س و ج | قائمة الأعضاء | الروزناما | العاب و تسالي | بحبشة و نكوشة | مواضيع اليوم | أشرلي عالشغلات يلي قريانينها |
|
أدوات الموضوع |
05/02/2009 | #1 | ||||||
مشرف
|
أسبوع وكاتب - 3
اللي متابعين بالمكتبة بيتذكرو موضوع أسبوع وكاتب اللي كانت فكرتو .. أنو كل اسبوع أحد الأعضاء بيعرفنا على أحد الكتاب المفضلين عندو ..
عابرييل غارسيا ماركيز أمين معلوف سعد الله ونوس غادة السمان مي زيادة فراس السواح محمد شكري شكسبير جبران خليل جبران غسان كنفاني عبد الرحمن منيف غيورغي فاسيلييف توفيق الحكيم لمى خاطر
كوليت خوري باولو كويللو محمود درويش ليو تولستوي الطيب صالح إحسان عبد القدوس بدر شاكر السياب تشارلز ديكنز توفيق زياد المتنبي رح نبدا هلق الموسم التالت من الموضوع .. بتمنى من اللي حابب يحكي عن كاتب معين يراسل achelious, بخصوص الكاتب مشان ننسق دور ... *ملاحظة .. رح نترك مهلة اربع ايام بين الكاتب واللي كاتب مشان الناس تلحق تقرا معنا ..
انك " فقير إلى الآخر " كما هو فقير إليك " وأنك محتاج إلى الآخر ، كما هو محتاج إليك
الأب جورج
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
|
||||||
05/02/2009 | #2 | ||||||
مشرف
|
رح أبدا الأسبوع الأول بالحديث عن شاعر وروائي ومسرحي .. سوري ممدوح عدوان |
||||||
05/02/2009 | #3 | ||||||
مشرف
|
على غير جرح معتق، يتقلب هذا الشاعر العربي السوري، المولود في عز الحرب عام 1941 في قيرون (مصياف)، تلقى تعليمه في مصياف، وتخرج في جامعة دمشق حاملاً الإجازة في اللغة الانكليزية، عمل في الصحافة الأدبية، وبث له التلفزيون العربي السوري عدداً من المسلسلات والسهرات التلفزيونية ويخرج من العربية الأم ولسان كتاباته إلى الأدب الإنكليزي دارساً ومدرساً فيجول في كل أمصار الثقافة وأصقاع الشعر والصحافة والإعلام والمسرح والتعريب (الترجمة) وعلى غرار كل الحالمين الكبار، الموسوعيين الظامئين إلى الكل، بعد هذا اللاشيء الذي استغفلنا منذ سقوط بغداد سنة 1258 حتى سقوط القدس سنة 1948. نقل إلى العربية "سد هارتا" لهيرمان هسة، ومذكرات كازنتزاكي 81-1982، وفي الرواية ابتكر واحدة سنة 1970، موسومة بعنوان مفرد "الأبتر". وأطول من التعريب كانت رحلته في الكتابة للمسرح العربي الناشيء من فراغ النصوص إلى تجاوب النفوس مع المحكي والتمثيل وفي هذا المضمار امتدت رحلة ممدوح عدوان ما بين 1967 "المخاض" و 1971 "زنوبيا تندحر غداً" دون أن ننسى ما بين هذين الموعدين "تلويحة الأيدي المتعبة" و "محاكمة الرجل الذي لم يحارب" (1970)، و "ليل العبيد" (1977) وأخيراً "هاملت يستيقظ متأخراً" 1979. إلا أن الشهرة قدمته شاعراً حفياً، متأنقاً بجراحه متألقاً بالهموم القومية والإنسانية التي تراوده ويراودها. عضواً في اتحاد الكتاب العرب منبرياً في مهرجانات الشعر كأنه فارس جديد من فرسان الصولات الشعرية العربية القديمة. وتبدو محطات المخاض عند ممدوح عدوان ذات منطلق مشترك هو بكل أسف واعتبار، منطلق انكسار 1967، فليس مصادفة إذا أن ينشر في ذلك العام مسرحية "المخاض" ومجموعة شعر "الظل الأخضر"، ثم ينهمر هادراً صاعقاً ثابتاً في استنفاره صابراً في مواقعه بل في متاريس ممانعته ومراهناته على الآتي الأجمل. سنة 1967، أطلق ممدوح عدوان سهام الشعر والمسرح من جعبة واحدة: "القلب العربي، المنكسر، المقاوم، الممانع والباحث عن ولادة أخرى". بعد "الظل الأخضر" الذي يمحو بالكلمات الحلوة المحمسة آثار العدوان الإسرائيلي على الأرض والشعب ينطلق ممدوح عدوان متفائلا واثقا من عروبة أو أمة لا تقهر، لا انهزمت آنا بعد آن. سنة 1974، بعدما أدت الحروب المتتالية 56، 67، 1973، إلى انقلاب في النفسية القتالية العربية، وضع الشاعر مجموعته الثانية "الدماء تدق النوافذ" و "أقبل الزمن المستحيل". سنة 1977 يذهب إلى بيان شعري رفيع "أمي تطارد قاتلها" و "يألفونك فانفر" ويندر أن نجد شاعراً سواه، ينشر في العام الواحد مجموعتين من الشعر، ومسرحية، وكأنه بحر يفيض بذاته على حبر جمره وعمره. سنة 1980 يتقدم من العام إلى الخاص، ومن حدود القضايا العربية القومية إلى لب القضية الفلسطينية "لو كنت فلسطينياً" معلنا رغبته في هوية المظلوم وفي الانتماء أو الاستناد لمقاومته المتمادية بالأجساد والأشجار وبالرصاص والحجارة. ويستحضر في الزمن المستحيل تلك الصور الإمبراطورية القديمة التي تدعي أن "كل الدروب تؤدي إلى روما" ليعلن سنة 1990 "لا دروب إلى روما". سنة 1999 فاجأنا الشاعر المقاوم ممدوح عدوان بقصيدته الجديدة الأخيرة بعنوان "طيران نحو الجنون" "الصادرة عن شركة رياض نجيب الريس - بيروت". عضو جمعية الشعر نقلا ً - عن موقع القصة السورية |
||||||
05/02/2009 | #4 | ||||||
مشرف
|
المؤلفات: المسرح: 1- المخاض- مسرحية شعرية- مطبعة الجمهورية. 2- محاكمة الرجل الذي لم يحارب. 3- كيف تركت السيف. 4- ليل العبيد. 5- هملت يستيقظ متأخراً. 6- الوحوش لا تغني. 7- حال الدنيا- مونودراما. 8- الخدامة. 9- لو كنت فلسطينياً. 10- اللمبة- مسرحية خاصة بالمعوقين جسدياً. 11- زيارة الملكة. 12- الزبال- مونودراما. 13- القيامة- مونودراما. 14- أكلة لحوم البشر- مونودراما. 15- الميراث. 16- حكايات الملوك. 17- القبض على طريف الحادي. 18- حكي السرايا وحكي القرايا. 19- القناع. 20- سفر برلك. 21- الغول. 22- ريما. 23- الحمّام. 24- الفارسة والشاعر. 25- ثقافة (عادات) مختلفة. 26- الكلاب (مجموعة مسرحيات قصيرة). الشعر: 1- الظل الأخضر- 1967- وزارة الثقافة- دمشق. 2- تلويحه الأيدي المتعبة- 1969- اتحاد الكتاب العرب- دمشق. 3- الدماء تدق النوافذ- 1974- وزارة الإعلام- بغداد. 4- أقبل الزمن المستحيل- 1974- الدائرة الثقافية- منظمة التحرير الفلسطينية. 5- يألفونك فانفر- 1977- اتحاد الكتاب العرب- دمشق. 6- أمي تطارد قاتلها- 1977- الدائرة الثقافية. 7- لابد من التفاصيل- 1979- دار الكلمة- بيروت. 8- للخوف كل الزمان- 1980- دار العودة- بيروت. (وهذه المجموعات الثماني صدرت عام 1981 في مجلدين عن دار العودة). 9- وهذا أنا أيضاً- 1984- اتحاد الكتاب العرب- دمشق. 10- والليل الذي يسكنني- 1987- دار الأهالي- دمشق. 11- أبداً إلى المنافي- 1990- الدائرة الثقافية. 12- لا دروب إلى روما- 1990- دمشق- طبعة خاصة. 13- أغنية البجع \قصيدتان\- الجزائر- 1997. 14- للريح ذاكرة ولي- الآداب- بيروت- 1997. 15- طيران نحو الجنون- الريس- بيروت- 1998. 16- وعليك تتكئ الحياة- 1999. 17- كتابة الموت- دار هيا- دمشق- 2000. 18- مختارات- وكالة الصحافة العربية- القاهرة- 2000. 19- مختارات طفولات مؤجلة- دار العين- والهيئة العامة للثقافة. 20- مختارات- دار الهيئة العامة للكتاب. 21- حياة متناثرة- دار قدمس- 2004. روايات: 1- الأبتر (رواية)- 1969- الإدارة السياسية (التوجيه المعنوي)- دمشق. 2- أعدائي (رواية)- الريس- بيروت- 2000. الكتابات: 1 – دفاعاً عن الجنون- الطبعة الأولى: 1985. 2 – الزير سالم- 2002. 3 – نحن دون كيشوت- 2002. 4 – تهويد المعرفة- 2002. 5 – حيونة الإنسان- دمشق- 2003. 6 – جنون آخر- دمشق- 2004. 7– هواجس الشعر- 2007. الترجمة: 1- الشاعر في المسرح- رونالد بيكوك- نقد مسرحي- وزارة الثقافة- دمشق. 2- الرحلة إلى الشرق- هيرمن هسة- رواية- ابن رشد- بيروت. 3- دميان- هيرمن هسة- رواية- منارات- عمان. 4- سد هارتا- هيرمن هسة- رواية- منارات- عمان. 5- التعذيب عبر العصور- برناديت ج هروود- بحث- الحوار- اللاذقية. 6- تقرير إلى غريكو- نيكولاس كازانتزاكيس- سيرة ذاتية- ابن رشد- بيروت. 7- خيمة المعجزات (زوربا البرازيلي)- جورج أمادو- رواية- دار العودة- بيروت. 8- عودة البحار- جورج أمادو- رواية- العودة- بيروت. 9- حول الإخراج المسرحي- هارولد كليرمان- بحث مسرحي- دار دمشق- دمشق. 10- الكوميديا الإيطالية- بيير لوي دو شاتر- بحث مسرحي- وزارة الثقافة (المعهد)- دمشق- (الترجمة بالاشتراك مع الشاعر علي كنعان). 11- عاصفة- إيميه سيزار- مسرحية- الثقافة- دمشق. 12- الصبر المتحرق (ساعي البريد)- انطونيو سكارمينا- مسرحية- الثقافة- دمشق. 13- المهابهاراتا- بيتر بروك- مسرحية- الثقافة- دمشق. 14- صلاح الدين وعصره- ب.هـ.نيوباي- بحث تاريخي- الجندي- دمشق. 15- الشيخ والوسام- فرديناند أويونو- رواية أفريقية- منارات- عمان. 16- تاريخ الشيطان- ويليام وودز- الجندي- دمشق. 17- الرقص في دمشق \قصص\- نانسي لينديسفيرن- دار المدى- دمشق. 18- تاريخ التمثيل \توبي كول\- هيلين كريش شينوي. 19- الشعر في نهايات القرن (الصوت الآخر)- أوكتافيو باز- المدى- دمشق- 1998. 20- الأوديسة (عودة أوليس)- ديريك والكوت (نوبل 1992)- مسرحية شعرية- المدى- دمشق- 1998. 21- تلفيق تاريخ إسرائيل التوراتية وطمس التاريخ الفلسطيني- كيث وايتلام- دار قدمس- دمشق- 2000. 22- جورج أورويل (سيرة حياة)- تأليف برنارد كريك- المجمع الثقافي. 23- الإلياذة- هوميروس- المجمع الثقافي. 24- جورج أورويل- سيرة حياة. 25- زجاج مكسور– آرثر ميلر– مسرحية- وزارة الثقافة السورية. **** كما أنتجت له مجموعة مسلسلات تلفزيونية (أكثر من عشرين مسلسلاً) كان آخرها: "الزير سالم" و"المتنبي". |
