Moonlights
05/03/2008, 09:12
من نحن ومن الغرب.
هل نتصور الغرب كتلة واحدة متجانسة, مجسّدة في المدينة الفاضلة الخالية من كل شائبة إنسانية, والمسؤولة أخلاقياً عن حل كل إشكاليات العالم الأخلاقية والاقتصادية .
ما دفعني لطرح هذا الموضوع هو ضبابية الرؤية لهاذا الغرب الذي نحمّله كل فشلنا وخيباتنا
ونحن لا نعي حقاً من هو, كذلك لا نقل جهلاً بتراثنا " الذي نعمل على استعادته " عن تصورنا الضبابي لهذا الغرب.
".....
أقام المفكّرون " الغربيين و المستشرقين والعرب " التضاد بين الغرب / والشرق طيلة قرون عديدة. وكانوا يركّزون على فروقات أساسية بينهما من حيث وجود نمطين مختلفين للحياة, ومفهومين مختلفين أيضاً عن المكانة الفلسفية والقانونية للكائن البشري ( أو الإنسان ) .
وقد تزايدت هذه الخلافات مع ظهور الحركات الأصولية الإسلامية وتناميها وتركيزها على النموذج الإسلامي المضاد للنموذج الغربي في الديمقراطية وحقوق الإنسان .
إن هذا التضاد كارثة حقاً. لماذا؟
لأنّي أعتبر أن كليهما ينتميان إلى المرجعية الثقافية العميقة ذاتها المتمثلة بالفكر الإغريقي والديانات التوحيدية. وبالتالي فإن التركيز على الخلاف بين هاتين الثقافتين أو هاتين الحضارتين, بل تكبيره وتضخيمه, هو من نتاج الجهل المؤسّساتي في كلتا الجهتين ( العربية / الإسلامية – الغربية ) فالعالم العربي ليس شرقاً وإنما هو غرب " بهذا المعنى".
الشرق الحقيقي هو الشرق الأقصى المتمثّل بالصين واليابان والهند. هناك توجد مرجعيات ثقافية مختلفة .
الغرب يقبل بهذا الخلط كلما أظهر الإسلام نفسه كنموذج بديل للغرب ومناقض لتطلعاته حتى أصبح الفزّاعة المرعبة التي يعيشون عليها وأخذ مكان الاتحاد السوفيتي السابق كعدو.
من هو الغرب حضارياً وجغرافياً ؟ الغرب هو كتلة الدول السبع الكبار التي تلتقي سنوياً وبانتظام منذ عام 1989 .
هو مجموعة " جغرافية – سياسية " , و " جغرافية – اقتصادية " , و " جغرافية – مصرفية " مؤلفة من الدول التالية :
الولايات المتحدة – اليابان – كندا – فرنسا – إيطاليا – إنكلترا – ألمانيا.
إن قبول اليابان في هذا المنتدى الغربي الكبير يُبيّن لنا كيف أن المعايير الثقافية والفلسفية ليست مأخوذة فعلاً بعين الاعتبار "عندما لا تطرح نفسها كبديل للآخر وتحاول إلغاءه " , وإنما المهمّ هو القوة الاقتصادية والتكنولوجية والمالية.
هل هناك فرق بين الغرب وأوروبا ؟
هناك تمايز بين أوروبا و الولايات المتحدة التي لا يكتمل مفهوم الغرب بدونها فهذه الأخيرة هي بنت أوروبا كما يدعوها شارل ديغول ويجب أن نتذكّر موقف فرنسا المدافعة عن "الخصوصية الفرنسية" أثناء مواجهتها للولايات المتحدة في مباحثات "الغات" كذلك يجب ألا نكون واثقين من تأييد الولايات المتحدة للوحدة الأوروبية, كذلك الولايات المتحدة حديثة العهد بنظام الحداثة مقارنة بأوروبا ذات التراث العريق جداً بالثورات.
كذلك التمايز الكبير للموقف الفرنسي الرافض للحرب ضد العراق والهجوم العنيف الذي قامت به الولايات المتحدة وكيف وصفتها بانها "أي فرنسا" تمثّل أوروبا العجوز.
....."
الطرح لمحمد أركون في كتاب " كيف نفهم الإسلام اليوم " مع توضيحات وجدتها ضرورية مستقاة من مصادر أخرى .
هذا علماً بأن أوروبا خصوصاً والغرب عموماً لم ينجزا مرحلة الحداثة بعد وذلك رغم أطروحات ما بعد الحداثة أو ما وراء الحداثة التي بدأت تظهر في أوروبا والتي تتطلع إلى تجاوز مرحلة الحداثة بإشكالاتها المُختلفة والتي منها تجاوز الصراع مع الآخر وإحلال السلم والعدل الإنساني العام .
إذاً المسؤولية " في الصراع الدائر بين الحداثة الأوروبية والعالم العربي الإسلامي " يقع على عاتق الإسلام الأصولي الذي أخذ يقوى اعتباراً من القرن الثالث عشر, أكثر مما يقع على عاتق الحداثة الأوروبية التي صارعت طويلاً حتى تنتصر على التصور الاهوتي الغيبي للعالم وتحل محلّه نظام قائم على المكانة الفلسفية والقانونية للإنسان, لهذا لن تقبل بأي شكل من الأشكال بمفاهيم تعيدها إلى ما قبل العصور الوسطى كالتي يطرحها الإسلام الأصولي سابقاً واليوم.
ما يجمعنا مع أوروبا الحداثة أكثر بما لا يقارن مع ما يفرقنا عنها وهذا ما سأعرض له أثناء سير النقاش حتى لا نتشعب كثيراً هنا .
