SABE
02/06/2005, 13:49
أسمع صوتاً ضعيفاً كلما أكون جالساً بصمت ... لم أعرف ما هذا الصوت .. كان بعيداً جداً و ضعيفاً ... كلمات تتردد في منتصف هذا الصمت..." أرجوك "..." أنقذني "...
بدأت القصة في يوم ربيعي أكثر من رائع ... عندما تعرفت عليها ... لم تكن مميزة أو غير مميزة .لقد كانت عادية بطريقة غير طبيعية ... تتحدث بشكل عادي .. ترتدي ثياباً عادية ... حتى ضحكتها كانت عادية ....
في أول يوم كان التعارف عادياً أيضاً ... لم نكن سوى صديقين ... لكن مع مرور الأيام بدأت أشعر بتقربها مني ... أرادت أن تقول لي شيئاً لكني لم أكن أريد أن أسمع .. بالأساس لا أريد أن نصبح أكثر من صديقين ... فمن المستحيل أن يصبح أي شيء بيننا ... فأنا أحب فتاة أخرى .. و هي متزوجة منذ ستة أشهر ... ربما في البداية فهمت الموضوع بطريقة خاطئة .
كانت تقول لي دائماً أني أكثر شخص ارتاحت معه في الحياة ... الشخص الوحيد الذي تخبره كل شيء يحدث معها ...
كانت تخبرني عن كل مشاكلها ... أو بالأحرى فقط عن مشاكلها ... لم توجد أحاديث أخرى بيننا ... كل يوم تأتي بعينيها الشاحبتين و تحدثني عن مشكلة جديدة حصلت بينها و بين زوجها و أنها لا تطيق حياتها بعد الآن .. و تسأني دائماَ عن حل لها ... لكني لم أستطع أن أقول شيئاً ... فأنا لا أعرف ما هي علاقتها بزوجها أو ربما تكون هي السبب في كل تلك المشاكل ... كنت خائفاً دائماً من أن أقول شيئاً يسبب المزيد من المشاكل .. كنت أسمع و أسمع و أسمع ... و لا شيء آخر ...
في يوم من الأيام اتصلت بي و لأول مرة بعد أربع أشهر من تعارفنا أسمع صوتها فرحة و كانت تقول لي أنا حامل .. سأصبح أمّاً بعد فتر ليست بطويلة ... حقاً عندها أصابتني فرحة عظيمة .. ليس لأنها حامل بل لأنها المرة الأولى التي تكون فيها مسرورة ...
مضت الأيام و هي تخبرني كل يوم ماذا ستفعل بطفلها و بأنها ستهئ له مستقبلاً يكون أفضل من حياتها الآن ... و بأنها و بأنها ... لم تكف يوماً عن التحدث عن الطفل الذي لم يولد بعد ... و كانت الفترة التي تتحدث بها عن مشاكلها مع زوجها قد انخفضت بشكل ملحوظ ... لكنها لم تختفي أبداً ... لكن فرحتها بأنها حامل كانت أكبر من كل المشاكل التي حولها ...
بعد بضعة أسابيع عادت الأحوال إلى ما كانت عليه ... بل حتى أسوأ .. فكنت أراها بن الحين و الآخر مع بضع كدمات على وجهها ... ومن الواضح أنها فقدت أكثر من نصف وزنها في الفترة الأخير ... لكن الأسوأ من هذا كله ...
في ظهيرة أحد الأيام كنت مستلقياً على سريري أطالع أحد الكتب ... و إذ يقرع جرس الباب .. إستغربت !! من من الممكن أن يأتي في هذا الوقت ؟؟ إنه وقت راحة عند الجميع ...
لكني عندما فتحت الباب و رأيتها تبكي و تريد الدخول توقعت مصيبة ما هذه المرة .. و بالفعل ... فقد ضربها زوجها بشدة إلى أن أسقطت الولد ... و كانت تبكي و تصف لي شكله ...
_ جميل جداً .. و صغير جداً ... لونه أحمر غامق ... نائماً نوماً عميقاً ...
قالت كل هذا و هي تبكي بكائاً مريراً يتخلله ضحكات هستيرية بين الفترة و الأخرى ...
