ما بعرف
18/10/2007, 13:23
ضحى شمس - السفير (////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////)
كل ما اقترب ممثل من ممثلة، بما يبدو أنه مشروع قبلة غرامية، إذ به، وفي اللحظة الأخيرة، «يزحّط» صعوداً نحو جبينها، «أقرب الحلال» التلفزيوني، فيقبله.
يتكاثر استخدام هذا «الخيار» في المسلسلات التلفزيونية خاصة، كنتيجة طبيعية لتكاثر هذه الأخيرة. فقصص الحب هي عمود فقري فيها، ولو كانت من النوع التاريخي. لا بل أن المشاهد، على زعم المنتجين، لا «يبلع» المسلسل إلا إن كان فيه قصة حب. والأمر ليس اكتشافاً جديداً. فالمؤرخ واللغوي الكبير جرجي زيدان، كان أول من اكتشف هذه «الحيلة» التثقيفية، والتزم بها في روايته لتاريخ الإسلام.
ولكن لروايات الغرام التلفزيونية اليوم، متطلباتها البصرية. فإن كان باستطاعة نجيب محفوظ أن يتحدث عن قبلة يتكفل القارئ بتخيلها، إلا أن النص حين يصبح مشهداً تلفزيونياً، يستلزم أو الإيحاء بالقبلة، أو القيام بها. وفي رمضان المنصرم، أحصينا ما لا يقل عن عشرين «ليلة دخلة» سورية ومصرية، كلها، ومن دون استثناء، كانت مشاهد غرامية «دايت»، التزمت بما يشبه التعميم بتصرف ثالث هو ما وصفناه في الأعلى.
هكذا، ما أن يبدأ المشهد الغرامي وتنساب الموسيقى «الرومنطيقية»، حتى يحتضن الممثل بكفيه وجه العروس، ناظراً إليه كما ينظر الصائم إلى مائدة الفطور، وإذ.. وفي اللحظة الأخيرة، يرفع ذقنه بحركة مفاجئة ليطبع قبلة.. أبوية، على جبين العروس!
مفجع هذا الخيار الفرويدي! فقد أصبحت القبلة الأبوية على الجبين بمثابة «الاقتراب الشرعي» بين ممثلين في مشهد غرامي. يشبه خيار المخرج في هذا، خيار «ترجمة» الشتيمة الإنكليزية الأشهر «(..) يو» إلى مجرد ..«تباً»!
و.. «تباً» يقولها المشاهد. ليس من رغبة في رؤية قبلة متداولة على كل الشاشات، بل من بديلها السخيف. فلماذا يعتبر المخرج أن عليه إيجاد «قبلة حلال»؟ إما قبلة وإما لا قبلة.
أما القبلة الأبوية، التي تستنبط أبوية الزوج أيام «سي السيد» مصرياً، و«أبو عصام» سورياً، حيث يعلمون الزوجة الطفلة أن تطمح إلى «رضى زوجها» الذي يكبرها عادة بما يكبر الأب أولاده، فهي بديل متخلف يضيف الى مساوئ الرقابة التي تمنع القبلة، مساوئ استنباط وترويج ما فاتت مدة صلاحيته من علاقة بين الجنسين.
شيئاً فشيئاً تصبح قبلة الجبين في الدراما التلفزيونية، بمثابة النسخة «المحجبة» من القبلة الحقيقية. شيء يشبه نسخة الخليج من المجلات الفنية حيث يجري قلم الرقيب (حقيقة وليس مجازاً) وباللون الأسود، مخربشاً على «فائض اللحم النسائي» المعتبر في نظره مغرياً.
المشكلة مع «القبلة التلفزيونية الحلال»، أنها «توقع» المشهد: فما أن «يزحط» الممثل بوجهه صعوداً، حتى يزحط المشهد هبوطاً، ويتحول من مؤثّر إلى .. كوميدي. وكلما كان المشهد الممهد للقبلة ناجحاً، كان وقع «التزحيط» وقد حطه «السيل من علٍ» أقوى.
خذوا مثلاً مشهد أحمد حسنين باشا والملكة نازلي لدى خلوتهما الأولى بعد زواجهما. فقد «فحشت» الملكة في الحلقات الخمس والعشرين السابقة كلها وهي تجهر بغرامها وبحقها كإمراة في الزواج. لا بل انها «اعتصمت» في القدس، مبتزة الملك كي تعود الى القاهرة أن يزوجها حبيبها. رضخ فاروق. وفي مشهد مؤثر ينهار باكياً وهو «يطلب يد» حسنين باشا لوالدته: «إتجوزها من فضلك يا حسنين»، رجاه. لكنهما ما أن باتا «أخيراً لوحدنا»، واحتضن حسنين وجه نازلي بكفيه مقترباً من وجهها وهي تنظر إليه بلهفة حتى.. «زززززت» زحّط صعوداً، طابعاً قبلته فوق جزء من «ديكور» المسلسل، أي «شينيون» جلالتها.
