أخوية  

أخوية سوريا: تجمع شبابي سوري (ثقافي، فكري، اجتماعي) بإطار حراك مجتمع مدني - ينشط في دعم الحرية المدنية، التعددية الديمقراطية، والتوعية بما نسميه الحد الأدنى من المسؤولية العامة. نحو عقد اجتماعي صحي سليم، به من الأكسجن ما يكف لجميع المواطنين والقاطنين.
أخذ مكانه في 2003 و توقف قسراً نهاية 2009 - النسخة الحالية هنا هي ارشيفية للتصفح فقط
ردني  لورا   أخوية > فن > المكتبة > قرأت لك

إضافة موضوع جديد  إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 17/04/2005   #1
شب و شيخ الشباب Tarek007
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ Tarek007
Tarek007 is offline
 
نورنا ب:
Mar 2005
المطرح:
Damascus
مشاركات:
3,584

افتراضي أمة من المتفرجين-زكريا تامر


أمة من المتفرجين

قيل أن الاشجار تصرخ في أثناء قطعها ، و قيل أيضا أن الأشجار تتحدث ألى بعضها البعض .

و أي أنسان في العالم يحق له أن يدهش من سلوك الأشجار ما عدا العربي، فليس من حقه أن يدهش بل يتوجب عليه أن يخجل .

إذا كانت الأشجار تصرخ أثناء قطعها ، فهل العربي أقل أحساساً من الأشجار حتى أن الفؤوس تنهال عليه ، فلا يصرخ ، ولا يبادر إلى عمل ينقذه ، ولا يبالي كأن ما يصيبه من كوارث لا تصيبه بل تصيب أعدائه فقط ؟

كل ما على سطح الأرض من مخلوقات حية يصرخ ويقاتل حين يحس بأن حياته مهدده بالخطر .

حتى الدجاجة الضعيفة المسالمة تتحول مقاتلة شرسة حين تشعر بأن سمة خطراً يهددها أو يهدد فراخها .

حتى القط يتخلى عن وداعتهو يصبح متوحشاً أذا أصابه أي ضرر حتى الحمار يركل وينهق أذى تعرض لأي أذى.

أما العرب فهم الأحياء الموتى العاجزون عن أي شأن ذي صلة بمصيرهم و مصير أوطانهم حاضراً و مستقبلاً.

صحيح أن أنظمة الحكم في البلاد العربية الخاضعة للهيمنة الأجنبية تمتلك قوى قهر و قهر عاتية لا حدود لوحشيتها و بطشها ، و صحيح أن الناس أجمعين ليسوا مطالبين بأن يكونوا أبطالاً خارقين يرحبون بالاضطهاد و الجن و التعذيب و الموت و الجوع في سبيل بلادهم ، و لكن حين تسوء الأحوال العربية كما هي الآن ، فكل الحجج التي تسوغ السكوت عما يجري هي حجج مرفوضة لأن المحكوم بالإعدام إذا تجاهل ما سيحل به ، فلن ينجو من الموت . أما أذا حاول اغتيال جلاده ، فقد ينجو من الإعدام ، و أذا أخفق ، فلن يعدم مرتين .


زكريا تامر
من:
"هجاء القتيل لقاتله"

all my lo:

عـــــــــــــــــــــــــــــبـــــــــــــــايــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة






زورو موقع الدومري :
http://aldomari.blogspot.com
  رد مع اقتباس
قديم 17/04/2005   #2
شب و شيخ الشباب janus
شبه عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ janus
janus is offline
 
نورنا ب:
Apr 2005
مشاركات:
95

افتراضي


يا للصدفة لقد كتبت لتوي موضوعا عن هذا القاص العظيم. ساضيف قصة له احبها وهي "يا أيها الكرز المنسي":

شهقت ضيعتنا مدهوشة لما علمت أن عمر القاسم قد صار وزيرًا. وها هي ذي ضيعتنا يا عمر كما تركتها وردة من طين، وعشبًا أصفر، ونهرًا من الأطفال الحفاة.

وارتبك عمر قليلاً، ولكنه قال لأمه: (لا داعي إلى البكاء. لست ذاهبًا إلى المشنقة).

فمسحت أمه دموعها بأصابعها، وقالت بصوت مرتعش: (ليس لي غيرك في الدنيا. احرص على صحتك يا بني، فالقرى كلها أمراض وأوساخ. مسكين أنت. لو كان لك قريب مهم لما عينت معلمًا في قرية).

فقال لها عمر بلهجة مرحة: (اطمئني يا أمي اطمئني، فابنك ليس زجاجًا سهل الكسر).

