-
دخول

عرض كامل الموضوع : مجموعة ميخا الصهيونية المسيطرة على الرأي العام في أميركا ...


s1_daoud
21/07/2005, 01:21
قلما يظهر اسم "مجموعة ميخا" في أجهزة الإعلام الأميركية . لكن تقريراً كتبته الصحافية ليزا ميللر في "وول ستريت جورنال" في 4 مايو 1998 كشف عن معلومات هامة حول مجموعة "ميخا". وقيل بعد ذلك إن المجموعة وجهت لوماً شديداً إلى العضو الذي تحدث مع ميللر، أي الملياردير الأميركي - الكندي المعروف تشارلز برونغمان مدير شركة "سيجرام" الشهيرة في مجال إنتاج المشروبات الغازية.
تشارلز برونغمان - كما يعرف من يتابعون ظهوره على شاشات التلفزيون الأميركية - ثرثار بطبيعته يميل إلى حب الظهور ، وإلى عرض تحليلاته الخاصة لما يحدث، وهو يعتقد دائماً أن هذه التحليلات هي الأعمق والأكثر ذكاءً بين كل ما يقال على الرغم من أن أغلب من ينصتون لهذا الملياردير "الثقيل" لهم رأي مخالف.
ويبدو أن رفاق برونغمان - وهم جميعاً ممن يماثلونه وزناً أو يزيدون- طلبوا منه أن يتحدث عما يشاء من قضايا العالم إلا مجموعة( ميخا )، كما يبدو أنهم طلبوا من أجهزة الإعلام أيضاً أن تنسى ما نشرته ميللر، وأن تغلق ملف هذه القصة بأكملها . وهكذا اختفى اسم مجموعة ميخا من تقارير أجهزة الإعلام الأميركي، إلا أن ذلك لم يكن يعني بأي حال اختفاء المجموعة ذاتها. ولكن السؤال هو، ماذا عن هذه الـ"مجموعة ميخا"؟.
مجموعة ميخا:جاء تشكيل المجموعة بمبادرة من الملياردير الأميركي اليهودي( لسلي ويكسز) صاحب شركة "ليمتد إنك" التي تنتج وتسوق الملابس الجاهزة والتي تمتلك بعض أشهر الماركات العالمية وسلسلة المحلات المتخصصة الشهيرة . كان ذلك عام 1991 حين بدا أن إدارة الرئيس جورج بوش الأب تتهيأ لممارسة ضغوط حقيقية على حكومة رئيس الوزراء الصهيوني آنذاك إسحاق شامير. ولما كان ويكسز أحد أهم أنصار الليكود في الولايات المتحدة ، وحلم حياته الأكبر هو بناء "إسرائيل الكبرى" ("إيرتيز إسرائيل")، فقد هب ويكسز للدفاع عن حلمه الكبير ، وعن سياسة الليكود.
وطرح ويكسز آنذاك نظرية بسيطة مفادها أن جورج بوش الأب تجاوز الخط الأحمر حين وافق على أن يرسل وزير خارجيته جيمس بيكر برسالة علنية إلى الصهاينة : انسوا "إيرتيز إسرائيل"(إسرائيل الكبرى) وكان بيكر قد قال ذلك - حرفياً - في عقر دار اللوبي الصهيوني في واشنطن، أي خلال المؤتمر السنوي لمنظمة الشؤون العامة الأميركية - الإسرائيلية "إيباك".
إلا أن ويكسز ممن يعتقدون أن أكبر قوة ضاربة ممكنة ليست بالضرورة هي الأكثر عدداً ولكنها الأكثر مالاً . وهكذا حصر الملياردير نداءه في 20 شخصاً فحسب كل منهم يمثل إمبراطورية مالية مستقلة . ومن هؤلاء الثرثار( تشارلز برونجمان) ، وشقيقه إدجار وهو الآخر صاحب إمبراطورية مالية على الرغم من أنه مستقل تماماً - ومن إمبراطوريته شركة "سامسون إنفستمنت" الضخمة في أوكلاهوما ، و(هارفي مايرهوف )الذي جمع ثروة هائلة من المقاولات في ولاية ميريلاند ،( وليونارد إبرامسون) مؤسس شركة "يو. إس. هيلث كير"، وأحد أهم مصادر التمويل لحركة المستوطنين الصهاينة ،( وليستر كراون) وهو ملياردير من شيكاغو يمتلك عدداً من فرق البيسبول الرياضية (ولورانس تيش) صاحب "مجموعة لووز" التي تمتلك مئات المحلات التجارية العملاقة في أركان الولايات المتحدة الأربع، وأسطورة سوق المال ماكس فيشر وملك صناعة المأكولات الجاهزة المعلبة (مارفن ليندر).
