محمحد
16/05/2007, 00:14
رغم معرفتي الوثيقة بأن بعض وسائل الإعلام العربية تعرضت لاختراقات صهيونية خطيرة فإنني أشعر بالذهول أمام طوفان مشاعر الحقد والكراهية التي أطلقها بعض الإعلاميين العرب ضد سوريا وشعبها، دون أية مراعاة أو حتى مجاملة للدم الذي يسري في العروق والذي نفترض أنه دم عربي، فمن كان يتصور أن يعبر إعلاميون عرب عن تلهفهم لرؤية الشام غارقة في بحر دماء؟
ولكي لا أُتهم بأنني أرى الصورة القاتمة من الإعلام العربي، فلابد لي من الإشادة بمواقف الشرفاء وهم ما يزالون الأكثرية الغالبة بحمد الله، وأنا واثق من أنهم لا ينتظرون من الشعب السوري شكراً أو امتناناً، فهم لم يتخذوا موقفهم الشريف الشجاع مجاملة لسوريا، وإنما اتخذوه تعبيراً عن وعيهم لإبعاد المخطط الذي لا يستهدف سوريا وحدها، وإنما هو حلقة من مسلسل تدمير وإرهاب وإضعاف وإنهاك للأمة كلها. وهذا ما يخطط له المحافظون الجدد وفيهم المخططون الكبار من أمثال ريتشارد بيرل وجيمس كولبرت ودوغلاس فيث وبول وولفوفيتز وروبرت بورك وويليام بينيت وسواهم ممن وضعوا استراتيجية جديدة لإسرائيل منذ عهد نتنياهو أواسط التسعينيات، بدأ تنفيذها بجريمة اغتيال رابين، ثم قتل فيها شعار مدريد "الأرض مقابل السلام". وأعلن الاستراتيجيون الصهاينة يومها ما سموه الفسحة النظيفة أو "الاختراق النظيف" وقد جاء التنفيذ قذراً للغاية لأنه تم عبر تحويل المنطقة العربية كلها إلى ساحة إرهاب وقتل وسفك أطلقوا عليه كذلك اسم التدمير المبدع أو "الفوضى الخلاقة" كما بات معروفاً في بياناتهم ودراساتهم المعلنة.
والمؤسف أن الإعلاميين العرب الذين ينتظرون لحظة سقوط دمشق كي يبتهجوا ويفرحوا ويصبغوا أكفهم بالدم السوري لا بالحناء، هم رغم قلة عددهم يتمركزون (بفضل الدعم المنظم) في عدد من أهم منابر الإعلام العربية، وهم يدّعون أنهم لا يعادون شعب سوريا، وإنما هم يعادون النظام السوري وحده، وهذه خدعة يبررون فيها أحقادهم وهم يعلمون أن حقيقة ما يخطط له المحافظون الجدد هو إجبار سوريا على السير في المشروع الصهيوني. فإن كان الإعلاميون العرب الوالغون في الحملة ضد سوريا يحقدون على نظامها السياسي لأنه لا يلبي مطالب المشروع الصهيوني فإن ذلك شرف للنظام، فلو كان نظاماً متواطئاً مع الصهيونية لفتحت له القلوب والأبواب، ودبجت فيه المدائح، وتوالى له الدعم، وقديماً قيل (إن أردت أن تعرف صحة موقفك فانظر إلى موقف عدوك منه)، وسيكون سخيفاً أن يصدق أحد أن الولايات المتحدة أو دول الغرب عامة منزعجة من النظام السوري لأسباب غير رفضه الإذعان للمخطط الصهيوني.
وشعوب العالم جميعاً تدرك أن القرار الدولي أصبح في قبضة الصهيونية بعد أن تمكنت من هدم التوازن الدولي، وسيطرت على مؤسسات القرار في دول عظمى، وبدأت تتخلص من كل الذين يقاومون مشاريعها، فمن قبِل الرضوح نال الرضا، ومن رفض جاءه العقاب، وليس سراً أن الرئيس بشار يتعرض لامتحان النار، كما سماه "فلينت ليفيريت".
