MohdAnas
26/10/2007, 01:24
أما شاعرنا فاسمه فتيان بن علي بن فتيان بن ثمال الأسدي الحنفي الدمشقي المعروف بالشاغوري، أحد شعراء الخلافة الأيوبية. ذكر ابن خلكان أنه ولد سنة 533هـ ببانياس وأقام مدة بالزبداني وتوفي سنة 615هـ ودفن بمقابر الباب الصغير بدمشق، وشاغور هو أحد أحياء دمشق، كان فتيان أديباً فاضلاً وشاعراً مبدعاً. سكن دمشق واشتغل بالتعليم وتقرب إلى الملوك والسلاطين فمدحهم وعلَّم أبناءهم. ويلحظ القارئ لديوان فتيان الشاغوري الذي يقع فيما يقارب الستة آلاف بيت جودة شعره في مدح دمشق والتغني بأزهارها وثمارها وبساتينها وصباياها.
أثر عن شاعرنا قصائد عديدة في دمشق ونهر بردى والزبداني و أطراف دمشق وأوديتها وجبالها وسهولها. ولعل فتيان الشاغوري أبدع مَنْ وصف دمشق من شعراء الألفية الأولى بعد الهجرة.
يقول في قصيدة من أجود ما قاله عن دمشق:
لَو عايَنَت عَيناكَ بَهجَةَ جِلَّقا ......... وَرَأَيتَ مَنظَرَها البَهيجَ المونِقا
لَرَأَيتَ حُسناً كُلُّ حُسنٍ دونَهُ ......... تُعيي البَليغَ صِفاتُهُ أَن ينطِقا
جَنّاتُ عَدنٍ لَم تَكُن مُمتازَةً ......... عَنها بِشَيءٍ عَزَّ إِلا بِالبَقا وِلدانُها وَنِساؤُها كَالحورِ ......... وَالــــوِلدانِ بَل أَبهى وَأَشهى مَنطِقا
ويستمر شاعرنا فيقول:
ما إِن يُلامُ فَتىً يُرى في جِلَّقٍ......... أَيّامَ طيبِ سُبوتِها أَن يَعشَقا
أَنّى التَفَتَّ بِها رَأَيتَ أَهِلَّةً ......... تَرنو بِمِثلِ عُيونِ غزلانِ النَّقا
مَيدانُها لِلهَمِّ أَمسى مَغرِباً ......... لَكِن لِشَمسِ الحُسنِ أَضحى مَشرِقا
فهو يقول إن الهم لا يصيب أهلها فهو في غروب دائم أما الحسن فهو في شروق مثل ما تشرق الشمس .
ثم يسترسل شاعرنا فيصل إلى ذروة تغنيه بدمشق وهيامه بها فينشد:
كَم مِن غَريبٍ جاءها مُتَبَغدِدٍ ......... فَبَدَت مَحاسِنُها لَهُ فَتدمشَقا
مَن ذَمَّها يَوماً وَفَضَّلَ غَيرَها ......... فَلذاكَ مَوسومُ الجَبينِ بِأَحمَقا
مَن كانَ يَفخَرُ بِالخَليجِ وَكَسرِهِ ......... وَالنيلُ قَد عَمَّ البِلادَ وَطبَّقا
فَلِكُلِّ سَبتٍ مِن دِمَشقَ مَفاخِرٌ ......... أَصبَحنَ أَولى بِالفَخارِ وَأَليَقا
و(تبغددا) نسبة لبغداد وكذلك (تدمشق) نسبة إلى دمشق . ويبحر فتيان منشداً في جمال دمشق فيقول:
بَلَدٌ تَراهُ إِذا البِلادُ تَسابَقَت ......... في حَلبَةِ التَفضيلِ جاءَ الأَسبَقا
أَكرِم بِنَبتِ رِياضِهِ وَغِياضِهِ ......... وَالنّورُ نورٌ بِالحَدائِقِ مُحدِقا
وَالوُرقُ تَشدو وَالغُصونُ رَواقِصٌ ......... إِذ هَبَّ في الوَرَقِ النَسيمُ فَصَفَّقا
فَكَأَنَّما الأَرضُ السَماءُ طلاوَة ......... وَالزَهرُ كالزُهرِ الكَواكِبِ رَونَقا
مِن أَبيَضٍ يَقَقٍ وَأَصفَرَ فاقِعٍ ......... لَوناً يَسُرُّ الناظِرينَ وَأَزرَقا
وَكَأَنَّما المَنثورُ مَنظوماً عَلى ......... قُضُبِ الزَبَرجَدِ وَالزُمُرُّدِ مُشرِقا
ويقق شديد البياض أو القهد بلغة الأزد.
