي ازدحم بك
الخضرة التي شغرت من أجمل كائناتها
بعد رحيلك
جئنا
نؤاخي غابة ثاكلة بعدك
لننساك
لننسى نسيانك
فتشهق بنا الأفئدة
كمن يطلق الريح في جمرة النص
جئنا
رحيلاً من جنة الأعالي نحو السواحل المأهولة
بنحيب القواقع واحتدام الموج
من سواد البلاد المكتظة بتاجات النخيل
والمياه القديمة
نحو الجزر الموشحة بأهداب النيازك
المشحونة بالمرارات
جئنا نسأل المنتجع
علاجاً لنسياننا
رحيل ٌ مترفٌ بالوجع ومواكب الدمع
في الخطى المشبوبة
ساعيةً لعدالة المطر وهو يغسل الرجال
بنسوةٍ ينسجنَ القوس الفادح
مجللات بسواد البهجة
فيهنَّ حاملات القرابين
فيهنَّ المعصوبات بالسعف الطازج
فيهنَّ المندلعات بأثداء النعمة
اللائي يدْهنَّ بالتوابل أجساداً تسوق النوارسَ
مزينةً بالريش المبتلّ ، مغرورةً كالريح
في مرورنا الرشيق بين موائد البحر
نلملم عسل الشموع ونبجّل به غيابك الغامر
لعل رحيلنا الباكر يمنحنا نعمة نسيانك
في الأقداح المعبوبة حتى الثمالات
بالشفاه المرتعشة تحت المطر العادل
يستعيد لنا فصاحة الحواس
وهي تصف الهوادج في ترنح الرحيل
أقداحٌ نعبّها حتى تشفّ صور نسائنا
في الزجاج الثمل مصقولاً بجوهرة الأفئدة
في تاجات الزبد تحرس مراكبنا مبحرة
مثل حليبٍ يطيشُ في القصعة
ويمنح الطفل أختامَ النشوة
ليظن أنها الملاك .. وينام
رحيلٌ يضع زفير أرواحنا في التجربة
يعرّينا من حنين جامح
رحيلٌ فادحٌ
خلعنا له أجمل قمصاننا
لنجد أعضاءنا مستوحشة في وحدة الطريق
في ملح جارح يؤجج الجراح
متوغلاً في الخفيّ من أسرارنا
رحيل يذهب بنا
تاركين دفء أكواخنا في غياهب النخل
ميمّمين نحو مسارب الحجر
أعطافنا مثقلة بذريعة الطرائد
رحيلٌ مثل فرار فاجع من شراك الغبار
نلثم رطوبة الرمل بالأهداب
verocchio
06/11/2007, 00:26
ونطبع القبلات في هواءٍ يتكاثف على زجاج أيامنا
دخان الأكباد يندلع مختلطاً بتشنجات العضل
وافدين مثل مرضى الجنَّة على مشارف الجحيم
في تهدّج مهجنا المستثارة بفعل المسافة
نساؤنا يمزقنَ أسمالهنَّ لئلا نذهب
فنشدُّهنَّ من قلائد أعناقهنَّ لفرط الرحيل
نؤجل بهنَّ ليل الأسلاف
بكتبٍ تفتح الطريق أمام أشباحنا
نرسم لأحفادنا مستقبل النوم
بالحليب الشحيح في أثداء نسائنا
ونهدهد مهود أطفالنا بزفير الأفئدة
verocchio
06/11/2007, 00:28
حكمة النساء
أجهشت النساء المغدورات برجالهنَّ
و أوشك الجزعُ أن يبلغ بهنّ
ليرمين خواتمهنَّ في وجوه الرجال
لكنهن استدركن فأمسكن عن الخلع
واستدرن نحو دُورهنَّ
يدهنَّ الأسرَّةَ بالتوابل
ويؤجّجن القناديل بزعفران السهرة
و يذهبنَ في استجواب المرايا
يشحذنَ َ أسماء عشاقهنَ بالأكباد
وكان في ذلك حكمة
سألتْ امرأةٌ
وهي تشقُّ القمصان من كل جانب
لماذا لا تطلق الغابة كائناتها فصلاً واحداً
تمتحن بها طبيعة النساء المغدورات
رهينات الوحشة في الغرف الشاسعة
مثل شتاء الغربة؟
سألتْ امرأةٌ ، محسورة الروح
وكان في ذلك حكمة
أخذت امرأةٌ عدّةَ زوجها
وبدأت في كسر أرتاج الأبواب
وخلع النوافذ بستائرها المسدلة
فتحت ثغرات الفضاء في جوانب الدار
وسمحت لشمس الليل أن تسهر في البهو
وللنجوم أن تحرس المداخل
لئلا يستوحش كائن في الظلام
كانت تلك مبادرة باسلة
استيقظت بها أحجار الغابة
ونهضت لها شكيمة المبارزات
لم تكن المرأة وحيدة في شهوة الشغل
وكان في ذلك حكمة
سحبتْ امرأةٌ سريرها المشبوق نحو حوش الدار
و أطلقت وحش الأساطير في بخور الأرجاء
ثم طفقت في الأغنية
كانت جوقة الملائكة معها
و مجامر العنبر معها
ومعها قندة الليل تحرسُ السهرة
فطاب لها أن تقترن بالهواء
وكان في ذلك حكمة
أخرجت امرأة صندوق عرسها
المكتظ برسائل الحب
وراحت تتلو أجمل الكلام
كمن يقرأ التعاويذ في محراب
فأخذ المارة يتقاطرون حولها
مأخوذين بكلام الأكباد
وكانت المرأة ملتذّة كأنها في الحب
وشبح الشخص ماثلٌ في الذاكرة
طفقت الريح تمدح الكلام
كمن يوقظ الفتنة
وكان في ذلك حكمة
حلّتْ سيدةُ البيت شعرها
وبدأت تغزل به حجاباً غامضاً
يغلب القاطن المستقر
ويغري الرأس بوسائل السفر
بكت معها غريزة الغريب
وبكت عليها حكمة القلب
فاحتدم حشد من كائنات اللذة
يؤلفن الكتب
و يؤثثن الطبيعة بالأسرار
و كان في ذلك حكمة
نساءٌ مغدورات برجالهن
يغدرن بهم
ويكشفن لهم ذريعة الفتنة
كأنَّ في ذلك حكمة
verocchio
06/11/2007, 00:29
المرضى من الشرفة
يضعون تاريخ أعضائهم على الطاولة
يسهرون بها شطرنجاً لا ينتهي
يتبادلون أحلاماً مؤجلة
يذهبون بها إلى النوم الكثيف
مثل فنار يرصد الكوابيس
يرصدون خرائط اليأس من شرفة السماء
معلنين لمن يلتحق بهم
أن من يموت معهم
لا يموت أبداً
مرضى بذرائع الكيمياء
يتفادون الموت في المأدبة
أعضاؤهم تشي بالرغبة وتشفّ عن الحنين
استدقّت منهم الأطراف
واسترقّـت العناصر
وفاض بهم بوحٌ غرّر به الأدلاء
وفتنته شهوة المبالغات
يقرأ بعضهم الكلام في صمت الآخر
ويفزع أحدهم لقميص
ينكسر وحيداً في مقعد شاغر
ويده في عروة القدح
يكبت الجميع نحيباً ناضجاً
ينصبون شراكاً في حديقة أحلامهم
يذرعون المسافة بين خسارة الأمل و خزانة اليأس
متقمصين بسالة الأدلاء
يرون في الآنية وجه الوحش وطبيعة النهايات
يفقدون اللذة ونكهة الملح
تنتابهم رهبة الأعالي و الغياب الأقصى
يرون في الطعام أشداقا تزدردهم
وتفيض بهم المواعين في مزيج رهيب
من الروح و الجسد.
