الأندلسي
02/08/2007, 06:46
قبل أن يكتمل الحَوْل على الحرب الإسرائيلية على لبنان، حسم «أهل العقد والربط» من المسؤولين العرب أمرهم: لقد انتهى زمان «المغامرات»، وآن لنا أن نرتاح ونريح!
... وها هي الإدارة الأميركية التي كانت طرفاً ـ قائداً في تلك الحرب، تتقدم وتفرض على «حلفائها» العرب التقدم خطوة جديدة: فلتتجمّع كل القوى المعترضة على استمرار الصراع العربي ـ الإسرائيلي، ولتواجه «أهل الحرب» من المتطرفين وأعداء السلام!
لقد سقط الاعتراض الفلسطيني الجدي بالانقسام الذي بلغ حد الاقتتال بين حماس في غزة وفتح في الضفة الغربية... وها هو التأييد الدولي لسلطة محمود عباس وحكومته يتجاوز كل التقديرات، ويعزل «المتطرفين» في تلك البقعة من الأرض المعزولة والمحاصرة بالبحر وبالعداء من كل جانب (إسرائيل، مصر وسائر العرب وسلطة الطوارئ).
ها هو «حزب الله» محاصر بمعارضيه الداخليين المعززين بالتحالف الدولي ـ العربي غير المسبوق، ومغرق في التفاصيل اللبنانية المنهكة التي تتداخل فيها الطوائف مع الدول والمذاهب مع مواقع النفوذ السياسي والمالي.
وها هي سوريا مطوّقة بالمخاطر، من معظم حدودها، تعاني من عزلة دولية منهكة، ومن حصار اقتصادي يفاقم حالة الفقر التي يعيشها شعبها بغير أن يخفف منها هجوم بعض الاستثمارات العربية التي تزيد من حدة الأزمة الاقتصادية ولا تخفف منها.
أما إيران فمطوّقة بالأساطيل الأميركية وبالحساسيات المذهبية التي فاقم من مخاطرها استعادة جيرانها الملكيين العرب شعارات القومية والعروبة لكي يقاتلوها «عنصرياً» أيضاً..
إنها ساعة الحقيقة إذاً: فلينتظم عرب السلام في معسكر واحد تحت الراية الأميركية، ومعهم بطبيعة الحال «شريكهم» الجديد، الإسرائيلي، لكي يستطيعوا أن يواجهوا أهل التطرف والتعصب الذين يهددون استقرار المنطقة وازدهارها وتطلعها إلى الديموقراطية!
إنها ساعة الحقيقة: الكل في أزمة. الاحتلال الأميركي يغرق في دماء العراقيين المهدورة، ويفقد احتمالات «الانتصار»، وإعادة بناء «الدولة» في أرض الرافدين التي جعلها خراباً، وزرعها بأسباب الفتن، عنصرية وطائفية ومذهبية وجهوية إلخ..
.. وإسرائيل في أزمة قيادة، بعدما فقدت ميزة تفوقها المطلق، وأصيبت هيبة جيشها الجبار بضربة موجعة، من الصعب أن يستعيدها في المدى المنظور..
.. وأنظمة الاعتدال العربي تتقلّب بين مخاوفها المتعددة المصادر: شعوبها التي انتبهت إلى واقعها المزري، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، بينما حكامها وأتباعهم يحارون ماذا يفعلون بالثروات الطائلة التي تتدفق عليهم بغير تعب.. والتي أمدّت بالذخيرة الحية «الأصولية السنّية»، ممثلة بتنظيم «القاعدة» وتفرعاتها المباشرة و«تحالفاتها» بالتبرع، والتي تتوالد بغزارة في مشارق الأرض العربية كما في مغاربها، وتبادر إلى الهجوم في مناخ من التأييد الشعبي الواسع..
الكل مأزوم، والكل متخوّف من الغد، فلماذا لا يخرج التحالف إلى العلن، إذاً، وخصوصاً أن «المواقف» ـ لا سيما خلال الحرب الإسرائيلية على لبنان ـ قد كشفته، أو أنها أكدته عملياً..
ثم إن ما كان يسمى «القضية الفلسطينية» قد بات من ذكريات الماضي... وما تبقى منها ضاع تحت أقدام المتنافسين بل المتقاتلين على «سلطة» لا يمكن أن تعيش إلا في ظل الحماية الإسرائيلية ـ الأميركية... أو تندثر بالحرب الأهلية.
