-
دخول

عرض كامل الموضوع : موضوعات حول الثورة و الثورة المضادة في فنزويلا


حسون
03/06/2005, 12:29
بيان الدفاع عن الماركسية
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
الحوار المتمدن - العدد: 1217 - 2005 / 6 / 3


موضوعات حول الثورة و الثورة المضادة في فنزويلا
-الجزء الأول-
بقلم: ألان وودز

1. تقف الثورة الفنزويلية في ملتقى الطرق. فالثورة التي هزمت الثورة المضادة خلال مناسبتين اثنتين، تواجه الآن هجوما شرسا جديدا. هذا يعني أن قوى الثورة المضادة لم يستسلموا للهزيمة. إنهم يشعرون بالحقد، و حقدهم هذا يجعلهم أكثر إصرارا و عنفا. إنهم يزاوجون في صراعهم بين استعمال الوسائل الشرعية و النصف الشرعية (من قبيل حملة "الاستفتاء") و بين التحضير للعمل المسلح. ليست الوسائل الشرعية سوى لغرض الدعاية و الاستهلاك الخارجي و هي ثانوية من حيث الأهمية، بينما العمل المسلح هو ما يشكل جوهر استراتيجيتهم. و تنضاف إليه عمليات التخريب الاقتصادي و عرقلة توزيع الغذاء و سلسلة من عمليات الشغب.

2. إن اعتقال قوات شبه عسكرية كولومبية في فنزويلا يعطي الدليل على وجود مؤامرة محكمة التدبير هدفها إسقاط الحكومة و اغتيال تشافيز. و من تم فإن الخطر الذي يتهدد الثورة حقيقي جدا. إن الوقت قد حان إذن لكي يتم استخلاص جميع الدروس الضرورية، و اتخاذ جميع الخطوات لتوجيه ضربة قاسية للثورة المضادة.

3. يعيش المجتمع الفنزويلي حالة استقطاب قوية بين أنصار الثورة البوليفارية و أعدائها، بين اليسار و اليمين. فعلى اليسار يقف العمال الفنزويليون وصغار الفلاحين و الفقراء، الذين يناضلون للدفاع عن الثورة و دفعها إلى الأمام. أما على اليمين فيقف الرجعيون الفنزويليون، بقيادة أصحاب الأبناك و الملاكين العقاريين و الرأسماليين، و الذين نجحوا في جر جزء كبير من الطبقة الوسطى ورائهم. إن الهوة بين هذين المعسكرين المتناقضين شاسعة، لا يمكن الوصل بين طرفيها و جميع المحاولات للتوفيق غير مجدية.

4. تواصل الإمبريالية الأمريكية تشجيع قوى الثورة المضادة و دعمهم و تمويلهم، على أمل أن يقوموا بالمهمة القذرة نيابة عنها. لكنها توصلت، عن حق، إلى خلاصة أن المعارضة أضعف من أن تنجح في مهمتها اعتمادا على قواها الخاصة. لهذا بدأت واشنطن تجهز لحملتها الرهيبة، مستعملة قوات شبه عسكرية كولومبية، تعمل بتنسيق مع قوى الثورة المضادة الداخلية. الشيء الذي يعتبر إعلانا للحرب.

5. إن عاجلا أو آجلا سوف تحل القضية بانتصار حاسم يحققه هذا الطرف أو ذاك. فالثورة لم تصل بعد مرحلة اللاعودة. و جميع المكاسب التي حققتها الجماهير في ظل حكومة تشافيز يمكنها أن تتعرض للتصفية و يمكن أن يطوح بالحركة بعيدا إلى الوراء. هذا هو ما تصارع قوى الثورة المضادة لتحقيقه، بينما يصارع العمال لهزمهم. لحد الآن لم يتم حل مسألة السلطة بعد. و في المستقبل الغير بعيد سوف يصبح من اللازم خوض المعركة الحاسمة و كسبها.

6. ممن تتكون قوى الثورة المضادة؟ إنها تتكون من نفس البرجوازيين الذين حكموا فنزويلا لعقود من الزمان، نفس الذين نهبوا البلد و خربوه، بينما يملؤون جيوبهم و أرصدتهم بالثروة التي يخلقها الشعب العامل. إنهم العملاء المحليون للإمبريالية الأمريكية. إنهم نفس هؤلاء السياسيين و البيروقراطيين المتعفنين المرتشين الذين انتفض ضدهم هوغو تشافيز معبرا عن رغبة الشعب الفنزويلي.

7. إن برنامج الثورة المضادة هو خليط من الكذب و التدليس و النفاق، إنهم يدّعون الدفاع عن "الديموقراطية"، لكنهم يتغاضون عن حقيقة انتصار تشافيز بأغلبية ساحقة في جميع الانتخابات. إنهم يدّعون الدفاع عن سيادة القانون، لكنهم يعملون بشكل دائم على خرق القانون – إلى درجة تنظيم انقلاب لإسقاط الحكومة المنتخبة ديموقراطيا. إنهم يدعون الدفاع عن النظام، لكنهم يعملون بشكل دائم على خلق الاضطرابات و الفوضى، كغطاء لمؤامراتهم المعادية للثورة. إنهم يدعون كونهم وطنيين، لكنهم باعوا وطنهم للإمبريالية الأمريكية و أودعوا ثرواتهم في حسابات بنكية في فلوريدا. و هاهم الآن يدعمون، بشكل نشيط، اجتياح فنزويلا من طرف القوى الأجنبية المعادية لثورة.

