![]() |
الآن تقاطع قدري بقدرهم
الآن تقاطع قدري بقدرهم ما جرى لي عبر الزمن لم أعيه ..! لم أعي سبب توازي قدري لقدرهم ! لم أك فقيرا ً بالماضي ... أبي أقطاعي ، كان له ، البر ، النهر ، الحجر وأنسه وإنسانيته . دارت رحى الأيام علينا زارعا ًبصدورنا جيف التأميم على برنا ونهرنا وزرعنا . جفت منا القلوب وتحجرت ، أبيضت مآقينا من هذا التأميم . ولدت في المدينة بعيدا ًعن القرية ، انتدبت ُ إلى مدرسة داخلية تنفيذاً لتقاليد عائلتنا . مات أبي رحمه الله بعزلة مقيتة ، أصدقائه هم ، غرفته بلده ، هوائه خمره ، فكره تاريخه ،حديثه أمجاده . دائرة عانقها متحسسا ً إياها من الداخل ، عالم أخر ، ربما ثالث ..! إلى أن أتى موعد زيارتي له لمعانقة دائرته وتحسسها عنه ..! لن أوقف دمعي عليه لكيفية تحطيم دائرته ، مصباح أذّن بقطع زيته بحبل مشنقة ، أطفئ نوره ونور الدائرة . جسد أزرق وحبل تأميم أشد زرقة قطـّع أوردتنا ووريده . مشهد أمات ذاتي ، عيون تحجرت بصحبة نحيب صامت ، حلقي جف زبده من حمى صقيع المشهد ...! جملة لا فارقته هي مرآته ، رددها لي : ( لدينا مال وجاه وعز كالثلج على نار سقر ) ، عند إسدال جفن عيناي المغمضتان أصلا ً يتراءى لي يرددها مع حذائه وحزامه وعصاه وخيال شاربه ...! نخافه ونحبه ...! وريا الثرى فوق هياكل أبي من جسد وتقاليد وعز وجاه . ، أنهي انتدابي من المدرسة الداخلية دون أكمالها ثم حصلت على وظيفة خارج المدينة في الريف الشمالي . هذا ريف حاذى الأتراك ، لا زالت نفسي توسوس تؤمها عن سبب تحضر شمالي عن جنوبي ...! تتخاصم ضفتي الجسد فنأتي بعلاج الحكمة والوعظ وإحقاق الحق قدر المستطاع . كبرت بالوظيفة وكبر زيف حلمي مخمرين بذكرى مشهد والدي الأخير . في القرية سكنّ قلبي عشيقاتي بشواهد آمان ، فأنا قشرهن وهن حبات رماني ، حرقت شهب الشمس خوفا ً لنعومتهن ، أضمهم ، أمشط شعرهن ، ألمس وجههن ، إلا أن لؤمي هرم فزادني مللا ً وتململ ِ . عشيقاتي ، مكتب خشب ،خزانة حديد ثرثارة وقفلها ، مدفأة هرمة ...! لؤمي هو قشر طلاء متهرئ ..! خـُفـّـِت َوهجي بنعرات مدير ٍ حنـّك بالقطران وعزائي راتب زاجل جثا بمشاشتي زائدا ً غرز براثنه الباردة قبيل جهاده بلا وداعي ، إلى أن أردُيتْ نهاية حياتي البوهيمية بأمر من مديري قائلا ً : خذ هذا الختم ، إنك أجدت الروتين ...! وبلمس الختم ، لامست تسـّيد الأختام على الرقع وغواية الملك بالعظام وسعادة شمائله كلما تفل على عشيقاتي ، تلا فيف حافره حرك مخاض ثقتي وتكبري ...! فما حالي عند سماع صوته ؟ ...! وعند فراقي اليومي له أشعر بذل وخوف وتشرذم ...! ، بالعطل والمناسبات أعود لأمي . أمي ليلى هانم وريثة حياة أرستقراطية أعمدتها ، أسم العائلة وتاريخه ، مسلك حياة ، علاقات اجتماعية . وريثة صندوق ، مزركش العمر ، مغبر الذكريات ، خشبي الأصالة . وريثة حفلات موسيقية دورية ، بوداع أبي هجرنا العازفون وبقيت الآلات تأن ّ داخل أقمشة مخملية حمراء من صفرة صديقاتها وثرثرتهم . تهيم بالمنزل كأن رب المنزل قادم فهي الأم والزوجة والضوء والهواء . يؤلمني رتابة جملها خلف أبواب غرفها الموصدة ، تحادثه ، تشاجره ، لازال معلق بذاكرتي لا بذاكرتها ...! تنتظره وتنساه ، يدثرها كالحمى ليلا ً شتاء ً ، أعتدتُ على تحسس تجاعيد صبرها للقاه ...! لله دره كم ذكرته بعد هجرانه ، لا نشعر بقيمة أنفسنا إلا بعد رحيلنا ...! أقبل عيناها كمن يقبـّل هواء ورمال وما علاها ، لأنها عاشت وستعيش معه ... وقت الدواء أكرهه ، أكرهه ، أسُلـَخُ من ضياء أمي إلى عتمة القطار إلى مجهول أصمني إلى ضجيج الفلاحين إلى ضياء ختمي . أحب هذا الختم ... الكل بحاجة لسلطتي وختمي وإن تكلم لأستنجد بالثلج من حرارة سطوتي . أفتح درج ذكرياتي الخشبي يتسلل الختم ببريقه الخشبي إلى عيناي المسهبتان عليه . أصمت كثيرا ً ، أفكر أكثر بقهر عليه .. وكيف ولى ؟ ! لن أسامح من سرقه مني بغفوة ...! ، سأسامحه وأقبله ...! السارق زوّر أوراقا ً به ، بعد مدة استدعيت للتحقيق بتهمة التزوير . أفرع التحقيق من السب والضرب والتعذيب استهلكوا سهول وجبال كبريائي وعزتي الضبابية ، إلى أن وصلت إلى سريري وحضن أمي جثة هامدة وقلب وأنفاس وذكريات تعمل بحياء علـّها ترضى بحكم القدر وتسليم وقضاء. الآن تقاطع قدري بقدرهم |
يا الله..
شو هالعمق بالكلمات...:D |
كنت فى البدايه
أود أن أختار مقطعا من تلك السينفونيه وأكتب لك رائع لكنى كلما أعجبني مقطع وجدت مقطع آخر أعجبني أكثر وذلك حتى وصلت لقدرك كم رائع قدرك إليك:D |
شكراً لكل من عقّب وقرأ.....
|
الساعة بإيدك هلق يا سيدي 20:03 (بحسب عمك غرينتش الكبير +3) |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2015, Jelsoft Enterprises Ltd.
ما بخفيك.. في قسم لا بأس به من الحقوق محفوظة، بس كمان من شان الحق والباطل في جزء مالنا علاقة فيه ولا محفوظ ولا من يحزنون