-
دخول

عرض كامل الموضوع : أنـواع الأسلحـة المستخدمـة فـي الحـرب: تحقيقـات كشفـت بعضهـا وإسرائيـل اعترفـت بأخـرى


ما بعرف
20/07/2007, 00:52
بماذا قتلت إسرائيل اللبنانيين؟ بعد سنة على الحرب لا يملك أحد اليوم جواباً قاطعاً في ظل تكتم إسرائيل حول نوعية الأسلحة التي استخدمتها. والسؤال يسعى أساساً إلى فهم ما حصل وتأمين معطيات تساعد المستشفيات في الجنوب على الاستعداد لأنواع جديدة محتملة من الإصابات، بدل أن تفاجأ بها كما حصل في الصيف الماضي.
وطرح السؤال يهدف أيضاً إلى توفير قدر كاف من المعلومات للمواطنين المعرضين حول طبيعة الآلة العسكرية التي واجهوها وسبل الوقاية من أي تداعيات يمكن أن تنجم عن ذلك، وربما أيضاً طمأنتهم نسبياً إلى أن نتائج هذه الحرب انتهت مع انتهاء العمليات العسكرية...
وحتى اليوم، لم تتكفل أي جهة لبنانية، رسمية أو خاصة، بإنشاء هيئة مراقبة ترصد أي حالات صحية طارئة أو غير مألوفة قد تكون ناجمة عن حرب الصيف الماضي، وبقي الاعتماد على الهيئات الدولية للتحقيق في الموضوع.
إلا أن معظم التحقيقات الدولية التي رصدت انتهاكات حقوق الإنسان أو درست تأثيرات الحرب على البيئة، انتهت بعد زيارات عدة أجراها الخبراء الدوليون إلى قرى الجنوب ومناطق القصف انتهت بوضع تقارير عن الوضع كما رأوه في حينه.
ومعروف أن الكثير من تأثيرات الحرب قد لا تظهر مباشرة على الناس بل تحتاج لسنوات عدة قبل أن يصبح رصدها وإحصاؤها ممكناً وهو أمر منوط بالحكومة اللبنانية ومؤسسات الدولة وليس مسؤولية أي مؤسسة دولية أخرى.
بماذا قتلت إسرائيل اللبنانيين؟
ليس هناك جواب قاطع، ولكن هناك بعض المعطيات التي تجمعت خلال سنة من أبحاث جهات غير حكومية وناشطين دوليين وأطباء مستقلين أو من نتائج التحقيقات التي قامت بها لجنة أنشأتها لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة أو في بعض الأحيان من اعترافات الجيش الإسرائيلي نفسه.
فبعد وقت قليل من بدء الحرب، ومع تزايد عدد الشهداء والجرحى، بدأت تلاحظ أنواع من الإصابات لم يكن قد خبرها الأطباء الجنوبيون من قبل بالرغم من أن كثيرين منهم شهدوا عدواني العامين 1993 و.1996
وفي 22/7/,2006 أي بعد حوالى عشرة أيام على بدء الحرب، نشرت «السفير» تقريراً مفصلاً جمعت فيه شهادات حول العوارض وأشكال الإصابات الغريبة أو غير المعتادة التي لاحظها الأطباء في الجنوب وربطوها بفرضيات استخدام أنواع من الأسلحة بعضها «تقليدي» وبعضها الآخر حديث.
ومنذ ذلك الحين تواصل البحث لتأمين أي دلائل على صحة أو خطأ هذه الفرضيات. أما النتيجة فقد جاءت على الشكل التالي:
1ـ القنابل العنقودية:
لعل القنابل العنقودية هي إحدى أكثر الأسلحة التي ما زالت تقتل وتجرح اللبنانيين بعد سنة على انتهاء الحرب، لكنها أيضاً كانت السلاح الأول الذي أدان إسرائيل خلال الحرب وبعدها نظراً لصعوبة إخفائه أو إخفاء نتائجه. وقد حدد تقرير أصدره برنامج البيئة في الأمم المتحدة حجم المشكلة بمليون قنبلة عنقودية غير منفجرة موزعة على 813 موقعاً في الجنوب. واعترفت اسرائيل بأنها ألقت غالبية هذه القنابل في الأيام العشرة الأخيرة من الحرب.
