سعد السعود
07/03/2008, 14:27
اخواني ارجو ان يتسع صدركم الرحب للموضوع
لما فيه من وجهة نظر ولما له من بعد استراتيجي
وان لم يكن على البعد المنظور .
كما اني ارجو من الجميع المشاركه
وتبني الفكرة ونشرها لعلها تصل الى مبتغاها
نقلا عن شبكه الاخبار العربيه
فلتدفع اسرائيل فاتورة عدوانها
رغيد الصلح
عندما تنتهي المذبحة الجماعية التي تنفذها اسرائيل ضد فلسطينيي غزه، سوف تترك القطاع عاريا الا من آثار الدمار والموت والآلام. هذا المشهد سوف يؤرق ضمائر القادرين من الفلسطينيين والعرب والمسلمين، كما يحرك المنظمات الدولية المعنية بالحد من اضرار الحروب وآثامها.
وفي ظل مشاعر التعاطف والتراحم مع اهل القطاع، والالتزام بالقضية الفلسطينية وبالقضايا الانسانية سوف يهرع هؤلاء الى مساعدة عوائل الشهداء التي افتقدت من يعيلها، والى تعمير البيوت المهدمة، والى تشغيل المرافق العامة التي تحطمت تحت وطأة العدوان الاسرائيلي.
واجب النجدة يحركه شعور التضامن مع شعب شقيق، وفداحة الأذى الذي الحقه ويلحقه العنصريون الصهاينة بالضحية. قد تكون الكلفة المادية غالية، ولكنها تهون امام ما يدفعه الفلسطينيون، وامام صمود رجال ونساء غزة، ودفع هذه الكلفة هو اقل الايمان. هل في ذلك من خطأ؟
قطعا لا! التخلف عن دعم القطاع واهله في وجه الغزوة الاسرائيلية البربرية هو سقوط اخلاقي وتفريط وطني واندحار سياسي. الواجب الانساني والقومي يقضي بتقديم كل عون الى اهل غزة لكي يتمكنوا من ممارسة حقهم في الحياة، لكي يتمسكوا بالارض، ولكي يساهموا في دحر نازية القرن الحادي والعشرين.
من يفعل ذلك لا ينصر سكان القطاع فحسب، وانما ينتصر لنفسه ايضا ولحريته وللقيم الانسانية. الا ان تقديم الدعم المباشر وحده الى القطاع لا يكفي. الاقتصار عليه قد يحوله الى عكس الغاية المرتجاة منه. حتى يحقق الدعم هذه الغاية فانه ينبغي ان يوضع في سياق النضال ضد العدوانية الاسرائيلية. ينبغي ان يساهم في كسر حلقة مفرغة تتحول مع الوقت الى لعبة تستطيبها سادية الصهاينة العنصريين.
شهدنا بالامس القريب نموذجا لعمل هذه الحلقة في جنوب لبنان. فخلال حرب تموز(يوليو) 2006، مارس الاسرائيليون سياسة الارض المحروقة ضد اللبنانيين. اسقطت اسرائيل زهاء اربعة ملايين ونصف من القنابل العنقودية على لبنان خلال الحرب.
هذا العمل وحده اثار ضجة كبرى في العالم. كينيث روث، المدير العام لمنظمة «هيومان رايتس وايتش» انتقد الهجمة العنقودية ودعا الى تحريمها في القانون الدولي ما دامت تسبب اضرارا غير محدودة وغير محسوبة للمدنيين.
اضافة الى هذه القنابل، استخدم الاسرائيليون اسلحة اخرى متعددة من اجل تدمير البنية التحتية اللبنانية والحاق اوسع الاضرار بالاهداف المدنية الى درجة ان تقرير فينوغراد الاسرائيلي نفسه دعا الى مراجعة هذه الاستهدافات.
تصل كلفة الاضرار التي الحقها الاسرائيليون بلبنان الى ما يفوق ثلاثة بلايين دولار اذا حسبت كلفة الاضرار المباشرة وغير المباشرة، واذا قدرت الفرص الاقتصادية الضائعة التي فوتها العدوان على لبنان. لقد تعرض ما يفوق المايتي قرية جنوبية لبنانية الى الاضرار الفادحة.
