ما بعرف
14/08/2007, 01:54
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
هنا سقط أكثر من 20 صاروخاً في دقائق معدودة (أرشيف ــ وائل اللادقي)
وفاء عواد
... وقبيل يوم واحد من إعلان وقف إطلاق النار رسمياً، أبى الصهاينة أن يغادروا سماء لبنان وبحره من دون أن يكلّلوا هزيمتهم النكراء بـ«انتصار وهمي»، فكان مجمّع الحسن في محلّة الرويس هو الهدف. وأبى ثلاثون ممّن كانوا يوماً من سكّانه أن يصيروا مجرّد أرقام، فانضمّوا الى قافلة شهداء «الوعد الصادق».
كانت مفكراتهم خالية تماماً من موعد الاستشهاد، ولم يحسبوا لغدر العدو حساباً، فاستشهدوا جميعهم دفعة واحدة، والى الأبد.
كانوا مطمئنّين إلى أن مجازر العدوان ولّت الى غير رجعة. بعضهم أبى أن يغادر المكان على امتداد أيام الحرب، وبعضهم الآخر عاد ليستعدّ للآتي، فجأة، دقّت الساعة الثالثة إلا ثلثاً بعد الظهر، فكانت المجزرة.
وبعد دقائق معدودة على حصول الكارثة، تبدّل المشهد: الأطفال الذين كانوا يلهون في باحات المجمّع اختفت ضحكاتهم وغادروا المكان إلى رحاب الشهادة.. الحاجّة رندة لم تكمل صلاتها... ليلى شحرور اطمأنت الى أن صغيرها محمد لم يصب بأذى، بعد أن ناولته ألف ليرة ليشتري من الدكان... عيسى تيراني أغمض عينيه مطمئناً الى أنه ودّع زوجته والأولاد وزملاء العمل... حسين نور الدين لم يتسنَّ له أن يفرح بشهادة «البريفيه» التي توّجت قبره بعد أسبوع على استشهاده... وعصفور علي مكّي أقلع من حينه الى غير رجعة.
أما من كتب له البقاء على قيد الحياة بـ«الصدفة»، فكان يبحث في الركام الهائل عن ذكرى حبيب يضيفها الى كمّ من الذكريات، وينتظر أشلاءً تطلّب عثور فرق الإنقاذ عليها أكثر من شهر. وحتى اليوم، لا يزال أفراد عائلة الشهيدين محمد مونّس وابنه حسّان يزورون المكان لقراءة الفاتحة عن روحيهما، بعد أن فقدوا الأمل بالعثور على «بقايا ما» من جثتيهما، وحزنوا كثيراً لأن صدى دماء «الشهيدين الحبيبين» مات في جوف الأرض.
وحدها الشرائط الصفراء لا تزال تلفّ المكان الذي استحال، اليوم، الى حفرة عميقة أخفت كل معالم المباني المهدّمة وذلك بعد قيام معدّات رفع الأنقاض بإزالة الرماد، أكوام الإسمنت، بقايا الأثاث، وهياكل السيارات. ورغم كل الألم الذي يطبع الأجواء، فإن محيط المكان ما زال على قيد الحياة.
وقبالة أطلال ما كان يسمّى يوماً «مجمّع الحسن»، وبعد مرور 365 يوماً على فقدانه جميع أفراد عائلته، لا يزال محمد نور الدين (21 ربيعاً) شاهداً حيّاً على مجزرة «اليوم الأسود»، التي صادف رؤية تفاصيلها بأمّ العين.
في «سنترال» يملكه منذ ثلاث سنوات، يطالع الداخل إليه إطاراً يضمّ خمس صور: الأب علي، الأم رندة، والإخوة ياسر وحسين وإبراهيم. وفي المقابل، تبدو الحفرة التي طمرت كل معالم الجريمة، وأبقت في باله ذكريات لا تمحى.
يومها صادف وجودهم في المنزل، بعد غيابه عنهم «قسرياً» لعشرة أيام. ولم تنفع الدقائق الخمس التي سمحت له برؤيتهم خلالها بأن يلومهم لأنهم عادوا الى المجمّع. قطعت أمه فريضة صلاتها لتستودعه «القبلة الأخيرة»، قبل أن يذهب ليجلب لهم طعاماً للغداء، وبقي صغير البيت إبراهيم «زعلان» لأن والده لم يسمح له بمرافقة شقيقه الكبير.