verocchio
06/11/2007, 00:29
الذخائر
يشطرن الماء بالسكاكين
ويوزعنه في كتيبة الحرس
بمهارة النمر الفاجر
لئلا تأخذهم الغفلة عن أكثر المهمات
شهامة وصلافة
يصقلن أقداحهن المعدنية
بأخماص البنادق
مثل فارس يحرر مارش العبيد
من ورق النوتة
يكذبن قليلاً
لكي تسري في عروقهن صحوة الماء المذبوح
يشكرن ندماء السهرة
لفرط العناية الفاحشة
ويطفقن في الترنح
متدافعات نحو سرادق العرس
يباهين بالنياشين و الأوسمة
و الدم اليابس في الجراح
حارسات الشهوة
تسهر على راحتهن ساحرات يشطرن الماء بالسكاكين
في مدينة يموت بها الناس والأشجار لفرط الحب
كل ذلك لا يجعل لهم العذر لادخار الضغينة
لمن يفتح نسيانه على النساء
verocchio
06/11/2007, 00:30
تراث السفر
مثل فارس يقع من صهوة السفر
فيما الحصان ينهب الطريق
تتعثر به الجثث وهو يتدحرج
غاسلاً أحجار الأرض بدمه النافر الكثيف
لا يتوقف لأجله المقاتلون
و لم تلتفت نحوه الأحصنة
المرضعات في السبايا
وحدهن تريثن لأجله
يضمدن جراحه بأسمالهن
ويدفعن بأثدائهن المكتظة بلبن التجربة
نحو الشفاه اليابسة
والجراح المعفرة بقطيعة الركب
الفارس هنا
و الصهوة في مسافة السفر
verocchio
06/11/2007, 00:35
السلال ذات الخفة
تزن السلال خفتها
وهي تتأرجح خلف النساء
متقمصات هيئة طفلات يقلدن أمهاتهن
السلال في الخفة
و النساء يتكئن على هواء شاغر
لكي يحسنَّ رصف الأكاليل وهي تتهدل
طائرة وراء السلال
وضعن فيها مؤونة البيت
كمن يكنس السوق كله
كدّسن فيها الزيت المعصور بالصخرة المصقولة
وخبرة العمل
وخبأن في جيوبهن الأعشاب و الأبازير
كدنا نفقد شهية العراك
و السلال لم تزل في رشاقة القصب
تقلد أكثر المكاييل خفة في اليد
بلا ضغينة
بلا ضغينة
لا أحد يغار من السلال
ولا أحد يضاهي نساء يخرجن في واضحة النهار
يختبرن الموازين و مكاييل السوق
يفضحن ذرائع الباعة
ويطفقن عائدات بالمؤونة
verocchio
06/11/2007, 00:35
أخبار الحجر
لك هذا الحجر القديم
كتبته في نسيان صاعقة عابرة
سميت به الحرف الناقص في كلام الليل
هندستُ به الطبيعة ونيرانها
2
دع ماءك الكوني يصغي للأقاصي
و انتظر ترنيمة الكابوس
مثل فراشة
وانهرْ سلالتك المضاعة
دع صوتك المائي يقرأني
ودعني موغلاً في شهوة القاموس
أبحثُ في تآويل المعاني
ربما نأوي لجنّتك المشاعة
3
تقف قرب حجر
يسمع الزلزال المكبوت في القلب
ثمة شخص يطوف حولك منذ قرون
لا يسمع منك سوى الصمت
دون أن يفهم شيئاً
لا تستهن بالحجر
لديه أسرارك
وعن ظهر قلبٍ
يحفظ تحولات الدم في قلبك
حجر يقف قربك
كأنه قرينك القديم
4
لست وحدك
مع الحجر
verocchio
06/11/2007, 00:36
ليس عصيّ الكلام
حتى إذا ما خذلتك القواميس
تنبثق لغة ممهورة بالحب
ترأف بك
وتصونك
6
هذه النخلة الشاهقة
ثمة حجر صغير يسندها في الخفاء
ضع يدك عليه
تسمع كلامه يؤانس النسغ
منتقلاً بين الجذور والأجنحة
تلك الأجنحة الخضراء .. في الأعالي
ثمة حجر صغير يسند الهواء
لئلا يخذل النخلة
7
رأيت رعداً يوزع حجارته الكريمة على النوافذ
رأيته، مثل طائر رحيم
ينقل الهدايا لأشخاص
وقف بهم الأرق على الشرفة
تدركهم عطايا الرعد قبل شفير النهايات
فيدخلون إلى النوم مثل ملائكة يولدون
يبعث الرعد بطيوره الفاتنة
تؤنس الغريب .. وتشتهيه
8
لك هذا الحجر
تسند به قلبك في ليل الوحشة
وتمحو به أبجدية النسيان
في شطرنج الذاكرة
9
حجر قديم
هو أيضاً قنديلك في ظلام الأقاصي
حجر قديم
هو أيضاً طفلك الموشك على البكاء قبل النوم
حجر قديم
هو أيضاً موسيقى الأجنحة
تحرس خطوات الطفل في أحلامه
10
ينتابني الذعر
فيما أرى الشخص وهو يتجرع الحجر الأحمر
تحت وطأة جوع إلى الكلام
كيف تشفق على شخصٍ
يحملق في قدحه المترعة بحجر أحمر
وسديم من الصمت الكثيف
verocchio
06/11/2007, 00:37
خطواته أحجار خفيفة
يذرع بها البهو ومداخل النوم
يتقدم رشيقاً ، وبين عينيه فضيحة التجربة
خطواته أخفَّ من خطيئة الكاهن
قلبه يسيل على خشبة الباب
لا أحد يفتح له
لا أحد يسمع نحيبه
لا أحد يكترث بالنزيف
لكنه ينتظر
12
عبرت طيور مثقلة برسائل الجبل
تخفق بأجنحتها في نافذة النائم
توقظه ... من يقظته
وتمنحه كتاب الجبل
و ما إن يبدأ القراءة
حتى تفرّ الطيور حزينة لفرط العذاب
عذابٌ يفيض على الشرفة
يتوغل الشخص غريباً في أروقة البيت
وحيدٌ ،
وتذهب عنه الطيور
13
صخرة تنبثق من الأسطورة
مرة تصعد محمولة على الكتف
مرة ترتعش في هيئة خشبتين متقاطعتين
