la paix
25/06/2007, 18:06
النانو تكنولوجيا.. أعجوبة العالم الجديدة
التكنولوجيا الحديثة المسماة نانو تكنولوج Nanotechnology قد يعرفها بعض الناس. وقد يجهلها البعض الآخر، وقد يخاف منها الآخرون. والنانو تكنولوجي او تقنيات النانو، هي مجموعة من الأدوات والتقنيّات والتطبيقات التي تتعلّق بتصنيع بنية معيّنة وتركيبها باستخدام مقاييس في غاية الصغر. ومن الخطأ فعل ما يفعله الكثيرون عند سماعهم بهذه التقنيّة، إذ أنّهم يبتعدون عن معرفة المزيد عنها، خوفا من عدم فهمهم أو لصعوبة تخيّلهم لهذه التقنية، ولكنّها بسيطة جدّا، وشئنا أم أبينا، ستكون تطبيقات هذه التكنولوجيا في محور حياتنا اليوميّة خلال بضع سنين. شركة آي بي إم International Business Machines IBM تعلم ذلك، ولهذا تصبّ جُلّ جهودها لتطوير هذه التكنولوجيا في مجال تقنيّة المعلومات. ومن إنجازات آي بي إم في هذا المجال، مجهر لتصوير الذرّات وتسجيلها باستخدام رؤوس أقراص صلبة على مستوى النانو. وتطلعاتها إلى المستقبل أكبر بكثير من حجم هذه التكنولوجيا، فهي تطمح لتطوير بنية معيّنة على مستوى الذرّات أو الجزيئات لتطوير تقنيّات المعلومات. ويمكن باستخدام هذه التقنية أن يتمّ «تفصيل» مركّبات من ذرّات معيّنة انتقائيّا باليد. وسيصبح بالإمكان تكوين مركّبات بأي مواصفات يريدها الشخص، أو إيجاد مركّبات بمواصفات ليست موجودة في الطبيعة، وبكلّ المقاييس من المستوى الذريّ إلى مستوى ناطحات السحاب، وبالتالي إيجاد عمليّات تصنيعيّة زهيدة الثمن وعالية الأداء، مما سيمهّد الأساس لمستقبل مزدهر لتقنيّة المعلمومات.
النانو وتطبيقاته: النانو هو واحد من مليار من المتر، أو 9-10 من المتر. ويصف توماس كيني Thomas Kenny من جامعة ستانفورد حجم النانو بأمثلة كثيرة، مثل كونه بنفس عرض الحمض النووي منقوص الأوكسجين DNA أو بحجم عشر ذرّات هيروجين، أو معدّل نموّ ظفر الإنسان في ثانية واحدة، أو ارتفاع قطرة ماء بعد بسطها كليّا على سطح مساحته متر مربّع واحد، أو واحد على عشرة من سماكة الطبقة الملوّنة على النظّارات الشمسيّة. والجدير بالذكر أنّ عرض أصغر مركّب في معالج البنتيوم Pentium هو 100 نانومتر.
الحجم له اعتبار في عالم الحاسب الآلي والإلكترونيّات، فالحاسب الخارق اليوم الموجود في مراكز الأبحاث والتطوير أو في الجامعات الكبيرة سيكون مجرّد ساعة يد في المستقبل القريب. والمباني والآلات ستستطيع إرسال إشارات لاسلكيّة عندما تحتاج إلى صيانة، أو قد تستطيع إصلاح نفسها. اما ثيابنا فستأخذ بيانات عن صحتنا وتنبهنا لعوامل بيئيّة مضرّة وستنظّف نفسها من الأوساخ والروائح دون أيّ مساعدة وستقوم بتدفئة أو تبريد الجسم حسب درجة الحرارة الخارجيّة. وسيمكن صناعة غرفة عملّيات كاملة في كبسولة (عبوة) صغيرة، يتمّ وضعها داخل جسم المريض لتقوم بتنفيذ برنامج العمليّة الذي برمجه الطبيب فيها حسب حالة المريض (من الممكن جدّا أن يحتاج الخيّاط أو المهندس أو الطبيب لأخذ دروس في برمجة هذه التقنيّات). مجالات لا تُعدّ ولا تُحصى تدخل فيها النانوتكنولوجيا، وستغيّر حياتنا عشرات الألوف من المرّات التي استطاع فيها الإنسان تغيير حياته منذ بدء الزمان وحتّى يومنا هذا. وسيصبح محتوى أكثر أفلام الخيال العلميّ خصوبة الآن، مجرّد تخيّلات بسيطة لطفل صغير.
