سوري2007
02/11/2007, 11:00
في مقاله المنشور على موقع (كلنا شركاء) -21/10/2007- يقول اللواء بهجت سليمان في دفاعه عن سجن النظام الأسدي للمناضل الأستاذ رياض الترك- ما يقارب العشرين عاماً- يقول (أرجو أن تسمح لي – ولو من بعيد – أن أؤكد بأن رياض الترك كان ضحية أعماله ومواقفه وأخطائه, لا بل خطاياه.. فعندما يقف المذكور بكل ما لديه مع (الإخوان المسلمين السوريين) الذين قتلوا المئات, إن لم يكن الآلاف من خيرة أبناء الشعب السوري, والــذين استماتوا لنشر الفتنة وإشعال الحرب الأهلية في سوريا منذ عام (1975 – 1986)
"وخاصة" بين أعوام (1976 – 1982) عندما اختطفوا مدينة "حماة" في "شباط 1982" وقتلوا على الفور المئات من مواطنيهـا الأبرياء ومن مسؤوليهـا في الحـزب والدولــة، وبسلاح ثقيل ومتوسط ومحطات اتصـال متطورة حصلوا عليها بتمويل ودعـم مـن "صدام حسين" حينئذ.. فهل يوجد دولة في الدنيا تخدم نفسها, تقبل بأن تخطف لها طائرة أو باخرة أو سيارة, ويقتل الخاطفون ما تطوله أيديهم, ثم لا تقوم تلك الدولـة باستخدام القـوة لتحرير الطائرة أو الباخرة, فكيف إذا كان المخطوف مدينة بكاملها؟ وهل حدثت عملية تحرير لطائرة مخطوفة, إلا وسقط فيها أبرياء, فكيف بتحرير مدينة مخطوفة؟! وخاصة عندما تمادى القتلة الخاطفون بذبح وقتل الأبرياء قبل أن تتمكن الدولة من وضع حد لعملية الخطف؟!.) انتهى كلام اللواء بهجت سليمان حول مجزرة حماة، ولقد تذكر سيادة اللواء المجزرة للأسباب التالية:
1- لأنها تعيش وتعشعش في قلوب الذين ارتكبوها فتؤرقهم ليلاً نهاراً لا يستطيعون للفكاك منها سبيلاً – تمّ قتل أكثر من ثلاثين ألفاً من أبناء مدينة حماة أكثرهم من النساء والشيوخ والأطفال الذين قضوا تحت أنقاض بيوتهم أو في مجازر جماعية تم جمع الناس إليها-.2
- يقول المثل العامي عندنا "أمّ القتيل بتنام وأمّ القاتل ما بتنام" . 3
- لأن آثار دماء الأبرياء الذين قتلوا في مدينة حماة ما زالت وبعد ربع قرن من الزمان تقطر من أيديهم –يكاد المريب يقول خذوني-
.4- يقوم النظام وتحت الحراسة الأمنية المشددة بفتح المقابر الجماعية وبإزالة آثار جريمته من الهياكل العظمية ليرميها في البحر في منطقة طرطوس، وذلك بعد أن يقوم بسحق العظام بالمداحل والبلدوزرات، هذا حصل في مناطق متعددة في حماة وفي مناطق متعددة من صحراء تدمر
.5- لقد تذكر اللواء مجزرة حماة بعد ما سمع ورأى كيف يلاحق المجرمون الصرب على المجازر الطائفية التي ارتكبوها في كوسوفو وسيربرينتسا، فتذكر أن المجازر الجماعية ومهما طال العهد عليها وعلى رأسها مجزرة حماة سيأتي اليوم الذي يطالب أهلها بها وأنها لا تنسى من ذاكرة الشعوب أبداً..!