8. للثورة المضادة في صراعها ضد الثورة امتياز كبير: إنه سيطرتها على مفاتيح الاقتصاد الرئيسية. لقد تمكنت قوى الثورة المضادة، طيلة ما أسمي آنذاك بالإضراب (الذي لم يكن في الحقيقة سوى عمليات إغلاق للمعامل قام بها أرباب العمل)، من إلحاق ضرر عظيم بالاقتصاد. وتقدر مجمل الخسائر بأكثر من سبعة ملايير دولار. إضافة إلى هذا، عمل هؤلاء " الوطنيون" ) كما يسمون أنفسهم( بتهريب ملايير الدولارات نحو مصارف فلوريدا، لضرب اقتصاد فنزويلا المحتاج إلى استثمارات. كما أنهم يعملون- إلى جانب تخريب الاقتصاد على هذا الشكل- بعرقلة عملية توزيع الغداء، ( التي يحتكرها ثلاثة أو أربعة من الشركات الاحتكارية الكبرى) بهدف خلق ارتفاع مصطنع للأسعار والتسبب في نقص المواد الغذائية الرئيسية. إنهم يخلقون نزيفا للثروات لكي يسببوا اكبر قدر من التفكك والبطالة و الألم. إنهم يفترضون أنهم بهذا سوف يدفعون الجماهير إلى التخلي عن دعمها للثورة. إنهم يرغبون أيضا في خلق الفوضى و الاضطرابات، لتهيئة الشروط لانقلاب تقوم به قمة الجيش "لإعادة الاستقرار".

9. إن العامل المحدد في المعادلة هو الطبقة العاملة. و عمال فنزويلا قد بدؤوا يخوضون النضال ضد هجوم أرباب العمل. لقد أخذوا المبادرة، و في بعض الحالات عملوا على احتلال المعامل المتخلى عنها من طرف أرباب العمل و بدؤوا يطبقون أشكالا من الرقابة العمالية على بعض الشركات، و يؤسسون اتحادات نقابية ديموقراطية، و يجبرون أرباب العمل على دفع الأجور المستحقة و الفوائد. يجب أن يتم تشجيع هذه المبادرات و تعميمها. إنها ترينا الطريق الذي يجب إتباعه.

10. هناك دور مشئوم، بوجه خاص، يلعبه من يسمون أنفسهم "القادة النقابيين" لكونفدرالية العمال الفنزويليين ("ك.ع.ف." "C.T.V."). إن هؤلاء العملاء المرتشين و المنحطين، الذين يلعبون دور خدم الرأسمال، قد باعوا أنفسهم، منذ وقت طويل، لأرباب العمل و المخابرات المركزية الأمريكية. لقد تخلوا عن كل حق في اعتبارهم مكونا شرعيا للحركة العمالية، لهذا يجب طردهم خارجها.

11. إن بناء الاتحاد الوطني للعمال ("إ.و.ع." "U.N.T.") صارت مهمة عاجلة. ينبغي علينا بناء و تقوية اتحادات نقابية ديموقراطية، و تمكينها من برنامج كفاحي. فلتبنى فدرالية نقابية جماهيرية! ينبغي طرح ملف مطلبي مبني على أساس المطالب الملحة للعمال: النضال ضد إغلاقات المعامل و ضد البطالة، الرفع من مستوى المعيشة، الخ.

12. لقد أعلن(إ.و.ع.) مؤخرا حملة لتنظيم 80% من العمال في النقابات (و هو الشيء الذي أيده الرئيس تشافيز علنا). إن هذه خطوة في الاتجاه الصحيح. إذ بتنظيمنا للفئات الغير منظمة، سوف تتمكن الثورة من سحب البساط من تحت أرجل البيروقراطية النقابية اليمينية المتعفنة. يتوجب حمل هذه المهمة بحيوية على جميع الأصعدة. و في نفس الوقت، يجب توجيه دعوة إلى جميع العمال الذين لا يزالون في نقابات منضوية تحت (ك.ع.ف.) أن يناضلوا من اجل دمقرطتها و الالتحاق بـ (إ.و.ع.). و في حالة ما إذا كان هذا مستحيلا، يتوجب بناء اتحادات نقابية ديموقراطية جديدة، لكن دائما بهدف تنظيم جماهير العمال و ليس فقط الفئات الطليعية منهم.

13. للحيلولة دون وقوع عمليات التخريب و ضياع الثروات و الفساد، يجب على العمال في القطاع الصناعي، أن يبدؤوا في ممارسة الرقابة على الإنتاج. الموظفون الفاسدون يجب طردهم. يجب إعطاء خيار وحيد للمدراء الذين يقفون إلى جانب قوى الثورة المضادة و يخربون الإنتاج هو: إما التوقف عن مثل هذه النشاطات و العمل في خدمة الشعب، و إما الطرد مع الحرمان من المعاش و جميع الحقوق الأخرى. أما حالات التخريب الخطيرة، فيتوجب أن يعتقل القائمون بها و يرمون في السجن. كما يتوجب تعويض المدراء المرتشين و الرجعيين بعناصر من الشعب شريفة و مخلصة لقضية الثورة. إن هذا ممكن فقط إذا ما تم تطبيق الرقابة و التسيير العمالي الديموقراطي بشكل فعلي.