وراحت تظهر هذه القنابل منذ بداية الحرب عندما رصد وجودها من خلال شهادات أطباء ومواطنين. وقبيل انتهاء الحرب، أنشأت الأمم المتحدة لجنة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في لبنان من قبل الجيش الإسرائيلي، وقد أصدرت تقريرها الختامي في تشرين الثاني ,2006 والذي اعتبرت فيه أن «الجيش الإسرائيلي خرق الاتفاقيات الدولية لاستخدامه غير المشروع لبعض الذخائر وتنفيذ العقاب الجماعي على المدنيين». مع ذلك، ذكر التقرير أنه «ليس من المعروف أن الأسلحة التي استخدمتها قوات الدفاع الإسرائيلية غير قانونية في حد ذاتها بموجب القانون الإنساني الدولي». بل أن «الطريقة التي استخدمت فيها تلك الأسلحة في بعض الحالات تنتهك القانون».
وتناولت اللجنة على وجه التحديد استخدام الذخائر العنقودية وأصدرت توصية بضرورة أن يبادر مجلس حقوق الإنسان «إلى تشجيع اتخاذ إجراءات عاجلة من أجل إدراج الذخائر العنقودية في قائمة الأسلحة المحظورة بموجب القانون الدولي... وأن يطلب من إسرائيل بقوة أن تسلم على الفور إلى قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان وحكومة لبنان معلومات كاملة ومفصّلة عن استخدام الذخائر العنقودية وعن جميع إحداثيات مواقع هذه الذخائر التي أُطلقت في لبنان.
وينبغي على المجلس أن يطلب من الهيئات الدولية ذات الصلة، معالجة مسألة مشروعية بعض الأسلحة، وبخاصة الأسلحة التي تستخدم ضد السكان المدنيين بصورة عشوائية، بما فيها الأسلحة التي تستخدم اليورانيوم المستنفد».
كما تبين أن غالبية القنابل العنقودية التي ألقتها إسرائيل على لبنان هي قنابل من صنع أميركي. وقد أجرت الولايات المتحدة تحقيقاً حول الموضوع وأعلنت منظمة هيومن رايتس ووتش أن النتائج الأولية التي توصل إليها التحقيق أشارت إلى انتهاك إسرائيل للاتفاقيات المبرمة معها عبر استخدامها القنابل العنقودية في لبنان خلال الصيف الماضي. وأوصت المنظمة بضرورة أن تؤدي هذه النتيجة إلى وقف فوري لكل صفقات بيع هذه القذائف إلى إسرائيل.
2ـ الأسلحة الكهرومغناطيسية أو أسلحة المايكروويف (أسلحة الطاقة المباشرة)
كانت طبيعة التشوهات والإصابات التي رصدت لدى الجرحى والشهداء هي ما دفع إلى الشك في إمكانية أن تكون إسرائيل قد استخدمت هذا النوع من الأسلحة. وتتلخص هذه العوارض بتشويهات غير طبيعية للجثث وسيطرة اللون الأسود على جلد الشهداء بحيث بدوا محروقين من دون أن يكونوا كذلك بالفعل. كما أن وفاة بعض الشهداء جاءت سريعة جداً رافقها انبعاث روائح غريبة منهم لم يستطع الأطباء تفسيرها. وظهر تخثر سريع للدم في الجسم كما لم تكتشف أي شظايا فيه. ولفت أيضاً تكرار أشكال محددة من الإصابات في العيون لدى عدد كبير من الجرحى. هذه الحالات رصدت في الرميلة والدوير وبنت جبيل وصور. وكان الدكتور بشير شام مدير المركز الطبي في صيدا قد لاحظ هذه العوارض على جثث نقلت إلى المركز بعد إصابتها تحت جسر الرميلة شمالي صيدا، في السابع عشر من تموز .2006 إذ ظهرت جثثهم بلون داكن كأنها محترقة من دون أن تكون محترقة فعلاً، بدليل بقاء ثياب الضحايا وشعرهم عليهم. وتوافقت هذه العوارض مع تقرير بثته قناة «راي نيوز 24» الإيطالية في شهر أيار 2006 أعده صحافيون في العراق ويتحدث عن استخدام القوات الأميركية نوعاً جديداً من الأسلحة هو عبارة عن شعاع من الموجات الكهرومغناطيسية القصيرة جداً أي ما يشبه الأشعة التي تطلقها أجهزة المايكروويف في المنازل. ويتم تصويب هذا السلاح على الهدف فتكون مهمته الدخول تحت الجلد وإصابة الأطراف العصبية بحيث يشل الجهاز العصبي ويرفع حرارة الجسم من خلال تسخين المياه الموجودة داخل الخلايا... وأشار التقرير إلى أن استخدام هذا النوع من الأسلحة تسبب في تقطيع أوصال الأشخاص المستهدفين وظهور ما يشبه الحروق في أجزاء مختلفة من أجسادهم من دون أن يجد الأطباء داخل أجسادهم أي آثار لشظايا قذائف تقليدية. وتحدّث التقرير التلفزيوني عن تقلص في حجم الجثث نتيجة هذا السلاح وهو ما لاحظه دكتور شام أيضاً في جثث الرميلة.
