أخوية  

أخوية سوريا: تجمع شبابي سوري (ثقافي، فكري، اجتماعي) بإطار حراك مجتمع مدني - ينشط في دعم الحرية المدنية، التعددية الديمقراطية، والتوعية بما نسميه الحد الأدنى من المسؤولية العامة. نحو عقد اجتماعي صحي سليم، به من الأكسجن ما يكف لجميع المواطنين والقاطنين.
أخذ مكانه في 2003 و توقف قسراً نهاية 2009 - النسخة الحالية هنا هي ارشيفية للتصفح فقط
ردني  لورا   أخوية > مجتمع > منبــر أخويـــة الحــــــر > حصاد المواقع

إضافة موضوع جديد  إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 06/11/2009   #1
شب و شيخ الشباب sheldi
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ sheldi
sheldi is offline
 
نورنا ب:
Apr 2008
مشاركات:
281

افتراضي سقوط التغيير


أميركا الأوبامية عملاق مسلوب الإرادة سقوط "التغيير" انه الانحسار الكبير للنفوذ الاميركي في الشرق الأوسط، وهو مرادف لسقوط “التغيير” الذي وعد به باراك أوباما الاميركيين والعالم كله قبل عشرة أشهر. من القاهرة الى اسطنبول، ومن طهران الى تل أبيب، المشهد الشرق اوسطي يدخل مرحلة جديدة من التعقيد، والرئيس الاميركي الذي جاء يحمل الأمل بات عملاقا مسلوب الارادة بعد أقل من سنة على تسلمه ادارة الأزمات التي ورثها عن سلفه. حرب افغانستان تتواصل بإيقاعات متصاعدة، والانسحاب من العراق يتعثر، والمبادرة الاوبامية في الشرق الأوسط لم تولد بعد، وصدقية الولايات المتحدة على المحك اكثر من اي وقت آخر.
ما هي أسباب الخسائر الاميركية الجديدة ولماذا ينحسر الظل الاميركي عن المنطقة؟ ما الذي تبدّل في توازن القوى الاقليمي وماذا تحديدا عن زمن الانحسار المصري؟ استطراداً: في اي اتجاه تسير المنطقة وما هو سيناريو المرحلة المقبلة؟