14. هل باستطاعة العمال تسيير الصناعة؟ إن هؤلاء المتشائمين الذين كانوا يطرحون هذا السؤال قد أعطيت لهم الإجابة. فقد كان العمال هم من هزم محاولات أرباب العمل لتخريب الاقتصاد، خلال حملة الاغلاقات التي قاموا بها قبل عشرين شهرا. و قد أظهر عمال مصفاة النفط (P.D.V.S.A.) عن قدرتهم على تسيير حتى أكبر الصناعات و أكثرها تعقيدا. و قد قاموا بذلك بقدر كبير من المهارة و الكفاءة.

15. على كل حال، سوف لن يكون العمال وحدهم. إذ أنهم سوف يعتمدون على مساعدة أغلبية المهندسين الشرفاء و العلماء و التقنيين و المدراء الذين ليسوا مخربين و لا رجعيين، و الذين يرغبون بصدق في رؤية بلدهم متطورا و مزدهرا. إن للشعب الفنزويلي احتياطي عظيم من المواهب و الطاقات الخلاقة. و سوف يستقطب إلى جانبه أفضل مكونات المجتمع الفنزويلي، بما فيها خلاصة المثقفين. إن طاقات الشعب الخلاقة يتم وئدها في ظل الرأسمالية، ذلك النظام الذي يضع مصالح الأقلية فوق مصالح الأغلبية. نفس الشيء يمكن قوله عن هؤلاء الذين يشغلون مناصب إدارية من مستوى أدنى، الذين لا يمكن لمواهبهم أن توظف بشكل جيد و يتمكنوا من استخدام أحدث التقنيات و الطرق للرفع من الإنتاجية في خدمة مصالح الجميع، إلا في ظل اقتصاد اشتراكي مخطط.

16. بتطبيق الرقابة العمالية، سوف يصبح من الممكن فضح جميع أشكال الفساد والتبذير و المحسوبية، و الأرباح و العلاوات الهائلة التي يحصل عليها أرباب العمل. افتحوا السجلات! افرضوا على جميع الشركات أن تصرح بأرباحها الحقيقية. مكنوا العمال من الحصول على جميع المعلومات حول الأرباح الهائلة و العلاوات و عمليات الخداع و السرقة. إن هذا سوف يمكن من الحد من التبذير إلى درجة كبيرة، و سيوجه تلك الثروات للإنتاج لصالح التطور في فنزويلا. لكن بالرغم من ذلك لا يمكن للرقابة العمالية، في حد ذاتها، أن تحل المشاكل الجوهرية للمجتمع. إنها ليست سوى خطوة انتقالية في اتجاه تأميم وسائل الإنتاج و الاقتصاد المخطط.

17. إن عناصر الرقابة العمالية موجودة منذ الآن. إذ أن بعض المعامل، التي أغلقها أصحابها، قد تم احتلالها من طرف العمال. و خلال حملة تخريب الصناعة النفطية، التي قام بها الرأسماليون، عمل هوغو تشافيز نفسه على مساندة شعار: "كل مصنع يتم إغلاقه، هو مصنع في ملكية العمال". إلا أن الحكومة لم تقم باتخاذ إجراءات جدية لحل مشاكل العمال الذين احتلوا المصانع. إن بعض الأمثلة المعزولة لرقابة العمال لا يمكنها أن تنجح إلا بشكل جزئي و مؤقت. إن المطلوب هو مخطط شمولي للإنتاج يعمل على إدماج مختلف قطاعات الاقتصاد و فروع الإنتاج. لكن هذا التخطيط الشمولي و هذا الدمج، يصطدم مباشرة بحدود النظام الرأسمالي الفوضوي ("السوق"). لا يمكن تحقيق أي تطور حقيقي ما لم يتم القضاء على تلك الحدود.

18. تتمثل القوة الرئيسية التي تمتلكها الثورة المضادة في ملكيتها لوسائل الإنتاج الرئيسية. و هي تواصل سيطرتها على مفاتيح الاقتصاد التي تستعملها لوضع الحبل حول عنق الشعب الفنزويلي. إن الطريق الوحيد لمنع عمليات تخريب الاقتصاد و الحد من التبذير و الفساد - التي هي نتائج حتمية للرأسمالية- هي القضاء على السيطرة البرجوازية على الاقتصاد. و ما دامت الثورة المضادة مسيطرة على الاقتصاد، ما دامت الثورة تصارع بيد مغلولة وراء ظهرها.

19. إن الأرض و الأبناك و شركات التامين و الصناعات الكبرى، كلها يجب أن تؤمم. يمكن تطبيق هذا عبر قرارات مستعجلة يصدرها البرلمان و يتم دعمها بدعوة، موجهة إلى العمال، لأخذ المبادرة من الأسفل لفرض الرقابة العمالية، للحيلولة دون قيام أرباب العمل بتخريب الاقتصاد و ضمان انتقال سلمي و هادئ نحو الاقتصاد المخطط. يمكن لرئيس الجمهورية أن يشرح هذه الخطوة للشعب عبر استخدام القناة التلفزية ليفضح الأرباح الفاحشة التي يحصل عليها أرباب العمل و التبذير و الفساد و المحسوبية و يفضح كذلك التخريب الممنهج الذين يقومون به للاقتصاد.

