-
دخول

عرض كامل الموضوع : مدخل إلى الاشتراكية العلمية لأرناست مندال


verocchio
17/11/2007, 16:07
هذا المدخل إلى الماركسية هو نتاج تجارب دروس عديدة ألقيت في مناضلين شباب، في لحظات مختلفة من السنوات الخمس عشرة الأخيرة. وهو مرتبط بالاحتياجات التربوية التي لمسناها والتي قد تختلف من بلد إلى آخر ومن وسط إلى آخر. لذا لا ندّعي البتة أنه مدخل « نموذجي ».
وهو، فضلا عن كونه يتضمن العناصر الأساسية في نظرية المادية التاريخية والنظرية الاقتصادية الماركسية وتاريخ الحركة العمالية وقضايا استراتيجية الحركة العمالية المعاصرة وتكتيكها، يحتوي على « ابتكار » يبدو محيّرا للوهلة الأولى: فإن الفصل المتعلق بالديالكتيك المادي والفصل الذي يعرض عرضا منهجيا نظرية المادية التاريخية يردان في نهاية الكتاب وليس في بدايته.
طبعا، ليس هذا الابتكار « مراجعة منهجية »، بل هو عبرة مستمدة من ملاحظة اختبارية: أن عرضا حول الدياليكتيك يصلح فاتحة لمدرسة تكوين كوادر أكثر مما لمدرسة مناضلين مبتدئين. فهؤلاء يستوعبون النظرية بصورة أفضل إذا شُرحت لهم بشكل ملموس إلى أبعد حد ممكن. وانه لأفضل بالتالي الانطلاق مما يستطيع المرء التأكد منه مباشرة - التفاوت الاجتماعي، النضال الطبقي، الاستغلال الرأسمالي - وصولا إلى مفاهيم الديالكتيك الأكثر تجريدا وأساسية، بوصفها المنطق العام للحركة والتناقض، وذلك بعد توضيح حركة المجتمع والتناقضات التي تمزقه.
ليس في الأمر سوى اختيار مبني على خبرة تربوية شخصية. ومن البديهي أن تجارب أخرى قد تؤدي إلى استنتاجات مختلفة. هذا ونبقى على استعداد للعودة إلى بنية أكثر تقليدية لهذا المدخل، إذا أثبت لنا، على ضوء تجارب، أن طريقة العرض التقليدية تسمح لمناضلي القاعدة أن يستوعبوا جوهر الماركسية بصورة أفضل. بيد أننا نجيز لنفسنا أن نشك في هذا الأمر في الوقت الراهن

verocchio
17/11/2007, 16:07
- التفاوت الاجتماعي في المجتمع الرأسمالي المعاصر


في بلجيكا، يوجد توزيع هرمي للثروة وللسلطة الاجتماعية. ففي قاعدة هذا الهرم، نجد ثلث المواطنين لا يملكون شيئا سوى ما يكسبونه ويصرفونه، سنة بعد سنة. إنهم غير قادرين على الادّخار ولا على التملك. وفي قمة الهرم، نجد 4% من المواطنين يملكون نصف الثروة القومية الخاصة. إن ما يقل عن 1% من البلجيكيين يملكون أكثر من نصف ثروة البلاد المنقولة. وبينهم 200 عائلة تتحكم بالشركات الكبرى (holdings) التي تسيطر على مجمل الحياة الاقتصادية القومية.
إن دراسة نشرها حديثا معهد الإحصاءات والدراسات الاقتصادية القومي أشارت إلى أن 50% من الأمة الفرنسية لم يكونوا يملكون أكثر من 5% من الثروة القومية عام 1975، بينما نصف هذه الثروة بين أيدي أقل من 10% من الأسر، وذلك مع حسبان المساكن وودائع صناديق التوفير في فئة « الثروات ». أمّا ثروة 1% من الأسر الأكثر ثراء فقد ازدادت بين عامي 1949 و1975 بوثيرة مقدارها ضعفا ثروة الأسر ذات المداخيل المتواضعة.
أما في الولايات المتحدة، فقد جاء في تقدير إحدى لجان مجلس الشيوخ أن ما يقل عن 1% من العائلات الأمريكية تملك 10% من جميع أسهم الشركات المساهمة، وأن 0,2% من العائلات تملك أكثر من ثلثي هذه الأسهم. وفي سويسرا، يملك 2% من السكان أكثر من 67% من الثروة الخاصة.
ولما كان مجمل الصناعة والقطاع المالي الأمريكيين (عدا بعض الاستثناءات) منظما على أساس « الشركة المغفلة »، نستطيع القول أن لدى 99% من المواطنين الأمريكيين سلطة اقتصادية أدنى مما لدى 0,1% من السكان.
ليس تفاوت المداخيل والثروات واقعا اقتصاديا وحسب، بل يستتبع تفاوتا في احتمالات البقاء، تفاوتا أمام الموت. هكذا نجد أن معدل وفيات الأطفال كان في عائلات العمال غير المتخصصين، في بريطانيا، قبل الحرب، أكثر من ضعفي ما كان في العائلات البورجوازية. وتشير إحصائية رسمية إلى أن معدل وفيات الأطفال ارتفع في فرنسا، سنة 1951، إلى 19,1 وفات لكل ألف ولادة في المهن الحرة، و23,9 وفاة في البورجوازية الرأسمالية، و28,2 وفاة عند موظفي التجارة، و34,5 وفاة عند التجار، و36,4 وفاة عند الحرفيين، و42,5 وفاة عند العمال المتخصصين، و 44,9 وفاة الفلاحين والعمال الزراعيين، و51,9 وفاة عند العمال نصف المتخصصين و61,7 وفاة عند العمال غير المتخصصين ! هذه النسب لم تتغير عمليا حتى اليوم، بالرغم من أن معدل وفيات الأطفال قد انخفض في جميع الفئات.
وقد نشرت مؤخرا الصحيفة البلجيكية المحافظة « لاليبر بلجيك » دراسة مكربة تتعلق بتكوّن اللغة عند الطفل. تؤكد هذه الدراسة أن العبء الإضافي الذي غالبا ما يعاني منه طفل عائلة فقيرة خلال السنتين الأوليين من حياته، من جراء التخلف الثقافي الذي يفرضه المجتمع الطبقي، هذا العبء يجرّ عواقب دائمة من حيث إمكانية استيعاب مواضيع علمية، وهي عواقب لا يستطيع تعليم « متساو »، لا يقصد التعويض قصدا، أن يبطلها. فإن عبارة الروائي التي تقول أن التفاوت الاجتماعي يخنق تطور ألوف من أمثال موزار وشيكسبير وأينشتاين بين أولاد الشعب، هذه العبارة ما زالت صحيحة للأسف حتى في عصر دولة الخدمات الاجتماعية (Welfare state) !