بلدة بنت جبيل وحدها دمر فيها اكثر من 1000 وحدة سكنية. واستهدفت الغارات الاسرائيلية مروحة واسعة من المنشاءات والمباني ذات الطابع المدني مثل «المدارس والمستشفيات والكنائس والمساجد وشبكات الكهرباء والانارة والجسور الكبرى والصغرى والطرق الرئيسية والفرعية» كما جاء في تقرير لواحدة من المنظمات التي قدمت المساعدات المادية والعينية الى اللبنانيين.
تولت دول وهيئات اهلية عربية واسلامية اعادة تعمير جزء كبير من المنشآت المدمرة، وتقديم مساعدات سريعة الى اللبنانيين المتضررين الذين فقدوا بيوتهم وعملهم، وتخفيف الاضرار عن السكان، خاصة في جنوب لبنان.
وساهمت هذه المساعدات في تمكين اللبنانيين واللبنانيات من تجاوز المحنة التي مروا بها، ومن استعادة حياة طبيعية اراد الاسرائيليون حرمانهم منها حتى يكفروا بالمقاومة ويتحولوا الى اعداء لها، او معاقبتهم اذا كانوا اصلا من مناصريها والمتعاونين معها. ومن المؤكد ان نفس الجهات العربية والاسلامية والدولية سوف تندفع الى رفع آثار العدوان عن الفلسطينيين.
هذا الدعم يستحق كل الشكر والتنويه والمباركة. انه عمل لا جدل في صوابه، ولكنه يمثل بعض المطلوب وليس كله، والا يتحول الى عكس الغرض منه. فمن يسارع الى تضميد جراح المصابين والتخفيف من آلامهم يقول لاسرائيل: لن نسمح لك بحرماننا من ارادتنا المستقلة عبر تدمير مدننا وبلداتنا والبنى التحتية التي دفعنا من اجلها الغالي والرخيص.
سوف نعيد بناءها ونستمر في مقاومة العدوان. السؤال هنا هو من يدفع فاتورة العدوان؟ هل ندفعها نحن؟ اذا فعلنا الا يدخلنا في الحلقة المفرغة التالية: اسرائيل تدمر، نحن نعمر، فتعيد اسرائيل التدمير مطمئة الى اننا نحن سوف نتولى دفع تكاليف العدوان؟
من اجل كسر هذه الحلقة فانه من الضروري ان تشعر اسرائيل بانها سوف تضطر هي الى دفع ثمن عدوانها عسكريا وسياسيا وماليا. الثمن العسكري تدفعه اسرائيل عندما تتمكن الدول العربية المحيطة باسرائيل على الاقل من النهوض باوضاعها الاقتصادية والدفاعية، اما الثمن السياسي والمالي فيمكن خوض معركته في ظل الظروف الراهنة. من الوسائل التي يمكن اللجوء اليها على هذا الصعيد هي مطالبة الاسرائيليين بدفع التعويض عن كل ضرر يلحقونه بالمناطق العربية.
لا شيء يعوض الفلسطينيين واللبنانيين والعرب عن التضحيات البشرية التي يتكبدونها من جراء الاعتداءات الاسرائيلية. هذه لها حسابات خاصة. ما من تعويض كاف عن الذين ذهبوا الى الابد او الذين اصيبوا بعاهات دائمة من جراء العدوان الاسرائيلي. مرتكبو مثل هذه الجرائم من الاسرائيليين ينبغي ان يحالوا في المستقبل الى نورمبرغ 2.
اما المطالبة بالتعويضات فمن المستطاع مباشرتها منذ اليوم. هذه المطالبة تستدعي عملا دؤوبا ومثابرا لجمع المعلومات عن نتائج العدوان وتسجيلها وتحضيرها وايداعها الهيئات الدولية المختصة. والمطالبة بالتعويضات تتطلب ايضا تحضير حملة دولية تصل الى اسماع الرأي العام واصحاب القرار في الدول ذات الشأن وفي المنابر الدولية.
ومثل هذه الحملة تسلط الانظار على الارتكابات الاسرائيلية وعلى الطابع العنصري للحركة الصهيونية. هذا الطابع الذي نسيه العرب، مع الاسف، مع ان اعدادا متزايدة من قادة الفكر والرأي والسياسة في العالم باتوا يتكشفونه ويجاهرون به.