أما الباقون فإن أحداً لا يعرف عنهم شيئاً ، وتقول ميللر في تقريرها في وول ستريت جورنال "هناك مجموعات أخرى تنتمي إلى أديان أخرى ، إلا أن تلك المجموعات لا تشبه مجموعة "ميخا" من زاويتين ، الأولى أن مجموعة ميخا حصرت عضويتها في عدد قليل للغاية من الأعضاء ينتمون جميعاً إلى أكثر فئات عالم البزنس تأثيراً ووزناً ، والثانية هي أن المجموعة تريد أن تبقى بعيداً عن الأضواء تماماً ، إنها لا تعلن عن اجتماعاتها ، ولا تصدر بيانات ، بل إنها لم تكشف أبداً عن أسماء أعضائها".
وتضيف ميللر "لا يمكن ضم أي عضو جديد للمجموعة إلا بتوجيه من عضوين قديمين في المجموعة، وبموافقة الباقي ، وبعد التأكد من قدراته المالية". ثم توضح الكاتبة الأميركية أن السينمائي المعروف( ستيفن بيلبرج) قبل في نيسان - أبريل (1998) كعضو منتسب فحسب، عليه أن يمضي فترة طويلة يثبت فيها إخلاصه لأهداف المجموعة قبل أن يتمتع بعضوية كاملة.
ثم تشرح الصحافية الأميركية أن المجموعة تعقد اجتماعاً واحداً كل عام بكامل هيئتها، وأي شخص لا ينتمي للمجموعة يمنع من المشاركة فيه، وتضيف:
تتقيد اجتماعات المجموعة ببروتوكول محدد فهي تبدأ بعد تناول العشاء، حيث يشرع أحد الأعضاء بعرض جدول اجتماع اللقاء ثم ينفض الاجتماع - الذي يعقد عادة في أحد الفنادق - حتى الصباح التالي , حيث يعود الأعضاء للقاء من التاسعة صباحا وحتى الثانية بعد الظهر".
ثم تقول ميللر إنها حاولت الاتصال بأعضاء آخرين في المجموعة "ولكنهم رفضوا الرد على مكالماتي , وقال لي تشارلز برونغمان:"لا نريد أن ينظر إلينا الآخرون على أساس أننا تجمع السنهدرين" . ((ومعنى تجمع (السنهدرين) هذا التجمع هو كان أعلى هيئة دينية واجتماعية وسياسية وقضائية في المجتمع اليهودي القديم وفي إسرائيل وجود لهذا ( السنهدرين))". ثم تعيد ميللر ما قاله لها برونغمان من أن إحدى مهام المجموعة هي "مساعدة أي يهودي على وجه الأرض للعودة إلى "إسرائيل" إذا أراد ذلك" ولعل هذا على وجه الحصر الترجمة "الخيرية" لأعمال "ميخا " التي وضعت أمامها "إيرتيز إسرائيل" كهدف أسمى من أي هدف آخر.
ليس هناك أي ذكر آخر, لمجموعة "ميخا" إلا مرة قال فيها بوب أورايللي المعلق في قناة "فوكس" التلفزيونية قبل قرابة الأربعة شهور إن الرئيس جورج بوش الابن لا يرغب في تكرار خطأ والده , أي لا يرغب في استفزاز "مجموعة ويكسز" . وأضاف أورايللي "سمعنا أن مستشار الرئيس بوش (الابن) كارل روف (وهو مهندس الحملة الانتخابية أيضا وأكثر الأشخاص قربا من الرئيس الأميركي) نصح الرئيس بألا يدخل في صدام علني مع أرييل شارون لأن ذلك قد يؤدي إلى تكرار ما حدث عام 1992 (أي سقوط بوش حين استفز "مجموعة ويكسز").