20. إنه و عبر تأميم القطاعات الرئيسية للاقتصاد و وضعها تحت الرقابة و الإدارة العمالية، سوف يصير من الممكن تطبيق مخطط حقيقي للإنتاج يوجه جميع ثروات فنزويلا لتلبية حاجيات الشعب: يمكن البدء في برنامج لبناء دور السكن و المدارس و المستشفيات، باستخدام مداخيل النفط العالية لتمويل مخطط استثماري طموح. البطالة سوف يتم الحد منها، و سوف يصبح من حق كل مواطن و من الواجب عليه أن يشتغل. إن مخططا كهذا يمكنه أن يضمن الرفع الفوري لمستوى عيش الأغلبية الساحقة، إلا أنه غير ممكن إلا على قاعدة اقتصاد مؤمم. لا يمكنك أن تخطط اقتصاد لا تتحكم فيه و لا يمكنك التحكم في اقتصاد لا تملكه.

21. إذا لم يتم اتخاذ خطوات حاسمة للتحكم في الاقتصاد، سوف يواجه الشعب الفنزويلي في المستقبل فوضى اقتصادية متزايدة، كما سيواجه البطالة و الفقر. و لن تكون ثروة فنزويلا الهائلة من النفط كافية لتلافي هذا الوضع. إن أرباب العمل سيستعملون قوتهم الاقتصادية لتخريب و عرقلة تطور البلد. لكن و حتى إذا لم يحدث هذا، فإن محاولة الجمع بين سياسة التأميم و بين اقتصاد السوق، سوف تؤدي إلى حدوث تشوهات و ستؤدي، خصوصا، إلى حدوث التضخم الذي سيبتلع كل ما تم تحقيقه و سيؤدي إلى تفكك الاقتصاد. و من تم، فإن تأميم القطاعات الاقتصادية الرئيسية، يشكل ضرورة مطلقة و إجراءا عاجلا من إجراءات الدفاع الذاتي التي تتخذها الأغلبية لحماية مصالحها الأشد إلحاحا و حقها الأكثر حيوية: الحق في الحياة.

22. يجب أن تكون الخطوة الأولى هي تأميم الأبناك. إن قطاعا هاما من النظام البنكي في فنزويلا يوجد تحت سيطرة مجموعتين بنكيتين إسبانيتين. إضافة إلى هذا فإن قسما كبيرا من جميع الأموال التي تدور في السوق المالية طيلة عام، هو في الواقع ملك للدولة بشكل مباشر، أو ملك لشركات في ملكية الدولة، خاصة شركة (P.D.V.S.A.). إلا أنه و بالرغم من ذلك، تظل السيطرة على هذه الثروات المالية في أيدي الخواص و تستعمل لتمويل الثورة المضادة و عمليات تخريب الاقتصاد. سوف يكون من المستحيل التخطيط للاقتصاد دون تأميم الأبناك. إن السيطرة على نظام القروض يشكل واحدا من الدعامات الأساسية للاقتصاد الحديث، بدونها لن يمكن تحقيق أي شيء. يجب على الدولة أن تعرف كم يوجد هناك من الأموال، و من أين تأتي و إلى أين ستذهب. إن إجراء حساب دقيق على المستوى الوطني هو الشرط الأولي للاقتصاد المخطط.

23. إن تأميم الابناك سوف يمكن الدولة من ممارسة رقابة حقيقية وليس وهمية على الاقتصاد، كما سيمكنها من ممارسة الرقابة على تدفق الرساميل والاستثمارات في تلك القطاعات التي تخدم مصالح الأغلبية ومعرفة المتطلبات الموضوعية للاقتصاد. إن موظفي الابناك أنفسهم يمكنهم أن يلعبوا دورا محوريا في عملية تأميمها. فهم يعرفون كل شيء عن عمليات الغش و المضاربات. يعرفون كيف توظف قوى الثورة المضادة مبالغ هائلة من الأموال في عمليات تخريب الاقتصاد و المؤامرات. يجب توجيه الدعوة إلى موظفي الأبناك لفرض الرقابة على حركة الرساميل، و ضمان تحقيق سيطرة سلسة على الأبناك و منع حدوث عمليات تخريب.

24. إن مكاسب الثورة حقيقية و ملموسة. إذ تم اتخاذ إجراءات هامة في خدمة مصالح العمال و صغار الفلاحين و الفقراء، و نذكر بالخصوص الإصلاح الزراعي و الصحة و التعليم، التي استفادت منها الملايين. لكن جميع هذه المكاسب مهددة. حيث يمكن أن يُقضى عليها، و سوف يُقضى عليها حتما، إذا ما استعادت قوى الثورة المضادة السيطرة. ومن ثم، فلكي يتم ضمان مكاسب الثورة، يجب أن تصبح غير قابلة للتصفية. و هذا يعني ضرورة إجراء تغيير جذري للمجتمع. و هو ما يطرح مسألة السلطة.

25. لقد انتهت جميع الثورات في التاريخ إلى الإجابة عن سؤال: من يمتلك السلطة؟ من هو سيد البيت؟ و ما دام لم يتم الإجابة عن هذا السؤال، فإن الثورة تكون غير منتهية بعد. و في فنزويلا عملت الثورة البوليفارية و هوغو تشافيز، منذ البداية، على تحدي الأوليغارشية القديمة، لكن لم يتم إسقاط سلطتها كليا. و قد بدأ نضال ضار لم يتم التقرير، بعد، من الرابح فيه. و على نتائج هذا الصراع يتوقف كل شيء.