هل تستطيع أميركا تحمّل خسارة الشرق الأوسط، كما تحمّلت (بنجاح) خسارة الهند الصينية في سبعينيات القرن العشرين؟ وإذا ما كان الجواب بالنفي، ماذا في وسعها أن تفعل؟
لماذا نطرح هذين السؤالين الآن؟ لأسباب عدة: الضربة الأخيرة التي تلقتها الولايات المتحدة من إسرائيل حليفتها التاريخية الأكبر، تكاد تبزّ في خطورتها الضربات لهيبتها ونفوذها على يد خصومها في العراق وأفغانستان وإيران. فتلّ أبيب، برفضها التجاوب مع مقترحات واشنطن المتمحورة حول حل الدولتين في فلسطين، كانت تنسف في الواقع كل الاستراتيجية الإقليمية الجديدة التي كان الرئيس أوباما ينوي طرحها خلال شهر رمضان أو في خواتيمه. وهذه كانت بمثابة نكسة استراتيجية أقسى من النكسات العسكرية. فهذه الأخيرة يمكن تعويضها بمعارك أو حروب أخرى، فيما الأولى عصية عن التعويض السريع أو البسيط، لأنها تضرب أسس القوة الأميركية وتهز الثقة بقدرتها على بسط نظامها.
وصورة أميركا الآن في الشرق الأوسط، حتى بالنسبة إلى أقرب أصدقائها العرب والأتراك، هي أنها عملاق مسلوب الإرادة، قصير النفَس في الحرب ومنقطع الأنفاس في السلم، ولا يُركن إليه لتحقيق الأمن والاستقرار. وحين يكون الأمر على هذا النحو مع الأصدقاء، فهل يُلام الخصوم الإيرانيون إن هم اعتقدوا أنه في وسعهم التلاعب بذيل النمر الأميركي من دون حساب لعضّات أنيابه؟ بل هل يُلام الحلفاء الإسرائيليون إن هم استنتجوا أنهم يستطيعون في أي وقت فتح الجبهات والحروب، ثم نيل الموافقة (أو المشاركة) الأميركية عليها لاحقاً؟
ثمة حقاً أزمة عجز أميركي قد لا تكون مسبوقة، منذ أن ورثت الولايات المتحدة النفوذ الأمبراطوري الفرنسي والبريطاني في المنطقة غداة حرب السويس في العام 1956، ثم توّجته في العام 1979 في كامب ديفيد بتحّول مصر من خصم إلى حليف استراتيجي. فلا هي قادرة على كسب الحروب في المنطقة، ولا في مقدروها صنع السلام.
وهذا ما يعيدنا إلى سؤالينا الأولين: هل تستطيع أميركا تحمّل خسارة الشرق الأوسط؟
الجواب السريع، والبديهي، هو كلا. فما هو في الميزان هنا لا يقل عن كونه معركة حياة أو موت للزعامة العالمية الأميركية، لأن من يسيطر على صنابير النفط الشرق أوسطي، يُمسك بقارة أوراسيا برمتها (وبالتالي العالم) من خناقهما. وللتذكير: النفط كان هو قلب الحربين العالميتين الأولى والثانية وعقلهما. ولولا أن الولايات المتحدة سيطرت على امداداته في تلك الفترة (بمشاركة حماسية من عمالقة صناعة النفط الأميركية) لما تمكّنت من صنع النصر. فالبترول بكل أشكاله المُكررة أو المُصنعة كان، ولا يزال، مادة أولية لا غنى عنها لبناء مدرجات الطائرات، ولصنع التولوين (العنصر الرئيس للـ”تي.أن.تي” والقنابل)، والمطاط الصناعي للعجلات، ووقود البنزين (خصوصا على مستوى الأوكتان- 100) المُستخدم في الدبابات والشاحنات وسيارات الجيب والطائرات. هذا من دون أن ننسى دور النفط كمزيّت لكلٍ من الآلات والأسلحة وللاقتصاد المدني برمته في آن. والآن، أهمية النفط باتت أخطر مما كانت عليه خلال الحربين العالميتين، بسبب قرب وصوله إلى ذروة الانتاج، وبالتالي بدء هبوطه التنازلي وتحوّله بشكل خطر إلى سلعة نادرة.
لكن، ماذا في وسع واشنطن أن تفعل إذا لم يكن بمقدورها أن تغادر ببساطة الشرق الأوسط؟
أمران اثنان: الأول، طيّ صفحة المشروع الكبير والطموح للرئيس بوش ومحافظيه الجدد لإعادة بناء الشرق الأوسط الكبير، مُني بتعثّر ذريع وسقط مضرّجاً بدمائه. والثاني، رسم استراتيجية جديدة لا تكون فيها هي وحدها اللاعب الوحيد المُقرر لمصير هذه المنطقة الشاسعة.
