-
دخول

عرض كامل الموضوع : النص الكامل للقاء الرئيس بشار الاسد مع صحيفة نيويورك تايمز


Tarek007
12/07/2005, 18:20
النص الكامل للقاء الرئيس بشار الاسد مع صحيفة نيويورك تايمز




لغز دمشق

نيويورك تايمز- جيمس بينيت

دار الأوبرا في دمشق استغرقت وقتاً طويلاً حتى اكتملت، فقد وضع حجر الأساس لها حافظ الأسد، الرجل العسكري ذي القبضة الحديدية الذي حكم دمشق لثلاثة عقود، وذلك بعد بضع سنوات من توليه رئاسة البلاد، إلا أن نقص المواد والمعدات والظروف الاقتصادية الصعبة إضافة إلى حريق مدمر كلها أدت إلى عرقلة المشروع سنة بعد سنة. ثم آل المشروع إلى ابن الأسد بشار الذي قام بإتمامه وافتتح دار الأسد للأوبرا بصحبة زوجته أسماء العام الماضي. تزدان جدران دار الأوبرا برسوم ومنحوتات لفنانين سوريين، وتقدم فيه أعمال موسيقية لمؤلفين عرب، وبذلك فإن الدار تعكس شيئاً من رؤية الأسد الأب التي أرادها لدمشق وهي أن تكون العاصمة العربية للتنوير الثقافي، إن لم يكن السياسي. حتى اسم حزبه الحاكم هو البعث أي النهضة، ولا شيء يعبر عن النهضة العربية مثل الإنجازات الثقافية.

كان هناك عرض راقص في إحدى أمسيات الشهر الماضي، وتدفق على الدار حشد متباين، اختلطت فيه النساء ذوات الشعور المصففة بالنساء المحجبات، والرجال المرتدين بذلات رسمية بشباب يرتدون الجينز، وعندما قارب الوقت على فتح الستارة، كان الرئيس وزوجته يدخلان القاعة.

كان الرئيس يرتدي بذلة سوداء وقميص رمادي وبدون ربطة عنق، بينما ارتدت زوجته كنزة خضراء بلون البحر وتنورة بيضاء، وكان شعرها الكستنائي الطويل بدون غطاء. معاً كانا منسجمين تماماً مع البناء: فكلاهما طويل القامة، نحيل القوام وفي ريعان الشباب، وكانا يمثلان جوهر الاندماج بين الحضارتين العربية والغربية. الرئيس الأنيق الذي كان طبيباً تحت التدريب، وزوجته الجميلة السورية التي ولدت في بريطانيا وكانت تعمل في مصرف جي بي مورغان، والتي يعتبرها السوريون الأميرة ديانا خاصتهم.

لكن بالنسبة لإدارة بوش والعديد من القادة الأوربيين، وحتى السوريين ذوي التوجه الإصلاحي، فإن كل هذا لا يعدو عن كونه سراباً. الكثير منهم كان يعلق آمالاً كبيرة على الأسد الشاب عندما أتى إلى السلطة بعد وفاة والده قبل خمس سنوات، ولكن منذ ذلك الوقت فإنهم لم يروا سوى وعوداً فارغة وكلمات جوفاء وأساليب دموية مما جعلهم ينقلبون على النظام السوري. منذ نهاية حكم صدام حسين في العراق أصبحت سوريا تتعرض لضغط واستهداف إدارة بوش أكثر من أي دولة عربية أخرى. في كانون الأول 2003 فرض بوش عقوبات اقتصادية على سوريا، وفي شباط قامت الإدارة باستدعاء سفيرتها ولم تعد السفيرة إلى دمشق بعد ذلك.

من الناحية الأيديولوجية والجغرافية، ومن ناحية التوجهات، يعتبر نظام بشار الأسد حجر عثرة في طريق تنفيذ سياسات إدارة بوش الخارجية، بل وفي طريق فلسفة هذه الإدارة نفسها. فسوريا هي الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي لم تعترف بعد بأن بوش جاد في مسألة الإصلاح الشامل، حسب ما أخبرني مسؤول أمريكي رفيع المستوى طلب عدم ذكر اسمه. وبالنسبة لإدارة بوش يعتبر الأسد محارباً يقتل من خلال وكلائه، فهو يسمح للجهاديين بالتدفق نحو العراق، لا بل يشجعهم، ويسمح للأسلحة الإيرانية بالتدفق غرباً لتصل إلى الجماعة المسلحة حزب الله في لبنان. كما أن الإدارة تتهمه بتشجيع الإرهاب في الجنوب ضد إسرائيل من خلال السماح للقادة الفلسطينيين بالعمل في دمشق، وهي ترى فيه دكتاتوراً يعيق نشر الديمقراطية من البحر المتوسط إلى الخليج العربي. وكما يقول بوش فإنه "على المدى البعيد لا يمكن مقايضة الاستقرار على حساب الحرية"، وفي هذه الحالة إذن فإن استقرار سوريا النسبي الذي دام 35 عاماً قد يكون معرضاً للانتهاء.

من وجهة نظر الأسد فإن إدارة بوش هي التي تزرع الفوضى في المنطقة وتحصد منها متطرفين جدداً يهددون سوريا وجيراتها. الأسد مقتنع أنه يقوم بفتح اقتصاده ويستعد لليوم الذي يخسر فيه منصبه بطريقة سلمية من خلال الانتخابات. وعلى الرغم من أنه يعتبر في واشنطن مجرد رئيس شكلي، إلا أنه يقول أنه على وشك تثبيت دعائم سلطته بعد إزاحة من يسمون بالحرس القديم لحكومة والده وتعيين عدد من التكنوقراط المؤمنين بالتغيير. وفي الوقت الذي يراه منتقدوه من السوريين محاصراً داخل النظام الذي أسسه والده، أو متورطاً فيه، أو ببساطة غير واثق مما يريد عمله، إلا أن الأسد يصر على أن لديه خطة لكنه يطبقها بالسرعة التي تستطيع سوريا احتمالها، آخذاً بالاعتبار ماضيها العنيف والانقسامات الاجتماعية فيها. على أية حال فإنه يتصرف كما لو كان يملك الكثير من الوقت. تريثه هذا قد يكون دلالة على الثقة بالنفس، التي يصر منتقدوه أنه يفتقر إليها، أو على إعجاب مفرط بالنفس لدرجة خطيرة، أو ربما الاثنين معاً.

عندما توقف لبرهة داخل دار الأوبرا لكي يلقي التحية، سألت الرئيس بشار ما إذا كان يشعر بالقلق تجاه التقارير التي تقول بأن القوات الأمريكية بدأت عملياتها مجدداً في غرب العراق بالقرب من الحدود السورية، وكانت هذه التقارير قد جددت الشائعات الدائرة في دمشق حول غزو أمريكي وشيك. أجاب الأسد باستهجان: "الولايات المتحدة دولة قوية جداً، وباستطاعتها أن تضرب بسهولة انطلاقاً من البحر المتوسط كما من العراق. المسألة ليست المكان الموجودين فيه، وإنما المسألة هي كيف يتصرفون".

سألته ما إذا كان يشعر بالقلق لكون الأمريكيين قادرين فعلاً على الضرب من أي مكان، فأجاب: "لا" وقد ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتيه "أعتقد أن التجربة في العراق لم" وتردد قبل أن يضيف "لم تنجح". عندها جاءت زوجته بابتسامة وضاءة وأبعدتني بحركة ناعمة منها قائلة بانكليزيتها المحببة: "نحن خارج العمل الآن".

لم يكن العرض باليه كما كنت أتوقع وإنما نوعاً من المهرجان الشرقي الذي تتراقص فيه العمائم والسيوف المعقوفة والنساء الحافيات الأقدام. كانت قصة عن الصراع بين الخير والشر، الخير يقوده شيخ عجوز وابنه القوي الذي يرتدي ثوباً بلون أسود وذهبي، بينما الشر يتزعمه رجل ضخم حليق الرأس بوشم على شكل ثعبان على ذراعه الأيسر، وكان يرتدي قميصاً من الجلد عليه أزرار لماعة، ويحمل السيف الأكبر على خشبة المسرح.

يبدو أن أخبار سندويش الماكدونالدز "بيغ ماك"، والعملات ذات القابلية التامة للتحويل، ونهاية التاريخ وانتصار الرأسمالية الليبرالية، كلها لم تصل بعد إلى سوريا. على الرغم من أن الأسد بدأ بتحديث البلاد، إلا أن أيديلوجية حزب البعث العربي الاشتراكي ما تزال تهيمن على السياسة والاقتصاد والمجتمع، علماً أنها ليست أداة للمشاركة السياسية بقدر ما هي أداة للسيطرة على الدولة على نطاق واسع. كان العرض الراقص يثير الأحلام الرومانسية للوحدة العربية التي ما تزال حية في سوريا وداخل حزب البعث حتى بعد أن تلاشت في معظم أنحاء العالم العربي. في يوم من الأيام كان هناك حلم ثوري، يتمثل في إزالة كافة الحدود وتوحيد العالم العربي على أسس علمانية، وهذا الحلم كان يروج له الأسد وكان مركزه غالباً هو دمشق، لكنه الآن واقع بين حركتين أكثر ديناميكية: الحركة الإسلامية التي طالما كانت منافسة شديدة له والتي تبحث عن خلافة تتحدى الحدود، يقابلها مطالب بوش والعرب بشرق أوسط ديمقراطي فيه حدود واضحة وحكومات ديمقراطية.

خلال العرض كان الأشرار في البداية منتصرين والأخيار على وشك الاستسلام، وكان الأشرار يسرقون نساءهم ويعتدون عليهم، لكن فيما بعد توحدت القبائل العربية ووقفت في وجه الأشرار. الرجل الذي كان جالساً بجواري بدا مسحوراً بشكل واضح بالعرض وهمس لي قائلاً: "هذا هو تاريخنا".

سألته: التاريخ السوري؟ أجاب: " التاريخ العربي".

وضجت القاعة بالتصفيق والهتافات عندما غنى الكورس قائلين: "لا تسالموهم، لأنهم الأشرار بحق!". في المعركة التي أعقبت ذلك المشهد تمكن صاحب وشم الثعبان من قتل ابن الشيخ بطعنة من الخلف، ثم ساد اليأس أثناء الجنازة، بعدها ساد الفرح مع وصول رجل وسيم من قبيلة أخرى لكي يتزوج ابنة الشيخ. انتهى العرض مع حفل الزفاف ومشهد التحالف والوحدة العربية على الرغم من أن العدو لم يهزم بعد. ولم يأت أحد على ذكر إسرائيل.

