-
دخول

عرض كامل الموضوع : نــــــــــظـــــــريــــ ة آذان الأنــــــعــــــام !!!!


saman
07/04/2008, 15:44
انا الآن بموضع حيادي لست مع ولا ضد لكن انقل لكم ما كتب في كتاب ( آذان الأنعام ) للكاتب الدكتور "عماد حسن"

////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -/////////////// (////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////)

لنبدأ:

نظــريــة آذان الأنعــــــــام

الجزء الاول

خلق الكون من ماء وتطوره

ألحلقة الاولي:

نص النظرية:
(أورد الأمام القرطبي في تفسيرآية هود 7 حديثا رواه البخاري عن عمران بن حصين قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه قوم من بني تميم فقال: {اقبلوا البشرى يابني تميم} قالوا: بشرتنا فأعطنا "مرتين" فدخل ناس من أهل اليمن فقال: {اقبلوا البشرى يا أهل اليمن إذ لم يقبلها بنو تميم} قالوا: قبلنا، جئنا لنتفقه في الدين، ولنسألك عن هذا الأمر ما كان؟ قال: {كان الله ولم يكن شيء غيره وكان عرشه على الماء ثم خلق السماوات والأرض وكتب في الذكر كل شيء} !

هذا الحديث يطرح حقيقة منطقية وهي ان وجود الله قبل وجود المادة لا يمكن ان يخضع لبحوث العقل البشري الذى لا يمكنه الا دراسة عالم المادة! وجود الله وصفاته وقدراته لا يمكن الوصول اليه الَّا بالإخبار من الله نفسه. دور العقل البشري فى هذا المجال ينتهي بالتأكد من مصداقية المصدر الذى يروي عن الله وفي هذا البحث فالمصدر هو القرآن!

يرتب هذا الحديث مراحل الوجود كما يلى:

1. وجود الله فى عالم الغيب وليس معه شئ.
2. خلق الله الماء و فرض سلطانه عليه.
3. ثـم خلق السماوات والأرض وكتب القانون والنظام الذى يسير عليه الكون.

اولي الملاحظات هنا هي ان خلق الماء سبق خلق السموات والارض بفارق زمني طويل يدلل عليه حرف العطف: ثـــــــــــــــــــــــم ! وبالطبع كان عرشه علي الماء قبل ان تخلق السموات والارض.)

هذا الحديث لا يمكن فهمه من غير فهم العرش.. لان "كان عرشه علي الماء" من المفاهيم التى حيرت المفسرين علي مر العصور... وعليه فسانقل هنا تفسير الكاتب لمفهوم العرش من كتابه, حتي نفهم كيف كان عرشه علي الماء:


الـعـــرش:

< تصف اشهر آيات العرش في القرآن كيف فرض الله سلطانه المطلق علي الكون كله بصورة رهيبة مهيبة. إحدي هذه الآيات تصف كيف فرض الله سبحانه وتعالي سلطانه علي الماء ليكون سر الوجود المطلق, ولكن حتي يسهل فهمها نرتِّلها مع آية اخري مشابهة حتي تفسر احداهما الأخري:

{تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ*الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} 1-2 الملك.
{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ} 7 هود.

هذه الآية وما نسب الي النبي صلي الله عليه وسلم في تفسيرها – الحديث اعلاه- تحمل سرا لا يستطيع البشر فهمه تماما, لأنها بطبيعة الحال تصف امراً لصيقاً بالمـَلكوت الأعلي الذي يعجز خيالنا عن فهمه, ولكن اذا فهمنا كلمة عرش بمعناها المجازي يكون للآية مفهوما أقرب إلي صفات الله واسمائه الحسني.

"عرش" في اللغة تعني السقف, وتستعمل أيضا لتصف سرير أو كرسي الملك, وتستعمل أيضا كبديل لمفهوم السلطان المطلق والمُلك, كأن تقول مثلا "كلَّف العرشُ فلانا ليكون وزيرا"! اذا اخذنا معناها الحرفي المجسم وهو مجلس الملك نكون بذلك قد جعلنا لله جسدا ومقعدا يجلس عليه, ويلبس علينا ذلك أن الله كالمخلوق الذي كان مجلسه علي سطح الماء في يوم ما, فنُخضع الله بذلك الي محوري الزمان والمكان, تعالي الله عن ذلك علوا كبيرا. أما اذا اخذناها بالمعني المجازي وهو "السلطة المطلقة" يكون معني الآية اسهل للفهم, وهو أنَّ أول ما خلق الله من الوجود كان الماء وفيه نفذت سلطته المطلقة فخلق منها كل الوجود أي "وكان سلطانه أولا علي الماء"!

وإذا تدبرنا في الآيتين معا نجد ان هنالك رابطا لغويا رائعا يجمعهما يؤكد تفسيرنا ويوحي بمزيد من العلم. فالآية الأولي في سورة الملك افصحت بلفظ {بِيَدِهِ الْمُلْكُ} ثم انتهت بالتاكيد علي قدرة الله المطلقة, ثم مضت الآية التالية في سورة الملك اعلاه تصف خلق الله للموت والحياة وابرزت الحكمة من ذلك بـ {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}! وهذه الجملة ما وردت في القرآن كله بهذه الصيغة إلا في آية الملك و آية هود هاتين! إذاً في آية "الملك" عبَّر الله عن أن الملك بيده وأنه خلق الموت والحياة {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}! في آية هود استبدل {بِيَدِهِ الْمُلْكُ} بلفظ {وَكَانَ عَرْشُه} ليفيد السلطة التنفيذية المطلقة في الخلق, أي أنَّه لفظٌ أكثر تخصيصا لمفهوم السلطان من لفظ "الملك", ولذلك كان موضع نفوذ تلك السلطة أيضا أكثر تخصيصا, وهو تحديد موضع نفوذها في الخلق وهو الماء {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ}! ولأن عرشه أو سلطته علي الماء هي التي خلقت الموت والحياة فقد أتت الجملة التالية منطبقة حرفيا علي ما عبَّر عنه بلفظ {بِيَدِهِ الْمُلْكُ} وليس عرشه علي الماء كما في الآية الاولي {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}! نلاحظ أنه هنا في آية هود لم يفصح عن خلق الموت والحياة كما في الآية الأولي, ولكنه ذهب أبعد من ذلك فدخل في قانون خلق الموت والحياة وهو سلطته المطلقة علي الماء, لنفهم أنَّها هي التي تحمل سر الموت والحياة, وكان ختام الآية منطقيا جدا مع هذا المعني وهو أنه مضي لمرحلة ما بعد الموت والحياة إلي البعث بعد الموت بسلطته علي الماء أيضا {وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ}. بمعني آخر لمَّا وصف الله خلق الموت والحياة في سورة الملك من غير تفصيل لسر الخلق, استعمل مفهوم {بِيَدِهِ الْمُلْكُ} وكأنه تعبير عام, ولكن لما وصف السر المباشر في خلق الموت والحياة وهو "الماء", استعمل مفهوما أكثر تخصيصا للمك وهو {وَكَانَ عَرْشُهُِ}, و"كان" هنا من "كون" أي أنها تعني "فرض عرشه أو سلطته العليا", ثم ربط بين الآيتين بالحكمة الواحدة من خلق الموت والحياة من الماء وهو "لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا", ولما كانت آية العرش أكثر تفصيلا فقد أتي بتافصيل أكثر, اشتملت علي أنَّ في الماءِ ايضاً سر البعث بعد الموت الذي يبدو كالسحر للكفار والله اعلم!

