Moonlights
20/11/2007, 21:21
حول الأدب الإيروتيكي ـ سحبان سوح
حين صرخت إنانا أحرث لي فرجي يا رجل قلبي .. هل كانت تهدف لإثارة الغرائز ??!!!!
في اعتقادي أن المجتمع وضع قوانينه معتمدا كل في بلده على الدين الذي يتبع له .. وبالتالي في فترة ما كانت الكنيسة مسيطرة كان من المحظر الحديث في الجنس. بينما قبل الكنيسة بآلاف السنين صرخت عشتار .. أو إنانا .. أحرث لي فرجي .. ولهذا أيضا منعت الدول الإسلامية في وقت ما الحديث في الجنس بينما كان الحديث عنه يقوم به رجال دين محترمون ولهم مكانتهم في التاريخ .. من هنا يجب أن نكون حذرين جدا حين نتخذ موقفا من الأدب الإيروتيكي ونجرم أو ندين .. أو نصف بقلة الموهبة هؤلاء الذين يكتبون في الإيروتيك .. أقول هذا وقد قرأت متأخرا ملف أدب غرف النوم في ملحق الثورة الثقافي .. واستخدمت بعضا مما جاء فيه كحوار متخيل بين مجموعة من الكتاب والنقاد المعارضين لهذا الأدب ..
لأقول .. أننا نعيش الجنس .. ونرى المرأة والمرأة ترانا بكل الحالات الإنسانية في الخيال وفي الواقع .. فلماذا حين نتكلم عنه يحظر البعض ذلك .
أتخيل مجموعة من الكتاب والنقاد .. يجتمعون في مقهى الروضة في شارع العابد كل يوم تقريبا ..ويجلسون أمام النافذة الزجاجية العريضة .. بحيث يراقبون الشارع .. ويتناولون بالانتقاد المارة .. من جميع أجناسهم وصفاتهم .. طبعا على هامش أحاديثهم الثقافية .. التي تتنوع في البداية ثم تصبح مملة ومكرورة .. ورغم ذلك يستمرون في هذه الجلسات فقط ليشعروا أنهم ما يزالون أحياء ويمارسون حياتهم الثقافية بامتياز..
في جلسة ذالك اليوم .. كان حديثهم الثقافي يدور عن الإيروتيك والأدب الإيروتيكي .. تقترب الكاميرا منهم فترى العبوس على وجوه الجميع فيما أحدهم يقول بصوت عال:
مشكلة هذا النمط من الأدب أنه أدب رواجه مؤقت لأن افتعال الجرأة وتصنيع التابو استجداء للشهرة بكل الأحوال لن يجعله في مصاف الأدباء الكبار ..المعلمين ؟ فالكتابة في الجنس مسألة حساسة تحتاج إلى ذكاء وذائقة سليمة وقلم يمتلك فنية هائلة بوسعه أن يقتنص اللحظة الغرامية بلحظة شهوة صحيحة تأتي بسياقها الطبيعي ،مثال ذلك وهذا رأيي الشخصي .من أجمل الأقلام التي استطاعت مقاربة غرف النوم هو قلم ماريو بارغاس يوسا ...فنقل ما يحدث في غرفة نوم مسألة مهمة تمتلك جمالياتها الخاصة يفترض أن لا يستهان بها وإلا فإن النتيجة ستكون مثل فيلم عربي رخيص هابط ملئ بالراقصات ومشاهد ساخنة في الكبريهات ...وهذا ما يحدث مؤخرا في روايات الموجة إن صح التعبير ؟! عاجلا أم أجلا سيكتشف أولئك (المجربون)أن الأدب لا يحتمل المزاح بشأن الموهبة إما أن تكون موهوبا أو لا تكون ،إما تبدع في كل ما تكتب أولن تبدع مهما قلل الكاتب المفترض«أدبه»ظناً منه أنه يخترق تابو...الأدب للعمالقة ؟! والزمن ذكي جداً؟؟ أثناء حديثه الجاد والرزين كانت تمر باستمرار امرأة أو فتاة أو مجموعة من النساء والفتيات متبرجات جميلات تظهر أنوثتهن بشكل واضح .. فينسى الجالسون المتحدث ويستديرون بكليتهم إلى هؤلاء النسوة والشبق بعلو وجوههم ومعهم المتحدث الذي يتابع حديثه وهو ينظر بشبق إلى المارات أمام عينيه.