verocchio
17/11/2007, 16:07
وفي عصرنا هذا، لا يتوجب علينا أن نأخذ بعين الاعتبار الفروقات الاجتماعية القائمة داخل كل بلد وحسب. بل يهم أن نأخذ أيضا بعين الاعتبار التفاوت القائم بين عدد قليل من البلدان المتقدمة صناعيا والقسم الأعظم من البشرية الذي يعيش في البلدان المسماة بالمتخلفة (البلدان المستعمَرة والشبه المستعمَرة).
فالولايات المتحدة تنتج أكثر من نصف الإنتاج الصناعي وتستهلك أكثر من نصف العديد من المواد الأولية الصناعية في العالم الرأسمالي. ويتصرف 550 مليونا من الهنود بكميات من الفولاذ والطاقة تقل عما يتصرف به 9 ملايين من البلجيكيين. أمّا الدخل الفردي الواقعي في أفقر بلدان العالم فلا يتعدى 8% من الدخل الفردي في البلدان الأخرى. ولا يحصل 67% من سكان الكرة الأرضية سوى على 15% من الدخل العالمي. وفي الهند، يبلغ عدد الأمهات اللواتي يمتن من جراء العواقب المباشرة للأمومة، في مقابل كل 100 ألف ولادة، ثلاثين ضعف عددهن في الولايات المتحدة.
نتائج: يأكل المواطن الهندي كل يوم ما لا يزيد عن نصف الحراريات التي يتناولها مواطن البلدان المتقدمة في الغرب. والعمر المتوسط الذي يتعدى 65 عاما في الغرب، ليصل إلى 70 عاما في بعض البلدان، يكاد لا يبلغ 30 عاما في الهند.

verocchio
17/11/2007, 16:08
- التفاوت الاجتماعي في المجتمعات السابقة


نجد تفاوتا اجتماعيا مماثلا للذي هو قائم في العالم الرأسمالي، في جميع المجتمعات السابقة التي تعاقبت خلال التاريخ (أي خلال تلك المرحلة من وجود البشرية على الأرض، التي نملك عنها شهادات خطية).
هاكم وصفا لبؤس الفلاحين الفرنسيين في نهاية القرن 17 نقلناه عن « أطباع » لا برويير [20]:
« نرى بعض الحيوانات المتوحشة، ذكورا وإناثا، منتشرة في الريف، سوداء، دكناء، حرقتها الشمس، مرتبطة بالأرض التي تنبشها وتحركها بمثابرة لا تقهر. لها ما يشبه الصوت الناطق، وعندما تقف على أرجلها، تظهر وجها إنسانيا وهي بالفعل من البشر. ينسحبون عند المساء إلى أوكار، حيث يعيشون من الخبز الأسود والماء والجذور… ».
قارنوا هذه الصورة عن فلاحي ذلك العصر بصورة الحفلات الباهرة التي أقامها لويس الرابع عشر [21] في حديقة قصر فرساي، قارنوها بتخمة النبلاء وإسراف الملك، تكونون قد رسمتم صورة أخّاذة عن التفاوت الاجتماعي.
في مجتمع بداية العصر الوسيط [22] الذي شهد هيمنة القنانة، كان السيد النبيل يستأثر في معظم الأحيان بنصف عمل الفلاحين الأقنان أو بنصف محصولهم. وكان ثمة أسياد عديدون يعمل على أرضهم مئات بل ألوف الأقنان. فكان كل سيد يحصل سنويا على ما يساوي محصول مئات بل ألوف الفلاحين.
وكان الأمر على هذه الصورة في شتى مجتمعات الشرق الكلاسيكي (مصر، سومر، بابل، فارس، الهند، الصين، الخ) حيث كان المجتمع قائما على الزراعة وكان الملاك العقاريون أمّا أسيادا أو ملوكا (يمثلهم كتبة وكلاء لمصلحة الضرائب الملكية).
لقد ترك لنا كتاب « هجاء المهن » الذي كـُتب في مصر الفرعونية، قبل 3500 عام، صورة عن الفلاحين الذين استغلهم هؤلاء الكتبة الملكيون وقد قارنهم المزارعون الناقمون بالحيوانات الضارة والحشرات الطفيلية