لم أقل شيئا ... بل ظللت أستمع و أنا أمنع دمعة بدأت تتشكل في عيني من الظهور ... ما ذنب هذه الفتاة إن كان أهلها فقراء و زوجوها لرجل لا تحبه !!!
كانت تقول .. أوجد لي حلاً أرجوك ... أتوسل إليك ... لكني لا أستطيع فعل أي شئ ... فأنا في دولة غريبة .... و لا أعرف شيئاً عن مثل هذه القصص ... كنت أعتقد أنها مشاكل عائلية و أنا لا يحق لي التدخل ....
كانت تصفه لي بالمجنون المهووس ...
مضى ذلك اليوم و الأسبوع كله و أنا لا أستطيع التفكير بأي شيء سوى بسخرية القدر ... لماذا شاءت الظروف أن أتعرف على هذه الفتاه ... و أن أتألم لقصتها !!! فأنا لوحدي تكفيني مشاكلي ....
في الأسبوع التالي اتخذت قراراً بأن أبتعد عنها ... فأنا هنا بغرض الدراسة ... أريد أن أنهي دراستي بأسرع و قت و أعود لبلدي و أكمل حياتي سعيداً ... و ليس لحل مشاكل الناس...
مضت فترة اسبوعين و أنا مطفئ جهاز الهاتف الخاص بي ... لم أحاول حتى و لو لمرة أن أفتحة ... أريد أن أدرس و أن أنسى القصة القديمة ...
لكن بعد هذين الأسبوعين بدأ ضميري يأنبني ... فأنا الشخص الوحيد الذي كانت تخبرني مشاكلها مع أني لم أكن سوى مستمع ..
شغلت جهاز الهاتف من جديد ... و انتظرت مخابرة منها .. اعقدت أنها ستتصل من اليوم الأول ... لكنها لم تفعل ...
و مثله اليوم الثاني و الثالث و الأسبوع كله ...
بدأت أقلق عليها ... لماذا لم تتصل !!! أو ربما تكون أوضاعها الآن أحسن من قبل و أن زوجها قد رحمها قليلاً بعد أن فقدت ابنها ... أو أنها غاضبة مني لأني تخليت عنها وقت الضيق !!!!
هذه الأفكار و أفكار أخرى كثيرة راودتني ... و لم أستطع إيجاد الحل .... فقررت أن أتصل بها لأرى ما الذي حصل ...
بالفعل ... اتصلت بها .. و في المرة الأولى لم يجب أحد على الهاتف و المرة الثانية و الثالثة بعد إلحاح شديد .. أسمع صوتاً يصرخ فيّ ... يقول .. ألم تفهموا إنه لا يوجد أحد في المنزل !!!
أجبت : عفواً ... أعتذر ... لكني كنت أريد التحدث مع صديقة قديمة و أعتقد أن هذا هو الرقم ...
فقال بعصبية : مع من تريد التحدث ...
فقلت له اسمها ... فأجاب .. لقد كانت زوجتي لكنها سافرت ....
سألته : و متى ستعود ؟؟؟
قال : لا أعرف .. لماذا كل هذه الأسئلة التي لا معنى لها ؟؟؟ و سكر الخط في وجهي...
لم أحصل على الإجابة التي أريدها .. فمن الممكن أن يكون قد كذب علي ... أو ربما حصل لها مكروه ما ..
حاولت أن ألهي نفسي بالقراءة و أن أنسى الموضوع من أساسه ..
أنها حتى إذا سافرت لا بد أن تتصل بي من مكان ما ...
في اليوم التالي ... و أنا أقرأ جريدة محلية ... وصلت إلى خبر غيّر حياتي ... جعلني إنساناً يعيش عذاب الضمير بلا نهاية ... أكان خطأي ؟؟ أم خطأ المجتمع ؟؟؟ أم لعبة لعبها القدر ضدي !!!!
لقد كان خبر انتحار فتاة من الطابق الرابع في نفس المكان الذي تسكن فيه صديقتي ... و من نفس الشقة ...
نعم لقد انتحرت ...
لم تجد حلاً أنسب من الانتحار ..و الهروب من هذه الحياة التي تعيشها ...
