saman
07/04/2008, 15:44
انا الآن بموضع حيادي لست مع ولا ضد لكن انقل لكم ما كتب في كتاب ( آذان الأنعام ) للكاتب الدكتور "عماد حسن"
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -/////////////// (////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////)
لنبدأ:
نظــريــة آذان الأنعــــــــام
الجزء الاول
خلق الكون من ماء وتطوره
ألحلقة الاولي:
نص النظرية:
(أورد الأمام القرطبي في تفسيرآية هود 7 حديثا رواه البخاري عن عمران بن حصين قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه قوم من بني تميم فقال: {اقبلوا البشرى يابني تميم} قالوا: بشرتنا فأعطنا "مرتين" فدخل ناس من أهل اليمن فقال: {اقبلوا البشرى يا أهل اليمن إذ لم يقبلها بنو تميم} قالوا: قبلنا، جئنا لنتفقه في الدين، ولنسألك عن هذا الأمر ما كان؟ قال: {كان الله ولم يكن شيء غيره وكان عرشه على الماء ثم خلق السماوات والأرض وكتب في الذكر كل شيء} !
هذا الحديث يطرح حقيقة منطقية وهي ان وجود الله قبل وجود المادة لا يمكن ان يخضع لبحوث العقل البشري الذى لا يمكنه الا دراسة عالم المادة! وجود الله وصفاته وقدراته لا يمكن الوصول اليه الَّا بالإخبار من الله نفسه. دور العقل البشري فى هذا المجال ينتهي بالتأكد من مصداقية المصدر الذى يروي عن الله وفي هذا البحث فالمصدر هو القرآن!
يرتب هذا الحديث مراحل الوجود كما يلى:
1. وجود الله فى عالم الغيب وليس معه شئ.
2. خلق الله الماء و فرض سلطانه عليه.
3. ثـم خلق السماوات والأرض وكتب القانون والنظام الذى يسير عليه الكون.
اولي الملاحظات هنا هي ان خلق الماء سبق خلق السموات والارض بفارق زمني طويل يدلل عليه حرف العطف: ثـــــــــــــــــــــــم ! وبالطبع كان عرشه علي الماء قبل ان تخلق السموات والارض.)
هذا الحديث لا يمكن فهمه من غير فهم العرش.. لان "كان عرشه علي الماء" من المفاهيم التى حيرت المفسرين علي مر العصور... وعليه فسانقل هنا تفسير الكاتب لمفهوم العرش من كتابه, حتي نفهم كيف كان عرشه علي الماء:
الـعـــرش:
< تصف اشهر آيات العرش في القرآن كيف فرض الله سلطانه المطلق علي الكون كله بصورة رهيبة مهيبة. إحدي هذه الآيات تصف كيف فرض الله سبحانه وتعالي سلطانه علي الماء ليكون سر الوجود المطلق, ولكن حتي يسهل فهمها نرتِّلها مع آية اخري مشابهة حتي تفسر احداهما الأخري:
{تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ*الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} 1-2 الملك.
{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ} 7 هود.
هذه الآية وما نسب الي النبي صلي الله عليه وسلم في تفسيرها – الحديث اعلاه- تحمل سرا لا يستطيع البشر فهمه تماما, لأنها بطبيعة الحال تصف امراً لصيقاً بالمـَلكوت الأعلي الذي يعجز خيالنا عن فهمه, ولكن اذا فهمنا كلمة عرش بمعناها المجازي يكون للآية مفهوما أقرب إلي صفات الله واسمائه الحسني.
"عرش" في اللغة تعني السقف, وتستعمل أيضا لتصف سرير أو كرسي الملك, وتستعمل أيضا كبديل لمفهوم السلطان المطلق والمُلك, كأن تقول مثلا "كلَّف العرشُ فلانا ليكون وزيرا"! اذا اخذنا معناها الحرفي المجسم وهو مجلس الملك نكون بذلك قد جعلنا لله جسدا ومقعدا يجلس عليه, ويلبس علينا ذلك أن الله كالمخلوق الذي كان مجلسه علي سطح الماء في يوم ما, فنُخضع الله بذلك الي محوري الزمان والمكان, تعالي الله عن ذلك علوا كبيرا. أما اذا اخذناها بالمعني المجازي وهو "السلطة المطلقة" يكون معني الآية اسهل للفهم, وهو أنَّ أول ما خلق الله من الوجود كان الماء وفيه نفذت سلطته المطلقة فخلق منها كل الوجود أي "وكان سلطانه أولا علي الماء"!
