dot
23/08/2007, 03:16
بقلم: الباحث جان داي
في العام 1866 أسّس دانيال بلسّ و كورنيليوس فانديك و آخرون من البعثة التبشيرية الإنجيلية الأميركية " الكلية السورية الإنجيلية " في رأس بيروت.
بعد 54 سنة، أجرى مجلس أمناء الكلية في نيويورك تغييراً على اسم المؤسّسة التعليمية حيث أصبحت تعرف ب"الجامعة الأميركية في بيروت".
و أصدر المؤرخ الشهير فيليب حتي كتاباً بالإنكليزية عنوانه :
history of syria including lebanon and palestine
و لو أصدر حتي، هذا الكتاب بالعربية لغدا عنوانه : تاريخ سورية و منها لبنان و فلسطين.
و لكن دار الثقافة في بيروت ترجمت كتاب حتي إلى العربية و أصدرته بعنوان " تاريخ سوريا و لبنان و فلسطين".
و سبق فيليب حتي المطران يوسف الدبس في نشر الكتب التاريخية، فأصدر ثمانية أجزاء من كتابه الشهير " تاريخ سورية ".
و أعيد طبع الكتاب أكثر من مرة كما صدر باسمه و مضمونه. و لكن دار عبود أصدرت الأجزاء الثمانية بعنوان جديد هو : " تاريخ شعوب الشرق الأدنى".
و أذكر أن أحد ضيوفي من الأصدقاء الكتائبيين تحداني إذا أتيته بمرجع واحد يثبت سوريّة من مكتبتي الخاصة و نبشت اسم لبنان و قرأت(larousse)لبنان.
فجئته بمعجم لاروس أي ( جبل من سورية ). بعد (montagne de la syrie) له التعريف التالي سنوات قليلة، اشتريت نسخة جديدة للاروس، فإذا بتحديد أو تعريف لبنان قد تغّير ليصبح أي ( بلد في الشرق الأدنى ).
( pays au moyen orient)و أعاد الدكتور الأكاديمي هنري ملكي نشر خطاب سياسي لجبران خليل جبران في جريدة "الأنوار" بتاريخ 31 كانون الثاني 1982 نقلاً عن جريدة " مرآة الغرب" النيويوركية" التي نشرت الخطاب بتاريخ 3 آذار 1911.
استعمل جبران في خطابه المصطلح السوري أكثر من عشرين مرة.
و على سبيل المثال، قال جبران : " ليس للسوري سوى الإتكال على نفسه ... إن الحكومة في سورية لا تصلح الطرق، بل هو الشاب السوري... إن الدولة لا تنشط التجارة، و لكن السوري الذي علّمه الفقر و الاغتراب المبادىء التجارية.. ليكن السوري ذا أخلاق و معرفة و حرية و ثروة .. نحن السوريين علينا أن نحرر نفوسنا من العبودية".
إن العبارات الآنفة و مثيلاتها من التي نشرتها " مرآة الغرب " بعد أيام قليلة من إلقاء جبران خطابه في مهرجان حزب " الحلقات الذهبية" في بوسطن، قد أعاد نشرها الدكتور ملكي بحرفيتها، مع فارق أن عبارات " ليس للسوري "و "الحكومة في سورية " و " الشاب السوري " و" لكن السوري "و" ليكن السوري"و" نحن السوريين" و مثيلاتها قد غيّرها الناشر لتصبح " ليس للبناني " و " الحكومة في لبنان " و " الشاب اللبناني " و" لكن اللبناني " و " ليكن اللبناني " و " نحن اللبنانيين".
و السؤال الآن : لماذا جرت و تجري هذه المجزرة بحق المصطلح السوري ؟
جرى تغيير اسم " الكلية السورية الإنجيلية " في العام 1920، أي في بداية الإنتداب الفرنسي.
و هذا يعني أن التغيير تّم ليصبح منسجماً مع الواقع السياسي الجديد الذي هو ثمرة إتفاقية سايكس - بيكو التي تقضي بتقسيم دويلات سورية الطبيعية الغربية أو بلاد الشام إلى دويلات مستقلة و منها لبنان.
و من المرجح أن تغيير الاسم لم يكن رغبة ذاتية من مجلس أمناء الجامعة الأميركيين، بدليل أن البيت الأبيض أصرّ وقتذاك على استفتاء السوريين حول الوحدة أو التقسيم، و بعث بلجنة كنغ - كراين التي أجرت الاستفتاء حيث جاءت نتيجته لصالح الوحدة.