ولم يكد محمد يتجاوز حدود المجمّع بـ50 متراً، حتى اخترق آذانه دويّ أصوات الصواريخ التي لم يستطع تقدير عددها ورأى البناية التي كانت تضمّ منزلهم في طبقتها العاشرة تهوي بعكس ما كان عليه مشهد سقوط البنايات الأخرى التي تهاوت بعضها فوق بعض مثل «قطع البسكويت»، بفعل الصواريخ «الذكيّة» التي سحبت الهواء من المجمّع، ما كان كافياً لتلقّيه الخبر اليقين: كلهم رحلوا. ومن ثم، توالت أصوات عدد من الانفجارات الناتجة عن الصواريخ التي ألقتها المقاتلات الحربية الإسرائيلية ولفّت المكان سحابة من الدخان والنار. 20 غارة أطلقت 34 صاروخاً «ذكيّاً» خارقاً للأنفاق، في أقلّ من دقيقتين، كانت كافية لأن تسوّي بالأرض ثمانية أبنية (240 وحدة سكنية) وخمسين محلاً تجارياً، في مشهد من أبشع «الإبداعات» في فنون الهمجيّة وذلك، ترجمة لـ«إخبار ما» ما زال يقضّ مضاجع كل من بقي حيّاً، وأفاد بوجود الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله مع بعض مساعديه الأمنيين والعسكريين داخل المجمّع، حسب تأكيد «شاهد من أهله» الصحافي الإسرائيلي نسيم آلوني.
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
تسليمه بـ«إرادة الله»، مقروناً بصبر المؤمن والإصرار على الحياة، جعله يتقبّل فكرة رحيل «أحبائه» جميعاً، و«من دون صدمة». يفضّل عدم الحديث عن تفاصيل باتت تخصّه هو وحده، تاركاً للآخرين حرية الحديث عمّن فارقهم الى الأبد، ولا سيما عن الشهيد ياسر «صديق الكل»، على حدّ تعبير أحمد بنّوه الذي لا يزال يحزّ في نفسه أنه كان ينتظر ياسر ليتناولا طعام الغداء معاً و«لأول مرّة، تخلّف ياسر عن موعده».
محمد تيراني (22 عاماً) هو واحد ممّن لم يستطيعوا نسيان «صديق الحي» الشهيد ياسر نور الدين. كانت خسارته مزدوجة، بعد أن فقد والده الشهيد عيسى الذي لم يغادر المجمّع طيلة أيام العدوان. وبكثير من الاعتزاز الممزوج بحزن الخسارة، يسترجع محمد تفاصيل ذاك اليوم: «زارنا أبي، صباحاً، حيث كنا نقيم في زقاق البلاط، لمدة نصف ساعة فقط. أعلمنا بأنه قام بتوزيع كل غالونات البنزين التي كان يحتفظ بها على المحتاجين... ودّعنا، ونزل إلى مكان عمله في وزارة المال... وكانت هذه هي المرة الأولى التي يقصد فيها مكان العمل منذ 26 يوماً... ودّع زملاءه الذين صادف وجودهم ومن ثم عاد الى المجمّع».
الشهيد عيسى دفن في عين قانا. وذلك، بناءً على «وصية استودعها أحد معارفه قبل أسبوع من استشهاده»، كما يقول محمد مضيفاً: «كان قد قبّلني وأوصاني أن لا أذهب الى الرويس، قائلاً لي: خلّلي هالنهار يمضى على خير وبكرا بتطلع». وبعد مضي عام على ذاك اليوم، يؤكّد محمد أن العودة الى المجمّع «أمر حتمي»، ولكن «أغلى شخص لن يكون معنا».
وفي منزل واقع في «زاروب» مقابل لمكان الجريمة، تستذكر جميلة رسلان، زوجة شقيق الشهيدة أسمهان فقيه، اللحظات الأخيرة من حياة «أم علي» التي زارتهم ولم تشرب قهوتها المعتادة، لأنها «كانت صايمة، ونطرت المعتّرة حتى إجت الكهربا الساعة 2 ونزلت
عالبيت».
