-
دخول

عرض كامل الموضوع : المتديات الإسلامية تغزو المنتديات العلمانية


فاوست
26/07/2007, 15:05
دردشة إلكترونية
رزان زيتونة
موقع صحيفة الجريدة

«حملة غزو المنتديات»، هو ما أعلنت عنه بعض المنتديات «الجهادية» من أجل غزو فضاء النقاش الإلكتروني، الهدف «دخول غرف الدردشة المختلفة وفتح الحوارات مع الشباب الإسلامي وإعلامه بمدى خطورة غفلته ومدى حاجة الأمة إلى الوقود، وهم هذا الشباب...».
المشاركة في غرف الدردشة والمنتديات التي تدعو نفسها بـ «الجهادية» أمر محفوف بالمخاطر، الأجهزة الأمنية المختلفة تتعقب تلك المساحات الإلكترونية، تراقب، تتسلل، تتدخل، وقد يصل الأمر إلى اعتقال من تتمكن من الوصول إليه. قريبا ربما، لن يحتاج كثيرون إلى تحمل تلك المخاطر من أجل الاطلاع على ما يرغبون في قراءته وسماعه ومشاهدته هناك!
«حملة غزو المنتديات»، هو ما أعلنت عنه بعض المنتديات «الجهادية» من أجل غزو فضاء النقاش الإلكتروني، الهدف «دخول غرف الدردشة المختلفة وفتح الحوارات مع الشباب الإسلامي وإعلامه بمدى خطورة غفلته ومدى حاجة الأمة إلى الوقود، وهم هذا الشباب...». استعرض أصحاب الفكرة «خطة للمشاركة في هذه الغزوة المباركة» في سبيل تحقيق الهدف المنشود، من ضمن المساحات الإلكترونية المعدة للغزو، تلك غير «الجهادية» وغير الإسلامية، المهتمة بالموسيقى، مثلاً، والشباب والرياضة... ولا ينسى واضع الخطة تذكير إخوته وأخواته في «نصرة المجاهدين»، بأن «على الناشر أن يتحرى الطريقة التي ينشر بها، فأسلوب مخاطبة أعضاء منتدى موسيقي ليس الأسلوب نفسه لمخاطبة أعضاء منتدى جهادي... وأهم شيء بعد النشر هو متابعة ردود الأعضاء والرد عليها...».
ليس سراً أن شبكة الإنترنت أضحت وسيلة أساسية من وسائل نشر الفكر المتشدد والحض على العنف تحت عناوين الدين والمقدس، لكن يبدو أننا نتقدم خطوة إلى الأمام في هذا الطريق، كان الشباب الحامل لبذور فكر متشدد، يبحث عن تلك المنتديات، أما الآن، فهناك احتمال كبير أن تبحث هي عنه.
كيف ستكون ردة فعل هواة الدردشة من غير الإسلاميين، أو ممن لا يحملون فكرا تكفيرياً عنفياً؟ يصعب تقدير ذلك، وإن كانت النتائج على الأرجح، تتوقف إلى هذا الحد أو ذاك، على نوعية تلك المنتديات، جنسية المشاركين فيها، خلفياتهم الفكرية والدينية، وهل سيصمد بضع عشرات من المتحمسين لفكرة «الغزو» إياها، أمام نتائج سلبية مفترضة في عوالم غير عوالمهم؟ لست متأكدة، وإن كنت أتمنى ذلك.
للوهلة الأولى، تبدو الفكرة «مخيفة» بعض الشيء، أسباب وعوامل تبني مثل ذلك الفكر قائمة ولا تني تتعزز يوما بعد آخر، وشبكة الإنترنت فضاء مناسب لاقتناص مشاريع «الجهاديين»، وإذا استطاع القائمون على الفكرة اجتذاب «جهادي إلكتروني» جديد واحد من كل عشرة منتديات، فالمربح في مصلحتهم!
لكن ربما يمكن النظر إلى الموضوع من زاوية مختلفة، فحملة ذلك الفكر، يخشون أكثر ما يخشون الرأي المختلَف معه، وهم إن قرروا «غزو» الساحات الفكرية الأخرى، لا يزالون حريصين على أن تبقى ساحاتهم «نقية» من أي «طاعن أو داعي فتنة يبث سمه في منتداكم»، وفقا لصاحب الفكرة إياه. والحقيقة، أن خوض المعركة على أرض الاعتدال، هو في مصلحة المعتدلين لو يحسنون استغلالها.
لطالما نأى المتشددون بأنفسهم عمن يعتبرونهم «كفارا»، وسدوا جميع الثقوب التي قد يتسرب منها إلى أتباعهم بصيص فكر مختلف، ولم يفعل خصومهم الفكريون- ونقصد بهم هنا أصحاب الإسلام الإصلاحي والعلمانيين- أفضل من ذلك، من دون أن نذكر خطاب العداء المتبادل بين الطرفين ابتداءً بالتكفير من الجانب الأول، وانتهاءً بالتحقير من الجانب الثاني. ولعل «حملة غزو المنتديات» كان يجب أن تبدأ من الجانب الآخر ومنذ زمن بعيد، ولا بأس أن «نتعلم» قليلاً من حسن تنظيم وتنسيق ومثابرة تلك الجماعات في حربها الإلكترونية ضد العقلانية والاعتدال والمحبة لمصلحة التطرف والتشدد والعنف.
يعتقد أصحاب الاعتدال، أن ما يؤمنون به هو من بديهيات الأمور، لا يحتاج إلى «دعوة» أو «تبليغ»، على عكس خصومهم الذين لا يألون جهداً في «هداية» الضالين، من وجهة نظرهم. وفيما تصادر الدكتاتوريات العربية حريات التعبير والتنظيم وتحجّم ما استطاعت القوى الديموقراطية فيها، تنشط الجماعات المتشددة بالوسائل التي تستطيعها من المسجد إلى المنزل إلى نسخ وتوزيع الأقراص الليزرية، وليس انتهاءً بفضاء الإنترنت.
وما كان المرء ليعول كثيراً على الاستقبال الإيجابي لتلك «الغزوات»، لولا ما يشهده من استغلال كبير للفضاء الإلكتروني في نشر الفكر المتطرف العنفي، مما يدفع للتساؤل، أين نحن، عندما نقرأ في أحد تلك المنتديات استفسارا من «إحدى الأخوات» عن جماعة «فتح الإسلام»، فيأتيها الجواب من «أحد الإخوة»، بأنها «جماعة مجاهدة تقاتل الجيش الصليبي الكافر». جيش لبنان البطل، يقصدون.
بالحساب المذكور أعلاه، فإن اجتذاب «مشروع معتدل» واحد من بين عشرة منتديات «جهادية»، هو نقطة تسجل على التطرف، خاصة عندما يستخدم هذا الأخير أحد أهم أدواتنا في حربه ضدنا، أي الكلمة.