- يحاول اللواء من خلال المقال الدفاع عن ارتكابه والنظام لهذه الجريمة بإلقاء التهمة على (الإخوان المسلمين) فاتهمهم بأنهم اختطفوا المدينة وأهلها الأبرياء أما النظام واللواء جزء منه فقاموا بتخليص المدينة منهم وإنقاذ الأبرياء. فهل لما يقول نصيب من الحقيقة أم الأمور على غير ذلك:1
- حقائق من المجزرة – شاهد على الحقيقة..؟
سيادة اللواء هل تعلم أنّ كاتب هذه السطور من مدينة حماة، وأنا من عائلة عريقة ومعروفة من وسط هذه المدينة، وأنّني لا أستطيع أن أروي كل ما حدث في بلدي وأهلي، لأنّ ذلك يحتاج إلى مجلدات لكن سأروي للقارئ الكريم نبذة بسيطة منها كانت في حيّنا (حارتنا) وفي مسافة من شارعنا لا تزيد عن خمسمائة متر طولاً، حتى لا أتوسع.
شارعنا معروف يسمى شارع (أبي الفداء) وسط المدينة. لم تطلق منه طلقة واحدة خلال الأحداث ولا قبلها، تسكنه عوائل عريقة. وصلت دبابات النظام وميليشياته (سرايا الدفاع والوحدات الخاصة) إلى الحيّ صبيحة الثامن من شباط 1982، وبدأوا عملية تمشيط للبيوت بيتاً بيتاً وسلب وقتل من فيها.
أتذكر أسماء بعض العوائل والبيوت:
- أقاربي آل طيفور –منزل عمي نورس طيفور- قتل فيه ولداه ياسر وصفوح طيفور.
منزل أدهم طيفور عم والدي (93 عاماً) قتل فيه هو وولده زياد طيفور.
منزل مفيد طيفور قتل فيه أولاده وليد وسعيد طيفور وأولاد عمهما زاكي وحسن طيفور. منزل مصطفى طيفور قتل فيه هو وزوجته وأولادهم الخمسة (أطفال).
منزل سعد طيفور ابن عم والدي (دكتوراة زراعة من أمريكا) أخذ من بيته ولم يعرف عنه أي خبر حتى تاريخه وهو أب لسبعة بنات –المهم أكثر من ثلاثين شخصاً تمّ قتلهم من أقاربي خلال أقلّ من ساعة.
- بيت فهمي الدباغ (معلم) تمّ قتله وزوجته وسبعة من أولادهم.
- بيت السيدة (حياة الأمين) قتلوها وقطعوا يديها ورأسها من أجل حليّها وقتلوا أولادها الثلاثة.
- بيت آل الموسى أربعة بيوت متلاصقة للشيخ عبد السلام موسى وإخوته تمّ قتلهم جميعاً مع زوجاتهم وأطفالهم وفي البيوت أكثر من ثلاثين بين رجال ونساء وأطفال ورضع.
- بيت القياسة –قتلوا زوجة أحمد قياسة وابنها غزوان وابنتها.
- مسجد (الخانكان) قتلوا كل من فيه من المصلين وهم ثلاثون رجلاً من كبار السنّ في الحي (كانوا يصلون الظهر).
- بيت صبحي العظم – سرقوا محتوياته الثمينة وقتلوا زوجته (80) عاماً وابنها علي (60) عاماً، وأحرقوا البيت بهما.
- عيادة الدكتور (زهير مشنوق) فيها قبو كبير اختبأت فيه مجموعة عوائل نساء وأطفال يزيد عددهم عن الأربعين نفساً. دخلوا عليهم وقتلوهم جميعاً وسرقوا حليهم، ونجت واحدة منهم اسمها انتصار صابوني.
- عائلة آل الصمصام (ثلاث عوائل في مبنى واحد) – عبد الرحمن ومحمد وياسر صمصام وزوجاتهم وأبناؤهم جمعوا في مكان واحد وتمّ قتلهم جميعاً سبعة عشر فرداً.
- منزل عبد الرحيم الكيلاني وزوجته وطفلتيه تمّ قتلهم داخل منزلهم جميعاً.
- منزل آل التركماني قتلت الزوجة عائدة العظم وابنها طارق تركماني.