ولا يغيب عن أي مواطن عربي أن كل التهم التي توجه إلى دمشق اليوم هي تبريرات ضعيفة للهجوم عليها، لأن هذه التهم لا تصارح بحقيقة الهدف، فهم يطلبون شيئاً ولكنهم يضمرون شيئاً آخر، يقولون إنهم يريدون من سوريا أن توقف تسلل الإرهابيين إلى العراق، وحقيقة الطلب أنهم يريدون من سوريا أن تقدم لهم المساعدة للخلاص من مأزقهم مع الشعب العراقي الرافض للاحتلال. فأما الإرهابيون المتسللون فقد عرف العالم هويتهم، وتم لصق هذه الجرائم بالإرهابيين العرب القادمين من دول الجوار كما يتهمون، وقد كنا نحذر دائماً من خطر أن يصدق أحد أن عربياً مسلماً أو مسيحياً يمكن أن يفجر نفسه في عراقيين مسلمين أو مسيحيين، حتى لو دفع له مرسلوه ملايين الدولارات، فماذا سيفعل بها وقد تناثرت جثته؟ إن من يقومون بهذه التفجيرات ضد الشعب العراقي هم عملاء الموساد الذين أعلن عن كشف اثنين منهم ولكنهم متخفون مستورون بالمئات، وهم يسعون في أرض العراق تدميراً وقتلاً وتحريضاً على إيقاع الفتنة بين طوائف العراق وأعراقه. ومن يتهم سوريا فإنه يتعامى عن حقيقة حرص سوريا على أمن العراق لأن أمنها من أمنه، ولأنها تخشى أن يتسلل الإرهابيون من العراق إليها، وقد دعمت سوريا العملية السياسية في العراق واستقبلت عدداً من المسؤولين العراقيين.
والمدهش أن المخترقين من السياسيين والإعلاميين العرب يتجاهلون (باستغباء للمتلقي) ذكر أية إشارة لإسرائيل ودورها الإرهابي في المنطقة. إنهم يظنون أن الناس سذج ولا يفهمون سر تجاهل إسرائيل، وسر الاندفاع إلى اتهام سوريا فوراً عند وقوع أية جريمة، فمن الواضح أنهم يريدون أن يصرفوا الأنظار عن أية شبهة بإسرائيل. ومثال ذلك الإسراع باتهام سوريا مؤخراً بمحاولة اغتيال المذيعة اللبنانية مي شدياق التي فجعنا بما أصابها، والمؤسف أن وزيراً لبنانياً (كان صديقاً حميماً لسوريا) سارع باتهام سوريا وغاب عنه وهو الحصيف حتى مجرد احتمال أن يكون الموساد وراء هذه العمليات الإرهابية المتكررة في لبنان، فهو يعلم جيداً ما الذي تخطط له إسرائيل وما الذي تريده من لبنان. وكان مثيراً أن يأتي خبر جريمة محاولة اغتيال مي موصوفة بموقف مي (المعادي لسوريا) مثلما جاء يوم اغتيال سمير قصير في صياغة تذكر بأنه (المعروف بموقفه المعادي لسوريا)، في إغفال لموقف مي أو لموقف سمير من إسرائيل (على الأقل لكونه كاتباً ومثقفاً فلسطينياً). والطريف أن بعض الإعلاميين أنكروا على الوزير السبع أن يشير إلى ضلوع إعلاميين لبنانيين بعمليات الإرهاب في لبنان، ويبدو أن صدره ضاق كما بدا من التواطؤ في الكذب والتزييف، عكس ما فعل الوزير المر الذي ضاق صدره بحمل مبادئ مكلفة الثمن قد تبعده عن السلطة مستقبلاً، فبق بحصة ارتدت على وجهه الذي ينبغي أن يحمر خجلاً من نفسه وهو يفقد مصداقيته أمام ذاته أولاً، وقد بدا مضحكاً أن يعلن أنه كان مهدداً بالقتل من سوريا وهو الحليف لها وقد قدم نفسه لها على أنه صاحب مبادئ، ولكنه يبحث عن مبرر لما سيقبل عليه من انقلاب في موقفه قبل أن تمشي العربة ويظل واقفاً حاملاً مبادئ ثقيلة على كتفيه..