ينتهي المتحدث ليبدأ المتحدث الثاني تراه يشن هجوما شرسا على هذا الأدب قليل الأدب ونسمعه يقول .. الكاميرا في لقطة قريبة هؤلاء ليسوا كتابا وإنما هم أنصاف كتاب لم يفلحوا نساء ورجالا في أن يؤسسوا لأنفسهم مكانا في في عالم الرواية الحديثة فاجترحت قريحتهم روايات بورنو بامتياز، إلى درجة دفعتني إحداها، إلى توصيفها على أنها مجرد مذكرات مومس تروي حكاياتها مع عشاقها العابرين، بينما خلا النص الذي اسمه (رواية) من أي خصوصية فنية أو تقنية أو إنسانية، يمكن من خلالها التعامل معها، بوصفها عملاً فنياً محضاً، بغض النظر عن الموضوع.
في هذه اللحظة تمر امرأة .. سيدة جميلة، مرتدية الجينز الضيق .. الكاميرا من وجهة نظره بعد لقطة توضح أنه ينظر إليها بشبق وعيونه تتابع حركة مؤخرتها البارزة نسمع صوته على مؤخرة المرأة البارزة " لقد كان الأدب على مرّ العصور، وسيلة تعبير وتأريخاً لحياة الأفراد والشعوب، والجنس جزء لا يتجزأ من هذه الوسيلة، لكن من المؤسف حقاً أن تتحول غرف النوم إلى فضاء روائي، ليس قبله ولا بعده، فضاء ضيق لا يتسع إلا لأنّات النساء وفحولة الرجال، مع بضع مفردات وتوصيفات مفتعلة، أقل ما توصف به، أنها وضيعة وتدفع القارئ إلى الاشمئزاز والقرف. وما جعل أدب غرف النوم هذا محط اهتمام وملاحقة، هو عمليات التضييق والمنع التي يتعرض لها، وأظن أنه لو أتيح للقارئ الاطلاع على هذا (الأدب) دون رقابة ومنع ومصادرة، فإنه سيصبح ذات يوم قريب جداً، مجرد سقط متاع لا يُقبل عليه أحد، لأنه ببساطة ،أدب طارئ، يعيش حالة مؤقتة طارئة، سرعان ما يضمحل ويختفي، مع اختفاء وزوال دوافعه وأسبابه. فيعد أن يختفي جسد المرأة البض تعود إليه الكاميرا وقد انتهى من حديثه فيما يبدو السرور على وجوه رفاقه في الحملة .. فينبري ثالث إذا استثنينا الأدب الغربي الذي من الممكن أن يكون أثر في هؤلاء فلا شك أن أحد هؤلاء فوجئ بنص الكاتبة الجزائرية في طرحها للغة وعواطف كان قد حرمها، فطار عقله، وعقل – فيما بعد – بعض الكتّاب والكاتبات غير الواثقين من هدفهم من الكتابة، فانتشرت موضة الكتابة عن الجسد وأعضاء الجسد، ولغة الجسد، وليل الجسد، وصراخ الجسد، وأنين الجسد، و ...... في هذه اللحظة تمر فتاتان فتطير عيون الجالسين إليهما .. تتابعهما بشغف وشبق ظاهرين ويهمس واحد لآخر هما الأفرب إلى النافذة .. أنظر .. أنظر .. يا الله يكاد عضوها يظهر من خلف ملابسها الضيقة ... آآآآآ لو يتركوني معها بضع دقائق فقط .. لقطة لزميله وهو يتابع وقد عقد لسانه.. ولكن المتحدث يستمر ويضيف الألعن أن المترجمين بدأوا بترجمة كونديرا، وكونديرا كاتب مثقف ثقافة تختزل الحضارة الغربية بيهوديتها ومسيحيتها وإغريقيتها ولاتينيتها ومعاصرتها وهو في رواياته يحاول اختصار الحضارة كلها في رواية، وحتى يمرر كل هذه الوجبة الدسمة من الفكر فهو يضيف إليها بعض البهارات من الحديث عن الجنس، والحديث عن الجنس في الحضارة الغربية المعاصرة غير مضمخ بالحرام ولا بالتابو. إنه حديث الحضارتين العباسية والأندلسية عن الجسد وعن الجنس دون تعظيم ولا تقزيم، بل هو جزء من الحياة و.. لا شيء آخر. الكاتب يتابع كلامه ولكن اللقطة تتحول إلى جهة أخرى من الطاولة .. لقطة من تحت الطاولة .. أحدهم مرر سي دي أو دي في دي .. ليد الأخر لقطة لهما متقاربان وأحدهما يهمس : الفيلم فعلا مدبلج ..