- منزل آل لطفي – قتلت الزوجة (ميسون عياش) والحماة (فهمية لطفي) ونجا الطفلان.هذه المجازر تم ارتكابها في شارع أبي الفداء من قبل المجرمين خلال فترة ساعات محدودة منذ صباح الثامن من شباط وحتى الظهيرة، علماً بأن (حارتنا) لم يطلق منها أي طلق ولم يعثر فيها على أي سلاح.
2- هل جريمة مجزرة حماة هي عبارة عن مدينة اختطفها الإخوان –كما يقول النظام- أم هي جريمة مدبرة من قبل النظام ومعدّ لها بشكل كامل؟
- لا شك بأن جريمة مجزرة حماة التي ارتكبها النظام شباط عام 1982 جريمة مدبرة ومعدّ لها إعداداً كاملاً وأن النظام مستاء منها ومن أهلها الذين هم في خط المعارضة له منذ اليوم الأول لخطف النظام السلطة وذلك لأنه نظام فئوي ديكتاتوري استبدادي استئصالي وإقصائي يعشعش الفساد والمحسوبية في كل أوصاله.
هذا الموقف جعل المدينة وأهلها عدوان لدودان للنظام، لكنّ هذه الصفة لم تنفرد بها مدينة حماة إنما كانت عامة في كلّ أرجاء بلدنا وشعبنا فلم تكن المجازر التي ارتكبت في طول البلاد وعرضها أقل حظاً من حماه، فمدينة حلب استمر حصارها أكثر من سنة كاملة، وذهب الآلاف من أهلها بين قتيل ومفقود، وكذلك ريف إدلب جسر الشغور وسرمدا وقرى جبل الزاوية كل ذلك تعرض للحصار والتمشيط والقتل والسحق والملاحقة مثل حماه وبقية مدن وريف وبادية بلدنا وإن كان بدرجات أقل حتى العاصمة دمشق لم تسلم بعض مناطقها وريفها ومسجدها الأموي من ذلك، وكذلك مدينة حمص ومسجد الصحابي خالد بن الوليد تعرضت للحصار والتمشيط ودخلت المصفحات المسجد وقتلت المصلين.
- الذي أريد أن أقوله بأن حماة ومجزرتها لم تكن استثناء فيما أصاب مدن وقرى بلدنا سورية وأنها حلقة من جملة حلقات سبقتها ولحقتها لكنها تبقى المجزرة الأكبر التي طالت مدينة صغيرة هدم ثلثها تقريباً بالكامل وثلثها بشكل جزئي وثلثها الآخر أصابه التمشيط والنهب والقتل والحرق وخلال فترة لا تزيد عن الشهر الواحد-.
- أما إن الإخوان قد اختطفوا المدينة فالواقع غير ذلك حيث إن قوات الجيش وخاصة اللواء (47) واللواء (21) ميكانيكي كانا دائما معسكرين في محيط حماة وأما الوحدات الخاصة وسرايا الدفاع فقد كانت لا تغادر المدينة أبداً ولقد سبقت المجزرة في شباط 1982 مجازر صغيرة في 1980 عدة مجازر حصيلتها أكثر من ثلاثمئة قتيل من أبناء المدينة.
ومجازر العام 1981 عدة مجازر ارتكبها النظام أيضاً وزاد عدد القتلى فيها عن الخمسمائة قتيل. وكذلك كانت المدينة وقت حصول المجزرة ومنذ تشرين أول سنة 1981 وحتى حصول المجزرة تتعرض يومياً لعمليات الاعتقال والتمشيط لأحيائها، وقتل بعض أبنائها واعتقال العشرات يومياً وصولاً إلى تفجير أكثر من تسعين منزلاً في الأحياء القديمة كان يشك فيها بوجود قواعد للمجاهدين.
- ولقد كانت المدينة مطوقة كاملاً من قبل وحدات من الجيش وسرايا الدفاع والوحدات الخاصة وطائرات الهيلوكبتر جاهزة للقصف والراجمات وضعت مع المدفعية حول المدينة جاهزة للرمي ولقد أطلقت مع فجر يوم الثاني من شباط سنة 1982 أول قذيفة مدفعية الساعة (5.30) فجراً على بيت المواطن –محمود مبيض- فأين مزاعم اللواء بهجت سليمان بأن المدينة مخطوفة.