على الرغم من ذلك فإن أحدا لا يعرف على وجه الدقة - بعيدا عن التكهن - كيف تسببت مجموعة "ميخا" في إسقاط بوش الأب, لأن أحدا لا يريد الحديث في الأصل عن وجود مثل هذه المجموعة. كل ما نعرفه عن ذلك هو إشارة أورايللي في محطة "فوكس" التي يمتلكها روبرت مردوخ أحد أباطرة الإعلام في العالم , وواحد من أقرب أصدقاء أرييل شارون. على الرغم من ذلك , وخلال البحث - الذي كان شاقا بحق - عن هذه المجموعة الغامضة , ظهر اسم أحد أكثر أعضائها ميلا إلى الابتعاد عن الإعلام وذلك لمرة واحدة - أيضا - في تقرير بثته وكالة "جويش تلجراف" للأنباء في 13 آذار/مارس , أي بعد انتخاب شارون مباشرة. وسوف نترجم هنا مقاطع بأكملها من هذا التقرير بنصها الحرفي: "اتخذت الحكومة الإسرائيلية خطوة غير مألوفة مؤخرا حين تعاقدت مع شركتين بارزتين من شركات العلاقات العامة لدعم جهودها في حقل الرأي العام الأميركي, والشركتان هما "روبنشتاين أسوسيتس" و" موريس - كاريك آند جوما".
"فضلا عن ذلك وفي خطوة أكثر إثارة للجدل قام عدد قليل من أكبر المتبرعين لـ"إسرائيل" بتشكيل مركز للدراسات يتولى مهمة وضع استراتيجيات بعيدة المدى لتقديم صورة إيجابية عن إسرائيل".وهكذا تقرر تشكيل مركز الدراسات الذي يسمى "إيميت" وهي كلمة عبرية تعني الحقيقة من قبل مؤسسي مجموعة "ميخا". وأشرف على إنشاء المركز ثلاثة أشخاص هم ليونارد إبرامسون : مؤسس يو. إس. هيلث كير، بالمشاركة مع مايكل ستاينهارت الممول المعروف، ورئيس المجلس اليهودي العالمي إدجار برونغمان". و ليونارد إبرامسون - هذا الملياردير الغامض الذي يحرص على تجنب مجرد ذكر اسمه - هو نفسه مؤسس "إيميت"، وهو أيضا عضو "مجموعة ميخا" الذي قيل إنه طلب من برونغمان أن يصمت . ثم إن إدجار برونغمان أيضا يحمل بطاقة عضوية "ميخا" ، كما يعد مؤسس إيميت الثالث مايكل ستاينهارت عضوا في المجموعة ضمن أولئك الأعضاء الذين لم يتمكن أحد من معرفة أسمائهم .
وهناك سؤال أين هو ذلك الـ"إيميت" الخفي؟ مجموعة "ميخا" تحرص على الاختفاء ، وهو أمر قد يكون مثيرا للفضول ولكن بالإمكان استيعابه في نهاية المطاف ، ولكن لماذا يخفي الصهاينة مركزا للدراسات ؟ أي دراسات هذه التي يقوم بها المركز؟ . من المحتمل أن تكون "ميخا" أطاحت ببوش الأب . ومن المحتمل أيضا أن النصائح التي وجهت للابن - من كارل روفر - بتجنب استفزاز مجموعة ويكسز إذا كان يريد تجنب مصير والده في انتخابات 1992 قد أثرت بدورها على موقف الرئيس الحالي إلى حد ما . ولكن المؤكد أن جورج بوش الابن أصبح رئيسا بدعم اللوبي الذي دعم بصورة مفتوحة بطاقة آل جور - ليبرمان . لكنه لابد أن استفاد من مجموعة "ميخا" ونصيحة مدير حملته كارل روفر وقدم وعودا اكثر مما يتوقعون وهذا ماتم فعلا على أرض الواقع . لاشك انه لا يجرؤ أحد على التحدث عن مجموعة "ميخا" في الإعلام الأميركي . إنها "المجلس الأعلى" لكل شيء . ولولا تقرير ليزا ميللر في "وول ستريت جورنال" والتي لم يعد يسمع أحد باسمها بعد هذا التقرير الشهير" لأنها أبعدت تماماً عن الإعلام وربما قتلت منذ ذلك الوقت.
