ما بعرف
03/08/2007, 02:01
مقاومون تجاوزوا الحواجز الطائفية للدفاع عن الوطن
جعفر العطار- السفير
كشف قيادي في «المقاومة الإسلامية» لـ«السفير» أن عناصر «السرايا اللبنانية لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي» شاركوا في رد العدوان الإسرائيلي على لبنان في تموز الماضي، وأنهم كانوا منتشرين في الخطوط الأمامية للجبهة في معظم المناطق اللبنانية.
ويؤكد «نادر»، وهو أحد المسؤولين في «السرايا»، أن الذين شاركوا في «حرب تموز» هم من المخضرمين الذين التحقوا بالسرايا منذ تأسيسها في العام ,1997 وخاضوا العديد من العمليات العسكرية، وخضعوا لدورات تدريب، وأثبتوا جدارتهم ومناقبيتهم في الميدان.
وعلى الرغم من أن مقاتلي «حزب الله» متفوقون خبرة وتدريبا عسكريا، إلا أن شباب «السرايا» كانوا، ومنذ اليوم الأول للحرب، في حالة جهوزية قصوى، مثلهم مثل شباب المقاومة.
ويشرح أحد قادة «السرايا» الميدانيين، أن عناصر «السرايا» كانوا موزعين أثناء الحرب في جميع المناطق وفق مهمات كانت مقررة لهم مسبقا. فمن كان في الجنوب منهم، التحق مع شباب المقاومة، في حين التحق البعض بتشكيلات خاصة في الضاحية الجنوبية، وقد تولى البعض الآخر مهام لوجيستية وأخرى اجتماعية.
ويقول القائد «كنا مستعدين للمواجهة أينما وجدت «الجبهة» ضد العدو الإسرائيلي».
يؤكد مصطفى، وهو شاب ثلاثيني أعزب، يعمل في مجال الديكور، أنه حتى لو كان يعمل «في مجال الذهب والألماس، وطلب مني أن أفرغ وقتي كله للسرايا، لفعلت ومن دون أي مقابل».
في «حرب تموز»، كان مصطفى وعدد من زملائه ضمن تشكيلات عسكرية قتالية انتشرت في الضاحية الجنوبية لبيروت، وكانوا على تماس يومي مع مقاتلي «المقاومة الاسلامية».
يقول مصطفى «كنا نأكل ونشرب معا، وكنا نتمنى أن يتجرأ الإسرائيلي على تنفيذ إنزال عسكري في الضاحية حتى نلقنه درساً لن ينساه في القتال».
ويشرح بأنه هو وعدد من رفاقه في «السرايا»، لطالما ألحوا على القيادة كي تأذن لهم بالالتحاق بخطوط المواجهة في الجنوب، ولكن الجواب كان دوما «للضرورة أحكامها، ولسنا محشورين حتى الآن» وظلت هذه العبارة تتردد طيلة ثلاثة وثلاثين يوما.
يبقى في ذاكرة مصطفى مشهد لا ينساه: كيف كان الشباب، خلال التدريبات العسكرية كما أثناء «حرب تموز»، يصلون كل على طريقته «ننهي الصلاة، وننسى أننا من طوائف مختلفة ونعود لإكمال المهام المطلوبة منا».
أما «أبو عرب»، وهو رجل أربعيني، متزوج وله ثمانية أولاد ويعمل موظفا في إحدى الدوائر الحكومية، فيرفض شرح طبيعة المهام التي أوكلت إليه في حرب تموز.
و«أبو عرب» هو من المقاتلين المخضرمين، تنقل بين الجبهات والمحاور العسكرية، أيام الاحتلال الإسرائيلي. يقول ان «من يسير في هذا الخط، عليه أن يكون مقتنعا ومستعدا للدفاع عن وطنه».