تصفيق الأسد للعرض لم يتجاوز الإعجاب السطحي، وبعد أن انحنى الممثلون للحضور بدأ الممثل الذي لعب دور ابن الشيخ بالهتاف الذي لا بد منه: "بالروح بالدم نفديك يا بشار"، لكن الأسد لم يتوقف لسماع الهتاف وهو يغادر القاعة وانتهى الهتاف سريعاً.

وما إن خرجا من القاعة حتى توقف الزوجان لمصافحة الناس والحديث معهم، وتجمع الحضور بالعشرات بالقرب من سيارة الرئيس، والبعض منهم رفعوا هواتفهم الخليوية (التي سمح بشار بدخولها إلى البلاد قبل ثلاث سنوات) لكي يلتقطوا صوراً رقمية. صاحت امرأة "الله يحميكم". بعدها صعدت أسماء إلى السيارة واستلم بشار المقود وانطلق الاثنان وحدهما عبر الشوارع المزدحمة في ليل دمشق الهادئ.

في اليوم التالي سألتُ أسماء الأسد عن رأيها في العرض الراقص فقالت بحذر: "أعتقد أنه كان فيه الكثير من الموهبة". لكنها أضافت: "لا أعتقد أنه يمثل وضع سوريا في أي مرحلة".

إن وضع سوريا، وما الذي يراد له أن يمثل سوريا، أصبح جزءاً من الجدال الدائر حول مستقبل البلاد. كان لدى سوريا إلى حد ما هوية وطنية، لكنها كانت قائمة على أساس رفض الهوية السورية المحلية مقابل قضية أعم وأشمل، لتصبح سوريا "قلب العروبة النابض"، وهذا هو الإرث المعقد المتشابك الذي أورثه الأسد الأب إلى ابنه إلى جانب الرئاسة، كما اورثه مفهوم القومية العربية، احتلال لبنان، شبكة من الفساد، ودولة أمنية. وأصبح السؤال هو ما الذي يمكن عمله تجاه هذا الإرث على يد ابن كان يهيء نفسه ليكون طبيب عيون.

خلال الأيام التالية تحدثت مع الأسد وزوجته في نفس المكان، في مكتب خاص ضمن فيلا صغيرة بلون الرمل تقع على التلال الغربية لدمشق وتطل على المدينة. في المرة الأولى كان الأسد ينتظر بمفرده عند المدخل. وأحنى رأسه قليلاً عندما كنا نتصافح. رأسه وملامحه فوق جسمه النحيل كانا يبدوان صغيرين: عيناه العميقتان والمتقاربتان تجعلان منه شخصا ًمرهوب الجانب. في ذلك الصباح كان شاربه حليقاً ، مع أن الشارب يعتبر الزينة الأساسية لأي ذكر بعثي، ولم يكن قد بقي منه سوى خط رفيع فوق شفته العليا. ثم قادني إلى مكتبه حيث جلسنا على أريكة جلدية، وكان هناك مترجم يجلس بالقرب منه. كان الأسد يتكلم الإنكليزية بلثغة خفيفة وخلال الساعتين لم يستعن بالمترجم إلا في مرات قليلة لتذكر كلمة ما. كان لدى حافظ الأسد سمعة سيئة في التحدث مع زواره طيلة ساعات حيث كان يحاضر فيهم ممتحناً صبرهم. أما ابنه فقد انتظر بكل تهذيب إلى أن ألقيت سؤالي الأول.

بدأت كلامي بالإشارة إلى الجدل في الدائر في واشنطن حول ما إذا كان الأسد فعلاً يسيطر على حكومته، وسألته عن رأيه. ضحك الرئيس وقال: "كان هذا قبل المؤتمر"، مشيراً إلى مؤتمر حزب البعث الذي كان قد انتهى للتو باستبعاد عدد من الشخصيات الرفيعة المستوى. قام الأسد باستبدال جميع أعضاء القيادة القطرية لحزب البعث البالغ عددهم 21 ما عدا 6 منهم، وإلى جانب الاستبدال قام بتقليص عدد الأعضاء في القيادة القطرية إلى 15.

قال الأسد أنه كان يتابع الجدل في واشنطن، وقال "هناك رأيان مختلفان، واحد يقول هو ليس صاحب السيطرة، والآخر يقول هو دكتاتور. وبذلك فإن هناك تناقضاً". برأي الأسد الوصفان لا يلائمانه: "بموجب القانون والدستور السوري فإن الرئيس يتمتع بالكثير من السلطات. لكن إذا اتخذت القرار بمفردك، سواء كان قراراً كبيراً أم هاماً أم عادياً، فإنك ترتكب الكثير من الأخطاء، لذلك عليك أن تستشير الجميع وهذا هو أسلوبي. ثانياً يقولون: هو متردد، ليس مسيطراً، لأنني آخذ وقتي. أنا فقط لا أتعجل". ثم أشار إلى تغيير آخر أجري خلال المؤتمر، وهو استبدال أهداف الحزب إلى الاقتصاد الاجتماعي بدلاً من الاشتراكية، وقال أن هذا التغيير استغرق 18 شهراً للتحضير له. أنا أعرف أن الأسد طلب من الأمريكيين التحلي بالصبر موضحاً أن الحرس القديم، أي بقايا نظام والده، كانوا يعيقونه. أما الآن فقد أزاح أفراد الحرس القديم فقط لكي يتخلص من نفوذهم. وأضاف: "الآن بعد أن رحلوا فقد حققنا التغيير".

في عهد بشار الأسد أصبحت سوريا أكثر عزلة عن العالم من أي وقت مضى. لا شك أن حافظ الأسد كان له حصته من الأخطاء، فهو لم يبرز تماماً كـ "أسد دمشق" إلا بعد سنوات من توليه الحكم، لكن الأب كان يتمتع بالدعم الكامل من قبل الاتحاد السوفييتي وأنظمة الحرب البادرة، كما أنه خاض مباحثات سلام متقطعة مع إسرائيل مما أعطاه إطاراً للحوار مع الولايات المتحدة. في حين أن بشار لم يتمتع بأي من هذه العوامل، فقد جاء إلى السلطة بعد أن انهارت محادثات السلام عام 2000 حول إعادة مرتفعات الجولان إلى سوريا والتي احتلتها إسرائيل عام 1967 خلال حرب الأيام الستة. وبعد ذلك بفترة قصيرة اندلعت الانتفاضة الفلسطينية الثانية، ثم جاءت أحداث 11 أيلول. من وجهة نظر إدارة بوش فإن الأسد الشاب كان يوقع نفسه في متاعب أكثر. فوالده دعم حرب الخليج الأولى، أما بشار فقد عارض الحرب على العراق عام 2003، كما أن أجبر اللبنانيين على تغيير دستورهم لتمديد فترة رئاسة إميل لحود الموالي للأسد. ثم في 14 شباط 2005 وقع الانفجار في بيروت الذي راح ضحيته رفيق الحريري و19 شخص آخرين.

أنكر الأسد أن يكون له أي علاقة بمقتل الحريري، وأخبرني أن هناك موالين لسوريا قتلوا أيضاً في لبنان ولم يعرف أحد من المسؤول عن قتلهم، وأضاف: "هنالك على الدوام اغتيالات في لبنان. الحريري كان رجل أعمال دولي ونحن لا نعرف أي شيء عن علاقاته". سألته ما إذا كان يوافق على رأي نشرته إحدى الصحف العربية نقلاً عن الوزيرة السورية بثينة شعبان وقالت فيه أن المخابرات الأمريكية أو الإسرائيلية هي المسؤولة عن الاغتيال، فأجاب: "حتى لو كنت أريد إلقاء اللوم على أي من الأطراف الإقليمية أو الدولية فإنني كرئيس لا أستطيع ذلك. لهذا السبب أيدنا التحقيق الدولي".

في رده على الادعاءات الصادرة عن واشنطن قال الأسد أن سوريا استجابت بشكل كامل لقرار مجلس الأمن الذي يطالبها بسحب جنودها واستخباراتها من لبنان. وعندما سألته عن استعداده لمساعدة الأمم المتحدة على تنفيذ بند آخر من ذلك القرار، أي نزع سلاح حزب الله، هز رأسه نافياًَ وقال: "طلبوا من سوريا ألا تتدخل في لبنان، لذلك هذه ليست قضيتنا".

سألته باعتقاده ماذا تريد منه إدارة بوش، فقال: "لا أعرف، وهذه هي المشكلة", وقال أنه لم يسمع من الأمريكيين سوى المطالبة بإغلاق الحدود السورية العراقية التي تمتد مسافة 300 ميل في الصحراء. "يقولون أنتم لا تقومون بما فيه الكفاية، لكننا نسأل ما المقصود بالكفاية؟". اعترف المسؤولون الأمريكيون أن الحكومة السورية قدمت معلومات قيمة بعد أحداث 11 أيلول، لكنهم يقولون أيضاً أن الأسد كان دائماً يتراجع عندما يتعلق الأمر بالقضاء على التمرد في العراق. ويقولون أيضاً أنه في كانون الثاني عندما قدم له ريتشارد أرميتاج، مساعد وزير الخارجية وقتها، قائمة بالمسؤولين العراقيين السابقين المختبئين في سوريا لم يفعل الأسد شيئاً بهذا الخصوص. لكن الرواية من الجانب السوري مختلفة تماماً: أخبرني مسؤول سوري مرموق طلب عدم ذكر اسمه أنه بعد زيارة أرميتاج قامت سوريا باعتقال وتسليم شخص يشك بأنه زعيم للتمرد، وهو سبعاوي ابراهيم الحسن التكريتي أخو صدام حسين غير الشقيق، ومعه أكثر من 20 شخصاً آخرين. وأضاف أن السوريين لم يطلبوا شيئاً بالمقابل لكنهم طلبوا الحفاظ على سرية التعاون خوفاً من استعداء الرأي العام العربي وإثارة غضب المتطرفين، لكنهم فوجئوا أن الاعتقال الذي قامت به سوريا تصدر صفحات الصحف العالمية، واعتبر هذا العمل من جانب دمشق خيانة وخداعاً. أنكرت سوريا على الفور تورطها في المسألة.

