was616im
16/12/2007, 05:32
لنتصور، ولو للحظة، ان ملاكا كريما قادرا على أن يلوح بعصا سحرية فوق الشرق الأوسط، قد حل مكان رئيس عنيد مولع بالقتال في البيت الأبيض. ومكان مجلس أمن للأمم المتحدة عاجز، وأوروبا منقسمة على نفسها، ومكان حكومة اسرائيلية لا يتوقف أعضاؤها عن الشجار، ومكان عالم اسلامي غارق في الاضطراب، ولنتساءل، ما الذي يمكن أن يفعله هذا الملاك (ذكرا كان أم أنثى) على اعتبار ان الملائكة لا جنس لها!
قد يبدأ الملاك في لبنان، لأن أزمة هذا البلد، على رغم كل المظاهر، هي أسهل حلا من سواها، اذ يبدو ان جوهر الأزمة هو في كون الطائفة الشيعية المتمركزة، في غالبيتها، في جنوب لبنان، وفي ضاحية بيروت الجنوبية، قد حرمت من حقها المشروع في المشاركة في سلطة الدولة. لقد أهملتها الحكومة المركزية، بعد أن حصل لبنان على استقلاله منذ ستين عاما، وهمشتها، ولم تمنحها ما تستحقه من تمثيل في المؤسسات الرسمية، وهي اليوم تطالب باسترداد حقوقها المشروعة.
ان التمييز الذي عانى منه الشيعة يبرز اليوم بشكل أوضح بعد أن أصبحوا يشكلون أكبر طائفة في لبنان، وبعد أن نجحوا، فعليا، ووحدهم، في الدفاع عن لبنان، ضد الهجمات والاختراقات الاسرائيلية المتكررة منذ عام 1970 وحتى الآن. لقد بقي جنوب لبنان الميدان الرئيسي، في كل المواجهات العربية – الاسرائيلية، وكان الشيعة هم ضحايا الاختراقين الاسرائيليين للبنان في عامي 1978 و1982 كما كانوا الضحايا خلال الاحتلال الاسرائيلي لجنوب لبنان الذي دام 22 سنة، والهدف الرئيسي لحرب اسرائيل على «حزب الله» في الصيف المنصرم.
ان الميثاق الوطني اللبناني لعام 1943 - وهو الاتفاق الذي حدد اقتسام السلطة بين الموارنة والسنة، والذي تم تعديله في الطائف عام 1989 - لم يعد يعكس الحقائق والوقائع الديموغرافية والسياسية في لبنان، حاليا، والمطلوب هو ميثاق جديد يوفر تمثيلا أفضل لكل الطوائف في مؤسسات لبنان الرسمية.
يتوجب على لبنان، نظريا، أن يقرر الغاء النظام الطائفي كلية، لأنه كان سبب الكثير من النزاعات، ليحل مكانه نموذج جديد يقوم على «المواطنة العلمانية» التي تجيز لأي لبناني - ذكرا كان أم أنثى، مسيحيا كان أم مسلما - أن يصل الى أرفع مركز وموقع في السلطة.
وكان الرئيس السابق أمين الجميل قد اقترح في كانون الثاني (يناير) عام 1986 أن يتم انشاء منصب نائب لرئيس الجمهورية مخصص للشيعة، ولكن لم يؤخذ باقتراحه، واليوم هناك حاجة ماسة لاجراء اصلاح أكثر راديكالية، لتجاوز النزاعات الايديولوجية العقيمة التي تمزق لبنان حاليا.
ولا يجوز أن ينظر الى هذا الاصلاح المنشود على انه تهديد للطوائف اللبنانية الأخرى، ولا على أنه يستهدف مصالح القوى الخارجية، بل على العكس تماما، اذ ان تكريس الوحدة الوطنية اللبنانية هو اسهام كبير ورئيسي في تحقيق الاستقرار في المنطقة بأسرها.
وسيحتاج الملاك، بعصاه السحرية، أن يركز اهتمامه على علاج العلاقات اللبنانية السورية التي تعرضت، في السنتين الأخيرتين، الى التخريب والعطب، اذ لا يمكن التفكير في الفصل الدائم بين دمشق وبيروت، ذلك ان البلدين، «المنحوتين من ذات الجسد» لا غنى لأحدهما عن الآخر: هناك، وعبر الحدود المشتركة، روابط ووشائج، عائلية وانسانية وتجارية، كثيفة وعميقة بحيث يستحيل اجراء الطلاق بين البلدين. ولكن لا بد من اصلاح الأخطاء المرتكبة، للتغلب على العداء المستحكم بين البلدين، ولا بد من معاقبة المسؤولين عن الجرائم والتجاوزات في البلدين، وعلى سورية أن تعترف بسيادة لبنان واستقلاله، وعلى لبنان أن يعترف بمصالح سورية الاستراتيجية القائمة على رفض وجود قوى معادية في بيروت، ترى فيها دمشق تهديدا لأمنها القومي.
وقد ينصح الملاك، على الأغلب، أن يجتمع المسؤولون الكبار في البلدين - على مستوى وزاري رفيع - وفي أقرب وقت، وفي بلد محايد مثل سويسرا، لوضع نهاية رسمية لخلافاتهما، وللتوصل الى صيغة للتعايش المستقبلي. ولابد من اقامة علاقات ديبلوماسية بين البلدين على أساس الحوار، لا الاكراه والقسر، ولا بد من تبادل السفراء بين بيروت ودمشق.