يتوقف الرجل الذي غزا الشيب لحيته السوداء عن الكلام قليلاً، ثم يشرح «تمنيت في «حرب تموز»، أن أكون مع زملائي في «السرايا» عند خطوط المواجهات الأمامية، في مارون الراس وبنت جبيل وعيتا الشعب وعيناثا وعيترون والخيام وكفركلا، لكن شاءت الظروف أن نتولى مهامّ من نوع آخر في الخطوط الخلفية».
اختار «أبو عرب»، نشيد «وطني بمقاومتي صامد» كنغمة لهاتفه الخلوي. وعندما يرن الهاتف، تظهر صورة «أبو عرب» مع السيد حسن نصر الله في لقطة مشتركة خلال حفل تكريمي أقامه «السيد» على شرف عناصر «السرايا» في العام .2000
بدوره، يشرح «سامر» انه شارك في «حرب تموز» في المجال اللوجستي، ويرفض الإفصاح عن أي تفاصيل إضافية.
ينسدل شعر سامر الطويل من تحت القبعة الرياضية التي يعتمرها، ويصل حتى كتفيه. يبتسم لدى سؤاله عن سبب انخراطه في السرايا، ويقول «في تلك الأيام، أي قبل العام ,2000 كانت المشاركة في عمليات المقاومة محصورة بـ«حزب الله»، فاخترت الانتساب الى السرايا للدفاع عن وطني».
يرى سامر أن في كل الأحزاب والتيارات، طابعا دينيا أو سياسيا أو عقائديا غالبا «ولكن في السرايا، لا تستطيع أن تشعر أنك تقاتل من أجل فكرة دينية أو عقائدية بل هناك منطلق وطني، وهو الأساس. في السرايا الكل سواسية ولا تمييز بين طائفة وأخرى».
وكانت فكرة إنشاء السرايا اللبنانية قد تولدت لدى الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله، لحظة تقبله التبريكات باستشهاد نجله هادي. يومها، جاءه شبان من كل الطوائف، بعضهم من لبنان وبعضهم من دول عربية وإسلامية يطلبون الانتساب رسميا الى «المقاومة الاسلامية».
ولم يكن «حزب الله« في وارد استقبال أي منتسبين من غير اللبنانيين. فعرض «السيد» فكرة «السرايا» أمام مجلس شورى «حزب الله»، الذي شدد على وجوب إنضاج صيغة تؤمن الانخراط في صفوف المقاومة من كل الطوائف ولكن من دون أن يسمح ذلك بأي خروقات أمنية في صفوف الحزب والمقاومة.
وبعد طول بحث وتدقيق، ولدت صيغة «السرايا اللبنانية لمقاومة الاحتلال الاسرائيلي». تجنب «حزب الله» إنشاء غرفة عمليات مشتركة، في ضوء فشل تجارب سابقة، لا سيما أن أي «غرفة عمليات» ستبقى عنوانا شكلياً، إذ ان أياً من الأطراف المشاركة فيها لن يكشف للأطراف الأخرى عن حقيقة ما يملك وما يريد تحقيقه إدارياً ولوجستياً.
بعدها، انتقلت الفكرة من أروقة القيادة إلى العلن.
وفي الثالث من شهر تشرين الثاني من العام ,1997 أعلن السيد حسن نصر الله في مؤتمر صحافي عقده في دار نقابة الصحافة عن ولادة «السرايا اللبنانية لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي» لكل راغب بالمشاركة في أعمال المقاومة المسلحة ضد الاحتلال الاسرائيلي في الجنوب اللبناني، من أي طائفة أو منطقة أو تيار سياسي كان.
وأعلن عن أرقام هاتفية للراغبين بالانخراط في «السرايا». وما ان أنهى «السيد» مؤتمره الصحافي، حتى بدأت أرقام الهواتف تستقبل عشرات المكالمات من متصلين من جميع الطوائف والمناطق اللبنانية.
أكد نصر الله، حينها، أن هذا التشكيل سوف يبقى منفصلاً عن جهاز «المقاومة الإسلامية» الجاهزة لتقديم كل دعم تحتاجه «السرايا اللبنانية»، بغية القيام بأعمال عسكرية وأمنية في المناطق اللبنانية المحتلة.
