ما بعرف
04/09/2007, 20:05
سليمان يهدي «الانتصار» إلى شهداء الجيش والمقاومة ... وإشادة فرنسية وروسية وسعودية بالعملية
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
طوافات للجيش اللبناني تحلق فوق البارد أمس للتحقق من خلوه من المسلحين (أ ب)
مع انهيار تنظيم «فتح الإسلام» في «البارد» والاعلان رسميا عن مقتل قياداته «المتعددة الجنسيات» لتدفن معهم اسرار هذا التنظيم الاستخباراتي المعقد، تبدأ مرحلة جديدة من التعامل مع هذه الظاهرة الوافدة الى البيئتين اللبنانية والفلسطينية، في ظل تقديرات لمراجع عسكرية وأمنية لبنانية بأن تنظيم «فتح الاسلام» قد انتهى، لكن خطر الارهاب من هذا النوع، لا يزال قائما، ولو أن معظم المجموعات المفترضة لتنظيم «القاعدة» في لبنان، محور ملاحقة يومية الى حد بات يصعب عليها الحركة، فضلا عن تلقيها ضربة مؤلمة وقاسية جدا في «البارد» وخارجه.
وفيما بلغت آخر حصيلة للقتلى حوالى أربعة وأربعين مقاتلا، فضلا عن حوالى اربعة وعشرين موقوفا، فإن الأعداد الأخرى من الموقوفين (128 لدى القضاء العسكري) ومن القتلى، تعني أن الذين تمكنوا من الفرار لم يتجاوزوا العشرة، علما بأن الجيش اللبناني واصل، أمس، «تنظيف» «البارد» من جيوب المسلحين فيما تنتظره مهمة شاقة تتمثل في تنظيف المخيم من الألغام المزروعة فيه.
وفي حين كانت زوجة زعيم تنظيم «فتح الإسلام» شاكر العبسي (فلسطيني) تتعرّف إلى جثته الموجودة في المستشفى الحكومي في طرابلس، كانت وحدات الجيش تنتشل من شاطئ العبدة جثتي الناطق الإعلامي للتنظيم أبي سليم طه (سعودي) والمسؤول الميداني ناصر إسماعيل (فلسطيني من «البارد»)، ليصبح بذلك جميع قادة التنظيم في عداد القتلى، بينما استمرت لليوم الثاني على التوالي عملية مطاردة فلول المسلحين في خراج بلدتي عيون السمك ووادي الجاموس في قضاءي الضنية وعكار، بمشاركة المروحيات العسكرية وأبناء تلك القرى، الذين تناوبوا ليلاً وقسموا انفسهم إلى مجموعات صغيرة لمساعدة عناصر الجيش.
وشهد محيط المخيم يوما مختلفاً عما شهدته الأشهر الثلاثة الماضية، ودبت الحياة في شريان أوتوستراد المنية ـ العبدة الحيوي، وذلك في موازاة قيام الجيش بسـحب بعض وحداته من داخل المخيم ومحيطه، على أن تشمل هذه العملية اليوم «وحدات النخبة» التي ستتوجه مباشرة إلى وزارة الدفاع حيث ستكون في استقبالها احتفالات شعبية، على طول الطريق من الشمال إلى بيروت.
وفيما تكثفت التحقيقات التي تجريها مديرية المخابرات في الجيش اللبناني مع الموقوفين، قبل احالتهم كغيرهم على القضاء العسكري، يُنتظر أن يعلن وزير الدفاع الياس المر في مؤتمره الصحافي اليوم، عن بعض الوقائع المتصلة بالمواجهة والتوقيفات والتحقيقات.