إدارة أوباما قطعت شوطاً لا بأس به في ما يتعلق بالأمر الأول. بل انها وصلت إلى البيت الأبيض وهي ترفع شعار تنظيف وإعادة ترتيب “البيت الأميركي” في الشرق الأوسط الذي عاث فيه المحافظون الجدد فوضى غير خلاقة وتدميراً غير بنّاء. بيد أنها لا تزال تتخبط حول ما يعنيه قفل هذا الفصل من التاريخ الأميركي. فهي قررت بالفعل الانسحاب من العراق، لكنها تريد مواصلة السيطرة عليه. وهي تريد الانسحاب من أفغانستان، لكن ليس قبل تلقين طالبان درساً عسكرياً قاسياً، ثم إجبارها على الجلوس إلى طاولة المفاوضات حول شروط هذا الانسحاب.
هذا التخّبط طبيعي، وقد شهدته كل المشاريع الإقليمية السابقة لإعادة بناء الشرق الأوسط في القرن العشرين: من النظام البريطاني- الفرنسي في سايكس- بيكو إلى النظام الناصري، مروراً بالمشروع الإسرائيلي، وانتهاء الآن بالمشروع الإيراني. كل هذه المشاريع تحطمت على صخرة كثرة اللاعبين والتعقيدات في الشرق الأوسط واحتاجت إلى وقت لترتيب خواتيمها. وهكذا الأمر الآن بالنسبة إلى المشروع الأميركي.
الأمر الثاني، أي رسم استراتيجية جديدة، طبخة يبدو أنه وضعت على نار حامية في مطابخ صنع القرار الأميركي، وهي تستند برمتها إلى فكرة العودة إلى مفهوم لعبة موازين القوى التقليدية في الشرق الأوسط. كتب غريغوري غوز الثالث، بروفسور العلوم السياسية في جامعات فيرمونت وهارفارد والكويت: يتعيّن على أميركا تذكير نفسها بقواعد اللعبة المحلية في الشرق الأوسط القائمة على التنافس التقليدي على النفوذ بين القوى الإقليمية. صحيح أنها باستخدامها أدوات النفوذ التقليدية لمواجهة خصومها وتغيير التوجهات الاستراتيجية للاعبين الإقليميين الثانويين تعود إلى السياسات الكلاسيكية، لكن هذا بالتحديد ما تحتاج إليه الآن الولايات المتحدة لتنضم إلى اللعبة مجدداً”. وغوز يدعو واشنطن، بكلمات أوضح، إلى قبول دور القوة الإقليمية جنباً إلى جنب مع بقية السرب الإقليمي في المنطقة (إيران، تركيا، مصر، إسرائيل وسوريا). ورغم أن هذا أقل طموحاً بكثير من قدرات وطاقات دولة عظمى، إلا أنه متطابق مع وقائع هذه المنطقة المُعقّدة والعصية على الفهم والإدارة.
لكن، ماذا يعنيه الدور “الإقليمي” والسياسات التقليدية؟
إنه يعني، على سبيل المثال، شراء ورشوة و”استئجار” قبائل الباشتون في أفغانستان بدل مقاتلتها (كما يقترح بخبث فريد زكريا)، مثلما تم “استئجار” بعض القوى في العراق. كما يعني ضرب القوى الإقليمية بعضها ببعض، كما فعلت أميركا في الثمانينيات بين العراق وإيران، وكما قد تفعل الآن بين إيران وإسرائيل. ثم أنه يعني أيضاً تخلّي أميركا عن أي مشاريع لإقامة نظام إقليمي جديد في المنطقة، والاستعاضة عن ذلك بصراعات موازين القوى التي لا تنتهي. وهذا قد يحقق لواشنطن هدفين في آن: مواصلة السيطرة على النفط، وفرصة البقاء في الشرق الأوسط إلى أجل غير محدود.
استراتيجية “شريرة”؟ أجل، لكنها واقعية. لكن، ورغم الشر المحتمل الكامن في التوجهات الأميركية الجديدة، إلا أن هذه الأخيرة تتضمن اعتراف واشنطن بأن الشرق الأوسط على وشك الدخول في مرحلة انقلابات استراتيجية بعيدة المدى تطاول بنية النظام الإقليمي برمته. والواقع ان هذه الانقلابات تحدث أمام أعيننا مباشرة الآن في هذا النظام عبر دخول تركيا بقوة على خطه. ثم أنه قد يتجسّد أكثر في وقت لاحق في دولة محورية أخرى في المنطقة هي مصر.
لنبدأ مع تركيا.