و ثمة دليل آخر، و هو أن مجلس أمناء الجامعة كان أجرى التغيير خلال ال54 سنة التي سبقت حصول الإنتدابين لو كان مؤمناً به.
أما تغيير عنوان كتاب المؤرخ حتي، فقد تخطّى الخط الأحمر الذي تلحظه قوانين الترجمة حرصاً على مطابقة العنوان للمضمون.
فالعنوان في النسخة الإنكليزية، هو " تاريخ سورية " و قد وضع حتّي تحته بأحرف صغيرة عبارة تفيد أن سورية المقصودة ليست الجمهورية السورية و إنما سورية الطبيعية الغربية التي تشمل لبنان وفلسطين.
و لكن العنوان المترجم يفيد أن الكتاب يتناول تاريخ كل من فلسطين و لبنان و سوريا منفصلة، في حين يشير العنوان الإنكليزي بأن الكتاب يدرس الدول الثلاث كأمة واحدة.
زمن عناصر الإختلاف بين العنوانين، أن الأول يشمل عموم سورية الغربية، في حين يستثني الثاني الأردن منها.
و لكن، إذا كان اكتشاف فضيحة تغيير عنوان كتاب حتّي وقفاً على النخبة المعنية بالتاريخ و الملمّة باللغة الإنكليزية .. فأن فضيحة تغيير عنوان كتاب المطران الدبس المطبوع أصلاً بالعربية، لا يحتاج إلى كبير عناء لمعرفتها، خصوصاً وأن المكتبات العامّة و الخاصّة، تحتضن الأجزاء الثامنة لـ "تاريخ سورية" لمطران بيروت للموارنة و مؤسس مدرسة الحكمة.
صحيح أن إمكانية افتضاح تغيير الاسم لم تكن خافية على الناشر، إلا أن عاملين دفعاه إلى ممارسة التزوير، أولهما أن المصطلح السّوري يحتل واجهة ثمانية أجزاء ضخمة لكتاب وضعه أشهر مطران ماروني في تاريخ لبنان الذي كان للبطرك الماروني دور رئيسي في صنع استقلاله عام 1920.
العامل الثاني، إن انتشار الطبعة الجديدة بالعنوان " اللبناني " قد تحجب شبح الطبعة القديمة بعنوانها " السوري" لدى الأجيال المتعاقبة.
أما التغيير الذي أحدثته مؤسسة اللاروس الفرنسية في تعريف اسم " لبنان " و استبدال المصطلح السوري المحّدد بمصطلح خاضع لأكثر من تأويل، فقد تّم نتيجة تدخل لبناني رسمي على أعلى المستويات، في عهد الرئيس الراحل شارل حلو و بقيادته.
و إذا كان متوقعاً مثل هذه التدخلات من الجانب اللبناني، فالمستغرب أن تستجيب مؤسسة فرنسية علمية لطلب يناقض مبادىء العلم و منها الحقائق التاريخية - الجغرافية.
لقد زرت متحف اللوفر في 1986، أي بعد حوالي عشر سنين من التغيير التزويري في اللاورس، فوجدت في الجناح الخاص بالآثار اللبنانية، أن الركن الذي يحتوي على بعض آثار جبيل قد أطلق عليه اسم : جبيل - سورية.
و بالمناسبة، فإن حديقة "كيوغاردن" اللندنية التي تحتوي على كل أصناف الأشجار و النباتات في العالم، قد خصصت مساحة لأشجار الأرز.
و لم أفاجأ حين قرأت كلمة " سورية " على اللوحة الخاصة بالأرزة " اللبنانية ".
ذلك أن الأرزة كانت شعار جمعية " الإتحاد السوري " التي نصّ مبدأها الأول على وحدة سورية بحدودها الجغرافية.(syrian cedar)
نصل إلى الكاتب و الفنان الشهير جبران الذي استعمل المصطلح السوري في معظم نتاجه الأدبي، و حاول تنفيذ ما يرمز إليه المصطلح المذكور، عبر حزب "الحلقات الذهبية"(1910) و "لجنة تحرير سورية و جبل لبنان" (1916).