وإذا تدبرنا في الآيتين معا نجد ان هنالك رابطا لغويا رائعا يجمعهما يؤكد تفسيرنا ويوحي بمزيد من العلم. فالآية الأولي في سورة الملك افصحت بلفظ {بِيَدِهِ الْمُلْكُ} ثم انتهت بالتاكيد علي قدرة الله المطلقة, ثم مضت الآية التالية في سورة الملك اعلاه تصف خلق الله للموت والحياة وابرزت الحكمة من ذلك بـ {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}! وهذه الجملة ما وردت في القرآن كله بهذه الصيغة إلا في آية الملك و آية هود هاتين! إذاً في آية "الملك" عبَّر الله عن أن الملك بيده وأنه خلق الموت والحياة {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}! في آية هود استبدل {بِيَدِهِ الْمُلْكُ} بلفظ {وَكَانَ عَرْشُه} ليفيد السلطة التنفيذية المطلقة في الخلق, أي أنَّه لفظٌ أكثر تخصيصا لمفهوم السلطان من لفظ "الملك", ولذلك كان موضع نفوذ تلك السلطة أيضا أكثر تخصيصا, وهو تحديد موضع نفوذها في الخلق وهو الماء {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ}! ولأن عرشه أو سلطته علي الماء هي التي خلقت الموت والحياة فقد أتت الجملة التالية منطبقة حرفيا علي ما عبَّر عنه بلفظ {بِيَدِهِ الْمُلْكُ} وليس عرشه علي الماء كما في الآية الاولي {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}! نلاحظ أنه هنا في آية هود لم يفصح عن خلق الموت والحياة كما في الآية الأولي, ولكنه ذهب أبعد من ذلك فدخل في قانون خلق الموت والحياة وهو سلطته المطلقة علي الماء, لنفهم أنَّها هي التي تحمل سر الموت والحياة, وكان ختام الآية منطقيا جدا مع هذا المعني وهو أنه مضي لمرحلة ما بعد الموت والحياة إلي البعث بعد الموت بسلطته علي الماء أيضا {وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ}. بمعني آخر لمَّا وصف الله خلق الموت والحياة في سورة الملك من غير تفصيل لسر الخلق, استعمل مفهوم {بِيَدِهِ الْمُلْكُ} وكأنه تعبير عام, ولكن لما وصف السر المباشر في خلق الموت والحياة وهو "الماء", استعمل مفهوما أكثر تخصيصا للمك وهو {وَكَانَ عَرْشُهُِ}, و"كان" هنا من "كون" أي أنها تعني "فرض عرشه أو سلطته العليا", ثم ربط بين الآيتين بالحكمة الواحدة من خلق الموت والحياة من الماء وهو "لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا", ولما كانت آية العرش أكثر تفصيلا فقد أتي بتافصيل أكثر, اشتملت علي أنَّ في الماءِ ايضاً سر البعث بعد الموت الذي يبدو كالسحر للكفار والله اعلم!
حديث الرسول صلي الله عليه وسلم ينطبق علي المعني ويبسطه لأن تلك حكمة الحديث! ففيه يصف الرسول صلي الله عليه وسلم أن الله كان وما كان معه شئ وفرض سلطانه علي الماء أي اودعه قوانين الخلق ثم خلق السموات والارض مما يوحي بأن السموات والارض خلقت بسلطانه علي الماء أيضا, وفي داخل السموات والأرض كانت بطبيعة الحال قوانين الموت والحياة ووجود كل شي { وكتب في الذكر كل شئ}, وترجع كل الأصول في الخلق إلي كون سلطان الله المطلق فرض أولا علي الماء ليبدأ منها الوجود!