حديث الرسول صلي الله عليه وسلم ينطبق علي المعني ويبسطه لأن تلك حكمة الحديث! ففيه يصف الرسول صلي الله عليه وسلم أن الله كان وما كان معه شئ وفرض سلطانه علي الماء أي اودعه قوانين الخلق ثم خلق السموات والارض مما يوحي بأن السموات والارض خلقت بسلطانه علي الماء أيضا, وفي داخل السموات والأرض كانت بطبيعة الحال قوانين الموت والحياة ووجود كل شي { وكتب في الذكر كل شئ}, وترجع كل الأصول في الخلق إلي كون سلطان الله المطلق فرض أولا علي الماء ليبدأ منها الوجود!

ولعلَّ مزيدا من التشريح اللغوي والعلمي لمصطلح "عرشه" يزيد معني الآية روعة ورهبة, فالعرش هو السقف أي قمة البناء, واذا افترضنا ان "عرش" هنا تعني "سلطة وقدرة" فإنها تعني قمة القدرة ومنتهاها. ولمَّا كانت قدرة الله تعالي لا سقف لها, فإن معني الآية يمكن أن يوحي بأن الماء هو الذي نال قمة السلطة من الله مقارنة ببقية الخلق وليس أن الله استعمل اقصي سلطته مع الماء, لأن قدرات الله لا نهاية لها. بمعني آخر فان نصيب الماء من تدخل قوانين الله المباشرة كان أعظم مما نالت بقية المخلوقات, أي قمتها وعرشها. هذا التألويل يمثل حقيقة علمية لا جدال حولها, فقد ثبت أن كل ما يمكن أن يخطر علي بال الإنسان يدخل فيه الماء بصورة أو أخري, إذ أن كل نباتات الأرض وما صنع من خشب أو نواتج النبات كان الماء سببا فيه, وكل ما ارتبط بإنسان وحيوان كان الماء جزءاً منه, فضلا عن أن أحدث الاكتشافات العلمية تشير إلي أن كل الكون كان من ماء في بداية خلقه! وما لا يختلف عليه العلماء اليوم ان غاز الهيدروجين هو اكثر عنصر في الوجود ويليه غاز الهيليم وتتكون معظم كتلة النجوم من هذين الغازين, علما بأنَّ الهيليم يتكون بإلتحام اربعة انوية هيدروجين وهو المكون الأساسي للماء. إذاً فلو وضعنا كل الخلق في وضع تنازلي من حيث دخول تفاصيل القوانين النوعية المباشرة التي تمثل قدرة الله تعالي, لكان عرش ذلك التدخل وقمته بين كل مخلوقات الكون هو الماء.

ولعل هذا الفهم الواسع لعلاقة الماء بخلق كل الكون يدفعنا للنظر بعين فاحصة لهذه الآية التي طالما فهمها الناس فهما مجازياً:

{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} 33 الانبياء.

بناءً علي فهمنا العلمي لأنَّ الماء هو اصل كل الكون فمعني هذه الآية يكون حرفيا وليس مجازيا, اي ان الشمس والقمر وما ينتج من الشمس من نور النهار وظلام الليل كلهم يسبحون في ماء الكون. نحن الآن نعلم ان الماء له ثلاثة اشكال فيزيائية هي السائل والغاز والثلج ولكن لما "كان عرشه علي الماء" تعني ان الماء له الحظ الاعلي من تدخل قدرات الله فإن اشكال وجود الماء لهي اكبر من الغاز والثلج, اذ ان كل الطاقات الكهرومغناطيسية التي تتحكم في حركة الكون ليست الا من نواتج الماء وما يتحرك بها وبينها فهو بلا شك يسبح في ماء الكون بشكل او بآخر من اشكاله التي لا يعلمها الا الذي كان عرشه عليه!
هذا الفهم يحل إشكالا كبيرا للمفسرين إذ أن هناك أسئلة لا إرادية تطرأ علي نفس القارئ حينما يفهم "العرش" بمعني مجلس الملك أو الكرسي, و هي التساؤل عن أين كان عرشه قبل أن يكون علي الماء وأين ذهب عرشه بعد الماء, مما يطيش بالخيال في متاهات تهدد عقيدة الإنسان لأنه يبدأ في أن يتخيل الله وعرشه بصورة مجسدة مادية, تعالي الله عن ذلك علوا كبيرا! وليس سرا أن الكثيرين قد فُتنوا بالمعني المجسد لهذه الآية في مراحل مختلفة من التاريخ الإسلامي وما زالوا يُفتنون. فهم العرش بمعني السلطة والقوة يجعل فهم كل الآيات التي ورد فيها لفظ "العرش" منطقياً و سهلا جدا , مثل هذه الآية:
{ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ}20 التكوير. "فذي العرش" هنا تعني ببساطة صاحب السلطان الأعلي والقوة التي ليس فوقها قوة.>

انتهي نقل تفسير العرش المقتبس من اصل الكتاب... وقد اشار الكاتب الي الكثير من آيات العرش في القرآن وشرحها بذات السلاسة اللغوية والعلمية ...نعود الي نص النظرية:

(ولمَّا كان مصطلح "عرش" يفيد القدرة الإلهية العليا فى التنظيم والتحكم فى شؤون الكون, فإن الحديث يوحى بأن الله فرض سلطانه الأعلي اولاً على الماء ليخلق منها كل الوجود لاحقا! ولمّا كانت كلمة عرش تعنى القمة والسقف ايضا فإن ذلك يوحى بأن الماء خلق اولا, ثـم نال النصيب الأعلي من القوانين النوعية والتفصيلية التى جعلت منه المادة الأولى فى الكون, التى دخلت فى خلق كل شئ لاحق, بما فى ذلك السموات والأرض. نلاحظ فى الحديث ان حرف العطف "ثم" يفيد ان خلق السماوات والارض تمَّ بعد فترة من خلق الماء, وحرف العطف "و" يفيد ان الذِكر او نظام تسيير وتطور الكون كتب متزامنا مع خلق السموات والارض!