verocchio
17/11/2007, 16:08
- التفاوت الاجتماعي والتفاوت الطبقي

ليست كل تفاوت اجتماعي بتفاوت طبقي. فإن الفرق بين أجر عامل غير متخصص وأجر عامل ذي اختصاص عال لا يجعل منهما عضوي طبقتين اجتماعيتين مختلفتين.
إن التفاوت الاجتماعي تفاوت يمد جذوره في بنية الحياة الاقتصادية وسيرها الطبيعي، وتحافظ عليه المؤسسات الاجتماعية والقانونية الرئيسية في عصره، وتزيد من حدته.
فلنوضح هذا التعريف ببعض الأمثلة:
لكي يصبح المرء رب عمل كبير في بلجيكا، عليه جمع رساميل تقدر بنصف مليون فرنك [23] مقابل كل عامل يجري استئجاره. إن مصنعا صغيرا يستخدم 100 عامل يتطلب بالتالي جمع رأسمال لا يقل عن 100 مليون فرنك. والحال أن أجر العامل الصافي لا يتعدى أبدا تقريبا 200 ألف فرنك سنويا فحتى إذا عمل خمسين عاما دون أن يصرف فلسا واحدا للأكل والعيش، لا يستطيع العامل جمع ما يكفي من المال ليصبح رأسماليا. فالعمل المأجور، الذي هو أحد ميزات بنية الاقتصاد الرأسمالي، يشكل إذا أحد جذور انقسام المجتمع الرأسمالي إلى طبقتين مختلفتين بالأساس: الطبقة العاملة التي لا تستطيع أبدا أن تصبح بواسطة مداخيلها مالكة وسائل إنتاج، وطبقة مالكي وسائل الإنتاج أو الرأسماليين.
صحيح أنه يوجد إلى جانب الرأسماليين بحصر المعنى بعض التقنيين الذين يستطيعون أن يصلوا إلى مراكز إدارة المنشآت. غير أن التكوين التقني المطلوب هو تكوين جامعي. والحال أن 5 إلى 7% فقط من الطلاب الجامعيين في بلجيكا، في العقود الأخيرة، هم من أبناء العمال… والحالة هي نفسها في معظم البلدان الامبريالية.
إن المؤسسات الاجتماعية تقطع الطريق إلى الملكية الرأسمالية أمام العمال، سواء من جهة مداخيلهم أو من جهة نمط التعليم العالي. هذه المؤسسات تبقى انقسام المجتمع إلى طبقات كما هو قائم اليوم، وتحافظ عليه وتديمه.

verocchio
17/11/2007, 16:09
حتى في الولايات المتحدة حيث يحلو لبعضهم أن يذكروا أمثالا عن « أبناء عمال مجتهدين أصبحوا من أصحاب المليارات بفضل دأبهم في العمل »، تبيّن نتيجة استقصاء أن 90% من مدراء المنشآت الهامة ذوو أصول برجوازية كبيرة ومتوسطة.


هكذا نجد عبر التاريخ تفاوتا اجتماعيا تبلور في تفاوت طبقي. ففي كل مجتمع من المجتمعات المذكورة، نجد طبقة من المنتجين تعيل بعملها المجتمع بأسره وطبقة مسيطرة تعيش من عمل الغير: فلاحون وكهنة أو أسياد أو كتبة في إمبراطوريات الشرق، عبيد وأسياد عبيد في العصور القديمة اليونانية والرومانية، أقنان وأسياد إقطاعيون في بداية العصر الوسيط، عمال ورأسماليون في العصر البرجوازي.

أمّا العصور القديمة اليونانية والرومانية، فقد كان قائما على العبودية. وإذا استطاع ذلك المجتمع أن يبلغ مستوى عاليا من الثقافة، فسبب الأمر يعود جزئيا إلى أن سكان المدن القديمة تمكنوا من تخصيص قسم هام من وقتهم لنشاطات سياسية وثقافية وفنية ورياضية، حيث تُرك العمل اليدوي أكثر فأكثر للعبيد وحدهم.

verocchio
17/11/2007, 16:09
4- المساواة الاجتماعية في ما قبل التاريخ البشري


غير أن التاريخ لا يشكل سوى جزء بسيط من حياة البشرية على الكرة الأرضية. فقد سبقه ما قبل التاريخ، أي تلك المرحلة من وجود البشرية التي كانت خلالها الكتابة والحضارة مجهولتين. وقد بقيت بعض الشعوب البدائية في شروط العيش ما قبل التاريخية حتى زمن قريب، بل حتى أيامنا هذه. والحال أن البشرية جهلت التفاوت الطبقي طوال القسم الأعظم من وجودها ما قبل التاريخي.
وسوف يتضح لنا الفرق الأساسي بين جماعة بدائية ومجتمع طبقي من خلال استعراضنا لبعض مؤسسات تلك الجماعات.
فقد حدثنا العديد من علماء الأناسة (أنتربولوجيا) عن عادة نجدها عند شعوب بدائية كثيرة وهي عادة تنظيم احتفالات مسهبة بعد الحصاد. وقد وصفت لنا عالمة الأناسة مارغريت ميد هذه الاحتفالات عند شعب آرابيش البابو [24] في غينيا الجديدة، حيث جميع الذين حصدوا محصولا فوق المتوسط، يدعون عائلاتهم بكاملها وجميع جيرانهم إلى المشاركة في احتفالات تستمر حتى استهلاك القسم الأعظم من فائض ذلك المحصول. وتضيف مارغريت ميد: « إن هذه الاحتفالات تشكل إجراء ملائما لمنع الفرد من مراكمة ثروات.. »
من جهة أخرى، درس عالم الأناسة آش نظام وتقاليد قبيلة قطنت جنوب الولايات المتحدة، هي قبيلة الـهوبي. في هذه القبيلة، وبخلاف مجتمعنا، يعتبر مبدأ المزاحمة الفردية مبدأ مدانا من وجهة النظر الأخلاقية. فعندما يلعب الأولاد الـهوبي ألعابا رياضية، لا يحسبون أبدا العلامات ويجهلون من « ربح

verocchio
17/11/2007, 16:10
إن المشاعات البدائية التي لم تنقسم بعد إلى طبقات، عندما تمارس الزراعة كنشاط اقتصادي رئيسي وتحتل أرضا معينة، لا تقوم باستثمار الأرض جماعيا. بل تحصل كل عائلة على حقل تستثمره لفترة. بيد أن الحقول يعاد توزيعها مرارا للحؤول دون تمتع أي عضو من أعضاء المشاعة بامتيازات على حساب الآخرين. أمّا المروج والغابات فإن استثمارها جماعي. إن نظام المشاعة القروية هذا، المبني على غياب الملكية الخاصة للأرض، قد وجد عند البحث في نشوء الزراعة لدى جميع شعوب العالم تقريبا. أنه يثبت أن المجتمع في تلك الفترة لم يكن منقسما إلى طبقات على صعيد القرية.


