-
دخول

عرض كامل الموضوع : من التراث العربي الإسلامي - المتصوف النفري


ظل جيفارا
10/02/2008, 21:59
من التراث الإسلامي التصوفي – محمد بن عبد الجبار النفري.
قبل البدء كان من الضروري التنويه إلى أن ما سأكتب لا يعبر بالضرورة عن اعتناق كامل ولكنه يعبر عن إعجاب شديد بتجربة روحانية منفردة في تاريخ ملئ بالسلفيات .
هو محمد بن عبد الجبار النفري من مدينة نفر في العراق عاشق في القرن العاشر للميلاد ومدينة نفر التي ولد فيها كانت تسمى قبل ذلك بأربعة ألاف عام نيبور وكانت عاصمة دينية للسومريين وهي قريبة كل القرب من مدينة بابل حيث نشأة معظم أديان الشرق القديم ولذا كانت تجربة النفري الروحانية نتاج الكثير من الأفكار التي نشأت في العراق القديم ولعل أهم تلك الأديان المانوية ديانة الأضداد .
امتاز أسلوب النفري ونهجه بالاهتمام الشديد بالمتضادات واعتبارها طريق الوصول إلى الحق وامتاز أسلوبه بالعلو الشديد والتسامي فوق كل ما هو بشري دأبه دأب من سبقه من الصوفيين
يتجلى اهتمام النفري بالمتضادات بشكل واضح حين يقول في الموقف الخامس والخمسين على لسان الله " يا عبد , إذا علمت علما لا ضد له وجهلت جهلا لا ضد له فلست من الأرض ولا من السماء "
كانت أهم مثنوية لدى النفري هي مثنوية " العبد – الرب " وكان ينظر إلى الرب على انه علو مطلق لا علو بعده وينظر إلى العبد على انه لا شيء إلا شوق وحنين دائم لهذا العلو .
قدم النفري مثنوياته على شكل متضادات متصارعة في وحدة واحدة تتصارع حتى يتخلص المرء من المتصارعات ويصل للحرية والإنعتاق الكاملين ويتجلى هذا في قوله في الموقف التاسع " إذا لم ترني من وراء الضدين رؤية واحدة لم تعرفني " ويرى النفري أن الرؤية والتأمل هي النهج الموصل إلى ذلك الإنعتاق فيقول في المخاطبة الثلاثين " يا عبد الرؤية علم الإدامة فاتبعه تغلب على الضدية " وهذا القول ينسبه النفري إلى إلهه الذي اعتقد انه غير آلهة البشر واراه قد خرج عن منظومة الأديان واعتمد على مثنوية " العبد – الرب" لأؤكد كلامي .
وكمثل الكثير من الصوفيين اعتبر النفري أن المرء لا يصل إلى الحق عبر العقل بل الرؤية والتأمل هو الملاذ حيث يقول عن لسان ربه في المخاطبة الخامسة عشر " يا عبد من رآني عرفني وإلا فلا"
ومن ثم يرتقي ليعتبر أن في الرؤية ما هو أهم من أي شيء أخر فهي أهم حتى من الجنة بأكملها فيقول " في المخاطبة العاشرة " يا عبد, لو علمتك ما في الرؤية لحزنت على دخول الجنة "
ومن ثم يذهب النفري ليقول أن الكلمات والحروف غير قادرة أبدا على وصف الروح وجمالياتها وغير قادرة على وصف الزخم الجمالي للحرية وهذا ما جاء في احد أجمل الاقتباسات التي قرأتها في التراث الإنساني أجمع حيث يقول في الموقف الثامن والعشرين " كلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة" والحرف لدى النفري غير قادر على أن يصف الكل الكامل والعلو المطلق حيث ينسب النفري إلى إلهه في الموقف الرابع والثلاثين " الحرف يعجز أن يخبر عن نفسه فكيف يخبر عني "
ويعتبر النفري أن هناك ثلاثة مستويات للوصول إلى الحقيقة هي كالتالي العلم ومن ثم المعرفة ومن ثم الرؤيا ويقدم الفرق بين المعرفة والرؤيا في الموقف الثامن حيث يقول " الوقفة نار الكون والمعرفة نور الكون " ولكن وللأسف لم يوجد في تاريخ النفري ما يوضح الفرق بين العلم والرؤية والعلم والمعرفة حسب وجهة نظره .
يرى النفري أن الكون بأكمله خلق لأجل الإنسان فيقول على لسان ربه في المخاطبة الخامسة " أنت المصنوع له كل شيء و أنا الناظر إليك لا إلى شيء" ويرى أن العلاقة بين المرء وإلهه علاقة متبادلة حيث كل منهما يبحث عن الأخر فيقول في الموقف الحادي والعشرين عن لسان ربه " أنت ضالتي وأنا ضالتك "ويفضل الله الإنسان على كل الكون فهو مغزى – أي الإنسان – مغزى الوجود لدى النفري حيث يقول النفري في الموقف الرابع – أيضا بكلام منسوب لربه – "قال لي : أنت معنى الكون كله "
في الختام لا بد لي من أن أتحدث عن شطحات خيال وجدتها لدى النفري وهي تلك التي أرهقتني وأعجبتني كثيرا لأنها تعبر تماما عن صوفي شاطح في خياله يسمو بحب الوسيم وقد أعجبني في تلك الشطحات الاندفاع في الخيال والإيقاد في الذهن ولا بأس من التنويه لبعض تلك الشطحات حيث يقول في الموقف السادس والأربعين " قال لي : اقعد في ثقب الإبرة ولا تبرح إذا دخل الخيط لا تمسكه و إذا خرج فلا تمده " وأيضا في الموقف الخمسين يقول " قال لي : إذا رأيت النار فقع فيها ولا تهرب فإنك إن وقعت فيها انطفأت وإن هربت منها طلبتك وأحرقتك ."
وفي النهاية ليس لي إلا أن أقدم إعجابا شديدا بتجربة النفري الروحانية بل وبرواد عصره سواء منهم الروحانيين أو العقلانيين على حد سواء فقد ضم عصر النفري رواد عقلانية لم يشهد التراث الإسلامي نظيرا لها في تراثه الكامل فقد شهد العصر فئات عقلانية كالمعتزلة والقدرية وشهد ثورات فكرية وشعبية هامة و عساي اذكر ثورة الحارث بن سريج وما أحدثه أبو حنيفة من تغيير وما نزال نجتر كل تلك القفزات وفقت مكاننا .
تحياتي الحارة
ظل جيفارا