والسؤال الذي طرح في بعض وسائل الإعلام الأميركية " ألم تذهب 83% من أصوات الجالية اليهودية لبطاقة آل جور - ليبرمان؟" كان الجواب : "حجم الأصوات التي تذهب إلى هنا أو هناك ليس هو "ملعب" "جماعة ميخا" إن ملعبها الحقيقي هو أجهزة الإعلام. إنهم يتركون الأصوات وكسبها للصغار من نوع لجان العمل السياسي كما يتركون الكونغرس لـ "إيباك". ولكن مهمتهم الأساسية هي إحكام القبضة على أجهزة الإعلام . هذه الجماعة تتحكم تماماً بروبرت مردوخ ناشر صحيفة "نيويورك بوست" و"ويكلي ستاندارد" وصاحب شبكة فوكس التلفزيونية . وهم يتحكمون في مردوخ عن طريق كونراد بلاك مدير مجموعة هولينجر الاستثمارية. هناك ابنة كاترين جرام, لولي, التي تتحكم في "واشنطن بوست". وكاترين جرام التي توفيت أخيراً هي صاحبة الصحيفة . ويقال إنها كانت عضوة في "جماعة ميخا" على الرغم من استحالة التأكد من ذلك . إنها شبكة معقدة, وهي تتبع أساليب معقدة أيضا".
أما عن طبيعة هذه الأساليب قال الصحفي (جيفري ستاينبرج) "في السابق كان نشاط الضغط السياسي يتطلب تمويلا ، أي يتطلب دفع الأموال من قبل المقتنعين بقضية معينة. وقد قلب هؤلاء ذلك المفهوم القديم رأسا على عقب. لقد نجحوا في جعل النشاط السياسي لصالح قضيتهم مصدرا للربح أيضا. وهكذا جمع كل منهم بين أفضل ما في الجانبين, أي خدمة قضيته وتحقيق أرباح كبيرة . حين بدأ مردوخ مثلا في دخول السوق الأميركية تلقى عونا ماليا من كبار الممولين الموالين لـ"إسرائيل" , وهكذا تمكن هذا الناشر الأسترالي من جعل "نيويورك بوست" مصدرا لأرباح هائلة, ومنبرا لحزب الليكود في الوقت ذاته . لقد كان حلا عبقريا: بوسع أي يهودي أميركي أن يربح كثيرا لو دعم (إيرتيز إسرائيل)أو (إسرائيل الكبرى). وكان كثير من اليهود ينصرفون في السابق عن دعم جهود الدعاية لـ"إسرائيل" لأنها عملية مكلفة . ولكن حين قلب هؤلاء الكبار - أي جماعة ميخا- المعادلة تدافع كثيرون لدعم هذه القضية . عليك فقط أن تنظر إلى أصحاب شركات المقاولات التي تبني المستوطنات في الأراضي الفلسطينية وتبيعها بعد ذلك سواء للمستوطنين أو للحكومة الصهيونية التي تبيعها بعد ذلك للمستوطنين . إن هيكل إدارات هذه الشركات يكشف عن الكثير . فهم مخلصون لقضية (إيرتيز إسرائيل) ويربحون أموالا كثيرة في الوقت ذاته . كيف تريد من هؤلاء أن يتعاملوا مع الانتفاضة الفلسطينية التي تهدد الأمرين معا بعد أن طابقت بينهم "جماعة ميخا" ؟.
قد يصعب رصد الدور الحقيقي الذي قامت به هذه الجماعة الغامضة وذلك بسبب حرصها على البقاء في الظلام , إلا أن ما يتناثر هنا وهناك - على الرغم من التعتيم المطبق - يكشف عن أنها قد تكون "مربط فرس" أرييل شارون في الولايات المتحدة. وكان الله مع الفلسطينيين الذين يقفون - بأحجارهم - أمام أخطبوط ضخم لا نعرف منه بعد إلا أقل القليل.