تأخذان شكل الجسد الآدمي
مرة تشرف على كبدٍ تأكل منها الجوارح
أسطورة تقصر عن عبء الصخرة
وتفيض في قدح الذاكرة
14
لو أنهم رموا بالحجر في زرقة الخليج
لكسدت التجارة
و اندلع الزرع في خريطة الرمل
لو أنهم استبدلوا المكان الأول بالأعماق
لكانت الأرض أكثر جمالاً من البحر
لكنهم ذهبوا بالحجر نحو الأسواق
لم يزل الحجر
ولم تزل التجارة
و لم يزل الناس في الرمل
صحراء مفقودة الزرع والضرع
15
حرفك المستهام الذي مسّني في الشغاف
وردة في حجر
يا كتاب النهر
نصنا طاعن في السماء
مثلما شاحبٌ
يمنح الليل مخطوطة حرة
حبرها في رحيلٍ طويل
و أخبارها في الضفاف
16
دعني أسميك ارتعاشاً في الوتر
دعني أنادي فيك أسمائي
و أخبار الحجر
verocchio
06/11/2007, 00:38
شـكّ الشمس
عندما تكون على مشارف الخمسين
وتجد نفسك واقفاً بيدين فارغتين أمام مستقبل غامض بالكاد يبدأ مكتظاً بالمحتملات الكئيبة فتبدو كمن قطع الطريق كله من ذلك الأمل ليصل إلى هاوية
فترفع عينيك لخشبة الباب الشاهق
تقول له : افتح
ويفتح
فلا تجد غير السديم
فإذا أنت في حضرة الخلق من أوله
عندما تكون على مشارف الخمسين
بعد خمسة عشر كتاباً وأسرتين وأحفاد وشيكين وجسد معطوب و زنازن كثيرة ونصوص ملطخة بحبر القلب ومخطوطات خمس في خزانة الروح وأصدقاء يهددونك بالفقد وليال محتدمة بالكوابيس ومشاريع قيد الخرافة وأنت لا تكاد تطمئن لما بعد الغد
كيف يتسنى لك أن تكون محسوباً على البشر دون أن تصاب باليأس
عندما تكون على مشارف الخمسين
وترى بين يديك ركاماً من الأحلام المغدورة وشظايا المجابهات تضرج جسدك الواهن والوطن يقف على رصيف الذاكرة نصفه في وهم الجغرافيا ونصفه في حلم التاريخ لا يستدير إليك إلا لكي يفتك بما تبقى في ذبالة روحك من زيت الناس فتكاد تجهش لفرط الخسارة ولا يكاد يسمعك غير غب
ماذا تسمّي كتابك القادم إن كان ثمة وقت له
عندما تكون على مشارف الخمسين
وتدير رأسك في وطن يختلط عليك بملامح الثكنة لا يسمع قصيدتك ولا يصغي لنحيبك ولا تنتابه التفاتة الغريب للغريب وطنٌ وضعته زينة على جسدك المرضوض فوضع لك النصال تسند خاصرتك لتبدو مثل خيال المآتة في حقل خرّبته الرياح السود تدير رأسك فلا ترى غير المسوخ تسد عليك ا
عندما تكون على مشارف الخمسين
وتلتفت خلفك فلا ترى غير الأنقاض كأن العمر الذي أسرفته في الأمس لم يكن يمضي إلا في خراب مستعجل وكأن الطريق الذي منحته القناديل من لحمك وعظمك وبياض عينيك لم يكن غير سرداب مشحون بالأشباح ظننت أنها الناس معك،
فإذا بهم اليأس عليك
عندما تكون على مشارف الخمسين
وتحاول أن تحصي أفراحك فلا يسعفك الوقت ولا يسعك المكان تسند ظهرك في جحيم وتحدّق في جمرة وينتابك الدوار لفرط المسافة التي اختلجَ بها جسدك وتشظّت بها روحك وتاه القلب منك
عندما تكون على مشارف الخمسين
وتصاب بالشك في شمس أيامك .
ترى هل سيتاح لك من العمر ما يكفي
لكي تعيد قراءة مسودة كتابك الأخير قبل القبر ؟
عندما تكون على مشارف الخمسين
ستتمنى أنك لم تزل تقع في خطأ الحساب
عندما تكون على مشارف الخمسين.
verocchio
06/11/2007, 00:39
ظلامٌ عليك أيها الجبل
كان الجبل في أحداقنا
ينقل أقدامه الزجاجية من حلم في هيبة البحر
إلى حلم في أبّهة النخيل
ذهبنا لشحذ أعضاءنا بأسنانه
بصلافة صخوره وغدر نتوءاته
فيما هو منشغل بصقل شظاياه
مباهياً بهيبة مراثيه وبراثنه الباسلة
رعاياه
نزن به أحلامنا كأنه معدن الوقت
يكنز نعمته في غيوم غامضة
مبذولة لترف المكائد
تتماهى في خلاعة الأشكال وتشفُّ عن الماء اليابس
قمصاننا تشيع الفتنة لجسدين في لذة السفر
نغفل عن خيوطها المشاعة فنخسر قناديل الطريق
مثل نجوم مدلاّة في تجاعيد الوحشة
تظن أنها السماء .
جبلٌ يخبُّ في جبّته الموشاة بأحداق ثملة
وأهداب فَضَّة
ترصد رعيةً في وحشة السفوح
نحن رعاياه المستوحشون
تنالنا جهامة الليل.
شعبٌ يستفرد به حجرٌ كئيبٌ محمول على المناكب
غاباته مكتظة بيقظة الحواس
تزعم أنها ثمالة حنيننا الموصول بعدالة المطر
ما إن نغفل حتى تغدر الشباكُ بشعبٍ يشطّ
يرشده أدلاّءُ يعرّيهم الجبل بكمائنه
ويفضح خطواتهم بالكواسر
ما إن نغفل حتى تطيش جمرة الغابة
لفرط النطرة وضغائن الفصول
رعايا نحن
نعقُّ عن هيبة الجبل
ونزخرف جسده بمرايا مشروخة
تفضح خرقاً مزقتها مواكب الجنازات
واندلاع النيازك اليائسة
رعايا
نرفع أسمالنا رايةً في طليعة النص
فتخرُّ الخرائطُ مهتوكة بصراحة الكذب.
