ibraham
29/07/2005, 23:30
ها هو ذا يجلس وحيدا على اضواء الشموع... يسترجع ما مضى من حياته...و ما اجتاحه فيها من احداث...و يحلم بمستقبل مشرق يفتح له ذراعيه لينطلق باحثا عن فردوسه المفقود...
ها هو ذا يجلس وحيدا يكتب مذكراته... بعدما تعب من ملاحقة الذكريات...و تاكد انه لا جدوى من بقائه ملتصقا بذلك الماضي و شخوصه الذين باتت طرقهم مختلفة و لم يعد بالامكان ان تلتقي... انهم الان يبنون حياتهم و التي هو ليس فيها الا جزءا من الذاكرة...
ليس سوى "صديق" ...
و كم تحمل هذه الكلمة من المعاني و التصاريف...
لطالما اعتقد انه ليس لها الا معنا واحدا لا يمكن ان يتغير...
لكن...
ككل شيء في هذه الدنيا يتغير...
مثل تعاقب الليل و النهار...
مثل تحول الدنيا من الربيع الى الخريف ثم الشتاء...ببرده القارس...و رياحه القاسية...و مطره الكثير...و اعاصيره و عواصفه التي تغير ملامح الاشياء...و لا يكون امامه الا ان يتقوقع على نفسه و يحبسها خوفا من الضياع... و خوفا من الغرق...
في يوم من الايام ،كان وحيدا...
و لم تكن تؤلمه تلك الوحدة... لانه لم يتجرع سواها...
و في اغفاءة من الزمن... اشرق له فجر جديد...محا ملامح وحدته...و انبت في بيدائه الامل...
زرع الحب و الصدق... و جني الذكريات....
واليوم
يجد نفسه وحيدا مرة اخرى...
و يا لمرارتها....
صعب جدا ان تجد نفسك موجودا و غير موجود...
حاضرا ... غائبا...
حيا ... ميتا...
كل ذللك في آن واحد...
انه الضياع...
اختلفت معاني الاشياء في عينيه...
و تضاربت الحقائق في داخله...
شيء ما في داخله انطفأ...
ليس طفلا باكيا...
ليس ضعيفا عاجزا...
ليس غبيا جاهلا....
لكنه...
وحيد...
اتدرون ما الوحدة؟؟!!!
الوحدة ان تشعر بالغربة و انت بين اهلك...
ان تشعر بالضعف و انت بين اصدقائك...
ان تكون في وسط الضوضاء و لا تسمع سوى صدى صوتك...
ان ترى كل شيء يتحرك من حولك و انت متجمد في مكانك...
ان تدور في حلقة مفرغة دون ان تجد من يسحبك منها...
ان تتعثر فلا تجد من ياخذ بيدك و ينفض عنك التراب...الوحدة...
ان تصرخ فلا تجد من يسمعك...
ان تتالم فلا تجد من يضمد جراحك...
الوحدة انك اذا اردت ان تبكي،لا تجد صدرا حنونا يضمك...و لا يدا دافئة تمسح دموعك... و لا قلبا يتسع لك....
الوحدة ان لا تجد انسانا يتقبلك كما انت...يستمع اليك باذن صاغية...و لا يستهين بما عندك...
/
/
/
/
ها هو ذا يغلق كتبه و دفاتره...
و يجمع اوراقه المبعثرة...
و بعينين ملؤهما الحنين...
و قلب نابض بالحياة...
يرفع يديه الى السماء...ليشكر ربا يعلم انه لن يتركه وحيدا...
-----------------------------------------------
مرافعات ميت
مُدِّيْ يديــكِ ، وكُفِّيْ نظرة العَجَـبِ
واستدركي، لا أرى في الموت من عجبِ
غريبةٌ ؟ لم تري من قبل ملحمةً ؟
ومسرحــاً من توابيتٍ ومن شغب ؟
ألم تري ميّــتاً من قبل يشرع في
تأبينه ؟ لم تري ملهاةَ من نســب؟
لم تحضري حفلة التشخيص تلك؟ أما
تدرين كم رصدوا في الحزن من كذب؟
إذن ! .. تعــالي أقيمي فيّ وابتدئي
عُدِّي المسافات قيسي حمـلة السّغب
تَحيَّدي ، في انكشافي تشرفين على
غلــواء معركة المعراج للعطـب
خذي قراءات ترمومتر زلزلتـي
كم نبضةً تمخر الأنحاء في طلبي ؟
قرأتِ ؟ لا ، ليس للأعداد منـزلة
تنبيكِ عن محشر الأصفار في لُجَبي
ولستِ تدرين عن تاريــخ ذاكرتي
سِجِلّ تبديل أعضائي إلى خشــب
وهجمة الرمل والصحراء في بدني
تغريبة الماء عن جلدي وعن حطبي
نعم أنا .. من تسفِّي الريح هامتـه
كما اعتلى الريح يوماً هامـة القبب
هيا اعلني أنت عن تفريغ ذاكرتي
عن بيعها في مزاد العرض والطلب
ثم امسحيني ملفـــاً حجمهُ زمرٌ
عنوانه غير مرغوبٍ بلا سبــب
ونصبي في فراغي أي داهيــــة
فأنت مسئولة التحريــر في نسبي
واسَّاقطي من كتابــاتي كما سقطت
بغداد والقدس والقوقـــاز للصُلُب
وبشري بجيوش الزحف ما اعتمرت
ذبابةٌ تــاج سلطان بلا غضـب!!
