ارسلان
22/01/2008, 15:53
جنرال
غزة-دنيا الوطن
اختار ان يموت كما يريد تماما، واقفا وهو يقاتل. وحتى قبل موته بقليل، كان يسخر من عروض السلطة، لتسليم سلاحه، والانضمام الى قائمة اولئك الذين «عفت» عنهم اسرائيل. كان احمد سناكرة، الذي لم يتجاوز الـ 22 ربيعا، يقول انه يريد ان يقاتل حتى اليوم الاخير من حياته ونال مراده. وربما لفرط ما واجه الموت، وانتصاره عليه مرة تلو مرة، لم يعد يخشاه، بقدر ما كان «يكره البرد». كان ينتظر نوما طويلا وهادئا دافئا، فمثله لم يكن يعرف الدفء ولا الأمان لسنوات عديدة. كان يقضي معظم لياليه مطاردا في العراء والبرد القارس، في مواجهة الموت في كل لحظة. ولا عجب، ان اجبر امه على ان تقطع له قسما، قبل ايام من «استشهاده»، بان تغطيه في القبر بغطاء دافئ، قال لها «اريد نومة دافئة، وطويلة يا امي». ووفق ما قاله شقيقه علاء، احد ابرز مطلوبي كتائب الاقصى في نابلس، لـ«الشرق الأوسط»، فقد فزعت الام المفجوعة سريعا الى المستشفى بقلب مكسور الذي كانت ترقد فيه جثته، كانت حريصة كل الحرص، على ان لا يتعرض احمد للبرد بعد وفاته لكرهه له البرد. ورفضت ان يوضع في ثلاجة الموتى ابدا، بناء على وصيته. وقال علاء «لم يكن يتخيل نفسه داخل ثلاجة، حتى وهو جثة». وتابع بعد لحظة صمت «كان يكره البرد».
احمد سناكرة، ويناديه اهالي نابلس ورفاقه «سنكور»، تعود ان يسخر من اولئك الذين كانوا يتربصون به الموت، وفي كل مرة كان يستفزهم الى حد الجنون. وحتى عند مقتله اول من امس، ظنوا انه لن يقاتل طويلا، بيد واحدة فقط (اصابع يده اليمنى مبتورة اثناء احد الاشتباكات)، لكنه قاتل طويلا ولساعات بيده اليسرى. قرر مرة اخرى ان ينتصر على الجنود الاسرائيليين بطريقته الخاصة. لم يسلم نفسه ولم يستسلم فقاتل حتى قتل، تماما مثلما رفض ان يسلم نفسه في كل مرة. واضاف علاء «لم يكن يريدونه حيا اصلا، لقد اتصل بي قبل 3 دقائق من استشهاده، حوالي 5.15 فجرا، وقال لي ان رجله قد قطعت، طلبت منه ان يسلم نفسه، فقال ان الجنود على مقربة منه». وتابع القول «انقطع الاتصال، لقد اعدموه، كان الرصاص يملأ جسده الذي تعود الرصاص». يتذكر الفلسطينيون قصة احمد سناكر مع الجيش المدجج بالسلاح، عندما هدم مقاطعة نابلس فوق رأسه في يوليو (تموز) 2006. وحاصره تحت الانقاض انذاك 3 ايام. شاركت الدبابات والطائرات الحربية في الحصار، ضربوه بالصواريخ فلم ينفع فساوموه ولم يقبل. فناداه احد الجنود الاسرائيليين بلغة عربية، انذاك، «يا ابو ايد مقطوعة، سلم نفسك». ثم قالوا له «يا سنكور، لدينا الماء، أخرج واشرب، وسنطعمك ايضا». وروى احمد سناكرة تجربته تلك، قائلا «انه بعد يوم ونصف اليوم من الحصار اصبح العطش عدوي الاول. ولأتغلب على مساومات الجنود، صرت أجمع بولي في حذائي وأشربه».