ولعلَّ مزيدا من التشريح اللغوي والعلمي لمصطلح "عرشه" يزيد معني الآية روعة ورهبة, فالعرش هو السقف أي قمة البناء, واذا افترضنا ان "عرش" هنا تعني "سلطة وقدرة" فإنها تعني قمة القدرة ومنتهاها. ولمَّا كانت قدرة الله تعالي لا سقف لها, فإن معني الآية يمكن أن يوحي بأن الماء هو الذي نال قمة السلطة من الله مقارنة ببقية الخلق وليس أن الله استعمل اقصي سلطته مع الماء, لأن قدرات الله لا نهاية لها. بمعني آخر فان نصيب الماء من تدخل قوانين الله المباشرة كان أعظم مما نالت بقية المخلوقات, أي قمتها وعرشها. هذا التألويل يمثل حقيقة علمية لا جدال حولها, فقد ثبت أن كل ما يمكن أن يخطر علي بال الإنسان يدخل فيه الماء بصورة أو أخري, إذ أن كل نباتات الأرض وما صنع من خشب أو نواتج النبات كان الماء سببا فيه, وكل ما ارتبط بإنسان وحيوان كان الماء جزءاً منه, فضلا عن أن أحدث الاكتشافات العلمية تشير إلي أن كل الكون كان من ماء في بداية خلقه! وما لا يختلف عليه العلماء اليوم ان غاز الهيدروجين هو اكثر عنصر في الوجود ويليه غاز الهيليم وتتكون معظم كتلة النجوم من هذين الغازين, علما بأنَّ الهيليم يتكون بإلتحام اربعة انوية هيدروجين وهو المكون الأساسي للماء. إذاً فلو وضعنا كل الخلق في وضع تنازلي من حيث دخول تفاصيل القوانين النوعية المباشرة التي تمثل قدرة الله تعالي, لكان عرش ذلك التدخل وقمته بين كل مخلوقات الكون هو الماء.
ولعل هذا الفهم الواسع لعلاقة الماء بخلق كل الكون يدفعنا للنظر بعين فاحصة لهذه الآية التي طالما فهمها الناس فهما مجازياً:
{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} 33 الانبياء.
بناءً علي فهمنا العلمي لأنَّ الماء هو اصل كل الكون فمعني هذه الآية يكون حرفيا وليس مجازيا, اي ان الشمس والقمر وما ينتج من الشمس من نور النهار وظلام الليل كلهم يسبحون في ماء الكون. نحن الآن نعلم ان الماء له ثلاثة اشكال فيزيائية هي السائل والغاز والثلج ولكن لما "كان عرشه علي الماء" تعني ان الماء له الحظ الاعلي من تدخل قدرات الله فإن اشكال وجود الماء لهي اكبر من الغاز والثلج, اذ ان كل الطاقات الكهرومغناطيسية التي تتحكم في حركة الكون ليست الا من نواتج الماء وما يتحرك بها وبينها فهو بلا شك يسبح في ماء الكون بشكل او بآخر من اشكاله التي لا يعلمها الا الذي كان عرشه عليه!
هذا الفهم يحل إشكالا كبيرا للمفسرين إذ أن هناك أسئلة لا إرادية تطرأ علي نفس القارئ حينما يفهم "العرش" بمعني مجلس الملك أو الكرسي, و هي التساؤل عن أين كان عرشه قبل أن يكون علي الماء وأين ذهب عرشه بعد الماء, مما يطيش بالخيال في متاهات تهدد عقيدة الإنسان لأنه يبدأ في أن يتخيل الله وعرشه بصورة مجسدة مادية, تعالي الله عن ذلك علوا كبيرا! وليس سرا أن الكثيرين قد فُتنوا بالمعني المجسد لهذه الآية في مراحل مختلفة من التاريخ الإسلامي وما زالوا يُفتنون. فهم العرش بمعني السلطة والقوة يجعل فهم كل الآيات التي ورد فيها لفظ "العرش" منطقياً و سهلا جدا , مثل هذه الآية:
{ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ}20 التكوير. "فذي العرش" هنا تعني ببساطة صاحب السلطان الأعلي والقوة التي ليس فوقها قوة.>
انتهي نقل تفسير العرش المقتبس من اصل الكتاب... وقد اشار الكاتب الي الكثير من آيات العرش في القرآن وشرحها بذات السلاسة اللغوية والعلمية ...نعود الي نص النظرية:
(ولمَّا كان مصطلح "عرش" يفيد القدرة الإلهية العليا فى التنظيم والتحكم فى شؤون الكون, فإن الحديث يوحى بأن الله فرض سلطانه الأعلي اولاً على الماء ليخلق منها كل الوجود لاحقا! ولمّا كانت كلمة عرش تعنى القمة والسقف ايضا فإن ذلك يوحى بأن الماء خلق اولا, ثـم نال النصيب الأعلي من القوانين النوعية والتفصيلية التى جعلت منه المادة الأولى فى الكون, التى دخلت فى خلق كل شئ لاحق, بما فى ذلك السموات والأرض. نلاحظ فى الحديث ان حرف العطف "ثم" يفيد ان خلق السماوات والارض تمَّ بعد فترة من خلق الماء, وحرف العطف "و" يفيد ان الذِكر او نظام تسيير وتطور الكون كتب متزامنا مع خلق السموات والارض!