أمّا الأفكار الشائعة التي تردد دائما والقائلة أن التفاوت الاجتماعي يجد جذوره في تفاوت مواهب الأفراد أو كفاآتهم، وأن انقسام المجتمع إلى طبقات هو نتاج « أنانية الإنسان الغريزية » وبالتالي نتاج « الطبيعة الإنسانية »، فهي أفكار لا أساس علمي لها. إن اضطهاد طبقة اجتماعية لطبقة أخرى ليس نتاج « الطبيعة الإنسانية »، بل نتاج تطور تاريخي للمجتمع. إنه اضطهاد لم يكن موجودا دوما ولن يبقى إلى الأبد. فلم يكن ثمة أغنياء وفقراء دوما ولن يبقى أغنياء وفقراء إلى الأبد

verocchio
17/11/2007, 16:10
التمرد ضد التفاوت الاجتماعي عبر التاريخ


إن انقسام المجتمع إلى طبقات والملكية الخاصة للأرض ولوسائل الإنتاج ليسا إطلاقا، إذا، نتاج « الطبيعة الإنسانية ». إنهما نتاج تطور للمجتمع وللمؤسسات الاقتصادية والاجتماعية. وسوف نرى لماذا نشآ وكيف سيزولان.
في الواقع، ما أن يظهر انقسام المجتمع إلى طبقات حتى يبدي الإنسان حنينه إلى الحياة المشاعية القديمة. ونجد تعبيرات هذا الحنين في حلم « العصر الذهبي » الذي يقال أنه ساد عند فجر وجود البشرية على الأرض والذي وصفه الأدباء الكلاسيكيون الصينيون، شأنهم في ذلك شأن الكتاب الإغريق واللاتينيين. ويقول فرجيليوس [25] بوضوح أن المحاصيل، في ذلك العصر الذهبي، كان يجري تقاسمها جماعيا، أي أن الملكية الخاصة لم تكن موجودة.
هذا وقد اعتبر العديد من الفلاسفة والعلماء الشهيرين أن انقسام المجتمع إلى طبقات يشكل مصدر القلق الاجتماعي، وقد وضعوا مشاريع لإزالة هذا الانقسام.
هو ذا الفيلسوف اليوناني أفلاطون [26] يحدد أصل المصائب التي تصيب المجتمع: « حتى أصغر مدينة منقسمة إلى قسمين، مدينة فقراء ومدينة أغنياء تتعارضان (وكأنهما) في حالة حرب ».
كذلك، فإن الشيع اليهودية التي تكاثرت في عصر المسيح ومن ثم آباء الكنيسة المسيحية الأول الذين حافظوا على تراث تلك الشيع بين القرن الثالث والخامس الميلاديين، كانوا دعاة متحمسين لعودة إلى مشاعية الأملاك. فقد كتب القديس برنابا: « لن تتكلم أبدا عن ملكيتك، لأنك إذا كنت تنعم بثرواتك الروحية بالمشاع، فحري أن تنعم بثرواتك المادية بالمشاع ». وقد ألقى القديس قبريانوس مرافعات عديدة دعا فيها إلى تقاسم الثروات المتساوي بين جميع الناس. وكان القديس يوحنا فم الذهب أول من صاح: « الملكية هي السرقة ». والقديس أوغسطينوس، حتى هو، بدأ بإلقاء مسؤولية العنف والصراعات الاجتماعية على الملكية الخاصة، قبل أن يغير لاحقا وجهة نظر

verocchio
17/11/2007, 16:10
وقد استمر هذا التقليد طوال العصر الوسيط، لا سيما عند القديس فرنسيس الاسيزي وعند رواد الإصلاح [27]. هاكم ما قاله الرائد الإنكليزي جون بول في القرن الرابع عشر: « يجب إلغاء القنانة وجعل جميع البشر متساوين. إن الذين يسمون بالأسياد يستهلكون ما ننتجه نحن.. إن ترفهم ناتج عن كدحنا ».
وفي العصر الحديث، أخيرا، نرى مشاريع مجتمع المساواة تصبح أدق وأدق، سيما في كتاب « يوتوبيا » للإنكليزي توماس مور، وكتاب « مدينة الشمس » للإيطالي توماس كامبانيللا، وكتابات الفرنسي فوراس داللي (القرن 17)، وفي « وصية جان ميلييه » و« قانون الطبيعة » للفرنسي موريللي (القرن 18).
وإلى جانب هذا التمرد الفكري ضد التفاوت الاجتماعي، كانت ثمة تمردات فعلية لا تحصى، أي انتفاضات من قبل الطبقات المضطهَدة ضد مضطهِديها. إن تاريخ جميع المجتمعات الطبقية هو تاريخ الصراعات الطبقية التي تمزقها.

verocchio
17/11/2007, 16:11
- الصراعات الطبقية عبر التاريخ


إن الصراعات بين الطبقة المستغِلة والطبقة المستغَلة أو بين مختلف الطبقات المستغِلة تتخذ أكثر الأشكال تنوعا حسب المجتمع المعني ومرحلة تطوره المحددة.
هكذا فقد حصلت تمردات عديدة في مجتمعات ما يسمى بـ « نمط الإنتاج الآسيوي » (إمبراطوريات الشرق الكلاسيكي). وقد تعاقبت انتفاضات فلاحية لا تحصى في تاريخ السلالات التي سادت بالتتالي في الإمبراطوريات الصينية. وشهدت اليابان أيضا عددا كبيرا من الانتفاضات الفلاحية ، خاصة في القرن الثامن عشر.
وقد عرفت العصور القديمة اليونانية والرومانية سلسلة غير منقطعة من تمردات العبيد -كان أشهرها بقيادة سبارتكوس - التي ساهمت إلى حد بعيد في سقوط الإمبراطورية الرومانية. ونشب بين « الأحرار » صراع عنيف بين طبقة من الفلاحين المستدينين وتجار- مرابين، بين غير مالكين ومالكين.
وفي العصر الوسيط، في ظل النظام الإقطاعي، جرت صراعات طبقية بين الأسياد الإقطاعيين وبلدات حرة قائمة على الإنتاج البضاعي الصغير، وبين الحرفيين والتجار داخل هذه البلدات، وبين بعض الحرفيين المدينيين والفلاحين المجاورين للمدن. وجرت بالأخص صراعات طبقية عنيفة بين النبلاء الإقطاعيين والفلاحين الذين حاولوا التخلص من النير الإقطاعي، واتخذت هذه الصراعات أشكالا ثورية تماما في عاميات فرنسا وحروب الفلاحين في إنكلترا وبوهيميا وألمانيا في القرن السادس عشر.
وعرفت الأزمنة الحديثة صراعات طبقية بين النبلاء والبرجوازية، وبين المعلمين الحرفيين والصناع، وبين رجال المصارف والتجار الأغنياء من جهة و« السواعد العارية » في المدن من الجهة الأخرى، الخ.. هذه الصراعات هي مقدمة الثورات البرجوازية والرأسمالية الحديثة ونضال البروليتاريا الطبقي ضد البرجوازية