وفي هذا السياق، قالت جهات رسمية لبنانية، أمس، لـ«السفير» إن قائد الجيش اللبناني العماد ميشال سليمان أبلغها أنه لم تحصل اي عملية هجومية من خلايا نائمة خارج المخيم باتجاه «البارد»، وكل ما حصل أن شاكر العبسي اتخذ قرارا مفاده «أن الاستسلام والاستشهاد هما الخياران المتاحان أمامنا وبالتالي لنحاول القيام بعملية فرار واسعة (بعد العرض الذي أُرسل للجيش اللبناني عن طريق رابطة علماء فلسطين)، وعندها نصبح أمام ثلاثة احتمالات بدلا من اثنين، الاستسلام أو الاستشهاد أو الفرار». وهكذا تقررت ساعة الصفر للهروب الانتحاري الواسع، ونجحت أول مجموعة مؤلفة من عنصرين في الوصول الى الأوتوستراد الدولي حيث أوقفا سائق سيارة «المرسيدس» البيضاء اللون وهو بائع خضار (لبناني من عكار) كان متوجها كعادته كل يوم من عكار باتجاه طرابلس، وطلبا منه أن يكمل طريقه باتجاه طرابلس لكنهما فوجئا بحاجز الجيش اللبناني يعترض طريقهما (لهجتهما أوحت أنهما ليسا لبنانيين أو فلسطينيين) فقررا اطلاق النار على العسكريين (استشهد منهم اثنان فورا) وتم الرد عليهما فقُتلا مع السائق الذي أُرغم على اختراق الحاجز.
وفي الوقت نفسه، كانت بقية وحدات الجيش تتعامل مع المحاور الثلاثة دفعة واحدة، فيما تبين من خلال المطاردات أن معظم المسلحين الذين نجحوا في تجاوز مواقع الجيش، أقدموا على التخلي عن اسلحتهم الثقيلة واحتفظوا بأسلحة فردية (مسدسات)، وهذا ما وفّر على الجيش عناء مواجهات متنقلة وبالتالي إما توقيفهم أو قتلهم.
وتبين من التحقيقات مع بعض الموقوفين، ومعظمهم لا يحمل أي اوراق ثبوتية، أن أغلبيتهم من جنسيات غير لبنانية أو فلسطينية وتنتمي أكثريتهم الساحقة الى تنظيم «القاعدة» وان لم تكن قد قبلت بعد أوراق انضمام تنظيم «فتح الاسلام» عضويا لهذا التنظيم الدولي، خاصة في ضوء سلسلة «اختبارات» جرت للقيادة تحديدا وآخرها على يد أحد الموقوفين السعوديين في سجن رومية.
وبحسب المصادر المتابعة للتحقيقات، فإنه اضافة الى عملية عين علق واغتيال الوزير والنائب الشهيد بيار الجميل، كانت الخطوة الثالثة، التي جرى التحضير لها، هي استهداف البطريرك الماروني نصر الله صفير. وقد أظهرت اعترافات الموقوفين، وتم نقلها في حينه الى صفير، أن عملية رصد دقيقة جرت لتحركاته على مدى شهور، وأن أكثر من خطة رُسمت لتفجير موكبه في محيط بكركي.
وقالت المصادر نفسها لـ«السفير» إن خطة «فتح الاسلام» كانت تقضي في «الدائرة الأولى» بإحداث بلبلة وفتنة في الوضع المسيحي عبر سلسلة اغتيالات وتفجيرات لرموز ومناطق مسيحية (تستدرج اشكالات قواتية عونية أو قواتية قومية أو قومية كتائبية... الخ)، ومن ثم تبدأ مرحلة استهداف بعض رموز الدولة المركزية في بيروت وخاصة وزارة الداخلية والمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي وبعض ثكنات الجيش اللبناني والوزارات الحيوية. وتقضي «الدائرة الثالثة» باستهداف مؤسسات حكومية وعسكرية وأمنية في الشمال (خاصة السرايا الرسمية)، بالتوازي مع تفجير الأنفاق بين بيروت وطرابلس (نفقي شكا القديم والجديد)، لتتوَّج العملية برمتها بإعلان «الامارة الاسلامية» في كل الشمال اللبناني.
وبحسب معظم المتطوعين من جنسيات عربية، فإنهم انتقلوا الى لبنان بعدما اعتبر بعض أصحاب الفتاوى ارض لبنان «أرض رباط» (أكثر من نصرة) على ان تتحول لاحقا الى «ساحة جهاد» (جاذبية مستمَدة من «التدويل»، وخاصة بعد صدور القرار 1701 وتعزيز «اليونيفيل»)، وأن اتصالات جرت مع قادة مجموعات وحركات اسلامية في الشمال من أجل التنسيق، لكن جاءت الأجوبة إما رافضة أو مترددة أو تنتظر محصّلة «العملية الكبرى» (عاتبت زوجات الموقوفين علنا في صيدا بعض القيادات في الشمال لأنهم خذلوا قادة «فتح الاسلام» بعدما كانوا قد أعطوا سابقا اشارات ايجابية).