بالمقابل وصف المسؤول الأمريكي المرموق اعتقال سوريا للحسن على أنه محاولة أخرى من قبل الأسد لكي يمارس لعبة والده في الحماية، حيث يقايض ورقة يبحث عنها الأمريكيون مقابل حرية العمل ضد سياسات بوش في مكان آخر. وأضاف المسؤول أن الأسد ببساطة لم يدرك بعد أن إدارة بوش لن تلعب هذه اللعبة بعد الآن.

أخبرني الأسد أنه اعتقل أكثر من 1500 متطرف حاولوا عبور الحدود إلى العراق أو منها، وأن عروضه المتكررة من أجل التعاون مع إدارة بوش في مسألة الحدود لم تلق سوى التجاهل. وتساءل: "في البداية مع من يجب أن نتعاون؟ إذا ذهبت إلى الحدود لن تجد هناك سوى الحراس السوريين على جانبنا. لكن إذا نظرت إلى الجانب العراقي لن ترى أحداً. لا حراس أمريكيين ولا عراقيين. لا أحد".

سألته إن كان يعتقد أن العنف في العراق يعتبر مقاومة مشروعة، لكنه تجنب الإجابة قائلاً أنه طرح السؤال نفسه على العراقيين: "طبعاً فيما يتعلق بالانتحاريين الذين يقتلون العشرات كل يوم لا أحد في هذه المنطقة يعتبر هذا مقاومة مشروعة. لكن في الوقت نفسه يتحدثون عن العراقيين الذين يهاجمون قوات التحالف ويعتبرونها مقاومة".

على الرغم من وجود عقيدة مشتركة في الوحدة العربية لدى كل من البعث العراقي والسوري، إلا أن الجانبين كانا في حالة صراع دائم، وكانا يدبران لبعضهما الانقلابات والانقلابات المضادة. قدم حافظ الأسد الدعم لإيران في حربها مع العراق، وهو قرار اعتبره بشار الأسد أحد الأدلة التي قدمها لي على بعد نظر والده.

قال لي الأسد أنه لم يندم على موقفه المعارض للحرب الأخيرة على العراق، وأنه كان ضد الحرب بشكل عام لعلمه أن سوريا "سوف تدفع ثمن أي تأثيرات جانبية تنتج عن الحرب في العراق"، وهي فعلاً تدفع هذا الثمن الآن. قبل بضعة أيام من مقابلتي مع الأسد أعلنت الحكومة السورية اعتقال رجل وقتل اثنين آخرين كانوا يخططون لهجوم في دمشق لصالح منظمة تطلق على نفسها اسم "جند الشام"، وكلمة الشام تعني سوريا الكبرى التي تتضمن الأردن ولبنان وفلسطين. وفي هذه المقابلة أعطاني الأسد تفاصيل جديدة: قال أن الجماعة كانت تنوي إرسال طفلة بعمر 3 سنوات محملة بالمتفجرات إلى وزارة العدل المكتظة بالمراجعين، وأضاف أيضاً أن السلطات السورية أحبطت العام الماضي خطة للهجوم على السفارة الأمريكية كان سيقوم بها رجل "يحمل قنبلة ورشاشاً". وقال الأسد أن الأمريكيين لم يفهموا ما أسماه "عدوهم المشترك" وهو قوى التطرف الديني والعداء والتي يقول أن سوريا كانت تحاربها منذ الخمسينات. قال: "إن هذه العقلية خطيرة بالنسبة للجميع، سواء في الشرق أو الغرب". وفيما كان يتحدث أبرز خطة من ثلاثة مراحل لعمل الحكومة. قال الأسد أن الأولوية الأولى بالنسبة له هي الاستقرار، ولكي يحقق ذلك، ويقضي على التطرف المتصاعد فإنه بحاجة لأن يحقق الرخاء، ولكن يحقق الرخاء هو بحاجة إلى الديمقراطية.

واعتبر أن المفتاح لتحقيق الازدهار يتمثل في انفتاح الذهن، علماً أنه استخدم كثيراً خلال محادثتنا كلمتي "متفتح الذهن"، و"مغلق الذهن. "عندما نتحدث عن تطوير المجتمع فإننا نتحدث عن أناس متفتحي الذهن، وعندما نتحدث عن الانفتاح فإننا نعنى الحرية: حرية التفكير".

بشار الأسد لم يكن الوريث الأصلي، وإنما الاحتياطي، فأخوه الأكبر باسل كان يهيأ للرئاسة. تربى الاثنان تحت جناح والدهما البعثي، ولم يكونا يشبهان في شيء أولاد صدام حسين في العراق، إذ لم يكن لديهما سمعة سيئة من حيث الفساد الشخصي أو القسوة، ومع ذلك فإنهما كانا مختلفين تماماً عن بعضهما البعض. باسل كان بطل فروسية وتبع طريق والده في الانخراط في الجيش. عندما توفي باسل في حادث سيارة عام 1994 استدعى حافظ الأسد ابنه الثاني من لندن حيث كان يدرس، وأدخله إلى الجيش وبدأ بترقية رتبه العسكرية. عندما أصبح بشار رئيساً اختار أن يزين مكتبه برسومات ومنحوتات عن الأحصنة مأخوذة من مجموعة أخيه. وما تزال صورة باسل بلحيته الكثة ونظارته الشمسية موجودة على الكثير من جدران دمشق.

عندما يسأل عن نفسه فإن بشار يميل إلى استخدام صيغة الشخص المخاطب، وهو أسلوب لغوي يدل على الابتعاد عن الدلالات الذاتية، أي النقيض لاستخدام كلمة "نحن" التفخيمية. عندما سألته ما إذا كان في بعض الأحيان يتمنى لو تابع في مهنته المختارة أي طب العيون أجاب أنه اعتاد على مجيء السوريين إليه طالبين المساعدة، باعتباره ابن أبيه: "قد تكون مجرد إنسان اعتيادي لكنهم لا يعتبرونك اعتيادياً. إنهم يريدون منك المساعدة لأنك شاب في مقتبل العمر، وهكذا تطلع على مشكلات الناس العاديين". يبدو أن الأسد يميل إلى رسم خط بينه كشخص وبين محاولاته لممارسة المهنة التي اختارها والده لنفسه وهي المتحدث باسم العرب. في أيار 2001 عندما كان يستقبل البابا يوحنا بولص الثاني في دمشق قال بشار أن المسيحيين والمسلمين تجمعهما قضية واحدة ضد "أولئك الذين يحاولون اغتيال جميع مبادئ الديانات السماوية بنفس العقلية التي خانوا بها المسيح". ومع ذلك فإنه أثناء جنازة البابا هذا العام اقترب الأسد من الرئيس الإسرائيلي موشيه كاتساف وصافحه.

حتى عندما كان الطرفان يتفاوضان في عهد إدارة كلينتون فإن المسؤولين السوريين كانوا يبتعدون دائماً عن أي مصافحة علنية. لكن عندما سألت الأسد عن المصافحة قال عن كاتساف أنه "أحد خلق الله. وأي شخص خلقه الله يجب الاعتراف به". وأضاف: "نحن كسوريين لم نكن في يوم من الأيام متحجري الذهن".

أخبرني الأسد أنه يتحرك باتجاه فتح باب النقاش العام في سوريا، عن طريق السماح بانتقاد النظام. وعندما سألته ما إذا كان يعتقد أن الناس تشعر حقاً بالحرية في التعبير عن آرائها الآن قال: "لا، نحن لا ندعي أننا حققنا الديمقراطية. نحن لا نزعم هذا. إنها طريق طويلة لكننا نسير في هذا الاتجاه. هل الوضع اليوم، وهذا هو السؤال الذي يجب أن نطرحه، يشبه ما كان عليه قبل، لنقل، عشر سنوات؟ إنه يختلف قطعاً. إنه طريق وعلينا أن نجتاز هذا الطريق". ثم أضاف: "هم يريدوننا أن نقفز، لكن لو قفزنا فسوف نقع على رؤوسنا". قلت له أن بعض الإصلاحيين السوريين، وبعد أن راقبوه على مدى خمس سنوات، استنتجوا أنه لم يكن جدياً بشأن التغيير السياسي، فأجاب أنه كان لا بد من وضع الاقتصاد على رأس أولوياته، ثم قال بنفاد صبر: "ماذا يجب أن أطعمهم؟ بيانات؟ أوراق؟ إنهم يريدون أن يأكلوا طعاماً". لقد كان عليه أن يحارب الفساد على الفور، وقال: "إذا لم يكن لدينا حزب جديد، فمن الممكن أن نحصل على حزب بعد سنوات ولن يموت أحد. لكن إذا لم يكن لدينا طعام اليوم فإنهم سيموتون غداً".

نهاية الجزء الاول ..



ترجمة ناديا عطار - سيريانيوز

*نيويورك تايمز : من كبريات الصحف العالمية

Tarek007
13/07/2005, 00:00
لغز دمشق

( الجزء الثاني)

نيويورك تايمز- جيمس بينيت





في اليوم التالي عندما جلست على الأريكة ذاتها مقابل السيدة أسماء الأسد كانت هي صاحبة المبادرة. سألتني ما الذي كنت أتوقعه من زيارتي إلى سوريا؟ ما الذي وجدته؟ جوابي الأول المبهم قوبل من طرفها بنفاد صبر مهذب حيث قالت مؤكدة: "لنبتعد عن المجاملات السطحية. أنا أقصد ما تحت السطح". ثم تابعت مفاجآتها لي، حيث مدحت عملي، ثم وصفت مدى صعوبة الترويج للتنمية في بلد تفتقر إلى حرية الصحافة، أو على حد تعبيرها: "في بلد مثل سوريا حيث الإعلام لم يحقق بعد كامل طاقته الكامنة".

ثم تابعت القول: "الموظف سوف يعطيك رأيه بوصفه موظفاً حكومياً. هو يريد التحديث، لكنه لا يريد أن تكون الحكومة قادرة على طرده. رجل الأعمال يريد التنمية لكنه يريد أن يبقى السوق مغلقاً لأنه يستفيد منه. وهكذا فإن كل واحد ينظر إلى التنمية من منظوره الخاص بدل أن يتطلع إلى تنمية البلد. الإعلام هو الذي يعطي التنمية منظورها الوطني بدلاً من المنظور الضيق".