||||||
05/02/2009 | #5 | ||||||
مشرف
|
وداع دون رحيل يغيبون عنك لكنني في ظلام شقائك أبقى يقول المحاذر فيهم كلاماً قليلا يقوم المغادر منهم وداعاً طويلا يموتون أو يرحلون يقول المسافر: حيث الأمان اشتياق وحيث السموم دواء نلاقي عن الانتحار البطيء بديلا وان لديّ الكلام القليلا وان لديّ الوداع الطويلا لديّ المخاوف والتوق للامن والإرتياح ولكنني أصبر الآن صبر جميلا سأبقى وتبقى وكل على نده صار عبئاً ثقيلا يغيبون عنك يلقون أمتعة سرقوها ويلقون ذرية أنجبوها ويمضون عنك خفاقاً وأرزح وحدي لأني أحمل حملاً ثقيلا وأحمل جسماً هزيلا يخافون .. يمضون من يتحمل هذا الجنون؟ ابتسامتك الموت غضبتك الموت سيفك في السرعة الصوت لكنني إذ أخاف.. يقيدني للبقاء عنادي يفرون عنك كما تتجنّب أرض الوباء الرواحلُ ماذا ستفعل بي؟ ولماذا أظل معك؟ ولم يبق ما سوف أخسر ما عاد لي أي عمر أجازف من أجله بالفرار ولم تبق أرض أجازف من أجلها بالبذار ولم يبق صوت لأملأ هذا الظلام عويلا ولكنني سوف أبقى لعلّ الذي بيننا السحر والحرب إنا بدأنا الطريق عدوين وأنت تراخيت في حلم أن تراني قتيلا أو ترانيَ بعد العناد أطأطئ كي أتبعك وأنا حامل من طموح المجناني رؤيا بأني سأشهد لو حلماً مصرعك ____________ من ديوان: للخوف كل الزمان |
||||||
05/02/2009 | #6 | ||||||
مشرف
|
الفن الميت هو فن موتى، يكتبه موتى ويتلّقاه موتى حاوره سعيد البرغوثي دار كنعان للدراسات وللنشر * تعمّد الغموض في الشعر.. كتعمّد الوطنية.. وتعمّد البذاءة ** في أعمالي أبحث عن الصلة غير المرئية في النفس البشرية. يقول مظفر النواب: »قليل من الناس من يترك في كل شيءٍ مذاقاً«.. وممدوح عدوان واحد من هذا القليل فهو الشاعر والكاتب المسرحي، والكاتب الدرامي والصحفي.. والمترجم.. والمثقف الصاخب، الحاضر دائماً بحيوية يُحسد عليها وفي كل هذا وذاك هو ممدوح – الإنسان الذي يترك نكهته بكل ما تلمسه أصابعه، وبغض النظر عمّن يقف إلى جانبه أو ينتقده، فالكل يسلّم له هذا الحضور الإبداعي والثقافي المشّع الذي امتلأ عبر السنين ألواناً وتنوّعاً، وخبرةً، وعمقاً، حتى بات واحداً من أعلام المشهد الثقافي السوري. في هذا الحوار يلقي عدوان الأضواء على خلفية هذا التنوّع – الهاجس الذي لم يُشبع نهمه بعد إنجاز ستين كتاباً، لكأنه يريد أيضاً أن يطير ويرقص ويغني ويمثّل بجسده وروحه كي يعبّر عن هذا التوق الجارف للتعبير بكل الوسائل الممكنة وغير الممكنة. * لنبدأ من الماضي، ونتكلم قليلاً عن المكان.. عن الطفولة.. عن البدايات؟! وعن منابع »الوحشة« في أعمالك الأخيرة؟ ** حين تكون فتياً، تتوهم أنك تصنع نفسك، وأنك تبني هذا الكيان، الذي هو أنت، عبر جهدك الخاص، بالقراءة والكتابة والمتابعة والتجربة. بعد أن تهدأ الفورة. ويخلد الإنسان قليلاً إلى نفسه، يكتشف داخلها مكوّنات قد تجاهلها، وكلها من مؤثرات الماضي. من الأب والقرية، والطفولة، وأيضاً من الفلكلور والتراث.. مجموعة أشياء مترسبة في النفس هي التي تعطيك خصوصيتك، دون أن تدري. كل واحد من أبناء جيلنا يتذكر تلك القرية، وذلك الزقاق، أو ذلك الجبل وتلك الشجرة، ويسبح في ذلك الماء الوسخ، الآسن، الذي كان يعتبره بحراً. لقد كنا نعيش مع الطبيعة كجزء منها، الفاجعة الآن هي اكتشافنا أننا في اللامكان لأن المكان أُلغي ولم يعد له حضور إلاّ في الذاكرة، هذا الكلام ينطبق على طفولتي في قريتي، وقد ينطبق على فلسطيني يحلم بفلسطين، هذا الفلسطيني حتى لو عاد إلى فلسطين، فسوف يرى فلسطين أخرى غير التي حلم بها، وبالتالي هو يحلم بشيءٍ لم يعد موجوداً، لأنه بمعنى ما، يريد أن يعود لكي يعيش الحلم، وكأنه يريد العودة إلى رحم أمه، وهذا مستحيل. أعتقد أن أحد أسرار، أسْر الرحابنة لنا، هو تمسكّهم بهذا الماضي، وكأنه موجود فعلاً، فهم غنّوا للقرية عبر وهم أننا في القرية، ولكن في الواقع، لا القرية موجودة، ولا طفولتنا موجودة. أما »الوحشة« التي أتيت على ذكرها، ربما ناجمة عن إحساسٍ بالخواء، فأنا الآن، في عمرٍ بدأت أحسُّ معه أن المستقبل مغلق، والماضي الذي اكتشفت أنه كونّني، باقٍ فيّ كندوب، وكلُّ ما أحنُّ إليه لم يعد موجوداً، وحتى ما هو موجود، مثل الأب الذي أخاطبه في ديواني الأخير: »وعليك تتكئ الحياة«، أتمنى أن يموت، وهو محتفظٌ بكرامته، لأنني لا أريد له أن يُذّل، كما هو حاصل معنا، فنحن نخشى أن يمضي الحال بنا نحو الأسوأ. * تذكّرني بمطلع قصيدة لسلمى الخضراء الجيوسي، تقول فيها عند زيارتها لمدينتها صفد: »غريبة أنا يا صفد وأنت غريبة..« ** لا شك أن سلمى تعبّر عن شعور شخصي، إنما تجاه قضية عامة. ذات يوم، عندما جاء محمود درويش إلى دمشق وأجرى معه التلفزيون السوري مقابلة – كنت أتمنى يومها أن أجري هذه المقابلة – لكن حال دون ذلك بيروقراطية تافهة، ولو أجريت المقابلة، كان بودي أن أبدأ الحوار معه بالسؤال التالي: »أحن إلى خبز أمي، وقهوة أمي«، عندما رجعت يا محمود إلى هناك، هل وجدت أمك؟! (حتى لو لم تمت) هل وجدتها؟! وكذلك هل شممت هناك، رائحة قهوتها، أم كنت تحمل ذلك في الذاكرة فقط؟ كل الأصدقاء الفلسطينيين الذين رجعوا بعد أوسلو (وطبعاً لهم عذرهم في هذا التوق للعودة للوطن) لم يجدوا الحلم الذي كان يسكنهم. * أعتقد أن محمود درويش طرح مثل هذا التساؤل بمعنى ما، لقد تساءل: عندما أعود إلى فلسطين، هل سأجد فلسطين؟ فهل تقصد هذا المعنى؟ ** هو كذلك. إنه موضوع جوهري، ودقيق في النفس الإنسانية، وهو أمر ينطبق على كل البشر سواء كانت قضيتهم سياسية، أم نوستالجيا طفولية، أو حتى عاطفية، كأن تكون عاشقاً لفتاة وتغيب عنها عشر سنوات، تعود وأنت في غاية التوق لرؤيتها، ولكن عندما تراها لن تلقى تلك الفتاة التي غادرتها قبل عشر سنوات، بل ستجد فتاة أخرى، ولذلك فإما أن تتآمر على نفسك، وتقول: هذه هي الفتاة التي أحب، أو ستبدأ بعمل شاق جداً في البحث عن تلك الفتاة داخل هذه المرأة. * التنوّع والغزارة في الكتابة في أكثر من حقل إبداعي (الشعر، المسرح، الدراما.. الصحافة..)، هي من الأمور اللافتة في تجربتك الإبداعية فكيف تجد الوقت والطاقة لمقاربة كل هذه الأشياء؟. ** أعتقد أن هكذا سؤال، يمكن أن يجيب عليه ناقد، ولكن بإمكاني الإجابة عليه بالبساطة التالية: أنا أفعل ما أعتقد أنني أستطيع فعله، وأشعر أن لديّ طاقةً، وتراكماً ثقافياً، وعندي رؤية نقدية (دون أن أكتب النقد) تمكّنني من الكتابة في كل هذه الأشكال الإبداعية. باختصار، رغم كل ما يقال عني، أو أُسأل عنه حول تعدّد الأنشطة التي أقوم بها، فأنا أحسُّ بالفقر في إنتاجي! وأتمنى أن تكون الأنشطة متاحة أكثر لكي أعبر عن نفسي أكثر. لأنني أخشى أن أتعوّد التعبير عن نفسي بطريقة واحدة، وبمنهج واحد، إذ ثمّة ظلال تبقى في النفس لا يمكنك التعبير عنها لأنها لا تصلح لهذا الجنس الفني أو ذاك، لكنها موجودة في داخلك. فأنا عندما أريد أن أكتب، أشعر أن هذا الشيء الذي يعتمل في داخلي لا يصلح إلا كقصيدة، فأكتب الشعر، وحينئذٍ ألغي مِنْ داخلي: المترجم والمسرحي، والصحافي، وأتعامل مع الحالة بوصفي شاعراً، ثم يخطر لي خاطر ما، فأقول: هذا لا يصلح إلاّ مسرحية فأكتبه نصاً مسرحياً، وعند ذلك يصبح عقلي مسرحياً فقط. أظن أن هذا الأمر ممكن وبسيط لإنسان يعتبر الثقافة همّاً وحرفة، ولا يكتب بدافع الهواية فقط. هاجسي أن أتقن ما أفعله، لكن، لا شك أن التعامل مع هذه الفنون كلها قد أغنى تجربتي في كل جنسٍ من أجناسها، فالقصيدة عندما تكون درامية، تكون أكثر قوّة، وأن يكون في المسرحية شعاع شعري، تصبح أكثر قوة وجمالاً، ولا تكون مسطحة بالمعنى الواقعي المباشر، وحتى الزاوية الصحفية، حين تُكتب بحرارة، وروح شعرية تتألق وتختلف عن كل الزوايا الصحفية الأخرى. وهنا أوّد أن أفتعل هجوماً معاكساً وأقول: أنا سعيد بأن لدي وسائل تعبير أتقنها، وأتمنى لو أن لدي وسائل تعبير أخرى أتقنها أيضاً. أتمنى أن أكون راقصاً وموسيقياً.. أو ممثلاً، لكي أعبّر عن نفسي أكثر. أيضاً لديّ إحساس دائم بضيق الوقت، الذي لا يمكن تعويضه، وفي هذا السياق أشعر أنني منفعل كثيراً بكازانتزاكي، وأحس أنه يشبهني كثيراً، أو أنا أشبهه! عندما ترجمت السيرة الذاتية لكازانتزاكي »تقرير إلى غريكو«، لمست هذا التقاطع فهو يقول: »إن إحساسه بالضغط، بمواجهة الأشياء الكثيرة التي يريد أن يكتب عنها كبير جداً، حيث لا يوجد لديه زمن كافٍ لذلك، خاصة وأنه بالوقت نفسه يريد أن يعيش. يقول: بودي أن أنزل للشارع وأشحذ من الناس الذين يهدرون الوقت بلا معنى ربع ساعة من عمر كل منهم، وطبعاً هذا أيضاً غير ممكن.