و منذ ذلك اليوم و أنا أسمع صوتها في أذني يقول .. " ساعدني "....." أرجوك "...
سعيد البيطار ... :D
31/5/2005
بدأت القصة في يوم ربيعي أكثر من رائع ... عندما تعرفت عليها ... لم تكن مميزة أو غير مميزة .لقد كانت عادية بطريقة غير طبيعية ... تتحدث بشكل عادي .. ترتدي ثياباً عادية ... حتى ضحكتها كانت عادية ....
في أول يوم كان التعارف عادياً أيضاً ... لم نكن سوى صديقين ... لكن مع مرور الأيام بدأت أشعر بتقربها مني ... أرادت أن تقول لي شيئاً لكني لم أكن أريد أن أسمع .. بالأساس لا أريد أن نصبح أكثر من صديقين ... فمن المستحيل أن يصبح أي شيء بيننا ... فأنا أحب فتاة أخرى .. و هي متزوجة منذ ستة أشهر ... ربما في البداية فهمت الموضوع بطريقة خاطئة .
كانت تقول لي دائماً أني أكثر شخص ارتاحت معه في الحياة ... الشخص الوحيد الذي تخبره كل شيء يحدث معها ...
كانت تخبرني عن كل مشاكلها ... أو بالأحرى فقط عن مشاكلها ... لم توجد أحاديث أخرى بيننا ... كل يوم تأتي بعينيها الشاحبتين و تحدثني عن مشكلة جديدة حصلت بينها و بين زوجها و أنها لا تطيق حياتها بعد الآن .. و تسأني دائماَ عن حل لها ... لكني لم أستطع أن أقول شيئاً ... فأنا لا أعرف ما هي علاقتها بزوجها أو ربما تكون هي السبب في كل تلك المشاكل ... كنت خائفاً دائماً من أن أقول شيئاً يسبب المزيد من المشاكل .. كنت أسمع و أسمع و أسمع ... و لا شيء آخر ...
في يوم من الأيام اتصلت بي و لأول مرة بعد أربع أشهر من تعارفنا أسمع صوتها فرحة و كانت تقول لي أنا حامل .. سأصبح أمّاً بعد فتر ليست بطويلة ... حقاً عندها أصابتني فرحة عظيمة .. ليس لأنها حامل بل لأنها المرة الأولى التي تكون فيها مسرورة ...
مضت الأيام و هي تخبرني كل يوم ماذا ستفعل بطفلها و بأنها ستهئ له مستقبلاً يكون أفضل من حياتها الآن ... و بأنها و بأنها ... لم تكف يوماً عن التحدث عن الطفل الذي لم يولد بعد ... و كانت الفترة التي تتحدث بها عن مشاكلها مع زوجها قد انخفضت بشكل ملحوظ ... لكنها لم تختفي أبداً ... لكن فرحتها بأنها حامل كانت أكبر من كل المشاكل التي حولها ...
بعد بضعة أسابيع عادت الأحوال إلى ما كانت عليه ... بل حتى أسوأ .. فكنت أراها بن الحين و الآخر مع بضع كدمات على وجهها ... ومن الواضح أنها فقدت أكثر من نصف وزنها في الفترة الأخير ... لكن الأسوأ من هذا كله ...
في ظهيرة أحد الأيام كنت مستلقياً على سريري أطالع أحد الكتب ... و إذ يقرع جرس الباب .. إستغربت !! من من الممكن أن يأتي في هذا الوقت ؟؟ إنه وقت راحة عند الجميع ...
لكني عندما فتحت الباب و رأيتها تبكي و تريد الدخول توقعت مصيبة ما هذه المرة .. و بالفعل ... فقد ضربها زوجها بشدة إلى أن أسقطت الولد ... و كانت تبكي و تصف لي شكله ...
_ جميل جداً .. و صغير جداً ... لونه أحمر غامق ... نائماً نوماً عميقاً ...
قالت كل هذا و هي تبكي بكائاً مريراً يتخلله ضحكات هستيرية بين الفترة و الأخرى ...
لم أقل شيئا ... بل ظللت أستمع و أنا أمنع دمعة بدأت تتشكل في عيني من الظهور ... ما ذنب هذه الفتاة إن كان أهلها فقراء و زوجوها لرجل لا تحبه !!!