ولو يقول الآخر وهل سأكذب عليك .. وبأحلى الكلمات الجنسية التي بيحبها قلبك .. الثاني فرحا .. هي ما راح بنسالك ياها .. ما راح بنسالك ياها بنوب .. تعود الكاميرا إلى المتحدث وهو يقول ولكن للأسف الشديد قام قراؤنا – الكتّاب بالتنازل عن الثقافة والحضارة والفلسفة لدى كونديرا ولم يقرأوا إلا حديثه عن الجنس والجسد، وبدأت موضة لست أدري متى يسأم الكتّاب منها، ولكنهم سيسأمون. أنا أعرف ذلك وسيكتشفون أن الحديث عن الجسد مماثل للحديث عن الطعام والزهور وهذا ليس هدفاً في حد ذاته، بل وسيلة لهدف.. متى.. سيعيدون قراءة ابن حزم وألف ليلة وكونديرا ويهضمون كل هذا ليتجاوزوا كاساندرا ويعودون ثانية إلى حرم الأدب.. أرجو أن يتم هذا قريباً، فلقد سئمنا روائح الجسد ونريد عطر الجسد بعد إكسائه بثياب جمال الأدب. وفي هذا الموضوع تبرز الغرائز والأهواء ، ويصبح الجنس هدفاً بذاته يسعى إليه الكاتب ، ولا يسعى إلى شيء سواه ، يغوص في الشخصية فلا تجد عنده إلا الجنس ، فيخرجه وينثره على الورق ، كأنما يريد أن يشعل فينا ناراً مخمدة انطفأت منذ مدة ، فتشتعل نفوسنا وتتهيج أرواحنا ونتابعه بعصبية وانفعال إلى أن يصل إلى الغاية التي ينشدها ، وهي تدميرنا وتدمير ذواتنا ، كنا نقرؤه عندما كنا شباباً في مرحلة المراهقة ، نخفي الكتب الجنسية ، وإن وجدنا الأمن مستتباً أخرجنا هذه الكتب وأسرعنا في قراءتها ، فتهجينا إلى درجة الانشغال عن كل ما سواها ، وحينئذ ترانا وقد أخذ بنا الشوق إلى المرأة كل مأخذ وصارت المرأة المتخيلة هي هدف نسعى إليه ، فنجمع غرائزنا واحتقاناتنا وكبتنا وأهواءنا ولا نرخي أنفسنا حتى نرتاح . هذا الموضوع هو أدب ، لكن يسمونه في بلادنا أدب ساقط ، أدب منحط وسافل . لذلك نجد كل شعوب الأرض عندها مثل هذا الأدب ، أمّا نحن ، فنميزه بأن نبتعد عنه قدر الإمكان ، مع أنه كان لدينا في القديم ، مثل هذه الصناعة ، وقد درجت إحدى الدور على نشر عدداً من الكتب الخاصة بهذا الأدب .
ما أردت قوله في ما كتبته لا يحتاج إلى شرح .. ولكن لابد من القول أن الجنس .. علاقة المرأة بالرجل ، علاقة الرجل بالمرأة هي شيء إنساني .. شي نعيشه في غرف نومنا ونحن نغلق الأبواب .. ولكننا نخجل من الحديث عنه أو الكتابة فيه .. لماذا .. ؟؟؟ سؤال وجيه .. أنا لا أقول أن نكتب بورنو .. أو سيناريو فيلم جنسي .. أنا أقول أن نكتب في الجنس .. في جماليات الجسد البشري مذكرا ومؤنثا وكما فعل الذين سبقونا .. هناك بعض ممن سبقونا كتبوا الأدب الفاضح .. البورنو .. الجنس المباشر .. فرفضه الشارع ولكن الذين كتبوا بشكل جميل .. وواضح في الوقت نفسه خلد منذ الأزل وإلى اليوم أليست عشتار تصرخ في المعابد هل لي بمن يحرث فرجي .. وحفرت على الرقم ووصلت إلينا .. وتداولناها ..
لا يحق لأحد أن يقول عن الأدب الإيروتيكي أنه أدب مقبول أو غير مقبول من حقه فقط .. أن يقرأ أو لايقرأ ..