إذن هل سيتوقع السوريون أن يروا صحافة حرة قريباً؟ أجابت: "طبعاً". قريباً متى؟ ترددت ثم ابتسمت في إشارة إلى أنها على وشك التهرب من السؤال، وقالت: "دعني أبدأ بأن أخبرك شيئاً عن نفسي".

ابنة طبيب القلبية، أسماء الأخرس، ترعرعت في لندن وتخرجت من جامعة لندن. قامت بالتدرب على العمل المصرفي في نيويورك، حيث بدأت مع دويتشه بانك Deutsche Bank ثم انتقلت إلى مصرف جي بي مورغان J.P. Morgan حيث عملت في مجال الاندماج والاستيلاء. لقد أحبت نيويورك، ومع أنها كانت تقيم في شقة تابعة للشركة ضمن المدينة إلا أنها كانت تفضل التجول في وسط المدينة. كما أنها عملت في باريس، وهي تتحدث الفرنسية والإسبانية، ولديها أقارب في هيوستن. وكانت قد قبلت في برنامج ماجستير إدارة الأعمال لدى جامعة هارفارد عندما اختارت أن تعود إلى سوريا لكي تتزوج الأسد بعد أقل من عام على خلافته لوالده. لدى الزوجين ثلاثة أبناء صبيان وبنت، الأكبر حافظ عمره ثلاث سنوات ونصف، وقد بدأ الوالدان للتو بالحديث معه بالإنكليزية بعد أن كانا يركزان على تعليمه العربية أولاً، وليس هناك مربون محترفون للاعتناء بالأطفال وإنما يعتمد الوالدان على عائلتهما الكبيرة. تبلغ أسماء من العمر 29 عاماً أي أنها أصغر من زوجها بعشر سنوات.

لكن كل هذا الحديث جاء في وقت لاحق من الحوار، حيث تبين أنها عندما قالت أنها ترغب بالحديث عن نفسها، كان لديها تصور معين في ذهنها، تصور بدا كما لو أنه تحذير موجه لغريب يسأل عن التغيير، أو ربما موجه إلى الإدارة الأمريكية التي ترغب في إعادة تشكيل الشرق الأوسط. قالت: "جئت للعيش في سوريا قبل خمس سنوات، ومع ذلك أنا لم ألامس حتى السطح بعد. صحيح أنني أتكلم نفس اللغة وأفهم نفس الثقافة لكن هذا لا يعني شيئاً، لأنني لم أكن أدرك ما هي الآليات التي تحكم المجتمع".

كانت متعودة على العمل ضمن مصرف كبير له أهداف واضحة، حيث "النظام لا يسمح لك أن تبتعد عن الهدف أو أن تفقد تركيزك عليه". قالت أن سوريا تفتقر إلى المؤسسات، وتفتقر حتى إلى العادات الأساسية مثل صيغ الإجازة: "هنا في سوريا إذا أراد شخص أن يأخذ إجازة: -أين هو؟ -لا نعرف. انتظر دقيقة، دعني أبحث. -أين رقم الاتصال الخاص به؟ -دعني أسأل المدير. ثم يأتون لك برقم من عشرين عاماً". بعد دقائق قليلة أضافت أنه حتى الوزارات كانت عبارة عن "مسرح لرجل واحد". ندرة المدراء الأكفاء كانت عاملاً مثبطاً بالنسبة لكلا الأسدين.

لم تكن اسماء الأسد في العادة تعطي مقابلات، ومع ذلك فإنه من الصعب تصور زوجة أي رئيس دولة في المنطقة تتحدث بمثل هذه الثقة الواضحة. مثل أي سيدة أولى في أمريكا كانت تركز على القضايا الأسرية، وخاصة على التمكين الاقتصادي والتعليم. قالت أنها قامت بتجميع الشكاوى والأفكار ودرست الأشخاص الموجودين حولها لكي تعرف، على سبيل المثال ما إذا السوريون يلتزمون بقانون حزام الأمان الجديد (وقالت أنهم لا يلتزمون به). وقدمت نفسها على أنها شريك كامل لزوجها، وعندما سألتها ما إذا كانت اوصلت هذه المعلومة لزوجها فأجابت: "بالطبع. نحن نتبادل المعلومات وليس فقط نوصلها لبعضنا".

قالت أنها كانت في البداية تتعامل مع مشكلات سوريا من وجهة نظر امرأة أعمال، لكنها ثم أضافت بابتسامة متواضعة أن الأسد "أعادني إلى إنسانيتي". تقليص عدد الموظفين في الدولة على الرغم من أهميته إلا أنه يعني الإضرار بالعائلات: "علينا أن نضمن أنهم سيحصلون على فرصة في مكان آخر. الأمر يتعلق بإيجاد التوازن الصحيح بين خلق الفرص وإدارة المخاطر، وهذا هو في رأيي الوضع في سوريا اليوم، وهذه هي عملية التحول التي نخوضها".

وبينما كانت جملها تنساب ببراعة، فكرت بالسوريين الذين أعرفهم والذين قضوا سنوات في السجن بسبب معارضتهم لحافظ الأسد، وتذكرت قصص التعذيب التي سمعتها. فكرت في الاتهامات حول السياسات القاسية التي تطبق في ظل نظام بشار الأسد، وفي الفساد المنتشر بين أقربائه. بدت هذه الأفكار غريبة إلى جانب هذا الحديث الصريح عن الإصلاح الإداري. سألتها في النهاية: لقد نشأت في ديمقراطية رأسمالية، ألم تبد سوريا مجنونة نوعاً ما بالنسبة لك عندما انتقلت إلى هنا؟. راحت تفتش في ذاكرتها وعندما بدأت الحديث ثانية كانت تتحدث ببطء: "إنها عملية طويلة وأنا أعلم هذا، لقد شاهدت نهاية العملية، ونحن نتحرك باتجاه هذا الهدف".

سألتها ماذا ستقول للسوريين الذين يعتبرون هذه الحكومة حكومة قمعية تسجن المعارضين السياسيين؟ فردت علي سريعاً: "كم عدد السجناء السياسيين وكم عدد الذين أطلق سراحهم؟". في الحقيقة أطلق الأسد سراح المئات من الناس الذين سجنهم والده، مع أنه هو نفسه قام بسجن البعض. "كم عدد السجناء لديكم في الولايات المتحدة، سواء سياسيين أم غيرهم؟ هذا لا يعني أنكم مجتمع قمعي، لكن إذا ركزت على هذا الأمر فإنك ستشوه الصورة".

أشرت إلى أن زوجها يعتبر في واشنطن دكتاتوراً ارتكب أشياء فظيعة، فما هو الشيء الذي لم يفهمه الأمريكان بشأنه؟ انحنت أسماء على الأريكة وعقدت يديها أمامها وصمتت حوالي 13 ثانية، ثم قالت في النهاية "لا أعرف من أي زاوية أبدأ الرد". وبعد فترة صمت أخرى قالت: "أعتقد أن الناس هناك بحاجة لأن يروا الرجل داخل هذا الرئيس". عليهم أن يروا القيم التي يتحلى بها. ما هي أخلاقيات العمل بالنسبة له. ما هي مميزاته الشخصية. عندها يستطيعون أن يفهموا أكثر من هو وما الذي يحاول عمله".

عندما غادرت الفيلا كنت أفكر أن سؤالها الأول هو الأكثر أهمية: ما هو الشيء السطحي وما الذي يوجد تحت السطح؟.



الزمن لم ينس دمشق، لكنه على ما يبدو يتذكرها فقط في مناسبات خاصة، مثلاً عندما تم اختراع الشقق ذات الطراز السوفييتي. لكن التغييرات المتقطعة التي يأتي بها الأسد تسبب شروخاً في الاقتصاد الاشتراكي، ومن هذه الشروخ تتسرب النقود والحداثة. هناك عدد من مقاهي الإنترنت التي فتحت أبوابها في دمشق، وأصبح باستطاعة الناس الآن استخدام بطاقات الائتمان، ومشاهدة فلم "مملكة السماء" الذي يعرض في وسط المدينة. في إحدى الأمسيات كان هناك رجل يرتدي زي الرجل العنكبوت ويبيع بوالين مرسوم عليها الطائر تويتي خارج مقهى سكزي Scuzzi، وعندما رآني أحملق فيه قال: هاي.

من الناحية الثقافية تعتبر البلاد أكثر انفتاحاً من كثير من الدول في العالم العربي. إذ يستطيع العشاق أن يمشوا متشابكي الأيدي وأن يحضنوا بعضهم في الحدائق العامة. في مرة كنت أتغدى سوشي وأراقب ثنائياً سورياً على الطاولة المقابلة لي وهما يشربان الكحول. إنها بيئة متناقضة، حيث الحرية المضبوطة تنحصر في الحياة الدينية والثقافية لكنها ممنوعة في السياسة. رجال الشرطة بقفازاتهم البيضاء منتشرون في كل مكان يحاولون توجيه حركة المرور المكتظة، والناس تطيع أوامرهم. حالة الطوارئ المفروضة على سوريا منذ عام 1963 تعطيهم الصلاحية باعتقال أي شخص بدون سبب وجيه. كان بعض الإصلاحيين يأملون أن يلغي الأسد حالة الطوارئ، لكنه أخبرني أنها ينوي تغييرها "من أجل الحصول على أمن أكثر وإساءة أقل للناس"، وقال أنها ستكون شيئاً شبيهاً بالقانون الوطني الأمريكي (باتريوت آكت).

الفقر في سوريا شديد، والبطالة حسب ما يقال تصل إلى 20%، وربما كان الخطر الذي يهدد النظام أكثر من الضغوط الأمريكية هو أن النفط بدأ بالنضوب. نبيل سكر، مستشار الاقتصاد والأعمال في دمشق قال أن سوريا قد تصبح مستورداً صافياً للنفط بحلول عام 2008. قال سكر أيضاً أنه كان يعتقد بأن النظام قادر على الفصل بين الإصلاح الاقتصادي والسياسي، لكن الوقت فات بالنسبة له الآن، وأصبح عليه أن يحقق الإصلاحين خلال السنتين أو الثلاث سنوات القادمة. وأضاف: "لا يمكن أن يحتكر الحزب صناعة القرار" مشيراً إلى أن المستثمرين من الخليج متحمسون لبناء سوريا إلا أن أيدلولوجية البعث كانت تخيفهم وتبعدهم.

