الأندلسي
01/08/2007, 08:14
بدأت السيدة كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الامريكية جولة في المنطقة العربية يصحبها فيها، وللمرة الاولي، وزير الدفاع الامريكي روبرت غيتس، الهدف الرئيسي منها تعزيز حلف المعتدلين العرب في مواجهة ايران وسورية وحزب الله. فايران اصبحت، في نظر الولايات المتحدة، تشكل تهديدا لأمن المنطقة لا بد من التصدي له، من خلال توفير الحماية لحلفاء واشنطن القدامي فيها، وخاصة في منطقة الخليج العربي.
الادارة الامريكية وعدت بتقديم مساعدات عسكرية لمصر مقدارها 13 مليار دولار، وبيع اسلحة حديثة متطورة الي المملكة العربية السعودية بما قيمته عشرون مليار دولار، اما اسرائيل التي لم تعد تشكل اي خطر علي العرب، فستتلقي مساعدات عسكرية بقيمة ثلاثين مليار دولار وتشمل اسلحة حديثة متطورة تضمن تفوقها كقوة عظمي في المنطقة العربية.
نحن الآن امام عملية فرز واضح في المنطقة، اساسها مدي التبعية للولايات المتحدة والاستعداد للانخراط في الحرب الجديدة التي تعد لها ضد ايران وسورية وحزب الله في لبنان، او ما يسمي بمحور الشر الجديد.
المنطقة العربية باتت تنقسم الي ثلاثة معسكرات رئيسية، الاول هو معسكر دول الاعتدال، وهي مصر والاردن ودول الخليج الست، ومعسكر محور الشر وهو سورية وايران وحزب الله وحماس وتنظيم القاعدة والمقاومة العراقية، ومعسكر ثالث هو محور المهمشين وهو يضم بقية الدول العربية مثل اليمن والسودان والجزائر وليبيا والمغرب وموريتانيا، مع الاخذ في الاعتبار حقيقة هامة، وهي ان دول هذا المعسكر الثالث ليست متساوية، ولا توضع في سلة واحدة، فهناك دول فيه تعتبر دولا مساندة لمحور المعتدلين الاول، مثل المغرب وموريتانيا (تقيمان علاقات مع اسرائيل) وبدرجة اقل الجزائر.
وجود غيتس وزير الدفاع الامريكي في صحبة السيدة رايس، وحضوره اجتماعها مع دول محور الاعتدال العربي في شرم الشيخ، يؤكدان ان العد التنازلي للمواجهة مع ايران قد بدأ، وان عملية التهيئة للحرب، وتوزيع الادوار فيها قد بدأت بشكل متسارع، الامر الذي يذكرنا بجولات ديك تشيني عندما كان وزيرا للدفاع في ادارة بوش الاب للمنطقة قبل الحرب الاولي علي العراق.
علينا ان نتوقع عملية شيطنة لايران بالطريقة نفسها التي تمت فيها عملية شيطنة النظام العراقي السابق، تعتمد علي الأسس والاساليب والمصطلحات نفسها. فالتركيز يتم حاليا علي خطر ايران علي جيرانها في منطقة الخليج العربي، ودعمها للارهاب، وهي التهم نفسها التي جري توجيهها لنظام الرئيس صدام حسين لتعبئة المنطقة العربية ضده، وتسهيل عزله تمهيدا للإطاحة به.
ايران لا تشكل خطرا آنيا مباشرا علي المنطقة العربية، يستوجب تجييش الجيوش والدخول في مواجهة عسكرية معها يكون العرب هم الخاسر الاكبر فيها، بغض النظر عن النتائج التي يمكن ان تنتهي إليها. ايران تحاول تطوير قدرات نووية للاستخدام السلمي او العسكري وهذا من حقها، وهذه القدرات تهدد الهيمنة الامريكية علي المنطقة، وتحول دون تفردها بالتحكم بالنفط وامداداته.
فاذا كانت الولايات المتحدة قلقة فعلا من هذا البرنامج النووي الايراني علي دول المنطقة فقد كان عليها ان تعمل علي تحقيق التوازن معه، تماما مثلما فعلت علي تشجيع باكستان لامتلاك قدرات نووية لتحقيق التوازن مع نظيرتها الهندية المدعومة سوفييتيا اثناء الحرب الباردة.