و كان أمام الدكتور ملكي ووهيب كيروز ( أمين متحف جبران في بشري لفترة طويلة ) و آخرين من الباحثين و الصحافيين الجبرانيين، أحد موقفين : إما تجاهل جبران بسبب "سوريته"، و هذا مستحيل نظراً لشهرة جبران و انتشار أدبه في العلم العربي و بخاصة في لبنان .. أو تبنيه و لكن بعد إجراء تغيير في المصطلح السوري في أدبه و إحلال المصطلح اللبناني مكانه أحياناً، أو تأويل ذلك المصطلح بما يبعده عن حقيقة مضمونه.
و على سبيل المثال، فأن ميخائيل نعيمه الذي تداول بدوره المصطلح السّوري، قد أكّد في كتابه "سبعون" و في بعض أحاديثه الصحافية، أن اللبنانيين في المغترب الأميركي سمّوا أنفسهم سوريين من أجل استبعاد تسميتهم بالأتراك (تركو) من قبل الأميركيين.
و لكن، هل لدى فيلسوف الشخروب و سائر الباحثين الذين تبنوا وجهة نظره و منهم رياض حنين جواباً على هذا السؤال : إذا كان أمر الاسم السوري كذلك، فلماذا لم يسمِّ هو و جبران و سائر المغتربين اللبنانيين أنفسهم "لبنانيين" ؟
يبقى، أنه كان إحياء التراث و تكريم الرواد هو فعل نهضوي مستقبلي، و لنا من نهضة الإنكليز و شكسبير خير مثال،
فإن لبننة المصطلح السوري في أدبيات جبران و المطران الدبس و فيليب حتي هو أكثر من خطأ عرضي يُرتكب ضد المنهج العلمي الذي يحرم موضة التزوير.
إن اللبننة في هذا المجال خطيئة مميتة، لأنها تغيّر مصطلحات و مضامين ذات علاقة مباشرة بهوية و تاريخها و جغرافيتها و وحدتها الروحية، مما يضعف من دينامية إحدى ورش النهضة القومية التي ينص المبدأ الخاص بها على ضرورة "توظيف" النهضويين الجدد في أمتنا و في كل أمة، لتاريخهم المشرق و عباقرتهم في معركة النهوض الحقيقي و المستقبلي.
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــ
عن مجلة فكر العدد 96 "النهضة الزمن"
في العام 1866 أسّس دانيال بلسّ و كورنيليوس فانديك و آخرون من البعثة التبشيرية الإنجيلية الأميركية " الكلية السورية الإنجيلية " في رأس بيروت.
بعد 54 سنة، أجرى مجلس أمناء الكلية في نيويورك تغييراً على اسم المؤسّسة التعليمية حيث أصبحت تعرف ب"الجامعة الأميركية في بيروت".
و أصدر المؤرخ الشهير فيليب حتي كتاباً بالإنكليزية عنوانه :
history of syria including lebanon and palestine
و لو أصدر حتي، هذا الكتاب بالعربية لغدا عنوانه : تاريخ سورية و منها لبنان و فلسطين.
و لكن دار الثقافة في بيروت ترجمت كتاب حتي إلى العربية و أصدرته بعنوان " تاريخ سوريا و لبنان و فلسطين".
و سبق فيليب حتي المطران يوسف الدبس في نشر الكتب التاريخية، فأصدر ثمانية أجزاء من كتابه الشهير " تاريخ سورية ".
و أعيد طبع الكتاب أكثر من مرة كما صدر باسمه و مضمونه. و لكن دار عبود أصدرت الأجزاء الثمانية بعنوان جديد هو : " تاريخ شعوب الشرق الأدنى".
و أذكر أن أحد ضيوفي من الأصدقاء الكتائبيين تحداني إذا أتيته بمرجع واحد يثبت سوريّة من مكتبتي الخاصة و نبشت اسم لبنان و قرأت(larousse)لبنان.
فجئته بمعجم لاروس أي ( جبل من سورية ). بعد (montagne de la syrie) له التعريف التالي سنوات قليلة، اشتريت نسخة جديدة للاروس، فإذا بتحديد أو تعريف لبنان قد تغّير ليصبح أي ( بلد في الشرق الأدنى ).
( pays au moyen orient)و أعاد الدكتور الأكاديمي هنري ملكي نشر خطاب سياسي لجبران خليل جبران في جريدة "الأنوار" بتاريخ 31 كانون الثاني 1982 نقلاً عن جريدة " مرآة الغرب" النيويوركية" التي نشرت الخطاب بتاريخ 3 آذار 1911.