لكنّ تقريراً طبياً ألمانياً صدر بعد دراسة أنسجة عينات جلدية لضحايا جسر الرميلة، نفى إمكانية أن يكونوا قد قتلوا بأسلحة فوسفورية أو كهرومغناطيسية (ميكروويف) أو سامة من دون أن يتمكن من تحديد سبب الوفاة الحقيقية (نشرته «السفير» في 26/8/2006). ورجحت مصادر طبية أن يكون سبب الوفاة استخدام القنابل الفراغية أو القنابل «الوقودية الهوائية». غير أنه في النهاية بقي السبب الفعلي للوفاة غير معروف. إذ أكد التقرير الألماني «أن تأثيرات أشعة المايكروويف كانت لتتسبب بتسخين الأنسجة مع إحداث تغييرات معينة فيها وهو ما لم يظهر في العينات». وأشار التقرير إلى «أنه لا أثر لحريق في كل العينات التي أجري عليها فحص مخبري، بل ظهرت عليها ترسبات سوداء اللون فيها صدأ حديدي ومختلطة بجزيئات متبلّرة»، مؤكداً أنه «لا توجد أي آثار لتأثيرات حرارية والصورة العامة للجلد طبيعية من الناحية التشريحية». إلا أن التقرير لم يستطع تحديد طبيعة الترسبات السوداء التي بقيت على جثث الشهداء، وأكد أنها تحتاج لفحص كيميائي لتحديدها.
ويفترض التقرير «أن الترسبات السوداء على الجلد تفسر من جهة، اللون الأسود الذي غطى الأجساد، ومن جهة أخرى تشير إلى فرضية ينبغي التأكد منها من أن هؤلاء الأشخاص تعرضوا «لسحابة من السخام»، كما وصفها، عندما كانوا أحياء وبعد وفاتهم لفترة من الزمن».
بمعنى آخر، يضع التقرير فرضية تحتاج إلى تأكيد مفادها أنه «يمكن أن يكون التسمم هو سبب الوفاة بفعل استنشاق الدخان أو لافتقار الدم للأوكسجين anoxemie نتيجة حريق في مكان مغلق... إنما لا يمكن تحديد السبب الحقيقي للوفاة لأن ذلك يحتاج لإجراء تشريح وتحليل كيميائي للغازات في الدم وتحليل السمية في الدم». وهو ما أصبح اليوم، وبعد سنة على الوفاة والدفن أمراً شبه مستحيل. ومع أن هذه المعطيات فتحت الباب أمام البحث عن طبيعة هذه المادة السوداء التي وجدت على أجساد الضحايا لما يمكن أن يكون له من تأثير حاسم في تحديد نوع السلاح المستخدم. غير أن أي جهة رسمية لم تتحرك من أجل استكمال هذا التحقيق الذي توقف مع توقف التمويل من أحد التلفزيونات الألمانية الذي أخذ على عاتقه إجراء الفحص الأولي. في النهاية لا يوجد أي دليل حتى الآن على استخدام إسرائيل لهذا النوع من الأسلحة.