الماء المقصود هنا هو الماء الطهور الذى عجز الإنسان الى الآن عن تركيبه رغم اكتشافه أنَّ الماء يتكون من ذرتي هايدروجين شديد الاشتعال وذرة اكسجين ضرورية للاشتعال, ويحمل جزئ الماء شحنتين كهربيتين سالبتين فى احد قطبيه وشحنة موجبة مكفائة فى القطب الآخر. الهيدروجين هو اكثر عنصر فى الوجود ويليه غاز الهيليم الذى يتكون من التحام اربعة انوية هايدروجين. الآيات التالية توحي بطبيعة الماء ودوره فى الخلق:

{وَهُوَ الذى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فى سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ} 7 هود!

{أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ} 30 الانبياء! {ناقش الكاتب اسرار الماء في القرآن باستفاضة في الباب الحادي عشر}

هاتين الآيتين تطرحان الحقائق التالية:

1. انَّ فرض سلطانه المباشر على الماء كان سببا فى خلق السموات والأرض!

2. انَّ السموات والارض خُلقتا فى شكل كتلة واحدة مكوناتها ملتصقة مع بعضها وإن كانت مختلفة فى خواصها, لأن الرتق يفيد الإلتصاق بين أشياء مختلفة. تبع ذلك انفصالٌ بطئ لكتلة السموات عن كتلة الأرض لأنَّ الفتق يختلف من الإنفجار ويفيد الانفصال الهادئ البطئ. هذين اللفظين " رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا" يفسران وجود ستة مراحل من التطور أدَّت الى اكتمال تكوين السموات السبع من ناحية والارض من ناحية اخرى.)

saman
07/04/2008, 15:48
خلق الكون من الماء


الحلقة الثانية:


نواصل نص النظرية:
(خلق السماء اولا ثم سواهن سبع سموات طباقاً... وظل الكون في حالة اتساع مستمر كما ورد في الآية:

{وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} 47 الذاريات!


وحتي نفهم شكل السموات والارض وعلاقتهما ببعض نتدبر هذه الآيات:

{يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ} 33الرحمان!
{تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فى يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَة} 4 المعارج.

لمَّا كان القُطر هو الخط الذى يصل بين نقطتين على المحيط مرورا بمركز الدائرة او الكرة, ولمَّا كان العرج هو الصعود بميل, فإننا نستنتج من مثل هذه الآيات الآتى:

1. ان السموات والارض شكلهما كروي.
2. ان الأرض وهي الكرة الصغيرة توجد فى مركز مجموع السماوات, لان انطباق أقطار السموات والارض على بعضهما يقتضي اشتراكهما فى المركز الذى تتقاطع عنده تلك الأقطار.
3. كلما يصعد الى السماء يتبع مساراً منحنيا {يعرج} مع تقوس وانحناء الكون.


ولمَّا كان فى مفهوم الكرة أنَّ النزول يفيد الإقتراب من المركز والصعود يفيد الابتعاد عن المركز نحو المحيط فى أى اتجاه, فإنَّ الإرتفاع يعنى التحرك من المركز تجاه المحيط! اذا أضفنا الى هذه النتائج آيات اخرى يمكننا ان نتخيل عملية بناء السموات والأرض اكثر وضوحاً:

{اللَّهُ الذى رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ} 2 الرعد

نفهم من ذلك كله ان كتلة السموات والارض وجدت ملتصقة { رتقا} ثم ابتعدت السموات من المركز وهو الأرض, فى حركة بطيئة {فتقا} لتتسع الى سبعة سموات وتكون الارض هى المركز الذى يدور حوله مجموع السموات وهي فى حالة اتساعٍ مستمر! نلاحظ ايضا ان عملية رفع وبناء السموات اكتملت قبل استواءه على العرش, لانه عطف الاستواء على العرش بحرف العطف " ثــــــــــم" . هذا يدلل على ان بدء الخلق خضع للارادة الالهية المطلقة { يد الله} , ثم بعد ذلك انطلق قانون التطور او التحكم التلقائي الذى استوي الرحمن عليه!

ولمَّا كان اتساع الشكل الكروي متماثلاً فى كل الإتجاهات, فالكون اذاً فى حالة انتفاخ بطيئ و محكم. كلمة "عمد" تفيد ان السموات ظلت مرتكزة بقوى خفية طاردة وجاذبة على مركز الكون وهو الأرض! ولمَّا كانت مكة تتوسط كتلة الارض ويتم عندها تلاشي الانحراف المغناطيسي , فإن مجموع السموات ربما يكون مرتكزا على مركز الكون وهو الارض, وبالتحديد على وسط الأرض وهو مكة, وربما تكون عبادة الطواف عكس عقارب الساعة حول الكعبة ليست الا تمثيلا لحركة كل الكون حول هذا المركز وتبادل الطاقات بين أجساد العباد وطاقات الارض الكامنة!


هذا الفتق او الإنفصال البطئ المحكم والإتساع المستمر للسماوات لم يخلق فراغا وتجاويف لان الكون ظل متصلا ومكرَّسا, تصل بين كل ذراته من أعلى السموات الى ادني الارض غازات وطاقات كهروـ مغناطيسية وضوئية وقوي مجهولة تجعل منه جسما واحدا متماسكا ومتصلا مما يفسر آية الكرسي:


{اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فى السَّمَاوَاتِ وَمَا فى الْأَرْضِ مَنْ ذَا الذى يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ}255 البقرة!