دفن نفسه في قبر اختياري، بينما ظلت القنابل تتساقط فوق رأسه، كان يعدها وقال (من 30 الى 40 قذيفة في الساعة). ملأ التراب عينيه، فقطرهما بالبول، وملأ اذنيه، فاغلقهما بالضمادات التي كانت تدواي بعض جروحه السابقة. اما اصعب المواقف، فقال «عندما أطلقوا علي كلب بوليسي، كنت حينها أختبأ بحفرة في نفق قديم، كانت هناك بعض القضبان الحديدية الملقاة بين الحجارة الكبيرة، جذبت إحدى القضبان بكل قوتي، عندها كان الكلب قد اقترب مني، فغرست قضيب الحديد في عينه لتخرج من أذنه، بعدها خفت أن يبدأ بالنباح، سيما أن هذه الكلاب مثبت على إذنيها لاسلكي لتستجيب لأوامر الضابط، فقمت بوضعه في حفرة المجاري التي أختبأ بها، ووضعت فوقه التراب والحجارة.خرج سناكرة من تحت انقاض المقاطعة بطلا، متخما بالجروح وكان يفاخر «خرجت وقهرتهم»، وحتى مقتله اول من امس، كان قد تعرض الى 6 محاولات اغتيال، اصيب في احداها بجروح خطرة، كاد يقضي معها، لكن شقيقه ابراهيم هو الذي قتل فيها وكان في يوم جمعة كما غادر احمد الدنيا في يوم الجمعة. وفي استقبال احمد تذكرت امه ابنها ابراهيم، اذ كان احمد يلبس سترته. ورغم استعداده للموت، كان يحب الحياة كثيرا، كما قال شقيقه علاء، وكان يخطط لدراسة الاقتصاد في جامعة النجاح. وكان يحب ان يظهر انيقا دوما. وكان يوم استشهاده على موعد مع عملية تجميل ليده التي بتر منها 3 اصابع، ومع عملية اخرى لازالة شظية قرب عينه. أعد «سنكور» كما يحب ان يسميه علاء، وصيته، واجمل صوره، لوضعها في ملصق اعلان مقتله. اوصى اهله بان يغنوا له في بيت العزاء اغنية طالما رددها «بدري عليك يا رفيق العمر بدري، ريت رصاص الغدر خلاك وصاب صدري». وطلب من حارس المقبرة، قبرا الى جانب شقيقه ابراهيم، قال له «اياك ان تفرط بهذا القبر، اتركه لي».
غزة-دنيا الوطن
اختار ان يموت كما يريد تماما، واقفا وهو يقاتل. وحتى قبل موته بقليل، كان يسخر من عروض السلطة، لتسليم سلاحه، والانضمام الى قائمة اولئك الذين «عفت» عنهم اسرائيل. كان احمد سناكرة، الذي لم يتجاوز الـ 22 ربيعا، يقول انه يريد ان يقاتل حتى اليوم الاخير من حياته ونال مراده. وربما لفرط ما واجه الموت، وانتصاره عليه مرة تلو مرة، لم يعد يخشاه، بقدر ما كان «يكره البرد». كان ينتظر نوما طويلا وهادئا دافئا، فمثله لم يكن يعرف الدفء ولا الأمان لسنوات عديدة. كان يقضي معظم لياليه مطاردا في العراء والبرد القارس، في مواجهة الموت في كل لحظة. ولا عجب، ان اجبر امه على ان تقطع له قسما، قبل ايام من «استشهاده»، بان تغطيه في القبر بغطاء دافئ، قال لها «اريد نومة دافئة، وطويلة يا امي». ووفق ما قاله شقيقه علاء، احد ابرز مطلوبي كتائب الاقصى في نابلس، لـ«الشرق الأوسط»، فقد فزعت الام المفجوعة سريعا الى المستشفى بقلب مكسور الذي كانت ترقد فيه جثته، كانت حريصة كل الحرص، على ان لا يتعرض احمد للبرد بعد وفاته لكرهه له البرد. ورفضت ان يوضع في ثلاجة الموتى ابدا، بناء على وصيته. وقال علاء «لم يكن يتخيل نفسه داخل ثلاجة، حتى وهو جثة». وتابع بعد لحظة صمت «كان يكره البرد».