في فلمه الوثائقي "طوفان في بلاد البعث" يعطي المخرج السوري عمر أميرالاي فكرة مرعبة عن مجتمع أرهبه البعثيون. في بداية الفلم نرى أطفالاً في زيهم المدرسي ضمن صف مدرسي في قرية زراعية وهم يرددون شعارهم: "نحن طلائع البعث نحيي قائدنا بشار الأسد"، ثم ينشدون معاً: "نحن صوت الكادحين. .... ". الفلم طبعاً ممنوع في سوريا، وقد شاهدته على قرص مدمج DVD كما هو الحال مع غيري في سوريا.

التقيت بأميرالاي في مقهى بدمشق كانت جدرانه مغطاة برخام أبيض وأسود، وبينما كانت نافورة تنشر رذاذها قريباً منا، أصوات لعب النرد تحيط بنا، ومع غناء مادونا أخبرني عن قصته الطويلة مع المعارضة الثقافية. دخل أميرالاي المعترك السياسي بعد هزيمة العرب في عام 1967، ثم تعرف على الماركسية وعلى صناعة الأفلام في متاريس باريس عام 1968. فلمه الأول كان عن الاحتفال بإنشاء سد ضخم أقامه حافظ الأسد على نهر الفرات. قال ساخراً بلغة أنكليزية مع لكنة فرنسية: "باعتباري شيوعياً وجدته شيئاً يستحق التكريم". أما في فلمه الثاني فقد زار الفلاحين الذين اضطروا للانتقال من أجل إفساح المجال لإنشاء بحيرة الأسد.

قال أميرالاي بأن بعض المحطات الفضائية العربية اشترت فلم "طوفان في بلد البعث". بما أن بشار الأسد سمح بدخول الفضائيات التلفزيونية الى سوريا، فهذا يعني بأن هذا الفلم سيعرض في سوريا في النهاية. قال أميرالاي بأنه طلب من الشبكة أن تضيف إلى الفلم إهداء لصديق له وهو سمير قصير الصحفي اللبناني والناقد للنظام السوري الذي قتل في حادثة تفجير سيارة في الثاني من حزيران. كان الإهداء يعادل اتهام النظام بالجريمة، وسألت أميرلاي كيف يمكنه أن يكون متأكداً أنه لم يتمادى بهذا الاتهام. عندها رفع اصبع سبابته اليمنى الى أنفه وقال "إنها حاسة غريزية". لكنه قال أيضاً أن الزمان تغير: "كان هناك غموض وخوف بعد موت حافظ الأسد وذلك لأنه يمثل بشخصه السلطة والكاريزما والقدرة العنيفة. بعد موته أصبح هناك شعور بالراحة لأن الناس شعروا أن الدولة لن تدار كما كانت في السابق، وأن الدولة أصبحت مشوشة".

تطلق الصحافة كلمة " المعارضة " على نقّاد النظام السوريين كاختصار، ولكنها الكلمة الخطأ لأنها تدل على قوة سياسية مترابطة ومنظمة وتدل على وجود قادة وأتباع وهذا غير موجود. لذا فإن الكلمة الأفضل هي "المنشقين" بما تحمله من دلالات متعلقة بالسلطة الأخلاقية والانعزال. انهم خليط من البعثيين الاصلاحيين، الشيوعيين، والاسلاميين، وحتى أن هناك مجموعة أو اثنتين من المحافظين الجدد على الطريقة السورية. تمكن هؤلاء المنشقون من استخدام وسائل الاتصال العربية والاجنبية التي سمح الأسد بها من انترنت، وفضائيات تلفزيونية.

أخبرني الأسد بأنه طمح الى تشجيع حوار مجدي حول الاصلاح وأنه "من وقت الى أخر" يتابع أخبار الدردشة على الانترنت، وهو يقول بأن " بعض الناس يتكلمون رغبة فقط في الكلام، وبعض الناس يكرهون ذلك. ولكن هناك اشخاص يرغبون بالانتقاد لأنه يريدون للبلد أن تكون أفضل، وهذا ما نريده".

ايمن عبد النور 40 عاماً، يعتبر نفسه ضمن الفئة الأخيرة. هذا البعثي أطلق نشرة الكترونية رصد فيها الفساد وشجع التغيير ضمن الحركة. في نشرته يهاجم اعلام البعث المرموقين بالاسم، وهو يرى في نفسه الساعد الداعم للأسد. عندما زرته في شقته كان متحمساً جداً لما سيتم في المؤتمر القطري للحزب من صرف لقادة البعث، ولكنه اليوم يقول " لقد توقعنا أن تكون القرارات جذرية وسريعة أكثر. وقال بأن الأسد يتمتع اليوم 100% بالسيطرة المطلقة" وهذا يعني أيضاً أنه يحمل مسؤولية التنفيذ المطلقة دون المزيد من الأعذار.

أخبرني عبد النور بأنه سيتم اجراء انتخابات متعددة الأحزاب بحلول عام 2007 أي عندما تكون انتخابات الفترة الرئاسية الثانية للأسد قد حانت. ( عندما سألت الأسد عن هذا الأمر لم يقدم جواباً جازماً وقال بأنه يحتاج الى عام أو اثنين ليصل الى اجماع في الرأي على قانون لتعدد الأحزاب. وقال "علينا أن نعطيه وقتاً".)

ربما كان هناك حدود لكل شيء حتى لإيمان عبد النور. عندما سألته ما اذا كان يعتقد بأن الأسد يمتلك فكرة واضحة عما يريد القيام به، رد الاصلاحي المرموق بلغة الأطفال موجهاً كلامه الى طفله الذي كان يحمله بين ذراعيه قائلاً "هذا سؤال، لا أعرف جوابه".

بعض المفكرين السوريين يمتلكون وجهة نظر أكثر سوداوية. فمثلاً يقول محمد شحرور، المهندس والذي كتب كثيراً عن الاسلام" أعتقد بأن الأنظمة العربية ستعيش حياة طويلة جداً، حياةً مليئة بالازدهار. لأن الحرية كقيمة غير موجودة في أذهاننا". وهو يضع اللوم في ذلك على "الحضارة الاسلامية" في سوريا وبعض الدول العربية الأخرى، وهو يقول بأن الأنظمة يجب أن تخشى فقط من حركات التمرد الدينية. وقال " بإمكان الحكومة اعتقال 5000 شخصاً بيوم واحد الأن دون أن تخشى وقوع أي تمرّد. ولكن في أي مدينة يتم خلع الحجاب لـ 1000 امرأة سيكون هناك خوف من التمرد". اذا ركزنا على الفوضى الحاصلة في العراق لرأينا بأنها مثال على ما سيحصل في سوريا بعد انتهاء النظام، وهذا ما يخشى الكثير من السوريين حدوثه.

في الهضاب المطلة على دمشق يقع جامع بقبة خضراء على البقعة من الأرض التي قيل بأن قابيل قتل فيها أخاه هابيل، وهذه المدينة اشتقت اسمها من نهر الدم الذي خلفته الجريمة.

هناك من يعتقد بأن زمن الحساب العنيف وتصفية الضغائن الطائفية أصبح ضرورياً. عمار عبد الحميد،39 عاماً، يدير مشروع الثروة الذي يتابع معاملة الأقليات ضمن هذا النظام. في الخريف الماضي حصل على بعثة دراسية في معهد بروكينغز في واشنطن، وعندما عاد الى دمشق زيّن مكتبه بصور ملتقطة له وهو في طريقه الى عمله في شارع كونيكتيكت. وفي احدى هذه الصور يظهر العلم الأمريكي بين الأشجار المكشوفة. عندما قمت بزيارته دعا النظام " بالميت" والبعثيين "بالحمقى" و"المغفلين". كما أنه لا يرى أي بديل في المجتمع المدني أيضاً ويقول "إنهم جميعاً بحاجة الى قائد أو مسيح". وهو لا يؤيد "الثورات الدامية" ولكنه في نفس الوقت يقول بأن النزاع الأهلي الذي رافق تغيير النظام في العراق قد يكون الطريق الوحيد للسير الى الأمام في المنطقة. وقال "الركود يقتل أرواحنا وعقولنا. هذا التعميد بالدماء وتلك الفوضى ستعلمنا كيف نصون الحريات".

قبل أيام قليلة من لقائي مع الأسد تلقيت رسالة على بريدي الالكتروني من جشوا لانديز، الاستاذ المساعد لدراسات الشرق الأوسط من جامعة أوكلاهوما والذي يقيم هذا العام في دمشق. لانديز يكتب عن سوريا في بلوغ blog قيّم يسمى سيريا كومينت. وهو متزوج من سورية تنتمي الى نفس الطائفة التي ينتمي اليها الأسد، الطائفة العلوية، التي تؤمن بألوهية عليّ ، ابن عم الرسول محمد (ص) وصهره. عبر قرون من الزمن تعرض العلويون للاضطهاد واتهموا بالالحاد من قبل باقي الطوائف الاسلامية.

رسالة لانديز الالكترونية المنشورة مؤخراً تنحدث عن عريضة جديرة بالاهتمام عثر عليها لانديز أثناء بحثه لأطروحته الجامعية والتي سيتم نشرها على شكل كتاب خلال العام المقبل تحت عنوان " الديمقراطية في سوريا". في عام 1936 وبينما كان الفرنسيون يناقشون كيفية توزيع الانتداب الذي أعطته لهم عصبة الأمم في المنطقة، طلبت جماعة ذات مكانة من العلويين عدم الحاق الجبال الشمالية التابعة لهم بسوريا لأنها بالتأكيد ستقع تحت سيطرة المسلمين. " لقد عمل الدين الاسلامي باستمرار على تغذية روح الكراهية والتعصب التي تسكن قلوب العرب المسلمين ضد كل ما هوغير مسلم" وفقاً لما ورد في العريضة. "وهكذا فإن الغاء القانون سيعرض أقليّة سورية لخطر الموت والابادة، عدا عن أن مثل هذا الالغاء يحمل ابادة لحرية الفكر والمعتقد"، ووفقاً لما ذكره لانديز فقد كان سليمان الأسد جد الرئيس بشار أحد الموقعين الستة على العريضة.