ويقول قيادي في «السرايا اللبنانية» ان مبادرة «حزب الله» لتشكيل السرايا اللبنانية لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي، انطلقت من جملة أسس وأبعاد لها امتدادها الواقعي والاستراتيجي، فضلاً عن دراسة الواقع اللبناني، بالإضافة إلى ضرورة استنهاض الطاقات الكامنة في الشباب الطامح إلى تحرير الأرض والإنسان عبر خلق إطار جامع ينطوي تحت لوائه لبنانيون يحملون قضية واحدة هي المشاركة في معركة تحرير أرضهم.
هدفت المبادرة «الى تطوير نوع من التكامل المدروس مع التوجه المقاوم ووضعت جملة أولويات، كان أبرزها تكريس ثقافة المقاومة ومحورية قضية الصراع مع العدو وتحرير الأرض، ومحاربة التطبيع، وإرساء نقطة إجماع كبرى وطنياً وقومياً ودينيا، وتحصين الساحة الداخلية من الخروقات، بحيث يتاح لكل مواطن المشاركة في حماية وطنه».
وقد اعتمد «حزب الله» في تعاطيه الأولي مع الراغبين بالالتحاق بالسرايا اللبنانية وفق آلية حذرة للغاية، تتضمن أحزمة أمان عدة منعاً لأي خرق أو تسرب مخابراتي مشبوه إلى أنسجة «السرايا».
وعلى هذا الأساس، كان لكل شخص مرشح للانتساب ملف واستمارة. يتم في البداية جمع المعطيات الضرورية حول الراغب بالانتساب، ويخضع كل لقاء تعارف بين المتصل وبين مندوب المقاومة لحيثيات خاصة، إذ انه ليس هناك مقر ثابت أو معروف للقاءات وإنما أماكن وعناوين منفصلة وتتراوح بين خاصة وعامة. وقد أراد «حزب الله» من خلال تطوير «السرايا» إنشاء إطار مرن لكل من يريد المشاركة في المقاومة من دون الالتزام بالضوابط التفصيلية التي يلتزم بها مقاتلو «حزب الله» ضمن «المقاومة الإسلامية». فلدى «حزب الله» ضوابط شرعية ودينية، أما عنصر «السرايا»، فله الحرية المطلقة، من الناحيتين الاجتماعية والدينية.
وتفاوتت أعمار المنتسبين الى «السرايا» بينما توزعت المهام العسكرية عليهم تبعا لمهنهم واختصاصاتهم، مع مراعاة توفر شرطين أساسيين للانتساب، أولهما أن يكون المنتسب مؤهلاً على المستوى العقلي والنفسي والجسدي للمشاركة الميدانية في القتال. ثانيهما، أن لا تكون هناك أية شبهة علاقة أو ارتباط مع العدو الإسرائيلي وعملائه.
وأخضع المنضوون في «السرايا اللبنانية» الى دورات تدريبية ـ عسكرية شملت المناورات والاختصاصات العسكرية المختلفة التي أدت إلى تأهيل العناصر كي يصبحوا «مقاتلين» بامتياز.
وفي الرابع عشر من آذار من العام ,1998 افتتحت» السرايا اللبنانية» نشاطها العسكري بتنفيذ ثلاث عمليات استهدفت قوات الاحتلال وعملاءه، مستخدمة الأسلحة الرشاشة والصاروخية ومدافع الهاون.ومنذ ذلك التاريخ وحتى العام 2000 استطاعت «السرايا اللبنانية» أن تنفذ 382 عملية عسكرية.
وفي العام ألفين، ومع إنجاز تحرير معظم الجنوب اللبناني، ظنّ كثيرون أن الحزب قام بحل «السرايا اللبنانية»، لكن مجريات «حرب تموز» أظهرت أن الصيغة لم تمت وأن كثيرين ممن شاركوا فيها كانوا بمثابة جيش احتياطي سرعان ما نزل الى أرض المعركة.