احمد سناكرة، ويناديه اهالي نابلس ورفاقه «سنكور»، تعود ان يسخر من اولئك الذين كانوا يتربصون به الموت، وفي كل مرة كان يستفزهم الى حد الجنون. وحتى عند مقتله اول من امس، ظنوا انه لن يقاتل طويلا، بيد واحدة فقط (اصابع يده اليمنى مبتورة اثناء احد الاشتباكات)، لكنه قاتل طويلا ولساعات بيده اليسرى. قرر مرة اخرى ان ينتصر على الجنود الاسرائيليين بطريقته الخاصة. لم يسلم نفسه ولم يستسلم فقاتل حتى قتل، تماما مثلما رفض ان يسلم نفسه في كل مرة. واضاف علاء «لم يكن يريدونه حيا اصلا، لقد اتصل بي قبل 3 دقائق من استشهاده، حوالي 5.15 فجرا، وقال لي ان رجله قد قطعت، طلبت منه ان يسلم نفسه، فقال ان الجنود على مقربة منه». وتابع القول «انقطع الاتصال، لقد اعدموه، كان الرصاص يملأ جسده الذي تعود الرصاص». يتذكر الفلسطينيون قصة احمد سناكر مع الجيش المدجج بالسلاح، عندما هدم مقاطعة نابلس فوق رأسه في يوليو (تموز) 2006. وحاصره تحت الانقاض انذاك 3 ايام. شاركت الدبابات والطائرات الحربية في الحصار، ضربوه بالصواريخ فلم ينفع فساوموه ولم يقبل. فناداه احد الجنود الاسرائيليين بلغة عربية، انذاك، «يا ابو ايد مقطوعة، سلم نفسك». ثم قالوا له «يا سنكور، لدينا الماء، أخرج واشرب، وسنطعمك ايضا». وروى احمد سناكرة تجربته تلك، قائلا «انه بعد يوم ونصف اليوم من الحصار اصبح العطش عدوي الاول. ولأتغلب على مساومات الجنود، صرت أجمع بولي في حذائي وأشربه».
دفن نفسه في قبر اختياري، بينما ظلت القنابل تتساقط فوق رأسه، كان يعدها وقال (من 30 الى 40 قذيفة في الساعة). ملأ التراب عينيه، فقطرهما بالبول، وملأ اذنيه، فاغلقهما بالضمادات التي كانت تدواي بعض جروحه السابقة. اما اصعب المواقف، فقال «عندما أطلقوا علي كلب بوليسي، كنت حينها أختبأ بحفرة في نفق قديم، كانت هناك بعض القضبان الحديدية الملقاة بين الحجارة الكبيرة، جذبت إحدى القضبان بكل قوتي، عندها كان الكلب قد اقترب مني، فغرست قضيب الحديد في عينه لتخرج من أذنه، بعدها خفت أن يبدأ بالنباح، سيما أن هذه الكلاب مثبت على إذنيها لاسلكي لتستجيب لأوامر الضابط، فقمت بوضعه في حفرة المجاري التي أختبأ بها، ووضعت فوقه التراب والحجارة.خرج سناكرة من تحت انقاض المقاطعة بطلا، متخما بالجروح وكان يفاخر «خرجت وقهرتهم»، وحتى مقتله اول من امس، كان قد تعرض الى 6 محاولات اغتيال، اصيب في احداها بجروح خطرة، كاد يقضي معها، لكن شقيقه ابراهيم هو الذي قتل فيها وكان في يوم جمعة كما غادر احمد الدنيا في يوم الجمعة. وفي استقبال احمد تذكرت امه ابنها ابراهيم، اذ كان احمد يلبس سترته. ورغم استعداده للموت، كان يحب الحياة كثيرا، كما قال شقيقه علاء، وكان يخطط لدراسة الاقتصاد في جامعة النجاح. وكان يحب ان يظهر انيقا دوما. وكان يوم استشهاده على موعد مع عملية تجميل ليده التي بتر منها 3 اصابع، ومع عملية اخرى لازالة شظية قرب عينه. أعد «سنكور» كما يحب ان يسميه علاء، وصيته، واجمل صوره، لوضعها في ملصق اعلان مقتله. اوصى اهله بان يغنوا له في بيت العزاء اغنية طالما رددها «بدري عليك يا رفيق العمر بدري، ريت رصاص الغدر خلاك وصاب صدري». وطلب من حارس المقبرة، قبرا الى جانب شقيقه ابراهيم، قال له «اياك ان تفرط بهذا القبر، اتركه لي».