نعرف في الحجر ذريعةَ الطريق
تأخذ أقدامنا بهجة المسافة
وطبيعة السفر
كأن الماء في المنحنى
كأن شجرة الغابة تقويمنا لندرك خاتمة السرد
كأن زفير المآتم سأمنا الأخير لتفادي سردَ القرابين
كأن بريد القرى المستباحة بلاغة المدينة
تميمتها لتدارك فضيحة التهتك في حضرة القتل
نعقُّ مثل رعية تفقد حرية النوم
نقول للجبل : غيّر غيومك
هيئ ضريحك
وافتح ألوانك على الناس
نقول له : ظلامٌ عليك أيها الجبل
ولك قوسنا الشاهق .. سرادق الأفق
نقول له : سئمنا سيداً يَسكتُ عن أحفاده
ويطلق لأسلافه سطوة الندم
جبلٌ ينهرُ أحلامنا ويشي بنا في محفل الصيارفة
يقودنا بأدلاّئه المذعورين
ويعتذر عن أجمل أخطائنا أمام قناصل الدول
ومبعوثي الجيوش
نقول للجبل :
الجبالُ ترحل أيض
verocchio
06/11/2007, 00:40
ما لا يسمى
عندما أسمكَ في طريق
ورأسكَ في طريقٍ أخرى
تتقهقر بشهوتك إلى عتمة الأزقة
نحو خزائن التجربة
لتسعف الرجفة الخفية
رعشة مسوّرة باحتدام الجموع
وهي تتخطّفك
مستصرخاً ذاكرة الشِراك
من أين إلى أين ؟
لتذهب بك في مسارب رؤوس محتدمة
تضطرم بحرائق الطريق
تضع له ما يسعف الشارع بالحجر العتيق
بأشلاء رغبات تنطفئ في صراحة الشمس
تضع له رأسك المكنوزة بخبرة الخرائط
وشهوة العمل
تضع لاسمك زهرة الرأس
كمن يبذل وردته على جنازته
عندما سُبلكَ أكثر من أقدامك
يفيض رأسك بزادٍ يكفيك
ويصونك من مائدة مثقوبة بفاكهة تفسد
لفرط الأسلاف
ينالها العطبُ ويطفح بها التفسير
تتقهقر مطأطئ الرأس
نحو غبار المخطوطات
في تاريخ الجسد ووحشة الروح
تنحدر بك حشود الشارع في ليل واضح
في ذبائح مهدورة
في ماء قديم يأسن
في ذخيرة مبتلّة بزفير التجربة
في غفلة البصيرة وكسل المخيلة
تنحدر
ورأسك كنيسة النوم
عندما رمادك يبرد
تكـرُّ عليه ضباعُ المستنقعات
تسألُ ضميركَ صراحةَ الهواء
وأنت خَدِينُ الخذلان
يشدّك حشدُ الشارع
مأسوراً بقديم الجراح
فيطيش عليك فيضُ الأساطير
يغطيك كرادلة الكهوف
بأوشحة كثيفة كتعاويذ الوهم
يغرونك
يغوونك بجنة تنجو منها
عندما تنسى
يسمِّيك ما لا يسمى
سيف النسيان عندما تنسى
تحت قميصك المليكُ في حريته
وها أنت تفقد المعدن الخفيف
تفقد حرية الهواء
كأنك تفقد النص
تنسى أنك رأس الهجوم
في جيشٍ يقهر الكتبَ وهي تنسى
تطير بأجنحتك في هواء فاره
لماذا رأيت في أدلاّءِ التيه نجمة المنعطف
وفيهم من يشحذ ضواريه في النحر
ممعناً في براءة أخبارك
لماذا رأيت في مغاراتهم آباطَ الدفء
وفي زرد خطابهم الفجّ حرير الحنان المفقود
تلعب به غريزة اللهو ، يخبئ النار في ثوبه
لماذا وضعت رأسك الناضجة
في خدمة الاسم المغترّ بسمته
مأخوذاً بعناقات تهيّج الجموع
متجرعاً شجاعة البرزخ
بين أن تكون عدواً ماثلاً
أو خصماً في الظن
لماذا . عندما رأسك ضحية اسم يتلاشى
في ظهيرة ليل يتظاهر بطبيعة النهار
امتدَّ بك الحلمُ في يدين مغلولتين
لماذا عندما نهضنا بك
تريد أن تجهض زهرة يأسنا
وترشح حيزوم سفينتنا المكتنزة
لصخرة الجبل
ماذا تعرف عنا
بذلنا لك جنون القلب
وقلنا لك هذا القلب لك
حصن يصونك
فاشمخْ به
يتمجّدُ بكَ و ينهض. *
ماذا تعرف عنا
بذلنا لك جنون القلب
لئلا ينتابك ما لا يسمى
وقلنا لك هذا القلب لك
حصن يصونك
فاشمخْ به
يتمجّدُ بكَ و ينهض
verocchio
06/11/2007, 00:41
الأسير
يذرعون به المدينة
برسغين مغلولين
وكاحلين في الأسر
فيخرج الناس شاخصين
مثل روم القياصرة
يرون جيشاً صغيراً
يرفع كفين مضمومين بالمعدن
مبتهجاً
و الأحداق المتقاطرة
ليست مذعورة ولا مطمئنة
خوفٌ
يعلنون به هزيمة انتصارهم
ومنعطفات النهار
نهار كامل يكسون بها وحشة المدينة
عارياً
وقمصانهم ملوثة بالجريمة
أخباره مكبوتة
و بريد الفضيحة يندلع
في ناس المدينة
يدّخر دمه المحتقن تحت الأظافر المنزوعة
وجلده المزرقّ في الكوعين و الركبتين
و خاصرته المخدوعة بالحزن النحيل
كل ذلك كان معه في الموكب الغامض
الذي يجوب المدينة
كل ذلك كان يخفره
ويرصد مواقع أحلامه
حتى إذا ما نال الاحتضانة الخاطفة
ومسح الحزن المترف في دهشة طفلته
انفجرت فيه شهوة السرد
فوقفوا به عند البحر
بحر سيأخذه إلى بيت آخر .*
ويرصد مواقع أحلامه
حتى إذا ما نال الاحتضانة الخاطفة
ومسح الحزن المترف في دهشة طفلته
أزاح الموت الذي تعثر به عابراً شجرة العائلة
انفجرت فيه شهوة السرد
فوقفوا به عند البحر
بحر سيأخذه إلى بيت آخر
verocchio
06/11/2007, 00:43
الضغائن
أحصي تيجان الوعول العشرة
وهي تنحدر من رؤوس الجبل
مزخرفةً ثلج الليل بحنين الكتابة .
وكلما قرأت تسعةً
أخطأت التاج العاشر ،
فيتولى الثلج ذريعة الحيوان
وهو ينهال على عرشنا
بالضغائن.
verocchio
06/11/2007, 00:44
أسطورة
لعينين رمانتان من الحزن ،
للماء ساقيتان على جسدٍ ضارعٍ.
أيها الليل
يا ليلنا الأبدي
إسقنا ،
عـلنا نستعير من البحر أسطورةً
يلتقي عندها الغائبون.
verocchio
06/11/2007, 00:45
جسد / 1
رأيتـك في جسدٍ تنتحب فيه الفحول
وتنبثق الصواعق من أردانه .
متروك في الزفير،
تدكـه إناث الخيل بصهيل الشهوة وشغف النسل،
يصدر منه الكلام مثل قصبةٍ تندس بين الحديد والحزن .
رأيتك في جنس المذبوحين ،
تلهج فيك النار والزجاج المكسور .
جسد يهذي بالحب وروح يقصر عنها الموت .
verocchio
06/11/2007, 00:46
الحَجَر
لا أحد يعرف الحجر مثلي .
بذرته في أجنـة الجبل ، و ربيت فيه وردة المعادن
فشب مثل طفلٍ يمشي وتبعت خطاه.
صمته قلب يصغي، وعزلته أبجدية تعلم الكلام .
صقيل يشف عن الكنز ، وينبثق في كتبٍ وفي مرايا ،
أقرأ فيه زجاج الجنة وتعويذة العشق .
يتصاعد خفيفاً ، ويمنح الريح صداقة الكتابة ،
مثلي .
متوحد ، ويؤنس الغريب،
ماؤه يقظة الأوج ،
يحرس نوم الشجر ، ويحنو .