ابداعات «آي بي إم»: شركة آي بي إم استطاعت إيجاد طريقة لاستخدام طرق التصنيع التجاريّ المستخدمة الآن في صنع أنظمة تحكّم في مجموعات من أسلاك صغيرة، وهو التطوّر الذي تأمل الشركة أن يؤدي إلى إيجاد شرائح ذاكرة للحاسب الآليّ ذات كثافة تبلغ أربعة أضعاف الكثافة الحاليّة.
ومع أنّ كثافة الذاكرة تزداد الآن، إلا أنّها تزداد بمقدار ثابت (خطّيّ)، وهذه التقنيّة الجديدة ستسمح بالقفز تقنيّا إلى الأمام بعشرات السنين في لحظة واحدة، وستقلّص من تكاليف التصنيع بشكل كبير جدّا. التقنية هذه تتكوّن من إيجاد نمط لنظام تحكّم يتكوّن من ثلاثة عناصر، يوضع أحدها على نهاية مجموعة من الأسلاك المتوازية ويقوم بإمداد الإلكترونيات، والعنصران المتبقيان يوضعان على جانبي المجموعة، ويقومان معا بتكوين مجالات كهربائيّة عبر مجموعة الأسلاك انتقائيّا، ويمكنهما إيقاف التيّار في كلّ الأسلاك، عدا سلك واحد مختار. ومجموعة الأسلاك التي استطاعت آي بي إم استخدامها إلى الآن تتكوّن من أربعة أسلاك، ولكنّ المبدأ نفسه يمكن تطبيقه على ثمانية أسلاك. ووجود القدرة على انتقاء سلك معيّن تعني أنّه من الممكن إيجاد عناوين محدّدة للإشارات الكهربائيّة، العنصر المهمّ جدّا والرئيسيّ في تصميم وعمل الذاكرة العشوائيّة Random Access Memory RAM.
وعلى سبيل المثال يمكن جعل خليّة ذاكرة ما في شبكة كبيرة من الخلايا أن تقرأ أو تكتب المعلومات عن طريق تفعيل خطّين متعامدين، تماما مثل قراءة إحداثيّات نقطة ما في المستوى الديكارتي (المحورين السيني والصادي) أو مثل استخدام خطوط الطول والعرض معا لتحديد موقع ما على الخريطة.
وتتوقّع شركة آي بي إم أن تستطيع إيجاد نماذج من هذه الذاكرة صالحة للاستخدام في عام 2006، وإذا أثبتت هذه النماذج قدرتها على العمل بكفاءة، فإنّه سيصبح بالإمكان إيجاد استخدامات أكثر تعقيدا من هذه النماذج في السنوات اللاحقة، مثل معالجات الحاسب الآليّ، فتطبيقات المبدأ كثيرة وستُحدث ثورة في عالم الإلكترونيّات.