ووفق التحقيقات مع بعض الموقوفين، فإنهم استشهدوا بنموذج «إمارة حركة التوحيد الاسلامي» في طرابلس في العام 1983 بزعامة الشيخ الراحل سعيد شعبان، الذي نجح في استقطاب معظم المجموعات الاسلامية في طرابلس وحتى في بعض مناطق عكار والضنية والمنية، بعد امساكه الكامل بطرابلس عسكريا بمساندة من «فتح ـ اللجنة المركزية».
وقال مسؤول أمني لبناني كبير لـ«السفير» ان لبنان نجا من مشروع فتنة كبير، كان سيصيب بشظاياه كل الطوائف والمذاهب والمناطق، والفضل في ذلك للادارة السياسية أولا، وللمؤسسة العسكرية وتضحياتها الكبيرة، وتكاملها مع قوى الأمن الداخلي وبقية المؤسسات الأمنية ثانيا، وللإجماع الشعبي اللبناني غير المسبوق حول الجيش اللبناني ثالثا.
وأكد المسؤول نفسه أنه لو فشلت عملية ملاحقة «فتح الاسلام» في طرابلس و«البارد»، لكان مشروعهم قابلا للنجاح، وبالتالي نحن أمام انتصارين كبيرين حققهما لبنان في خلال سنة واحدة، هما انتصار المقاومة على اسرائيل أعتى قوة في المنطقة، وانتصار الجيش اللبناني على «الارهاب الدولي» في مخيم نهر البارد.
سليمان يُهدي الانتصار إلى شهداء الجيش والمقاومة
من جهته، وجّه قائد الجيش اللبناني العماد ميشال سليمان «أمر اليوم» الى العسكريين، وتميز بلفتة خاصة للمقاومة اللبنانية حيث ميّزها بشهدائها وتضحياتها عن القاموس الأميركي والغربي الذي يصر دائما على وضعها في خانة الارهاب.
وقد أهدى العماد سليمان الانتصار في «البارد» الى ارواح شهداء الجيش والمقاومة و«كل اللبنانيين والاخوة الفلسطينيين الذين نبذوا بكليتهم ظاهرة الارهاب». وخاطب العسكريين «اعلموا ان الانتصار الذي تحقق بفضل سواعدكم وتضحياتكم هو ملك للشعب اللبناني بأسره». وتابع «احتراما لقدسية دماء الشهداء الذين سقطوا في «حرب تموز» ومواجهة الارهاب في نهر البارد، ادعوكم الى الالتزام بالثوابت الوطنية والتمسك بالانضباط الذي هو الأساس في بنيان المؤسسة العسكرية وقوتها ومناعتها، وإلى إبقاء بندقيتكم مصوبة في الاتجاه الصحيح نحو العدو الاسرائيلي، ونحو الارهاب المتربص شرا بالوطن حتى اجتثاثه من جذوره».
وأكد مصدر عسكري لبناني لـ«السفير» أن شهداء الجيش اللبناني في «البارد» بلغوا 163 شهيدا، وأن هناك حوالى ألفي جريح على الأقل بينهم حوالي اربعمئة ما زالوا قيد العلاج وبعضهم صاروا من أصحاب الاعاقات الدائمة.
إشادات فرنسية وروسية وسعودية بالجيش
في هذه الأثناء، توالت المواقف الدولية والعربية المشيدة بتمكن الجيش اللبناني من وضع حد لظاهرة «فتح الاسلام»، وحيت الخارجية الفرنسية انتصار الجيش «ضد جماعة فتح الإسلام الإرهابية»، واعتبرته «انتصارا للدولة اللبنانية التي ندعمها في معركتها لإعادة فرض سلطتها على كامل اراضيها».
ورحبت الخارجية الروسية بانتهاء عملية مكافحة الإرهاب فى «البارد»، وأعربت عن أملها استعادة كامل سلطة الدولة اللبنانية وتطبيع الوضع فى البلاد على أساس احترام أحكام الدستور ومصالح كل القوى السياسية والطائفية والعرقية والوطنية في البلاد.