سأفتح نوافذي لكل رياح العالم شرط ألا تقتلعني من جذوري
  رد مع اقتباس
قديم 06/11/2009   #2
شب و شيخ الشباب sheldi
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ sheldi
sheldi is offline
 
نورنا ب:
Apr 2008
مشاركات:
281

افتراضي m


مقاربات
ثمة ثلاث مقاربات لتفسير التحوّلات التركية الجذرية في الشرق الأوسط. الأولى تركية، تضع هذه التطورات الهامة في إطار ما يُسميه وزير الخارجية التركي داود أوغلو نهج “العمق الاستراتيجي” الجديد، الذي يتطلب من بلاد الأناضول العمل على ضمان أمنها القومي من خلال ممارسة النفوذ واستخدام “القوة اللينة” في بيئتها الإقليمية، ولعب دور مؤثّر في الساحة الدولية. يقول داود اوغلو: “ تركيا كلاعب دولي كان يُنظر إليها سابقاً على أن لديها عضلات قوية، ومعدة ضعيفة، ومشاكل في القلب، وقوة دماغ متوسطة. بكلمات أخرى، هي جيش قوي واقتصاد ضعيف، وتفتقد الثقة بالنفس وليست جيدة في التفكير الاستراتيجي. أما الآن، فتركيا موجودة في مستويات عدة من السياسات الدولية وتوّسطت في العديد من النزاعات في البلقان والشرق الاوسط والقوقاز، فحوّلت بذلك أعداء سابقين كروسيا وسوريا إلى حلفاء حميمين”.
وهناك مقاربة الصقور الإسرائيليين الذين يعتبرون التقارب التركي مع سوريا والعراق بمثابة انقلاب كامل على التحالف الاستراتيجي التاريخي التركي – الإسرائيلي، ويربطون بين استبعاد تركيا لإسرائيل من مناورات “نسر الأناضول” الجوية الأطلسية وبين الاتفاقات الاستراتيجية التركية مع سوريا والعراق وخطوة إجراء مناورات عسكرية سورية – تركية على مرمى حجر من العمق الإسرائيلي. كما يتوقفون، كدليل على النزعة الانقلابية، أمام البيانات المتلاحقة لأردوغان، التي أعلن فيها غداة حرب غزة أن “الله سيعاقب إسرائيل على أعمالها بعد أن حوّلت القطاع إلى معسكر اعتقال دموي”، ثم بعد المشادة الكبرى التي حدثت بينه وبين الرئيس الإسرائيلي بيريز في مؤتمر منتدى دافوس والتي خاطب خلالها الأخير بقوله:” أنتم تعرفون تماماً كيف تَقتُلون”.
ويرى الصقور الإسرائيليون، ومعهم المحافظون الاميركيون اليمينيون كما الجدد، أن مواقف تركيا الأردوغانية نابعة أساساً من المنظور الإسلامي الذي تُطل من خلاله على العالم، وهو بالضرورة منظور معادٍ للغرب وعلى رأسه إسرائيل. ولذا، يدعون إلى فتح النار على تركيا وعلى كل الجبهات، خصوصا منها جبهات الكونغرس وهيئات الضغط الكبرى المالية والسياسية الأخرى في الولايات المتحدة.
ثم هناك أخيراً مقاربة إدارة أوباما التي تبدو مطمئنة إلى ان تركيا لن تذهب بعيداً في توجهاتها الاستقلالية الحالية، وأنها محكومة بحتمية التحالف مع واشنطن بسبب اعتمادها الكلي على التسليح الأميركي، وعلى دعم الولايات المتحدة لجهودها الهادفة إلى الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وأيضاً لأن أميركا هي بطاقة تأمين دائمة لها ضد الدب الروسي في حال أراد مواصلة ما انقطع من طموحاته الجيو- استراتيجية.
هل ثمة قاسم مشترك ما بين هذه المقاربات الثلاث؟
أجل. فهي كلها تتفق على أن هناك بالفعل “تركيا جديدة” في الشرق الأوسط القديم، وبأنه (كما أقرَّ إيهود باراك) لم يعد ثمة مفرّ من الاعتراف بها كلاعب إقليمي كبير في المنطقة. ورغم ان ذلك لن يعني بأي حال احتمال انتقال أنقرة إلى المعسكر المعادي للغرب كما الأمر مع إيران (ولا حتى إلى المعسكر المعادي لوجود إسرائيل)، إلا أن المضاعفات السلبية على الدور الإسرائيلي في النظام الشرق الأوسطي ستكون كبيرة بالفعل، وربما تاريخية أيضاً.