وفي تطوّر آخر لشركة آي بي إم، استطاع باحثون فيها (يوري فلاسوف ومارتن أوبويل وهيندريك هامان وشاري مكناب من مركز تي جيه واتسون للأبحاث بدعم جزئيّ من وكالة مشاريع أبحاث الدفاع المتقدّمة DARPA، المؤسسة المسؤولة عن التطوير والأبحاث المركزيّة التابعة لوزارة الدفاع الأميركيّة، عن طريق برنامجها «إبطاء وتخزين ومعالجة الضوء» Slowing, Storing and Processing Light من الاقتراب أكثر من حلم استبدال الكهرباء بالضوء في إيصال سيل المعلومات بين أجزاء الدارات. وهذا الأمر سيؤدّي إلى تطوّرات جذريّة في أداء الحاسب الآلي وكلّ الأنظمة الإلكترونيّة الأخرى، فالباحثون استطاعوا إبطاء سرعة الضوء إلى واحد على 300 من سرعته المعتادة عن طريق تمريره في قنوات من السليكون المصنّع بعناية بالغة، يسمّى موجّه موجات الكريستا ـ الفوتونيّ Photonic Crystal Waveguide PCW شريحة رقيقة من السليكون «منقّطة» بمجموعات من الثقوب تكسر أو تغيّر من مسار الضوء المار بها). هذا التصميم للقنوات يسمح بتغيير سرعة الضوء عن طريق تمرير تيّار كهربائيّ لموجّه الموجات. ويجدر بالذكر أنّ الكثير من الباحثين في السابق استطاعوا إبطاء سرعة الضوء في ظروف مخبريّة، ولكنّ تحكّمهم في سرعة الضوء على شرائح سليكونيّة باستخدام وسائل تصنيعيّة تعتمد على النانو تكنولوجيا هو سابقة جديدة. وحجم هذا الجهاز الذي استطاع العلماء تصنيعه صغير جدّا، ويمكن استخدام المواد شبه الموصلة فيه المواد التي تُستخدم عادة في تصنيع الدارات الكهربائيّة والقدرة على التحكّم بسرعة الضوء أو إبطائه في هذه الحالة تجعل بالإمكان لهذه التقنية أن تصنع دارات ضوئيّةOptical Circuits في غاية الصغر من الحجم، وعمليّة في آن واحد لوضعها في الأدوات الإلكترونيّة. معوّقات التطوّر: للتشبيه، فإنّه من الصعب إيصال سلع تجاريّة في وقت سريع في مدينة دائمة الازدحام بالسيّارات، مهما كان حجم الإنتاج وسرعته. والحل هو إمّا زيادة عرض الشوارع في المدينة (الأمر المستحيل بسبب وجود مبان محيطة بالشوارع)، أو إيجاد طرق بديلة (الأمر المكلف زمنيّا). وعدم القدرة على إيصال المعلومات في الدارات الكهربائيّة هي أحد أكبر «الإختناقات المروريّة» التي يمرّ فيها مصمّمو الدارات الكهربائيةّ. كما ان من المشاكل التي تواجه مصمّمي الدارات الكهربائيّة، زيادة الناتج الحراريّ بسبب ازدياد مرور الإلكترونات في الدارات الكهربائيّة، الأمر الذي قد يؤدّي إلى «احتراق» الدارة بكاملها إن لم يتمّ تبريدها بشكل مدروس. وأحد أكبر المشاكل التي تشلّ تطوّر المعالجات والذاكرة في الحاسب الآليّ هي ظاهرة انتقال الإلكترونات من مسارها إلى مسار آخر عند تقليص حجم الدارة الكهربائيّة. فالتقنيّات المستخدمة اليوم تعتمد تقنية 90 و65 و45 نانو متر في التصميم، ولكنّ المصمّمين يواجهون ظاهرة انتقال الإلكترونات من مسار ما إلى آخر بسبب التنافر الكهربائيّ بينها وبين إلكترونات أخرى قريبة. هذه الظاهرة لم تكن موجودة من قبل لأنّ التقنيات المستخدمة حينها كانت تستخدم مسارات إلكترونيّة أكثر عرضا من المسارات المستخدمة الآن. ولكنّ نتائج أبحاث آي بي إم لن تحلّ هذه المشاكل، بل ستتجاوزها لتنعدم من أساسها، إذ ستتغيّر قوانين الفيزياء في الدارات لتصبح تعتمد على نظريّات وقوانين الضوء (كميّة أو موجيّة أو غيرها)، لتنعدم الآثار الحراريّة لمرور الإلكترونات في الأسلاك والدارات الكهربائيّة، ولينعدم التنافر الإلكترونيّ. وسيصبح الضوء هو أساس توصيل المعلومات بين مكوّنات الحاسب الآليّ. ولكن ليتمّ كلّ ما تمّ ذكره، يجب أن تدعم المكوّنات هذه تحكّما كاملا بإشارات الضوء، ويجب أن تكون تكلفة تصنيع آليّة هذا التحكّم زهيدة الثمن وحجمها صغيرا. واستطاعت آي بي إم من أن تقدّم بعض الحلول لهذه المشكلة عن طريق استخدام موجّهات موجات الكريستال ـ الفوتونيّ، التي تحتوي على معامل انحراف للضوء عال بسبب وجود أنماط من مجموعات الثقوب فيها. فكلّما ازداد معامل الانحراف، قلّت سرعة الضوء الخارج منها. وبزيادة حرارة موجّهات موجات الكريستال ـ الفوتونيّ عن طريق تمرير تيّار كهربائيّ فيها، يتمّ تغيير معامل الانحراف، الأمر الذي يغيّر من سرعة الضوء الخارج من الثقوب، باستخدام قدرة كهربائيّة قليلة جدّا.