ورحب مجلس الوزراء السعودي الذي اجتمع برئاسة العاهل السعودي الملك عبد الله بنئعبد العزيز في قصر السلام بجدة «بنجاح الجيش اللبناني في القضاء على واحدة من بؤر العنف والتطرف والارهاب». وامل في بيان نقلته وكالة الانباء السعودية ان «يكون في ذلك ما يؤكد المشترك بين كل اللبنانيين، وأهمية استقلال القرار اللبناني ومؤسساته، وحمايته من اي تدخل خارجي».
وتلقى رئيس مجلس النواب نبيه بري اتصالا هاتفيا من السفير السعودي في لبنان عبد العزيز خوجة، هنأه خلاله بالانتصار الذي حققه الجيش. وتشاور معه في المبادرة التي أطلقها، متمنيا «ان تأخذ الأطراف اللبنانية هذه المبادرة بروح ايجابية للتوصل الى تفاهم لبناني ـ لبناني».
بدورها، رحبت فرنسا بالمبادرة التي اطلقها بري للتوافق على رئيس لبناني جديد، معتبرة انها «في الاتجاه الصحيح». وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية باسكال اندرياني «أخذنا علما بهذه التصريحات باهتمام. ويبدو انها تسلك الاتجاه الصحيح». وأضافت «بمعزل عن مضمون (المبادرة)، فإن النداء الذي وُجه الى اللبنانيين للحوار في ما بينهم يستحق الاشادة». لكنها شددت على «ان بعض العناصر تتطلب توضيحا بهدف ارساء الثقة وافساح المجال امام الحل الذي ندعو اليه: انتخاب رئيس للجمهورية ضمن المهل الدستورية». وتابعت اندرياني «يعود الى الاطراف ان يبحثوا خصوصا الضمانات التي يرونها ضرورية». وأوضحت المتحدثة ان تصريحات بري تندرج في نظر فرنسا «في اطار المبادرة التي اطلقها وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير انطلاقا من اجتماع لا سيل سان كلو ثم زيارته بيروت».
السفير
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
طوافات للجيش اللبناني تحلق فوق البارد أمس للتحقق من خلوه من المسلحين (أ ب)
مع انهيار تنظيم «فتح الإسلام» في «البارد» والاعلان رسميا عن مقتل قياداته «المتعددة الجنسيات» لتدفن معهم اسرار هذا التنظيم الاستخباراتي المعقد، تبدأ مرحلة جديدة من التعامل مع هذه الظاهرة الوافدة الى البيئتين اللبنانية والفلسطينية، في ظل تقديرات لمراجع عسكرية وأمنية لبنانية بأن تنظيم «فتح الاسلام» قد انتهى، لكن خطر الارهاب من هذا النوع، لا يزال قائما، ولو أن معظم المجموعات المفترضة لتنظيم «القاعدة» في لبنان، محور ملاحقة يومية الى حد بات يصعب عليها الحركة، فضلا عن تلقيها ضربة مؤلمة وقاسية جدا في «البارد» وخارجه.
وفيما بلغت آخر حصيلة للقتلى حوالى أربعة وأربعين مقاتلا، فضلا عن حوالى اربعة وعشرين موقوفا، فإن الأعداد الأخرى من الموقوفين (128 لدى القضاء العسكري) ومن القتلى، تعني أن الذين تمكنوا من الفرار لم يتجاوزوا العشرة، علما بأن الجيش اللبناني واصل، أمس، «تنظيف» «البارد» من جيوب المسلحين فيما تنتظره مهمة شاقة تتمثل في تنظيف المخيم من الألغام المزروعة فيه.