بمعني آخر، لماذا لا تساعد الولايات المتحدة الدول العربية الحليفة لها، مثل مصر والمملكة العربية السعودية لتطوير قدرات نووية تحقق توازنا اقليميا وتشكل قوة ردع في مواجهة اي اطماع ايرانية في المستقبل؟
الادارة الامريكية لن تساعد حلفاءها العرب لامتلاك قدرات نووية لانها تريد ان تظل اسرائيل متفوقة في هذا الخصوص، ولهذا تريدهم وقودا للحرب الايرانية. وهذا ما يفسر احتواء مساعداتها العسكرية الجديدة والموعودة للمملكة العربية السعودية ومصر صواريخ حديثة لقصف الاهداف الايرانية.
دول محور الاعتدال العربي ارتكبت خطأ استراتيجيا قاتلا عندما سايرت الولايات المتحدة في مخططاتها لغزو العراق وتدميره، منهية بذلك توازنا طبيعيا مع ايران، واليوم توشك علي ارتكاب خطأ آخر اكثر فداحة بالانجرار الي مواجهة اكثر خطورة مع ايران لخدمة اهداف امريكية محضة من خلال تضخيم الخطر الايراني، وتأليب اهل السنة ضد اتباع المذهب الشيعي، اي توسيع نطاق الحرب المذهبية والطائفية في العراق بحيث تشمل العالم الاسلامي بأسره.
الادارة الامريكية لم تسلح العرب مطلقا، تنظيمات او دولا، من اجل مواجهة اسرائيل، وانما لمواجهة اشقاء عرب ومسلمين، او اعداء امريكا الذين يجب ان يتحولوا الي اعداء العرب بطريقة او باخري مثلما حدث في افغانستان ايام وجود القوات السوفييتية علي اراضيها لمساعدة حكم نجيب الله الشيوعي.
الاسلحة الامريكية الجديدة التي ستتدفق الي دول الاعتدال العربي لن تستخدم ضد اسرائيل وانما ضد ايران وسورية و حزب الله و حماس ، ولن نفاجأ اذا ما دخلت اسرائيل كعضو شرف في الحلف المذكور. فمؤتمر السلام الذي دعا اليه جورج دبليو بوش في الخريف المقبل قد يكون التمهيد لقبول عضويتها فيه كعضو قيادي كامل العضوية.
لا نعرف ما هي مصلحتنا كعرب في الدخول في حرب ضد دولة اسلامية شقيقة جنبا الي جنب مع اسرائيل، بل لا نعرف لماذا نقف في الخندق الامريكي ـ الاسرائيلي في مواجهة دولة عربية هي سورية خاضت كل حروب الامة لتحرير الاراضي العربية في فلسطين وخسرت من اجل ذلك آلاف الشهداء علاوة علي اراضيها في هضبة الجولان، وما هو الثمن الذي سيقبضه قادة دول محور الاعتدال مقابل خوض هذه المواجهات القذرة والخطيرة في آن؟ العرب خاضوا حروب امريكا في العراق (مرتين) وفي افغانستان (الحرب علي الارهاب) فماذا كانت مكافأتهم غير تمزيق هذين البلدين وتحويلهما الي دولتين فاشلتين، ومرتع للتطرف ومنظماته، وتفجير الحرب الاهلية الطائفية فيهما؟
دول محور الاعتدال التي تستعد لخوض حرب مع امريكا ضد ايران وسورية ومنظمات المقاومة في العراق وفلسطين ولبنان لم تستطع فتح معبر رفح، او تحويل بضعة ملايين من الدولارات لحكومة وحدة وطنية منتخبة في فلسطين، او حماية العرب في العراق من بطش حلفاء واشنطن وفرق موتهم.
صواريخ امريكا الي دول الخليج لن تحمي هذه الدول من نظيراتها الايرانية، لان اي انتقام ايراني لن يصل الي الاراضي الامريكية، وانما الي القواعد الامريكية في البحرين وقطر والمملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة، لان الصواريخ والطائرات القاذفة الامريكية التي ستلقي حممها فوق المدن الايرانية، وربما السورية ستنطلق من هذه القواعد، ففي مياه الخليج ثلاث حاملات طائرات، واكثر من مئتي سفينة حربية امريكية ولا نعتقد ان هذه السفن وبحارتها، تتواجد في هذه المنطقة التي تبلغ درجة الحرارة فيها خمسين درجة مئوية حاليا من اجل السياحة واكتساب اللون البرونزي.
تجاهل الخطر الاسرائيلي الحقيقي، وافتعال خطر ايراني وهمي او غير ملح هما اكبر عملية تضليل امريكية جديدة للنظام الرسمي العربي، وما يثير الغضب والغيظ ان هذا النظام سيبتلع الطعم الامريكي مرة اخري بسعادة بالغة، ويساق الي مواجهة مع ايران مفتوح العينين، ودون مقابل، مثل القطيع الذي يساق الي المسلخ، ودون ان يكون الذبح اسلاميا.
