dot
10/07/2007, 15:38
إن العامل المشترك الذي يشغل تفكير المخططين العسكريين في معركة الأسلحة المشتركة الحديثة هو السيناريو المعقَّد للأنظمة، والأسلحة، والمعدات الحديثة الكثيفة في أرض المعركة وسماواتها بصورة تعقَّدت معها مشكلة التعارف: صديق أم عدو IFF في المعركة الحديثة، بسبب السرعات العالية للأرصفة المختلفة الحاملة لنظم التسليح، وتعقُّد وكثافة الطيف الكهرومغناطيسي، علاوة على قصر الأزمنة المتيسرة لإجراءات رد الفعل، وملاقاة التهديد، الأمر الذي يستوجب درجة عالية من الاستيثاق وسرعة الاستجابة، لتحقيق مواجهة ناجحة، حيث إن أي خطأ قد يعني إما تدمير طائرة صديقة، أو نجاح طائرة معادية في اختراق نظام الدفاع الجوي، وما قد يترتب على ذلك من أخطار!!
إذا كان المفهوم سابقاً مقصوراً على أنظمة IFF بين الطائرات وبعضها، وبين الطائرات والقطع البحرية، فإن الدروس المستفادة من حرب الخليج والعراق، قد فرضت ضرورة بل وحتمية وجود أنظمة للتعارف حتى مستوى الجندي، حيث ظهر مصطلح (إصابة النيران الصديقة)، وازدهر مع التقدُّم في ظروف العمليات الليلية.
ففي الظلام تقل الرؤية، وتبهت التفاصيل، وتتداخل الخلفيات، ويلزم التعارف لتحديد الأجناب واتجاهات التحرُّك والفواصل. ويوفّر ذلك ثقة في نفس الجندي ويزيل عنه الخوف، ويقلِّل من التعرض للقتل بواسطة النيران الصديقة، وهو التعبير الذي زادت نبرته في معظم بيانات القتال، ودعم ذلك ضرورة توفير نوع آخر إضافي من IFF بصورة ملحَّة مع تزايد حلكة الظلام.
نظرة تاريخية
لقد بدأت الحاجة إلى أنظمة التعارف (Identification Friend or Foe) IFF في
الشهور الأولى لاستخدام الرادارات الدفاعية عام 1939م، ومنذ ذلك الحين أصبحت أنظمة التعارف IFF من المحددات الرئيسة في أنظمة الدفاع الجوي، والتي يتم تطويرها باستمرار باستخدام أحدث التكنولوجيا، لتواكب مافي الجعبة من تطورات في أجهزة الرادار، ونظم الإعاقة الإلكترونية، وكذا ضمن التعقيدات في كثافة الطيف الكهرومغناطيسي في معركة الأسلحة المشتركة الحديثة، وكذا التطوّر المذهل في فن عالم الطيران من حيث السرعة، والارتفاعات المنخفضة، وتكنولوجيا الملاحة باستخدام الرادار لتتبع تضاريس الأرض.
ويذكر التاريخ أن نجاح الأسطول الألماني في الهروب عبر المانش في 22 فبراير 1942م، قد أحدث أثراً نفسياً بالغاً وسلبياً في نفوس الإنجليز، نظراً للدور الخداعي البالغ الذي أحدثته الرادارات الألمانية في نجاح العملية، مما صعّد من التصوّر الإنجليزي للتفوق التكنولوجي الألماني، وهو ما حدا بالإنجليز إلى القيام بالإغارة على أحد الرادارات الألمانية (روزنبرج) الموجود في (سان برونيفال) على الساحل الفرنسي، ونقلوا إلى بريطانيا معظم أجزاء الرادار، وخصوصاً جهاز التعارف الخطير ومعه بعض عمال التشغيل الألمان، لسرعة فهم نظريات التشغيل والوقوف على آفاق التطوّر الألماني في هذا المجال.
وعندما دوّخت الرادارات السوفيتية الصنع الطيران الإسرائيلي في حرب الاستنزاف عام 1968م على الجبهة المصرية، كان الحل هو الإغارة على رادار الغردقة في أحد المواقع المتطرفة، وذلك بغرض أسر أهم جزء في هذا الرادار وهو الخاص بالتعارف، والذي يمكن بمحاكاته إحداث ثغرة رادارية في الحقل الراداري تؤمِّن الاختراق الآمن للطائرات الإسرائيلية في الدفاع الجوي المصري.
جوهر نظام التعارف
إن نظام التعارف IFF هو في جوهره سؤال وجواب (Q A)، سؤال يوجّه من السائل فيصل إلى الهدف، ويتم فك التشفير ويقوم المجيب (Transponder) بالرد على السؤال لتحديد الهوية. ويلاحظ أن السرِّية العالية المطلوبة قد أضافت إمكانية أن تتعرف أنظمة التعارف على الأنواع المختلفة من الأهداف الصديقة داخل مدى معين يغطِّي ميدان المعركة، وكذا النقاط الدفاعية المتقدمة، وأماكن تمركز وحدات الدفاع. ولقد أوجبت الحاجة ضرورة التفريق بين ما هو صديق وما هو عدو، لذا لزم تركيب أجهزة تعارف في الطائرات الصديقة.