التقرير الجوال
10/02/2008, 23:54
كان ديوجين يبحث عن "Honest man " حاملاً مصباح في وضح النهار و ما كان ذلك إلا لغاية في نفس يعقوب.
من ثم أصبح مصباح ديوجين رمزاً للبحث عن الحقيقة.
الحقيقة...أو علمُ اليقين و متطلباتها...عجبت لصوفي يتكلم بشيئ عن الؤيا كمشهد أخير للحقيقة..بإعتبار الصوفيه فلسفه وجدانية روحانيه تتطلع للخيال و التأمل.
و عجبت العجاب لتسمية فرق ضالّه " بعقلانية ".
تفضّل يا رعاك الله.!

ظل جيفارا
11/02/2008, 12:51
كان ديوجين يبحث عن "Honest man " حاملاً مصباح في وضح النهار و ما كان ذلك إلا لغاية في نفس يعقوب.
من ثم أصبح مصباح ديوجين رمزاً للبحث عن الحقيقة.
الحقيقة...أو علمُ اليقين و متطلباتها...عجبت لصوفي يتكلم بشيئ عن الؤيا كمشهد أخير للحقيقة..بإعتبار الصوفيه فلسفه وجدانية روحانيه تتطلع للخيال و التأمل.
و عجبت العجاب لتسمية فرق ضالّه " بعقلانية ".
تفضّل يا رعاك الله.!
صديقي ما تراه ضالا لأنه خرج عن دارة المألوف والمتوارث أراه علقلانيا فذا لتولية العقل دورا هاما اكثر من كل الفرق الأشعرية التي حطمت العقلانية في الإسلام وقامت بالقتل والتنكيل بكل من لم يوافق تلك اللاعقلانية الجارفة بتعم الضلال والزندقة . " عن جديد عرفت شو يعني زندقة "
وما الإختلاف بيننا إلى نتاج إختلاف في ترتيب الأولويات .

تحياتي الحارة
ظل جيفارا