بالطبع، لا أحد على وشك القول بأن العلاقات التركية- الإسرائيلية ستصل إلى مرحلة القطيعة العدائية، كما حدث مع إيران غداة انتقالها من عرش الشاه الطاووسي إلى عمامات آيات الله السوداء.
صحيح أن نقاط الافتراق بين الطرفين عديدة، في مقدمها قضية الشعب الفلسطيني التي يعتبرها الإسلاميون الأتراك مُقدّسة والتي يجلّها حتى العلمانيون الأتاتوركيون لأن الفلسطينيين، في رأيهم، لم “يخونوا” الاتراك العثمانيين في الحرب العالمية الأولى. لكن الصحيح أيضاً ان تركيا وإسرائيل بلورتا على مدى ستة عقود مصالح مشتركة واسعة النطاق وعلى المستويات كافة. فطوال حقبة الحرب الباردة، وجد الطرفان نفسيهما في زورق واحد: فتركيا الكمالية كانت عضواً في حلف الأطلسي وإسرائيل الصهيونية كانت حاملة طائرات أميركية ثابتة في شرق البحر المتوسط. وكلتاهما خاضتا مجابهات ساخنة مع حركة التحرر العربية الناصرية. ثم أن كلتيهما طورتا تعاوناً ما لبث ان تحوّل إلى تحالف استراتيجي غداة توقيع الاتفاق العسكري بينهما في العام 1996، والذي نص على حق الطرفين في نشر قواته الجوية والبرية والبحرية في مناطق الطرف الآخر، وفي استخدام موانئه البحرية والجوية وقواعده البرية.
لكن منذ ذلك الحين طرأ تطوران. الأول، الانقلاب الذي حدث في البيئة الدولية ومع انهيار الاتحاد السوفياتي، ومع امتلاك العديد من القوى الإقليمية في الشرق الأوسط أسلحة الدمار الشامل، ما أثار الشكوك في أنقرة حول فعالية حلف الأطلسي في الدفاع عن أمنها القومي. علاوة على ذلك، شهدت حقبة التسعينيات تحوّلات كبرى أخرى في موقع تركيا الجيو- استراتيجي في مثلث الشرق الأوسط- القوقاز- البلقان، فرض عليها بدء الخروج من عزلتها التاريخية المديدة. والثاني، صعود الإسلام السياسي التركي إلى السلطة. ورغم أن هذه الطبعة من الإسلام ليبرالية القسمات، و”ودودة” مع الغرب، ولا تجهر برفض وجود إسرائيل، إلا أنها غير متحمسة البتة للنوم في سرير واحد مع الدولة العبرية.
بيد ان العامل الأهم الذي يجب التوقف عنده ملياً هو بدء وضع توجّه العمق الاستراتيجي” التركي (الذي أشرنا إليه) موضع التطبيق. إذ رغم أن رغبة تركيا الأردوغانية في استعادة النفوذ العثماني السابق عبر القوة المخملية أو اللينّة لا تتضمن إزالة إسرائيل من الوجود، إلا أن إسرائيل لا يمكن أن تشعر بالارتياح لهذا الدور التركي الجديد.
لماذا؟ لأنها كانت في العقود السابقة، ولاتزال الآن، تحتاج إلى تركيا، أو بتحديد أدق إلى الفضاء التركي. فهي تمتلك أسلحة نووية وقريباً سيكتمل بناء درعها الصاروخية. لكن وبسبب صغر حجمها الجغرافي، وكثافة سكانها، وتمركز تسهيلاتها العسكرية، فإن اختراق صاروخ واحد يحمل أسلحة كيميائية أو بيولوجية لأجوائها سيكون كافياً لإلحاق دمار شامل بها. ولذا فهي في حاجة إلى استخدام العمق الاستراتيجي التركي للدفاع عن نفسها صاروخياً. ثم هناك سبب آخر: بما أن إسرائيل هي الآن القوة المهيمنة في الشرق الاوسط، فأي دور جديد لتركيا فيها سيأكل حتماً من دورها. وهذا ما قد يُسبب العديد من نوبات المغص في المعدة الإسرائيلية.
والخلاصة؟ إنها واضحة: القطاران التركي والإسرائيلي سيسيران من الآن فصاعداً في خطين متعارضين. قد لا يصطدمان، لكن مجرد مرورهما الى جانب بعضهما بعضاً، سيطلق الكثير من الحرارة الشديدة والضغط المرتفع والضجيج الصاخب.
  رد مع اقتباس
قديم 06/11/2009   #3
شب و شيخ الشباب sheldi
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ sheldi
sheldi is offline
 