26. في النهاية، يمكن تلخيص مسألة السلطة في شيء واحد: من يتحكم في سلطة الدولة؟ إن هذا السؤال جوهري. إن الدولة تتشكل - في آخر المطاف- من رجال مسلحين (الجيش، البوليس،..الخ) و في النظام الرأسمالي تتحكم البرجوازية في الدولة و تستعملها لقمع أغلبية المجتمع و ضمان سيطرتها و امتيازاتها. إنها لا تسيطر فقط على الجيش و البوليس، بل كذلك على القضاء و البيروقراطية و جميع الفروع الأخرى للسلطة التنفيذية.

27. إلا أنه مع ذلك، توجد فترات استثنائية في التاريخ، حيث يصل الصراع الطبقي إلى مأزق تكون الأشياء فيه غير محسومة بشكل واضح. و فنزويلا تمر اليوم من مثل هذا الوضع المعقد. هل الدولة الفنزويلية دولة برجوازية؟ طالما بقيت البرجوازية هي الطبقة السائدة، و طالما بقيت تتحكم في القطاعات الاقتصادية الرئيسية، و طالما لم يقضى بعد على سيطرتها الاقتصادية، ستبقى فنزويلا بلدا رأسماليا و من تم ستبقى دولتها دولة برجوازية. إن هذا يعني أن الثورة لم يتم إنجازها حتى النهاية، إنها توقفت في منتصف الطريق و من تم لا زال من الممكن العودة إلى الوراء.

28. لا تزال الدولة في فنزويلا دولة برجوازية، لكنها دولة برجوازية بمميزات خاصة. و أخص هذه المميزات هو كون البرجوازية قد فقدت (مؤقتا على الأقل) السيطرة على أجزاء هامة في دولتها. يبدو هذا و كأنه تناقض، لكنه تعبير عن تناقض حقيقي موجود داخل المجتمع. إن فنزويلا منقسمة على نفسها إلى قسمين. و التقاطب الطبقي الحاد يخترق كل شيء - بما في ذلك الدولة- التي هي بدورها انقسمت، حيث انضم قسم من الجيش إلى جانب الثورة البوليفارية. و يضم هذا القسم الأغلبية الساحقة من الجنود العاديين و الضباط ذوي الرتب الدنيا، لكن كذلك عددا من الضباط الكبار من أمثال تشافيز نفسه. إن هذا الواقع يخلق مصاعب كبيرة للبرجوازية الفنزويلية، التي لا تتمتع بنفس السيطرة، على الجيش و فئة الضباط، التي تتمتع بها نظيرتها في بريطانيا أو الولايات المتحدة.

29. هناك العديد من الضباط الذين يدعمون الثورة بصدق. و من المفترض أن يكون قد تم تطهير قيادة الجيش من العناصر المعادية بعد فشل انقلاب أبريل 2002. إن الجو السائد في صفوف الجيش هو عموما معاد للثورة المضادة. و سوف يؤدي التهديد الخارجي، الذي تمثله الإمبريالية الأمريكية و كولومبيا، إلى إذكاء الحمية الوطنية لدى الجيش و سيلفهم حول شخص الرئيس. إن قوى الثورة المضادة تجد نفسها - على الأقل حاليا- في وضع صعب. لكن من الصعب تحديد موازين القوى السائدة داخل الجيش بالنسبة للمتتبع من الخارج. فقط الأحداث هي من ستوضح ذلك.

30. إن موازين القوى داخل الجيش تتحدد - في آخر المطاف- بموازين القوى بين الطبقات في المجتمع. فكلما تقدمت الثورة و وجهت ضربات حاسمة ضد أعدائها، الداخليين و الخارجيين على السواء، و كلما انتفضت الجماهير و بقيت نشيطة، كلما بقي الجناح الثوري داخل الجيش جريئا و قويا. لكن التذبذبات و التراجعات سوف تؤدي إلى إحباط الجناح الثوري و تشجع الرجعيين.

31. يستند تشافيز و أنصاره على دعم الجماهير لتوجيه الضربات إلى الأوليغارشية و الإمبرياليين. إنهم لم يكونوا، في البداية، يمتلكون منظورا اشتراكيا، بل فقط رغبة في تطوير فنزويلا و تطهيرها من الفساد. لقد كانوا يطمحون إلى بناء مجتمع أكثر عدلا و مساواة، إلا أنهم كانوا يعتقدون أنه بإمكانهم تحقيق ذلك دون القضاء على الرأسمالية. لكن مشروعهم جعلهم يدخلون رأسا في مواجهة مع البرجوازية و الإمبريالية. فخرجت الجماهير إلى الشوارع و أعطت دينامية مختلفة لتلك السيرورة. لقد شكلت حركة الجماهير حافزا لتشافيز، الذي عمل بدوره على تشجيعها على السير في اتجاه ثوري.

32. عندما أسس تشافيز الحركة البوليفارية، إنما كان يطمح إلى تنظيف إسطبلات أوغياس* التي كانت عليها الحياة السياسية في فنزويلا. لقد كان هذا هدفا محدودا و جد متواضع، لكنه اصطدم بالمقاومة الشرسة التي أبانت عنها الأوليغارشية الحاكمة و خدامها. مما جعله ينال الحقد الأعمى من جهة الأثرياء و الأقوياء، و الحب من جهة الجماهير. إن تشافيز أعطى للفقراء و المضطهدين، للمرة الأولى، صوتا و بعض الأمل. و هذا هو السر وراء الإخلاص و الولاء الرائعين اللذين أولوهما إياه. لقد أخذ هو بأيديهم و بدؤوا هم يرون فيه أنفسهم.

