-
دخول

عرض كامل الموضوع : مرثية الفرات العتيق- كمال جمال بك


ليندا
16/09/2007, 05:01
فــاتحـــــــــة 1

القمحُ يصرخُ بي تعال‏
والتينُ يهتفُ: لا تعدْ‏
ما بين سنبلةٍ تئنُّ وتينةٍ‏
كشفتْ مفاتنَ عريها..‏
وزَّعتُ غيمي‏
ما زرعتُ سوى القصيدة علَّها‏
تنمو فينتثرُ السؤال‏


دمشق 8/10/1997‏

ليندا
16/09/2007, 05:03
رؤيا

والشعرِ..‏
والمشاعرِ المجنونةْ‏
إنَّ الجديد تحت هذي الشمس دائماً‏
وأنتمُ الذين لا ترونهْ‏
والشعرِ..‏
والشاعرِ.. والقصيدةِ الملعونةْ‏
ما ضلَّت الرؤيا..‏
وما ضلَّ الشقيُّ أو غوى‏
إذ قال في مُحْكمِ أسفار الهوى‏
: لا شيء قبض الريح تملكونهْ‏

ليندا
16/09/2007, 05:05
لمن ينتمي الزيزفون؟؟


حبَّةً.. حبَّةً‏
يرحلونْ‏
ترحلُ الأغنياتُ، وينكسرُ الزيزفونْ‏
** **‏
لغنائي‏
وردةٌ كالضجيجِ الذي‏
يتناسلُ من طعناتِ الهواءِ‏
** **‏
- منْ أنا؟؟‏
+ منْ تكونْ؟؟‏
ومضى الصوتُ مستسلماً للصدى‏
راعفاً.. راجفاً‏
في مساماتهِ همسةٌ، وجنونْ‏
** **‏
إنَّها العرباتُ وقد أرتجتْ قلبَها‏
في المحطَّاتِ تمشي الحقائبُ مسرعةً‏
وثقيلاً.. ثقيلاً‏
يمرُّ السكونْ‏
** **‏
ليس لي شجرٌ‏
لأغنِّي له: (عائدونْ...)‏
** **‏
بعدما يدفنُ العمرُ أمواجَهُ‏
تعزفُ الريحُ لحنَ الوداعِ‏
فينتبه العاشقونْ‏

ليندا
16/09/2007, 05:16
مرآة حلم

كأنّني رأيتُك البارحةْ‏
وكان ثلجٌ يغسل الجبالَ..‏
كان قاسيون وردةً محمرَّةَ الخدينِ..‏
قلتُ: يا للبارحةْ!!‏
كأنَّ أطيافاً من الملاك بغتةً رأيتُها‏
فراشةً بيضاءَ..‏
أو مرآةَ حلمٍ..‏
خلتُني كالطفل فرَّ من عيونِهِ النعاسُ،‏
قلتُ: ليتني قطفتُ من عينيك نجمتينِ قبل النومِ..‏
قلتُ يا للبارحةْ‏
لكنّني استفقتُ...‏
كنتِ في الصدى أغنيتي‏
وشَعرُك الحالمُ في كفِّي..‏
يقولُ: إنَّني رأيتُك البارحةْ‏

ليندا
16/09/2007, 05:31
مرثية الفرات العتيق

إنَّ نجماً هوى‏
وطوى شغبي‏
هو نجمُ أبي‏
فاسكبي‏
يا غماماتُ دمعَ الوداعِ عليهِ ولا تبخلي‏
هو أكرمَنَا في الحياةِ..‏
وأكرمنا في المماتِ‏
ولو لم يكن آخرُ الأنبياءِ مضى‏
لصرختُ: إذاً هو موت نبي‏
*** ***‏
يا أبي.. يا أبي‏
بعد موتِكَ لا موتَ يفـزعني‏
لا حياةَ تؤانسني‏
لاظلالَ أفيءُ إليها‏
ولا ظلَّ إن لعبَ الحَرُّ بي‏
*** ***‏
يا أبي..‏
لست أرثيكَ..‏
أرثي الذي ظلَّ بعدَكَ في الأرض ينبشُ فيها‏
لينهبَ لقمتَهُ‏
من فم الدودِ‏
أو من فمِ الذئبِ‏
لا فرقَ.. فالأرضُ ضيّقةٌ‏
والخُطا واسعهْ‏
لست أبكيكَ..‏
أبكي الذي عاش بعدَكَ كي يشهدَ الذلّ مستسلماً‏
واهماً أنّه سوف ينجو‏
إذا ما انحنى‏
كي تمرَّ العواصفُ زوبعةً.. زوبعةْ‏
*** ***‏