ويجدر ذكر أنّ كلّ ما تمّ تطبيقه في الأبحاث موجود على منطقة صغيرة جدّا من الدارة، ولا يمكن مشاهدتها إلا تحت المجهر. هذا الأمر يعني أنّّه بالإمكان إيجاد دارات ضوئيّة في غاية التعقيد بنفس حجم الدارات الحاليّة. أمّا بالنسبة لعمليّة التصنيع، فإنّها موجودة في أغلب مصانع الدارات الحاليّة. والقدرات الوظيفيّة التي يدّعيها الباحثون تسمح بإيجاد مكوّنات بحجم النانو، مثل اماكن لحفظ المعلومات الضوئيّة والمعالجات الضوئيّة والكثير غيرها. وإن تمّ صنع جميع هذه المكوّنات بأسعار معتدلة، فإنّ أوّل جهاز حاسب آليّ ضوئيّ (هل سيصبح اسمه الحاسب الضوئيّ؟) سيكون من صنع شركة آي بي إم. وعلى الأغلب، فإنّ الجيل الأوّل سيكون عبارة عن هجين من الدارات الإلكترونيّة والضوئيّة مع بعضها البعض، إلى حين نضوج هذه التقنيّة.
التكنولوجيا الحديثة المسماة نانو تكنولوج Nanotechnology قد يعرفها بعض الناس. وقد يجهلها البعض الآخر، وقد يخاف منها الآخرون. والنانو تكنولوجي او تقنيات النانو، هي مجموعة من الأدوات والتقنيّات والتطبيقات التي تتعلّق بتصنيع بنية معيّنة وتركيبها باستخدام مقاييس في غاية الصغر. ومن الخطأ فعل ما يفعله الكثيرون عند سماعهم بهذه التقنيّة، إذ أنّهم يبتعدون عن معرفة المزيد عنها، خوفا من عدم فهمهم أو لصعوبة تخيّلهم لهذه التقنية، ولكنّها بسيطة جدّا، وشئنا أم أبينا، ستكون تطبيقات هذه التكنولوجيا في محور حياتنا اليوميّة خلال بضع سنين. شركة آي بي إم International Business Machines IBM تعلم ذلك، ولهذا تصبّ جُلّ جهودها لتطوير هذه التكنولوجيا في مجال تقنيّة المعلومات. ومن إنجازات آي بي إم في هذا المجال، مجهر لتصوير الذرّات وتسجيلها باستخدام رؤوس أقراص صلبة على مستوى النانو. وتطلعاتها إلى المستقبل أكبر بكثير من حجم هذه التكنولوجيا، فهي تطمح لتطوير بنية معيّنة على مستوى الذرّات أو الجزيئات لتطوير تقنيّات المعلومات. ويمكن باستخدام هذه التقنية أن يتمّ «تفصيل» مركّبات من ذرّات معيّنة انتقائيّا باليد. وسيصبح بالإمكان تكوين مركّبات بأي مواصفات يريدها الشخص، أو إيجاد مركّبات بمواصفات ليست موجودة في الطبيعة، وبكلّ المقاييس من المستوى الذريّ إلى مستوى ناطحات السحاب، وبالتالي إيجاد عمليّات تصنيعيّة زهيدة الثمن وعالية الأداء، مما سيمهّد الأساس لمستقبل مزدهر لتقنيّة المعلمومات.