verocchio
17/11/2007, 16:12
- المشاعات البدائية القائمة على الفقر

طوال القسم الأعظم من وجوده ما قبل التاريخي، عاش الإنسان في شروط من الفقر المدقع. ولم يكن للبشر من وسائل للحصول على القوت الضروري لعيشهم سوى القنص وصيد الأسماك وقطف الثمار. كانت البشرية تعيش بالتطفل على الطبيعة، حيث لم تكن تزيد الموارد الطبيعية التي كانت أساس بقائها. بل لم يكن لديها أية سيطرة على هذه الموارد.
كانت المشاعات البدائية منظمة بشكل يضمن بقاءها الجماعي في شروط عيش بالغة الصعوبة. وكان كل فرد يشارك إلزاميا في العمل حيث أن عمل كل فرد ضروري لبقاء المشاعة، وإنتاج القوت يكفي بالكاد لإطعام الجماعة. ولو وجدت امتيازات مادية لحكمت على قسم من القبيلة بالمجاعة وحرمتها من إمكانية العمل بصورة عقلانية ونسفت بالتالي شروط البقاء الجماعي. هو ذا السبب الذي جعل التنظيم الإجتماعي، في تلك المرحلة من تطور المجتمعات البشرية، ينزع إلى المحافظة على حد أقصى من المساواة داخل الجماعات البشرية.
وقد لاحظ علماء الأناسة الإنكليز هوبهاوس ووهيلر وغينسبرغ، بعد دراستهم للمؤسسات الاجتماعية في 425 قبيلة بدائية، لاحظوا غيابا تاما للطبقات الاجتماعية لدى جميع القبائل التي جهلت الزراع

verocchio
17/11/2007, 16:12
ثورة عصر الحجر المصقول


هذا الوضع من الفقر الأساسي لم يعدل بصورة ثابتة إلاّ بعد تكون تقنيات زراعة الأرض وتربية الحيوانات. إن الفضل في اكتشاف تقنية زراعة الأرض، وهو أكبر ثورة اقتصادية في وجود البشرية، يعود إلى النساء، كما يعود لهن فضل سلسلة من الاكتشافات الهامة الأخرى في ما قبل التاريخ (لاسيما تقنية الخزافة والحياكة). وقد تدعمت الزراعة منذ 15 ألف سنة قبل الميلاد، تقريبا، في أمكنة عديدة من الكرة الأرضية، بدءا على الأرجح بآسيا الصغرى وبلاد ما بين النهرين وإيران وتركستان، وامتدت تدريجيا إلى مصر والهند والصين وإفريقيا الشمالية وأوروبا المتوسطية. ويسمى انتشار الزراعة بثورة عصر الحجر المصقول لأنه حصل في عصر من العصور الحجرية كانت فيه أدوات عمل الإنسان الرئيسية مصنوعة من الحجر المصقول (وهو أحدث العصور الحجرية).
لقد جعلت ثورة عصر الحجر المصقول الإنسان قادرا على إنتاج قوته بنفسه وقادرا بالتالي -إلى حد ما- على التحكم ببقائه. وقد قلصت ارتهان الإنسان البدائي بقوى الطبيعة. وسمحت بتكوين مخزونات من المؤن، الأمر الذي سمح بدوره بتحرير بعض أعضاء المشاعة من ضرورة إنتاج قوتهم. هكذا أصبح بالإمكان تطور تقسيم اقتصادي للعمل، أي تخصص مهني، يزيد إنتاجية العمل البشري. هذا التخصص لا يبدو بعد سوى ملامحه في المجتمع البدائي، لأنه كما قال أحد الرحالة الإسبان الأوائل في القرن السادس عشر، متحدثا عن الهنود: « يريد البدائيون استعمال كل ما لديهم من الوقت لجمع المؤن، لأنهم لو استعملوه بطريقة أخرى لعانوا من الجوع ».

verocchio
17/11/2007, 16:13
النتاج الضروري والنتاج الاجتماعي الفائض

إن ظهور فائض كبير ودائم من المؤن هو الذي يحدث انقلابا في شروط التنظيم الاجتماعي. فعندما يكون هذا الفائض صغيرا نسبيا ومبعثرا بين قرية وأخرى، لا يغير البنية المتساوية للمشاعة القروية. إنه يسمح فقط بإعالة بعض الحرفيين والموظفين، أمثال الذين بقوا خلال آلاف السنين في القرى الهندية.
لكن عندما يتم حصر هذه الفوائض على مساحات كبيرة من قبل زعماء عسكريين أو دينيين، أو عندما تتكاثر الفوائض في القرية بفضل تطوير أساليب الزراعة، تستطيع خلق شروط ظهور تفاوت اجتماعي، يمكن استعمالها لإعالة أسرى الحرب أو أسرى عمليات القرصنة (الذين كانوا يقتلون سابقا بسبب قلة المؤن). ويمكن إجبار هؤلاء على العمل لأجل المنتصرين لقاء قوتهم: هكذا ظهرت العبودية في العالم الإغريقي.
ويمكن استعمال الفائض ذاته لإعالة طائفة من الكهنة والجنود والموظفين والأسياد والملوك: هكذا ظهرت الطبقات المسيطرة في إمبراطوريات الشرق القديم (مصر، بابل، إيران، الهند، الصين).
عندها يستكمل التقسيم الاقتصادي للعمل بتقسيم اجتماعي. وينتهي استعمال الإنتاج الاجتماعي بمجمله لسد حاجات المنتجين. بل ينقسم هذا الإنتاج بعدئذ إلى قسمين:
الناتج الضروري، أي قوت المنتجين الذين لولا عملهم لأنهار المجتمع بأسره.
النتاج الاجتماعي الفائض، أي الفائض الذي ينتجه المنتجون والذي تحتكره الطبقات المالكة.
هاكم وصف المؤرخ هايشلهايم لظهور المدن الأولى في العالم القديم: « يتألف سكان المراكز المدنية الجديدة… بقسمهم الأعظم من شريحة عليا تعيش من الريوع (أي أنها تتملك فائض نتاج العمل الزراعي - أ.م.) مؤلفة من أسياد ونبلاء وكهنة. ويجب أن نضيف إليهم الموظفين والمستخدمين والخدام الذين تعيلهم هذه الشريحة العليا بصورة غير مباشرة ».
هكذا يؤدي ظهور الطبقات الاجتماعية - الطبقات المنتجة والطبقات المسيطرة - إلى ولادة الدولة التي هي المؤسسة الرئيسية لحفظ الشروط الاجتماعية القائمة، أي التفاوت الاجتماعي. إن انقسام المجتمع إلى طبقات يتدعم بتملك الطبقات المسيطرة لوسائل الإنتاج