التاريخ والجغرافيا يمليان علينا الاقرار بأن سورية ولبنان مرتبطان «بعلاقة خاصة» استثنائية في المنطقة، والمطلب العاجل والملح هو اقامة العلاقات بينهما على اسس صحية
قد يبدأ الملاك في لبنان، لأن أزمة هذا البلد، على رغم كل المظاهر، هي أسهل حلا من سواها، اذ يبدو ان جوهر الأزمة هو في كون الطائفة الشيعية المتمركزة، في غالبيتها، في جنوب لبنان، وفي ضاحية بيروت الجنوبية، قد حرمت من حقها المشروع في المشاركة في سلطة الدولة. لقد أهملتها الحكومة المركزية، بعد أن حصل لبنان على استقلاله منذ ستين عاما، وهمشتها، ولم تمنحها ما تستحقه من تمثيل في المؤسسات الرسمية، وهي اليوم تطالب باسترداد حقوقها المشروعة.
ان التمييز الذي عانى منه الشيعة يبرز اليوم بشكل أوضح بعد أن أصبحوا يشكلون أكبر طائفة في لبنان، وبعد أن نجحوا، فعليا، ووحدهم، في الدفاع عن لبنان، ضد الهجمات والاختراقات الاسرائيلية المتكررة منذ عام 1970 وحتى الآن. لقد بقي جنوب لبنان الميدان الرئيسي، في كل المواجهات العربية – الاسرائيلية، وكان الشيعة هم ضحايا الاختراقين الاسرائيليين للبنان في عامي 1978 و1982 كما كانوا الضحايا خلال الاحتلال الاسرائيلي لجنوب لبنان الذي دام 22 سنة، والهدف الرئيسي لحرب اسرائيل على «حزب الله» في الصيف المنصرم.
ان الميثاق الوطني اللبناني لعام 1943 - وهو الاتفاق الذي حدد اقتسام السلطة بين الموارنة والسنة، والذي تم تعديله في الطائف عام 1989 - لم يعد يعكس الحقائق والوقائع الديموغرافية والسياسية في لبنان، حاليا، والمطلوب هو ميثاق جديد يوفر تمثيلا أفضل لكل الطوائف في مؤسسات لبنان الرسمية.
يتوجب على لبنان، نظريا، أن يقرر الغاء النظام الطائفي كلية، لأنه كان سبب الكثير من النزاعات، ليحل مكانه نموذج جديد يقوم على «المواطنة العلمانية» التي تجيز لأي لبناني - ذكرا كان أم أنثى، مسيحيا كان أم مسلما - أن يصل الى أرفع مركز وموقع في السلطة.
وكان الرئيس السابق أمين الجميل قد اقترح في كانون الثاني (يناير) عام 1986 أن يتم انشاء منصب نائب لرئيس الجمهورية مخصص للشيعة، ولكن لم يؤخذ باقتراحه، واليوم هناك حاجة ماسة لاجراء اصلاح أكثر راديكالية، لتجاوز النزاعات الايديولوجية العقيمة التي تمزق لبنان حاليا.
ولا يجوز أن ينظر الى هذا الاصلاح المنشود على انه تهديد للطوائف اللبنانية الأخرى، ولا على أنه يستهدف مصالح القوى الخارجية، بل على العكس تماما، اذ ان تكريس الوحدة الوطنية اللبنانية هو اسهام كبير ورئيسي في تحقيق الاستقرار في المنطقة بأسرها.
وسيحتاج الملاك، بعصاه السحرية، أن يركز اهتمامه على علاج العلاقات اللبنانية السورية التي تعرضت، في السنتين الأخيرتين، الى التخريب والعطب، اذ لا يمكن التفكير في الفصل الدائم بين دمشق وبيروت، ذلك ان البلدين، «المنحوتين من ذات الجسد» لا غنى لأحدهما عن الآخر: هناك، وعبر الحدود المشتركة، روابط ووشائج، عائلية وانسانية وتجارية، كثيفة وعميقة بحيث يستحيل اجراء الطلاق بين البلدين. ولكن لا بد من اصلاح الأخطاء المرتكبة، للتغلب على العداء المستحكم بين البلدين، ولا بد من معاقبة المسؤولين عن الجرائم والتجاوزات في البلدين، وعلى سورية أن تعترف بسيادة لبنان واستقلاله، وعلى لبنان أن يعترف بمصالح سورية الاستراتيجية القائمة على رفض وجود قوى معادية في بيروت، ترى فيها دمشق تهديدا لأمنها القومي.
وقد ينصح الملاك، على الأغلب، أن يجتمع المسؤولون الكبار في البلدين - على مستوى وزاري رفيع - وفي أقرب وقت، وفي بلد محايد مثل سويسرا، لوضع نهاية رسمية لخلافاتهما، وللتوصل الى صيغة للتعايش المستقبلي. ولابد من اقامة علاقات ديبلوماسية بين البلدين على أساس الحوار، لا الاكراه والقسر، ولا بد من تبادل السفراء بين بيروت ودمشق.
التاريخ والجغرافيا يمليان علينا الاقرار بأن سورية ولبنان مرتبطان «بعلاقة خاصة» استثنائية في المنطقة، والمطلب العاجل والملح هو اقامة العلاقات بينهما على اسس صحية