و يختم قصيدته ببيت بديع يصور دمشق بأنها أجمل ما خلقه الله من البلاد قديماً وحديثاً:
لَم يَخلُقِ الرَحمَنُ يَوماً مِثلَها ......... أَبَداً وَظَنّي أَنَّهُ لَن يَخلُقا
هذه ليست القصيدة الوحيدة التي تغنى فيها بدمشق، بل له قصائد عديدة في ذلك، وله أبيات مدح كثيرة قالها في دمشق، وهو يسبر طريق قصيدته في مدح حاكم هنا أو سلطان هناك، وللشاغوري قصائد أخرى في حب دمشق منها قوله:
وَعُج عَلى دِمَشقَ تُلفِ بَلدَةً ......... كَأَنَّما الجَنّاتُ مِن رستاقِها
سَقى دِمَشقَ اللَهُ غَيثاً محسباً ......... مِن مُستَهَلِّ ديمَةٍ دفّاقِها
مَدينَةٌ لَيسَ يُضاهى حُسنُها ......... في سائِرِ البُلدانِ مِن آفاقِها
تَوَدُّ زَوراءُ العِراقِ أَنَّها ......... مِنها وَلا تُعزى إِلى عِراقِها
فهو يقول إن بغداد تتوق إلى أن تنسب إلى دمشق مبالغة في المدح والفخر، وزوراء العراق هو اسم من أسماء بغداد. يقول صفي الدين الحلي في قصيدته المشهورة:
سَلي الرِماحَ العَوالي عَن مَعالينا
وَاِستَشهِدي البيضَ هَل خابَ الرَجا فينا
يا يَومَ وَقعَةِ زَوراءِ العِراقِ وَقَد
دِنّا الأَعادي كَما كانوا يَدينونا
ومن قصائد فتيان الجميلة في دمشق قوله:
وَاِذكُر دِمَشقَ فَإِنَّ اللَهَ فَضَّلَها ......... عَلى البِلادِ بِما لا يُمتَرى فيهِ
زَهَت بِجامِعِها وَالنَسرِ مُمتطِياً ......... قَوادِمَ النَسرِ تَتلوها خَوافيهِ
تِلكَ المَرابِعُ لا حَزوى وَكاظِمَةٌ ......... وَلا العَقيقُ بَواديهِ بِواديهِ
أَقَلُّ شِعبٍ تَراهُ في دِمَشقَ يُوافي ......... شِعبَ بَوّانَ وافي الفَخر وَالتيهِ
دَع شِعبَ بَوانَ يا مَن بِالهَجينِ أَتى ......... مُطَهَّماً عَرَبِياً كَي يُباريهِ
كَم يَوم سَبتٍ بَديعٍ في دِمَشقَ أَتى ......... بِحُسنِ مَن يوسُفُ الصديقُ يَحكيهِ
إِذا تَأَمَّلتَها مِن كُلِّ ناحِيَةٍ ......... دَعَتكَ لِلعَجَبِ البادي دَواعيهِ
كَأَنَّ مِشمِشَها في دَوحِهِ ثَمَرُ الـ ......... جِنانِ تَجنيهِ مِنها كَفُّ جانيهِ
والمطهم من الخيل هو تام الحسن الذي لا عيب فيه، أما شعب بوان فهو ذلك الشعب المشهور من بلاد فارس الذي مدحه المتنبي بقوله:
يَقولُ بِشِعبِ بَوّانٍ حِصاني
أَعَن هَذا يُسارُ إِلى الطِعانِ
والمتنبي يقصد بذلك أن ذلك الوادي من الجمال بمكان أن الحصان يقول للفارس هل يعقل أن تترك هذا النعيم وتتجه صوب المعركة وما تحمله من معاني الهلكة والموت.