verocchio
17/11/2007, 16:13
الإنتاج والتراكم


إن تَكَوُّن الطبقات الاجتماعية وتملك النتاج الاجتماعي الفائض من قبل جزء من المجتمع ينتجان عن صراع اجتماعي ولا يستمران إلاّ بفضل صراع اجتماعي دائم.
بيد أن ظهور الطبقات يشكل في الوقت نفسه مرحلة - حتمية - من التقدم الاقتصادي، لكونه يسمح بفصل وظيفتين اقتصاديتين أساسيتين هما وظيفة الإنتاج ووظيفة المراكمة.
في المجتمع البدائي، كان جميع الرجال والنساء القادرين يعملون في إنتاج القوت بصورة رئيسية. ولم يكن بوسعهم، في تلك الشروط، أن يخصصوا سوى القليل من الوقت لصنع أدوات العمل وتخزينها والتخصص في صنعها والبحث المنهجي عن أدوات عمل أخرى والتمرس في تقنيات عمل معقدة (كعمل التعدين مثلا) والمراقبة المنهجية لظواهر الطبيعة، الخ…
إن إنتاج نتاج اجتماعي فائض يسمح بمنح قسم من البشرية ما يكفي من وقت الفراغ ليتفرغ لمجمل تلك النشاطات التي تيسر ازدياد إنتاجية العمل. فأوقات الفراغ هذه هي أساس الحضارة وتطور أولى التقنيات العلمية (علوم الفلك والهندسة والمياه والمعادن الخ...) والكتابة. ويرافق انفصال المجتمع إلى طبقات انفصال العمل الذهني عن العمل اليدوي، الذي هو نتاج أوقات الفراغ تلك.
يشكل إذن انقسام المجتمع إلى طبقات شرطا للتقدم التاريخي، طالما أن المجتمع أفقر من أن يتيح لجميع أعضائه التفرغ للعمل الذهني (لوظيفة المراكمة). غير أن ثمن هذا التقدم باهظ. فحتى عشية الرأسمالية الحديثة، لا يستفيد من منافع ازدياد إنتاجية العمل إلاّ الطبقات المالكة. وبالرغم من كل تقدم التقنية والعلم خلال السنوات الأربعة الاف التي تفصل بين بدايات الحضارة القديمة والقرن السادس عشر، نجد أن وضع الفلاح الهندي والصيني والمصري، بل حتى اليوناني والسلافي، لم يتبدل بصورة حسية

verocchio
17/11/2007, 16:13
سبب فشل كافة ثورات الماضي من أجل المساواة


عندما لا يكفي الفائض الذي ينتجه المجتمع البشري، أي النتاج الاجتماعي الفائض، لتحرير البشرية بأسرها من الكدح المرهق الدائم، فإن أية ثورة اجتماعية تهدف إلى إعادة المساواة البدائية بين البشر ثورة محكوم عليها بالفشل سلفا. فهي لا تستطيع أن تجد سوى مخرجين من التفاوت الاجتماعي القديم.
أما تدمير كل نتاج اجتماعي فائض عمدا والعودة إلى الفقر المدقع البدائي. عندها سوف تؤدي إعادة ظهور التقدم التقني بسرعة إلى التفاوتات الاجتماعية ذاتها التي كانت الغاية إلغاءها.
أو نزع ملكية الطبقة المالكة القديمة لصالح طبقة مالكة جديدة.
هذا بالضبط ما حصل في انتفاضة عبيد روما بقيادة سبارتكوس، وفي أولى الشيع المسيحية والأديرة، وفي مختلف الانتفاضات الفلاحية التي تتالت في الإمبراطورية الصينية، وفي ثورة الهراطقة المسيحيين في بوهيميا في القرن 15، وفي المستعمرات الشيوعية التي أسسها المهاجرون في أمريكا، الخ.
ودون أن ندعي أن الثورة الروسية أدت إلى الوضع ذاته، فإن إعادة ظهور تفاوت اجتماعي حاد في الاتحاد السوفياتي اليوم تجد تفسيرها الأساسي في فقر روسيا غداة الثورة، في عدم كفاية مستوى تطور قواها المنتجة وفي انعزال الثورة في بلد متأخر بنتيجة إخفاق الثورة في أوروبا الوسطى خلال مرحلة 1918-1923.
إن مجتمعا متساويا قائما على الوفرة وليس على الفقر - هو ذا هدف الاشتراكية - لا يستطيع أن يتطور إلاّ على قاعدة اقتصاد متقدم يكون النتاج الاجتماعي الفائض مرتفعا فيه إلى حد أنه يسمح بتحرير جميع المنتجين من كدح مرهق ويمنح المجتمع بأسره ما يكفي من أوقات الفراغ ليتمكن هذا الأخير من القيام جماعيا بالوظائف الإدارية في الحياة الاقتصادية والاجتماعية (وضيفة المراكمة).
لماذا احتاج الاقتصاد البشري إلى 15 ألف سنة من النتاج الاجتماعي الفائض حتى تمكن من الانطلاق الضروري لظهور ملامح حل اشتراكي للتفاوت الاجتماعي ؟ سبب ذلك هو أنه طالما تملكت الطبقات المالكة النتاج الاجتماعي الفائض بشكل منتجات (قيم استعمالية)، شكل استهلاكها الخاص (استهلاك غير منتج) سقف ازدياد الإنتاج الذي رغبت بتحقيقه.
إن معابد وملوك الشرق القديم، وأسياد العبيد في العصور القديمة اليونانية والرومانية، والأسياد النبلاء والتجار الصينيين والهنود واليابانيين والبيزنطيين والعرب، والنبلاء الإقطاعيين في العصر الوسيط، جميعهم لم يجدوا مصلحة في زيادة الإنتاج طالما كدسوا في قصورهم وبلاطاتهم ما كفاهم من المؤن والملابس الفخمة والتحف الفنية. فثمة حدود لا يستطيع الاستهلاك والترف تجاوزها (مثل مضحك: في المجتمع الإقطاعي لجزر هاواي، اتخذ النتاج الاجتماعي الفائض شكل الغذاء حصرا وكانت المكانة الاجتماعية مرهونة بالتالي بـ…وزن كل فرد).
وعندما يتخذ الناتج الاجتماعي الفائض شكل النقد -شكل فائض القيمة- ويصبح بالإمكان استعماله ليس لاقتناء سلع استهلاكية وحسب بل أيضا سلع تجهيزية (سلع إنتاجية)، عند ذلك فقط تجد الطبقة المسيطرة الجديدة -البورجوازية- مصلحة في ازدياد غير محدود للإنتاج. هكذا تولد الشروط الاجتماعية الضرورية لتطبيق جميع الاكتشافات العلمية في الانتاج، أي الشروط الضرورية لظهور الرأسمالية الصناعية الحديثة.