33. و هذا يفسر أيضا الحقد الكبير الذي تظهره الطبقة السائدة نحوه. إنه حقد الأغنياء على الفقراء، حقد المستغِل على المستغل. و وراء هذا الحقد يكمن الخوف، الخوف من فقدان ثرواتهم و سلطتهم و امتيازاتهم. توجد هنا هوة لا يمكن ردمها بالكلمات. إنها الانقسام الطبقي الرئيسي في المجتمع.

34. إن الثورة تناضل من أجل الديموقراطية. لكن النضال الحازم من أجل الديموقراطية، سوف يُدخِل الثورة حتما في صراع مع الرساميل المستثمرة من طرف الملاكين العقاريين و أصحاب الأبناك و الرأسماليين و الإمبرياليين. هذا يعني أنه إذا ما أرادت الديموقراطية الثورية أن تحقق أهدافها، فإنه سوف يكون عليها أن تجهز نفسها للسير أبعد من حدود النظام الرأسمالي. يجب عليها أن تتخذ إجراءات للقضاء على سيطرة الأوليغارشية على الاقتصاد. إن فشل الثورة في القيام بهذا، سوف يعني الهزيمة حتما، سوف يعني انتصار الثورة المضادة و القضاء الكلي على الديموقراطية في فنزويلا.

35. بالرغم من كونهم يقسمون بالديموقراطية في كل كلمة يقولونها، فإن الأوليغارشية الفنزويلية و الإمبريالية، هم ألذ أعداء الديموقراطية. إنهم يريدون "ديموقراطية" يكون فيها الحق مضمونا للجميع في قول ما يشاء ما دامت الأقلية المالكة هي من يقرر ما يحدث. إن الطبقة الوحيدة المخلصة حقا للديموقراطية هي الطبقة العاملة و حلفاؤها الطبيعيون- أي الفلاحون الفقراء و فقراء المدن-. إن الديموقراطية الحقيقية لا يمكن بناءها إلا عندما يتم تدمير سلطة الأوليغارشية إلى الأبد و تصير السلطة في يد الطبقة العاملة. إنما يجب بناءه ليس الوهم الأجوف للديموقراطية البرجوازية الشكلية، حيث السلطة الحقيقية في يد أصحاب الأبناك و الرأسماليين، بل الديموقراطية الحقيقية للعمال، المبنية على أساس تأميم الأرض و الأبناك و الصناعات الكبرى و على أساس التخطيط الديموقراطي للإنتاج.

36. يجب أن يكون البرنامج المباشر هو:

أ‌ العمل على إدماج الأبناك و تأميمها.

ب‌ إدماج شركات التامين و تأميم القطاع المالي.

ت‌ إلغاء السر التجاري: افتحوا السجلات!

ث‌ الرقابة العمالية على شركة (P.D.V.S.A.) و جميع الشركات الأخرى و تأميم جميع قطاعات الصناعة البيتروكيماوية و الغاز و الطاقة.

ج‌ تنظيم الجماهير في جمعيات المستهلكين و تعاونيات لممارسة الرقابة على الأسعار و توزيع الغذاء.

ح‌ تأميم الأرض و مصادرة الملكيات الكبرى و تشكيل تعاونيات فلاحية لتسيير الزراعة.

خ‌ تأميم جميع شركات النقل الكبرى و خلق نظام موحد للنقل.

د‌ احتكار الدولة للتجارة الخارجية.

37. إن الإمبريالية الأمريكية تلعب لعبة القط و الفأر مع فنزويلا. فبعد أن هُزمت في محاولتين للهجوم المباشر، ها هي تلجأ لطريقة الحصار. إنها تعمل على ممارسة الضغوطات على حكومات أمريكا اللاتينية لمساعدتها على عزل الثورة الفنزويلية، التي تنظر إليها كبؤرة خطيرة تشكل مثالا بالنسبة للجماهير الغاضبة في كل القارة. إنها تهدد بتركيع فنزويلا، عبر فرض عقوبات اقتصادية عليها، في نفس الوقت الذي تهيئ فيه بنشاط لحملة من الإرهاب و التخريب.

38. إن واشنطن و خوفا من أن تتدخل مباشرة، تعمل بنشاط على التآمر مع الدوائر الحاكمة في كولومبيا، ليس فقط لعزل فنزويلا و الضغط عليها، بل أيضا للتهيئة لتدخل مباشر ضد الثورة فيها. إنها تحيك الدسائس، بشكل مستمر، في منظمة الدول الأمريكية (O.A.S.) للتدخل في شؤون فنزويلا الداخلية. تشبه منظمة الدول الأمريكية ذلك "الجار الصديق" الذي ينصح جاره الذي تعرض للهجوم على بيته من طرف عصابة من اللصوص، بأن يبقى هادئا و ألا يصرخ بصوت مرتفع، لأن ذلك سوف يؤدي إلى استفزاز اللصوص و يقلق راحة الجيران. إن شعب فنزويلا بامتلاكه "لأصدقاء" مثل هؤلاء، ليس بحاجة إلى أعداء!

39. من الضروري، طبعا، استخدام العمل الدبلوماسي، و اتخاذ جميع الإجراءات الضرورية لتلافي العزلة، و تطوير علاقات صداقة و تجارة، الخ، مع الأرجنتين و البرازيل و طبعا مع كوبا. إلا أنه سوف يكون من قبيل النظرة الضيقة الاعتماد على هذا فقط. إن الحكومات يمكنها أن تتغير و يمكنها أن تخضع لضغوط الإمبريالية. ليس هناك من ضمانة أن لا يحدث هذا مع البرازيل و الأرجنتين.