وبالعودة إلى تبرير بعض الإعلاميين العرب كراهيتهم لسوريا بأنها ضد النظام وليست ضد الشعب، فإنني لا أعترض على حرية الناس في أن يكرهوا نظاماً سياسياً في بلد ما أو أن يحبوه فهذا شأنهم، ولدينا في سوريا معارضة توجه للنظام نقداً قاسياً صباح مساء، ومع ذلك نعتبرها معارضة وطنية لأنها تنطلق في نقدها لأداء الحكومة والسلطة من حرص على الوطن، ولا تخرج عن سقف ثوابته. فأما الخارجون عن الثوابت من المرتمين في أحضان المشروع الأميركي الصهيوني الذين يستقوون على بلدهم بإسرائيل وبجيوش الولايات المتحدة، فهم فئة قليلة جداً ولا نسميهم معارضة كي لا نسيء للمعارضة الوطنية. إنهم ثلة من المخترقين الذين باعوا أنفسهم للشيطان، وعقابهم عند شعبهم وعند ربهم، ولشتان ما بين معارض أو منتقد لسلوك أو أداء حكومي أو سياسي أو أمني، وبين محرض على شعبه ووطنه بدعوى أنه يعارض النظام. فالوطن اليوم يتعرض لتهديد جاد، وفي مثل هذا الظرف الوطني الاستثنائي، يتوقف الخلاف على القضايا الإجرائية، وتتسع دائرة التلاحم الوطني، ويصير الكل في واحد، هو التوحد والصمود.
ولابد لتحقيق المزيد من التلاحم الوطني من أن تضيق المسافة بين المعارضة والسلطة كي تتسع الرؤية، وحين تتسع الرؤية تضيق العبارة كما يقول النفري، وضيق العبارة يعني على الصعيد السياسي أن تضيق دوائر المختلف عليه لنكتشف سعة ورحابة ما نتفق عليه جميعاً وهو الوطن والعروبة والإسلام. فنحن مهددون لأننا في سوريا ما نزال نقبض على جمر هذا الانتماء الذي نعتز به وندافع عنه، ونحن في الوقت ذاته نمد أيدينا لكل المجتمع الدولي، لنتعاون في مقاومة الإرهاب الذي يوجه ضد أمتنا أولاً، وندعو إسرائيل إلى تطبيق قرارات الشرعية الدولية التي نلتزم بها، ولو أنها فعلت لانتهت كل مشكلات المنطقة، ولتفرغ العالم لقضايا التنمية ومكافحة الفقر والمرض والجهل. ألا ترون أن العالم كله مشغول بتنفيذ طلبات إسرائيل؟
ولكي لا أُتهم بأنني أرى الصورة القاتمة من الإعلام العربي، فلابد لي من الإشادة بمواقف الشرفاء وهم ما يزالون الأكثرية الغالبة بحمد الله، وأنا واثق من أنهم لا ينتظرون من الشعب السوري شكراً أو امتناناً، فهم لم يتخذوا موقفهم الشريف الشجاع مجاملة لسوريا، وإنما اتخذوه تعبيراً عن وعيهم لإبعاد المخطط الذي لا يستهدف سوريا وحدها، وإنما هو حلقة من مسلسل تدمير وإرهاب وإضعاف وإنهاك للأمة كلها. وهذا ما يخطط له المحافظون الجدد وفيهم المخططون الكبار من أمثال ريتشارد بيرل وجيمس كولبرت ودوغلاس فيث وبول وولفوفيتز وروبرت بورك وويليام بينيت وسواهم ممن وضعوا استراتيجية جديدة لإسرائيل منذ عهد نتنياهو أواسط التسعينيات، بدأ تنفيذها بجريمة اغتيال رابين، ثم قتل فيها شعار مدريد "الأرض مقابل السلام". وأعلن الاستراتيجيون الصهاينة يومها ما سموه الفسحة النظيفة أو "الاختراق النظيف" وقد جاء التنفيذ قذراً للغاية لأنه تم عبر تحويل المنطقة العربية كلها إلى ساحة إرهاب وقتل وسفك أطلقوا عليه كذلك اسم التدمير المبدع أو "الفوضى الخلاقة" كما بات معروفاً في بياناتهم ودراساتهم المعلنة.