له في كل منحدرٍ بريد يغسله الثلج
و يأخذ من البحر رسًالة الموج .
عينان تنضحان بالولع وطفولة الغريب ،
طريد مثل نمرٍ ، يتأرجح في شباكٍ تتدلى حولي.
يسمع النبض في الوريد ،
يشف و يشبق و يشطح ويهذي ،
مثلي .
يعرف السر و الفضيحة موغل في القرائن ،
تأخذ منه الوردة أسبابها ويرصد الجبل
في حال الوجد والتلاشي .
مثلي ،
أسماؤه في المعادن و ذريعة العدو
مثلي ،
عاشق يذوب ، ماءوه القلق وجنة الفقد.
يكابد الحب ، مشحوذاً بالسفر وشهوة الغياب،
مثلي .
وحده يعرف تاريخ خطاي وأخطائًي و يغفر و ينسى
مثلي .
verocchio
06/11/2007, 00:47
ضائعٌ .. ويَضِيع
أضع الوقت على الطاولة وأفتح باب الغابة : ( شخص يضيع )
ثمة شخص آخر ينهرني .
أتحسس العشب بقدمين عاريتين ،
جليد يتقصف بين لحمٍ يرتعش وعشبٍ طازجٍ يتفلت.
يأخذ الشخص نصف أوكسجين الغابة
بشهيقٍ عميقٍ ٍوينقذف مثل طائرٍ في فضاءٍ يخلع الثلج .
يستجيب للنداء الغامض ، يترك السبل المطروقة
ويذهب في كمائن أخطأتها الطرائد ،
يفسد خطط الشراك ويفضح الشباك المموهة
فتستيقظ شهوة الطير والهواء.
يضيع ، ويضلل الأطياف ،
يلهث ،
زفيره يسبق خطواته مغموراً بغيمة الرؤى
تكاد أن تنهمر على سترته المعفرة بليلٍ عابثٍ،
يضيع ، كأنه يرى .
بغتةً يكتشف البحيرة تحدق به،
قدماه مغروستان حتى الكاحلين
في جليدٍ يتهشم ويفيض في قدمين مجنحتين بالفراشات .
ذئب يضل الطريق نحو الجبل .
وحين تدركه شهوة الأوج يلقي بجسده في تعبٍ
ويدير رأسه بغطرسة من يتفقد أطيانه.
يطير في وجهه جناح مدلهم فيفر ،
كمن يسعف جسده من وهدةٍ وشيكة.
( شخص يخرج من غيبوبة الناس
ليضيع في غابة نفسه )
ثمة شخص آخر هناك .
ينتشل قدميه من قبضة الجليد،
كمن يسحب جذوره من مكان .
( هذا صباح جدير بغموض الفتنة،
أهرب من غربتي إلى ضياعي )
يتقدم ، مبتعداً عما يعرف ،
ذاهباً إلى ما يريد .
verocchio
06/11/2007, 00:48
2
من أنت ؟!
وحدك في الوحشة لا تعرف من أنت ،
يجهلك الأحفاد ، مثل أسلافٍ يزعمون جهلك .
تفتح الطرق في ثلجٍ ينحسر ،
تتثاءب حولك الغصون
ولا ينثني العشب تحت قدميك .
خفيف ،
زفيرك يرسم تاج الملاك وتزدريك الزواحف
لفرط مروقك .
لكنك تضيع وتقتحم ،
ينتظرك ذئب يهجس بقدومك
ترأف بك البراثن مكتشفاً ،
مثل شخصٍ يسأل : ( من أنت ؟! )
فتدرك الصوت .
تسأل : ( من أنا ؟ )
تمتلك الغابة ، مستسلماً للتحدي .
شخص ضائع .. ويضيع .
verocchio
06/11/2007, 00:48
ليلُ السَّرد
عبر المآتم كلها
لكي يعلن يأسه من الجب والقميص.
مدح قـرائنه وبالغ في الغياب،
لكي تتأكد أمـه أنـه أكثر الأبناء قدرةً على السفر،
دون أن يفسد سكينة البيت .
غسل المعدن بجوع العائلة،
وبحث عن سببٍ واحدٍ يدعو لموتٍ رحيم ،
وعندما هـم بالنص ، عازته التعازيم .
فبدأ في سردٍ على هواه.
بدأ في فضح مخطوطاتٍ كنزها له أبوه في حديدة الدار.
و أخذ يـؤلف الكتب كأنـه يؤثث ليل النص بأشلائه.
verocchio
06/11/2007, 00:50
صوت شاحب
يصهل تحت شرفات الدور
حول أسوار القصر،
فيطيش حلم العقلاء،
ويستعيد المخبولون جنونهم .
يقبض العشاق على نصٍ يبدأون به ليلة الحب.
فيقصد الجميع ظاهر المدينة بحثاً عن الشخص،
فلا يجدون غير شبحٍ يتقمص أشكالاً
تتراءى لكل واحدٍ في صورةٍ ،
حيث لا يكون الشخص في مكان.
verocchio
06/11/2007, 00:51
خديجة ، زعفران لمنديلها
هذيت بنا منذ ليلين ،
كنا هذيناك
كانت خديجة مفؤودةً بالغياب
هتفنا نسلي لها القلب ،
عينان مأخوذتان وتاريخها فضة النوم .
رأت ، أو تراءى لها ما رأت، زوجةً لإبنها ،
رأت ، أو هـذت ، أو هذينا لها.
قيل لها : يا خديجة ..
هذا صغيرك العاشق الفتي .
.. هيئ لك خذيه،
لئلا تأخذه الفتنة بالناس إلى خمرة التهلـكة.
يا خديجة ، وأغويه ،
فليس له مهب سواك .
قيل لها ،
و كانت في الشهوة ،
في بهجة الصهد يتفصد تحت وطأة الكلام ،
في الريح وهي تمزج الطلع بالهواء ،
في بيت الحريق وهو يمحو ،
في ليلـها ، واهب الكوابيس ،
في ردهة الكهف ، فوهة للخراب .
يا خديجة .. هذا فتاك ،
طريد الزنازن والحانات
خـذيه ، واجعليه خدينك الأثير ،
ودثـريه بشغفـك الباذخ
يدحمـك ، و يمنح نسلـك المجد ،
خذيه ، و اسدلي وشاحك في مهده ومثواه .
صغيرك الغر و فتاك الفاتن وفارسك المأخوذ بترف المعنى .
قالوا ، يا خديجة ،
فـضي طفلـك المفتون
كي يجتاز محنتـه و يبرأ من رخام الكهف ،
فـضي وحشك المذعور كي يهوى .
و قالوا ، ضمخي شفتيه بالرؤيا لكي يهذي
و قالوا ، زيني بالزعفران يديه أو خديه .
مكتوب لـه .. يبكي لـك ،
وله القطيفة وانخطاف الزيت في القنديل
و القفطان يبلى في بكاء النار .
قالوا ،
تسمعين اليوم فرحته الذبيحة وهو يزخر بالنصال
و كلما يهذي ، يرى القتلى وينتهب الطريق لهم
و أنت في انتحاب البرزخ اليومي بين الدفن و الأعراس
قالوا ، يا فرات الناس
وحدك تسمعين الماء يشخب دونـه و يموت من عطش ٍ
و وحدك تنهلين النوم والأحلام .