عبد الباري عطوان - صحيفة القدس العربي
الادارة الامريكية وعدت بتقديم مساعدات عسكرية لمصر مقدارها 13 مليار دولار، وبيع اسلحة حديثة متطورة الي المملكة العربية السعودية بما قيمته عشرون مليار دولار، اما اسرائيل التي لم تعد تشكل اي خطر علي العرب، فستتلقي مساعدات عسكرية بقيمة ثلاثين مليار دولار وتشمل اسلحة حديثة متطورة تضمن تفوقها كقوة عظمي في المنطقة العربية.
نحن الآن امام عملية فرز واضح في المنطقة، اساسها مدي التبعية للولايات المتحدة والاستعداد للانخراط في الحرب الجديدة التي تعد لها ضد ايران وسورية وحزب الله في لبنان، او ما يسمي بمحور الشر الجديد.
المنطقة العربية باتت تنقسم الي ثلاثة معسكرات رئيسية، الاول هو معسكر دول الاعتدال، وهي مصر والاردن ودول الخليج الست، ومعسكر محور الشر وهو سورية وايران وحزب الله وحماس وتنظيم القاعدة والمقاومة العراقية، ومعسكر ثالث هو محور المهمشين وهو يضم بقية الدول العربية مثل اليمن والسودان والجزائر وليبيا والمغرب وموريتانيا، مع الاخذ في الاعتبار حقيقة هامة، وهي ان دول هذا المعسكر الثالث ليست متساوية، ولا توضع في سلة واحدة، فهناك دول فيه تعتبر دولا مساندة لمحور المعتدلين الاول، مثل المغرب وموريتانيا (تقيمان علاقات مع اسرائيل) وبدرجة اقل الجزائر.
وجود غيتس وزير الدفاع الامريكي في صحبة السيدة رايس، وحضوره اجتماعها مع دول محور الاعتدال العربي في شرم الشيخ، يؤكدان ان العد التنازلي للمواجهة مع ايران قد بدأ، وان عملية التهيئة للحرب، وتوزيع الادوار فيها قد بدأت بشكل متسارع، الامر الذي يذكرنا بجولات ديك تشيني عندما كان وزيرا للدفاع في ادارة بوش الاب للمنطقة قبل الحرب الاولي علي العراق.
علينا ان نتوقع عملية شيطنة لايران بالطريقة نفسها التي تمت فيها عملية شيطنة النظام العراقي السابق، تعتمد علي الأسس والاساليب والمصطلحات نفسها. فالتركيز يتم حاليا علي خطر ايران علي جيرانها في منطقة الخليج العربي، ودعمها للارهاب، وهي التهم نفسها التي جري توجيهها لنظام الرئيس صدام حسين لتعبئة المنطقة العربية ضده، وتسهيل عزله تمهيدا للإطاحة به.
ايران لا تشكل خطرا آنيا مباشرا علي المنطقة العربية، يستوجب تجييش الجيوش والدخول في مواجهة عسكرية معها يكون العرب هم الخاسر الاكبر فيها، بغض النظر عن النتائج التي يمكن ان تنتهي إليها. ايران تحاول تطوير قدرات نووية للاستخدام السلمي او العسكري وهذا من حقها، وهذه القدرات تهدد الهيمنة الامريكية علي المنطقة، وتحول دون تفردها بالتحكم بالنفط وامداداته.
فاذا كانت الولايات المتحدة قلقة فعلا من هذا البرنامج النووي الايراني علي دول المنطقة فقد كان عليها ان تعمل علي تحقيق التوازن معه، تماما مثلما فعلت علي تشجيع باكستان لامتلاك قدرات نووية لتحقيق التوازن مع نظيرتها الهندية المدعومة سوفييتيا اثناء الحرب الباردة.
بمعني آخر، لماذا لا تساعد الولايات المتحدة الدول العربية الحليفة لها، مثل مصر والمملكة العربية السعودية لتطوير قدرات نووية تحقق توازنا اقليميا وتشكل قوة ردع في مواجهة اي اطماع ايرانية في المستقبل؟
الادارة الامريكية لن تساعد حلفاءها العرب لامتلاك قدرات نووية لانها تريد ان تظل اسرائيل متفوقة في هذا الخصوص، ولهذا تريدهم وقودا للحرب الايرانية. وهذا ما يفسر احتواء مساعداتها العسكرية الجديدة والموعودة للمملكة العربية السعودية ومصر صواريخ حديثة لقصف الاهداف الايرانية.
