الهوى سلطان
23/04/2008, 00:21
عندما نتأمل في ممارساتنا الحياتية ندرك كم نسيء استعمال إمكانياتنا، فالإنسان يملك طاقات هائلة خلاّقة أغلبها معطلة.. بل إن بعضها يموت قبل أن نزيل عنه غلاف صنعه..
* نستعمل عقلنا كصندوق مهجور، فارغ المحتويات، يتكلس بالبلادة ويتحجر بالإهمال، نعامله كدماغ بيولوجي وليس عقلا بشرياً.. وحين نستخرج منه الأفكار لنقدمها وليمة لجياع المعرفة، نكون قد تأخرنا وتكون المادة قد فسدت وانتهت فاعليتها، فنجني التسمم بدل الغذاء كل هذا بسبب سرعة تطور المكتشفات وتنوع مصادر المعلومات، مما يجعلنا ندخل في دائرة الكسل ونتقاعس عن الابتكار والاختراع ونكتفي بإبداعات الآخرين..
والغريب إن كل واحد منا معتـّد بعقله معجب به إلى حدّ الغرور، على خلاف ما قاله الإمام الشافعي..
* كلما علمني دهري أراني نقص عقلي وإذا ما ازددت علماً زادني علماً بجهلي..
* نستعمل عيوننا مثل كرات الزجاج البارد التافه، لا يتعدى بصرنا أرنبة أنفنا.. نحصر وظيفة العين في النظر لما حولنا، والتلصص على الآخرين بحيث نما عندنا البصر وخبت البصيرة.. قليل منا من يُركب لعيونه كشافات تبحث عن كنوز الداخل.. ما يغرينا هو تفاهات الخارج وليس المدى بأفقه، وعلمه، واكتشافاته، وحركة تغييره.. لذلك نحن عميان بعيون بلّورية..
* شعرنا.. الذي كان مقصوصاً، مهذباً، نظيفاً، ينبىء عن رجولة محببه، ندعكه اليوم بما يسمى ''الجل'' وهي تقليعة غربية، ليقف مثل الدبابيس يشوه أناقة الرؤوس عند الشباب، أما عند الناضجين فيقف من هول الأخبار..
* نستخدم أنوفنا في شمّ رائحة الفساد حتى ندمنها لتصير عطر مواسم التبعية !!..
* نستعمل ألسنتنا لنقد هدّام، للقدّح، والذمّ، والنميمة أكثر من أن نستعملها لشكر الله على نعمه كذلك للشكوى لا للنجوى، للكذب لا للصدق، لبذر الفتن لا لترميم العلاقات، مما جعلها تتبرأ منّا فيقال : لسانه بريء منه!!..
* نستخدم أسناننا لقضم الحرام، وأفواهنا لبلعهِ وقد رششنا عليه سكراً مغشوشا اسمه الكذب لنستسيغ هضمهُ..
* نستخدم آذاننا لاقطات لكل أنواع التلوث السمعي، صراخ الأعراس، انفجارات الأسهم النارية، نشرات الأخبار، وقع المصطلحات الكاذبة أولها الثلاثي الواهم حرية، ديمقراطية، حقوق الإنسان..
* نستخدم أيدينا في كبس الأزرار ليأتينا كل شيء إلينا.. لم نعد نرى أيدي خشنة عركـها العمل ونفرت عروقها، وتحوّل أداؤها من معطاءة إلى قابضة !!..
* نستخدم الصدر الذي كان رمز الأمومة والحنان وعاءً أشبه ما يكون بالبلاستيكي أفرغناه من حليبه وعبأناه بالسلكون لنُساير فتيات الفضائيات.. أما أطفالنا فلجأوا إلى أمهم البقرة لترضعهم..
* أما قلوبنا فلها الحسرة كلها لأنها هي أيضاً تحوّلت إلى مضخـّات ترفع ضغط الدم، مما نأكل ونرى ونسمع، ذلك لأن دمنا برد وأحياناً تجمد في العروق بسبب نضوب القلوب من الحب الحقيقي، فتعثر سير الدم فيها، وضلّ طريقه وتجلّط، وفي بعض الأجسام تحوّل ماءً..
* نستخدم معدنا حاويات لقمامات ''السوبر ماركت'' وبديلاً لسيارات القمامة في البلديات ..
* أما الصرّة التي كانت الحبل السرّي الذي يربط الأم بولدها بسريةٍ جميلةٍ أصبحت مكشوفة بوقاحة للعيون الجائعة..
* نستخدم أقدامنا في التجوال في كل الأمكنة دون أن نختار لقدمنا قبل الخطو موضعها، المهم أن نخرج من بيوتنا بأية حجة فلم يعد البيت سكناً وسكينةً بل فندق يؤمه المتعبون من لهاث النهار.. كل هذا جعل من أعصابنا خيطاناً واهية تنفلتُ عن روابطها عند أتفه الأسباب..
بفضل استعمالاتنا الخاطئة تحوّلنا إلى أكياسٍ بشرية مفرغة من المشاعر الإنسانية ومعبأة بالخواء.. كل منا يعاني من الاغتراب المقيت على طريقته بسبب القطيعة بين الأجيال.. وهذا الاغتراب يكاد يفقدنا إنسانيتنا، لأن كل الألقاب تمنح إلا لقب ''إنسان'' فإنه يُكتسب!!..