سوف ينتاب الفتى هذيانـه ، ويقوده مـلـك ،
وتغفو أمة في ثوبـه ،
و ملاكـه السري يمضي شاهقاً وجلاً ،
وبين يديك يكتب ليلنا الأزلي ،
بين يديك .. يهذي
عندما يهوي إليك
وكلما يهذي ويهدم هيكلاً ،
يهذي .. ويبنينا .. و يهدمنا ..
يرى مستقبلاً فينا .
يهذي ،
عندما تخلو يداه من القرنفل و الحديد ،
وعندما يسري به ماء الحديقة
ينتشي في ثوبه ،
يحنو على كـتبٍ ويمحو قهوةً و يظل يهذي.
ربما تنتابه الرؤيا و يجترح المعاجز ،
يهتدي بالبرق
كي تـرمي السماء عباءة الفوضى وتنتخب الكتابة،
عله يزهو بها.
فلربما منحته أسماء وترياقاً لًيقرأ ،
ربما طارت به الحمى
ونـز الضوء من أطرافه ،
و مضى يهلهل سره في بهجة الأسماء،
ليلاً هاطلاً في زمهرير الروح ،
يهذي مثلما تفشي غيوم حبها للأرض
verocchio
06/11/2007, 01:03
اختبار
ما ذا يفعل شخص مثلي،
قـصلته الأيام بوحشٍ .
يتقمص جنس الأشباح ويبكي .
ماذا يفعل للموتى
حين يجوبون طريق الجبانات
ويختبرون حضور الأحياء .
ماذا يفعل شيخ الأشباح
لموتى يحتفلون بأخبار بقاياهم
في ليل الوهده.
verocchio
06/11/2007, 01:03
صلاة الكائن
كنا نغني حول غربتنا الوحيدة
كالعذارى في انتحاب الليل
كنا نترك النسيان يأخذنا على مهلٍ
لئلا نفقد السلوى ..
ونذكر .. أن عشاقاً لنا كانوا هنا
واستأثروا بالفـقـد ،
سابونا على أوهامنا وتقلصوا عنا،
و أهدونا إلى الأسلاف.
لو أن عشاقاً على ميزانهم مالوا قليلاً
أو تمادوا في تغزلهم بعذراواتنا،
أو بالغوا .
لو أنهم جاءوا قبيل الماء، أفشينا لهم أسرارنا ،
كنا توضأنا لهم بالنرجس الناري ،
لو جاءت رسائلهم لنا كنا قرأنا سورة الرمان
سورنا بلاداً بالتراتيل ، إنتخبنا بهجةً أخرى،
وكنا زينةً في الليل، كي لا تخطئ النيران ،
كي تغوي العذارى شهوة الأحلام
توقظ فتنةً من نومها .
لو أنهم ماتوا قليلاً قبلنا ..
كنا تمهلنا قبيل الموت
أو كنا قـتلنا بعضناً حباً،
مكثنا في خطايانا
و أجلنا مكاشفة العدو لعله يعفو
و يذبحنا برفقٍ ،
علنا نخفي عن الجيران شهقتنا ،
نكابر، ننتحي في ركن خارطةٍ و ننسى هجرةً
ونغض طرفاً عن منافينا، وننكر جرحنا.
كنا تشنجنا على أكبادنا ،
كنا كتمنا ،
لم نكابد غبطة العشاق
لم نفتح كتاباً فاتناً في الحب
أو كنا قنعنا بالخسارة كلها ،
لو أنهم .
verocchio
06/11/2007, 01:03
حَـدّادُونَ
خط الخطوط على غيابي
حزن أمي و اتزان أبي ،
وحدادون مغروسون حتى نصفهم في الأرض
يسقون المسامير التي تحنو على سفنٍ ،
يروزون الحديد بريشة الميزان ،
و الخط الرشيق على ثيابي
يقرأ القرآن
يتلو في كتابي سورة الأحزاب.
حدادون يختلجون في ترف التراب
يؤثثون النوم بالحسرات
ويبدأ الترتيل ،
ينطفئون في ذهبٍ ويتقدون .
حدادون مصلوبون في حفرٍ مصفحةٍ
لتنثال الكتابة في نشيج النار
نهراًً في المجامر يوقظ الفولاذ.
كانت جنة الأسماء
تنتخب المواسم كي تعمد طفلها بالعشب
تبذل حضنها للطير و الحيوان
تخدع موتنا و غياب أسرانا.
وكانت قهوةً ويداً وأحداقاً مشرعةً ،
وترنيم البكاء على شهيد الناس .
جاءت من قطيف اللؤلؤ المسنون
من نخلٍ كثيفٍ سوف ينسانا ،
فهيأت الكلام لنا ، وشالت حزننا كالتاج .
كانت تستضيف البحر كي تحمي حديقتها
وتفتح للصدى تعريشةً يرتاح فيها قبل أن يهتاج .
كان موزعاً بين الحديد وكاسرات الموج
ضاعت مقلتاه ، كأنه حلم بعيد
سوف ينسى طفله المحبوس ،
لم يسأل كتاباً ،
لم يؤرخ لإسمه المخطوط في بيتين
من نومٍٍ ٍ و من سفرٍ .
تناول آلة التهذيب ، وهي زجاجة المشكاة ،
كي يحمي حديدته الوحيدة وهي تأخذه إلى امرأةٍ
لها تفاحة في سهرة الأسرى .
تخط له الخطوط وتستعير الصحن
كي تبكي على مرآتها
وتؤرجح الذكرى على ولدٍ يغيب ويختفي و يضيع .
حدادون ينتخبون آلة حربهم
من معدنٍ يحنو ويستعصي على النسيان .
مختبلون ، مثل تألق الوراق وهو مضرج بالحبر
مثل دماثة الميزان .
verocchio
06/11/2007, 01:04
مَزاجُ النَّرد
كنا تهيأنا لتفسير العلاقة
بين دفء البيت والحلم الذي لا ينتهي ،
كنا .. ، تماهينا بذئبٍ كامنٍ فينا
وتسعين احتمال شاخص للموت ،
قاومنا ترنحنا لفرط الحب ،
أوشكنا على ندمٍ ،
فأجلنا العناق ولوعة العشاق
أجلنا قيامتنا لندخر الغياب ونخدع الرزنامة الكسلى ،
وكنا شاهد القتلى على عشاقهم ،
جئنا نؤجج وردة المجنون
نختبر احتمالاً واحداً للحب .
و كلما طشنا ، ذهبنا في بعيد الناس ،
فاضت كأسنا وتبادل الأنخاب جيش يهزم الدنيا بنا .
كنا .. ، ستمحونا يد
وتعيدنا لغة إلى مخطوطة التأويل
نقرأ في زجاج الوقت كي نغوي سلالتنا
نكابر ، كي نصدق أن حباً سوف يسعفنا
فيحكمنا مزاج النرد .
نهرب من تفاصيل المكان إلى زمانٍ هاربٍ
لنحرض الأسرى على حراسهم
ونؤثث الدنيا بهم .