لماذا لا ينتقل القائلون بالسلام، إذاً، من موقع الدفاع إلى موقع الهجوم الشامل، فيقاتلوا «آخر المحاربين» في هذه المنطقة المعركة الأخيرة، وبكل أنواع الأسلحة: الفتنة المذهبية، الأصولية المستولدة ضد الأصولية الأصلية، العنصرية المموهة بالقومية، التحالف العلني مع إسرائيل ـ الحليف القوي ـ وتحت الراية الأميركية الخفاقة.
الوقت مهم، فإن هم تأخروا ولم يفيدوا منه فوراً، قتلهم: ماذا لو اضطرت الإدارة الأميركية إلى الانسحاب من العراق، لأسباب أميركية أساساً ودولية، سياسية واقتصادية، قبل الحديث عن احتمالات تطور المقاومة في العراق وتوحّد فصائلها المختلفة تحت ضغط الحاجة، ثم الانتباه إلى «وحدة العدو»؟!
ليكن «المؤتمر الدولي»، إذاً، إعلاناً مزدوجاً: سلام عربي مع الحلفاء المقاتلين، الإدارة الأميركية وإسرائيل، ومشاركة في الحرب الأميركية على المعترضين أو المعارضين أو الذين يقاومون تثبيت الهيمنة الأميركية على المنطقة، ولو بالاشتراك مع إسرائيل، باعتبارها المدخل إلى السلام؟!
المؤتمر الدولي الذي دعا إليه الرئيس الأميركي، وأوفد للدعوة إليه وزيرة خارجيته مصحوبة بوزير دفاعه، تأكيداً للجدية، هو إعلان حرب على آخر المقاومين، بالسلاح أو بالرأي، بالإرادة أو بحب الحياة، بالنزوع إلى الحرية أو التمسك بالهوية.
إنه مؤتمر لإعلان الاستسلام العربي.
إنه مؤتمر يعطي «السلام» العربي للمحاربين، أميركيين وإسرائيليين، ويدفع ثمنه نقداً: على شكل صفقات سلاح، فضلاً عن التقديمات المعنوية كالاستقلال، والحفاظ على الثروات الوطنية، أو قضية فلسطين، أو إرادة التحرر في أربع رياح الأرض العربية.
الدعوة عامة، والعقاب على المتخلّفين!
طلال سلمان - السفير
... وها هي الإدارة الأميركية التي كانت طرفاً ـ قائداً في تلك الحرب، تتقدم وتفرض على «حلفائها» العرب التقدم خطوة جديدة: فلتتجمّع كل القوى المعترضة على استمرار الصراع العربي ـ الإسرائيلي، ولتواجه «أهل الحرب» من المتطرفين وأعداء السلام!
لقد سقط الاعتراض الفلسطيني الجدي بالانقسام الذي بلغ حد الاقتتال بين حماس في غزة وفتح في الضفة الغربية... وها هو التأييد الدولي لسلطة محمود عباس وحكومته يتجاوز كل التقديرات، ويعزل «المتطرفين» في تلك البقعة من الأرض المعزولة والمحاصرة بالبحر وبالعداء من كل جانب (إسرائيل، مصر وسائر العرب وسلطة الطوارئ).
ها هو «حزب الله» محاصر بمعارضيه الداخليين المعززين بالتحالف الدولي ـ العربي غير المسبوق، ومغرق في التفاصيل اللبنانية المنهكة التي تتداخل فيها الطوائف مع الدول والمذاهب مع مواقع النفوذ السياسي والمالي.
وها هي سوريا مطوّقة بالمخاطر، من معظم حدودها، تعاني من عزلة دولية منهكة، ومن حصار اقتصادي يفاقم حالة الفقر التي يعيشها شعبها بغير أن يخفف منها هجوم بعض الاستثمارات العربية التي تزيد من حدة الأزمة الاقتصادية ولا تخفف منها.
أما إيران فمطوّقة بالأساطيل الأميركية وبالحساسيات المذهبية التي فاقم من مخاطرها استعادة جيرانها الملكيين العرب شعارات القومية والعروبة لكي يقاتلوها «عنصرياً» أيضاً..
إنها ساعة الحقيقة إذاً: فلينتظم عرب السلام في معسكر واحد تحت الراية الأميركية، ومعهم بطبيعة الحال «شريكهم» الجديد، الإسرائيلي، لكي يستطيعوا أن يواجهوا أهل التطرف والتعصب الذين يهددون استقرار المنطقة وازدهارها وتطلعها إلى الديموقراطية!