والمؤسف أن الإعلاميين العرب الذين ينتظرون لحظة سقوط دمشق كي يبتهجوا ويفرحوا ويصبغوا أكفهم بالدم السوري لا بالحناء، هم رغم قلة عددهم يتمركزون (بفضل الدعم المنظم) في عدد من أهم منابر الإعلام العربية، وهم يدّعون أنهم لا يعادون شعب سوريا، وإنما هم يعادون النظام السوري وحده، وهذه خدعة يبررون فيها أحقادهم وهم يعلمون أن حقيقة ما يخطط له المحافظون الجدد هو إجبار سوريا على السير في المشروع الصهيوني. فإن كان الإعلاميون العرب الوالغون في الحملة ضد سوريا يحقدون على نظامها السياسي لأنه لا يلبي مطالب المشروع الصهيوني فإن ذلك شرف للنظام، فلو كان نظاماً متواطئاً مع الصهيونية لفتحت له القلوب والأبواب، ودبجت فيه المدائح، وتوالى له الدعم، وقديماً قيل (إن أردت أن تعرف صحة موقفك فانظر إلى موقف عدوك منه)، وسيكون سخيفاً أن يصدق أحد أن الولايات المتحدة أو دول الغرب عامة منزعجة من النظام السوري لأسباب غير رفضه الإذعان للمخطط الصهيوني.
وشعوب العالم جميعاً تدرك أن القرار الدولي أصبح في قبضة الصهيونية بعد أن تمكنت من هدم التوازن الدولي، وسيطرت على مؤسسات القرار في دول عظمى، وبدأت تتخلص من كل الذين يقاومون مشاريعها، فمن قبِل الرضوح نال الرضا، ومن رفض جاءه العقاب، وليس سراً أن الرئيس بشار يتعرض لامتحان النار، كما سماه "فلينت ليفيريت".
ولا يغيب عن أي مواطن عربي أن كل التهم التي توجه إلى دمشق اليوم هي تبريرات ضعيفة للهجوم عليها، لأن هذه التهم لا تصارح بحقيقة الهدف، فهم يطلبون شيئاً ولكنهم يضمرون شيئاً آخر، يقولون إنهم يريدون من سوريا أن توقف تسلل الإرهابيين إلى العراق، وحقيقة الطلب أنهم يريدون من سوريا أن تقدم لهم المساعدة للخلاص من مأزقهم مع الشعب العراقي الرافض للاحتلال. فأما الإرهابيون المتسللون فقد عرف العالم هويتهم، وتم لصق هذه الجرائم بالإرهابيين العرب القادمين من دول الجوار كما يتهمون، وقد كنا نحذر دائماً من خطر أن يصدق أحد أن عربياً مسلماً أو مسيحياً يمكن أن يفجر نفسه في عراقيين مسلمين أو مسيحيين، حتى لو دفع له مرسلوه ملايين الدولارات، فماذا سيفعل بها وقد تناثرت جثته؟ إن من يقومون بهذه التفجيرات ضد الشعب العراقي هم عملاء الموساد الذين أعلن عن كشف اثنين منهم ولكنهم متخفون مستورون بالمئات، وهم يسعون في أرض العراق تدميراً وقتلاً وتحريضاً على إيقاع الفتنة بين طوائف العراق وأعراقه. ومن يتهم سوريا فإنه يتعامى عن حقيقة حرص سوريا على أمن العراق لأن أمنها من أمنه، ولأنها تخشى أن يتسلل الإرهابيون من العراق إليها، وقد دعمت سوريا العملية السياسية في العراق واستقبلت عدداً من المسؤولين العراقيين.