* اللوبي اليهودي في أميركا ... أخطبوط بـ 100 ذراع.
لم تكشف أحداث 11 سبتمبر/ أيلول عن سهولة اختطاف الطائرات المدنية الأميركية وتوجيهها لتدمير منشآت أساسية فحسب، عن النتائج التي يمكن أن تسفر عنها السياسة الخارجية الأميركية وتوجيهها لتدمير مصالح الولايات المتحدة ذاتها قبل أي بلد آخر. فقد بدا واضحاً لأي شخص يتسم بقدر من رجاحة العقل أن تلك الأحداث تفرض أن تراجع الولايات المتحدة سياستها الخارجية وأن تحاول الإجابة بحياد وموضوعية عن السؤال الذي طرحه الشارع الأميركي بإلحاح بعد تلك الأحداث: لماذا يكرهوننا إلى هذا الحد ؟ لماذا يكره العالم الولايات المتحدة؟.
والمفارقة هنا لا تقتصر على ما حدث بعد ذلك عند تقديم إجابة عن هذا السؤال ، ولكنها تمتد إلى صيغة السؤال نفسه . ذلك أن العالم لا يكره الأمريكيين، بل إنه من الصعب أصلاً أن يكره شعب من الشعوب شعباً آخر ، ذلك أن الناس العاديين في بلاد الأرض يتبادلون زيارة هذا المجتمع أو ذاك ، يقفون مذهولين أحياناً من هذا التنوع الذي يميز البشر ، يتعرفون على بعضهم بعضا وعلى حضارات قديمة وأخرى تمضي في رحلتها عبر الزمن، ويتعلمون في غضون ذلك من اختلافهم ، ولو شاء الخالق أن يجعل كلا منا صورة مطابقة للآخر لفعل.
فإن كان الأميركيون يتساءلون عن سبب كراهية العالم لهم ، وإذا كان العالم لا يكرههم كشعب أفلا يفضي ذلك على نحو منطقي إلى الالتفات إلى سياسة الحكومات الأميركية المتعاقبة إزاء هذا العالم بحثاً عن إجابة مقبولة ؟.
وقد فعل الأميركيون ذلك بعد أحداث 11 أيلول/سبتمبر . فقد تناثرت التعليقات والآراء في الصحف والإذاعات ومحطات التلفزيون حول سياسة الولايات المتحدة تجاه العالم عموماً، و العرب والمسلمين خصوصاً ، في محاولة لتحديد ليس فقط أسباب أحداث 11 سبتمبر، ولكن لفهم جذور هذا العداء الذي لا تخطئه العين في شوارع المدن العربية والإسلامية تجاه سياسة واشنطن .
إلا أن تلك السياسة انتهت بعد فترة وجيزة إلى لوم العرب والمسلمين!... إنها مفارقة حقيقية، وهي تعكس حقيقة بسيطة هي أن سياسة الولايات المتحدة تجاه العالمين العربي والإسلامي ليست في واقع الأمر سياسة أميركية . فقد تم باختصار نزع هذه السياسة وتوجيهها نحو أهداف تدعو إلى الشفقة على من يجلسون في مقاعد صياغة
استراتيجيات واشنطن ومواقفها إزاء العالم الخارجي.
العالم إذن ـ وخصوصاً عربه ومسلميه ـ يعادي سياسة خارجية أميركية لا تعبر عن مصالح الولايات المتحدة ، بل إنه يعادي سياسة خارجية يجري توجيهها ضد مصالح الولايات المتحدة ، وضد مصالح العرب والمسلمين أيضا .