3 قنابل الحرارة والضغط الفراغية (thermobaric) والقنابل الوقودية الهوائية (fuel air bombs)

ما بعرف
20/07/2007, 00:52
دفعت نتائج التحاليل التي أجريت على شهداء الرميلة أحد الخبراء اللبنانيين إلى ترجيح احتمال أن تكون وفاتهم قد نتجت عن استخدام القنابل الفراغية من النوع الذي يستخدم الوقود من أجل امتصاص الأكسيجين (fuel air bomb). وشرح الخبير في حينها (26/8/2006) أن هذا النوع من الأسلحة قد يؤدي إلى تشكيل نوع من الهيدروكاربونات في محيطها، متسائلاً عما «إذا كانت المادة السوداء التي غطت الشهداء مشكلة من الهيدروكاربونات أم من مواد كيميائية أخرى كالبلاستيك المحترق أو الغرافيت أو من مسحوق معدني (مثل التانغستين) أو من مادة مؤكسدة؟ أو حتى من مواد مشعة؟». لكن افتراض أن تكون إسرائيل قد استخدمت القنابل الوقودية الهوائية أو القنابل الفراغية سبق هذا التحليل. إذ أن الشهادات التي جمعت من الأطباء بينت إمكانية أن تكون إسرائيل قد استخدمت هذا النوع من الأسلحة. وكانت أولى بوادر ذلك قد ظهرت في منطقة النبطية مع تسجيل حالات وفاة لم تظهر عليها أي عوارض أو جراح خارجية مع ظهور إمكانية حصول انهيار في الرئتين وتوقف في القلب من دون أسباب واضحة، بالإضافة إلى نزيف في الدماغ.(22/7/2006).
كما عزز هذا الاعتقاد ما أورده شهود عيان من بلدة عيناتا في الجنوب عن رؤيتهم منازل تنهار من دون أن يسمعوا انفجار القذيفة.
وقد أكدت ذلك أيضاً شهادات المصورين الصحافيين الذين كانوا يعملون في أماكن القصف لا سيما في الضاحية الجنوبية لبيروت ومنها شهادة الزميل المصور حسن عبدالله الذي أفاد أنه في إحدى جولات القصف التي طالت منطقة كفرشيما، شعر وهو عند معمل البيبسي في الشويفات كما لو أن الأكسيجين سُحب من الجو لبرهة من الوقت، ثم شعر بضيق في التنفس لفترة. وهي واحدة من شهادات عدة نشرتها «السفير» في 30/7/.2006
إلى ذلك خلص عدد من الخبراء الأجانب ومنهم الخبير البريطاني في الأسلحة داي ويليامس، وبعد زيارته لأماكن القصف في الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت، ومعاينته لطبيعة التدمير الذي طال عدداً من البنايات خلص إلى استنتاجات عدة منها وجود إمكانية عالية لأن تكون إسرائيل قد استخدمت قذائف الحرارة والضغط الفراغية الحديثة THERMOBARIC والقنابل الوقودية ـ الهوائية fuel-air bombs والتي يمكن في بعض أنواعها أن تحمل عنصر اليورانيوم. وقال ويليامس «للسفير» «إن الجيل الجديد من القنابل الفراغية يتم توقيته وتوجيهه قبل إطلاقه من الطائرة المغيرة بحيث لا ينفجر إلا عند الوصول إلى الطابق المستهدف. هذا يعني أن هذه القنابل قادرة على اختراق طابق أو اثنين أو ثلاثة أو أربعة.. إلخ حتى الوصول إلى الهدف. عندها تنفجر محدثة الضرر الأكبر عند مستوى الهدف وفي الطوابق الأعلى منه». ولفت ويليامس موقع المبنى الذي كان يضم المركز الإعلامي لحزب الله. إذ يشرح أحد شهود العيان كيف أن صاروخاً خرق طوابقه العشرة قبل أن ينفجر في مخزن للسيراميك تحت الأرض محدثاً حريقاً ومسوياً المبنى بالأرض. يشير ويليامس إلى أن هذه الحالة بالذات قد تكون نموذجية فيما خص القنابل الموجهة العالية القدرة على الاختراق والفراغية التي يمكن أن تحمل يورانيوم في رؤوسها. وهذه الفرضية عززتها معلومات حصل عليها خبير آخر، هو هانك فان در كيور، منسق برنامج اليورانيوم المنضب في «مؤسسة لاكا للتوثيق والأبحاث حول الطاقة النووية» في هولندا، من مصدر غربي، أن إسرائيل استخدمت هذا النوع من القنابل الفراغية بالإضافة إلى قنابل مضادة للتحصينات (bunkers buster) في قصف الجسور، وإن كان لم يستطع تأكيد هذه المعلومات من مصدر آخر («السفير» 28/9/2006). ويطلق مصطلح thermobaric على مجموعة من الأسلحة التي تستخدم الأوكسجين الموجود في الجو من أجل تفجير شحنتها من المتفجرات. كما يطلق عليها أسماء عدة منها قنابل الوقود والقنابل الفراغية وأسلحة الحرارة والضغط. وينتج هذا النوع من الأسلحة طاقة تفجيرية عالية تتعدى تلك التي تنتجها القنابل التقليدية من الحجم نفسه. فالقنابل التقليدية تحمل داخلها العنصرين المتفجر والمؤكسد. في المقابل تحتوي قنابل الحرارة والضغط الفراغية على العنصر المتفجر وعلى آلية نشر تستخدم الأوكسجين الموجود في الهواء كمؤكسد. وتعمل هذه القنابل بنشر غيمة من المتفجرات مستخدمة شحنة صغيرة ثم تشعلها بشحنة أخرى مستخدمة الأوكسجين.
