butterfly
17/05/2007, 00:25
أينما وجهت وجهك، قابلتك الصفعات..
أينما التفت، حارت الأكف والأعين عن كيفيةإيجاد أساليب الطعن والإهانة إليك:
الأفواه مملوءة بالبصقات، جاهزة للانطلاق إلىتفاصيل عمرك..
تتقوقع، تنكمش، تحسب الحركات الصادرة منك، تراقب الإيماءات الفالتة من روحك، فالنار حولك من كل الجوانب..
وأنت تبتلع نفسك كفأر مذعور، أوكقنفذ هرم فقد الحول والقوة والحيلة، هذا هو عصر التقلص والحلزنة. فباسم الحب والصداقة والاهتمام بمصالحك، عليك أن تقوم بفعل واحد، هو ألا تفعل أي شيء..
إلا أنك تنتفض في لحظة مرة حرجة، تكسر الأواني، وألواح الزجاج، والمقولات الطنانة والمواعظ الخيرة، وتمزق قوانين الأمومة والسير والمساجد..
إن كان النصاب قداكتمل، وأظن أنه اكتمل.. فأغلقوا الأبواب جيدا، ولنبدأ بالمكاشفة.
الآن سأحكيلكم ليس ما أرغب بقوله، بل ما ترغبون بسماعه..
أولا مساء الخير..
وثانيا مساءالخير..
بتواضع عربي منقطع النظير أسائلكم..
هل تودون أن أحكي لكم عن الحب؟
أم عن الحرب؟
أم عن الطلاق والذهب؟
أم عن تنسيق الزهور؟
أم عن الشعر والنقاد والباعة المتجولين؟
أم احكي لكم عن الإله؟
................................
عجبا، لماذا لا تجيبون؟
لا بأس.. لا بأس..
فأنا اعلم بأن حس الاختيار عندكم قد ألغي تماما!!
إذا ما علي وأنا في هذا الموضوع، إلا أن أقول ما أريد وبالطريقة التي ارغب..
ليس هذا تعسفا، لكن الحال يفرض نفسه كما ترون...
سأحكي لكم عنكم..
كان يا ما كان، في حاضر وقديم الزمان، أنتم..
وكان البيع والشراء عندكم مقايضة، كل ثلاث بيضات بدجاجة،والدجاجتان بخروف، وثلاث خراف بزوجة، وأربع زوجات بملك، وثلاث ملك برعية...
وكان البيع والشراء على قدم وساق، لا يعكر صفو الحياة شائبة، ولا يغير من سير الأيام نائبة. وفي إحدى الصباحات البدائية حيث البرودة الناعمة والدفء الطري..
استيقظ الناس على جنون ملكي، جنون راق، لقد جن جنون الملك.
فهو يريد زوجتين إضافيتين،وست بيضات وخروفا، وأربع دجاجات بالتمام والكمال....
وبما أن مالكم، يكفيكم فقط،فقد اجتمع منكم أهل المشورة والرأي وأهل الحكمة والمعرفة، أكدوا أن ما طلبه مليكهم،هو حق معلوم لا غبار عليه، ففي العصر، كان كل شيء عند الملك، الذي عاد له هدوؤه الملكي واتزانه المقدس..
اعتقد بان بعضكم قد امتعض قليلا..
وفي صباح اليوم التالي، اجتمع الناس على جنون راق آخر، قرعت الطبول ودقت الصنوج...
لقد جن جنون الملك ثانية.
هذه المرة لم يكن عندكم مبرر للتشاور، إنما جمعتم له مايطلب.
فهو يريد.. وانتم تجمعون..
يجن، فتطيعون..
يريد، فيجن..
يجن فتطيعون..
إنها لعبة مسلية حقا.
إنها لعبة ممتعة ومفيدة حقا.
كثرت النساءفي أروقته.
وتراكم البيض في مخازنه.
وانتشر الدجاج مع نقيقه، في الغرف وساحات القصر.
حتى.. حتى.. حتى فرغتم مما تملكون!!
فبماذا تقايضون؟؟
لابيض، لا دجاج، لا خرفان..
فقط قليل من النساء والأمهات والأولاد، وكثير من أشباه الرجال.. ولا شيء بعد.
والضرورة كما يقال أم الاختراع.
قايضتم كل ثلاث بيضات بامرأة.
وكل رجل وربع بدجاجتين.
وكل ولد أو بنت بحفنتي حنطة أو ثلا ث شعيراً.
ولا اعلم إن سارت الأمور على ما يرام، هو ان أحد الأغبياء وقف يوما في مكان مرتفع، وصرخ بأعلى صوته، فاجتمعتم حوله، ظننتم أنه يصرخ احتجاجا على ما وصلت حالكم إليه، فانفضضتم عليه، حتى فصلتم رأسه عن جسده. وبعدها جلستم القرفصاءمطمئنين.
فطبعكم الجميل الهادئ الرافض لأي شغب، علمكم وعودكم على أن تتهامسوابرفق، وتقتلوا أولادكم إذا ما رفضوا المقايضة.
لذا لم يعد يرفع أحدكم صوته مظهراعدم قبوله أو معبرا عن أي احتجاج.
من اجل هذا قلت: إن الأمور سارت على مايرام.
الآن سأحكي لكم عني..
كان يا ما كان في حاضر وقديم الزمان كنت..
وقد قايضت على أمي بدجاجتين وأربع صفعات.
راحت الدجاجتان للملك..
وتناولت أربع صفعات على وجهي من يديها.