حملة المطالبة بالتعويضات تساهم في اعادة ترتيب الاولويات في اذهان الناس وربما القيادات في البلدين الاكثر تعرضا الى عدوانات اسرائيل اي في لبنان وفلسطين. المطالبة بالتعويضات تذكر القيادات بمكمن التحديات التي يواجهها البلدان والمصدر الرئيسي للاخطار التي تتهددهما، وتفسح في المجال امام تعاون واسع يخترق الحصون والمتاريس والقلاع الفئوية التي استحدثت لمواجهة المنافسين المحليين.
انها توفر فرصة لاشتراك المعارضين والموالين، الاكثريين والاقليين، الآذاريين من الطرفين، الفتحاويين والحماسيين، لاشتراكهم في حملة محلية وعربية ودولية لمطالبة اسرائيل بالتعويض عن المتضررين من الاعتداءات الاسرائيلية.
حملة المطالبة بالتعويضات يمكن ان تفيد من المبادئ التي اعتمدت في التعويض على اليهود وعلى الشعوب التي تعرضت لعدوان النازيين بصورة مباشرة (المانيا) وغير مباشرة (سويسرا).
التعويضات الالمانية التي وصلت الى ما يفوق الـ 72 بليون مارك الماني والتي استفاد منها قرابة اربعة ملايين كثرتهم الساحقة من اليهود الاوروبيين، خصصت لكل من اصيب بضرر جسدي، او فرضت القيود على حريته الشخصية او تعرض الى ضرر مادي او مهني او لحق الضرر ممتلكاته.
التعويضات السويسرية التي بلغت 1,2 بليون دولار لليهود من اصحاب الودائع النائمة خلال الاربعينات. حملة المطالبة بالتعويض تطال حكومات اوروبية كثيرة لدول تعاونت مع النازيين في الحاق الاضرار باليهود.
هذه الحملة الواسعة النطاق، والتي توسعت في تصنيف المتضررين، يمكن ان تحتذى في المطالبة بالتعويض على ضحايا حرب تموز وعلى ضحايا الاعتداءات الاسرائيلية الاخيرة على غزة. قد يقال هنا ان المقارنة ليست في محلها. التعويضات الالمانية لم يدفعها النازيون ولكن دفعتها الحكومات الديموقراطية التي جاءت بعد سقوط الهتلرية. صحيح.
ولكن حملة المطالبة بالتعويضات الالمانية سبقت سقوط النازيين وساهمت في تعبئة الرأي العام الدولي ضدهم وفي تفتيح الاذهان على جرائمهم ضد البشرية. وهذه الحملة استمرت لسنوات طويلة حتى وجدت حكومة بون انه لا بد من دفع التعويضات. اما في سويسرا فان الحكومة التي اتخذت القرار بدفع التعويض هي وريث طبيعي للنخبة السياسية التي حكمت سويسرا خلال الحرب العالمية الثانية.
حملة المطالبة بالتعويضات قد لا تحقق اهدافها المادية في المستقبل القريب، ولكنها تساهم في تحميل الاسرائيليين مسؤولية المآسي البشرية التي يسببونها للفلسطينيين وللبنانيين وللعرب.
انها تضع على عاتقهم هم اولا واخيرا مسؤولية انهاء هذه المآسي ومسح آثارها والتعويض على المتضررين منها. حملة من هذا النوع تتطلب تحضيرات واسعة ووقتا طويلا، ولكن من الضروري المباشرة بها والاعلان عنها في اسرع وقت ممكن.
ولعل المناسبة الافضل لمثل هذا الاعلان هو موعد افتتاح المؤتمر العالمي لبحث مسألة تحريم القنابل العنقودية الذي سوف ينعقد في العاصمة الايرلندية دبلن وذلك خلال شهر ايار (مايو) المقبل.
مثل هذا التوقيت سيساعد على الربط بين استخدام اسرائيل لاساليب دمار تثير استنكارا واسعا في العالم، وبين مطالبة الشعوب المتضررة من هذه الاساليب والاسلحة بالتعويض.
الذين يعتقدون ان السلاح وحده يكتب سطور التاريخ لا يقيمون وزنا كبيرا لمبادرة مثل المطالبة بالتعويض عن الاضرار التي يلحقها العدوان. ولكن التجارب تعلمنا ان الشعوب التي حققت آمالها في الحرية لم تعتمد على السلاح وحده. لو فعلت ذلك لما تمكنت من التخلص من طغيان قوى تملك تفوقا عسكريا ساحقا على الشعوب المضطهدة.