الماء المقصود هنا هو الماء الطهور الذى عجز الإنسان الى الآن عن تركيبه رغم اكتشافه أنَّ الماء يتكون من ذرتي هايدروجين شديد الاشتعال وذرة اكسجين ضرورية للاشتعال, ويحمل جزئ الماء شحنتين كهربيتين سالبتين فى احد قطبيه وشحنة موجبة مكفائة فى القطب الآخر. الهيدروجين هو اكثر عنصر فى الوجود ويليه غاز الهيليم الذى يتكون من التحام اربعة انوية هايدروجين. الآيات التالية توحي بطبيعة الماء ودوره فى الخلق:
{وَهُوَ الذى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فى سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ} 7 هود!
{أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ} 30 الانبياء! {ناقش الكاتب اسرار الماء في القرآن باستفاضة في الباب الحادي عشر}
هاتين الآيتين تطرحان الحقائق التالية:
1. انَّ فرض سلطانه المباشر على الماء كان سببا فى خلق السموات والأرض!
2. انَّ السموات والارض خُلقتا فى شكل كتلة واحدة مكوناتها ملتصقة مع بعضها وإن كانت مختلفة فى خواصها, لأن الرتق يفيد الإلتصاق بين أشياء مختلفة. تبع ذلك انفصالٌ بطئ لكتلة السموات عن كتلة الأرض لأنَّ الفتق يختلف من الإنفجار ويفيد الانفصال الهادئ البطئ. هذين اللفظين " رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا" يفسران وجود ستة مراحل من التطور أدَّت الى اكتمال تكوين السموات السبع من ناحية والارض من ناحية اخرى.)
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -/////////////// (////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////)
لنبدأ:
نظــريــة آذان الأنعــــــــام
الجزء الاول
خلق الكون من ماء وتطوره
ألحلقة الاولي:
نص النظرية:
(أورد الأمام القرطبي في تفسيرآية هود 7 حديثا رواه البخاري عن عمران بن حصين قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه قوم من بني تميم فقال: {اقبلوا البشرى يابني تميم} قالوا: بشرتنا فأعطنا "مرتين" فدخل ناس من أهل اليمن فقال: {اقبلوا البشرى يا أهل اليمن إذ لم يقبلها بنو تميم} قالوا: قبلنا، جئنا لنتفقه في الدين، ولنسألك عن هذا الأمر ما كان؟ قال: {كان الله ولم يكن شيء غيره وكان عرشه على الماء ثم خلق السماوات والأرض وكتب في الذكر كل شيء} !
هذا الحديث يطرح حقيقة منطقية وهي ان وجود الله قبل وجود المادة لا يمكن ان يخضع لبحوث العقل البشري الذى لا يمكنه الا دراسة عالم المادة! وجود الله وصفاته وقدراته لا يمكن الوصول اليه الَّا بالإخبار من الله نفسه. دور العقل البشري فى هذا المجال ينتهي بالتأكد من مصداقية المصدر الذى يروي عن الله وفي هذا البحث فالمصدر هو القرآن!
يرتب هذا الحديث مراحل الوجود كما يلى:
1. وجود الله فى عالم الغيب وليس معه شئ.
2. خلق الله الماء و فرض سلطانه عليه.
3. ثـم خلق السماوات والأرض وكتب القانون والنظام الذى يسير عليه الكون.
اولي الملاحظات هنا هي ان خلق الماء سبق خلق السموات والارض بفارق زمني طويل يدلل عليه حرف العطف: ثـــــــــــــــــــــــم ! وبالطبع كان عرشه علي الماء قبل ان تخلق السموات والارض.)