وعمَّ ضيعتنا الفرح، ورحبت بحرارة بذلك النبأ الذي أذاعه الراديو. إذن عمر القاسم صار وزيرًا، فسبحان من يعطي دون أن يسأل، وصدق من قال إن من جدّ وجد.

(ماذا يشتغل الوزير?).

(تخصص له سيارة أحلى من أجمل بنت).

(ويقبض في آخر كل شهر معاشًا يتيح له أن يأكل خروفًا في كل يوم).

(وعندما يدخل إلى مبنى وزارته، يرتجف الموظفون خوفًا ويسلمون عليه كأنه عيسى النازل من السماء).

(ويأمر فيطاع. يقول للمطر انزل فينزل).

(وإذا أمر الآغا فهل يطيع الآغا).

وحدق أهل الضيعة بوجوم وفضول إلى شاب نزل من الباص الآتي من دمشق. كان شابّا مرفوع الرأس، ذا عينين وديعتين وصارمتين في آن واحد. سلّم علينا كأنه واحد من أهلنا غاب عنا زمنًا ثم عاد. قال لنا إن اسمه عمر القاسم، وهو معلم المدرسة الجديدة.

وقال واحد من أهل الضيعة: (يجب أن نذهب إلى دمشق لتهنئته).

قال آخر بحماسة: (سنذهب كلنا.. الرجال والنساء والصغار).

وقال ثالث: (ستذهب أيضًا الأبقار والخراف والدجاج والأرانب).

قال رابع: (الفكرة عظيمة، ولكن من سيدفع أجرة الباص هل نذهب سيرًا على الأقدام?).

ران الصمت حينًا، ثم قال رجل عجوز: (يكفي أن يذهب واحد منا ويهنئه باسم الضيعة. هو يعرف حالنا، ولن يعتب علينا).

(ولكن من سيذهب?).

قال العجوز: (اختاروا من تشاؤون. فليذهب مثلاً أبو فياض).

فحاول أبو فياض الرفض، غير أن أصواتنا حاصرته قائلة:

(أنت أعقلنا).

(وأكبرنا سنّا وقدرًا).

(وأنت تتقن الكلام حتى مع الملوك).

(كان عمر يحبّك).

(دائمًا كان يشرب الشاي عندك).

(كان يحب حديثك).

(كان صديقك).

قال أبو فياض: (ولكن عمر كان أيضًا صديقكم وكان يحبكم. أنسيتم?).

ونظر عمر بحب إلى الأولاد المسمَّرين على المقاعد، وقال لهم: (أنا معلمكم الجديد. اسمي عمر... عمر القاسم. إني أحب المجتهدين. أما الكسالى فمن الأفضل لهم أن يتخلوا عن كسلهم وإلاّ...).

ورفع رجل أشيب طفله الصغير إلى أعلى بحركة فخور، وقال: (سأسميه عمر كاسم جده).

ونظر إلى الأم الشاحبة الوجه المستلقية على الفراش، وضحك، وقال لها: لو كان يعرف ما ينتظره لرفض المجيء، ويوم أموت لن يرث سوى ثيابي).

وقلنا لأبي فياض: (لا فائدة في التهرب. ستذهب إلى دمشق وتقابل عمر وتهنئه).

فهزّ أبو فياض رأسه موافقًا مستسلمًا.

وقال مختار الضيعة لعمر: (يا أستاذ.. حتى الآن لم تذهب لزيارة الآغا).

قال عمر: (لماذا أذهب ما دمت لا أعرفه، وهو لا يعرفني?).

قال المختار: (اللباقة ضرورية، والآغا سينفعك، فكل ما تراه عينك من أراض في الضيعة هي ملكه).

قال عمر: (أبي وأمي لم يعلِّماني اللبّاقة، وعملي في الضيعة أن أعلِّم الصغار القراءة والكتابة).

وقال أهل الضيعة لأبي فياض: (قل لعمر إننا ما زلنا جياعًا).

(قل له إن جوعنا ازداد).

(بتنا نأكل حتى الحصى).

(حدثه عن القمل الذي يأكلنا).

(وعن اللحم الذي نسينا طعمه).

(حدّثه عن أمراضنا).

(قل له إننا بحاجة إلى أطباء وأدوية).

(ضيعتنا بحاجة إلى ماء نظيف للشرب).

(حدّثه عن شوقنا إلى نور الكهرباء).

(كلّمه عن الآغا وأفعاله).

(نحن نشتغل وهو يحصد).

(نحن نشتغل وهو يحصد). وقال رئيس مخفر الشرطة لعمر: (إني والله يا أستاذ أعُدُّك كأخي تمامًا، وسأنصحك نصيحة، أنت حر، إن شئت اعمل بها أو ارمها وراء ظهرك. أنت دائم السهر مع فلاحي الضيعة، ولا يليق بأستاذ مثلك أن يسهر معهم. معلم المدرسة شخصية محترمة).