عذرا على تاخيري ....
الهوى سلطان
* نستعمل عقلنا كصندوق مهجور، فارغ المحتويات، يتكلس بالبلادة ويتحجر بالإهمال، نعامله كدماغ بيولوجي وليس عقلا بشرياً.. وحين نستخرج منه الأفكار لنقدمها وليمة لجياع المعرفة، نكون قد تأخرنا وتكون المادة قد فسدت وانتهت فاعليتها، فنجني التسمم بدل الغذاء كل هذا بسبب سرعة تطور المكتشفات وتنوع مصادر المعلومات، مما يجعلنا ندخل في دائرة الكسل ونتقاعس عن الابتكار والاختراع ونكتفي بإبداعات الآخرين..
والغريب إن كل واحد منا معتـّد بعقله معجب به إلى حدّ الغرور، على خلاف ما قاله الإمام الشافعي..
* كلما علمني دهري أراني نقص عقلي وإذا ما ازددت علماً زادني علماً بجهلي..
* نستعمل عيوننا مثل كرات الزجاج البارد التافه، لا يتعدى بصرنا أرنبة أنفنا.. نحصر وظيفة العين في النظر لما حولنا، والتلصص على الآخرين بحيث نما عندنا البصر وخبت البصيرة.. قليل منا من يُركب لعيونه كشافات تبحث عن كنوز الداخل.. ما يغرينا هو تفاهات الخارج وليس المدى بأفقه، وعلمه، واكتشافاته، وحركة تغييره.. لذلك نحن عميان بعيون بلّورية..
* شعرنا.. الذي كان مقصوصاً، مهذباً، نظيفاً، ينبىء عن رجولة محببه، ندعكه اليوم بما يسمى ''الجل'' وهي تقليعة غربية، ليقف مثل الدبابيس يشوه أناقة الرؤوس عند الشباب، أما عند الناضجين فيقف من هول الأخبار..
* نستخدم أنوفنا في شمّ رائحة الفساد حتى ندمنها لتصير عطر مواسم التبعية !!..
* نستعمل ألسنتنا لنقد هدّام، للقدّح، والذمّ، والنميمة أكثر من أن نستعملها لشكر الله على نعمه كذلك للشكوى لا للنجوى، للكذب لا للصدق، لبذر الفتن لا لترميم العلاقات، مما جعلها تتبرأ منّا فيقال : لسانه بريء منه!!..
* نستخدم أسناننا لقضم الحرام، وأفواهنا لبلعهِ وقد رششنا عليه سكراً مغشوشا اسمه الكذب لنستسيغ هضمهُ..
* نستخدم آذاننا لاقطات لكل أنواع التلوث السمعي، صراخ الأعراس، انفجارات الأسهم النارية، نشرات الأخبار، وقع المصطلحات الكاذبة أولها الثلاثي الواهم حرية، ديمقراطية، حقوق الإنسان..
* نستخدم أيدينا في كبس الأزرار ليأتينا كل شيء إلينا.. لم نعد نرى أيدي خشنة عركـها العمل ونفرت عروقها، وتحوّل أداؤها من معطاءة إلى قابضة !!..
* نستخدم الصدر الذي كان رمز الأمومة والحنان وعاءً أشبه ما يكون بالبلاستيكي أفرغناه من حليبه وعبأناه بالسلكون لنُساير فتيات الفضائيات.. أما أطفالنا فلجأوا إلى أمهم البقرة لترضعهم..
* أما قلوبنا فلها الحسرة كلها لأنها هي أيضاً تحوّلت إلى مضخـّات ترفع ضغط الدم، مما نأكل ونرى ونسمع، ذلك لأن دمنا برد وأحياناً تجمد في العروق بسبب نضوب القلوب من الحب الحقيقي، فتعثر سير الدم فيها، وضلّ طريقه وتجلّط، وفي بعض الأجسام تحوّل ماءً..
* نستخدم معدنا حاويات لقمامات ''السوبر ماركت'' وبديلاً لسيارات القمامة في البلديات ..
* أما الصرّة التي كانت الحبل السرّي الذي يربط الأم بولدها بسريةٍ جميلةٍ أصبحت مكشوفة بوقاحة للعيون الجائعة..
* نستخدم أقدامنا في التجوال في كل الأمكنة دون أن نختار لقدمنا قبل الخطو موضعها، المهم أن نخرج من بيوتنا بأية حجة فلم يعد البيت سكناً وسكينةً بل فندق يؤمه المتعبون من لهاث النهار.. كل هذا جعل من أعصابنا خيطاناً واهية تنفلتُ عن روابطها عند أتفه الأسباب..
بفضل استعمالاتنا الخاطئة تحوّلنا إلى أكياسٍ بشرية مفرغة من المشاعر الإنسانية ومعبأة بالخواء.. كل منا يعاني من الاغتراب المقيت على طريقته بسبب القطيعة بين الأجيال.. وهذا الاغتراب يكاد يفقدنا إنسانيتنا، لأن كل الألقاب تمنح إلا لقب ''إنسان'' فإنه يُكتسب!!..
عذرا على تاخيري ....
الهوى سلطان