أثر عن شاعرنا قصائد عديدة في دمشق ونهر بردى والزبداني و أطراف دمشق وأوديتها وجبالها وسهولها. ولعل فتيان الشاغوري أبدع مَنْ وصف دمشق من شعراء الألفية الأولى بعد الهجرة.
يقول في قصيدة من أجود ما قاله عن دمشق:
لَو عايَنَت عَيناكَ بَهجَةَ جِلَّقا ......... وَرَأَيتَ مَنظَرَها البَهيجَ المونِقا
لَرَأَيتَ حُسناً كُلُّ حُسنٍ دونَهُ ......... تُعيي البَليغَ صِفاتُهُ أَن ينطِقا
جَنّاتُ عَدنٍ لَم تَكُن مُمتازَةً ......... عَنها بِشَيءٍ عَزَّ إِلا بِالبَقا وِلدانُها وَنِساؤُها كَالحورِ ......... وَالــــوِلدانِ بَل أَبهى وَأَشهى مَنطِقا
ويستمر شاعرنا فيقول:
ما إِن يُلامُ فَتىً يُرى في جِلَّقٍ......... أَيّامَ طيبِ سُبوتِها أَن يَعشَقا
أَنّى التَفَتَّ بِها رَأَيتَ أَهِلَّةً ......... تَرنو بِمِثلِ عُيونِ غزلانِ النَّقا
مَيدانُها لِلهَمِّ أَمسى مَغرِباً ......... لَكِن لِشَمسِ الحُسنِ أَضحى مَشرِقا
فهو يقول إن الهم لا يصيب أهلها فهو في غروب دائم أما الحسن فهو في شروق مثل ما تشرق الشمس .
ثم يسترسل شاعرنا فيصل إلى ذروة تغنيه بدمشق وهيامه بها فينشد:
كَم مِن غَريبٍ جاءها مُتَبَغدِدٍ ......... فَبَدَت مَحاسِنُها لَهُ فَتدمشَقا
مَن ذَمَّها يَوماً وَفَضَّلَ غَيرَها ......... فَلذاكَ مَوسومُ الجَبينِ بِأَحمَقا
مَن كانَ يَفخَرُ بِالخَليجِ وَكَسرِهِ ......... وَالنيلُ قَد عَمَّ البِلادَ وَطبَّقا
فَلِكُلِّ سَبتٍ مِن دِمَشقَ مَفاخِرٌ ......... أَصبَحنَ أَولى بِالفَخارِ وَأَليَقا
و(تبغددا) نسبة لبغداد وكذلك (تدمشق) نسبة إلى دمشق . ويبحر فتيان منشداً في جمال دمشق فيقول:
بَلَدٌ تَراهُ إِذا البِلادُ تَسابَقَت ......... في حَلبَةِ التَفضيلِ جاءَ الأَسبَقا
أَكرِم بِنَبتِ رِياضِهِ وَغِياضِهِ ......... وَالنّورُ نورٌ بِالحَدائِقِ مُحدِقا
وَالوُرقُ تَشدو وَالغُصونُ رَواقِصٌ ......... إِذ هَبَّ في الوَرَقِ النَسيمُ فَصَفَّقا
فَكَأَنَّما الأَرضُ السَماءُ طلاوَة ......... وَالزَهرُ كالزُهرِ الكَواكِبِ رَونَقا
مِن أَبيَضٍ يَقَقٍ وَأَصفَرَ فاقِعٍ ......... لَوناً يَسُرُّ الناظِرينَ وَأَزرَقا
وَكَأَنَّما المَنثورُ مَنظوماً عَلى ......... قُضُبِ الزَبَرجَدِ وَالزُمُرُّدِ مُشرِقا
ويقق شديد البياض أو القهد بلغة الأزد.