هذا الحديث لا يمكن فهمه من غير فهم العرش.. لان "كان عرشه علي الماء" من المفاهيم التى حيرت المفسرين علي مر العصور... وعليه فسانقل هنا تفسير الكاتب لمفهوم العرش من كتابه, حتي نفهم كيف كان عرشه علي الماء:
الـعـــرش:
< تصف اشهر آيات العرش في القرآن كيف فرض الله سلطانه المطلق علي الكون كله بصورة رهيبة مهيبة. إحدي هذه الآيات تصف كيف فرض الله سبحانه وتعالي سلطانه علي الماء ليكون سر الوجود المطلق, ولكن حتي يسهل فهمها نرتِّلها مع آية اخري مشابهة حتي تفسر احداهما الأخري:
{تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ*الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} 1-2 الملك.
{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ} 7 هود.
هذه الآية وما نسب الي النبي صلي الله عليه وسلم في تفسيرها – الحديث اعلاه- تحمل سرا لا يستطيع البشر فهمه تماما, لأنها بطبيعة الحال تصف امراً لصيقاً بالمـَلكوت الأعلي الذي يعجز خيالنا عن فهمه, ولكن اذا فهمنا كلمة عرش بمعناها المجازي يكون للآية مفهوما أقرب إلي صفات الله واسمائه الحسني.
"عرش" في اللغة تعني السقف, وتستعمل أيضا لتصف سرير أو كرسي الملك, وتستعمل أيضا كبديل لمفهوم السلطان المطلق والمُلك, كأن تقول مثلا "كلَّف العرشُ فلانا ليكون وزيرا"! اذا اخذنا معناها الحرفي المجسم وهو مجلس الملك نكون بذلك قد جعلنا لله جسدا ومقعدا يجلس عليه, ويلبس علينا ذلك أن الله كالمخلوق الذي كان مجلسه علي سطح الماء في يوم ما, فنُخضع الله بذلك الي محوري الزمان والمكان, تعالي الله عن ذلك علوا كبيرا. أما اذا اخذناها بالمعني المجازي وهو "السلطة المطلقة" يكون معني الآية اسهل للفهم, وهو أنَّ أول ما خلق الله من الوجود كان الماء وفيه نفذت سلطته المطلقة فخلق منها كل الوجود أي "وكان سلطانه أولا علي الماء"!
وإذا تدبرنا في الآيتين معا نجد ان هنالك رابطا لغويا رائعا يجمعهما يؤكد تفسيرنا ويوحي بمزيد من العلم. فالآية الأولي في سورة الملك افصحت بلفظ {بِيَدِهِ الْمُلْكُ} ثم انتهت بالتاكيد علي قدرة الله المطلقة, ثم مضت الآية التالية في سورة الملك اعلاه تصف خلق الله للموت والحياة وابرزت الحكمة من ذلك بـ {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}! وهذه الجملة ما وردت في القرآن كله بهذه الصيغة إلا في آية الملك و آية هود هاتين! إذاً في آية "الملك" عبَّر الله عن أن الملك بيده وأنه خلق الموت والحياة {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}! في آية هود استبدل {بِيَدِهِ الْمُلْكُ} بلفظ {وَكَانَ عَرْشُه} ليفيد السلطة التنفيذية المطلقة في الخلق, أي أنَّه لفظٌ أكثر تخصيصا لمفهوم السلطان من لفظ "الملك", ولذلك كان موضع نفوذ تلك السلطة أيضا أكثر تخصيصا, وهو تحديد موضع نفوذها في الخلق وهو الماء {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ}! ولأن عرشه أو سلطته علي الماء هي التي خلقت الموت والحياة فقد أتت الجملة التالية منطبقة حرفيا علي ما عبَّر عنه بلفظ {بِيَدِهِ الْمُلْكُ} وليس عرشه علي الماء كما في الآية الاولي {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}! نلاحظ أنه هنا في آية هود لم يفصح عن خلق الموت والحياة كما في الآية الأولي, ولكنه ذهب أبعد من ذلك فدخل في قانون خلق الموت والحياة وهو سلطته المطلقة علي الماء, لنفهم أنَّها هي التي تحمل سر الموت والحياة, وكان ختام الآية منطقيا جدا مع هذا المعني وهو أنه مضي لمرحلة ما بعد الموت والحياة إلي البعث بعد الموت بسلطته علي الماء أيضا {وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ}. بمعني آخر لمَّا وصف الله خلق الموت والحياة في سورة الملك من غير تفصيل لسر الخلق, استعمل مفهوم {بِيَدِهِ الْمُلْكُ} وكأنه تعبير عام, ولكن لما وصف السر المباشر في خلق الموت والحياة وهو "الماء", استعمل مفهوما أكثر تخصيصا للمك وهو {وَكَانَ عَرْشُهُِ}, و"كان" هنا من "كون" أي أنها تعني "فرض عرشه أو سلطته العليا", ثم ربط بين الآيتين بالحكمة الواحدة من خلق الموت والحياة من الماء وهو "لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا", ولما كانت آية العرش أكثر تفصيلا فقد أتي بتافصيل أكثر, اشتملت علي أنَّ في الماءِ ايضاً سر البعث بعد الموت الذي يبدو كالسحر للكفار والله اعلم!