كانت تقول .. أوجد لي حلاً أرجوك ... أتوسل إليك ... لكني لا أستطيع فعل أي شئ ... فأنا في دولة غريبة .... و لا أعرف شيئاً عن مثل هذه القصص ... كنت أعتقد أنها مشاكل عائلية و أنا لا يحق لي التدخل ....
كانت تصفه لي بالمجنون المهووس ...
مضى ذلك اليوم و الأسبوع كله و أنا لا أستطيع التفكير بأي شيء سوى بسخرية القدر ... لماذا شاءت الظروف أن أتعرف على هذه الفتاه ... و أن أتألم لقصتها !!! فأنا لوحدي تكفيني مشاكلي ....
في الأسبوع التالي اتخذت قراراً بأن أبتعد عنها ... فأنا هنا بغرض الدراسة ... أريد أن أنهي دراستي بأسرع و قت و أعود لبلدي و أكمل حياتي سعيداً ... و ليس لحل مشاكل الناس...
مضت فترة اسبوعين و أنا مطفئ جهاز الهاتف الخاص بي ... لم أحاول حتى و لو لمرة أن أفتحة ... أريد أن أدرس و أن أنسى القصة القديمة ...
لكن بعد هذين الأسبوعين بدأ ضميري يأنبني ... فأنا الشخص الوحيد الذي كانت تخبرني مشاكلها مع أني لم أكن سوى مستمع ..
شغلت جهاز الهاتف من جديد ... و انتظرت مخابرة منها .. اعقدت أنها ستتصل من اليوم الأول ... لكنها لم تفعل ...
و مثله اليوم الثاني و الثالث و الأسبوع كله ...
بدأت أقلق عليها ... لماذا لم تتصل !!! أو ربما تكون أوضاعها الآن أحسن من قبل و أن زوجها قد رحمها قليلاً بعد أن فقدت ابنها ... أو أنها غاضبة مني لأني تخليت عنها وقت الضيق !!!!
هذه الأفكار و أفكار أخرى كثيرة راودتني ... و لم أستطع إيجاد الحل .... فقررت أن أتصل بها لأرى ما الذي حصل ...
بالفعل ... اتصلت بها .. و في المرة الأولى لم يجب أحد على الهاتف و المرة الثانية و الثالثة بعد إلحاح شديد .. أسمع صوتاً يصرخ فيّ ... يقول .. ألم تفهموا إنه لا يوجد أحد في المنزل !!!
أجبت : عفواً ... أعتذر ... لكني كنت أريد التحدث مع صديقة قديمة و أعتقد أن هذا هو الرقم ...
فقال بعصبية : مع من تريد التحدث ...
فقلت له اسمها ... فأجاب .. لقد كانت زوجتي لكنها سافرت ....
سألته : و متى ستعود ؟؟؟
قال : لا أعرف .. لماذا كل هذه الأسئلة التي لا معنى لها ؟؟؟ و سكر الخط في وجهي...
لم أحصل على الإجابة التي أريدها .. فمن الممكن أن يكون قد كذب علي ... أو ربما حصل لها مكروه ما ..
حاولت أن ألهي نفسي بالقراءة و أن أنسى الموضوع من أساسه ..
أنها حتى إذا سافرت لا بد أن تتصل بي من مكان ما ...
في اليوم التالي ... و أنا أقرأ جريدة محلية ... وصلت إلى خبر غيّر حياتي ... جعلني إنساناً يعيش عذاب الضمير بلا نهاية ... أكان خطأي ؟؟ أم خطأ المجتمع ؟؟؟ أم لعبة لعبها القدر ضدي !!!!
لقد كان خبر انتحار فتاة من الطابق الرابع في نفس المكان الذي تسكن فيه صديقتي ... و من نفس الشقة ...
نعم لقد انتحرت ...
لم تجد حلاً أنسب من الانتحار ..و الهروب من هذه الحياة التي تعيشها ...
و منذ ذلك اليوم و أنا أسمع صوتها في أذني يقول .. " ساعدني "....." أرجوك "...
سعيد البيطار ... :D
31/5/2005