جعفر العطار- السفير
كشف قيادي في «المقاومة الإسلامية» لـ«السفير» أن عناصر «السرايا اللبنانية لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي» شاركوا في رد العدوان الإسرائيلي على لبنان في تموز الماضي، وأنهم كانوا منتشرين في الخطوط الأمامية للجبهة في معظم المناطق اللبنانية.
ويؤكد «نادر»، وهو أحد المسؤولين في «السرايا»، أن الذين شاركوا في «حرب تموز» هم من المخضرمين الذين التحقوا بالسرايا منذ تأسيسها في العام ,1997 وخاضوا العديد من العمليات العسكرية، وخضعوا لدورات تدريب، وأثبتوا جدارتهم ومناقبيتهم في الميدان.
وعلى الرغم من أن مقاتلي «حزب الله» متفوقون خبرة وتدريبا عسكريا، إلا أن شباب «السرايا» كانوا، ومنذ اليوم الأول للحرب، في حالة جهوزية قصوى، مثلهم مثل شباب المقاومة.
ويشرح أحد قادة «السرايا» الميدانيين، أن عناصر «السرايا» كانوا موزعين أثناء الحرب في جميع المناطق وفق مهمات كانت مقررة لهم مسبقا. فمن كان في الجنوب منهم، التحق مع شباب المقاومة، في حين التحق البعض بتشكيلات خاصة في الضاحية الجنوبية، وقد تولى البعض الآخر مهام لوجيستية وأخرى اجتماعية.
ويقول القائد «كنا مستعدين للمواجهة أينما وجدت «الجبهة» ضد العدو الإسرائيلي».
يؤكد مصطفى، وهو شاب ثلاثيني أعزب، يعمل في مجال الديكور، أنه حتى لو كان يعمل «في مجال الذهب والألماس، وطلب مني أن أفرغ وقتي كله للسرايا، لفعلت ومن دون أي مقابل».
في «حرب تموز»، كان مصطفى وعدد من زملائه ضمن تشكيلات عسكرية قتالية انتشرت في الضاحية الجنوبية لبيروت، وكانوا على تماس يومي مع مقاتلي «المقاومة الاسلامية».
يقول مصطفى «كنا نأكل ونشرب معا، وكنا نتمنى أن يتجرأ الإسرائيلي على تنفيذ إنزال عسكري في الضاحية حتى نلقنه درساً لن ينساه في القتال».
ويشرح بأنه هو وعدد من رفاقه في «السرايا»، لطالما ألحوا على القيادة كي تأذن لهم بالالتحاق بخطوط المواجهة في الجنوب، ولكن الجواب كان دوما «للضرورة أحكامها، ولسنا محشورين حتى الآن» وظلت هذه العبارة تتردد طيلة ثلاثة وثلاثين يوما.
يبقى في ذاكرة مصطفى مشهد لا ينساه: كيف كان الشباب، خلال التدريبات العسكرية كما أثناء «حرب تموز»، يصلون كل على طريقته «ننهي الصلاة، وننسى أننا من طوائف مختلفة ونعود لإكمال المهام المطلوبة منا».
أما «أبو عرب»، وهو رجل أربعيني، متزوج وله ثمانية أولاد ويعمل موظفا في إحدى الدوائر الحكومية، فيرفض شرح طبيعة المهام التي أوكلت إليه في حرب تموز.
و«أبو عرب» هو من المقاتلين المخضرمين، تنقل بين الجبهات والمحاور العسكرية، أيام الاحتلال الإسرائيلي. يقول ان «من يسير في هذا الخط، عليه أن يكون مقتنعا ومستعدا للدفاع عن وطنه».
يتوقف الرجل الذي غزا الشيب لحيته السوداء عن الكلام قليلاً، ثم يشرح «تمنيت في «حرب تموز»، أن أكون مع زملائي في «السرايا» عند خطوط المواجهات الأمامية، في مارون الراس وبنت جبيل وعيتا الشعب وعيناثا وعيترون والخيام وكفركلا، لكن شاءت الظروف أن نتولى مهامّ من نوع آخر في الخطوط الخلفية».