قال عمر: (فلاحو الضيعة ناس طيبون).

قال رئيس المخفر: (وأنت تكلمهم كلامًا إذا سمعه الآغا فسيزعل، وإذا زعل الآغا، فالله يعلم ما يحدث).

وصاح شاب من شبان الضيعة: (اسمعوا.. من المناسب أن يأخذ أبو فياض معه هدية لعمر).

فتعالت أصواتنا مؤيدة، ولكن أي هدية نختار (خروف أو عدة دجاجات).

(هذه هدية لا تليق بوزير).

(إذن أي هدية نرسل!).

قال أبو فياض: (أفضل هدية هي سلة من كرز ضيعتنا. أتذكرون كم كان عمر يحب كرز ضيعتنا، ويقول عن لونه الأحمر إنه تعبنا ودمنا).

فأثنينا جميعًا على رأي أبي فياض.

وقال لنا عمر: (الظلم لا يدوم).

وقال لنا: (كيف تقبلون بحياة الذل!).

فقلنا له: (العين بصيرة واليد قصيرة).

فقال عمر بصوت غاضب: (اليد قصيرة لأن القلب خائف).

وأقبل ليلٌ أبيضُ، واستسلمت الضيعة للنوم، وكنا نحن الفقراء جسدًا واحدًا مرتجفًا مبتهجًا ينادي أيام كنا ننصت لكلام عمر مبهورين، فكأنه عاش أمدًا في قلوبنا وقلوب موتانا.

وعندما أشرقت شمس الصباح على الضيعة، تجمّع الرجال والصغار والنساء حول الباص المسافر إلى دمشق.

وقال لنا عمر قبل أن يصعد إلى الباص: (الآغا صاحب نفوذ وجاه في دمشق، وهو الذي نقلني من ضيعتكم لأني لم أصبح خادمًا له ولأني أحبكم، ولكن اليوم الذي تتخلصون فيه من ذلك الآغا وأمثاله ليس بالبعيد بل هو قريب، وسترونه أنتم لا أحفادكم، وستصبح الأرض التي تشتغلون فيها ملكًا لكم).

وركب أبو فياض الباص وبرفقته سلة ملأى بالكرز الأحمر ذي الحبات الناضجة البراقة.

ولما أوشكت شمس الضيعة أن تأفل، بلغ سمعنا بوق الباص العائد من دمشق، فتراكضنا إلى ساحة الضيعة.

أتي الباص، ونزل منه أبو فياض عابس الوجه، واجمًا، وكانت إحدى يديه ما زالت تحمل سلة الكرز.

تصايحنا بدهشة:

(لماذا لم تعط عمر سلة الكرز).

(ألم تقابله).

(ماذا قال لك).

ظل أبو فياض ساكتًا كأنه أصمّ، ووضع سلة الكرز على الأرض، وتكلم بصوت أجش، فقال للصغار: (تعالوا وكلوا الكرز، وعندما تكبرون لا تنسوا طعمه).

ثم مشى متجهًا إلى بيته، فاعترضنا طريقه، وقلنا له: (تكلم، وأخبرنا بما حدث).

قال أبو فياض: (عمر مات).

فزعلنا كأن أمنا قد ماتت، بينما عاود أبو فياض السير وقد ازداد ظهره انحناء .

لا شئ يربطني بهذه الارض سوى الحذاء
لا شئ يربطني بهذه المروج سوى النسيم
الذي تنشقته "صدفة"
فيما مضى
ولكن من يلمس زهرة فيها يلمس قلبي
<><><محمد الماغوط><><>

"لقد اصبحت مـنــفــيــا، ولم اغادر بلـــــــــدي"
  رد مع اقتباس
قديم 17/04/2005   #3
شب و شيخ الشباب janus
شبه عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ janus
janus is offline
 
نورنا ب:
Apr 2005
مشاركات:
95

افتراضي


يا للصدفة لقد كتبت لتوي موضوعا عن هذا القاص العظيم. ساضيف قصة له احبهت وهي "يا أيها الكرز المنسي":

شهقت ضيعتنا مدهوشة لما علمت أن عمر القاسم قد صار وزيرًا. وها هي ذي ضيعتنا يا عمر كما تركتها وردة من طين، وعشبًا أصفر، ونهرًا من الأطفال الحفاة.

وارتبك عمر قليلاً، ولكنه قال لأمه: (لا داعي إلى البكاء. لست ذاهبًا إلى المشنقة).

فمسحت أمه دموعها بأصابعها، وقالت بصوت مرتعش: (ليس لي غيرك في الدنيا. احرص على صحتك يا بني، فالقرى كلها أمراض وأوساخ. مسكين أنت. لو كان لك قريب مهم لما عينت معلمًا في قرية).