عن صحيفة الحياة
لما فيه من وجهة نظر ولما له من بعد استراتيجي
وان لم يكن على البعد المنظور .
كما اني ارجو من الجميع المشاركه
وتبني الفكرة ونشرها لعلها تصل الى مبتغاها
نقلا عن شبكه الاخبار العربيه
فلتدفع اسرائيل فاتورة عدوانها
رغيد الصلح
عندما تنتهي المذبحة الجماعية التي تنفذها اسرائيل ضد فلسطينيي غزه، سوف تترك القطاع عاريا الا من آثار الدمار والموت والآلام. هذا المشهد سوف يؤرق ضمائر القادرين من الفلسطينيين والعرب والمسلمين، كما يحرك المنظمات الدولية المعنية بالحد من اضرار الحروب وآثامها.
وفي ظل مشاعر التعاطف والتراحم مع اهل القطاع، والالتزام بالقضية الفلسطينية وبالقضايا الانسانية سوف يهرع هؤلاء الى مساعدة عوائل الشهداء التي افتقدت من يعيلها، والى تعمير البيوت المهدمة، والى تشغيل المرافق العامة التي تحطمت تحت وطأة العدوان الاسرائيلي.
واجب النجدة يحركه شعور التضامن مع شعب شقيق، وفداحة الأذى الذي الحقه ويلحقه العنصريون الصهاينة بالضحية. قد تكون الكلفة المادية غالية، ولكنها تهون امام ما يدفعه الفلسطينيون، وامام صمود رجال ونساء غزة، ودفع هذه الكلفة هو اقل الايمان. هل في ذلك من خطأ؟
قطعا لا! التخلف عن دعم القطاع واهله في وجه الغزوة الاسرائيلية البربرية هو سقوط اخلاقي وتفريط وطني واندحار سياسي. الواجب الانساني والقومي يقضي بتقديم كل عون الى اهل غزة لكي يتمكنوا من ممارسة حقهم في الحياة، لكي يتمسكوا بالارض، ولكي يساهموا في دحر نازية القرن الحادي والعشرين.
من يفعل ذلك لا ينصر سكان القطاع فحسب، وانما ينتصر لنفسه ايضا ولحريته وللقيم الانسانية. الا ان تقديم الدعم المباشر وحده الى القطاع لا يكفي. الاقتصار عليه قد يحوله الى عكس الغاية المرتجاة منه. حتى يحقق الدعم هذه الغاية فانه ينبغي ان يوضع في سياق النضال ضد العدوانية الاسرائيلية. ينبغي ان يساهم في كسر حلقة مفرغة تتحول مع الوقت الى لعبة تستطيبها سادية الصهاينة العنصريين.
شهدنا بالامس القريب نموذجا لعمل هذه الحلقة في جنوب لبنان. فخلال حرب تموز(يوليو) 2006، مارس الاسرائيليون سياسة الارض المحروقة ضد اللبنانيين. اسقطت اسرائيل زهاء اربعة ملايين ونصف من القنابل العنقودية على لبنان خلال الحرب.
هذا العمل وحده اثار ضجة كبرى في العالم. كينيث روث، المدير العام لمنظمة «هيومان رايتس وايتش» انتقد الهجمة العنقودية ودعا الى تحريمها في القانون الدولي ما دامت تسبب اضرارا غير محدودة وغير محسوبة للمدنيين.
اضافة الى هذه القنابل، استخدم الاسرائيليون اسلحة اخرى متعددة من اجل تدمير البنية التحتية اللبنانية والحاق اوسع الاضرار بالاهداف المدنية الى درجة ان تقرير فينوغراد الاسرائيلي نفسه دعا الى مراجعة هذه الاستهدافات.
تصل كلفة الاضرار التي الحقها الاسرائيليون بلبنان الى ما يفوق ثلاثة بلايين دولار اذا حسبت كلفة الاضرار المباشرة وغير المباشرة، واذا قدرت الفرص الاقتصادية الضائعة التي فوتها العدوان على لبنان. لقد تعرض ما يفوق المايتي قرية جنوبية لبنانية الى الاضرار الفادحة.