فالكَرْس هو التلبُّد والتداخل والإلتصاق من غير فراغات وتجاويف, و "كُرْسِيُّهُ" تصف نظام خلقه فى كَرْسِ كل الوجود! )


الــكــرســـي


<لا غرابة أن المفسرين قد اختلفوا اختلافات كثيرة فى تفسير مفهوم "الكُرسي". وقد وجدنا أقرب تلك الآراء الى ما ذهبنا اليه من تفسير العرش بالسلطة المطلقة, هو تفسير ابن عباس الذى أورده ابن كثير فى تفسيره وهو أن الكرسي يعنى العلم! أغلب الظن أن مصدر كلمة كرسي فى اللغة هو من كَرْسٍ وهي تعنى تلبـُّد الشئ حتى لا توجد فيه فراغات وتجاويف, ومنها كلمة "الكُراسة" التى يكتب عليها التلاميذ, وقد سميت "كُراسة" لتلبد وتداخل صفحاتها, ومنها " كَرَّسَ" جهده, أى بذل أقصاه من غير تساهل أو تراخ وكأنه ضغطه ضغطا. والكرسي الذى نجلس عليه يسد الفراغ بين الجسد والأرض تماما ويجعله متصلا بالأرض.


الآية تعتبر أعظم آية فى كتاب الله كما ورد فى الأحاديث, وهي تصف سيطرة الله المطلقة على كل شئ فى الوجود, وإحاطة علمه بكل خبايا الكون. هذا المعنى العام لا يختلف عليه اثنان, ولكن روعة القرآن تكمن دائما فى تطويع اللغة العربية لتقوم بتوصيل المعاني المجردة بصورة مجسمة يسهل فهمها, وفي نفس الوقت تكشف حقائق علمية عن طبيعة الكون غالبا ما تكون خافية على العامة. فإذا قبلنا مفهوم "الكرسي" بأنه مشتق من التلـبُّد والتداخل من غير فراغات وتجاويف, نجد الآية ترسم لوحة فنية مذهلة عن حقيقة الكون!


الى عهدٍ قريب كان مفهوم الهواء غائبا عن فهم الإنسان الذى يظن أن الكوب الذى لا ماء فيه فهو فارغ, ولكن بتطور العلوم اكتشف الإنسان أنه لا توجد فراغات فى الكون. فكل شئ فى الارض موجود داخل مساحة من الهواء الذى يتكون من غازات أشهرها على سطح الأرض هى غازات الأكسجين وثاني اكسيد الكربون والنيتروجين! هذا يعنى أنه بينك وبين أقرب جسم لك سواء كان منضدة أو حائطا لا يوجد فراغ وانما كل خلية فى جسدك الآن على اتصال تام بكل ما حولها عن طريق الغازات التى تكون الهواء غير المرئى, وبالتالى فإنّ كل الموجودات على الأرض إنما هى موجودة فى وسط مُكَرَّس يحيط ويلتصق بها من كل جانب, تماما كما لو تخيلنا أننا نسكن فى وسط البحر وتلتصق بنا مياهه من كل مكان. إذا صعدنا فى السماء تتغير نوعية الغازات ولكن لا توجد فراغات وإنما تحل محل الغازات تدريجيا طاقات خفية غير مرئية من طاقات مغناطيسية وأشعة وموجات صوتية وضوئية وغيرها من أسرار الكون التى لا يعرفها إلا الله تعالى. اذاً فكل الكون مُكَرَّس و متصلٌ ببعضه اتصالا مباشرا من أدني ذرة فى أى مكان فى الأرض الى أعلى مكان فى السموات العُلا!

استعمال لفظ "الكرسي" والتي تعنى نظام التلـبُّد والاتصال من غير فراغات, الذى صممه الله, توحي بأن الله خلق كل هذا الوجود متداخلا ومتصلا ببعضه بعضا, وإن كنَّا لا نري القوي الكهرومغناطيسية التى تحافظ على الكواكب والنجوم فى مداراتها كما لا نري الهواء الذى يملأ المساحة بيننا بعضنا مع بعض ومع ما حولنا من مجسمات, ولكننا نعلم أن الله وصف السموات بأنها مرفوعة بعمدٍ لا نراها وانها متصلة من غير فروج:

{الذى خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فى خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُور}3 الملك!


وآية الكرسي تشير الى أن الله متحكمٌ فى كل هذا الوجود بسماواته وأرضه بصورة مباشرة مادية متصلة مع بعضها البعض ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم! إذاً فالكرسي الذى وسع السموات والأرض ليس مقعدا ذا أربعة أرجل كما يخطر على خيال الإنسان من طبيعة استعمالنا لكلمة كرسي فى حياتنا اليومية, إنما هو وصف لكرس الوجود وعدم وجود فراغات فى أى مكانٍ فى الكون لأن الكون خلق مكرَّسا أى مُتَلَبِّدا ومتصلا من أقصاه الى أقصاه, وخلق الله فيه قوانين نوعية تتحكم فى كل ذرة وما يليها ويخضع كل الكون لنظام الكرس الذى صممه الله تعالى. ولأن هذا الوصف يثير فى النفس رهبة وقشعريرة فى الجسد من مجرد محاولة تخيل عظمة الكون, فقد كانت بداية و نهاية الآية منطقية جدا وهي ان الله لا تأخذه سنة ولا نوم ولا يرهقه التحكم فيه وهو العلي العظيم.

من المهم جدا ان نذكر هنا ان القرآن لم يصف فى أى آية ان الله خلق العرش او الكرسي, او صنعهما او أى شئ من هذا القبيل الذى يجعلهما جسدا او مادة كما وصف انه بنى السماء وجعلها سقفا. هذا يؤكد ان الفاظ العرش والكرسي ليست الا الفاظاً تصف النظام الذى يحكم الكون, تسهل على عقل الانسان التدبر فى قدرات الله, كما نتدبر فى صفاته: الرحمن الرحيم الملك الحكيم العليم.... من غير ان يصف صفاته بانها مخلوقة لانها صفات ومفاهيم مطلقة وليست مجسدات.


إذاً فلا العرش عرشاً كما فهمنا ولا الكرسـي كرسيا, وبطبيعة الحال يصبح استواؤه على العرش ذا مدلول جدير بالبحث. ولا يخفي على الناس أن الاختلاف فى فهم آية: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}5 طه قد ادي الى ان يكفر بعض المسلمين بعضهم, وقد اشتهر عن الإمام مالك رضي الله عنه قوله "الاستواء معلوم والكيف مجهول والسؤال عنه بدعة", ونحن نحمد الله ان يسر لنا ان نأخذ برأي الإمام مالك نفسه حينما قال "كل ابن آدم يؤخّّّّّذ ويرد فى كلامه الا صاحب هذا القبر" مشيرا الى قبر النبي صلى الله عليه وسلم. ونحسب اننا قد وُفِقنا فى الوصول الى فهمٍ يُخرج المسلمين من الحرج فى محاولة فهم هذه الآية! وسنقوم بتفسير ذلك بعد ان نفسر سر القلائـد ومقالـيد السموات والأرض وأسرار البيت العتيق و خلق السموات والارض و سدرة المنتهي فى آخر هذا الكتاب باذن الله.