و يختم قصيدته ببيت بديع يصور دمشق بأنها أجمل ما خلقه الله من البلاد قديماً وحديثاً:
لَم يَخلُقِ الرَحمَنُ يَوماً مِثلَها ......... أَبَداً وَظَنّي أَنَّهُ لَن يَخلُقا
هذه ليست القصيدة الوحيدة التي تغنى فيها بدمشق، بل له قصائد عديدة في ذلك، وله أبيات مدح كثيرة قالها في دمشق، وهو يسبر طريق قصيدته في مدح حاكم هنا أو سلطان هناك، وللشاغوري قصائد أخرى في حب دمشق منها قوله:
وَعُج عَلى دِمَشقَ تُلفِ بَلدَةً ......... كَأَنَّما الجَنّاتُ مِن رستاقِها
سَقى دِمَشقَ اللَهُ غَيثاً محسباً ......... مِن مُستَهَلِّ ديمَةٍ دفّاقِها
مَدينَةٌ لَيسَ يُضاهى حُسنُها ......... في سائِرِ البُلدانِ مِن آفاقِها
تَوَدُّ زَوراءُ العِراقِ أَنَّها ......... مِنها وَلا تُعزى إِلى عِراقِها
فهو يقول إن بغداد تتوق إلى أن تنسب إلى دمشق مبالغة في المدح والفخر، وزوراء العراق هو اسم من أسماء بغداد. يقول صفي الدين الحلي في قصيدته المشهورة:
سَلي الرِماحَ العَوالي عَن مَعالينا
وَاِستَشهِدي البيضَ هَل خابَ الرَجا فينا
يا يَومَ وَقعَةِ زَوراءِ العِراقِ وَقَد
دِنّا الأَعادي كَما كانوا يَدينونا
ومن قصائد فتيان الجميلة في دمشق قوله:
وَاِذكُر دِمَشقَ فَإِنَّ اللَهَ فَضَّلَها ......... عَلى البِلادِ بِما لا يُمتَرى فيهِ
زَهَت بِجامِعِها وَالنَسرِ مُمتطِياً ......... قَوادِمَ النَسرِ تَتلوها خَوافيهِ
تِلكَ المَرابِعُ لا حَزوى وَكاظِمَةٌ ......... وَلا العَقيقُ بَواديهِ بِواديهِ
أَقَلُّ شِعبٍ تَراهُ في دِمَشقَ يُوافي ......... شِعبَ بَوّانَ وافي الفَخر وَالتيهِ
دَع شِعبَ بَوانَ يا مَن بِالهَجينِ أَتى ......... مُطَهَّماً عَرَبِياً كَي يُباريهِ
كَم يَوم سَبتٍ بَديعٍ في دِمَشقَ أَتى ......... بِحُسنِ مَن يوسُفُ الصديقُ يَحكيهِ
إِذا تَأَمَّلتَها مِن كُلِّ ناحِيَةٍ ......... دَعَتكَ لِلعَجَبِ البادي دَواعيهِ
كَأَنَّ مِشمِشَها في دَوحِهِ ثَمَرُ الـ ......... جِنانِ تَجنيهِ مِنها كَفُّ جانيهِ
والمطهم من الخيل هو تام الحسن الذي لا عيب فيه، أما شعب بوان فهو ذلك الشعب المشهور من بلاد فارس الذي مدحه المتنبي بقوله:
يَقولُ بِشِعبِ بَوّانٍ حِصاني
أَعَن هَذا يُسارُ إِلى الطِعانِ
والمتنبي يقصد بذلك أن ذلك الوادي من الجمال بمكان أن الحصان يقول للفارس هل يعقل أن تترك هذا النعيم وتتجه صوب المعركة وما تحمله من معاني الهلكة والموت.