وبملاصقة مكان المجزرة، لا يزال والدا الشهيدين الطفلين نانسي ويحيى غدّار يقيمان في «بقايا» ما كان يسمّى يوماً «مجمّع صفي الدين». وفي الطبقة الرابعة، حيث المنزل، تنتشر صور «الطفلين الشهيدين البريئين» اللذين تبقى قصتهما في بال الموجودين: يحيى قضى نحبه لدى تلبية طلب والده وذهابه لمناداة شقيقته نانسي التي كانت في منزل آل مكّي.
وتبقى للطفل الذي نجا بأعجوبة محمد قرعوني (8 أعوام) الحصّة الأكبر من أحاديث كل من تلتقيه في محيط المجمّع، وهو الذي لا يتذكّر من ذاك اليوم سوى رؤية نفسه بين أكوام أكياس البطاطا «تشيبس» التي حماها حبّه لها من موت كان لا يبعد عنه سوى خطوات، بعد نزوله الى دكّان «أبو أحمد» لشراء البعض منها.. لكن «التشيبس» لم تعوّض عليه خسارة أمه ليلى التي ترقد في مدافن بئر حسن.
حالياً، يعيش محمد في كنف عمته، مع شقيقته دعاء (18 عاماً) وأخيه إسماعيل (16 عاماً) اللذين كتب لهما البقاء على قيد الحياة بسبب وجودهما، حينها، في حي السلّم مع زينب مكّي التي يصحّ وصف حالتها بـ«الأكثر استثنائية»، حيث لا أحد يستطيع أن ينصحها بأن تترك ذاكرتها جانباً وتبني ذاكرة جديدة...
وختاماً، كثيرة هي الذكريات التي لا تفارق بالهم.. وتبقى صورة ذاك الكتاب الذي وجد بين الركام للكاتب ميخائل نعيمة «شاهداً» اختفى ذاك اليوم.. وبقي عنوانه محفوراً في ذاكرتهم جميعاً: «كان ما كان»..!
هنا سقط أكثر من 20 صاروخاً في دقائق معدودة (أرشيف ــ وائل اللادقي)
وفاء عواد
... وقبيل يوم واحد من إعلان وقف إطلاق النار رسمياً، أبى الصهاينة أن يغادروا سماء لبنان وبحره من دون أن يكلّلوا هزيمتهم النكراء بـ«انتصار وهمي»، فكان مجمّع الحسن في محلّة الرويس هو الهدف. وأبى ثلاثون ممّن كانوا يوماً من سكّانه أن يصيروا مجرّد أرقام، فانضمّوا الى قافلة شهداء «الوعد الصادق».
كانت مفكراتهم خالية تماماً من موعد الاستشهاد، ولم يحسبوا لغدر العدو حساباً، فاستشهدوا جميعهم دفعة واحدة، والى الأبد.
كانوا مطمئنّين إلى أن مجازر العدوان ولّت الى غير رجعة. بعضهم أبى أن يغادر المكان على امتداد أيام الحرب، وبعضهم الآخر عاد ليستعدّ للآتي، فجأة، دقّت الساعة الثالثة إلا ثلثاً بعد الظهر، فكانت المجزرة.
وبعد دقائق معدودة على حصول الكارثة، تبدّل المشهد: الأطفال الذين كانوا يلهون في باحات المجمّع اختفت ضحكاتهم وغادروا المكان إلى رحاب الشهادة.. الحاجّة رندة لم تكمل صلاتها... ليلى شحرور اطمأنت الى أن صغيرها محمد لم يصب بأذى، بعد أن ناولته ألف ليرة ليشتري من الدكان... عيسى تيراني أغمض عينيه مطمئناً الى أنه ودّع زوجته والأولاد وزملاء العمل... حسين نور الدين لم يتسنَّ له أن يفرح بشهادة «البريفيه» التي توّجت قبره بعد أسبوع على استشهاده... وعصفور علي مكّي أقلع من حينه الى غير رجعة.