المشكل نفسه تكرر، وبوضوح أكبر في مسلسل «حنان وحنين» الذي يقوم ببطولته عمر الشريف، في أولى أدواره التلفزيونية. وربما كان لهذا السبب، أي قيام فتى الشاشة العالمية الأول بالدور، الدور الأكبر في تعظيم أثر قبلة الرقابة.
فبعدما امتنعت «حنان» عن لقاء «رؤوف» العائد اليها بعد 25 عاماً من الشوق «المدلهم»، تقابله أخيراً في بيتها. وبعدما استمتعنا وللمرة الأولى على شاشة عربية، بأداء محترف في أداء دور الحبيب، إذ بعمر الشريف، ما أن ينظر في عيني حبيبته بعينيه البندقيتين الشهيرتين حتى... يزحّط هو الآخر نحو أعلى جبينها ويقبلها «هناك»، بما بدا أشبه بإعلان.. تعفف عن علاقة جسدية نظراً لسن الممثل، أكثر منه «قبلة» بين محبين.
قد يقول قائل إن «قبلة الجبين»، هي أجدر بالشاشة التلفزيونية. فهذا الأخير، كما نحب أن نقول، يدخل كل منزل من دون استئذان (وكأن تشغيل التلفزيون ليس إرادياً)، والدنيا رمضان.. إلخ. فليكن: لكن ألا تعرض أفلام عمر الشريف على أكثر من مئة قناة تلفزيونية عربية وأجنبية، أرضية وفضائية؟ ولم «هذه» القبلة؟ «بلاها»! وليقطع المشهد ما أن «تحين اللحظة»!
يحاول العرب التوفيق بين تحفظ مجتمعاتهم العائلية المتزايد بإزدياد التدين في ظل الأزمات الاقتصادية الخانقة، وبين رغبتهم اللحاق بالتقدم العالمي. لهذا تجد دائماً أنهم بحاجة الى صيغة خاصة بهم من «منتوجات التقدم». من نوع «مرتديلا حلال»، أو «بيرة من دون كحول»، أو «سبحان من سخر لنا هذا» لدى استقلالهم السيارة أو الطيارة أو، «القبلة الحلال» التلفزيونية.
المشكلة هو هذا الرضوخ المتزايد لقمع المجتمع، المتزايد بدوره، في دورة إنتاج متكاملة. فالقمع هو تماماً كما يقول المثل: إن أعطيته إصبعاً أخذ منك ذراعاً. المشكلة أن هذه الذراع السليبة لا تسقط من جسم مسلسل من هنا ومسلسل من هناك. بل من مكتسبات اجتماعية بذل الكثير لأجلها، وهي منذ فترة في تراجع مستمر.
كل ما اقترب ممثل من ممثلة، بما يبدو أنه مشروع قبلة غرامية، إذ به، وفي اللحظة الأخيرة، «يزحّط» صعوداً نحو جبينها، «أقرب الحلال» التلفزيوني، فيقبله.
يتكاثر استخدام هذا «الخيار» في المسلسلات التلفزيونية خاصة، كنتيجة طبيعية لتكاثر هذه الأخيرة. فقصص الحب هي عمود فقري فيها، ولو كانت من النوع التاريخي. لا بل أن المشاهد، على زعم المنتجين، لا «يبلع» المسلسل إلا إن كان فيه قصة حب. والأمر ليس اكتشافاً جديداً. فالمؤرخ واللغوي الكبير جرجي زيدان، كان أول من اكتشف هذه «الحيلة» التثقيفية، والتزم بها في روايته لتاريخ الإسلام.
ولكن لروايات الغرام التلفزيونية اليوم، متطلباتها البصرية. فإن كان باستطاعة نجيب محفوظ أن يتحدث عن قبلة يتكفل القارئ بتخيلها، إلا أن النص حين يصبح مشهداً تلفزيونياً، يستلزم أو الإيحاء بالقبلة، أو القيام بها. وفي رمضان المنصرم، أحصينا ما لا يقل عن عشرين «ليلة دخلة» سورية ومصرية، كلها، ومن دون استثناء، كانت مشاهد غرامية «دايت»، التزمت بما يشبه التعميم بتصرف ثالث هو ما وصفناه في الأعلى.
هكذا، ما أن يبدأ المشهد الغرامي وتنساب الموسيقى «الرومنطيقية»، حتى يحتضن الممثل بكفيه وجه العروس، ناظراً إليه كما ينظر الصائم إلى مائدة الفطور، وإذ.. وفي اللحظة الأخيرة، يرفع ذقنه بحركة مفاجئة ليطبع قبلة.. أبوية، على جبين العروس!
مفجع هذا الخيار الفرويدي! فقد أصبحت القبلة الأبوية على الجبين بمثابة «الاقتراب الشرعي» بين ممثلين في مشهد غرامي. يشبه خيار المخرج في هذا، خيار «ترجمة» الشتيمة الإنكليزية الأشهر «(..) يو» إلى مجرد ..«تباً»!
و.. «تباً» يقولها المشاهد. ليس من رغبة في رؤية قبلة متداولة على كل الشاشات، بل من بديلها السخيف. فلماذا يعتبر المخرج أن عليه إيجاد «قبلة حلال»؟ إما قبلة وإما لا قبلة.