وقبل أن تسنح لي الفرصة لطرح مسألة العريضة، تطوع الأسد وقال بأن جدّه تقدم مع قادة علويين اخرين بعريضة للفرنسيين ناشدهم فيها " العودة الى البلد الأم، سوريا." وقال " كانوا يعلمون أن تقسيم البلاد سيؤدي الى اندلاع الحرب فيها, وبالتالي فإن البقاء مع الجماعة والاندماج فيها هو السبيل الأفضل". وقتها شعرت باحساس مرعب بأن هناك شخص أخر كان يقرأ بريدي الالكتروني. قلت له بأني سمعت أن العريضة طلبت الانفصال، فردّ الأسد بالنفي " لا، لا، لا، على العكس تماماً".

إذا وضعنا هذه المسألة جانباً، نلاحظ أن هذه العريضة المؤيدة لفكرة الانفصال تفسر لنا سر الإيمان العميق بالبعث، المنادي بتحقيق الوحدة العربية، بالنسبة لرجل مثل حافظ الاسد ينتمي الى أقلية مضطهدة. فالبعث سبيل لتوحيد جميع الاديان والاعراق، أو ربما يكون وسيلة لهيمنة الأقلية. وقد يكون أيضاً ذلك الضماد الذي تلتئم تحته جراح الطائفية أو تزداد تقيّحاً. وبالنسبة لتأثيره على سوريا لا يمكن لأحد تخمينه الا اذا تم ازالة الضماد، كما حدث في العراق.

على الصعيد الرسمي أنكر البعثيون السوريون مسألة الفروقات الطائفية. فالنظام التعليمي في سوريا يدرّس في مناهجه صيغة اسلامية معتدلة واحدة. ومع ذلك ما تزال الطائفية تطفو في مكان غير بعيد عن السطح. داخل سوريا هناك من أوقع اللوم على النظام بشأن مقتل الحريري ورأى فيها خطة طائفية كلّفت الأسد دعم العالم له ولكنها عززت قوته داخلياً. فالحريري سنّي ويمتلك الثروة والنفوذ والعلاقات قوية مع السنّة السوريين التي تمكنه من تعزيز هيكل قوي بديلاً للنظام الحالي. (ولكن البعض الأخر استبعد هذه الفكرة قائلين بأنها تظهر حذاقة لدى الأسد). خلافاً للبنان، هناك في سوريا طائفة واضحة تمثل الأغلبية وهي الطائفة السنية، والبعض يرى في هذه الطائفة أساساً كامناً لديمقراطية راسخة.

فريد الغادري، الذي نصّب نفسه في واشنطن خصماً للنظام وتلقى دعوة من وزارة الخارجية الأمريكية للحوار معه، يعرض رؤيا طائفية صريحة عن مستقبل سوريا. يتكلم الغادري عن دولة تحترم حقوق الأقليات فيها، ولكنه بنفس الوقت يجادل قائلاً "نحن بحاجة الى منح المسلمين السنّة بلداً شرعيّة يستطيعون منها شن الحرب على الأيديولوجية" يقصد بذلك التطرف. لكن المساجد الجديدة التي تكاثرت في سوريا خلال السنوات القليلة الماضية، والتي تمثل شكلاً أخر من اشكال المقاومة الصبورة، ربما كانت تهيئ المؤمنين لحرب مختلفة، وهذه الحرب هي التي يخوضونها اليوم في العراق.

الرئيس حافظ الأسد ناور مطولاً لإشراك السنيين السوريين في القرارات، فقد حجز المناصب المرموقة في حكومته للسنّة. كما أن قانون اصلاح الأراضي ساعد في التفاف السنّة القرويين حوله ضد النخبة من المدنيين السنة. ومن خلال توازن طائفي معقد خلق ما سمّاه لانديز القبيلة المتفوقة. قال لي لانديز موضحاً "انك تستبدل قرابة الدم بإيديلوجية الحزب. وهما متشابهان كثيراً". عندما انهارت هذه المنهجية، أي عندما ظهرت حركة الاخوان المسلمين ضده في السبعينات، وهم متطرفون من السنّة، عندها استخدم حافظ الأسد قوات الأمن المسيطرة لديه في سحقهم. وفي عام 1982 أباد مدينة حماه القديمة، تلك المدينة التي شهدت تأسيس حركتهم المقاومة.

كان المحامي أنور البني 46 عاماً القاطن في دمشق، يعيش في حماه عام 1981 وشهد أول دخول القوات السورية. البني ينتمي للدين المسيحي ولكنه ملتحي لذا فقد قبض الجنود عليه لاشتباههم بأنه من الاخوان المسلمين. وما إن انهال الجنود عليه بالضرب حتى هرع الجيران لنجدته والتعريف عنه. وبعد ذلك قام الجنود بربط يديه خلف ظهره وأحرقوا لحيته، ثم تركوه يذهب. واليوم يعتبر البني في تمثيله للسجناء السياسيين بمثابة سيزيف (الشخص الذي يحمل أعباء الإنسان). فقد كان مستعداً لبيع مكتبه من اجل تمويل ذلك، وكان قد باع سيارته.

بينما كنا نتحدث وسط الصناديق المغلقة الموجودة في مكتبه دخل شاب مشرق يحمل باقة من الزهور. كان هذا هو الشاب عبد الناصر كحلوس، 33 عاماً، وهو يعمل محاسباً في شركة جنرال موتورز في سوريا. هذا الشاب كان قد أطلق سراحه للتو من السجن بعد أن أمضى اسبوعاً فيه مع ثمانية من مجموعة الحوار التي تسمى منتدى الأتاسي. تم القاء القبض على هذه المجموعة بعد قيام واحد بينهم بقراءة بيان صادر عن أحد قادة الاخوان المسلمين في المنفى ومرسل عن طريق البريد الالكتروني وذلك خلال احد اجتماعاتهم. في سوريا يعتبر الانتماء لحركة الاخوان المسلمين جريمة تقتضي الاعدام. وفي تعليق على البيان قال كحلوس " لقد اعتقدنا بأنه منفتح وحديث" وقال بأنه عندما تم القاء القبض عليه توقع أن يتلقى حكماً لا يقل عن السجن لمدة ثلاث سنوات. ولكنه تشجّع عندما لمح البني على أقنية الفضائيات التلفزيونية يتحدث عن القضية.

عندما أثرت قضية اعتقالات منتدى الاتاسي مع الأسد اعتقدت بأنه قد يصف ما فعلوه بالغلطة. ولكنه لم يتنازل أبداً، وسألني "في الولايات المتحدة عندما تعلمون بأن شخصاً له علاقة بالقاعدة ماذا تفعلون؟ الا تعتقلونه؟" وقال " ان الاخوان المسلمون ارهابيون. فقد قتلوا ما يزيد عن 15.000 شخص في سوريا (هذا الرقم الرسمي، ويعتقد بأنه أقل من عدد الذين حصدهم النظام أثناء قمعه لتلك الحركة) وقال بأن اعضاء جماعة الاتاسي أطلق سراحهم بعد أن قالوا انهم " لن يكرروا ذلك ثانية" وحتى هذا الوقت ما يزال عضو منتدى الاتاسي الذي قرأ التصريح بصوت عال في السجن وهو علي العبد الله.

ان موضوع الطائفية يخلق قيوداً حول النظام. فهو من جهة يرغب بإثبات أنه نجح في تخفيف التوترات الطائفية، ومن جهة أخرى يرغب بالتأكيد على أن هذه التوترات تشكل تهديداً خطيراً. أثناء اللقاء أكد الأسد على كلا النقطتين.

عندما اشرت الى الاضطهاد التاريخي للعلويين وسألته عما اذا كان يعتقد بأن مثل هذه الجراح قد اندملت، أجاب بكلمات بدت حشواً قائلاً "الدليل هو أنني في السلطة"، كما قدم دليلاً آخر مع أنه لم يذكره بصراحة لكنه أشار إليه بطريقة غير مباشرة كإشارة على التمازج بين الطائفتين: أن زوجته سنيّة. كما أكد الأسد أيضاً على أن التوترات الطائفية في الشرق الأوسط لا تعرف حدوداً. وقال " انها تمتلك تأثيراً متعاقباً مثل الدومينو ليس فقط في سوريا بل في المنطقة بشكل عام. هذا التأثير سينطلق من لبنان وسوريا ويتجه جنوباً نحو منطقة الخليج والبحر الأحمر وشرقاً نحو وسط أسيا وشمالاًَ نحو الحدود الجنوبية لروسيا. كل هذه المجتمعات مرتبطة ببعضها البعض. وبالتالي فالجواب هو نعم ، قطعياً نعم. نحن نشعر دوماً بالقلق من تأثير هذا الصراع".

يمكن إلقاء اللوم على سوء الاستخبارات في كل ذلك. في عام 1915 خرج عضو في جمعية سرية في دمشق مناوئة لحكم الدولة العثمانية الزائلة وشق طريقه الى مقر قيادة الاستخبارات البريطانية في القاهرة. ووفقاً لما هو مذكور في كتاب ديفيد فرومكين التاريخي: "سلام لانهاء جميع أنواع السلام" أن الادعاءات التي ذكرها هذا الشاب هي التي أقنعت الضباط البريطانيين أن العرب سيشعلون ثورة ضد الأتراك مقابل حصولهم على تعهدات حول وضع الشرق الأوسط بعد الحرب. لم تشتعل الثورة بالحجم المتوقع، ولكن تلك التعهدات قادت القوى الغربية إلى رسم الحدود وبالتالي خلقت أزمة من الشرعية ما تزال أنظمة الشرق الأوسط تعاني منها حتى الآن. وما من مكان تتضح فيه هذه الأزمات أكثر من سوريا، فهي تنظر دوماً الى تلك الحدود باحتقار وتعتبرها صنيعة الامبريالية. ان سوريا تمتلك مثل هذا الالتزام الواهن نحو هويتها الوطنية، ففي يوم من الأيام تنازلت طواعية عن سيادتها ووهبت نفسها عام 1958 لجمهورية عبد الناصر العربية المتحدة التي لم تعمر طويلاً. يسأل عضو البرلمان البعثي جورج جبور " ما الذي تعنيه الأمة؟ هل هي سوريا الحديثة اليوم؟ أم أنها سوريا الكبرى؟ أم أنها الأمة العربية كما يقول حزب البعث؟ أم أنها الأمة الاسلامية كما يقول الإخوان المسلمون؟"

الصراع عبر المنطقة من أجل توضيح الحدود ومنحها الشرعية وصل الى ذروة جديدة. فالفلسطينيون والاسرائيليون على وشك الوصول الى تقسيم أخر لفلسطين التاريخية. وفي العراق، تحاول ادارة بوش خلق حكومة تتمتع بشرعية لمقاومة التجزئة الطائفية والحفاظ على حدود ما بعد الاستعمار. في لبنان، شهد الربيع دعوات من أجل وطنية تتجاوز جميع الفروقات العرقية والدينية. وفي سوريا، يقوم الأسد، سواءً بشكل طبيعي أو عن سابق تصميم أو نتيجة اليأس، باتخاذ خطوات مماثلة. فقد قام بسحب قواته من لبنان وانتقل لتحديد الحدود السورية مع الأردن وتركيا. كما وضع شريطاً ضيقاً يحدد ولأول مرة الحدود مع العراق بدقة.