« لديّ إحساس مماثل بأن الوقت ضيق جداً، لأن حجم الأشياء التي نتعامل معها أكبر وأوسع بكثير من الوحدة الزمنية المتاحة لنا، مع ذلك ورغم كل ما أنجزته أحس فعلاً أن هناك أشياء في داخلي لم أعبّر عنها بعد. * انطلاقاً من كون الخطاب المسرحي هو خطاب ثقافي بامتياز، كما الخطاب السينمائي بماذا تفسّر طغيان التلفزيون، وكيف ترى إلى بعث حياة مسرحية وسينمائية تكاد تكون مفتقدة في بلدنا؟. ** هي مفتقدة فعلاً، كم فيلم ينتج سنوياً في سورية؟! الصالات السينمائية بائسة، ولم تتجدّد منذ نصف قرن.. وهذا بسبب عدم الاهتمام بالجمهور الذي يرتاد الصالات، وأيضاً لأن استيراد الأفلام محصور بقنوات ضيّقة، وعقليات رقابية تافهة، في حين يتعذّر علينا رؤية الأفلام التي تغزو العالم، والتي تحصل على جوائز. في النهاية، الجمهور معزول عن رؤية السينما الحقيقية، والمتميزة، إضافة إلى كسل الجمهور المكتفي بمتابعة ما يعرضه التلفزيون. الآن هناك ما أسميه: حصار التفاهة.. عندما تعوِّد مجموعة من الناس على الاستمتاع بالتفاهة، عبر القصة البوليسية أو القصة الجنسية إلخ.. فهذا الأمر يروّض العقول ويعودّها على الاستمتاع والاسترخاء، أمام هذا النوع من الأداء. وبالتالي عندما يأتي أداء أكثر عمقاً يصبح متعباً وعبئاً عليهم، فلا يقبلون عليه.إذن المشكلة ليست بالمسرح أو الشعر، ولا بالشاعر، وإنما بهذا المناخ الذي أفسد الناس. |
||||||
05/02/2009 | #7 | ||||||
مشرف
|
* أنت تكتب دراما تلفزيونية بأكثر من موضوع. هناك فرق شاسع مثلاً بين »دائرة النار« كدراما اجتماعية معاصرة، وعملك الأخير »الزير سالم« كدراما تاريخية.. أو عملك الذي يصور حالياً »المتنبي«.. ما الذي تقدمه هذه الأخيرة للمتلقي.. وهل من تقاطع مع الراهن؟
** شرعت في كتابة الدراما التلفزيونية، وأنا أحس أن هذه الشاشة التي تقتحم البيوت يجب ألا نتركها لعديمي الموهبة ومروجي التفاهة إلخ.. ومن خلال ملاحظتي لما يُطرح هناك أشياء تعجبني.. وأشياء لا تعجبني، وحين أُصدم بما لا يعجبني أقول لنفسي: لو كنت الكاتب لكتبت كذا.. ولأنني قادم إلى الكتابة الدرامية من المسرح والشعر، كان يهمني بطريقة غير مباشرة، وحتى تعليمية أن أقول للكتّاب: »هكذا يجب أن تخدم الشخصية الدرامية«، لكنني بالتأكيد لم أكتب بهدف إعطاء الدروس. أنا كتبت الدراما لأروي قصصاً، وأقدم متعة، كما يفعل الفن، ففي التلفزيون، كما هو الحال في المسرح، وربما كما الحال مع الشعر، كنت أبحث عن الصلة غير المرئية في النفس البشرية. إنسان اليوم الموجود حولنا نراه في الدراما السائدة ضمن نمط واحد؛ فمعظم الأعمال الدرامية تقدّم لنا نمط الشرير أو الخائن.. والخائنة.. إلى الشريفة.. أو المرابي إلخ.. هذه كلها أنماط، وهذا أسوأ ما في الدراما، أنا أردت منذ البداية أن أبيّن كل شخصية كما هي، فكل شخصية قادرة على الدفاع عن سلوكها، حتى اللص، يمكنه أن يبرر، لماذا هو لص، فإذا سُئل أمام المحكمة لماذا سرقت، فسيقول لأني محتاج وجائع، وهكذا فدائماً هناك حجة ما.. لماذا اغتصبت امرأة؟ يقول أنا مكبوت، أو ربما يقول هي كانت متعرية وأغرتني.. فأنا أريد للشخصية أن تقدم حجتها، وهي مقتنعة بها. لقد عودتنا الدراما المصرية والهندية على تقديم الشرير شريراً مطلقاً، والخير خيّراً مطلقاً. برأيي في أعماق كل واحد منا –بما في ذلك أنا- يوجد لص وفدائي، وشريف، وشاعر، ومرابي، لولا ذلك لما استطعت أن أفهم هؤلاء الناس. طبعاً تساعدني الثقافة على فهمهم وفهم نفسي، ومعالجة هذه المسألة تتم في الدراما التلفزيونية، كما في الشعر والمسرح بناءً على هذا الفهم وسواء كان الحدث واقعياً أو تاريخياً، لذلك فأنا لا أرى على الإطلاق أي فرق في معالجتي بين »الزير سالم« و»دائرة النار« وبين »ليل العبيد« و»الخدامة«، ففي كل هذه الأعمال، هناك بشر يجب أن نفهمهم. هؤلاء البشر ليسو مصنّعين، بل هم بشر مثلنا، فالزير سالم يمكن أن يتكلم مثلنا، والمدير العام في مسلسل ما، يشبه مثيله في الحياة. كلهم يتكلمون مثلنا، ولكن كل واحد ضمن الظروف والشروط المحيطة به مضافاً إلى ذلك إيقاع العصر الذي يعيش فيه. * لنعد إلى الشعر، وأنت الشاعر. يرى البعض أن الشعر الحداثي، يفتقر للغنائية ومغرق في الغموض، وهذا يحيل إلى قطيعة مع المتلقي. كيف تنظر إلى ذلك عبر تجاربك الشخصية، وعبر رصدك لشعراء آخرين؟ وما هي برأيك أهمية وضرورة الغنائية في الشعر؟. ** بشكلٍ شخصي أرى أن الغنائية ضرورية جداً، ولكن من الممكن أن يكون لهذه الغنائية معنىً متطوراً، فأنا أرى مثلاً محمد الماغوط الذي يكتب قصيدة نثرية هو شاعر غنائي، وأرى المتنبي شاعراً غنائياً، إذن الغنائية هي كل ما يلامس الأعماق الإنسانية. وهي ليست في الصيغ اللغوية. هناك صياغات لغوية ركيكة، وهناك شعراء مدّعون للشعر، وهذا دائماً موجود حتى في زمن المتنبي »في كل يوم تحت إبطي شويعر«، لكن المتنبي بقي هو الشاعر. فوجود شويعرون ومدعوّ شعر، يجب ألا يلغي قدرتنا على رؤية الشعر، لا شك أن الحداثة كانت مربكة في الحياة العربية، فهي حتى بصرياً أدت إلى تغيير في شكل القصيدة، وإلى تغيير في شكل التعامل مع القارئ، أيضاً تعمقت الحداثة أكثر من ذلك عندما أخذت تتعامل مع موضوعات لم يكن يتم التعامل معها أو الاستفادة منها سابقاً وأعني الموضوعات التي تتناول الأعماق النفسية وتستفيد من المكتشفات في علم النفس والانتربولوجيا. فهذه المكتشفات إضافة إلى العقل المعرفي للشاعر نفسه هي إضافات يقولها الشاعر بينما ظل القارئ بعيداً عنها تماماً. وبرأيي، إذا كان الشاعر شاعراً حقيقياً فهو يستطيع أن يستفيد ويمتص كل هذا النسغ الخارجي ويصنع منه قصيدة يقبلها القارئ المتوسط وليس الأمي أو الجاهل، ولكن القارئ المتوسط الثقافة ليس همه الشعر أولاً، ثانياً الشاعر اللبيب يضيف على هذه التقنية الماهرة حسّه الشعري العميق. * لم تحدثني في إجابتك عن بعض الشعراء الذين يتعمدون الغموض ويرون في ذلك الغموض تمايزاً، ألا ترى أن ذلك الغموض يمكن أن يحيل إلى قطيعة حتى مع النخبة؟ ** الغموض هو صفة الجمال، وكل جمال هو غامض، ولكن تعمّد الغموض كتعمد الوطنية، وكتعمد البذاءة.. أي تعمّد في القصيدة يفسدها.. وأنا أريد أن أدقق قليلاً في هذه المسألة فأحياناً ثقافة الشاعر تطغى على القصيدة ، فربما يستفيد الشاعر بطريقة ما من الفولكلور ويوظفه في القصيدة، بينما فولكلوري آخر لا ينتبه لذلك الأمر، أيضاً هناك مسؤولية البحث في القصيدة. أرى أن الفن الجيد في هذا العصر لم يعد ما تتلقاه وأنت مسترخٍ، هذا ينسحب على الموسيقى والرسم والشعر وحتى الغناء.. فالغناء الذي تتلقاه باسترخاء هو غناء رديء! كل فن جيد يجب أن يوثّب ذهننا، ويوقظ في نفوسنا أسئلة ما، فضولاً ما، تنبهّاً ما. ذلك هو الفن، أما الفن الذي يؤدي بنا إلى الاسترخاء فذلك هو الفن الميت، وفن الموتى، يكتبه موتى ويتلقاه موتى.. * لا أريد أن أسألك ماذا قدّمت للتلفزيون فالكل يعرف ذلك، بل أريد أن أسأل ماذا قدّم لك التلفزيون؟ أتاح لي التلفزيون اقتحام عالم فني لم أكن أعرفه، وقدّم لي فرصة تعميم أفكاري الدرامية وتثبيتها، وقدّم لي أيضاً، مورداً مالياً لم تقدّمه لي كل الفنون الأخرى التي أمضيت عمري فيها، ومع ذلك لم أتنازل عنها، فأنا ما زلت شاعراً ومسرحياً و.. إلى جانب التلفزيون. كذلك قدّم لي التلفزيون الشهرة، لأن ظهوراً واحداً على الشاشة يُغْني عن ثلاثين سنة من كتابة الشعر. * دعنا ندخل بخصوصية أكثر، كيف تنظر للمرأة الأم، الزوجة، الحبيبة وضمن أية صيغة استطعت مع »إلهام« زوجتك الحفاظ على استمرار هذه الجذوة؟ ** أنا كنت أعيش خائناً دائماً، أُحبُّ لكي أخون. كان لحبي متعته، ولخيانتي متعتها، ثم أحببت »إلهام« ولا أستطيع أن أوصّف المسألة عقلانياً، لكن وجدت عذرها أنه يستحيل أن تستقيم الأمور بيننا إلاّ إذا عشنا سوية، وهذا معناه أن نتزوج، وقصة الزواج بالمعنى العقلاني مرعبة، قلت لنفسي: قد تكون هذه حالة مؤقتة، نتزوج ونطلّق (أقول ذلك بصدق) وفي مقابلة سابقة أجراها معي الشاعر أحمد الشهاوي، سألني سؤالاً قريباً من ذلك فقلت له: هذه المرأة، أعني زوجتي »الهام« كل يوم أريد أن أطلّقها منذ خمس وعشرين سنة! (يضحك) لكن بالأعماق يتولد بعد الحب الذي هو توق، وعواطف، وشوق، وشهوات، يتولد شيء من الحاجة. تحس أن لديك حاجة لا يلبيها إلا هذا الشخص »الشخصة«. * أليس في هذا أنانية؟. ** أكيد ثمة أنانية في النهاية، فهناك حاجات لا يمكن لأحد أن يلبيها حتى ولا كل جميلات الدنيا. كل العلاقات العابرة وكل الشغب الذي يحصل حول واحد معروف مثلي، يُمكّنه واقعه من »تجاوزات«، بحيث يشاكس هنا، ويغازل هناك.. لكن الحاجة الأساسية في النفس لا يلبيها إلا هذا الطرف بالذات. لا شك يمر الإنسان (سواء أنا أو الزوجة) بما يشبه ما أسميه في الفيزياء التفاعل الحروري. ضع كمية من الماء البارد مع أخرى من الماء الساخن تمر فترة فيصبحا بدرجة حرارة واحدة، فأنا لي مجموعة من المزاجيات وكذلك هي، أنا أدّعي أنني كزوج تفهمت مزاجياتها وتقبلتها على الأقل بحدود تسعين بالمائة. وفي هذا الشرق، ولأنني لا أريد أن أرتكب إحدى الخيانتين كأن أقنعها حتى تصبح ملائمة لي، وبالتالي، ولدى استجابتها، سأكون فعلياً أمارس العيش مع امرأة غير التي هي، أو أن تَقْمع هي نفْسَها، وتقدم لي بالتالي شخصية مختلفة. من هنا كنت حريصاً على عيش مناخ نكون فيه كلانا نحن تسعين بالمائة على الأقل كما نحن، ضمن اختلاف خصوصية كل منا، وهكذا أصبحت الحياة ممكنة. ولو كان الأمر مختلفاً لاختلف كل شيء. |
||||||
05/02/2009 | #8 | ||||||
مشرف
|
المقال الأخير الذي كتبه الراحل ممدوح عدوان في العدد الأخير من مجلة الدومري بتاريخ 28/7/2003 منع العدد من التوزيع، ومنعت "الدومري" من الصدور اشتغلت في الصحافة السورية (جريدة الثورة تحديداً) منذ عام 1964. وفي عام 1997 لم يبق بي حيل على المناكفة فقدمت استقالتي (التي قبلت خلال دقيقة واحدة. بفضل محبة وزير الإعلام والمدير العام للجريدة). وقد منّ الله عليّ (وخفف عني الأعباء) بقلة الانسجام بيني وبين رؤساء التحرير ووزراء الإعلام. فكانت هناك أوامر مكتوبة وأخرى غير مكتوبة بمنعي من الكتابة بين حين وآخر. وكان المنع أمراً محتملاً، لأنه ما من أحد منا، كان يعول على سعة انتشار صحفنا ليحقق من ورائها مجداً. ولكن المشكلة الحقيقية هي في السماح بالسفر. فمن المعروف أن الموظف عندنا، لكي يغادر القطر، يجب أن ينال موافقة وزيره. ولما كان وزيري لا يطيق كتابتي، فمن المتوقع ألا يوافق على سفري إلى الفعاليات التي كنت أدعى إليها (علماً أن المرضي عنه يسافر وبأخذ مهمة وإذن سفر). وكلما مرت الأيام ازدادت معرفة الناس بي، وتقديرهم لي، خارج البلاد. فتزداد الدعوات. ويزداد المنع. ويزداد حسد بعض الزملاء. ومع ذلك سافرت إلى عدد لا بأس به من النشاطات والمؤتمرات. ولكن، كما قلت في البداية، لم يبق لدي حيل. فقدمت استقالتي لأكتب على جواز سفري عبارة "متقاعد". ولكنني أحتفظ في ذاكرتي ببعض القصص التي تصلح لتقديمها للقراء الأعزاء. منها مثلاً، وأنا مبعد عن الجريدة، (ولكنني أتقاضى راتبي منها)، احتجت ذات يوم إلى بيان بالراتب لمعاملة ما. ورحب بي الزملاء القدامى، وعملوا المعاملة (وهل هناك ما هو أسهل من بيان بالراتب؟!) إلى أن وصل البيان إلى السيد المدير العام، فحلف بدينه وبراس سكينه أنه لن يوقع على هذا البيان. وأثار الأمر استغراب جريدتنا. وهو فعلاً يقبض راتبه من عندنا. ولكن المدير العام العميد رفض. وختم القول: ماني موقع له. وخله يبلط البحر! ولما لم يكن هناك بحر في دمشق مزقت المعاملة وغضضت النظر عن الموضوع. ولا حاجة لأن أقول إن المعاملة كانت ذات أهمية بالنسبة لي. ومن مآثر هذا المدير معي أنني في مؤتمر للصحافيين تورطت وتحدثت. وقلت ما ملخصه إن الموقف السياسي السوري موقف محترم. والقيادة السورية تحظى باحترام حقيقي. ولكن إعلامنا مقصر في تسويق هذا الموقف. لأنه إعلام لا يصل حتى إلى المواطن السوري، وبعد كلامي تتالى المتحدثون. وحين جاء دور السيد المدير العام للكلام لم يجد ما يعلق عليه إلا كلامي. فكان أن فهمه على الشكل التالي: ممدوح عدوان حاقد على المسيرة وقائدها. ولكنه لا يجرؤ على قول ما يريد بشكل واضح. فيحول نقده اللئيم على الإعلام. وأنا أطالب بوضع حد له. ولما كان المخبرون في مؤتمراتنا أكثر عدداً من المؤتمرين (وبينهم عدد لا بأس به من المؤتمرين أنفسهم) فقد انهالوا علي بالأسئلة: ماذا قلت؟ وماذا تقصد؟ ولماذا لم توضح كلامك؟ .. وانتهت على خير بعد أن أوشكت على .. ! وقبل هذا المدير كانت لي قصص أخرى مع مدراء سابقين. ومن بينهم مدير عام أمر بمنع نشر اسمي حتى في خبر داخل "جريدته" وأنا محرر فيها. (وحجته، بعد أن أزيح من منصبه، أنه فعل ذلك بناء على توجيهات الوزير). وصادف أن أقيمت في دمشق أمسية شعرية استثنائية. إذ انتقى مسؤولو منظمة التحرير خمسة من الشعراء المشاركين في مهرجان "الشقيف" إقامة أمسية في دمشق (عام 1981). وكانت أمسية رائعة. شارك فيها كل من محمود درويش أمل دنقل وسعدي يوسف وأحمد دحبور والعبد الفقير أنا، وكان الزحام في مسرح الحمراء أكبر من أن يوصف. وانتهت الأمسية. وكان حضوري فيها لافتاً للنظر. وفي اليوم التالي نشرت صحفنا خبراً عن الأمسية على أنها ضمت أربعة شعراء، وحذف اسمي نهائياً من الخبر. ولم أعلق على الموضوع إلا بالقول إن الجمهور الذي حضر الأمسية أكبر من جمهور هذه الصحف مجتمعة. وسبق لي أن تعرضت أنا وبعض الزملاء في الجريدة لعقوبة، من المدير العام، رأينا أنها ظالمة. ولم يفدنا احتجاج ولا شكوى. فقررنا رفع شكوانا إلى نقابة الصحفيين. وإلا لم النقابة؟ وبشكل ما تجاهلنا حقيقة مضحكة مبكية، وهي أن المجلس التنفيذي للنقابة يضم رؤساء تحرير صحفنا برئاسة السيد الوزير. وكانت نتيجة شكوانا أن اكتشف أعضاء المجلس أن هذا شغب. وأن المحرض على هذا الشغب هو ممدوح عدوان. فاتخذوا قراراً بمنعي من دخول جريدتي. ووضع السيد المدير العام شرطة عسكرية لتمنعني شخصياً من دخول الجريدة. وحين جئت، ولم يسمح لي بالدخول، طلبت الإذن بالدخول لأخذ أغراضي الشخصية فلم يوافقوا. وخرج أحد الزملاء من الداخل ليقول لي: احتل فلان مكتبك. ماذا فعلت؟ قلت له: لم أفعل شيئاً إلا أنني صدقت أن لدينا نقابات يمكننا أن نتوجه إليها بالشكوى حين يصيبنا الظلم من رؤسائنا. لم أكن أعرف أن ربك هو حاكمك. |
||||||
05/02/2009 | #9 | ||||||
مشرف
|
يتبع في الغد ... |
||||||
07/02/2009 | #10 | ||||||
مشرف
|
زمن الجنائز الجميلة إلى أين يا صاحبي؟ قل إلى أين؟ لم أشرب اليوم لكنّ عيني تغيم وهذي الدروب تزوغ دروب تدور دروب مقطعة لا تؤدي دروب التردي دروب الحشود التي تتهادى على يأسها تتنامى على بؤسها كل درب يضيق سراطاً يسيح صحارى ولك صباح توشح بالدمع أو بالسواد وكل أغاريدنا للحداد كأنا نسير ولا نتحرك أو أننا سائرون ارتداد كأن المجازر أعراسنا وكأن الجنائز أفراحنا ها هو الأفق وهج حرائق قل لي: إلى أين نمضي؟ إلى أين تأخذني؟ والبلايا تزيد وأنت توسع بسمتك اللغز ترفع هذي العقيرة بالكلمات العظيمة والنغم المتساوق حتى كأنا نسينا فجائعنا وكأنك جئت تهدهدني للرقاد توقف فوهج الحرائق يلفح حلمي وألسنة اللهب المتستر باللافتات تفحّم آفاقنا وأنا لا أحب الرماد سيول الدماء التي هدرت من غدي تركت خلف خطوي الدماء اليبيسة قف نتفرج فهذي الجنائز مقبلة وهي الآن وجه البلاد تفرج معي قد يجيء غد نتعود فيه على موتنا مثلما نتعود أمواتنا قد تجف الدموع وقد يتيبس فينا الفضول وقد يصبح الموت إسماً لكل الفصول تفرج معي أهل هذي المدينة أهلي وهم يتقنون الجنائز حشد من الحزن والتعزيات وحشد من الأحجيات رصاص مع النعش بعض الأغاريد والنعش يحضنه علم (هل تميز هذي الجنازة عن فرحة العرس) بعض المعزين يحشو الجيوب كلاماً جميلاً وبعض يراقب حزن الحشود (قليل من الحزن سوف يثير الشكوك كثير من الحزن يبطل زهو الديوك ) وميت تطلع واستغرب الحشد، قال: اختفيتم طوال حياتي وكنت أنقب عن لمسة الحب عن نظرة تتفهم لفت دمي وحشة أغلقت أعين الناس عني فعشت عراء لأن العيون بيوت ترنحت في عتمة من تغاضي العيون لأن العيون ضياء وان العيون زنود تساند كيف أعيش وحيداً أموت طريداً وأدفن وسط الزحام فقالوا: نغيب لكي لا يغرك عمرك فينا فمات على نعشه مرتين وظل الحوار كتيماً لأن الحشود تخبئ أصواتها وهي الآن ترفع آخر راياتها في الجنائز من مات صار بلا أي صوت فقد قتلته رصاصة كاتم صوت وقاتله حين نفذ فيه الأوامر برر: لا أعرف الصوت لا أفهم السر في رغبة الله في كتمه لم يكن ممكناً كتم صوت عنيد ولا بد من كتم أنفاسه توقف قليلاً... سأبكي تفرج عليّ إذا شئت إن بلادي تضيق وتصبح أصغر من فسحة للأمان وهذي العوالم أطول منها مدى الطلقات فكل مدى صار يجدي لقتلي سأبكي وتضحك لكنني لم أكن أتوقع منك النياشين من أجل دمعي فجائع عمري أكبر من أن يغلفها الصمت إن البلاد التي أنجبت قاتلين لنا أنجبتنا لهم جثثاً وحشوداً فصرنا جنائز رائعة إن معجزتي تتجدد في كل يوم لأني أعيش وأسرق يومي الحروب على مسمع الخوف والكل منهمكون ويقتتلون الشظايا عليّ وكل انتصار عليّ النزيف دمائي وأهل المدينة أهلي وهم يتقنون الجنائز للموت بهجته يقبلون كما يقتضي الحال بالدمع والكلمات العظيمة والأغنيات المثيرة هم يتقنون الجنائز كي نتقن الموت يحترفون الحشود لكي أتقلص وحدي ويا صاحبي أنت لا تسمع الشجو لا تحفظ السر عيناك تختفيان وراء شرودك ثم تعودان مقلقتين فتعترفان أمامي بأنك تقتلني اليوم! يا صاحبي قضيت حاجتي للبكاء انتفت حاجتي لاعتذارك إني أقدر عمراً أضعت لتتقن قتلي وآمل أنك أتقنته لم يعد في سجلات أمنك من سبب لحياتي وإني عرفت ثمانين عذراً لموتي ورأسي الدريئة فيه اختزنت الشهادة والذكريات وفي الرأس عينان، أذنان، عقل، لسان وفيه ينابيع شعري السفيه ورأسي بهذا العناد، وهذا اليباس فضع طلقة وحدها الحل والحقْ دمي فبصمت تضيع البلاد... أراها بصمت يهان العباد... أراهم وقد صارت الكلمة الآن وقفاً على كاتم الصوت يكتم صوت المسدس يكتم صوتي ويكتم صوتك تأتي الحشود تشيعنا في جنائز متقنةٍ..... ____________ من ديوان: للخوف كل الزمان |
||||||
07/02/2009 | #11 | ||||||
مشرف
|
- هل هناك علاقة كونك(ممدوح دائما) بنشاطك الابداعي؟ كوني ممدوح لاعلاقة له بنشاطي الابداعي ولاعلاقة له بكنيتي فأنا العدوان الوحيد الممدوح. -- من هو المسرحي؟ بلطجي في الفن -- متى يبدأ يومك؟ حين استيقظ -- اي ساعات اليوم افضل؟ النوم بعد الظهر -- ماذا تقول لنفسك قبل النوم؟ انشاء الله انام بسرعة -- هل تعتقد ان النوم موت مؤقت؟ لا بل العكس انه تجديد للحياة -- ماحجم الخرافة في العقل الادبي العربي؟ لولا الخرافة لما كان هناك عقلا أدبيا عربيا -- وعندك؟ انا أخرف أحيانا -- متى تحتاج للغيب؟ عندما نضيق بالحاضر -- ومتى تحتاج للحب؟ دائما -- هل يرتبط الحب بالغيب؟ لا اعتقد لان الحب يرتبط بحضور الحبيب -- هل تؤثر النجوم والكواكب على سيرة حياة الانسان؟ اطلاقا، لا اؤمن بذلك على الاطلاق -- ماهو برجك؟ اول يوم في برج القوس 26/11 -- افضل الاوقات للكتابة؟ الصباح -- من اول نظرة ما الذي يلفتك بالمرأة؟ العينين -- والرجل؟ النظرة -- والكتاب؟ العنوان -- والمسلسل الدرامي؟ لا استطيع ان احكم عليه من اول نظرة -- كيف يمكن الوصل بين كل هؤلاء؟ لابد من جسر للتواصل -- لماذا نقول عن الفشل سقوط؟ لاننا لم نتعود على النجاح.والفشل ليس سقوطا -- لماذا نقول وقع في الحب بمعنى السقوط؟ لان الحب ورطة فعلا -- لماذا نقول العالم الثالث عن الدول المتخلفة؟ لاننا لانستطيع ان نقول عنها العالم السابع -- برأيك لماذا نسير الى الامام؟ لا اظن ذلك -- لماذا تكون العملة مدورة؟ كي يسهل قذفها على الارض -- لو كنت بموقع سلطة سياسية تحكم العالم اجمع، فما القرار الذي تتخذه؟ اشن حربا على كوكب آخر -- وان امتلكت السلطة على النظام الكوني من مجرات وكواكب فماذا تفعل؟ اعلمهم قراءة الشعر -- اي الحيوانات تقول عنها انها اليفة؟ ربما الكركدن -- لكنه حيوان ضخم.. إذن لا يوجد هناك حيوان أليف سوى الذباب -- من هو الحيوان المفترس؟ الرجل حين يرى المرأة -- الشخصيات الكارتونية التي تحبها؟ الأقزام السبعة في الأميرة النائمة -- أي الأطعمة هي النبيلة برأيك؟ الخضراوات الطازجة -- اذا صنفنا الناس حسب الخضار فأي الخضار انت؟ الخس -- اي النساء تكره النظر اليها؟ المرأة الغبية حتى لو كانت جميلة -- كيف تستشف ذلك؟ هذا يبين من خلال الإشعاع.فالذكية لها نوافذ يطل منها الإشعاع، أما الغبية فامرأة بلا نوافذ -- بماذا كنت تفكر قبل اللقاء؟ كنت أتمنى لو تحبينني -- أي الأفكار تردك عندما تشاهد مذيعي الأخبار دون صوت؟ (اوف..تنهيدة طويلة.) هناك تعبير في اريافنا يقول(علك الصوف) وتجاه ذلك المشهد اشعر انني اعلك صوفا -- اي الالوان تطغي على افكارك؟ الاحمر -- كيف تتخلص من صحفي غليظ؟ بضرب موعد لاحق -- ايهما تفضل سهرة مع أصدقاء ام فيلما جديدا ام مسرحية؟ الخيار الرابع.سهرة مع امراة.لو كانت موجودة اترك الخيارات التي ذكرتها، لكن في حال عدم وجود خيار رابع أفضل الخيارات الثلاثة اجمع، ولا فرق بينها -- ما رأيك لو لم يكن هناك موتا على الأرض وصار الإنسان خالدا؟ تصبح الحياة تافهة -- كيف تفسر الجاذبية الأرضية؟ بدراسة جاذبية النساء -- وانعدام الجاذبية في الفضاء؟ مثل المرأة الغبية -- لماذا يهطل المطر نحو الأسفل وليس العكس؟ لكي يبتل الرجال القش او الكارتون -- تعبير(على شفير الهاوية) الى اين يقودك؟ الى الهاوية -- ماذا تعني لك البومة؟ مخلوق جميل ونبيل -- بماذا تذكرك شجرة الصفصاف؟ بالبكاء -- وماذا تعني لك بلدتك مصياف؟ انا والطفولة والريح -- ماذا يعني لك فنجان القهوة صباحا؟ اليوم لايعني لي شيئا لانني توقفت عن التدخين -- لماذا؟ بسبب صحي.اكتشفت ان كل انسان قادر على ايقاف التدخين.كنت ادخن ثمانين سيجارة وتوقفت قبل سنتين -- كيف تربط بين المرأة والسيجارة؟ افضل ان لا اربط بينهما. -- لماذا؟ لا اود ان تنتهي أحداهما فاضطر الى رميها -- هل أنت مع قول وراء كل عظيم امرأة؟ لا أقول ذلك بل أقول مع كل عظيم امرأة -- مارأيك بكلام سقراط ان الرجل نادم في الحالتين اذا تزوج او اذا بقي اعزبا؟ صحيح -- ماهو وضع الإعلام العربي بالنسبة للوضع العام؟ سئل رجل أي الأوضاع الجنسية أفضل فقال الوضع الحالك(!!!!) -- اذا خيرت العيش بين قصر فخم او خيمة أيهما تختار القصر -- اي وسائل النقل تعتبرها الأفضل من وسائل النقل عموما الطائرة -- اين تنفق نقودك الزائدة؟ على متعي -- ماذا تفعل بوقت الفراغ؟ أعبئه بالهواجس والأفكار والعمل ـ قل عشر جمل على كيفك . يارب مالك غيري؟ يارب مالك غيري. عبارة السياب أحبيني لأني كل من أحببت قبلك ما أحبوني لي/ يا بلادي التي علمتني البكاء لي أيضا/ أصطفيك من العكر العربي فيضحك لي شارع عابس في دمشق من راقب الناس فقع ضحكا كان احمد الجندي حين يقول له احد ما يبدو انك لا تحبني كان يجيب لا اكرهك أكثر من غيرك اكبر كذبة في التاريخ هي براءة الأطفال اكبر كذبة يكذبها الآباء هي شراء الدمى لأولادهم ، الحقيقة ان الآباء يودون ان يلعبوا الهي وانت جاهي أجري الحوار عام 1999 -سعاد جروس- |
||||||
07/02/2009 | #12 | ||||||
مشرف
|