حين صرخت إنانا أحرث لي فرجي يا رجل قلبي .. هل كانت تهدف لإثارة الغرائز ??!!!!
في اعتقادي أن المجتمع وضع قوانينه معتمدا كل في بلده على الدين الذي يتبع له .. وبالتالي في فترة ما كانت الكنيسة مسيطرة كان من المحظر الحديث في الجنس. بينما قبل الكنيسة بآلاف السنين صرخت عشتار .. أو إنانا .. أحرث لي فرجي .. ولهذا أيضا منعت الدول الإسلامية في وقت ما الحديث في الجنس بينما كان الحديث عنه يقوم به رجال دين محترمون ولهم مكانتهم في التاريخ .. من هنا يجب أن نكون حذرين جدا حين نتخذ موقفا من الأدب الإيروتيكي ونجرم أو ندين .. أو نصف بقلة الموهبة هؤلاء الذين يكتبون في الإيروتيك .. أقول هذا وقد قرأت متأخرا ملف أدب غرف النوم في ملحق الثورة الثقافي .. واستخدمت بعضا مما جاء فيه كحوار متخيل بين مجموعة من الكتاب والنقاد المعارضين لهذا الأدب ..
لأقول .. أننا نعيش الجنس .. ونرى المرأة والمرأة ترانا بكل الحالات الإنسانية في الخيال وفي الواقع .. فلماذا حين نتكلم عنه يحظر البعض ذلك .
أتخيل مجموعة من الكتاب والنقاد .. يجتمعون في مقهى الروضة في شارع العابد كل يوم تقريبا ..ويجلسون أمام النافذة الزجاجية العريضة .. بحيث يراقبون الشارع .. ويتناولون بالانتقاد المارة .. من جميع أجناسهم وصفاتهم .. طبعا على هامش أحاديثهم الثقافية .. التي تتنوع في البداية ثم تصبح مملة ومكرورة .. ورغم ذلك يستمرون في هذه الجلسات فقط ليشعروا أنهم ما يزالون أحياء ويمارسون حياتهم الثقافية بامتياز..
في جلسة ذالك اليوم .. كان حديثهم الثقافي يدور عن الإيروتيك والأدب الإيروتيكي .. تقترب الكاميرا منهم فترى العبوس على وجوه الجميع فيما أحدهم يقول بصوت عال:
مشكلة هذا النمط من الأدب أنه أدب رواجه مؤقت لأن افتعال الجرأة وتصنيع التابو استجداء للشهرة بكل الأحوال لن يجعله في مصاف الأدباء الكبار ..المعلمين ؟ فالكتابة في الجنس مسألة حساسة تحتاج إلى ذكاء وذائقة سليمة وقلم يمتلك فنية هائلة بوسعه أن يقتنص اللحظة الغرامية بلحظة شهوة صحيحة تأتي بسياقها الطبيعي ،مثال ذلك وهذا رأيي الشخصي .من أجمل الأقلام التي استطاعت مقاربة غرف النوم هو قلم ماريو بارغاس يوسا ...فنقل ما يحدث في غرفة نوم مسألة مهمة تمتلك جمالياتها الخاصة يفترض أن لا يستهان بها وإلا فإن النتيجة ستكون مثل فيلم عربي رخيص هابط ملئ بالراقصات ومشاهد ساخنة في الكبريهات ...وهذا ما يحدث مؤخرا في روايات الموجة إن صح التعبير ؟! عاجلا أم أجلا سيكتشف أولئك (المجربون)أن الأدب لا يحتمل المزاح بشأن الموهبة إما أن تكون موهوبا أو لا تكون ،إما تبدع في كل ما تكتب أولن تبدع مهما قلل الكاتب المفترض«أدبه»ظناً منه أنه يخترق تابو...الأدب للعمالقة ؟! والزمن ذكي جداً؟؟ أثناء حديثه الجاد والرزين كانت تمر باستمرار امرأة أو فتاة أو مجموعة من النساء والفتيات متبرجات جميلات تظهر أنوثتهن بشكل واضح .. فينسى الجالسون المتحدث ويستديرون بكليتهم إلى هؤلاء النسوة والشبق بعلو وجوههم ومعهم المتحدث الذي يتابع حديثه وهو ينظر بشبق إلى المارات أمام عينيه.