ولعل فهمنا لآية الكرسي بهذا المعنى يفسر كثيرا من الظواهر الكونية الخفية التى قام عليها نظام انتقال الصوت والضوء و الموجات الكهرو مغناطيسية والتي بدورها أدت الى اختراع التليفزيون والراديو والهواتف المحمولة والانترنت والرادارات واجهزت التحكم البعيد إذ أنها جميعا تبدوا وكأنها غير متصلة مع مصدر إرسال المعلومات, ولكن فى حقيقة الأمر فالكون كله متصل لأن كرسيه وسع السموات والأرض! وأيضا يمكن للإنسان البسيط إذا فهم آية الكرسي كما فسرنا, أن يفهم أن الطائرات لا تطير فى فراغ وإنما تنتقل عبر وسط سميك قادر على حملها رغم ثقلها المتناهي, فقط عندما يفهم الإنسان تلك القوانين التى تحكم كل وسط ثم يسخرها لخدمته, كما فهمت الجاذبية الارضية من "تفاحة نيوتون"! ولعله من المفيد ان نذكر ان كل هذه القوانين المتصلة ببعضها بعضا هى الملائكة او الرسل التى سجدت واخضعت لعقل آدم حينا طوره الله لانسان عاقل فاصبح فى مقدوره اكتشافها والتحكم فيها كما هو حالنا اليوم{ شرح ذلك بالتفصيل في الكتاب في موقع آخر سنعود اليه مع خلق الانسان}.


ولعلَّ آية الكرسي تفسر بكل بساطة ظاهرة المد والجذر التى تتعرض لها كل المسطحات المائية, بل وحتي تركيز الماء فى خلايا جسم الإنسان, بحركة القمر وبقية الكواكب فى الفضاء. فكثير من الناس يصابون ببعض الاضطرابات النفسية عند اكتمال القمر نتيجة لاضطراب التركيز الكيميائي فى خلايا أجسادهم. هذا ليس إلا دليلا على أن نظام الكرس الذى يتحكم فى الكون يعنى إتصال كل الموجودات مع بعضها البعض, وإن كنّا لا نستشعر ذلك الاتصال الا كنتيجة لحركة الأجرام الضخمة فى الفضاء كالقمر.


نحن لا ندعي أن تفسيرنا هذا هو عين ما عناه الله, ولكننا فقط أردنا أن نطرح رأيا يدفع الناس فى زماننا ومن بعدنا لفهم الكون فهما صحيحا و محاولة فهم آيات خالق الكون بقدر ما علَّمنا الله بالقلم فى أى عصر من العصور. قصدنا أن نبرز المعاني الخفية لهاتين الآيتين لأن فهم الخلق لا يستقيم إذا كان الإنسان يعاني من تشويشٍ فى فهمه لقدرات الخالق المطلقة فى الخلق, فلعل الكرسي والعرش ليسا إلا مصطلحات سُخِّرت لتعكس أبعادا لقدرات الله يصعب على الإنسان استيعابها إذا وصفت بألفاظ بسيطة >


انتهي الشرح المنقول من داخل الكتاب....نعود الي نص النظرية.

(ولمّا كان هذا التداخل والإلتصاق بين كل مكونات الكون خاضعٌ لنظام وقانون نوعي دقيق هو "العرش" او السلطة العليا التى تدير ناموس الكون, فقد شاءت الإرادة الإلهية ان يكون ذلك القانون والنظام ثابت لا يتغير وفق أهواء او إنفعالات او تقلب مزاج, رحمة بكل الخلق, وهو ما يفسر آية الإستواء على العرش..).

saman
07/04/2008, 15:50
خلق الكون من الماء


الحلقة الثالثة


اتساع الكون مع ثبات مكوناته:



نعود الي نص النظرية:
( {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} 5 الرحمن { الباب الثانى عشر}
فإستواء الرحمن على العرش وثبات ناموس الكون هو المسؤول عن ثبات الظواهر الكونية من تعاقب الليل والنهار وحركة الرياح والمياه والقوانين النوعية التى تحكم الأحياء وكل تفاصيل الكون التى لا تتغير, مما يتيح الفرصة لعقل الإنسان لدراسة منظومة الكون واكتشاف قوانينها النوعية والتعامل معها بما فيه مصلحته!)

اعتراض:ولما كان مفهوم الاستواء علي العرش من اخطر المفاهيم التي فتنت المسلمين علي مر العصور, فاني انقل هنا تفسير الدكتور لهذا المفهوم منقولاً من الباب الثاني عشر:




الاستواء على العرش:


< فى سورة السجدة ارتبط الاستواء على العرش بظواهر كونية عظمى:

{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ* يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ* ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ* الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ* ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ* ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ} 4-9 السجدة !

نلاحظ ان الاستواء على العرش هنا قد:

1. تلى إكتمال الستة مراحل فى خلق السموات والارض, وقد قدم اليه بحرف العطف "ثـــــــم".
2. تبعه وصف لحجم الكون وسرعة الضوء, ومفهوم النسبية فى الزمان والمكان, ثم تفاصيل خلق وتتطور الانسان عبر مراحل التطور من الطين مرورا بالتناسل الجنسى منتهيا بالعقل!
{ سانقل هذه التفاصيل في الجزء الثانى وهو خلق وتطور الحياة من ماء}

من هذا يمكننا ان نفترض ان مفهوم "الاستواء" يرتبط بالقوانين الالهية التى تحكم الكون وبمقدور الانسان دراستها وفهمها والتعامل معها.

وفى سورة طه بعدٌ آخر للإستواء على العرش, يشرح لنا الحكمة من الاستواء علي العرش, وبالتالي تشرح هذا المفهوم الغامض:

{طه* مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى* إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى* تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَا* الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى* لَهُ مَا فى السَّمَاوَاتِ وَمَا فى الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى* وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى* اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} 4-8 طه!