موقف العرب من الإبادة الأرمنية خلال عملي على موضوع طويل وشائك هو " سفر برلك " هي مرحلة الحرب العالمية الأولى في ظل الحكم العثماني والتي انتهت مع انتهاء الحكم العثماني ، اجتهدت تقريباً عشرين سنة بجمع وثائق مراجع ومقابلات شخصية مع أشخاص عاشوا تلك الفترة ، كنت بصدد كتابة مجموعة من الأعمال حول تلك المسألة . كتبت حتى الآن مسرحيتين "الغول " عن جمال باشا ، " أيام الجوع" عن المعاناة الشعبية وأحد أبطال هذه المسرحية شاب أرمني هارب ومهاجر . العمل الروائي الثالث جاهز الآن للطباعة عن الصراع العربي اليهودي في تلك المرحلة ولها علاقة بموضوع الأرمن ، لأن اليهود كانوا دائماً يخافون أن يكون مصيرهم كمصير الأرمن ، أن يفتك بهم العثمانيون كما فتكوا بالأرمن ، ودائماً في الحوارات التي تتم بين الشخصيات تدور حول مسألة " أنه يجب أن لا نستفز الأتراك كي لا يفعلوا بنا كما فعلوا بالأرمن ". استطعت أن أطلع على هذه المأساة الإنسانية الكبيرة والتصفية العرقية التي تمت للأرمن ، أسبابها عديدة لاشك. لكن أنا أرجعه الى سبب أساسي وهو الحكم العثماني ، عندما طورت في الحرب العالمية الأولى قاد جيشين : جيش بقيادة أنور باشا وجيش بقيادة جمال باشا . على جبهتين : جبهة فلسطين سينا ، يسمونها بالعامية " حرب الترعة" وجيش بقيادة أنور باشا هاجم روسيا على جبهة القوقاز . الحملتان فشلتا ، لكن الضحايا التي ذهبت على جبهة السويس كانوا أقل بكثير لأنه لم تتم حرب حقيقية ، معظم الضحايا ماتوا جوعاً أو عطشا لأنهم تاهوا في صحراء سيناء ، وأناس وصلت الى اليمن وأناس لم تعد الى قراها الى الآن ، استقرت حين وجدت لقمتها . على جبهة القوقاز ، كانت الظروف الطبيعية أقسى مما كان يتوقعها الجيش العثماني مناطق ثلوج وبرد شديد وكان عتاة الجيش العثماني هزيلاً جداً ، جيش متخلف ، فخسر الحرب وذهب كامل الجيش الذي كان يقرب حوالي المئة ألف . إحساس القيادة العسكرية العثمانية بالهزيمة جعلها تبحث عن كبوش فداء . جمال باشا فتك في سوريا بالحركة القومية العربية وأنور باشا اتهم الأرمن بالتجسس لصالح الروس ، واتخذوا قرار الترحيل لإبعاد الأرمن عن الحدود الروسية وكان هذا القرار ذريعة لحرب إبادة ضد الشعب الأرمني بأكمله . أنا اطلعت بكثير من الفضول والألم معاً على تطور المجزرة وأحداثها ، دائماً أقول أن السبب الجوهري هو أن إحساس القيادة العسكرية بالهزيمة جعلها قلقة على مواقعها ، قلقة على امتيازاتها . فلكي تعطي مبرر لنفسها لاستمرارها بالحكم ، تعطي لنفسها الشرعية ، لتسقط هزيمتها ، وأسباب هزيمتها على أطراف أخرى ، كما فعل أنور باشا بإسقاط أسباب هزيمته على الشعب الأرمني . وهناك برقيات متبادلة بين القيادة العسكرية ووالي حلب ووالي بيروت حول كيفية التعامل مع الأرمن ، حتى النازحين الذي استطاعوا أن يهربوا ويصلـوا الى سوريا . هناك شيء مريح في هذه المجزرة العمياء ، أنه رغم أن القيادة العثمانية حاولت أن توحي بأن الحرب العالمية، الحرب ضد الفرنسيين والإنكليز والروس هي حرب الإسلام ضد المسيحيين ، الإيمان ضد الكفر . كان الانعكاس الداخلي أن حربهم مع الأرمن هي حرب ضد المسيحيين الكفار الجواسيس للأعداء ، إلا أن الشعب العربي في سوريا وتحديداً في شمال سوريا والجزيرة ، الذي كان على تماس جغرافي مع الإشكالية ومنطقة التحرر لم يقبل هذه الكذبة لأسباب عديدة ، بأن هؤلاء المسيحيين كفار . كانت هناك القيادات ، حركة التحرر الوطنية العربية ، مجموعة من المسيحيين ، ثانياً الشخص المتابع للأحداث يعرف أن الشعب في حلب والجزيرة والقامشلي وديرالزور احتضن الأسر التي استطاعت أن تنجو بدوافع إنسانية ، لأنهم كانوا يشاهدون مشاهد لا يستطيع أي إنسان الاعتياد عليها . فعدا طريق الهجرة ، كانوا يستبيحون القتل والاغتصاب وسرقة الأموال ، وكانوا عندما يصلون الى الأنهار سواء دجلة او الفرات او الخابور كانوا يلقوا الناس لا على التعيين بمياه النهر . فالشعب الذي يشاهد كل هذا هناك الحس الإنساني جعلهم يتعاطفون أكثر . أضيف الى هذا شعار الحركة الوطنية المقاومة ضد العثمانيين " عدو عدوي صديقي " فكون العرب ضحايا والأرمن ضحايا ، فكان هذا أحد الأسباب ايضاً الذي جعلهم يتعاطفون . هناك شيء يشفي الغليل قليلاً ، هو الفريق الفدائي الأرمني الذي تشكل بعد نهاية الحرب العالمية الأولى وصفى رموز جمعية الاتحاد والترقي قيادة الجيش العثماني ، فاغتالوا مجموعة من الرموز ، بينهم جمال باشا ، وقد أدرجت أسماؤهم في مسرحيتي " الغول " . يومها كان هذا هو الحل الوحيد للانتقام أن تصفى رؤوس الشر ، أو أصحاب القرار بالتصفية . نحن الآن أمام واقع جديد ونحمل ذكرى أليمة ، ما يساعد الشعوب على البقاء قدرتها على النسيان ، بمعنى ألا ننسى التاريخ ، لكن ألا يبقى الجرح ينزف بنفس المقدار . فأنا لا أطالب أي أرمني أن ينسى مجزرته على الإطلاق ، أتمنى أن يتحسس بها دوماً ، وأتمنى أن يقوم حملة عالمية ، لكن الخصم الذي اتخذ القرار بالتصفية لم يعد موجوداً ، وتركيا الحديثة رغم أنها تحاول أن تتنصل من المجازر والتصفية العرقية ، هذه التركية الحديثة تستنكر التاريخ العثماني ايضاً وتعتبر أنه لا يمثلهم لا كنظام حكم ولا لغوياً . فالخصم الذي ستنتقم منه لم يعد موجوداً ، لذلك نقول ما العمل ، قد يكون العمل الاستفادة من التاريخ بدروس ، أن نعرف كيف نعيش بتسامح ديني شعبي أخلاقي قومي بين بعضنا . لكن كان يمكن الاستفادة كما استفادت اليهود ، أيام هترل والنازيين ، أي أن يكون تعاطف إنساني أكبر وان يقدموا تعويضات مادية . فالشعب الأرمني له الحق بتقرير مصيره ، بإحياء لغته والتعامل فيها بإحياء ثقافته الوطنية وفولوكلوره وبممارسة ثقافته وآدابه . ومن الملاحظ أن علاقة سوريا كدولة بأرمينيا علاقة جديدة جداً وهو امتداد لهذا التعاطف الشعبي . أنا كشخص متابع لقضايا العدل ، أنا مع استرجاع أراضي الأرمن ، لأنه مطلب حق .أنا بشكل أساسي مع إحياء ثقافتهم والحفاظ على هويتهم ، وهذا شيء استطاع الأرمن أن يحققوه بجدارة ، فقد حافظوا على لغتهم وعلاقاتهم بين بعضهم ، ضمن تجمعاتهم في دول عديدة ، وظلت ثقافتهم قائمة شعرهاً وأدباً . وأنا قرأت الكثير الأدبيات الأرمنية المترجمة الى العربية . أحسست بأنه هناك مجزرة رهيبة تتم ، الهاجس الأول الذي جعلني أهتم وأسعى بالأمر هو إصرار الأرمن على الرجوع الى قراهم بعد أن تم أخذهم من قراهم ووضعوا الرجال في الجيش العثماني وأرسلوهم الى السويس ليحاربوا ثم تشتت ، إن تجربة خوض المسافات الهائلة أيام المجاعة واللصوص جعلتني أتوجه الى الموضوع . في بحثي وجددت أن التجربة الأكثر شناعة هي تجربة الترحيل لأن التهديد من الهرب من الجيش أو اللصوص مفهوم ، لكن التهديد من قبل الدولة التي تأخذه من قريته ، تستولي على أملاكه وأمواله تغتصب نساءه وتقتل أطفاله وترميه بالنهر ، هناك رحلة شاقة أعتقد أن لا مثيل لها في التاريخ . هناك حكومات استبدادية تعتقل الناس تضعهم في السجون وتصفيهم ، لكن أن يقاد شعب بأكمله في أرض القفر دون أكل أو شرب ، مستباحين وتقتلهم وتعذبهم لمجرد أنهم أرمن . وجدت هذا شيئاً مريعاً . كانت هناك في تلك الأيام ، حركة وطنية أرمنية ، تنظيمات موجودة تحت أنظار السلطات العثمانية ، فاتخذتها ذريعة أنها تنظيمات لتخريب الدولة العثمانية ، هي تماماً شبيهة بالذريعة التي اتخذها جمال باشا للفتك بالأحرار العرب. لكن جمال باشا لم يكن يستطيع فعل ما فعله أنور باشا لأنه إذا قام بتهجير العرب ، من سيحكم . وهو يدعي أنه يحارب الفرنسيين والإنكليز كونهم كفار . فهو لا يستطيع اتخذا قرار بترحيل العرب أو إبادة العرب لأنه حتى الخليفة كان يسمى خليفة عثماني بمعنى أنه في مرتبة إسلامية . العلاقة بين الدولة العثمانية والعرب معقدة ، فعادة الدولة التي تحتل تفرض ثقافتها على الشعب الذي وقع تحت الاحتلال ، ما جرى بين العرب والأتراك كان العكس . هم تأثروا بثقافة المنطقة ، فانقلبت اللغة التركية الى العربية . لكن كان لهم تأثيرهم السلبي ايضاً ولذلك قامت حركة الوطنيين الأحرار . كان الاضطهاد على الجميع ، لكن لون الاضطهاد الذي مورس على الأرمن كان يختلف وأكثر شناعة ، كانت هناك جريمة منظمة ، أما الآخر فكان اضطهاداً . فالعربي في العراق في الشام كان مضطهداً بحكومة متخلفة ويمارسون عليه كل أنواع الإذلال والتجويع . كان الأرمن والأكراد يعيشون هذه الحالة ، لكن قرار التصفية المنظمة لم يتخذ إلا ضد الأرمن ، فعندما اتخذ ضد العرب اتخذ بتصفية الرؤوس وقيادات الحركة ، فقد أعدم المئات منهم فقط . دمشق 20 /7/1999 |
||||||
07/02/2009 | #13 | ||||||
مشرف
|
احتفالاً بالجنون