- بقي أن أقول بأن هناك بعض الشهود الذين يُخرسون بشهادتهم باطل ما يدعيه اللواء بهجت سليمان وهم:1
- سيادة الفريق محمد أمين الحافظ الرئيس الأسبق لسورية (ولا يزال حياً) وقد سمعت منه يقول في أحداث حماه 1964 (وكان هو رئيساً للجمهورية) أخبرت الشيخ محمد الحامد شيخ مدينة حماة بأن هناك نيات سيئة لدى بعض الضباط العلويين وهم عازمون على قصف المدينة على رؤوس أهلها بالمدفعية والصواريخ فالنتعاون لننقذ المدينة وأهلها من ذلك.
2- وزير داخلية النظام الأسبق (الدكتور محمد حربة) قال في خطبة له في مصنع البورسلان في حماة بعد أحداث شباط 1982 وقد كان محافظاً للمدينة في حينها قال: "لقد كان النظام مقرراً ضرب مدينة حماة منذ أكثر من سنتين وأنا الذي منعت ذلك أن يحدث طيلة هذه المدة" انتهى كلام حربة.
3- وزير داخلية النظام في حينها (عدنان دباغ) صرح لوسائل الإعلام شباط 1982 يقول: عدد الإرهابيين في مدينة حماة لا يزيد على الثلاثمائة وسنقضي عليهم سريعاً.
4- يقول الكاتب الفرنسي (دانيل لوغاك) في كتابه "سورية في عهد الجنرال الأسد" تحت عنوان (الشعب السوري هو الضحية الأولى) يقول: (كلما ازداد شعور النظام بهشاشته، تنامى القمع في مستوياته. تحدث الناس كثيراً وبحق عن الاستخفاف والصلف والشراسة والوحشة التي أظهرها حافظ أسد ومعاونوه... فمنذ استلام الأسد سنة 1970 وضحايا القمع يعدون بعشرات الألوف.. وإنه لا جدال في أنّ وحشية النظام في أعنف صورها مورست على الإخوان المسلمين) .
ويقول: (لقد عمدت سرايا الدفاع وغيرها من الميليشيات العسكرية التابعة للنظام إلى تنفيذ مئات من الإعدامات الجماعية في حلب وتدمر وحماة - وعرفت مدينة جسر الشغور عام 1980-1981 عمليات صلب حقيقية.. أما مدينة حماة شباط 1982 فهي التي جرت فيها الجرائم والحوادث التي لا يمكن تبريرها أبداً).
5- الكاتب الصحفي البريطاني (باتريك سيل) وهو من أرخ للأسد الأب يقول في مقابلته التي أجريت مع قناة الجزيرة عام 2005 إنّ المجزرة الحقيقة التي وقعت في مدينة حماة كانت بعد القضاء على المقاومة البسيطة في المدينة حيث دخل الجيش والميليشيات وقاموا بقتل الناس بالآلاف في البيوت وفي الطرقات وكان حصيلة ذلك (حسب تقديره هو) بين خمسة آلاف وخمسة عشر ألف مواطن –فهل كانت المدينة مخطوفة كما يدّعي اللواء وهل ذهبت ضحايا المجزرة من المواطنين نتيجة الخطأ..!
أخيراً أتوجه إلى اللواء بهجت سليمان لأقول له: "لقد كنتم أحد رموز الفساد والاستبداد والقهر والإذلال والسحق لأكثرية شعبنا المسكين الأعزل، وقد يكون آن الأوان أن تصمتوا أنتم ومن معكم عن الدفاع عن أسوأ نظام عرفه التاريخ تجسدت فيه كل قذارات السلطة التي مارسها البشر من الاستبداد والفساد والدكتاتورية والفئوية والطائفية والعائلية والبراغماتية والانتهازية والخيانة والغدر والتآمر والباطنية والخداع...إلخ، فهل بقي لكم شيئاً تدافعون عنه؟!