إنها ساعة الحقيقة: الكل في أزمة. الاحتلال الأميركي يغرق في دماء العراقيين المهدورة، ويفقد احتمالات «الانتصار»، وإعادة بناء «الدولة» في أرض الرافدين التي جعلها خراباً، وزرعها بأسباب الفتن، عنصرية وطائفية ومذهبية وجهوية إلخ..
.. وإسرائيل في أزمة قيادة، بعدما فقدت ميزة تفوقها المطلق، وأصيبت هيبة جيشها الجبار بضربة موجعة، من الصعب أن يستعيدها في المدى المنظور..
.. وأنظمة الاعتدال العربي تتقلّب بين مخاوفها المتعددة المصادر: شعوبها التي انتبهت إلى واقعها المزري، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، بينما حكامها وأتباعهم يحارون ماذا يفعلون بالثروات الطائلة التي تتدفق عليهم بغير تعب.. والتي أمدّت بالذخيرة الحية «الأصولية السنّية»، ممثلة بتنظيم «القاعدة» وتفرعاتها المباشرة و«تحالفاتها» بالتبرع، والتي تتوالد بغزارة في مشارق الأرض العربية كما في مغاربها، وتبادر إلى الهجوم في مناخ من التأييد الشعبي الواسع..
الكل مأزوم، والكل متخوّف من الغد، فلماذا لا يخرج التحالف إلى العلن، إذاً، وخصوصاً أن «المواقف» ـ لا سيما خلال الحرب الإسرائيلية على لبنان ـ قد كشفته، أو أنها أكدته عملياً..
ثم إن ما كان يسمى «القضية الفلسطينية» قد بات من ذكريات الماضي... وما تبقى منها ضاع تحت أقدام المتنافسين بل المتقاتلين على «سلطة» لا يمكن أن تعيش إلا في ظل الحماية الإسرائيلية ـ الأميركية... أو تندثر بالحرب الأهلية.
لماذا لا ينتقل القائلون بالسلام، إذاً، من موقع الدفاع إلى موقع الهجوم الشامل، فيقاتلوا «آخر المحاربين» في هذه المنطقة المعركة الأخيرة، وبكل أنواع الأسلحة: الفتنة المذهبية، الأصولية المستولدة ضد الأصولية الأصلية، العنصرية المموهة بالقومية، التحالف العلني مع إسرائيل ـ الحليف القوي ـ وتحت الراية الأميركية الخفاقة.
الوقت مهم، فإن هم تأخروا ولم يفيدوا منه فوراً، قتلهم: ماذا لو اضطرت الإدارة الأميركية إلى الانسحاب من العراق، لأسباب أميركية أساساً ودولية، سياسية واقتصادية، قبل الحديث عن احتمالات تطور المقاومة في العراق وتوحّد فصائلها المختلفة تحت ضغط الحاجة، ثم الانتباه إلى «وحدة العدو»؟!
ليكن «المؤتمر الدولي»، إذاً، إعلاناً مزدوجاً: سلام عربي مع الحلفاء المقاتلين، الإدارة الأميركية وإسرائيل، ومشاركة في الحرب الأميركية على المعترضين أو المعارضين أو الذين يقاومون تثبيت الهيمنة الأميركية على المنطقة، ولو بالاشتراك مع إسرائيل، باعتبارها المدخل إلى السلام؟!
المؤتمر الدولي الذي دعا إليه الرئيس الأميركي، وأوفد للدعوة إليه وزيرة خارجيته مصحوبة بوزير دفاعه، تأكيداً للجدية، هو إعلان حرب على آخر المقاومين، بالسلاح أو بالرأي، بالإرادة أو بحب الحياة، بالنزوع إلى الحرية أو التمسك بالهوية.
إنه مؤتمر لإعلان الاستسلام العربي.
إنه مؤتمر يعطي «السلام» العربي للمحاربين، أميركيين وإسرائيليين، ويدفع ثمنه نقداً: على شكل صفقات سلاح، فضلاً عن التقديمات المعنوية كالاستقلال، والحفاظ على الثروات الوطنية، أو قضية فلسطين، أو إرادة التحرر في أربع رياح الأرض العربية.
الدعوة عامة، والعقاب على المتخلّفين!
طلال سلمان - السفير