ولقد تطوّرت أيضاً أجهزة التعارف المحمولة على الكتف والمستخدمة مع الصواريخ المضادة للطائرات، وأشهرها على الساحة الصاروخ (Stinger)، ولا يُستهان إطلاقاً من تركيب أجهزة التعارف على القواذف الفردية، حتى لا تحدث كوارث رهيبة.
إن السرِّية المطلوبة لأنظمة التعارف ضمن أنظمة القيادة والسيطرة المشتركة C3I تتطلب ضرورة وجود نظام تشفير آلي لأنظمة التعارف في السؤال والجواب، كما أنه مطلوب أيضاً أن تكون أنظمة التعارف قادرة على مجابهة الأعمال الإلكترونية المضادة بصورة فعّالة وناجحة.
مشاكل تصميم أنظمة التعارف IFF
إن المشكلة الرئيسة في أنظمة التعارف تتمثل في عدم وجود أنظمة قياسية تعمل على نطاق واسع يسمح بالاستخدام المشترك بين القوات الجوية، والبحرية، والأرضية، علاوة على ضرورة توفير التعامل الفعّال مع الأنظمة المدنية الأخرى.
وعلى الرغم من أهمية IFF في جميع الأرصفة المستخدمة، فإن الهوائيات الخاصة بالمجيبات (Transponder) لا تأخذ الأهمية المناسبة لدى مصممي هياكل الطائرات، لذا تتولّد دائماً مشكلة بين مصممي أنظمة IFF، وبين مصممي هياكل الطائرات الذين لا يعطون الأهمية اللازمة لهوائيات IFF عند تصميم هياكل الطائرة ، الأمر الذي قد ينتج عند احتمالية وضع الهوائي في مكان لا يوفِّر الرؤية الكاملة في جميع الاتجاهات، نتيجة لوجود أجزاء حاجبه (Screen) من هيكل الطائرة، ويعني ذلك إمكانية حجب بعض القطاعات التي تنعدم فيها الرؤية الكهرومغناطيسية اللازمة للتعارف مع بعض الأهداف، الأمر الذي يمكن أن يسبِّب مشاكل بلا حدود، حيث يمكن أن ترسل الرادارات إشارات التعارف في قطاع الحجب فلا تستقبلها الطائرة، وبالتالي لا يتم الرد عليها فتقع الطامة الكبرى وتتم إصابة الطائرة الصديقة.
ولذلك، لجأ مصمِّمو أنظمة التعارف إلى استخدام هوائيين أحدهما في مقدمة الطائرة والآخر في مؤخرتها، وذلك بغرض تحقيق أكبر احتمالية للاستقبال وزيادة زاوية الرؤية إلى 360 درجة، وتلاشي زوايا الحجب إلى أكبر درجة ممكنة.
إذا كان المفهوم سابقاً مقصوراً على أنظمة IFF بين الطائرات وبعضها، وبين الطائرات والقطع البحرية، فإن الدروس المستفادة من حرب الخليج والعراق، قد فرضت ضرورة بل وحتمية وجود أنظمة للتعارف حتى مستوى الجندي، حيث ظهر مصطلح (إصابة النيران الصديقة)، وازدهر مع التقدُّم في ظروف العمليات الليلية.
ففي الظلام تقل الرؤية، وتبهت التفاصيل، وتتداخل الخلفيات، ويلزم التعارف لتحديد الأجناب واتجاهات التحرُّك والفواصل. ويوفّر ذلك ثقة في نفس الجندي ويزيل عنه الخوف، ويقلِّل من التعرض للقتل بواسطة النيران الصديقة، وهو التعبير الذي زادت نبرته في معظم بيانات القتال، ودعم ذلك ضرورة توفير نوع آخر إضافي من IFF بصورة ملحَّة مع تزايد حلكة الظلام.
نظرة تاريخية
لقد بدأت الحاجة إلى أنظمة التعارف (Identification Friend or Foe) IFF في
الشهور الأولى لاستخدام الرادارات الدفاعية عام 1939م، ومنذ ذلك الحين أصبحت أنظمة التعارف IFF من المحددات الرئيسة في أنظمة الدفاع الجوي، والتي يتم تطويرها باستمرار باستخدام أحدث التكنولوجيا، لتواكب مافي الجعبة من تطورات في أجهزة الرادار، ونظم الإعاقة الإلكترونية، وكذا ضمن التعقيدات في كثافة الطيف الكهرومغناطيسي في معركة الأسلحة المشتركة الحديثة، وكذا التطوّر المذهل في فن عالم الطيران من حيث السرعة، والارتفاعات المنخفضة، وتكنولوجيا الملاحة باستخدام الرادار لتتبع تضاريس الأرض.