بلدة بنت جبيل وحدها دمر فيها اكثر من 1000 وحدة سكنية. واستهدفت الغارات الاسرائيلية مروحة واسعة من المنشاءات والمباني ذات الطابع المدني مثل «المدارس والمستشفيات والكنائس والمساجد وشبكات الكهرباء والانارة والجسور الكبرى والصغرى والطرق الرئيسية والفرعية» كما جاء في تقرير لواحدة من المنظمات التي قدمت المساعدات المادية والعينية الى اللبنانيين.
تولت دول وهيئات اهلية عربية واسلامية اعادة تعمير جزء كبير من المنشآت المدمرة، وتقديم مساعدات سريعة الى اللبنانيين المتضررين الذين فقدوا بيوتهم وعملهم، وتخفيف الاضرار عن السكان، خاصة في جنوب لبنان.
وساهمت هذه المساعدات في تمكين اللبنانيين واللبنانيات من تجاوز المحنة التي مروا بها، ومن استعادة حياة طبيعية اراد الاسرائيليون حرمانهم منها حتى يكفروا بالمقاومة ويتحولوا الى اعداء لها، او معاقبتهم اذا كانوا اصلا من مناصريها والمتعاونين معها. ومن المؤكد ان نفس الجهات العربية والاسلامية والدولية سوف تندفع الى رفع آثار العدوان عن الفلسطينيين.
هذا الدعم يستحق كل الشكر والتنويه والمباركة. انه عمل لا جدل في صوابه، ولكنه يمثل بعض المطلوب وليس كله، والا يتحول الى عكس الغرض منه. فمن يسارع الى تضميد جراح المصابين والتخفيف من آلامهم يقول لاسرائيل: لن نسمح لك بحرماننا من ارادتنا المستقلة عبر تدمير مدننا وبلداتنا والبنى التحتية التي دفعنا من اجلها الغالي والرخيص.
سوف نعيد بناءها ونستمر في مقاومة العدوان. السؤال هنا هو من يدفع فاتورة العدوان؟ هل ندفعها نحن؟ اذا فعلنا الا يدخلنا في الحلقة المفرغة التالية: اسرائيل تدمر، نحن نعمر، فتعيد اسرائيل التدمير مطمئة الى اننا نحن سوف نتولى دفع تكاليف العدوان؟
من اجل كسر هذه الحلقة فانه من الضروري ان تشعر اسرائيل بانها سوف تضطر هي الى دفع ثمن عدوانها عسكريا وسياسيا وماليا. الثمن العسكري تدفعه اسرائيل عندما تتمكن الدول العربية المحيطة باسرائيل على الاقل من النهوض باوضاعها الاقتصادية والدفاعية، اما الثمن السياسي والمالي فيمكن خوض معركته في ظل الظروف الراهنة. من الوسائل التي يمكن اللجوء اليها على هذا الصعيد هي مطالبة الاسرائيليين بدفع التعويض عن كل ضرر يلحقونه بالمناطق العربية.
لا شيء يعوض الفلسطينيين واللبنانيين والعرب عن التضحيات البشرية التي يتكبدونها من جراء الاعتداءات الاسرائيلية. هذه لها حسابات خاصة. ما من تعويض كاف عن الذين ذهبوا الى الابد او الذين اصيبوا بعاهات دائمة من جراء العدوان الاسرائيلي. مرتكبو مثل هذه الجرائم من الاسرائيليين ينبغي ان يحالوا في المستقبل الى نورمبرغ 2.
اما المطالبة بالتعويضات فمن المستطاع مباشرتها منذ اليوم. هذه المطالبة تستدعي عملا دؤوبا ومثابرا لجمع المعلومات عن نتائج العدوان وتسجيلها وتحضيرها وايداعها الهيئات الدولية المختصة. والمطالبة بالتعويضات تتطلب ايضا تحضير حملة دولية تصل الى اسماع الرأي العام واصحاب القرار في الدول ذات الشأن وفي المنابر الدولية.
ومثل هذه الحملة تسلط الانظار على الارتكابات الاسرائيلية وعلى الطابع العنصري للحركة الصهيونية. هذا الطابع الذي نسيه العرب، مع الاسف، مع ان اعدادا متزايدة من قادة الفكر والرأي والسياسة في العالم باتوا يتكشفونه ويجاهرون به.