وثمَّ قصي على التــــاريخ قصتنا
كآخر العهــــد بالوعّاظ والكذب
ما كان يرويه من تاريخنــا بن زنا
في غفلة دسَّـــه الزاني على الكتب
وسلمي لي على جغرافيــــا وطني
خرائــط الزحف بالأقــدام للركب
قولي لهـــا أنني قد كنت أرسمهـا
رسمتُ ألفــاً وبـاقي الدَّين لم يَجِبِ
سئمت يا أنت .. هل ما زلت منصتة ؟
لثرثراتي ؟ لكشف الستر عن حجبي ؟
أما كفى ؟ هل رأيت الموت؟أين مضى ؟
أغاب عن عمد ؟ كم أخشاه يغدر بي !
أم لم يئن بعد فقدي ؟ هل نسيت متى ؟
أم عدني الموت شيئاً غير محتسب!
أكنت أحيــا وبين الناس لي خطر؟
أم كنت صفراً ؟ فراغا دونما رتب!
وكنت سهواً وغيري كــان ذاكرة
ولم أعش في تفـاصيلي وفي غُرَبي
ما اسمي إذن ما تفاصيلي وما صفتي ؟
أم كنت معنى لشيء غير ذي سبب
كفى .. امنحي ثورة الإفصاح فرصتها
لتنطوي في ثنايــا بيتها الخرب
وبعدها قدري كم أنت غـــاضبة
وكم مضى من قبيل النقش في العصب؟
ولتغفري الذنـب إن الذنب لي وطنٌ
مذ كنت بين النوايــا قلب مغترب
وأوعديني إذا ما صــار منقلبٌ
إليكِ يومــاً ، تجيبيني إلى طلبي
-----------------
منقول عن اصحابها
ها هو ذا يجلس وحيدا يكتب مذكراته... بعدما تعب من ملاحقة الذكريات...و تاكد انه لا جدوى من بقائه ملتصقا بذلك الماضي و شخوصه الذين باتت طرقهم مختلفة و لم يعد بالامكان ان تلتقي... انهم الان يبنون حياتهم و التي هو ليس فيها الا جزءا من الذاكرة...
ليس سوى "صديق" ...
و كم تحمل هذه الكلمة من المعاني و التصاريف...
لطالما اعتقد انه ليس لها الا معنا واحدا لا يمكن ان يتغير...
لكن...
ككل شيء في هذه الدنيا يتغير...
مثل تعاقب الليل و النهار...
مثل تحول الدنيا من الربيع الى الخريف ثم الشتاء...ببرده القارس...و رياحه القاسية...و مطره الكثير...و اعاصيره و عواصفه التي تغير ملامح الاشياء...و لا يكون امامه الا ان يتقوقع على نفسه و يحبسها خوفا من الضياع... و خوفا من الغرق...
في يوم من الايام ،كان وحيدا...
و لم تكن تؤلمه تلك الوحدة... لانه لم يتجرع سواها...
و في اغفاءة من الزمن... اشرق له فجر جديد...محا ملامح وحدته...و انبت في بيدائه الامل...
زرع الحب و الصدق... و جني الذكريات....
واليوم
يجد نفسه وحيدا مرة اخرى...
و يا لمرارتها....
صعب جدا ان تجد نفسك موجودا و غير موجود...
حاضرا ... غائبا...
حيا ... ميتا...
كل ذللك في آن واحد...
انه الضياع...
اختلفت معاني الاشياء في عينيه...
و تضاربت الحقائق في داخله...
شيء ما في داخله انطفأ...
ليس طفلا باكيا...
ليس ضعيفا عاجزا...
ليس غبيا جاهلا....
لكنه...
وحيد...
اتدرون ما الوحدة؟؟!!!
الوحدة ان تشعر بالغربة و انت بين اهلك...
ان تشعر بالضعف و انت بين اصدقائك...
ان تكون في وسط الضوضاء و لا تسمع سوى صدى صوتك...