وفي حين كانت زوجة زعيم تنظيم «فتح الإسلام» شاكر العبسي (فلسطيني) تتعرّف إلى جثته الموجودة في المستشفى الحكومي في طرابلس، كانت وحدات الجيش تنتشل من شاطئ العبدة جثتي الناطق الإعلامي للتنظيم أبي سليم طه (سعودي) والمسؤول الميداني ناصر إسماعيل (فلسطيني من «البارد»)، ليصبح بذلك جميع قادة التنظيم في عداد القتلى، بينما استمرت لليوم الثاني على التوالي عملية مطاردة فلول المسلحين في خراج بلدتي عيون السمك ووادي الجاموس في قضاءي الضنية وعكار، بمشاركة المروحيات العسكرية وأبناء تلك القرى، الذين تناوبوا ليلاً وقسموا انفسهم إلى مجموعات صغيرة لمساعدة عناصر الجيش.
وشهد محيط المخيم يوما مختلفاً عما شهدته الأشهر الثلاثة الماضية، ودبت الحياة في شريان أوتوستراد المنية ـ العبدة الحيوي، وذلك في موازاة قيام الجيش بسـحب بعض وحداته من داخل المخيم ومحيطه، على أن تشمل هذه العملية اليوم «وحدات النخبة» التي ستتوجه مباشرة إلى وزارة الدفاع حيث ستكون في استقبالها احتفالات شعبية، على طول الطريق من الشمال إلى بيروت.
وفيما تكثفت التحقيقات التي تجريها مديرية المخابرات في الجيش اللبناني مع الموقوفين، قبل احالتهم كغيرهم على القضاء العسكري، يُنتظر أن يعلن وزير الدفاع الياس المر في مؤتمره الصحافي اليوم، عن بعض الوقائع المتصلة بالمواجهة والتوقيفات والتحقيقات.
وفي هذا السياق، قالت جهات رسمية لبنانية، أمس، لـ«السفير» إن قائد الجيش اللبناني العماد ميشال سليمان أبلغها أنه لم تحصل اي عملية هجومية من خلايا نائمة خارج المخيم باتجاه «البارد»، وكل ما حصل أن شاكر العبسي اتخذ قرارا مفاده «أن الاستسلام والاستشهاد هما الخياران المتاحان أمامنا وبالتالي لنحاول القيام بعملية فرار واسعة (بعد العرض الذي أُرسل للجيش اللبناني عن طريق رابطة علماء فلسطين)، وعندها نصبح أمام ثلاثة احتمالات بدلا من اثنين، الاستسلام أو الاستشهاد أو الفرار». وهكذا تقررت ساعة الصفر للهروب الانتحاري الواسع، ونجحت أول مجموعة مؤلفة من عنصرين في الوصول الى الأوتوستراد الدولي حيث أوقفا سائق سيارة «المرسيدس» البيضاء اللون وهو بائع خضار (لبناني من عكار) كان متوجها كعادته كل يوم من عكار باتجاه طرابلس، وطلبا منه أن يكمل طريقه باتجاه طرابلس لكنهما فوجئا بحاجز الجيش اللبناني يعترض طريقهما (لهجتهما أوحت أنهما ليسا لبنانيين أو فلسطينيين) فقررا اطلاق النار على العسكريين (استشهد منهم اثنان فورا) وتم الرد عليهما فقُتلا مع السائق الذي أُرغم على اختراق الحاجز.
وفي الوقت نفسه، كانت بقية وحدات الجيش تتعامل مع المحاور الثلاثة دفعة واحدة، فيما تبين من خلال المطاردات أن معظم المسلحين الذين نجحوا في تجاوز مواقع الجيش، أقدموا على التخلي عن اسلحتهم الثقيلة واحتفظوا بأسلحة فردية (مسدسات)، وهذا ما وفّر على الجيش عناء مواجهات متنقلة وبالتالي إما توقيفهم أو قتلهم.
وتبين من التحقيقات مع بعض الموقوفين، ومعظمهم لا يحمل أي اوراق ثبوتية، أن أغلبيتهم من جنسيات غير لبنانية أو فلسطينية وتنتمي أكثريتهم الساحقة الى تنظيم «القاعدة» وان لم تكن قد قبلت بعد أوراق انضمام تنظيم «فتح الاسلام» عضويا لهذا التنظيم الدولي، خاصة في ضوء سلسلة «اختبارات» جرت للقيادة تحديدا وآخرها على يد أحد الموقوفين السعوديين في سجن رومية.