تحياتي
هل نتصور الغرب كتلة واحدة متجانسة, مجسّدة في المدينة الفاضلة الخالية من كل شائبة إنسانية, والمسؤولة أخلاقياً عن حل كل إشكاليات العالم الأخلاقية والاقتصادية .
ما دفعني لطرح هذا الموضوع هو ضبابية الرؤية لهاذا الغرب الذي نحمّله كل فشلنا وخيباتنا
ونحن لا نعي حقاً من هو, كذلك لا نقل جهلاً بتراثنا " الذي نعمل على استعادته " عن تصورنا الضبابي لهذا الغرب.
".....
أقام المفكّرون " الغربيين و المستشرقين والعرب " التضاد بين الغرب / والشرق طيلة قرون عديدة. وكانوا يركّزون على فروقات أساسية بينهما من حيث وجود نمطين مختلفين للحياة, ومفهومين مختلفين أيضاً عن المكانة الفلسفية والقانونية للكائن البشري ( أو الإنسان ) .
وقد تزايدت هذه الخلافات مع ظهور الحركات الأصولية الإسلامية وتناميها وتركيزها على النموذج الإسلامي المضاد للنموذج الغربي في الديمقراطية وحقوق الإنسان .
إن هذا التضاد كارثة حقاً. لماذا؟
لأنّي أعتبر أن كليهما ينتميان إلى المرجعية الثقافية العميقة ذاتها المتمثلة بالفكر الإغريقي والديانات التوحيدية. وبالتالي فإن التركيز على الخلاف بين هاتين الثقافتين أو هاتين الحضارتين, بل تكبيره وتضخيمه, هو من نتاج الجهل المؤسّساتي في كلتا الجهتين ( العربية / الإسلامية – الغربية ) فالعالم العربي ليس شرقاً وإنما هو غرب " بهذا المعنى".
الشرق الحقيقي هو الشرق الأقصى المتمثّل بالصين واليابان والهند. هناك توجد مرجعيات ثقافية مختلفة .
الغرب يقبل بهذا الخلط كلما أظهر الإسلام نفسه كنموذج بديل للغرب ومناقض لتطلعاته حتى أصبح الفزّاعة المرعبة التي يعيشون عليها وأخذ مكان الاتحاد السوفيتي السابق كعدو.
من هو الغرب حضارياً وجغرافياً ؟ الغرب هو كتلة الدول السبع الكبار التي تلتقي سنوياً وبانتظام منذ عام 1989 .
هو مجموعة " جغرافية – سياسية " , و " جغرافية – اقتصادية " , و " جغرافية – مصرفية " مؤلفة من الدول التالية :
الولايات المتحدة – اليابان – كندا – فرنسا – إيطاليا – إنكلترا – ألمانيا.
إن قبول اليابان في هذا المنتدى الغربي الكبير يُبيّن لنا كيف أن المعايير الثقافية والفلسفية ليست مأخوذة فعلاً بعين الاعتبار "عندما لا تطرح نفسها كبديل للآخر وتحاول إلغاءه " , وإنما المهمّ هو القوة الاقتصادية والتكنولوجية والمالية.
هل هناك فرق بين الغرب وأوروبا ؟
هناك تمايز بين أوروبا و الولايات المتحدة التي لا يكتمل مفهوم الغرب بدونها فهذه الأخيرة هي بنت أوروبا كما يدعوها شارل ديغول ويجب أن نتذكّر موقف فرنسا المدافعة عن "الخصوصية الفرنسية" أثناء مواجهتها للولايات المتحدة في مباحثات "الغات" كذلك يجب ألا نكون واثقين من تأييد الولايات المتحدة للوحدة الأوروبية, كذلك الولايات المتحدة حديثة العهد بنظام الحداثة مقارنة بأوروبا ذات التراث العريق جداً بالثورات.
كذلك التمايز الكبير للموقف الفرنسي الرافض للحرب ضد العراق والهجوم العنيف الذي قامت به الولايات المتحدة وكيف وصفتها بانها "أي فرنسا" تمثّل أوروبا العجوز.
....."
الطرح لمحمد أركون في كتاب " كيف نفهم الإسلام اليوم " مع توضيحات وجدتها ضرورية مستقاة من مصادر أخرى .
هذا علماً بأن أوروبا خصوصاً والغرب عموماً لم ينجزا مرحلة الحداثة بعد وذلك رغم أطروحات ما بعد الحداثة أو ما وراء الحداثة التي بدأت تظهر في أوروبا والتي تتطلع إلى تجاوز مرحلة الحداثة بإشكالاتها المُختلفة والتي منها تجاوز الصراع مع الآخر وإحلال السلم والعدل الإنساني العام .
إذاً المسؤولية " في الصراع الدائر بين الحداثة الأوروبية والعالم العربي الإسلامي " يقع على عاتق الإسلام الأصولي الذي أخذ يقوى اعتباراً من القرن الثالث عشر, أكثر مما يقع على عاتق الحداثة الأوروبية التي صارعت طويلاً حتى تنتصر على التصور الاهوتي الغيبي للعالم وتحل محلّه نظام قائم على المكانة الفلسفية والقانونية للإنسان, لهذا لن تقبل بأي شكل من الأشكال بمفاهيم تعيدها إلى ما قبل العصور الوسطى كالتي يطرحها الإسلام الأصولي سابقاً واليوم.
ما يجمعنا مع أوروبا الحداثة أكثر بما لا يقارن مع ما يفرقنا عنها وهذا ما سأعرض له أثناء سير النقاش حتى لا نتشعب كثيراً هنا .
تحياتي