حديث الرسول صلي الله عليه وسلم ينطبق علي المعني ويبسطه لأن تلك حكمة الحديث! ففيه يصف الرسول صلي الله عليه وسلم أن الله كان وما كان معه شئ وفرض سلطانه علي الماء أي اودعه قوانين الخلق ثم خلق السموات والارض مما يوحي بأن السموات والارض خلقت بسلطانه علي الماء أيضا, وفي داخل السموات والأرض كانت بطبيعة الحال قوانين الموت والحياة ووجود كل شي { وكتب في الذكر كل شئ}, وترجع كل الأصول في الخلق إلي كون سلطان الله المطلق فرض أولا علي الماء ليبدأ منها الوجود!
ولعلَّ مزيدا من التشريح اللغوي والعلمي لمصطلح "عرشه" يزيد معني الآية روعة ورهبة, فالعرش هو السقف أي قمة البناء, واذا افترضنا ان "عرش" هنا تعني "سلطة وقدرة" فإنها تعني قمة القدرة ومنتهاها. ولمَّا كانت قدرة الله تعالي لا سقف لها, فإن معني الآية يمكن أن يوحي بأن الماء هو الذي نال قمة السلطة من الله مقارنة ببقية الخلق وليس أن الله استعمل اقصي سلطته مع الماء, لأن قدرات الله لا نهاية لها. بمعني آخر فان نصيب الماء من تدخل قوانين الله المباشرة كان أعظم مما نالت بقية المخلوقات, أي قمتها وعرشها. هذا التألويل يمثل حقيقة علمية لا جدال حولها, فقد ثبت أن كل ما يمكن أن يخطر علي بال الإنسان يدخل فيه الماء بصورة أو أخري, إذ أن كل نباتات الأرض وما صنع من خشب أو نواتج النبات كان الماء سببا فيه, وكل ما ارتبط بإنسان وحيوان كان الماء جزءاً منه, فضلا عن أن أحدث الاكتشافات العلمية تشير إلي أن كل الكون كان من ماء في بداية خلقه! وما لا يختلف عليه العلماء اليوم ان غاز الهيدروجين هو اكثر عنصر في الوجود ويليه غاز الهيليم وتتكون معظم كتلة النجوم من هذين الغازين, علما بأنَّ الهيليم يتكون بإلتحام اربعة انوية هيدروجين وهو المكون الأساسي للماء. إذاً فلو وضعنا كل الخلق في وضع تنازلي من حيث دخول تفاصيل القوانين النوعية المباشرة التي تمثل قدرة الله تعالي, لكان عرش ذلك التدخل وقمته بين كل مخلوقات الكون هو الماء.
ولعل هذا الفهم الواسع لعلاقة الماء بخلق كل الكون يدفعنا للنظر بعين فاحصة لهذه الآية التي طالما فهمها الناس فهما مجازياً:
{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} 33 الانبياء.
بناءً علي فهمنا العلمي لأنَّ الماء هو اصل كل الكون فمعني هذه الآية يكون حرفيا وليس مجازيا, اي ان الشمس والقمر وما ينتج من الشمس من نور النهار وظلام الليل كلهم يسبحون في ماء الكون. نحن الآن نعلم ان الماء له ثلاثة اشكال فيزيائية هي السائل والغاز والثلج ولكن لما "كان عرشه علي الماء" تعني ان الماء له الحظ الاعلي من تدخل قدرات الله فإن اشكال وجود الماء لهي اكبر من الغاز والثلج, اذ ان كل الطاقات الكهرومغناطيسية التي تتحكم في حركة الكون ليست الا من نواتج الماء وما يتحرك بها وبينها فهو بلا شك يسبح في ماء الكون بشكل او بآخر من اشكاله التي لا يعلمها الا الذي كان عرشه عليه!