سيلقاكم شعبكم الذي ذبحتموه وحرمتموه وسحقتموه وأفقرتموه وأجعتموه وأعريتموه وبعتموه مرات ومرات وسيحاسبكم حساباً عسيراً..!
قال تعالى: (ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليّه سلطاناً فلا يسرف في القتل إنه كان منصوراً).
"وخاصة" بين أعوام (1976 – 1982) عندما اختطفوا مدينة "حماة" في "شباط 1982" وقتلوا على الفور المئات من مواطنيهـا الأبرياء ومن مسؤوليهـا في الحـزب والدولــة، وبسلاح ثقيل ومتوسط ومحطات اتصـال متطورة حصلوا عليها بتمويل ودعـم مـن "صدام حسين" حينئذ.. فهل يوجد دولة في الدنيا تخدم نفسها, تقبل بأن تخطف لها طائرة أو باخرة أو سيارة, ويقتل الخاطفون ما تطوله أيديهم, ثم لا تقوم تلك الدولـة باستخدام القـوة لتحرير الطائرة أو الباخرة, فكيف إذا كان المخطوف مدينة بكاملها؟ وهل حدثت عملية تحرير لطائرة مخطوفة, إلا وسقط فيها أبرياء, فكيف بتحرير مدينة مخطوفة؟! وخاصة عندما تمادى القتلة الخاطفون بذبح وقتل الأبرياء قبل أن تتمكن الدولة من وضع حد لعملية الخطف؟!.) انتهى كلام اللواء بهجت سليمان حول مجزرة حماة، ولقد تذكر سيادة اللواء المجزرة للأسباب التالية:
1- لأنها تعيش وتعشعش في قلوب الذين ارتكبوها فتؤرقهم ليلاً نهاراً لا يستطيعون للفكاك منها سبيلاً – تمّ قتل أكثر من ثلاثين ألفاً من أبناء مدينة حماة أكثرهم من النساء والشيوخ والأطفال الذين قضوا تحت أنقاض بيوتهم أو في مجازر جماعية تم جمع الناس إليها-.2
- يقول المثل العامي عندنا "أمّ القتيل بتنام وأمّ القاتل ما بتنام" . 3
- لأن آثار دماء الأبرياء الذين قتلوا في مدينة حماة ما زالت وبعد ربع قرن من الزمان تقطر من أيديهم –يكاد المريب يقول خذوني-
.4- يقوم النظام وتحت الحراسة الأمنية المشددة بفتح المقابر الجماعية وبإزالة آثار جريمته من الهياكل العظمية ليرميها في البحر في منطقة طرطوس، وذلك بعد أن يقوم بسحق العظام بالمداحل والبلدوزرات، هذا حصل في مناطق متعددة في حماة وفي مناطق متعددة من صحراء تدمر
.5- لقد تذكر اللواء مجزرة حماة بعد ما سمع ورأى كيف يلاحق المجرمون الصرب على المجازر الطائفية التي ارتكبوها في كوسوفو وسيربرينتسا، فتذكر أن المجازر الجماعية ومهما طال العهد عليها وعلى رأسها مجزرة حماة سيأتي اليوم الذي يطالب أهلها بها وأنها لا تنسى من ذاكرة الشعوب أبداً..!
- يحاول اللواء من خلال المقال الدفاع عن ارتكابه والنظام لهذه الجريمة بإلقاء التهمة على (الإخوان المسلمين) فاتهمهم بأنهم اختطفوا المدينة وأهلها الأبرياء أما النظام واللواء جزء منه فقاموا بتخليص المدينة منهم وإنقاذ الأبرياء. فهل لما يقول نصيب من الحقيقة أم الأمور على غير ذلك:1
- حقائق من المجزرة – شاهد على الحقيقة..؟
سيادة اللواء هل تعلم أنّ كاتب هذه السطور من مدينة حماة، وأنا من عائلة عريقة ومعروفة من وسط هذه المدينة، وأنّني لا أستطيع أن أروي كل ما حدث في بلدي وأهلي، لأنّ ذلك يحتاج إلى مجلدات لكن سأروي للقارئ الكريم نبذة بسيطة منها كانت في حيّنا (حارتنا) وفي مسافة من شارعنا لا تزيد عن خمسمائة متر طولاً، حتى لا أتوسع.
