-
دخول

عرض كامل الموضوع : فرقة السعادين القومية.!


أبو النسيم
03/08/2005, 20:02
في الأمس، وبعد سيل من العكننة و دفقٍ من القرف، وبعد البهجة التي انصبت على رؤوسنا من جراء الخبر المعجزة أقصد خبر وزارة الإعلام السورية المفخرة التي تنبئنا فيه عن إطلاق موقعها الإعلامي الخاص على شبكة الانترنيت في حين كنا ننتظر إلغاء هذه الوزارة جملة وتفصيلاً من باب تفعيل موضوعة التطوير والتحديث ابتداء من هذا المربع ( ألبوقي ) من بوق على صدئه.! قلت في نفسي: اذهب يا عجوز وروِّح عن نفسك قليلاً..! وهكذا فقد اخترت واحدة من القنوات الجديدة طاخ واسترخيت في انتظار الترويح عن النفس ولكن، ما هي إلا لحظات، حتى تيقنت أن النفس هذه التي أبغي الترويح عنها ستذهب إلى خالقها في الحال هذا إذا استمريت في متعة مشاهدة هذه القناة العروبية الحديثة والمحدّثة على الأربعة وعشرين نكلة.!
كانت القناة التلفزيونية المحترمة تعرض حفلاً حياً لفرقة فنية فيها مغنية راقصة واحدة ومغني راقص واحد وبضعة عازفين على آلات غربية.. الألحان والإيقاع غربي خالص أما الحشو من الكلمات العربية فبلهجة أهل ذاك البلد القريب البعيد.! ومن اللحظة الأولى يتعرف المرء على قائد الفرقة ومطربها البهلوان وذلك من حركاته الغريبة وكأنه وصل للتو من العصفورية.! فهو ينط كالسعدان.. ويلف ويدور ويقفز في الهواء بحيث لم أعد أعرف ماذا يفعل هذا المخلوق على المسرح.! فلا هو يرقص، ولا هو يمارس بعض التمارين الرياضية، ولا هو يغني صحيح أنه يصيح بأعلى صوته ولكن يظن المرء أنه ينادي على جاره في الحارة كي يتوقف عن الخناق مع زوجته أو أنه شاهد شرطياً سرياً يخطو باتجاهه وهو يحمل ( الكلبجات ) .!
أول الأمر، ظننت وبعض الظن ليس إثما أنه من أتباع إحدى الطرق الصوفية وهو الآن يحيي حلقة من حلقات الذكر لكن فتنة الراقصة الجميلة التي تدور من حوله واشتراك العازفين الثلاثة في النط والشقلبة في الهواء ألغت فرضية أن ما أراه هو فرقة صوفية.
والعجيب في الأمر أن فرقة السعادين المرحين هذه لا تعطيك الفرصة لالتقاط أنفاسك فهي لا تهدأ لحظة واحدة إذ تراهم جميعاً يقفزون ويدورون على أنفسهم مع هز رؤوسهم بشكل عنيف لا يحتمله السعدان الحقيقي وهم يحثون الجمهور بإشارات صاخبة من أيديهم تارةً ومن أقدامهم تارةً أخرى لإظهار بهجتهم بمزيد من الحماسة والسعدنة أي التفاعل بالنط والشقلبة والصياح والصفير.. وهم بين الفينة والأخرى يصرخون الواحد بعد الأخر ثم تأتيك على حين غرة صرخة موحّدة مع قفزة هوائية تفلج أذنيك قبل أن يهبطوا من جديد على أقدامهم.!
نعم و تماماً، حالهم كحال القادة من الساسة المناضلين الذين عندهم جرائد حزبية.! وحالهم صورة طبق الأصل عن حالة بعض الأحزاب التي لم يبق عندها غير هدف استراتيجي واحد غير منجز يتمثل بعضوية الجبهة التقدمية .! وحالهم لا يختلف بالمرة عن أحوال وأخوال أعضاء المجلس الكريم لصاحبه الأفندي.! أو السعاة الحفاة في اتحادات الكتاب والصحفجيين ورابطة المحللين الفضائيين والأرضيين المفوَّضين منهم والمندحشين.! وهكذا سرعان ما تعود بك فرقة السعادين هذه إلى مسرح العبث الذي هربت منه لتروِّح عن نفسك فتسَّود الدنيا من جديد في عينيك.. وتكتشف أن لا خلاص لك في هذه الأرض المقدسة ولن ترتاح نفسك في هذه الغابة كما يبدو إلا كما يفعل بعضهم أي بمحاكاة المجانين، أو السعادين، أو أي فصيلة شمبانزية أخرى.!؟ وأنت حر ابن حر على هذا الصعيد بالضد مما يقوله المغرضون، والأوباش، وعملاء السفارات، من أمثال حضرتنا عن فقدان الحرية ألا خسئنا ما أقردنا ها نحن نتسعدن و نكتب عن السعادين كما نرغب ونشتهي .!؟


الكاتب: جهاد نصره