نورنا ب:
Apr 2008
مشاركات:
281

افتراضي m


ضربة قوية
هذا عن تركيا. أما بالنسبة إلى مصر فالصورة تبدو أكثر تعقيداً لسببين:
الأول، ان بلاد الكنانة لا تستطيع أن تبقى مجمدة إقليمياً كما كانت منذ توقيع اتفاقات أوسلو في العام 1979، فيما هي تشاهد تركيا وإيران تتنافسان لاحتلال مواقع قيادية في عقر دارها العربي. وقد كان لافتاً هنا ألا يستبعد بول سالم، مدير مركز كارنيغي للشرق الاوسط، أن تُقدم مصر على الانسحاب من عملية السلام مع إسرائيل، ليس فقط بسبب رفض هذه الأخيرة حل المسألة الفلسطينية والتخندق بدلاًَ من ذلك في “ذهنية القلعة” (على حد تعبيره)، بل أيضاً لان تركيا بالتحديد تكاد تصبح الناطق الرسمي باسم القضية الفلسطينية، الأمر الذي قد يسدد ضربة قوية وتاريخية للدور المصري المركزي في المنطقة العربية. والسبب الثاني أن هذه الانقلابات الإقليمية تتساوق مع ازمات داخلية عاصفة تمر بها مصر هذه الأيام.
الرئيس المصري مبارك نفى باستمرار انه يّعد نجله جمال، وهو مصرفي سابق ويشغل حالياً منصباً سياسياً حساساً ورفيعاً في الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم، لخلافته. لكن جمالاً كان القوة المحرّكة للإصلاحات الليبرالية الاقتصادية خلال السنوات الخمس الماضية، ويلعب دوراً متعاظماً في تشكيل السياسات المحلية. والتكهنات حول مسألة الخلافة عادت إلى السطح خلال الأشهر الأخيرة وسط تكهنات بأن ثمة خططاً لحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة جديدة، وفي خضم حملات كثيفة شنّتها السلطة لاعتقال أعداد كبيرة من الاخوان المسلمين. وقد استنتج البعض من ذلك أن النظام ربما بدأ بتحضير الاجواء لمرحلة انتقال سلسة للسلطة إلى حضن جمال مبارك، عبر التخلّص من البرلمان الذي يسيطر على خُمس مقاعده الاخوان المسلمون. ويقول محمد حبيب، نائب مرشد الأخوان المسلمين،: “ لاحظنا التحرك السريع للأحداث. فكلما كان ثمة شيء مثل الانتخابات، يعمد النظام إلى محاولة وقف أي نشاط سياسي أو اجتماعي. إنه يسُكت أصوات المعارضين كي يمرر ما يريد بهدوء ومن دون نقاش”.
لكن، حتى لو استمر تأجيل مسألة الخلافة مجدداً في الانتخابات الرئاسية في العام 2011 وترشّح مبارك لولاية جديدة، فإن السؤال حول من سيخلفه وما إذا كان الخليفة هو جمال مبارك سيطفو مجدداً على السطح ليلقي ظلالاً كثيفة على الأوضاع الراهنة في مصر وعلى احتمالات تقدمها نحو ديمقراطية حقيقية.
في المرحلة الراهنة، لا يرى المصريون أي خليفة غير جمال مبارك في المشهد السياسي، خصوصا وأن صعوده في الحزب الحاكم والاهتمام الكبير الذي تعطيه أجهزة الإعلام المصرية لنشاطاته، يوحي بأن ثمة محاولة داخل النخب الحاكمة لبلورة إجماع حوله كرئيس.
لكن، حتى إذا ما كان العديدون في مصر وخارجها يرون في فكرة الوراثة أمراً صادماً أو مستغرباً، إلا أن المحللين يقولون إن هذا التطور قد لا يثير مقاومة مدنية واسعة أو غضباً متفجراً في الداخل. فالمصريون أصلاً لم يكونوا يختارون قادتهم، وهم يفهمون أنه رغم وجود مظاهر رسمية لديمقراطية برلمانية، إلا أن القرار الحاسم يُتخذ في داخل المؤسسة الحاكمة، وأن أفضل ما يمكنهم الحصول عليه هو طلب موافقتهم عبر انتخابات شكلية.
بالطبع، التوقّع أنه إذا تقرر أن يصبح جمال مبارك رئيساً، فهذا يجب أن يتم بعد انتخابات يترشح فيها باسم الحزب الحاكم. وبموجب الدستور، يجب ان يأتي منافسوه من أحزاب المعارضة الشرعية التي لا يملك أي منها أي شعبية واسعة، بسبب القيود المستمرة منذ عقود على جهودهم للتواصل مع الناخبين وتجديد أحزابهم داخلياً. كذلك، سيكون من الصعب للغاية على أي مستقل مرتبط بالأخوان المسلمين أن يترشح بسبب الشروط القاسية التي يضعها دستور 2005.
لكن إذا لم يكن جمال مبارك هو الرئيس الجديد، فمن سيكون؟