استعمل جبران في خطابه المصطلح السوري أكثر من عشرين مرة.
و على سبيل المثال، قال جبران : " ليس للسوري سوى الإتكال على نفسه ... إن الحكومة في سورية لا تصلح الطرق، بل هو الشاب السوري... إن الدولة لا تنشط التجارة، و لكن السوري الذي علّمه الفقر و الاغتراب المبادىء التجارية.. ليكن السوري ذا أخلاق و معرفة و حرية و ثروة .. نحن السوريين علينا أن نحرر نفوسنا من العبودية".
إن العبارات الآنفة و مثيلاتها من التي نشرتها " مرآة الغرب " بعد أيام قليلة من إلقاء جبران خطابه في مهرجان حزب " الحلقات الذهبية" في بوسطن، قد أعاد نشرها الدكتور ملكي بحرفيتها، مع فارق أن عبارات " ليس للسوري "و "الحكومة في سورية " و " الشاب السوري " و" لكن السوري "و" ليكن السوري"و" نحن السوريين" و مثيلاتها قد غيّرها الناشر لتصبح " ليس للبناني " و " الحكومة في لبنان " و " الشاب اللبناني " و" لكن اللبناني " و " ليكن اللبناني " و " نحن اللبنانيين".
و السؤال الآن : لماذا جرت و تجري هذه المجزرة بحق المصطلح السوري ؟
جرى تغيير اسم " الكلية السورية الإنجيلية " في العام 1920، أي في بداية الإنتداب الفرنسي.
و هذا يعني أن التغيير تّم ليصبح منسجماً مع الواقع السياسي الجديد الذي هو ثمرة إتفاقية سايكس - بيكو التي تقضي بتقسيم دويلات سورية الطبيعية الغربية أو بلاد الشام إلى دويلات مستقلة و منها لبنان.
و من المرجح أن تغيير الاسم لم يكن رغبة ذاتية من مجلس أمناء الجامعة الأميركيين، بدليل أن البيت الأبيض أصرّ وقتذاك على استفتاء السوريين حول الوحدة أو التقسيم، و بعث بلجنة كنغ - كراين التي أجرت الاستفتاء حيث جاءت نتيجته لصالح الوحدة.
و ثمة دليل آخر، و هو أن مجلس أمناء الجامعة كان أجرى التغيير خلال ال54 سنة التي سبقت حصول الإنتدابين لو كان مؤمناً به.
أما تغيير عنوان كتاب المؤرخ حتي، فقد تخطّى الخط الأحمر الذي تلحظه قوانين الترجمة حرصاً على مطابقة العنوان للمضمون.
فالعنوان في النسخة الإنكليزية، هو " تاريخ سورية " و قد وضع حتّي تحته بأحرف صغيرة عبارة تفيد أن سورية المقصودة ليست الجمهورية السورية و إنما سورية الطبيعية الغربية التي تشمل لبنان وفلسطين.
و لكن العنوان المترجم يفيد أن الكتاب يتناول تاريخ كل من فلسطين و لبنان و سوريا منفصلة، في حين يشير العنوان الإنكليزي بأن الكتاب يدرس الدول الثلاث كأمة واحدة.
زمن عناصر الإختلاف بين العنوانين، أن الأول يشمل عموم سورية الغربية، في حين يستثني الثاني الأردن منها.
و لكن، إذا كان اكتشاف فضيحة تغيير عنوان كتاب حتّي وقفاً على النخبة المعنية بالتاريخ و الملمّة باللغة الإنكليزية .. فأن فضيحة تغيير عنوان كتاب المطران الدبس المطبوع أصلاً بالعربية، لا يحتاج إلى كبير عناء لمعرفتها، خصوصاً وأن المكتبات العامّة و الخاصّة، تحتضن الأجزاء الثامنة لـ "تاريخ سورية" لمطران بيروت للموارنة و مؤسس مدرسة الحكمة.
صحيح أن إمكانية افتضاح تغيير الاسم لم تكن خافية على الناشر، إلا أن عاملين دفعاه إلى ممارسة التزوير، أولهما أن المصطلح السّوري يحتل واجهة ثمانية أجزاء ضخمة لكتاب وضعه أشهر مطران ماروني في تاريخ لبنان الذي كان للبطرك الماروني دور رئيسي في صنع استقلاله عام 1920.