وفيما يعرف الأميركيون الآن كيف تم اختطاف الطائرات صباح 11 أيلول/ سبتمبر ، فإن اختطاف السياسة الخارجية الأميركية ـ خصوصاً تجاه الشرق الأوسط ـ تم منذ وقت طويل سابق ، وبواسطة شبكة بالغة التعقيد ، ومحكمة التنظيم ، تحدد أهدافها بدقة ، وتجمع وسائل تحقيق هذه الأهداف بصبر، ثم تنقض بعد ذلك بلا تردد أو مساومة. والشائع أن قلب هذه الشبكة هو منظمة الشؤون العامة الأميركية الصهيونية "إيباك"، ولكن هذا لم يعد دقيقاً الآن . لقد كان صحيحاً ربما حتى مطلع الثمانينيات ، إلا أن رؤوسا أخرى ظهرت لهذا الأخطبوط ذي المئة ذراع وذلك في سياق تاريخي محدد فرضه انتهاء احتكار مؤسسة حزب العمل (اليهود الأوروبيين) في الكيان الصهيوني .
وفيما ظل التياران على اتفاقهما حول أمور كثيرة فإنهما اختلفا في أمور أخرى ، وأسفرت هذه الخلافات عن ظهور احتياج موضوعي لرؤوس أخرى في واشنطن تعكس "التنوع السياسي" الذي طرأ على الساحة السياسية بعد صعود الليكود.
إلا أن ذلك بدوره ليس السبب الوحيد في معارضة القول إن "إيباك" هي قلب اللوبي الصهيوني . إن هذا اللوبي يضم عدداً هائلاً من المنظمات . ويمكننا هنا أن نرصد بعضاً منها فحسب على النحو التالي:
آيش هاتورا ـ آليه فوانديشن ـ إليف إنستيتيوت ـ آم إيشاد ـ أميركا (إسرائيل) فوانديشن - المجلس اليهودي الأميركي - آميت وومن ـ منظمة مكافحة التشويه (إيه. دي. إل) أو بناي بريث ـ تاير هجولاه إنستيتيوت ـ بويز تاون أورشليم ـ فوانديشن أوف أميركا ـ كامب سيمشا ـ تشمول ـ شوفيتز فوانديشن ـ كوليل تشاباد ـ لجنة الدقة في أخبار الشرق الأوسط في أميركا (كاميرا) ـ دارشي نوآم ـ دوروت ـ إيلدريدج ـ ستريت بروجيكت ـ إيزارز توراه ـ حقائق الشرق الأوسط ـ جيشر فوانديشن ـ هاراسا ـ هيليل ـ صندوق العدالة اليهودي - جينسا (المعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي) ـ الصندوق القومي اليهودي ـ كيرين آينيمر ـ كوليل أمريكا ـ لايتس إن آكشن ـ نآمات ـ آوت ريتش ـ مجلس يهود الفلاشا ـ أوهر ساموياخ ـ ريفيوه ياشيوه ـ شوفو (العودة) ـ اتحاد مجالس اليهود الروس ـ ياد ساره ـ يشيفوت بناي آكيفا ـ زيف ـ مركز ويزنثال للسلام ـ مجلس رؤساء المنظمات اليهودية الأميركية ـ المنظمة الصهيونية الأمريكية".
وبوسعنا مواصلة الكتابة حتى يمل القارئ قراءة هذه الأسماء المعقدة ، ذلك أن القائمة تمتد إلى مجالس الجاليات اليهودية في المدن الرئيسة ، وجمعيات أصدقاء "إسرائيل" في الجامعات ، ونحو 1500 لجنة للعمل السياسي على المستوى القاعدي في الولايات المتحدة ، أي في أنحاء المدن الأميركية المختلفة .
رغم ذلك فإنه يجب الاعتراف بأن "إيباك" تلعب دوراً مهماً رغم أنه لا يتجاوز في أهميته بأي حال دور منظمة مثل "بناي بريث" أو "مجلس رؤساء المنظمات اليهودية" . الفارق أن هذه المنظمات طبقت تقسيماً دقيقاً للعمل فيما بينها . "بناى بريث" مثلاً ومجلس رؤساء المنظمات أيضاً يهتم بالاتصالات الشخصية بالمسؤولين الحكوميين . تهتم "إيباك" بأعضاء الكونغرس ، بينما تهتم "كاميرا" بالإعلام... وهكذا.