قال سانشو بانزا لدون كيخوتي وهو على فراش الموت: (( إكبر جنون يمكن أن يرتكبه الإنسان هو أن يدع نفسه يموت دون أن يقتله أحد, ودون أن يجهز عليه شئ من الحزن )). نحن أمة خالية من المجانين الحقيقيين. وهذا أكبر عيوبنا. كل منا يريد أن يظهر نفسه قوياً وعاقلاً وحكيماً ومتفهماً. يدخل الجميع حالة من الإفتعال والبلادة وانعدام الحس تحت تلك الأقنعة فيتحول الجميع إلى نسخ متشابهة ومكررة .... ومملة.نحن في حاجة إلى الجرأة على الجنون, والجرأة على الإعتراف بالجنون. صار علينا أن نكف عن اعتبار الجنون عيباً واعتبار المجنون عاهة إجتماعية.في حياتنا شئ يجنن. وحين لا يجن أحد فهذا يعني أن أحاسيسنا متبلدة وأن فجائعنا لا تهزنا, فالجنون عند البعض منا دلالة صحية على أننا شعب معافى لا يحتمل الإهانة ... ودلالة على أن الأصحاء لم يحتفظوا بعقولهم لأنهم لا يحسون, بل احتفظوا بعقولهم لأنهم يعملون, أو لأنهم سوف يعملون على غسل الإهانة. نحن في حاجة للجنون لكشف زيف التعقل والجبن واللامبالاة, فالجميع راضخون, ينفعلون بالمقاييس المتاحة ... يفرحون بالمقاييس المتاحة ... يبكون ويغضبون بالمقاييس المتاحة ... ولذلك ينهزمون ... بالمقاييس كلها, ولا ينتصرون أبداً. بغتة يجن شخص ما, يخرج عن المألوف الخانق فيفضح حجم إذعاننا وقبولنا وتثلم أحاسيسنا. يظهر لنا كم هو عالم مرفوض ومقيت وخانق ... وكم هو عالم لا معقول ولا مقبول. كم هو مفجع ومبك. وكم نحن خائفون وخانعون وقابلون. جنون كهذا شبيه بصرخة الطفل في إسطورة الملك العاري. أمر الملك أن يروه مرتدياً ثيابه فرأوه, وأمر أن يبدوا آراءهم فيها فامتدحوها وأطنبوا, وحين خرج إلى الجماهير فاجأه صراخ طفل لم يدجن بعد: ( ولكنه عارٍ ... عارٍ تماماً ).لو كان هذا الطفل أكبر قليلاً لاتهم بالجنون. ولكن لأن فيه تلك البراءة الواضحة العفوية الصارخة كانت صرخته فاضحة للملك وللحاشية وللمتملقين وللخائفين. صرخة الطفل, مثل صرخة جنون الفنان, تفضح كم الناس منافقون ومراؤون وخائفون إلى درجة تجاهل حقيقة يومية بسيطة يستطيع الطفل أن يشير إليها بإصبعه ويعلن عنها, فهو يرى الحياة على حقيقتها دون رتوش ودون تلوين بالمطامع ودون مكياج بالتبريرات. وفي أعماق كل فنان طفل صادق بهذا المقدار, طفل لا يحتمل ما تعودنا على احتماله, طفل يبكي حين يتألم, ويصرخ حين يجوع, ويغضب حين يهان, ويجن حين يجبر على أن يحيا حياة الحيوان. ممدوح عدوان 1941-2004 دفاعاً عن الجنون |
||||||
07/02/2009 | #14 | ||||||
مشرف
|
ماالذي ظلّ لك؟
بعد أن ضعتَ في زحمة الشعر والهمِّ أو بعد ما انهرتَ في بغتة وفقدت الشهية للأكل والعيش ضيّعتَ من ظللَّك .. أتهيم لتبحث عن ظل عبارة تداعبه أو ظلِّ بيت قديم تساكنه ظلِّ حلم قديم تعوِّضُ ما قد أضعت لكي لا تكون معرّى ولا ظلَّ لكْ كنت تعرف أنك جمع غفير وأنك شخص كثير ولا تعرف الآن ما قللَّكْ والسخاء الذي كان يعطى ببذخ لسقط المتاع ويغني عن الجوع والعوْز قد قلَّ لكْ والعواطف وهي تغاويك ساخنة قد ذوتْ أصبحتَ كيباب وغيظ وأنت الذي صرت وحدك طيفا يهيم لا جبلا لكْ لا سهل لكْ تتوهم أنك نجم السماء الذي كان يسطع في عتمة الكون تمضي بوجهك تغوي النجوم وتحلم بالغد يسطع في مجد ذريةٍ تتسائل أين مضى عنك بدر الدجى والذي ذات يوم أتاك هلالا مشوقا وعند الفواجع في ومضة هلَّ لكْ تتسائل أين مضى نغم راقص كان بين الأغاريد قد هللَّك ..وتعود وحيدا ستفقد الصحب والأهل تصبح لا أهل لكْ. _________________ الجزيرة نت يتبع .. في الغد ... |
||||||
07/02/2009 | #15 | |
عضو
-- قبضاي --
|
اقتباس:
ان الله قريب من قلبي
ما التأنيث لأسم الشمس عيب..ولا التذكير فخر للهلال |
|
08/02/2009 | #16 | ||||||
مشرف
|
كيف يعشق القتيل أكان لا بد من الموعد في الشارع؟ إني ألتقي بالصبح في بوابة الموت وبالموت على قارعة القلب سجين في محابس الغلاء والمفاجآتْ يتعبني قهري وأوجاعي وأكبر الأعباء بينها الحياةْ حب جديد يفتح الدعوة للدنيا ولكن موعد العشاق يرعب الحبيس كيف نلتقي؟ وكم شرنقة عليّ أن أعبر حتى أصل الحب تعالي قابليني في شرانق البياتْ أقول: لا حاجة للموعد في الشارع إن نحن التقينا فيه نبدو مضحكين عاشقين دون سقف، أو رغيف أو أمانْ نصير عاشقين مقتولين جاهلين كيف يعشق القتلى وكيف يسترد القبلة المحكوم بالإعدام كيف يمنح الهارب لمسات الحنانْ حين تغيم حوله الآفاق أو تدنو حوافر الخيول من خطاه، تلهث الكلاب عند ظهره فلا يرى طريقه إلى النجاة على الرصيف، حيث نلتقي، انتظرت فتشوني داهمتني نظرات وشظايا وانتظرت بين خطوتينِ الانفجار فما الذي سأتقي منها وأنت تقبلين؟ بغتة ينهمر الردم على قلبي الذي غافلني يستعجل اللقيا اعترتني رعشة خفتُ، إذا جئتِ، بأن لا تعرفيني وبأن أعجز عن مدّ يدي تحيةً أعجز أن أرشف عينيك وقد أعثر في الدرب إذا سرنا لأني سأسير تائهاً موزعاً ما بين عينيك وما بين التفاتي خائفاً ونقل خطوتي محاذراً إني أخاف حارساً، حين يخاف عابراً وعابراً حين يخاف حارساً ثم يخافان معاً مني من الذي سيقبل ادعائي إنني أبقى هنا عشقاً؟ وإن الحب سر الانتظار؟ كيف نسير في الطريق عاشقين الخوف يرتدي ملابس الطغاة والطغاة يخطئون بالمشاة وكل طاغ قد يذل عابراً وبعدها يعتذر الطاغي ولكن... ما الذي ينفعني، إذا أذلوني، اعتذار؟ هل أمسك الإهانة التي حُمِّلت وردة لموعد العشق وأهديك سكوتي في الهوان؟ إذا أذلوني سأبقى خجلاً منك فلا أعرف هل يعشق مذلول تلقى الذل في صمت وفي وضح النهار كيف أمد نحو خديك يدي وكل ما يلمسه يهينه الذليل إذا أتى الحراس صرت شبهة والشبهة الآن هي الموت فكيف ألتقي بمن أحب بعدها إن قتلوني - ربما من غير قصد قتلوني - هل تريدين حبيباً قتلوه خطأ وكيف يضحي العشق بعد قتلي لم أتعلم كيف يعشق القتيلْ آه من الوقت البخيلْ أكلما عانقته استحال قدم الخوف بديل آه من الأمن الجميلْ أكلما قلت له: يا مرحبا انتهى إلى الصمت الذليل أواه يا سيدتي حبك موت، والمواعيد له صارت جنوناً وانتحار هل جاء في ملحمة العشاق للحب الذي أعرفه الآن مثيلْ ونحن، كلما تواعدنا، التقينا فرحاً يسيل في عناقنا الذلّ الدخيلْ وكلما تبسّمت أعيننا فاجأنا من نبض قلبينا العويلْ أكان لا بد من الموعد في الشارع لغم الشارع المذعور موقوت على قلبي وليس الشارع الملغوم لي وليس لي أمن الرصيف فيه أو مداخل الأبنية المعتمة العشق هنا ليس لنا يمتلئ الشارع بالأعداء والرماة يمتلئ الشارع بالمطاردين والجناة يمتلئ الشارع.. إلا بالحياة يمتلئ الشارع إلا بي رائحة الدم الذي ستنزفينه أضيق بالذئب الذي سوف أصيره وأعرف الآن ستأتين فأعوي شرهاً أكان لا بد من الموعد في الشارع؟ لو أنا تواعدنا إلى البيت لكي لا تسقط البراءة التي رضعتها لكي لا تسقط الشجاعة التي ادعيتها كما يسقط ثوبي ويعريني أمام الناس لو أنا تواعدنا إلى البيت ففي بيتيَ لا يخجلني عريي ولا يستيقظ الذئب مع العري ولكن... نصبح العري الذي يطلب دفئاً ثم يستسلم للحب فنفغو بين نهديك كطفل رضع الأمن.. ومات في البيت أعرف الذين يطرقون بابنا أعرف أني وحديَ المقصود لو أتوا يحطمون بابي لو ضربات كسرت أقفاله لو عبوة تفجرت فهدمت جدرانه فلن تكون صدفة نقول بيتنا ومتنا فيه تبقى فيه أسراري وهذا الحب سري ولا أراك فيه لا أرى فيه بلادي لا ... أرى. إلى متى أظل أنجو؟ قد تعبت من سخف النجاة وقلت: أترك المسلحين في قتالهم وأهجر البلاد لكن لا أرى مما يليق أن يجيئنا العدو (حين يهرب المسلحون) ثم لا يرى ذبيحة مثلي ولا يليق أن ينهار بيتي عندما يقصف، أو ينسف، لا يليق أن يخلو ركام ردمه من جثتي عرفت منذ زمن بأن هذي الغابة العمياء ليست وطناً لكنها كانت سرير الاحتضار أكان لا بد من الموعد في الشارع؟ والشارع قد صار كميناً هل هوانا دعوة للموت؟ أم للركض خوفاً بين قطعان الذئاب قد يفيق الذئب في قلبي وإني أشتهيك، فاهربي إني أشم ظامئاً تعودت على تهريبه كيف توهمتِ بأن الحب للضوء وأن الحب للشارع والشارع غابات ذئاب أصبح الشارع سراً حلبة يطلق فيها الحب قدام الوحوش وحده يشيح عنه العابرون يغلقون في جواره نوافذ الفرجة يسدلون بعدها الستائر التي تحميهمُ من الشظايا والعويلْ وأصبح الشارع مضمار رصاص راكض بين جسوم العابرين جاءني الموت على رصاصتين كيف لي التمييز ما بينهما؟ رصاصتان تسعيان نحو قلبي ما الذي تنفعني الآن النوايا؟ وأنا مرتبك بينهما فاجأني تحت خطاي الانفجار في ومضة التفجير، كالبرق، رأيت أفق موطني وكان مقفلاً رأيت أرض موطني وكانت الأرض أمامي مرجلاً يغلي وكان الحب بين أضلعي معتقلاً وكنت في طريق الخوف وحدي أحمل الهم النبيل كنت أسير حاملاً أحلامنا عن وطن أجمل لا أملك إلا أن أصيح من سويداء الضنى آهٍ من العبئ الثقيلْ!! وحدي أسير تحته مرنحاً ومثقلاً والعالم المحيط بي يدور أو ينهارُ لا أدري أصبتُ بالدوارِ أم أصيبت بالسعارْ كيف سألقاكِ وقد ضاق على قلبي الحصارْ؟ وكيف لي أن أعرف الآن إذا كنتِ أتيتِ أمسى طفل راكض لم يصل المدرسة استهوته لعبة له أن يعتلي الجو بلا قفز وأن يطارد اليد التي أفلتها التفجير منه لم يعدْ ولم تعد ذراعه عاشقة متعبة ترتاح في ناصية الموت قليلاً لا ترى عاشقها وظل وحده يهيئ العتاب بالوجه النحيلْ وبغتة ذوى دعته طلقة مسرعة إلى سباتها الطويلْ وأمس جلاد أضاع الدرب في الردم فلم يصل إلى قبو المساجين وميت ضل عن قبر فكيف نلتقي؟ رصاصة أطلقها الخائف كي يقتل خوفاً شلّه فارتطمت بي وبعينيك فماذا تفعلين بالدلال المتراخي بين عينيك إذا ما اندفعت بينهما رصاصة وكيف ألقاك إذا فاز زحام الخائفين في طريق كله دخانْ وما الذي يفعل صدرك بالنهدة إذ يبتدئ الركض الجنوني وأين تودعين ما لديك من حنانْ وما الذي يفعله نهدك بالحلمة إما فرقت بينهما شظية وما الذي أفعل بالقبلة إن عز الأمان هأنذا في الشارع الموقوت حسب موعدي منتظر أكان لا بد من الموعد في الشارع؟ إني صامت وخائف لا أنطق احتجاجي المرير تعرفين أني دونما لسانْ وها هي الآن الشظايا ملأت فمي وقد صارت بديلاً للّسانْ ____________ من ديوان: للخوف كل الزمان |