فقال لها عمر بلهجة مرحة: (اطمئني يا أمي اطمئني، فابنك ليس زجاجًا سهل الكسر).

وعمَّ ضيعتنا الفرح، ورحبت بحرارة بذلك النبأ الذي أذاعه الراديو. إذن عمر القاسم صار وزيرًا، فسبحان من يعطي دون أن يسأل، وصدق من قال إن من جدّ وجد.

(ماذا يشتغل الوزير?).

(تخصص له سيارة أحلى من أجمل بنت).

(ويقبض في آخر كل شهر معاشًا يتيح له أن يأكل خروفًا في كل يوم).

(وعندما يدخل إلى مبنى وزارته، يرتجف الموظفون خوفًا ويسلمون عليه كأنه عيسى النازل من السماء).

(ويأمر فيطاع. يقول للمطر انزل فينزل).

(وإذا أمر الآغا فهل يطيع الآغا).

وحدق أهل الضيعة بوجوم وفضول إلى شاب نزل من الباص الآتي من دمشق. كان شابّا مرفوع الرأس، ذا عينين وديعتين وصارمتين في آن واحد. سلّم علينا كأنه واحد من أهلنا غاب عنا زمنًا ثم عاد. قال لنا إن اسمه عمر القاسم، وهو معلم المدرسة الجديدة.

وقال واحد من أهل الضيعة: (يجب أن نذهب إلى دمشق لتهنئته).

قال آخر بحماسة: (سنذهب كلنا.. الرجال والنساء والصغار).

وقال ثالث: (ستذهب أيضًا الأبقار والخراف والدجاج والأرانب).

قال رابع: (الفكرة عظيمة، ولكن من سيدفع أجرة الباص هل نذهب سيرًا على الأقدام?).

ران الصمت حينًا، ثم قال رجل عجوز: (يكفي أن يذهب واحد منا ويهنئه باسم الضيعة. هو يعرف حالنا، ولن يعتب علينا).

(ولكن من سيذهب?).

قال العجوز: (اختاروا من تشاؤون. فليذهب مثلاً أبو فياض).

فحاول أبو فياض الرفض، غير أن أصواتنا حاصرته قائلة:

(أنت أعقلنا).

(وأكبرنا سنّا وقدرًا).

(وأنت تتقن الكلام حتى مع الملوك).

(كان عمر يحبّك).

(دائمًا كان يشرب الشاي عندك).

(كان يحب حديثك).

(كان صديقك).

قال أبو فياض: (ولكن عمر كان أيضًا صديقكم وكان يحبكم. أنسيتم?).

ونظر عمر بحب إلى الأولاد المسمَّرين على المقاعد، وقال لهم: (أنا معلمكم الجديد. اسمي عمر... عمر القاسم. إني أحب المجتهدين. أما الكسالى فمن الأفضل لهم أن يتخلوا عن كسلهم وإلاّ...).

ورفع رجل أشيب طفله الصغير إلى أعلى بحركة فخور، وقال: (سأسميه عمر كاسم جده).

ونظر إلى الأم الشاحبة الوجه المستلقية على الفراش، وضحك، وقال لها: لو كان يعرف ما ينتظره لرفض المجيء، ويوم أموت لن يرث سوى ثيابي).

وقلنا لأبي فياض: (لا فائدة في التهرب. ستذهب إلى دمشق وتقابل عمر وتهنئه).

فهزّ أبو فياض رأسه موافقًا مستسلمًا.

وقال مختار الضيعة لعمر: (يا أستاذ.. حتى الآن لم تذهب لزيارة الآغا).

قال عمر: (لماذا أذهب ما دمت لا أعرفه، وهو لا يعرفني?).

قال المختار: (اللباقة ضرورية، والآغا سينفعك، فكل ما تراه عينك من أراض في الضيعة هي ملكه).

قال عمر: (أبي وأمي لم يعلِّماني اللبّاقة، وعملي في الضيعة أن أعلِّم الصغار القراءة والكتابة).

وقال أهل الضيعة لأبي فياض: (قل لعمر إننا ما زلنا جياعًا).

(قل له إن جوعنا ازداد).

(بتنا نأكل حتى الحصى).

(حدثه عن القمل الذي يأكلنا).

(وعن اللحم الذي نسينا طعمه).

(حدّثه عن أمراضنا).

(قل له إننا بحاجة إلى أطباء وأدوية).

(ضيعتنا بحاجة إلى ماء نظيف للشرب).

(حدّثه عن شوقنا إلى نور الكهرباء).

(كلّمه عن الآغا وأفعاله).

(نحن نشتغل وهو يحصد).