إلا أن ذلك لا يعني أن هذه المنظمات وضعت سوراً صينياً عظيماً فيما بينها بحيث أصبحت مكونات مستقلة إحداها عن الأخرى ، إن منظمات العمل السياسي مثلاً تعمل بتوجيه من "مجموعة ميخا" السرية عبر "إيباك" التي تقوم بدورها بصورة علنية .
وسوف ننقل هنا فقرات مترجمة لعدد من أبرز من علقوا على هذا التأثير الخارجي: قدم الكاتب الأميركي اليهودي "جورفيدال" كتاب "التاريخ والدين رؤية يهودية" الذي كتبه المؤلف الصهيوني إيزرائيل شاحاك بقوله:
في وقت ما من أواخر الخمسينيات روى لي جون كيندي (قبل أن يصبح رئيساً) أن هاري ترومان فوجئ عام 1948 بأن كل أصدقاءه هجروه خلال حملته الانتخابية في مطلع ذلك العام، إلا أن صهيونياً أميركياً زاره ذات مساء ووضع أمامه حقيبة بها مليونا دولار (وكان مبلغاً ضخماً في تلك الآونة) ، وذلك كي يواصل ترومان حملته . وقال لي جون ضاحكاً "وهكذا جاء اعترافنا بـ(إسرائيل) فور قيامها". ثم علق جون على ذلك بعبارة توضح مدى اقتناعه باستشراء الفساد السياسي في واشنطن .
وتابع يقول:" إن التاريخ لا يقدم سابقة مماثلة لما حدث ، أي أن تختطف أقلية لا تتجاوز 2% من سكان الولايات المتحدة كل هذه الأموال لتخترع وطناً . ولو قال الكاثوليك لدينا مثلاً ، وهم عشرات الملايين ، إنهم يريدون جمع أموال لدعم البابا في إقامة دولة كاثوليكية في أوروبا الغربية لثار الكونغرس ضدهم . ولكن الكونغرس لا يثور ضد 2% من السكان أقاموا دولة يهودية ، لقد اشترى اللوبي مجلسنا التشريعي أيضاً".
وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 1976 قام "ناحوم جولدمان" رئيس المجلس اليهودي العالمي بزيارة إلى واشنطن حيث التقى بالرئيس كارتر وبوزير الخارجية سيروس فانس وبمستشار الأمن القومي زبيجنو بريجنسكي. وقدم جولدمان للمسؤولين الثلاثة طلباً مذهلاً: ابدؤوا فوراً في تفكيك اللوبي (الإسرائيلي) في الولايات المتحدة . إنه سيئ لنا - أي لإسرائيل- وسيئ للولايات المتحدة . (مجلة "شتيرن" النيويوركية ـ 24 إبريل 1978).
قال لنا جولدمان:" إن علينا تفكيك اللوبي بسرعة ولكن الرئيس وأنا قلنا له إنه ليس بوسعنا أن نفعل ذلك لأنه ليس لدينا صلاحيات تمكننا من هذا ، وأوضحنا له أن مثل هذه الخطوة قد تؤدي إلى إطلاق موجة من معاداة السامية . (المصدر: حوار مع سيروس فانس أجراه إدوارد تيفنان ونشر في كتاب "اللوبي" عام 1987).
ولكن ذلك لن يكون بحال نهاية المطاف . إن اللوبي ممتد ومتشعب ومن الصعب محاصرته أو القضاء عليه . كما أن المسؤولين يخافون القيام بهذه المهمة لأنها تعني مواجهة كائن بالغ القوة والتأثير . إن السلطة في الولايات المتحدة تتركز في المحكمة العليا والإدارة والكونغرس والإعلام . ولقد سيطر اللوبي تقريباً على جناحين من هذه الأجنحة الأربعة ، أي الكونغرس والإعلام


منقول

agha
21/07/2005, 01:46
مشكور على الموضوع الهام والقديم و اللي منسمعو من زمان :D :D
و أحب أن أقول أنه لا بد من مواجهة هذا الشئ عن طريق حشد طاقات الأعلام العربي و طاقات الجالية العربية في أميركة و تأسيس لوبي عربي لخدمة المصالح العربية ومن المعروف أن عدد الجاليات العربية أضعاف الجالية اليهودية المتواجدة على الأراضي الأميركية