س و ج | قائمة الأعضاء | الروزناما | العاب و تسالي | مواضيع اليوم | بحبشة و نكوشة |
|
أدوات الموضوع |
14/12/2009 | #289 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
12 كانون الأول نحن نشعر أحياناً أن بإمكاننا أن نصلي بصمت و بدون كلام . و لكن هنالك شرطاً أساسياً يتعذر علينا من دون تحقيقه أن نصلي ، ألا و هو التوق الصادق إلى الصلاة . نحن نخشى التقرب من الله لأن القرب منه يدفع بنا إلى ألف تساؤل و تساؤل . ماذا تُراه يقول لي عندما أقترب منه ؟ ماذا عساه يطلب إليّ؟ المجهول دائماً مصدر خوف . و في حال التقرب من الله يصبح الخطر أعظم لأن حياتي برمتها في الميزان فهو قد يقلبها رأساً على عقب و يعيد تنظيم قيمي كلها مرَّة أخرى . و إنني في كل حوار أراني متساوياً مع محاوري : أفكاري توازي أفكاره . و أنا أتخذ قراراتي بمعزل عنه . أما في الحوار مع الله فالأمر غير ذلك ، إذ إنه يقول : " توقف و تذكر أنني الله " . قال ألبير إينشتين Albert Einstein : " عندما اقترب من الله ، علي أن أخلع نعلي من رجلي لأن الأرض التي أنا سائر عليها أرض مقدسة " . |
||||
14/12/2009 | #290 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
13 كانون الأول من الشروط الأساسية للصلاة الاستسلام . هذه الكلمة وحدها ترعبنا . و لكن الواقع أن هذا الموقف من الله أمر لا بد منه في كل صلاة . هذا ما استوقفني في حياة امرأة كتبت قصتها بنفسها و قرأتها منذ زمن ، و هي تخبر كيف أنها وُلدت و ترعرت في عائلة فقيرة إلى أن التقت شاباً قررت و إياه أن يتزوجا . و كان ميسور الحال فاتخذا لهما منزلاً في منطقة جميلة راقية . و ما إن ولدت طفلها الأول و جوّالعائلة يفيض بالبهجة ، حتى أحسَّت يوماً بأنها مريضة . و بعد أن أُخضعت للفحوصات و التحاليل أتاها الطبيب كئيباً ليحمل إليها خبراً ما كانت تنتظر سماعه البتة : " لقد توقف كبدك عن العمل تماماً " . فأجابته و في صوتها ارتجاف و صراع : " أأنت تقول لي إنني أشرف على الموت ؟ " فخفض عينيه و قال بصوت هادئ مرتجف : " لقد عملنا كل ما في وسعنا " . ثم غادر غرفتها و مضى . شعرت أن نار الغضب تتأجج في داخلها . و هي في قمة الغضب ، أرادت أن تعبر لله عن رفضها له و للحال التي هي فيها . فوقفت و توجهت نحو الكنيسة في المستشفى و هي في وهنها تسند يدها إلى حائط الممشى الذي يفصل بين غرفتها و الكنيسة ، فقد شاءت هذه المرة أن تكون المقابلة معه وجهاً إلى وجه . وصلت إلى الكنيسة و لم يكن هناك أحد فتقدمت نحو الهيكل و هي تردد الحديث الذي تريد أن تجابه الله به : " إنك إله كاذب مزيف . أنت تقول للناس منذ ألفي سنة إنك " تحب " . و لكن ما إن يجد إنسان شيئاً من السعادة حتى تأتيه مصيبة تعيده إلى بؤسه و شقاه . لقد أردت أن أقول لك إنني عرفتك الآن على حقيقتك و أن كل شيء بالنسبة إلي قد انتهى " . و بينما هي تقترب من الهيكل ، إذا بها تهوى من ضعفها و تسقط . فوجدت نفسها أمام عبارة كُتبت على السجادة أمام باب الهيكل : " أيّها الرب يسوع ، ارحمني أنا الخاطئة " قرأت تلك العبارة و رددتها ، فجأة تبدد غضبها و تبخرت كلمات العنف التي كانت تريد أن تجابه الله بها . فوجدت نفسها تسند رأسها بيديها و تردد " أيها الرب يسوع ارحمني أنا الخاطئة " . ثم توقفت و راحت تصغي بصمت و في عمق نفسها سمعت صوتاً يقول لها : " إن ما حدث لك دعوة من الله لتسلمي حياتك إليه . يعمل الأطباء هنا ما في وسعهم و لكنني أنا الذي سوف يشفيك " . و في ظلمة تلك الليلة كان موعدها مع الله فأسلمت إليه أمرها و ألقت بحياتها بين يديه . عادت إلى غرفتها و غرقت في سبات عميق . و عندما أجريت لها الفحوصات في اليوم التالي عاد إليها الأطباء ليقولوا لها إن كبدها عاد يعمل مجدداً ! لقد قادها الله إلى حافة الهاوية ، تماماً كما فعل بأيوب في العهد القديم ، و لكنه فعل ذلك ليحملها على الاستسلام لإرادته . إنه شرط أساسي لكل صلاة . لتكن مشيئتك ! و لكنه موقف مخيف يجعل المرء يشعر و كأنه عريان من كل ما يمكنه أن يدافع به عن نفسه . هنا تسقط العقبات و تكشف الأقنعة و يبقى صوت الله يدوّي : " توقف و تذكر أنني الله " . |