دافع الأسد عن القومية العربية التي اعتمد والده عليها، ورغم ذلك فهو يصفها اليوم بأنها شعور بالترابط أكثر مما هي رغبة في تقاسم حكومة. وقال " ان ممارسة القومية أصبحت متفتحة الذهن أكثر اليوم". ويقول بعض الذين راقبوه عن كثب بأنهم رصدوا تغييراً هاماً. يؤكد جبور الذي كان سابقاً مستشارا لحافظ الأسد أن "هناك نوع من التحول ضمن الحزب". وفي إشارة الى الكلمة التي ألقاها بشار الأسد قبل انعقاد مؤتمر الحزب، قال لي " الرئيس الأسد لم يتحدث عن الوحدة العربية. بل تحدث عن العروبة Arabism بشكل عام، أي الهوية العربية". وكان لأيمن عبد النور تأكيد مشابه حيث قال "الوحدة، لا تعني أن عليك أن تستولي على جميع البلدان وتمتصها وتحتلها. لا، انها تعني اعلاء مقاييس التعاون، والتعاون الاقتصادي".

أميرلاي، منتج الأفلام والمعارض للبعث يقول بأنه هو أيضاً رأى تغييراً. وأخبرني "أعتقد بأن هذه هي بالتأكيد نهاية الصفحات المحزنة في تاريخ سوريا. أعتقد بأنه مع هذه الحقبة الجديدة التي ندخلها اليوم، سيكون هناك اعادة لرسم الحدود. سيتم تحديدها لأول مرة". وأضاف " ان هذا سيكون بمثابة القتل الرحيم للقومية العربية".

إذا كان هذا هو رأي الأسد فعليه أن يعبر عنه بوضوح. يقول لانديز: "الأمر أشبه بمشية السرطان. إنهم يديرون له ظهرهم لكنهم يمشون باتجاهه، بطريقة غير واضحة ولا واعية". ومثلما كانت تحركاته تجاه الإصلاح وتجاه لبنان، بدت خطواته ارتجالية أكثر منها استراتيجية.

إن وجود هوية سورية واضحة يمكن أن يشكل حاجزاً أمام الفوضى الطائفية، كما أنه يشكل مصدراً للشرعية والاستقلال الإقليمي، ويساعد على استعادة المغتربين من ذوي الخبرات والذين يحاول الأسد التقرب منهم، ومعظمهم من السوريين الطموحين الذين هربوا من الحالة الراكدة في سوريا بحثاً عن الإنجاز في الخارج. لكن من أجل تحقيق ذلك تحتاج سوريا إلى شيء تفخر به، شيء أكبر من القومية العربية المتداعية ومن التاريخ المجيد.

من المؤكد أن مشية السرطان لا تثير إعجاب إدارة بوش. لقد أصبح بشار الأسد داخل الصندوق: إذا قدم للإدارة الأمريكية ما تعتبره تنازلات فإنه سيكون قد أثبت وجهة نظرهم بأن الضغط وحده هو القادر على تحريكه. يقول روبرت مالي من مجموعة الأزمات الدولية التي تراقب سوريا عن كثب: "إذا أعطيتهم ما يريدون، سيقتنعون أن الضغط وحده هو الذي ينفع. وإذا لم تعطهم ما يريدون فإنهم سيقتنعون أنهم بحاجة لتطبيق المزيد من الضغوط".

فلينت ليفرت محلل السي آي إيه السابق والمسؤول الحالي في إدارة بوش، وهو صاحب كتاب جديد عن الأسد بعنوان "وراثة سوريا" قال لي أن هذا المنطق جعل إدارة بوش تسير على طريق ثابت: "أعتقد أن الإدارة تسير بشكل أساسي باتجاه سياسة تغيير النظام في سوريا". بعض المسؤولين في إدارة بوش يعتبرون أن النظام منته لا محالة، باعتبار أنه غير قادر على الإصلاح لأن الإصلاح يتطلب منه التخلي عن امتيازات الطبقة الحاكمة، ومع ذلك فهم لا يرون له بديلاً حالياً لحكم سوريا. فيما عدا حزب البعث والأجهزة الأمنية فإن سوريا، مثلما كان العراق قبل الحرب، لا تملك مؤسسات قادرة على المحافظة على التماسك الوطني وتوجيه الإرادة السياسية. إذا كان الأسد يريد بناء سوريا حديثة فيجب عليه أن يفعل كما فعل الرئيس الأمريكي الذي يتحداه: أن يقوم بتطوير استراتيجية تختلف اختلافاً جذرياً عن والده.



ترجمة هدى شبطا، ناديا عطار

سيريانيوز

2005-07-12

Tarek007
14/07/2005, 01:15
بمناسبة تعليق هشام على حديث الرئيس الأسد



شاب سوري :