حملة المطالبة بالتعويضات تساهم في اعادة ترتيب الاولويات في اذهان الناس وربما القيادات في البلدين الاكثر تعرضا الى عدوانات اسرائيل اي في لبنان وفلسطين. المطالبة بالتعويضات تذكر القيادات بمكمن التحديات التي يواجهها البلدان والمصدر الرئيسي للاخطار التي تتهددهما، وتفسح في المجال امام تعاون واسع يخترق الحصون والمتاريس والقلاع الفئوية التي استحدثت لمواجهة المنافسين المحليين.
انها توفر فرصة لاشتراك المعارضين والموالين، الاكثريين والاقليين، الآذاريين من الطرفين، الفتحاويين والحماسيين، لاشتراكهم في حملة محلية وعربية ودولية لمطالبة اسرائيل بالتعويض عن المتضررين من الاعتداءات الاسرائيلية.
حملة المطالبة بالتعويضات يمكن ان تفيد من المبادئ التي اعتمدت في التعويض على اليهود وعلى الشعوب التي تعرضت لعدوان النازيين بصورة مباشرة (المانيا) وغير مباشرة (سويسرا).
التعويضات الالمانية التي وصلت الى ما يفوق الـ 72 بليون مارك الماني والتي استفاد منها قرابة اربعة ملايين كثرتهم الساحقة من اليهود الاوروبيين، خصصت لكل من اصيب بضرر جسدي، او فرضت القيود على حريته الشخصية او تعرض الى ضرر مادي او مهني او لحق الضرر ممتلكاته.
التعويضات السويسرية التي بلغت 1,2 بليون دولار لليهود من اصحاب الودائع النائمة خلال الاربعينات. حملة المطالبة بالتعويض تطال حكومات اوروبية كثيرة لدول تعاونت مع النازيين في الحاق الاضرار باليهود.
هذه الحملة الواسعة النطاق، والتي توسعت في تصنيف المتضررين، يمكن ان تحتذى في المطالبة بالتعويض على ضحايا حرب تموز وعلى ضحايا الاعتداءات الاسرائيلية الاخيرة على غزة. قد يقال هنا ان المقارنة ليست في محلها. التعويضات الالمانية لم يدفعها النازيون ولكن دفعتها الحكومات الديموقراطية التي جاءت بعد سقوط الهتلرية. صحيح.
ولكن حملة المطالبة بالتعويضات الالمانية سبقت سقوط النازيين وساهمت في تعبئة الرأي العام الدولي ضدهم وفي تفتيح الاذهان على جرائمهم ضد البشرية. وهذه الحملة استمرت لسنوات طويلة حتى وجدت حكومة بون انه لا بد من دفع التعويضات. اما في سويسرا فان الحكومة التي اتخذت القرار بدفع التعويض هي وريث طبيعي للنخبة السياسية التي حكمت سويسرا خلال الحرب العالمية الثانية.
حملة المطالبة بالتعويضات قد لا تحقق اهدافها المادية في المستقبل القريب، ولكنها تساهم في تحميل الاسرائيليين مسؤولية المآسي البشرية التي يسببونها للفلسطينيين وللبنانيين وللعرب.
انها تضع على عاتقهم هم اولا واخيرا مسؤولية انهاء هذه المآسي ومسح آثارها والتعويض على المتضررين منها. حملة من هذا النوع تتطلب تحضيرات واسعة ووقتا طويلا، ولكن من الضروري المباشرة بها والاعلان عنها في اسرع وقت ممكن.
ولعل المناسبة الافضل لمثل هذا الاعلان هو موعد افتتاح المؤتمر العالمي لبحث مسألة تحريم القنابل العنقودية الذي سوف ينعقد في العاصمة الايرلندية دبلن وذلك خلال شهر ايار (مايو) المقبل.
مثل هذا التوقيت سيساعد على الربط بين استخدام اسرائيل لاساليب دمار تثير استنكارا واسعا في العالم، وبين مطالبة الشعوب المتضررة من هذه الاساليب والاسلحة بالتعويض.
الذين يعتقدون ان السلاح وحده يكتب سطور التاريخ لا يقيمون وزنا كبيرا لمبادرة مثل المطالبة بالتعويض عن الاضرار التي يلحقها العدوان. ولكن التجارب تعلمنا ان الشعوب التي حققت آمالها في الحرية لم تعتمد على السلاح وحده. لو فعلت ذلك لما تمكنت من التخلص من طغيان قوى تملك تفوقا عسكريا ساحقا على الشعوب المضطهدة.
عن صحيفة الحياة