-
دخول

عرض كامل الموضوع : ورقة كدش ، ودولار


Mira1981
13/08/2007, 23:47
ورقة كدش ، ودولار

لما كنا صغارا في القرية ، كنا نحب تقليد الكبار في أعمالهم ، وتصرفاتهم ، شأن كل صغار الأرض ....
نقلدهم في شق الطرقات ، وصنع السيارات ، و" دق " العملة ، والتجارة ، وكنا جديين . نفتح دكاكين ، " نبيع " فيها كل أنواع الفواكه ، والخضار التي نعرف أسماءها . وفي عالم صغير ، ضيق كالذي عشنا فيه ، ما كنا نعرف الكثير منها ، ولم نكن نسمع بالاستيراد بعد . و إلا لكنا
" عملنا الصفقات " مع دول أفريقية ، لاستحضار فواكه نادرة . ولكننا ما كنا نسمع إلا بفرنسا
" أمنا الحنون " ، وبأمريكا ، وروسيا ، وبريطانيا العظمى . فالدول الافريقية كانت صغيرة ، وضعيفة . والضعيف لا يسمع به أحد .
فقرون الوزال ، كانت لوبياء ، وأوراق التوت والكرمة ، كانت خسا ، وهندباء ، ونوى المشمش ، كانت بندورة .
وكنا نشق طرقات تربط دكاكيننا في " المناطق الزراعية " . وكم قامت بيننا مشاحنات ، وخلافات ، ومفاوضات ، بسبب شق الطرقات . فهذا يريد أن تمر الطريق من قدام دكانه . وذاك يقيم الدنيا ويقعدها إذا " أكلت " الطريق أرضه فيأتي دور الوساطات ، والمداخلات مع زعمائنا المتنفذين ، لتحوير الطرقات .
والزعيم كان أقوانا ساعدا . وكانت أحلافنا مقسمة وفقا للعائلات ، والطبقات الاجتماعية .
وكان عندنا البنك وكان صاحبه أكثر حنكة ودرية .
وعند اشتداد المضاربة بين " الكبار " كان يعلو الصياح ، فيفلس أصحاب الدكاكين الصغيرة . والتاجر الماهر ، هو الذي يعين سعرا لبضاعته ، مرتفعا ، ويبيع في الخفاء ، بسعر متدن ، ويطلب من زبائنه الا يبوحوا بالسر ، كان يخشى أن " تدري يساره بما صنعت يمينه " .
والذكي ، هو الذي " يخترع " اسم صنف جديد من الفواكه ، والخضار لا يعرفه زملائه . فهذا كان يتحكم بالزبائن ، لأنه يبيع بضاعة نادرة . فكنا ندفع له أسعارا مغرية ، ونكدس مشترياتنا ، خوفا من ان تنفذ البضاعة من السوق . وكان صاحبنا يبيعنا وهو جزل ، فرحان ، يروح ويجيء " معجوقا " ، وليس بدون خيلاء . وبعد أن " ينفق " بضاعته ، كان يحلس يعد دراهمه من ورق " الكدش " ويذهب فيودعها البنك .
وكنا في كل ذلك جديين ، كأننا نتعامل بالدولار ، أو بالمارك ، أو بالذهب .
ولكن لحسن الحظ ، لم تكن دراهمنا إلا أوراق " كدش " . و إلا قد فقدنا سعادتنا ، صغارا .

Mira1981
13/08/2007, 23:50
وهي كمالة القصة
أنشالله تعجبكون
وفي تتمة