العامل الثاني، إن انتشار الطبعة الجديدة بالعنوان " اللبناني " قد تحجب شبح الطبعة القديمة بعنوانها " السوري" لدى الأجيال المتعاقبة.
أما التغيير الذي أحدثته مؤسسة اللاروس الفرنسية في تعريف اسم " لبنان " و استبدال المصطلح السوري المحّدد بمصطلح خاضع لأكثر من تأويل، فقد تّم نتيجة تدخل لبناني رسمي على أعلى المستويات، في عهد الرئيس الراحل شارل حلو و بقيادته.
و إذا كان متوقعاً مثل هذه التدخلات من الجانب اللبناني، فالمستغرب أن تستجيب مؤسسة فرنسية علمية لطلب يناقض مبادىء العلم و منها الحقائق التاريخية - الجغرافية.
لقد زرت متحف اللوفر في 1986، أي بعد حوالي عشر سنين من التغيير التزويري في اللاورس، فوجدت في الجناح الخاص بالآثار اللبنانية، أن الركن الذي يحتوي على بعض آثار جبيل قد أطلق عليه اسم : جبيل - سورية.
و بالمناسبة، فإن حديقة "كيوغاردن" اللندنية التي تحتوي على كل أصناف الأشجار و النباتات في العالم، قد خصصت مساحة لأشجار الأرز.
و لم أفاجأ حين قرأت كلمة " سورية " على اللوحة الخاصة بالأرزة " اللبنانية ".
ذلك أن الأرزة كانت شعار جمعية " الإتحاد السوري " التي نصّ مبدأها الأول على وحدة سورية بحدودها الجغرافية.(syrian cedar)
نصل إلى الكاتب و الفنان الشهير جبران الذي استعمل المصطلح السوري في معظم نتاجه الأدبي، و حاول تنفيذ ما يرمز إليه المصطلح المذكور، عبر حزب "الحلقات الذهبية"(1910) و "لجنة تحرير سورية و جبل لبنان" (1916).
و كان أمام الدكتور ملكي ووهيب كيروز ( أمين متحف جبران في بشري لفترة طويلة ) و آخرين من الباحثين و الصحافيين الجبرانيين، أحد موقفين : إما تجاهل جبران بسبب "سوريته"، و هذا مستحيل نظراً لشهرة جبران و انتشار أدبه في العلم العربي و بخاصة في لبنان .. أو تبنيه و لكن بعد إجراء تغيير في المصطلح السوري في أدبه و إحلال المصطلح اللبناني مكانه أحياناً، أو تأويل ذلك المصطلح بما يبعده عن حقيقة مضمونه.
و على سبيل المثال، فأن ميخائيل نعيمه الذي تداول بدوره المصطلح السّوري، قد أكّد في كتابه "سبعون" و في بعض أحاديثه الصحافية، أن اللبنانيين في المغترب الأميركي سمّوا أنفسهم سوريين من أجل استبعاد تسميتهم بالأتراك (تركو) من قبل الأميركيين.
و لكن، هل لدى فيلسوف الشخروب و سائر الباحثين الذين تبنوا وجهة نظره و منهم رياض حنين جواباً على هذا السؤال : إذا كان أمر الاسم السوري كذلك، فلماذا لم يسمِّ هو و جبران و سائر المغتربين اللبنانيين أنفسهم "لبنانيين" ؟
يبقى، أنه كان إحياء التراث و تكريم الرواد هو فعل نهضوي مستقبلي، و لنا من نهضة الإنكليز و شكسبير خير مثال،
فإن لبننة المصطلح السوري في أدبيات جبران و المطران الدبس و فيليب حتي هو أكثر من خطأ عرضي يُرتكب ضد المنهج العلمي الذي يحرم موضة التزوير.
إن اللبننة في هذا المجال خطيئة مميتة، لأنها تغيّر مصطلحات و مضامين ذات علاقة مباشرة بهوية و تاريخها و جغرافيتها و وحدتها الروحية، مما يضعف من دينامية إحدى ورش النهضة القومية التي ينص المبدأ الخاص بها على ضرورة "توظيف" النهضويين الجدد في أمتنا و في كل أمة، لتاريخهم المشرق و عباقرتهم في معركة النهوض الحقيقي و المستقبلي.
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــ
عن مجلة فكر العدد 96 "النهضة الزمن"