verocchio
17/11/2007, 16:14
اضطهاد النساء، أول شكل واسع للا مساواة الاجتماعية.


بين المجتمع الشيوعي البدائي للجماعة والعشيرة، والأشكال الأولى للمجتمع القائم على سيطرة طبقية على أخرى (كالمجتمع العبودي مثلا)، هنالك مرحلة انتقالية لم تكن قد تطورت خلالها بشكل كامل طبقة مسيطرة مالكة، لكن تأسست إبانها لا مساواة اجتماعية واضحة. يشهد على وجود هذا النموذج من المجتمعات العديد من الآثار والأوصاف الماضية التي ما تزال بارزة على وجه الخصوص في الأساطير والخرافات والديانات « البدائية »، لكن كذلك المجتمع القرابي القائم اليوم في جزء من أرياف إفريقيا السوداء، وإن بشكل أكثر فأكثر تشويها، تبعا لاندماجه بالمجتمع الطبقي المسيطر في كل البلدان التي ما يزال على قيد الحياة فيها.
هذا الشكل الأول المؤسس للا مساواة والاضطهاد الاجتماعيين هو شكل اضطهاد النساء على يد الرجال في المجتمعات البدائية التي بلغت هذا الطور من التقدم. واضطهاد النساء لم يكن موجودا منذ البدء، فهو ليس ناتج جبرية بيولوجية تلقي بثقلها على الجنس النسوي. لا بل ثمة معطيات كثيرة تعود إلى ما قبل التاريخ وإلى مجتمع شيوعية العشيرة وتؤكد أن المساواة بين الجنسين بقيت قائمة زمنا طويلا. ومع أنه تنقصنا المعطيات التي تسمح لنا بتعميم هذه الظاهرة على مجمل البشرية البدائية، فثمة دلائل ساطعة على أن النساء لعبن دورا اجتماعيا مهيمنا في العديد من المجتمعات على الأقل. ويكفي أن نتذكر الظاهرة واسعة الانتشار لـ« الهة الخصب » كسيدة للسماء، لدى فجر الزراعة التي اخترعتها النساء، من أجل الاستنتاج أن الإحلال المعمم للآلهة الذكور (ثم للاله الواحد) محل هذه الالهة، لا يمكن أن يكون عرضيا. إن الثورة في السماء تعكس ثورة حدثت على سطح الأرض، وقلب المفاهيم الدينية ناتج عن قلب الشروط الاجتماعية للعلاقات المتبادلة بين الرجال والنساء.
ويمكن أن يبدو غريبا للوهلة الأولى أن يفتتح شيئا فشيئا عصر استعباد النساء الاجتماعي حين يتكرس دورهن الاقتصادي المهيمن عن طريق وظيفتهن الأساسية في أعمال الحقول (الثورة النيوليتية). إلاّ أنه ليس ثمة أي تناقض حقيقي.
فبمقدار ما تزدهر الزراعة البدائية تصبح النساء المصدر الرئيسي لثورة القبيلة، بشكل مضاعف: من حيث هن المنتجات الرئيسيات للأغذية ومن حيث هن منجبات للأطفال. ذلك أن التطور الديموغرافي لم يعد يستشعر به كتهديد، بل كنعمة محتملة انطلاقا فقط من قاعدة تمون بالأغذية مضمونة إلى هذا الحد أو ذاك، ولقد أصبحت النساء بفعل ذلك موضوعات جشع اقتصادي وهو ما لم يكن ممكنا في عصر الصيد وقطاف الأثمار.
وليمكن إنجاز هذه التبعية، توجب حدوث سلسلة متلازمة من التحولات الاجتماعية. تم نزع سلاح النساء، أي أن مهنة الأسلحة أصبحت حكرا على الذكور. وهذا الواقع لم يكن سائدا منذ البدء، تشهد على ذلك الأساطير العديدة المتعلقة بالأمازونات [28] والتي لم تزل تحيا في أذهان الناس في كل القارات. كما أن وضع المرأة قد تغير بشكل عميق بفعل تعديلات جذرية أدخلت على قواعد الزواج وإضفاء الطابع الاجتماعي على الأطفال، بغية ضمان هيمنة نظام الأبوة.
ومع تطور الملكية الخاصة، ومن ثم توطيدها، اتخذت العائلة البطريركية [29] بالتدريج الشكل النهائي الذي احتفظت به، رغم تعديلات متتالية، على امتداد قسم مهم من تاريخ المجتمعات الطبقية. ولقد أصبحت هي ذاتها واحدة من المؤسسات الرئيسية، التي لا يمكن الاستعاضة عنها، والتي تضمن استمرار الملكية الخاصة عبر الإرث والقمع الاجتماعي بكل صوره (بما فيها البنى الذهنية التي تؤبد الموافقة على السلطة « الآتية من عل » والطاعة العمياء). غدت منطلقا لعمليات تمييز لا تحصى على حساب النساء في كل دوائر الحياة الاجتماعية. والتبريرات الأيديولوجية والمسبقات المنافقة التي تنطوي على هذه التمييزات جزء لا يتجزأ من الأيديولوجية المسيطرة المرتبطة بالطبقات المالكة جمعاء التي تعاقبت في التاريخ. وهي بذلك قد طبعت، جزئيا على الأقل، ذهنية الطبقات المستغَلة، بما فيها ذهنية البروليتاريا الحديثة في النظام الرأسمالي وغداة إطاحته.