(نحن نشتغل وهو يحصد). وقال رئيس مخفر الشرطة لعمر: (إني والله يا أستاذ أعُدُّك كأخي تمامًا، وسأنصحك نصيحة، أنت حر، إن شئت اعمل بها أو ارمها وراء ظهرك. أنت دائم السهر مع فلاحي الضيعة، ولا يليق بأستاذ مثلك أن يسهر معهم. معلم المدرسة شخصية محترمة).

قال عمر: (فلاحو الضيعة ناس طيبون).

قال رئيس المخفر: (وأنت تكلمهم كلامًا إذا سمعه الآغا فسيزعل، وإذا زعل الآغا، فالله يعلم ما يحدث).

وصاح شاب من شبان الضيعة: (اسمعوا.. من المناسب أن يأخذ أبو فياض معه هدية لعمر).

فتعالت أصواتنا مؤيدة، ولكن أي هدية نختار (خروف أو عدة دجاجات).

(هذه هدية لا تليق بوزير).

(إذن أي هدية نرسل!).

قال أبو فياض: (أفضل هدية هي سلة من كرز ضيعتنا. أتذكرون كم كان عمر يحب كرز ضيعتنا، ويقول عن لونه الأحمر إنه تعبنا ودمنا).

فأثنينا جميعًا على رأي أبي فياض.

وقال لنا عمر: (الظلم لا يدوم).

وقال لنا: (كيف تقبلون بحياة الذل!).

فقلنا له: (العين بصيرة واليد قصيرة).

فقال عمر بصوت غاضب: (اليد قصيرة لأن القلب خائف).

وأقبل ليلٌ أبيضُ، واستسلمت الضيعة للنوم، وكنا نحن الفقراء جسدًا واحدًا مرتجفًا مبتهجًا ينادي أيام كنا ننصت لكلام عمر مبهورين، فكأنه عاش أمدًا في قلوبنا وقلوب موتانا.

وعندما أشرقت شمس الصباح على الضيعة، تجمّع الرجال والصغار والنساء حول الباص المسافر إلى دمشق.

وقال لنا عمر قبل أن يصعد إلى الباص: (الآغا صاحب نفوذ وجاه في دمشق، وهو الذي نقلني من ضيعتكم لأني لم أصبح خادمًا له ولأني أحبكم، ولكن اليوم الذي تتخلصون فيه من ذلك الآغا وأمثاله ليس بالبعيد بل هو قريب، وسترونه أنتم لا أحفادكم، وستصبح الأرض التي تشتغلون فيها ملكًا لكم).

وركب أبو فياض الباص وبرفقته سلة ملأى بالكرز الأحمر ذي الحبات الناضجة البراقة.

ولما أوشكت شمس الضيعة أن تأفل، بلغ سمعنا بوق الباص العائد من دمشق، فتراكضنا إلى ساحة الضيعة.

أتي الباص، ونزل منه أبو فياض عابس الوجه، واجمًا، وكانت إحدى يديه ما زالت تحمل سلة الكرز.

تصايحنا بدهشة:

(لماذا لم تعط عمر سلة الكرز).

(ألم تقابله).

(ماذا قال لك).

ظل أبو فياض ساكتًا كأنه أصمّ، ووضع سلة الكرز على الأرض، وتكلم بصوت أجش، فقال للصغار: (تعالوا وكلوا الكرز، وعندما تكبرون لا تنسوا طعمه).

ثم مشى متجهًا إلى بيته، فاعترضنا طريقه، وقلنا له: (تكلم، وأخبرنا بما حدث).

قال أبو فياض: (عمر مات).

فزعلنا كأن أمنا قد ماتت، بينما عاود أبو فياض السير وقد ازداد ظهره انحناء .
  رد مع اقتباس
قديم 17/04/2005   #4
عاشق من فلسطين
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ عاشق من فلسطين
عاشق من فلسطين is offline
 
نورنا ب:
Nov 2004
المطرح:
حيث هناك ظلم ... هناك وطني..
مشاركات:
4,992

إرسال خطاب MSN إلى عاشق من فلسطين إرسال خطاب Yahoo إلى عاشق من فلسطين
افتراضي


مشكورين كتير على هالقصتين .. زكريا تامر أديب رائع .. ورائع جدا" وهو من اعز أصدقاء محمد الماغوط .. كتاباتهما مؤلمة ومضحكة ومخجلة في آن ..
مشكورين كتير .. ومنيح لسا في عالم بتقرأ ..
أحلى شباب ...