||||||
08/02/2009 | #17 | ||||||
مشرف
|
بعض مما قالوه في رثاءه |
||||||
08/02/2009 | #18 | ||||||
مشرف
|
كما لو نودي بشاعر أن انهض على أربعة أحرف يقوم اسمُك واسمي، لا على خمسة. لأن حرف الميم الثاني قطعة غيار قد نحتاج اليها أثناء السير على الطرق الوعرة.في عامٍ واحد وُلدنا، مع فارق طفيف في الساعات وفي الجهات. وُلدنا لنتدرّب على اللعب البريء بالكلمات. ولم نكترث للموت الذي تَدقّه النساء الجميلات، كحبة جوز، بكعوب أحذيتهن العالية. عالياً، عالياً كان كُل شيء... عالياً كالأزرق على جبال الساحل السوري، وكما يتسلق العشب الانتهازي أسوار السلطان، تسلقنا أقواس قُزحٍ، لنكتب بألوانها أسماء ما نحب من الأشياء الصغيرة والكبيرة: يداً تحلب ثدي الغزالة، مجداً لزارعي الخسّ في الأحواض، شغف الإسكافي بلمس قدم الأميرة، ومصائد أخرى لجمهور مطرود من المسرح. لم ننكسر بدويٍ هائل كما يحدث في التراجيديات الكبرى، بل كأشعة شمس على صخور مدَببة لم يُسفك عليها دم من قبل، لكنها أخذت لون النبيذ الفاسد، ولم نصرخ، هناك، لأن لا أحد، هناك، ليسمع: أو يشهد. دلتني عليك تلك الضوضاء التي أحدثتها نملة بين الخليج والمحيط، حين نجت من المذلة، واعتلت مئذنة لتؤذن في الناس بالأمل، ودلتك عليّ سخرية مماثلة! ولما التقينا عرفتك من سُعالك، إذ سبق لي أن حفظته من ايقاع شعرك الأول، يُفزع القطط النائمة في أزقة دمشق العتيقة، ويبعثر رائحة الياسمين. لم يكن لنا ماضٍ ذهبي على أهبة العودة، كما يدّعي رواد المقهى الخائفون من القبض على قرون الحاضر الهائج كالكبش، ولا غد أكيد، خلفنا، كما يدعي رواد الشعر الخالي من الملح، المتخم بفراغ المطلق. لم نبحث إلا عن الحاضر. ولكننا، من فرط ما أُهنّا، بشرنا بالقيامة بصوت مرتفع، أثار علينا غضب الملائكة المنذورين لصيانة اللغة الصافية من غبار الأرض، والباحثين عن الشعر الصافي في جناح بعوضة. ودُعينا، في غرف التشريح معقمة الهواء والكلام، الى بتر المفردات كثيرة الاستعمال. وسرعان سرعان ما علاها الصدأ من قلة الاستعمال، وفي أولها: الحياة... ومشتقاتها. لكننا آثرنا أن نخاصم الملائكة. ممدوح، لا أطيق سماع اسمك الآن، لأنه يذكرني بما ينقصني من رغبةٍ في الضحك معك على عورة بردى المكشوفة كأسرارنا القومية. ولأنه يُذكرني بمدى حاجتي الى استراحة من الركض آناء النوم، بحثاً عن حلم مسروق، أراه واضحاً وأحاور السارق. ويذكرني اسمك بما أنا فيه من طقطقة كأني حبّة بلوط في موقد الفقير ليلة العيد. لهذا، اكتب اسمك ولا ألفظه، ففي الكتابة يتموج اسمك على ماء الحضور. وفي الكلام أسمع وحش الغياب يطاردني من حرف الى حرف، ليفترس الشلو الأخير من قلبي الجائع الى هجائك المادح. ممدوح! ماذا فعلت بك وبنا؟ فلم نعد نحزن من تساقط شعرك المبلل بالزيت، فإنك تستعيده الآن من عشب الأرض. ولكن، في أية ريح أخفيت عنا سعالك، فلم يعد في غيابك متسع لغياب آخر. لا لأن حروف اسمك هي حروف اسمي، لا أتبين من منا هو الغائب، بل لأن الحياة التي آلفت بين ثعلبين ماكرين لم تمنحنا الوقت الكافي لنقول لها كم أحببناها، وكم أحببنا فجورها وتقواها... فتركت ثعلباً منا بلا صاحب. لا جلجامش ولا انكيدو. ولا الخلود هو المبتغى ولا قوة الثور. فنحن الخفيفان الهشان، كواقعنا هذا، لم نطلب أكثر من وقت اضافي لنلعب بالكلمات لعباً غير بريء، هذه المرة، أو لنورث ما لم نقله بعد من لم يقل بعد. ولنجعل من الشعر مزاحاً مستحباً مع العدم. لكن حرف الميم الثاني في اسمك واسمي ظلَّ قطعة غيار لا تنفع. ممدوح! هذا هو وقت الزفاف الفاحش بين الرعد والصحراء، شرق الشمال، لإنجاب الكمأ اعجازي التكوين. صف لي ولادة الكمأة أصف لك عجزي عن وصف القصيدة، فانظر شرق الشمال! هي حسرة التعريف، أنين الرمل على الشاطئ حيث يرفع القمر، بأصابعه الفضية، سروال البحر وقت الجزر، ويرش علينا قصيدة حب، إباحية التصوف. فاغضض من صوتك، لا من بصرك، وانظر. فمنذ ولادة اللغز الكوني، والشعر مختبئ في أشد المواقع انكشافاً. ويظهر جلياً جلياً في اللامرئي من سماء مسقوفة بكفاءة الغيب. كل الأزهار شريفة حيث تترك لحالها، ما عدا القرنفلات الحمر التي يضعها الجنرالات، ما بين وسامٍ ونجمة، على بزة سوداء أو كحلية... لخداع أرامل الشهداء. وكل اليمامات نظيفة، حتى لو بالت على شرفاتنا والوسائد، ما عدا اليمامات التي يدربها الغزاة والطغاة معاً، وعلى حدة، على الطيران الرسمي في أعياد ميلادهم، وفي مناسبات وطنية أقل أهمية. الآن، لا أتذكر شيئاً منك. فالذكرى تلي الحرب والموت والزلزال. وأنت، ما زلت معي تكتب هذه المرثية، على هذه الورقة البيضاء، في هذا الليل البارد... أو نكتبها معاً لشاعر محبط. فلعلها لا تعجبه فيتوقف عن اغتيال نفسه، الى أن يقوم غيرنا بكتابة مرثية أفضل، لا تعجبه هي أيضاً، فينتظر غيرها ويحيا أكثر. كما لو نُودي بشاعرٍ أن انهض من هذا الألم. وأنسى الآن، لتبقى معي، أكثر من غلسٍ لم يدركنا ولم ندركه قبل أن تُفرغ آخر كرم عنبٍ مقطر في كأسك التي لا تخلو أبداً إلا لتنكسر، أيها العاصر الماهر! ليس هذا مجازاً، بل هو أسلوب ليلٍ لا يصلح إلا ضيفاً، وأنت المضيف الباذخ. وإن افتأت عليك، كصديقٍ حامض القلب، عاملته بالحسنى وأرقت عليه حليب الفجر. لكني لا أنسى ضحكتك التي تشبه شجرة زنزلخت مبحوحة الأغصان، عاليةً وعريضة، لا تاريخ لها منذ صار التاريخ قهقهة عابثة. ومنذ عادت الجرار الى حفظ الصدى، كالزيت، خوفاً عليه من آثار الشمس الجانبية. كم حيَّرني فيك انشقاق طاقاتك الإبداعية عن مسار التخصص، كعازفٍ يحتار في أية آلة موسيقية يتلألأ. لم أقل لك ان واحداً منك يكفي لتكون عشيرة نحل تمنح العسل السوري مذاق المتعة الحارق. بحثت عن الفريد في الكثير، من دون أن تعلم أن الفريد هو أنت. وأنت أمامك بين يديك. ألا ترى اليك، أم وجدت نفسك أصفى في تعددها، يا صديقي المفرط في التشظي ككوكبٍ يتكون. فصصت الثوم للقصيدة لتحمي شرايينها من التصلب. فالشعر، كالجسد، في حاجة هو أيضاً الى عناية طبية، والى فصادٍ كلما أُصيب الدم بالتلوث. آه، من التلوث الذي جعل الإيقاع نشازاً، واستبدل حفيف الشجر بموسيقى الحجر، واعتبر الحياة عبئاً على الاستعارة! لكن هذا لم يهمك. لأن الحياة لا تُوهب لتعرف أو تعرض للنقاش، بل لتُعاش... وتعاش بكاملها، وتُلتهم كقطعة حلوى إلهية، أو شفتين ناضجتي الكرز. وقد عشتها كما شئت أنت، لا كما هي شاءت. أحببتها فأحبتك. وشاكست ما يجعلها أحد أسماء الموت، في عصر القتل المعولم الذي يمنح القتلى قسطاً من الحياة لا لشيء... الا لينجبوا قتلى. يا ابن الحياة الحر، أيها المدافع عن جمال الوردة العفوي، وحرية العشاق في العناق على مرأى من كهان الطهارة اللوطيين! من بعدك سيسخر ممن يتقنون تسمية الآلهة، ولا يقوون على تسمية الضحايا؟ يأنفون من الانتباه الى دم مسفوك على طريق المعراج، ويسرفون في التحديق الى غيمة عابرة في سماء طروادة، لأن الدم قد يلطخ نقاء الحداثة المتخيلة، ولأن الغيم سرمدي الدلالات. لعلهم على حق، ما دامت هزائمنا تستدعي تطوير النقد الى هذا الحد! لكن هذا أيضاً لا يهمك، أيها المتعالي على التعالي، أيها العالي من فرط ما انحنيت بانضباط جنديٍ أمام سنبلة، ونظرت، حزيناً غاضباً، الى أحذية الفقراء المثقوبة، فانحزت الى طريقها الممتلئ بغبار الشرف. الشرف؟ يسألك المترجم: ما معنى هذه الكلمة؟ فلم أجدها في الطبعات الجديدة من المعاجم. ممدوح، يا صديقي، لماذا كما يفعل الطرخون خانك وخاننا قلبك؟ لماذا لم تعلم كم نحبك؟ لماذا تمضي وتتركني ناقصاً؟ لماذا... لماذا؟ ألقى الشاعر محمود درويش هذا النص في أربعين الشاعر السوري الراحل ممدوح عدوان آخر تعديل butterfly يوم 08/02/2009 في 01:52. |
||||||
أدوات الموضوع | |
|
|