شارعنا معروف يسمى شارع (أبي الفداء) وسط المدينة. لم تطلق منه طلقة واحدة خلال الأحداث ولا قبلها، تسكنه عوائل عريقة. وصلت دبابات النظام وميليشياته (سرايا الدفاع والوحدات الخاصة) إلى الحيّ صبيحة الثامن من شباط 1982، وبدأوا عملية تمشيط للبيوت بيتاً بيتاً وسلب وقتل من فيها.
أتذكر أسماء بعض العوائل والبيوت:
- أقاربي آل طيفور –منزل عمي نورس طيفور- قتل فيه ولداه ياسر وصفوح طيفور.
منزل أدهم طيفور عم والدي (93 عاماً) قتل فيه هو وولده زياد طيفور.
منزل مفيد طيفور قتل فيه أولاده وليد وسعيد طيفور وأولاد عمهما زاكي وحسن طيفور. منزل مصطفى طيفور قتل فيه هو وزوجته وأولادهم الخمسة (أطفال).
منزل سعد طيفور ابن عم والدي (دكتوراة زراعة من أمريكا) أخذ من بيته ولم يعرف عنه أي خبر حتى تاريخه وهو أب لسبعة بنات –المهم أكثر من ثلاثين شخصاً تمّ قتلهم من أقاربي خلال أقلّ من ساعة.
- بيت فهمي الدباغ (معلم) تمّ قتله وزوجته وسبعة من أولادهم.
- بيت السيدة (حياة الأمين) قتلوها وقطعوا يديها ورأسها من أجل حليّها وقتلوا أولادها الثلاثة.
- بيت آل الموسى أربعة بيوت متلاصقة للشيخ عبد السلام موسى وإخوته تمّ قتلهم جميعاً مع زوجاتهم وأطفالهم وفي البيوت أكثر من ثلاثين بين رجال ونساء وأطفال ورضع.
- بيت القياسة –قتلوا زوجة أحمد قياسة وابنها غزوان وابنتها.
- مسجد (الخانكان) قتلوا كل من فيه من المصلين وهم ثلاثون رجلاً من كبار السنّ في الحي (كانوا يصلون الظهر).
- بيت صبحي العظم – سرقوا محتوياته الثمينة وقتلوا زوجته (80) عاماً وابنها علي (60) عاماً، وأحرقوا البيت بهما.
- عيادة الدكتور (زهير مشنوق) فيها قبو كبير اختبأت فيه مجموعة عوائل نساء وأطفال يزيد عددهم عن الأربعين نفساً. دخلوا عليهم وقتلوهم جميعاً وسرقوا حليهم، ونجت واحدة منهم اسمها انتصار صابوني.
- عائلة آل الصمصام (ثلاث عوائل في مبنى واحد) – عبد الرحمن ومحمد وياسر صمصام وزوجاتهم وأبناؤهم جمعوا في مكان واحد وتمّ قتلهم جميعاً سبعة عشر فرداً.
- منزل عبد الرحيم الكيلاني وزوجته وطفلتيه تمّ قتلهم داخل منزلهم جميعاً.
- منزل آل التركماني قتلت الزوجة عائدة العظم وابنها طارق تركماني.
- منزل آل لطفي – قتلت الزوجة (ميسون عياش) والحماة (فهمية لطفي) ونجا الطفلان.هذه المجازر تم ارتكابها في شارع أبي الفداء من قبل المجرمين خلال فترة ساعات محدودة منذ صباح الثامن من شباط وحتى الظهيرة، علماً بأن (حارتنا) لم يطلق منها أي طلق ولم يعثر فيها على أي سلاح.