هذا الفهم يحل إشكالا كبيرا للمفسرين إذ أن هناك أسئلة لا إرادية تطرأ علي نفس القارئ حينما يفهم "العرش" بمعني مجلس الملك أو الكرسي, و هي التساؤل عن أين كان عرشه قبل أن يكون علي الماء وأين ذهب عرشه بعد الماء, مما يطيش بالخيال في متاهات تهدد عقيدة الإنسان لأنه يبدأ في أن يتخيل الله وعرشه بصورة مجسدة مادية, تعالي الله عن ذلك علوا كبيرا! وليس سرا أن الكثيرين قد فُتنوا بالمعني المجسد لهذه الآية في مراحل مختلفة من التاريخ الإسلامي وما زالوا يُفتنون. فهم العرش بمعني السلطة والقوة يجعل فهم كل الآيات التي ورد فيها لفظ "العرش" منطقياً و سهلا جدا , مثل هذه الآية:
{ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ}20 التكوير. "فذي العرش" هنا تعني ببساطة صاحب السلطان الأعلي والقوة التي ليس فوقها قوة.>
انتهي نقل تفسير العرش المقتبس من اصل الكتاب... وقد اشار الكاتب الي الكثير من آيات العرش في القرآن وشرحها بذات السلاسة اللغوية والعلمية ...نعود الي نص النظرية:
(ولمَّا كان مصطلح "عرش" يفيد القدرة الإلهية العليا فى التنظيم والتحكم فى شؤون الكون, فإن الحديث يوحى بأن الله فرض سلطانه الأعلي اولاً على الماء ليخلق منها كل الوجود لاحقا! ولمّا كانت كلمة عرش تعنى القمة والسقف ايضا فإن ذلك يوحى بأن الماء خلق اولا, ثـم نال النصيب الأعلي من القوانين النوعية والتفصيلية التى جعلت منه المادة الأولى فى الكون, التى دخلت فى خلق كل شئ لاحق, بما فى ذلك السموات والأرض. نلاحظ فى الحديث ان حرف العطف "ثم" يفيد ان خلق السماوات والارض تمَّ بعد فترة من خلق الماء, وحرف العطف "و" يفيد ان الذِكر او نظام تسيير وتطور الكون كتب متزامنا مع خلق السموات والارض!
الماء المقصود هنا هو الماء الطهور الذى عجز الإنسان الى الآن عن تركيبه رغم اكتشافه أنَّ الماء يتكون من ذرتي هايدروجين شديد الاشتعال وذرة اكسجين ضرورية للاشتعال, ويحمل جزئ الماء شحنتين كهربيتين سالبتين فى احد قطبيه وشحنة موجبة مكفائة فى القطب الآخر. الهيدروجين هو اكثر عنصر فى الوجود ويليه غاز الهيليم الذى يتكون من التحام اربعة انوية هايدروجين. الآيات التالية توحي بطبيعة الماء ودوره فى الخلق:
{وَهُوَ الذى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فى سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ} 7 هود!
{أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ} 30 الانبياء! {ناقش الكاتب اسرار الماء في القرآن باستفاضة في الباب الحادي عشر}
هاتين الآيتين تطرحان الحقائق التالية:
1. انَّ فرض سلطانه المباشر على الماء كان سببا فى خلق السموات والأرض!
2. انَّ السموات والارض خُلقتا فى شكل كتلة واحدة مكوناتها ملتصقة مع بعضها وإن كانت مختلفة فى خواصها, لأن الرتق يفيد الإلتصاق بين أشياء مختلفة. تبع ذلك انفصالٌ بطئ لكتلة السموات عن كتلة الأرض لأنَّ الفتق يختلف من الإنفجار ويفيد الانفصال الهادئ البطئ. هذين اللفظين " رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا" يفسران وجود ستة مراحل من التطور أدَّت الى اكتمال تكوين السموات السبع من ناحية والارض من ناحية اخرى.)