النانو وتطبيقاته: النانو هو واحد من مليار من المتر، أو 9-10 من المتر. ويصف توماس كيني Thomas Kenny من جامعة ستانفورد حجم النانو بأمثلة كثيرة، مثل كونه بنفس عرض الحمض النووي منقوص الأوكسجين DNA أو بحجم عشر ذرّات هيروجين، أو معدّل نموّ ظفر الإنسان في ثانية واحدة، أو ارتفاع قطرة ماء بعد بسطها كليّا على سطح مساحته متر مربّع واحد، أو واحد على عشرة من سماكة الطبقة الملوّنة على النظّارات الشمسيّة. والجدير بالذكر أنّ عرض أصغر مركّب في معالج البنتيوم Pentium هو 100 نانومتر.
الحجم له اعتبار في عالم الحاسب الآلي والإلكترونيّات، فالحاسب الخارق اليوم الموجود في مراكز الأبحاث والتطوير أو في الجامعات الكبيرة سيكون مجرّد ساعة يد في المستقبل القريب. والمباني والآلات ستستطيع إرسال إشارات لاسلكيّة عندما تحتاج إلى صيانة، أو قد تستطيع إصلاح نفسها. اما ثيابنا فستأخذ بيانات عن صحتنا وتنبهنا لعوامل بيئيّة مضرّة وستنظّف نفسها من الأوساخ والروائح دون أيّ مساعدة وستقوم بتدفئة أو تبريد الجسم حسب درجة الحرارة الخارجيّة. وسيمكن صناعة غرفة عملّيات كاملة في كبسولة (عبوة) صغيرة، يتمّ وضعها داخل جسم المريض لتقوم بتنفيذ برنامج العمليّة الذي برمجه الطبيب فيها حسب حالة المريض (من الممكن جدّا أن يحتاج الخيّاط أو المهندس أو الطبيب لأخذ دروس في برمجة هذه التقنيّات). مجالات لا تُعدّ ولا تُحصى تدخل فيها النانوتكنولوجيا، وستغيّر حياتنا عشرات الألوف من المرّات التي استطاع فيها الإنسان تغيير حياته منذ بدء الزمان وحتّى يومنا هذا. وسيصبح محتوى أكثر أفلام الخيال العلميّ خصوبة الآن، مجرّد تخيّلات بسيطة لطفل صغير.
ابداعات «آي بي إم»: شركة آي بي إم استطاعت إيجاد طريقة لاستخدام طرق التصنيع التجاريّ المستخدمة الآن في صنع أنظمة تحكّم في مجموعات من أسلاك صغيرة، وهو التطوّر الذي تأمل الشركة أن يؤدي إلى إيجاد شرائح ذاكرة للحاسب الآليّ ذات كثافة تبلغ أربعة أضعاف الكثافة الحاليّة.
ومع أنّ كثافة الذاكرة تزداد الآن، إلا أنّها تزداد بمقدار ثابت (خطّيّ)، وهذه التقنيّة الجديدة ستسمح بالقفز تقنيّا إلى الأمام بعشرات السنين في لحظة واحدة، وستقلّص من تكاليف التصنيع بشكل كبير جدّا. التقنية هذه تتكوّن من إيجاد نمط لنظام تحكّم يتكوّن من ثلاثة عناصر، يوضع أحدها على نهاية مجموعة من الأسلاك المتوازية ويقوم بإمداد الإلكترونيات، والعنصران المتبقيان يوضعان على جانبي المجموعة، ويقومان معا بتكوين مجالات كهربائيّة عبر مجموعة الأسلاك انتقائيّا، ويمكنهما إيقاف التيّار في كلّ الأسلاك، عدا سلك واحد مختار. ومجموعة الأسلاك التي استطاعت آي بي إم استخدامها إلى الآن تتكوّن من أربعة أسلاك، ولكنّ المبدأ نفسه يمكن تطبيقه على ثمانية أسلاك. ووجود القدرة على انتقاء سلك معيّن تعني أنّه من الممكن إيجاد عناوين محدّدة للإشارات الكهربائيّة، العنصر المهمّ جدّا والرئيسيّ في تصميم وعمل الذاكرة العشوائيّة Random Access Memory RAM.