اختار «أبو عرب»، نشيد «وطني بمقاومتي صامد» كنغمة لهاتفه الخلوي. وعندما يرن الهاتف، تظهر صورة «أبو عرب» مع السيد حسن نصر الله في لقطة مشتركة خلال حفل تكريمي أقامه «السيد» على شرف عناصر «السرايا» في العام .2000
بدوره، يشرح «سامر» انه شارك في «حرب تموز» في المجال اللوجستي، ويرفض الإفصاح عن أي تفاصيل إضافية.
ينسدل شعر سامر الطويل من تحت القبعة الرياضية التي يعتمرها، ويصل حتى كتفيه. يبتسم لدى سؤاله عن سبب انخراطه في السرايا، ويقول «في تلك الأيام، أي قبل العام ,2000 كانت المشاركة في عمليات المقاومة محصورة بـ«حزب الله»، فاخترت الانتساب الى السرايا للدفاع عن وطني».
يرى سامر أن في كل الأحزاب والتيارات، طابعا دينيا أو سياسيا أو عقائديا غالبا «ولكن في السرايا، لا تستطيع أن تشعر أنك تقاتل من أجل فكرة دينية أو عقائدية بل هناك منطلق وطني، وهو الأساس. في السرايا الكل سواسية ولا تمييز بين طائفة وأخرى».
وكانت فكرة إنشاء السرايا اللبنانية قد تولدت لدى الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله، لحظة تقبله التبريكات باستشهاد نجله هادي. يومها، جاءه شبان من كل الطوائف، بعضهم من لبنان وبعضهم من دول عربية وإسلامية يطلبون الانتساب رسميا الى «المقاومة الاسلامية».
ولم يكن «حزب الله« في وارد استقبال أي منتسبين من غير اللبنانيين. فعرض «السيد» فكرة «السرايا» أمام مجلس شورى «حزب الله»، الذي شدد على وجوب إنضاج صيغة تؤمن الانخراط في صفوف المقاومة من كل الطوائف ولكن من دون أن يسمح ذلك بأي خروقات أمنية في صفوف الحزب والمقاومة.
وبعد طول بحث وتدقيق، ولدت صيغة «السرايا اللبنانية لمقاومة الاحتلال الاسرائيلي». تجنب «حزب الله» إنشاء غرفة عمليات مشتركة، في ضوء فشل تجارب سابقة، لا سيما أن أي «غرفة عمليات» ستبقى عنوانا شكلياً، إذ ان أياً من الأطراف المشاركة فيها لن يكشف للأطراف الأخرى عن حقيقة ما يملك وما يريد تحقيقه إدارياً ولوجستياً.
بعدها، انتقلت الفكرة من أروقة القيادة إلى العلن.
وفي الثالث من شهر تشرين الثاني من العام ,1997 أعلن السيد حسن نصر الله في مؤتمر صحافي عقده في دار نقابة الصحافة عن ولادة «السرايا اللبنانية لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي» لكل راغب بالمشاركة في أعمال المقاومة المسلحة ضد الاحتلال الاسرائيلي في الجنوب اللبناني، من أي طائفة أو منطقة أو تيار سياسي كان.
وأعلن عن أرقام هاتفية للراغبين بالانخراط في «السرايا». وما ان أنهى «السيد» مؤتمره الصحافي، حتى بدأت أرقام الهواتف تستقبل عشرات المكالمات من متصلين من جميع الطوائف والمناطق اللبنانية.
أكد نصر الله، حينها، أن هذا التشكيل سوف يبقى منفصلاً عن جهاز «المقاومة الإسلامية» الجاهزة لتقديم كل دعم تحتاجه «السرايا اللبنانية»، بغية القيام بأعمال عسكرية وأمنية في المناطق اللبنانية المحتلة.
