الأندلسي
05/06/2007, 14:30
لا أفهم لماذا استيقظ كل صباح لأغسل جسداً سيأكله الدود ويجلله التراب؟ لماذا آكل بكل هذه الشهية لأمسي طعاماً للموت! أقتل كل هؤلاء الضعفاء لأخلد موتي؟ أضيف كتلة من الصراخ إلى هذا الفراغ؟ أعاشر النساء ليأتين بذرية تؤخذ من بعدي، ذرية تُقتل، تصرخ، تغني وتذرف ضفة من الدموع على امتداد دجلة!؟
أنا العربي.. العربي الذي انشغل عن أمجاد الأرض بعمارة السماء: أكره كلمة فسطاط وأكره بن لادن وبن بوش وأولاد الزنى الذين يأكلون عيون المشاهدين عبر شاشات التلفزيون ويتغوطون مستقبل الجينوم في مرحاض العدم.. أكره سادتي، قادتي ومرشديّ وباقي الذين أصفق لهم خوفاً وابتسم أمامهم جزعاً حفاظاً على حياة لا أخسر من فقدانها غير حزني..
ممدد بين المطرقة والسندان، أنا العراقي أناشدكم أن تقصفوني بأشد الصواريخ فتكاً كي لا يتكبد أحبتي مصاريف رقادي، ولكي أغادر العالم بضجيج يليق بي كمواطن يشمخ برأسه من شدة الجوع بينما انهار النفط تتسرب من بين أصابعه كسراب الحرية..
الليل دمعة، والنهار نواح، وباقي العمر ثمالة خوف في قعر كأس، فاسكروا يا أخوتي على أشلاء عمري وانحروا الصباح عند أقدام الغزاة التي تنتعل الديمقراطية وتعيد إنتاج أحلام ضحايا سبي بابل في الانتقام..
أنا سليل الإمام وأغنية كربلاء، أنفاسي خطواتي نحو أجلي وكلماتي أغنية الثكالى يبكين دماً إلى آخر الدهر.. مدوا أيديكم وجللوني بسواد صمتكم، أنا كعبة الحزن وأفول القمر. دمي إمامكم وحسيني صراتكم إلى النبأ العظيم، فلا توّلوا ظهوركم وتدفنوا رؤوسكم كأمة تناسلت من بيض النعام.. فالعراق نهايتكم والعراق مستقبلكم وهذا وقت اختياركم يا أمة من غمام وكلام لا يمطر دونما برق ورعد..
يا أهلي يا إخوتي يا دجاج أمتي يا ضحايا غزوتي «الجنون» و«الكبرياء»: لقد أكلت هولوكوست اليهود فلسطينكم وستبتلع هولوكوست 11 أيلول عراقكم، والعالم من حولكم إما خائف مضطرب أو طامع منافق، وأنتم الآن في لحظة الصفر التي ينطلق منها تاريخكم الجديد ولكن بعدما تسددون فاتورة الحرية نيابة عن العالم فكونوا في منتهى الصحوة وذروة الحق ولا تسايروا أو تتاجروا كي لا تعيدوا إنتاج كربلاء ثانية على أرض لم تعد تحتمل المزيد من ملوحة الدمع.
نبيل صالح
(نشرت في جريدة «تشرين» 14/10/2002 فبل سقوط بغداد بستة أشهر)
أنا العربي.. العربي الذي انشغل عن أمجاد الأرض بعمارة السماء: أكره كلمة فسطاط وأكره بن لادن وبن بوش وأولاد الزنى الذين يأكلون عيون المشاهدين عبر شاشات التلفزيون ويتغوطون مستقبل الجينوم في مرحاض العدم.. أكره سادتي، قادتي ومرشديّ وباقي الذين أصفق لهم خوفاً وابتسم أمامهم جزعاً حفاظاً على حياة لا أخسر من فقدانها غير حزني..
ممدد بين المطرقة والسندان، أنا العراقي أناشدكم أن تقصفوني بأشد الصواريخ فتكاً كي لا يتكبد أحبتي مصاريف رقادي، ولكي أغادر العالم بضجيج يليق بي كمواطن يشمخ برأسه من شدة الجوع بينما انهار النفط تتسرب من بين أصابعه كسراب الحرية..
الليل دمعة، والنهار نواح، وباقي العمر ثمالة خوف في قعر كأس، فاسكروا يا أخوتي على أشلاء عمري وانحروا الصباح عند أقدام الغزاة التي تنتعل الديمقراطية وتعيد إنتاج أحلام ضحايا سبي بابل في الانتقام..
أنا سليل الإمام وأغنية كربلاء، أنفاسي خطواتي نحو أجلي وكلماتي أغنية الثكالى يبكين دماً إلى آخر الدهر.. مدوا أيديكم وجللوني بسواد صمتكم، أنا كعبة الحزن وأفول القمر. دمي إمامكم وحسيني صراتكم إلى النبأ العظيم، فلا توّلوا ظهوركم وتدفنوا رؤوسكم كأمة تناسلت من بيض النعام.. فالعراق نهايتكم والعراق مستقبلكم وهذا وقت اختياركم يا أمة من غمام وكلام لا يمطر دونما برق ورعد..
يا أهلي يا إخوتي يا دجاج أمتي يا ضحايا غزوتي «الجنون» و«الكبرياء»: لقد أكلت هولوكوست اليهود فلسطينكم وستبتلع هولوكوست 11 أيلول عراقكم، والعالم من حولكم إما خائف مضطرب أو طامع منافق، وأنتم الآن في لحظة الصفر التي ينطلق منها تاريخكم الجديد ولكن بعدما تسددون فاتورة الحرية نيابة عن العالم فكونوا في منتهى الصحوة وذروة الحق ولا تسايروا أو تتاجروا كي لا تعيدوا إنتاج كربلاء ثانية على أرض لم تعد تحتمل المزيد من ملوحة الدمع.
نبيل صالح
(نشرت في جريدة «تشرين» 14/10/2002 فبل سقوط بغداد بستة أشهر)