..غنــــي قلــــــيلا يـــا عصـــافير فأنــي... كلمـــا فكــــرت في أمــــــر بكـــيت ..
  رد مع اقتباس
قديم 17/04/2005   #5
شب و شيخ الشباب Tarek007
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ Tarek007
Tarek007 is offline
 
نورنا ب:
Mar 2005
المطرح:
Damascus
مشاركات:
3,584

افتراضي النمور في اليوم العاشر


اقتباس:
كاتب النص الأصلي : عاشق من فلسطين
مشكورين كتير على هالقصتين .. زكريا تامر أديب رائع .. ورائع جدا" وهو من اعز أصدقاء محمد الماغوط .. كتاباتهما مؤلمة ومضحكة ومخجلة في آن ..
مشكورين كتير .. ومنيح لسا في عالم بتقرأ ..
أحلى شباب ...
الحمد لله ابو الشباب يلي فوق (صديقي بزكريا تامر ) عم يصير معو متلي بس أكتب شي
عم يفصل الاكسبلور معنا ويعطينا رسالة خطأ فمنعود و منكتوب و بيرجع بيفصل وهيك (طيرت عقلي ها المشكلة يلي خلتني ما عود فوت عالاخوية منشان ما يصير معي أحراج -متل مرة كتبت شغلة شي ثلاث مرات -
منشان الله شوفولنا شو القصة !!!!

وبما أنوا الحكي عن زكريا تامر فهي(التالية) من اجمل القصص تبعوا من كتاب النمور في اليوم العاشر
و أسم القصة كمان النمور في اليوم العاشر
أنشاله تعجبكن !!!! ....و قريباً لمحمد الماغوط ...تكرم عيونكم!