أما من كتب له البقاء على قيد الحياة بـ«الصدفة»، فكان يبحث في الركام الهائل عن ذكرى حبيب يضيفها الى كمّ من الذكريات، وينتظر أشلاءً تطلّب عثور فرق الإنقاذ عليها أكثر من شهر. وحتى اليوم، لا يزال أفراد عائلة الشهيدين محمد مونّس وابنه حسّان يزورون المكان لقراءة الفاتحة عن روحيهما، بعد أن فقدوا الأمل بالعثور على «بقايا ما» من جثتيهما، وحزنوا كثيراً لأن صدى دماء «الشهيدين الحبيبين» مات في جوف الأرض.
وحدها الشرائط الصفراء لا تزال تلفّ المكان الذي استحال، اليوم، الى حفرة عميقة أخفت كل معالم المباني المهدّمة وذلك بعد قيام معدّات رفع الأنقاض بإزالة الرماد، أكوام الإسمنت، بقايا الأثاث، وهياكل السيارات. ورغم كل الألم الذي يطبع الأجواء، فإن محيط المكان ما زال على قيد الحياة.
وقبالة أطلال ما كان يسمّى يوماً «مجمّع الحسن»، وبعد مرور 365 يوماً على فقدانه جميع أفراد عائلته، لا يزال محمد نور الدين (21 ربيعاً) شاهداً حيّاً على مجزرة «اليوم الأسود»، التي صادف رؤية تفاصيلها بأمّ العين.
في «سنترال» يملكه منذ ثلاث سنوات، يطالع الداخل إليه إطاراً يضمّ خمس صور: الأب علي، الأم رندة، والإخوة ياسر وحسين وإبراهيم. وفي المقابل، تبدو الحفرة التي طمرت كل معالم الجريمة، وأبقت في باله ذكريات لا تمحى.
يومها صادف وجودهم في المنزل، بعد غيابه عنهم «قسرياً» لعشرة أيام. ولم تنفع الدقائق الخمس التي سمحت له برؤيتهم خلالها بأن يلومهم لأنهم عادوا الى المجمّع. قطعت أمه فريضة صلاتها لتستودعه «القبلة الأخيرة»، قبل أن يذهب ليجلب لهم طعاماً للغداء، وبقي صغير البيت إبراهيم «زعلان» لأن والده لم يسمح له بمرافقة شقيقه الكبير.
ولم يكد محمد يتجاوز حدود المجمّع بـ50 متراً، حتى اخترق آذانه دويّ أصوات الصواريخ التي لم يستطع تقدير عددها ورأى البناية التي كانت تضمّ منزلهم في طبقتها العاشرة تهوي بعكس ما كان عليه مشهد سقوط البنايات الأخرى التي تهاوت بعضها فوق بعض مثل «قطع البسكويت»، بفعل الصواريخ «الذكيّة» التي سحبت الهواء من المجمّع، ما كان كافياً لتلقّيه الخبر اليقين: كلهم رحلوا. ومن ثم، توالت أصوات عدد من الانفجارات الناتجة عن الصواريخ التي ألقتها المقاتلات الحربية الإسرائيلية ولفّت المكان سحابة من الدخان والنار. 20 غارة أطلقت 34 صاروخاً «ذكيّاً» خارقاً للأنفاق، في أقلّ من دقيقتين، كانت كافية لأن تسوّي بالأرض ثمانية أبنية (240 وحدة سكنية) وخمسين محلاً تجارياً، في مشهد من أبشع «الإبداعات» في فنون الهمجيّة وذلك، ترجمة لـ«إخبار ما» ما زال يقضّ مضاجع كل من بقي حيّاً، وأفاد بوجود الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله مع بعض مساعديه الأمنيين والعسكريين داخل المجمّع، حسب تأكيد «شاهد من أهله» الصحافي الإسرائيلي نسيم آلوني.
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
تسليمه بـ«إرادة الله»، مقروناً بصبر المؤمن والإصرار على الحياة، جعله يتقبّل فكرة رحيل «أحبائه» جميعاً، و«من دون صدمة». يفضّل عدم الحديث عن تفاصيل باتت تخصّه هو وحده، تاركاً للآخرين حرية الحديث عمّن فارقهم الى الأبد، ولا سيما عن الشهيد ياسر «صديق الكل»، على حدّ تعبير أحمد بنّوه الذي لا يزال يحزّ في نفسه أنه كان ينتظر ياسر ليتناولا طعام الغداء معاً و«لأول مرّة، تخلّف ياسر عن موعده».