لم تكن هذه مكاشفة، إنما هي مجرد أضغاث أحلام ليس إلا... والله وراء القصد
.من مجموعته"نص لص"
1988
بسام كوسا
أينما التفت، حارت الأكف والأعين عن كيفيةإيجاد أساليب الطعن والإهانة إليك:
الأفواه مملوءة بالبصقات، جاهزة للانطلاق إلىتفاصيل عمرك..
تتقوقع، تنكمش، تحسب الحركات الصادرة منك، تراقب الإيماءات الفالتة من روحك، فالنار حولك من كل الجوانب..
وأنت تبتلع نفسك كفأر مذعور، أوكقنفذ هرم فقد الحول والقوة والحيلة، هذا هو عصر التقلص والحلزنة. فباسم الحب والصداقة والاهتمام بمصالحك، عليك أن تقوم بفعل واحد، هو ألا تفعل أي شيء..
إلا أنك تنتفض في لحظة مرة حرجة، تكسر الأواني، وألواح الزجاج، والمقولات الطنانة والمواعظ الخيرة، وتمزق قوانين الأمومة والسير والمساجد..
إن كان النصاب قداكتمل، وأظن أنه اكتمل.. فأغلقوا الأبواب جيدا، ولنبدأ بالمكاشفة.
الآن سأحكيلكم ليس ما أرغب بقوله، بل ما ترغبون بسماعه..
أولا مساء الخير..
وثانيا مساءالخير..
بتواضع عربي منقطع النظير أسائلكم..
هل تودون أن أحكي لكم عن الحب؟
أم عن الحرب؟
أم عن الطلاق والذهب؟
أم عن تنسيق الزهور؟
أم عن الشعر والنقاد والباعة المتجولين؟
أم احكي لكم عن الإله؟
................................
عجبا، لماذا لا تجيبون؟
لا بأس.. لا بأس..
فأنا اعلم بأن حس الاختيار عندكم قد ألغي تماما!!
إذا ما علي وأنا في هذا الموضوع، إلا أن أقول ما أريد وبالطريقة التي ارغب..
ليس هذا تعسفا، لكن الحال يفرض نفسه كما ترون...
سأحكي لكم عنكم..
كان يا ما كان، في حاضر وقديم الزمان، أنتم..
وكان البيع والشراء عندكم مقايضة، كل ثلاث بيضات بدجاجة،والدجاجتان بخروف، وثلاث خراف بزوجة، وأربع زوجات بملك، وثلاث ملك برعية...
وكان البيع والشراء على قدم وساق، لا يعكر صفو الحياة شائبة، ولا يغير من سير الأيام نائبة. وفي إحدى الصباحات البدائية حيث البرودة الناعمة والدفء الطري..
استيقظ الناس على جنون ملكي، جنون راق، لقد جن جنون الملك.
فهو يريد زوجتين إضافيتين،وست بيضات وخروفا، وأربع دجاجات بالتمام والكمال....
وبما أن مالكم، يكفيكم فقط،فقد اجتمع منكم أهل المشورة والرأي وأهل الحكمة والمعرفة، أكدوا أن ما طلبه مليكهم،هو حق معلوم لا غبار عليه، ففي العصر، كان كل شيء عند الملك، الذي عاد له هدوؤه الملكي واتزانه المقدس..
اعتقد بان بعضكم قد امتعض قليلا..
وفي صباح اليوم التالي، اجتمع الناس على جنون راق آخر، قرعت الطبول ودقت الصنوج...
لقد جن جنون الملك ثانية.
هذه المرة لم يكن عندكم مبرر للتشاور، إنما جمعتم له مايطلب.
فهو يريد.. وانتم تجمعون..
يجن، فتطيعون..
يريد، فيجن..
يجن فتطيعون..
إنها لعبة مسلية حقا.
إنها لعبة ممتعة ومفيدة حقا.
كثرت النساءفي أروقته.
وتراكم البيض في مخازنه.
وانتشر الدجاج مع نقيقه، في الغرف وساحات القصر.
حتى.. حتى.. حتى فرغتم مما تملكون!!
فبماذا تقايضون؟؟
لابيض، لا دجاج، لا خرفان..
فقط قليل من النساء والأمهات والأولاد، وكثير من أشباه الرجال.. ولا شيء بعد.
والضرورة كما يقال أم الاختراع.
قايضتم كل ثلاث بيضات بامرأة.
وكل رجل وربع بدجاجتين.
وكل ولد أو بنت بحفنتي حنطة أو ثلا ث شعيراً.
ولا اعلم إن سارت الأمور على ما يرام، هو ان أحد الأغبياء وقف يوما في مكان مرتفع، وصرخ بأعلى صوته، فاجتمعتم حوله، ظننتم أنه يصرخ احتجاجا على ما وصلت حالكم إليه، فانفضضتم عليه، حتى فصلتم رأسه عن جسده. وبعدها جلستم القرفصاءمطمئنين.
فطبعكم الجميل الهادئ الرافض لأي شغب، علمكم وعودكم على أن تتهامسوابرفق، وتقتلوا أولادكم إذا ما رفضوا المقايضة.
لذا لم يعد يرفع أحدكم صوته مظهراعدم قبوله أو معبرا عن أي احتجاج.
من اجل هذا قلت: إن الأمور سارت على مايرام.
الآن سأحكي لكم عني..
كان يا ما كان في حاضر وقديم الزمان كنت..
وقد قايضت على أمي بدجاجتين وأربع صفعات.
راحت الدجاجتان للملك..
وتناولت أربع صفعات على وجهي من يديها.
لم تكن هذه مكاشفة، إنما هي مجرد أضغاث أحلام ليس إلا... والله وراء القصد
.من مجموعته"نص لص"
1988
بسام كوسا