النمور في اليوم العاشر

رحلت الغابات بعيدًا عن النمر السجين في قفص، ولكنه لم يستطع نسيانها، وحدق غاضبًا إلى رجال يتحلقون حول قفصه وأعينهم تتأمله بفضول ودونما خوف. وكان أحدهم يتكلم بصوت هادئ ذي نبرة آمرة: (إذا أردتم حقّا أن تتعلموا مهنتي، مهنة الترويض، عليكم ألاّ تنسوا في أي لحظة أن معدة خصمكم هدفكم الأول، وسترون أنها مهنة صعبة وسهلة في آن واحد. انظروا الآن إلى هذا النمر. إنه نمر شرس متعجرف، شديد الفخر بحريته وقوته وبطشه، ولكنه سيتغير، ويصبح وديعًا ولطيفًا ومطيعًا كطفل صغير. فراقبوا ما سيجري بين من يملك الطعام وبين من لا يملكه، وتعلَّموا).
فبادر الرجال إلى القول إنهم سيكونون التلاميذ المخلصين لمهنة الترويض. فابتسم المروِّض مبتهجًا، ثم خاطب النمر متسائلاً بلهجة ساخرة: (كيف حال ضيفنا العزيز).
قال النمر: (أحضر لي ما آكله، فقد حان وقت طعامي).
فقال المروض بدهشة مصطنعة: (أتأمرني وأنت سجيني؟ يا لك من نمر مضحك! عليك أن تدرك أني الوحيد الذي يحق له هنا إصدار الأوامر).
قال النمر: (لا أحد يأمر النمور).
قال المروض: (ولكنك الآن لست نمرًا. أنت في الغابات نمر. أما وقد صرت في القفص، فأنت الآن مجرد عبد تمتثل للأوامر وتفعل ما أشاء).
قال النمر بنزق: (لن أكون عبدًا لأحد).
قال المروض: (أنت مرغم على إطاعتي لأني أنا الذي أملك الطعام).
قال النمر: (لا أريد طعامك).
قال المروض: (إذن جع كما تشاء، فلن أرغمك على فعل ما لا ترغب فيه).
وأضاف مخاطبًا تلاميذه: (سترون كيف سيتبدل، فالرأس المرفوع لا يشبع معدة جائعة).
وجاع النمر، وتذكَّر بأسى أيام كان ينطلق كريح دون قيود مطاردًا فرائسه.
وفي اليوم الثاني، أحاط المروض وتلاميذه بقفص النمر، وقال المروض: (ألست جائعًا؟ أنت بالتأكيد جائع جوعًا يعذب ويؤلم. قل إنك جائع فتحصل على ما تبغي من اللحم).
ظل النمر ساكتًا، فقال المروض له: (افعل ما أقول ولا تكن أحمق. اعترف بأنك جائع فتشبع فورًا).
قال النمر: (أنا جائع).
فضحك المروض وقال لتلاميذه: (ها هو ذا قد سقط في فخ لن ينجو منه).
وأصدر أوامره، فظفر النمر بلحم كثير.
وفي اليوم الثالث، قال المروض للنمر: (إذا أردت اليوم أن تنال طعامًا، فنفِّذ ما سأطلب منك).
قال النمر: (لن أطيعك).
قال المروض: (لا تكن متسرعًا، فطلبي بسيط جدّا. أنت الآن تحوص في قفصك، وحين أقول لك: قف، فعليك أن تقف).
قال النمر لنفسه: (إنه فعلاً طلب تافه، ولا يستحق أن أكون عنيدًا وأجوع).
وصاح المروض بلهجة قاسية آمرة: (قف).
فتجمد النمر توّا، وقال المروض بصوت مرح: (أحسنت).
فسرّ النمر، وأكل بنهم، بينما كان المروض يقول لتلاميذه: (سيصبح بعد أيام نمرًا من ورق).
وفي اليوم الرابع، قال النمر للمروض: (أنا جائع فاطلب مني أن أقف).
فقال المروض لتلاميذه: (ها هو ذا قد بدأ يحب أوامري).
ثم تابع موجهًا كلامه إلى النمر: (لن تأكل اليوم إلاّ إذا قلدت مواء القطط).
فكظم النمر غيظه ، وقال لنفسه: (سأتسلى إذا قلدت مواء القطط).
وقلد مواء القطط، فعبس المروض، وقال باستنكار: (تقليدك فاشل. هل تَعُدّ الزمجرة مواء).
فقلد النمر ثانية مواء القطط، ولكن المروض ظل متجهم الوجه، وقال بازدراء: (اسكت اسكت. تقليدك ما زال فاشلاً. سأتركك اليوم تتدرب على مواء القطط، وغدًا سأمتحنك. فإذا نجحت أكلت. أما إذا لم تنجح فلن تأكل).
وابتعد المروض عن قفص النمر وهو يمشي بخطى متباطئة، وتبعه تلاميذه وهم يتهامسون متضاحكين. ونادى النمر الغابات بضراعة، ولكنها كانت نائية.
وفي اليوم الخامس، قال المروض للنمر: (هيا، إذا قلدت مواء القطط بنجاح نلت قطعة كبيرة من اللحم الطازج).
قلد النمر مواء القطط، فصفق المروض، وقال بغبطة: (عظيم! أنت تموء كقط في شباط).
ورمى إليه بقطعة كبيرة من اللحم.
وفي اليوم السادس، ما إن اقترب المروض من النمر حتى سارع النمر إلى تقليد مواء القطط، ولكن المروض ظل واجمًا مقطب الجبين، فقال النمر: (هأنذا قد قلدت مواء القطط).
قال المروض: (قلّد نهيق الحمار).
قال النمر باستياء: (أنا النمر الذي تخشاه حيوانات الغابات، أقلد الحمار! سأموت ولن أنفذ طلبك!).
فابتعد المروض عن قفص النمر دون أن يتفوه بكلمة.
وفي اليوم السابع، أقبل المروض نحو قفص النمر باسم الوجه وديعًا، وقال للنمر: (ألا تريد أن تأكل؟).
قال النمر: (أريد أن آكل).
فحاول النمر أن يتذكر الغابات، فأخفق، واندفع ينهق مغمض العينين، فقال المروض: (نهيقك ليس ناجحًا، ولكنني سأعطيك قطعة من اللحم إشفاقًا عليك).
وفي اليوم الثامن، قال المروض للنمر: (سألقي مطلع خُطبة، وحين سأنتهي صفِّق إعجابًا).
قال النمر: (سأصفّق).
فابتدأ المروض إلقاء خطبته، فقال: (أيها المواطنون.. سبق لنا في مناسبات عديدة أن أوضحنا موقفنا من كل القضايا المصيرية، وهذا الموقف الحازم الصريح لن يتبدل مهما تآمرت القوى المعادية، وبالإيمان سننتصر).
قال النمر: (لم أفهم ما قلت).
قال المروض: (عليك أن تعجب بكل ما أقول، وأن تصفق إعجابًا به).
قال النمر: (سامحني. أنا جاهل أمي، وكلامك رائع، وسأصفق كما تبغي).
وصفق النمر، فقال المروض: (أنا لا أحب النفاق والمنافقين، ستحرم اليوم من الطعام عقابًا لك).
وفي اليوم التاسع، جاء المروض حاملاً حزمة من الحشائش، وألقى بها للنمر، وقال: (كل).
قال النمر: (ما هذا أنا من آكلي اللحوم).
قال المروض: (منذ اليوم لن تأكل سوى الحشائش).
ولما اشتد جوع النمر، حاول أن يأكل الحشائش، فصدمه طعمها، وابتعد عنها مشمئزًا، ولكنه عاد إليها ثانية، وابتدأ يستسيغ طعمها رويدًا رويدًا.
وفي اليوم العاشر، اختفى المروض وتلاميذه والنمر والقفص، فصار النمر مواطنًا، والقفص مدينة.
  رد مع اقتباس
قديم 17/04/2005   #6
عاشق من فلسطين
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ عاشق من فلسطين
عاشق من فلسطين is offline
 
