في 24/3/1955 تسللت خلية مخربين من قطاع غزة ووصلت الي القرية التعاونية بتيش في النقب. المخربون قدموا خلال زفاف فانقضوا علي المحتفلين بالقنابل والرصاص. خلال دقائق تحولت الساحة الاحتفالية الي ساحة حرب. شرطي كان في المكان هجم علي المخربين باطلاق النار ونجح في دفعهم للفرار. علي الارض بين بقع الدماء سقط 22 جريحاً وقتيلاً واحداً هي فاردا فريدمان متطوعة من كفار فدكيم.
ديفيد بن غوريون الذي كان وزيراً للدفاع أمر علي الفور بشن عملية انتقامية، صحافي بارز وهو موشيه جاك من معاريف سأل بن غوريون عن سبب اتباعه لسياسة الانتقام. الختيار رد عليه ان احد الاسباب هو ردع العدو، ولكن هناك سبب آخر ، قال، هو سبب تربوي واخلاقي. انظر الي هؤلاء اليهود هم قادمون من العراق وكردستان وشمالي افريقيا... هم قدموا من بلاد كانت فيها دماؤهم مستباحة وكان من المسموح التنكيل بهم وتعذيبهم وضربهم والاعتداء علي حقوقهم. اعتادوا علي ان يكونوا ضحايا عاجزين لغير اليهود. هنا في بلادنا يتوجب علينا ان نبرهن لهم ان دمهم لم يعد مستباحاً وان هناك دولة وجيشا للشعب اليهودي وان احداً لن يسمح له بأن يفعل فيهم ما يريد وان هناك ثمناً لحياتهم وممتلكاتهم. علينا ان نرفع هاماتنا وان نغرس فيهم مشاعر النهضة والاعتزاز. علينا ان نجسد لهم ان من يهاجمهم لن يفر من العقوبة وانهم مواطنون في دولة سيادية مسؤولة عن حياتهم وسلامتهم .
هذه الامور قيلت منذ 35 عاما ـ وهي تصيب مرمي الهدف بصورة مدهشة بالنسبة لوضعنا القائم اليوم. سئمت التوضيحات المنمقة التي يطلقها الخبراء العسكريون والمدنيون بشتي اصنافهم. الذين يوضحون بصورة منمقة سبب عدم قيامنا بعملية عسكرية ضد مطلقي صواريخ القسام. هناك خبراء في العلاقات الدولية يحذرون من ان الامم المتحدة ودول العالم سينددون بنا؛ وخبراء آخرون في شؤون السلام يصرحون بأن مثل هذه العملية ستعرقل مساعي السلام؛ وخبراء في الامن يقدرون بأن العملية العسكرية لن تحقق اهدافها ان كان هؤلاء هم خبراء في الجيش الاسرائيلي وليس في جعبتهم حل فمن الحري بنا اذن ان نستبدلهم بآخرين.
احد التفسيرات الغريبة والاكثر خطورة والتي سمعتها من ضباط كبار في الجيش الاسرائيلي ومن المحللين المدنيين علي الاغلب هو انه من المحظور المخاطرة بحياة الجنود . هذه الكلمات ذكرتني باحدي اللحظات الاشد صعوبة في حرب لبنان الثانية عندما كنت متطوعاً في المناطق الشمالية وعلقت في قصف للكاتيوشا علي كريات شمونة مع قائدٍ كبيرٍ ومجيد في الجيش الاسرائيلي. سألته لماذا لا يرسل جنوده لضرب المخربين فرد علي بأن عليه ان يحافظ علي أرواح جنوده. نظرت من حولي الي منازل المدنيين والدخان الذي يتصاعد من سقوط الكاتيوشا وسألته: ومن الذي سيحمي ارواح المدنيين اذن؟
في السنوات الاخيرة تجذرت في اوساطنا نظرية حربية غريبة، تقول ان حياة الجنود عزيزة جداً، واحياناً اعز من حياة المدنيين. هذه فلسفة خاطئة وخطيرة ومشوهة. مهمة الجنود هي ان يقودوا القتال وان يغامروا بالخسارة في الارواح دفاعاً عن المدنيين. الوضع اصبح معكوساً عندنا. لشدة القلق علي الجنود الاولاد كما يلقبهم اهاليهم ووسائل الاعلام، نتجاهل الهدف الذي يتجندون من اجله ـ الدفاع عن الدولة وخصوصاً المواطنين فيها. يبدو ان خبراءنا السياسيين ايضاً الذين يقلقون من ما الذي سيقوله عنا غير اليهود ، ينسون ان مسؤولية الدولة العليا هي ضمان امن مواطنيها. ما جدوي المساعي السلمية ان لم يحصل شعب اسرائيل علي الطمأنينة تحت دواليه واشجار التين في بستانه؟
سأخاطر باجترار نفسي واقتبس بن غوريون مرة اخري الذي قال في اكثر من مرة: ان وضعوا كل المثل العليا في العالم في كفة ووضعوا وجود اسرائيل في كفة اخري - فسأختار وجود اسرائيل لأن الموت بلا مثل .

مؤلف سيرة بن غوريون
معاريف
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////اسرائيل%20أغلي%20من%20ا لمثل%20العلياfff&storytitleb=ميخائيل%20بار%20زوهر&storytitlec=