والمدهش أن المخترقين من السياسيين والإعلاميين العرب يتجاهلون (باستغباء للمتلقي) ذكر أية إشارة لإسرائيل ودورها الإرهابي في المنطقة. إنهم يظنون أن الناس سذج ولا يفهمون سر تجاهل إسرائيل، وسر الاندفاع إلى اتهام سوريا فوراً عند وقوع أية جريمة، فمن الواضح أنهم يريدون أن يصرفوا الأنظار عن أية شبهة بإسرائيل. ومثال ذلك الإسراع باتهام سوريا مؤخراً بمحاولة اغتيال المذيعة اللبنانية مي شدياق التي فجعنا بما أصابها، والمؤسف أن وزيراً لبنانياً (كان صديقاً حميماً لسوريا) سارع باتهام سوريا وغاب عنه وهو الحصيف حتى مجرد احتمال أن يكون الموساد وراء هذه العمليات الإرهابية المتكررة في لبنان، فهو يعلم جيداً ما الذي تخطط له إسرائيل وما الذي تريده من لبنان. وكان مثيراً أن يأتي خبر جريمة محاولة اغتيال مي موصوفة بموقف مي (المعادي لسوريا) مثلما جاء يوم اغتيال سمير قصير في صياغة تذكر بأنه (المعروف بموقفه المعادي لسوريا)، في إغفال لموقف مي أو لموقف سمير من إسرائيل (على الأقل لكونه كاتباً ومثقفاً فلسطينياً). والطريف أن بعض الإعلاميين أنكروا على الوزير السبع أن يشير إلى ضلوع إعلاميين لبنانيين بعمليات الإرهاب في لبنان، ويبدو أن صدره ضاق كما بدا من التواطؤ في الكذب والتزييف، عكس ما فعل الوزير المر الذي ضاق صدره بحمل مبادئ مكلفة الثمن قد تبعده عن السلطة مستقبلاً، فبق بحصة ارتدت على وجهه الذي ينبغي أن يحمر خجلاً من نفسه وهو يفقد مصداقيته أمام ذاته أولاً، وقد بدا مضحكاً أن يعلن أنه كان مهدداً بالقتل من سوريا وهو الحليف لها وقد قدم نفسه لها على أنه صاحب مبادئ، ولكنه يبحث عن مبرر لما سيقبل عليه من انقلاب في موقفه قبل أن تمشي العربة ويظل واقفاً حاملاً مبادئ ثقيلة على كتفيه..
وبالعودة إلى تبرير بعض الإعلاميين العرب كراهيتهم لسوريا بأنها ضد النظام وليست ضد الشعب، فإنني لا أعترض على حرية الناس في أن يكرهوا نظاماً سياسياً في بلد ما أو أن يحبوه فهذا شأنهم، ولدينا في سوريا معارضة توجه للنظام نقداً قاسياً صباح مساء، ومع ذلك نعتبرها معارضة وطنية لأنها تنطلق في نقدها لأداء الحكومة والسلطة من حرص على الوطن، ولا تخرج عن سقف ثوابته. فأما الخارجون عن الثوابت من المرتمين في أحضان المشروع الأميركي الصهيوني الذين يستقوون على بلدهم بإسرائيل وبجيوش الولايات المتحدة، فهم فئة قليلة جداً ولا نسميهم معارضة كي لا نسيء للمعارضة الوطنية. إنهم ثلة من المخترقين الذين باعوا أنفسهم للشيطان، وعقابهم عند شعبهم وعند ربهم، ولشتان ما بين معارض أو منتقد لسلوك أو أداء حكومي أو سياسي أو أمني، وبين محرض على شعبه ووطنه بدعوى أنه يعارض النظام. فالوطن اليوم يتعرض لتهديد جاد، وفي مثل هذا الظرف الوطني الاستثنائي، يتوقف الخلاف على القضايا الإجرائية، وتتسع دائرة التلاحم الوطني، ويصير الكل في واحد، هو التوحد والصمود.
ولابد لتحقيق المزيد من التلاحم الوطني من أن تضيق المسافة بين المعارضة والسلطة كي تتسع الرؤية، وحين تتسع الرؤية تضيق العبارة كما يقول النفري، وضيق العبارة يعني على الصعيد السياسي أن تضيق دوائر المختلف عليه لنكتشف سعة ورحابة ما نتفق عليه جميعاً وهو الوطن والعروبة والإسلام. فنحن مهددون لأننا في سوريا ما نزال نقبض على جمر هذا الانتماء الذي نعتز به وندافع عنه، ونحن في الوقت ذاته نمد أيدينا لكل المجتمع الدولي، لنتعاون في مقاومة الإرهاب الذي يوجه ضد أمتنا أولاً، وندعو إسرائيل إلى تطبيق قرارات الشرعية الدولية التي نلتزم بها، ولو أنها فعلت لانتهت كل مشكلات المنطقة، ولتفرغ العالم لقضايا التنمية ومكافحة الفقر والمرض والجهل. ألا ترون أن العالم كله مشغول بتنفيذ طلبات إسرائيل؟