لا يخفي علينا أنَّ هذه الآيات قد فتنت الكثيرين على مرِّ العصور, وما زالت تسبب حرجاً كبيرا للعلماء والعامة, إذ انَّ إجتماع لفظ "استوي" مع لفظ "العرش" يزيد من التصوير التجسيمى الذى يناقض الصفات الإلهية. ولكنِ استعصى على المسلمين فهمها فى الحقب التى كان فهم ناموس الكون فيها مستحيلا, فظلت مصدر إشكالٍ كبيرٍ فى التأويل! وقد تعامل معها المفسورن بحذرٍ شديد لِما تسببه من فتنة اللانسان, ولعلّ ابلغ ما قيل فى أمرها هو قول الامام مالك رضي الله عنه: {الإستواء معلوم والكيف مجهول والسؤال عنه بدعة}! ونحن نحمد الله تعالى ان جعلنا نعيش فى زمان تكاثر فيه علم الانسان بقوانين الكون التى كانت غيبا على هؤلاء الائمة! وهذا يشمل عِلَمنا بكروية الارض ودورانها حول نفسها وحول الشمس وتوسط الشمس للمجرة الحلزونية وحركة الكواكب والنجوم والمجرات فى الفضاء وقدرة الانسان على التعامل مع قوانين الطبيعة والطيران عكس الجاذبية الارضية فوق السحاب بسرعة اسرع من الصوت.... كل هذه الحقائق الكونية اصبحت من المسلَّمات عندنا ولكنها كانت غيبا على اؤلئك المفسرين الأفذاذ! ونظن انه ليس من حقنا ان نعيد تفسيرها بما آتانا الله من علمٍ فحسب, بل هو واجب شرعى تقتضيه أمانة العلم الذى علمّنا الله إياه بالقلم وما كان متاحاً لغيرنا!

طه: اختلف المفسرون اختلافات كثيرة فى مدلول هذه الحروف ولسنا بصدد نقل آرائهم, ولكن لدينا من العلمِ بكيفية عمل ادوات السمع التى تلتقط الاصوات, والألباب التى تصنفها وتعقلها, ما يجعلنا نظن ان هذه الحروف لها مدلول صوتي يؤثر على مراكز محددة فى المخ, فيقود الى استشعارٍ وهيئة نفسية تجعله اكثر تقبلاً لما يتبعها من كلام مفهوم! وفي هذه الحقيقة العلمية يشترك المسلم والكافر, وما قول الله تعالى إنَّ أنكر الاصوات لصوت الحميرِ الا تأكيدا على ان غير المفهوم من الأصوات فيه الحسن الذى يريح النفس مثل شقشقة العصافير وهديل الحمام وغيرها, وفيه المرعب كنباح الكلاب وزئير الاسود وفيه المنكر الذى يؤدي للاشمئزاز كصوت الحمير! إذا تدبرنا موضوع الآيات لشعرنا ان "طه" فيها مفتاح موسيقي لمراكز الشعور بالرأفة والرحمة والرقة التى تنسجم مع ما سيأتي بعدها من قولٍ رقيق ليس على قلب النبي فحسب, وإنما كان فيه مفتاح لقلبٍ من أقسي قلوب العرب على النبي وهو عمر بن الخطاب رضي الله عنه!

وتمضي الآيات وكأنها تُرِّبتُ على كتف النبي بكل رأفة وحنان كان احوج ما يكون اليهما:

{ مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى* إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى* تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَا }!

ولعلّ فى وصف نفسه بأنه مَنْ خَلَقَ الارضَ والسماواتِ العُلي تمهيدا للتصريح بحقيقة كونية ارتبطت بظروف الآية التى كانت تُهوِّن على النبي وتزيد من عزيمته وصبره على ما كان يعانيه وهو ينتظر رحمة الله وتيسيره, الذى إن شاء لجعل كل الناس مؤمنين من غير معاناة, ولكن ارادته اقتضت ان يُبْتَلَي المؤمنون ويُزلزلوا زِلزالا شديدا قبل ان يأتيهم نصر الله! ونلاحظ ان خلق الارض جاء قبل خلق السموات هنا رغم ان القرآن فى كل آياته التى وصف فيها خلق السموات والارض قدم السموات الا فى هذه الآية وآية اخرى ارتبط صياغ الوصف فيها تقديم الارض لاختصاص الامر كما هو الحال هنا بالارض! هذا التمهيد يؤكده ان الآية التالية تصف علاقة العرش بأحداث فى الارض و تُصرح بأنه رغم ان الله مالك كل شيء, إلا أن رحمته لا تأتي عفوا او عشوائيا لأن قانون الكون اقتضي استوائه على العرش:

{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}

كلمة اسْتَوَى أصلها من سوي, وتعني استقامة واعتدال بين شيئين! سَوَّي تعنى عدَّل ونفَّذ الشئ باستقامة وحكمة, واستوي على قياس "افتعل" من ذات المعنى وتدل على تأكيد وإحكامٍٍ فى التسوية!
وقد رأينا ان لفظ "عرش" حينما يرتبط بالذات الإلهية لا يعنى مجلس الملك, إنَّما قمة السلطة والقدرات المنتظمة المتناسقة فى الخلق والتحكم فيه وتسيير الامور وفق نظام محكم لا يتبدل, وهو ناموس الكون الذى يصعب على الإنسان فهمه مهما اوتي من علم! ورأينا فى تفسير آيات سورة الملك انّ لفظ العرش يَرِدُ بالتحديد حينما تكون السلطة الإلهية مرتبطة بنظام الخلق والمقاليد وليس الارادة الالهية المطلقة! فـ "كان عرشه على الماء" تعنى انه فرض على الماء أعلى قدر من القوانين النوعية التى جعلته يتغير الى أشكالٍ مختلفة, ويدخل فى خلق كل الكون بصورٍ متباينة وبنسبٍ ثابتة { انظر الحلقة الثانية اعلاه}!


ولفظ "على" يفيد ان الله له إرادة مطلقة و حرة فى التعامل مع الوجود من غير قانون او نظام, ولكنه جعل تلك الارادة الحرة تعلو على القانون الذى قدره "العرش" وجعل من شأنه تسيير نظام الكون, وانه قادرٌ على تعطيل القانون الذى صنعه وتغييره او الغائه او ازالة كل الوجود بأرادته التى تعلو عليه! فهو الذى خلق النار الحارقة ولكن حينما شاء, أمرها ان تكون بردا وسلاما على ابراهيم, فكانت, انصياعا لامره المطلق الذى يعلو على قوانين النار النوعية!