||||
14/12/2009 | #291 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
14 كانون الأول لكل منا فكرته الخاصة عن الله و لكن قد لا نعبر عنها كلنا بالكلمات عينها . بيد أن فهمنا لله ليس عقلانياً بالدرجة الأولى ، و نحن لا نعرف المصدر الحقيقي لمفهومنا له . و لكن لهذا المفهوم تأثيراته العميقة في حياتنا . فهو قد يدفعنا إلى الأمام أو يشدنا إلى موقف متردد أو متحجر . نحن نقرأ في سفر التكوين أن الله خلق الإنسان على صورته و مثاله ، و لكننا نحن أيضاً نخلق في أذهاننا صورة لله هي على صورتنا البشرية و مثالها . و هي تأتي نتيجة تفاعلات عناصر متعددة فينا : آراء الأهل و مدرسي الدين و اختباراتنا الشخصية و علاقاتنا بمَن هو منا في موقع السلطة . . . كل هذه تجعلنا نخلع على الله أدواراً مختلفة : فهو يوماً شخص عيل صبره ، و يوماً آخر شخص مترفع عن قضايا البشر ، و صور أخرى متعددة نُخالها فيه و هي بعيدة كل البعد عن حقيقته . و الحقيقة أن الله محبة ، تلك هي طبيعته و هذا ما تعلمنا إياه الكتب المقدسة . و حب الله يفوق كل فهم و كل تصور و أن أمراً واحداً تعرفه و هو أن كل ما يصدر عن الله إنما أساسه الحب . |
||||
15/12/2009 | #292 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
15 كانون الأول إن الضعف الذي فينا يجعلنا غالباً نعيش في فزع مستمر من الله . و كذلك من الذين يعرفون الضعف الذي فينا . ما من شك في أننا ضعفاء و أننا ندفع من جراء ذلك أحيناً ثمناً باهظاً ، و قد يدفع الآخرون أيضاً بعضاً من ثمن أخطائنا . فإما أن نقر بواقعنا هذا و نتصالح معه و إما أن نرتدي الأقنعة و نمشي و نعيش في عداء مستمر مع أنفسنا . و في المصالحة هذه مواجهة للواقع و انطلاق برفقة الراعي الصالح الذي لا ينفك يبحث عن الخروف الضال حتى يجده . كم من مرة قرأت في الإنجيل مَثَل الابن الضال ( لوقا 15 / 11 - 32 ) و كم شعرت بأنني أحياناً بددت مواهبي في صغائر الأمور التي تشير في الواقع ، طبعاً ، إلى سطحيتي و عدم النضج عندي . و لكني كنت دوماً أسلك طريق بيت أبي مرةً أخرى " علّه يقبلني كأحد أجرائه " ، و قد وجدته دوماً ينتظرني و ذراعاه مفتوحتان و قلبه يخفق فرحاً لأنني عدت إليه . لقد سلكت هذا الطريق مراراً و في كل مرة كنت أختبر عطف الله و حبه و رحمته . |
||||
16/12/2009 | #293 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
16 كانون الأول أخبرني مؤخراً أحد أصدقائي قصة السمكتين اللتين كانتا تسبحان في المحيط . إحداهما كبيرة و الأخرى صغيرة . أتت السمكة الصغيرة و سألت أختها : " أين هو المحيط ؟ " فأجابت السمكة الكبيرة : " أنت تسبحين فيه " . لم تفهم السمكة الصغيرة و سألت مرة أخرى : " أريد أن أعرف أين هو المحيط ؟" فأجابت السمكة الكبيرة مجدداً : " أنت الآن في المحيط " . فذهبت السمكة الصغيرة تبحث مجدداً عمن يجيب عن سؤالها . يقارن صديقي السمكة الصغيرة بمَن يسأل : " أين هو عالم الروح ؟ " فيجيبه كما أجابت السمكة الكبيرة ، " إنك في هذا العالم " . يقول فيكتور فرنكل Victor Frankl إن علم النفس الحديث أمضى نصف قرن يبحث في أمور العقل و الجسد و أهمل كل ما يمت إلى الروح بصلة . إنه أهمل و الواقع أننا جسد و عقل و روح . فعندما يمرض الجسد نذهب به إلى الطبيب ، و عندما يمرض العقل نستشير العالِم النفسي . و لكن الأرواح أيضاً تمرض ، فهي تماماً كالجسد تجوع و تعطش و فيها حاجة إلى الغذاء و التمارين المنتظمة . و لكن تُرى ما هي علامات مرض الروح ؟ يبدأ المرء يبغض الناس و يغذي الأحقاد و لا يجد في حياته و عمله أي معنى . فيبدو و كأن ما من شيء يُفرحه . و يجد نفسه ضعيفاً عندما تكون فيه حاجة إلى القوة و يروح يتذمر و يلقي باللائمة على سواه . إنه يجد نفسه فر فراغ مما يسميه الكتاب " مواهب الروح " : الحب أو المحبة ، و السعادة . و السلام و طول الأناة و الصداقة و الرحمة و الرفق و الصدق و السيطرة على الذات . نحن خُلقنا و في أنفسنا فراغات لا يملأها سوى الله . و إذا ما أبينا أن نلجأ إليه كي يملأها ، لا بد و أن نحاول نحن ، بما فينا من ضعف ، أن نملأها بأنفسنا فنروح نتبجح أحياناً و نتكاذب أحياناً أخرى و نُسيء الكلام عن الآخرين . . . نتسابق إلى المركز الأول ، إلى السيطرة على الآخرين ، ونتهافت على كل ما يلذ و يطيب و لكننا نجد أنفسنا في نهاية المطاف نتخبط في فراغ مؤلم لا يملأه سوى الله . |
||||
17/12/2009 | #294 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
17 كانون الأول إن كلمة ساعة ترتدي عادة معنى بسيطاً يشير إلى الوقت . أما في الكتاب المقدس فإن " ساعة الله " تحمل معنى روحياً خاصاً . إنها تشير إلى نقطة تحول في حياة إنسان أو في تاريخ البشرية من خلال عمل خاص يقوم به الله . و أنا الآن في عمري المتقدم أعلم حق العلم أنه ليس بإمكاني أن أعرف مسبقاً متى تأتي " ساعة الله " كما أنه ليس باستطاعتي أن أفرض الوقت الذي فيه يتدخل الله في حياتي بطريقة خاصة . لذلك فهو يطلب إلينا أن نعيش في يقظة . فالله سيأتي إليك و إلي متى يشاء و كيفما يشاء . إننا نحاول أحياناً أن نفرض على الله سلوكاً معيناً و كأننا نريده مطواعاً كالآلة . و لكننا سرعان ما نكتشف ، و بألم عميق أحياناً ، أن الله ليس كذلك . و إن الأوقات و الأزمنة كلها رهن إرادته و أن طرقه ليست دائماً طرقنا . فما علينا نحن سوى أن نكون متيقظين مستعدين لأن نتقبل تلك اللحظات . و يبدو لي أحياناً أن الله يتدخل عندما نقترب من حدود اليأس و عدم القدرة على تحمل أعباء الحياة . و لكن قسماً من الثقة التي لنا بالله أنه سوف يأتي في اللحظة المناسبة و الطريقة الفضلى . عليك أن تسمح لي بأن أكون ما أشاء و عليّ أن أدعك تكون ما تريد أن تكون ، و على كل منا أن يقبل الله في حياته كما يشاء أن يأتي و متى يشاء . |
||||
18/12/2009 | #295 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
18 كانون الأول إني متثبت من أن الله يتصل بنا من خلال منافذ عدة . أفكر في الكتاب المقدس ، كيف أنه يُشكل بكامله سجلاً لمثل تلك الاختبارات الروحية ، و كيبف أن الله يدخل تاريخ البشرية بقوة ليستوقف الناس و يتكلم إليهم . أنا أؤمن أيضاً بأن الإله نفسه حاضر و يتوق أن يتكلم إليك و إلي ، تماماً كما تشوق إلى الكلام مع إبراهيم و إسحق و يعقوب و أشعيا و إرميا . إنه تكلم إلى العديد من قبلنا ، و إيحاءاته أثمرت في العديد من الناس حياة جميلة و أعمالاً كبيرة . أنا كنت دائماً على يقين من أن الله هو الذي استوقف بولس على طريق دمشق ، و تتبع أوغسطينس دي لويولا أن يدع السيف جانباً و يتحول إلى مناضل في سبيل ملكوت الله . نعم ، بالتأكيد ، إن الله هو الذي صنع جميع تلك الآيات في أولئك البشر العظام . |
||||
|
|