وعلى سبيل المثال يمكن جعل خليّة ذاكرة ما في شبكة كبيرة من الخلايا أن تقرأ أو تكتب المعلومات عن طريق تفعيل خطّين متعامدين، تماما مثل قراءة إحداثيّات نقطة ما في المستوى الديكارتي (المحورين السيني والصادي) أو مثل استخدام خطوط الطول والعرض معا لتحديد موقع ما على الخريطة.
وتتوقّع شركة آي بي إم أن تستطيع إيجاد نماذج من هذه الذاكرة صالحة للاستخدام في عام 2006، وإذا أثبتت هذه النماذج قدرتها على العمل بكفاءة، فإنّه سيصبح بالإمكان إيجاد استخدامات أكثر تعقيدا من هذه النماذج في السنوات اللاحقة، مثل معالجات الحاسب الآليّ، فتطبيقات المبدأ كثيرة وستُحدث ثورة في عالم الإلكترونيّات.
وفي تطوّر آخر لشركة آي بي إم، استطاع باحثون فيها (يوري فلاسوف ومارتن أوبويل وهيندريك هامان وشاري مكناب من مركز تي جيه واتسون للأبحاث بدعم جزئيّ من وكالة مشاريع أبحاث الدفاع المتقدّمة DARPA، المؤسسة المسؤولة عن التطوير والأبحاث المركزيّة التابعة لوزارة الدفاع الأميركيّة، عن طريق برنامجها «إبطاء وتخزين ومعالجة الضوء» Slowing, Storing and Processing Light من الاقتراب أكثر من حلم استبدال الكهرباء بالضوء في إيصال سيل المعلومات بين أجزاء الدارات. وهذا الأمر سيؤدّي إلى تطوّرات جذريّة في أداء الحاسب الآلي وكلّ الأنظمة الإلكترونيّة الأخرى، فالباحثون استطاعوا إبطاء سرعة الضوء إلى واحد على 300 من سرعته المعتادة عن طريق تمريره في قنوات من السليكون المصنّع بعناية بالغة، يسمّى موجّه موجات الكريستا ـ الفوتونيّ Photonic Crystal Waveguide PCW شريحة رقيقة من السليكون «منقّطة» بمجموعات من الثقوب تكسر أو تغيّر من مسار الضوء المار بها). هذا التصميم للقنوات يسمح بتغيير سرعة الضوء عن طريق تمرير تيّار كهربائيّ لموجّه الموجات. ويجدر بالذكر أنّ الكثير من الباحثين في السابق استطاعوا إبطاء سرعة الضوء في ظروف مخبريّة، ولكنّ تحكّمهم في سرعة الضوء على شرائح سليكونيّة باستخدام وسائل تصنيعيّة تعتمد على النانو تكنولوجيا هو سابقة جديدة. وحجم هذا الجهاز الذي استطاع العلماء تصنيعه صغير جدّا، ويمكن استخدام المواد شبه الموصلة فيه المواد التي تُستخدم عادة في تصنيع الدارات الكهربائيّة والقدرة على التحكّم بسرعة الضوء أو إبطائه في هذه الحالة تجعل بالإمكان لهذه التقنية أن تصنع دارات ضوئيّةOptical Circuits في غاية الصغر من الحجم، وعمليّة في آن واحد لوضعها في الأدوات الإلكترونيّة. معوّقات التطوّر: للتشبيه، فإنّه من الصعب إيصال سلع تجاريّة في وقت سريع في مدينة دائمة الازدحام بالسيّارات، مهما كان حجم الإنتاج وسرعته. والحل هو إمّا زيادة عرض الشوارع في المدينة (الأمر المستحيل بسبب وجود مبان محيطة بالشوارع)، أو إيجاد طرق بديلة (الأمر المكلف زمنيّا). وعدم القدرة على إيصال المعلومات في الدارات الكهربائيّة هي أحد أكبر «الإختناقات