منذ اغتيال الشهيد الحريري بدأت قصاصات الورق "البوست-ات" تتكاثر عندي بشكل كبير متناولة العديد من الجوانب المذهلة من تفاهات الاعلام و "السياسيين" و "المثقفين" في لبنان، لبنان... الذي كان في مخيلة كل عربي و سوري مثالاً للنهوض بعد حرب أهلية طاحنة، و إذا باستشهاد الرئيس الحريري يكشف أن كل هذا كان صرحاً من خيال... فهوى! و لكني لم اقدم على مشاركة الآخرين بقصاصاتي. كنت أقول هو الحزن: معليش، ثم هو الحنق: كمان معليش... و لكن "و بعدين؟" على حد قول البيك الاشتراكي!
مضت الذكرى الأربعينية الأولى للشهيد الحريري، فثانية، فثالثة، و نوشك على اتمام الرابعة، و مازال الاستحمار من قبل فئة سياسية و اعلامية لبنانية متصدراً و يستمر و يستمر و يستمر! و الحمد لله، و الشكر للقيادة السورية، التي أدركت حقيقة هذا السعار قبل الانتخابي المستقوي بالخارج، فآثرت أن تثق بالشعب اللبناني الشقيق و تتركه في بلد تعافى من هولات الحرب إلا زعاماتها التي بدأت تنهش بعضها بعضاً بعد هذا الانسحاب السوري الذي فاجأهم بسرعته كما صرح البيك لوسائل الاعلام! و رغم ذلك فالاستحمار مستمر، و اتهامات سورية في كل مصيبة تعصف بلبنان (حماه الله و حمى أهله) مستمرة!
ودون الخوض في الاتهامات بالجرائم التي لم تتوقف، و آخرها أخبار الانفجار الذي استهدف وزير الدفاع اللبناني منذ لحظات و بعد الانتهاء من كتابة هذه المقالة، فهناك علائم استحمار شامل بدءاً باستخدام ساذج و مكثف للماركتنغ السياسي à la Goebbels ، مروراً بانفضاح آليات اتخاذ القرار في "مؤسسات" اعلامية انفضحت بينما كان أصحابها يفاخرون بما عملوا، و بانكشاف ورقة التوت الأخيرة التي كانت تستر شيئاً من عورات النظام الطائفي جداً، الذي أوشكنا أن نصدق أنه "أوشك أن يسترجع عافيته الديموقراطية" كما قال كاتب سوري، و انتهاء بسطحية مذهلة لدى بعض الأكاديميين و المثقفين الذين تفجع ضحالتهم كل معجب سابق بهم!
الأمثلة كثيرة، و تحليلها يحتاج فعلاً إلى مجلدات، لكني شخصياً وجدت ذرى التراجيكوميديا في حلقات زاهي وهبي و قمتها تلك مع رئيس مجلس إدارة المستقبل نديم المنلا، التي كنت أتابعها في الاعادة غير مصدق أن هذه هي آليات العمل في تلفزيون كان الأحب إلى قلوبنا في سورية، أتت تلك الحلقة لتتوج شذرات تفضح النفاق و حقيقة "الروح الاحترافية" في هذه المؤسسة موزعة بين العديد من البرامج و المقابلات، و "أحلى" ما في تلك الحلقة أنها لم تبث كاملة عند الاعادة التي كنت أشاهدها، و لم يقطع تساؤلاتي عن السبب إلا قراءتي لمقالة كتبتها إعلامية من المكتب الاعلامي لبرنامج سوبر ستار تنتقد فيها زاهي لسؤاله مديره عن الحوافز التي استحفها العاملون في الفيوتشر لجهدهم الكبير بعد المصيبة! أما عن نشرات الأخبار و مقابلات علي حمادة و فارس خشان (المحقق) فتستحق فعلاً التدريس في كليات الصحافة كنماذج للهوبعة و فن الاستحمار!
أما ما أغاظني فعلاً –ربما بقدر الهتافات ضد سورية و تبرير جبران تويني لتفريقه بين "البشر و الغنم"- فكان المحاولة الساذجة لتقليد ريمي بندلي، التي غنت لجيلي :غسل وشك يا قمر، فوقفنا نتساءل معها "ليش ما في عندي اعياد، اعطونا السلام اعطونا الطفولة" بكل براءة الأطفال المؤلمة كسيف، فأتت النسخة الباهتة تتساءل "ليش أخدوا مني رفيق الحريري، و هو بيي و خيي، و وين هو الضمير؟"!!
و على العكس من المستقبل (تلفزة و صحيفة) التي انقلبت بعد الجريمة بعد أن أصبح دم الشهيد تجارة سياسية رابحة، فالمشكلة في نهار جبران تويني قديمة، و كانت تفاقمت عام 2003 عندما استقال عمود جريدة النهار و رئيس تحريرها لإحدى عشرة سنة مثمرة، أنسي الحاج، بعد شهور من التوتر ،وبالأخص منذ الحرب علي العراق، نشأ من تدخل رئيس مجلس الادارة جبران تويني في شؤون التحرير تدخلا اختراقيا لم يقبله الحاج، ولو كان مبررا من الناحية القانونية، ولم تنجح وساطة الاستاذ غسان تويني في ايجاد تسوية. خلا بعدها الجو لسياسة السيد جبران التي حولت النهار منبراً سياسياً ليس فيه من تاريخها الصحافي المشرق إلا الذكريات. و بعد جريمة اغتيال الحريري أصبحت لا تخلو في كل اسبوع من عدة مقالات و تحليلات ما أنزل الله بها من سلطان، من دراسة اقتصادية خلبية، إلى تحليل سياسي ليس قيه من السياسة إلا البروباغاندا... و القائمة تطول، و الضحية غالباً سورية، و أخلاق الصحافة، و تاريخ النهار، و الهدف الاستحمار!
بالأمس مثلاً –و هذا مجرد مثال بسيط لكنه الأحدث-، نشرت بقلم مراسلها في واشنطن "هشام ملحم" عرضاً لحديث الرئيس الأسد إلى ملحق النيويورك تايمز. و لن نسأل لماذا أهمل السيد هشام أن يشير إلى أن الكاتب اعتبر حكم الرئيس بشار الأسد من حيث الأيديولوجية و الجغرافيا و الميول صخرة في طريق تحقيق إدارة بوش لسياستها الخارجية بل و فلسفتها، أو إلى قول سيادة الرئيس أنه يفتح الاقتصاد و يستعد ليوم يخرج فيه من السلطة بشكل انتخابي مسالم، أو إلى اشارة الكاتب أن أخبار نهاية التاريخ و انتصار الرأسمالية الليبرالية لم تصل إلى سوريا كشطائر الماكدونالد و العملات القابلة للتحويل دون قيود، و غير ذلك مما يستحق الاقتباس لكنه يتنافى مع ما أراد السيد هشام أن يوصله. و هذا حقه! كما لن نقدم تعليقات على ترجمته لبعض العبارات، فربما كان هذا ضعفاً في القدرة، و لكن هناك نقاطاً توضح سوء نية و لا حرفية السيد هشام.
فأولها هو حرف الكلام عن مواضعه ببتره، ينقل مثلاً "وشدد على اولوية الاصلاح الاقتصادي قبل السياسي، قائلاً ببعض نفاد الصبر: ما الذي علي ان اطعمهم؟ البيانات؟" ام الورق؟ يريدون ان يأكلوا طعاماً"." حاذفاً الفقرة التي تقول بأن هذا التشديد على الجانب الاقتصادي و بعض "نفاذ الصبر" أتى بعدما سأله الكاتب عن عدم جديته في الاصلاح السياسي:
I said that some Syrian reformers, after watching him for five years, concluded he was not serious about political change. He said that his priority had to be economics, and he grew impatient: ''What should I feed them? Statements? Or paper? They want to eat food.'' He had to act against corruption immediately, he said. ''If we don't have a new party today, we can have it two years later, nobody will die. But if you don't have the food today, they will die tomorrow.''
و كمثل آخر، يقول السيد هشام: "وتفادى الاجابة مباشرة عن سؤال عما اذا كان يعتبر العنف في العراق مقاومة شرعية، وقال: بالطبع، بالنسبة الى التفجيرات الانتحارية، وقتل العشرات كل يوم، لا احد في هذه المنطقة يعتبر ذلك مقاومة شرعية ... وفي الوقت ذاته يتحدثون عن مهاجمة العراقيين لقوى التحالف ويعتبرونها مقاومة"."
في حين أن المقالة الأساسية تقول بأن تفادي الرئيس للاجابة كان بقوله أنه وجه نفس السؤال للعراقيين فاجابوه بهذين التصنيفين!
He sidestepped, saying he had put the same question to Iraqis. ''Of course, about suicide bombers and killing tens every day, nobody considers it legitimate resistance anywhere in this region,'' he said. ''But at the same time, they talk about Iraqis attacking allied forces -- they consider it resistance.''
و في مثال ثالث توقف السيد هشام عند حديثه عن عمار عبد الحميد عند قوله: "منهم عمار عبد الحميد الذي يقول ان النظام "ميت" ويصف البعثيين بـ"الغباوة" "، حاذفاً الجزء الثاني من كلامه و الذي يرى عدم وجود بديل في المجتمع المدني لأن الجميع ينتظر القائد أو المخلص، مشيراً إلى أنه رغم عدم مناداته بالثورة الدامية فإن معمودية الدم من قبيل ما يحدث في العراق قد تكون المخرج الوحيد من حالة الركود التي تقتل الأرواح و العقول، لتعلمنا كيف نقدر الحريات حق قدرها!!!
When I stopped by, he called the regime ''defunct'' and the Baathists ''idiots'' and ''morons'' while we were still settling into our seats.
He saw no alternative in civil society either. ''They all want a leader or a messiah,'' he said. He did not advocate ''bloody revolution,'' he said. But he also said that the civil strife accompanying regime change in Iraq might be the only way forward in the region. ''Stagnation is killing our souls and our minds,'' he said. ''Hopefully, this baptism by blood and mayhem will teach us to cherish the liberties.''
و لا تقتصر ابداعاته على البتر، بل يعتبر أن القارئ حمار ينبغي افهامه بالمعلقة و التعليق، و لو تناقض هذا التعليق مع النص الأصلي!
مثلاً يقول: "وفي اشارة ضمنية الى ان العلاقات الدولية للحريري ربما تسببت باغتياله، قال الاسد: "الحريري كان رجل اعمال عالميا. ولا نعرف شيئا عن علاقاته"."
في حين أن الاشارة الصريحة في حديث السيد الرئيس كانت أن عدم المعرفة بتشعب العلاقات هذا هو السبب في دعم سورية للتحقيق الدولي! و شتان بين الاشارتين!!
''There are always assassinations in Lebanon,'' he said. ''Hariri was an international businessman. We don't know anything about his relations.'' I asked if he agreed with a recent op-ed column in the Arabic press by one of his ministers, Buthaina Shaaban, suggesting that American or Israeli intelligence was responsible. ''Even if I want to blame any other international or regional party, I can't say it as president,'' he said. ''That's why we supported the international investigation.''
و في مقطع آخر يتحدث السيد هشام مفسراً السرائر من جديد قائلاً أن السيد الرئيس قال "في انتقاد ضمني لحقبة والده"، في حين أن الاقتباس يتحدث عن طريق طويل ينبغي قطعها، و ضرب المثال بـ 10 سنوات و ليس بـ 5!
و بالعودة للاشارات، يقول السيد هشام "وفي اشارة لافتة، يقول كاتب المقال بينيت انه عندما التقى الرئيس السوري وقبل ان يثير معه مسألة العريضة، تبرع الاسد بالقول ان جده حض الفرنسيين مع غيره من العلويين "على العودة الى الدولة الام، اي سوريا. وهم ادركوا انه اذا تم تقسيم البلاد، سوف تنشب الحروب". واضاف بينيت: "لقد انتابني شعور غريب بأن احداً يراقب رسائلي الالكترونية"، في اشارة الى الاتصالات الالكترونية بينه وبين لانديس.”"
في حين أن المقال الأصلي تحدث عن شعور غريبspooky أصابه فشعر كما لو أن أحداً آخر يقرأ ايميله عندما بادر الرئيس الأسد بالتحدث عن العريضة، و لم يتحدث عن المراقبة بهذا الشكل الذي قاله السيد هشام (و بدهي أن هكذا الحديث كان سيشير لهذه النقطة، فهي ليست سراً و متفقة مع سياق الحديث)، ثم عاد ليثبت رأي الرئيس المخالف، رغم أنه يتبنى ما قر في ذهنه مسبقا في التفسير اللاحق!!
Before I had the chance to bring up the petition, Assad volunteered that his grandfather had petitioned the French with other Alawite leaders to ''go back to our mother country, which is Syria.'' He said: ''They knew that if we divide the country we would have wars. So it's better to be, to mingle, with the others.'' I had the spooky feeling that someone else was reading my e-mail.
I said that I had heard the petition proposed separation. ''No, no, no, no, no,'' Assad replied. ''It's the opposite.''
و نحمد الله أن اشارات السيد هشام توقفت هنا، فلم يستنتج مثلاً أي شيء من حديث الكاتب عن مغارة قابيل و هابيل في جبل قاسيون!!
و بعيدا عن الاشارات فالسيد هشام ينجر الى التزوير الصريح عندما يقول:
“دافع عن الاجراءات المتخذة ضد "منتدى الاتاسي" قائلا ان اعتقالهم مماثل لاعتقال الولايات المتحدة اي خلية تنتمي الى تنظيم "القاعدة""
في حين أن المقال الانكليزي يتحدث عن الاتصال بجهة ارهابية، كما لو كان أحد في أمريكا له علاقة مع تنظيم القاعدة، فان رد الفعل الطبيعي هو اعتقاله. و مرة أخرى: شتان و شتان!
''When you know in the United States that somebody has a relationship with Al Qaeda, what do you do?'' he asked. ''You arrest him.''
و كما قلت، فهذا ليس إلا غيضا من فيض! مؤلم هو هذا الاستحمار بحق ابن لبنان و ابن سورية، و المؤلم أكثر أنه مستمر.
لبيروت السلام و للبنان جبران خليل و سناء محيدلي و حزب الله كل السلام، و قلبي مع كل من يغني "شرشحتوا البلد"، لأنهم فعلاً شرشحوا بلداً تكفي أن تكون فيروز منه ليكون قطعة سما! صدقت يا وديع الصافي، و كذب المستحمرون

حمصي
17/07/2005, 06:54
yeslamo tarek, qaretha harf be harf, an gad yeslamo, hayk el shabab ya bala, ahla tarek.
:gem: :gem: :gem: :gem: :gem: :gem: :gem: :gem: :gem: :gem: :D :D :D :D :D :D :D :D :D :D :D :D :D :D :D :D :D :D :D :D :D :D :D

Tarek007
17/07/2005, 19:41
أحم أحم :

ترجمة ما كتب حمصي :

يسلموا طارق قريتا حرف ب حرف , عنجد يسلموا , هيك الشباب يا بلا , هيك شباب يل بلا , أحلى طارق


.................................................. .........................................



ما بعرف شلون ظبتت معي الترجمة هل المرة :confo:


شكراً حمصي :D :D :D
و خليك معنا :hart: دائماً

krimbow
18/07/2005, 17:58
اي بدي اتشكرك طارق :D