كنا نصب النار في الشهوات
نوقظ فتنةً في النص
حتى يركض القتلى إلى عشاقهم ليلاً
و ينتقمون .
فنقول : عام طازج
ونقول : جيش خارج
ونقول : روح هاجرت
لتحل في جسدٍ غريبٍ واحتمالٍ واحدٍ للموت.
verocchio
06/11/2007, 01:04
صاحبُ الخريطة
يطوي خريطته ويعطيني يداً أخرى
لكي أجتاز فردوس الجحيم ،
أشيد بالماضي ، أعيد كتابة المستقبل المغدور .
يعطيني يداً ،
ويمد ديوان المظالم في بلادٍ كلها طرق مخربة ،
كأن الله سوف يؤجل الفتوى ويمدحنا
لكي نختار ، بعض الوقت
بين عدونا وخصومنا
ونهادن الماضي ليأخذنا إلى مستقبلٍ مفقود .
يقترح الشراك لنا ويهوي في يدٍ مهزومةٍ ،
وينال من تاريخنا الشخصي
يأخذنا لهاويةٍ ويزعم أنها حرية الأحياء .. قبل الموت .
يرتجل الحوار ، يعيد خربطة الخرائط
كي نصدق أننا نمشي إلى مستقبلٍ، متقهقرين ،
لنا الخيار ، بوحشة الغابات،
بين عدونا اليومي والخصم المؤجل .
سيد التأويل أدرك سيد الشك المبجل .
كيف نترك جنةً في النار كي نهفو لفردوس الجحيم
وكيف نترك كوخنا في عزلة الملكوت
كي نمشي إلى طللٍ تزخرفه النهاية باجتهادٍ سيدٍ.
يطوي خريطته ، وتطويه يد
فيمد لي ..
و نكون في الموت المؤقت
بين أعداءٍ (تفاديت المراثي )
والخصوم ( يباغتون مدائحي )
ويمد لي ..
و نكون في حلٍ من التفسير
verocchio
06/11/2007, 01:04
وردةُ النَهرين
خبأت وردتك المقدسة الندى في ملتقى النهرين
فارتاحي قليلاً .
ربما نجلو زوارقنا ونوقظ شهوة القرصان ،
هيأت لنا رمانةً في جنة الأخطاء
موهت الخريطة واكتنزت شقرة الغابات
فارتاحي قليلاً
كي نؤنب بعضنا ، ونضيع في ليلين
من لبنٍ و عاج .
ربما ، نهران يلتقيان في تاجٍ ،
ووردتك الندية منتهانا ،
والقوارب جمـة ،
ولديك وقت للتكاسل عن ربابنةٍ وكشافين
يعتقدون بالطرق الوحيده .
كلما نجتاز نهراً جاء نهر .
وردة في المنتهى
لنضيع في الأشتات ،
فارتاحي قليلاً .
سوف نقتل بعضنا ونغض طرفاً عن ضحايانا
لنفقد كنزك المكنون ،
نامي في خبيئتك المقدسة الندى
نامي طويلاً .
verocchio
06/11/2007, 01:05
مَدِيحُ اليأس
لم تكن أخطاؤنا أغلى من الأبناء ،
كابرنا لكي نخفي هوانا عن معذبنا
مدحنا يأسنا ، تهنا وسمينا اختلاج الروح تفسيراً ،
تقمصنا الهواء .
لم تكن أخطاؤنا أغلى ،
تماهينا ، شحذنا نعشنا ، مـتنا ،
وسمينا هوانا كاسر النسيان
أرخينا مراثينا لئلا يعرف القتلى طريق الموت
... ــئلا تشفق الرؤيا على أخطائنا .
لم ينتخبنا سيـد الأسماء ، لم نحضر دروس النحو ،
لم نعرف مكاناً آمناً للحب .
verocchio
06/11/2007, 01:05
الهدية
الجسد قلعة الروح،
لكنها تخذله
فيجوز للشخص أن يشك في دسيسة الذهب،
مثل مصادفاتٍ تلهو به
فيحلو له ذلك ويطيب .
ذخيرة الجسد
تأخذ القلب والصدر والقميص
وتطال المخطوطات ،
فـيهب مكتبتـه للأصدقاء
كمن يـهدي جنة النيران والأسئلة
لأجسادٍ طائشةٍ بالذخائر
verocchio
06/11/2007, 01:05
قيلَ له : يا مُحمد ..
... وكان في الحلم
نصف في الماء
ونصف يجدل الحبل،
وبينهما مشيمة الهواء .
يكتبان في الخشب ما يمحوه الملح والحسك ،
يتأبط الريح ويهدهد القلوع
لئلا تغفل عن الأفق.
قيل له ،
وكان في راحة التعب
بين السفر و الإقامة ،
يسمع القواقع وتصغي له طبيعة الغياب
وقلبه في البيت -
يا محمد ..هذا طفلك الشقي ..
إغفر له ما تقدم من ذنبٍ وما تأخر .
طفلك الذي ينام حين يذهب الناس إلى العمل،
مشحوذ القلب بحزنٍ كثيفٍ ، وينتحب .
طفلك الذي لك والذي عليك ،
يدس غوايته بين الوردة وجنة الناس ،
بين الكلمة و المعنى ،
يفتح الأفق لهاوية التفاسير ،
و يجتهد و يهتم..
قيل له ،
و كان في الحديد .
قميص قديم يتفلت من القلوع ،
يكشف أكثر مما يستر .
تصيبه ندامة الغائب وبكاء العائد
بينه وبين الماء رفقة المنطفئ ،
بينه وبين النار لهفة المشتعل ،
يأتزر بنصف الأرض وصدره في الريح والشظايا
حديدته قيد الكاحل
و قلادة الكاهل.
خديجته في مغزل الوقت ،
لا تفقده ولا تناله .
يا محمد .. إنه طفلك ،
تراه مثلما تلمس الحديد ممتثلاً لشهوة اللهب
يا محمد ،
فارأف به
و لا تقل لـه أف و لا تنهر خطاه .
طفلك الذي بذل لك جناح الذل
وحمل كيس عظامك
وأعلنك في القبائل مثل بيرقٍ .
طاف بجسدك يغسلـه من نفط الحقول ،
ويشحذه بالتمر واللبن .
قيل له ،
وكان في طفولته الأخيرة ، مهداً تهدهده يد الله ،
تحنو عليه النوارس وتتلو عليه رسالة البحر .
طفل يكتهل ويشيخ وتفيض به فضة النوم
أحلامه كفيلة به
و بين يديه ينشأ النخل مثل جنة الليل،
مشمولاً ، وليس لولده سلطة عليه.
يا محمد ..
تصاب بالهذيان وينتابك الحديد
وتأخذك رجفة الأقاصي،
فاشطح كما تشاء،
وتيمـم بالوحي كما تشاء،
ولك أن تغتر بولدك
وهو يـعـق و يجحد و يتيه
و يقود العصيان عليك .
قيل له : يا محمد
طفلـك مثلـك
يرث الحبسة والعزلة والكهف ،
و يتمجد بك و يسأم .
قيل له يا محمد
وكان في حديدة الحلم .
verocchio
06/11/2007, 01:06
نُـعاس
كان لي أن أفتح الباب الموارب
وهو منسي وراء البيت .