دول محور الاعتدال العربي ارتكبت خطأ استراتيجيا قاتلا عندما سايرت الولايات المتحدة في مخططاتها لغزو العراق وتدميره، منهية بذلك توازنا طبيعيا مع ايران، واليوم توشك علي ارتكاب خطأ آخر اكثر فداحة بالانجرار الي مواجهة اكثر خطورة مع ايران لخدمة اهداف امريكية محضة من خلال تضخيم الخطر الايراني، وتأليب اهل السنة ضد اتباع المذهب الشيعي، اي توسيع نطاق الحرب المذهبية والطائفية في العراق بحيث تشمل العالم الاسلامي بأسره.
الادارة الامريكية لم تسلح العرب مطلقا، تنظيمات او دولا، من اجل مواجهة اسرائيل، وانما لمواجهة اشقاء عرب ومسلمين، او اعداء امريكا الذين يجب ان يتحولوا الي اعداء العرب بطريقة او باخري مثلما حدث في افغانستان ايام وجود القوات السوفييتية علي اراضيها لمساعدة حكم نجيب الله الشيوعي.
الاسلحة الامريكية الجديدة التي ستتدفق الي دول الاعتدال العربي لن تستخدم ضد اسرائيل وانما ضد ايران وسورية و حزب الله و حماس ، ولن نفاجأ اذا ما دخلت اسرائيل كعضو شرف في الحلف المذكور. فمؤتمر السلام الذي دعا اليه جورج دبليو بوش في الخريف المقبل قد يكون التمهيد لقبول عضويتها فيه كعضو قيادي كامل العضوية.
لا نعرف ما هي مصلحتنا كعرب في الدخول في حرب ضد دولة اسلامية شقيقة جنبا الي جنب مع اسرائيل، بل لا نعرف لماذا نقف في الخندق الامريكي ـ الاسرائيلي في مواجهة دولة عربية هي سورية خاضت كل حروب الامة لتحرير الاراضي العربية في فلسطين وخسرت من اجل ذلك آلاف الشهداء علاوة علي اراضيها في هضبة الجولان، وما هو الثمن الذي سيقبضه قادة دول محور الاعتدال مقابل خوض هذه المواجهات القذرة والخطيرة في آن؟ العرب خاضوا حروب امريكا في العراق (مرتين) وفي افغانستان (الحرب علي الارهاب) فماذا كانت مكافأتهم غير تمزيق هذين البلدين وتحويلهما الي دولتين فاشلتين، ومرتع للتطرف ومنظماته، وتفجير الحرب الاهلية الطائفية فيهما؟
دول محور الاعتدال التي تستعد لخوض حرب مع امريكا ضد ايران وسورية ومنظمات المقاومة في العراق وفلسطين ولبنان لم تستطع فتح معبر رفح، او تحويل بضعة ملايين من الدولارات لحكومة وحدة وطنية منتخبة في فلسطين، او حماية العرب في العراق من بطش حلفاء واشنطن وفرق موتهم.
صواريخ امريكا الي دول الخليج لن تحمي هذه الدول من نظيراتها الايرانية، لان اي انتقام ايراني لن يصل الي الاراضي الامريكية، وانما الي القواعد الامريكية في البحرين وقطر والمملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة، لان الصواريخ والطائرات القاذفة الامريكية التي ستلقي حممها فوق المدن الايرانية، وربما السورية ستنطلق من هذه القواعد، ففي مياه الخليج ثلاث حاملات طائرات، واكثر من مئتي سفينة حربية امريكية ولا نعتقد ان هذه السفن وبحارتها، تتواجد في هذه المنطقة التي تبلغ درجة الحرارة فيها خمسين درجة مئوية حاليا من اجل السياحة واكتساب اللون البرونزي.
تجاهل الخطر الاسرائيلي الحقيقي، وافتعال خطر ايراني وهمي او غير ملح هما اكبر عملية تضليل امريكية جديدة للنظام الرسمي العربي، وما يثير الغضب والغيظ ان هذا النظام سيبتلع الطعم الامريكي مرة اخري بسعادة بالغة، ويساق الي مواجهة مع ايران مفتوح العينين، ودون مقابل، مثل القطيع الذي يساق الي المسلخ، ودون ان يكون الذبح اسلاميا.
عبد الباري عطوان - صحيفة القدس العربي