40. إن الحلفاء الحقيقيين للشعب الفنزويلي هم - في آخر المطاف- عمال وفلاحوا أمريكا اللاتينية المضطهدون. هم من يمكنه الاعتماد عليهم دائما للدفاع عن الثورة الفنزويلية وليس حكوماتهم. أخيرا إن الدفاع عن الثورة الفنزويلية لا يمر عبر الدبلوماسية، بل عبر نهج سياسة ثورية، أممية، حازمة، هدفها نشر الثورة عبر كل أمريكا اللاتينية وخارجها.

41. لقد وقف تشافيز بشجاعة في وجه الإمبريالية. لقد قال:" إذا ما كان هناك أي تدخل إمبريالي في بلادنا فسوف نحاربه مائة عام". طبعا ستكون الجماهير بكل تأكيد مستعدة لتقديم أعظم التضحيات في سبيل الثورة. إذ أنهم نهضوا إلى الحياة السياسية و أعطى لهم أمل جديد و إحساس بكرامتهم الإنسانية. للجماهير إذن طاقات و إمكانيات ثورية جبارة. و هذا شيء تعجز الإمبريالية و الرجعيون عن فهمه. لكن من الخطأ، رغم ذلك، الاعتماد فقط على استعداد الجماهير لتقديم التضحيات. إن الجماهير قادرة على التضحية "باليوم" من أجل "الغد" في حدود معينة فقط. يجب أن نضع هذا في اعتبارنا دائما.

42. في النهاية يبقى العامل الاقتصادي هو المحدد. و في سنة 2003 و حدها انخفض الإنتاج الداخلي الخام بـ 18%، بالرغم من ارتفاع أسعار النفط. و حسب بعض الإحصائيات انخفض مستوى المعيشة إلى ما كان عليه سنوات الخمسينات. عبر هذه الوسائل تطمح قوى الثورة المضادة إلى ضرب الدعم الذي تلاقيه الحكومة، حيث أن هذا الواقع ناتج عن عمليات التخريب التي قامت بها. إلا أن مخطط تلك القوى لم ينجح لحد الآن. فالجماهير ما زالت مخلصة كليا للثورة و للرئيس هوغو تشافيز. لكن مثل هذه الوضعية لا يمكنها أن تدوم إلى ما لا نهاية.

43. في وقتنا الحالي ساعد ارتفاع أسعار النفط الاقتصاد الفنزويلي. فسنة 2003 وصل سعر برميل النفط الفنزويلي إلى 25،65 دولار أي ، أعلى بحوالي 17% من سعر 2002. و قد حاول الرئيس تشافيز أن يخفف من تأثيرات الأزمة عبر اعتماد الرقابة على الأسعار و المبادلات. و تم توجيه جزء من مداخيل (P.D.V.S.A.) لتمويل برامج اجتماعية و سكنية. و قد رفعت إجراءات الرقابة الصارمة على المبادلات من مداخيل البنك المركزي الفنزويلي (B.C.V.) من 13 مليار دولار خلال شهر يناير إلى 22 مليار الآن. كما أن اخفاض معدل الدولار الرسمي من 16000 بوليفار إلى 1920 بوليفار، قد ساعد على تحسن الوضعية. إن معدل النمو عرف ارتفاعا مفاجئا، بالرغم من أنه ليس، في جزء منه، سوى انعكاس لانتعاش طبيعي بعد الانهيار الكبير الذي سببته اغلاقات أرباب العمل.

44. لقد نجحت هذه الإجراءات، جزئيا، في الرفع من مستوى عيش الجماهير. و قد مكنت من ربح الوقت. لكن سوف يكون هناك ثمن يجب دفعه. إذ في ظل نظام رأسمالي تؤدي مثل تلك الإجراءات إلى خلق التضخم. تعرف قيمة البوليفار انخفاضا مفاجئا في السوق السوداء. التضخم وصل إلى 27% سنويا. الشيء الذي يجعله أعلى نسبة في كل المنطقة. و هو الشيء الغير ممكن احتماله على المدى البعيد. و سوف ينفجر هذا، إن عاجلا أو آجلا، في شكل أزمة اقتصادية خانقة جديدة. و هكذا ستظل الفاقة و البطالة مشاكل قائمة.

45. إذا لم تتقدم الثورة إلى الأمام، إذا لم تأخذ بين يديها زمام القطاعات الاقتصادية الرئيسية، فإن ارتفاع البطالة و الفقر سوف يؤدي إلى كسر الروح القتالية للجماهير. لحدود اللحظة لم يحدث هذا. و قد خلق الانتعاش الاقتصادي نسمة أوكسجين. الجماهير لا تزال مطلقة الولاء لتشافيز. كما أن موازين القوى لا تزال مائلة لصالح الثورة ضد الثورة المضادة. لكن هذا يمكن أن يتغير فإذا لم ترى الجماهير أي تحول جوهري، قبل كل شيء إجراءات حاسمة ضد الرجعيين، فإن الإحباط و اليأس يمكنهما أن ينالا منها. و يمكن للمؤشر أن يميل، مرة أخرى، نحو اليمين.