ويذكر التاريخ أن نجاح الأسطول الألماني في الهروب عبر المانش في 22 فبراير 1942م، قد أحدث أثراً نفسياً بالغاً وسلبياً في نفوس الإنجليز، نظراً للدور الخداعي البالغ الذي أحدثته الرادارات الألمانية في نجاح العملية، مما صعّد من التصوّر الإنجليزي للتفوق التكنولوجي الألماني، وهو ما حدا بالإنجليز إلى القيام بالإغارة على أحد الرادارات الألمانية (روزنبرج) الموجود في (سان برونيفال) على الساحل الفرنسي، ونقلوا إلى بريطانيا معظم أجزاء الرادار، وخصوصاً جهاز التعارف الخطير ومعه بعض عمال التشغيل الألمان، لسرعة فهم نظريات التشغيل والوقوف على آفاق التطوّر الألماني في هذا المجال.
وعندما دوّخت الرادارات السوفيتية الصنع الطيران الإسرائيلي في حرب الاستنزاف عام 1968م على الجبهة المصرية، كان الحل هو الإغارة على رادار الغردقة في أحد المواقع المتطرفة، وذلك بغرض أسر أهم جزء في هذا الرادار وهو الخاص بالتعارف، والذي يمكن بمحاكاته إحداث ثغرة رادارية في الحقل الراداري تؤمِّن الاختراق الآمن للطائرات الإسرائيلية في الدفاع الجوي المصري.
جوهر نظام التعارف
إن نظام التعارف IFF هو في جوهره سؤال وجواب (Q A)، سؤال يوجّه من السائل فيصل إلى الهدف، ويتم فك التشفير ويقوم المجيب (Transponder) بالرد على السؤال لتحديد الهوية. ويلاحظ أن السرِّية العالية المطلوبة قد أضافت إمكانية أن تتعرف أنظمة التعارف على الأنواع المختلفة من الأهداف الصديقة داخل مدى معين يغطِّي ميدان المعركة، وكذا النقاط الدفاعية المتقدمة، وأماكن تمركز وحدات الدفاع. ولقد أوجبت الحاجة ضرورة التفريق بين ما هو صديق وما هو عدو، لذا لزم تركيب أجهزة تعارف في الطائرات الصديقة.
ولقد تطوّرت أيضاً أجهزة التعارف المحمولة على الكتف والمستخدمة مع الصواريخ المضادة للطائرات، وأشهرها على الساحة الصاروخ (Stinger)، ولا يُستهان إطلاقاً من تركيب أجهزة التعارف على القواذف الفردية، حتى لا تحدث كوارث رهيبة.
إن السرِّية المطلوبة لأنظمة التعارف ضمن أنظمة القيادة والسيطرة المشتركة C3I تتطلب ضرورة وجود نظام تشفير آلي لأنظمة التعارف في السؤال والجواب، كما أنه مطلوب أيضاً أن تكون أنظمة التعارف قادرة على مجابهة الأعمال الإلكترونية المضادة بصورة فعّالة وناجحة.
مشاكل تصميم أنظمة التعارف IFF
إن المشكلة الرئيسة في أنظمة التعارف تتمثل في عدم وجود أنظمة قياسية تعمل على نطاق واسع يسمح بالاستخدام المشترك بين القوات الجوية، والبحرية، والأرضية، علاوة على ضرورة توفير التعامل الفعّال مع الأنظمة المدنية الأخرى.
وعلى الرغم من أهمية IFF في جميع الأرصفة المستخدمة، فإن الهوائيات الخاصة بالمجيبات (Transponder) لا تأخذ الأهمية المناسبة لدى مصممي هياكل الطائرات، لذا تتولّد دائماً مشكلة بين مصممي أنظمة IFF، وبين مصممي هياكل الطائرات الذين لا يعطون الأهمية اللازمة لهوائيات IFF عند تصميم هياكل الطائرة ، الأمر الذي قد ينتج عند احتمالية وضع الهوائي في مكان لا يوفِّر الرؤية الكاملة في جميع الاتجاهات، نتيجة لوجود أجزاء حاجبه (Screen) من هيكل الطائرة، ويعني ذلك إمكانية حجب بعض القطاعات التي تنعدم فيها الرؤية الكهرومغناطيسية اللازمة للتعارف مع بعض الأهداف، الأمر الذي يمكن أن يسبِّب مشاكل بلا حدود، حيث يمكن أن ترسل الرادارات إشارات التعارف في قطاع الحجب فلا تستقبلها الطائرة، وبالتالي لا يتم الرد عليها فتقع الطامة الكبرى وتتم إصابة الطائرة الصديقة.
ولذلك، لجأ مصمِّمو أنظمة التعارف إلى استخدام هوائيين أحدهما في مقدمة الطائرة والآخر في مؤخرتها، وذلك بغرض تحقيق أكبر احتمالية للاستقبال وزيادة زاوية الرؤية إلى 360 درجة، وتلاشي زوايا الحجب إلى أكبر درجة ممكنة.