ويقول قيادي في «السرايا اللبنانية» ان مبادرة «حزب الله» لتشكيل السرايا اللبنانية لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي، انطلقت من جملة أسس وأبعاد لها امتدادها الواقعي والاستراتيجي، فضلاً عن دراسة الواقع اللبناني، بالإضافة إلى ضرورة استنهاض الطاقات الكامنة في الشباب الطامح إلى تحرير الأرض والإنسان عبر خلق إطار جامع ينطوي تحت لوائه لبنانيون يحملون قضية واحدة هي المشاركة في معركة تحرير أرضهم.
هدفت المبادرة «الى تطوير نوع من التكامل المدروس مع التوجه المقاوم ووضعت جملة أولويات، كان أبرزها تكريس ثقافة المقاومة ومحورية قضية الصراع مع العدو وتحرير الأرض، ومحاربة التطبيع، وإرساء نقطة إجماع كبرى وطنياً وقومياً ودينيا، وتحصين الساحة الداخلية من الخروقات، بحيث يتاح لكل مواطن المشاركة في حماية وطنه».
وقد اعتمد «حزب الله» في تعاطيه الأولي مع الراغبين بالالتحاق بالسرايا اللبنانية وفق آلية حذرة للغاية، تتضمن أحزمة أمان عدة منعاً لأي خرق أو تسرب مخابراتي مشبوه إلى أنسجة «السرايا».
وعلى هذا الأساس، كان لكل شخص مرشح للانتساب ملف واستمارة. يتم في البداية جمع المعطيات الضرورية حول الراغب بالانتساب، ويخضع كل لقاء تعارف بين المتصل وبين مندوب المقاومة لحيثيات خاصة، إذ انه ليس هناك مقر ثابت أو معروف للقاءات وإنما أماكن وعناوين منفصلة وتتراوح بين خاصة وعامة. وقد أراد «حزب الله» من خلال تطوير «السرايا» إنشاء إطار مرن لكل من يريد المشاركة في المقاومة من دون الالتزام بالضوابط التفصيلية التي يلتزم بها مقاتلو «حزب الله» ضمن «المقاومة الإسلامية». فلدى «حزب الله» ضوابط شرعية ودينية، أما عنصر «السرايا»، فله الحرية المطلقة، من الناحيتين الاجتماعية والدينية.
وتفاوتت أعمار المنتسبين الى «السرايا» بينما توزعت المهام العسكرية عليهم تبعا لمهنهم واختصاصاتهم، مع مراعاة توفر شرطين أساسيين للانتساب، أولهما أن يكون المنتسب مؤهلاً على المستوى العقلي والنفسي والجسدي للمشاركة الميدانية في القتال. ثانيهما، أن لا تكون هناك أية شبهة علاقة أو ارتباط مع العدو الإسرائيلي وعملائه.
وأخضع المنضوون في «السرايا اللبنانية» الى دورات تدريبية ـ عسكرية شملت المناورات والاختصاصات العسكرية المختلفة التي أدت إلى تأهيل العناصر كي يصبحوا «مقاتلين» بامتياز.
وفي الرابع عشر من آذار من العام ,1998 افتتحت» السرايا اللبنانية» نشاطها العسكري بتنفيذ ثلاث عمليات استهدفت قوات الاحتلال وعملاءه، مستخدمة الأسلحة الرشاشة والصاروخية ومدافع الهاون.ومنذ ذلك التاريخ وحتى العام 2000 استطاعت «السرايا اللبنانية» أن تنفذ 382 عملية عسكرية.
وفي العام ألفين، ومع إنجاز تحرير معظم الجنوب اللبناني، ظنّ كثيرون أن الحزب قام بحل «السرايا اللبنانية»، لكن مجريات «حرب تموز» أظهرت أن الصيغة لم تمت وأن كثيرين ممن شاركوا فيها كانوا بمثابة جيش احتياطي سرعان ما نزل الى أرض المعركة.