46. سوف يبدأ جو من اللامبالاة يسود بين الجماهير، بدءا من الفئات الأقل وعيا و الغير المنظمة. و عندما لا يرى العمال أي تقدم حقيقي، سوف يتعبون و يصيبهم اليأس. و مع كل خطة إلى الوراء تخطوها الثورة، ستصبح الثورة المضادة أكثر جرأة و ستنتقل إلى الهجوم. و يمكن للعناصر المتذبذبة أن تنتقل إلى صف الثورة المضادة. و يمكن لهذا الجو أن ينعكس على جهاز الدولة، حيث سيتخلى بعض "أصدقاء" الثورة، من بين كبار الموظفين و قادة الجيش و الشرطة، عن الرئيس و ينقلبون إلى معسكر الرجعية، بدعوى أن الثورة يقودها "متطرفون" و أنها لم تأتي سوى بالفوضى. و ستسعر الصحافة المأجورة من حملتها في التشويه و الافتراء. ليصبح المجال مفتوحا آنذاك أمام حدوث انقلاب مضاد للثورة تحت راية "إعادة النظام".

47. لقد بذلت الجماهير طاقات هائلة لإيصال الثورة إلى ما هي عليه اليوم. لقد سارت طريقا طويلا، لكن المرحلة الحاسمة لم يتم قطعها بعد، و لا يزال هناك خطر حقيقي في أن يتم إعادة كل هذه الصيرورة إلى الوراء. هنالك وعي متزايد بهذا الواقع في صفوف القواعد. و الإحباط قد بدأ ينتشر بين المناضلين. إن هذا تحذير. يمكن لهذا الإحباط أن يخلق جوا من انعدام الصبر و المغامرات اليسراوية المتطرفة عند فئة من المناضلين الذين تحركوا أبعد من باقي الطبقة، الشيء الذي سيكون له نتائج سلبية على الثورة.

48. إن الثورة المضادة قد هُزمت، لكنه لم يقض عليها بعد. إنها تنتظر الفرصة الملائمة لكي تتحرك من جديد. إن الاعتقاد في إمكانية تهدئة قوى الثورة المضادة عبر نهج "الاعتدال"، ليس سوى جنون مطبق و عمل بدون جدوى إطلاقا. فقوى الثورة المضادة و الإمبريالية لا يمكن أن تهدأ بالكلمات الجميلة، و قد أعطي الدليل الواضح على هذا من خلال عملية القوات الشبه عسكرية الكولومبية. إن ما يجب القيام به ليس هو "الاعتدال"، بل إجراءات حازمة.

49. لقد استقطبت الثورة العديد من الأصدقاء. أغلب هؤلاء أصدقاء حقيقيون و شرفاء. لكن بعض هؤلاء "الأصدقاء" لا يعملون لصالح الثورة. إنهم ليسوا ثوريين على الإطلاق، بل مجرد إصلاحيين. إنه دائما قدر الإصلاحية التاريخي أن تصل إلى نتائج متناقضة تماما مع تلك التي كانت تهدف إليها. إنهم مدفوعون، طبعا، بأفضل النوايا. لكن الطريق إلى جهنم مفروش بمثل هذه النوايا الطيبة.

50. يقول الإصلاحيون أنه يجب علينا أن لا نقوم بأي شيء يمكنه أن يستفز الإمبرياليين، يجب علينا أن نكون حذرين، دبلوماسيين، الخ، الخ. إن مبرر "استفزاز" الإمبرياليين مبرر خاطئ حتى النخاع. فالإمبرياليون لا يحتاجون إلى استفزاز. إذ أنهم كانوا معادين للثورة منذ اليوم الأول. إنهم لم يتركوا أية فرصة سنحت لهم للهجوم عليها ولم ينتهزوها. لقد نظموا، حتى الآن، محاولتين للانقلاب وهم الآن يحضرون للثالثة، تحت راية الاستفتاء. ليس هذا الخطاب أو ذاك، وليس هذا العمل أو ذاك هو ما يستفز الإمبرياليين، إنهم ينظرون إلى الثورة، في حد ذاتها، باعتبارها استفزازا. ولن يهدأ لهم بال إلا إذا سحقوها.

51. يجادل أصدقاء الثورة المزيفون و الماركسيون المزيفون أنه ما دامت الثورة الفنزويلية ثورة ديموقراطية شعبية، وليست ثورة اشتراكية، فإنها لا تستطيع القيام بإجراءات ضد الملكية الخاصة. ليس هذا القول سوى سفسطة. لقد كانت الثورة الأمريكية خلال ق 18، ثورة برجوازية ديموقراطية، لكن ثوار 1776 لم يترددوا في مصادرة ملكية أنصار التاج البريطاني. و بعد نهاية الحرب الأهلية الأمريكية، لم تتردد الحكومة الأمريكية في مصادرة ملكية ملاكي العبيد الجنوبيين والتي كانت تقدر بملايير الدولارات. إن هذه الأمثلة من تاريخ أمريكا، تعطي الدليل الواضح على أن حاجيات الثورة تعلوا فوق ما يسمى بحق الملكية المقدس.

52. منذ متى كانت حقوق ملكية أقلية مستغِلة وقمعية، أهم من حاجات الأغلبية الساحقة؟ إن الديموقراطية تعني حكم الأغلبية، ونحن نؤيد الديموقراطية الحقة. إن الثورة الفنزويلية وسيرا على نهج أفضل الأمثلة التي قدمتها الثورة الأمريكية، لن تتردد، هي أيضا، في اتخاذ الإجراءات الضرورية للقضاء على سيطرة الأقلية المعادية للثورة على الاقتصاد.


مدينة مكسيكو

20/05/2004

العنوان الأصلي للنص :



Theses on revolution and counterrevolution in Venezuela. Part 1



المصدر :
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////