ينتهي المتحدث ليبدأ المتحدث الثاني تراه يشن هجوما شرسا على هذا الأدب قليل الأدب ونسمعه يقول .. الكاميرا في لقطة قريبة هؤلاء ليسوا كتابا وإنما هم أنصاف كتاب لم يفلحوا نساء ورجالا في أن يؤسسوا لأنفسهم مكانا في في عالم الرواية الحديثة فاجترحت قريحتهم روايات بورنو بامتياز، إلى درجة دفعتني إحداها، إلى توصيفها على أنها مجرد مذكرات مومس تروي حكاياتها مع عشاقها العابرين، بينما خلا النص الذي اسمه (رواية) من أي خصوصية فنية أو تقنية أو إنسانية، يمكن من خلالها التعامل معها، بوصفها عملاً فنياً محضاً، بغض النظر عن الموضوع.
في هذه اللحظة تمر امرأة .. سيدة جميلة، مرتدية الجينز الضيق .. الكاميرا من وجهة نظره بعد لقطة توضح أنه ينظر إليها بشبق وعيونه تتابع حركة مؤخرتها البارزة نسمع صوته على مؤخرة المرأة البارزة " لقد كان الأدب على مرّ العصور، وسيلة تعبير وتأريخاً لحياة الأفراد والشعوب، والجنس جزء لا يتجزأ من هذه الوسيلة، لكن من المؤسف حقاً أن تتحول غرف النوم إلى فضاء روائي، ليس قبله ولا بعده، فضاء ضيق لا يتسع إلا لأنّات النساء وفحولة الرجال، مع بضع مفردات وتوصيفات مفتعلة، أقل ما توصف به، أنها وضيعة وتدفع القارئ إلى الاشمئزاز والقرف. وما جعل أدب غرف النوم هذا محط اهتمام وملاحقة، هو عمليات التضييق والمنع التي يتعرض لها، وأظن أنه لو أتيح للقارئ الاطلاع على هذا (الأدب) دون رقابة ومنع ومصادرة، فإنه سيصبح ذات يوم قريب جداً، مجرد سقط متاع لا يُقبل عليه أحد، لأنه ببساطة ،أدب طارئ، يعيش حالة مؤقتة طارئة، سرعان ما يضمحل ويختفي، مع اختفاء وزوال دوافعه وأسبابه. فيعد أن يختفي جسد المرأة البض تعود إليه الكاميرا وقد انتهى من حديثه فيما يبدو السرور على وجوه رفاقه في الحملة .. فينبري ثالث إذا استثنينا الأدب الغربي الذي من الممكن أن يكون أثر في هؤلاء فلا شك أن أحد هؤلاء فوجئ بنص الكاتبة الجزائرية في طرحها للغة وعواطف كان قد حرمها، فطار عقله، وعقل – فيما بعد – بعض الكتّاب والكاتبات غير الواثقين من هدفهم من الكتابة، فانتشرت موضة الكتابة عن الجسد وأعضاء الجسد، ولغة الجسد، وليل الجسد، وصراخ الجسد، وأنين الجسد، و ...... في هذه اللحظة تمر فتاتان فتطير عيون الجالسين إليهما .. تتابعهما بشغف وشبق ظاهرين ويهمس واحد لآخر هما الأفرب إلى النافذة .. أنظر .. أنظر .. يا الله يكاد عضوها يظهر من خلف ملابسها الضيقة ... آآآآآ لو يتركوني معها بضع دقائق فقط .. لقطة لزميله وهو يتابع وقد عقد لسانه.. ولكن المتحدث يستمر ويضيف الألعن أن المترجمين بدأوا بترجمة كونديرا، وكونديرا كاتب مثقف ثقافة تختزل الحضارة الغربية بيهوديتها ومسيحيتها وإغريقيتها ولاتينيتها ومعاصرتها وهو في رواياته يحاول اختصار الحضارة كلها في رواية، وحتى يمرر كل هذه الوجبة الدسمة من الفكر فهو يضيف إليها بعض البهارات من الحديث عن الجنس، والحديث عن الجنس في الحضارة الغربية المعاصرة غير مضمخ بالحرام ولا بالتابو. إنه حديث الحضارتين العباسية والأندلسية عن الجسد وعن الجنس دون تعظيم ولا تقزيم، بل هو جزء من الحياة و.. لا شيء آخر. الكاتب يتابع كلامه ولكن اللقطة تتحول إلى جهة أخرى من الطاولة .. لقطة من تحت الطاولة .. أحدهم مرر سي دي أو دي في دي .. ليد الأخر لقطة لهما متقاربان وأحدهما يهمس : الفيلم فعلا مدبلج ..