وبالإضافة إلى الاستنتاجات السابقة جاء التأكيد من إسرائيل نفسها على «استخدام هذا النوع من الأسلحة الجوية التي تعمل بالوقود من أجل تفجير الألغام فقط»، في حين نقل تقرير لجنة التحقيق حول انتهاكات حقوق الإنسان عن بعض الشهود العيان قولهم إن إسرائيل استخدمت هذه الأسلحة في تدمير المنازل والممتلكات في الضاحية الجنوبية. وإذ تحدث تقرير اللجنة عن غياب أي دليل على أن إسرائيل استخدمته ضد التحصينات انتقد تقرير مجموعة «نيو ويبونز» ما جاء في تقرير لجنة حقوق الإنسان وقبولها «باعتراف الجيش الإسرائيلي باستخدامه لهذه الأسلحة «كغطاء ضد الألغام فقط» على الرغم من الأدلة والتصريحات السابقة لأطباء لبنانيين حول الملامح الطبية لإصابات الضحايا من المدنيين والتي كانت تتصف بالتعرض لانفجار كتل نار من أسلحة وقود الهواء.
4ـ الفوسفور الأبيض:
عندما بدأت ترد صور عن حروق غريبة رصدها بعض الأطباء لا سيما في مناطق مرجعيون وبليدا وحولا وصور بدا أن هناك احتمالاً من اثنين: الفوسفور أو النابالم. لكن الأطباء الذين شهدوا اجتياحات إسرائيلية سابقة لم ينتظروا طويلاً قبل أن يؤكدوا أن هناك استخداماً للفوسفور الأبيض الحارق في ضرب المدنيين. وروى أحد الأطباء في صور حالة أحد الجرحى الذي أتى إلى المستشفى مصاباً بجروح مختلفة وحرق صغير في يده ما لبث أن بدأ يكبر ويتوسع حتى غطى كامل الذراع ولم تمكن السيطرة على تمدده بسبب غياب الدواء اللازم لعلاج الحروق الناتجة عن الفوسفور. إذ يشتعل الفوسفور الأبيض بشكل تلقائي في الجو عندما تصل درجة الحرارة إلى 34 درجة مئوية. وهو يتسبب بحروق من الدرجة الثالثة تمتد من الجلد نحو الأعضاء الداخلية ويصبح من المستحيل علاجها في بعض الأحيان.
وقد تحدث الجيش اللبناني وقوات «اليونيفيل» عن استخدام إسرائيل لهذه القنابل قبل أن تعترف بذلك بنفسها في تشرين الأول حيث نقلت صحيفة «غارديان» البريطانية في 23/10/2006 عن الوزير الإسرائيلي يعقوب يديري قوله «إن إسرائيل استخدمت قنابل فوسفورية ضد أهداف عسكرية في أرض مفتوحة خلال حربها ضد حزب الله الصيف الماضي». هذا يعني أننا اليوم لدينا دليل على استخدام إسرائيل لنوعين من الأسلحة غير القانونية هي القنابل العنقودية نظراً لكونها أسلحة لا تميّز بين المدنيين والعسكريين، والقذائف الفوسفورية التي هي نوع من «الأسلحة الحارقة» والتي يحرم استخدامها ضد المدنيين. وبعد ثلاثة أشهر أورد برنامج الأمم المتحدة للبيئة «يونيب» في تقريره حول تأثيرات البيئية للحرب على لبنان أنه «وجد أدلة على استخدام ذخائر تحوي الفوسفور الأبيض». وهو ما نقلته لجنة التحقيق حول حقوق الإنسان وانتقدته. لكن اللجنة نفسها أعلنت أنها لم تجد أي دليل على استخدام قذائف حارقة أخرى لا سيما النابالم.