2- هل جريمة مجزرة حماة هي عبارة عن مدينة اختطفها الإخوان –كما يقول النظام- أم هي جريمة مدبرة من قبل النظام ومعدّ لها بشكل كامل؟
- لا شك بأن جريمة مجزرة حماة التي ارتكبها النظام شباط عام 1982 جريمة مدبرة ومعدّ لها إعداداً كاملاً وأن النظام مستاء منها ومن أهلها الذين هم في خط المعارضة له منذ اليوم الأول لخطف النظام السلطة وذلك لأنه نظام فئوي ديكتاتوري استبدادي استئصالي وإقصائي يعشعش الفساد والمحسوبية في كل أوصاله.
هذا الموقف جعل المدينة وأهلها عدوان لدودان للنظام، لكنّ هذه الصفة لم تنفرد بها مدينة حماة إنما كانت عامة في كلّ أرجاء بلدنا وشعبنا فلم تكن المجازر التي ارتكبت في طول البلاد وعرضها أقل حظاً من حماه، فمدينة حلب استمر حصارها أكثر من سنة كاملة، وذهب الآلاف من أهلها بين قتيل ومفقود، وكذلك ريف إدلب جسر الشغور وسرمدا وقرى جبل الزاوية كل ذلك تعرض للحصار والتمشيط والقتل والسحق والملاحقة مثل حماه وبقية مدن وريف وبادية بلدنا وإن كان بدرجات أقل حتى العاصمة دمشق لم تسلم بعض مناطقها وريفها ومسجدها الأموي من ذلك، وكذلك مدينة حمص ومسجد الصحابي خالد بن الوليد تعرضت للحصار والتمشيط ودخلت المصفحات المسجد وقتلت المصلين.
- الذي أريد أن أقوله بأن حماة ومجزرتها لم تكن استثناء فيما أصاب مدن وقرى بلدنا سورية وأنها حلقة من جملة حلقات سبقتها ولحقتها لكنها تبقى المجزرة الأكبر التي طالت مدينة صغيرة هدم ثلثها تقريباً بالكامل وثلثها بشكل جزئي وثلثها الآخر أصابه التمشيط والنهب والقتل والحرق وخلال فترة لا تزيد عن الشهر الواحد-.
- أما إن الإخوان قد اختطفوا المدينة فالواقع غير ذلك حيث إن قوات الجيش وخاصة اللواء (47) واللواء (21) ميكانيكي كانا دائما معسكرين في محيط حماة وأما الوحدات الخاصة وسرايا الدفاع فقد كانت لا تغادر المدينة أبداً ولقد سبقت المجزرة في شباط 1982 مجازر صغيرة في 1980 عدة مجازر حصيلتها أكثر من ثلاثمئة قتيل من أبناء المدينة.
ومجازر العام 1981 عدة مجازر ارتكبها النظام أيضاً وزاد عدد القتلى فيها عن الخمسمائة قتيل. وكذلك كانت المدينة وقت حصول المجزرة ومنذ تشرين أول سنة 1981 وحتى حصول المجزرة تتعرض يومياً لعمليات الاعتقال والتمشيط لأحيائها، وقتل بعض أبنائها واعتقال العشرات يومياً وصولاً إلى تفجير أكثر من تسعين منزلاً في الأحياء القديمة كان يشك فيها بوجود قواعد للمجاهدين.
- ولقد كانت المدينة مطوقة كاملاً من قبل وحدات من الجيش وسرايا الدفاع والوحدات الخاصة وطائرات الهيلوكبتر جاهزة للقصف والراجمات وضعت مع المدفعية حول المدينة جاهزة للرمي ولقد أطلقت مع فجر يوم الثاني من شباط سنة 1982 أول قذيفة مدفعية الساعة (5.30) فجراً على بيت المواطن –محمود مبيض- فأين مزاعم اللواء بهجت سليمان بأن المدينة مخطوفة.