وبحسب المصادر المتابعة للتحقيقات، فإنه اضافة الى عملية عين علق واغتيال الوزير والنائب الشهيد بيار الجميل، كانت الخطوة الثالثة، التي جرى التحضير لها، هي استهداف البطريرك الماروني نصر الله صفير. وقد أظهرت اعترافات الموقوفين، وتم نقلها في حينه الى صفير، أن عملية رصد دقيقة جرت لتحركاته على مدى شهور، وأن أكثر من خطة رُسمت لتفجير موكبه في محيط بكركي.
وقالت المصادر نفسها لـ«السفير» إن خطة «فتح الاسلام» كانت تقضي في «الدائرة الأولى» بإحداث بلبلة وفتنة في الوضع المسيحي عبر سلسلة اغتيالات وتفجيرات لرموز ومناطق مسيحية (تستدرج اشكالات قواتية عونية أو قواتية قومية أو قومية كتائبية... الخ)، ومن ثم تبدأ مرحلة استهداف بعض رموز الدولة المركزية في بيروت وخاصة وزارة الداخلية والمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي وبعض ثكنات الجيش اللبناني والوزارات الحيوية. وتقضي «الدائرة الثالثة» باستهداف مؤسسات حكومية وعسكرية وأمنية في الشمال (خاصة السرايا الرسمية)، بالتوازي مع تفجير الأنفاق بين بيروت وطرابلس (نفقي شكا القديم والجديد)، لتتوَّج العملية برمتها بإعلان «الامارة الاسلامية» في كل الشمال اللبناني.
وبحسب معظم المتطوعين من جنسيات عربية، فإنهم انتقلوا الى لبنان بعدما اعتبر بعض أصحاب الفتاوى ارض لبنان «أرض رباط» (أكثر من نصرة) على ان تتحول لاحقا الى «ساحة جهاد» (جاذبية مستمَدة من «التدويل»، وخاصة بعد صدور القرار 1701 وتعزيز «اليونيفيل»)، وأن اتصالات جرت مع قادة مجموعات وحركات اسلامية في الشمال من أجل التنسيق، لكن جاءت الأجوبة إما رافضة أو مترددة أو تنتظر محصّلة «العملية الكبرى» (عاتبت زوجات الموقوفين علنا في صيدا بعض القيادات في الشمال لأنهم خذلوا قادة «فتح الاسلام» بعدما كانوا قد أعطوا سابقا اشارات ايجابية).
ووفق التحقيقات مع بعض الموقوفين، فإنهم استشهدوا بنموذج «إمارة حركة التوحيد الاسلامي» في طرابلس في العام 1983 بزعامة الشيخ الراحل سعيد شعبان، الذي نجح في استقطاب معظم المجموعات الاسلامية في طرابلس وحتى في بعض مناطق عكار والضنية والمنية، بعد امساكه الكامل بطرابلس عسكريا بمساندة من «فتح ـ اللجنة المركزية».
وقال مسؤول أمني لبناني كبير لـ«السفير» ان لبنان نجا من مشروع فتنة كبير، كان سيصيب بشظاياه كل الطوائف والمذاهب والمناطق، والفضل في ذلك للادارة السياسية أولا، وللمؤسسة العسكرية وتضحياتها الكبيرة، وتكاملها مع قوى الأمن الداخلي وبقية المؤسسات الأمنية ثانيا، وللإجماع الشعبي اللبناني غير المسبوق حول الجيش اللبناني ثالثا.
وأكد المسؤول نفسه أنه لو فشلت عملية ملاحقة «فتح الاسلام» في طرابلس و«البارد»، لكان مشروعهم قابلا للنجاح، وبالتالي نحن أمام انتصارين كبيرين حققهما لبنان في خلال سنة واحدة، هما انتصار المقاومة على اسرائيل أعتى قوة في المنطقة، وانتصار الجيش اللبناني على «الارهاب الدولي» في مخيم نهر البارد.
سليمان يُهدي الانتصار إلى شهداء الجيش والمقاومة
من جهته، وجّه قائد الجيش اللبناني العماد ميشال سليمان «أمر اليوم» الى العسكريين، وتميز بلفتة خاصة للمقاومة اللبنانية حيث ميّزها بشهدائها وتضحياتها عن القاموس الأميركي والغربي الذي يصر دائما على وضعها في خانة الارهاب.