محمد تيراني (22 عاماً) هو واحد ممّن لم يستطيعوا نسيان «صديق الحي» الشهيد ياسر نور الدين. كانت خسارته مزدوجة، بعد أن فقد والده الشهيد عيسى الذي لم يغادر المجمّع طيلة أيام العدوان. وبكثير من الاعتزاز الممزوج بحزن الخسارة، يسترجع محمد تفاصيل ذاك اليوم: «زارنا أبي، صباحاً، حيث كنا نقيم في زقاق البلاط، لمدة نصف ساعة فقط. أعلمنا بأنه قام بتوزيع كل غالونات البنزين التي كان يحتفظ بها على المحتاجين... ودّعنا، ونزل إلى مكان عمله في وزارة المال... وكانت هذه هي المرة الأولى التي يقصد فيها مكان العمل منذ 26 يوماً... ودّع زملاءه الذين صادف وجودهم ومن ثم عاد الى المجمّع».
الشهيد عيسى دفن في عين قانا. وذلك، بناءً على «وصية استودعها أحد معارفه قبل أسبوع من استشهاده»، كما يقول محمد مضيفاً: «كان قد قبّلني وأوصاني أن لا أذهب الى الرويس، قائلاً لي: خلّلي هالنهار يمضى على خير وبكرا بتطلع». وبعد مضي عام على ذاك اليوم، يؤكّد محمد أن العودة الى المجمّع «أمر حتمي»، ولكن «أغلى شخص لن يكون معنا».
وفي منزل واقع في «زاروب» مقابل لمكان الجريمة، تستذكر جميلة رسلان، زوجة شقيق الشهيدة أسمهان فقيه، اللحظات الأخيرة من حياة «أم علي» التي زارتهم ولم تشرب قهوتها المعتادة، لأنها «كانت صايمة، ونطرت المعتّرة حتى إجت الكهربا الساعة 2 ونزلت
عالبيت».
وبملاصقة مكان المجزرة، لا يزال والدا الشهيدين الطفلين نانسي ويحيى غدّار يقيمان في «بقايا» ما كان يسمّى يوماً «مجمّع صفي الدين». وفي الطبقة الرابعة، حيث المنزل، تنتشر صور «الطفلين الشهيدين البريئين» اللذين تبقى قصتهما في بال الموجودين: يحيى قضى نحبه لدى تلبية طلب والده وذهابه لمناداة شقيقته نانسي التي كانت في منزل آل مكّي.
وتبقى للطفل الذي نجا بأعجوبة محمد قرعوني (8 أعوام) الحصّة الأكبر من أحاديث كل من تلتقيه في محيط المجمّع، وهو الذي لا يتذكّر من ذاك اليوم سوى رؤية نفسه بين أكوام أكياس البطاطا «تشيبس» التي حماها حبّه لها من موت كان لا يبعد عنه سوى خطوات، بعد نزوله الى دكّان «أبو أحمد» لشراء البعض منها.. لكن «التشيبس» لم تعوّض عليه خسارة أمه ليلى التي ترقد في مدافن بئر حسن.
حالياً، يعيش محمد في كنف عمته، مع شقيقته دعاء (18 عاماً) وأخيه إسماعيل (16 عاماً) اللذين كتب لهما البقاء على قيد الحياة بسبب وجودهما، حينها، في حي السلّم مع زينب مكّي التي يصحّ وصف حالتها بـ«الأكثر استثنائية»، حيث لا أحد يستطيع أن ينصحها بأن تترك ذاكرتها جانباً وتبني ذاكرة جديدة...
وختاماً، كثيرة هي الذكريات التي لا تفارق بالهم.. وتبقى صورة ذاك الكتاب الذي وجد بين الركام للكاتب ميخائل نعيمة «شاهداً» اختفى ذاك اليوم.. وبقي عنوانه محفوراً في ذاكرتهم جميعاً: «كان ما كان»..!