ليندا
16/09/2007, 05:36
تابع مرثية الفرات العتيق
يا أبي..‏
أنت ما متَّ..‏
نحن الذين ننطُّ على جمرةِ القهرِ موتى..‏
فنمْ هانئا‏
في سريركَ هذا النديّ الذي‏
يسعُ العمرَ طولاً وعرضا..‏
ونم مطمئنا‏
ولو لحظةً، كانت المشتهى فتعزُّ عليك‏
إنَّها الآن بين يديك‏
فاغمض الجفن لو مرَّةً يا أبي‏
إنّ مَن غرّبتهُ البلادُ‏
يظلُّ -ولو عاش عشرين دهرا- شريدا‏
ومن طاردتْهُ القصيدةُ..‏
يبقى - إلى أبد الآبدين- طريدا‏
ومن روّضتْهُ الهمومُ‏
تراهُ يفكُّ القيودا؟؟‏
ثلاثةُ حمقى بعيدون عن مقلتيك‏
يُمطرونَكَ سيْلَ رسائل حبّ‏
ويستخدمون الهواتفَ شريانَ شوقٍ‏
ولم يعرفوا أن حقَّ الأبوَّةِ ليس بريدا‏
ثلاثةُ حمقى بعيدون عن مقلتيك‏
وثلاثة حمقى حواليك أيضا‏
وأمٌّ.. وقارورتان يُطلْن السجودا‏
ولم يستطيعوا جميعاً‏
مداناةَ سرّكَ في العيش..‏
سُّركَ في العيشِ كان فريدا‏
فنم يا أبي‏
أرخِ رأسكَ عن راحتيك‏
إنّ نسلك حمقى‏
ولكنّهم لم يكونوا عبيدا‏


:

ليندا
16/09/2007, 05:38
تابع مرثية الفرات العتيق

يا أبي.. يا أبي‏
ها أنا الآن أفتحُ جرحَ القصيدةِ نافذةً‏
لتطلَّ على روحِكَ الطاهرهْ‏
اقرأ المتبقّي من الحَسَراتِ..‏
على ضفّةِ الانكساراتِ..‏
أفردُ أشرعةَ القلبِ فوق زوارق حزني‏
وأحملُ من كاهناتِ الغيابِ‏
ومن كائناتِ الحضورِ‏
سؤالين من كلِّ مملكةٍ‏
ثمَّ فليأتِ ما يأتي..‏
بعد الذي صار ما صار..‏
أنتَ الذي أطلقَ الطائرَ الحُرّ في صدرِنا‏
وأمام المصاعبِ قلتَ: احرقوا السُّفنا..‏
فالسلام على روحِكَ الثائرةْ‏
والسلام.. السلام على أمّةٍ‏
لم يعد في قواميسِ أركانِها‏
غيرُ قرقعةٍ لحروفِ السلام‏
استميحكَ في صمتكَ الآن..‏
أعرفُ أنيّ نكَأتُ جروحَكَ‏
لكنّني ما تجاوزتُ حدّ الكلام‏
استميحك في بيتك الآنَ..‏
أقرعُ بابَكَ..‏
-أعرفُ لا بابَ للقبر-‏
لكنّني أستطيعُ الوصول..‏
يقيني بأنّكَ تسمعني‏
ويقيني بأنّ الذي بيننا‏
عاجزٌ أنْ يقول..‏
فهل من رسولٍ‏
سوى هذه الخلجات اللواتي‏
أحسُّ بهنَّ رسولا؟؟‏
سلامٌ عليكَ أبي‏
وسلامٌ على روحِكَ الساخرةْ‏
ها بطيْبِكَ شيّدتُ بيتاً لروحي‏
وباسمِكَ سمّيتُ طفلي الجديدا‏
كأنّ الزمانَ الذي قد مضى‏
ما انقضى‏
تستمرُّ الحياةُ بما يشبهُ اللهوَ..‏
من عبثِ الماءِ بالطينِ‏
والطينِ بالنّارِ..‏
تولدُ في كلِّ موتٍ قصيدةْ!!‏