يعتقد المحللون (“فاينانشال تايمز”) أنه سيأتي حتماً من داخل الجيش او أجهزة الامن أو الحزب الحاكم. بيد ان المسألة الحقيقية (يضيف المحللون) لا تكمن في ما إذا كان المصريون سيقبلون جمال مبارك رئيساً ام لا، بل ما إذا كان سيكون مقبولاً من المؤسسة العسكرية التي جاء من صفوفها كل الرؤساء منذ العام 1952 . وهذا أمر لايزال في عالم الغيب، لأن الجيش لا يفصح عن آرائه حيال الامور السياسية علناً. لكن البعض يعتقد ان المنافس الأكثر احتمالاً لجمال مبارك على الرئاسة هو اللواء عمر سليمان، مدير المخابرات الذي يعمل كرجل المهمات الصعبة في قصر الرئاسة، على غرار العلاقات مع إسرائيل والمصالحة الفلسطينية- الفلسطينية. صحيح أن سليمان لم يقل مرة أنه يسعى إلى منصب الرئاسة، إلا أنه إذا لم يحاول مبارك خلال حياته فرض نجله عبر أي نوع من العمليات الجراحية ، فلا يستبعد أن يصبح عمر سليمان رئيساً.
أين واشنطن؟
أين واشنطن من كل هذه التمخضات الخطيرة المصرية؟
إنها حتماً لا تقف فوق السور المُطل على القاهرة لتتفرج على الأحداث، بل هي تتحرك على كل الجبهات وتضع كل السيناريوات التي ستضمن مصالحها العليا في أكبر دولة عربية. وهذا ليس بالأمر المستغرب أو المفاجئ. فمنذ العام 1979 تحولّت مصر إلى الركيزة الرئيس للهيمنة الاميركية على الشرق الأوسط. وأي تغيير جذري فيها يغيّر هذا الواقع، قد يحيل هذه الهيمنة إلى ركام وأشلاء.
أخيراً، نشر “مجلس الأمن القومي” الأميركي (الذي يقال، وعن حق، أنه مركز الأبحاث الذي “يختار” من سيكون رئيس أميركا، وبالطبع غالبية قادة العالم) تحليلاً أورد فيه السيناريوات الآتية لمسألة الخلافة المصرية:
مصر حليف صعب لكن حاسم للولايات المتحدة، وهي جنباً إلى جنب مع السعودية والأردن والمغرب ودول الخليج الصغيرة، ساعدت على خلق نظام إقليمي يجعل من غير المكلف نسبياً للولايات المتحدة ممارسة قوتها، وبالتالي فإن اللااستقرار الحاد في مصر سيضر كثيرا بالمصالح الأميركية، خصوصا وأن مصر تمر الآن في مرحلة انتقالية سياسية، فالرئيس مبارك ناهز الحادية والثمانين ويعاني من مشاكل صحية متعددة. ومن الواضح ان نجله جمال يُعد لخلافته، لكن ليس من الواضح بعد متى. والأهم ان عملية الوراثة قد تثبت انها صعبة، إذ بدأت من الآن الأجنحة المختلفة في داخل النظام وخارجه تناور لتحسين فرصها بعد مغادرة مبارك المشهد. وكل هذا يجري وسط تدهور في الأوضاع الاقتصادية والبيئية والاجتماعية في مصر، التي فاقمت منها الأزمة الاقتصادية العالمية.
ثمة سيناريوهان يمكن بموجبهما للجيش المصري أن يتدخل في عملية الانتخابات الرئاسية. الأول، أن تؤدي الإجراءات الدستورية إلى وصول جمال مبارك او شخص آخر إلى الحكم، لكنه يفشل في ممارسة السلطة بحكمة، الأمر الذي يؤدي إلى تدهور الأوضاع. وحينها قد تتحرك أجهزة الامن الداخلي بقيادة وزارة الداخلية لإحكام سيطرتها بهدف منع حدوث المزيد من اللااستقرار. وفي حال فشلت الوزارة في ذلك، يُجبر الجيش على التدخل.
السيناريو الثاني هو ان يقوم الجيش بانقلاب قصر، إذا ما رأى ان انتخاب جمال مبارك أو أي شخص آخر يهدد العلاقات الدقيقة بينه وبين الرئاسة. وبالطبع، أي اضطرابات شعبية وسياسية واسعة تثير الشكوك بشرعية الرئيس الجديد، ستكون مبرراً ممتازاً لانقلاب القصر هذا، أما مؤشراته الرئيس فستكون اندلاع اضطرابات شعبية واسعة او تلكؤ المؤسسة العسكرية في إعلان دعمها للرئيس الجديد.
صحيح ان سيطرة الجيش على السلطة ستؤثر في المصالح الاميركية في مجالي حقوق الإنسان والديمقراطية، إلا أن هذا التدخل في خاتمة المطاف لن يكون ضربة كارثية لهذه المصالح في المنطقة، خصوصا وأن واشنطن لها خبرة مديدة مع الانقلابات العسكرية وستتأقلم بسهولة نسبياً مع الانقلاب الجديد المحتمل.