ثم رأينا فى آية الكرسي, ان الكون جسم واحد متداخل ومتصل من اقصاه الى اقصاه, وكل موجودٍ فيه اودعه الله قوانين تحكمه وتتحكم فيه وتتداخل مع ما حوله من الموجودات الملتصقة به وِفقَ نظامٍ ثابت منتظم لا تخبُّطَ فيه ولا عشوائية, ويتحكم الله فيه بصورة مطلقة!

تفسير لفظ "العرش" هنا بمعني السلطة العليا فى قوانين وناموس الكون يحل الإشكال فى فهم كيفية الاستواء عليه! فالعرش بهذا المعنى ليس مجلساً وإنما نظام دقيق محكم! وبمجرد إبعاد صفة المجلس من لفظ العرش, يصبح السؤال عن كيفية الاستواء مشروعا جدا لاننا هنا نبحث فى نظامٍ تسيرُ عليه الامور وليس تجسيدا لهيئه الذات الإلهية! فالاستواء عليه فى هذه الآية لا يمكن فهمه الا من مدخلٍ يشمل كل ما نعرف عن نظام الكون من قوانين فلك وطاقات كهربائية ومغناطيسية تحدد مسار المجرات والكواكب والنجوم, وقوانين نوعية تحدد خواص وتفاعلات المواد الكيميائية والفيزيائية والهواء والغازات التى تملأ الكون وقوانين الطبيعة التى تتحكم فى الاحياء وكل صغيرة وكبيرة تخضع لناموس الكون المحكم! بمعني آخر فإن ارادة الله المطلقة تعلو على ناموس الكون الذى خلقه, ولكن ذلك العلو تم بإستواءٍ وتوازن وليس علو تسلط فوضوى!

بمعني آخر فان استواء الله على ناموس الكون الذى صممه تشير الى ان الحكمة الإلهية اقتضت ان يحترم الله ذلك النظام الذى صنعه ويتحكم فيه! فهو الذى خلق نظام الخلق والسلطة العليا التى تدير الكون, وهو الذى جعل كل شئ موزون و متزن ومتناسق مع النظام الكوني, وهو اول من يحترم تلك القوانين التى صنع, رغم انه لو شاء لغير كل الكون وجعله يسير وفق ارادته المطلقة من غير نظام, لان ارادته تعلو على النظام نفسه, ولا يستطيع احد ان يعترض او يتمرد عليه! هذا المفهوم, مفهوم الاستواء على العرش او التعامل باستقامة سوية مع ناموس الكون, يرتبط ارتباطا وثيقا بموضوع الآيات وهي التخفيف عن النبى الذى كان يعانى ما يعانى, ويعلم علم اليقين ان الله قادرٌ على ان ينصره فى اقل من طرفة عين! هنا يقول الله تعالى له انه قادرٌ, ولكن حكمته اقتضت ان كل شئ يقع وفق نظامٍ وأسباب وليس أهواء وعواطف, وما عليه الا الصبر حتى تكتمل اسباب النصر فيتحول الصبر انتصاراً والشقاء نعيما! وهذا المعنى يفسِّر لنا ايضا لماذا تقع الكوارث ولا يتدخل الله بقدرته لايقافها, اذ انَّ كل شئ يقع نتيجة لتداخل قوانين الطبيعة التى خلقها وسمح لها ان تتداخل وفق النظام الذى صممه!

ويفسر لنا لماذا لم ينتقم الله من ابليس ويقتله من اول يوم, وما ذلك الا لأنه تعالى اذا اعطى الحرية لاحد من خلقه فانه يتعامل مع تلك الحرية بحكمة ثابتة لا تخضع للعواطف والانفعالات وتغيُّر الرأى التى يتعامل بها البشر! ومن رحمة الله على المخلوقات التى لا تعلم الغيب, أن الله استوى على ناموس الكون ومن ثمَّ فيمكننا ان نضع مخططاً يقوم على أى حقيقة كونية ثابتة من غير خوف ان هذه الحقيقة ربما تتغير بعد سنوات! فنحن نخطط بناء المدن ونقيم المشاريع الزراعية وفقا لحسابنا لحركة الشمس وشروقها من المشرق وغروبها فى المغرب, رغم ان الله لو شاء لجعل هذه الظواهر الكونية عشوائية لا يمكن حسابها والتعامل معها, ولكن رحمته اقتضت الاستواء عليها أى التحكم فيها من غير خرقٍ للنظام الذى صممه! الماء ينساب من أعلى الى اسفل والليل يعقب النهار, ليس لأننا نعلم الغيب ولكن لاننا نعلم ان الخالق لهذا الناموس والمتحكم فيه قد استوى عليه ولا يغيره بصورة عشوائية! اذاً فهو الذى صنع النظام وهو الذى يحافظ عليه ويتحكم فيه بصورة سوية مستقيمة يمكن للانسان ان يدرسها ويفهمها ويتعامل معها بما فيه مصلحته بحرية مطلقة! وهذا المعنى يدل على رحمة الله التى لا حدود لها على الخلق و على كل الكون, إذ أن كل شئ انسان كان او حيوان يمكن ان يفهم ماذا سيحدث غدا, طالما كان يعلم النظام او العرش الذى كرس الله به السموات والارض! فالنمل والنحل تخطط لحياتها وفقا لتغيرات المناخ وتدخر اقواتا للخريف وما ذلك الا لعلمها ان الرحمن على العرش استوى! وما الكَمُّ الهائلِ من الاكتشافات العلمية فى هذا العصر سواء على يد المسلم او الكافر الا ضربٌ من ضروب استوائه على ناموس الكون او العرش! فالفرصة متاحة للجميع فى التدبر والبحث, ومن جدَّ وجد ومن بحث اكتشف, ومن القى بنفسه الى التهلكة سيهلك مهما كان ايمانه بالله, ومن قاد سيارة من غير فرامل سيصطدم ومن لمس سلك كهرباء مكشوف سيصعق ومن سلك سبيل السلامة فى التعامل مع الظواهر الكونية فى هذه الدنيا سيسلم حتى وان انكر وجود الله وهكذا! فالله خلق النظام واستوى عليه ولا يعدله ارضاءً لاحدٍ ولا حتى لاستعجال النصر لنبيه الذى احبًَّ!