5ـ القنابل الصغيرة والمتفجرات المحشوة بالمعادن ٔ(DIME) :
تحدث تقرير لجنة التحقيق التابعة لمجلس حقوق الإنسان عن إمكانية أن تكون إسرائيل قد استخدمت هذا النوع من الذخيرة في حربها ضد لبنان. واستند التقرير إلى تقارير صحافية وطبية ذات خبرة. وأشار إلى شهادات أطباء قالوا إن بعض الجرحى عانوا من حروق غير مفهومة ولم تشاهد مثلها من قبل. وقد نفى الجيش الإسرائيلي أن يكون قد استخدم هذا النوع من الأسلحة. وهي عبارة عن قنبلة صغيرة القطر، عدلت لإدراج مركب في حالة كثيفة ومعادن خاملة متفجرة (DIME) في داخلها، مما يجعلها قادرة على الوصول بدقة قاتلة والانفجار ضد الأهداف السهلة مع انخفاض مذهل للأضرار الجانبية. رغم انه قيل في صيف 2006 أن النسخة الأميركية لا تزال في مرحلة الاختبار ولم تستخدم في ساحة المعركة في ذلك الوقت، إلا أن تحقيقاً بثه التلفزيون الإيطالي RAI 24 news في العاشر من تشرين الأول 2006 تحدث عن جروح غريبة ظهرت على بعض المصابين من الفلسطينيين في غزة نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية عليهم. وتتمثل هذه الجروح في بتر للرجلين واليدين ووفيات غير مفهومة بعد أن يكون الأطباء قد عالجوا الجروح الظاهرة. وبيّن التحقيق أن إسرائيل تختبر نوعاً جديداً من هذه الأسلحة يعتمد على شظايا من الكربون وغبار المعادن الثقيلة لا سيما التانغستين التي تدخل الجسم ولا يمكن كشفها عبر التصوير بالأشعة السينية. وهي شظايا تستمر بالاحتراق داخل الجسم المصاب وتؤدي إلى الوفاة في النهاية من دون أن تظهر آثار جروح خارجية واضحة بالضرورة. وإسرائيل لم تنف الموضوع كما لم تؤكده.
6ـ صواريخ الهيليوم:
ذكر تقرير مشترك أصدرته الجمعية الأميركية للقانونيين (AAJ) والاتحاد اليهودي الفرنسي من أجل السلام (UJFP) في آذار الماضي، أن إسرائيل استخدمت صواريخ تحتوي على غاز الهيليوم في حربها على لبنان. وقال التقرير الرسمي الذي كتبه مبعوثان منهما على إثر زيارة إلى لبنان لرصد انتهاكات القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني من قبل إسرائيل، إن سلاح الجو الإسرائيلي وخلال قصفه للمدن والقرى استخدم صواريخ تحتوي على غاز الهيليوم. وهو ما رأته البعثة بنفسها في منزل علي ابراهيم سليم في بلدة حولا في الجنوب حيث ما زال يحتفظ ببقايا الصاروخ الذي دمّر بيته وقتل شقيقته وأخاه وزوجة أخيه. وكانت تقارير صحفية تحدثت عن الحالة نفسها. وإذ بدا من الصعب تفسير وجود الهيليوم في الصاروخ إلا أنه من المعروف أن الهيليوم هو من الغازات النبيلة التي لا تتفاعل غير أنه قد يصبح خطيراً في حال استنشاقه بكميات كبيرة بسبب قدرته على الحلول مكان الأوكسيجين في الدم مما يقود إلى الاختناق خلال دقائق قليلة.
في ضوء هذه المعطيات يبدو أن سنة من الزمن كانت كافية لكشف الكثير حول حقيقة بعض أنواع الأسلحة التي استخدمتها إسرائيل، غير أن العقدة الأساسية بقيت في الأسلحة الجديدة والتي ما زالت سرية. فقد تبين أن حداثة بعض هذه الأسلحة جعلها أيضاً في مكان رمادي بالنسبة لقانون حقوق الإنسان. فهي غير محكومة بتشريعات واضحة تحدد ما إذا كانت مقبولة أم محرمة. وهو ما دفع فريق «نيو ويبونس»، وهو فريق دولي من العلماء والأطباء والمهنيين العاملين في مجال المعلومات، إلى تقديم مذكرة جديدة الشهر الماضي إلى مجلس حقوق الإنسان تطالبه بإعادة فتح التحقيق في الأسلحة التي استخدمتها إسرائيل لجهة الآليات والطرق التي استخدمت فيها ومدى خرقها للقوانين التي تحمي المدنيين وتمنع استهدافهم المباشر كما تمنع عمليات الهدم والتدمير غير المبررة لمنازلهم وممتلكاتهم.

السفير