- بقي أن أقول بأن هناك بعض الشهود الذين يُخرسون بشهادتهم باطل ما يدعيه اللواء بهجت سليمان وهم:1
- سيادة الفريق محمد أمين الحافظ الرئيس الأسبق لسورية (ولا يزال حياً) وقد سمعت منه يقول في أحداث حماه 1964 (وكان هو رئيساً للجمهورية) أخبرت الشيخ محمد الحامد شيخ مدينة حماة بأن هناك نيات سيئة لدى بعض الضباط العلويين وهم عازمون على قصف المدينة على رؤوس أهلها بالمدفعية والصواريخ فالنتعاون لننقذ المدينة وأهلها من ذلك.
2- وزير داخلية النظام الأسبق (الدكتور محمد حربة) قال في خطبة له في مصنع البورسلان في حماة بعد أحداث شباط 1982 وقد كان محافظاً للمدينة في حينها قال: "لقد كان النظام مقرراً ضرب مدينة حماة منذ أكثر من سنتين وأنا الذي منعت ذلك أن يحدث طيلة هذه المدة" انتهى كلام حربة.
3- وزير داخلية النظام في حينها (عدنان دباغ) صرح لوسائل الإعلام شباط 1982 يقول: عدد الإرهابيين في مدينة حماة لا يزيد على الثلاثمائة وسنقضي عليهم سريعاً.
4- يقول الكاتب الفرنسي (دانيل لوغاك) في كتابه "سورية في عهد الجنرال الأسد" تحت عنوان (الشعب السوري هو الضحية الأولى) يقول: (كلما ازداد شعور النظام بهشاشته، تنامى القمع في مستوياته. تحدث الناس كثيراً وبحق عن الاستخفاف والصلف والشراسة والوحشة التي أظهرها حافظ أسد ومعاونوه... فمنذ استلام الأسد سنة 1970 وضحايا القمع يعدون بعشرات الألوف.. وإنه لا جدال في أنّ وحشية النظام في أعنف صورها مورست على الإخوان المسلمين) .
ويقول: (لقد عمدت سرايا الدفاع وغيرها من الميليشيات العسكرية التابعة للنظام إلى تنفيذ مئات من الإعدامات الجماعية في حلب وتدمر وحماة - وعرفت مدينة جسر الشغور عام 1980-1981 عمليات صلب حقيقية.. أما مدينة حماة شباط 1982 فهي التي جرت فيها الجرائم والحوادث التي لا يمكن تبريرها أبداً).
5- الكاتب الصحفي البريطاني (باتريك سيل) وهو من أرخ للأسد الأب يقول في مقابلته التي أجريت مع قناة الجزيرة عام 2005 إنّ المجزرة الحقيقة التي وقعت في مدينة حماة كانت بعد القضاء على المقاومة البسيطة في المدينة حيث دخل الجيش والميليشيات وقاموا بقتل الناس بالآلاف في البيوت وفي الطرقات وكان حصيلة ذلك (حسب تقديره هو) بين خمسة آلاف وخمسة عشر ألف مواطن –فهل كانت المدينة مخطوفة كما يدّعي اللواء وهل ذهبت ضحايا المجزرة من المواطنين نتيجة الخطأ..!
أخيراً أتوجه إلى اللواء بهجت سليمان لأقول له: "لقد كنتم أحد رموز الفساد والاستبداد والقهر والإذلال والسحق لأكثرية شعبنا المسكين الأعزل، وقد يكون آن الأوان أن تصمتوا أنتم ومن معكم عن الدفاع عن أسوأ نظام عرفه التاريخ تجسدت فيه كل قذارات السلطة التي مارسها البشر من الاستبداد والفساد والدكتاتورية والفئوية والطائفية والعائلية والبراغماتية والانتهازية والخيانة والغدر والتآمر والباطنية والخداع...إلخ، فهل بقي لكم شيئاً تدافعون عنه؟!
سيلقاكم شعبكم الذي ذبحتموه وحرمتموه وسحقتموه وأفقرتموه وأجعتموه وأعريتموه وبعتموه مرات ومرات وسيحاسبكم حساباً عسيراً..!
قال تعالى: (ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليّه سلطاناً فلا يسرف في القتل إنه كان منصوراً).