ومن هذه الآية نفهم لماذا خَلَت حياة الرسول صلى الله عليه وسلم من المعجزات التى تعجل بالنصر, رغم ان الله كان قادرا على ان ينصر دينه من اول يوم, وما ذلك الا لان الله اراد لنا ان نعلم ان النجاح الباهر الذى حققه النبي واصحابه لم يكن فيه خرق لناموس الكون, وإنما جرى وفقَ نظامٍ قائمٍ وباقٍ الى يوم القيامة, ومن مشى على الخطي الحبيب محمد سيصل الى ما وصل اليه بلا شك من غير معجزات, لانَّ ما تمَّ فى حياة النبي تمَّ وفقا لناموس الكون الذى استوي عليه الرحمن وليس خرقا له! هذه الآية تحتاج لمجلَّداتٍ لشرح تفاصيل منظومة الكون, وكيف ان كل تلك القوانين ثابتة ومنطقية ومفهومة لمن يبحث فيها ومن ثمّ يطوعها لمصلحة الانسانية من غير علمٍٍ للغيب, ولكن إيماناً بأنَّ الذى صمم هذه القوانين لا يخضع للتقلبات كما تتقلب امزجة البشر وتتعدل قوانين حياتهم حسب الأهواء! ولمَّا كان استوائه على العرش وتَحَكُّمه السوى بناموس الكون رحمةً بكلِّ الموجودات, كان منطقيا جدا اذاً ان يختار من كل اسمائه الحسنى اسم الرحـمـن للاستواء على العرش!

نلاحظ ان ارتباط اسم الرحمن من دون اسمائه الحسنى قد ارتبط بالاستواء على العرش تاكيدا على تأويلنا:


{الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} 59 الفرقان.


اما بقية الآيات التي ورد فيها مفهوم "الاستواء" فقد ارتبطت باسم الله المطلق او "الملك" مما يؤكد ان المفهوم يرتبط بحكمة مالك الملك فى حفظ توازن الظواهر الكونية والقوانين التى تحكمها, رحمة بالخلق.

هذا التفسير الذى لا حرج فيه ولا بدعة فى فهم كيفيته, ينطبق على كلِّ آيات العرش فى القرآن بعد إزالة اللبس التجسيمي منها, وفهمه كمنظومة يتحكم بها الله فى الكون وليس كرسى الملك:

{إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الذى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فى سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} 54 الاعراف!

فعلي غير المتداول بين المفسرين انَّ الله خلق العرش اولاً وكأنه كرسى الملك ثم خلق الكون, هذه الآية توحى بأن الارادة المطلقة اوجدت السموات والارض فى ستة مراحل مختلفة, وبوجودها وجد نظام حركتها وهو العرش وآلة التحكم, ثــــــم اقتضت الحكمة الإلهية ان تكون الإاردة الحرة متوازنة ومتزنة فى استواء مع ناموس الكون ونظام التحكم الذى اودعه فى السموات والارض, فهى مسخرة لارادة الله لكن وفق نظام ثابت يخضع لأمره وحده "عرش" ولكنه لا يتبدل ولا يتقلب "إستواء"! فالاستواء على العرش تم بعد ان وجد العرش وهو نظام ادارة السموات والارض او منظومة التطور التلقائي.

وتتكرر الآيات التى يَرِدُ فيها مفهوم الاستواء على العرش لتؤكد انها انما تشير لتحكمه فى نظام الكون, الشئ الذى يوصف دائما بانه انما تمَّ بعد اكتمال الخلق وذلك بحرف العطف " ثــــم":

{اللَّهُ الذى رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ} 2 الرعد

فى الآية أعلاه نفهم ان تسخيره للشمس والقمر لمصلحة المخلوقات انما تمَّ رحمة منه بتحكمه فى ناموس الكون بصورة ثابتة تتيح للاحياء الإستفادة من الشمس والقمر وكأنهم يعلمون الغيب وإن كانوا لا يعلمون!

ولعل من الأمانة ان نشير الى ان مفهوم استوائه على العرش ربما يختلف من مفهوم استوائه "الى السماء" الذى ورد فى آيتين فى القرآن:

{هُوَ الذى خَلَقَ لَكُمْ مَا فى الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} 29 البقرة!

{ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} 11 فصلت!

بالطبع لن يستطع احدٌ ان يدَّعي معرفته بتأويل القرآن الذى لا يعلم تأويله الا الله, ولكن يجوز لنا ان نبدي ملاحظات على صيغة الآيات التى يختلف فيها مفهوم الاستواء من "على" الى "الى"!
نلاحظ فى هاتين الآيتين ان الاستواء "الى" قد ارتبط بهذه الحقائق:

1. الإستواء "الى" فى الحالتين كان الى السماء بلفظ المفرد وليس السموات!

2. ان ورود الاستواء "الى" تم فى مرحلة سابقة لإكتمال خلق السماء, اذ ان فى آية البقرة اعلاه تم الاستواء {إِلَى السَّمَاءِ} قبل اكمال تسويتهن سبع سماوات, بينما فى آية سورة فصلت تم الاستواء {إِلَى السَّمَاءِ} فى حالتها الدخانية وقبل أن يتم إدخالها والأرض فى منظومة العرش واخضاعهما لناموس الكون! اذاً ففهم كيفية الاستواء "الى" تتطلب بطبيعة الحال فهم طبيعة المستوي اليه وخصائصه حينذاك, وهو امرٌ غيبى لا يمكن للانسان الوصول اليه! فالاستواء {عَلَى الْعَرْشِ} أتى فى كل آيات القرآن بعد اكتمال الخلق ونظام التطور التلقائى الذى يحكمه, لكن الاستواء "الى" يتطلب فهمه العلم بحقائق غيبية سابقة لاكتمال الخلق لا يمكننا الوصول اليها!>

انتهي النقل من اصل الكتاب.....

saman
07/04/2008, 15:51
يتبع ...

souriana
07/04/2008, 15:58
بدها تمخمخ هي و صفنة
يسلمهن ميرو بيك

soul2fihgt
07/04/2008, 20:48
بدها تمخمخ هي و صفنة
يسلمهن ميرو بيك

:deal:

واذا افترضنا ان "عرش" هنا تعني "سلطة وقدرة" فإنها تعني قمة القدرة ومنتهاها. ولمَّا كانت قدرة الله تعالي لا سقف لها, فإن معني الآية يمكن أن يوحي بأن الماء هو الذي نال قمة السلطة من الله مقارنة ببقية الخلق

جزاك الله خيراً