أما القبلة الأبوية، التي تستنبط أبوية الزوج أيام «سي السيد» مصرياً، و«أبو عصام» سورياً، حيث يعلمون الزوجة الطفلة أن تطمح إلى «رضى زوجها» الذي يكبرها عادة بما يكبر الأب أولاده، فهي بديل متخلف يضيف الى مساوئ الرقابة التي تمنع القبلة، مساوئ استنباط وترويج ما فاتت مدة صلاحيته من علاقة بين الجنسين.
شيئاً فشيئاً تصبح قبلة الجبين في الدراما التلفزيونية، بمثابة النسخة «المحجبة» من القبلة الحقيقية. شيء يشبه نسخة الخليج من المجلات الفنية حيث يجري قلم الرقيب (حقيقة وليس مجازاً) وباللون الأسود، مخربشاً على «فائض اللحم النسائي» المعتبر في نظره مغرياً.
المشكلة مع «القبلة التلفزيونية الحلال»، أنها «توقع» المشهد: فما أن «يزحط» الممثل بوجهه صعوداً، حتى يزحط المشهد هبوطاً، ويتحول من مؤثّر إلى .. كوميدي. وكلما كان المشهد الممهد للقبلة ناجحاً، كان وقع «التزحيط» وقد حطه «السيل من علٍ» أقوى.
خذوا مثلاً مشهد أحمد حسنين باشا والملكة نازلي لدى خلوتهما الأولى بعد زواجهما. فقد «فحشت» الملكة في الحلقات الخمس والعشرين السابقة كلها وهي تجهر بغرامها وبحقها كإمراة في الزواج. لا بل انها «اعتصمت» في القدس، مبتزة الملك كي تعود الى القاهرة أن يزوجها حبيبها. رضخ فاروق. وفي مشهد مؤثر ينهار باكياً وهو «يطلب يد» حسنين باشا لوالدته: «إتجوزها من فضلك يا حسنين»، رجاه. لكنهما ما أن باتا «أخيراً لوحدنا»، واحتضن حسنين وجه نازلي بكفيه مقترباً من وجهها وهي تنظر إليه بلهفة حتى.. «زززززت» زحّط صعوداً، طابعاً قبلته فوق جزء من «ديكور» المسلسل، أي «شينيون» جلالتها.
المشكل نفسه تكرر، وبوضوح أكبر في مسلسل «حنان وحنين» الذي يقوم ببطولته عمر الشريف، في أولى أدواره التلفزيونية. وربما كان لهذا السبب، أي قيام فتى الشاشة العالمية الأول بالدور، الدور الأكبر في تعظيم أثر قبلة الرقابة.
فبعدما امتنعت «حنان» عن لقاء «رؤوف» العائد اليها بعد 25 عاماً من الشوق «المدلهم»، تقابله أخيراً في بيتها. وبعدما استمتعنا وللمرة الأولى على شاشة عربية، بأداء محترف في أداء دور الحبيب، إذ بعمر الشريف، ما أن ينظر في عيني حبيبته بعينيه البندقيتين الشهيرتين حتى... يزحّط هو الآخر نحو أعلى جبينها ويقبلها «هناك»، بما بدا أشبه بإعلان.. تعفف عن علاقة جسدية نظراً لسن الممثل، أكثر منه «قبلة» بين محبين.
قد يقول قائل إن «قبلة الجبين»، هي أجدر بالشاشة التلفزيونية. فهذا الأخير، كما نحب أن نقول، يدخل كل منزل من دون استئذان (وكأن تشغيل التلفزيون ليس إرادياً)، والدنيا رمضان.. إلخ. فليكن: لكن ألا تعرض أفلام عمر الشريف على أكثر من مئة قناة تلفزيونية عربية وأجنبية، أرضية وفضائية؟ ولم «هذه» القبلة؟ «بلاها»! وليقطع المشهد ما أن «تحين اللحظة»!
يحاول العرب التوفيق بين تحفظ مجتمعاتهم العائلية المتزايد بإزدياد التدين في ظل الأزمات الاقتصادية الخانقة، وبين رغبتهم اللحاق بالتقدم العالمي. لهذا تجد دائماً أنهم بحاجة الى صيغة خاصة بهم من «منتوجات التقدم». من نوع «مرتديلا حلال»، أو «بيرة من دون كحول»، أو «سبحان من سخر لنا هذا» لدى استقلالهم السيارة أو الطيارة أو، «القبلة الحلال» التلفزيونية.
المشكلة هو هذا الرضوخ المتزايد لقمع المجتمع، المتزايد بدوره، في دورة إنتاج متكاملة. فالقمع هو تماماً كما يقول المثل: إن أعطيته إصبعاً أخذ منك ذراعاً. المشكلة أن هذه الذراع السليبة لا تسقط من جسم مسلسل من هنا ومسلسل من هناك. بل من مكتسبات اجتماعية بذل الكثير لأجلها، وهي منذ فترة في تراجع مستمر.