3- الخيارات الأميركية لمنع أزمة خلافة في مصر تعتمد على الأهداف الاميركية الأوسع. فإذا ما اعتقد المسؤولون الاميركيون أن من شأن سياسة تستند إلى الاستقرار السلطوي” هي أفضل وسيلة لضمان المصالح الأميركية في مصر والمنطقة العربية، فإن مقاربة واشنطن حينها لمنع ازمة الخلافة هي إبقاء النظام السياسي الراهن الذي يضمن استمرارية حقبة حسني مبارك في عهد خلفه.
أما إذا ما قررت المؤسسة العسكرية المصرية تعيين مرشحها لقمع الاضطرابات الداخلية، فلن يتوافر لواشنطن خيارات كثيرة، وسيكون عليها التأقلم مع هذا التدخل العسكري.
4-سيناريو سيطرة الإسلاميين على السلطة احتمال بعيد جداً. ورغم أن إسلاميي مصر لينّوا خطابهم وباتوا يتحدثون بلغة إصلاحية، إلا أن اندفاعهم إلى السلطة لن يخدم المصالح الاميركية. ومن المهم الملاحظة هنا أنه، وعلى عكس التدخل العسكري الذي قد تقبله الولايات المتحدة وربما تحبه أيضاً، فإن استيلاء الإسلاميين على مصر ستكون له مضاعفات كارثية على المصالح الاميركية في الشرق الاوسط. فالإسلاميون يعارضون كل مجالات السياسة الأميركية في الشرق الأوسط، وأي اضطراب يثيره الإسلاميون سيحد إلى حد كبير من قدرة النظام المصري على التعاون مع الولايات المتحدة. أما إذا ما قلب الإسلاميون النظام، فستشعر كل المنطقة بمضاعفاتها الكبرى، وستخسر الولايات المتحدة مدخلها إلى قناة السويس، وسيلغي قادة مصر الجدد معاهدة السلام مع إسرائيل، وسيشعل الإسلاميون النيران في كل المنطقة. ولذا، فقد “تنصح” الولايات المتحدة كبار الضباط المصريين الإمساك بزمام الأمور لمنع استيلاء الإسلاميين على السلطة. قد تكون المحصلة دموية، لكن التدخل العسكري سيحفظ النظام المصري الذي يعتبر حاسماً للغاية بالنسبة إلى المصالح الأميركية في الشرق الأوسط.
هل وصلت رسالة “مجلس العلاقات الخارجية”؟
يفترض ذلك، فأميركا لن تسمح بتغيير النظام في مصر، حتى ولو غرقت هذه الأخيرة في بحر من الدماء. لكن الآن ومع الانحسار الكبير للنفوذ الأميركي في الشرق الأوسط، قد لا يكون في وسع واشنطن الإمساك بمقاليد الأمور تماماً في مصر، خصوصا إذا ما شعر أي خليفة لمبارك بأن مصلحة الأمن القومي المصري باتت تتطلب وضع مسافة عن العلاقات مع إسرائيل (وأميركا) أو حتى الانسحاب من عملية السلام معها، لتمكين مصر من منافسة تركيا وإيران على النفوذ في المنطقة العربية.
كما هو واضح، المشهد الشرق الأوسطي، من القاهرة إلى اسطنبول ومن طهران إلى تل أبيب، يبدو في غاية التعقيد وربما الخطورة أيضاً. وهي خطورة ستتفاقم كل يوم، إذا ما تأكدت القوى الإقليمية المعنية بأن واشنطن ليست مصابة هذه الأيام بمجرد زكام عابر، بل بأنفلونزا خنازير عاتية!
سعد محيو
  رد مع اقتباس
قديم 01/12/2009   #4
شب و شيخ الشباب BL@CK
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ BL@CK
BL@CK is offline
 
نورنا ب:
Apr 2007
المطرح:
Aleppo-Syria
مشاركات:
4,345

افتراضي


من المنبر ..

ويحَ زمَنٍ أصبَحَ فيهِ عاشِقُ الوطَنِ يُهان ..

ويُشطَبُ مِن ذاكرةِ عشقِهِ ..

ومِن قائِمَةِ بني الإنسان !!



.
  رد مع اقتباس
إضافة موضوع جديد  إضافة رد



ضوابط المشاركة
لافيك تكتب موضوع جديد
لافيك تكتب مشاركات
لافيك تضيف مرفقات
لا فيك تعدل مشاركاتك

وسوم vB : حرك
شيفرة [IMG] : حرك
شيفرة HTML : بليد
طير و علّي


الساعة بإيدك هلق يا سيدي 15:39 (بحسب عمك غرينتش الكبير +3)


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2015, Jelsoft Enterprises Ltd.
ما بخفيك.. في قسم لا بأس به من الحقوق محفوظة، بس كمان من شان الحق والباطل في جزء مالنا علاقة فيه ولا محفوظ ولا من يحزنون
Page generated in 0.08278 seconds with 11 queries