ان ترى كل شيء يتحرك من حولك و انت متجمد في مكانك...
ان تدور في حلقة مفرغة دون ان تجد من يسحبك منها...
ان تتعثر فلا تجد من ياخذ بيدك و ينفض عنك التراب...الوحدة...
ان تصرخ فلا تجد من يسمعك...
ان تتالم فلا تجد من يضمد جراحك...
الوحدة انك اذا اردت ان تبكي،لا تجد صدرا حنونا يضمك...و لا يدا دافئة تمسح دموعك... و لا قلبا يتسع لك....
الوحدة ان لا تجد انسانا يتقبلك كما انت...يستمع اليك باذن صاغية...و لا يستهين بما عندك...
/
/
/
/
ها هو ذا يغلق كتبه و دفاتره...
و يجمع اوراقه المبعثرة...
و بعينين ملؤهما الحنين...
و قلب نابض بالحياة...
يرفع يديه الى السماء...ليشكر ربا يعلم انه لن يتركه وحيدا...
-----------------------------------------------
مرافعات ميت
مُدِّيْ يديــكِ ، وكُفِّيْ نظرة العَجَـبِ
واستدركي، لا أرى في الموت من عجبِ
غريبةٌ ؟ لم تري من قبل ملحمةً ؟
ومسرحــاً من توابيتٍ ومن شغب ؟
ألم تري ميّــتاً من قبل يشرع في
تأبينه ؟ لم تري ملهاةَ من نســب؟
لم تحضري حفلة التشخيص تلك؟ أما
تدرين كم رصدوا في الحزن من كذب؟
إذن ! .. تعــالي أقيمي فيّ وابتدئي
عُدِّي المسافات قيسي حمـلة السّغب
تَحيَّدي ، في انكشافي تشرفين على
غلــواء معركة المعراج للعطـب
خذي قراءات ترمومتر زلزلتـي
كم نبضةً تمخر الأنحاء في طلبي ؟
قرأتِ ؟ لا ، ليس للأعداد منـزلة
تنبيكِ عن محشر الأصفار في لُجَبي
ولستِ تدرين عن تاريــخ ذاكرتي
سِجِلّ تبديل أعضائي إلى خشــب
وهجمة الرمل والصحراء في بدني
تغريبة الماء عن جلدي وعن حطبي
نعم أنا .. من تسفِّي الريح هامتـه
كما اعتلى الريح يوماً هامـة القبب
هيا اعلني أنت عن تفريغ ذاكرتي
عن بيعها في مزاد العرض والطلب
ثم امسحيني ملفـــاً حجمهُ زمرٌ
عنوانه غير مرغوبٍ بلا سبــب
ونصبي في فراغي أي داهيــــة
فأنت مسئولة التحريــر في نسبي
واسَّاقطي من كتابــاتي كما سقطت
بغداد والقدس والقوقـــاز للصُلُب
وبشري بجيوش الزحف ما اعتمرت
ذبابةٌ تــاج سلطان بلا غضـب!!
وثمَّ قصي على التــــاريخ قصتنا
كآخر العهــــد بالوعّاظ والكذب
ما كان يرويه من تاريخنــا بن زنا
في غفلة دسَّـــه الزاني على الكتب
وسلمي لي على جغرافيــــا وطني
خرائــط الزحف بالأقــدام للركب
قولي لهـــا أنني قد كنت أرسمهـا
رسمتُ ألفــاً وبـاقي الدَّين لم يَجِبِ
سئمت يا أنت .. هل ما زلت منصتة ؟
لثرثراتي ؟ لكشف الستر عن حجبي ؟
أما كفى ؟ هل رأيت الموت؟أين مضى ؟
أغاب عن عمد ؟ كم أخشاه يغدر بي !
أم لم يئن بعد فقدي ؟ هل نسيت متى ؟
أم عدني الموت شيئاً غير محتسب!
أكنت أحيــا وبين الناس لي خطر؟
أم كنت صفراً ؟ فراغا دونما رتب!
وكنت سهواً وغيري كــان ذاكرة
ولم أعش في تفـاصيلي وفي غُرَبي
ما اسمي إذن ما تفاصيلي وما صفتي ؟
أم كنت معنى لشيء غير ذي سبب
كفى .. امنحي ثورة الإفصاح فرصتها
لتنطوي في ثنايــا بيتها الخرب
وبعدها قدري كم أنت غـــاضبة
وكم مضى من قبيل النقش في العصب؟
ولتغفري الذنـب إن الذنب لي وطنٌ
مذ كنت بين النوايــا قلب مغترب
وأوعديني إذا ما صــار منقلبٌ
إليكِ يومــاً ، تجيبيني إلى طلبي
-----------------
منقول عن اصحابها