اسبيرانزا
17/12/2007, 16:30
الاشتراكية والشيوعية والماركسية حركات ليست اقتصادية وحسب انما حركات هدفت الى تغيير الكيان الاجتماعى وسعت الى تحقيق المساواة فى كل شئ ,, اليس هكذا يزعمون
اذن اسمع هاتين القصتين قرئتهم امس فى الماركسية والغزو الفكرى عن البرافدا الشيوعية (( والامثلة بالملايين ))
القصة الاولى ,, يحكى فتى افريقى قائلا (( اعتدنا منذ استقلال افريقيا ان نرى فى مكاتب الاستعلامات الشيوعية صور تقليدية لشقراء كقطعة القشدة تحتضن فى اخوة زميلا زنجيا والبشر والفرحة يعلوان وجههما .. وتحت الصورة ما يليق من التعليقات ولعنات مناسبة على دعاة العنصرية والتفرقة بسبب اللون او الجنس او العرق..الخ
ولكن ...
تدافع الطلبة الزنوج الى الدول الشيوعية , وفتحت لهم الجامعات ابوابها بل وانشئت لهم جامعات خاصة,, لا عن تفرقة انما عن فرط اهتمام
فلما احب الزنجى الشقراء...واحبته ... وجدوا جثته على الجليد
ولما تظاهر الطلبة الافريقيون احتجاجا ,, صاح فيهم الطلبة الشيوعيون ((عودوا الى الغابة ايها القردة ))
؟؟؟؟؟؟اترى هل طبقت المبادئ الرنانة لهذه الحركات او النظريات او ,او ,ارى انها شعارات اخذت وقتها وانتهت ,,فمع السلامة لكل شئ خادع القول سئ العمل

قصة اخرى لوسيم خالد المفكر المصرى ..((( عندما اقمت فى تشيكوسلوفاكيا عام1658 كنت اعيش بالمستشفيات او اتردد عليها . وكانت مناديلى ملوثة دوما بالدم كنت اخذها هى وبقية ملابسى الى مغسلة حكومية رخيصة ,, وكانت الغسلة العجوز تظننى مع كل ملامحى الشرقية رجلا انجليزيا لمجرد اننى اتكلم الانجليزية وادخن سجائر امريكية فكانت تاخذ ملابسى كل مرة بمنتهى الترحيب وتغسلهم وتصادقنا كثيرا
لكن عندما لها اننى مصرى ولست انجليزيا
اعادت الغسيل الى شنطتى وهى تتافف وتمسك الملابس من اطرافها وهى متقززة وقالت
هذه مناديل قذرة مليئة بالدماء لا يمكن غسلها
فاجبتها فى ضحكة باردة ,, اننى صحفى وساذهب فى الحال الى وزارة الخارجية لاخبرهم بامتناعك عن غسل ملابسى لمجرد اننى مصرى ولست انجليزى
بنفس التقزز اعادت فتح شنطتى وتسلمت الغسيل مرة اخرى واعطتنى ايصال دون ان تنطق بكلمة واحدة ))

هذه الحيزبون لم تفلح عشر سنوات من الحكم الشيوعى فى استئصال داء التفرقة العنصرية من نخاعها

ارجو ان تكون فكرتى وضحت,,,,,:D

alwaleed
03/01/2008, 22:29
صديقتي ايمان
تاتينا بقصص لتصرفات بضعة طلبة
هل هؤولاء فعلا كانو شيوعيين
ربما كانو منتمين للحزب لكنهم لم يكونو متخلصين من تراكمات الفكر القومي العنصري الذي كان رائجا في بلادهم
هل بالشيوعية بند يدعو للتمييز العنصري
الشيوعية تجرم العنصرية
وتناضل من اجل الغائها عبر اصدار القوانين الصارمة بحق مرتكبيها

هذه القصص ليست ماخذا على الفكر الشيوعي لانها عبارة عن تصرفات فردية لاشخاص يدعون الشيوعية
ولا اعلم مدى صحة تلك القصص
لان في الانظمة الشيوعية كان يجرم كل من يمارس التفرقة العنصرية
لا اعتقد انه كان يجرؤ احدا على ممارسة الفوقية من منطلقات عرقية او طبقية
لا يوجد اسهل من اختراع القصص ونسبها لمفكرين
دون اي دليل مادي اخر
الشيوعية لا تمتلك عصا سحرية لتزيل بها النزعات العنصرية المتراكمة لدى الشعوب
فتربية الشعوب على المساواة والتخلي عن النزعة العنصرية والانانية يحتاج الى مراكمة الكثير من الوعي الشيوعي لدى الافراد
تحياتي

alwaleed
03/01/2008, 22:30
المنديل القذر يغسل
لكنه لا يغسل بحسب وجهة نظر العدميين
تحياتي