ولو يقول الآخر وهل سأكذب عليك .. وبأحلى الكلمات الجنسية التي بيحبها قلبك .. الثاني فرحا .. هي ما راح بنسالك ياها .. ما راح بنسالك ياها بنوب .. تعود الكاميرا إلى المتحدث وهو يقول ولكن للأسف الشديد قام قراؤنا – الكتّاب بالتنازل عن الثقافة والحضارة والفلسفة لدى كونديرا ولم يقرأوا إلا حديثه عن الجنس والجسد، وبدأت موضة لست أدري متى يسأم الكتّاب منها، ولكنهم سيسأمون. أنا أعرف ذلك وسيكتشفون أن الحديث عن الجسد مماثل للحديث عن الطعام والزهور وهذا ليس هدفاً في حد ذاته، بل وسيلة لهدف.. متى.. سيعيدون قراءة ابن حزم وألف ليلة وكونديرا ويهضمون كل هذا ليتجاوزوا كاساندرا ويعودون ثانية إلى حرم الأدب.. أرجو أن يتم هذا قريباً، فلقد سئمنا روائح الجسد ونريد عطر الجسد بعد إكسائه بثياب جمال الأدب. وفي هذا الموضوع تبرز الغرائز والأهواء ، ويصبح الجنس هدفاً بذاته يسعى إليه الكاتب ، ولا يسعى إلى شيء سواه ، يغوص في الشخصية فلا تجد عنده إلا الجنس ، فيخرجه وينثره على الورق ، كأنما يريد أن يشعل فينا ناراً مخمدة انطفأت منذ مدة ، فتشتعل نفوسنا وتتهيج أرواحنا ونتابعه بعصبية وانفعال إلى أن يصل إلى الغاية التي ينشدها ، وهي تدميرنا وتدمير ذواتنا ، كنا نقرؤه عندما كنا شباباً في مرحلة المراهقة ، نخفي الكتب الجنسية ، وإن وجدنا الأمن مستتباً أخرجنا هذه الكتب وأسرعنا في قراءتها ، فتهجينا إلى درجة الانشغال عن كل ما سواها ، وحينئذ ترانا وقد أخذ بنا الشوق إلى المرأة كل مأخذ وصارت المرأة المتخيلة هي هدف نسعى إليه ، فنجمع غرائزنا واحتقاناتنا وكبتنا وأهواءنا ولا نرخي أنفسنا حتى نرتاح . هذا الموضوع هو أدب ، لكن يسمونه في بلادنا أدب ساقط ، أدب منحط وسافل . لذلك نجد كل شعوب الأرض عندها مثل هذا الأدب ، أمّا نحن ، فنميزه بأن نبتعد عنه قدر الإمكان ، مع أنه كان لدينا في القديم ، مثل هذه الصناعة ، وقد درجت إحدى الدور على نشر عدداً من الكتب الخاصة بهذا الأدب .
ما أردت قوله في ما كتبته لا يحتاج إلى شرح .. ولكن لابد من القول أن الجنس .. علاقة المرأة بالرجل ، علاقة الرجل بالمرأة هي شيء إنساني .. شي نعيشه في غرف نومنا ونحن نغلق الأبواب .. ولكننا نخجل من الحديث عنه أو الكتابة فيه .. لماذا .. ؟؟؟ سؤال وجيه .. أنا لا أقول أن نكتب بورنو .. أو سيناريو فيلم جنسي .. أنا أقول أن نكتب في الجنس .. في جماليات الجسد البشري مذكرا ومؤنثا وكما فعل الذين سبقونا .. هناك بعض ممن سبقونا كتبوا الأدب الفاضح .. البورنو .. الجنس المباشر .. فرفضه الشارع ولكن الذين كتبوا بشكل جميل .. وواضح في الوقت نفسه خلد منذ الأزل وإلى اليوم أليست عشتار تصرخ في المعابد هل لي بمن يحرث فرجي .. وحفرت على الرقم ووصلت إلينا .. وتداولناها ..
لا يحق لأحد أن يقول عن الأدب الإيروتيكي أنه أدب مقبول أو غير مقبول من حقه فقط .. أن يقرأ أو لايقرأ ..