زرقته الكئيبة ملجأ للطفل
يهرب من ظلام الدرس
من نوم الظهيرة من نعاسٍ كاذب ٍ .
هل كان لي في مجلس التأنيب أخطاء ملفقة
لتعترف الطيور بقدرتي في الريح .
هل كانت صلاة معلم القرآن
كافيةً لتأجيل الظلام أمام أحلامي،
لأفتح باب أيامي ، لكي لا تسرق الأشباح ذاكرتي
وتمحو شمس أقلامي .
ووحدي سوف ينساني وراء البيت
وحدي سوف ينساني
verocchio
06/11/2007, 01:06
أخطاءُ الليل
قيل إن النساء أكثر رأفة من الرجال
بأخطاء الليل .
فكن إذا شقت الثاكل ثوباً
خاطت لها العذارى قـفطان القرمز
يهدهدن به القتلى لئلا يموتوا .
و إذا اشتبك الليل بالنهار
كن يسمعن ، وكن يرين ،
وكان بينهن من يؤجج شهوة القتلى قبل أن يذهبوا إلى الموت،
وكن أكثر رأفةً من الرجال عليهم .
وقيل إنهن يرقعن ليل رجالهن بحكمة النوم ،
فكل خطيئةٍ تقع وأنت في النوم
كأنها لم تكن .
وكن يهمسن في أجساد رجالهن :
( كلما كان الخطأ كبيراً و فاحشاً
بدا كأنـه صواب شامل ).
verocchio
06/11/2007, 01:06
ارتجال
تـنسى وتـذكر
كي تسميني ، وحيداً ، نجمة الأقداح،
تشرب من شغاف الروح ، تنتخب الوضوح
وتطلق الفتوى على الأعداء كي يستأنفوا الأنخاب.
تـدعوني عدواً صادقاً وتـدقني في الكأس
مثل الغامض المفضوح
تبكي كي تسميني ..
وتمحوني بعيداً في هتاف الليل
نجماً ضائعاً في الروح .
verocchio
06/11/2007, 01:07
وصايا
سآلتها أن تستعير غموض أحلامي لتفسير الوصايا
وهي تهدر في دمي .
أن تحتمي بالماء كي نبكي معاً ،
أن تستعيد رشاقة القروي وهو يصد ، في شجنٍ ،
غيوماً سوف تحصد حقـله قبل الأوان .
سآلتها بالكيمياء وشهوة التأويل
أن تأوي إلى كوخي قبيل النص
كي ينتابني دفء الخليقة وهو ينتخب العناصر .
قلت أيامي لها ، لو أنها مالت قليلاً
واستعارتني لتأخير المراوغة المثيرة وهي تفتك بالمكان .
قلت أيامي لها
وكتبتها في فهرس الذكرى وصحن الزعفران .
قلت أيامي مزيجة بها ،
لكنها قرأت كتاباً نائماً ،
فنذرتها في طقسي السري للباقي من الأيام ،
للقروي حين يعيد ترتيب الفصول ،
أضأت أيامي بها
كي ترشد الشمس الأخيرة للخفي من الحقول
verocchio
06/11/2007, 01:08
الجنون
سينال منك الجنون ،
ما دام الأسلاف يرصدونك ،
ويجمعون لك القرائن
ليروك في الأخطاء .
جنون تظن أنه نصـك الحصين ،
فيما ترى نصلاً في الحنجرة ،
و الكتاب بيتك الأخير.
جنون لك ،
تناله و ينال منك .
أسلاف من الصـلد وفساد الروح ،
لا تأمن ولا تأخذك غفلة عما يصفون .
جــن عليهم ،
فليس فيهم من يرأف بك ، ولا يسمعون لك
ولا يريدون الحجة ، وعلى مضضٍ يـقصلون .
أسلاف لك وأنت وحدك ،
ينتخبونك مثل خصوم الله
عدواً تتكفل به النقائض .
verocchio
06/11/2007, 01:08
الساحرات
تركت لهن الأخبار
يكتبنها كما يحلو لهن ،
ساحرات يبتكرن الليل ،
قليلات النوم ، حاسرات الشعر ،
محررات الصدور ، يتهجين الأطفال ويرضعن الهواء.
يحكمن الغابة مثل بيت الحلم ،
ويخدعن الظهيرة لكي تذهب باكراً ،
أصدق أنهن الشجرة حيناً ،
ومدخنة ترسل رمادها الخفيف حيناً ،
ودائماً يبعثن برسائل السهرة مع الجنادب و أمراء العتمة،
فأمحو بياض السرير الموحش وأتبع الرائحة ،
مثل ذئبٍ يمشي في نساء الجنة.
يسمعن قصصاً شردتني
وحزناً أورثني إياه سفر طويل و زنزانة نادرة .
يصغين لبوحي مثل رأفة الأم .
طفل تمحوه جذوره وعيناه تسعان الأفق .
وعندما تأخذني الغفوة
يمسحن أصابعهن الرحيمة في روحي
فيطلع ريش خفيف يحملني
وينساب بي ذئب أكثر رهافةً من الشبح .
يسهرن في تدوين أخباري بقية الليل
فيما يذرعن الغابة في جنونٍ مشغوفٍ بما يفعل .
شعور طائشة ،
صدور مغسولة بالريح
وجسد منسي يحلم بكوخٍ في مكان .
verocchio
06/11/2007, 01:08
نارٌ تمسكُ بالنار
خضراء
تنقلك الموسيقى لجنـة المنتهى ،
بين نشاط اليقظة و ريبة الشخص .
شخص يأسرك بهودج الفتنة ،
يغريك بذؤآباته الطائشة ،
أوسمة يطرد بها الغيم ، ويغويك .
تحمين جسدك من شهوة الرقص بنعاس الخجل
تزمـين أعضاءك بمزق القميص ،
كمن يحبس طيوراً محتقنةً في قفصٍ مكسور.
ينهر العاج
لئلا يغفل عن البرق
ويمدح الوتر ليفتح الماء على الهاوية،
يقود كتيبة الأقاصي بيدين شاردتين ،
يمد إليك جسوراً تأخذ لزهرة الملاك
ويمنح النحاس موهبة الذهب ،
ينبثق ويندفق ويستعيد .
وأنت في نيزك الشك
جليد يتبلر ويتقصف ويذوب ،
نمور تصحو ، وأجنحة تتناسل
وشجر يذهب في النوم .
خضراء .. خضراء و مفعمة باللهب
ترتعشين مثل ناسكٍ يلهج ،
وتنفصل منك الأطراف ،
يضيق بك المقعد والبهو ،
تضيق الغرفة والبيت والمكان.
يصير الفضاء قميصاً يتهتك
وأنت في جسدٍ يجــن ، وليس لك سلطان عليه .
يئج في أحداقك الجمر
تروزين الشخص بضغينة الشبق
متشبثةً بغصنٍ يحترق على هاوية .
نار تمسك بالنار ،
تطيش بك الأخلاط والعناصر ذاهبةً ،
تصرخ منك أمرأة في ذروتها ...
اخوية نت
بدعم من : في بولتـين الحقوق محفوظة ©2000 - 2015, جيلسوفت إنتربـرايس المحدودة