نورنا ب:
Nov 2004
المطرح:
حيث هناك ظلم ... هناك وطني..
مشاركات:
4,992

إرسال خطاب MSN إلى عاشق من فلسطين إرسال خطاب Yahoo إلى عاشق من فلسطين
افتراضي


أبو طريق الغالي .. قصة النمور في اليوم العاشر مكررة .. بس مو مشلكة لا ضير من قرأتها مرة تانية ... وبالنسبة لمحمد الماغوط .. اذا بدك تنزل شي للماغوط .. أنا مخصص موضوع مثبت بقسم الشعر .. لمحمد الماغوط باسم ( لأجل من رسم جارحه آلامه دربا" لنا) فاذا بدك تنزل شي الو فوت على الموضوع وانقور على اكتب رد .. وضيف اللمشاركة مع كتابة عنوانها .. لأنو حابب أنو نجمع كل مشاركات الأعضاء عن الماغوط بموضوع واحد .. لأنو رح يكون رائع ومفيد وسهل التصفح ..
  رد مع اقتباس
قديم 17/04/2005   #7
شب و شيخ الشباب janus
شبه عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ janus
janus is offline
 
نورنا ب:
Apr 2005
مشاركات:
95

افتراضي


هل يستطيع احد المشرفين محي ما كتبته فوق اذ تم وضعه مرتين.

انا كتير مبسوط يا اخ Tarek007 بوجود شخص اخر يحب كتابات زكريا تامر مثلي. على فكرة حاليا هناك موضوعان عن زكريا تامر احدهما نبذة كتبتها عنه والاخر هو موضوعك هذا. ما رأيك بمراسلة احد المشرفين كي يدمج الموضوعان ويثبتهنا فيبدأ الموضوع بنبذة عن زكريا تامر ثم "ننشر" قصصه تباعا.
  رد مع اقتباس
قديم 23/11/2006   #8
صبيّة و ست الصبايا maro18
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ maro18
maro18 is offline
 
نورنا ب:
Aug 2005
المطرح:
فى عينيك عنوانى
مشاركات:
2,017

افتراضي


مواضيع كتير حلوة بس الزمان جابها لورا
عشان هيك up

ورؤوس الناس على جثث الحيوانات
ورؤوس الحيوانات على جثث الناس
فتحسس رأسك
فتحسس رأسك!
اذا كان احد قد اعترض طريقنا فمن المحتمل ان نكون نحن قد اعترضنا طريق شخص ما.
فأنا التى اخترت منذ البداية ان اخسر العالم كله على أمل ان اربح نفسى.
  رد مع اقتباس
قديم 26/09/2008   #9
شب و شيخ الشباب passerby_intime
عضو
-- قبضاي --
 
الصورة الرمزية لـ passerby_intime
passerby_intime is offline
 
نورنا ب:
Aug 2008
المطرح:
ترانزيت على طول.. عابر سبيل
مشاركات:
447

إرسال خطاب Yahoo إلى passerby_intime
افتراضي


اقتباس:
كاتب النص الأصلي : maro18 عرض المشاركة
مواضيع كتير حلوة بس الزمان جابها لورا
عشان هيك up
وأنا كمان معك بئول هيك >> الموضوع كثير حلو يسلمو إيدين يلي كتبه
ومنشان هيك كمان up
مشكور على هالموضوع
وتحية للقاص الكبير زكريا تامر

تبادل الآراء والأفكار ليس معركة
فالحقيقة عندما تظهر تصير انتصارا للجميع
ما عدا الذين لا يهمهم سوى خلق النزاعات
  رد مع اقتباس
قديم 05/10/2009   #10
شب و شيخ الشباب TifSat
مسجّل
-- اخ طازة --
 
الصورة الرمزية لـ TifSat
TifSat is offline
 
نورنا ب:
Oct 2009
المطرح:
المغرب
مشاركات:
8

افتراضي


أي إبداع هذا
  رد مع اقتباس
إضافة موضوع جديد  إضافة رد



ضوابط المشاركة
لافيك تكتب موضوع جديد
لافيك تكتب مشاركات
لافيك تضيف مرفقات
لا فيك تعدل مشاركاتك

وسوم vB : حرك
شيفرة [IMG] : حرك
شيفرة HTML : بليد
طير و علّي


الساعة بإيدك هلق يا سيدي 15:09 (بحسب عمك غرينتش الكبير +3)


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2015, Jelsoft Enterprises Ltd.
ما بخفيك.. في قسم لا بأس به من الحقوق محفوظة، بس كمان من شان الحق والباطل في جزء مالنا علاقة فيه ولا محفوظ ولا من يحزنون
Page generated in 0.09526 seconds with 11 queries