وقد أهدى العماد سليمان الانتصار في «البارد» الى ارواح شهداء الجيش والمقاومة و«كل اللبنانيين والاخوة الفلسطينيين الذين نبذوا بكليتهم ظاهرة الارهاب». وخاطب العسكريين «اعلموا ان الانتصار الذي تحقق بفضل سواعدكم وتضحياتكم هو ملك للشعب اللبناني بأسره». وتابع «احتراما لقدسية دماء الشهداء الذين سقطوا في «حرب تموز» ومواجهة الارهاب في نهر البارد، ادعوكم الى الالتزام بالثوابت الوطنية والتمسك بالانضباط الذي هو الأساس في بنيان المؤسسة العسكرية وقوتها ومناعتها، وإلى إبقاء بندقيتكم مصوبة في الاتجاه الصحيح نحو العدو الاسرائيلي، ونحو الارهاب المتربص شرا بالوطن حتى اجتثاثه من جذوره».
وأكد مصدر عسكري لبناني لـ«السفير» أن شهداء الجيش اللبناني في «البارد» بلغوا 163 شهيدا، وأن هناك حوالى ألفي جريح على الأقل بينهم حوالي اربعمئة ما زالوا قيد العلاج وبعضهم صاروا من أصحاب الاعاقات الدائمة.
إشادات فرنسية وروسية وسعودية بالجيش
في هذه الأثناء، توالت المواقف الدولية والعربية المشيدة بتمكن الجيش اللبناني من وضع حد لظاهرة «فتح الاسلام»، وحيت الخارجية الفرنسية انتصار الجيش «ضد جماعة فتح الإسلام الإرهابية»، واعتبرته «انتصارا للدولة اللبنانية التي ندعمها في معركتها لإعادة فرض سلطتها على كامل اراضيها».
ورحبت الخارجية الروسية بانتهاء عملية مكافحة الإرهاب فى «البارد»، وأعربت عن أملها استعادة كامل سلطة الدولة اللبنانية وتطبيع الوضع فى البلاد على أساس احترام أحكام الدستور ومصالح كل القوى السياسية والطائفية والعرقية والوطنية في البلاد.
ورحب مجلس الوزراء السعودي الذي اجتمع برئاسة العاهل السعودي الملك عبد الله بنئعبد العزيز في قصر السلام بجدة «بنجاح الجيش اللبناني في القضاء على واحدة من بؤر العنف والتطرف والارهاب». وامل في بيان نقلته وكالة الانباء السعودية ان «يكون في ذلك ما يؤكد المشترك بين كل اللبنانيين، وأهمية استقلال القرار اللبناني ومؤسساته، وحمايته من اي تدخل خارجي».
وتلقى رئيس مجلس النواب نبيه بري اتصالا هاتفيا من السفير السعودي في لبنان عبد العزيز خوجة، هنأه خلاله بالانتصار الذي حققه الجيش. وتشاور معه في المبادرة التي أطلقها، متمنيا «ان تأخذ الأطراف اللبنانية هذه المبادرة بروح ايجابية للتوصل الى تفاهم لبناني ـ لبناني».
بدورها، رحبت فرنسا بالمبادرة التي اطلقها بري للتوافق على رئيس لبناني جديد، معتبرة انها «في الاتجاه الصحيح». وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية باسكال اندرياني «أخذنا علما بهذه التصريحات باهتمام. ويبدو انها تسلك الاتجاه الصحيح». وأضافت «بمعزل عن مضمون (المبادرة)، فإن النداء الذي وُجه الى اللبنانيين للحوار في ما بينهم يستحق الاشادة». لكنها شددت على «ان بعض العناصر تتطلب توضيحا بهدف ارساء الثقة وافساح المجال امام الحل الذي ندعو اليه: انتخاب رئيس للجمهورية ضمن المهل الدستورية». وتابعت اندرياني «يعود الى الاطراف ان يبحثوا خصوصا الضمانات التي يرونها ضرورية». وأوضحت المتحدثة ان تصريحات بري تندرج في نظر فرنسا «في اطار المبادرة التي اطلقها وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير انطلاقا من اجتماع لا سيل سان كلو ثم زيارته بيروت».
السفير