المروريّة» التي يمرّ فيها مصمّمو الدارات الكهربائيةّ. كما ان من المشاكل التي تواجه مصمّمي الدارات الكهربائيّة، زيادة الناتج الحراريّ بسبب ازدياد مرور الإلكترونات في الدارات الكهربائيّة، الأمر الذي قد يؤدّي إلى «احتراق» الدارة بكاملها إن لم يتمّ تبريدها بشكل مدروس. وأحد أكبر المشاكل التي تشلّ تطوّر المعالجات والذاكرة في الحاسب الآليّ هي ظاهرة انتقال الإلكترونات من مسارها إلى مسار آخر عند تقليص حجم الدارة الكهربائيّة. فالتقنيّات المستخدمة اليوم تعتمد تقنية 90 و65 و45 نانو متر في التصميم، ولكنّ المصمّمين يواجهون ظاهرة انتقال الإلكترونات من مسار ما إلى آخر بسبب التنافر الكهربائيّ بينها وبين إلكترونات أخرى قريبة. هذه الظاهرة لم تكن موجودة من قبل لأنّ التقنيات المستخدمة حينها كانت تستخدم مسارات إلكترونيّة أكثر عرضا من المسارات المستخدمة الآن. ولكنّ نتائج أبحاث آي بي إم لن تحلّ هذه المشاكل، بل ستتجاوزها لتنعدم من أساسها، إذ ستتغيّر قوانين الفيزياء في الدارات لتصبح تعتمد على نظريّات وقوانين الضوء (كميّة أو موجيّة أو غيرها)، لتنعدم الآثار الحراريّة لمرور الإلكترونات في الأسلاك والدارات الكهربائيّة، ولينعدم التنافر الإلكترونيّ. وسيصبح الضوء هو أساس توصيل المعلومات بين مكوّنات الحاسب الآليّ. ولكن ليتمّ كلّ ما تمّ ذكره، يجب أن تدعم المكوّنات هذه تحكّما كاملا بإشارات الضوء، ويجب أن تكون تكلفة تصنيع آليّة هذا التحكّم زهيدة الثمن وحجمها صغيرا. واستطاعت آي بي إم من أن تقدّم بعض الحلول لهذه المشكلة عن طريق استخدام موجّهات موجات الكريستال ـ الفوتونيّ، التي تحتوي على معامل انحراف للضوء عال بسبب وجود أنماط من مجموعات الثقوب فيها. فكلّما ازداد معامل الانحراف، قلّت سرعة الضوء الخارج منها. وبزيادة حرارة موجّهات موجات الكريستال ـ الفوتونيّ عن طريق تمرير تيّار كهربائيّ فيها، يتمّ تغيير معامل الانحراف، الأمر الذي يغيّر من سرعة الضوء الخارج من الثقوب، باستخدام قدرة كهربائيّة قليلة جدّا.
ويجدر ذكر أنّ كلّ ما تمّ تطبيقه في الأبحاث موجود على منطقة صغيرة جدّا من الدارة، ولا يمكن مشاهدتها إلا تحت المجهر. هذا الأمر يعني أنّّه بالإمكان إيجاد دارات ضوئيّة في غاية التعقيد بنفس حجم الدارات الحاليّة. أمّا بالنسبة لعمليّة التصنيع، فإنّها موجودة في أغلب مصانع الدارات الحاليّة. والقدرات الوظيفيّة التي يدّعيها الباحثون تسمح بإيجاد مكوّنات بحجم النانو، مثل اماكن لحفظ المعلومات الضوئيّة والمعالجات الضوئيّة والكثير غيرها. وإن تمّ صنع جميع هذه المكوّنات بأسعار معتدلة، فإنّ أوّل جهاز حاسب آليّ ضوئيّ (هل سيصبح اسمه الحاسب الضوئيّ؟) سيكون من صنع شركة آي بي إم. وعلى الأغلب، فإنّ الجيل الأوّل سيكون عبارة عن هجين من الدارات الإلكترونيّة والضوئيّة مع بعضها البعض، إلى حين نضوج هذه التقنيّة.