-
دخول

عرض كامل الموضوع : سؤال الفلسفة / بـِ قلم الأستاذ " شايع الوقيان "


اللامنتمي
27/04/2008, 03:02
" فلسفة السؤال "





ما هو السؤال؟ من الواضح أن الفلسفة هي الفعالية العقلية الوحيدة التي تجرؤ على طرح هذا السؤال.

فهو ليس في إمكانِ بقية العلوم والمعارف الأخرى.

كثيراً ما يعشق الفلاسفة إثارة السؤال، فهو الباعث على التفكير والأداء.

وقد تسأل العلوم المختلفة كما تفعل الفلسفة

ولكنها تتوجّه بالسؤالِ إلى موضوعٍ ما، يكون خارجاً عنها بشكلٍ أو بآخر

غيرَ أنها (تأنَفُ) أن ترتدَّ إلى ذاتِها

باعتبارها المشرِّعَ للحقائقِ الذي ينطلقُ من بداهاتِه ومسلماتِه

التي لا تقبل النقاش والجدل. وهي - عند التحقيق - تعجزُ عن القيام بذلك

لأنها في هذه الحالةِ ستكونُ (فلسفةً)

وتخسرُ استقلالَها الذي ظفرتء به بعد جهدٍ طويل.

إلا أنَّ الفلسفةَ من حيث هي كذلك تقوم بما هو أكثر مشقةً وإثارةً للالتباس حينما تسأل عن السؤال ذاته،

عن معناه وما هيته وباعثه. وهل هناك ما هو أبعدُ - فلسفياً - من السؤال؟!



نعم. هناك الدهشة أصل التفلسف كما يقول أرسطو.

أليستء الدهشةُ سؤالاً مضمراً أو، سؤالاً بالقوةِ

إذا ساغَ لنا أن نستعير المصطلح الأرسطي؟!

إن الإنسانَ يستبطنُ السؤالُ كما تستبطنُ الصوانُ الشررَ

ولا ينقدحُ السؤال إلا بالدهشة. والسؤالُ كفيلٌ بأنء يستدعيَ الانتباهَ

وبذلَ الجُهدِ من أجل الكشفِ والمعرفةِ.



إن الأطفال معرَّضُونَ للدهشةِ باستمرار ولهذا تزعجنا أسئلتهم كثيراً.

والفيلسوف طفلٌ كبيرٌ، وهو مزعجٌ لهذا السبب

فهو لا يقدِرُ على مناهضةِ الدهشةِ ومقاومة الأسئلة المغرية.

السؤالَ - كما يقول بلانشو "بحثٌ عن الجذورِ وحفرٌ في الأسس

وتَقَصّ للأصول وغوصٌ في الأعماق"

والفلسفة هي السؤال الكبير الذي يبرر كل الأسئلةِ ويمنحها مشروعيةً.

ومن أجلِ هذا فإن كثيراً من الفلاسفةِ اعتنوا بالسؤالِ فهو الشرط الضروري للتفكير

والباعث الحثيث على التأملِ.

ومتى ما استطعنا أن نثير السؤال بشكل صحيح فإننا أصبحنا على العتبة الأولى للتفلسفِ.




يلاحظُ أنَّ الاستغراب يزدادُ بين الناس حينما يتوجه السؤالُ إلى كل ما هو مألوف ومباشر

لأنه يفترضُ، قَبلاً، الشكَّ فيه وعدم الثقةِ ب (مألوفيَّتِهِ) وبراءتِهِ

كما يتضمنُ الاستعداد للنظر إليه كما هو دون رضوخٍ لإملاءاتٍ ضاغطة

تحاول قمعَ الرغبَةِ في استنفادِه والنَّبشِ عن ممكناتِه، بل وعن غرابتِه وشذوذِه.



لا جديد تحت الشمس هكذا يقال

ولكنَّ السؤال باعتباره إمكانيةً ذهنيةً مفتوحةً قادرة على إعادةِ النظر في كل ما ألفناه

حتى يصبحَ جديداً، سواءً أكانَ تحتَ الشمسِ أو فوقَها.



سأختمُ هذه الفقرةِ دون أن أقدِّمَ جواباً عن ماهية السؤال؛

لأنه يجب أن يظلَّ هكذا، معلَّقاً , ولا يليق بي أن (أغلِقَه)

بجوابِ الماهية وهو النشاط الوحيد الذي يمتاز به الإنسان

ولا يعيقُه سوى الجواب النهائي طويلِ الأمدِ.